الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 22 أغسطس 2019

الطعن 23375 لسنة 56 ق جلسة 11 / 12 / 2010 إدارية عليا مكتب فني 55 - 56 ق 81 ص 755

1 - السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الغني محمد حسن رئيس مجلس الدولة
والسادة الأستاذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
2 - مجدى حسين محمد العجاتي.
3 - حسين محمد عبد المجيد بركات.
4 - أحمد عبد التواب محمد موسى.
5 - أحمد عبد الحميد حسن عبود.
6 - عادل سيد عبد الرحيم بريك.
7 - شحاته على أحمد أبو زيد.
8 - منير عبد القدوس عبد الله.
 -----------------
(81)
جلسة 11 من ديسمبر سنة 2010
الطعن رقم 23375 لسنة 56 القضائية عليا
(الدائرة الأولى)
 ( أ ) الوكالة - مفهومها - أنواعها - أحكامها - الوكالة العامة والوكالة الخاصة - ما يبرمه الوكيل في حدود وكالته ينصرف إلى الموكل - نيابة الوكيل عن الموكل تقف عند حد الغش - التجاوز في حدود الوكالة تنتفي به النيابة إلا إذا أقر الوكيل هذا التجاوز - يجوز للموكل إنهاء الوكالة في أي وقت ولو وجد اتفاق على غير ذلك (1) - يترتب على عزل الوكيل اعتباره أجنبيًا وفقدانه سلطة النيابة عن الموكل، وبإعلان الوكيل بعزله من الوكالة يتفادى الموكل الاحتجاج عليه بحسن النية الذي من شأنه الالتزام بتنفيذ ما أجراه الوكيل بعد عزله من تصرفات أو أعمال
المواد المطبقة ( أ ): 
المواد (105) و(699) و(715) من القانون المدني
(ب) حقوق دستورية - الوكالة في مجال الحقوق الدستورية والحريات العامة - هي وكالة خاصة بالنظر إلى طبيعة هذه الحقوق والحريات، إذ لا تتسع الوكالة العامة لها، ومن ثم فإن رقابة أحكام الوكالة في شأنها يجب أن تتسق وطبيعتها الدستورية - يتعين عدم التوسع في نطاقها أو تفسيرها، بل يتعين قصرها إلى الحدود التي لا تمثل عدوانًا أو افتئاتًا على حقوق الموكل الدستورية - إذا ساغ اللجوء إلى الوكالة لضمان الالتزام الحزبي، فإنه لا يسوغ اتخاذها أداة لحرمان المواطن من مباشرة حقوقه الدستورية إذا خرج على التزامه الحزبي وتقدم للترشح للمجلس النيابة كمرشح مستقل أو انضم إلى حزب آخر
(ج) حقوق دستورية - حق المواطنة - يرتبط مفهوم المواطنة بمباشرة المواطنين لحقوق السيادة الوطنية، سوا كان ذلك بصفتهم ناخبين يتمتعون بحق الاختيار الذي يفاضلون من خلاله بين المرشحين، أو بوصفهم مرشحين يتنافسون فيما بينهم للوصول إلى المجالس النيابية - التعددية السياسية تعد من ركائز المجتمع الديمقراطي الذي يختلف مواطنوه فيما بينهم في التقاليد التي ورثوها، وأنماط ثقافتهم التي تلقوها، وتباين مذاهبهم السياسية التي يعتنقوها، إلا أن الديمقراطية تظل هي الطريق إلى صون كرامة الفرد وكفالة حقوقه الأساسية، والتنافس مع غيره من أجل الوصول إلى السلطة وممارستها وتداولها في إطار مبدأ الخضوع للقانون
(د) حقوق دستورية - رقابة المشروعية في مجال الحقوق الدستورية - يُفترض إعمالُ هذه الرقابة بما يحقق الأغراض المقصودة منها، وألا يرد عليها من القيود إلا ما يتلاءم مع ضمان مباشرتها؛ حيث كفل الدستور لحقوق المواطنين التي وردت في صلبه الحماية التي تصونها من أي حيف أو جور.


الإجراءات
في يوم السبت الموافق 22/ 5/ 2010 أودع الأستاذ/ ..... المحامي المقبول المرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 2335 لسنة 56 ق.عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (دائرة دمياط وبور سعيد) في الدعوى رقم 118511 لسنة 32ق. القاضي بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الطاعن مصروفات هذا الشق من الدعوى
والتمس الطاعن - لما ورد بتقرير طعنه من أسباب - الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم بصفاتهم على النحو المبين بالأوراق
وتحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 24/ 5/ 2010 حيث تأجل نظره لجلسة 26/ 5/ 2010 لتقدم هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن بشقيه، حيث أودعت تقريرًا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي
وبناء عليه قررت الدائرة إصدار الحكم في الطعن في نهاية الجلسة حيث قضت
أولاً - وبإجماع الآراء بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بصفة عاجلة فيما تضمنه من عدم إدراج اسم الطاعن بكشوف المرشحين عن الدائرة الثانية بدمياط (مستقل) وألزمت جهة الإدارة المصروفات، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان وثانيًا - بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) لنظره بجلستها المنعقدة يوم السبت الموافق 29/ 5/ 2010، حيث نظر بهذه الجلسة وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/ 10/ 2010 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 27/ 11/ 2010، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
ومن حيث إن شكل الطعن قد سبق وأن فصلت فيه دائرة فحص الطعون لدى نظرها للشق العاجل من الطعن.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن الواقعات تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى محل الطعن الماثل بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (دائرة دمياط وبور سعيد) بتاريخ 17/ 5/ 2010 التمس في ختامها الحكم بقبول دعواه شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بسحب ترشيحه، وإلغائه، وإدراج اسمه في كشوف المرشحين عن الدائرة الثانية دمياط - مستقل - مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية، وإلزام جهة الإدارة المصروفات
وبسط الطاعن شرح دعواه بأنه قام بتاريخ 18/ 4/ 2010 بتوكيل..... بصفة أمين الحزب الوطني في دمياط لتمثيله قانونًا في الإجراءات الإدارية والقانونية للترشح لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى المقرر إجراؤها في عام 2010 بصفة (فئات) عن الدائرة الثانية بدمياط، بما في ذلك التنازل عن الترشيح في الدائرة المشار إليها، وبتاريخ 9/ 5/ 2010 قام الطاعن بإلغاء هذا التوكيل بموجب محضر التصديق رقم 670 ح لسنة 2010 المحرر بمكتب توثيق دمياط الجديدة التابع لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق، والذي تم إعلانه إلى الوكيل على يد محضر في الساعة الواحدة بعد ظهر يوم 9/ 5/ 2010، وتقدم الطاعن في الساعة الثالثة من ذات اليوم بطلب ترشيح نفسه عن الدائرة الثانية بدمياط كمرشح مستقل، بيد أن الوكيل المعزول قام في ساعة لاحقة على تقدمه بطلبه المذكور بطلب استبعاده من كشوف المرشحين حيث قبلته اللجنة العليا للانتخابات
ونعي الطاعن على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لتجاوز الوكيل حدود وكالته بتصرف خارج نطاقها بما لا تنصرف آثارها إلى ذمته؛ بحسبان أن الوكالة الصادرة عن الطاعن إلى أمين الحزب الوطني بدمياط تنصرف إلى ترشحه وسحب هذا الترشيح عن الحزب الوطني، ولا تتصرف إلى توكيله في سحب طلب ترشحه عن ذات الدائرة كمستقل.
وبجلسة 19/ 5/ 2010 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (دائرة دمياط وبور سعيد) حكمها بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعي(الطاعن) مصروفات هذا الشق من الدعوى
وأقامت المحكمة قضاءها الطعين على أنه يشترط لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه على وفق حكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 توافر ركنين: أولهما ركن الجدية بأن تتحسس المحكمة من ظاهر الأوراق رجحان عدم مشروعية القرار المطعون فيه عند الفصل في طلب الإلغاء، وثانيهما ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها فيما لو انتظر لحين الفصل في طلب الإلغاء
ومن حيث إنه عن مدى توافر ركن الجدية فإن مفاد المواد 104 و105 و107 و699 و713 من القانون المدني أن الوكالة عقد يقوم بمقتضاه الوكيل بعمل قانوني لحساب الموكل، وأن ما يجريه الوكيل من تصرفات بناء على عقد الوكالة إنما ينصرف إلى الأصيل ما لم يكن هناك تواطؤ بين الوكيل والغير للإضرار بحقوق الموكل، وتخضع العلاقة بن الموكل والوكيل، في هذا الصدد من حيث مداها وآثارها لأحكام الاتفاق المبرم بينهما وهو عقد الوكالة، ولما كان ذلك وكان البين من ظاهر الأوراق ودون مساس بأصل طلب الإلغاء أن المدعي (الطاعن) قد قام بتوكيل المدعي عليه الثابت بتاريخ 18/ 4/ 2010 في ت مثيله قانونًا في كافة الإجراءات الإدارية والقانونية التي يتم اتخاذها أمام الجهة الإدارية المختصة بتلقي طلبات الترشح لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى لعام 2010 عن مقعد فئات الدائرة الثانية بدمياط، بما في ذلك التنازل عن ترشحه في الانتخابات عن الدائرة المشار إليها، واتخاذ كل ما يلزم في هذا الشأن، وأن للوكيل الحق في توكيل الغير عنه في كل أو بعض ما ذكر، وأن هذا التوكيل غير قابل للإلغاء إلا بحضور الطرفين
وإذ قام المدعي عليه الثالث بسحب أوراق ترشح المدعي لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى المشار إليها عن الدائرة المذكورة، فمن ثم يكون القرار المطعون عليه بحسب الظاهر من الأوراق قد صدر صحيحًا موافقًا للقانون
ولا ينال من ذلك ما قام به المدعي (الطاعن) من إلغاء التوكيل منفردًا بحسبان أن الإجراء الذي تم قد صدر صحيحًا وقت اتخاذه، حيث لم يتبين من الأوراق اتصال علم الجهة الإدارية بواقعة إلغاء هذا التوكيل, فضلاً عن أن المدعي(الطاعن) قد أقر في محضر إلغاء التوكيل بأنه غير منصوص فيه على عدم إلغاء التوكيل إلا بموافقة الوكيل أو الطرفين، وهو ما يتعارض مع جاء بنص التوكيل المشار إليه، الأمر الذي ينتفي معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، دون حاجة لبحث مدى توافر ركن الاستعجال لعدم جدواه.
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه قد خالف القانون، وأخطأ في تأويله وتفسيره، وصد مشوبًا بالفساد في الاستدلال، فضلاً عن إخلاله بحق الطاعن في الدفاع؛ وذلك لأن وكالة الطاعن للمطعون ضده الثالث قد انتهت بإلغاء التوكيل في الساعة الواحدة ظهر يوم 9/ 5/ 2010، مما يجعل من تصرف الأخير بسحب طلب ترشح الطاعن كمستقل غير نافذ في مواجهته؛ لاستعماله سند الوكالة للإضرار به، منحرفًا به عن مضمونها، بما لا يمكن معه نسب خطأ سلبي أو إيجابي ارتكبه الطاعن وساهم به في ظهور المطعون ضده المذكور بمظهر صاحب الحق، بل أن الأخير تجاوز الحد الزمني والموضوعي للوكالة على نحو لا ترتد معه آثارها إلى الطاعن؛ إذ إن الوكيل يعلم بانقضاء وكالته، ومن ثم يكون سحبه لطلب ترشح الطاعن كمستقل متجاوزا لحدود النيابة، سيما وأن المطعون ضده المذكور لم يكن حسن النية لاستعماله توكيلاً ملغيًا للإضرار بالطاعن، فالثابت أن الأخير لم يكتف بإلغاء الوكالة الخاصة للمطعون ضده للتنازل عن الترشح لعضوية مجلس الشورى ممثلاً للحزب الوطني، بل سارع إلى إعلانه بها، وتقدم الطاعن أصيلاً عن نفسه بالترشح كمستقل، بيد أن المطعون ضده تبعه بسوء نية مستغلاً سند الوكالة المعلن بإلغائه في سحب ترشيحه مستقلاً عن الحزب الوطني، حال أن الوكالة الخاصة لا تخول الوكيل صفة إلا في مباشرة الأعمال المحددة فيها، وهي التقدم بطلب الترشح وسحبه عن الحزب المذكور، الأمر الذي يجعل سحب طلب الترشح كمستقل غير نافذ في مواجهة الطاعن
ومن ناحية أخرى فإن الحكم المطعون فيه صدر مشوبًا بالفساد في الاستدلال؛ ذلك أن ما انتهى إليه من أن الوكالة بين الطاعن والمطعون ضده الثالث مذيلة بعدم جواز إلغائها إلا بموافقة طرفيها الأمر الذي لا يجوز معه للموكل وحده إلغاء الوكالة هو استدلال غير صحيح قانونًا، ومردود بمخالفته لحكم المادة 714 محمولة على حكم المادة 715 من القانون المدني، فبمقتضى الأولى فغن الوكالة تنتهي بإتمام العمل الموكل فيه الوكيل، أو بانتهاء الأجل المحدد للوكالة أو بموت الموكل أو الوكيل، وفي الثانية يجوز للموكل في أي وقت أن ينهي الوكالة أو يقيدها ولو وجد اتفاق يخالف ذلك، وهو ما يقطع بأن النص آمر، والقول بغير ذلك يجعل الوكالة مرهونة بإرادة الوكيل، إن شاء قبل إلغاءها، وأن شاء رفض ذلك، فتغدو الوكالة عقدًا مؤيدًا، حال أنها محض حق شخصي
ويضاف إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الطاعن في الدفاع بالتفاته عن دفع الطاعن يتجاوز المطعون ضده الثالث لحدود الوكالة زمنيًا وموضوعيًا، بتقريره أن العقد شريعة عاقدية لإنفاذ وكالة المطعون ضده الثالث في مواجهة الطاعن، بينما لا يمتد هذا المبدأ إلى وكالة ألغاها الطاعن وأعلن بها وكيله المطعون ضده الثالث
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يشترط لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركنين مجتمعين: (أولهما) ركن الجدية بأن يكون الطعن في القرار قائمًا بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية يرجح معها الحكم بإلغائه عند الفصل في الموضوع، و(ثانيهما) ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه
- ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة 699 من القانون المدني عرفت الوكالة بأنها: "عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل". ويعرفها فقهاء القانون بأنها: "عقد يعهد بمقتضاه شخص على شخص آخر أن يعمل له عملاً باسمه"، ويعرفها فقهاء الشرعية بأنها: "إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في التصرف الجائز المعلوم ممن يملكه".
والوكالة على وفق أحكام القانون المدني عامةٌ وخاصةٌ، فالوكالة العامة هي التي تَرِدُ بألفاظ عامة دون أن يجدد لها عمل قانوني معين، وتتصرف حينئذ إلى أعمال الإدارة، وتدخل فيها أعمال التصرف التي تقتضيها الإدارة. أما الوكالة الخاصة فيه التي تحدد بعمل أو أعمال قانونية معينة، فهي ترد على عمل من أعمال الإدارة، أو على عمل من أعمال التصرف، وقد ترد على العملين معًا في وقت واحد
ومن ثم فإن الوكالة محلها دائمًا عمل أو تصرف يجوز للوكيل مباشرته نيابة عن الموكل ولمصلحته، كما أن الوكيل كَكُلِّ متعاقد ملزمٌ قانونًا أن ينفذ ما تعهد به بحسن نية، فإذا أخل بذلك رد عليه قصده؛ ذلك أنه حملاً على حكم المادة (105) من القانون المدني فإن ما يبرمه الوكيل في حدود وكالته ينصرف إلى الأصيل، بيد أن نيابة الوكيل عن موكله تقف عند حد الغش؛ إعمالاً لقاعدة الغش يفسد التصرفات، حتى ولو لم يجر بها نص خاص في القانون؛ لقيامها على اعتبارات خلقية واجتماعية تبطل بمخالفتها آثار الغش والخديعة، سيما إذا صدرت عن وكيل أؤتمن جانبه فانحرف عن حسن النية الواجب توافره في إجراء التصرفات باسم موكله ولحسابه ومصلحته
كذلك فإن الوكيل ملزم بتنفيذ الوكالة دون أن يجاوز حدودها المرسومة، فالتجاوز في حدود الوكالة تنتفي به نيابة الوكيل عن الموكل إلا إذا اقر الأخير هذا التجاوز, ويجب لإقرار الموكل ما يباشره الوكيل خارجًا عن حدود الوكالة أن يكون الموكل عالمًا بأن التصرف الذي يقره خارج عن حدود الوكالة، وأنه أقره قاصدًا إضافة أثره إلى نفسه.
ومن حيث إن الوكالة من العقود التي بني على الثقة التي يضعها الموكل في وكيله، وأن للأول أن ي سحب ثقته من الوكيل إذا تراءى له ذلك في أي وقت شاء أو أن يقيدها؛ بحسبان أن الشخص الذي ينمح ثقته طوعًا لا يستساغ إكراهه عليها إذا تزعزعت عقيدته فيمن منحه ثقته، وهو ما جرى به نص المادة (715) من القانون المار آنفًا من جواز إنها الموكل للوكالة في أي وقت أو أن يقيدها، ولو وجد اتفاق يخالف ذلك، وهو ما يجعل النص متعلقًا بالنظام العام الذي لا يجوز مخالفته، وبذلك يكون المشرع قد أقر حق الموكل في عزل الوكيل
وكذلك بالتوازي فإن من حق الوكيل أن ينهي عقد الوكالة بحسبانه يقدم خدمة للموكل، ومن ثم جاز له أن يتنحى عن أداء هذه الخدمة إذا ناء بعبئها، أو لم يكن قي مقدوره أن يستمر في أدائها
ويترتب على عزل الوكيل اعتباره أجنبيًا عن الموكل، فلا يحتج عليه بالعقود أو التصرفات أو الأعمال التي يباشرها الوكيل؛ لأنه يفقد بالعزل سلطة النيابة عن الموكل
وبإعلان الوكيل بعزله من الوكالة يتفادى الموكل الاحتجاج عليه بحسن النية الذي من شأنه الالتزام بتنفيذ ما أجراه الوكيل بعد عزله من تصرفات أو أعمال، ويقيم الموكل الدليل على علم الوكيل بالعزل بكافة طرق الإثبات، إذ لم يتطلب القانون وسيلة معينة لإثبات هذا العزل
- ومن حيث إن الوكالة في مجال الحقوق الدستورية والحريات العامة هي وكالة خاصة بالنظر إلى طبيعة هذه الحقوق والحريات، إذ لا تتسع الوكالة العامة لها، ومن ثم فإن رقابة أحكام الوكالة في شأنها يجب أن تنسق وطبيعتها الدستورية
ومن حيث إن رقابةَ المشروعية، حيث الحقوقُ الدستوريةُ، يُفترض إعمالُها بما يحقق الأغراض المقصودة منها، وألا يرد عليها من القيود إلا ما يتلاءم مع ضمان مباشرتها، إذ إن الدستور قد كفل لحقوق المواطنين التي وردت في صلبه الحماية التي تصونها من أي حيف أو جور
- ومن حيث إن التعددية السياسية تعد من ركائز المجتمع الديمقراطي الذي يختلف مواطنوه فيما بينهم في التقاليد التي ورثوها، وأنماط ثقافتهم التي تلقوها، وتباين مذاهبهم السياسية التي يعتنقوها، إلا أن الديمقراطية تظل هي الطرق إلى صون كرامة الفرد وكفالة حقوقه السياسية، والتنافس مع غيره من أجل الوصول إلى السلطة وممارستها وتداولها في إطار مبدأ الخضوع للقانون، ومن ثم فلم تعد الديمقراطية مذهبًا فلسفيًا يدعو الناس إليه، وإنما صدرت أسلوبًا للحياة العامة يكفل إسهام المواطنين في شئونها بصورة فعلية دون عوائق تعترض حركتهم أو قيود تكبلها، لذلك ارتبط فهو من المواطنة بمباشرة المواطنين لحقوق السيادة الوطنية، سواء كان ذلك بصفتهم ناخبين يتمتعوا بحق الاختيار الذي يفاضلون من خلاله بين المرشحين كل وفق ما يتبناه من قضايا عامة أو فئوية أو بوصفهم مرحين يتنافسون فيما بينهم للوصول إلى المجالس النيابية.
وقد كفل الدستور بمقتضى المادة (62) منه لكل مواطن حق الانتخاب وحق الترشح، وهما حقان يؤثر كل منهما في الآخر، الأمر الذي يستلزم ضمان حق المترشحين في التنافس على الفوز بالمقاعد في المجالس النيابية سواء بسواء، مع ضمان حرية الناخبين في الإدلاء بأصواتهم، والمساس بأي منهما يفرغ واجب إسهام المواطنين في الحياة العامة من مضمونه
ومن حيث إن الوكالة ولئن نظمها المشرع في القانون المدني تتسع لقيام الوكيل بالأعمال أو إبرام التصرفات القانونية لمصلحة الموكل, إلا أن هذه الوكالة في نطاق الحقوق الدستورية - وهي وكالة خاصة - يتعين عدم التوسع في نطاقها أو تفسيرها، بل يتعين قصرها إلى الحدود التي لا تمثل عدوانًا أو افتئاتًا على حقوق الموكل الدستورية
كذلك فإنه إن ساغ اللجوء إلى الوكالة لضمان الالتزام الحزبي، فإنه لا يسوغ اتخاذها أداة لحرمان المواطن من مباشرة حقوقه الدستورية إذا خرج على التزامه الحزبي وتقدم للترشيح للمجلس النيابي كمرشح مستقل أو انضم إلى حزب آخر؛ ذلك أن عدم الالتزام الحزبي قوامه انعدام الانتماء للحزب الذي له أن يضع من القواعد التنظيمية الداخلية ما يضمن هذا الولاء، أو يضع الجزاء التنظيمي المناسب للخروج عليه؛ دون أن يصل ذلك إلى حرمان المواطن من حقه الدستوري في الترشح والإسهام في الحياة العامة على نحو ما يرتئيه محققًا لذلك.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن الطاعن قد قام بتاريخ 18/ 4/ 2010 بتوكيل - بصفته أمين الحزب الوطني عن محافظة دمياط، وذلك في تمثيله قانونًا في كافة الإجراءات الإدارية والقانونية أمام الجهة الإدارية المختصة بتلقي طلبات الترشح لانتخاب التجديد النصفي لمجلس الشورى لعام 2010 عن مقعد الفئات بالدائرة الثانية بمحافظة دمياط، بما في ذلك التنازل عن ترشحه في الانتخابات عن الدائرة المشار إليها، وذُيلت الوكالة بعدم قابليتها للإلغاء إلا بحضور الطرفين، ثم قام الطاعن بتاريخ 9/ 5/ 2010 بإلغاء التوكيل المشار إليه بموجب محضر التوثيق رقم 1863 لسنة 2010 وأـعلن به المطعون ضده الثالث بصفته، ثم تقدم بطلب للترشح عن الدائرة المشار إليها في ذات التاريخ باعتباره مستقلاً مستوفيًا كافة المستندات المطلوبة للترشح والمدرجة في النموذج رقم 43 س. الصادر عن مديرية أمن دمياط، إلا أن المطعون ضده الثالث بادر إلى سحب هذا الطلب بموجب التوكيل الصادر إليه والمعلن بإلغائه، الأمر الذي يكون معه تصرف المطعون ضده بسحب طلب ترشح الطاعن ليس خروجًا فحسب على مبدأ حسن النية الذي يجب عليه مراعاته لدى القيام بالأعمال أو إجراء التصرفات باسم موكله، بل يكون صادرًا عن أجنبي وذلك بعد عزله من الوكالة وإعلانه بذلك، دون محاجة بأن عقد الوكالة قد نص صراحة على عدم جواز إلغائه إلا بموافقة الطرفين وهو ما لم يتوافر في شأن إلغاء التوكيل الصادر عن الطاعن إلى المطعون ضده الثالث؛ ففضلاً عن مخالفة ذلك لصريح نص المادة (715) من القانون المدني فإن القول بأن رضاء الطرفين شرط لإلغاء الوكالة يعلق إرادة الموكل على محض إرادة الوكيل أن شاء قبل إلغاء الوكالة وإن شاء رفض ذلك، فتصبح الوكالة عقدًا مؤبدًا، فيقع الموكل في أسر الوكالة بعد أن غدت قيدًا على حقه وحريته في إجراء التصرفات، إذ يمكن بإرادته إبرام الوكالة ولا يكون له وإلى الأبد إنهاؤها، وهو ما يتعارض وطبيعة عقد الوكالة بحسبانه يرد على الحقوق الشخصية، ويكون التعارض أشد باعتبار الوكالة في هذه الحالة عدوانًا على حق الطاعن الدستوري في الترشح، وتغولاً على واجبه في الإسهام في الحياة العامة، بما يتعين معه والحال هذه عدم التوسع في تفسير أحكامها أو مد نطاقها، ويغدو من ثم قرار لجنة فحص طلبات الترشح لعضوية مجلس الشورى لعام 2010 باستبعاد الطاعن من الترشح عن الدائرة الثانية بمحافظة دمياط كمستقل بركيزة من أن وكالة الطاعن للمطعون ضده الثالث تستلزم موافقة الطرفين لإلغائها لا سند له من القانون، ولا ظل له من الواقع، مرجح الإلغاء، ويقوم به ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، ويتوافر ركن الاستعجال لأن إنفاذ القرار الطعين وإعمال مقتضاه يحول دون مباشرة الطاعن لحقه الدستوري في الترشح، وهو ما يمثل له ضررًا يتعذر تداركه، وبذلك يستجمع طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركنيه، وهو ما تقضي به المحكمة
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف ذلك فيكون قد ران عليه الخطأ في تأويل القانون وتفسيره متعينًا إلغاؤه
ومن حيث إن من أصابه الخسر في طعنه يلزم المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم إدراج اسم الطاعن بكشوف المرشحين عن الدائرة الثانية بدمياط كمستقل، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.

(1) تنص المادة (715) من القانون المدني على أنه: " 1 - يجوز للموكل في أي وقت أن ينهي الوكالة أو يقيدها، ولو وجد اتفاق يخالف ذلك.... 2 - على أنه إذا كانت الوكالة صادرة لصالح الوكيل أو لصالح أجنبي فلا يجوز للموكل أن ينهي الوكالة أو يقيدها دون رضاء من صدرت الوكالة لصالحه".

الطعن 15506 لسنة 56 ق جلسة 26 / 3 / 2011 إدارية عليا مكتب فني 55 - 56 ق 100 ص 914

1 -  السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الغني محمد حسن رئيس مجلس الدولة
والسادة الأستاذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
2 - مجدى حسين محمد العجاتي.
3 - حسين محمد عبد المجيد بركات.
4 - أحمد عبد التواب محمد موسى.
5 - أحمد عبد الحميد حسن عبود.
6 - عادل سيد عبد الرحيم بريك.
7 - شحاته على أحمد أبو زيد.
8 - منير عبد القدوس عبد الله.
 --------------
(100)
جلسة 26 من مارس سنة 2011
الطعن رقم 15506 لسنة 56 القضائية عليا
)الدائرة الأولى)
)أ) دعوى - التدخل في مرحلة الطعن - القاعدة أن الخصومة في مرحلة الطعن يتحدد أطرافها بأولئك الذين كانوا أطرافا في الخصومة في مراحلها التي سبقت مرحلة الطعن - استثناءً من ذلك يقبل طلب ذي المصلحة الذي يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم في الطعن، وتكون طلباته مقتصرة على تأييد الخصم الذي يطلب الانضمام إليه، دون أن يتعدى ذلك إلى طلب الحكم بطلب لنفسه.
المواد المطبقة ( أ ):
المادة (236) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
(ب) دعوى - الطعن في الأحكام - استنهاض رئيس هيئة مفوضي الدولة ولاية المحكمة الإدارية العليا بشأن الفصل في الطعون التي تقام على الأحكام التي تصدر عن محكمة القضاء الإداري بهيئة استئنافية لا يكون إلا في حالتين حددهما القانون - المحكمة الإدارية العليا بحكم قوامتها على النزاع لا تقف عند الحالة التي بنى عليها الطعن إذا ما استبان لها أن الطعن لا يثير هذه الحالة، وإنما يثير الحالة الأخرى.
المواد المطبقة (ب):
المادة (23) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
(ج) مأذون - تعيين - معيار تفضيل حنفي المذهب - يستوي فيما يتعلق بالشهادات الواجب الحصول على إحداها تلك التي يتم الحصول عليها من إحدى كليات جامعة الأزهر، وتلك التي يتم الحصول عليها من إحدى الكليات بالجامعات الأخرى التي تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية - إذا توافر للمتقدم للترشيح معيار التفضيل المتمثل في أن يكون حنفي المذهب كان واجبا تقديمه على غيره - إذا لما يتوافر في أي من المتقدمين هذا السبب للتفضيل وجب إجراء القرعة فيما بينهم، يستوي في ذلك من كان منتميا لمذهب فقهي غير المذهب الحنفي، ومن لم يكن منتميا إلى أي من المذاهب الفقهية (1).
المواد المطبقة (جـ):
المادتان (3) و(12) من لائحة المأذونين الصادرة بقرار وزير العدل المنشور في الجريدة الرسمية في 10/ 1/ 1995 المعدلة بالقرار رقم 635 لسنة 1972.

الإجراءات
بتاريخ 27/ 3/ 2010 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنوفية (الدائرة الثانية) بجلسة 21/ 2/ 2010 في الطعن رقم 574 لسنة 8 ق. س الذي قضي: أولاً - بقبول تدخل السيد/ ....... خصما منضما للجهة الإدارية الطاعنة، وثانيًا - بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

وطلبت هيئة مفوضي الدولة - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات عن كافة درجات التقاضي.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتحددت لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى فحص جلسة 25/ 9/ 2010، وفيها قدم الصادر لمصلحته الحكم المطعون فيه مذكرة دفاع وحافظة مستندات طويت على إفادة من كلية الشريعة والقانون بطنطا (قسم الخريجين)، وبجلسة 18/ 10/ 2010 قدم الخصم المتدخل انضماميًا للجهة الإدارية إبان نظر الطعن الاستنئافي رقم 574 لسنة 8 ق. س مذكرة دفاع، طلب في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، كما قدم حافظة مستندات، وبجلسة 6/ 12/ 2010 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 25/ 12/ 2010، وفيها طلب السيد/ ..... عن طريق وكيله التدخل انضماميًا إلى جانب الجهة الإدارية، وبجلسة 12/ 2/ 2011 قدم طالب التدخل صحيفة معلنة بهيئة قضايا الدولة بتدخله في الطعن، وقدم الخصم المتدخل إبان نظر الطعن الاستئنافى المشار إليه حافظة مستندات طويت على إفادة من كلية الشريعة والقانون مؤرخة في 10/ 1/ 2011 ومستخرج رسمي بنجاح طالب صادر عن قطاع المعاهد الأزهرية مؤرخ في 3/ 1/ 2011.
وبالجلسة المشار إليها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 19/ 3/ 2011 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين، وخلال هذا الأجل قدم الخصم المتدخل إبان نظر الطعن الاستئنافى مذكرة صمم فيها على طلباته.
وتأجل صدور الحكم إداريا لجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إنه عن طلب تدخل السيد/ ...... فإن القاعدة القانونية التي تحكم الخصومة في مرحلة الطعن أن هذه الخصومة يتحدد أطرافها بأولئك الذين كانوا أطرافا في الخصومة في مراحلها التي سبقت مرحلة الطعن، سواء في ذلك المدعون أو المدعي عليهم أو المتدخلون، إلا أنه استثناء من هذه القاعدة فقد استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا - في ضوء المادة 236 مرافعات - على قبول طلب ذي المصلحة الذي يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم في الطعن، وتكون طلباته مقتصرة على تأييد الخصم الذي يطلب الانضمام إليه، دون أن يتعدى ذلك إلى طلب الحكم بطلب لنفسه، ولما كان الثابت أن طالب التدخل اقتصرت طلباته على طلب الحكم بذات ما تطالب به الهيئة الطاعنة، فمن ثم تقضى المحكمة بقبول تدخله في الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولا شكلا، مع الالتفات عما أثير من زوال المصلحة بالنسبة لكل من الخصم المتدخل والمطعون ضده (زينهم...) إذا ما صدر من قرار بشأن المأذونية موضوع القرار ما هو إلا تنفيذ للحكم الطعين.
وحيث إن وقائع النزاع تخلص - حسبما يبن من الأوراق - في أنه بتاريخ 31/ 5/ 1997 أقام السيد/ زينهم..... الدعوى رقم 370 لسنة 44 ق أمام المحكمة الإدارية العليا للرئاسة ضد السيد/ وزير العدل طالبًا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محكمة شبين الكوم للأحوال الشخصية في المادة رقم 11 لسنة 1996 مأذونية شبين الكوم فيما تضمنه من استبعاده من الترشح وأحقيته في التعيين في وظيفة مأذون، ومن باب الاحتياط مساواته بالمرشحين الذين ستجرى القرعة بينهم، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال المدعي شارحا دعواه إنه تقدم هو وآخر لشغل مأذونية ناحية ميت بره مركز قويسنا - منوفية، وبتاريخ 26/ 4/ 1997 قررت المحكمة استبعاد المرشحين الثامن والتاسع لعدم دراستهما للشريعة الإسلامية كمادة أساسية، واستبعاد المرشحين الأول والرابع والخامس (المدعي) والسادس لأنهم مذهب شافعي، وإجراء القرعة بين المرشحين الثاني والثالث والسابع الحاصلين على مؤهل ليسانس الحقوق؛ لكونهم متساوين في المؤهل والمذهب الحنفي. ونعي المدعي على هذا القرار مخالفته لأحكام لائحة المأذونين؛ حيث إنه حاصل على ليسانس الشريعة والقانون - جامعة الأزهر، وإنه دارس للمذاهب الأربعة، وحنفي المذهب هو وأسرته، وبذلك يتساوى مع من ستجرى القرعة بينهم بجلسة 7/ 6/ 1997.
وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 30/ 1/ 1999 صدر الحكم بعدم اختصاصها محليًا بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا بطنطا - الدائرة الثانية - للاختصاص، ونفاذا لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية بطنطا حيث قيدت بجدولها العام برقم 388 لسنة 27 ق، وتدوول نظرها بجلسات هذه المحكمة وفق المبين بمحاضرها، وبجلسة 9/ 4/ 2000 قررت إحالتها إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجردا مع ما يترتب على ذلك من آثار، ثم أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية بالمنوفية نفاذا لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 315 لسنة 2001 حيث قيدت بجدولها العام برقم 2284 لسنة 1 ق، وتدوول نظرها بجلسات هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 19/ 3/ 2007 صدر الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 4090 لسنة 1999 بالتصديق على قرار دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة شبين الكوم الصادر بجلسة 22/ 3/ 1999 بتعين المرشح/ ...... مأذونا لناحية ميت بره مركز قويسنا - منوفية - مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة هذا الحكم على أساس أنه بعد تعديل المادة (3) من لائحة المأذونين التي حددت شروط من يعين في وظيفة المأذون بإضافة الحصول على أية شهادة من كلية جامعية تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية بعد أن كان البند (ج) منها ينص على الحصول على شهادة التخصص أو شهادة العالمية أو شهادة الدراسية العليا من إحدى كليات الجامع الأزهر، أصبح معيار (حنفي المذهب) كمعيار للمفاضلة بين المرشحين معيارا غير منضبط؛ لأن دراسة الشريعة الإسلامية في كلية جامعية غير كليات جامعة الأزهر تتم دون التقييد بمذهب معين، وليس بالضرورة أن يكون خريج كليات الحقوق حنفي المذهب لمجرد دراسته قوانين الأحوال الشخصية على وَفق هذا المذهب؛ إذا الدارس يمكن أن يطلق عليه في هذه الحالة أنه حنفي الدارسة لا حنفي المذهب، والقول بغير ذلك فيه إضافة ميزة لخريج هذه الكليات تفضلهم على خريجي جامعة الأزهر عند التعيين بوظيفة المأذون، وهي نتيجة لم يقصد إليها المشرع عند تحديده الشروط الواجب توافرها فيمن يشغل هذه الوظيفة، ولإنه لما كان المدعي ممن ينتمون للمذهب الشافعي الذين استبعدتهم دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة شبين الكوم الكلية، بينما أجرت القرعة بين المرشحين الحاصلين على ليسانس الحقوق تأسيسا على دراستهم لمادة الشريعة الإسلامية على وَفق ما عليه القوانين المطبقة حاليا في مجال الأحوال الشخصية، والذي يكون المذهب الحنفي هو المرجع الذي يتم الرجوع إليه لاستجلاء بعض النصوص في هذا المجال، فإن ما ذهبت غليه هذه الدوائر يكون مخالفا لقواعد المفاضلة المنصوص عليها في المادة (12) من لائحة المأذونين؛ إذ الدراسة بكليات الحقوق لا تفيد بالضرورة انتماء المدارس للمذهب الحنفي - كما سبق القول - ، ومن ثم يكون المدعي قد تساوى مع الحاصلين على ليسانس الحقوق في الحصول على مؤهل عالٍ دون أفضيلة مؤهل أحدهم على الآخر؛ إذ لا يوجد من هو حنفي المذهب، وبالتالي إذ أصدرت الجهة الإدارية قرارها رقم 4090 لسنة 1999 بالتصديق على قرار الدائرة المذكورة بتعيين المرشح/ أحمد..... مأذونا لناحية ميت بره مركز قويسنا منوفية، فإن قرارها يكون قد صدر بالمخالفة لحكم القانون حريا بالإلغاء، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادة الأوراق للدائرة المذكورة لإجراء القرعة بين المرشحين المتبقين ومنهم المدعي لعدم وجود من ينتمي منهم للمذهب الحنفي.
وإذ لم ترتض الجهة الإدارية هذا الحكم طعنت فيه أمام محكمة القضاء الإداري بالمنوفية من الاستئنافي رقم 574 لسنة 8 ق. س بتاريخ 17/ 5/ 2007 طالبة الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي، على سند من القول أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأن القرار المطعون فيه صدر مستجمعا مقومات القرار السليم والمشروع قانونا لأنه صدر بالتصديق على تعيين السيد/ أحمد الحاصل على ليسانس الحقوق، وكليات الحقوق تدرس فيها الشريعة الإسلامية وأحكام الزواج والطلاق طبقًا للمذهب الحنفي المأخوذ به في القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية للمسلمين، بخلاف المطعون ضده فحاصل على ليسانس الشريعة والقانون وهو شافعي المذهب، ولذا تم تفضيل الصادر القرار بتعيينه. أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن تفضيل المذهب الحنفى عند التساوى لم يعد قائما بعد تعديل المادة الثالثة من لائحة المأذونين فهو محض اجتهاد لا محل له من وجود النص وعدم إلغائه.
وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وخلالها قدمت صحيفة معلنة بتدخل الصادر القرار المقضي بإلغائه بتعيينه انضماميا إلى جانب الجهة الإدارية الطاعنة، وبجلسة 21/ 2/ 2010 صدر الحكم: أولا - بقبول تدخل السيد/ أحمد..... خصما منضما للجهة الإدارية الطاعنة. وثانيا - بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وأقامت المحكمة حكمها على أساس ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 12/ 1/ 1997 في الطعن رقم 3270 لسنة 39 ق من أن المعيار المتعلق بتفضيل حنفي المذهب كان يمكن التعويل عليه أثناء سريان حكم المادة (3) من لائحة المأذونين قبل تعديلها بقرار وزير العدل رقم 635 لسنة 1972؛ إذا كان نص البند (ج) من المادة المذكورة يجرى على النحو التالي: "..... (جـ) أن يكون حائزا لشهادة التخصص أو شهادة العالمية أو شهادة الدراسة العالية من إحدى كليات الجامع الأزهر"، ومن ثم كان من اليسير عند إجراء المفاضلة بين المرشحين للتعيين في وظيفة المأذون من حملة المؤهلات المشار إليها التعرف عل من ينتمي منهم للمذهب الحنفي في ضوء ما هو معروف من أن الدراسة في الكليات التابعة لجامعة الأزهر كانت تتم على وفق المذاهب الفقهية المعروفة، ويتم تحديد المذهب الذي ينتمي إليه الدارس في الشهادة الحاصل عليها، أما بعد إجراء التعديل للمادة المذكورة بقرار وزير العدل المشار إليه بإضافة النص على أية شهادة من كلية جامعية أخرى تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، فقد أصبح معيار المذهب الحنفي معيارا غير منضبط؛ لأن دراسة الشريعة الإسلامية في الكليات المشار إليها فضلا عن أنها تتم دون التقيد بمذهب معين، فإنه حتى مع التسليم بأن قوانين الأحوال الشخصية التي تدرس في هذه الكليات مصدرها الرئيس أو الذي يرجع إليه لاستجلاء بعض النصوص هو المذهب الحنفي، إلا أنها لا تلزم الدارس بإتباع هذا المذهب دون سواه، كما لا تتضمن الشهادة الدراسية الصادرة عنها أي بيان بالمذهب الذي ينتمي إليه الدارس، الأمر الذي يمكن أن يطلق معه على الدارس بالكليات المشار إليها أنه حنفي الدراسة وليس حنفي المذهب.
وترتيبا على ذلك فليس بالضرورة أن خريج كلية الحقوق يكون حنفي المذهب لمجرد دراسته أحكام قوانين الأحوال الشخصية على وَفق هذا المذهب، وأنه بناء على ذلك لما كان المرشحون لوظيفة المأذون الصادر بشأنها القرار المطعون فيه قد تساووا - ومنهم المطعون ضده - في الحصول على مؤهل عال دون أفضلية مؤهل أحدهم على الآخر، ولا يوجد بينهم من هو حنفى المذهب، فكان من المتعين على دائرة الأحوال الشخصية المعنية إجراء القرعة بينهم جميعا، أما وأنها استبعدت بعضهم ومنهم المطعون ضده لانتمائهم للمذهب الشافعي، وقررت إجراء القرعة بين المرشحين خريجي كليات الحقوق فقط فإن قرارها يكون قد خالف قواعد المفاضلة المنصوص عليها في المادة (12) من لائحة المأذونين، وإذ أصدرت الجهة الإدارية قرارها المطعون فيه بالتصديق على قرار الدائرة المشار إليها فإنه يكون بالتالي قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون، ويتعين إلغاؤه مجردا، مع إعادة الأوراق للدائرة المذكورة لإجراء القرعة بين المرشحين المتبقين ومنهم المطعون ضده لعدم وجود من ينتمي بينهم للمذهب الحنفي.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أهدر معيار الأفضلية للمنتمين للمذهب الحنفي مخالفا بذلك أحكام لائحة المأذونين وما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا الذي استقر على أنه: "وإن كان خريج كلية الحقوق وليس بالضرورة أن يكون حنفي المذهب لمجرد دراسته لأحكام قوانين الأحوال الشخصية على وفق هذا المذهب، إلا أنه في ذات الوقت لا يجوز إهدار معيار الأفضلية الخاص بحنفى المذهب، ومن ثم وإلى أن يتدخل المشرع بوضع ضوابط محددة لتطبيق هذا المعيار على خريجي الكليات الجامعية التي تدرس فيها الشرعية الإسلامية كمادة أساسية فإنه يتعين الأخذ بإقرار المرشح وما قدمه من مستندات معززة لهذا الإقرار أيا كانت طبيعة هذه المستندات، ما دام أن باقي المرشحين لم يقدموا ما يناقض هذا الإقرار أو يشكك في سلامة تلك المستندات "(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3270 لسنة 39 ق. ع بجلسة 12/ 1/ 1997 والطعن رقم 13154 لسنة 49 ق.ع بجلسة 6/ 5/ 2006).
وإنه لما كان الحكم الطعين قد أهدر معيار التفضيل بينما أعملته جهة الإدارة حيث استبعدت غير المنتمين للمذهب الحنفي وأجرت القرعة بين المرشحين المتساوين في الحصول على المؤهل العالي المنتمين للمذهب الحنفي، فبالتالي يكون قرارها متفقا وصحيح حكم القانون، ويكون الحكم مخالفا ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن المادة (23) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه "يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام....... أما الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري في الطعون المقامة أمامها في أحكام المحاكم الإدارية فلا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا إلا من رئيس هيئة مفوضي الدولة خلال ستين يوما من تاريخ صدور الحكم، وذلك إذا صدر الحكم على خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا أو إذا كان الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق لهذه المحكمة تقريره"، فإن استنهاض ولاية المحكمة الإدارية العليا بشأن الفصل في الطعون التي تقام على الأحكام التي تصدر عن محكمة القضاء الإداري بهيئة استئنافية لا يكون - كما هو مستقر عليه في ضوء صريح النص المذكور آنفا - إلا في الحالتين المذكورتين، بأن يكون الحكم قد صدر على خلاف ما جرى به قضاء المحكمة الإدارية العليا، أو أن يكون الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ لم يسبق لهذه المحكمة تقريره، بيد أن المحكمة الإدارية العليا بحكم قوامتها على النزاع ووجوب بيان حكم القانون الصحيح وتقرير القول الفصل بشأن ما أثير من خلاف حوله لا تقف عند الحالة التي ابتنى عليها الطعن المقام من هيئة مفوضي الدولة إذا ما استبان لها أن الطعن لا يثير هذه الحالة، وإنما يثير الحالة الأخرى من حالتي الطعن المنوه بهما.
وحيث إن الطعن الماثل يقتضي وضع مبدأ حول مدى استبعاد خريجي كليات جامعة الأزهر الشريف الذين يثبت انتماؤهم لغير المذهب الحنفي على وفق ما يكون مثبتًا في الشهادة الحاصلين عليها من بين المرشحين الذين يتعين إجراء القرعة بينهم بوظيفة المأذون، رغم تماثلهم من خريجي كليات الحقوق في دارسة الشريعة الإسلامية كمادة أساسية ودراستهم ما يتعلق بالأحوال الشخصية وفق قانون الأحوال الشخصية المعمول به والذي يتخذ من المذهب الحنفي عمدة لنصوصه والمرجع الواجب الرجوع إليه عند الاختلاف في الحكم فيما ليم يرد فيه نص قطعي في هذا القانون.
ومن حيث إن المادة (3) من لائحة المأذونين الصادرة بقرار وزير العدل في 10/ 1/ 1955 المعدلة بالقرار رقم 635 لسنة 1972 تنص على أنه: "يشترط فيمن يعين في وظيفة المأذون: أ - .... ب -.... ج - أن يكون حائزا لشهادة التخصص أو شهادة العالمية أو شهادة الدارسة العالية من إحدى كليات الجامع الأزهر أو أية شهادة من كليات جامعية أخرى تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية....".
وتنص المادة (12) على أنه: "بعد استيفاء جميع الإجراءات تصدر الدائرة قرارا بتعيين من تتوافر فيه الشروط من المرشحين، ولا يكون قرارها نافذا إلا بعد تصديق الوزير عليه. وفي حالة تعدد من تتوافر فيهم شروط التعيين يفضل من يحمل مؤهلا أعلى، ثم الحائز لدرجات أكثر في الامتحان المنصوص عليه في المادة التاسعة, ثم الحائز لدرجات أكثر في أحكام الزواج والطلاق، وعند التساوي يقدم حنفي المذهب، ثم يكون التفضيل بطريق القرعة".
ومقتضى هذه النصين أن المشرع فيما يتعلق بالشهادات الواجب توافر الحصول على إحداها فيمن يعين في وظيفة المأذون قد ساوى بين تلك التي يتم الحصول عليها من إحدى كليات جامعة الأزهر الشريف وتلك التي يتم الحصول عليها من إحدى الكليات بالجامعات الأخرى التي تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، الأمر الذي يغدو واضحا منه أن عنصر التساوى فيما بين جميع هذه الشهادات يتمثل في انطواء الدارسة في الكليات التي تمنحها على دارسة الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، بغض الطرف عن قيام دارستها على أساس من المذاهب الفقهية تخصصا من عدمه، ومن ثم تتساوى الشهادات التى تمنحها إحدى الكليات غير التابعة لجامعة الأزهر مع تلك التي تمنحها إحدى كليات هذه الجامعة من تلك الشهادات المنصوص عليها البند (ج) من المادة (3) متى كانت تقوم بتدريس الشريعة الإسلامية فيها كمادة أساسية، وعلى ذلك إذا توافر للمتقدم للترشيح معيار التفضيل المتمثل في أن يكون حنفي المذهب كان واجبا تقديمه على غيره، وإذا لم يتوافر في أي من المتقدمين هذا السبب للتفضيل وجب إجراء القرعة فيما بينهم بحسبان تساويهم في شرط الحصول على المؤهل الذي سبق منحه دراسة الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، يستوي في ذلك من كان منتميًا لمذهب فقهي غير المذهب الحنفي، ومن لم يكن منتميا على أي من المذاهب الفقهية، لا سيما وأن الجميع يتعين عليه تطبيق أحكام قانون الأحوال الشخصية عملا والذي يتخذ من المذهب الحنفي عمدة لنصوصه، ومن الراجح فيه مرجحا عن الاختلاف في الحكم.
ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم، ولما كانت الأوراق قد جاءت خالية مما يثبت أن أحدا من المتقدمين للتعيين في وظيفة المأذون لناحية ميت برده مركز قويسنا - منوفية، الصادر بشأن التعيين فيها قرار الجهة الإدارية رقم 4090 لسنة 1999 بالتصديق على تعيين المرشح/ أحمد.... مأذونا لهذه الناحية، بعد إجراء القرعة بينه وبين آخرين من الحاصلين على شهادة ليسانس الحقوق - حنفي المذهب، ورغم ذلك قامت جهة الإدارة باستبعاد المطعون ضده السيد/ زينهم..... وآخرين من الحاصلين على شهادات من تلك المنصوص عليا في البند (ج) من المادة (3) من لائحة المأذونين من كليات جامعة الأزهر بسبب ما ثبت من أن كلا منهم شافعي المذهب.
ولما كان المطعون ضده المذكور غيره ممن استطال إليهم الاستبعاد من بين من أجريت بينهم القرعة قد تماثلوا مع غيرهم ممن أجريت بينهم القرعة في دراستهم الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، بل تماثلت دراستهم في شأن الأحوال الشخصية، حيث درسوا جميعا قانون الأحوال الشخصية المعمول به وفق الثابت من الإفادات المودعة ملف النزاع والصادرة عن قسم الخريجين بكلية الشريعة الإسلامية والقانون بطنطا، بما يعنى أنهم جميعا درسوا الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، ودرسوا كذلك الأحوال الشخصية للمسلمين وفق قانون الأحوال الشخصية الذي اتخذ من المذهب حنفي عمدة لنصوصه، ومن ثم يكون نهج الجهة الإدارية مخالفا صحيح حكم القانون، مهدرا مركزا قانونيا بغير مسوغ مشروع لأولئك الحاصلين على إحدى الشهادات المنصوص عليها في البند (ج) المشار إليه، ومفضلا دون تأويل صحيح أولئك الحاصلين على ليسانس الحقوق، رغم تساوى الطائفتين دراسة ومؤهلا وفق ما سلف ذكره، الأمر الذي يغدو متعينا معه إلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها وجوب إجراء القرعة بين المنتمين إلى كل من الطائفتين السالفتي الذكر، وتعيين من تسفر القرعة عن اختياره من بينهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فإنه يكون متفقًا وصحيح حكم القانون لا مطعن عليه، ويكون الطعن عليه غير قائم على سبب ينال منه، لا سيما وأن هذا الحكم لم يخالف قضاء المحكمة الإدارية العليا وما خلصت إليه في الطعنين رقمي 3270 لسنة 39 ق. ع بجلسة 12/ 1/ 1997 و 13154 لسنة 49 ق.ع بجلسة 6/ 5/ 2006 إذ لم يثبت من الأوراق أن أيا من المتقدمين لمأذونية الناحية المذكورة حنفي المذهب، سواء في ذلك من صدر القرار بتعيينه أو غيره؛ لأن ادعاء ذلك يتعين أن يثبن للمحكمة على وجه لا يأتيه الوهن أو الريبة، لا سيما وأن الأوراق قد جاءت خلو من إفادة أي من كليات الحقوق التي حصل من أجريت القرعة بينهم على الشهادة الجامعية منها بأن أيا منهم درس الشريعة الإسلامية - غير قانون الأحوال الشخصية - على المذهب الحنفي، وهو ما يتوافق مع ما هو معلوم من اللوائح الداخلية لهذه الكليات، ومن ثم تعين رفض الطعن الماثل.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:

(أولا) بقبول تدخل السيد/ ........ خصمًا منضمًا.
(ثانيا) بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا.



(1) في حكمها في الطعن رقم 13154 لسنة 49 ق ع بجلسة 6/ 5/ 2006 (منشور بمجموعة المكتب الفني السنة 51 مبدأ رقم 117 ص 824) أكدت المحكمة الإدارية العليا أن معيار (حنفية المذهب) أصبح معيارا غير منضبط بعد تعديل القانون وإجازته التنافس على هذه الوظيفة ممن حصلوا على أية شهادة من كلية جامعية أخرى غير جامعة الأزهر مما تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، لكنها أكدت أنه رغم هذا لا يجوز إهدار هذا المعيار إلى أن يتدخل المشرع لوضع ضوابط تطبيق هذا المعيار، فيتعين الأخذ بإقرار المترشح وما يقدمه من مستندات معززة لكونه حنفي المذهب، أيا كانت طبيعة هذه المستندات، ما دام باقي المرشحين لم يقدموا ما يتناقض ذلك الإقرار أو يشكك في سلامة هذه المستندات.

الطعن 9005 لسنة 56 ق جلسة 2 / 4 / 2011 مكتب فني 55 - 56 ق 102 ص 939


1 - السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الغني محمد حسن رئيس مجلس الدولة
والسادة الأستاذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
2 - مجدى حسين محمد العجاتي.
3 - حسين محمد عبد المجيد بركات.
4 - أحمد عبد التواب محمد موسى.
5 - أحمد عبد الحميد حسن عبود.
6 - عادل سيد عبد الرحيم بريك.
7 - شحاته على أحمد أبو زيد.
8 - منير عبد القدوس عبد الله.
 ------------------

(102)
جلسة 2 من أبريل سنة 2011
الطعن رقم 9005 لسنة 56 القضائية عليا
(الدائرة الأولى)

 ( أ ) دعوى - إعلان - وجوب توجيهه بالنسبة للهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها في مراكز إدارتها - توجيه الإعلان في هذه الحالات لهيئة قضايا الدولة يؤدي إلى بطلانه، ومن ثم عدم انعقاد الخصومة - لا يحكم بالبطلان إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء - حضور وكيل عن الجهة المدعي عليها جلسات المحكمة تتحقق به الغاية من الإجراء
المواد المطبقة ( أ ): 
المادتان (13) و(20) من قانون المرافعات
(ب) دعوى - عوارض سير الخصومة - اعتبار الدعوى كأن لم تكن في حالة عدم تكليف المدعي عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة، وكان ذلك راجعًا لفعل المدعي، هو أمر جوازي للمحكمة، تجربه حسبما يتراءى لها محققًا لمصلحة العدالة - متى تحققت الغاية من الحضور فلا مجال لإعمال هذا الجزاء
المواد المطبقة (ب): 
المادة (70) من قانون المرافعات
(ج) اختصاص - ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة - القرار الصادر عن الجهة الإدارية بتحديد فترة الإعفاء من الضريبة العامة - المنازعة في التمتع بالإعفاء الضريبي من عدمه من المنازعات الإدارية التي تختص بنظرها محاكم مجلس الدولة
المواد المطبقة (جـ): 
- المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972
- المادتان (122) و(123) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005.


الإجراءات
إنه في يوم الأحد الموافق 7/ 2/ 2010 أودع السيد/ .... المحامي وكيلاً عن الطاعن تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة طعنًا في حكم محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 7219 لسنة 62 ق الصادر بجلسة 29/ 12/ 2009 الذي قضى في منطوقه بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للاختصاص، وإرجاء الفصل في المصروفات
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء قرار رئيس مجمع خدمات الاستثمار الصادر بتاريخ 2/ 10/ 2006، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات
وقد أعلن الطعن للمطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة مع إبقاء الفصل في المصروفات
وتدوول الطعن فحصًا وموضوعًا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات
وبجلسة 22/ 1/ 2011 أودع الحاضر عن المدعي عليها الرابع مذكرة دفاع تضمنت الدفع باعتبار الطعن كأن لم يكن، وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم، وقد صدر الحكم أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا
- ومن حيث إن الحاضر عن الهيئة المطعون ضدها الرابع قد دفع باعتبار الطعن كأن لم يكن إعمالاً لحكم المادة (70) من قانون المرافعات؛ لإعلان الهيئة المذكورة بهيئة قضايا الدولة بالمخالفة لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإيرادات القانونية بالهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها
ومن حيث إن المادة (13) من قانون المرافعات قد أوجبت تسليم صور الإعلانات إلى الجهات المبنية في تلك المادة، وذلك فيما عدا ما نص عليه في قوانين خاصة، وثم جاءت المادة الثالثة من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها، وقضت بأنه استثناء من أحكام قانون المرافعات تسلم صحف الدعاوى وصحف الطعون المتعلقة بالجهات المذكورة في مركز إدارتها لرئيس الهيئة، ومن ثم فإن توجيه الإعلان في هذه الحالات لهيئة قضايا الدولة يعتبر مخالفًا للقانون ومؤديًا إلى بطلان الإعلان، ومن ثم عدم انعقاد الخصومة بين طرفيها (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 78 لسنة 38ق. الصادر بجلسة 28/ 12/ 1997). 
ومن حيث إن المادة (20) من قانون المرافعات سالف الذكر تنص على أن: "يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون صراحة على بطلانه أو إذا شابه عيب لم تحقق بسببه الغاية من الإجراء، ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء". 
وتنص المادة (70) من ذات القانون على أنه: "يجوز بناء على طلب المدعي عليه اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعي عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، وكان ذلك راجعًا إلى فعل المدعي"
ومن حيث إنه ولما كان الأمر كذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد قام بإعلان الهيئة المطعون ضدها الرابع بهيئة قضايا الدولة وذلك بالمخالفة لحكم المادة (الثالثة) من القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه، إلا أن الثابت أيضًا من محاضر الجلسات أن الهيئة المذكورة قد حضر وكيل عنها بجلسة 21/ 6/ 2010 وقدم مذكرة دفاع، ومن ثم تكون الغاية من الإعلان قد تحققت، وبالتالي لا مجال لإعمال حكم المادة (70) سالفة البيان؛ باعتبار أن ما تضمنته من جزاء اعتبار الدعوى كأن لم تكن في حالة عدم تكليف المدعي عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة هو أمر جوازي للمحكمة تجريه حسبما يتراءى لها محققًا لمصلحة العدالة، ومتى تحققت الغاية من الحضور فمن ثم لا مجال لإعمال الجزاء المشار إليه، وبالتالي يكون الدفع المقدم من الهيئة المطعون ضدها الرابع غير قائم على سند صحيح من القانون، جديرًا بالرفض، وتكفي المحكمة بذكر ذلك في الأسباب دون وروده بالمنطوق
- ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً
- ومن حيث عن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 1/ 12/ 2007 أقام الطاعن الدعوى رقم 7219 لسنة 62 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبًا الحكم بقول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعي عليهم المصروفات
وقال المدعى شرحًا لدعواه: إنه بموجب قرار المدعي عليه الرابع رقم 2885 لسنة 2002 تم الترخيص في شركة الخدمات البيئية والبترولية (بيسكو) شركة مساهمة مصرية على وفق أحكام القانون رقم 8 لسنة 1997 بإصدار قانون ضمانات وحوافز الاستثمار ولائحته التنفيذية والقرار الجمهوري رقم 284 لسنة 1997 بإنشاء الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وأنه على وفق أحكام القانون سالف الذكر فإن الشركة المدعية تكون متمتعة بالإعفاء الضريبي العشري، وقد تقدمت الشركة المدعية بطلب إلى الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة - قطاع مجمع خدمات الاستثمار لتحديد موعد بدء النشاط ومدة الإعفاء الضريبي للشركة، إلا أنه صدر القرار المطعون فيه بأحقية الشركة في التمتع بالإعفاء الضريبي لمدة خمس سنوات تبدأ من 1/ 1/ 2004 حتى 31/ 12/ 2008 بالمخالفة لأحكام القانون رقم 8 لسنة 1997سالف الذكر، فتظلم من ذلك إلى لجنة فض المنازعات الاستثمار إلا أنه تم رفض تظلمه بتاريخ 3/ 10/ 2007، الأمر الذي حداه على إقامة الدعوى الماثلة بغية الحكم له بما سلف بيانه من طلبات
وبجلسة 29/ 12/ 2009 حكمت محكمة القضاء الإداري بالحكم المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أن كافة منازعات الضريبة العامة على الدخل تدخل في اختصاص محاكم القضاء العادي وتخرج عن اختصاص محاكم مجلس الدولة بحكم المادة (123) من القانون رقم 91 لسنة 2005 بشأن الضريبة على الدخل، وبالتالي فإن المحكمة تكون غير مختصة ولائيًا بنظر الدعوى الماثلة وتقضي بإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للاختصاص
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يكمن في أن القرار المطعون فيه هو قرار إداري صادر عن الجهة الإدارية بتحديد فترة الإعفاء من الضريبة، وليس منازعة في قيمة الضريبة على الدخل التي هي مناط تطبيق حكم المادة (123) المشار إليها، وبالتالي فإن هذه المنازعة تعتبر منازعة إدارية تختص بنظرها والفصل فيها محاكم مجلس الدولة عملاً بحكم المادة (172) من الدستور والمادة (10) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972
ومن حيث أن المادة (10) من القانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه تنص على أن: "تختص محاكم مجلس الدولة بالفصل في المسائل الآتية
أولاً -......
خامسًا - الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية... "
وتنص المادة (122) من القانون رقم 91 لسنة 2005 بشأن الضريبة على الدخل على أن "تكون جلسات لجان الطعن سرية..."
وتنص المادة (123) من ذات القانون على أن: "لكل من المصلحة والممول الطعن في قرار اللجنة أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ الإعلان بالقرار.."
ومن حيث إنه مفاد ما تقدم أن المنازعة في التمتع بالإعفاء الضريبي من عدمه هي من المنازعات الإدارية التي تختص بنظرها محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، باعتباره المنوط به دون غيره الفصل في كافة المنازعات الإدارية إعمالاً لحكم الدستور والقانون في هذا الشأن، وأن ما تضمنته المادة (123) سالفة الذكر إنما يتعلق باختصاص المحكمة الابتدائية بنظر المنازعات التي تُثار بين مصلحة الضرائب والممول بشأن القرارات التي تصدرها لجان الطعن الضريبي
ومن حيث إنه ولما كان الأمر كذلك وكانت المنازعة الماثلة تتعلق بالقرار الصادر عن الهيئة العامة للاستثمار برفض أحقية الشركة الطاعنة في التمتع بالإعفاء الضريبي لمدة عشر سنوات، فمن ثم يكون هذا القرار من القرارات الإدارية التي تختص بنظرها والفصل فيها محاكم مجلس الدولة، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف هذا المذهب فإنه يكون قد صدر مجافيًا لصحيح حكم القانون، جديرًا بالإلغاء، وباختصاص محكمة القضاء الإداري بهيئة مغايرة بنظر الدعوى محل الطعن الماثل، وإبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها بهيئة مغايرة، وأبقت الفصل في المصروفات.