جلسة 24 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/
عبد الوهاب الخياط نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الشافعي
وفتحي الصباغ نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسين ومحمود شريف فهمي.
----------------
(190)
الطعن رقم 5822 لسنة 61
القضائية
(1)مواد
مخدرة. نقض "المصلحة في الطعن". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
خطأ الحكم بإضافة جريمة
أخرى للطاعن لم تقع منه. لا ينال من صحته طالما لم يوقع عليه سوى عقوبة واحدة هي
المقررة للجريمة التي وردت بقرار الاتهام ودارت عليها المرافعة واقتصرت أسباب
الحكم عليها.
مثال.
(2)إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا
يقبل منها".
الأصل أن تجري المحاكمة
باللغة العربية ما لم يتعذر على إحدى سلطات التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات
ذلك التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك. خضوع
طلبه في هذا الشأن لتقديرها.
(3) محاماة. دفاع
"الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
تعارض المصلحة في الدفع.
مقتضاه: أن يكون لكل متهم من الدفاع ما يلزم عنه عدم صحة دفاع الآخر. بما يتعذر
معه على محام واحد أن يترافع عنهما معاً. أساس هذا التعارض الواقع ولا ينبني على
احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه ما دام لم يبده بالفعل.
(4)دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب".
مثال لتسبيب سائغ للرد
على الدفع ببطلان تفتيش المسكن الذي جرى تفتيشه.
(5)دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". دفاع "الإخلال بحق
الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بصدور إذن التفتيش
بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن رداً
عليه.
(6)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه
عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إجراءات "إجراءات المحاكمة".
الطلب المقصود به إثارة
الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة. دفاع موضوعي. عدم التزام المحكمة
بإجابته.
قرار المحكمة الذي يصدر
في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. تحضيري. لا تتولد عنه أية حقوق للخصوم.
مثال.
(7)مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش.
إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تولي رجل الضبط القضائي
بنفسه التحريات التي يؤسس عليها طلب الإذن بتفتيش شخص أو معرفته الشخصية السابقة
به. غير لازم. له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين.
متى اقتنع بصحة ما نقلوه إليه.
تقدير جدية التحريات
وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
(8)حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". مواد مخدرة.
الخطأ في الإسناد الذي لا
يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه.
مثال.
(9)إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع تكوين
عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة
الشهود؟
(10)مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب".
كفاية انبساط سلطان الشخص
على المادة المخدرة كيما يكون حائزاًًًً لها ولو أحرزها مادياً شخص غيره.
تحدث الحكم استقلالاً عن
ركن حيازة المخدر. غير لازم. كفاية أن يكون فيما أورده ما يكفي للدلالة على قيامه.
(11)مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب
الطعن ما لا يقبل منها".
تقدير توافر قصد الإتجار
بالمخدر. موضوعي.
(12)مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم
"تسبيبه تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
اطمئنان المحكمة إلى أن
المواد المخدرة المضبوطة هي التي جرى تحليلها. لا تثريب عليها إن قضت في الدعوى
بناء على ذلك أو أمسكت عن تحقيق الاختلاف في الوزن.
(13)إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم التزام المحكمة أن
تورد أدلة الإدانة قبل كل من المتهمين في الدعوى على حدة. علة ذلك؟
--------------------
1 - لما كان الثابت من
المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن ومدونات الحكم المطعون فيه أن التهمة
المسندة إلى الطاعن الأول بموجب قرار الاتهام هي حيازة مخدر الهيروين بقصد الإتجار،
وهي بذاتها التي كانت مطروحة بالجلسات ودارت عليها المرافعة، ولم تجر المحكمة
تعديلاً في وصفها، وأن أسباب حكمها جاءت قاصرة عليها في إسنادها إليه وإثباتها
عليه، فإن خطأ المحكمة من بعد بإضافة جريمة أخرى لم تقع منه وهي حيازة مخدر الحشيش
لا يعدو أن يكون خطأ مادياً وقعت فيه المحكمة بجمعها المتهمين الأربع الأول على
واقعتي إحراز وحيازة مخدري الهيروين والحشيش، لا يخفي على قارئ الحكم، وهو خطأ لا
ينال من صحة الحكم إذ لم يمس حقاً للطاعن طالما أن الحكم لم يوقع عليه سوى عقوبة
واحدة وهي الأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وغرامة ثلاثة آلاف جنيه وهي عقوبة حيازة
مخدر الهيروين بقصد الإتجار التي ثبت لمحكمة الموضوع ارتكابه لها.
2 - لما كان الأصل أن
تجري المحاكمة باللغة الرسمية - وهي اللغة العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطات
التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات ذلك التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم
بالترجمة، أو يطلب منها المتهم ذلك، ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها، وإذ كان الثابت
من محضر جلسة المرافعة الختامية أن المدافع عن الطاعنين قد تنازل عن طلبه
الاستعانة بمترجم، وأن أياً من الطاعنين لم يعترض على ذلك باعتبار أن هذا الطلب
يتعلق بمصلحة خاصة به، ويكون منعاهما في هذا الخصوص في غير محله.
3 - لما كان من المقرر أن
تعارض المصلحة في الدفاع يقتضي أن يكون لكل متهم من الدفاع ما يلزم عنه عدم صحة
دفاع المتهم الآخر بحيث يتعذر على محام واحد أن يترافع عنهما معاً، أما إذا التزم
كل منهما جانب الإنكار ولم يتبادلا الاتهام - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -
فلا محل للقول بقيام تعارض المصلحة الذي أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان
يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل.
4 - لما كان البين من
محضر جلسة المحاكمة الختامية أن المتهم الخامس لم يدفع ببطلان إذن تفتيش مسكنه
لصدوره من غير المختص قانوناً، وكان الحكم المطعون فيه عرض إلى هذا الدفع الذي
أثاره الطاعن الثاني وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن تفتيش
الشقة محل الضبط بقالة إنه كان يتعين استصداره من القاضي الجزئي فمردود بأن إذن
النيابة العامة قد انصب على تفتيش شخص ومسكن المتهم الخامس وتفتيش شخص كل من
المتهمين الثالث والرابع - الطاعنين الثاني والثالث - وكان الدفع ببطلان تفتيش
المسكن لا يقبل من غير حائزه، فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه
لأن هذه الفائدة تلحقه بالتبعية وحدها، وإذا كان المتهم الثالث لم يدع ملكية أو
حيازة المسكن الذي جرى تفتيشه، فإنه لا يقبل منه إبداء هذا الدفع لانتفاء
صفته" لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات أن أمر إقامة الطاعنين الثاني
والثالث بالمسكن الذي جرى تفتيشه إقامة مستقرة أو مؤقتة لم يكن محل بحث ولم يقل به
أحد في أي مراحل التحقيق، فضلاً عن أن المتهم الخامس أقر لشاهدي الإثبات أن
الطاعنين الثاني والثالث يصونان لديه فحسب المواد المخدرة والآلات المضبوطة، ومن
ثم يكون الحكم قد أطرح الدفع بما يسوغ إطراحه قانوناً.
5 - لما كان الدفع بصدور
إذن التفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع
الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى
شهادة شاهد الإثبات بأن ضبط الواقعة كان بعد استئذان النيابة العامة بالتفتيش، فإن
النعي ببطلان إذني التفتيش يكون غير سديد.
6 - لما كان من المقرر أن
الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة
حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي
اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، وكان
الثابت من أسباب الطعن أن طلب سؤال شهود نفي وضم دفتر أحوال قسم الشرطة إنما أريد
به تحقيق مواقيت إجراءات ضبط الواقعة ومن ثم فهو لا يتجه إلى نفي الفعل المكون
للجريمة أو استحالة حصول الواقعة، وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة
الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت
عن إجابته، ولا ينال من ذلك أن تكون المحكمة قد قررت تأجيل نظر الدعوى لضم دفتر
الأحوال دون أن تنفذ القرار حتى فصلت فيها لما هو مقرر من أن قرار المحكمة الذي
تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد
عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، ومن ثم يكون
النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في غير محله.
7 - لما كان القانون لا
يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها
الطلب بالإذن له بتفتيش الشخص أو أن يكون على معرفة شخصية سابقة به، بل له أن
يستعين فيما يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من
رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم
ما دام قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات، وكان
من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل
الموضوعية فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن
التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب
عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر
بالتفتيش بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق، فإنه لا يجوز المجادلة في ذلك
أمام محكمة النقض.
8 - لما كان من المقرر
أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعنين
الثاني والثالث ما يثيراه عن خطأ الحكم فيما أورده في بعض مواضعه من أن الثلاث قطع
التي ضبطت على منضدة إليها يجلسان في مسكن المتهم الخامس تحوي مخدر الحشيش حالة أن
تقرير المعامل الكيماوية أشار إلى أن اثنتين منها فحسب تحتويان على مخدر الحشيش،
ما دام ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى
إليها، ولا يتأدى من هذا الخطأ ما يذهب إليه الطاعنان من أن المحكمة لم تكن بعناصر
الدعوى بصيرة، إذ هي - على ما هو ثابت من مدونات حكمها - أفصحت في معرض ردها على
الدفاع القائم على اختلاف وزن المواد المخدرة المضبوطة عند التحريز عن وزنها عند
التحليل، عن إدراكها بما أثبته تقرير المعامل الكيماوية في هذا الخصوص.
9 - من المقرر أن لمحكمة
الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة عناصر الدعوى وأن وزن أقوال
الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير
الذي تطمئن إليه بغير معقب، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
10 - من المقرر أنه لا
يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً لها بل يكفي لاعتباره
كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز
لها شخصاً غيره، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون
فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه.
11 - لما كانت حيازة
وإحراز المخدر بقصد الإتجار هي واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما
أنه يقيمها على ما ينتجها، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير
أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن حيازة كل من الطاعنين
الثلاثة للمخدر المضبوط كان بقصد الإتجار فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك بما يتنافر
وواقع الدعوى.
12 - اطمئنان المحكمة إلى
أن المواد المخدرة المضبوطة هي التي جرى تحليلها تأسيساً على أن الفرق بين الوزنين
يسير، فلا تثريب عليها إن قضت في الدعوى بناء على ذلك، ولا جناح عليها إن هي أمسكت
عن تحقيق الاختلاف في الوزن، وكان ما يثيره الطاعنان بشأن خطأ الحكم في مقولته بأن
فرق الوزن جاء نتيجة وزن المواد المخدرة عند التحريز على ميزان قسم المخدرات غير
الحساس في حين أن الثابت بالأوراق هو أن وزنها تم في إحدى الصيدليات، فإن هذا ولئن
كان صحيحاً، إلا أنه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً من الحكم لا أثر له في منطقه
والنتيجة التي انتهى إليها من أن المخدر المضبوط هو بذاته الذي صار تحليله.
13 - لما كان من المقرر
أنه ليس لزاماً على المحكمة أن تورد أدلة الإدانة قبل كل من المتهمين في الدعوى
على حدة، ومن ثم فلا جناح عليها إذ جمعت في حكمها في مقام التدليل على ثبوت أن
المادة المضبوطة والمنسوب حيازتها إلى كل واحد من الطاعنين من عداد المواد المخدرة
المبينة حصراً في الجدول الملحق بالقانون الذي انطوى على نصوص التجريم والعقاب
نظراً لوحدة الواقعة، وما دامت الأدلة قبلهم تتحدد وتتساند، وما دام حكمها قد سلم
من عيب التناقض أو الغموض في أسبابه بحيث تبقى مواقف كل من الطاعنين والأدلة قبلهم
محددة بغير لبس.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
كلاً من 1 -...... 2 -...... (طاعن) 3 -........ (طاعن) 4 -..... (طاعن) 5
-...... بأنهم: المتهمين الأول أحرز والثاني حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً
"هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناًًًًًًًً. المتهمين الثالث
والرابع حازا وأحرزا والخامس حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين"
في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم
طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للأول
وحضورياً للباقين عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 38، 42/ 1 من القانون 182 لسنة
1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين رقمي 57، 103 من الجدول الأول
الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 395 لسنة 1976 مع إعمال
المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة
وتغريمه عشرة آلاف جنيه وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات
وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه، وبمعاقبة المتهمين الثالث والرابع بالأشغال الشاقة
المؤبدة وتغريم كل منهما عشرة آلاف جنيه ومعاقبة الخامس بالحبس مع الشغل لمدة
سنتين وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدرات والأدوات المضبوطة.
فطعن الأستاذ.....
المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني والمحكوم عليهما الثالث والرابع في هذا
الحكم بطريق النقض ...... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى أوجه الطعن
التي تضمنتها تقارير الأسباب الثلاثة المقدمة من الطاعنين هو أن الحكم المطعون فيه
إذ دانهم بجريمة إحراز وحيازة جواهر مخدرة بقصد الاتجار قد شابه القصور والتناقض
في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد ومخالفة
الثابت بالأوراق، وران عليه البطلان ذلك بأنه دان الطاعن الأول عن واقعة إحراز
مخدر الحشيش رغم أنها لم ترد في قرار الاتهام ولم يلفت نظر الدفاع إليها، وخلت
أوراق الدعوى ومدونات الحكم من ذكرها، كما رفضت المحكمة طلب الطاعنين الثاني
والثالث الاستعانة بمترجم لكونهما أجنبيين وجرت محاكمتهما باللغة العربية التي
يجهلانها، فضلاً عن أن محامياً واحداً تولى الدفاع عنهما رغم قيام التعارض في
المصلحة بينهما، ومما قيد الدفاع بعدم إسناد المسئولية إلى أحدهما خشية إضراره،
هذا وقد دفعا ببطلان تفتيش منزل المتهم الخامس لعدم صدوره من القاضي الجزئي بسبب
إقامتهما فيه مؤقتاً، إلا أن الحكم أطرحه بانتفاء صفتيهما رغم تمسك المتهم المذكور
بهذا الدفع. كما أن الطاعنين الثلاثة تمسكوا بأن ضبطهم وتفتيشهم قد تما قبل صدور
إذن النيابة العامة، وطلبوا سؤال شهود عينوهم، وضم دفتر الأحوال عن يوم الحادث
للتدليل على صحة دفاعهم إلا أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع بما لا يكفي ودون تحقيق
رغم أنها كانت قد أجلت نظر الدعوى لضم دفتر الأحوال، وأثار الطاعن الأول بطلان إذن
النيابة الصادر بضبطه وتفتيشه لانتفاء ما يسوغ صدوره مدللاً على ذلك بأن مستصدر
الإذن يجهل شخصيته ولم يجر التحريات بنفسه واعتمد على أقوال المبلغ دون تحر صدقه،
كما دفع الطاعنان الثاني والثالث ببطلان هذا الإذن لابتنائه على تحريات غير جدية
إلا أن المحكمة أطرحت ذلك بما لا يسوغ، وقد عول الحكم في قضائه بالإدانة على ما
حصله من أدلة الثبوت أن الثلاث قطع التي ضبطت بمسكن المتهم الخامس والتي نسبت إليه
وللطاعنين الثاني والثالث تحوي مادة الحشيش المخدرة رغم أن الثابت من تقرير
المعامل الكيماوية أن إحداها خالية من أي أثر لمخدر ما، الأمر الذي ينبئ أن
المحكمة لم تتبصر عناصر الدعوى. علاوة على ذلك، لم يدلل الحكم على نحو كاف وسائغ
على نسبة كل المواد المخدرة المضبوطة إلى الطاعنين الثاني والثالث ودون تفريدها
بنسبتها إلى كل متهم بالذات، وعول على أقوال المتهم الأول وشاهدي الإثبات في إدانة
هذين الطاعنين بحيازة المواد المخدرة بقصد الاتجار وهي لا تكفي، ودون أن يورد لدى
تحصيله لأقوال الشاهدين ما يفيد توافر ذلك القصد، فضلاً عن أنه رفع قصد الاتجار عن
المتهم الخامس بعلة عدم ضبطه يبيع مادة مخدرة وهي علة تصدق في شأن هذين الطاعنين،
كما دفع الطاعنين الثاني والثالث بانتفاء صلتهما بالمواد المخدرة المضبوطة لاختلاف
ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير معامل التحاليل من
أوزان، إلا أن المحكمة أطرحته تأسيساً على أن فارق الوزن نتيجة وزن المخدرات
المضبوطة بميزان قسم المخدرات غير الحساس رغم أن الثابت بالأوراق أن وزنها تم في
إحدى الصيدليات، علاوة على أنها لم تجر تحقيقاً لاستجلاء حقيقة اختلاف الوزن،
وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى تقرير المعامل الكيماوية في إجمال
وإبهام فلم يستظهر منه مقدار وكنه المادة التي ضبطت مع المتهم الأول والتي نسبت
إلى هذا والطاعن الأول، كما لم يبين قدر وكنه كل مادة ضبطت مع الطاعنين الآخرين،
ولكل ذلك يكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان كل
من الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها،
مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك،
وكان الثابت من المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن ومدونات الحكم المطعون فيه
أن التهمة المسندة إلى الطاعن الأول بموجب قرار الاتهام هي حيازة مخدر الهيروين
بقصد الاتجار، وهي بذاتها التي كانت مطروحة بالجلسات ودارت عليها المرافعة، ولم
تجر المحكمة تعديلاً في وصفها، وأن أسباب حكمها جاءت قاصرة عليها في إسنادها إليه
وإثباتها عليه، فإن خطأ المحكمة من بعد بإضافة جريمة أخرى لم تقع منه وهي حيازة
مخدر الحشيش لا يعدو أن يكون خطأ مادياً وقعت فيه المحكمة بجمعها المتهمين الأربع
الأول على واقعتي إحراز وحيازة مخدري الهيروين والحشيش، لا يخفى على قارئ الحكم،
وهو خطأ لا ينال من صحة الحكم إذ لم يمس حقاً للطاعن طالما أن الحكم لم يوقع عليه
سوى عقوبة واحدة وهي الأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وغرامة ثلاثة آلاف جنيه وهي
عقوبة حيازة مخدر الهيروين بقصد الاتجار التي ثبت لمحكمة الموضوع ارتكابه لها،
ويكون منعى الطاعن الأول عليه بالبطلان لا جدوى منه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن
المحكمة واجهت الطاعنين الثاني والثالث بالتهمة المسندة إليهما فأنكراها، ولم يدع
أيهما أنه لم يفهم مضمون ما واجهته به المحكمة، وإذ كان الأصل أن تجرى المحاكمة
باللغة الرسمية - وهي اللغة العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطات التحقيق أو
المحاكمة مباشرة إجراءات ذلك التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة، أو يطلب
منها المتهم ذلك، ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها، وإذ كان الثابت من محضر جلسة
المرافعة الختامية أن المدافع عن الطاعنين قد تنازل عن طلبه الاستعانة بمترجم، وأن
أياً من الطاعنين لم يعترض على ذلك باعتبار أن هذا الطلب يتعلق بمصلحة خاصة به،
فإن منعاهما في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن
تعارض المصلحة في الدفع يقتضي أن يكون لكل متهم من الدفاع ما يلزم عنه عدم صحة
دفاع المتهم الآخر بحيث يتعذر على محام واحد أن يترافع عنهما معاً، أما إذا التزم
كل منهما جانب الإنكار ولم يتبادلا الاتهام - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -
فلا محل للقول بقيام تعارض المصلحة الذي أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان
يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل، ومن ثم فإن ما يثيره
الطاعنان الثاني والثالث في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان البين من
محضر جلسة المحاكمة الختامية أن المتهم الخامس لم يدفع ببطلان إذن تفتيش مسكنه
لصدوره من غير المختص قانوناً، وكان الحكم المطعون فيه عرض إلى هذا الدفع الذي
أثاره الطاعن الثاني وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن تفتيش
الشقة محل الضبط بقالة إنه كان يتعين استصداره من القاضي الجزئي فمردود بأن إذن
النيابة العامة قد انصب على تفتيش شخص ومسكن المتهم الخامس وتفتيش شخص كل من
المتهمين الثالث والرابع - الطاعنين الثاني والثالث - وكان الدفع ببطلان تفتيش
المسكن لا يقبل من غير حائزه، فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه
لأن هذه الفائدة تلحقه بالتبعية وحدها، وإذا كان المتهم الثالث لم يدع ملكية أو حيازة
المسكن الذي جرى تفتيشه، فإنه لا يقبل منه إبداء هذا الدفع لانتفاء صفته" لما
كان ذلك، وكان يبين من المفردات أن أمر إقامة الطاعنين الثاني والثالث بالمسكن
الذي جرى تفتيشه إقامة مستقرة أو مؤقتة لم يكن محل بحث ولم يقل به أحد في أي مراحل
التحقيق، فضلاً عن أن المتهم الخامس أقر لشاهدي الإثبات أن الطاعنين الثاني
والثالث يصونان لديه فحسب المواد المخدرة والآلات المضبوطة، ومن ثم يكون الحكم قد
أطرح الدفع بما يسوغ إطراحه قانوناً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى الدفع
ببطلان إذني النيابة بالتفتيش لصدورهما بعد تمام ضبط الواقعة وأطرحه تأسيساً لما
ثبت من أقوال شاهد الإثبات الأول الذي اطمأن إليها أن إجراءات ضبط وتفتيش الطاعنين
تمت بعد استئذان النيابة العامة. وإذ كان الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط إنما
هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن
أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى شهادة شاهد الإثبات بأن
ضبط الواقعة كان بعد استئذان النيابة العامة بالتفتيش، فإن النعي ببطلان إذني
التفتيش يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة
إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها
الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه
يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، وكان الثابت من أسباب الطعن أن
طلب سؤال شهود نفي وضم دفتر أحوال قسم الشرطة إنما أريد به تحقيق مواقيت إجراءات
ضبط الواقعة ومن ثم فهو لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول
الواقعة، وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي
اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته، ولا ينال من
ذلك أن تكون المحكمة قد قررت تأجيل نظر الدعوى لضم دفتر الأحوال دون أن تنفذ
القرار حتى فصلت فيها لما هو مقرر من أن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز
الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم
توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، ومن ثم يكون النعي على الحكم
بالإخلال بحق الدفاع في غير محله. لما كان ذلك، وكان القانون لا يوجب حتماً أن
يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن له
بتفتيش الشخص أو أن يكون على معرفة شخصية سابقة به، بل له أن يستعين فيما يجريه من
تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة
والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام قد اقتنع
شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات، وكان من المقرر أن
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية فإذا
كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها
لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته
لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش بأدلة
منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق، فإنه لا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة
النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا
يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعنين الثاني والثالث ما يثيراه عن خطأ الحكم فيما
أورده في بعض مواضعه من أن الثلاث قطع التي ضبطت على منضدة إليها يجلسان في مسكن
المتهم الخامس تحوي مخدر الحشيش حالة أن تقرير المعامل الكيماوية أشار إلى أن
اثنتين منها فحسب تحتويان على مخدر الحشيش، ما دام ما أورده الحكم من ذلك لم يكن
له أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها، ولا يتأدى من هذا الخطأ ما يذهب
إليه الطاعنان من أن المحكمة لم تكن بعناصر الدعوى بصيرة، إذ هي - على ما هو ثابت
من مدونات حكمها - أفصحت في معرض ردها على الدفاع القائم على اختلاف وزن المواد
المخدرة المضبوطة عند التحريز عن وزنها عند التحليل، عن إدراكها بما أثبته تقرير
المعامل الكيماوية في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع
أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة عناصر الدعوى وأن وزن أقوال الشهود
وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي
تطمئن إليه بغير معقب، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أيضاً أنه
لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً لها بل يكفي
لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان
المحرز لها شخصاً غيره، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي
أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. وإذ كان الحكم المطعون
فيه قد اعتمد في إثبات حيازة الطاعن الأول لمخدر الهيروين وحيازة وإحراز الطاعنين
الثاني والثالث لمخدري الهيروين والحشيش وذلك بقصد الاتجار على أقوال الضابطين
شاهدي الإثبات وما قرره لهما المتهم الأول، والتي اطمأن إليها وحصل مؤداها فيما
مجمله أن معلومات وردت للضابطين...... و....... من أحد مصادرهما السرية تفيد أن كل
من..... و...... ترددا على أحد تجار المخدرات وعرضا عليه عينة من مخدر الهيروين
بقصد ترويج كمية كبيرة منه، وأنهما في سبيل عودتهما بالسيارة التي يستخدماها إلى
منطقة دوران زينهم التابع لقسم شرطة السيدة زينب لبيع كمية من ذلك المخدر لأحد
تجار المخدرات. وتنفيذاً لإذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش تربص الضابطان بهما
في ميدان دوران زينهم حتى عادا بالسيارة التي تعرف عليها المرشد السري فور وصولها،
وسعى الضابطان إلى المكان الذي توقفت فيه السيارة وأخبراهما بأمر تفتيشهما، وعندئذ
قام المتهم..... بمناولة الضابط...... كيساً أخضر اللون كان في يده وبفضه تبين أن
بداخله كيساً أبيض بداخله كيس من الورق يحتوي على مسحوق الهيروين المخدر والذي بلغ
وزنه 125 جراماً، وقد أقر بإحرازه إياه بالاشتراك مع المتهم..... الطاعن الأول الذي
كان يجلس على مقعد قيادة السيارة وأنهما قصدا بيعه لصالح الطاعنين الثاني والثالث
اللذين ما زالا يحوزان كمية أخرى من هذا المخدر داخل مسكن المتهم الآخر.....،
وأن هذين الطاعنين في انتظار عودتهما لتسلم ثمن بيع المخدر منهما، وأخذ باقي كمية
المخدر لبيعها، ونفاذاً لإذن من النيابة انتقل الضابطان إلى مسكن.... الذي
أخبرهما بأنه المنتفع بهذا المسكن وإذ دلفا إليه ضبطا الطاعنين الثاني والثالث
اللذين بتفتيشهما عثر مع كل واحد منهما على لفافة تحوي مسحوق الهيروين، كما تم ضبط
ثلاث قطع لمادة سمراء اللون تشبه الحشيش وشفرة عليها آثار لمخدر الهيروين على
منضدة كان يجلس إليها الطاعنان المذكوران، ثم عثر بحجرة النوم على لفافة كبيرة من
الورق الأبيض بداخلها مادة هيروين وميزان حساس وأدوات وزن، وقد أقر المتهم.......
بحيازته للمواد المخدرة لحساب الطاعنين الثاني والثالث لحين عودة المتهمين......
و..... لاستلامها بقصد بيعها. وبوزن مادة الهيروين المضبوطة بالشقة بلغت 190
جراماً وبوزن الثلاث قطع من المادة السمراء بلغت 27 جراماً، وقد ثبت من تقرير
المعامل الكيماوية أن كل مسحوق الهيروين والذي بلغ وزنه 306.8 جراماً يحوي مخدر
الهيروين وأن المادة الأخرى السمراء اللون تحوي مخدر الحشيش. لما كان ذلك، وكانت
المحكمة بما لها من سلطة تقديرية قد رأت أن أقوال شاهدي الإثبات كافية وسائغة في
الدلالة على حيازة الطاعنين الثلاثة للمخدر المضبوط، وأوردت في حكمها - على النحو
السالف بيانه - من الواقع والظروف ما يكفي للتدليل على اتصال كل من الطاعنين
الثلاثة بالمادة المخدرة وكنهها سواء اتصالاً مباشراً أو بالوساطة دون لبس أو
غموض، وعلى نحو يتفق وصحيح القانون. هذا ولما كانت حيازة وإحراز المخدر بقصد
الاتجار هي واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما
ينتجها، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا
تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن حيازة كل من الطاعنين الثلاثة للمخدر
المضبوط كان بقصد الاتجار فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك بما يتنافر وواقع الدعوى،
ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في شأن كل ما تقدم يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعنان الثاني والثالث من تشكيك في انقطاع
صلتهما بالمواد المخدرة المضبوطة لاختلاف وزنها عند التحريز عن وزنها عند التحليل،
ورد عليه رداً سائغاً أوضح به اطمئنان المحكمة إلى أن المواد المضبوطة هي التي جرى
تحليلها تأسيساً على أن الفرق بين الوزنين يسير، فلا تثريب عليها إن قضت في الدعوى
بناء على ذلك، ولا جناح عليها إن هي أمسكت عن تحقيق الاختلاف في الوزن، وكان ما
يثيره الطاعنان بشأن خطأ الحكم في مقولته بأن فرق الوزن جاء نتيجة وزن المواد
المخدرة عند التحريز على ميزان قسم المخدرات غير الحساس في حين أن الثابت بالأوراق
هو أن وزنها تم في إحدى الصيدليات، فإن هذا ولئن كان صحيحاً، إلا أنه لا يعدو أن
يكون خطأ مادياً من الحكم لا أثر له في منطقه والنتيجة التي انتهى إليها من أن المخدر
المضبوط هو بذاته الذي صار تحليله، ومن ثم يكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص
بعيداً عن محجة الصواب. لما كان ذلك، وكان مجموع ما أورده الحكم في بيانه لواقعة
الدعوى وتحصيله لأقوال شاهديها بضمه ما أثبته من تقرير المعامل الكيماوية - على
النحو السالف بيانه - كافياً في استظهار قدر وكنه الجوهر المخدر الذي اتصل به كل
من الطاعنين الثلاثة بالذات أو بالوساطة، وكان منعى الطاعنين بتعميم الحكم نتيجة
تقرير المعامل الكيماوية بشأنهم مردوداًً بما سلف، وبأنه ليس لزاماً على المحكمة
أن تورد أدلة الإدانة قبل كل من المتهمين في الدعوى على حدة، ومن ثم فلا جناح
عليها إذ جمعت في حكمها في مقام التدليل على ثبوت أن المادة المضبوطة والمنسوب
حيازتها إلى كل واحد من الطاعنين من عداد المواد المخدرة المبينة حصراً في الجدول
الملحق بالقانون الذي انطوى على نصوص التجريم والعقاب نظراً لوحدة الواقعة، وما
دامت الأدلة قبلهم تتحد وتتساند، وما دام حكمها قد سلم من عيب التناقض أو الغموض
في أسبابه بحيث تبقى مواقف كل من الطاعنين والأدلة قبلهم محددة بغير لبس، ومن ثم
فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم بما سبق يكون غير صائب. لما كان ما تقدم، فإن
الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.