الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 11 مارس 2019

الطعن 13648 لسنة 4 ق جلسة 27 / 3 / 2014 مكتب فني 65 ق 19 ص 177

جلسة 27 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة / عبد التواب أبو طالِب ، علاء البغدادي ومحمد فريد بعث الله نواب رئيس المحكمة وجلال عزت .
---------------
(19)
الطعن 13648 لسنة 4 ق
(1) رجال السلطة العامة . محال عامة . تلبس . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
لرجل السلطة العامة في دائرة اختصاصه دخول المحال العامة أو المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القانون واللوائح . له أن يضبط الجرائم التي يشاهدها في حالة تلبس . أساس ذلك ؟
مثال لتدليل سائغ في اطراح الدفع ببطلان التفتيش لكون مكان الضبط جمعية خاصة تم تفتيشه دون إذن من النيابة العامة .
(2) محال عامة . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة في المحال العامة . ليست بالأسماء التي تعطى لها . ولكن بحقيقة الواقع من أمرها .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟
المنازعة في أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره لحقيقة المكان الذي ضبط به الطاعنان . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(3) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي . ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
مثال .
(4) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . كحول . إجراءات" إجراءات المحاكمة " .
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .
إثبات الجرائم على اختلاف أنواعها بكافة طرق الإثبات . جائز . إلا ما استثني بنص خاص . مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين . غير مقبول .
النعي بعدم جواز إثبات أن السوائل المضبوطة هي خمور بغير تحليل فني . جدل موضوعي . إثارته أمام محكمة النقض . غير جائز.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
(5) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . كحول .
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها . استفادة الرد عليها ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت السائغة التي أوردتها .
عدم التزام المحكمة مناقشة كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع . استناد الحكم إلى أدلة الإدانة التي أوردها . يتضمن اطراحه لدفاع المتهم بنفي التهمة .
إيراد الحكم أن المتهمين يقدمان الخمور لرواد الجمعية محل الضبط . كفايته لاطراح الدفاع القائم على أن الخمور المضبوطة خاصة برواد هذا المكان ويقومون بإحضارها بمعرفتهم .
(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة ثاني درجة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه الدفاع أو الرد عليه بعد حجز الدعوى للحكم . ولو طلب ذلك في مذكرة مصرح له بتقديمها . ما دام لم يطلبه بجلسة المحاكمة .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يتمسك به الطاعن . غير مقبول . علة ذلك ؟
محكمة ثاني درجة . تحكم على مقتضى الأوراق . لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه . عدم التزامها بسماع الشهود إلا من كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة .
سكوت دفاع الطاعن عن التمسك بطلب سماع أقوال شاهد النفي أمام محكمة أول درجة . يوجب اعتباره متنازلاً عنه وإن أبداه أمام المحكمة الاستئنافية .
(7) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
قرار المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة . تحضيري . لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه . لها أن تعدل عنه .
مثال .
(8) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على المحكمة عدم الرد على دفع لم يثر أمامها . غير جائز .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحُكْم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان التفتيش لكون مكان الضبط جمعية خاصة وَتم تفتيشه دون إذن مِنْ النيابة العامة وَاطرحه بقوله : " فمردود بأنه لما كان الثابت أن المَحْكَمَّة قد اطمأنت إلى استغلال المتهمين للمنشأة محل وَاقعة الضبط كمحل عام يجوز للكافة دخوله عقب شراء التذاكر المخصصة لهذا الغرض ، وَذلك على النحو المتقدم بيانه ، فإنه يكون مِنْ حق رجال الضبط المختصين دخول ذلك المكان لمراقبة تطبيق القوانين وَاللوائح داخله ، فإن اكتشفوا وقوع جريمة آنذاك تحققت حالة التلبس في حق مرتكبها ، الأمر الذي يضحى معه الدفع المبدى مِنْ الحاضر عن المتهمين ببطلان إجراءات الضبط وَالتفتيش ، وَعلى النحو المشار إليه قائماً على غير أساس تلتفت عنه المَحْكَمَّة " ، فإن هذا الذي أثبته الحُكْم يجعل مِنْ الجمعية .... محلاً عاماً يغشاه الجمهور بلا تفريق ، فإذا دخله أحد رجال الضبط بغير إذن مِنْ النيابة العامة كان دخوله مبرراً ؛ لما هو مقرر من أن لرجل السلطة العامة في دائرة اختصاصه دخول المحال العامة أو المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القانون وَاللوائح وَهو إجراء إداري أكدته المادة 41 من القانون 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة ، وَيكون له تبعاً لذلك أن يضبط الجرائم التي يشاهدها في حالة تلبس .
2- مِنْ المقرر أن العبرة في المحال العامة ليست بالأسماء التي تعطى لها ، وَلكن بحقيقة الواقع مِنْ أمرها ، وَكان الحُكْم المطعون فيه قد أثبت أخذاً بأقوال ضابط الواقعة بمحضر الضبط أن المكان الذى ضُبِطَ به الطـَّـاْعِنان هو محل عام يغشاه الجمهور بلا تفريق وَلا تمييز بينهم بمجرد الحصول على تذكرة الدخول ، وَكان الأصل أن مِنْ حق مَحْكَمَّة الموضوع أن تستخلص مِنْ أقوال الشهود وَسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وَأن تطرح ما يخالفها مِنْ صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل وَالمنطق ، وَلها أصلها في الأوراق ، وَكان وَزن أقوال الشهود وَتقديرها مرجعه إلى مَحْكَمَّة الموضوع ، تنزله المنزلة التي تراها ، وَتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وَإذا ما كان الأصل أنه متى أخذت المَحْكَمَّة بأقوال الشاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وَكانت المَحْكَمَّة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وَصحة تصويره لحقيقة المكان الذي ضبط به الطـَّـاْعِنين ، فإن ما يثيره الطـَّـاْعِنان مِنْ منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وَهو ما تستقل به مَحْكَمَّة الموضوع ، وَلا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام مَحْكَمَّة النـَّـقْض .
3- مِنْ المقرر أن للمَحْكَمَّة أن تلتفت عن دليل النفي وَلو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحُكْم التفاته عما وَرد بالمستندات الرسمية التي تساند إليها الطـَّـاْعِنان - على فرض صحتها - تأكيداً لدفاعهما يكون غير سديد .
4- لما كانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته مِنْ أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ، ما دام أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح مِنْ أوراق الدعوى ، فالجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثنى بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ، فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين ، فإن منعى الطـَّـاْعِن الأول عن عدم جواز إثبات أن السوائل المضبوطة هي خمور بغير تحليل فني لا يكون مقبولاً ، وَينحل في حقيقته إلى مجرد جدل موضوعي في سلطة المَحْكَمَّة في تقدير أدلة الدعوى ، مما لا يجوز إثارته أمام مَحْكَمَّة النـَّـقْض ، هذا فضلاً عن أن محاضر جلسات المحاكمة خلت مِنْ طلب الطـَّـاْعِن الأول في هذا الخصوص ، فلا يكون له مِنْ بعد أن ينعى على المَحْكَمَّة قعودها عن القيام بإجراء تحقيق لم يطلبه منها ، وَلم تر هي حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى محضــــر الضبط مِنْ أن الطـَّـاْعِنين يقدمان الخمور لرواد المنشأة محل الضبط ، وَيكون منعى الطـَّـاْعِن الأول في هذا الخصوص غير سديد .
5- لما كان ما ينعاه الطـَّـاْعِن الأول مِنْ اطراح الحُكْم المطعون فيه دفاعه القائم على أن الخمور المضبوطة خاصة برواد المكان وَأعضاء الجمعية ، وَالتي يقومون بإحضارها بمعرفتهم مردود بما هو مقرر مِنْ أن المَحْكَمَّة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي ، وَفى كل شبهة يثيرها ، وَالرد على ذلك ما دام الرد مستفاداً ضمناً مِنْ القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحُكْم ، وَلأن المَحْكَمَّة لا تلتزم بأن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع عن الطـَّـاْعِن الأول ، كما أن استناد الحُكْم المطعون فيه إلى أدلة الإدانة التي أوردها يتضمن اطراحه لدفاع المتهم على نفي التهمة ، وَلما كان الحُكْم قد أورد مؤدى محضر الضبط وَالذي انتهى إلى أن المتهمين يقدمان الخمور لرواد الجمعية .... - محل الضبط - فإن ما نعاه الطـَّـاْعِن الأول على الحُكْم في هذا الشأن لا يكون له محل .
6- لما كانت المَحْكَمَّة لا تلتزم بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه الدفاع أو الرد عليه بعد حجز الدعوى للحُكْم ، وَلو طلب ذلك في مذكرة مصرح له بتقديمها ما دام أنه لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة ، وَما كان له أن ينعى على المَحْكَمَّة قعودها عن إجراء تحقيق لم يتمسك به ، ذلك أن سكوت الدفاع عن طلب سماع شاهد وَمواصلته المرافعة دون إصرار على طلب سماعه ، إنما يفيد أنه قد نزل عنه ضمناً ، وَمن ثم فهو لا يستأهل مِنْ المَحْكَمَّة رداً وَلا تعقيباً ، وَأن مَحْكَمَّة ثاني درجة إنما تحُكْم في الأصل على مقتضى الأوراق ، وَهي لا تجري مِنْ التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه ، وَلا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام مَحْكَمَّة أول درجة ، فإذا لم تر مِنْ جانبها حاجة إلى سماعهم وَكان المدافع عن الطـَّـاْعِن الأول وَإن أبدى طلب سماع أقوال شاهد النفي أمام المَحْكَمَّة الاستئنافية - بفرض إبدائه - فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسبق سكوت المتهم عن التمسك به أمام مَحْكَمَّة أول درجة ، وَمن ثم فإن ما يثيره الطـَّـاْعِن الأول في هذا الخصوص يكون بدوره غير سديد .
7- لما كان لا تثريب على المَحْكَمَّة إن هي قررت مِنْ تلقاء نفسها إعادة الدعوى للمرافعة لضم أصل تقرير المعمل وَالحرز المضبوط ، وَلإعلان الضابط محرر محضر الضبط ، ثم عدلت عن قرارها ؛ ذلك لأن القرار الذي تصدره المَحْكَمَّة في مجال تجهيز الدعوى وَجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق ، وَإذا كان الطـَّـاْعِن الأول لم يدع في طـَّـعْنه أنه تمسك في ختام مرافعته بضم أصل تقرير المعمل وَالحرز المضبوط ، وَسماع شاهد الإثبات في الدعوى ، فإن منعاه على الحُكْم مِنْ هذه الناحية لا يكون له وَجه .
8- لما كانت محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها قد خلت مِنْ دفاع للطـَّاْعِـن الثاني بـخصـوص دفعه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة ، مما لا يحل له مِنْ بعد النعي على الحُكْم بعدم الرد على دفع لم يثره أمام المَحْكَمَّة ، وَمن ثم فإن نعي الطـَّاْعِن الثاني في هذا الخصوص يكون على غير أساس .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحَيْثُ إنَّ الحُكْم المطعون فيه بيَّن وَاقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطـَّاْعِنين بها ، وَأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة مِنْ شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحُكْم عليها ، لما كان الحُكْم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان التفتيش لكون مكان الضبط جمعية خاصة وَتم تفتيشه دون إذن مِنْ النيابة العامة وَاطرحه بقوله : " فمردود بأنه لما كان الثابت أن المَحْكَمَّة قد اطمأنت إلى استغلال المتهمين للمنشأة محل وَاقعة الضبط كمحل عام يجوز للكافة دخوله عقب شراء التذاكر المخصصة لهذا الغرض ، وَذلك على النحو المتقدم بيانه ، فإنه يكون مِنْ حق رجال الضبط المختصين دخول ذلك المكان لمراقبة تطبيق القوانين وَاللوائح داخله ، فإن اكتشفوا وقوع جريمة آنذاك تحققت حالة التلبس في حق مرتكبها ، الأمر الذي يضحى معه الدفع المبدى مِنْ الحاضر عن المتهمين ببطلان إجراءات الضبط وَالتفتيش ، وَعلى النحو المشار إليه قائماً على غير أساس تلتفت عنه المَحْكَمَّة " ، فإن هذا الذي أثبته الحُكْم يجعل مِنْ الجمعية .... محلاً عاماً يغشاه الجمهور بلا تفريق ، فإذا دخله أحد رجال الضبط بغير إذن مِنْ النيابة العامة كان دخوله مبرراً ؛ لما هو مقرر من أن لرجل السلطة العامة في دائرة اختصاصه دخول المحال العامة أو المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القانون وَاللوائح وَهو إجراء إداري أكدته المادة 41 من القانون 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة ، وَيكون له تبعاً لذلك أن يضبط الجرائم التي يشاهدها في حالة تلبس . لما كان ذلك ، وَكان مِنْ المقرر أن العبرة في المحال العامة ليست بالأسماء التي تعطى لها ، وَلكن بحقيقة الواقع مِنْ أمرها ، وَكان الحُكْم المطعون فيه قد أثبت أخذاً بأقوال ضابط الواقعة بمحضر الضبط أن المكان الذى ضُبِطَ به الطـَّـاْعِنان هو محل عام يغشاه الجمهور بلا تفريق وَلا تمييز بينهم بمجرد الحصول على تذكرة الدخول ، وَكان الأصل أن مِنْ حق مَحْكَمَّة الموضوع أن تستخلص مِنْ أقوال الشهود وَسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وَأن تطرح ما يخالفها مِنْ صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل وَالمنطق ، وَلها أصلها في الأوراق ، وَكان وَزن أقوال الشهود وَتقديرها مرجعه إلى مَحْكَمَّة الموضوع ، تنزله المنزلة التي تراها ، وَتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وَإذا ما كان الأصل أنه متى أخذت المَحْكَمَّة بأقوال الشاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وَكانت المَحْكَمَّة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وَصحة تصويره لحقيقة المكان الذي ضبط به الطـَّـاْعِنين ، فإن ما يثيره الطـَّـاْعِنان مِنْ منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وَهو ما تستقل به مَحْكَمَّة الموضوع ، وَلا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام مَحْكَمَّة النـَّـقْض . لما كان ذلك ، وَكان مِنْ المقرر أن للمَحْكَمَّة أن تلتفت عن دليل النفي وَلو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحُكْم التفاته عما وَرد بالمستندات الرسمية التي تساند إليها الطـَّاْعِنان - على فرض صحتها - تأكيداً لدفاعهما يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وَكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته مِنْ أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ، ما دام أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح مِنْ أوراق الدعوى ، فالجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثنى بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ، فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين ، فإن منعى الطـَّـاْعِن الأول عن عدم جواز إثبات أن السوائل المضبوطة هي خمور بغير تحليل فني لا يكون مقبولاً ، وَينحل في حقيقته إلى مجرد جدل موضوعي في سلطة المَحْكَمَّة في تقدير أدلة الدعوى ، مما لا يجوز إثارته أمام مَحْكَمَّة النـَّـقْض ، هذا فضلاً عن أن محاضر جلسات المحاكمة خلت مِنْ طلب الطـَّـاْعِن الأول في هذا الخصوص ، فلا يكون له مِنْ بعد أن ينعى على المَحْكَمَّة قعودها عن القيام بإجراء تحقيق لم يطلبه منها ، وَلم تر هي حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى محضر الضبط مِنْ أن الطـَّـاْعِنين يقدمان الخمور لرواد المنشأة محل الضبط ، وَيكون منعى الطـَّـاْعِن الأول في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، فإن ما ينعاه الطـَّـاْعِن الأول مِنْ اطراح الحُكْم المطعون فيه دفاعه القائم على أن الخمور المضبوطة خاصة برواد المكان وَأعضاء الجمعية ، وَالتي يقومون بإحضارها بمعرفتهم ، مردود بما هو مقرر مِنْ أن المَحْكَمَّة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي ، وَفى كل شبهة يثيرها ، وَالرد على ذلك ما دام الرد مستفاداً ضمناً مِنْ القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحُكْم ، وَلأن المَحْكَمَّة لا تلتزم بأن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع عن الطـَّـاْعِن الأول ، كما أن استناد الحُكْم المطعون فيه إلى أدلة الإدانة التي أوردها يتضمن اطراحه لدفاع المتهم على نفي التهمة ، وَلما كان الحُكْم قد أورد مؤدى محضر الضبط وَالذي انتهى إلى أن المتهمين يقدمان الخمور لرواد الجمعية .... - محل الضبط - فإن ما نعاه الطـَّـاْعِن الأول على الحُكْم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وَكانت المَحْكَمَّة لا تلتزم بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه الدفاع أو الرد عليه بعد حجز الدعوى للحُكْم ، وَلو طلب ذلك في مذكرة مصرح له بتقديمها ما دام أنه لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة ، وَما كان له أن ينعى على المَحْكَمَّة قعودها عن إجراء تحقيق لم يتمسك به ، ذلك أن سكوت الدفاع عن طلب سماع شاهد وَمواصلته المرافعة دون إصرار على طلب سماعه ، إنما يفيد أنه قد نزل عنه ضمناً ، وَمن ثم فهو لا يستأهل مِنْ المَحْكَمَّة رداً وَلا تعقيباً ، وَأن مَحْكَمَّة ثاني درجة إنما تحُكْم في الأصل على مقتضى الأوراق ، وَهي لا تجري مِنْ التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه ، وَلا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام مَحْكَمَّة أول درجة ، فإذا لم تر مِنْ جانبها حاجة إلى سماعهم وَكان المدافع عن الطـَّاْعِن الأول وَإن أبدى طلب سماع أقوال شاهد النفي أمام المَحْكَمَّة الاستئنافية – بفرض إبدائه - فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسبق سكوت المتهم عن التمسك به أمام مَحْكَمَّة أول درجة ، وَمن ثم فإن ما يثيره الطـَّـاْعِن الأول في هذا الخصوص يكون بدوره غير سديد . لما كان ذلك ، وَكان لا تثريب على المَحْكَمَّة إن هي قررت مِنْ تلقاء نفسها إعادة الدعوى للمرافعة لضم أصل تقرير المعمل وَالحرز المضبوط ، وَلإعلان الضابط محرر محضر الضبط ، ثم عدلت عن قرارها ؛ ذلك لأن القرار الذي تصدره المَحْكَمَّة في مجال تجهيز الدعوى وَجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق ، وَإذا كان الطـَّـاْعِن الأول لم يدع في طـَّـعْنه أنه تمسك في ختام مرافعته بضم أصل تقرير المعمل وَالحرز المضبوط ، وَسماع شاهد الإثبات في الدعوى ، فإن منعاه على الحُكْم مِنْ هذه الناحية لا يكون له وَجه . لما كان ذلك ، وَكانت محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها قـد خلت مِـنْ دفاع للطـَّاعِـن الثاني بخصوص دفعه عدم قـبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة ، مما لا يحل له مِنْ بعد النعي على الحُكْم بعدم الرد على دفع لم يثره أمام المَحْكَمَّة ، وَمن ثم فإن نعي الطـَّـاْعِن الثاني في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ما تقدم ، فإن الطـَّـعْن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 6526 لسنة 6 ق جلسة 25 / 3 / 2014 مكتب فني 65 ق 18 ص 171

جلسة 25 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / سلامة أحمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يحيى عبد العزيز ماضي وعصمت عبد المعوض نائبي رئيس المحكمة وعماد محمد عبد الجيد وإيهاب سعيد البنا .
--------------
(18)
الطعن 6526 لسنة 6 ق
(1) زنا . قانون " تفسيره " . تلبس . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وجود الطاعن في المكان المخصص للحريم في منزل غير مسلم . لا يحول دون مساءلته عن جريمة الزنا . للقاضي أن يستمد اقتناعه في إدانة شريك الزوجة الزانية من أي دليل من الأدلة المنصوص عليها بالمادة 276 عقوبات . ولو كان غير مؤد بذاته فوراً ومباشرة إلى ثبوت فعل الزنا . له أن يعتمد عليه . متى اطمأن بناءً عليه إلى أن الزنا قد وقع فعلاً . مناقشة القاضي فيما انتهى إليه على هذه الصورة . غير مقبول . علة وحد ذلك ؟
مشاهدة المتهم في ظروف لا تترك عند قاضي الدعوى مجالاً للشك في أنه ارتكب فعل الزنا . كفايته لتحقق التلبس كدليل من أدلة الإثبات المنصوص عليها بالمادة 276 عقوبات . إثبات هذه الحالة . لا يخضع لشروط وأوضاع خاصة . علة ذلك ؟
مثال لتدليل سائغ على توافر حالة التلبس بالزنا .
(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
حق محكمة الموضوع تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى .
اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات . مفاده ؟
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
للمحكمة الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر . متى رأت أن تلك الأقوال صدرت منه حقيقة وتمثل الواقع في الدعوى .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.
(3) استدلالات . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بالتحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . متى اقتنعت بسلامتها وصحتها .
(4) إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تناول الحكم إصابة بعينها نسب للمتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي وجودها . لا حاجة لتعرضه لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى .
(5) نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعن في التمسك بأوجه الطعن المتعلقة بغيره من المتهمين . ما دامت لا تمس له حقاً .
(6) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
نعي الطاعن التفات المحكمة عن الرد على أوجه دفاعه دون الكشف عنها . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان قول الطاعن إن وجوده في المكان المخصص للحريم في منزل شخص غير مسلم يحول دون مساءلته عن جريمة الزنا ، عملاً بنص المادة 276 من قانون العقوبات مردوداً بأن المادة المشار إليها أوجبت على القاضي أن يستمد اقتناعه في إدانة شريك الزوجة الزانية من أدلة إثبات معينة لم تقف - في هذه المادة - عند الوجود في منزل مسلم في المكان المخصص للحريم فحسب ، بل تضمنت أدلة أخرى هي التلبس والاعتراف والمكاتيب والأوراق ، ويكفي أي دليل منها على حده لكي يستمد منه القاضي اقتناعه بالإدانة ، وإذ كان القانون في المادة 276 من قانون العقوبات بتحديده الأدلة التي لا يقبل الإثبات بغيرها على الرجل الذي يزني مع المرأة المتزوجة لا يشترط أن تكون هذه الأدلة مؤدية بذاتها فوراً ومباشرة إلى ثبوت فعل الزنا ، فمتى توافر قيام دليل من هذه الأدلة المعنية - كالتلبس - يصح للقاضي أن يعتمد عليه في ثبوت الزنا ، ولو لم يكن صريحاً في الدلالة عليه ومنصباً على حصوله ، متى اطمأن بناء عليه إلى أن الزنا قد وقع فعلاً ، وفي هذه الحالة لا تقبل مناقشة القاضي فيما انتهى إليه على هذه الصورة إلا إذا كان الدليل الذي اعتمد عليه ليس من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي وصل إليها ، ذلك لأنه بمقتضى القواعد العامة لا يجب أن يكون الدليل الذي ينبني الحكم عليه مباشراً ، بل للمحكمة - وهذا من أخص خصائص وظيفتها التي أنشئت من أجلها - أن تكمل الدليل مستعينة بالعقل والمنطق ، وتستخلص منه ما ترى أنه لابد مؤد إليه ، وإذ كانت المادة 276 المذكورة قد نصت على التلبس بفعل الزنا كدليل من أدلة الإثبات على المتهم بالزنا مع المرأة المتزوجة لم تقصد التلبس الحقيقي كما عرفته المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ، فلم تشترط فيه أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل ، بل يكفي أن يكون قد شوهد في ظروف لا تترك عند قاضي الدعوى مجالاً للشك في أنه ارتكب فعل الزنا ، وإثبات هذه الحالة غير خاضع لشروط وأوضاع خاصة ، وذلك لأن الغرض من المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية غير الغرض الملحوظ في المادة 276 من قانون العقوبات ؛ إذ المقصود من الأولى بيان الحالات الاستثنائية التي يخول فيها لمأموري الضبط القضائي مباشرة أعمال التحقيق ، أما الثانية فالمقصود منها لا يعتمد في إثبات الزنا إلا على ما كان من الأدلة ذا مدلول قريب من ذات الفعل ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تلبس الطاعن بالزنا من وجوده أسفل الفراش بغرفة النوم بمنزل الزوجية مرتدياً ملابسه الداخلية فقط ، ووجود الزوجة لا يسترها سوى قميص النوم ، وكون باب الشقة موصداً من الداخل ، ولدى فتح الأخيرة له بعد مضي فترة من الوقت كانت في حالة ارتباك ، وكانت تلك الوقائع التي استظهرت منها المحكمة توافر حالة التلبس ووقوع فعل الزنا كافية وصالحة لأن يفهم منها هذا المعنى ، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها ، فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الشأن ؛ لأن تقدير ذلك كله مما يملكه قاضي الموضوع ولا وجه للطعن عليه فيه ، ومجادلته في ذلك لا يكون لها من معنى سوى فتح باب المناقشة في مبلغ قوة الدليل في الإثبات ، وهذا غير جائز لتعلقه بصميم الموضوع .
2- لما كان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى ، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة التي أوردتها في حكمها إلى أن الطاعن ارتكب الجريمة التي دانته بها ، وفي اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات ما يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، إذ إن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم ، وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات ، مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها ، وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة ، وكانت تمثل الواقع في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم بهذه الأقوال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض .
 3- لما كان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم .
4- من المقرر أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها ، وأثبت التقرير الطبي وجودها ، واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها ، فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ، ولم ترفع بشأنها دعوى ، مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن لها ، هذا فضلاً عن أن الحكم - خلافاً لما يزعمه الطاعن - قد أورد في مدوناته الإصابات التي لحقت بالطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
5- لما كان لا مصلحة للطاعن في التمسك بأوجه الطعن المتعلقة بغيره من المتهمين ما دامت لا تمس له حقاً ، فلا يكون مقبولاً ما يثيره بشأن المتهمة الأخرى في الدعوى .
6- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن ماهية الدفاع الذي أمسكت محكمة الموضوع عن التعرض له والرد عليه ، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الزنا والضرب اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان قول الطاعن إن وجوده في المكان المخصص للحريم في منزل شخص غير مسلم يحول دون مساءلته عن جريمة الزنا ، عملاً بنص المادة 276 من قانون العقوبات مردوداً بأن المادة المشار إليها أوجبت على القاضي أن يستمد اقتناعه في إدانة شريك الزوجة الزانية من أدلة إثبات معينة لم تقف - في هذه المادة - عند الوجود في منزل مسلم في المكان المخصص للحريم فحسب ، بل تضمنت أدلة أخرى هي التلبس والاعتراف والمكاتيب والأوراق ، ويكفي أي دليل منها على حده لكي يستمد منه القاضي اقتناعه بالإدانة ، وإذ كان القانون في المادة 276 من قانون العقوبات بتحديده الأدلة التي لا يقبل الإثبات بغيرها على الرجل الذي يزني مع المرأة المتزوجة لا يشترط أن تكون هذه الأدلة مؤدية بذاتها فوراً ومباشرة إلى ثبوت فعل الزنا ، فمتى توافر قيام دليل من هذه الأدلة المعنية - كالتلبس - يصح للقاضي أن يعتمد عليه في ثبوت الزنا ، ولو لم يكن صريحاً في الدلالة عليه ومنصباً على حصوله ، متى اطمأن بناء عليه إلى أن الزنا قد وقع فعلاً ، وفي هذه الحالة لا تقبل مناقشة القاضي فيما انتهى إليه على هذه الصورة إلا إذا كان الدليل الذي اعتمد عليه ليس من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي وصل إليها ، ذلك لأنه بمقتضى القواعد العامة لا يجب أن يكون الدليل الذي ينبني الحكم عليه مباشراً ، بل للمحكمة - وهذا من أخص خصائص وظيفتها التي أنشئت من أجلها - أن تكمل الدليل مستعينة بالعقل والمنطق ، وتستخلص منه ما ترى أنه لابد مؤد إليه ، وإذ كانت المادة 276 المذكورة قد نصت على التلبس بفعل الزنا كدليل من أدلة الإثبات على المتهم بالزنا مع المرأة المتزوجة لم تقصد التلبس الحقيقي كما عرفته المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ، فلم تشترط فيه أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل ، بل يكفي أن يكون قد شوهد في ظروف لا تترك عند قاضي الدعوى مجالاً للشك في أنه ارتكب فعل الزنا ، وإثبات هذه الحالة غير خاضع لشروط وأوضاع خاصة ، وذلك لأن الغرض من المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية غير الغرض الملحوظ في المادة 276 من قانون العقوبات ؛ إذ المقصود من الأولى بيان الحالات الاستثنائية التي يخول فيها لمأموري الضبط القضائي مباشرة أعمال التحقيق ، أما الثانية فالمقصود منها لا يعتمد في إثبات الزنا إلا على ما كان من الأدلة ذا مدلول قريب من ذات الفعل ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تلبس الطاعن بالزنا من وجوده أسفل الفراش بغرفة النوم بمنزل الزوجية مرتدياً ملابسه الداخلية فقط ، ووجود الزوجة لا يسترها سوى قميص النوم ، وكون باب الشقة موصداً من الداخل ، ولدى فتح الأخيرة له بعد مضي فترة من الوقت كانت في حالة ارتباك ، وكانت تلك الوقائع التي استظهرت منها المحكمة توافر حالة التلبس ووقوع فعل الزنا كافية وصالحة لأن يفهم منها هذا المعنى ، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها ، فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الشأن ؛ لأن تقدير ذلك كله مما يملكه قاضي الموضوع ولا وجه للطعن عليه فيه ، ومجادلته في ذلك لا يكون لها من معنى سوى فتح باب المناقشة في مبلغ قوة الدليل في الإثبات ، وهذا غير جائز لتعلقه بصميم الموضوع . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى ، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة التي أوردتها في حكمها إلى أن الطاعن ارتكب الجريمة التي دانته بها ، وفي اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات ما يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، إذ إن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم ، وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات ، مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها ، وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة ، وكانت تمثل الواقع في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم بهذه الأقوال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها ، وأثبت التقرير الطبي وجودها ، واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها ، فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ، ولم ترفع بشأنها دعوى ، مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن لها ، هذا فضلاً عن أن الحكم - خلافاً لما يزعمه الطاعن - قد أورد في مدوناته الإصابات التي لحقت بالطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعن في التمسك بأوجه الطعن المتعلقة بغيره من المتهمين ما دامت لا تمس له حقاً ، فلا يكون مقبولاً ما يثيره بشأن المتهمة الأخرى في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن ماهية الدفاع الذي أمسكت محكمة الموضوع عن التعرض له والرد عليه ، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 12857 لسنة 4 ق جلسة 25 / 3 / 2014 مكتب فني 65 ق 17 ص 169

جلسة 25 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / علاء مرسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد الحميد دياب ، مجدي عبد الحليم ، إبراهيم عبد الله وعلي عبد البديع نواب رئيس المحكمة .
--------------
(17)
الطعن 12857 لسنة 4 ق
(1) إثبات " خبرة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
عدم التزام المحكمة بندب خبير . ما دامت قد رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها .
(2) قانون " تفسيره " . موظفون عموميون . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
امتناع الموظف أو المكلف بخدمة عامة عن أداء واجب التبليغ عن جريمة . إخلال خطير بواجبات الوظيفة أو الخدمة العامة . نعي الطاعن بانتفاء صفة المبلغ . غير مقبول . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير إذا هي رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها دون ما حاجة إلى ندبه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
2- لما كانت المادة 26 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على كل موظف أو مكلف بخدمة عامة علم أثناء تأدية عمله أو بسبب تأديته بوقوع جريمة من الجرائم التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ عنها فوراً النيابة العامة أو أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي ، وكان امتناع الموظف أو المكلف بخدمة عامة عن أداء واجب التبليغ عن جريمة يعتبر إخلالاً خطيراً بواجبات الوظيفة أو الخدمة العامة ، ومن ثم فــإن منعى الطاعن بانتفاء صفة المبلغ يكون غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأقام عليها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير إذا هي رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها دون ما حاجة إلى ندبه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكانت المادة 26 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على كل موظف أو مكلف بخدمة عامة علم أثناء تأدية عمله أو بسبب تأديته بوقوع جريمة من الجرائم التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ عنها فوراً النيابة العامة أو أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي ، وكان امتناع الموظف أو المكلف بخدمة عامة عن أداء واجب التبليغ عن جريمة يعتبر إخلالاً خطيراً بواجبات الوظيفة أو الخدمة العامة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بانتفاء صفة المبلغ يكون غير مقبول ، ويكون من ثم الطعن مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 10018 لسنة 4 ق جلسة 19 / 3 / 2014 مكتب فني 65 ق 16 ص 164

جلسة 19 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية الـسادة الـقـضـاة / علي حسن علي ، طارق محمد سلامة ، أشرف محمد مسعد وبهاء محمد إبراهيم نواب رئيس المحكمة .
-------------------
(16)
الطعن 10018 لسنة 4 ق
(1) تهرب ضريبي . دعوى مدنية . محكمة مدنية . اختصاص " الاختصاص النوعي " . عقوبة " العقوبة التكميلية " . نقض " ما يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
قضاء الحكم المطعون فيه بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة بشأن التعويضات المطالب بها عن جريمة التهرب من ضريبة المبيعات . منهي للخصومة على خلاف ظاهره . الطعن عليه بالنقض . جائز . علة ذلك ؟
(2) استئناف " ميعاده " . معارضة . محكمة استئنافية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قضاء المحكمة بإلغاء الحكم الاستئنافي المعارض فيه وقبول الاستئناف شكلاً لحضور المطعون ضده وتقديمه دليل العذر عن عدم تقريره بالاستئناف في الميعاد . صحيح . النعي على الحكم في هذا الشأن . غير مقبول .
(3) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . حكم " بيانات الديباجة " . بطلان . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأصل في إجراءات المحاكمة أنها روعيت .
إثبات الحكم في ديباجته اسم المحكمة التي أصدرته . كفايته لبيان اسمها ومكان انعقادها . النعي على الحكم في هذا الشأن . غير مقبول .
(4) حكم " بيانات الديباجة " . دعوى مدنية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إغفال الحكم الصادر بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وإحالة الدعوى المدنية بيان اسم المدعي بالحق المدني . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(5) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " .
نعي الطاعن بعدم إمكان قراءة التوقيع على الحكم المطعون فيه . غير مقبول . ما دام أنه لا يماري في أن التوقيع قد صدر من رئيس الهيئة التي قضت به .
(6) تهرب ضريبي . تعويض . عقوبة " العقوبة التكميلية " . دعوى جنائية " انقضاؤها بمضي المدة " . نقض " المصلحة في الطعن " .
التعويضات المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالضرائب والرسوم . عقوبات تكميلية تنطوي على عنصر التعويض . سريان القواعد القانونية العامة في شأن العقوبات عليها . الحكم ببراءة المتهم أو انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة . شموله عقوبة التعويض التكميلية . انقضاؤها بمضي المدة المقررة في المادة 15 إجراءات .
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم إحالته الدعوى المدنية بشأن التعويضات المطالب بها عن جريمة التهرب من ضريبة المبيعات للمحكمة المدنية المختصة . ما دام لا ينازع في صحة أساس انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه وإن قضى بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة إلا أنه يعد منهياً للخصومة – على خلاف ظاهره ، وهو ما يسلم به الطاعن – ذلك أن المحكمة المدنية سوف تقضي حتماً بعدم اختصاصها بنظرها باعتبارها – التعويضات المطالب بها موضوع الدعوى المدنية – عقوبة تكميلية ، ولا يجوز الحكم بها إلا من المحكمة الجنائية وحدها ، دون المحكمة المدنية ، فإن الطعن في هذا الشق من الحكم يكون جائزاً ، وقد استوفى الشكل المقرر في القانون .
2- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده حضر في جلسة المحاكمة بشخصه ، وقدم للمحكمة دليل العذر ، ورتبت على ذلك إلغاء الحكم الاستئنافي المعارض فيه ، وقبول الاستئناف شكلاً ، فإن نعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير صحيح .
3- لما كان الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه أنه صدر من محكمة .... الاستئنافية ، وهو ما يكفي بياناً لاسم المحكمة ومكان انعقادها ، وكان من المقرر أن الأصل في إجراءات المحاكمة أنها روعيت ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس .
4- من المقرر أنه لا على الحكم الصادر بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ، وبإحالة الدعوى المدنية إذا ما أغفل بيان اسم المدعي بالحق المدني لعدم قيام الموجب لإثباته في مدوناته ، فيكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له .
5- لما كان الطاعن بصفته لا يماري في أن التوقيع على الحكم المطعون فيه قد صدر عن رئيس الهيئة التي قضت به ، فإن نعيه عليه بعدم إمكان قراءته يكون غير ذي وجه .
6- من المقرر – على ما جرى به قضاء محكمة النقض– أن التعويضات المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالضرائب والرسوم ، هي من قبيل العقوبات التكميلية التي تنطوي على عنصر التعويض ، وأن هذه الصفة المختلطة توجب أن تسري عليها - باعتبارها عقوبة - القواعد القانونية العامة في شأن العقوبات ، ويترتب على ذلك - ولأنها تقوم على الدعوى الجنائية – فإن الحكم ببراءة المتهم أو انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يشمل حتماً عقوبة التعويض التكميلية ، إذ تنقضي بمضي المدة المقررة في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا ينازع في صحة الأساس الذي بنى عليه الحكم المطعون فيه ما قضى به من انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة - وكان قضاؤه في ذلك سليماً - فإن النعي على إحالته الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية يكون لا مصلحة حقيقية للطاعن فيه ، ذلك أن نظرها أمام القضاء الجنائي لا يجديه نفعاً ، ما دامت دعواه تلك تنقضي حتماً بانقضاء الدعوى الجنائية ، وبذات المدة المقررة لها ، فضلاً عن أن المحكمة المدنية سوف تقضي حتماً بعدم اختصاصها ، ما دامت التعويضات محل المطالبة لا تعدو عقوبة لا تحكم بها إلا المحكمة الجنائية ، ولا يبقى للطاعن من بعد ذلك سوى مصلحة نظرية صرفة لا يؤبه بها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
 من حيث إن الحكم المطعون فيه وإن قضى بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة إلا أنه يعد منهياً للخصومة – على خلاف ظاهره ، وهو ما يسلم به الطاعن – ذلك أن المحكمة المدنية سوف تقضي حتماً بعدم اختصاصها بنظرها باعتبارها – التعويضات المطالب بها موضوع الدعوى المدنية – عقوبة تكميلية ، ولا يجوز الحكم بها إلا من المحكمة الجنائية وحدها دون المحكمة المدنية ، فإن الطعن في هذا الشق من الحكم يكون جائزاً ، وقد استوفى الشكل المقرر في القانون .
 ومن حيث إن مبنى الطعن المقدم – من السيد وزير المالية بصفته – هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة ، قد ران عليه البطلان ، واعتوره الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأن محكمة المعارضة الاستئنافية ألغت الحكم بعدم قبول استئناف المطعون ضده شكلاً للتقرير به بعد الميعاد ، رغم أنه لم يقدم لها عذره في ذلك ، هذا إلى أن الحكم خلا من بيان المحكمة التي أصدرته ، ومكان انعقادها ، واسم المدعي المدني ، ومن توقيع مقروء لرئيس الهيئة ، كما أنه يعد منهياً للخصومة – على خلاف ظاهره – وسوف تقضي المحكمة المدنية بعدم اختصاصها بنظرها باعتبار التعويضات المطالب بها عقوبة تكميلية ، ولا يجوز الحكم بها إلا من المحكمة الجنائية وحدها دون المحكمة المدنية ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد المطعون ضده بوصف أنه تهرب من ضريبة المبيعات ، بأن قدم بيانات خاطئة بإقراره عن المبيعات ظهرت زيادة تجاوز 10% عما ورد بإقراره ، وأمام محكمة أول درجة ادعى وزير المالية بصفته مدعياً مدنياً قبل المتهم طالباً إلزامه بأن يؤدي له مبلغ .... جنيهاً ، والضريبة الإضافية ، والتعويض الذي يعادل مثل الضريبة ، ومحكمة أول درجة قضت غيابياً بحبس المتهم شهراً ، وإلزامه بأداء الضريبة ، والضريبة الإضافية ، والتعويض الذي يعادل مثل الضريبة ، عارض المتهم ، وقضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن ، استأنف والمحكمة الاستئنافية قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد ، عارض وقضي بقبول المعارضة شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه ، وبقبول الاستئناف شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده حضر في جلسة المحاكمة بشخصه ، وقدم للمحكمة دليل العذر ، ورتبت على ذلك إلغاء الحكم الاستئنافي المعارض فيه ، وقبول الاستئناف شكلاً ، فإن نعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير صحيح . لما كان ذلك ، وكان الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه أنه صدر من محكمة ...... الاستئنافية ، وهو ما يكفي بياناً لاسم المحكمة ومكان انعقادها ، وكان من المقرر أن الأصل في إجراءات المحاكمة أنها روعيت ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا على الحكم الصادر بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ، وبإحالة الدعوى المدنية إذا ما أغفل بيان اسم المدعي بالحق المدني لعدم قيام الموجب لإثباته في مدوناته ، فيكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الطاعن بصفته لا يماري في أن التوقيع على الحكم المطعون فيه قد صدر عن رئيس الهيئة التي قضت به ، فإن نعيه عليه بعدم إمكان قراءته يكون غير ذي وجه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر – على ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن التعويضات المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالضرائب والرسوم ، هي من قبيل العقوبات التكميلية التي تنطوي على عنصر التعويض ، وأن هذه الصفة المختلطة توجب أن تسري عليها - باعتبارها عقوبة - القواعد القانونية العامة في شأن العقوبات ، ويترتب على ذلك - ولأنها تقوم على الدعوى الجنائية – فإن الحكم ببراءة المتهم أو انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يشمل حتماً عقوبة التعويض التكميلية ، إذ تنقضي بمضي المدة المقررة في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا ينازع في صحة الأساس الذي بنى عليه الحكم المطعون فيه ما قضى به من انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة - وكان قضاؤه في ذلك سليماً - فإن النعي على إحالته الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية يكون لا مصلحة حقيقية للطاعن فيه ، ذلك أن نظرها أمام القضاء الجنائي لا يجديه نفعاً ، ما دامت دعواه تلك تنقضي حتماً بانقضاء الدعوى الجنائية ، وبذات المدة المقررة لها ، فضلاً عن أن المحكمة المدنية سوف تقضي حتماً بعدم اختصاصها ، ما دامت التعويضات محل المطالبة لا تعدو عقوبة لا تحكم بها إلا المحكمة الجنائية ، ولا يبقى للطاعن من بعد ذلك سوى مصلحة نظرية صرفة لا يؤبه بها . ولِما تقدم ، فإن الطعن يكون قائماً على غير أساس ، متعيناً عدم قبوله موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 12734 لسنة 4 ق جلسة 18 / 3 / 2014 مكتب فني 65 ق 15 ص 160

جلسة 18 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / جاب الله محمد أحمد نائب رئيس المحكمة وعـضوية السادة القضاة / محمد سامي إبراهيم ، عابد راشد ، أحمد محمود شلتوت ووليد عادل نواب رئيس المحكمة .
----------
(15)
الطعن 12734 لسنة 4 ق
أمر جنائي . محكمة أول درجة . محكمة استئنافية . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
الاعتراض على الأمر الجنائي . لا يعد من قبيل المعارضة في الأحكام الغيابية . هو إعلان من المعترض بعدم قبول إنهاء الدعوى بتلك الإجراءات . مجرد التقرير به . يُسقِط الأمر باعتباره كأن لم يكن . ارتباط نهائيته بحضور المعترض بالجلسة المحددة لنظر اعتراضه . تخلفه عنها . يعيد للأمر قوته ويصبح نهائياً واجب التنفيذ . أساس ذلك ؟
اعتراض الطاعن على الأمر الجنائي الصادر ضده ومثوله بالجلسة الأولى المحددة لنظر اعتراضه وإبداء دفاعه . يوجب على محكمة أول درجة نظر الدعوى في مواجهته طبقاً للإجراءات العادية وإن تخلف عن الحضور في الجلسات اللاحقة . قضاءها باعتبار الأمر الجنائي نهائياً واجب التنفيذ ثم قضاء المحكمة الاستئنافية من بعدها بعدم جواز الاستئناف . خطأ في تطبيق القانون . يوجب النقض والإعادة إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها . علة ذلك وأساسه ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان البين من الأوراق أن النيابة العامة اتهمت الطاعن بجريمة إقامة منشآت على أرض مملوكة للدولة بدون موافقة الجهة الإدارية المختصة ، وأصدرت ضده أمراً جنائياً بتغريمه ألف جنيه والإزالة ، فاعترض على هذا الأمر ، وقضت محكمة أول درجة باعتبار الأمر الجنائي نهائياً واجب التنفيذ ، فاستأنف هذا الحكم ، وقضت محكمة ثاني درجة حضورياً بعدم جواز الاستئناف ، وألزمته المصاريف . لما كان ذلك ، وكان الشارع قد هدف من تطبيق نظام الأوامر الجنائية في الجرائم التي عينها إلى تبسيط إجراءات الفصل في تلك الجرائم، وسرعة البت فيها، وهو وإن كان قد رخص في المادة 327 من قانون الإجراءات الجنائية ، المعدل بالقانون رقم 153 لسنة 2007 - للنيابة العامة ولباقي الخصوم أن يعلنوا عدم قبولهم للأمر الجنائي الصادر من القاضي أو من النيابة العامة - بتقرير في قلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة فيما يتعلق بالأمر الصادر من القاضي طبقاً للمادة 323 مكرراً من هذا القانون ، وبتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح في غير هذه الحالات وذلك في ظرف عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر بالنسبة للنيابة العامة ومن تاريخ إعلانه بالنسبة لباقي الخصوم ، ورتب على ذلك التقرير سقوط الأمر واعتباره كأن لم يكن ، فإذا لم يحصل اعتراض على الأمر بالصورة المتقدمة أصبح نهائياً واجب التنفيذ ، إلا أنه نص في المادة 328 على أنه إذا حضر الخصم الذي لم يقبل الأمر الجنائي في الجلسة المحددة تنظر الدعوى في مواجهته طبقاً للإجراءات العادية ، وإذا لم يحضر تعود للأمر قوته ، ويصبح نهائياً واجب التنفيذ ، فدل بذلك على أن الاعتراض على الأمر الجنائي لا يعد من قبيل المعارضة في الأحكام الغيابية ، بل هو لا يعدو أن يكون إعلاناً من المعترض بعدم قبوله إنهاء الدعوى بتلك الإجراءات يترتب على مجرد التقرير به سقوط الأمر بقوة القانون واعتباره كأن لم يكن ، غير أن نهائية هذا الأمر القانوني ترتبط بحضور المعترض بالجلسة المحددة لنظر اعتراضه ، فإن تخلف عنها عُدَّ اعتراضه غير جدي ، واستعاد الأمر قوته ، وأصبح نهائياً واجب التنفيذ ، مما مؤداه عدم جواز المعارضة فيه أو استئنافه رجوعاً إلى الأصل في شأنه . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن اعترض على الأمر الجنائي الصادر ضده بالغرامة بالصورة التي رسمها القانون ، ومثل بوكيل عنه بالجلسة الأولى المحددة لنظر اعتراضه ، وأبدى دفاعه - بما يرتب سقوط الأمر بقوة القانون ، واعتباره كأن لم يكن ، وهو ما كان يتعين معه على محكمة أول درجة أن تنظر الدعوى في مواجهته طبقاً للإجراءات العادية - وإن تخلف عن الحضور فيها في الجلسات اللاحقة ، أما وأنها قد قضت باعتبار الأمر الجنائي نهائياً واجب التنفيذ ، فإن حكمها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى ، وكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تقضي في الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم بإلغائه ، وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها ، أما وهي لم تفعل ، وفوتت على المتهم الدرجة الأولى من درجتي التقاضي بقضائها بعدم جواز نظر الاستئناف ، فإنها بدورها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها عملاً بالحق المقرر لمحكمة النقض بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض دون حاجة لبحث أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه أقام منشأة على الأرض المملوكة للدولة ، وقيدت التهمة بالمواد 1 ، 2 ، 4/1 ، 22/1 ، 2 مكرراً ، 23 ، 29 من القانون رقم 106 لسنة 1976 ، وأمرت النيابة العامة بتغريم المتهم ألف جنيه والإزالة .
فعارض المحكوم عليه في هذا الأمر ، ومحكمة جنح .... الجزئية قضت باعتبار الأمر الجنائي نهائياً واجب التنفيذ .
فاستأنف المحكوم عليه ، ومحكمة .... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بعدم جواز الاستئناف .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة اتهمت الطاعن بجريمة إقامة منشآت على أرض مملوكة للدولة بدون موافقة الجهة الإدارية المختصة ، وأصدرت ضده أمراً جنائياً بتغريمه ألف جنيه والإزالة ، فاعترض على هذا الأمر ، وقضت محكمة أول درجة باعتبار الأمر الجنائي نهائياً واجب التنفيذ ، فاستأنف هذا الحكم ، وقضت محكمة ثاني درجة حضورياً بعدم جواز الاستئناف ، وألزمته المصاريف . لما كان ذلك ، وكان الشارع قد هدف من تطبيق نظام الأوامر الجنائية في الجرائم التي عينها إلى تبسيط إجراءات الفصل في تلك الجرائم ، وسرعة البت فيها ، وهو وإن كان قد رخص في المادة 327 من قانون الإجراءات الجـنائـية ، المعـدل بالقانون رقم 153 لسنة 2007 - للنيابة العامة ولباقي الخصوم أن يعلنوا عدم قبولهم للأمر الجنائي الصادر من القاضي أو من النيابة العامة – بتقرير في قلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة فيما يتعلق بالأمر الصادر من القاضي طبقاً للمادة 323 مكرراً من هذا القانون ، وبتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح في غير هذه الحالات وذلك في ظرف عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر بالنسبة للنيابة العامة ومن تاريخ إعلانه بالنسبة لباقي الخصوم ، ورتب على ذلك التقرير سقوط الأمر واعتباره كأن لم يكن ، فإذا لم يحصل اعتراض على الأمر بالصورة المتقدمة أصبح نهائياً واجب التنفيذ ، إلا أنه نص في المادة 328 على أنه إذا حضر الخصم الذي لم يقبل الأمر الجنائي في الجلسة المحددة تنظر الدعوى في مواجهته طبقاً للإجراءات العادية ، وإذا لم يحضر تعود للأمر قوته ، ويصبح نهائياً واجب التنفيذ ، فدل بذلك على أن الاعتراض على الأمر الجنائي لا يعد من قبيل المعارضة في الأحكام الغيابية ، بل هو لا يعدو أن يكون إعلاناً من المعترض بعدم قبوله إنهاء الدعوى بتلك الإجراءات يترتب على مجرد التقرير به سقوط الأمر بقوة القانون واعتباره كأن لم يكن، غير أن نهائية هذا الأمر القانوني ترتبط بحضور المعترض بالجلسة المحددة لنظر اعتراضه ، فإن تخلف عنها عُدَّ اعتراضه غير جدي ، واستعاد الأمر قوته ، وأصبح نهائياً واجب التنفيذ ، مما مؤداه عدم جواز المعارضة فيه أو استئنافه رجوعاً إلى الأصل في شأنه . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن اعترض على الأمر الجنائي الصادر ضده بالغرامة بالصورة التي رسمها القانون ، ومثل بوكيل عنه بالجلسة الأولى المحددة لنظر اعتراضه ، وأبدى دفاعه - بما يرتب سقوط الأمر بقوة القانون ، واعتباره كأن لم يكن ، وهو ما كان يتعين معه على محكمة أول درجة أن تنظر الدعوى في مواجهته طبقاً للإجراءات العادية - وإن تخلف عن الحضور فيها في الجلسات اللاحقة ، أما وأنها قد قضت باعتبار الأمر الجنائي نهائياً واجب التنفيذ ، فإن حكمها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى ، وكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تقضي في الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم بإلغائه ، وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها ، أما وهي لم تفعل ، وفوتت على المتهم الدرجة الأولى من درجتي التقاضي بقضائها بعدم جواز نظر الاستئناف ، فإنها بدورها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها عملاً بالحق المقرر لمحكمة النقض بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض دون حاجة لبحث أوجه الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 18793 لسنة 83 ق جلسة 11 / 3 / 2014 مكتب فني 65 ق 14 ص 153

جلسة 11 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد الباري سليمان نائب رئيـس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أسامة توفيق عبد الهادي ، مجدي عبد الحليم وإبراهيم عبد الله نواب رئيس المحكمة وإيهاب علي خليف.
----------
(14)
الطعن 18793 لسنة 83 ق
(1) إثبات " شهود " " خبرة " . أهلية . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " ما يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
عدم قبول شهادة الشاهد إن كان غير مميز . ولو على سبيل الاستدلال . أساس ذلك ؟
الطعن ببطلان أقوال المجني عليها للمرض النفسي . يوجب بحث إدراكها العام وخصائص إرادتها للاستيثاق من قدرتها على تحمل الشهادة وقت أدائها لها . قعود المحكمة عن ذلك وتعويلها على شهادتها في قضائها بالإدانة . خطأ في القانون . ولو أوردت عليها أدلة أخرى . علة ذلك ؟
مثال .
(2) قانون " تفسيره " . إثبات " خبرة " " شهود " . أهلية . فقد الأوراق . محكمة النقض " سلطتها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " ما يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
المريض النفسي وفقاً للمادة الأولى من القانون 71 لسنة 2009 . تعريفه ؟
تحديد ماهية المريض النفسي وبيان مدى تكامل أهليته لأداء الشهادة . مسألة فنية بحتة . وجوب تحقيقها عن طريق المختص فنياً .
الشهادة . هي تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه . مناط التكليف فيها . هو القدرة على أدائها . عدم قبول الشهادة من الشخص الغير قادر على التمييز .
حرق المستندات والحوافظ المقدمة من الطاعن تأييداً لدفاعه القائم على عدم التعويل على رواية المجني عليها لإصابتها بهلاوس ومرض نفسي . يوجب تصديق محكمة النقض لقوله بقيام هذا الدليل في الأوراق . التفات الحكم المطعون فيه عن تحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق الطبيب النفسي ولو لم يطلب الدفاع ذلك صراحة وتعويله على شهادة المجني عليها . فساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع . يوجب نقضه والإعادة . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع الأول عن الطاعن قال إن المجني عليها قررت بالتحقيقات بأنها كانت مخطوبة منذ خمس سنوات وكانت تشكو من حالة نفسية وذهبت إلى أطباء كثيرة لعلاج هذه الحالة ، ثم قدم حافظتي مستندات قرر أنها تضم رأي طبيب نفسي وشرعي يفيد عدم التعويل على رواية المبلغة لأنها مصابة بهلاوس ، كما أضاف الرابع دفعاً ببطلان أقوال المجني عليها للمرض النفسي ، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وعول في قضائه بالإدانة - من بين ما عول عليه - على أقوال المجني عليها ، أورد منها في مدوناته أنه تم فسخ خطوبتها فساءت نفسيتها ، فلجأت للمتهم بعد أن قرر لها الأطباء عدم وجود مرض عضوي بها ، وأضافت بأنه كان يطلب منها ارتداء قمصان النوم المثيرة ويشترط الاختلاء بها بحجرة نومها .... وقام بإطلاق البخور والنفخ في وجهها حتى تفقد وعيها ، وقام باحتضانها وبملامسة مواطن عفتها ، وقام بوضع هاتفه المحمول بفرجها بعد رفضها وضع أصابعه داخل فرجها ، وأفهمها أنه قام بعمل ربط لها بحيث لا تستطيع الزواج بغيره .... وكانت تخاله متواجداً معها بحجرتها وتصاب بالصداع لا يزول إلا بالذهاب إليه ورؤيته ولو من بعيد . لما كان ذلك ، وكانت المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه : " لا يجوز رد الشاهد ولو كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلا أن يكون غير قادر على التمييز بسبب هرم أو حداثة أو مرض أو لأي سبب آخر " ، مما مفاده أنه يجب للأخذ بشهادة الشاهد أن يكون مميزاً ، فإن كان غير مميز فلا تقبل شهادته ولو على سبيل الاستدلال ؛ إذ لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة ، وإذ كان الطاعن قد طعن ببطلان أقوال المجني عليها للمرض النفسي بيد أن المحكمة قعدت عن بحث إدراكها العام أو خصائص إرادتها استيثاقاً من قدرتها على تحمل الشهادة وقت أدائها لها ، وعولت على شهادتها في قضائها بالإدانة ، فإن حكمها يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال معيباً بمخالفة القانون ، ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى ؛ إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم ، بما يتعين معه إعادة النظر في كفاية باقي الأدلة لدعم الاتهام .
2- لما كانت المادة الأولى الواردة في الباب الأول من القانون رقم 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي والمعمول به اعتباراً من 14 من مايو سنة 2009 قد نصت على أنه : " في تطبيق أحكام هذا القانون ، يقصد بالكلمات والعبارات الآتية المعاني المبينة قرين كل منها : أ - ....ب- المريض النفسي الشخص الذي يعاني من اضطراب نفسي (عُصابي) أو عقلي (ذُهاني) ج– الاضطراب النفسي أو العقلي : هو اختلال أي من الوظائف النفسية أو العقلية لدرجة تحد من تكيف الفرد مع بيئته الاجتماعية ، ولا يشمل الاضطراب النفسي أو العقلي من لديه فقط الاضطرابات السلوكية دون وجود مرض نفسي أو عقلي واضح ، د ، هـ ، و، ز ، ح ، ط " ، فإن مفاد هذا النص في واضح عبارته وصريح دلالته ، وعنوان الفصل الذي وضع فيه - في شأن نطاق تطبيق القانون وتعريفاته - أن المريض النفسي هو الإنسان الذي يعاني من اضطراب نفسي " عُصابي " أو عقلي " ذُهاني " ولا يعتبر مريض نفسي من يعاني فقط من الاضطرابات السلوكية دون وجود مرض نفسي أو عقلي واضح ، ومن ثم فإن تحديد ماهية المريض النفسي وصولاً إلى عدم تكامل أهليته أو تكاملها لأداء الشهادة يعتبر من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها ، بل يتعين عليها تحقيقها عن طريق المختص فنياً ، ولما كان من المقرر أن الأصل في الشهادة هي تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه ، وهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها العقل والتمييز ؛ إذ إن مناط التكليف فيها هو القدرة على أدائها ، ومن ثم فلا يمكن أن تقبل الشهادة من مجنون أو صبي أو غير ذلك مما يجعل الشخص غير قادر على التمييز . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد أثار بأسباب طعنه بأن المحكمة لم تفطن لدفاعه المؤيد بالمستندات والقائم على عدم التعويل على رواية المجني عليها لأنها مصابة بهلاوس ومرض نفسي ، وكان ملف الطعن قد تضمن إفادة من نيابة .... الكلية تفيد حرق الحوافظ والمستندات المقدمة بالكامل وأن جوانب القضية والتحقيقات قد تم حرقها وذلك في أحداث حريق مجمع المحاكم بـ .... في .... ، وحتى لا يضار الطاعن - لسبب لا دخل لإرادته فيه - فإنه لا يكون في وسع هذه المحكمة - محكمة النقض - إلا أن تصدقه بقوله في قيام هذا الدليل في الأوراق ولم تفطن له المحكمة ولم تعرضه ولم تُدل المحكمة برأيها فيه ، رغـم كونه دفاعاً جوهرياً في صورة الدعوى ومـؤثراً في مصيرها ؛ إذ قد يترتب على تحقيقه تغير وجه الرأي فيها ، فقد كان يتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل تحقيقها بلوغاً إلى غايـة الأمر فيها ، وذلك عن طريق المختص فنياً - الطبيب النفسي - أما وهي لم تفعل ذلك فإنها تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفني في مسألة فنية ، ولا يقدح في هذا الشأن أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة ؛ ذلك بأن إثارة هذا الدفاع - في خصوص الواقعة المطروحة - يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه أو الرد عليه . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم يكون قد فسد استدلاله بتعويله على تلك الشهادة ، فضلاً عما تردى فيه من إخلال بحق الطاعن في الدفاع ومخالفة القانون ، مما يتعين معه نقضه والإعادة ، بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثير من أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : هتك عرض / .... بالقوة بأن ادعى بقدرته على علاجها بالقرآن الكريم من حالة نفسية اعترتها استغلها في ارتياد مسكنها مرات عدة إحداها بشهر رمضان المعظم طالباً منها عدم ارتداء ملابسها الداخلية ، وأصَّر على الاختلاء بها بغرفة نومها ، وفيها مارس عليها طقوساً من التمتمة بكلمات وقراءات وإشعال البخور بكثافة مرسخاً لديها يقينياً بإصابتها بمس شيطاني سكن مواطن العفة منها ، مما كان له أبلغ الأثر في سلب إرادتها وشل مقاومتها بما مكَّنه من تحسس صدرها وفخذيها وفرجها الذي أولج فيه هاتفه المحمول واحتضنها مراوداً إياها عن نفسها حال كونه ممن لهم سلطة عليها ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت المجني عليها / .... مدنياً قبل المتهم بأن يؤدى لها مبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 267/2 ، 268/1، 2 من قانون العقوبات ، أولاً : بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات عما أسند إليه . ثانياً : بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض المجني عليها بالقوة حال كونه ممن له سلطة عليها ، قد شابه فساد في الاستدلال ، وخالف القانون ، وانطوى على إخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه عول في الإدانة على شهادة المجني عليها برغم ما تمسك به الدفاع من بطلانها لأنها مصابة بمرض نفسي ، ودون أن يعنى بتحقيق هذا الدفاع بواسطة المختص فنياً وبرغم ما قدمه من مستندات تدليلاً على صحته ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع الأول عن الطاعن قال إن المجني عليها قررت بالتحقيقات بأنها كانت مخطوبة منذ خمس سنوات وكانت تشكو من حالة نفسية وذهبت إلى أطباء كثيرة لعلاج هذه الحالة ، ثم قدم حافظتي مستندات قرر أنها تضم رأي طبيب نفسي وشرعي يفيد عدم التعويل على رواية المبلغة لأنها مصابة بهلاوس ، كما أضاف الرابع دفعاً ببطلان أقوال المجني عليها للمرض النفسي ، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وعول في قضائه بالإدانة - من بين ما عول عليه - على أقوال المجني عليها ، أورد منها في مدوناته أنه تم فسخ خطوبتها فساءت نفسيتها ، فلجأت للمتهم بعد أن قرر لها الأطباء عدم وجود مرض عضوي بها ، وأضافت بأنه كان يطلب منها ارتداء قمصان النوم المثيرة ويشترط الاختلاء بها بحجرة نومها .... وقام بإطلاق البخور والنفخ في وجهها حتى تفقد وعيها ، وقام باحتضانها وبملامسة مواطن عفتها ، وقام بوضع هاتفه المحمول بفرجها بعد رفضها وضع أصابعه داخل فرجها ، وأفهمها أنه قام بعمل ربط لها بحيث لا تستطيع الزواج بغيره .... وكانت تخاله متواجداً معها بحجرتها وتصاب بالصداع لا يزول إلا بالذهاب إليه ورؤيته ولو من بعيد . لما كان ذلك ، وكانت المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه : " لا يجوز رد الشاهد ولو كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلا أن يكون غير قادر على التمييز بسبب هرم أو حداثة أو مرض أو لأي سبب آخر " ، مما مفاده أنه يجب للأخذ بشهادة الشاهد أن يكون مميزاً ، فإن كان غير مميز فلا تقبل شهادته ولو على سبيل الاستدلال ؛ إذ لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة ، وإذ كان الطاعن قد طعن ببطلان أقوال المجني عليها للمرض النفسي بيد أن المحكمة قعدت عن بحث إدراكها العام أو خصائص إرادتها استيثاقاً من قدرتها على تحمل الشهادة وقت أدائها لها ، وعولت على شهادتها في قضائها بالإدانة ، فإن حكمها يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال معيباً بمخالفة القانون ، ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى ؛ إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم ، بما يتعين معه إعادة النظر في كفاية باقي الأدلة لدعم الاتهام ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، لما كانت المادة الأولى الواردة في الباب الأول من القانون رقم 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي والمعمول به اعتباراً من 14 من مايو سنة 2009 قد نصت على أنه : " في تطبيق أحكام هذا القانون ، يقصد بالكلمات والعبارات الآتية المعاني المبينة قرين كل منها : أ - .... ب- المريض النفسي الشخص الذي يعاني من اضطراب نفسي (عُصابي) أو عقلي (ذُهاني) ج– الاضطراب النفسي أو العقلي : هو اختلال أي من الوظائف النفسية أو العقلية لدرجة تحد من تكيف الفرد مع بيئته الاجتماعية ، ولا يشمل الاضطراب النفسي أو العقلي من لديه فقط الاضطرابات السلوكية دون وجود مرض نفسي أو عقلي واضح ، د ، هـ ، و، ز ، ح ، ط " ، فإن مفاد هذا النص في واضح عبارته وصريح دلالته ، وعنوان الفصل الذي وضع فيه - في شأن نطاق تطبيق القانون وتعريفاته - أن المريض النفسي هو الإنسان الذي يعاني من اضطراب نفسى " عُصابي " أو عقلي " ذُهاني " ولا يعتبر مريض نفسي من يعاني فقط من الاضطرابات السلوكية دون وجود مرض نفسي أو عقلي واضح ، ومن ثم فإن تحديد ماهية المريض النفسي وصولاً إلى عدم تكامل أهليته أو تكاملها لأداء الشهادة يعتبر من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها ، بل يتعين عليها تحقيقها عن طريق المختص فنياً ، ولما كان من المقرر أن الأصل في الشهادة هي تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه ، وهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها العقل والتمييز ؛ إذ إن مناط التكليف فيها هو القدرة على أدائها ، ومن ثم فلا يمكن أن تقبل الشهادة من مجنون أو صبي أو غير ذلك مما يجعل الشخص غير قادر على التمييز . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد أثار بأسباب طعنه بأن المحكمة لم تفطن لدفاعه المؤيد بالمستندات والقائم على عدم التعويل على رواية المجني عليها لأنها مصابة بهلاوس ومرض نفسي ، وكان ملف الطعن قد تضمن إفادة من نيابة ..... الكلية تفيد حرق الحوافظ والمستندات المقدمة بالكامل وأن جوانب القضية والتحقيقات قد تم حرقها وذلك في أحداث حريق مجمع المحاكم بـ .... في .... ، وحتى لا يضار الطاعن - لسبب لا دخل لإرادته فيه - فإنه لا يكون في وسع هذه المحكمة - محكمة النقض - إلا أن تصدقه بقوله في قيام هذا الدليل في الأوراق ولم تفطن له المحكمة ولم تعرضه ولم تُدل المحكمة برأيها فيه ، رغـم كونه دفاعاً جوهرياً في صورة الدعوى ومـؤثراً في مصيرها ؛ إذ قد يترتب على تحقيقه تغير وجه الرأي فيها ، فقد كان يتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل تحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها ، وذلك عن طريق المختص فنياً - الطبيب النفسي - أما وهي لم تفعل ذلك فإنها تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفني في مسألة فنية ، ولا يقدح في هذا الشأن أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة ؛ ذلك بأن إثارة هذا الدفاع - في خصوص الواقعة المطروحة - يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه أو الرد عليه . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم يكون قد فسد استدلاله بتعويله على تلك الشهادة ، فضلاً عما تردى فيه من إخلال بحق الطاعن في الدفاع ومخالفة القانون ، مما يتعين معه نقضه والإعادة ، بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثير من أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ