جلسة 27 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة / عبد التواب أبو طالِب ، علاء البغدادي ومحمد فريد بعث الله نواب رئيس المحكمة وجلال عزت .
---------------
(19)
الطعن 13648 لسنة 4 ق
(1) رجال السلطة العامة . محال عامة . تلبس .
تفتيش " التفتيش بغير إذن " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش
" .
لرجل السلطة العامة في دائرة اختصاصه دخول المحال
العامة أو المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ
القانون واللوائح . له أن يضبط الجرائم التي يشاهدها في حالة تلبس . أساس ذلك ؟
مثال لتدليل سائغ في اطراح الدفع ببطلان التفتيش لكون مكان الضبط
جمعية خاصة تم تفتيشه دون إذن من النيابة العامة .
(2) محال عامة . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة في المحال العامة . ليست
بالأسماء التي تعطى لها . ولكن بحقيقة الواقع من أمرها .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟
المنازعة في أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره لحقيقة
المكان الذي ضبط به الطاعنان . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(3) إثبات "
بوجه عام " " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير
الدليل " .
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي . ولو حملته أوراق
رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
مثال .
(4) إثبات " بوجه عام " . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . كحول . إجراءات" إجراءات المحاكمة " .
العبرة في المحاكمات
الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . ما
دام
له مأخذه الصحيح من الأوراق .
إثبات الجرائم على اختلاف أنواعها بكافة طرق
الإثبات . جائز . إلا ما استثني بنص خاص . مطالبة
القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين . غير مقبول .
النعي بعدم جواز إثبات أن
السوائل المضبوطة هي خمور بغير تحليل فني . جدل موضوعي . إثارته أمام محكمة النقض . غير جائز.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب
منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
(5) إثبات "
بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع
" الدفع بنفي التهمة " . كحول .
عدم التزام المحكمة بتعقب
المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها . استفادة الرد عليها ضمناً من
القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت السائغة التي أوردتها .
عدم التزام المحكمة مناقشة كل
الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع . استناد الحكم
إلى أدلة الإدانة التي أوردها . يتضمن اطراحه لدفاع المتهم بنفي التهمة .
إيراد الحكم أن المتهمين يقدمان
الخمور لرواد الجمعية محل الضبط . كفايته لاطراح الدفاع القائم على أن الخمور
المضبوطة خاصة برواد هذا المكان ويقومون بإحضارها بمعرفتهم .
(6) إجراءات "
إجراءات المحاكمة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
محكمة ثاني درجة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب
التحقيق الذي يبديه الدفاع أو الرد عليه بعد حجز الدعوى للحكم . ولو طلب ذلك في
مذكرة مصرح له بتقديمها . ما دام لم يطلبه بجلسة المحاكمة .
النعي على المحكمة قعودها عن
إجراء تحقيق لم يتمسك به الطاعن . غير مقبول . علة ذلك ؟
محكمة ثاني درجة . تحكم على
مقتضى الأوراق . لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه . عدم
التزامها بسماع الشهود إلا من كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة .
سكوت دفاع الطاعن عن التمسك بطلب سماع أقوال شاهد
النفي أمام محكمة أول درجة . يوجب اعتباره متنازلاً عنه وإن أبداه أمام المحكمة
الاستئنافية .
(7) إجراءات "
إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
قرار
المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة . تحضيري . لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل
على تنفيذه . لها أن تعدل عنه .
مثال .
(8)
دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على المحكمة
عدم الرد على دفع لم يثر أمامها . غير جائز .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحُكْم
المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان التفتيش لكون مكان الضبط جمعية خاصة وَتم تفتيشه
دون إذن مِنْ النيابة العامة وَاطرحه بقوله : " فمردود بأنه لما كان الثابت
أن المَحْكَمَّة قد اطمأنت إلى استغلال المتهمين للمنشأة محل وَاقعة الضبط كمحل
عام يجوز للكافة دخوله عقب شراء التذاكر
المخصصة لهذا الغرض ، وَذلك على النحو المتقدم بيانه ، فإنه يكون مِنْ حق
رجال الضبط المختصين دخول ذلك المكان لمراقبة تطبيق القوانين وَاللوائح داخله ،
فإن اكتشفوا وقوع جريمة آنذاك تحققت حالة التلبس في حق مرتكبها ، الأمر الذي يضحى
معه الدفع المبدى مِنْ الحاضر عن المتهمين ببطلان إجراءات الضبط وَالتفتيش ، وَعلى
النحو المشار إليه قائماً على غير أساس تلتفت عنه المَحْكَمَّة " ، فإن هذا
الذي أثبته الحُكْم يجعل مِنْ الجمعية .... محلاً عاماً يغشاه الجمهور بلا تفريق ،
فإذا دخله أحد رجال الضبط بغير إذن مِنْ النيابة العامة كان دخوله مبرراً ؛ لما هو
مقرر من أن لرجل السلطة العامة في دائرة اختصاصه دخول المحال العامة أو المفتوحة
للجمهور لمراقبة تنفيذ القانون وَاللوائح وَهو إجراء إداري أكدته المادة 41 من
القانون 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة ، وَيكون له تبعاً لذلك أن يضبط
الجرائم التي يشاهدها في حالة تلبس .
2- مِنْ المقرر أن
العبرة في المحال العامة ليست بالأسماء التي تعطى لها ، وَلكن بحقيقة الواقع مِنْ
أمرها ، وَكان الحُكْم المطعون فيه قد أثبت أخذاً بأقوال ضابط الواقعة بمحضر الضبط
أن المكان الذى ضُبِطَ به الطـَّـاْعِنان هو محل عام يغشاه الجمهور بلا تفريق وَلا تمييز بينهم بمجرد الحصول على تذكرة الدخول ، وَكان الأصل أن مِنْ حق مَحْكَمَّة
الموضوع أن تستخلص مِنْ أقوال الشهود وَسائر العناصر المطروحة على بساط
البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وَأن تطرح ما
يخالفها مِنْ صور أخرى ، ما دام استخلاصها
سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل وَالمنطق ، وَلها أصلها في الأوراق ، وَكان وَزن أقوال الشهود وَتقديرها مرجعه إلى
مَحْكَمَّة الموضوع ، تنزله المنزلة التي تراها ، وَتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وَإذا ما كان الأصل أنه متى أخذت
المَحْكَمَّة بأقوال الشاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي
ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وَكانت المَحْكَمَّة قد اطمأنت إلى أقوال
شاهد الإثبات وَصحة تصويره لحقيقة المكان الذي ضبط به الطـَّـاْعِنين ، فإن ما
يثيره الطـَّـاْعِنان مِنْ منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير
الدليل ، وَهو ما تستقل به مَحْكَمَّة الموضوع ، وَلا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة
عقيدتها في شأنه أمام مَحْكَمَّة النـَّـقْض .
3- مِنْ المقرر أن
للمَحْكَمَّة أن تلتفت عن دليل النفي وَلو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في
العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحُكْم
التفاته عما وَرد بالمستندات الرسمية التي تساند إليها الطـَّـاْعِنان - على فرض
صحتها - تأكيداً لدفاعهما يكون غير سديد .
4- لما كانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع
القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته مِنْ أي دليل أو قرينة
يرتاح إليها ، ما دام أن هذا الدليل له مأخذه
الصحيح مِنْ أوراق الدعوى ، فالجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثنى بنص خاص
- جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية
، فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين
، فإن منعى الطـَّـاْعِن الأول عن عدم جواز إثبات أن السوائل المضبوطة هي خمور
بغير تحليل فني لا يكون مقبولاً ، وَينحل في حقيقته إلى مجرد جدل موضوعي في سلطة المَحْكَمَّة في تقدير أدلة الدعوى ،
مما لا يجوز إثارته أمام مَحْكَمَّة النـَّـقْض ، هذا
فضلاً عن أن محاضر جلسات المحاكمة خلت مِنْ طلب الطـَّـاْعِن الأول في هذا الخصوص
، فلا يكون له مِنْ بعد أن ينعى على
المَحْكَمَّة قعودها عن القيام بإجراء تحقيق لم يطلبه منها ، وَلم تر هي حاجة
لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى محضــــر الضبط مِنْ أن الطـَّـاْعِنين يقدمان الخمور
لرواد المنشأة محل الضبط ، وَيكون منعى الطـَّـاْعِن الأول في هذا الخصوص غير سديد
.
5- لما كان ما ينعاه
الطـَّـاْعِن الأول مِنْ اطراح الحُكْم المطعون فيه دفاعه القائم على أن الخمور
المضبوطة خاصة برواد المكان وَأعضاء الجمعية ، وَالتي يقومون بإحضارها بمعرفتهم مردود
بما هو مقرر مِنْ أن المَحْكَمَّة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه
الموضوعي ، وَفى كل شبهة يثيرها ، وَالرد على ذلك ما دام الرد مستفاداً ضمناً مِنْ
القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحُكْم ، وَلأن
المَحْكَمَّة لا تلتزم بأن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع عن الطـَّـاْعِن الأول ، كما أن استناد الحُكْم
المطعون فيه إلى أدلة الإدانة التي أوردها يتضمن اطراحه لدفاع المتهم على نفي التهمة ، وَلما كان
الحُكْم قد أورد مؤدى محضر الضبط وَالذي انتهى
إلى أن المتهمين يقدمان الخمور لرواد الجمعية .... - محل الضبط - فإن ما
نعاه الطـَّـاْعِن الأول على الحُكْم في هذا الشأن لا يكون له محل .
6- لما كانت
المَحْكَمَّة لا تلتزم بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه الدفاع أو الرد عليه بعد حجز
الدعوى للحُكْم ، وَلو طلب ذلك في مذكرة مصرح
له بتقديمها ما دام أنه لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة ، وَما كان له أن ينعى
على المَحْكَمَّة قعودها عن إجراء تحقيق لم يتمسك به ، ذلك أن سكوت الدفاع عن طلب سماع شاهد وَمواصلته المرافعة دون إصرار على طلب
سماعه ، إنما يفيد أنه قد نزل عنه ضمناً ، وَمن ثم فهو لا يستأهل مِنْ
المَحْكَمَّة رداً وَلا تعقيباً ، وَأن مَحْكَمَّة ثاني درجة إنما تحُكْم في الأصل
على مقتضى الأوراق ، وَهي لا تجري مِنْ التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه ،
وَلا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام مَحْكَمَّة أول درجة ،
فإذا لم تر مِنْ جانبها حاجة إلى سماعهم وَكان المدافع عن الطـَّـاْعِن الأول وَإن
أبدى طلب سماع أقوال شاهد النفي أمام المَحْكَمَّة الاستئنافية - بفرض إبدائه -
فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسبق سكوت المتهم عن التمسك به أمام مَحْكَمَّة أول درجة
، وَمن ثم فإن ما يثيره الطـَّـاْعِن الأول في هذا الخصوص يكون بدوره غير سديد .
7- لما كان لا تثريب
على المَحْكَمَّة إن هي قررت مِنْ تلقاء نفسها إعادة الدعوى للمرافعة لضم أصل تقرير المعمل وَالحرز المضبوط ، وَلإعلان
الضابط محرر محضر الضبط ، ثم عدلت عن قرارها ؛ ذلك لأن القرار الذي تصدره
المَحْكَمَّة في مجال تجهيز الدعوى وَجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً
لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق ، وَإذا
كان الطـَّـاْعِن الأول لم يدع في طـَّـعْنه
أنه تمسك في ختام مرافعته بضم أصل تقرير المعمل وَالحرز المضبوط ، وَسماع شاهد الإثبات في الدعوى ، فإن منعاه
على الحُكْم مِنْ هذه الناحية لا يكون له وَجه .
8- لما كانت محاضر
جلسات المحاكمة بدرجتيها قد خلت مِنْ دفاع للطـَّاْعِـن
الثاني بـخصـوص دفعه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة ، مما لا
يحل له مِنْ بعد النعي على الحُكْم بعدم الرد على دفع لم يثره أمام المَحْكَمَّة ،
وَمن ثم فإن نعي الطـَّاْعِن الثاني في هذا الخصوص يكون على غير أساس .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحَيْثُ إنَّ الحُكْم
المطعون فيه بيَّن وَاقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي
دان الطـَّاْعِنين بها ، وَأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة مِنْ شأنها أن تؤدي
إلى ما رتبه الحُكْم عليها ، لما كان الحُكْم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان
التفتيش لكون مكان الضبط جمعية خاصة وَتم تفتيشه دون إذن مِنْ النيابة العامة
وَاطرحه بقوله : " فمردود بأنه لما كان الثابت أن المَحْكَمَّة قد اطمأنت إلى
استغلال المتهمين للمنشأة محل وَاقعة الضبط كمحل عام يجوز للكافة دخوله عقب شراء
التذاكر المخصصة لهذا الغرض ، وَذلك على النحو المتقدم بيانه ، فإنه يكون مِنْ حق
رجال الضبط المختصين دخول ذلك المكان لمراقبة تطبيق القوانين وَاللوائح داخله ،
فإن اكتشفوا وقوع جريمة آنذاك تحققت حالة التلبس في حق مرتكبها ، الأمر الذي يضحى
معه الدفع المبدى مِنْ الحاضر عن المتهمين ببطلان إجراءات الضبط وَالتفتيش ، وَعلى
النحو المشار إليه قائماً على غير أساس تلتفت عنه المَحْكَمَّة " ، فإن هذا
الذي أثبته الحُكْم يجعل مِنْ الجمعية .... محلاً عاماً يغشاه الجمهور بلا تفريق ،
فإذا دخله أحد رجال الضبط بغير إذن مِنْ النيابة العامة كان دخوله مبرراً ؛ لما هو
مقرر من أن لرجل السلطة العامة في دائرة اختصاصه دخول المحال العامة أو المفتوحة
للجمهور لمراقبة تنفيذ القانون وَاللوائح وَهو إجراء إداري أكدته المادة 41 من
القانون 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة ، وَيكون له تبعاً لذلك أن يضبط
الجرائم التي يشاهدها في حالة تلبس . لما كان ذلك ، وَكان مِنْ المقرر أن العبرة
في المحال العامة ليست بالأسماء التي تعطى لها ، وَلكن بحقيقة الواقع مِنْ أمرها ،
وَكان الحُكْم المطعون فيه قد أثبت أخذاً بأقوال ضابط الواقعة بمحضر الضبط أن
المكان الذى ضُبِطَ به الطـَّـاْعِنان هو محل عام يغشاه الجمهور بلا تفريق وَلا
تمييز بينهم بمجرد الحصول على تذكرة الدخول ، وَكان الأصل أن مِنْ حق مَحْكَمَّة
الموضوع أن تستخلص مِنْ أقوال الشهود وَسائر العناصر المطروحة على بساط البحث
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها
، وَأن تطرح ما يخالفها مِنْ صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل وَالمنطق ، وَلها أصلها في الأوراق
، وَكان وَزن أقوال الشهود وَتقديرها مرجعه إلى مَحْكَمَّة الموضوع ، تنزله
المنزلة التي تراها ، وَتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وَإذا ما كان
الأصل أنه متى أخذت المَحْكَمَّة بأقوال الشاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وَكانت المَحْكَمَّة قد
اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وَصحة تصويره لحقيقة المكان الذي ضبط به
الطـَّـاْعِنين ، فإن ما يثيره الطـَّـاْعِنان مِنْ منازعة في هذا الصدد ينحل إلى
جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وَهو ما تستقل به مَحْكَمَّة الموضوع ، وَلا تجوز
مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام مَحْكَمَّة النـَّـقْض . لما كان ذلك
، وَكان مِنْ المقرر أن للمَحْكَمَّة أن تلتفت عن دليل النفي وَلو حملته أوراق
رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم
مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحُكْم التفاته عما وَرد
بالمستندات الرسمية التي تساند إليها الطـَّاْعِنان - على فرض صحتها - تأكيداً
لدفاعهما يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وَكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي
باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته مِنْ أي دليل
أو قرينة يرتاح إليها ، ما دام أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح مِنْ أوراق الدعوى ،
فالجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثنى بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ، فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون
دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين ، فإن منعى الطـَّـاْعِن الأول
عن عدم جواز إثبات أن السوائل المضبوطة هي خمور بغير تحليل فني لا يكون مقبولاً ، وَينحل في حقيقته إلى مجرد جدل
موضوعي في سلطة المَحْكَمَّة في تقدير أدلة الدعوى ، مما لا يجوز إثارته
أمام مَحْكَمَّة النـَّـقْض ، هذا فضلاً عن أن محاضر جلسات المحاكمة خلت
مِنْ طلب الطـَّـاْعِن الأول في هذا الخصوص ، فلا يكون له مِنْ بعد أن ينعى على
المَحْكَمَّة قعودها عن القيام بإجراء تحقيق لم يطلبه منها ، وَلم تر هي حاجة
لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى محضر الضبط مِنْ أن الطـَّـاْعِنين يقدمان الخمور
لرواد المنشأة محل الضبط ، وَيكون منعى الطـَّـاْعِن الأول في هذا الخصوص غير سديد
. لما كان ذلك ، فإن ما ينعاه الطـَّـاْعِن الأول مِنْ اطراح الحُكْم المطعون فيه
دفاعه القائم على أن الخمور المضبوطة خاصة برواد المكان وَأعضاء الجمعية ، وَالتي
يقومون بإحضارها بمعرفتهم ، مردود بما هو مقرر مِنْ أن المَحْكَمَّة لا تلتزم
بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي ، وَفى كل شبهة يثيرها ، وَالرد على ذلك
ما دام الرد مستفاداً ضمناً مِنْ القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت
السائغة التي أوردها الحُكْم ، وَلأن المَحْكَمَّة لا تلتزم بأن تناقش كل الأدلة
الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع عن الطـَّـاْعِن الأول ، كما أن استناد الحُكْم المطعون فيه إلى أدلة الإدانة التي أوردها
يتضمن اطراحه لدفاع المتهم على نفي التهمة ، وَلما كان الحُكْم قد أورد
مؤدى محضر الضبط وَالذي انتهى إلى أن المتهمين يقدمان الخمور لرواد الجمعية .... -
محل الضبط - فإن ما نعاه الطـَّـاْعِن الأول على الحُكْم في هذا الشأن لا يكون له
محل . لما كان ذلك ، وَكانت المَحْكَمَّة لا تلتزم بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه
الدفاع أو الرد عليه بعد حجز الدعوى للحُكْم ، وَلو طلب ذلك في مذكرة مصرح له
بتقديمها ما دام أنه لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة ، وَما كان له أن ينعى على
المَحْكَمَّة قعودها عن إجراء تحقيق لم يتمسك به ، ذلك أن سكوت الدفاع عن طلب سماع
شاهد وَمواصلته المرافعة دون إصرار على طلب سماعه ، إنما يفيد أنه قد نزل عنه
ضمناً ، وَمن ثم فهو لا يستأهل مِنْ المَحْكَمَّة رداً وَلا تعقيباً ، وَأن
مَحْكَمَّة ثاني درجة إنما تحُكْم في الأصل على مقتضى الأوراق ، وَهي لا تجري مِنْ
التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه ، وَلا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان
يجب سماعهم أمام مَحْكَمَّة أول درجة ، فإذا لم تر مِنْ جانبها حاجة إلى سماعهم
وَكان المدافع عن الطـَّاْعِن الأول وَإن أبدى طلب سماع أقوال شاهد النفي أمام
المَحْكَمَّة الاستئنافية – بفرض إبدائه - فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسبق
سكوت المتهم عن التمسك به أمام مَحْكَمَّة أول درجة ، وَمن ثم فإن ما يثيره
الطـَّـاْعِن الأول في هذا الخصوص يكون بدوره غير سديد . لما كان ذلك ، وَكان لا
تثريب على المَحْكَمَّة إن هي قررت مِنْ تلقاء نفسها إعادة الدعوى للمرافعة لضم أصل تقرير المعمل وَالحرز المضبوط ، وَلإعلان الضابط
محرر محضر الضبط ، ثم عدلت عن قرارها ؛ ذلك لأن القرار الذي تصدره
المَحْكَمَّة في مجال تجهيز الدعوى وَجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً
لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق ، وَإذا
كان الطـَّـاْعِن الأول لم يدع في طـَّـعْنه
أنه تمسك في ختام مرافعته بضم أصل تقرير المعمل وَالحرز المضبوط ، وَسماع شاهد الإثبات في الدعوى ، فإن منعاه
على الحُكْم مِنْ هذه الناحية لا يكون له وَجه . لما كان ذلك ، وَكانت محاضر جلسات
المحاكمة بدرجتيها قـد خلت مِـنْ دفاع للطـَّاعِـن الثاني
بخصوص دفعه عدم قـبول الدعوى لرفعها
على غير ذي صفة ، مما لا يحل له مِنْ بعد النعي على الحُكْم بعدم الرد على دفع لم
يثره أمام المَحْكَمَّة ، وَمن ثم فإن نعي الطـَّـاْعِن الثاني في هذا الخصوص يكون
على غير أساس . لما كان ما تقدم ، فإن الطـَّـعْن برمته يكون على غير أساس متعيناً
رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ