الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 10 مارس 2019

الطعن 2207 لسنة 56 ق جلسة 10 / 1 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 32 ص 172

جلسة 10 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار: نائب رئيس المحكمة عبد المنصف أحمد هاشم وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد الشهاوى.
------------
(32)
الطعن رقم 2207 لسنة 56 القضائية
 (1)اختصاص "الاختصاص الولائي"، تحكيم "هيئات التحكيم". دعوى، "دعوى الضمان".
اختصاص هيئات التحكيم. مناطه. أن يكون جميع أطراف النزاع ممن عددتهم المادة 60 ق 61 لسنة 1971. المقابلة للمادة 56 ق 97 لسنة 1983. وجود أشخاص طبيعيين أو أشخاص اعتبارية من بين أطراف النزاع بعد وقوعه إلى هيئات التحكيم. أثره. اختصاص المحاكم بنظره دون هيئات التحكيم. (مثال).
(2) محكمة الموضوع "تقدير الدليل".
محكمة الموضوع. سلطتها في فهم ما يحتويه المستند وتقدير ما يصلح للاستدلال به قانوناً متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(3) حكم "حجية الحكم الجنائي". تعويض.
الشهادة الصادرة من جدول الجنح بتقديم تابع الطاعنة للمحاكمة الجنائية بتهمتي التسبب بغير عمد في حصول حادث لإحدى وسائل النقل العام وإصابة المطعون ضده خطأ. وعقابه بعقوبة الجريمة الأشد بحكم صار باتاً. كفايتها للدلالة على ثبوت حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. علة ذلك.
(4)حكم "تسبيب الحكم عيوب التدليل: التناقض".
التناقض المبطل للحكم. ماهيته. اشتمال الحكم على أسباب تبرر قضاءه. النعي عليه بالتناقض لا محل له.
-------------
1 - النص في المادة 60 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بالمؤسسات العامة وشركات القطاع العام والتي تحكم واقعة النزاع والمقابلة للمادة 56 من القانون الحالي رقم 97 لسنة 1983، على أن تختص هيئات التحكيم دون غيرها بنظر المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها البعض، وبين شركة منها وبين جهة حكومية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة، مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يلزم لاختصاص تلك الهيئات أن يكون جميع أطراف النزاع ممن عددتهم المادة سالفة الذكر، وإذ كان الشارع قد أجاز لهيئات التحكيم أن تنظر أيضاً في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية، إلا أنها اشترطت قبول هؤلاء الأشخاص - بعد وقوع إحالته إلى التحكيم. وإذا كان الثابت في دعوى الضمان التي أقامتها الطاعنة - هيئة النقل العام بالقاهرة - أنها اختصت مع المطعون ضدها الثانية - شركة مصر للتأمين - تابعها السائق الذي ارتكب الحادث، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن هذا الشخص الأخير قد قبل بعد وقوع النزاع إحالته إلى التحكيم فإن الاختصاص بنظره يكون معقوداً لجهة القضاء العادي وليس لهيئات التحكيم.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن فهم ما يحتويه المستند من اطلاقات محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً، وتقدير ذلك فيما يصلح للاستدلال به قانوناً من سلطتها المطلقة بلا معقب عليها من محكمة النقض، والعبرة هي بأن يكون ما استخلصه الحكم من المستند واعتمد عليه في قضائه موافقاً للقانون.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن جريمتي التسبب بغير عمد في حصول حادث لإحدى وسائل النقل العام البرية والإصابة الخطأ الناشئة عن هذا الحادث، وليدتا نشاط إجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة الذي عناه الشارع بالحكم الوارد في المادة 32 من قانون العقوبات مما يوجب الحكم بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهي المقررة للجريمة الأولى، وأنه متى كان الحكم قد قضى على المتهم بعقوبة واحدة عن الجريمتين اللتين رفعتا بهما الدعوى العمومية فإنه يكون قد أعمل حكم المادة 32 من قانون العقوبات. وكان الثابت من الشهادة الرسمية الصادرة عن الجنحة رقم 452 لسنة 1974 قسم الأزبكية واستئنافها رقم 2429 لسنة 74 شمال القاهرة. أن تابع الطاعنة قدم إلى المحكمة الجنائية بتهمة تسببه بغير عمد في حصول حادث لإحدى وسائل النقل العامة البرية (الترام)، إصابة المطعون ضده الأول خطأ، وقضي بمعاقبته بعقوبة واحدة وهي الحبس مع الشغل لمدة أسبوعين وتأيد هذا الحكم استئنافياً ولم يطعن عليه بالنقض - مما مؤداه - أن الحكم أنزل عليه عقوبة الجريمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد إعمالاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات، وبالتالي فإن دلالة هذه الشهادة كافية في ثبوت حجية الحكم الجنائي المذكور أمام المحكمة المدنية باعتباره قد فصل فصلاً لازماً في الأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية وهو ثبوت خطأ التابع المذكور ورابطة السببية. بين هذا الخطأ وبين الضرر المحتمل في إصابة المطعون ضده الأول، وإذ كان الحكم الطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض على أساس من هذه الحجية استناداً إلى ما ورد بتلك الشهادة الرسمية فإنه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون.
4 - جرى قضاء هذه المحكمة على أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمله عليه، فإذا ما اشتملت أسباب الحكم على ما يكفي لحمله ويبرر وجه قضائه فلا محل للنعي عليه بالتناقض.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 873 لسنة 1977 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنة وتابعها/ جمعة إبراهيم عباس/ والشركة المطعون ضدها الثانية بأن يدفعوا إليه متضامن مبلغ 8000 جنيه وقال بياناً لذلك أن التابع المذكور أثناء قيادته تراماً مملوكاً للطاعنة اصطدم بترام آخر كان يسير أمامه وقد أصيب من جراء ذلك بإصابات تخلف لديه منها عاهة مستديمة، ولما كان التابع قد قضي بإدانته بحكم بات عن هذا الحادث في الجنحة رقم 452 لسنة 1974 - الأزبكية وكان قد حاقت به أضرار مادية وأدبية من جراء إصابته يقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان. أقامت الطاعنة دعوى فرعية على تابعها والمطعون ضدها الثانية وطلبت الحكم بإلزامها بأن يدفعا إليها ما عسى أن يقضى به عليها في الدعوى الأصلية. وبتاريخ 16 من ديسمبر 1985 قضت محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية بإثبات ترك المطعون ضده الأول للخصومة بالنسبة للتابع والمطعون ضدها الثانية وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده المذكور مبلغ 2500 جنيه وفي الدعوى الفرعية بعدم قبولها بالنسبة للمطعون ضدها الثانية وبإلزام التابع بأن يدفع إلى الطاعنة المبلغ المقضى به في الدعوى الأصلية. استأنفت الطاعنة الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 920 لسنة 103 قضائية. وبتاريخ 8 من مايو سنة 1986 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الأول مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن النزاع في دعوى الضمان الفرعية يدور بينها وبين الشركة المطعون ضدها الثانية وهي إحدى شركات القطاع العام، وكانت تلك الدعوى مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية وتختص بنظرها هيئات التحكيم عملاً بالمادة 60 من القانون رقم 61 لسنة 1971 والمادة 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983 وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبولها بالنسبة للشركة المطعون ضدها الثانية لعدم تقديم دليل التأمين لديها على وحدة الترام التي تسببت في الحادث بما ينطوي على قضاء ضمني باختصاص القضاء العادي بنظرها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن النص في المادة 60 من القانون رقم 61 لسنة 1971 الخاص بالمؤسسات العامة وشركات القطاع العام والتي تحكم واقعة النزاع والمقابلة للمادة 56 من القانون الحالي رقم 97 لسنة 1983، على أن تختص هيئات التحكيم دون غيرها بنظر المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها البعض، وبين شركة منها وبين جهة حكومية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة، مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يلزم لاختصاص تلك الهيئات أن يكون جميع أطراف النزاع ممن عددتهم المادة سالفة الذكر، وإذ كان الشارع قد أجاز لهيئات التحكيم أن تنظر أيضاً في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية إلا أنها اشترطت قبول هؤلاء الأشخاص - بعد وقوع النزاع - إحالته إلى التحكيم. وإذ كان الثابت في دعوى الضمان التي أقامتها الطاعنة - هيئة النقل العام بالقاهرة - أنها اختصت مع المطعون ضدها الثانية - شركة مصر للتأمين - تابعها - جمعة إبراهيم عباس السائق الذي ارتكب الحادث، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن هذا الشخص الأخير قد قبل بعد وقوع النزاع إحالته إلى التحكيم فإن الاختصاص بنظره يكون معقوداً لجهة القضاء العادي وليس لهيئات التحكيم. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في الدعوى الفرعية ما سلف بيانه فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بخطأ الحكم المستأنف في اعتداده بحجية الحكم الصادر في الجنحة رقم 452 لسنة 1974 الأزبكية واستئنافها برقم 2429 لسنة 74 س شمال القاهرة، استناداً إلى الشهادة المستخرجة من جدول جنح محكمة الأزبكية رغم أنها خلت من بيان ما إذا كانت العقوبة المقضى بها عن التهمتين الموجهتين إلى تابعها أم عن إحداهما فقط، ومن بيان الأسباب التي استندت إليها المحكمة الجنائية في القضاء بالإدانة للوقوف على الوقائع التي فصلت فيها وتكون الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية والوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، كما تمسكت بأنه لا يشفع للمطعون ضده الأول "دشت" الجنحة سالفة الذكر لأنه هو المكلف بإثبات دعواه، غير أن الحكم المطعون فيه لم يواجه هذا الدفاع بما يصلح للرد عليه عندما ذهب إلى أن نعيها على قضاء محكمة أول درجة هو في حقيقته جحد لشهادة صادرة من نيابة مختصة بإصدارها وهي ورقة رسمية لها حجية مطلقة قبل الكافة كان يتعين اتخاذ الطريق المناسب لإهدار حجيتها وهو الطعن عليها بالتزوير، وإذ أضيف إلى ذلك أنه أقام قضاءه على أن خطأ التابع كان السبب المباشر الذي أدى إلى الإضرار بالمجني عليه أورثه عاهة مستديمة، وأنه ارتكب هذا الخطأ أثناء أعمال وظيفته وبسببها دون أن يفصح عن المصدر الذي استقى ما أقام عليه قضاءه هذا، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن فهم ما يحتويه المستند من اطلاقات محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً، وتقرير ذلك فيما يصلح للاستدلال به قانوناً من سلطتها المطلقة بلا معقب عليها من محكمة النقض، والعبرة هي بأن يكون ما استخلصه الحكم من المستند واعتمد عليه في قضائه موافقاً للقانون - كما أنه من المقرر أن جريمتي التسبب بغير عمد في حصول حادث لإحدى وسائل النقل العام البرية والإصابة الخطأ الناشئة عن هذا الحادث، وليدتا نشاط إجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة الذي عناه الشارع بالحكم الوارد في المادة 32 من قانون العقوبات مما يوجب الحكم بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهي المقررة للجريمة الأولى. وأنه متى كان الحكم قد قضى على المتهم بعقوبة واحدة عن الجريمتين اللتين رفعت بهما الدعوى العمومية فإنه يكون قد أعمل حكم المادة 32 من قانون العقوبات، لما كان ذلك وكان الثابت من الشهادة الرسمية الصادرة عن الجنحة رقم 452 لسنة 1974 قسم الأزبكية واستئنافها رقم 2429 لسنة 1974 من شمال القاهرة. أن تابع الطاعنة قدم إلى المحكمة الجنائية بتهمة تسببه بغير عمد في حصول حادث لإحدى وسائل النقل العام البرية (الترام)، إصابة المطعون ضده الأول خطأ وقضى بمعاقبته بعقوبة واحدة وهي الحبس مع الشغل لمدة أسبوعين وتأييد هذا الحكم استئنافياً. ولم يطعن عليه بالنقض. مما مؤداه أن الحكم أنزل عليه عقوبة الجريمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد إعمالاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات، وبالتالي فإن دلالة هذه الشهادة كافية في ثبوت حجية الحكم الجنائي المذكور أمام المحكمة المدنية باعتباره قد فصل فصلاً لازماً في الأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية وهو ثبوت خطأ التابع المذكور ورابطة السببية بين هذا الخطأ وبين الضرر المتمثل في إصابة المطعون ضده الأول، وإذ كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالتعويض على أساس من هذه الحجية استناداً إلى ما ورد بتلك الشهادة الرسمية فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون وبحسبه ذلك، ولا يعيبه ما استطرد إليه تزيد بشأن تطلب الادعاء بتزوير تلك الشهادة إذ يستقيم الحكم بدونه، لما كان ما تقدم، وكان البين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بأن خطأ تابعها لم يكن هو السبب المباشر الذي أدى إلى الإضرار بالمجني عليه وأن التابع المذكور لم يرتكب هذا الخطأ أثناء تأدية أعمال وظيفته وبسببها، ومن ثم فإن النعي على ما أورده الحكم في هذا الشأن يضحى غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه السبب الثالث. التناقض، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه بعد أن قرر أن مدى الضرر المدعى بوقوعه غير ثابت عاد وقضى بتأييد الحكم المستأنف الذي قضى بتعويض المطعون ضده الأول عن ذلك الضرر وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح. ذلك بأن قضاء هذه المحكمة جرى على أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمله عليه، فإذا ما اشتملت أسباب الحكم على ما يكفي لحمله ويبرر وجه قضائه فلا محل للنعي عليه بالتناقض، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه قوله: ...... أما عن القول بأن القضاء المستأنف أجاب المستأنف عليه المضرور (المطعون ضده الأول) لطلبه بما قدره تعويضاً له رغم عجزه عن إثبات عناصر المسئولية الشخصية لتابعه.... تفسير صحيح لما هو ثابت من أن إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي كيفية حدوث الواقعة وظروفها... وإن أثبت المدعي تنازله عن حكم التحقيق فليس معناه عجزه عن الإثبات بما يستوجب رفض دعواه... ومن ناحية أخرى فإن منطوق حكم الإحالة إلى التحقيق وإن تطرق خطأ إلى تمكين المضرور من إثبات الخطأ والضرر والسببية وجميعها مما لا يجوز للمحكمة المدنية أن تعيد بحثه بعد سابقة حسمه بالحكم الجنائي البات الذي فصل فصلاً لازماً في وقوع جريمة إصابة المجني عليه خطأ بفعل قائد الترام.... لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف قد قضى جنائياً بمسئولية هيئة النقل العام (الطاعنة) عن الضرر الذي أصاب المجني عليه من جراء خطأ تابعها وأنه كان السبب المباشر الذي أدى إلى حصوله وأورثه عاهة مستديمة.... ومسئولية المستأنفة (الطاعنة) عن هذا الضرر لإركاب تابعها الجريمة التي ارتكبها أثناء تأديته لأعمال وظيفته وبسببها وأقام قضاءه على أسباب سليمة تحمله إلى ما انتهى إليه من نتائج تقره عليها... وتتخذها أسباباً لها... وكان البين من هذه الأسباب أن الحكم المطعون فيه وهو في سياق رده على أسباب الاستئناف لم ينفِ إصابة المطعون ضده الأول بثمة أضرار من جراء خطأ تابع الطاعنة، وأقام قضاءه بتوافر عناصر المسئولية التقصيرية في حق المذكور على حجية الحكم الجنائية الذي قضى بإدانته وما ثبت من تخلف عاهة مستديمة لدى المضرور، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي الذي ألزم الطاعنة بالتعويض عن الأضرار التي أصابت المطعون ضده الأول لا يكون معيباً بالتناقض ويضحى النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.

الطعن 1657 لسنة 56 ق جلسة 10 / 1 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 31 ص 167

جلسة 10 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار: نائب رئيس المحكمة عبد المنصف أحمد هاشم وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد العال السمان.
-----------
(31)
الطعن رقم 1657 لسنة 56 القضائية
(1، 2) محكمة الموضوع "مسائل الواقع" "تقدير الأدلة وتقدير أقوال الشهود"،. إثبات. إيجار. إيجار الأماكن: "الإيجار من الباطن" "ترك المستأجر للعين".
 (1)محكمة الموضوع. سلطتها في إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة أو تنازله عنها للغير أو تأجيرها من الباطن متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(2) قاضي الموضوع. سلطته في بحث الدلائل والمستندات المقدمة والموازنة بينها وترجيح شهادة شاهد على آخر ما دام لم يخرج بتلك الأقوال عما يؤدي إليه مدلولها.
 (3)إيجار، "إيجار الأماكن: التكليف بالوفاء"، نظام عام.
تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة. شرط أساسي لقبول دعوى الإخلاء للتأخير في سدادها. م18 ق 136 لسنة 1981. خلو الدعوى من التكليف أو وقوعه باطلاً. أثره. عدم قبولها. تعلق ذلك بالنظام العام.
--------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إثبات أو نفي واقعة ترك المستأجر للعين المؤجرة أو تنازله عنها للغير أو تأجيرها من الباطن من مسائل الواقع في الدعوى التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها دون معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع بحث ما يقدم له من دلائل ومستندات وموازنة بعضها بالبعض شاهد على الأخر وترجيح شهادة آخر ما دام لم يخرج بأقوال الشاهد عما يؤدي إليه مدلولها.
3 - مفاد نص المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التكليف بالوفاء المنصوص عليه في هذه المادة يعتبر شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في الوفاء بالأجرة فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى، إذ يعتبر عدم التكليف بالوفاء أو بطلانه متعلقاً بالنظام العام.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 161 لسنة 1983 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها إليها خالية، وقالت في بيان ذلك إنها بموجب عقد إيجار مؤرخ 21/ 8/ 1961 قامت بتأجير تلك الشقة إلى المطعون ضده الأول لقاء أجرة شهرية مقدارها 459 جنيه، وقد تأخر في سداد الإيجار المستحق عن الفترة من 1/ 10/ 1982 إلى 10/ 1/ 1983، وترك الإقامة فيها وأجرها من باطنه لآخرين فأنذرته بتاريخ 10/ 1/ 1983 بسداد الإيجار المستحق عليه ولما لم يستجب أقامت الدعوى بطلبيها سالفي البيان، تدخل المطعون ضده الثاني في الدعوى منضماً إلى المطعون ضده الأول في طلب الحكم برفضها على أساس أنه مستأجر أصلي للعين ويقيم بها معه منذ بدئ الإيجار، وبتاريخ 31 من يناير سنة 1984 قضت المحكمة بقبول تدخل المطعون ضده الثاني خصماً منضماً في الدعوى، وبعدم قبولها - في شقها الخاص بعدم سداد الأجرة وبإحالتها إلى التحقيق لإثبات ونفي واقعة التأجير من الباطن، وبعد أن استمعت لأقوال شهود الطرفين حكمت بتاريخ 11 من ديسمبر 1984 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 278 سنة 100ق، وبتاريخ 19/ 3/ 1986 حكمت بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه برفض دعواها في شقها الخاص بنزول المطعون ضده الأول عن شقة النزاع إلى المطعون ضده الثاني وتأجيرها له من الباطن على أنها عجزت عن الإثبات في حين أن دفاعها والمستندات التي قدمتها في الدعوى وأقوال شاهديها قاطعة في إثبات دعواها في هذا الخصوص بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إثبات أو نفي واقعة ترك المستأجر للعين المؤجرة أو تنازله عنها للغير أو تأجيرها من الباطن من مسائل الواقع في الدعوى التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها دون معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وأن لقاضي الموضوع بحث ما يقدم له من دلائل ومستندات وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح شهادة شاهد على شهادة آخر ما دام لم يخرج بأقوال الشاهد عما يؤدي إليه مدلولها، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بشأن تنازل المطعون ضده الأول عن شقة النزاع للمطعون ضده الثاني أو تأجيرها من الباطن على اطمئنان المحكمة لأقوال شاهدي المطعون ضده الأول، وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى ذلك قوله... لما كانت المحكمة قد أتاحت فرصة أخرى للمستأنفة، الطاعنة المكلفة بعبء إثبات دعواها بإحالة الاستئناف للتحقيق لإثبات واقعة التأجير من الباطن أو التنازل عن عين النزاع، وجاءت أقوال شاهديها عارية عن إثبات ما تدعيه.. الخ. فإن محكمة الموضوع تكون قد أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله وله أصله الثابت من الأوراق، والنعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي انتهى إليها الحكم مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بعدم قبول دعواها في شقها الخاص بعدم سداد الأجرة على سند من عدم سبق تكليف الطاعنة المطعون ضده الأول الوفاء بالأجرة المتأخرة، في حين أنها قدمت إنذاراً مودعاً تحت بند 6 بالحافظة رقم 2 ضمت مستنداتها التي قدمتها إلى محكمة أول درجة تضمن تكليف المطعون ضده الأول بالوفاء بالأجرة المتأخرة ومن ثم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد نص المادة 18 ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجرة والمستأجر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التكليف بالوفاء المنصوص عليه في هذه المادة يعتبر شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في الوفاء بالأجرة فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى، إذ يعتبر عدم التكليف بالوفاء أو بطلانه متعلقاً بالنظام العام، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة قدمت ضمن مستنداتها إنذاراً موجهاً منها إلى المطعون ضده الأول بتاريخ 10/ 1/ 1983 تطالبه فيه بدفع مبلغ 360 مليماً و18 جنيهاً قيمة إيجار عين النزاع عن المدة من 1/ 10/ 1982 حتى يناير سنة 1983 خلال خمسة عشر يوماً، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب الإخلاء المؤسس على التأخر في سداد الإيجار على أن الأوراق قد خلت من التكليف بالوفاء السابق على الدعوى الذي اشترطته المادة 18/ ب من القانون 136 لسنة 1981، مما يدل على أن المحكمة لم تطلع على الإنذار المقدم من الطاعنة تقديماً صحيحاً في الدعوى ولم تعرض له ولم تقل كلمتها فيه مع ما قد يكون له من دلالة بشأن تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة المتأخرة، وبالتالي يتغير به إن صح وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بمخالفة الثابت بالأوراق حجبه عن بحث سبب الإخلاء المؤسس على التأخر في سداد الإيجار.

الطعن 1099 لسنة 56 ق جلسة 10 / 1 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 30 ص 161

جلسة 10 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار: نائب رئيس المحكمة عبد المنصف أحمد هاشم وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة، عبد العال السمان.
-----------
(30)
الطعن رقم 1099 لسنة 56 القضائية
 (1)نقض. "الخصوم في الطعن".
الطعن بالنقض. عدم جواز اختصام من لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون. لا يكفي اختصامه أمام محكمة أول درجة.
 (2)بيع. بطلان. تقسيم. نظام عام.
تطبيق أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بما فيها حظر بيع الأراضي الواردة في نص المادة العاشرة منه. شرطه. تخلف هذه الشروط كلها أو بعضها. أثره بين حصة شائعة من الأرض. خروجه عن نطاق تطبيق أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 وحظر حكم البيع الوارد بالمادة العاشرة.
------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يختصم في الطعن أمام محكمة النقض من لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، ولا يكفي لاعتباره كذلك أن يكون مختصماً أمام محكمة أول درجة. وإذ كان الثابت أن المطعون ضده الخامس كان من بين فريق المتدخلين في الدعوى أمام محكمة أول درجة ولم يطعن معهم بالاستئناف على الحكم الصادر فيها فلم يعد بذلك خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه ومن ثم فإن الطعن بالنقض يكون غير مقبول بالنسبة له.
2 - مفاد نص المادتين الأولى والعاشرة من القانون رقم 52 لسنة 1940 بشأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تطبيق أحكام هذا القانون بما فيها حظر بيع الأراضي الواردة في نص المادة العاشرة والمتعلق بالنظام العام يستلزم أولاً توافر الشروط التي أوجبها المشرع في المادة الأولى وأفصحت عنها المذكرة الإيضاحية لإسباغ وصف التقسيم على الأرض، وتتمثل في تجزئة الأرض إلى عدة قطع، وأن يكون المقصود من التجزئة التصرف فيها بأحد العقود المبينة بهذه المادة، وأن تكون إحدى هذه القطع على الأقل لا تطل على طريق قائم، ويجب أن تتوافر هذه الشروط مجتمعة بحيث إذا تخلف كلها أو بعضها بما لا يتحقق معه إنشاء تقسيم أو تعديله على النحو الذي قصده المشرع فلا محل لتطبيق أحكام هذا القانون، كما يعدو حكم الحظر الوارد به عن البيع منحسراً. وإذ كان الثابت من الرجوع إلى عقد البيع المؤرخ 1/ 10/ 1976 محل النزاع أنه تضمن أن البيع ورد على مساحة 170 سهماً من أرض زراعية بحوض.... ضمن القطعة رقم 7 الأصلية ومشاعاً رقمي 115، 117 وأن ملكية البائعة للطاعنة بموجب العقد المسجل 2129 بنها في 13/ 1/ 1975 هي ملكية شائعة، فإن البيع بهذا الوصف يكون منصباً على حصة شائعة وليس على قدر محدد مفرز من الأرض فلا يتحقق به شرط تجزئة الأرض إلى عدة قطع الذي يستلزمه القانون سالف الذكر لإسباغ وصف التقسيم وتطبيق حكم حظر البيع الوارد به وبتخلف هذا الشرط يخرج البيع عن نطاق هذا القانون فلا يلحقه البطلان المترتب على مخالفة أحكامه. وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر رئيس المحكمة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المرحوم محمد عبد الرحمن مصطفى مورث المطعون ضدهم من السادسة إلى الأخيرة الدعوى رقم 2734 لسنة 1978 مدني بنها الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي 1/ 10/ 1976 المتضمن بيعه لها على الشيوع مساحة 17 سهماً تعادل 120 من الأرض الزراعية مبينة بالصحيفة لقاء ثمن مقداره 1020 جنيهاً مع التسليم وقالت بياناً لذلك أنه قد باع إليها تلك المساحة مقابل هذا الثمن الذي قبضه وامتنع عن تنفيذ التزامه بتسليمها ونقل ملكيتها إليها مما حدا به إلى إقامة الدعوى بطلبيها سالفي البيان. وأثناء سير الدعوى تدخل المطعون ضدهم الخمسة الأول تدخلاً هجومياً طالبين رفضها على أساس أن القدر المبيع يدخل ضمن حصة يمتلكونها بطريق الميراث عن جدهم المرحوم.... ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1979 في موضوع التدخل برفضه وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 10/ 1976 موضوع النزاع. استأنف المطعون ضدهم الأربعة الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا - مأمورية بنها - بالاستئناف رقم 2 لسنة 13 قضائية وتمسكوا ببطلان عقد البيع موضوع الدعوى لوروده على أرض مقسمة قبل صدور قرار التقسيم بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 6 من فبراير سنة 1986 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الخامس وبرفضه لمن عداه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة ورأت أنه جدير بالنظر حددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الخامس أن هذا الأخير لم يطعن بالاستئناف على الحكم الابتدائي فيعد خارجاً عن الخصومة في مرحلتها الاستئنافية التي صدر فيها الحكم الطعون فيه وبالتالي فلا يجوز أن يختصم في الطعن.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن أمام محكمة النقض من لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، ولا يكفي لاعتباره كذلك أن يكون مختصماً أمام محكمة أول درجة. وإذ كان الثابت أن المطعون ضده الخامس كان من بين فريق المتدخلين في الدعوى أمام محكمة أول درجة ولم يطعن معهم بالاستئناف على الحكم الصادر فيها فلم يعد بذلك خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه ومن ثم فإن الطعن بالنقض يكون غير مقبول بالنسبة له.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون ضدهم.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنه أقام قضاءه ببطلان عقد البيع محل النزاع على أن البيع ورد على قطعة أرض مقسمة قبل صدور قرار باعتماد التقسيم من الجهة الإدارية المختصة بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بشأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء المتعلقة بالنظام العام مما يبطل هذا البيع بطلاناً مطلقاً، في حين أن الثابت من عقد البيع المؤرخ 1/ 10/ 1976 أنه انصب على حصة شائعة من أرض زراعية - وليس على أرض مقسمة لذا يكون البيع صحيحاً ولا مخالفة فيه لأحكام القانون سالف الذكر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن مفاد نص المادتين الأولى والعاشرة من القانون رقم 52 لسنة 1940 بشأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تطبيق أحكام هذا القانون بما فيها حظر بيع الأراضي الوارد في نص المادة العاشرة منه والمتعلق بالنظام العام يستلزم أولاً توافر الشروط التي أوجبها المشرع في المادة الأولى وأفصحت عنها المذكرة الإيضاحية لإسباغ وصف التقسيم على الأرض، وتتمثل في تجزئة الأرض إلى عدة قطع، وأن يكون المقصود من التجزئة التصرف فيها بأحد العقود المبينة بهذه المادة، وأن تكون إحدى هذه القطع على الأقل لا تطل على طريق قائم، ويجب أن تتوافر هذه الشروط مجتمعة بحيث إذا تخلفت كلها أو بعضها بما لا يتحقق معه إنشاء تقسيم أو تعديله على النحو الذي قصده المشرع فلا محل لتطبيقه أحكام هذا القانون، كما يغدو حكم الحظر الوارد به عن البيع منحسراً. لما كان ذلك وكان الثابت من الرجوع إلى عقد البيع المؤرخ 1/ 10/ 1976 محل النزاع أنه تضمن أن البيع ورد على مساحة 17 سهماً من أرض زراعية بحوض تل أتريب الشرقي رقم 9 زمام ضمن القطعة رقم 7 الأصلية ومشاعاً في القطعتين رقمي 115، 117 وأن ملكية البائعة للطاعنة بموجب العقد المسجل 2129 بنها في 13/ 7/ 1972 هي ملكية شائعة فإن البيع بهذا الوصف يكون منصباً على حصة شائعة وليس على قدر محدد مفرز من الأرض فلا يتحقق به شرط تجزئة الأرض إلى عدة قطع الذي يستلزمه القانون سالف الذكر لإسباغ وصف التقسيم وتطبيق حكم حظر البيع الوارد به، وبتخلف هذا الشرط يخرج البيع عن نطاق هذا القانون فلا يلحقه البطلان المترتب على مخالفة أحكامه. وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.

الطعن 1225 لسنة 57 ق جلسة 31 / 1 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 58 ص 352


جلسة 31 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار: نائب رئيس المحكمة عبد المنصف أحمد هاشم وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة، عبد العال السمان.
-------------
(58)
الطعن رقم 1225 لسنة 57 القضائية

(1) دعوى. إعلان. محكمة الموضوع.
إعلان الخصوم وصحة تمثيلهم في الدعوى مسألة تستقل بتحقيقها محكمة الموضوع متى كان لها سنداً بأوراق الدعوى.
 (2)محكمة الموضوع.
فهم الواقع في الدعوى. وبحث الأدلة وترجيح ما يطمئن إليها منها. من سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
 (3)تزوير. إثبات
عدم جواز الحكم بصحة الورقة أو تزويرها وفي الموضوع معاً. م 44 إثبات. علة ذلك. ثبوت فساد الادعاء بالتزوير وصحة إسناد التصرف إلى المتصرف. لا يعني. بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف صحيحاً وجدياً.

------------
1 - تحقيق واقعة حصول إعلان الخصوم في الدعوى والتثبت من صحة تمثيلهم فيها هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض ما دام لهذا التحقيق سنداً من أوراق الدعوى.
2 - لقاضي الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها دون رقابة عليه من محكمة النقض في ذلك متى أقام قضاءه على أسباب تكفي لحمله.
3 - مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز الحكم بصحة الورقة وفي الموضوع معاً، بل يجب أن يكون القضاء بصحة الورقة سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى، حتى لا يحرم الخصم الذي أخفق في إثبات تزوير الورقة أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من مطاعن على التصرف المثبت فيها، إذ يقتصر الأمر في الادعاء بالتزوير على إنكار صدور الورقة من المتصرف دون التعرض للتصرف ذاته من حيث صحته وبطلانه، فإذا ما ثبت للمحكمة فساد الادعاء بالتزوير وصحة إسناد التصرف إلى المتصرف، فإن ذلك لا يقتضي بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف صحيحاً وجدياً.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاما الدعوى رقم 8822 لسنة 1985 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 23/ 1/ 1983 وقالوا بياناً لدعواهم أنهم بمقتضى هذا العقد اشتروا من الطاعن الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الطاعنين حصة مقدارها 12 ط شيوعاً في قطعة أرض مبينة بالأوراق لقاء ثمن مقداره 425000 جنيه وتم إثبات ذلك بالمشروع رقم 84 سنة 1985 عقاري الموسكي ولتقاعس البائعين عن التصديق على العقد النهائي أقاموا الدعوى بطلبهم سالف البيان، ادعى الطاعن الأول بتزوير عقد البيع آنف الذكر وبتاريخ 23 من مارس سنة 1986 قضت المحكمة أولاً: بعدم قبول الادعاء بالتزوير - ثانياً: بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 23/ 1/ 1983، استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 5355 لسنة 103 قضائية، وبتاريخ 11 من فبراير سنة 1987 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعنون بالخامس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الطاعنة الخامسة دفعت ببطلان إعلانها بصحيفة الدعوى لتوجيهه إليها في غير مواطنها، وقدمت المستندات الدالة على بيان موطنها الأصلي الذي كان يتعين إعلانها فيه، غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذه المستندات وأقام قضاءه على ما لا يصلح لمواجهته وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أن تحقيق واقعة حصول إعلان الخصوم في الدعوى والتثبت من صحة تمثيلهم فيها هو وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض ما دام أن لهذا التحقيق سند من أوراق الدعوى، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعنة الخامسة بقوله إنه لما كان الثابت من الأوراق أن عقد البيع موضوع التداعي قد صدر من المستأنف الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً رسمياً عن باقي المستأنفين ومن بينهم المذكورة الطاعنة الخامسة بموجب التوكيل الرسمي العام رقم 71 لسنة 1981 جنوب القاهرة المرفق بحافظة مستندات المستأنف ضدهم وقد ورد بهذا التوكيل أن عنوان المستأنفين هو رقم 8 شارع.... قسم الموسكي وكذا الثابت من عقد البيع المسجل رقم 128 لسنة 1982 أن المستأنفة سالفة الذكر تقيم بنفس العنوان، ولما كان إعلان صحيفة الدعوى قد وجه إليها في ذلك العنوان وكذا إعادة إعلانها فإن هذا الإجراء قد تم صحيحاً خاصة وأن هذا العنوان هو ذات عنوان المستأنف الأول وهو والدها ووكيلها الرسمي وبذلك يكون قد تحقق إعلانها قانوناً وإذ كانت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها الثابت من الأوراق وكافية لحمل قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده الأول اختلس توقيع الطاعن الأول على الأوراق التي أفرغ فيها عقد البيع موضوع الدعوى بطريقة مشروعة وهو ما يشكل جريمة يعاقب عليها القانون، وإذ لم يواجه الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري بما يصلح للرد عليه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن لقاضي الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها رقابة عليه من محكمة النقض في ذلك متى أقام قضاءه على أسباب تكفي لحمله، لما كان ذلك وكان يبين من مدونات الحكم المستأنف المؤيد من الحكم المطعون فيه أنه واجه دفاع الطاعنين الوارد بسبب النعي وخلص إلى نفي ما ادعوه من أن الأوراق التي أفرغ فيها عقد البيع موضوع النزاع وقعها الطاعن الأول على بياض خلسة مما ثبت في الأوراق من محدود التوقيع منتصف الورقة الثالثة بخلافاته بعد الورقتين الأولى والثانية وأن كتابة العقد كانت بطريقة وهو مستخلص سائغ يؤدي إلى ما خلص إليه الحكم ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون أنه إذ التفت عن أسباب شواهد التزوير وأدلته وعول على قرار الطاعن الأول بتسليمه اختياراً ثلاث ورقات موقعة منه على بياض إلى المطعون ضده الأول يكون قد فصل في موضوع ذلك الادعاء مما كان يتعين معه الالتزام بما تقضي به المادة 44 من قانون الإثبات من أن يكون القضاء في الادعاء بالتزوير سابقاً على أن حكم في موضوع الدعوى، وإذا لم يلتزم الحكم بهذا النظر يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز الحكم بصحة الورقة وفي الموضوع معاً، بل يجب أن يكون القضاء بصحة الورقة سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى، حتى لا يحرم الخصم الذي أخفى في إثبات تزوير الورقة أن يقدم ما عسى أن لديه من مطاعن على التصرف المثبت فيها، إذ يقتصر الأمر في الادعاء بالتزوير على إنكار صدور الورقة من المتصرف دون التعرض للتصرف في ذاته من حيث صحته وبطلانه، فإذا ما ثبت للمحكمة فساد الادعاء بالتزوير وصحة إسناد التصرف إلى المتصرف، فإن ذلك لا يقتضي بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف صحيحاً وجدياً، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في شأن الادعاء بالتزوير على قوله وكان الثابت من الأوراق أن مدعي التزوير الطاعن الأول هو الذي وقع على الطلب رقم 59 لسنة 1985 عابدين والمقدم إلى رئيس مأمورية الشهر العقاري بالموسكي والمتضمن بيعه عن نفسه وبصفته وكيلاً رسمياً عن باقي المدعى عليهم باقي الطاعنين حصة 12 قيراطاً مشاعاً في العقارات المبينة بعقد البيع الابتدائي المؤرخ 23/ 1/ 1983 المدعي بتزوير للمدعين، المطعون ضدهم ولم يطعن المدعى عليه الأول على ما جاء بالطلب آنف الذكر وثمة مطعن ولم يقدم ثمة تبرير لتوقيعه عليه بهذه الصفة الأمر الذي يؤكد حصول واقعة البيع فعلاً، فضلاً عن أن توقيعه جاء أسفل الورقتين الأولى والثانية وفي منتصف الورقة الثالثة فكان من المنطقي أن يأتي توقيعه أسفل الورقة الأخيرة إذا كانت الورقات الثلاث قد وقعت على بياض وأن شطب لفظ وآخرين وإضافة رقم التوكيل في وقت لاحق على قرار حصولها جدلاً لا يعد بعد قرينة بالمرة على أن التوقيع على الورقات الثلاثة كان على بياض وأنه لا يبين من عقد البيع إضافة لفظ حصته أو كتابة مبلغ الثمن بطريقة طبيعية، كما أن مدعي التزوير قد أقر صراحة تقريره أنه قد سلم الورقات الثلاثة الأول باختياره... إلخ وكان مفاد هذه الأسباب أن محكمة الموضوع قد عرضت لمناقشة شواهد التزوير والأدلة التي ساقها الطاعنون على ثبوته، وانتهت من فحص هذه الشواهد إلى عدم ثبوت الادعاء بالتزوير مما كان يتعين عليها إعادة الدعوى إلى المرافعة لنظر موضوعها إعمالاً لنص المادة 44 من قانون الإثبات، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر وسايره في ذلك الحكم المطعون فيه فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 2863 لسنة 57 ق جلسة 10 / 1 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 29 ص 156

جلسة 10 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار: نائب رئيس المحكمة عبد المنصف أحمد هاشم وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد شهاوي.
------------
(29)
الطعن رقم 2863 لسنة 57 القضائية
(1،2 ) التماس إعادة النظر. حكم "الأحكام الجائز الطعن فيها".
 (1)التماس إعادة النظر. مراحل نظره. للمحكمة أن تحكم في قبول الالتماس وفي الموضوع بحكم واحد. شرطه. غايته. محو الحكم الملتمس فيه
 (2)القضاء باعتبار الحكم الملتمس فيه كأن لم يكن وتحديد جلسة لنظر موضوع الالتماس. عدم جواز الطعن فيه استقلالاً عن الحكم الصادر في الموضوع علة ذلك
----------
1 - مؤدى نصوص المواد من 241 وحتى 247 من قانون المرافعات والتي تحكم الطعن بطريق التماس إعادة النظر أن الأصل في نظر الطعن أن الفصل فيه يمر على مرحلتين تقتصر أولاهما على التحقق من توافر شرائط قبوله الشكلية والموضوعية وتتناول الثانية الفصل في الطلبات الموضوعية التي تناولها الالتماس، ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تحكم في قبول الالتماس وفي الموضوع بحكم واحد إذا كان الخصوم قد قدموا أمامها طلباتهم في الموضوع، وكانت الغاية التي يستهدفها الملتمس من سلوكه طريق التماس إعادة النظر هو محو الحكم الملتمس فيه ليعود مركز في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره حتى يتمكن من مواجهة النزاع والفصل فيه من جديد.
2 - النص في المادة 212 من قانون المرافعات مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الشارع وضع قاعدة عامة مقتضاها أن الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، ولم يستثن منها إلا الأحكام التي بينها بيان حصر في عجز هذه المادة، ولما كان الثابت من الأوراق أن طلبات المطعون ضدهم أمام محكمة الالتماس قد تحددت في قبول الالتماس شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم الملتمس فيه مؤقتاً والقضاء في موضوع الالتماس بانعدام الحكم الملتمس فيه واعتباره كأن لم يكن وإعادة الحال إلى ما كان عليه الخصوم قبل صدوره، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى المرحلة الأولى لنظر الالتماس وقضى بعد أن تحقق من توافر شرائط قبوله الشكلية والموضوعية في منطوقه وما ارتبط به من أسباب وبالقدر اللازم للفصل فيها لقبول التماس إعادة النظر في الحكم الملتمس فيه واعتباره كأن لم يكن وحدد جلسة 12 نوفمبر سنة 1987 لنظر موضوع الالتماس، وكان القضاء باعتبار الحكم الملتمس فيه كأن لم يكن لا يعد فصلاً في موضوع الالتماس وإنما هو نتيجة لازمة لقبول الالتماس لا تنتهي به الخصومة أمام محكمة الالتماس إذ ما زال موضوعه مطروحاً عليها ولم تقل كلمتها فيه، وكان هذا الحكم لا يعتبر من الأحكام الوقتية أو المستعجلة أو الصادرة بوقف الدعوى أو المقابلة للتنفيذ الجبري التي يجوز فيها الطعن على استقلال قبل الحكم الصادر في الموضوع، فإن الطعن فيه يكون غير جائز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 1854 لسنة 1976 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بصورية عقد البيع المسجل رقم 4649 بتاريخ 7 ديسمبر سنة 1975 توثيق الإسكندرية الصادر من المطعون ضدهم الثلاثة الأول إلى المطعون ضدها الأخيرة والمتضمن بيعهم لها قطعة أرض فضاء مساحتها 713.32 م2 مبينة به. وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 7 من سبتمبر سنة 1974 المتضمن شراءهما قطعة الأرض سالفة الذكر من ذات البائعين بمبلغ إجمالي مقداره 14416.160 مليمجـ. وبجلسة 24 أبريل سنة 1980 حكمت المحكمة بطلبات الطاعنين. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئنافين رقمي 727، 741 لسنة 36 قضائية. وبتاريخ 20 أبريل سنة 1982 قضت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف أقام المطعون ضدهم التماس إعادة النظر في الحكم السابق قيد برقم 561 لسنة 40 قضائية طالبوا فيه الحكم بقبول الالتماس شكلاً ووقف تنفيذ الحكم الملتمس فيه مؤقتاً وفي موضوع الالتماس بانعدام الحكم الملتمس فيه وبجلسة 7 يونيو سنة 1987 حكمت المحكمة بقبول الالتماس واعتبار الحكم الملتمس فيه كأن لم يكن وتحديد جلسة 12 نوفمبر سنة 1987 لنظر الموضوع طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة ورأت أنه جدير بالنظر حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة أن الحكم المطعون فيه غير منه للخصومة لعدم تناوله الطلبات الموضوعية التي بني عليها الالتماس والتي ما زالت مردده أمام محكمة الالتماس ومن ثم فإنه لا يجوز الطعن فيه على استقلال وفقاً لما تقضي به المادة 212 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك بأن مؤدى نصوص المواد من 241 وحتى 247 من قانون المرافعات والتي تحكم الطعن بطريق التماس إعادة النظر أن الأصل في نظر الطعن أن الفصل فيه يمر على مرحلتين تقتصر أولاهما على التحقق من توافر شرائط قبوله الشكلية والموضوعية وتتناول الثانية الفصل في الطلبات الموضوعية التي تناولها الالتماس، ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تحكم في قبول الالتماس وفي الموضوع بحكم واحد إذا كان الخصوم قد قدموا أمامها طلباتهم في الموضوع، وكانت الغاية التي يستهدفها الملتمس من سلوكه طريق التماس إعادة النظر هو محو الحكم الملتمس فيه ليعود مركزه في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره حتى يتمكن من مواجهة النزاع والفصل فيه من جديد، وكان النص في المادة 212 من قانون المرافعات الواردة في الفصل الأول الخاص بالأحكام العامة من الباب الثاني عشر المتعلق بطرق الطعن في الأحكام على أنه لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الخصومة ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الشارع وضع قاعدة عامة مقتضاها أن الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، ولم يستثن منها إلا الأحكام التي بينها بيان حصر في عجز هذه المادة، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن طلبات المطعون ضدهم أمام محكمة الالتماس قد تحددت في قبول الالتماس شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم الملتمس فيه مؤقتاً والقضاء في الالتماس بانعدام الحكم الملتمس فيه واعتباره كأن لم يكن وإعادة الحال إلى ما كان عليه الخصوم قبل صدوره، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى المرحلة الأولى لنظر الالتماس وقضى - بعد أن تحقق من توافر شرائط قبوله الشكلية والموضوعية - في منطوقه وما ارتبط به من أسباب وبالقدر اللازم للفصل فيها بقبول التماس إعادة النظر في الحكم الملتمس به واعتباره كأن لم يكن وحدد جلسة 12 نوفمبر سنة 1987 لنظر موضوع الالتماس، وكان القضاء باعتبار الحكم الملتمس فيه كأن لم يكن لا يعد فصلاً في موضوع الالتماس وإنما هو نتيجة لازمة لقبول الالتماس لا تنتهي به الخصومة أمام محكمة الالتماس إذ ما زال موضوعه مطروحاً عليها ولم تقل كلمتها فيه، وكان هذا الحكم لا يعتبر من الأحكام الوقتية أو المستعجلة أو الصادرة بوقف الدعوى أو المقابلة للتنفيذ الجبري التي يجوز فيها الطعن على استقلال قبل الحكم الصادر في الموضوع، فإن الطعن فيه يكون غير جائز
ولما تقدم يتعين القضاء بعدم جواز الطعن.

الطعن 3212 لسنة 59 ق جلسة 14 /2 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 79 ص 471

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة/ عبد المنصف أحمد هاشم وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حافظ. د. رفعت عبد المجيد. محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة وعبد العال السمان.
-----------
- 1  اختصاص " الاختصاص الولائي ".  نزع الملكية " نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ".  دستور " المحكمة الدستورية العليا "
انتهاء الأثر القانوني للقرار الجمهوري بتقرير المنفعة العامة . لسقوطه . م 10 بق 577 لسنة 1954. أثره . اختصاص القضاء العادي بنظر ما يترتب على ذلك من آثار . علة ذلك . تعيين المحكمة الدستورية العليا لجهة القضاء المختصة بنظر دعوى غير ملزم فيما عداها . م 31 بق 48 لسنة 1979.
إذا كان واقع الحال في النزاع الراهن أن المطعون ضدهم لا يستندون في دعواهم إلى كون القرار الجمهوري بتقرير المنفعة العامة قد نشأ باطلاً، بل يستندون في ذلك إلى الادعاء بانتهاء أثره القانوني لسقوطه بالتطبيق للمادة العاشرة من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 577 لسنة 1954 - الذى يحكم واقعة النزاع - لعدم إيداع النماذج أو القرار الوزاري بنزع الملكية مكتب الشهر العقاري خلال سنتين من تاريخ نشر القرار الجمهوري، ومن ثم فإن الفصل في هذا النزاع لا يتناول القرار المذكور بالإلغاء أو التأويل بل مجرد تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً لمعرفة ما إذا كان هذا القرار قد سقط من عدمه وفقاً للمادة العاشرة، وسقوطه يستتبع بطلان كافة الإجراءات المترتبة عليه، وبالتالي يعد ضم الدولة للملك الخاص للمنفعة العامة مستنداً في الواقع إلى واقعة مادية يكون القضاء العادي صاحب الولاية العامة هو المختص بالنظر في كل ما يترتب عليه من آثار ولا يغير من ذلك ما قضت به المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 14 لسنة 4 بق تنازع اختصاص بتاريخ 1984/5/19، ذلك أن أحكام وقرارات تلك المحكمة الملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة هي وعلى ما تقضى به المادة 49 من قانون إنشائها رقم 48 لسنة 1979 التي تصدر في الدعاوى الدستورية وطلبات التفسير فحسب ولأن تعيين المحكمة الدستورية العليا لجهة القضاء المختصة بنظر الدعاوى لا يكون ملزماً وفقاً لحكم المادة 31 من القانون سالف الذكر إلا إذا كان بناء على طلب كل ذي شأن فيها وهو ما لا يتوافر في النزاع الراهن، وكان الحكم المطعون فيه قد فصل في موضوع النزاع بما ينطوي على قضاء ضمني باختصاص جهة القضاء العادي بنظره فإنه لا يكون قد خالف القانون.
- 2  نزع الملكية " نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة".
القرار الجمهوري بتخصيص العقار للمنفعة العامة . سقوطه بمضي سنتين على نشره بالجريدة الرسمية دون إيداعه أو النماذج الخاصة بنقل الملكية للمنفعة العامة مكتب الشهر العقاري . م 10 بق 577 لسنة 1954 . الاستثناء . دخول العقار ضمن مشروعات تم تنفيذها بالفعل خلال هذه المدة . م 29 مكرر بق 13 لسنة 1962 . سواء قبل العمل بهذا القانون أو بعده .
مفاد ما استلزمه القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين المعدل بقانون 13 لسنة 1962 من إجراءات - يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن قرار رئيس الجمهورية بتقرير المنفعة العامة تترتب عليه آثار من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية فإذا مضت مدة سنتين من هذا التاريخ دون أن يتم خلالها إيداع النماذج الموقع عليها من ذوى الشأن أو القرار الوزاري بنزع الملكية في مكتب الشهر العقاري سقط مفعوله وزالت آثاره القانونية بالنسبة للعقارات التي لم تودع بشأنها النماذج أو القرار الخاص بنزع ملكيتها، إلا إذا كانت هذه العقارات قد أدخلت فعلاً في مشروعات تم تنفيذها خلال مدة التطبيق المشار إليها سواء قبل العمل بالقانون رقم 13 لسنة 1962 أم بعده فيبقى أثر القرار للمنفعة العامة قائماً بالنسبة لها حتى لو تراخى الإيداع بشأنها إلى ما بعد هذه المدة ومن ثم فإن من شأن إدخال الأرض محل النزاع في مشروعات تم تنفيذها خلال السنتين التاليتين لصدور قرار النفع العام أن يصبح هذا القرار بمنأى من السقوط حتى لو تراخى إيداع النماذج وقرار نزع ملكيتها إلى ما بعد هذه المدة. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بسقوط قرار النفع العام بالنسبة للأرض محل النزاع على أن ما جاء بالمادة 29 مكرراً سالفة الذكر قصد به تنظيم وضع انتقالي للحالات السابقة على صدور القانون الذى أضاف هذا التعديل وأن القرار الجمهوري المقرر للنفع العام المشروع الذى قد تداخلت فيه الأرض محل النزاع قد صدر في سنة 1969 بعد العمل بالقانون رقم 13 لسنة 1962 المشار إليه فلا ينطبق عليه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأدى به ذلك إلى عدم بحث ما تمسك به الطاعنون من أن الأرض محل النزاع قد أدخلت فعلاً في مشروعات تم تنفيذها خلال مدة السنتين من تاريخ نشر قرار النفع العام وهو ما يوجب نقضه.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1187 سنة 1980 مدني المنصورة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنين بتسليم الأرض المبينة بالصحيفة إليهم وإلزامهم متضامنين في حالة التأخير في التسليم بأن يؤدوا إليهم غرامة تهديدية مقدارها عشرون جنيهاً عن كل يوم من أيام التأخير، وقالوا بياناً لدعواهم أنهم كانوا يمتلكون هذه الأرض وبتاريخ 28 يناير سنة 1966 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 161 لسنة 1969 باعتبار مشروع إقامة مجمع صناعي للصناعات الخفيفة بمدينة المنصورة من أعمال المنفعة العامة والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة لإنشاء هذا المشروع ومنها الأرض المملوكة لهم، ونفاذاً لهذا القرار انتقلت ملكية الأرض محل النزاع إلى الهيئة العامة لتنمية الصناعات الحرفية. غير أن المشروع الذي نزعت الملكية من أجله لم يخرج إلى حيز التنفيذ وعدلت الحكومة عنه وشرعت كل من محافظة الدقهلية ووزارة الداخلية في الاستيلاء على الأرض لتخصيصها في غرض آخر، ولم تودع النماذج الخاصة بها أو القرار الوزاري بنزع ملكيتها بالشهر العقاري خلال سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة العامة مما يترتب عليه سقوط مفعول هذا القرار، ويصبح معه وضع يد الطاعنين على الأرض سالفة الذكر بغير سند الأمر الذي يجيز لهم طلب استردادها فأقاموا الدعوى بطلبهم سالفي البيان. دفع الطاعنون بعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى فقضت المحكمة برفض الدفع وبندب خبير وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 27 من يونيه سنة 1988 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 1272 سنة 40 قضائية وبتاريخ 5 يونيه سنة 1989، حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وألزمت الطاعنين بتسليم الأرض المبينة بصحيفة الدعوى وتقرير الخبير المنتدب إلى المطعون ضدهم. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون أنهم دفعوا أمام محكمة أول درجة بعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى تأسيساً على أن النزاع فيها يدور حول سقوط مفعول القرار المقرر للمنفعة العامة بالنسبة للأرض محل النزاع وهو ما يشكل منازعة إدارية تدخل في اختصاص جهة القضاء الإداري، ويعتبر هذا الدفع معروضاً على محكمة الاستئناف إعمالاً للأثر الناقل للاستئناف، وإذ انطوى قضاء الحكم المطعون فيه في موضوع الدعوى على قضاء ضمني باختصاص جهة القضاء العادي بنظرها بالمخالفة لما قضت به المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 114 لسنة 4 ق تنازع اختصاص، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أن واقع الحال في النزاع الراهن أن المطعون ضدهم لا يستمدون في دعواهم إلى كون القرار الجمهوري بتقرير المنفعة العامة قد نشأ باطلاً، بل يستندون في ذلك إلى الادعاء بانتهاء أثره القانوني لسقوطه بالتطبيق للمادة العاشرة من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 577 لسنة 1954 – الذي يحكم واقعة النزاع – لعدم إيداع النماذج أو القرار الوزاري بنزع الملكية مكتب الشهر العقاري خلال سنتين من تاريخ نشر القرار الجمهوري، ومن ثم فإن الفصل في هذا النزاع لا يتناول القرار المذكور بالإلغاء أو التأويل بل مجرد تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً لمعرفة ما إذا كان هذا القرار قد سقط من عدمه وفقاً للمادة العاشرة، وسقوطه يستتبع بطلان كافة الإجراءات المترتبة عليه، وبالتالي يعد ضم الدولة للملك الخاص للمنفعة العامة مستنداً في الواقع إلى واقعة مادية يكون القضاء العادي صاحب الولاية العامة هو المختص بالنظر في كل ما يترتب عليها من آثار ولا يغير من ذلك ما قضت به المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 14 لسنة 4 بق تنازع اختصاص بتاريخ 19/5/1984، ذلك أن أحكام وقرارات تلك المحكمة الملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة هي وعلى ما تقضي به المادة 49 من قانون إنشائها رقم 48 لسنة 1979 التي تصدر في الدعاوى الدستورية وطلبات التفسير فحسب ولأن تعيين المحكمة الدستورية العليا لجهة القضاء المختصة بنظر الدعاوى لا يكون ملزماً وفقاً لحكم المادة 31 من القانون سالف الذكر إلا إذا كان بناءً على طلب كل ذي شأن فيها وهو ما لا يتوافر في النزاع الراهن – وكان الحكم المطعون فيه قد فصل في موضوع النزاع بما ينطوي على قضاء ضمني باختصاص جهة القضاء العادي بنظره فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أن الثابت من تقرير الخبير المنتدب من قبل محكمة أول درجة أن المشروع الذي نزعت الملكية من أجله قد تم بتنفيذ الجزء الأكبر منه وقد أخلت فيه الأرض محل النزاع مما يترتب عليه عدم سقوط القرار الصادر بنزع ملكيتها للمنفعة العامة استناداً إلى ما تقضى به المادة 29 مكرراً من القانون رقم 577 سنة 1954* والمضافة بالقانون رقم 13 لسنة 1962، غير أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى سقوط قرار المنفعة العامة وبتسليم المطعون ضدهم الأرض محل النزاع على سند من أن نص المادة 29 مكرر سالفة الذكر جاء لتنظيم وضع انتقالي قصد منه تدارك الحالات السابقة على صدور هذا القانون الأخير في حين أن الحكم المقرر بتلك المادة يسري كلما كانت العقارات المطلوب نزع ملكيتها قد أدخلت فعلاً في مشروعات تم تنفيذها سواء قبل العمل بهذا التعديل أم بعده، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث مسألة تحصن قرار النفع العام بإدخال الأرض محل النزاع ضمن أعمال المشروع الذي نزعت الملكية من أجله، مما يستوجب نقضه

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات لمنفعة العامة أو التحسين المعدل بق 13 لسنة 1962 الذي يحكم واقعة النزاع يستلزم أن يكون تقرير المنفعة العامة بقرار رئيس الجمهورية بنشره في الجريدة الرسمية تتولى بعده الجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية القيام بالعمليات الفنية والمساحية والحصول على البيانات اللازمة بشأن العقارات المراد نزع ملكيتها وإعداد كشوف حصرها وتقدير التعويض المستحق لأصحاب الشأن فإذا وافقوا عليه وقعوا على نماذج خاصة تنتقل بمقتضاه الملكية أما إذا عارضوا أو تعذر الحصول على توقيعاتهم فيصدر بنزع الملكية قرار من الوزير المختص وتودع النماذج أو القرار الوزاري في مكتب الشهر العقاري ونصت المادة العاشرة على أنه إذا لم تودع النماذج أو القرار الوزاري خلال سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة العامة في الجريدة الرسمية سقط مفعول هذا القرار بالنسبة للعقارات التي لم تودع النماذج أو القرار الخاص بها كما نصت المادة 29 مكرراً المضافة بالقانون رقم 13 لسنة 1962 على أنه "لا تسقط قرارات النفع العام في المادة العاشرة من هذا القانون إذا كانت العقارات المطلوب نزع ملكيتها قد أدخلت فعلاً في مشروعات تم تنفيذها سواء قبل العمل بهذا التعديل أم بعده"، وهو ما يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن قرار رئيس الجمهورية بتقرير المنفعة العامة تترتب عليه آثاره من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية فإذا مضت مدة سنتين من هذا التاريخ دون أن يتم خلالها إيداع النماذج الموقع عليها من ذوي الشأن أو القرار الوزاري بنزع الملكية في مكتب الشهر العقاري سقط مفعوله وزالت آثاره القانونية بالنسبة للعقارات التي لم تودع بشأنها النماذج أو القرار الخاص بنزع ملكيتها، إلا إذا كانت هذه العقارات قد أدخلت فعلاً في مشروعات تم تنفيذها خلال مدة التطبيق المشار إليها سواء قبل العمل بالقانون رقم 13 لسنة 1962 أم بعده فيبقى أثر القرار للمنفعة العامة قائماً بالنسبة لها حتى لو تراخى الإيداع بشأنها إلى ما بعد هذه المدة ومن ثم فإن من شأن إدخال الأرض محل النزاع في مشروعات تم تنفيذها خلال السنتين التاليتين لصدور قرار النفع العام أن يصبح هذا القرار بمنأى من السقوط حتى لو تراخى إيداع النماذج وقرار نزع ملكيتها إلى ما بعد هذه المدة. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بسقوط قرار النفع العام بالنسبة للأرض محل النزاع على أن ما جاء بالمادة 29 مكرراً سالفة الذكر قصد به تنظيم وضع انتقالي للحالات السابقة على صدور القانون الذي أضاف هذا التعديل وأن القرار الجمهوري المقرر للنفع العام للمشروع الذي قد تداخلت فيه الأرض محل النزاع قد صدر في سنة 1969 بعد العمل بالقانون رقم 13 لسنة 1962 المشار إليه فلا ينطبق عليه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأدى به ذلك إلى عدم بحث ما تمسك به الطاعنون من أن الأرض محل النزاع قد أدخلت فعلاً في مشروعات تم تنفيذها خلال مدة السنتين من تاريخ نشر قرار النفع العام وهو ما يوجب نقضه