الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 6 مارس 2019

الطعن 9679 لسنة 61 ق جلسة 13 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ق 52 ص 379


جلسة 13 من إبريل سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ فتحي عبد القادر خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة وفتحي حجاب ومحمد شعبان باشا.
-------------
(52)
الطعن رقم 9679 لسنة 61 القضائية

 (1)نقض "أسباب الطعن. تقديمها". 
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) مأمورو الضبط القضائي. استدلالات.
الحق المخول لمأموري الضبط القضائي بمقتضى المادة 29 إجراءات. نطاقه؟
 (3)إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق محكمة الموضوع في تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات.
تقدير ما إذا كان الاعتراف منبت الصلة عن الإجراءات الباطلة السابقة عليه. موضوعي.
(4) قتل عمد. سبق إصرار. ظروف مشددة. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". 
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني البحث في توافره. موضوعي. ما دام سائغاً. مثال.
 (5)قتل عمد. سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". فاعل أصلي. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال. لتسبيب سائغ في توافر سبق الإصرار في حق الطاعنة وآخر.
 (6)مسئولية جنائية "سقوطها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "حالة الضرورة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حالة الضرورة التي تسقط المسئولية. ماهيتها؟
الدفع بأن المتهم كان في حالة ضرورة ألجأته إلى ارتكاب الجريمة عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
العلاقة الزوجية أو النسب. عدم صلاحيتها لقيام الضرورة الملجئة لمقارفة الجرائم.
 (7)اشتراك. اتفاق. إثبات "بوجه عام". سبق إصرار. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
ثبوت سبق الإصرار في حق المتهمين يستلزم بالضرورة توافر الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه منهم.

--------------
1 - حيث إن الطاعن الأول..... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد المحدد في القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الأخر ولا يغني عنه.
2 - من المقرر أن من الواجبات المفروضة على رجال الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعملون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم والتي يشاهدونها بأنفسهم كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبها وأن يسألوا المتهم عن ذلك ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعنة وسؤالها عن الاتهام الذي حام حولها في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضاً مادياً فيه ماساً بحريتها الشخصية.
3 - من المقرر أن تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على أثر إجراء باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بهذا الإجراء وما ينتج عنه من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى وحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال قد صدرت صحيحة غير متأثرة فيها بهذا الإجراء جاز لها الأخذ بها وإذا كانت المحكمة قد قدرت في حدود سلطتها التقديرية أن اعتراف الطاعنة أمام النيابة وفى المعاينة التصويرية وأمام قاضي المعارضات كان دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها واطمأنت إلى صحته وسلامته فإنه لا يقبل من الطاعنة مجادلتها في ذلك.
4 -  لما كان الحكم قد عرض لظرف سبق الإصرار وأثبت توافره لدى الطاعنة والمتهم الآخر بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو ثابت في حق المتهمين من تصميمهما على استدراج المجني عليها وقتلها بقصد سرقة القرط الذهبي ومن تحينهما لفرصة مرورها أمام منزلهما واستدعائها إلى داخل المنزل وإقدامهما على ذلك بعد إعمال روية وفكر مطمئن ونفس هادئة مما يدل على توافر ظرف سبق الإصرار في حقهما وارتكابهما لجريمة قتل المجني عليها تنفيذ الغرض المصمم عليه" لما كان ذلك وكان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة والبحث في توافره من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام يوجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون.
5 - لما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعنة وجودها على مسرح الجريمة ومساهمتها في عمل من أعمالها التنفيذية هو استدراج المجني عليها إلى منزلها طبقاً لخطة رسمتها مع الطاعن الأول تنفيذاً لقصدهما المشترك وهو قتل المجني عليها بقصد سرقة قرطها الذهبي وكان ما حصله الحكم من ذلك له أصله ومعينة من الأوراق مما لا تجادل فيه الطاعنة كما أثبت الحكم في تدليل سائغ وعلى ما سلف بيانه توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنة والمتهم الآخر مما يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهما في المسئولية الجنائية فإن الحكم إذ انتهى إلى مساءلة الطاعنة بوصفها فاعلة أصلية طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعنة في هذا الشأن غير سديد.
6 - لما كان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة قد أثارت أنها كانت في حالة ضرورة ألجأتها إلى استدراج المجني عليها إلى داخل منزلها انصياعاً لرغبة الطاعن الأول والد زوجها والذي يقيم معها في معيشة واحدة ومن ثم فإن لا يقبل منها إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض هذا فضلاً عن أن الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلى الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله وأن العلاقة الزوجية أو علاقة النسب في ذاتها لا تصلح سند للقول بقيام الضرورة الملجئة إلى ارتكاب الجرائم أو خرق محارم القانون ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
7 - من المقرر أن مجرد إثبات ظرف سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها وكان الحكم قد أثبت تصميم الطاعنين على قتل المجني عليها فإن ذلك يرتب تضامناً في المسئولية يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل متهم محدداً بالذات أو غير محدد وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما قتلا........ عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتلها وتربصاً لها في المكان الذي أيقنا سلفاً مرورها فيه وما أن ظفرا بها حتى استدرجاها إلى داخل منزلهما وطرحها الأول أرضاً وكم والمتهمة الثانية فاها بكلتا يديهما ثم قاما بخنقها برباط من القماش (شال) قاصدين من ذلك قتلها فاحدثا بها الأعراض الإصابية المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد ارتكب هذه الجناية بقصد ارتكاب جنحة سرقة هي أنها في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا القرط الذهبي المبين وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوك للمجني عليها سالفة الذكر بأن استدرجاها إلى داخل منزلها على نحو سالف البيان وقاما بجذبه من أذنيها وذلك على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق وأحالتهما إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وأدعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 101 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 317/ 5 من قانون العقوبات مع أعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كلاً من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ 101 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول...... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد المحدد في القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الأخر ولا يغني عنه.
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم أطرح الدفعين المبديين منها ببطلان القبض عليها لحصوله بغير إذن من النيابة العامة وفى غير حالة من حالات التلبس وبطلان اعترافها لأنه كان وليد قبض باطل بما لا يسوغ به إطراحهما ودلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حقها من اعترافها رغم خلو هذا الاعتراف مما يفيد توافر هذا الظرف وأن ظهورها على مسرح الجريمة كان بمحض الصدفة واقتصر دورها على استدراج المجني عليها إلى داخل المنزل تلبية لطلب الطاعن الأول دون علمها بمقصده وأنها كانت في حالة ضرورة متمثلة في وجوب طاعة والد زوجها الطاعن الأول هذا وقد طلبت من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي للوقوف منه أي من إصابات المجني عليها قد أحدثت الوفاة بيد أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب إيراد له ورداً عليه مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة لا نعي فيها بمخالفة الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها،. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفعت به الطاعنة من بطلان اعترافها لصدوره عقب القبض عليها قبضاً باطلاً وأطرحه في قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره عقب القبض على المتهمة الثانية قبضاً باطلاً فمردود بما هو ثابت من أقوال الشاهدين الأول والثاني من اعتراف المتهمة بارتكاب جريمة قتل المجني عليها مع المتهم الأول وسرقة القرط الذهبي ومن اعترافاتها المتكررة في تحقيقات النيابة العامة وفى المعاينة التصويرية وأمام السيد قاضي المعارضات هذه الاعترافات التي صدرت عنها منبتة الصلة عن إجراء الضبط الباطل بفرض حصوله وأن هذه الأقوال صدرت فيها صحيحة غير متأثرة فيها بهذا الإجراء وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتطمئن إلى أن هذه المتهمة قد ارتكبت مع المتهم الأول جريمة قتل المجني عليها وسرقة القرط الذهبي. لما كان ذلك وكان من المقرر أن من الواجبات المفروضة على رجال الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعملون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم والتي يشاهدونها بأنفسهم كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبها وأن يسألوا المتهم عن ذلك ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعنة وسؤالها عن الاتهام الذي حام حولها في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضاً مادياً فيه مساساً بحريتها الشخصية كما أنه من المقرر أن تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على أثر إجراء باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بهذا الإجراء وما ينتج عنه من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى وحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال قد صدرت صحيحة غير متأثرة فيها بهذا الإجراء جاز لها الأخذ بها وإذا كانت المحكمة قد قدرت في حدود سلطتها التقديرية أن اعتراف الطاعنة أمام النيابة وفى المعاينة التصويرية وأمام قاضي المعارضات كان دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها واطمأنت إلى صحته وسلامته فإنه لا يقبل من الطاعنة مجادلتها في ذلك ويكون منعاها في هذا الشأن غير سديد.
لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لظرف سبق الإصرار وأثبت توافره لدى الطاعنة والمتهم الآخر بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو ثابت في حق المتهمين من تصميمهما على استدراج المجني عليها وقتلها بقصد سرقة القرط الذهبي ومن تحينهما لفرصة مرورها أمام منزلهما واستدعائها إلى داخل المنزل وإقدامهما على ذلك بعد إعمال روية وفكر مطمئن ونفس هادئة مما يدل على توافر ظرف سبق الإصرار في حقهما وارتكابهما لجريمة قتل المجني عليها تنفيذ الغرض المصمم عليه" لما كان ذلك وكان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة والبحث في توافره من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون هذا فضلاً عن أن الحكم قد أثبت في حق الطاعنة وجودها على مسرح الجريمة ومساهمتها في عمل من أعمالها التنفيذية هو استدراج المجني عليها إلى منزلها طبقاً لخطة رسمتها مع الطاعن الأول تنفيذاً لقصدهما المشترك وهو قتل المجني عليها بقصد سرقة قرطها الذهبي وكان ما حصله الحكم من ذلك له أصله ومعينه من الأوراق مما لا تجادل فيه الطاعنة كما أثبت الحكم في تدليل سائغ وعلى ما سلف بيانه توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنة والمتهم الآخر مما يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهما في المسئولية الجنائية فإن الحكم إذ انتهى إلى مساءلة الطاعنة بوصفها فاعلة أصلية طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعنة في هذا الشأن غير سديد.
لما كان ذلك وكان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة قد أثارت أنها كانت في حالة ضرورة ألجأتها إلى استدراج المجني عليها إلى داخل منزلها انصياعاً لرغبة الطاعن الأول والد زوجها والذي يقيم معها في معيشة واحدة ومن ثم فإنه لا يقبل منها إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض هذا فضلاً عن أن الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلى الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله وأن العلاقة الزوجية أو علاقة النسب في ذاتها لا تصلح سند للقول بقيام الضرورة الملجئة إلى ارتكاب الجرائم أو خرق محارم القانون ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت ظرف سبق الإصرار بما ينتجه من وجوه الأدلة السائغة وإذ كان من المقرر أن مجرد إثبات ظرف سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها وكان الحكم قد أثبت تصميم الطاعنين على قتل المجني عليها فإن ذلك يرتب تضامناً في المسئولية يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل متهم محدداً بالذات أو غير محدد وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه كما أنه من المقرر أن المحكمة لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج - كما هو الحال في الدعوى وكان ما أوردته المحكمة في ردها على طلب استدعاء الطبيب الشرعي سائغاً ومن ثم فلا تثريب عليها إن هي لم تستجب إلى هذا الطلب ويكون منعى الطاعنة في هذا الشأن غير سديد.
لما كان ما تقدم فإن طعن الطاعنة الثانية برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 13904 لسنة 61 ق جلسة 11 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ق 49 ص 362


جلسة 11 من إبريل سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور جبري نائب رئيس المحكمة ومصطفى الشناوي ومحمد عادل الشوربجي وأنس عماره.
------------
(49)
الطعن رقم 13904 لسنة 61 القضائية

 (1)نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
امتداد ميعاد الطعن بالنقض إذا صادف نهايته عطلة رسمية إلى اليوم التالي لنهاية هذه العطلة.
 (2)هتك عرض. جريمة "أركانها". إكراه.
ركن القوة والتهديد في جريمة هتك العرض. تحققه بكافة صور انعدام الرضاء لدى المجني عليه. تمامه بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص بقصد تعطيل قوة المقاومة عندهم.
 (3)هتك عرض. جريمة "أركانها". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حصول الإكراه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومما تطمئن إليه من أدلة في الدعوى حصول الإكراه على المجني عليه.
تحدث الحكم استقلالاً عن ركن القوة في جريمة هتك العرض. غير لازم.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة. موضوعي.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
(5) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
لا يشترط في الشهادة أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها كفاية أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى.

-------------
1 - لما كانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف أربعين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 12 من يوليه سنة 1991، بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية، كما أن اليوم التالي 13 من يوليه سنة 1991 كان عطلة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 14 من يوليه
2 - من المقرر أن ركن القوة والتهديد في جريمة هتك العرض يتحقق بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه، فهو يتم بكل وسيله قسرية تقع على الأشخاص بقصد تعطيل قوة المقاومة إعدامها عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة.
3 - من المقرر أن للمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومما تطمئن إليه من أدلة في الدعوى حصول الإكراه على المجني عليه، ولما كان الحكم قد أثبت أن الطاعن اعترض طريق المجني عليه، ثم اصطحبه إلى شاطئ النيل بعد أن اعتدى عليه بالضرب، خلع عنه سرواله عنوة، وجثم فوقه وأخذ بحك قضيبه بدبره حتى أمنى، فإن هذا الذي أثبته الحكم كاف لإثبات ركن القوة، ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه
4 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
5 - لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك بالقوة عرض الصبي...... البالغ من العمر إحدى عشرة سنة بأن اعترض سيره بالطريق العام وجذبه من ملابسه واصطحبه عنوة لأحد الحقول وأخذ في تقبيله ثم نزع عنه سرواله مهدداً إياه باستخدام القوة معه وطرحه أرضاً وجثم فوقه وحك قضيبه بدبره على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 3 من يونيه سنة 1991 عملاً بالمادة 268/ 1 - 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 19 من يونيه سنة 1991 وقدمت أسباب الطعن في 14 من يوليه سنة 1991 موقعاً عليها من الأستاذ/..... المحامي
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.


المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 2 من يونيه سنة 1991، فقرر الطاعن فيه بتاريخ 19 من ذات الشهر، وقدم مذكرة بأسباب طعنه بتاريخ 14 من يوليه سنة 1991، ولما كانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف أربعين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 12 من يوليه سنة 1991، بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية، كما أن اليوم التالي 13 من يوليه سنة 1991 كان عطلة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 14 من يوليه. لما كان ذلك، فإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان قد تما في الميعاد القانوني ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة هتك عرض صبي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة بالقوة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال، ذلك بأنه اعتبر الواقعة جناية هتك عرض بالقوة، مع أن الثابت من الأوراق أن ما أتاه مع المجني عليه أنما كان بغير قوة أو تهديد، وعول في قضائه على أقوال المجني عليه وشاهد الإثبات، على الرغم من أن أقوال أولهما لا تتفق مع العقل والمنطق، كما أن أقوال ثانيهما خلت مما يشير إلى استعمال الطاعن القوة مع المجني عليه، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ركن القوة والتهديد في جريمة هتك العرض يتحقق بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه، فهو يتم بكل وسيله قسرية تقع على الأشخاص بقصد تعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة، وكان للمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومما تطمئن إليه من أدلة في الدعوى حصول الإكراه على المجني عليه، ولما كان الحكم قد أثبت أن الطاعن اعترض طريق المجني عليه، ثم اصطحبه إلى شاطئ النيل بعد أن اعتدى عليه بالضرب، وخلع عنه سرواله عنوة، وجثم فوقه وأخذ يحك قضيبه بدبره حتى أمنى، فإن هذا الذي أثبته الحكم كاف لإثبات ركن القوة، ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها. وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال المجني عليه وسائر الأدلة التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن ما يثيره الطاعن من أن أقوال المجني عليه لا تتفق مع العقل والمنطق، وأن أقوال شاهد الإثبات خلت مما يشير إلى استعمال الطاعن القوة مع المجني عليه، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ولا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 10553 لسنة 61 ق جلسة 7 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ق 47 ص 347


جلسة 7 من إبريل سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نائبي رئيس المحكمة وبهيج حسن القصبجي.
----------
(47)
الطعن رقم 10553 لسنة 61 القضائية

(1) اشتراك. إثبات "بوجه عام". اتفاق. اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
الاشتراك بالاتفاق يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. للقاضي الاستدلال عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ويستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر الاشتراك في جناية اختلاس أموال أميرية.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها. مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(3) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي أطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل واستنباط المحكمة لمعتقدها. غير جائز أمام النقض.
 (4)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". استدلالات.
التفات المحكمة عن دفاع الطاعن ببطلان إجراءات الاستدلالات. التي لم يستند الحكم إلى أي منها. لا عيب.
 (5)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". استدلالات. مأمور الضبط القضائي
حق مأمور الضبط القضائي في القيام بإجراءات الاستدلالات دون إذن.
عدم التزام المحكمة بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان.
 (6)تفتيش "التفتيش بغير إذن". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". 
الدفع ببطلان التفتيش شرع للمحافظة على المكان. ليس لغير حائزه أن يبديه ولو كان يستفيد منه. علة ذلك؟
حضور المتهم إجراءات التفتيش ليس شرطاً لصحتها.
(7) استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
منازعة الطاعن في شأن أقواله وباقي المتهمين بمحضر جمع الاستدلالات. لا تقبل. متى كان الحكم لم يعول في إدانته على ما تضمنته هذه الأقوال وخلا محضر جلسة المحاكمة من دفاع له في هذا الخصوص.
 (8)دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً كفاية أن يستفاد الرد عليه من الأدلة التي عولت عليها المحكمة.
(9) محاكم أمن الدولة. اختصاص "اختصاص محاكم أمن الدولة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الاختلاس من الجرائم التي تختص بها محاكم أمن الدولة العليا أساس ذلك؟
إثارة الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى لأول مرة أمام النقض. غير جائز. ما لم يكن مدونات الحكم تظاهره. علة ذلك؟
 (10)نقض "المصلحة في الطعن".
عدم قبول أوجه الطعن التي لا تتصل بشخص الطاعن.

------------
1 - من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية وأن القاضي الجنائي حر في أن يستمد عقيدته بشأنه من أي مصدر. وله أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره. وأن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به - كما هو الحال في هذه الدعوى - إذ استدل الحكم على توافر الاشتراك في حق الطاعن في ارتكاب جريمة الاختلاس من اتفاقه مع المتهم الأول الذي كان يعمل أميناً لمخازن هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية على اختلاس بعض المهمات المملوكة لتلك الجهة نظير بعض المبالغ النقدية اختص بها المتهم الأول والمتهمين الآخرين المنوط بهما أعمال الحراسة بمخازن الجهة المذكورة وتم إنفاذ هذا الاتفاق بنقل تلك الأشياء إلى مكان آخر لحساب الطاعن وقد أورد الحكم الأدلة والقرائن السائغة التي توصل منها إلى هذا الاستنتاج، فإن ذلك من الحكم بحسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضائه.
2 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل جزئية يثيرها إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ومن ثم يضحي ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب غير سديد.
3 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود متى اقتنعت بها وأن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصه من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه فإن ما يثيره الطاعن في شأن إطراح المحكمة للمستند المقدم منه تدليلاً على شرائه المضبوطات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفى استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه بإدانة الطاعن أدلة الثبوت التي أوردها والتي استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن إقرار المتهمين الأول والثاني في التحقيقات ومن المعاينة التي أجرتها النيابة العامة للمضبوطات. ولم يستند في قضائه إلى ثمة إجراء من الإجراءات السابقة على التحقيقات وهي جميعها في حقيقتها من إجراءات الاستدلالات والتحري عن الجرائم ومرتكبها التي يوجبها القانون على مأموري الضبط القضائي في حدود اختصاصهم فإنه لا جناح على المحكمة التفاتها عما أثاره الطاعن من أوجه دفاعه المنصبة على بطلان إجراءات الاستدلالات، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه أشار صراحة إلى رفض هذه الأوجه من بعد اطمئنانه إلى أدلة الثبوت التي ساقها وهي سائغة وكافية لحمل قضائه.
5 - إن ما ذهب إليه الطاعن من نعي على الحكم المطعون فيه بالتفاته عن الدفع ببطلان تفتيش المخزن تأسيساً على تمام هذا الإجراء في غيبته وفى غير حضور صاحبه فإن البين مما أورده الحكم المطعون فيه في بيان الواقعة وإيراد الأدلة أن ثمة تفتيش لم يجر لذلك المخزن وإن واقعة ضبط الأشياء محل الجريمة به كانت على أثر مواجهة صاحبه بما توصلت إليه معلومات الضابط من اتفاق الطاعن مع المتهمين الآخرين على اختلاس تلك الأشياء ونقلها إلى ذلك المخزن وهو ما أقر به صاحب المخزن ذاته فإن هذا الإجراء بهذه المثابة من إجراءات الاستدلالات التي يحق لمأمور الضبط القضائي القيام بها دون حاجة إلى إذن مسبق من سلطة التحقيق، ولا على المحكمة إن هي أعرضت عن تناوله إيراداً ورداً بفرض إبدائه في مذكرة دفاعه لأنه بمثابة دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستوجب رداً على المحكمة عليه.
6 - من المقرر أن الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على المكان ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيشه لا يقبل من غير حائزه فإن لم يثيره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بطريق التبعية وإذ كان الطاعن يسلم بعدم ملكيته أو حيازته للمخزن المقول بتفتيشه فإنه لا يقبل منه الدفع ببطلان تفتيشه لانتفاء صفته في التمسك به وبالإضافة إلى ذلك فإن القانون لم يجعل من حضور المتهم لإجراءات التفتيش شرطاً جوهرياً لصحتها ولا يرتب البطلان على مخالفتها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
7 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول ضمن ما عول عليه في قضائه بالإدانة على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من أقوال منسوبة للطاعن أو غيره من المتهمين - كما أنه لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أثار ثمة منازعة في هذا الخصوص. فإن منازعته في هذا الأمر وإثارته أمام محكمة النقض تفتقر إلى سند قبولها.
8 - الدفع بتلفيق التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل بحسب الأصل رداً بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة. بما يفيد إطراحها لكافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان إطراحها.
9 - لما كانت صورة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة وأطمأن إليه وجدانها مستخلصة من أدلة الثبوت التي أوردها وعددها الحكم المطعون فيه تتوافر بها أركانها جريمة الاختلاس التي دين الطاعن بالاشتراك فيها. وأن هذه الجريمة من الجرائم التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا دون غيرها عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وكان الطاعن لم يزعم أنه قد دفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وكانت مدونات الحكم - على ما سلف بيانه - قد خلت مما يظاهر هذا الدفع - فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لما يتطلبه من تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
10 - الأصل أن لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وله مصلحة فيه. فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى قضائه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة على المتهم الأول. يكون غير مقبول.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ...... 2 - ...... 3 - ...... 4 - ...... (طاعن) بأنهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً من الأمناء على الودائع (........) بالهيئة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية إحدى الهيئات العامة) اختلس المهمات المبينة الوصف بالأوراق والبالغ قيمتها خمسون ألف جنيه والمملوكة للهيئة سالفة الذكر والمسلمة إليه بسبب وظيفته وصفته سالفتي البيان. المتهمون الثاني والثالث والرابع: - اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق المتهم الرابع معه على أن يقوم ببيعها إليه وإخراجها من المخزن وتسليمها له فقام المتهم الأول بإخراجها من المخزن وتسليمها إليه وساعده في ذلك المتهمان الثاني والثالث بأن سمحا بخروج هذه المهمات بالمخالفة للتعليمات والإجراءات الخاصة كما ساعد المتهم الرابع في نقلها بسيارة أحضرها الأخير وقد تمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة - وأحالتهم إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للطاعن وغيابياً لباقي المتهمين عملاً بالمواد 40، 41، 112/ 1، 2/ أ، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته أولاً: بمعاقبة....... بالأشغال الشاقة المؤبدة ثانياً: - بمعاقبة كل من.....، .....، ..... بالسجن لمدة ثلاث سنوات - ثالثاً: بتغريم المتهمون الأربعة خمسين ألف جنيه رابعاً بعزل المتهمين الثلاثة الأول من وظائفهم
فطعن المحكوم عليه الرابع في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في الاختلاس قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والبطلان ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك بأنه لم يدلل على توافر أركان جناية الاختلاس المسندة إلى المتهم الأول ولم يستظهر قصد الاشتراك فيها لدى الطاعن ومدى علمه بملكية المضبوطات للجهة المجني عليها وأن المتهم الأول من العاملين بها ومن الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة وهو مما قام عليه دفاعه المستند إلى المستند المقدم منه تدليلاً على أن المضبوطات مشتراة من المتهم الأول بصفته مديراً لإحدى الشركات الأجنبية بمناسبة تصفية أعمالها وبيع مخلفاتها. بيد أن الحكم تناوله برد قاصر لا يؤدى إلى إطراحه ودون أن تعنى المحكمة بتمحيص المستندات المقدمة تأييدا لهذا الدفاع. وأعرض الحكم عن أوجه دفعه ودفاعه المبداة بجلسة المحاكمة والمذكرة المقدمة منه ببطلان إجراءات التحقيق والقبض والتفتيش لتمامها بمعرفة أحد الضباط - برغم أنها من اختصاص سلطة التحقيق دون إذن مسبق من النيابة العامة وفى غير إحدى حالات التلبس فضلاً من عدم حضور صاحب المخزن والطاعن إجراءات تفتيشه هذا إلى أن الأقوال المنسوبة للطاعن وباقي المتهمين بمحضر جمع الاستدلالات كانت وليدة إكراه بقصد تلفيق الاتهام لهم بالإضافة إلى أن الواقعة فيما لو صحت - من اختصاص محكمة الجنح - وتخرج عن اختصاص محكمة أمن الدولة العليا باعتبار أن المال محلها مملوك لإحدى الشركات الأجنبية ولا يندرج تحت وصف المال العام كما أن عمال الجهة المجني عليها كانوا منتدبين للعمل قبل الشركة بصفة مؤقتة ولا يعدوا من الموظفين العموميين. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه عاقب المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة رغم أن الجريمة المسندة إليه لا ترتبط بجريمة تزوير في محرر أو استعماله. ذلك كله يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه خلال شهر أغسطس سنة 1988 علم النقيب....... ضابط مباحث قسم المعادي أن........ يقوم بتخزين بعض المهمات الخاصة بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية في مخزنه وإذ واجهه بذلك قرر له أن....... - الطاعن - حصل على تلك الأشياء من المتهم الأول....... أمين مخزن الهيئة بمنطقة المعادي نظير بعض المبالغ - وإنه قام بنقلها إلى مخزنه خلال شهري إبريل ومايو سنة 1988 - فقام الضابط بضبطها وتبين أنها مملوكة للهيئة المذكورة ومحظور تداولها بالأسواق وتبلغ قيمتها خمسين ألف جنيه وإنها كانت في عهدة المتهم الأول وتم التصرف فيها بالاتفاق مع الحارسين على الموقع المتهمين الثاني والثالث للطاعن لقاء مبالغ مالية. وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من شهادة كل من النقيب...... و...... مدير إدارة النقل بالهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية وما قرره المتهمان الأول والثاني بالتحقيقات وما تضمنته أقوال كل من....... و....... بالتحقيقات، ومما ثبت من معاينة المضبوطات وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. ولا يماري الطاعن في أن لها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - تتوافر به أركان جناية الاشتراك في الاختلاس التي دين الطاعن بها كما عناها القانون. إذ البين أن المال محلها مال عام وأن المتهم الأول....... من الأمناء على الودائع العاملين بالجهة المجني عليها وهي إحدى الهيئات العامة للدولة وقد سلمت إليه الأشياء محل الجريمة بهذه الصفة. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية وأن القاضي الجنائي حر في أن يستمد عقيدته بشأنه من أي مصدر. وله أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره. وأن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به - كما هو الحال في هذه الدعوى - إذ استدل الحكم على توافر الاشتراك في حق الطاعن في ارتكاب جريمة الاختلاس من اتفاقه مع المتهم الأول الذي كان يعمل أميناً لمخازن هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية على اختلاس بعض المهمات المملوكة لتلك الجهة نظير بعض المبالغ النقدية اختص بها المتهم الأول والمتهمين الآخرين المنوط بهما أعمال الحراسة بمخازن الجهة المذكورة وتم إنفاذ هذا الاتفاق بنقل تلك الأشياء إلى مكان آخر لحساب الطاعن وقد أورد الحكم الأدلة والقرائن السائغة التي توصل منها إلى هذا الاستنتاج، فإن ذلك من الحكم بحسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ولا على المحكمة إن هي التفتت عما ذهب إليه الطاعن من انتفاء علمه بملكية الأشياء محل الجريمة للهيئة المجني عليها أو أن المتهم الأول من العاملين بها ومن الأمناء على الودائع وقد سلمت إليه تلك المهمات بهذه الصفة وذلك لما هو مقرر من أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل جزئية يثيرها إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ومن ثم يضحي ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود متى اقتنعت بها وأن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصه من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه فإن ما يثيره الطاعن في شأن إطراح المحكمة للمستند المقدم منه تدليلاً على شرائه المضبوطات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفى استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه بإدانة الطاعن على أدلة الثبوت التي أوردها والتي استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن إقرار المتهمين الأول والثاني في التحقيقات ومن المعاينة التي أجرتها النيابة العامة للمضبوطات. ولم يستند في قضائه إلى ثمة إجراء من الإجراءات السابقة على التحقيقات وهى جميعها في حقيقتها من إجراءات الاستدلالات والتحري عن الجرائم ومرتكبها التي يوجبها القانون على مأموري الضبط القضائي في حدود اختصاصهم فإنه لا جناح على المحكمة التفاتها عما أثاره الطاعن من أوجه دفاعه المنصبة على بطلان إجراءات الاستدلالات، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد أشار صراحة إلى رفض هذه الأوجه من بعد اطمئنانه إلى أدلة الثبوت التي ساقها وهي سائغة وكافية لحمل قضائه. أما ما ذهب إليه الطاعن من نعى على الحكم المطعون فيه بالتفاته عن الدفع ببطلان تفتيش المخزن تأسيساً على تمام هذا الإجراء في غيبته وفى غير حضور صاحبه فإن البين مما أورده الحكم المطعون فيه في بيان الواقعة وإيراد الأدلة أن ثمة تفتيش لم يجر لذلك المخزن وإن واقعة ضبط الأشياء محل الجريمة به كانت على إثر مواجهة صاحبه بما توصلت إليه معلومات الضابط من اتفاق الطاعن مع المتهمين الآخرين على اختلاس تلك الأشياء ونقلها إلى ذلك المخزن وهو ما أقر به صاحب المخزن ذاته فإن هذا الإجراء بهذه المثابة من إجراءات الاستدلالات التي يحق لمأمور الضبط القضائي القيام بها دون حاجة إلى إذن مسبق من سلطة التحقيق، ولا على المحكمة إن هي أعرضت عن تناوله إيراداً ورداً بفرض إبدائه في مذكرة دفاعه لأنه بمثابة دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستوجب رداً من المحكمة عليه. هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على المكان ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيشه لا يقبل من غير حائزه فإن لم يثيره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بطريق التبعية وإذ كان الطاعن يسلم بعدم ملكيته أو حيازته للمخزن المقول بتفتيشه فإنه لا يقبل منه الدفع ببطلان تفتيشه لانتفاء صفته في التمسك به وبالإضافة إلى ذلك فإن القانون لم يجعل من حضور المتهم لإجراءات التفتيش شرطاً جوهرياً لصحتها ولا يرتب البطلان على مخالفتها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول ضمن ما عول عليه في قضائه بالإدانة على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من أقوال منسوبة للطاعن أو غيره من المتهمين - كما أنه لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أثار ثمة منازعة في هذا الخصوص. فإن منازعته في هذا الأمر وإثارته أمام محكمة النقض تفتقر إلى سند قبولها. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل بحسب الأصل رداً بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة. بما يفيد إطراحها لكافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان إطراحها. لما كان ذلك وكانت صورة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة واطمأن إليه وجدانها مستخلصة من أدلة الثبوت التي أوردها وعددها الحكم المطعون فيه تتوافر بها أركان جريمة الاختلاس التي دين الطاعن بالاشتراك فيها. وأن هذه الجريمة من الجرائم التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا دون غيرها عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وكان الطاعن لم يزعم أنه قد دفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وكانت مدونات الحكم - على ما سلف بيانه - قد خلت مما يظاهر هذا الدفع - فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لما يتطلبه من تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الأصل أن لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وله مصلحة فيه. فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى قضائه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة على المتهم الأول. يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 11015 لسنة 61 ق جلسة 7 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ق 45 ص 334


جلسة 7 من إبريل سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ ناجي إسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان نائبي رئيس المحكمة وحسين الجيزاوي ومجدي أبو العلا.
------------
(45)
الطعن رقم 11015 لسنة 61 القضائية

 (1)مواد مخدرة. عقوبة "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". اتفاق جنائي. قانون "تفسيره".
مناط الإعفاء من العقاب المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 48 عقوبات المبادرة بالإخبار بوجود اتفاق جنائي وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة تنفيذاً للاتفاق الجنائي. حصوله بعد البحث والتفتيش يلزم أن يوصل فعلاً إلى ضبط الجناة الآخرين
حالتا الإعفاء من العقاب المنصوص عليها بالمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات قوامهما: في الأولى المبادرة بالإخبار قبل علم السلطات بالجريمة، وفى الثانية أن يؤدي الإخبار إلى تمكين السلطات من ضبط الجناة.
(2) مواد مخدرة. عقوبة "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
الدفع بالإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 48 من القانون رقم 112 لسنة 1960. إطراح الحكم له استناداً إلى المادة 48 عقوبات دون بحث موجبات تطبيق النص الأول. خطأ في القانون

-------------
1 - لما كان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - أنه أطرح الدفع بإعفاء الطاعنة من العقاب استناداً إلى نص المادة 48 من قانون العقوبات، وكانت هذه المادة بعد أن نصت في فقراتها الأولى والثانية والرابعة على جريمة الاتفاق الجنائي والعقوبات المقررة للفاعلين لها والمشاركين فيها والمحرضين عليها، نصت في فقرتها الأخيرة على أن "ويعفى من العقوبات المقررة في هذه المادة كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بوجود اتفاق جنائي وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة وقبل بحث وتفتيش الحكومة عن أولئك الجناة، فإذا حصل الإخبار بعد البحث والتفتيش تعين أن يوصل الإخبار فعلاً إلى ضبط الجناة الآخرين وكان مناط تطبيق هذه الفقرة الأخيرة هو المبادرة بالإخبار، وأن الإخبار الذي يجمع بين حالتي امتناع العقاب يتعين أن يكون سابقاً على وقوع أية جناية أو جنحة تنفيذاً للاتفاق الجنائي، وذلك على خلاف ما نصت عليه المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها التي قصد الدفاع الاستفادة من أصحابها - من أن "يعفى من العقوبات المقررة في المواد 33، 34، 35، كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطات العامة عن الجريمة قبل علمها بها، فإذا حصل الإبلاغ بعد علم السلطات العامة بالجريمة تعين أن يوصل الإبلاغ فعلاً إلى ضبط باقي الجناة"، ويبين من ذلك أن الشارع فرق بين حالتين للإعفاء في المادة 48 من القانون الأخير، تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة، واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات العامة بالجريمة، أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة
2 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنة جريمة الاتفاق الجنائي ولم يدنها بها، وإنما جاء قضاؤه محمولاً على إسناد جريمة جلب الجوهر المخدر إليها وإدانتها بها عملاً بنص المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960، وكان الثابت من مدوناته أن الطاعنة عقب ضبطها محرزة للجوهر المخدر الذي جلبته إلى داخل البلاد، قد أبلغت عن المتهمة الثالثة التي سلمتها ذلك المخدر بسوريا لتوصيله إلى المتهم الثاني، وقد كشفت عن شخصية ذلك المتهم ومحل إقامته ورقم هاتفه، وقد أدت تلك المعلومات برجال الشرطة إلى استئذان النيابة العامة لضبط المتهم الثاني، وأسفرت الإجراءات التي قام بها هؤلاء بناء على إذن النيابة ومساعدة الطاعنة عن ضبط المتهم الثاني وقت استلامه المخدر المضبوط من الطاعنة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في رده على الدفاع بإعفاء الطاعنة من العقاب، على موجب ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 48 من قانون العقوبات، دون أن تفطن المحكمة إلى مبنى ذلك الدفع ومرماه على النحو الذي آثاره الدفاع عن الطاعنة بمحضر جلسة المحاكمة، والوقائع التي تلت ضبط الطاعنة - وحصلها الحكم المطعون فيه في مدوناته - على السياق المتقدم - وأسفرت عن معرفة شخصية كل من المتهمين الثاني والثالثة، وضبط المتهم الثاني، بناء على ما أدلت به الطاعنة من معلومات بخصوص هذين المتهمين، مما حجبها عن تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الدفع بالإعفاء من العقاب، وبحث موجباته على هدى من نص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ومدى توافر شروطه في حق الطاعنة - باعتباره النص القانوني الواجب التطبيق على الدفع بالإعفاء من العقاب في خصوصية هذه الدعوى - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون - معيباً بالقصور في التسبيب.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)..... (طاعنة) (2)..... (3) ..... بأنهم أولاً: تدخلوا في اتفاق جنائي بقصد ارتكاب جناية جلب مخدرات إلى داخل البلاد بدون تصريح بذلك من الجهة الإدارية المختصة بأن قامت المتهمة الثالثة بتسليم الشحنة المخدرة في دمشق للمتهمة الأولى لتقوم بتسليمها إلى المتهم الثاني بالإسكندرية لقاء جعل مادي وذلك على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: جلبوا جوهراً مخدراً (هيروين) إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية وذلك دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأولى والثاني وغيابياً للثالثة عملاً بالمواد 1، 2، 3، 23/ 1 - أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمة....... بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمها مائة ألف جنيه وبإلزامها بالتعويض الجمركي المقرر قانوناً عن التهمة الثانية ومصادرة المخدر المضبوط وبراءتها من التهمة الأولى، ثانياً: ببراءة المتهمين الثاني والثالثة مما أسند إليهما.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة جلب جوهر مخدر إلى داخل جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم أطرح الدفع بإعفاء الطاعنة من العقاب طبقاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 تأسيساً على أن إخبارها عن المتهمين الآخرين كان تضليلاً وليس إرشاداً، في حين أن ما أدلت به الطاعنة من أقوال بشأنها قد أدى إلى ضبط المتهم الثاني، مما يؤكد صدق أقوالها في هذا الخصوص، وأن تقاعس رجال الضبط عن اتخاذ الإجراءات التي تكشف عن مساهمة المتهم الثاني في الجريمة ومسئوليته عنها، لا ينبئ عن عدم جدية أقوالها - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى، وأورد الأدلة على ثبوتها في حق الطاعنة، عرض للدفع بإعفاءها من العقاب، ورد عليه في قوله "وحيث إنه عما أثاره دفاع المتهمة من أنها أرشدت عن المتهمين الثاني والثالثة، فهو مردود، وذلك أنه من المقرر قانوناً وطبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 48 من قانون العقوبات أنها تتطلب وجوب المبادرة بإخبار الحكومة بوجود الاتفاق الجنائي ومن اشتركوا فيه قبل وقوع أي جناية أو جنحة، وإذن فمتى كان ما أدلت به المتهمة....... لا يعدو أن يكون أقوالاً معماة أبدتها بعد ضبطها ولم تكن من شأن تلك الأقوال التي أبدتها أن تكشف عمن اشتركوا في الاتفاق الجنائي، إذ أن ذلك يمثل تضليلاً وليس إرشاداً، ومن ثم فلا حق لها في الانتفاع من الإعفاء المقرر بتلك المادة، وأن المحكمة تلتفت عن ذلك كله لافتقاره إلى سند من أوراق الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها عناصره، هذا فضلاً عن مجافاته لأدلة الثبوت التي بسطتها على الصراط المتقدم، وهي أدلة سديدة متساندة لا يشوبها شك في أن المتهمة المذكورة ارتكبت الجرم المسند إليها من جلبها لمخدر الهيروين فقط إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة...." لما كان ذلك، وكان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - أنه أطرح الدفع بإعفاء الطاعنة من العقاب استناداً إلى نص المادة 48 من قانون العقوبات، وكانت هذه المادة بعد أن نصت في فقراتها الأولى والثانية والثالثة والرابعة على جريمة الاتفاق الجنائي والعقوبات المقررة للفاعلين لها والمشاركين فيها والمحرضين عليها، نصت في فقرتها الأخيرة على أن "ويعفى من العقوبات المقررة في هذه المادة كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بوجود اتفاق جنائي وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة وقبل بحث وتفتيش الحكومة عن أولئك الجناة، فإذا حصل الإخبار بعد البحث والتفتيش تعين أن يوصل الإخبار فعلاً إلى ضبط الجناة الآخرين وكان مناط تطبيق هذه الفقرة الأخيرة هو المبادرة بالإخبار، وأن الإخبار الذي يجمع بين حالتي امتناع العقاب يتعين أن يكون سابقاً على وقوع أية جناية أو جنحة تنفيذاً للاتفاق الجنائي، وذلك على خلاف ما نصت عليه المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها التي قصد الدفاع الاستفادة من أصحابها - من أن "يعفى من العقوبات المقررة في المواد 33، 34، 35، كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطات العامة عن الجريمة قبل علمها بها، فإذا حصل الإبلاغ بعد علم السلطات العامة بالجريمة تعين أن يوصل الإبلاغ فعلاً إلى ضبط باقي الجناة"، ويبين من ذلك أن الشارع فرق بين حالتين للإعفاء في المادة 48 من القانون الأخير، تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة، واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات العامة بالجريمة، أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنة جريمة الاتفاق الجنائي ولم يدنها بها، وإنما جاء قضاؤه محمولاً على إسناد جريمة جلب الجوهر المخدر إليها وإدانتها بها عملاً بنص المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960، وكان الثابت من مدوناته أن الطاعنة عقب ضبطها محرزة للجوهر المخدر الذي جلبته إلى داخل البلاد، قد أبلغت عن المتهمة الثالثة التي سلمتها ذلك المخدر بسوريا لتوصيله إلى المتهم الثاني، وقد كشفت عن شخصية ذلك المتهم ومحل إقامته ورقم هاتفه، وقد أدت تلك المعلومات برجال الشرطة إلى استئذان النيابة العامة لضبط المتهم الثاني، وأسفرت الإجراءات التي قام بها هؤلاء بناء على إذن النيابة ومساعدة الطاعنة عن ضبط المتهم الثاني وقت استلامه المخدر المضبوط من الطاعنة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في رده على الدفع بإعفاء الطاعنة من العقاب، على موجب ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 48 من قانون العقوبات، دون أن تفطن المحكمة إلى مبنى ذلك الدفع ومرماه على النحو الذي آثاره الدفاع عن الطاعنة بمحضر جلسة المحاكمة، والوقائع التي تلت ضبط الطاعنة - وحصلها الحكم المطعون فيه في مدوناته - على السياق المتقدم - وأسفرت عن معرفة شخصية كل من المتهمين الثاني والثالثة، وضبط المتهم الثاني، بناء على ما أدلت به الطاعنة من معلومات بخصوص هذين المتهمين، مما حجبها عن تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الدفع بالإعفاء من العقاب، وبحث موجباته على هدي من نص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ومدى توافر شروطه في حق الطاعنة - باعتباره النص القانوني الواجب التطبيق على الدفع بالإعفاء من العقاب في خصوصية هذه الدعوى - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون - معيباً بالقصور في التسبيب الذي يوجب نقضه والإعادة.

الطعن 12669 لسنة 61 ق جلسة 4 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ق 43 ص 322


جلسة 4 من إبريل سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا ومحمد شتا وحسام عبد الرحيم نواب رئيس المحكمة وسمير أنيس.
-------
(43)
الطعن رقم 12669 لسنة 61 القضائية

 (2)نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
 (2)سرقة. دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تعويل الحكم على الدليل المستمد من القبض. ينحسر مع الالتزام بالرد على الدفع ببطلانه.
 (3)إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
تقدير محكمة الموضوع عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه. لا معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة.
سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد أكراها. شرط ذلك؟
 (4)قبض "بطلانه". دفوع "الدفع ببطلان القبض". إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بطلان القبض لا يحول دون الأخذ بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها.
تقدير قيمة الاعتراف الذي صدر من المتهم إثر قبض باطل. موضوعي.
(5) سرقة. جريمة "أركانها". ظروف مشددة. سلاح. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". 
تحديد وقت وقوع الحادث. إثبات ظرف حمل المتهم للسلاح. موضوعي.
(6) سرقة. جريمة "أركانها". ظروف مشددة. سلاح. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ظرف حمل السلاح في جناية السرقة المعاقب عليها بالمادة 316 عقوبات توافره: بحمل أحد المتهمين سلاحاً ظاهراً أو مخبأ لأي سبب.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بأن الواقعة جنحة سرقة وليست جناية سرقة بإكراه. منازعة مقطوعة من الصورة التي اعتنقتها المحكمة. غير مقبول.
عدم التزام محكمة الموضوع بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. كفاية قضائها بالإدانة رداً عليه.
 (8)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
حق محكمة الموضوع في الإعراض عن أقوال شهود النفي. ما دامت لم تستند إليها.

--------------
1 - لما كان الطاعنين.....، .....، ..... وإن قرروا بالطعن في الميعاد إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم، ولما كان التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه، فإن الطعن المقدم من الطاعنين المذكورين يكون غير مقبول شكلاً.
2 - لما كان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم لعدم رده على دفعه ببطلان القبض عليه وتفتيشه لأن إذن النيابة العامة الصادر بهما لم يشمله مردود بأن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من هذا القبض ولم يشر إليه في مدوناته، ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع.
3 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى أطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، وكما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وكان سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراها ما دام هذا السلطان لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً، ومجرد الخشية منه لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً.
4 - من المقرر أن بطلان القبض بفرض وقوعه لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها القبض ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق بارتكاب الجريمة، وكان تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم إثر قبض باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بالقبض هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى سلامة وصحة الاعتراف المنسوب للطاعن وأنه منبت الصلة بالقبض الباطل، فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
5 - من المقرر أن تحديد وقت وقوع الحادث من الليل أو النهار وإثبات ظرف حمل المتهم للسلاح هو مما يستقل به قاضي الموضوع بغير معقب عليه في ذلك.
6 - لما كان قضاء محكمة النقض قد استقر على أن جناية السرقة المعاقب عليها بالمادة 316 من قانون العقوبات تتحقق قانوناً بالنسبة إلى ظرف حمل السلاح كلما كان أحد المتهمين حاملاً سلاحاً ظاهراً أو مخبأ أياً كان سبب حمله لهذا السلاح، وكانت المحكمة قد اطمأنت من جماع الدليل المطروح عليها في الدعوى إلى أن المتهم - ومعه آخرون - قد قاموا بإتيان واقعة السرقة ليلاً وأن أحدهم كان يحمل سلاحاً أطلق منه أعيرة نارية بعد الحادث مباشرة، وقد ضبط هذا السلاح معه بعد ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - النعي بأن الواقعة مجرد جنحة سرقة وليست جناية سرقة بالإكراه لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، طالما أنها تناولت دفاعه وردت عليه رداً سليماً يسوغ به إطراحه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كما أن المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها ويكون نعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
8 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أوردته المحكمة من أقوال الشهود والمتهمين له معينه الصحيح في الأوراق، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة في أدلة الدعوى التي أطمأنت إليها المحكمة، وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض، ولا يعيب الحكم التفاته عن قالة شهود النفي كما يدعي الطاعن أو نفي واقعة ضبط السلاح، إذ يعد دفاعاً لم تطمئن إليه المحكمة فأطرحته ويكون هذا النعي غير سديد.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم أولاً المتهمون وآخر 1 - سرقوا المنقولات المبينة بالأوراق وصفاً وقيمة والمملوكة..... حالة كون إحداهما يحمل سلاحاً ظاهراً - ثانياً: المتهمان الثاني والرابع أ - أحرزا بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً طبنجة ب - أحرزا ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخص لإحداهما بحيازة أو إحراز سلاح ناري. وأحالتهما إلى محكمة جنايات دمنهور لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 44 مكرراً، 316 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 54 المعدل بالقانونين 26/ 78، 165 لسنة 81 والبند "أ" من القسم (1) من الجدول 3 الملحق من تطبيق المادتين 17، 32 من قانون بمعاقبة المتهمين بالسجن لمدة خمس سنوات ومصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطة
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعنان......، ......، ...... وإن قرروا بالطعن في الميعاد إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم، ولما كان التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه، فإن الطعن المقدم من الطاعنين المذكورين يكون غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول....... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بالإكراه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه دفع ببطلان القبض عليه لوقوعه بغير إذن من النيابة العامة وبطلان اعترافه لما شابه من إكراه مادي وأدبي تمثل في تواجد ضابط الواقعة أثناء التحقيق مما أثر عليه، وصدوره إثر قبض باطل، بيد أن المحكمة أطرحت الدفع الثاني بما لا يسوغه، ولم تجبه إلى طلب سماع أقوال السيد وكيل النيابة المحقق وسكرتير التحقيق، ولم تعرض للدفع الأول، هذا إلى أن الأوراق خلت من دليل على حمل أحد المتهمين لسلاح ناري حال وقوع الحادث، وإطلاق أعيرة نارية منه، وأن السلاح المضبوط عثر عليه بالمنزل بعد الحادث مما تعد معه الواقعة في حقيقتها جنحة سرقة عادية لا تختص محكمة الجنايات بنظرها، كل ما تقدم يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال ضابطي الواقعة وشهود الإثبات واعتراف المتهمين الخمسة الأول بتحقيقات النيابة العامة وتقرير فحص السلاح والذخيرة. وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من نعى على الحكم لعدم رده على دفعه ببطلان القبض عليه وتفتيشه لأن إذن النيابة العامة الصادر بهما لم يشمله مردود بأن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من هذا القبض ولم يشر إليه في مدوناته. ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، وكما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وكان سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً، ومجرد الخشية منه لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً. ولما كان الحكم قد تناول دفع الطاعن ببطلان اعترافه وأطرحه بأسباب سائغة كافية لحمله وخلص إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعن لما ارتأته المحكمة من مطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها من خلوه مما يشوبه وصدوره منه طواعية واختياراً، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في الرد على الدفع ببطلان اعترافه وعدم إجابته إلى ما طلبه من مناقشة السيد وكيل النيابة الذي أجرى التحقيق وسكرتير التحقيق ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض ويكون نعي الطاعن بغير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد في مدوناته وحال رده على الدفع ببطلان الاعتراف أن المتهم الأول (الطاعن) اعتراف تفصيلاً أمام النيابة العامة بارتكابه للحادث مع باقي المتهمين عدا السادس وقرر الأربعة الآخرون منهم بأن اعتراف المتهم الأول منفصل عن واقعة ضبطه، وكان من المقرر أن بطلان القبض بفرض وقوعه لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها القبض ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق بارتكاب الجريمة، وكان تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم إثر قبض باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بالقبض هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى سلامة وصحة الاعتراف المنسوب للطاعن وأنه منبت الصلة بالقبض الباطل، فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير سديد ولا يقدح في سلامة الحكم ما سطره في مقام نفي صلة القبض بالاعتراف المنسوب للطاعن في قوله..... (وقرر الأربعة الآخرين منهم بقيام المتهم الأول منفصل تماماً عن واقعة ضبطه) إذ يبين من السياق الذي تخللته هذه العبارة على ما سلف بيانه أنها تعني أن اعترافه منفصل عن واقعة القبض عليه، ومن ثم فإن صياغتها على النحو المشار إليه لم يكن بذي أثر على عقيدة المحكمة التي تقوم على المعاني لا على الألفاظ والمباني، طالما كان المقصود منها نفي الصلة بين القبض والاعتراف. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تحديد وقت وقوع الحادث من الليل أو النهار وإثبات ظرف حمل المتهم للسلاح هو مما يستقل به قاضي الموضوع بغير معقب عليه في ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد استقر على أن جناية السرقة المعاقب عليها بالمادة 316 من قانون العقوبات تتحقق قانوناً بالنسبة إلى ظرف حمل السلاح كلما كان أحد المتهمين حاملاً سلاحاً ظاهراً أو مخبأ أياً كان سبب حمله لهذا السلاح، وكانت المحكمة قد اطمأنت من جماع الدليل المطروح عليها في الدعوى إلى أن المتهم - ومعه آخرون - قد قاموا بإتيان واقعة السرقة ليلاً وأن أحدهم كان يحمل سلاحاً أطلق منه أعيرة نارية بعد الحادث مباشرة، وقد ضبط هذا السلاح معه بعد ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، هذا إلى أن النعي بأن الواقعة مجرد جنحة سرقة وليست جناية سرقة بالإكراه لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، طالما أنها تناولت دفاعه وردت عليه رداً سليماً يسوغ به إطراحه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كما أن المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها ويكون نعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أوردته المحكمة من أقوال الشهود والمتهمين له معينه الصحيح في الأوراق، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة في أدلة الدعوى التي اطمأنت إليها المحكمة، وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض، ولا يعيب الحكم التفاته عن قالة شهود النفي كما يدعي الطاعن أو نفي واقعة ضبط السلاح، إذ يعد دفاعاً لم تطمئن إليه المحكمة فأطرحته ويكون هذا النعي غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.