الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 16 يناير 2019

الطعن 44 لسنة 39 ق جلسة 21 / 4 / 1969 مكتب فني 20 ج 2 ق 111 ص 531


برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي, ومحمد نور الدين عويس, ونصر الدين عزام, ومحمد أبو الفضل حفني.
-----------
- 1  قتل عمد. "نية القتل". سبق الإصرار. قصد جنائي "القصد الخاص". محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص توافر سبق الإصرار". "سلطتها في استخلاص توافر نية القتل". ظروف مشددة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. ماهيته: ظرف مشدد في جرائم الاعتداء على الأشخاص. لا تلازم بين القصد الجنائي وسبق الإصرار. مثال لتسبيب غير معيب في استبعاد ظرف سبق الإصرار مع قيام نية القتل.
من المقرر أنه لا تلازم بين قيام القصد الجنائي وسبق الإصرار فقد يتوافر القصد الجنائي مع انتفاء الإصرار السابق الذي هو مجرد ظرف مشدد في جرائم الاعتداء على الأشخاص. ومتى كان الحكم المطعون فيه قد استبعد سبق الإصرار في قوله: "وبما أنه ليس في الأوراق ثمة دليل مقنع على توفر سبق الإصرار أو الترصد من جانب المتهمين وعلى خلاف ذلك ثبت من الأقوال الأولى في محضر الشرطة لابنة المجني عليه أن المتهمين تشاجروا مع والدها وقد أيد ذلك ما أظهره التقرير الطبي الشرعي عن فحص ملابس المجني عليه التي كانت على جثته من وجود تمزقات كثيرة منها, حتى بالداخلية منها, كما ثبت من معاينة النيابة لمكان الحادث وجود جثة المجني عليه في حقل يعمل به المتهمون دون أن يكون هناك ثمة مبرر لذلك من مثل كون هذا الحقل في طريق مرور المجني عليه أو سيره متجهاً إلى مسكنه أو محل عمله". ومفاد ما تقدم أن المحكمة وإن اطمأنت إلى توافر نية القتل لدى الطاعنين إلا إنها ومن وجه آخر قد أيقنت بانتفاء عنصر سبق الإصرار لما تبينه من أن الحادث كان وليد مشاجرة بين المجني عليه وبين الطاعنين وغير مسبوق بفترة من الوقت تسمح لهم بإعمال الفكر في هدوء وروية, وهو استخلاص سائغ لا تناقض فيه.
- 2  قتل عمد. "نية القتل". سبق الإصرار. قصد جنائي "القصد الخاص". محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص توافر سبق الإصرار". "سلطتها في استخلاص توافر نية القتل". ظروف مشددة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي: أمر باطني يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه.
إن القصد الجنائي أمر باطني يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه. والعبرة في ذلك هي بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد لقيامه.
- 3 قتل عمد. "نية القتل". سبق الإصرار. قصد جنائي "القصد الخاص". محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص توافر سبق الإصرار". "سلطتها في استخلاص توافر نية القتل". ظروف مشددة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص نية القتل. موضوعي.
من المقرر أن استخلاص نية القتل موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. ومتى كان البين أن الحكم المطعون فيه قد دلل على قيام نية القتل لدى الطاعنين تدليلاً سائغاً, فإن ما يثيره الطاعنون بهذا الصدد لا يكون له محل.
- 4  فاعل أصلي. اتفاق. جريمة. قتل عمد. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
ماهية الاتفاق على ارتكاب الجريمة. إمكان وقوع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقا لقصد مشترك بين الجناة هو الغاية النهائية من الجريمة. ثبوت أن كلا من المتهمين كان منتويا القتل مع الآخرين ومباشرته فعل الاعتداء في سبيل تنفيذ مقصدهم المشترك. مساءلة كل منهم باعتباره فاعلا ولو لم تنشأ الوفاة عن فعلته ونشأت عن فعلة زميله. مثال لتسبيب غير معيب في هذا الصدد.
إن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المشتركين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين. ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو حتى لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بينهم هو الغاية النهائية من الجريمة, أي أن يكون كل منهم قد قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة, وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة. ولما كانت نية تدخل الطاعنين في مقارفة جريمة قتل المجني عليه تحقيقاً لقصدهم المشترك تستفاد من نوع الصلة بينهم إذ تربطهم صلة القربى فضلاً عن المعية بينهم في الزمان والمكان وصدورهم في ارتكاب الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره, ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين أنهم انهالوا على المجني عليه ضرباً بالعصي في مقتل ولم يتركوه إلا جثة هامدة وخلص إلى قوله: "بأن كلاً من الطاعنين يكون مسئولاً عن الوفاة ولو كانت الضربة الحاصلة منه ليست بذاتها قاتلة بل إنه لا يؤثر قانوناً فيما انتهت إليه المحكمة من ذلك أن بعض الضربات لم يكن له دخل في الوفاة ما دام أن الثابت على الوجه المتقدم بيانه هو أن كلاً من المتهمين كان منتوياً القتل مع الآخرين وقد باشر فعل الاعتداء في سبيل تنفيذ مقصدهم المشترك, ومن ثم فإنه يعتبر فاعلاً في القتل ولو كانت الوفاة لم تنشأ من فعلته ونشأت عن فعلة زميله. ولذلك كله لا تعول المحكمة على ما ذهب إليه الدفاع عن المتهمين من طلب مناقشة الطبيب الشرعي في هذا الخصوص". فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه, ويكون منعى الطاعنين على الحكم في شأن ذلك كله غير سديد.
- 5  دفاع شرعي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". أسباب الإباحة. "الدفاع الشرعي".
مثال لتسبيب غير معيب في نفي قيام حالة الدفاع الشرعي.
متى كان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما أثاره الطاعنون بشأن قيام حالة الدفاع الشرعي في قوله: "إن ما أثاره المتهمون من القول بكونهم في حالة دفاع شرعي مردود بأن أقوال ..... بنت المجني عليه التي أخذت بها المحكمة واطمأنت إليها قاطعة في أن مشادة حصلت قبل الاعتداء بين المجني عليه والمتهمين, وفي كل شجار, ما دامت نية طرفيه إلى الاعتداء فلا مناص من أن يبدأ أحدهما الضربة الأولى ولا يمكن أن يكون الطرف الثاني في هذه الظروف في حالة دفاع شرعي لأنه عندما يعتدي على خصمه ليس يقصد إلا الاعتداء ذاته الذي انتواه ولا تنصرف نيته أبداً إلى رد الاعتداء أو منعه للقول بأنه في حالة دفاعي". وكان مفاد ما أورده الحكم فيما تقدم أن كلاً من الطرفين كان يقصد الاعتداء وإيقاع الضرب على الطرف الآخر وهو ما لا تتوافر فيه حالة الدفاع الشرعي, وذلك بغض النظر عن البادئ منهم بالاعتداء وهو رد صحيح في القانون تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس, فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه يكون غير سديد.
- 6  دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
متى لا يتحقق التعارض في الدفاع بين مصالح المتهمين؟
متى كان الواضح من الأدلة التي استند إليها الحكم أن كلاً من الطاعنين قد أنكر التهمة, وكان ثبوت الفعل المكون للجريمة في حق أي متهم لا يؤدي إلى تبرئة الآخر عن التهمة التي نسبت إليه, فإن مصلحة كل منهم في الدفاع لا تكون متعارضة مع مصلحة الآخر.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 3/10/1967 بدائرة مركز ملوي محافظة المنيا: قتلوا عمدا مع سبق الإصرار والترصد... بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك آلات راضة "عصي" وكمنوا له في طريق عودته من حقله وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه ضربا بعصيهم قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية. والمتهم الأول أيضا. أحدث عمدا بـ..... الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوما. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت في الدعوى حضوريا عملا بالمواد 234/1 و242/1 و32/2 و30/1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين وبمصادرة العصي. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة القتل العمد قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور وتناقض وفساد في الاستدلال كما انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه استبعد ظرف سبق الإصرار على سند من القول بأن الحادث لم يكن وليد تدبير سابق ثم عاد وأورد في موضع آخر من مدوناته أن الطاعنين راودتهم شهوة الأخذ بالثأر من المجني عليه فانهالوا عليه ولم يتركوه إلا جثة هامدة هذا إلى أنه وعلى رغم ثبوت أن الإصابات التي أحدثها الطاعن الثالث بالمجني عليه لم تسهم في وفاته فقد دانه الحكم بجريمة القتل العمد من غير سبق الإصرار بحجة أن هذه الإصابات وإن لم تسهم في الوفاة فقد عطلت مقاومة المجني عليه وأن كلا من المتهمين مسئول عن الوفاة حتى لو كانت الضربة المسندة إليه ليست هي القاتلة ما دام أن كلا منهم كان منتوياً القتل مع الآخرين، في حين أن مساءلة الفاعل أو الشريك عن كل النتيجة بصرف النظر عن فعله الشخصي لا تكون إلا في حالة ظرف سبق الإصرار، وقد كان يتعين على الحكم أن يحدد الفعل الذي ارتكبه كل من المتهمين. وقد تمسك الدفاع بجلسة المحاكمة باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في تحديد المسئولية إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب رغم جوهريته، ذلك بالإضافة إلا أنها لم تستظهر نية القتل لدى الطاعنين واكتفت بإيراد الأفعال المادية التي أتاها كل منهم كما أطرحت ما أثاره المدافع عن الطاعنين من أنهم كانوا في حالة دفاع شرعي عن النفس استناداً إلى أسباب غير سائغة لا تصلح لنفي قيام هذه الحالة مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إن المتهمين ....... و..... و..... قد التقوا بالمجني عليه ..... وابنته....... التي كانت ترافقه يوم 3/10/1967 بزمام ناحية قصر هور من أعمال مركز ملوي وتشاجروا مع المجني عليه الذي كان قد اتهم بقتل .... أخ المتهم الأول وقريب المتهمين الثاني والثالث وانهال المتهمون على المجني عليه ضرباً بعصيهم التي كانت معهم قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به عديد من الإصابات التي أصابته في وجهه ويديه وظهره والتي أودت بحياته وبعد أن دلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة ورد على دفاع المتهمين بما يسوغ إطراحه استظهر نية القتل وتوافرها لدى الطاعنين بقوله ((وبما أن نية القتل مستفادة من أن المتهمين مجتمعين وهم ثلاثة رجال أشداء في مقتبل العمر وميعة الصبا وقد راودت نفوسهم شهوة الأخذ بالثأر من المجني عليه لمقتل ......... قد انهالوا على المجني عليه ضرباً بالعصي في مقتل من مواضع كثيرة في جسمه بالرأس والوجه حتى أحدثوا به الإصابات السابق بيانها وبيان ما أحدثته من كسور في عظام الجمجمة والوجه وتهتك السحايا والمخ الذي خرجت مادته من أثر الاعتداء مما يثبت على وجه القطع واليقين أن المتهمين لم يتركوا المجني عليه إلا جثة هامدة كما قررت ابنته ........ في شهادتها)) ثم استبعد ظرف سبق الإصرار في قوله ((وبما أنه ليس في الأوراق ثمة دليل مقنع على توفر سبق الإصرار أو الترصد من جانب المتهمين وعلى خلاف ذلك ثبت من الأقوال الأولى في محضر الشرطة لابنة المجني عليه أن المتهمين تشاجروا مع والدها وقد أيد ذلك ما أظهره التقرير الطبي الشرعي عن فحص ملابس المجني عليه التي كانت على جثته من وجود تمزقات كثيرة فيها حتى بالداخلية منها كما ثبت من معاينة النيابة لمكان الحادث وجود جثة المجني عليه في حقل يعمل به المتهمون دون أن يكون هناك ثمة من مبرر لذلك من مثل كون هذا الحقل في طريق مرور المجني عليه أو سيره متجهاً إلى مسكنه أو محل عمله)) ومفاد ما تقدم أن المحكمة وأن اطمأنت إلى توافر نية القتل لدى الطاعنين إلا أنها من وجه آخر قد أيقنت بانتفاء عنصر سبق الإصرار لما تبينته من أن الحادث كان وليد مشاجرة بين المجني عليه وبين الطاعنين وغير مسبوق بفترة من الوقت تسمح لهم بإعمال الفكر في هدوء وروية، وهو استخلاص سائغ لا تناقض فيه، ذلك بأنه لا تلازم بين قيام القصد الجنائي وسبق الإصرار فقد يتوافر القصد الجنائي مع انتفاء الإصرار السابق الذي هو مجرد ظرف مشدد في جرائم الاعتداء على الأشخاص، ومن ثم فقد انحسر عن الحكم قالة التناقض في التسبيب. لما كان ذلك، وكان التحدي بأن مساءلة الفاعل أو الشريك عن كل النتيجة لا تكون إلا في حالة توافر ظرف سبق الإصرار مردوداً بأن عدم قيام ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين لا ينفي قيام الاتفاق بينهم، إذ الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المشتركين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو حتى لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بينهم هو الغاية النهائية من الجريمة، أي أن يكون كل منهم قد قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة، وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة، ولما كان القصد الجنائي أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه، والعبرة في ذلك هي بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد لقيامه، وكانت نية تدخل الطاعنين في مقارفة جريمة قتل المجني عليه تحقيقاً لقصدهم المشترك تستفاد من نوع الصلة بينهم إذ تربطهم صلة القربى فضلاً عن المعية بينهم في الزمان والمكان وصدورهم في ارتكاب الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره حسبما تقدم بيانه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين أنهم انهالوا على المجني عليه ضرباً بالعصي في مقتل بمواقع عديدة من جسمه بالرأس والوجه بقصد قتله ولم يتركوه إلا جثة هامدة وخلص إلى أن كلا من الطاعنين ((يكون مسئولاً عن الوفاة حتى ولو كانت الضربة الحاصلة منه ليست بذاتها قاتلة بل إنه لا يؤثر قانوناً فيما انتهت إليه المحكمة من ذلك أن بعض الضربات لم يكن له دخل في الوفاة ما دام أن الثابت على الوجه المتقدم بيانه هو أن كلاً من المتهمين كان منتوياً القتل مع الآخرين وقد باشر فعل الاعتداء في سبيل تنفيذ مقصدهم المشترك ومن ثم فإنه يعتبر فاعلاً في القتل ولو كانت الوفاة لم تنشأ من فعلته ونشأت عن فعل زميله ولذلك كله لا تعول المحكمة على ما ذهب إليه الدفاع عن المتهمين من طلب مناقشة الطبيب الشرعي في هذا الخصوص)). فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون منعى الطاعنين على الحكم في شأن ذلك كله غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن استخلاص نية القتل - وهي أمر خفي - لا يدرك بالحس الظاهر موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان البين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد دلل على قيام نية القتل لدى الطاعنين تدليلاً سائغاً، فإن ما يثيره الطاعنون بهذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، وكان الواضح من الأدلة التي استند إليها الحكم أن كلاً من الطاعنين قد أنكر التهمة وكان ثبوت الفعل المكون للجريمة في حق أي متهم لا يؤدي إلى تبرئة الآخر من التهمة التي نسبت إليه، فإن مصلحة كل منهم في الدفاع لا تكون متعارضة مع مصلحة الآخر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ عرض إلى ما أثاره الطاعنون بشأن قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس قد أطرحه في قوله ((إن ما أثاره المتهمون من القول بكونهم في حالة دفاع شرعي مردود بأن أقوال ......... بنت المجني عليه أخذت بها المحكمة واطمأنت إليها قاطعة في أن مشادة حصلت قبل الاعتداء بين المجني عليه والمتهمين، وفي كل شجار ما دامت نية طرفيه إلى الاعتداء فلا مناص من أن يبدأ أحدهما الضربة الأولى ولا يمكن أن يكون الطرف الثاني في هذه الظروف في حالة دفاع شرعي لأنه عندما يعتدي على خصمه ليس يقصد إلا الاعتداء ذاته الذي انتواه ولا تنصرف نيته أبداً إلى رد الاعتداء أو منعه للقول بأنه في حالة دفاع شرعي)). وكان مفاد ما أورده الحكم فيما تقدم أن كلاً من الطرفين كان يقصد الاعتداء وإيقاع الضرب على الطرف الآخر وهو ما لا تتوافر فيه حالة الدفاع الشرعي، وذلك بغض النظر عن البادئ منهم بالاعتداء وهو رد صحيح في القانون تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه يكون بدوره غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 40 لسنة 39 ق جلسة 21 / 4 / 1969 مكتب فني 20 ج 2 ق 110 ص 522


برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي, ومحمد نور الدين عويس, ونصر الدين عزام, ومحمد أبو الفضل حفني.
-------------
- 1  جريمة. "أركان الجريمة". تزوير. "التزوير في المحررات الرسمية". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "أوراق رسمية". شركات مساهمة. مؤسسات عامة.
مناط اعتبار الورقة رسمية أو إنها محرر لإحدى الشركات المساهمة؟ خلو المحرر من علامة تشهد أو تشير إلى أنه من محررات المؤسسة العامة لا يؤثر في اعتباره كذلك ما دام لم يحمل توقيعا لمفوض المؤسسة.
من المقرر أن مناط اعتبار الورقة رسمية أو أنها محرر لإحدى الشركات المساهمة هو صدورها من موظف مختص بتحريرها ووقوع تغيير الحقيقة فيما أعدت الورقة لإثباته. ولما كان الحكم قد أثبت على لسان الطاعنين تسليمه بأن المحررين هما من محررات المؤسسة, بما قرره من أنه حرر الوصلين مقابل مبالغ تسلمها المفوض منه لصرفها في شئون المطحن ريثما يقدم له مستندات وجوه الصرف, فإنه لا يقدح في اعتبار المحررين من محررات المؤسسة العامة خلوهما في ذاتهما كورقتين من علامة تشهد أو تشير أنهما كذلك, بعد أن أثبت الحكم توقيع المفوض عليهما قبل أن ينال مضمون صلبهما التغيير الذي دين به الطاعن على سند صحيح من إعمال نص المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات.
- 2  جريمة. "أركان الجريمة". تزوير. "التزوير في المحررات الرسمية". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "أوراق رسمية". شركات مساهمة. مؤسسات عامة.
مثال لتسبيب غير معيب في تزوير.
متى كان الطاعن - على ما أثبته الحكم المطعون فيه - قد اعترف بالتحقيقات وبالجلسة بأن صلب الوصلين المزورين قد حررا بيده - وهو مالا يماري فيه الطاعن في أسباب الطعن - وكان ما أثبته الحكم من وقوع التزوير من الطاعن بمحو عبارات كانت مدونة على الورقتين وتحرير عبارات أخرى محلها مغايرة للحقيقة, يلزم عنه أن يتوافر في حقه ركن العلم بتزوير المحررين اللذين أسند إليه تزويرهما على تلك الصورة, فإن ما يثيره الطاعن من خطأ الحكم في تطبيق القانون يكون غير سديد.
- 3  إثبات. "إثبات بوجه عام". "خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". مؤسسات عامة.
المفاضلة بين تقارير الخبراء. من إطلاقات محكمة الموضوع بغير معقب عليها.
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه, إذ أن ذلك أمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه, ومتى كان الحكم قد أطرح الوصلين كسند للطاعن في تأييد مدعاه بصدد المبلغ المختلس, بما انتهى إليه الحكم من ثبوت تزويرها ولم يعرض لما تضمناه من مبالغ إلا لمجرد مواجهة دعوى الطاعن بأن قيمتها تعادل ذلك المبلغ ثم خلص إلى فساد تلك الدعوى على سند من تقرير لجنة الجرد التي نوه عنها شهود الاثبات, فإن ما يثيره الطاعن على هذا الاستدلال, بأن لجنة أخرى أثبتت أن مقدار العجز عديل بقيمة الوصلين, لا يكون له محل.
- 4  إثبات. "إثبات بوجه عام". "خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". مؤسسات عامة.
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من جماع العناصر المطروحة عليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية. شرط ذلك؟
إن المحكمة غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر, بل لها أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها, إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة عليها, بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي. ومتى كان الحكم قد استقام رده على دفاع الطاعن بكافة مناحيه, ودل على فهمه لمجريات الأمور فيما قال به الطاعن من تهديد المفوض له تارة وتودده له تارة أخرى, وما أثاره من دعوى دلالة الشيك على الوفاء وصلة المفوض بالعجز محل الاختلاس, وعن مفهوم مبادرة الطاعن بالشكوى للمؤسسة كل ذلك في منطق سائغ ووضوح يكشف عن أنه لم يخطئ في تقدير قيمة هذا الدفاع, فإن ما يثيره الطاعن من فساد الحكم في الاستدلال يكون غير سديد.
- 5  إثبات. "إثبات بوجه عام". "خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". مؤسسات عامة.
الجدل الموضوعي حول تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها أمام محكمة النقض. غير مقبول.
من المقرر أن الجدل الموضوعي حول تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض.
- 6  إثبات. "إثبات بوجه عام". "خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". مؤسسات عامة.
الخطأ في الإسناد غير المؤثر على سلامة الحكم. لا يعيبه. مثال.
متى كان ما يثيره الطاعن عن خطأ الحكم في الإسناد فيما أورده من أن مؤدى أقوال مدير المؤسسة وبعض الشهود في التحقيقات الإدارية بصدد واقعة إصدار المفوض للشيك مردوداً بأن الحكم, بعد أن استقام له الرد على دفاع الطاعن في شأن هذا الشيك وأثبت - على ما مر ذكره - أنه بالصورة التي صدر عليها كان يتعين إضافة قيمته إلى رصيد المطحن فلا يفيد منه الطاعن في سد العجز, راح يعرض تزيداً منه, على ما سلف البيان إلى ما قال به هؤلاء الشهود, عن أمر مقطوع الصلة بهذا الاستدلال, مفاده أن من حق المفوض إصدار مثل هذا الشيك لتسوية حسابات جارية بين مطحنين يقوم على إدارتهما وإذ ما كانت أقوال مدير المؤسسة في هذا الشأن لها أصل ثابت في محضر الجلسة, وكان خطأ الحكم في إسناد هذه الواقعة إلى غيره من الشهود أيضاً - على فرض حصوله - غير مؤثر على سلامته, فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في الفترة ما بين 10/3/1963 حتى 9/4/1964 بدائرة قسم مينا البصل محافظة الإسكندرية: (أولا) وهو موظف عمومي أمين خزينة بمطحن .... المملوك للدولة اختلس مبلغ 3960ج و332م الذي سلم إليه بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع (ثانيا) ارتكب تزويرا في محرر أحد المؤسسات العامة هو الإيصالين المبينين بالمحضر بأن قام بمحو العبارات الصحيحة المثبتة عليهما وقام بكتابة عبارات أخرى بدلا منها تفيد استلام السيد ..... المندوب المفوض في المطحن للمبلغ المختلس السابق ذكره ثم قام بتقديم الإيصالين المزورين سالفي الذكر إلى جهة التحقيق. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 111 و112/2 و118 و119 و214 مكرر من قانون العقوبات. فقرر ذلك, ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت في الدعوى حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32/2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنين وعزله من وظيفته وإلزامه برد قيمة ما اختلسه وقدره 3960ج و332م وتغريمه مبلغا مساويا لهذا المبلغ. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه - إذ دانه بوصفه موظفاً عاماً بجريمتي اختلاس مال لمطحن مملوك للدولة حالة كونه أميناً على الودائع، وتزوير في محررات مؤسسة عامة - قد ران على استدلاله الفساد وأخطأ في الإسناد، وفي تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن دفاعه قام على أن المفوض على المطحن كان قد استلم منه المبلغ محل العجز في العهدة، بوصول وقعها لينفقه في شئون المطحن ويقدم مستندات الصرف، ثم حرر له من بعد شيكاً بمبلغ ثلاثة ألاف جنيه لإخفاء العجز، وأن المفوض حين حرر له الشيك كان يتودده، وأنه - أي الطاعن - كان قد بادر بالكشف عن هذا الذي جرى في شكوى قدمها للمؤسسة، فاطرح الحكم هذا الدفاع بقالة إن المبلغ الوارد باثنين من الوصول يقل عن قيمة العجز، وراح يساند هذا النظر بما أثبته الجرد الأول، مع أن النيابة العامة لم تر في الجرد غنية عن تشكيل لجنة أخرى كشفت عن أن العجز عديل للمبلغ الثابت بالوصولين، وبأن دعوى الطاعن بأنه لم يظهر الوصولين منذ البداية خوفاً من تهديد المفوض غير مقبولة، وذلك على نظر من الحكم مفاده أن الطاعن قرر بأن المفوض حين حرر له الشيك، كان يتودده، وفات الحكم أنه بهذا الاستدلال قد فهم أقوال الطاعن على غير مؤداها، ذلك بأن ما قرره الطاعن في هذا الصدد هو أن المفوض كان بعد إعطائه الوصولين دائباً على تهديده، ولم يسلك معه مسلك الود إلا حين سلمه الشيك لتسوية حساب الخزانة عندما قام ضابط الاتصال الجديد بالمطحن بعملية الاستلام ويقول الطاعن إن الحكم إذ أطرح دلالة الشيك في تأييد دفاعه، بقالة إن قيمته لا تسد العجز، وأن تقديمه للشكوى يكشف عن أنه كان عالماً بما وقع منه وأن أمره وشيك الافتضاح، ثم نعت الحكم لدفاعه بالسقم والسذاجة رغم أنه دفاع سليم متكامل، كل أولئك يشير إلى أن الحكم تنكب الطريق السوي للاستدلال، وأما الخطأ في الإسناد فيراه الطاعن ماثلاً فيما تساند إليه الحكم من أقوال مدير المؤسسة وشاهدي الإثبات ومن سئلوا في التحقيقات الإدارية من أن الشيك الذي أصدره المفوض بوصفه مديراً لمطحن آخر لصالح المطحن التابع له الطاعن هو إجراء سليم جرت به السوابق لتسوية حسابات جارية بين المطحنين، مع أن هذا الاستدلال ليس له أصل ثابت في الأوراق. وأما الخطأ في القانون فمرجعه أن الحكم اعتبر الوصولين موضوع جريمة التزوير من محررات المؤسسة العامة مع أنهما ليسا غير مجرد ورقتين عرفيتين بعيدتين عن أوراق المؤسسة فضلاً عن عدم ثبوت علم الطاعن بما كشف عنه فحص الوصولين من أن كتابة أخرى كانت مدونة على الورقتين قبل أن يحرر عليهما نص ما تشهدان عليه. وبذلك كله يكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إنه يبين من مراجعة الأوراق أن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بارتكابهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وهي تجمل فيها شهد به المندوب المفوض على المطحن من أن ضابط الاتصال الجديد أبلغه بوجود تلاعب في ذمامات العملاء، فشكل لجنة منه ومن هذا الضابط وضابط الاتصال السابق وإذ قامت اللجنة بالجرد فقد كشفت عن عجز مقداره 3960 ج و332 م فزعم الطاعن أن هذا المبلغ موجود لديه - أي المفوض - دون أن يفصح الطاعن عما يؤيد مدعاه ونفى الشاهد استلامه المبلغين الثابتين بالوصولين اللذين قدمهما الطاعن. أما ضابط الاتصال فقد نقل الحكم عن أقواله أنه عندما تسلم العمل في 1/4/1964 ولاحظ عدم انتظام الحسابات، كلف الطاعن في 2/4/1964 باستكمال الإثبات في الدفاتر ليقوم بالجرد، ولما لم ينفذ الطاعن هذا الطلب وتناهى إلى علم الشاهد وجود تلاعب وعجزاً بلغ المفوض فشكل اللجنة وإذ ثبت لها العجز، لم يكن قول الطاعن في ذلك إلا أن قال أن المبلغ موجود لدى المفوض، ثم أثبت الحكم أن ضابط الاتصال السابق شهد مثل ما شهد به زميله وأضاف أن الطاعن قرر أن لديه المستندات الدالة على وجود مبلغ العجز عند المفوض، وأنه سيقدمها في التحقيق. وبعد أن أورد الحكم مضمون تقرير لجنة الجرد عن مقدار العجز السالف بيانه أثبت مشاهدات قسم أبحاث التزييف والتزوير على الوصولين اللذين قدمهما الطاعن وما انتهى إليه التقرير من أنهما موقعان بإمضاء للمفوض، غير أن الورقتين تشيران إلى حصول محو كتابة سابقة على ما دون بهما، وأن أحد الوصولين حرر بثلاثة مدادات مختلفة - ثم عرض الحكم بعد ذلك إلى دفاع الطاعن المنوه عنه بتقرير الطعن فأطرحه على سند من اطمئنانه إلى أدلة الثبوت المار ذكرها وعلى ما خلص إليه في شأن هذا الدفاع من أن ((دفاع المتهم - الطاعن - في جملته وتفصيله دفاع سقيم ظاهر الفساد فإن الإيصالين اللذين قدمهما للدلالة على أن قيمتهما تضاهي العجز في عهدته مجموعهما مبلغ 3866 ج يقل عن مقدار العجز الثابت في عهدته وأن إخفاء أمر هذين الإيصالين بمقولة إن المفوض كان يهدده أمر غير مقبول فقد قرر المتهم نفسه أن المفوض حينما حرر له الشيك لإخفاء العجز كان يتودد إليه مما يجعل القول بأن عدم الإبلاغ بشأن هذين المبلغين في حينهما حينما أخذ المفوض يراوغه خشية تهديده، قول من المتهم غير سليم وكذلك فإن دفاع المتهم بشأن قيام المفوض بتحرير الشيك بمبلغ ثلاثة ألاف جنيه لإخفاء العجز دفاع ساذج غير سديد فإنه فضلاً عن أن الثلاثة ألاف جنيه لا توازي قيمة المبلغين المقول بأن المفوض تسلمها أو قيمة العجز الذي ظهر في عهدة المتهم فإن هذا الشيك وقد حرر لصالح مطحن أولاد ........... من شأنه أن يضاف إلى رصيد هذا المطحن للبنك لا باسم المتهم حتى يمكنه صرفه وإيداعه الخزينة لإخفاء أي عجز وهو دون قيمة العجز كما سلف القول)) وبعد أن استقر للحكم اقتناعه بأدلة الدعوى وفساد هذا الشق من دفاع الطاعن ساق فضله من القول فحواها أن من حق المفوض - على ما تبين من أقوال مدير المؤسسة وأقوال من سمعوا في التحقيقات الإدارية - أن يصدر شيكاً من مطحن لآخر يقوم على إداراتهما، وأنه إجراء تشهد له السوابق ثم استكمل الحكم رده على دفاع الطاعن فأثبت في ذلك قوله: ((أما عما ذكره المتهم من أنه قام بتقديم شكوى لكل من رئيس مجلس إدارة مؤسسة المطاحن ومديرها بتاريخ 4/4/1964 ضمنها وقائع دفاعه سالفة الذكر وأنه إذ علم المفوض بذلك بادر بالأمر بتشكيل لجنة الجرد حتى يسبقه ويثبت وجود العجز في عهدته، فإنما يدل على أن المتهم وهو الذي يعلم تمام العلم بجريمته التي أوشكت على الافتضاح هو الذي أراد أن يسبق بتقديم هاتين الشكويين ذلك أن تقديمه لها في 4/4/1964 كان بعد أن أبدى له الرائد ............ ضابط الاتصال ملاحظته بشأن التلاعب بحسابات ذمامات العملاء ورغبته في إجراء عملية جرد بتاريخ 2/4/1964 حسبما جاء بأقوال هذا الأخير مما يقطع بأن المتهم قد تأكد من دنو افتضاح أمره ولجأ إلى تقديم شكوييه حتى يكون صاحب السبق الذي تحدث عنه)). لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه، إذ أن ذلك أمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه. وكان الثابت أن الحكم قد أطرح الوصولين كسند للطاعن في تأييده مدعاه بصدد المبلغ المختلس، بما انتهى إليه الحكم من ثبوت تزويرها ولم يعرض لما تضمناه من مبالغ إلا لمجرد مواجهة دعوى الطاعن بأن قيمتهما تعادل ذلك المبلغ ثم خلص إلى فساد تلك الدعوى على سند من تقرير من لجنة الجرد التي نوه عنها شهود الإثبات فإن ما يثيره الطاعن على هذا الاستدلال، بأن لجنة أخرى أثبتت أن مقدار العجز عديل لقيمة الوصولين، لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر، بل لها أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة عليها، بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام لا يخرج في ذلك عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، وكان الحكم قد استقام رده على دفاع الطاعن بكافة مناحيه، ودل على فهمه لمجريات الأمور فيما قال به الطاعن من تهديد المفوض له تارة وتودده له تارة أخرى، وما أثاره من دعوى دلالة الشيك على الوفاء وصلة المفوض بالعجز محل الاختلاس، وعن مفهوم مبادرة الطاعن بالشكوى للمؤسسة كل ذلك في منطق سائغ ووضوح يكشف عن أنه لم يخطئ في تقدير قيمة هذا الدفاع، فإن ما يثيره الطاعن من فساد الحكم في الاستدلال يكون غير سديد وينحل إلى مجرد جدل موضوعي حول تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرة لها في عقيدتها مما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن عن خطأ الحكم في الإسناد فيما أورده من مؤدى أقوال مدير المؤسسة وبعض الشهود في التحقيقات الإدارية بصدد واقعة إصدار المفوض للشيك مردوداً بأن الحكم، بعد أن استقام له الرد على دفاع الطاعن في شأن هذا الشيك وأثبت - على ما مر ذكره، أنه بالصورة التي صدر عليها كان يتعين إضافة قيمته إلى رصيد المطحن فلا يفيد منه الطاعن في سد العجز، راح يعرض تزيداً منه، على ما سلف البيان إلى ما قال به هؤلاء الشهود، عن أمر مقطوع الصلة بهذا الاستدلال، مفاده أن من حق المفوض إصدار مثل هذا الشيك لتسوية حسابات جارية بين مطحنين يقوم على إدارتهما وإذ ما كانت أقوال مدير المؤسسة في هذا الشأن لها أصل ثابت في محضر الجلسة، وكان خطأ الحكم في إسناد هذه الواقعة إلى غيره من الشهود أيضاً - على فرض حصوله - غير مؤثر على سلامته، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان لا يبقى من وجوه النعي غير ما رمى به الطاعن الحكم من خطأ في تطبيق القانون حين اعتبر الوصولين محل التزوير من محررات المؤسسة على الرغم من خلو المحررين مما يشهد على ذلك، ثم عدم ثبوت علم الطاعن بمحو العبارات السابق تسجيلها على المحررين وهذا النعي مردود في شقه الأول بأنه لما كان مناط اعتبار الورقة الرسمية أو أنها محرر لإحدى الشركات المساهمة هو صدورها من موظف مختص بتحريرها ووقوع تغيير الحقيقة فيما أعدت الورقة لإثباته، وكان الحكم قد أثبت على لسان الطاعن تسليمه بأن المحررين هما من محررات المؤسسة، بما قرره من أنه حرر الوصولين مقابل مبالغ تسلمها المفوض منه لصرفها في شئون المطحن ريثما يقدم له مستندات وجوه الصرف، فإنه لا يقدح في اعتبار المحررين من محررات المؤسسة العامة، خلوهما في ذاتهما كورقتين من علامة تشهد أو تشير أنهما كذلك، بعد أن اثبت الحكم توقيع المفوض عليهما قبل أن ينال مضمون صلبهما التغيير الذي دين به الطاعن على سند صحيح من إعمال نص المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات. كما أن النعي في شقه الثاني مردود بأنه لما كان الطاعن على ما أثبته الحكم قد اعترف بالتحقيقات وبالجلسة بأن صلب الوصولين المزورين قد حررا بيده - وهو ما لا يماري فيه الطاعن في أسباب الطعن - وكان ما أثبته الحكم من وقوع التزوير من الطاعن بمحو عبارات كانت مدونة على الورقتين وتحرير عبارات أخرى محلها مغايرة للحقيقة، يلزم عنه أن يتوافر في حقه ركن العلم بتزوير المحررين اللذين أسند إليه تزويرهما على تلك الصورة، فإن ما يثيره الطاعن عن خطأ الحكم في تطبيق القانون في شقيه، يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 37 لسنة 39 ق جلسة 21 / 4 / 1969 مكتب فني 20 ج 2 ق 109 ص 520


برياسة السيد المستشار/ محمد صبري, وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ, وحسين سامح, ومحمود كامل عطيفه, والدكتور أحمد محمد إبراهيم.
----------
معارضة. "أثر الحكم فيها". نيابة عامة. "حقها في الطعن في الأحكام". نقض. "الطعن بالنقض". "سقوطه".
اختلاس محجوزات. إلغاء الحكم المطعون فيه في المعارضة. اعتبار الطعن بالنقض المرفوع عنه من النيابة غير ذي موضوع. سقوطه.
إن مؤدى القضاء في المعارضة المرفوعة من المحكوم عليه بالإلغاء, هو سقوط الحكم الغيابي المطعون فيه بالنقض, مما يجعل الطعن فيه غير ذي موضوع, وإذ كان ذلك فإن الطعن المقدم من النيابة العامة في الحكم المذكور يعتبر ساقطاً بسقوطه.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: في يوم 10 يوليه سنة 1960 بدائرة قسم المعادي محافظة القاهرة بدد المحاصيل المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة له والمحجوز عليها إداريا لصالح مصلحة الأموال المقررة والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لحفظها وتقديمها يوم البيع فاختلسها لنفسه إضرارا بالدائنة الحاجزة. وطلبت عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة حلوان الجزئية قضت في الدعوى غيابيا عملا بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهرا واحد مع الشغل وكفالة 2ج لوقف التنفيذ. فعارض وقضي في معارضته بقولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف المتهم, ومحكمة القاهرة الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ قضت في الاستئناف غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فعارض وقضي في معارضته بقبولها شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر غيابياً بتاريخ 3 فبراير سنة 1968 بتأييد الحكم المستأنف القاضي بحبس المطعون ضده شهراً مع الشغل عن جريمة التبديد المسندة إليه فطعنت النيابة العامة فيه بطريق النقض ابتناء على انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وذلك بعد إعلان الحكم للمحكوم عليه بتاريخ 15 فبراير سنة 1968 وفوات ميعاد المعارضة فيه، ومن ثم فإن الطعن يكون جائزاً. وإذ كان البين من الأوراق أن المحكوم عليه قد عارض في الحكم الغيابي الاستئنافي وقضت المحكمة الاستئنافية بتاريخ 4 مايو سنة 1968 بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. وكان مؤدى القضاء في المعارضة المرفوعة من المحكوم عليه بالإلغاء هو سقوط الحكم الغيابي المطعون فيه، مما يجعل الطعن فيه غير ذي موضوع. لما كان ذلك، فإن الطعن المقدم من النيابة العامة يعتبر ساقطاً بسقوطه.

الطعن 34 لسنة 39 ق جلسة 21 / 4 / 1969 مكتب فني 20 ج 2 ق 108 ص 517


برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي, ومحمد نور الدين عويس, ونصر الدين عزام, ومحمد أبو الفضل حفني.
------------
- 1  بناء. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
الركن المادي في جريمة إقامة البناء بدون ترخيص: هو إنشاء البناء أو إجراء العمل. وجوب استظهار الحكم هذا الركن وإلا كان قاصر البيان.
نص كل من القانونين رقمي 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني و55 لسنة 1954 بتنظيم وتوجيه أعمال البناء على أن الركن المادي في جريمة إقامة بناء بدون ترخيص وعلى غير المواصفات المطلوبة وبدون موافقة اللجنة الإدارية المختصة، هو إنشاء البناء أو إجراء العمل. ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان هذا الركن من أركان الجريمة بإسناده إلى مقارفه مدلولاً عليه بما يثبته في حقه طبقاً لما أوجبته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في كل حكم بالإدانة من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والأدلة على وقوعها ممن نسبت إليه، فإنه يكون حكماً قاصر البيان واجب النقض.
- 2  بناء. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
مثال لإخلال بدفاع جوهري في جريمة إقامة بناء بدون ترخيص؟
لما كان الطاعن قد دفع أمام محكمة الموضوع بانقطاع صلته بالمبنى كلية وقدم ما يشهد لذلك من المستندات، وطلب تحقيقه بضم "ملف البلدية" وندب خبير هندسي لإثبات وتحقيق ملكية هذا العقار واسم مالكه، إلا أن المحكمة سكتت عن هذا الدفاع إيراداً له ورداً عليه، مع كونه دفاعاً جوهرياً لأن من شأنه إن صح أن تندفع به التهم المسندة إليه وأن يتغير وجه الرأي في الدعوى. ومن ثم يكون حكمها قاصر البيان واجب النقض.
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 12/9/1966 بدائرة قسم الجمالية: (أولا) أقام بناء بدون ترخيص (ثانيا) أقام بناء غير مطابق للمواصفات المطلوبة (ثالثا) أقام بناء بدون موافقة اللجنة المختصة بتوجيه البناء والهدم. وطلبت عقابه بأحكام القانونين 45 لسنة 1962 و55 لسنة 1964. ومحكمة البلدية الجزئية قضت غيابيا بتاريخ 9/2/1967 عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم 500 قرش عن التهمتين الأولى والثانية وضعف رسوم الترخيص عن التهمة الأولى وتصحيح الأعمال المخالفة عن الثانية وقيمة المبنى عن التهمة الثالثة وقدره 2400ج. فعارض, وقضي في معارضته بتاريخ 30/11/1967 بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم قيمة المبنى وقدرها 2400ج وضعف رسوم الترخيص وتصحيح الأعمال المخالفة عنه التهم الثلاث. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بالتهم الثلاث المسندة إليه من إقامة بناء دون الحصول على ترخيص وعلى غير المواصفات المطلوبة، وقبل الحصول على موافقة اللجنة الإدارية المختصة، قد شابه القصور في التسبيب، وبني على الإخلال بحقه في الدفاع، ذلك بأنه أسس دفاعه على انقطاع صلته بالبناء موضوع تلك التهم وقدم ما يشهد له من المستندات وطلب تحقيقه بضم ملف التنظيم الخاص بالبناء وندب خبير هندسي لمعاينته وتحقيق ملكيته أو وضع اليد عليه، إلا أن المحكمة سكتت عن هذا الدفاع الجوهري إيراداً له ورداً عليه مما يعيب حكمها بما يوجب نقضه
وحيث إن القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني وكذلك القانون رقم 55 لسنة 1964 بتنظيم وتوجيه أعمال البناء اللذين دين الطاعن بموجبهما قد نص كل منهما على أن الركن المادي في الجريمة هو إنشاء البناء أو إجراء العمل. وقد خلا الحكم المطعون فيه من بيان هذا الركن من أركان الجريمة بإسناده إلى مقارفه مدلولاً عليه بما يثبته في حقه طبقاً لما أوجبته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في كل حكم بالإدانة من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والأدلة على وقوعها ممن نسبت إليه. لما كان ذلك، وكان الطاعن - فضلاً عن ذلك - قد دفع أمام محكمة الموضوع بانقطاع صلته بالمبنى كلية وقدم ما يشهد لذلك من المستندات، وطلب تحقيقه بضم ملف ((البلدية)) وندب خبير هندسي لإثبات وتحقيق ملكيته هذا العقار واسم مالكه، إلا أن المحكمة سكتت عن هذا الدفاع إيراداً له ورداً عليه، مع كونه دفاعاً جوهرياً لأن من شأنه إذا صح أن تندفع به التهم المسندة إليه وأن يتغير وجه الرأي في الدعوى، ومن ثم يكون حكمها قاصر البيان واجب النقض والإحالة.

الطعن 31 لسنة 39 ق جلسة 21 / 4 / 1969 مكتب فني 20 ج 2 ق 107 ص 515


برياسة السيد المستشار/ محمد صبري, وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ, ومحمد عبد الوهاب خليل, وحسين سامح, ومحمود كامل عطيفة.
-----------
حكم. "إصداره". بطلان. نقض. "حالات الطعن. بطلان الحكم".
وجوب حضور القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم. حصول مانع لأحدهم. وجوب توقيعه على مسودة الحكم. وإلا صدر مشوبا بالبطلان.
توجب المادة 342 من قانون المرافعات المدنية والتجارية القديم رقم 77 لسنة 1949 المقابلة للمادة 170 من قانون المرافعات الجديد رقم 13 لسنة 1968 - أن يكون القضاة الذين اشتركوا في المداولة حاضرين تلاوة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسودته. ولما كان القاضي الذي اشترك في الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى وحجزتها للحكم لم يشترك في الهيئة التي نطقت به ولم يوقع على مسودة الحكم أو قائمته، فإن الحكم يكون مشوباً بالبطلان متعيناً نقضه.
--------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يومي 29 يناير سنة 1966 و30 يناير سنة 1966 بدائرة بندر الزقازيق محافظة الشرقية: أعطى بسوء نية شيكين على بنك مصر فرع الزقازيق الأول بمبلغ 2500ج والثاني بمبلغ 195ج لا يقابلهما رصيد, وطلبت عقابه بالمادتين 337 و336 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة بندر الزقازيق الجزئية قضت غيابيا عملا بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاث شهور مع الشغل وكفالة 500 ق لوقف التنفيذ, وبإلزامه بأن يؤدي إلى المدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية, فعارض. وقضي في معارضته بتاريخ 28 مايو سنة 1967 بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. ومحكمة الزقازيق الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد شابه البطلان لصدوره من غير الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن القاضي "......." كان ضمن الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى وحجزتها للحكم ولكنه لم يشترك في الهيئة التي نطقت به بل حل محله قاضي آخر. ومع ذلك فإنه لم يوقع على مسودة الحكم. لما كان ذلك، وكانت المادة 342 من قانون المرافعات المدنية والتجارية القديم رقم 77 لسنة 1949 المقابلة للمادة 170 من قانون المرافعات الجديد رقم 13 لسنة 1968 توجب أن يكون القضاة الذين اشتركوا في المداولة حاضرين تلاوة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسودته، وكان القاضي ...... لم يوقع على مسودة الحكم أو قائمته، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالبطلان متعيناً نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 30 لسنة 39 ق جلسة 21 / 4 / 1969 مكتب فني 20 ج 2 ق 106 ص 509


برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي, ومحمد نور الدين عويس, ونصر الدين عزام, ومحمد أبو الفضل حفني.
----------
- 1  اغتصاب مال بالتهديد. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
القصد الجنائي في جريمة التهديد. تحققه. عدم لزوم تحدث الحكم عنه استقلالا. ما دام أن عبارات الحكم وصراحة عبارات التهديد وظروف الواقعة تكفي لذلك.
القصد الجنائي في جريمة التهديد يتوافر متى ثبت للمحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه، وأنه يريد تحقيق هذا الأثر بما قد يترتب عليه من أن يذعن المجني عليه راغماً إلى إجابة طلبه، وذلك بغض النظر عما إذا كان قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلاً، ومن غير حاجة إلى تعرف الأثر الفعلي الذي أحدثه التهديد في نفس المجني عليه، ولا يلزم التحدث استقلالا عن هذا الركن بل يكفي أن يكون مفهوماً من عبارات الحكم وصراحة عبارات التهديد وظروف الواقعة كما أوردها الحكم، كما لا يعيب الحكم إغفاله التحدث عن أثر هذا التهديد في نفس المجني عليه.
- 2  نيابة عامة. "اختصاص وكلاء النيابة الكلية بالتحقيق". تحقيق. اختصاص. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اختصاص وكلاء النيابة الكلية بتحقيق جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي يعملون في حدود اختصاصها.
إن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها، وذلك بناء على تفويض رئيس النيابة أو من يقوم مقامه، تفويضاً أصبح على هذا النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض ولا يستطاع نفيه إلا إذا كان هناك نهي صريح. وإذا كان ذلك، وكان لم يقم في الأوراق ما يشير إلى توافر هذا النهي في حق وكيل النيابة الكلية الذي باشر تحقيق الواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من النعي ببطلان الإجراءات وخطأ الحكم في تطبيق القانون بصدد إطراحه الدفع لا يكون سديداً.
- 3  إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحصيل أقوال الشاهد وتفهم سياقها ومعرفة مراميها. موضوعي. شرطه؟ استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. حق لمحكمة الموضوع.
من حق محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها، ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها وهي في ذلك غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر بل لها أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المطروحة عليها.
- 4  إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الحكم أقوال الشهود بما لا تناقض فيه. لا يعيبه.
تناقض الشهود على فرض حصوله، لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص أقوالهم بما لا تناقض فيه، وإذ كان ذلك وكان ما حصله الحكم من أقوال المجني عليه والشهود قد خلا من شبهة أي تناقض، فإن دعوى الطاعن بأن أقوال الشهود جاءت على وجه الظن والتخمين، أو أنها انطوت على تناقض لم يعرض له الحكم، تكون على غير أساس.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 12 مايو سنة 1960 بدائرة قسم أول المنصورة: شرع في الحصول بالتهديد على مبلغ من النقود بأن زعم وجود شكاوى ضد الدكتور ...... عن أمور مشينة وهدده كصحفي بنشرها ما لم يدفع له مبلغا من المال وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبط المتهم. وطلبت عقابه بالمواد 45 و47 و326 من قانون العقوبات. ومحكمة المنصورة الجزئية قضت في الدعوى حضوريا ببراءة المتهم مما أسند إليه. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم شهرين مع الشغل. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمة الشروع في الحصول بالتهديد على مبلغ من النقود، قد أخطأ في القانون وران عليه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم رفض الدفع ببطلان التحقيق، على سند من أن تحقيق وكيل النيابة الكلية للواقعة إجراء صحيح في القانون، مع أن الاختصاص بتحقيقها معقود لوكيل النيابة الجزئية المختصة، ثم راح الحكم من بعد يقضي بالإدانة على الرغم مما قرره المجني عليه بالجلسة من أن الطاعن لم يحدد نوع المقابل الذي طلبه منه، مع أن القانون يوجب للعقاب على الجريمة أن يكون المقابل نقوداً أو شيئاً مادياً. ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أنه فضلاً عن أن الحكم تساند إلى أقوال الشهود رغم ما شابها من تناقض لم يعرض له، وورود أقوال المجني عليه وأقوال الدكتور ...... وجه الظن والتخمين، وهو ما لا يؤذن باستدلال سائغ، فإن الحكم لم يعرض لثبوت التهديد المدعى، ومدى أثره على إرادة المجني عليه وهو عميد كلية، حتى يحمله على تسليم ماله للطاعن، مع أن رواية المجني عليه في هذا الشأن لا يتوافر بها القصد الجنائي في الجريمة، وبذلك كله يكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إنه يبين من مراجعة الأوراق أن الحكم المطعون فيه، بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، عرض للدفع ببطلان التحقيق الذي أجراه وكيل النيابة الكلية دون وكيل النيابة الجزئية المختص فرفضته على سند من أن لوكيل النيابة الكلية تحقيق جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التابع لها. وهذا الذي قام عليه قضاء الحكم في الدفع صحيح في القانون، ذلك بأن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها، وذلك بناء على تفويض رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على هذا النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض ولا يستطاع نفيه إلا إذا كان هناك نهي صريح. وإذ لم يقم في الأوراق ما يشير إلى توافر هذا النهي في حق وكيل النيابة الكلية الذي باشر تحقيق الواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من النعي ببطلان الإجراءات أو خطأ الحكم في تطبيق القانون بصدد إطراحه الدفع لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن ساق الأركان القانونية للجريمة - ومنها الحصول على مبلغ من النقود أو أي شيء آخر - على ما هي معرفة به في المادة 326 من قانون العقوبات خلص إلى توافر هذه الأركان، وإدانة الطاعن بقوله: "- ومن حيث إن هذه المحكمة ترى أن أقوال المجني عليه والتي تأيدت بأقوال شهود الإثبات تكفي لإقناع هذه المحكمة بأن المتهم - الطاعن - شرع في تهديد المجني عليه بأن أشاع في مكان عام علاقة سيئة بأحد الشبان وأنه يجري تحقيق بشأن هذه الوقائع وأنه سيقوم بنشر هذه الوقائع وأقر بذلك للشاهد ....... بعد أن علم منه أنه يعرف المجني عليه، ثم انتقل إلى عمله المجني عليه وحاول الحصول من العاملين معه على صورة له والتحري عن أخباره ثم تقابل مع المجني عليه بعد أن أوهمه أنه صحفي وأخبره بأن شاباً يعرفه المتهم أبلغ ضد المجني عليه بأن علاقة سيئة تربطه به وأن الشرطة تجري تحقيق بشأن هذه الواقعة وأنه يستطيع إنهاء هذا الموضوع إذا أرضاه المجني عليه لأنه يعرف الشاب المجهول، وكل هذه الوقائع تكفي لإقناع المحكمة بأن المتهم شرع في الحصول على مبلغ من النقود كما جاء بأقوال المجني عليه من أن المتهم قصد بعبارة "يرضيه" أن يعطيه مبلغاً من النقود أو الحصول على شيء آخر كما جاء بالنص وكانت وسيلته في الحصول على هذا الشيء تهديد المجني عليه والذي يحافظ على سمعته ووظيفته ولكن خاب أثر الجريمة". لما كان ذلك، وكان الثابت من مراجعة أقوال المجني عليه أمام محكمة أول درجة أنها تكشف عن أن قصد الطاعن من التهديد كان الحصول على مبلغ من المال، وكان من حق محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها، ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها وهي في ذلك غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر بل لها أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى إلى ما تستخلصه من العناصر المطروحة عليها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من فساد الاستدلال على توافر هذا الركن من أركان الجريمة لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم من أقوال الشهود واضح الدلالة على أن ما رواه كل منهم في حدود ما اتصل به من مجريات الواقعة جاء على وجه القطع واليقين، وكان تناقض الشهود على فرض حصوله، لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص أقوالهم بما لا تناقض فيه، وكان ما حصله الحكم من أقوال المجني عليه والشهود قد خلا من شبهة أي تناقض، فإن دعوى الطاعن بأن أقوال الشهود جاءت على الظن والتخمين، أو أنها انطوت على تناقض لم يعرض له الحكم، تكون على غير أساس، لما كان ذلك، وكان ذلك القصد الجنائي في جريمة التهديد يتوافر متى ثبت للمحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه، وأنه يريد تحقيق هذا الأثر بما قد يترتب عليه من أن يذعن المجني عليه راغماً إلى إجابة الطلب، وذلك بغض النظر عما إذا كان قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلاً، ومن غير حاجة إلى تعرف الأثر الفعلي الذي أحدثه التهديد في نفس المجني عليه. ولا يلزم التحدث استقلالاً عن هذا الركن، بل يكفي أن يكون مفهوماً من عبارات الحكم وصراحة عبارات التهديد وظروف الواقعة كما أوردها، كما لا يعيب الحكم إغفاله التحدث عن أثر هذا التهديد في نفس المجني عليه، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم تتوافر به واقعة التهديد وإدراك الطاعن لأثره على المجني عليه وهو عميد كلية يزعجه أي فعل أو خبر يمس سمعته أو وظيفته مما كان من المحتمل معه أن يذعن راغماً إلى إجابة الطلب، فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار ركن التهديد أو القصد الجنائي في الجريمة يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.