جلسة 27 من نوفمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد القوي أيوب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / هاني مصطفى ومحمود قزامل نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عوض وعلي سليمان .
-----------
(144)
الطعن 24649 لسنة 3 ق
(1) نقض " أسباب الطعن . توقيعها " . نيابة عامة .
توقيع أسباب الطعن المرفوع من النيابة العامة من
رئيس بها . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً . التأشير عليها بالنظر . التأشير عليها
من محام عام لا يغير من ذلك . علة وأساس ذلك ؟
(2)
إثبات
" شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال
الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في
العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق .
وزن أقوال
الشهود . موضوعي .
مفاد أخذ
المحكمة بشهادة الشاهد ؟
تناقض أقوال
المجني عليه مع شهود الواقعة في بعض التفاصيل . لا يعيب الحكم . مادام استخلص
الحقيقة من أقوالهم بلا تناقض .
(3)
إثبات " بوجه عام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره
" . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب
الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة في المحاكمات
الجنائية . باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو
ببراءته .
تساند الأدلة في المواد
الجنائية . مؤداه ؟
نعي الطاعن بشأن الأدلة
التي اطمأنت إليها المحكمة . محاولة لتجريحها ومناقضة الصورة التي استقرت في
يقينها . إثارته أمام محكمة النقض . غير مقبولة .
(4) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بعدم معقولية
تصوير الواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء
بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(5) إجراءات " إجراءات التحقيق " .
دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي
على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير جائز .
(6) إثبات " خبرة
" " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل "
" سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل
منها " .
إثارة النعي بالتناقض
بين الدليلين القولي والفني لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . علة ذلك ؟
تطابق أقوال الشهود مع
مضمون الدليل الفني تطابقاً تاماً . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليلين غير
متناقض تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
(7) ضرب " ضرب
أحدث عاهة " . جريمة " أركانها" . قصد جنائي.
القصد الجنائي في جريمة
إحداث الجروح عمداً . توافره ؟
تحدث
المحكمة استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة إحداث الجروح عمداً . غير لازم . كفاية استفادته من
وقائع الدعوى .
(8) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات
المحاكمة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . استجواب
. دعوى جنائية " تحريكها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا
يوفره " .
عدم
رد الحكم على الدفع بتعييب التحقيق السابق على المحاكمة . لا يعيبه . علة ذلك ؟
النعي على المحكمة
قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه وإثارة ذلك النعي أمام
محكمة النقض . غير مقبول .
عدم سؤال المتهم
بالتحقيقات . لا يترتب عليه بطلان الإجراءات . علة ذلك ؟
(9) إجراءات "
إجراءات المحاكمة " . محضر الجلسة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا
يوفره ".
الأصل في الإجراءات
الصحة . الادعاء بما يخالف ما أُثبت بمحاضرها من سؤاله عن التهمة المسندة إليه .
غير جائز . إلا بطريق الطعن بالتزوير .
(10) استدلالات . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة أن تعول في
تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . مادامت قد عرضت على بساط البحث .
ترديد التحريات لما
أبلغ به المجني عليه . لا يعيبها . لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك
البلاغ .
(11) إثبات " شهود
" . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة ثاني درجة " نظرها الدعوى والحكم فيها " .
محكمة ثاني درجة . تحكم
في الأصل على مقتضى الأوراق . أثر ذلك ؟
للمحكمة أن تستغني عن
سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المُدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً . لها أن تعتمد على تلك الأقوال بالتحقيقات
. مادامت طرحت على بساط البحث في الجلسة .
(12) دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها
" .
وجه الطعن . وجوب أن
يكون واضحاً محدداً .
نعي الطاعن بعدم تعرض
الحكم لما حوته مذكرته . غير مقبول . مادام لم يفصح عن أوجه دفاعه ودفوعه التي
ضمنها هذه المذكرة .
(13) طفل . عقوبة " تطبيقها " . دفوع "
الدفع بانعدام المسئولية الجنائية ". مسئولية جنائية. حكم "
تسبيبه . تسبيب غير معيب".
نعي الطاعن بانتفاء
مسئوليته الجنائية . غير مقبول . مادام أن سنه جاوزت السابعة ولم يجاوز الثانية عشرة من عمره . المادة 94 من قانون الطفل .
نعي
الطاعن على الحكم خطأه في تطبيق القانون لإيداعه إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية
تطبيقاً للمادتين 94 ، 101 من قانون الطفل . غير مقبول .
(14) طفل . عقوبة
" تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون "
. محكمة النقض " سلطتها " .
المادة 107 من قانون
الطفل . مفادها ؟
تحديد الحكم مدة
الإيداع إحدى دور الرعاية الاجتماعية بجعلها لمدة ثلاث سنوات . خطأ في تطبيق القانون . لمحكمة النقض نقضه جزئياً
وتصحيحه بإلغاء تحديد مدة الإيداع . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت
الفقرة الثالثة من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض
الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 بعد استبدالها بالقانون رقم 174 لسنة 2007
والمعمول به في تاريخ
التقرير بالطعن قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من النيابة العامة أن يوقع أسبابها محامٍ عام على الأقل ، وإلا كانت
باطلة ، وغير ذات أثر في الخصومة الجنائية ، وكان البين أن مذكرة أسباب
الطعن موقع عليها من رئيس نيابة بالنيابة العامة ، ومن ثم تكون معدومة الأثر في
الخصومة ، ولا يغير من ذلك التأشير عليها بما يفيد النظر ، إذ فضلاً عن كونه غير
مقروء ، ويستحيل معرفة صاحبه وصفته ، فإنها بذاتها لا تفيد اعتماد المحامي العام
لها ، ومن ثم يكون الطعن غير مقبول شكلاً ، ويتعين التقرير بذلك.
2- من المقرر أنه
لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي
إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً
مُستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال
الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة
الموضوع ، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات
التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض أقوال المجني عليه مع
أقوال شهود الواقعة في بعض تفاصيلها - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ولا يقدح في
سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم بلا تناقض .
3- من المقرر أيضاً أن
العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه
بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل
دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، لأن الأدلة في المواد الجنائية
مُتساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل
بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها
مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة الواقعة
وأدلتها حسبما حصلهما الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تلك الأدلة وصورة الدعوى ،
لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح تلك الأدلة ومناقضة الصورة التي استقرت في يقين
المحكمة ، وهو ما لا يُقبل إثارته أمام محكمة النقض .
4-
لما كان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً استناداً لأدلة الثبوت
التي أوردها الحكم .
5- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة
إجراء تحقيق ما فيما يثيره بوجه النعي ، فليس له من بعد أن ينعى عليها
قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، ولم تر هي حاجة لإجرائه ، ويضحى منعاه في
هذا غير مقبول .
6- لما كان الثابت من
محضر جلسة المرافعة الأخيرة والتي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن أو
المُدافع عنه لم يثر شيئاً مما أورده بوجه النعي من قالة التناقض بين الدليلين
القولي والفني ، ومن ثم لا يسوغ له إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة لكونه دفاعاً
موضوعياً ، هذا إلى أنه لا يلزم أن تتطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني
تطابقاً تاماً ، بل يكفي أن يكون جماع الدليلين غير متناقض تناقضاً يستعصى على
الملاءمة والتوفيق - وهو الحال في الدعوى الماثلة - ويكون ما يثيره الطاعن في هذا
الشأن في غير محله .
7- لما كانت جريمة
إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام ، وهو يتوافر كلما ارتكب
الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني
عليه أو صحته ، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجريمة ، بل يكفي أن يكون هذا القصد
مُستفاداً من وقائع الدعوى - كما أوردها الحكم - وهو ما تحقق في واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير
مقترن بالصواب .
8- لما كان ما يثيره
الطاعن في شأن قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤاله وشهود الإثبات بها ، لا
يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ، مما لا
يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، أو يعيبه عدم الرد عليه ، وكان البيّن من
محاضر جلسات المحاكمة أنه لم يثر ما يدعيه أو يطلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص ،
فليس له أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة
لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود ، ومن ثم لا يحل له أن
يثير شيئاً من ذلك أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن عدم سؤاله بالتحقيقات لا يترتب
عليه بطلان لهذه الإجراءات ، إذ لا مانع في القانون من رفع الدعوى العمومية بدون
استجواب المتهم أو سؤاله ، ومن ثم فإن منعاه يكون غير قويم .
9- من المقرر أن الأصل
في الإجراءات الصحة ، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أُثبت بها إلا بطريق الطعن بالتزوير ، وإذ كان الثابت أن الطاعن لم يسلك هذا
السبيل في خصوص ما أُثبت أمام محكمة أول درجة
بمحاضرها من سؤاله عن الفعل المُسند إليه ، فإن زعمه يكون غير مقبول .
10- لما كان للمحكمة أن
تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها مُعززة لما ساقته
من أدلة مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ولا يعيبها أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد
تحقق من صدق ذلك البلاغ ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا - بفرض صحته - غير سديد .
11- من المقرر أن محكمة
ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق ، وهي لا تجري من التحقيقات إلا
ما ترى لزوماً لإجرائه ، أو استكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه ، وكان
البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعن لم يطلب سماع
شهادة الشاهد .... ، أو شهود الإثبات ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن
سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المُدافع عنه صراحة أو ضمناً ، ولها أن تعتمد
على تلك الأقوال بالتحقيقات مادامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة ،
ومن ثم يكون النعي على الحكم بقالة الإخلال بحق الدفاع غير سديد .
12- من المقرر أنه يجب
لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن أوجه دفاعه
ودفوعه التي ضمنها مذكرة دفاعه ، حتى يتضح أهميتها في الدعوى المطروحة ، وما إذا
كانت تحوي دفاعاً مما يستلزم من المحكمة الرد عليه ، أم دفاعاً موضوعياً مما لا
يستلزم رداً خاصاً ، فإن منعاه بعدم تعرض الحكم لما حوته هذه المذكرة يضحى في غير
محله .
13- لما كان الحكم قد
عرض للدفع بانتفاء مسئولية الطاعن الجنائية ورفضه استناداً إلى أن الثابت أن
الطاعن وقت ارتكابه للجريمة المُسندة إليه كانت سنه قد جاوزت السابعة ولم تجاوز
الثانية عشرة سنة ميلادية كاملة ، وخلص من ذلك إلى أن المادة 94 المستبدلة
بالقانون رقم 126 لسنة 2008 هي الأصلح للمتهم ، وكونها عقدت الاختصاص بنظر ما يقع من الطفل
من جرائم تُعد جناية أو جنحة لتلك المحكمة وأجاز لها عجز هذه المادة توقيع أحد
التدابير المنصوص عليها في البنود 1 ، 2 ، 7 ، 8 من المادة 101 من ذات القانون ،
وكان ما أورده الحكم في اطراحه للدفع - على ما
سلف - يتفق وصحيح القانون ، كما أنه التزم في توقيع العقوبة على الطاعن
المادتين 94 ، 101 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل المستبدلة بالقانون رقم
126 لسنة 2008 بإيداع الطاعن إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية ، فإن النعي عليه
بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الشأن يكون غير قويم .
14- لما كان الحكم المطعون فيه فيما تبناه
من أسباب حكم أول درجة وما أضافه من أسباب وقضى بتعديل العقوبة دان الطاعن - حال
كونه طفلاً تجاوز عمره سبعة أعوام ولم يبلغ خمسة عشر عاماً ميلادية - بإحداث عاهة
مستديمة ، المؤثمة بالمادة 240/1 من قانون العقوبات وأعمل المواد 2/1 ، 94 ، 101
من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 ، وقضى بإيداعه في إحدى دور الرعاية الاجتماعية
لمدة ثلاث سنوات . لما كان ذلك ، وكانت المادة 107 من القانون رقم 12 لسنة 1996
والمستبدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 قد حظرت على المحكمة أن تحدد في حكمها مدة
إيداع الطفل في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأحداث ، وكان الحكم المطعون فيه
قد قضى بتحديد مدة الإيداع بجعلها لمدة ثلاث سنوات ، يكون قد خالف القانون بتأقيته
لمدة الإيداع ، وهو ما يؤذن لمحكمة النقض بقبول هذا الوجه من الطعن ، وتقضي بنقض الحكم
المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه عملاً بالمادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959
في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، بإلغاء تحديد مدة الإيداع مع رفض
الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابـة العامـة
الطاعن بأنه :
1- حال كونه طفلاً
تجاوز عمره سبعة أعوام ولم يبلغ خمسة عشر عاماً ميلادية ضرب المجني عليه / ....
عمداً بجسم صلب راض " عصا " على عينه اليمنى ، فأحدث به الإصابة
الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل
برؤها وهي " فقد إبصار العين اليمنى " التي تقلل من قدرتها بمقدار 37 %
.
2- أحرز بغير ترخيص
سلاحاً أبيض " عصا " استخدمها في الاعتداء على المجني عليه دون أن يوجد
لإحرازها مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية ، وطلبت عقابه بالمادة 240/ 1 من
قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكررًا/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة
1981 ، والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار
وزير الداخلية رقم 7726 لسنة 1998 والمعدل بالقرار رقم 1756 لسنة 2007 ، والمواد
2/1 ، 9 ، 101 من القانون رقم 12 لسنة 1996 .
ومحكمة
أحداث .... قضت غيابياً بإيداعه إحدى مؤسسات رعاية الأحداث الاجتماعية ، ومصادرة العصا المضبوطة بالنسبة للتهمة الأولى ،
وببراءته مما أسند إليه بالنسبة للتهمة الثانية .
عارض ، وقضي في معارضته بقبول المعارضة شكلاً ،
وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه .
استأنف ، وقضي غيابياً
بسقوط الحق في الاستئناف .
عارض استئنافياً وقضي في معارضته بقبولها شكلاً
، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه ، وقبول الاستئناف شكلاً ، وفي الموضوع
بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بإيداع المتهم إحدى دور الرعاية الاجتماعية لمدة
ثلاث سنوات .
فطعن
المحكوم عليه ، كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : عن الطعن المقدم من النيابة العامة :
من حيث إنه لما كانت الفقرة الثالثة من
المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون
رقم 57 لسنة 1959 بعد استبدالها بالقانون رقم 174 لسنة 2007 والمعمول به في تاريخ
التقرير بالطعن قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من النيابة العامة أن يوقع
أسبابها محامٍ عام على الأقل ، وإلا كانت باطلة ، وغير ذات أثر في الخصومة
الجنائية ، وكان البين أن مذكرة أسباب الطعن موقع عليها من رئيس نيابة بالنيابة
العامة ، ومن ثم تكون معدومة الأثر في الخصومة ، ولا يغير من ذلك التأشير عليها
بما يفيد النظر ، إذ فضلاً عن كونه غير مقروء ، ويستحيل معرفة صاحبه وصفته ، فإنها
بذاتها لا تفيد اعتماد المحامي العام لها ، ومن ثم يكون الطعن غير مقبول شكلاً ،
ويتعين التقرير بذلك .
ثانياً : عن الطعن
المقدم من المحكوم عليه :
من حيث إن الطاعن ينعى
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه القصور في
التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، وانطوى على الخطأ في
تطبيق القانون ، ذلك بأنه اعتنق تصوير الشهود لواقعة الدعوى رغم عدم رؤية بعضهم
لواقعاتها ، وتناقض شهادتهم مع المجني عليه ، دون أن يُحقق ذلك ، وتساند في إدانته
إلى أدلة لا تصلح لذلك ، وعوّل في قضائه على الدليلين القولي والفني رغم تعارضهما
في بيان عدد الإصابات التي أصابت المجني عليه ، ولم يعن برفع ذلك التناقض ، والتفت
إيراداً ورداً عن دفوعه بانتفاء القصد الجنائي ، وقصور تحقيقات النيابة العامة
لعدم سؤال شهود الإثبات ، وعدم سؤاله بمحضر جمع الاستدلالات وبالتحقيقات وأمام
محكمة أول درجة وعدم جدية التحريات وأنها ترديد لأقوال المجني عليه ، فضلاً عن
طلبه سماع شهادة الشاهد .... ، وباقي دفاعه ودفوعه - التي ضمنها مذكرة دفاعه - كما
دفع بانتفاء مسئوليته طبقاً لنص المادة 94 من القانون 126 لسنة 2008 بيد أن المحكمة أطرحته بما لا يسوغه ودون أن تتبع في قضائها
التدرج في العقوبة ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد
على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ،
وكان من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام
استخلاصها سائغاً مُستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في
الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من
مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع ، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد
اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض
أقوال المجني عليه مع أقوال شهود الواقعة في بعض تفاصيلها - بفرض وجوده - لا يعيب
الحكم ولا يقدح في سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم بلا تناقض ، وكان من
المقرر أيضاً أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة
المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها
الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، لأن الأدلة في
المواد الجنائية مُتساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ،
فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون
الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم
منها ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة الواقعة وأدلتها حسبما حصّلهما
الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تلك الأدلة وصورة الدعوى ، لا يعدو أن يكون
محاولة لتجريح تلك الأدلة ومناقضة الصورة التي استقرت في يقين المحكمة ، وهو ما لا
يُقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم معقولية تصوير
الواقعة لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً
صريحاً ما دام الرد مُستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت
التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق ما فيما
يثيره بوجه النعي ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم
يطلبه منها ، ولم تر هي حاجة لإجرائه ، ويضحى منعاه في هذا غير مقبول . لما كان
ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المرافعة الأخيرة والتي اختتمت بصدور الحكم
المطعون فيه أن الطاعن أو المُدافع عنه لم يثر شيئاً مما أورده بوجه النعي من قالة
التناقض بين الدليلين القولي والفني ، ومن ثم لا يسوغ له إثارته لأول مرة أمام هذه
المحكمة لكونه دفاعاً موضوعياً ، هذا إلى أنه لا يلزم أن تتطابق أقوال الشهود مع
مضمون الدليل الفني تطابقاً تاماً ، بل يكفي أن يكون جماع الدليلين غير متناقض
تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق - وهو الحال في الدعوى الماثلة - ويكون ما
يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت جريمة إحداث الجروح
عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام ، وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن
إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ،
وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجريمة ، بل
يكفي أن يكون هذا القصد مُستفاداً من وقائع الدعوى - كما أوردها الحكم - وهو ما
تحقق في واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقترن بالصواب
. لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في شأن قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم
سؤاله وشهود الإثبات بها ، لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ، مما لا
يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، أو يعيبه عدم الرد عليه ، وكان البيّن
من محاضر جلسات المحاكمة أنه لم يثر ما يدعيه أو يطلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص
، فليس له أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة
لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود ، ومن ثم لا يحل له أن
يثير شيئاً من ذلك أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن عدم سؤاله بالتحقيقات لا يترتب عليه بطلان لهذه الإجراءات ، إذ لا مانع في
القانون من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب المتهم أو سؤاله ، ومن ثم فإن
منعاه يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة
، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أُثبت بها إلا بطريق الطعن بالتزوير ، وإذ كان
الثابت أن الطاعن لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أُثبت أمـام محكمة أول درجة
بمحاضرها من سؤاله عن الفعل المُسند إليه ، فإن زعمه يكون غير مقبول . لما كان ذلك
، وكان للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة بـاعتبارها
مُعززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ولا
يعيبها أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني
عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، ويضحى ما يثيره
الطاعن في هذا - بفرض صحته - غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة
ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق ، وهى لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ، أو استكمال
ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه ، وكان البيّن من محاضر جلسات
المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعن لم يطلب سماع شهادة الشاهد ... ، أو
شهود الإثبات ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا قبل
المتهم أو المُدافع عنه صراحة أو ضمناً ، ولها أن تعتمد على تلك الأقوال
بالتحقيقات مادامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة ، ومن ثم يكون النعي
على الحكم بقالة الإخلال بحق الدفاع غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه
يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن أوجه دفاعه
ودفوعه التي ضمنها مذكرة دفاعه ، حتى يتضح أهميتها في الدعوى المطروحة ، وما إذا
كانت تحوي دفاعاً مما يستلزم من المحكمة الرد عليه ، أم دفاعاً موضوعياً مما لا
يستلزم رداً خاصاً ، فإن منعاه بعدم تعرض الحكم لما حوته هذه المذكرة يضحى في غير
محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع بانتفاء مسئولية الطاعن الجنائية
ورفضه استناداً إلى أن الثابت أن الطاعن وقت ارتكابه للجريمة المُسندة إليه كانت
سنه قد جاوزت السابعة ولم تجاوز الثانية عشر سنة ميلادية كاملة ، وخلص من ذلك إلى
أن المادة 94 المستبدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 هي الأصلح للمتهم ، وكونها
عقدت الاختصاص بنظر ما يقع من الطفل من جرائم تُعد جناية أو جنحة لتلك المحكمة
وأجاز لها عجز هذه المادة توقيع أحد التدابير المنصوص عليها في البنود 1 ، 2 ، 7 ،
8 من المادة 101 من ذات القانون ، وكان ما أورده الحكم في اطراحه للدفع - على ما سلف - يتفق وصحيح القانون ، كما أنه التزم
في توقيع العقوبة على الطاعن المادتين 94 ، 101 من القانون رقم 12 لسنة
1996 بشأن الطفل المستبدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 بإيداع الطاعن إحدى مؤسسات
الرعاية الاجتماعية ، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الشأن يكون
غير قويم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه
موضوعاً .
ومن حيث إنه فضلاً عما سلف ، فقد نعى
الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون ، إذ حدد مدة إيداعه بمؤسسة
الرعاية الاجتماعية للأحداث .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه فيما تبناه
من أسباب حكم أول درجة وما أضافه من أسباب وقضى بتعديل العقوبة دان الطاعن - حال
كونه طفلاً تجاوز عمره سبعة أعوام ولم يبلغ خمسة عشر عاماً ميلادية - بإحداث عاهة
مستديمة ، المؤثمة بالمادة 240/1 من قانون العقوبات وأعمل المواد 2/1 ، 94 ، 101 من
قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 ، وقضى بإيداعه
في إحدى دور الرعاية الاجتماعية لمدة ثلاث سنوات . لما كان ذلك ، وكانت المادة 107 من القانون رقم 12 لسنة 1996 والمستبدلة
بالقانون رقم 126 لسنة 2008 قد حظرت على المحكمة أن تحدد في حكمها مدة إيداع الطفل
في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأحداث ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى
بتحديد مدة الإيداع بجعلها لمدة ثلاث سنوات ، يكون قد خالف القانون بتأقيته لمدة
الإيداع ، وهو ما يؤذن لمحكمة النقض بقبول هذا الوجه من الطعن ، وتقضي بنقض الحكم
المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه عملاً بالمادة 39 /1 من القانون رقم 57 لسنة 1959
في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، بإلغاء تحديد مدة الإيداع مع رفض
الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ