برئاسة السيد المستشار / محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين / عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار ابراهيم فرج وبهيج حسن القصبجي نواب
رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي خليل.
---------
- 1 استدلالات . تفتيش " اذن التفتيش . اصداره". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي . عدم
بيان اسم الطاعن كاملاً ومهنته وسنه ومحل إقامته في محضر الاستدلال . غير قادح في جدية
ما تضمنه من تحريات .
من المقرر أن تقدير جناية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو
من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة
الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها أمر
التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك فلا
معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت
الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة
منتجة وكان عدم بيان مهنة وسن ومحل إقامة الطاعن مجدداً واسمه كاملاً في محضر
الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا
الصدد لا يكون سديداً.
- 2 تفتيش " اذن التفتيش . اصداره". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير
المعيب".
مثال لاستخلاص سائغ لصدور اذن بالتفتيش لضبط جريمة تحقق وقوعها لا
لضبط جريمة مستقلة في حيازة مخدر بقصد الاتجار .
لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن العقيد .... بالإدارة
العامة لمكافحة المخدرات قد استصدر إذن النيابة العامة بالتفتيش بعد أن دلت
التحريات على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ويقوم بترويجها بأقسام .... و.....
و .. وإنه تسلم كمية من المواد المخدرة يقوم بالفعل بترويجها فإن مفهوم ذلك أن
الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة
وإذ انتهى الحكم إلى الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى
المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
- 3 تفتيش " اذن التفتيش . اصداره". دفوع " الدفع ببطلان اذن التفتيش". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من
الاسباب".
الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لصدوره من وكيل نيابة غير مختص
مكانياً لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . علة ذلك.
لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع
عنه لم يثر شيئاً بشأن بطلان إذن النيابة العامة لصدوره من وكيل نيابة غير مختص
مكانياً بإصداره، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام هذا البطلان، فإنه لا
يجوز له أن ينعى على الحكم عدم الرد على دفع لم يثره أمام المحكمة، كما لا يقبل
منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط
بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفتها ومن ثم يكون النعي على الحكم
في هذا الخصوص غير مقبول.
- 4 مأمورو
الضبط القضائي
لضباط الادارة العامة لمكافحة المخدرات سلطة عامة وشاملة في ضبط جميع
الجرائم المنصوص عليها من القانون 182 لسنة 1960. أساس ذلك .
لما كانت المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل في شأن
مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها قد جرى نصها على أنه " يكون لمديري
إدارتي مكافحة المخدرات في كل من الإقليمين وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط
والكونستبلات والمساعدين الثانيين صفة مأموري الضبطية في جميع أنحاء الاقليمين ...
، فيما يختص بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون "،فإن ضابط الادارة العامة لمكافحة المخدرات
بالقاهرة العقيد ... يكون قد أجرى التفتيش في حدود اختصاصه النوعي والمكاني الذى
ينبسط على كافة أنحاء الجمهورية وبغض النظر عن كونه يعمل بقسم النشاط الخارجي بالإدارة
الما ذكرها ذلك بأن المادة 49 من قانون مكافحة المخدرات المشار إليها منحت جميع
الضباط العاملين بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات سلطة عامة وشاملة في ضبط جميع
الجرائم المنصوص عليها في القانون سالف الاشارة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى
إلى رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره لضابط غير مختص نوعياً بالضبط فإنه يكون
قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير قويم.
- 5 مواد مخدرة
تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر. موضوعي. مثال لتسبيب سائغ على توافر
هذا العلم.
لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على عدم علمه بوجود المخدر
في السيارة المضبوطة وباحتمال دسه عليه ورد عليه في قوله" وحيث أنه عن الدفع بانتفاء
علم المتهم وبشيوع التهمة بقالة أنه يحتمل أن يكون آخر مجهولاً قد وضع المخدر
بالسيارة خاصة وإنها كانت في الإصلاح عند الميكانيكي فقول مردود عليه ذلك أنه من
غير المقبول عقلاً أن توضع كمية كبيرة بلغ وزنها ستة كيلو وخمسمائة جراماً من
الحشيش ولو أراد آخر الانتقام مثلا على حد قول دفاع المتهم لاكتفى أن يدس عليه ولو
الفتات منها إذ تتحقق الجريمة ولو بجرام من المادة المخدرة هذا فضلاً عن أسلوب
إخفاء المخدر المضبوط بأبواب السيارة وبهواية الباب وبكان الراديو والتكييف كل ذلك
يجعل من العسير على الغير دس المخدر للمتهم بالكيفية التي ضبط بها " ولما كان
تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد
من الوقائع والظروف ما يكفى في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي
والمنطقي وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها على النحو
المتقدم بيانه ـ علم الطاعن بوجود المخدر المضبوط بالمخابئ السرية التي أعدت
بسيارته وعلى علمه بكنهها ورددت في الوقت ذاته على دفاعه في هذا الخصوص رداً
سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه توافر فعلياً فإنه لا
يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا مجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض .
- 6 دفوع "
الدفع بشيوع التهمة".
الدفع بشيوع التهمة أو تلفيقها . موضوعي . لا يستوجب رداً مستقلاً .
استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الدفع بشيوع التهمة أو تلفيقها دفعاً موضوعياً لا يتوجب رداً مستقلاً
ما دام الرد يستقاد ضمناً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم فإن النعي على الحكم
في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
- 7 حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب".
مثال لتسبيب سائغ للرد على بطلان إجراءات التحريز في حيازة مخدر بقصد
الاتجار.
لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن بشأن بطلان
إجراءات التحريز واطرحه في قوله "وحيث إنه عن قالة الدفاع بالعبث بالأحراز
فإنه لما كان من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55، 56، 57 من
قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية
توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلانا بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان
المحكمة إلى سلامة الدليل، ولما كان من المقرر إن إجراءات التحريز المنصوص عليها
في المواد 55، 56، 57 من قانون الإجراءات الجنائية إلا بطلان على مخالفتها ولم
يستلزم القانون أن يكون الختم المستعمل في التحريز لمأمور الضبط القضائي والمرجع
في سلامة الإجراءات لمحكمة الموضوع، ولما كان ذلك، وكانت المحكمة تطمئن تماماً إلى
سلامة إجراءات التحريز التي تمت من مأمور الضبط القضائي وهي بذاتها ما تم عرضه على
النيابة العامة ومن ثم تلتفت عن قالة الدفاع في هذا الخصوص خاصة وقد أثبت مأمور
الضبط أن الحرز قد ختم بعدة أختام ولم يذكر عددها وإنما وصف غلافها في حين أن
النيابة ذكرت عددها بعد التأكد من سلامتها وكلها أمور لا تثير الشك لدى المحكمة
لاقتناعها بسلامة إجراءات التحريز". وهو منه رد سائغ يضحى معه النعي على
الحكم في هذا الصدد غير سديد.
- 8 إثبات "
شهود". حكم "
ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
احالة الحكم في بيان شهادة الشهود الى ما أورده من أقوال شاهد اخر لا
يعيبه مادامت أقوالهم متفقة مع ما أستند اليه الحكم منها اختلاف الشهود في بعض
التفصيلات التي يوردها الحكم لا يؤثر في سلامته اساس ذلك . حق محكمة الموضوع في
الأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وإطراح ما عداه.
من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما
أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها، وأن
محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود ـ إن تعددت ـ وبيان وجه أخذها بما
اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولا يؤثر في هذا
النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة
الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه
وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها ـ فلا ضير على الحكم من بعد
إحالته في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول
ولا يؤثر فيه أن يكون هذان الشاهدان لم يشتركا في إجراء التحريات التي أجراها
الشاهد الأول ـ على فرض صحة ذلك ـ إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما
حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقا فيه إنه التفت عن هذه التفصيلات مما ينحسر
عن الحكم دعوى القصور في التسيب في هذا الشأن.
- 9 قصد جنائي . مواد مخدرة
قصد الاتجار في المواد المخدرة استقلال محكمة الموضوع بتقديره. شرط
ذلك أن يكون تقديرها لا يخرج عن الاقتضاء العقلي.
من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الإتجار هو واقعة مادية يستقل قاضى
الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض
لقصد الإتجار واستظهره في قوله : " لما كان ذلك، وكانت تحريات العقيد __.. بالإدارة
العامة لمكافحة المخدرات والتي أبدتها المراقبة المستمرة للمتهم قد أسفرت عن أن
المتهم يقوم بالإتجار بالمواد المخدرة وإنه قد تحصل على كمية منها وفى سبيله
للقيام بتسليم أحد عملائه قدر منها أمام مدينة السندباد السياحية بدائرة قسم
النزهة وإذ أذنت له النيابة العامة بضبط تفتيش شخصي وسيارة المتهم تم العثور على
عدد من طرب الحشيش بلغ وزنها ستة كيلو جرامات وخمسمائة وخمسون جراماً أقر المتهم
له بحيازتها بقصد الإتجار فيها ومن ثم فقد ثبت للمحكمة يقيناً أن قصد المتهم من
حيازته للمخدر كان بفصد الإتجار " وكانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في
تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن حيازة الطاعن
للمخدر كانت بقصد الإتجار فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التدليل على توافر
هذا القصد لا يكون سديداً.
- 10 إجراءات " اجراءات المحاكمة". دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا
يوفره".
الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته ماهيته . النعي على المحكمة
قعودها عن اجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير جائز . مثال لما
لا يعد طلب جازما .
من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب
الجازم الذى يصر عليه مقدمة ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته
الختامية وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن وإن أبدى طلب أجراء
المعاينة بجلستي 1991/10/20، 1991/12/14 إلا أنه بعد أن فرغت المحكمة من سماع بعض
الشهود بجلسة 1992/1/20 طلب من المحكمة التصريح له باستصدار الشهادة المنوه عنها
بمحضر الجلسة وتنازل صراحة عن بقية طلباته إلى أن كانت جلسة 1992/1/23 التي ترافع
فيها المدافع عن الطاعن وصدر فيها الحكم المطعون فيه دون أن يطلب معاينة السيارة
المضبوطة في دفاعه أو يصر عليه في طلباته الختامية مما مفاده نزوله عنه بل أن
البين أن المدافع عن الطاعن استهل مرافعته بالجلسة المار ذكرها بالتنازل عن أية
طلبات أخرى ومن ثم فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحيق لم يطلب
منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر عن الحكم في هذا الصدد قالة
الاخلال بحق الدفاع، ولا يؤثر في ذلك ما ورد على لسان المدافع عن الطاعن في ختام
مرافعته من " إن المعاينة كانت شكلية ولم يذكر لنا إن كان هناك آثار ذلك أم
لا، وقال إنها كابينة مزدوجة وبها تسجيل فهل يتسنى لوجود هذا التسجيل لثلاث طرب
حشيش وهل هذه الهواية تسع لهذه الكمية أم لا" إذ أنه لا يعد طلباً جازماً
بالمعنى المتقدم ذكره، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير
محله.
- 11 نقض " اجراءات الطعن . الصفة والمصلحة
في الطعن".
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن مصادرة السيارة التي كان بها
المخدر لأنها مملوكة لغيره وأنه قائدها . علة ذلك . طعن الطاعن على الحكم لمصلحة
القانون وحده . غير جائز .
لا يقبل من الطاعن ما يثيره من خطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى بمصادرة
السيارة التي ضبط فيها المخدر رغم كونه مجرد قائد لها فحسب وإنها ملك لآخر، ذلك
بأن هذا الأخير وحده هو صاحب المصلحة ذلك وعليه أن يتبع ما رسمه القانون في هذا
الشأن لاستردادها إن كان لذلك وجه، وذلك لما هو مقرر من أنه يتعين أن تعود على
الطاعن مصلحة حقيقية من طعنه ولا يجوز له أن يطعن على الحكم لمصلحة القانون وحده.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً
"حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلي محكمة جنايات
القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً عملاً بالمواد للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 1/7، 1/34أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل
بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق
بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه مائة ألف جنيه عما أسند إليه
ومصادرة المخدر والسيارة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.
--------------
المحكمة
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة
حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال
والقصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع, ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إذن
التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ولصدوره عن جريمة مستقبلة ومن وكيل نيابة
غير مختص مكانياً بإصداره ولضابط غير مختص نوعياً بالضبط إذ يعمل بقسم النشاط
الخارجي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات ولا شأن له بالنشاط الداخلي كما دفع
بعدم علمه بالمخدر المضبوط بالسيارة وبشيوع التهمة وتلفيقها إلا أن الحكم رد على
هذه الدفوع بما لا يتفق وصحيح القانون والتفت عما أثاره بشأن ما شاب إجراءات
التحريز من عبث, وأحال الحكم في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى مضمون ما
حصله من أقوال الشاهد الأول رغم اختلاف أقوالهما فضلاً عن أنهما لم يشاركا الشاهد
الأول في التحريات التي انفرد بإجرائها, ولم يدلل تدليلاً كافياً على توافر قصد
الاتجار في حق الطاعن ولم تستجب المحكمة إلى طلب الطاعن معاينة السيارة للوقوف على
مدى استيعابها لكمية المخدر المضبوط أو ترد عليه, ولم يكشف الحكم عن سنده في
مصادرة السيارة المضبوطة رغم أنها غير مملوكة للطاعن, كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب
نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية لجريمة حيازة المخدر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في
حقه أدلة مستمدة من أقوال الضابط الذي أجرى التفتيش وزميليه المرافقين له ومن
تقرير التحليل وهي أدلة سائغة من شانها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم يجادل
الطاعن في أنها ترتد إلى أصول ثابتة في الأوراق. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي
يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع, ومتى كانت المحكمة قد
اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره,
وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شان ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه
بالموضوع لا بالقانون, ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد
الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة وكان عدم بيان مهنة وسن
ومحل إقامة الطاعن محدداً واسمه كاملاً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية
ما تضمنه من تحريات, فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً لما كان
ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن العقيد ..... بالإدارة العامة
لمكافحة المخدرات قد استصدر إذن النيابة العامة بالتفتيش بعد أن دلت التحريات على
أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ويقوم بترويجها بأقسام .... و....... و......
وإنه تسلم كمية من المواد المخدرة يقوم بالفعل بترويجها فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد
صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة وإذ انتهى
الحكم إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون
بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة, فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذك, وكان
البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً
بشأن بطلان إذن النيابة العامة لصدوره من وكيل نيابة غير مختص مكانياً بإصداره,
وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام هذا البطلان, فإنه لا يجوز له أن ينعي
على الحكم عدم الرد على دفع لم يثره أمام المحكمة, كما لا يقبل منه إثارته لأول
مرة أمام محكمة النقض لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً
موضوعياًُ تنحسر عنه وظيفتها ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير
مقبول. لما كان ذلك, كانت المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل في شأن
مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جرى نصها على أنه ((يكون
لمديري إدارتي مكافحة المخدرات في كل من الإقليمين وأقسامها وفروعها ومعاونيها من
الضباط والكونستبلات والمساعدين الثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع
أنحاء الإقليمين ......, فيما يختص بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون)), -
فإن ضابط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالقاهرة العقيد ...... يكون قد أجرى
التفتيش في حدود اختصاصه النوعي والمكاني الذي ينبسط على كافة أنحاء الجمهورية
وبغض النظر عن كونه يعمل بقسم النشاط الخارجي بالإدارة المار ذكرها ذلك بأن المادة
49 من قانون مكافحة المخدرات المشار إليها منحت جميع الضباط العاملين بالإدارة
العامة لمكافحة المخدرات سلطة عامة وشاملة في ضبط جميع الجرائم المنصوص عليها في
القانون سالف الإشارة, وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الدفع ببطلان
إذن التفتيش لصدوره لضابط غير مختص نوعياً بالضبط فإنه يكون قد التزم صحيح القانون
ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير قويم. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض
لدفاع الطاعن القائم على عدم علمه بوجود المخدر في السيارة المضبوطة وباحتمال دسه
عليه ورد عليه في قوله ((وحيث إنه عن الدفع بانتفاء علم المتهم وبشيوع التهمة
بقالة أنه يحتمل أن يكون آخر مجهولاً قد وضع المخدر بالسيارة خاصة وإنها كانت في
الإصلاح عند الميكانيكي فقول مردود عليه ذلك أنه من غير المقبول عقلاً أن توضع
كمية كبيرة بلغ وزنها ستة كيلو وخمسمائة جراماً من الحشيش ولو أراد آخر الانتقام
مثلا على حد قول دفاع المتهم لاكتفى أن يدس عليه ولو الفتات منها إذ تتحقق الجريمة
ولو بجرام من المادة المخدرة هذا فضلاً عن أسلوب إخفاء المخدر المضبوط بأبواب
السيارة وبهواية الباب وبمكان الراديو والتكييف كل ذلك يجعل من العسير على الغير
دس المخدر للمتهم بالكيفية التي ضبط بها)) ولما كان تقصي العلم بحقيقة الجوهر
المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما
يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي وإذ
كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها على النحو المتقدم بيانه - علم
الطاعن بوجود المخدر المضبوط بالمخابئ السرية التي أعدت بسيارته وعلى علمه بكنهها وردت
في الوقت ذاته على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به
توافر ذلك العلم في حقه توافر فعلياً فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا
المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان الدفع بشيوع التهمة أو
تلفيقها دفعاً موضوعياً لا يستوجب رداً مستقلاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة
الثبوت التي أوردها الحكم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً, هذا
فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن وأطرحته في منطق سائغ,
لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن بشان بطلان إجراءات
التحريز وأطرحه في قوله ((وحيث إنه عن قالة الدفاع بالعبث بالأحراز فإنه لما كان
من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55, 56, 57 من قانون
الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم
يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى
سلامة الدليل, ولما كان من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55,
56, 57 من قانون الإجراءات الجنائية لا بطلان على مخالفتها ولم يستلزم القانون أن
يكون الختم المستعمل في التحريز لمأمور الضبط القضائي والمرجع في سلامة الإجراءات
لمحكمة الموضوع, ولما كان ذلك, وكانت المحكمة تطمئن تماماً إلى سلامة إجراءات
التحريز التي تمت من مأمور الضبط القضائي وهي بذاتها ما تم عرضه على النيابة
العامة ومن ثم تلتفت عن قالة الدفاع في هذا الخصوص خاصة وقد أثبت مأمور الضبط أن
الحرز قد ختم بعدة أختام ولم يذكر عددها وإنما وصف غلافها في حين أن النيابة ذكرت
عددها بعد التأكد من سلامتها وكلها أمور لا تثير الشك لدى المحكمة لاقتناعها
بسلامة إجراءات التحريز)). وهو منه رد سائغ يضحى معه النعي على الحكم في هذا الصدد
غير سديد. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة
الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه
الحكم منها, وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان
وجه أخذها بما اقتنعت به, بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه, ولا
يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن
لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن
إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها - فلا ضير على الحكم من بعد
إحالته في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول
ولا يؤثر فيه أن يكون هذان الشاهدان لم يشتركا في إجراء التحريات التي أجراها
الشاهد الأول - على فرض صحة ذلك - إذ أن مفاد إحالة الحالة لحكم في بيان أقوالهما
إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات مما
ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب في هذا الشأن, لما كان ذلك, وكان من المقرر
أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها
طالما يقيمها على ما ينتجها, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد الاتجار واستظهره
في قوله: ((لما كان ذلك, وكانت تحريات العقيد ..... بالإدارة العامة لمكافحة
المخدرات والتي أيدتها المراقبة المستمرة للمتهم قد أسفرت عن أن المتهم يقوم بالإتجار
بالمواد المخدرة وإنه قد تحصل على كمية منها وفي سبيله للقيام بتسليم أحد عملائه
قدر منها أمام مدينة (..........) السياحية بدائرة قسم النزهة وإذ أذنت له النيابة
العامة بضبط وتفتيش شخصي وسيارة المتهم تم العثور على عدد من طرب الحشيش بلغ وزنها
ستة كيلو جرامات وخمسمائة وخمسون جراما أقر المتهم له بحيازتها بقصد الاتجار فيها
ومن ثم فقد ثبت للمحكمة يقيناً أن قصد المتهم من حيازته للمخدر كان بقصد الاتجار))
وكانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن
الاقتضاء العقلي والمنطقي أن حيازة الطاعن للمخدر وكانت بقصد الاتجار فإن ما يثيره
الطاعن بدعوى القصور في التدليل على توافر هذا القصد لا يكون سديداً, لما كان ذلك,
وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم
الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية وكان
البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن وإن أبدى طلب إجراء المعاينة بجلستي 20
من أكتوبر سنة 1991, و14 من ديسمبر سنة 1991 إلا أنه بعد أن فرغت المحكمة من سماع
بعض الشهود بجلسة 20 من يناير سنة 1992 طلب من المحكمة التصريح له باستصدار
الشهادة المنوه عنها بمحضر الجلسة وتنازل صراحة عن بقية طلباته إلى أن كانت جلسة
23 من يناير سنة 1992 التي ترافع فيها المدافع عن الطاعن وصدر فيها الحكم المطعون
فيه دون أن يطلب معاينة السيارة المضبوطة في دفاعه أو يصر عليه في طلباته الختامية
مما مفاده نزوله عنه بل أن البين أن المدافع عن الطاعن استهل مرافعته بالجلسة
المار ذكرها بالتنازل عن أية طلبات أخرى ومن ثم فليس له من بعد النعي على المحكمة
قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر
عن الحكم في هذا الصدد قالة الإخلال بحق الدفاع, ولا يؤثر في ذلك ما ورد على لسان
المدافع عن الطاعن في ختام مرافعته من ((إن المعاينة كانت شكلية ولم يذكر لنا إن
كان هناك أثار فك أم لا, وقال أنها كابينة مزدوجة وبها تسجيل فهل يتسنى لوجود هذا
التسجيل لثلاث طرب حشيش وهل هذه الهواية تسع لهذه الكمية أم لا)) إذ إنه لا يعد
طلباً جازماً بالمعنى المتقدم ذكره, ومن ثم فإن منعي الطاعن على الحكم في هذا
الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان لا يقبل من الطاعن ما يثيره من خطأ
الحكم المطعون فيه إذ قضى بمصادرة السيارة التي ضبط بها المخدر رغم كونه مجرد قائد
لها فحسب وإنها ملك لآخر, ذلك بأن هذا الأخير وحده هو صاحب المصلحة في ذلك وعليه
أن يتبع ما رسمه القانون في هذا الشأن لاستردادها إن كان لذلك وجه, وذلك لما هو
مقرر من أنه يتعين أن تعود على الطاعن مصلحة حقيقية من طعنه ولا يجوز له أن يطعن
على الحكم لمصلحة القانون وحده, لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير
أساس متعيناً رفضه موضوعاً.