برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم (نائبي رئيس المحكمة). عزت عمران
ومحمد إسماعيل غزالي.
-----------
- 1 نقض " الخصوم في الطعن". نقض " الخصوم في الطعن بالنقض".
الخصم الذي لم توجه اليه طلبات ولم يقض له أو عليه . عدم قبول اختصامه
في الطعن بالنقض .
من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفى أن يكون المطعون عليه
طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ، بل يجب أن يكون
خصماً حقيقياً وجهت إليه طلبات من خصمه أو وجه هو طلبات إليه ، و إنه بقى على
منازعته معه و لم يتخل عنها حتى صدر الحكم لصالحه فيها ، لما كان ذلك و كان المبين
من الأوراق أن المطعون ضده الثاني [ الممثل القانوني لشركة مصر الجديدة للإسكان و
التعمير ] قد اختصمته المطعون ضدها الأولى أمام درجتي التقاضي دون أن توجه منه أو
إليه أي طلبات ، و أنه وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ، و لم يحكم له أو عليه بشيء
، و إذ أقام الطاعنان طعنهما على أسباب لا تتعلق به ، و من ثم فإنه لا يقبل اختصامه
في الطعن بالنقض ، و يتعين لذلك عدم قبول الطعن بالنسبة له .
- 2 تزوير " الادعاء بالتزوير ".
امتناع الخصم عن تسليم المحرر المطعون عليه بالتزوير وتعذر ضبطه أثره
. اعتباره غير موجود . م 51/2 إثبات.
متى امتنع الخصم عن تسليم المحرر المطعون عليه بالتزوير و تعذر ضبطه
تعين على المحكمة اعتباره غير موجود ، و ذلك وفقاً لما تقضى به الفقرة الثانية من
المادة / 51 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 .
- 3 إثبات " طرق الإثبات . البينة ".
محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الادلة ".
محكمة الموضوع . سلطتها في تقدير أقوال الشهود واستخلاص ما تقتنع به
منها . شرطه . أن يكون استخلاصها سائغا والا تخرج بها عما يؤدى اليه مدلولها . عدم
اشتراط ورود شهادة الشاهد على الواقعة المطلوب اثباتها بكافة تفاصيلها . يكفى أن
تؤدى الى الحقيقة التي استقرت في وجدان المحكمة .
المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير أقوال الشهود و استخلاص ما
تقتنع به المحكمة منها هو مما يستقل به قاضى الموضوع دون معقب عليه من محكمة النقض
طالما كان استخلاصه سائغاً و لا خروج فيه عن مدلول أقوالهم ، و مؤدياً إلى النتيجة
التي انتهى إليها ، كما أنه لا يشترط في شهادة الشاهد التي يعول عليها في حكمه أن
تكون واردة على الواقعة المطلوب إثباتها بجميع تفاصيلها بل يكفى أن يكون من شأنها
أن تؤدى إلى الحقيقة التي استقرت في وجدان المحكمة .
- 4 إيجار " تطبيق قواعد القانون المدني
في الايجار".
خلو تشريعات ايجار الأماكن من تنظيم حالة معينة . أثره . وجوب الرجوع
الى أحكام القانون المدني .
من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع نظم القواعد العامة لعقد
الإيجار في القانون المدني و هي واجبة التطبيق في الأصل ما لم يرد في تشريعات
إيجار الأماكن الاستثنائية نص خاص يتعارض و تلك القواعد العامة .
- 5 إيجار " القواعد العامة في عقد
الايجار ".
وفاة المستأجر الأصلي أثناء مدة العقد الاتفاقية وقبل استلامه العين
المؤجرة معدة للسكنى . أثره . انتقال الحقوق والالتزامات الناشئة عن العقد الى
ورثته ولو كانوا غير مقيمين بالعين . م 1/601 مدنى
النص في المادة 21 من قانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969 - الواجب
التطبيق والمقابل لنص المادة 29 من القانون الحالي رقم 49 لسنة 1977 يدل على أن
المشرع جعل لبعض أقارب المستأجر المقيمين معه حتى تاريخ وفاته حقاً في الاستمرار بالانتفاع
بالعين المؤجرة بشروط معينة بينها مما مفاده أن مناط تطبيق هذا النص أن تكون العين
المؤجرة قد تم تسليمها للمستأجر وأقام مع أقاربه حتى وفاته، وإذ خلت نصوص
التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن من إيراد نص بحكم الحالة التي يتوفى فيها
المستأجر أثناء مدة العقد الاتفاقية، وقبل استلامه العين معدة للسكنى، فإنه يتعين
الرجوع إلى القواعد العامة للإيجار المنصوص عليها في القانون المدني، ومنها ما
تقضى به المادة 601/1 من القانون المدني من أن الإيجار لا ينتهي بوفاة المؤجر أو
المستأجر، وأنه إذا مات المستأجر جاز لورثته أن يطلبوا إنهاء العقد متى أثبت أنه
بسبب موت مورثهم أصبحت أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مواردهم أو أصبح الإيجار
مجاوزاً حدود حاجتهم، مما مفاده أنه بوفاة المستأجر تنتقل الحقوق والالتزامات
الناشئة عن عقد الإيجار إلى ورثته أخذاً بأن الأصل في العقود المالية إنها لا تبرم
عادة لاعتبارات شخصية ويحق لهم الانتفاع بالعين المؤجرة بغض النظر عن سبق إقامة
مورثهم أو إقامتهم معه فيها.
- 6 إيجار "
تشريعات ايجار الاماكن . حظر ابرام اكثر من عقد ايجار للمكان المؤجر".
حظر ابرام أكثر من عقد ايجار واحد للمبنى أو الوحدة . م 3/16 ق 52
لسنة 1969 . مؤداه . بطلان العقد اللاحق للعقد الأول بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام
العام . لا محل لإعمال نص م 573 مدنى بشأن المفاصلة بين المستأجرين لذات العين .
النص في المادة 16/3 من قانون إيجار رقم 52 لسنة 1969 - المنطبق - على
واقعة الدعوى - يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على عقد الإيجار اللاحق
الذي يبرمه المؤجر مع المستأجر عن ذات الوحدة السابق تأجيرها لمستأجر آخر هو عقد
باطل بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام. ولو كان المستأجر اللاحق حسن النية أو
سبق في وضع يده على العين المؤجرة، ولا محل بعد ذلك لأعمال ما تقضى به المادة 573
من القانون المدني بشأن المفاضلة بين المستأجرين لذات العين.
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن الطاعن الأول أقام على المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم 5104 لسنة 1977
أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية طالبا الحكم برد وبطلان عقد الإيجار المؤرخ
1/3/1975 المنسوب صدوره إليه باعتباره مؤجرا، كما أقامت المطعون ضدها الأولى عن
نفسها وبصفتها وصية على ابنها القاصر "......" على الطاعنين والمطعون
ضده الثاني بصفته الممثل القانوني لشركة ....... للإسكان والتعمير الدعوى رقم
8863 لسنة 1978 أمام ذات المحكمة طالبة الحكم بأحقيتها للشقة محل النزاع وبتسليمها
إليها وكف منازعة الطاعنين لها في الانتفاع بها، وقالت بيانا لدعواها أنه بموجب
عقد مؤرخ 1/3/1975 ثابت التاريخ برقم 2595 لسنة 1976 مصر الجديدة استأجر زوجها
المرحوم .... من الطاعن الأول هذه الشقة وبعد أن قام بتركيب عداد الإنارة بها في
22/10/1976 بمعرفة الشركة المذكورة – وأخذ في إعدادها للسكن له ولأسرته توفى في
25/12/1976، فتعرض لها الطاعن الأول بأن تواطأ مع الطاعن الثاني بتأجير العين له
صوريا، وإذ كانت إجارتها ووضع يدها على الشقة أمر ثابت وسابق على عقد الإيجار
الصوري المبرم مع الطاعن الثاني، فقد أقامت الدعوى، وبعد أن قررت المحكمة ضم
الدعويين قضت بتاريخ 14/6/1980 بانتهاء دعوى التزوير الأصلية لعدم تقديم المطعون
ضدها الأولى عقد الإيجار المطعون عليه بالتزوير ثم أحالت دعواها إلى التحقيق لتثبت
استئجار زوجها للشقة محل النزاع من الطاعن الأول وبعد أن استمعت المحكمة إلى شاهدي
المطعون ضدها، حكمت بتاريخ 26/2/1983 برفض الدعوى استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا
الحكم بالاستئناف رقم 2869 لسنة 100ق القاهرة، وبتاريخ 23/1/1985 قضت المحكمة
بإلغاء الحكم المستأنف، وبأحقية المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على ابنها
القاصر .... للشقة محل النزاع وبتمكينها من الانتفاع بها. طعن الطاعنان في هذا
الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة
للمطعون ضده الثاني بصفته وفي الموضوع برفضه، وإذ عرض الطعن على المحكمة – في غرفة
مشورة – رأته جديرا بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته
أنه لم توجه إليه طلبات في الدعوى، ولم يحكم عليه بشيء.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة
– لا يكفي أن يكون المطعون عليه طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم
المطعون فيه بل يجب أن يكون خصما حقيقيا وجهت إليه طلبات من خصمه أو وجه هو طلبات
إليه وأنه بقى على منازعته معه ولم يتخل عنها حتى صدور الحكم لصالحه فيها، لما كان
ذلك وكان المبين من الأوراق أن المطعون ضده الثاني (الممثل القانوني لشركة......
للإسكان والتعمير) قد اختصمته المطعون ضدها الأولى أمام درجتي التقاضي دون أن توجه
منه أو إليه أي طلبات، وأنه وقف من الخصومة موقفا سلبيا، ولم يحكم له أو عليه بشيء
وإذ أقام الطاعنان طعنهما على أسباب لا تتعلق به، ومن ثم فإنه لا يقبل اختصامه في
الطعن بالنقض، ويتعين لذلك عدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطاعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدها الأولى
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم
المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان أنه لا يجوز للمستأجر
وفقا لنص المادة 16 من القانون السابق لإيجار الأماكن 1969 إثبات واقعة التأجير
وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات إلا عند تخلف المؤجر عن تنفيذ ما ألزمه به
النص المذكور من إبرام عقد الإيجار كتابة، وإذ أقرت المطعون ضدها بأن هناك عقدا مكتوبا
حرر في 1/3/1975 فلا يجوز لها إثبات واقعة التأجير بالنسبة لتجاوز الأجرة الواردة
بالعقد الذي تمسكت به على عشرين جنيها وفقا للقواعد العامة في الإثبات، وإذ خالفه
الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأجاز إثبات التعاقد بالبينة وأطرح ما دفع به
الطاعنان من عدم جواز الإثبات بالبينة استنادا إلى ما تقضي به المادة 24 من قانون
إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 التي أجازت للمستأجر إثبات واقعة التأجير بالبينة
دون قيد، رغم عدم سريانها على واقعة النزاع باعتبار أن العقد أبرم في ظل أحكام
القانون السابق، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه متى امتنع الخصم عن تسليم محرر
المطعون عليه بالتزوير وتعذر ضبطه تعين على المحكمة اعتباره غير موجود وذلك وفقا
لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 51 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، لما
كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن الأول أقام الدعوى رقم 5104 لسنة 1972
مدعيا بأن عقد الإيجار المؤرخ 1/3/1975 الذي قدمت المطعون عليها صورة ضوئية منه هو
عقد مزور عليه ولم يصدر منه، وإذ أخفقت في تقديم أصل هذا العقد، فقد قضت المحكمة
بانتهاء الدعوى وأصبح الحكم نهائيا مما مؤداه وجوب اعتبار هذا المحرر غير موجود
وهو ما تمسك به الطاعن الأول نفسه إذ نفى إنه قام بتحرير عقد إيجار لمورث الطاعنة
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بثبوت العلاقة الإيجارية بين
الطاعن الأول ومورث المطعون ضدها على ما أورده بمدوناته من أن الثابت من بينة
المستأنفة (المطعون ضدها) وعلى لسان شاهديها اللذين تطمئن المحكمة إلى صدق
أقوالهما أن المرحوم ..... اتفق مع المستأنف ضده الأول (الطاعن الأول) على استئجار
الشقة المتنازع عليها، وقام الأخير بتمكينه من تركيب عداد استهلاك الإنارة باسمه
بتاريخ 22/10/1976 والذي ظل على (حالة دون تغيير بدفع استهلاكه باسم المستأجر
المشار إليه حتى آخر مايو سنة 1977 وأيضا بتمكينه من إعداد الشقة لاستقبال عائلته
حتى واقعة منيته في 25/12/1976 مع عدم اتخاذ أي إجراء قبل ورثة هذا المستأجر حتى
تاريخ تحرر الشكوى رقم 2508 سنة 1977 إداري النزهة في 14/6/1977 وهو أمر أدته
واقعة تركيب العداد باسم مورث المستأنف – المستأجر الأصلي – ودفع استهلاك الإنارة
باسمه أيضا في المواعيد المشار إليها الأمر الذي تستخلص منه المحكمة صدق ما أدعته
المستأنفة بشأن واقعة التأجير المشار إليها .....) وإذ كان هذا الذي خلص إليه
الحكم سائغا له، أصل ثابت بالأوراق غير مخالف لمدلول ما شهد به شاهدي المطعون
ضدها، ومؤديا إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي لا يعدو أن يكون من قبيل
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل
فيها، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن النعي برمته يكون على غير
أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه
مخالفة القانون، ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم أقام
قضاءه بتمكين المطعون ضدها من شقة النزاع على سند من انتقال الحق في الانتفاع بالعين
إليها وإلى ابنها القاصر وحدهما باعتبارهما ورثة المستأجر الأصلي بالتطبيق لنص
المادة 601 من القانون المدني رغم أن والدته من بين ورثته واستبعد الحكم تطبيق
أحكام قانون إيجار الأماكن لوفاة المستأجر قبل إقامته بالعين، هذا في حين أن
الوفاة حدثت بعد انتهاء المدة الاتفاقية للعقد وخلال فترة الامتداد القانوني
للإجارة حسبما هو ثابت بالصورة الضوئية للعقد المقدمة من المطعون ضدها أننا يتعين
معه إعمال ما يشترطه قانون إيجار الأماكن لامتداد العقد من إقامة المستفيدين
بالعين المؤجرة مع المستأجر الأصلي قبل وفاته، وإذ كان الثابت بإقرار المطعون ضدها
إنه لم يكن لها ثمة إقامة بالشقة محل النزاع بنفقاته لا يحق لها التمسك بامتداد
الإجارة لصالحها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما
يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر – في قضاء هذه المحكمة – من أن المشرع
نظم القواعد العامة لعقد الإيجار في القانون المدني وهي واجبة التطبيق في الأصل ما
لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص خاص يتعارض وتلك القواعد العامة،
ولما كان النص في المادة 21 من قانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969 – الواجب
التطبيق والمقابل لنص المادة 29 من القانون الحالي رقم 49 لسنة 1977- على أنه
"..... لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقي فيها
زوجه أو أولاده أو والداه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك ...."
يدل على أن المشرع جعل لبعض أقارب المستأجر المقيمين معه حتى تاريخ وفاته حقا في
الاستمرار بالانتفاع بالعين المؤجرة بشروط معينة بينها، مما مفاده أن مناط تطبيق
هذا النص أن تكون العين المؤجرة قد تم تسليمها للمستأجر وأقام فيها مع أقاربه حتى
وفاته وإذ خلت نصوص التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن بين إيراد نص بحكم الحالة
التي يتوفى فيها المستأجر أثناء مدة العقد الاتفاقية، وقبل استلامه العين معدة
للسكنى، فإنه يتعين الرجوع إلى القواعد العامة للإيجار المنصوص عليها في القواعد
العامة للإيجار المنصوص عليها في القانون المدني، ومنها ما تقضي به المادة 601/ 1
من القانون المدني من أن الإيجار لا ينتهي بوفاة المؤجر أو المستأجر وأنه إذا مات
المستأجر جاز لورثته أن يطلبوا إنهاء العقد متى أثبتوا أنه بسبب موت مورثهم أصبحت
أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مواردهم أو أصبح الإيجار مجاوزا حدود حاجتهم، مما
مفاده أنه بوفاة المستأجر تتنقل الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار إلى
ورثته أخذا بأن الأصل في العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية ويحق
لهم الانتفاع بالعين المؤجرة بغض النظر عن سبق إقامة مورثهم أو إقامتهم معه فيها،
لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المستأجر الأصلي للشقة محل النزاع قد توفى
بتاريخ 25/12/1976 قبل تسليم العين المؤجرة له معدة للسكنى وبالتالي قبل انتهاء
مدة العقد الاتفاقية إذ شهد .... شاهد المطعون ضدها بجلسة التحقيق أمام محكمة أول
درجة أنه بعد وفاة المستأجر توجه معها إلى الطاعن الأول حيث طلبت منه تسليمها العين
المؤجرة إلا أنه أرجأ التسليم لوقت آخر مما مفاده أن العقد لم يكن قد بدأ تنفيذه
بالفعل حتى تاريخ وفاة المستأجر الأصلي، وأن تركيب شركة ....... لعداد الإنارة في
الشقة لم يكن إلا تمهيدا لإعدادها للسكنى، ولا محل بعد ذلك للرجوع إلى ما ورد
بالصورة الضوئية لعقد الإيجار الذي قدمته المطعون ضدها لإثبات انقضاء المدة
الاتفاقية للحق بعد أن – جحدها الطاعن الأول ونفى صدور أي عقد إيجار منه لصالح
المورث ومن ثم فقد أصبح لزاما اعتبار المحرر المذكور – وعلى ما سلف بيانه – غير
موجود، وإذ كان الثابت أن المطعون ضدها وابنها القاصر ............... هما من ورثة
المستأجر الأصلي فإنه يحق لهما الانتفاع بالشقة محل النزاع لانتقال الحقوق
والالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار إليهما بطريق الميراث وفقا لنص المادة 601 من
القانون المدني ولا يغير من ذلك أن يكون للمستأجر الأصلي ورثة آخرين، إذ لبست هناك
مصلحة شخصية للطاعن المؤجر في إثارة هذا النزاع، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى
هذه النتيجة الصحيحة فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويكون النعي برمته على غير
أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان بالسبب الثالث أسباب الطعن على
المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم
أهدر أثر عقد الإيجار المبرم مع الطاعن الثاني في 20/7/1977 بمقولة أنه كان سيء
النية بعلم وجود مستأجر آخر للعين، هذا رغم أنه كان حسن النية ووضع يده على عين
النزاع بمقتضى عقد إيجار صحيح، ولم يصل إلى علمه مزاحة مستأجر سابق له، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن النص في المادة 16/ 3 من قانون إيجار
الأماكن رقم 52 لسنة 1969 – المنطبق على واقعة الدعوى – على أنه يحظر على المالك
القيام بإبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة – منه – يدل وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة – على أن عقد الإيجار اللاحق الذي يبرمه المؤجر مع المستأجر
عن ذات الوحدة السابق تأجيرها المستأجر آخر هو عقد باطل بطلانا مطلقا متعلقا
بالنظام العام، ولو كان المستأجر اللاحق حسن النية أو سبق وضع يده على العين
المؤجرة ولا محل بعد ذلك لإعمال ما تقضي به المادة 573 من القانون المدني بشأن
المفاضلة بين المستأجرين لذات العين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص
صحيحا – على ما سلف بيانه – إلى قيام علاقة إيجاريه صحيحة بين الطاعن الأول ومورث
المطعون ضده قبل وفاته في 25/12/1976، وانتقال الحق في الإجارة إلى المطعون ضدها
وابنها القاصر ...." بعد وفاة مورثتهما، وكان عقد الإيجار الذي يستند إليه
الطاعن الثاني قد أبرم مع ذات المؤجر – الطاعن الأول عن شقة النزاع بتاريخ
20/2/1977 أي في تاريخ لاحق على عقد استئجار مورث المطعون ضدها فإن هذا العقد
الأخير يكون باطلا بطلانا مطلقا، وبالتالي فلا يجوز للطاعن الثاني التحدي به قبل
المستأجر السابق وخلفه العام، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة
والقضاء بأحقية المطعون ضدهما دون الطاعن الثاني في الانتفاع بالعين المؤجرة، فإنه
لا يبطله ما تكون قد اشتملت عليه بأسبابه من أخطاء قانونية فيما ذهب إليه من إجراء
المفاضلة بين المستأجرين تطبيقا لنص المادة 573 من القانون ولا يجدي الطاعنان
المجادلة فيما ذهب إليه الحكم في هذا الخصوص بادعاء أن الطاعن الثاني كان حسن
النية وقت استئجاره للعين، ومن ثم فإن النعي عليه هذا الخصوص يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.