الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 12 أبريل 2018

الطعن 2087 لسنة 56 ق جلسة 20 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 166 ص 163


برئاسة السيد المستشار محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد الزواوي، محمد جمال، أنور العاصي نواب رئيس المحكمة والسيد حشيش.
------------
استئناف "جواز الاستئناف . الأحكام الجائز استئنافها". حكم " الطعن في الحكم ؟الأحكام الجائز الطعن فيها - الطعن بوجه عام". دعوى " انواع من الدعاوى . دعوى الضمان".
دعوى الضمان . استقلالها بكيانها عن الدعوى الأصلية . لكل منها ذاتيتها . مؤداه . جواز الطعن في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية استقلالاً دون انتظار الفصل في طلب الضمان . م 120 مرافعات . ( مثال في استئناف ) .
مؤدى نص المادة120من قانون المرافعات يدل على أن دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الاصلية ولا تعتبر دفاعا ولا دفعا فيها وأن لكل منهما ذاتيتها واستقلالها لما ينبني عليه أنه يجوز للمضرور أو طالب الضمان أن يطعن في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية استقلالا دون انتظار الفصل في طلب الضمان، ذلك ان الحكم قد أنهى الخصومة قبلة.
---------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعن الدعوى 9894 لسنة 1980 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليهما عشرة آلاف جنيه تعويضا عن الأضرار التي أصابتهما نتيجة وفاة مورثهما بسبب خطأ تابع الطاعن أثناء قيادته سيارة عسكرية والذي أدين عنه بحكم بات، كما أقام الطاعن على تابعه دعوى ضمان فرعية. ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 27/3/1982 بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضدهما التعويض الذي قدرته وقررت إعادة دعوى الضمان للمرافعة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 3765 لسنة 99ق القاهرة، وبتاريخ 30/4/1986 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه أقام قضاءه بعدم جواز الاستئناف على أن الحكم المستأنف إذ أرجأ الفصل في طلب الضمان فإنه لا يكون قد أنهى الخصومة كلها، في حين أن دعوى الضمان مستقلة عن الدعوى الأصلية بما يجوز معه استئناف الحكم الصادر في الدعوى الأخيرة استقلالا وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 120 من قانون المرافعات على أن "يقضي في طلب الضمان وفي الدعوى الأصلية بحكم واحد كلما أمكن ذلك وإلا فصلت المحكمة في طلب الضمان بعد الحكم في الدعوى الأصلية" يدل على أن دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفاعا ولا دفعا فيها وأن لكل منها ذاتيتها واستقلالها بما ينبني عليه أنه يجوز للمضرور أو طالب الضمان أن يطعن في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية استقلالا دون انتظار الفصل في طلب الضمان، ذلك أن الحكم قد أنهى الخصومة قبله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.

الطعن 2434 لسنة 58 ق جلسة 7 / 1 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 33 ص 171


برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، محمد محمد محمود نائبي رئيس المحكمة، عبد الملك نصار وعلي شلتوت.
-------------
- 1  بيع "بعض أنواع البيوع. بيع العقار المشفوع فيه لمشتر ثان". شفعة " شروط الأخذ بالشفعة . الأخذ بالشفعة عند توالى البيوع". صورية . محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة لمسائل الإثبات . تقدير أقوال الشهود".
بيع العقار المشفوع فيه لمشتر ثان قبل تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة . م 938 مدنى . أثره . عدم جواز الأخذ بالشفعة إلا من المشترى الثاني و بالشروط التي اشترى بها . شرطه . ألا يكون البيع الثاني صورياً .
مفاد نص المادة 938 من القانون المدني أنه إذا صدر من مشترى العقار المشفوع فيه بيع لمشتر ثان قبل أن تعلن أية رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة فإنه يسرى في حق الشفيع ولا يجوز الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة فإنه يسرى في حق الشفيع ولا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشترى الثاني وبالشروط التي اشترى بها إلا أن ذلك مشروط بألا يكون البيع الثاني صوريا .
- 2  إثبات" طرق الإثبات : الإثبات بالبينة . تقدير اقوال الشهود". صورية " إثبات الصورية". محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود . في صورية العقد".
محكمة الموضوع سلطتها في تقدير أدلة الصورية وأقوال الشهود واستخلاص الواقع منها . شرطه .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضى الموضوع السلطة في تقدير الأدلة التي تأخذ بها في ثبوت الصورية أو نفيها لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى كما انه يستقل بتقدير أقوال الشهود ولو كانت سماعية حسبما يطمئن إليه وجدانه وأن يستخلص منها ما يرى أنه الواقع في الدعوى ما دام لم يخرج بتلك الأقوال عما يؤدى إليه مدلولها وأن يكون ما يستخلصه منها ومن سائر الأدلة في الدعوى سائغا ومن شأنه أن يؤدى إلى النتيجة التي أنتهى إليها .
- 3  محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لمسائل الإثبات : طرق الإثبات . في استنباط القرائن القضائية وتقديرها".
محكمة الموضوع . عدم التزامها بالرد استقلالا على كل ما يثيره الخصوم من قرائن غير قانونية متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة .
محكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير ملزمة بالرد في حكمها على ما يثيره الخصوم فيما اختلفوا فيه أو على كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلون بها استدلالا على دفاعهم إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لكافة الحجج والطلبات .
- 4  بيع " دعوى صحة التعاقد . الخصوم فيها". دعوى " دعوى صحة التعاقد".
دعوى صحة التعاقد. ماهيتها . كون سند البائع عقداً عرفياً . وجوب اختصام المشترى البائع للبائع له للحكم بصحة ونفاذ العقدين . استناد البائع فيما باعه إلى حكم بصحة ونفاذ عقده ـ ولو لم يشهر صدور هذا الحكم قبل رفع المشترى دعوا ه أو أثناء نظرها . أثره . عدم وجوب اختصام البائع له .
لئن كانت دعوى صحة ونفاذ عقد البيع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي دعوى استحقاق ما لا يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشترى تنفيذا عينيا للحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية فيتعين عند الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضة، ولا يجاب المشترى إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذى يصدر في الدعوى ممكنين فإذا كان سند البائع فيما يبيعه عقدا عرفيا تعين على المشترى اختصام البائع للبائع له في الدعوى ليصدر الحكم بصحة ونفاذ العقدين ومؤدى ذلك أنه إذا كان البائع يستند فيما باعه إلى حكم بصحة ونفاذ عقده - حتى ولو لم يكن قد أشهر فلا موجب لاختصام البائع له سواء صدر الحكم قبل رفع دعوى المشترى الأخير والبيع له أو أثناء نظرها إذ حسب محكمة صحة التعاقد أن تجيب المدعى فيها إلى طلبة إذا لم تقم منازعة جدية ولم تكشف أوراق الدعوى أمامها عن أن الملكية ليست ثابتة للبائع بأي طريق من طرق كسب الملكية أو أنها محل منازعة من الغير .
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 78 لسنة 1984 مدني المنيا الابتدائية "مأمورية ملوي" على المطعون ضده الأول والمطعون ضدهم من الثالثة للسادس ومورثة المطعون ضده الأخير بطلب الحكم بأحقيته في أخذ الأرض الزراعية الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بالشفعة مقابل الثمن المودع خزينة المحكمة ومقداره 8639.335 جنيهاً والتسليم، وقال بياناً لذلك إن المطعون ضدهم من الثالثة للسادس ومورثة المطعون ضده الأخير باعوا للمطعون ضده الأول أطياناً زراعية مساحتها 16 س، 11 ط، 5 ف بعقد مؤرخ 1980/10/17 وأنه لما كان من حقه أخذ مساحة 16 س، 7 ط، 4 ف منها بالشفعة بثمن مقداره 8639.335 جنيهاً لأنه يمتلك الأرض المجاورة للأرض المشفوع فيها ولها حق ارتفاق بالري عليها كما أنه مالك على الشيوع فقد أعلن رغبته في الأخذ بالشفعة بالإنذار المؤرخ 1981/6/7 ثم أودع الثمن خزينة المحكمة وأقام الدعوى ليحكم له بطلباته
تدخلت المطعون ضدها الثانية في الدعوى طالبة عدم قبولها تأسيساً على أنها المالكة لأرض النزاع بموجب العقد المودع في الدعوى رقم 259 لسنة 1984 مدني المنيا الابتدائية "مأمورية ملوي" ولم تختصم في دعوى الشفعة وكانت قد أقامت الدعوى الأخيرة ضد المطعون ضده الأول بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 1981/2/15 والمتضمن بيعه لها الأطيان الزراعية البالغ مساحتها 16 س، 11 ط، 5 ف – موضوع العقد المؤرخ 1980/10/17 – لقاء ثمن مقداره 22000 جنيه والتسليم. تدخل الطاعن في هذه الدعوى طالباً الحكم بعدم قبولها على سند من أن الملكية لم تنتقل للبائع لها لعدم تسجيل عقد شرائه واحتياطياً برفضها لأنه طلب أخذ المبيع بالشفعة ولصورية هذا البيع. ضمت المحكمة الدعوى الثانية إلى الأولى ثم أحالتهما إلى التحقيق لإثبات ونفي صورية عقد البيع الثاني المؤرخ 1981/2/15. وبعد سماع شهود الطرفين حكمت أولاً في الدعوى رقم 78 لسنة 1984 المنيا الابتدائية "مأمورية ملوي" بقبول تدخل المطعون ضدها الثانية خصماً ثالثاً في الدعوى وبرفض الدفع المبدى من الطاعن بصورية عقد البيع المؤرخ 1981/2/15 وبسقوط حقه في أخذ الأطيان الموضحة بصحيفة الدعوى بالشفعة ثانياً وفي الدعوى 259 لسنة 1984 مدني المنيا الابتدائية "مأمورية ملوي" بقبول تدخل الطاعن خصماً ثالثاً فيها وفي موضوع تدخله برفضه وبإلحاق عقد الصلح المؤرخ 1981/10/3 بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه وجعله في قوة السند التنفيذي. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية المنيا" بالاستئناف رقم 314 سنة 22 ق – طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته وبعدم قبول الدعوى رقم 259 لسنة 1984 مدني المنيا الابتدائية "مأمورية ملوي" وبتاريخ 6 من أبريل سنة 1988 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن إجراءات دعوى الشفعة تستقيم في حالة توالي البيوع والدفع بصورية عقد المشتري الثاني بتدخله أو إدخاله فيها ويتوقف مصير الدعوى على ثبوت تلك الصورية من عدمه وبصدور الحكم بالصورية تصح إجراءات الشفعة في البيع الأول دون اختصام المشتري الثاني
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه على الرغم من تدخل المطعون ضدها الثانية في دعوى الشفعة ودفعه بصورية عقدها إلى تأييد الحكم المستأنف القاضي بسقوط حقه في الشفعة على سند من عدم اتخاذه الإجراءات القانونية التي تستقيم بها دعوى الشفعة كإعلان الرغبة للمشترية الثانية بعد اختصامها فيها وإيداع الثمن الذي اشترت به وتحجب بهذا النظر الخاطئ عن بحث دفعه بالصورية فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 938 من القانون المدني أنه إذا صدر من مشتري العقار المشفوع فيه بيع لمشتر ثان قبل أن تعلن أية رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة فإنه يسري في حق الشفيع ولا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها، إلا أن ذلك مشروط بألا يكون البيع الثاني صورياً، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن انتهى إلى تأييد الحكم المستأنف فيما خلص إليه من جدية عقد المشترية الثانية بعد أن عجز الشفيع عن إثبات صوريته – وعلى ما سيأتي بيانه في الرد على السبب الثاني – ورتب على ذلك قضاءه بسقوط حق الطاعن في الشفة أورد في مدوناته تدعيماً لذلك قوله "وكان المستأنف (الطاعن) لم يتخذ الإجراءات القانونية لاستقامة دعوى الشفعة إذ أنه لم يعلن رغبته للمشترية الثانية – المستأنف عليها الثانية والمتدخلة في دعوى الشفعة – ولم يودع الثمن المذكور بعقد البيع الصادر لها خلال الميعاد القانوني ولم يختصمها في دعوى الشفعة مع البائع لها ومن ثم يكون الاستئناف غير قائم على أساس سليم ..." وهو من الحكم نظر صحيح في القانون بعد أن عجز الشفيع عن إثبات صورية عقد المشترية الثانية الصادر لها قبل أن تعلن أية رغبة في الشفعة أو يتم تسجيلها فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه في صحيفة الاستئناف بأن أقوال شهود المطعون ضده الأول فضلاً عن أنها سماعية ومتناقضة فإنها لا تؤدي لما انتهى إليه الحكم المستأنف من انتفاء صورية عقد البيع المؤرخ 1981/2/15 إذ لم يشهد أحداً منهم واقعة تحرير العقد أو قبض الثمن أو أن الزوجة المشترية باعت شيئاً من أملاكها دفعته ثمناً للأرض مع أن غنى الزوجة إن صح لا يدل على شرائها الأرض بالفعل من زوجها أو دفعها الثمن له، كما أنه دلل على صورية البيع بقرائن عديدة كتحرير العقد بين زوجين، وبضعف الثمن فضلاً عن أن العقد غير ثابت التاريخ وأن عقود إيجار الأرض كلها صادرة باسم الزوج شخصياً وليس بصفته وكيلاً عنها غير أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى تأييد الحكم المستأنف دون أن يعرض لهذه القرائن إيراداً لها ورداً عليها ويوليها حقها من البحث والتمحيص بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع السلطة في تقدير الأدلة التي يأخذ بها من ثبوت الصورية أو نفيها لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى، كما أنه يستقل بتقدير أقوال الشهود ولو كانت سماعية حسبما يطمئن إليه وجدانه وأن يستخلص منها ما يرى أنه الواقع في الدعوى ما دام لم يخرج بتلك الأقوال عما يؤدي إليه مدلولها وأن يكون ما يستخلصه منها ومن سائر الأدلة في الدعوى سائغاً ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بصورية عقد البيع المؤرخ 1981/2/15 الصادر للمطعون ضدها الثانية على قوله ".... وإذ كانت المحكمة تقتنع بأقوال شهود الخصمة المتدخلة في دعوى الشفعة والمدعية في الدعوى المنضمة وهم ......، ......، ...... فقد قرر الأول بأنه قريب الطرفين وحضر صلح بين المدعي وبين المدعى عليه الأول وتناول عرض الصلح شروطاً عرضها على الأخير فلم يبت فيه إلا بعد الرجوع إلى زوجته التي تقابل معها ورفضت عرض الصلح وعلم منها بأن زوجها باع لها الأرض وانتفعت بها عن طريق زوجها الوكيل عنها مؤكداً بأن هذا البيع جدي، وبما قرره الثاني هو أخ المدعي الذي شهد بأن المدعى عليه الأول بعد أن اشترى الأرض بنحو شهرين أو ثلاثة – وهو ما يتفق مع تاريخ العقد المطعون عليه – علم منه بأنه في ضائقة مالية وسعى لإيجاد مشتري للأرض وعرض على المستأجرين شراؤها فطلبوا نصفها وعندما عاد إليه مفضياً له بذلك أخبره بأنه قام بالبيع لزوجته وأن البيع الذي تم للزوج على حساب الفدان ألفين من الجنيهات، أما البيع الذي تم للزوجة كان بأربعة آلاف جنيه للفدان وسبب ارتفاع سعر الأرض هو عودة القادمين من الخارج بأموال كثيرة مع قلة عرض الأراضي المبيعة، وبما شهد به الثالث أيضاً من أن الزوجة أرسلت في طلبه مستفسرة منه عن سعر الفدان وعندما حضر إليه الزوج لتحصيل الإيجار أخبره بأن الزوجة هي التي اشترت الأرض وأفاده بوجود توكيل معه لتحصيل الإيجار وأن الفترة بين البيعين حوالي ثلاثة أشهر ولا تطمئن إلى أقوال شهود المدعي التي جاءت معظمها سماعية بالنسبة لواقعة البيع الثاني وفي البعض الآخر غير جازمة بصوريته وغير موضحة تفاصيل وأدلة هذه الصورية فضلاً عن أنه قد نال من أقوال الشاهدين .....، ..... ما ثبت من واقع شهادة الإدارة التعليمية من تواجدهما بالخارج إبان الفترة المعاصرة لتحرير هذا العقد بالإضافة إلى أن الشاهد الأول ..... قرر بتحذيره لعمه الشاهد الثالث من شهود المدعى عليه الأول بالبيع الصوري إلا أن الأخير كذبه في هذا الشأن، وإذا ما أضافت المحكمة لاطمئنانها لأقوال شهود المدعى عليه الأول ما تأيد بموجب المستندات المقدمة بحافظتيه والتي يدلل بها على صدور توكيل إليه من زوجته بتحصيل الإيجار من المستأجرين وما يتعلق بذلك ووجود تعاملات لها مع شركة السكر سابقة على تحرير العقد المطعون عليه وإخطار المدعي بالبيع المطعون عليه بالإنذار المؤرخ 1981/6/23 وإقامة دعوى صحة التعاقد بشأنها بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة المنيا الابتدائية برقم 1835 لسنة 1981 بتاريخ 1981/6/13 أي قبل إعلانه بإنذار الرغبة بالشفعة من قبل المدعي فيها الحاصل في 1981/6/1981 من كل ذلك قرائن مؤيدة لأقوال الشهود على جدية التصرف الصادر من المدعى عليه الأول في دعوى الشفعة وهو بذاته المدعى عليه في الدعوى المنضمة لزوجته المتدخلة في دعوى الشفعة والمدعية في الدعوى المنضمة وتسقط عن هذا العقد القول بصوريته". وكانت هذه الأسباب سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من رفض الدفع بالصورية وتكفي لحمله، وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه عدم رده على القرائن التي تساند إليها الطاعن لإثبات صورية ذاك العقد لأن محكمة الموضوع – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – غير ملزمة بالرد في حكمها على ما يثيره الخصوم فيما اختلفوا فيه أو على كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلون بها استدلالاً على دفاعهم، إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لكافة الحجج والطلبات، ومن ثم يكون النعي على غير أساس
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك في صحيفة الاستئناف بعدم قبول دعوى صحة ونفاذ العقد الصادر للمطعون ضدها الثانية بتاريخ 1981/2/15 لأن زوجها البائع لها لم يكن مالكاً إذ لم يصدر له حكم صحة التعاقد إلا في 1981/6/30 بعد دعواها غير أن الحكم الابتدائي واجه هذا الدفع بما لا يصلح رداً عليه وغفل الحكم المطعون فيه المؤيد له عن إيراده أو الرد عليه بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك لأنه ولئن كانت دعوى صحة ونفاذ عقد البيع – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هي دعوى استحقاق مالاً يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً للحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية فيتعين عند الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه، ولا يجاب المشتري إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر في الدعوى ممكنين، فإذا كان سند البائع فيما يبيعه عقداً عرفياً يتعين على المشتري اختصام البائع للبائع له في الدعوى ليصدر الحكم بصحة ونفاذ العقدين، ومؤدى ذلك أنه إذا كان البائع يستند فيما باعه إلى حكم بصحة ونفاذ عقده – حتى ولو لم يكن قد أشهر – فلا موجب لاختصام البائع له سواء صدر الحكم قبل رفع دعوى المشتري الأخير والبيع له أو أثناء نظرها، إذ حسب محكمة صحة التعاقد أن تجيب المدعي فيها إلى طلبه إذا لم تقم منازعة جدية ولم تكشف أوراق الدعوى أمامها عن أن الملكية ليست ثابتة للبائع بأي طريق من طرق كسب الملكية أو أنها محل منازعة من الغير وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بقبول دعوى صحة التعاقد المرفوعة من المطعون ضدها الثانية تأسيساً على أن الطاعن لم يدع أنه أو غيره مالك لأطيان النزاع وأنه يكفي لقبول هذه الدعوى صدور حكم للبائع بصحة التعاقد فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1720 لسنة 58 ق جلسة 7 / 1 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 32 ص 163


برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، شكري محمد حسين نائبي رئيس المحكمة، فتيحة قرة ومحمد الجابري.
---------
- 1  إيجار " تشريعات إيجار الأماكن : أسباب الإخلاء .بيع الجدك". قانون " تفسير القانون . التفسير التشريعي".
القانون التفسيري . شرطه . ألا يضيف جديداً للقانون السابق . نص المادة 20 ق 136 لسنة 1981 بشأن أحقية المالك في تقاضى نصف ثمن المبيع أو مقابل التنازل في الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى . عدم اعتباره تشريعاً تفسيرياً للمادة 594/ 2 مدنى والقانون 49 لسنة 1977 وارتداد عمله إلى تاريخ العمل بها . عله ذلك .
لئن كان من حق المشرع أن يصدر تشريعاً تفسيرياً يكشف به عن حقيقة المراد بقانون سابق منعا لكل تأويل أو لبس، إلا أن شرط ذلك ألا يضيف جديداً إلى القانون السابق، أما حيث يورد القانون الجديد حكماً مستحدثاً أو نصاً يتناول بالتعديل أو التغيير نصاً قائماً فإنه لا يعد تشريعاً تفسيرياً، ولما كان ما أوردته المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن أحقية مالك العقار في الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى في تقاضى نصف ثمن أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين يتضمن تعديلا لنص المادة 594/2 من القانون المدني وليس لها مقابل في القانون رقم 49 لسنة 1977 ومن ثم فإنها لا تعد تشريعاً تفسيرياً لأى من القانونين المذكورين ولا يرتد إعمالها إلى تاريخ العمل بأي منهما وإنما يسرى على سائر التشريعات من أحكام خاصة بتنازع القوانين من حيث الزمان.
- 2  قانون " سريان القانون من حيث الزمان". نظام عام " القواعد المتعلقة بالنظام العام : القواعد الموضوعية الامرة ".
النص التشريعي . وجوب سريانه على ما يلى نفاذه من وقائع مالم يقض القانون برجعية أثره . أحكام القانون المتعلقة بالنظام العام . سريانها بأثر فورى على مالم يكتمل من المراكز القانونية الناشئة قبل نفاذه .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه من الأصول الدستورية المقررة أن النص التشريعي لا يسرى إلا على ما يلى نفاذة من وقائع ما لم يقضى القانون خروجا على هذا الأصل وفى الحدود التي يجيزها الدستور برجعية أثره ولا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام إذ لا يجاوز أثر ذلك إلا أن تسرى أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاذه ما دامت آثارها سارية في ظله إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون الجديد تغليبا لاعتبارات النظام العام التي دعت إلى إصداره على حق المتعاقدين في تحديد التزاماتهما وحقوقهما التعاقدية الحال منها والمستقبل على السواء .
- 3 إيجار " تشريعات إيجار الأماكن : أسباب الإخلاء .بيع الجدك". قانون " سريان القانون من حيث الزمان".
عقد بيع الجدك . رضائي . عدم توقفه على إرادة المؤجر . انتقال الحق في الإجارة لمشترى الجدك . شرطه . توافر شروط المادة 594/ 2 مدنى وقت إبرام العقد . عقود بيع الجدك المبرمة في تاريخ سابق على القانون 136 لسنة 1981 . عدم خضوعها لحكم المادة 20 منه . سريان المادة المذكورة على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذها . علة ذلك .
عقد بيع الجدك عقد رضائي يتم بمجرد اتفاق طرفيه وتنتقل فيه الملكية بمجرد انعقاده دون توقف على إرادة المؤجر باعتباره بيعا لمنقول أي أن المراكز القانونية لأطرافه تنشأ وتكتمل فور إبرامه ويتوقف انتقال الحق في الإجارة أو عدم انتقاله إلى مشترى الجدك تبعاً لتوافر الشروط التي أوجبتها المادة594/2 من القانون المدني أو عدم توافرها أي أنه ينظر فيها إلى وقت إبرام العقد ولا يمتد إلى تاريخ لاحق وبالتالي فإن عقود بيع الجدك التي أبرمت في تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 لا تخضع لما ورد في المادة 20 منه التي تسرى فقط على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذه والعمل بأحكامه هذا إلى أن ما أوجبته الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 آنفة البيان من شروط تتمثل في التزام المستأجر البائع بإعلان المالك قبل إبرام الاتفاق مع الغير وتقريرها أحقية المالك في الشراء وتقييدها حق المستأجر في البيع للغير بانقضاء أجل معين كل ذلك يكشف عن أن هذه المادة يستحيل تطبيقها بشروطها وقيودها على عقود بيع الجدك التي أبرمت في تاريخ سابق على العمل بها ومن ثم يقتصر سريانها على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذها.
- 4  إيجار " تشريعات إيجار الأماكن : أسباب الإخلاء .بيع الجدك".
موافقة المؤجر صراحة أو ضمناً على بيع الجدك . غير لازمة لنفاذه ولإعمال حكم المادة 594/ 2 مدنى . مؤداه . عدم جواز اعتبارها مزية تخوله الحصول على مقابل لها من المستأجر.
إن موافقة المؤجر على بيع الجدك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - صريحة كانت أو ضمنية غير لازمة لنفاذ البيع بالجدك في حقه، ولإعمال حكم المادة594/2 من القانون المدني، ومن ثم لا تعتبر في حكم المزية التى يحصل المؤجر على مقابل لها من المستأجر.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الشركة الطاعنة والمطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 3443 لسنة 1983 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ أربعة آلاف جنيه موضوع العقد المؤرخ 16/12/1981 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقال بيانا لدعواه إنه اشترى من المطعون ضدها الثانية المحل التجاري المبين بالصحيفة بمقتضى عقد بيع بالجدك 9/5/1981، إلا أن الشركة الطاعنة اشترطت لاعتماد التنازل وتغيير عقد الإيجار باسمه أن يدفع لها مبلغ 4000 جنيه وقامت ببيع ذات المحل له بمقتضى عقد بيع مؤرخ 16/12/1981 حدد فيه الثمن بمبلغ خمسة آلاف جنيه منها مبلغ ألف جنيه سبق سداده للمطعون ضدها الثانية فأقام الدعوى، حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 7056 سنة 103ق القاهرة
وبتاريخ 17/2/1988 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة ذمة المطعون ضده الأول من مبلغ أربعة آلاف جنيه. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، تنعى الشركة الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول، إن قوانين إيجار الأماكن تتعلق جميعها بالنظام العام وتسري بأثر فوري مباشر على عقود الإيجار حتى تلك التي أبرمت قبل سريانه، وعلى كل دعوى لم تستقر المراكز القانونية للخصوم فيها بحكم نهائي، وإذ كان البين من مستندات الدعوى أن بيع المحل التجاري قد تم للمطعون ضده الأول في 15/9/1981 وهو تاريخ محضر التصديق الذي تم برقم 380 لسنة 1981، وكان ذلك بعد صدور القانون رقم 136 لسنة 1981 المعمول به اعتبارا من 31/7/1981، أما تاريخ 9/5/1981 الذي يحمله عقد البيع فليس حجة عليها باعتبارها من الغير، هذا إلى أن المادة 20 من القانون سالف البيان والتي تقضي بحق المؤجر في تقاضي نصف ثمن المبيع أو مقابل التنازل عن العين المؤجرة فإن حكمها يسري على واقعة النزاع إذا ما فرض أن عقد البيع أبرم في 9/5/1981 طالما أن المركز القانوني الناشئ عنه لم يكتمل أو يستقر رضاء أو قضاء بحكم نهائي قبل 31/7/1981، وقد استقرت مراكزهم القانونية بالنسبة للعين محل النزاع بموجب اتفاق مؤرخ 16/12/1981، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك إنه ولئن كان من حق المشرع أن يصدر تشريعا تفسيريا يكشف به عن حقيقة المراد بقانون سابق منعا لكل تأويل أو لبس، إلا أن شرط ذلك ألا يضيف جديدا إلى القانون السابق، أما حيث يورد القانون الجديد حكما مستحدثا أو نصا يتناول بالتعديل أو التغيير نصا قائما فإنه لا يعد تشريعا تفسيريا، ولما كان ما أوردته المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن أحقية مالك العقار في الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى في تقاضي نصف ثمن أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين يتضمن تعديلا لنص المادة 594/2 من القانون المدني وليس لها مقابل في القانون رقم 49 لسنة 1977، ومن ثم فإنها لا تعد تشريعا تفسيريا لأي من القانونين المذكورين ولا يرتد إعمالها إلى تاريخ العمل بأي منهما، وإنما يسري عليها ما يسري على سائر التشريعات من أحكام خاصة بتنازع القوانين من حيث الزمان. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من الأصول الدستورية المقررة أن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم يقض القانون خروجا على هذا الأصل وفي الحدود التي يجيزها الدستور برجعية أثره، ولا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام إذ لا يجاوز أثر ذلك إلا أن تسري أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاذه ما دامت آثارها سارية في ظله، إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون الجديد تغليبا لاعتبارات النظام العام التي دعت إلى إصداره على حق المتعاقدين في تحديد التزاماتهما وحقوقهما التعاقدية الحالي منها والمستقبلي على السواء، ولما كان عقد بيع الجدك عقد رضائي يتم بمجرد اتفاق طرفيه وتنتقل فيه الملكية بمجرد انعقاده دون توقف على إرادة المؤجر باعتباره بيعا لمنقول، أي أن المراكز القانونية لأطرافه تنشأ وتكتمل فور إبرامه ويتوقف انتقال الحق في الإجارة أو عدم انتقاله إلى مشتري الجدك تبعا لتوافر الشروط التي أوجبتها المادة 594/2 من القانون المدني أو عدم توافرها أي أنه ينظر فيها إلى وقت إبرام العقد ولا يمتد إلى تاريخ لاحق، وبالتالي فإن عقود بيع الجدك التي أبرمت في تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 لا تخضع لما ورد في المادة 20 منه التي تسري فقط على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذه والعمل بأحكامه هذا إلى أن ما أوجبته الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 آنفة البيان من شروط تتمثل في التزام المستأجر البائع بإعلان المالك قبل إبرام الاتفاق ع الغير وتقريرها أحقية المالك في الشراء، وتقييدها حق المستأجر في البيع للغير بانقضاء أجل معين، كل ذلك يكشف عن أن هذه المادة يستحيل تطبيقها بشروطها وقيودها على عقود بيع الجدك التي أبرمت في تاريخ سابق على العمل بها، ومن ثم يقتصر سريانها على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذها وإذ كان عقد البيع بالجدك المؤرخ 9/5/1981 انتقلت به الملكية فور انعقاده دون توقف على إرادة المؤجر ولم تقدم الشركة الطاعنة ما يؤيدها في دفاعها بصورية تاريخ هذا العقد، وانتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم سريان أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 على واقعة النزاع فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول، إن موافقة المؤجر للمستأجر صاحب الجدك وبائعه تعتبر مزية يحق للمؤجر أن يقومها وأن يقتضي مقابلها جزءا من ثمن البيع بالجدك ولا يقع ذلك تحت طائلة النصوص القانونية التي تحرم تقاضي مبالغ تزيد عن الأجرة (خلو رجل) وليس في ذلك مخالفة لأي قاعدة من القواعد المتعلقة بالنظام العام، وإذا سلمنا مع الحكم المطعون فيه بأن المادة 594/2 هي المنطبقة، فإنه يشترط أن يستأذن المستأجر المؤجر في النزول عن الإجارة إلى مشتري الجدك ليكون بيع الجدك نافذا في حق المؤجر رغم الشرط المانع مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك إن موافقة المؤجر على بيع الجدك – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – صريحة كانت أو ضمنية غير لازمة لنفاذ البيع بالجدك في حقه، ولإعمال حكم المادة 594/2 من القانون المدني، ومن ثم لا تعتبر في حكم المزية التي يحصل المؤجر على مقابل لها من المستأجر ويكون النعي برمته على غير أساس
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 2670 لسنة 57 ق جلسة 7 / 1 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 31 ص 155

برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، محمد محمد محمود نائبي رئيس المحكمة، عبد الملك نصار وعلي شلتوت.
-----------
- 1  حكم " الطعن في الحكم . الخصوم في الطعن". نقض "شروط قبول الطعن . من يوجه اليه الطعن ". تقادم " مدة التقادم - في دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن".
الاختصام في الطعن بالنقض . شرطه . اختصام من لم توجه إليه طلبات ولم يقضى عليه بشيء . غير مقبول .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفى فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصما للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه حين صدوره فإذا كان لم توجه إليه طلبات ولم يقضى له أو عليه بشيء فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول .
- 2  تأمين " من انواع التأمين من المسئولية : تقادم الدعوى المباشرة ". تقادم " التقادم المسقط . في دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن". دعوى " انواع من الدعاوى . دعوى المضرور المباشرة". مسئولية " دعاوى المسئولية المدنية : تقادمها. خضوع دعوى المضرور المباشرة للتقادم الثلاثي المقرر بالمادة 752 مدنى".
دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن في التأمين الإجباري عن حوادث السيارات . م5 ق 652 لسنة 1955 . خضوعها للتقادم الثلاثي المقرر بالمادة 752 مدنى . سريان القواعد العامة المتعلقة بوقف مدة التقادم و انقطاعها بشأن هذا التقادم .
إن المشرع أنشأ للمضرور في حوادث السيارات دعوى مباشرة قبل المؤمن بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن تلك الحوادث، ونص على أن تخضع هذه الدعوى للتقادم الثلاثي المقرر بالمادة 752 من القانون المدني للدعاوى الناشئة عن عقد التأمين، وهذا التقادم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تسرى في شأنه القواعد العامة بوقف مدة التقادم وانقطاعها .
- 3  تأمين " من انواع التأمين من المسئولية : تقادم الدعوى المباشرة . وقف تقادم دعوى المضرور لحين انقضاء الدعوى الجنائية". دعوى " انواع من الدعاوى . دعوى المضرور المباشرة". مسئولية "المسئولية المدنية : دعاوى المسئولية المدنية ، تقادم دعوى المسئولية. وقف تقادم دعوى المضرور لحين انقضاء الدعوى الجنائية".
دعوى المضرور قبل المؤمن . إقامة دعوى جنائية عن الفعل غير المشروع الذى يستند إليه المضرور . أثره . وقف سريان التقادم طوال مدة بقاء الدعوى الجنائية قائمة . م 1/382 مدنى .علة ذلك . انقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي فيها بالإدانة أو لأى سبب آخر . مؤداه . عودة سريان التقادم .
إذا كان الفعل غير المشروع الذى يستند إليه المضرور في دعواه قبل المؤمن يكون جريمة ورفعت الدعوى الجنائية على مرتكبها سواء أكان هو بذاته المؤمن له أو أحد ممن يعتبر المؤمن له مسئولاً عن الحقوق المدنية عن فعلهم فإن الجريمة تكون مسألة مشتركة بين هذه الدعوى وبين الدعوى المدنية التي يرفعها المضرور على المؤمن ولازمة للفصل في كليهما فيعتبر رفع الدعوى الجنائية مانعاً قانونياً يتعذر معه على الدائن المضرور مطالبة المؤمن بحقه مما ترتب عليه المادة382/1 من القانون المدني وقف سريان التقادم ما بقى المانع قائماً حتى ولو أجيز للمضرور اختصام شركة التأمين في دعواه بالتعويض أمام المحاكم الجنائية واختار المضرور الطريق أمام المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض، وينبني على ذلك أن تقادم دعوى المضرور قبل المؤمن يقف سريانه طوال المدة التي تظل فيها الدعوى الجنائية قائمة ولا يزول إلا بانقضاء هذه الدعوى بصدور حكم نهائي بإدانة الجاني أو لانقضائها بعد رفعها لسبب آخر من أسباب الانقضاء ولا يعود سريان التقادم إلا من تاريخ هذا الانقضاء.
- 4  تقادم " التقادم المسقط - قطع التقادم . انقطاع سريان تقادم الدعوى الجنائية". دعوى " المسائل التي تعترض سير الخصومة : انقضاء الخصومة . انقضاء الدعوى الجنائية".
الحكم الجنائي الغيابي بالإدانة في مواد الجنح . لا تنقضي به الدعوى الجنائية . لا يعدو أن يكون من الإجراءات القاطعة لمدة تقادمها المادتان 15،17 أ. ج. عدم إعلانه أو اتخاذ إجراء تال له قاطع للتقادم . أثره . انقضاء الدعوى الجنائية بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدوره . مؤدى ذلك .
إن الحكم الغيابي القاضي بإدانة مقترف جريمة الجنحة لا تنقضي به الدعوى الجنائية إذ هو لا يعدو أن يكون من الإجراءات القاطعة لمدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم الدعوى الجنائية طبقا للمادتين 15،17 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإنه إذا لم يعلن هذا الحكم للمحكوم عليه ولم يتخذ إجراء تال له قاطع لتقادم الدعوى الجنائية فإن هذه الدعوى تنقضي بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، ومنذ هذا الانقضاء يزول المانع القانوني الذى كان سببا في وقف سريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المؤمن .
- 5  تقادم " التقادم المسقط : قطع التقادم . مالا يقطع التقادم ".
مجرد التأشير من وكيل النيابة العامة بحفظ الحكم الغيابي . طبيعته . لا يعد من إجراءات قطع تقادم الدعوى الجنائية . المادتان 15 ، 17 من قانون الإجراءات .
لا يعد من إجراءات قطع تقادم الدعوى الجنائية التي نص عليها المشرع في المادتين 15،17 من قانون الإجراءات الجنائية مجرد التأشير من وكيل النيابة العامة بحفظ الحكم الغيابي لأنه لا يعدو أن يكون أمرا إداريا بحفظ الأوراق لانقضاء الدعوى الجنائية .
---------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 1492 سنة 1985 مدني الإسكندرية الابتدائية على الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا لها مبلغ عشرين ألف جنيه وقالت بيانا لذلك إن المطعون ضده الثاني تسبب بخطئه في موت مورثها أثناء قيادته السيارة رقم 23178 أجرة القاهرة وقد حرر عن الحادث المحضر رقم 6363 سنة 1977 جنح إيتاي البارود وحكم بإدانته وبإلزامه بالتعويض المؤقت وقد تأيد هذا الحكم بالحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنح المستأنفة بتاريخ 30/10/1978 ولما كانت السيارة المتسببة في الحادث مؤمنا عليها لدى الطاعن ولحق بها أضرار مادية وأدبية بالإضافة إلى التعويض الموروث والذي تقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فقد أقامت الدعوى. بتاريخ 30/1/1986 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضده الثاني والطاعن بالتضامن بأن يدفعا للمطعون ضدها الأولى مبلغ خمسة عشر ألف جنيه
استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 507 سنة 42ق، ودفع بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي، بتاريخ 21/6/1987 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث، وفي الموضوع برفضه، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث أنه لم توجه إليه ثمة طلبات، ولم يحكم له أو عليه بشيء ولا تتعلق به أسباب الطعن
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصما للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه حين صدوره، فإذا كان لم توجه إليه طلبات ولم يقض له أو عليه بشيء فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى لم توجه إلى المطعون ضده الثالث ثمة طلبات ووقف من الخصومة موقفاً سلبياً، ولم يحضر أو يبد أي دفاع فيها كما لم يحكم له أو عليه بشيء ومن ثم فلا يكون للطاعن مصلحة في اختصامه أمام محكمة النقض ويكون الطعن غير مقبول بالنسبة له
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الأولى والثاني استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الجنائي الغيابي الذي لم يعلن أو ينفذ يعتبر آخر إجراء من إجراءات الدعوى الجنائية فتبدأ مدة تقادمها من تاريخ صدوره وبعد اكتماله يبدأ سريان التقادم الثلاثي للدعوى المدنية، ولما كان الحكم الجنائي قد صدر غيابيا من محكمة الجنح المستأنفة ضد قائد السيارة بتاريخ 30/10/1978 فإن الدعوى المدنية بطلب التعويض وقد أقيمت بتاريخ 10/3/1985 تكون قد سقطت بمضي المدة، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض على سند من حساب مدة تقادم الدعوى المدنية من تاريخ صدور قرار النيابة العامة بحفظ الحكم الجنائي في حين أن هذا القرار ليس سوى قرار إداري لا شأن له بإجراءات الدعوى الجنائية ولا أثر له في تقادمها فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المشرع أنشأ للمضرور في حوادث السيارات دعوى مباشرة قبل المؤمن بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن تلك الحوادث، ونص على أن تخضع هذه الدعوى للتقادم الثلاثي المقرر بالمادة 752 من القانون المدني للدعاوى الناشئة عن عقد التأمين، وهذا التقادم – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تسري في شأنه القواعد العامة بوقف مدة التقادم وانقطاعها، فإذا كان الفعل غير المشروع الذي يستند إليه المضرور في دعواه قبل المؤمن يكون جريمة ورفعت الدعوى الجنائية على مرتكبها سواء أكان هو بذاته المؤمن له أو أحد ممن يعتبر المؤمن له مسئولا عن الحقوق المدنية عن فعلهم، فإن الجريمة تكون مسألة مشتركة بين هذه الدعوى وبين الدعوى المدنية التي يرفعها المضرور على المؤمن ولازمة للفصل في كليهما فيعتبر رفع الدعوى الجنائية مانعا قانونيا يتعذر معه على الدائن المضرور مطالبة المؤمن بحقه مما ترتب عليه المادة 382 من القانون المدني وقف سريان التقادم ما بقى المانع قائما حتى ولو أجيز للمضرور اختصام شركة التأمين في دعواه بالتعويض أمام المحاكم الجنائية واختار المضرور الطريق أمام المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض، وينبني على ذلك أن تقادم دعوى المضرور قبل المؤمن يقف سريانه طوال المدة التي تظل فيها الدعوى الجنائية قائمة ولا يزول إلا بانقضاء هذه الدعوى بصدور حكم نهائي فيها بإدانة الجاني أو لانقضائها بعد رفعها لسبب آخر من أسباب الانقضاء ولا يعود سريان التقادم إلا من تاريخ هذا الانقضاء، ولما كان الحكم الغيابي القاضي بإدانة مقترف الجريمة في الجنحة لا تنقضي به الدعوى الجنائية إذ هو لا يعدو أن يكون من الإجراءات القاطعة لمدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم الدعوى الجنائية طبقا للمادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإنه إذا لم يعلن هذا الحكم للمحكوم عليه ولم يتخذ إجراء تال له قاطع لتقادم الدعوى الجنائية فإن هذه الدعوى تنقضي بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، ومنذ هذا الانقضاء يزول المانع القانوني الذي كان سببا في وقف سريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المؤمن، وكان لا يعد من إجراءات قطع تقادم الدعوى الجنائية التي نص عليها المشرع في المادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية مجرد التأشير من وكيل النيابة العامة بحفظ الحكم الغيابي لأنه لا يعدو أن يكون أمرا إداريا بحفظ الأوراق لانقضاء الدعوى الجنائية، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد قائد السيارة – المطعون ضده الثاني – لأنه تسبب بخطئه في موت مورث المطعون ضدها الأولى وقضى فيها من محكمة الجنح المستأنفة غيابيا بتاريخ 30/10/1978 بإدانته إلا أن هذا الحكم لم يعلن إليه ولم يتخذ من بعد صدوره ثمة إجراء قاطع للتقادم حتى انقضت الدعوى الجنائية بتاريخ 30/11/1981 ولما كانت المطعون ضدها الأولى قد رفعت دعواها المدنية بالصحيفة المودعة قلم كتاب المحكمة في 10/3/1985 وبعد مضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ انقضاء الدعوى الجنائية فإنها تكون قد سقطت بالتقادم المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد في بدء حساب التقادم بتاريخ صدور قرار النيابة العامة بحفظ الحكم الغيابي في 18/5/1985 ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع بالتقادم والحكم بالتعويض في حين أن ذلك القرار لا أثر له في قطع التقادم على النحو السالف بيانه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف وسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم الثلاثي.