جلسة 5 من ديسمبر سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قوره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعاطف عبد السميع نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي ورضا القاضي.
----------------
(187)
الطعن رقم 24758 لسنة 64 القضائية
(1) مواد مخدرة. وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق محكمة الموضوع في تعديل وصف التهمة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى.
مثال في جريمة إحراز مواد مخدرة.
(2) حكم "بيانات الديباجة" "بيانات التسبيب".
مواد الاتهام ليست من البيانات التي يجب أن يشتمل عليها ديباجة الحكم.
إيراد الحكم المطعون فيه مواد القانون التي أخذ المتهم بها. كفايته بياناً لمواد القانون التي حكم بمقتضاها.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. استفادة الرد عليه من اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن.
(4) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة محتملة.
(5) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
تولي رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات التي يؤسس عليها طلب الإذن. غير لازم. له الاستعانة بمعانية من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو غيرهم.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات.
(6) استدلالات. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أخذ المحكمة بتحريات الشرطة سنداً لإذن التفتيش ونسبة المخدر للمتهم. لا يمنع من عدم الأخذ بها في خصوص قصد الاتجار.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 30، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي شابه الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون والبطلان والقصور والتناقض في التسبيب ذلك بأنه نفى عن الطاعن قصد الاتجار وعاقبه عن إحراز المخدر مجرداً من أي قصد دون أن تلفت المحكمة نظر الدفاع إلى تعديل الوصف. وقد خلت محاضر جلسات المحاكمة والحكم المطعون فيه من بيان مواد الاتهام والتي طلبت النيابة العامة تطبيقها. كما دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة وبطلان الإذن لصدوره عن جريمة مستقبله ولابتنائه على تحريات غير جدية إلا أن المحكمة ردت على هذه الدفوع بما لا يصلح رداً هذا فضلاً عن أن الحكم انتهى في قضائه إلى عدم الاعتداد بما تضمنته التحريات بشأن قصد الاتجار إلا أنه عول عليها - ضمن ما عول - في إدانة الطاعن. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بغير قصد من القصود الخاصة المسماة في القانون التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا يماري الطاعن في أن لها معينها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة إحراز المخدر هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة، ودون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً عن أي قصد إنما هو تطبيق سليم للقانون ومن ثم فلا على المحكمة أن تنبه الدفاع إلى ما أسبغته من وصف قانوني صحيح للواقعة المادية المطروحة عليها، ويضحى النعي عليها بالإخلال بحق الدفاع في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن يشتمل عليها محضر الجلسة وديباجة الحكم وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد 1/ 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق التي أخذ الطاعن بها بقوله: "بما يستوجب إنزال العقاب المقرر بمقتضى نصوص المواد سالفة الذكر وعملاً بنص المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية" فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش بقوله: "وحيث إنه بخصوص ما أثاره الدفاع من أن الإذن معدوماً لصدوره بعد القبض على المتهم فهو مردود بأن الثابت من أقوال شاهدي الواقعة التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها أن أولهما انتقل لتنفيذ الإذن قرب عصر 17/ 2/ 1994 حيث انضم إليه زميله الثاني من قوة الكمين الثابت بمنطقة مدخل قرية..... الذي كان برئاسة زميله الشاهد الثاني وأنه تم ضبط المتهم حوالي الساعة الخامسة والربع مساء ذات اليوم بل أن المتهم قرر بالتحقيقات أنه ضبط الساعة الثانية بعد ظهر يوم 17/ 2/ 1994 وهو تاريخ لاحق على الإذن الثابت صدوره قبلها في يوم 16/ 2/ 1994 الساعة الثانية والنصف مساء وهو ما يؤكد سلامة الإجراءات وأن الإذن صدر صحيحاً". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش لصدوره عن جريمة محتملة ورد عليه في قوله: "وحيث إنه بخصوص ما يثيره الدفاع من أن الإذن صدر عن جريمة مستقبلة فهو مردود بدوره لأن للثابت بمحضر التحريات أن المعلومات والتحريات التي أكدتها أشارت إلى أن المتهم يحوز ويحرز المواد المخدرة حال تردده على قريتي المركز المبينتين بالمحضر وهو ما يعنى بصريح العبارة أن الجريمة وقعت بالفعل وترجح نسبتها إلى المتهم من خلال الأمارات والدلائل التي انتهت إليها التحريات واطمأنت إليها المحكمة من ثم يكون الدفع في غير محله متعيناً رفضه". وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية فهو في غير محله إذ الثابت من محضر التحريات الذي سطره الرائد..... أن تحرياته السرية وضباط وحدة مباحث المركز دلته على إن المتهم المقيم بمركز.... يقوم بالتردد على دائرة مركز.... خاصة بلدتي...... و..... مروراً بقرية...... محرزاً المواد المخدرة وأنه تأكد من ذلك بالمراقبة السرية والمستمرة بمداخل هذه القرى وخارجها من شتى مصادره السرية وقد شمل المحضر على هذا النحو عناصره ومقوماته الجوهرية بما فيها الاسم الكامل للمتهم ومحل إقامته وأماكن تردده بدائرة المركز ونشاطه في إحراز المواد المخدرة وهو ما تراه المحكمة كافياً ومسوغاً لإصدار الإذن أما التساند إلى خلو دفتر الأحوال من إثبات قيام الضابط للمراقبة فلا ينال من سلامة التحريات لأنه إجراء ليس بلازم ثم أن الضابط أورد بمحضره أنه استعان أيضاً بمصادره السرية وليس شرطاً أن يستعين ضابط المباحث بأحد المراكز بمكتب مخدرات محافظة أخرى يقيم فيها المتهم للتأكد من صدق المعلومات التي تلقاها عنه طالما أنه تأكد هو من صحتها.... فإن الدفع يكون على غير أساس خليقاً بالرفض". وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون وإذ كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات، ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.