الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 15 ديسمبر 2017

الطعن 1 لسنة 57 ق جلسة 20 / 12 /1987 مكتب فني 38 ج 1 نقابات ق 2 ص 17

برياسة السيد المستشار/ جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح خاطر نائب رئيس المحكمة، ومسعود السعداوي، وطلعت الاكيابي، ومحمود عبد الباري.
--------------
- 1  اختصاص " اختصاص دوائر محكمة النقض". طعن . محاماة . محكمة النقض " اختصاصها".
صدور قرار من لجنة قبول المحامين أمام النقض في ظل القانون رقم 17 لسنة 1983 . خضوع إجراءات الطعن فيه للقواعد الإجرائية المقررة فيه . انعقاد الاختصاص لمحكمة النقض بنظر الطعون في قرارات لجنة القيد بجدول المحامين المقبولين أمامها . أساس ذلك .
لما كان القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 9 من نوفمبر سنة 1986 بعد العمل بقانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 فإن إجراءات الطعن فيه تخضع للقواعد الإجرائية في هذا القانون إعمالاً للأصل العام المقرر بالمادة الأولى من قانون المرافعات. ولئن كان القانون رقم 17 لسنة 1983 قد خلا من نص ينظم الطعن في قرارات لجنة القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض إلا أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الاختصاص بنظر الطعون في هذه القرارات مازال معقوداً لمحكمة النقض. وإذ كان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون فيتعين قبوله شكلاً.
- 2 محاماة . نقابات
قبول طلب القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض . شرطه قصر القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض وما يعادلها علي الفئات المبينة بالمادة 39 من القانون رقم 17 لسنة 1983 دون غيرها من الأعمال النظيرة . علة ذلك .
لما كانت المادة 39 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 -الذي قدم الطلب في ظله- تشترط لقبول طلب القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض أن يكون طالب القيد من الفئات الآتية: 1- المحامون المقبولون أمام محاكم الاستئناف الذين يكون قد مضى على اشتغالهم بالمحاماة فعلاً أمام هذه المحاكم عشر سنوات على الأقل وكانت لهم أبحاث أو مذكرات أو فتاوى قانونية مبتكرة. 2- الشاغلون لوظيفة أستاذ في مادة القانون بالجامعات المصرية. 3- المستشارون السابقون بالمحاكم وما يعادلها من وظائف الهيئات القضائية. وقد خلا حكم هذه المادة من النص على اعتبار الوظائف الفنية والأعمال القانونية التي عددتها المادة 46 من ذات القانون وقرار وزير العدل رقم 1338 لسنة 1973 نظيرة لتلك الفئات التي حددتها المادة 39 سالفة الذكر، بما يفصح عن اتجاه الشارع إلى قصر القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض وما يعادلها -وهما المحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا على نحو ما أفصحت عنه المادة 38 من القانون المذكور- على الفئات المبينة بالمادة 39 سالفة الذكر دون غيرها من الأعمال النظيرة. ولو أراد الشارع التسوية بين هذه الفئات التي حددها حصراً وبين الأعمال النظيرة لما أعوزه النص على ذلك صراحة على غرار ما نص عليه في المادة 32 من جواز قيد المحامي مباشرة أمام المحاكم الابتدائية إذا كان قد أمضى فترة التمرين المنصوص عليها في المادة 24 في أعمال تعد نظيرة لأعمال المحاماة وفق أحكام المادة 46، وما نص عليه في المادة 35 من ذات القانون من جواز القيد مباشرة أمام محاكم الاستئناف لمن لم يسبق قيده أمام المحاكم الابتدائية إذا كان قد اشتغل بالأعمال النظيرة سالفة الذكر لمدة سبع سنوات على الأقل وبالشروط التي نصت عليها هذه المادة، وما نص عليه في الفقرة الثانية من المادة 45 من جواز إعادة القيد بالجدول العام لمن نقل اسمه إلى جدول غير المشتغلين إذا كان من غير المحامين السابق قيدهم بجدول المحامين أمام محاكم الاستئناف أو محكمة النقض وكان قد مارس أعمالاً نظيرة لأعمال المحاماة خلال المدة التي نقل فيها اسمه إلى جدول غير المشتغلين وبالشروط التي نصت عليها هذه المادة.
--------------
الوقائع
بتاريخ 8 من أكتوبر سنة 1986 قدم الطاعن طلباً لقيد اسمه بجدول المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة النقض، وبتاريخ 9 من نوفمبر سنة 1986 قررت لجنة قبول المحامين أمام محكمة النقض رفض طلبه. فطعن الطاعن في هذا القرار بطريق النقض... إلخ.
--------------
المحكمة
حيث أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 9 من نوفمبر سنة 1986 بعد العمل بقانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، فإن إجراءات الطعن فيه تخضع للقواعد الإجرائية في هذا القانون إعمالاً للأصل العام المقرر بالمادة الأولى من قانون المرافعات، ولئن كان القانون رقم 17 لسنة 1983 قد خلا من نص ينظم الطعون في قرارات لجنة القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض إلا أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الاختصاص بنظر الطعون في هذه القرارات ما زال معقوداً لمحكمة النقض. وإذ كان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون فيتعين قبوله شكلاً
وحيث أن الطاعن ينعى على القرار المطعون فيه أنه إذ قضى برفض قيده بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن الشروط المتطلبة قانوناً لقيده بالجدول المذكور قد توافرت، لأنه منذ أول يناير سنة 1968 كان يعمل محامياً بالشئون القانونية بوزارة التموين والتجارة الداخلية ومديراً لإدارة الفتوى والتشريع ومديراً عاماً لها، حتى تم ترشيحه مديراً عاماً لهيئة المطاحن والصوامع والمخابز، وهي أعمال تعد نظيرة لأعمال المحاماة في تطبيق أحكام القيد بجدول المحامين وفقاً لحكم المادة 46 من القانون رقم 17 لسنة 1983، مما يعيب القرار المطعون فيه ويستوجب إلغاءه والحكم بقيد الطاعن بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض
وحيث أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن قيد بتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1985 بجدول المحامين أمام محكمة الاستئناف، وبتاريخ 9 من نوفمبر سنة 1986 تقدم بطلب للقيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا استناداً إلى أنه في المدة من أول يناير سنة 1968 حتى تاريخ تقديم طلبه كان يعمل بالشئون القانونية وإدارة الفتوى والتشريع بوزارة التموين والتجارة الداخلية، وهي أعمال تعد نظيرة لأعمال المحاماة في تطبيق أحكام القيد بجدول المحامين. وبتاريخ 9 من نوفمبر سنة 1986 صدر القرار المطعون فيه قاضياً برفض طلبه. لما كان ذلك، وكانت المادة 39 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 -الذي قدم الطلب في ظله- تشترط لقبول طلب القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض أن يكون طالب القيد من الفئات الآتية: 1- المحامون المقبولون أمام محاكم الاستئناف الذين يكون قد مضى على اشتغالهم بالمحاماة فعلاً أمام هذه المحاكم عشر سنوات على الأقل وكانت لهم أبحاث أو مذكرات أو فتاوى قانونية مبتكرة. 2- الشاغلون لوظيفة أستاذ في مادة القانون بالجامعات المصرية. 3- المستشارون السابقون بالمحاكم وما يعادلها من وظائف الهيئات القضائية. وقد خلا حكم هذه المادة من النص على اعتبار الوظائف الفنية والأعمال القانونية التي عددتها المادة 46 من ذات القانون وقرار وزير العدل رقم 1338 لسنة 1973 نظيرة لتلك الفئات التي حددتها المادة 39 سالفة الذكر، بما يفصح عن اتجاه الشارع إلى قصر القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض وما يعادلها -وهما المحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا على نحو ما أفصحت عنه المادة 38 من القانون المذكور- على الفئات المبينة بالمادة 39 سالفة الذكر دون غيرها من الأعمال النظيرة. ولو أراد الشارع التسوية بين هذه الفئات التي حددها حصراً وبين الأعمال النظيرة لما أعوزه النص على ذلك صراحة على غرار ما نص عليه في المادة 32 من جواز قيد المحامي مباشرة أمام المحاكم الابتدائية إذا كان قد أمضى فترة التمرين المنصوص عليها في المادة 24 في أعمال تعد نظيرة لأعمال المحاماة وفق أحكام المادة 46، وما نص عليه في المادة 35 من ذات القانون من جواز القيد مباشرة أمام محاكم الاستئناف لمن لم يسبق قيده أمام المحاكم الابتدائية إذا كان قد اشتغل بالأعمال النظيرة سالفة الذكر لمدة سبع سنوات على الأقل وبالشروط التي نصت عليها هذه المادة، وما نص عليه في الفقرة الثانية من المادة 45 من جواز إعادة القيد بالجدول العام لمن نقل اسمه إلى جدول غير المشتغلين إذا كان من غير المحامين السابق قيدهم بجدول المحامين أمام محاكم الاستئناف أو محكمة النقض وكان قد مارس أعمالاً نظيرة لأعمال المحاماة خلال المدة التي نقل فيها اسمه إلى جدول غير المشتغلين وبالشروط التي نصت عليها هذه المادة. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أنه لم يكن قد مضى على اشتغال الطاعن بالمحاماة فعلاً أمام محاكم الاستئناف مدة عشر سنوات من تاريخ قيده بجدول المحامين أمام محاكم الاستئناف حتى تاريخ تقديم طلبه، وأنه لا يدخل ضمن الفئات التي نصت عليها المادة 39 حصراً. فإن شروط إعمال حكم هذه المادة لا تكون متوافرة في الطاعن. لما كان ما تقدم فإن القرار المطعون فيه إذ رفض قيد الطاعن بجدول المحامين أمام محكمة النقض يكون قد أصاب صحيح القانون، ومن ثم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن2 لسنة 56 ق جلسة 17 / 11 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 نقابات ق 1 ص 5

برياسة السيد المستشار/ حسن عثمان عمار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمود البارودي نائب رئيس المحكمة، ومحمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة، ومحمود رضوان، ورضوان عبد العليم.
-------------
- 1  اختصاص " اختصاص دوائر محكمة النقض". طعن . محاماة . محكمة النقض " اختصاصها". نقابات
صدور قرار من لجنة قبول المحامين أمام النقض في ظل القانون رقم 17 لسنة 1983. خضوع إجراءات الطعن فيه للقواعد الإجرائية المقررة فيه. أساس ذلك؟ خلو القانون المذكور من نص ينظم الطعن في قرارات لجنة قبول المحامين أمام النقض ليس من شأنه أن تكون تلك القرارات بمنأى عن رقابة القضاء. علة ذلك؟ انعقاد الاختصاص لمحكمة النقض بنظر الطعون في قرارات لجنة القيد بجدول المحامين المقبولين أمامها. أساس ذلك؟
لما كان القرار المطعون فيه قد صدر من لجنة قبول المحامين أمام محكمة النقض بتاريخ 31 من مايو سنة 1983 فقررت الطاعنة بالطعن فيه بطريق النقض، وإذ صدر القرار بعد العمل بقانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 فإن إجراءات الطعن فيه تخضع للقواعد الإجرائية في هذا القانون إعمالاً للأصل العام المقرر بالمادة الأولى من قانون المرافعات ولئن كان القانون رقم 17 لسنة 1983 قد خلا من نص ينظم الطعن في قرارات لجنة القيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض إلا أن ذلك ليس من شأنه أن تكون تلك القرارات بمنأى عن رقابة القضاء لما ينطوي عليه ذلك من مصادرة لحق التقاضي وافتئات على حق المواطن من الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي اللذين كفلهما الدستور في المادة 68 منه فضلاً عن أن مبدأ الطعن قد تقرر في ذات التشريع بالنسبة لكافة القرارات التي تصدر برفض طلبات القيد بالجداول الأخرى وليس ثمة وجه للمغايرة في هذا الخصوص بينها وبين القرارات التي تصدر برفض القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من سلطة المشرع استمدادا من التفويض المقرر له بمقتضى المادة 167 من الدستور أن يسند ولاية الفصل في بعض المنازعات الإدارية - التي يختص مجلس الدولة أصلاً بالفصل فيها طبقاً للمادة 172 من الدستور إلى هيئات قضائية أخرى وفقاً لمقتضيات الصالح العام وكان المشرع إعمالاً لهذه السلطة قد نهج حين سن القانون رقم 61 لسنة 1968 على نزع ولاية الفصل في الطعون في القرارات الصادرة برفض طلبات القيد بجميع جداول المحامين - بلا استثناء - من القضاء الإداري وأسندها إلى جهة القضاء العادي نظراً لاتصال موضوع هذه القرارات بتنظيم مهنة المحاماة التي تمارس بصفة أساسية أمام تلك الجهة وكان المشرع بما نص عليه في المواد 19 ،33 ،36 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 قد جعل من اختصاص محكمة استئناف القاهرة الفصل في الطعون في القرارات الصادرة برفض طلبات القيد في الجدول العام للمحامين وجدولي المحامين المقبولين أمام المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف وبما نص عليه في المادة 44 من ذات القانون من اختصاص الدائرة الجنائية بمحكمة النقض بالفصل في الطعون في القرارات التي تصدر بنقل الاسم إلى جدول غير المشتغلين - قد أفصح عن التزامه في التشريع الجديد للمحاماة بذات منهجه في التشريع السابق من نزع الاختصاص بالفصل في الطعون في قرارات رفض طلبات القيد بجداول المحامين من ولاية القضاء الإداري والإبقاء على ما كان معمولاً به في ظل القانون رقم 61 لسنة 1968 من إسناد تلك الولاية بلا استثناء إلى جهة القضاء العادي، يؤكد ذلك النظر أن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 17 لسنة 1983 وتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب عن مشروع هذا القانون والمناقشات التي دارت حوله في المجلس قد خلت جميعها من أية إشارة إلى العدول عن هذا المنهج أو تعديله - وبديهي أن المشرع ما كان لينحو إلى نقل الاختصاص من جهة القضاء العادي إلى القضاء الإداري دون أن يكون لذلك صداه في المذكرة الإيضاحية للقانون أو في أعماله التحضيرية، كما أن التزام المشرع بمنهجه في التشريع السابق قد تأكد بالإبقاء في المادة 141 من القانون الجديد على ما كان منصوصاً عليه في المادة 25 من القانون السابق من اختصاص الدائرة الجنائية بمحكمة النقض بالفصل في الطعون التي ترفع عن القرارات الصادرة بإسقاط العضوية عن أي من أعضاء مجلس النقابة بل أنه استحدث في المادة 134 من القانون الجديد نصاً يقضي بإسناد ولاية الفصل في الطعون التي ترفع عن قرارات الاستبعاد من قائمة المرشحين لعضوية مجلس النقابة إلى محكمة استئناف القاهرة مما يكشف عن الاتجاه في القانون الجديد للمحاماة إلى التوسع في إسناد ولاية الفصل فيما ينشأ عن تطبيقه من طعون إلى القضاء العادي وليس إلى الحد منه، ومن ثم فإنه إذا كان خلو قانون المحاماة الجديد من نص ينظم الطعن في القرارات الصادرة برفض طلب القيد في جدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض لا يعني أن تكون تلك القرارات بمنأى عن الطعن عليها، فإنه لا يعني كذلك أن تصبح ولاية الفصل في الطعن فيها للقضاء الإداري، وإلا كان ذلك مؤدياً إلى فقدان التجانس بين أحكام التشريع الواحد ذلك أن جدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض شأنه شأن سائر الجداول الأخرى من حيث توافر العلة التي رأى المشرع من أجلها أن يختص القضاء العادي بالفصل في الطعون المتعلقة بها مما لا محل معه لاختلافه عنها في شأن هذا الاختصاص. بل أن تشكيل اللجنة المنوط بها الفصل في طلبات القيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض برئاسة رئيسها أو أحد نوابه طبقاً لنص المادة 40 من القانون المشار إليه من شأنه أن يضفي عليها طابعاً قضائياً لا يتوافر في اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون والمنوط بها نظر طلبات القيد في الجداول الأخرى إذ هي ذات تشكيل إداري بحت ومع ذلك فقد أسند المشرع ولاية الفصل في الطعون في قراراتها إلى جهة القضاء العادي. لما كان ما تقدم، فإنه إتباعاً لمشيئة المشرع التي أفصح عنها على نحو ما سلف بيانه يكون الاختصاص بنظر الطعون في قرارات رفض طلبات القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض ما زال معقوداً لهذه المحكمة.
- 2  إعلان .
إيجاب القانون الإعلان لاتخاذ إجراء أو بدء ميعاد . عدم قيام أية طريقة أخري مقامه .
لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه متى أوجب القانون الإعلان لاتخاذ إجراء أو بدء ميعاد فإن أي طريقة أخرى لا تقوم مقامه وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن الطاعنة أعلنت بالقرار المطعون فيه إلى أن قررت بالطعن فيه بطريق النقض فإن الطعن يكون قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
- 3  قانون " تفسيره " " تطبيقه " " إلغاؤه".
صياغة النص في عبارات واضحة جلية . اعتبارها تعبيرا صادقا عن إرادة الشارع . عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل .
الأصل أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه.
- 4  محاماة  . نقابات
قبول طلب القيد بجدول المحامين أمام النقض . شرطه . المادة 1/39 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983.
لما كان قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 والمعمول به من الأول من أبريل سنة 1983 -والذي قدمت الطاعنة طلبها وصدر القرار المطعون فيه في ظله- قد نص في المادة 39/1 منه على أنه:- "يشترط لقبول طلب القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض أن يكون طالب القيد من الفئات الآتية:- (1) المحامون المقبولون أمام محاكم الاستئناف الذين يكون قد مضى على اشتغالهم بالمحاماة فعلاً أمام هذه المحاكم عشر سنوات على الأقل...... فإن البين من هذا النص واضح عبارته وصريح دلالته اتجاه إرادة الشارع إلى قصر القيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض على المشتغلين اشتغالاً فعلياً بالمحاماة أمام محاكم الاستئناف لمدة عشر سنوات على الأقل، ومما يؤكد ذلك أن المشرع أغفل -في الفصل السادس من القانون المذكور والخاص بالقبول للمرافعة أمام محكمة النقض- إيراد نص مماثل لما نصت عليه المادتان 32، 35 من القانون رقم 17 لسنة 1983 المذكور واللتان تجيزان احتساب المدد التي يقضيها المحامي في أعمال نظيرة في مدة التمرين أو الاشتغال بالمحاماة أمام المحاكم الابتدائية عند القيد أمام المحاكم الابتدائية أو أمام محاكم الاستئناف.
- 5  محاماة . نقض " إجراءات الطعن . الصفة والمصلحة في الطعن".
انتفاء مصلحة الطاعنة قيمة إثارته بشأن انطباق القانون رقم 61 لسنة 1968 في شأن حالتها بدلا من القانون رقم 17 لسنة 1983. متى ثبت أن المادة 80 من القانون 61 لسنة 1968 تشترط لقبول طلب القيد بجدول المحامين أمام النقض أن يكون المحامي قد اشتغل بالمحاماة لمدة سبع سنوات على الأقل أمام محاكم الاستئناف وهو ما لم يتوافر لها.
لا مصلحة للطاعنة من وراء ما تثيره في شأن انطباق القانون رقم 61 لسنة 1968 في شأن حالتها بدلاً من القانون رقم 17 لسنة 1983. إذ أن المادة 80 من القانون رقم 61 لسنة 1968 تشترط لقبول طلب القيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض أن يكون المحامي قد اشتغل بالمحاماة فعلاً لمدة سبع سنوات على الأقل أمام محاكم الاستئناف وهو ما لم يتوافر لها.
------------
الوقائع
بتاريخ ....... قررت لجنة قبول المحامين رفض طلب الطاعنة بقيد اسمها بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض
فطعن الأستاذ ...... المحامي نيابة عن الطاعنة في هذا القرار بطريق النقض...... إلخ.

----------------
المحكمة

حيث إن القرار المطعون فيه قد صدر من لجنة قبول المحامين أمام محكمة النقض بتاريخ 31 من مايو سنة 1983 فقررت الطاعنة بالطعن فيه بطريق النقض وإذ صدر القرار بعد العمل بقانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 فإن إجراءات الطعن فيه تخضع للقواعد الإجرائية في هذا القانون إعمالاً للأصل العام المقرر بالمادة الأولى من قانون المرافعات ولئن كان القانون رقم 17 لسنة 1983 قد خلا من نص ينظم الطعن في قرارات لجنة القيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض إلا أن ذلك ليس من شأنه أن تكون تلك القرارات بمنأى عن رقابة القضاء لما ينطوي عليه ذلك من مصادرة لحق التقاضي وافتئات على حق المواطن من الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي اللذين كفلهما الدستور في المادة 68 منه فضلاً عن أن مبدأ الطعن قد تقرر في ذات التشريع بالنسبة لكافة القرارات التي تصدر برفض طلبات القيد بالجداول الأخرى وليس ثمة وجه للمغايرة في هذا الخصوص بينها وبين القرارات التي تصدر برفض القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من سلطة المشرع استمداداً من التفويض المقرر له بمقتضى المادة 167 من الدستور أن يسند ولاية الفصل في بعض المنازعات الإدارية التي يختص مجلس الدولة أصلاً بالفصل فيها طبقاً للمادة 172 من الدستور إلى هيئات قضائية أخرى وفقاً لمقتضيات الصالح العام وكان المشرع إعمالاً لهذه السلطة قد نهج حين سن القانون رقم 61 لسنة 1968 على نزع ولاية الفصل في الطعون في القرارات الصادرة برفض طلبات القيد بجميع جداول المحامين -بلا استثناء- من القضاء الإداري وأسندها إلى جهة القضاء العادي نظراً لاتصال موضوع هذه القرارات بتنظيم مهنة المحاماة التي تمارس بصفة أساسية أمام تلك الجهة وكان المشرع بما نص عليه في المواد 19، 33، 36 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 قد جعل من اختصاص محكمة استئناف القاهرة الفصل في الطعون في القرارات الصادرة برفض طلبات القيد في الجدول العام للمحامين وجدولي المحامين المقبولين أمام المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف وبما نص عليه في المادة 44 من ذات القانون من اختصاص الدائرة الجنائية بمحكمة النقض بالفصل في الطعون في القرارات التي تصدر بنقل الاسم إلى جدول غير المشتغلين - قد أفصح عن التزامه في التشريع الجديد للمحاماة بذات منهجه في التشريع السابق من نزع الاختصاص بالفصل في الطعون في قرارات رفض طلبات القيد بجداول المحامين من ولاية القضاء الإداري والإبقاء على ما كان معمولاً به في ظل القانون رقم 61 لسنة 1968 من إسناد تلك الولاية بلا استثناء إلى جهة القضاء العادي، يؤكد ذلك النظر أن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 17 لسنة 1983 وتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب عن مشروع هذا القانون والمناقشات التي دارت حوله في المجلس قد خلت جميعها من أية إشارة إلى العدول عن هذا المنهج أو تعديله - وبديهي أن المشرع ما كان لينحو إلى نقل الاختصاص من جهة القضاء العادي إلى القضاء الإداري دون أن يكون لذلك صداه في المذكرة الإيضاحية للقانون أو في أعماله التحضيرية، كما أن التزام المشرع بمنهجه في التشريع السابق قد تأكد بالإبقاء في المادة 141 من القانون الجديد على ما كان منصوصاً عليه في المادة 25 من القانون السابق من اختصاص الدائرة الجنائية بمحكمة النقض بالفصل في الطعون التي ترفع عن القرارات الصادرة بإسقاط العضوية عن أي من أعضاء مجلس النقابة بل أنه استحدث في المادة 134 من القانون الجديد نصاً يقضي بإسناد ولاية الفصل في الطعون التي ترفع عن قرارات الاستبعاد من قائمة المرشحين لعضوية مجلس النقابة إلى محكمة استئناف القاهرة مما يكشف عن الاتجاه في القانون الجديد للمحاماة إلى التوسع في إسناد ولاية الفصل فيما ينشأ عن تطبيقه من طعون إلى القضاء العادي وليس إلى الحد منه، ومن ثم فإنه إذا كان خلو قانون المحاماة الجديد من نص ينظم الطعن في القرارات الصادرة برفض طلب القيد في جدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض لا يعني أن تكون تلك القرارات بمنأى عن الطعن عليها، فإنه لا يعني كذلك أن تصبح ولاية الفصل في الطعن فيها للقضاء الإداري. وإلا كان ذلك مؤدياً إلى فقدان التجانس بين أحكام التشريع الواحد ذلك أن جدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض شأنه شأن سائر الجداول الأخرى من حيث توافر العلة التي رأى المشرع من أجلها أن يختص القضاء العادي بالفصل في الطعون المتعلقة بها مما لا محل معه لاختلافه عنها في شأن هذا الاختصاص، بل أن تشكيل اللجنة المنوط بها الفصل في طلبات القيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض برئاسة رئيسها أو أحد نوابه طبقاً لنص المادة 40 من القانون المشار إليه من شأنه أن يضفي عليها طابعاً قضائياً لا يتوافر في اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون والمنوط بها نظر طلبات القيد في الجداول الأخرى إذ هي ذات تشكيل إداري بحت ومع ذلك فقد أسند المشرع ولاية الفصل في الطعون في قراراتها إلى جهة القضاء العادي. لما كان ما تقدم، فإنه إتباعاً لمشيئة المشرع التي أفصح عنها على نحو ما سلف بيانه يكون الاختصاص بنظر الطعون في قرارات رفض طلبات القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض ما زال معقوداً لهذه المحكمة
ومن حيث أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 31 من مايو سنة 1983 برفض قيد الطاعنة بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض فقرر وكيلها بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ الثالث من مايو سنة 1986 وأودعت أسباب الطعن في يوم التقرير به موقعاً عليها من محام مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض وجاء في التقرير بالطعن وفي مذكرة أسبابه أن الطاعنة لم تعلن بالقرار المطعون فيه. ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه متى أوجب القانون الإعلان لاتخاذ إجراء أو بدء ميعاد فإن أي طريقة أخرى لا تقوم مقامه وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن الطاعنة أعلنت بالقرار المطعون فيه إلى أن قررت بالطعن فيه بطريق النقض فإن الطعن يكون قد استوفى الشكل المقرر في القانون
وحيث إن الطاعنة تنعى على القرار المطعون فيه الخطأ في القانون إذ رفض طلب قيدها بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض طبقاً لنصوص القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة في حين أن القانون رقم 61 لسنة 1968 هو الواجب التطبيق إذ قدمت طلبها في ظله بعد أن أمضت عشرين سنة في أعمال نظيرة لأعمال المحاماة فيكون الطلب مستوفياً شروط قبوله
وحيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن الطاعنة قيدت بالجدول العام بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1958 ثم نقلت إلى جدول المحامين غير المشتغلين اعتباراً من 19 من أبريل سنة 1961، وبتاريخ 7 من ديسمبر سنة 1981 أعيدت إلى جدول المشتغلين مع القبول للمرافعة أمام محاكم الاستئناف واعتبار المدة من 19 من أبريل سنة 1961 وحتى 7 من ديسمبر سنة 1981 عمل نظير وبتاريخ 9 من أبريل سنة 1983 تقدمت بطلب للقيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض وبجلسة 31 من مايو سنة 1983 أصدرت اللجنة المختصة قرارها برفض الطلب فطعنت الطاعنة في هذا القرار بطريق النقض
وحيث أنه بالنسبة لما تثيره الطاعنة بشأن استيفائها المدة المطلوبة للقيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض استناداً إلى أن لجنة قيد المحامين أمام محاكم الاستئناف اعتبرت مدة عملها من 19 من أبريل سنة 1961 وحتى 7 من ديسمبر سنة 1981 عملاً نظيراً لأعمال المحاماة مما يوجب احتسابها في مدة القيد، فهو مردود بأنه لما كان الأصل أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه. لما كان ذلك، وكان قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 والمعمول به من الأول من إبريل سنة 1983 -والذي قدمت الطاعنة طلبها وصدر القرار المطعون فيه في ظله- قد نص في المادة 39/1 منه على أنه:- ((يشترط لقبول طلب القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض أن يكون طالب القيد من الفئات الآتية: (1) المحامون المقبولون أمام محاكم الاستئناف الذين يكون قد مضى على اشتغالهم بالمحاماة فعلاً أمام هذه المحاكم عشر سنوات على الأقل ......)) فإن البين من هذا النص واضح عبارته وصريح دلالته اتجاه إرادة الشارع إلى قصر القيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض على المشتغلين اشتغالاً فعلياً بالمحاماة أمام محاكم الاستئناف لمدة عشر سنوات على الأقل، ومما يؤكد ذلك أن المشرع أغفل -في الفصل السادس من القانون المذكور والخاص بالقبول للمرافعة أمام محكمة النقض- إيراد نص مماثل لما نصت عليه المادتان 32، 35 من القانون رقم 17 لسنة 1983 المذكور واللتان تجيزان احتساب المدد التي يقضيها المحامي في أعمال نظيرة في مدة التمرين أو الاشتغال بالمحاماة أمام المحاكم الابتدائية عند القيد أمام المحاكم الابتدائية أو أمام محاكم الاستئناف. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد قيدت بجدول المحامين المقبولين أمام محاكم الاستئناف في 7 من ديسمبر سنة 1981 وبتاريخ 9 من أبريل سنة 1983 تقدمت بطلب قيدها بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض بالرغم من أن مدة اشتغالها فعلاً بالمرافعة أمام محاكم الاستئناف أقل من سنتين من تاريخ قيدها في 7 من ديسمبر سنة 1981 وحتى تقديم طلب قيدها بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض في 9 من أبريل سنة 1983 فإن طلبها هذا لم تتوافر له شروط القيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعنة من وراء ما تثيره في شأن انطباق القانون رقم 61 لسنة 1968 في شأن حالتها بدلاً من القانون رقم 17 لسنة 1983 إذ أن المادة 80 من القانون رقم 61 لسنة 1968 تشترط لقبول طلب القيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض أن يكون المحامي قد اشتغل بالمحاماة فعلاً لمدة سبع سنوات على الأقل أمام محاكم الاستئناف وهو ما لم يتوافر لها. لما كان ما تقدم، فإن القرار المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض طلب قيد الطاعنة بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليماً ويتعين لذلك القضاء في موضوع هذا الطعن برفضه.

الخميس، 14 ديسمبر 2017

الطعون 1697، 1723 ، 1760 ، 1762 ، 1775 لسنة 55 ق جلسة 23 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 106 ص 593

برئاسة السيد المستشار / درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة ورفعت عبد المجيد ومحمد خيرى الجندى وزكى السمان.
-----------
- 1  اختصاص" الاختصاص المحلى - المحكمة المختصة فى حالة تعداد المدعى عليهم
تحديد المدعي عليه في الدعوي مناطه أن تكون وجهت اليه طلبات فيها تعدد المدعي عليهم في الدعوي تعددا حقيقيا علي اختلاف مراكزهم القانونية فيها أثره للمدعي رفع الدعوي أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم ، سواء كان مسئولا بصفة أصلية أو ضامنا علة ذلك .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان النص عاماً مطلقاً فلا محل لتخصيصه أو تقييده استهداء بقصد المشرع منه لما في ذلك من استحداث لحكم مغاير لم يأته به النص عن طريق التأويل. ولما كان النص في الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المرافعات على أن "وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم" قد ورد في عبارة عامة مطلقة بحيث يتسع لكافة المدعى عليهم المتعددين في الخصومة تعدداً حقيقياً، والمقصود بهم هؤلاء الذين وجهت إليهم طلبات في الدعوى لا أولئك الذين اختصموا ليصدر الحكم في مواجهتهم أو لمجرد المثول فيها. فمن ثم يجوز للمدعى طبقاً لهذا النص رفع الدعوى على المدعى عليهم المتعددين تعدداً حقيقياً على اختلاف مراكزهم القانونية فيها أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم سواء كان مسئولاً بصفة أصلية أو ضامناً دون قيد أو تخصيص، و لا محل للقول بقصر تطبيق حكمه على فئة المدعى عليهم المتساويين في المراكز القانونية في الدعوى دون سواهم أو تغليب موطن المسئول الأصلي على موطن الضامن له عند تحديد المحكمة المختصة محلياً لما ينطوي عليه ذلك القول من تقييد لمطلق النص وتخصيص لعمومه بغير مخصص وهو ما لا يجوز.
- 2 إساءة استعمال الحق
إبلاغ السلطات المختصة. من المباحات. مساءلة المبلغ. شرطه ثبوت كذب البلاغ وتوافر سوء القصد أو صدور التبليغ عن تسرع ورعونة وعدم احتياط.
النص في المادتين 25، 26 من قانون الإجراءات الجنائية يدل على أن إبلاغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية عنها بغير شكوى أو طلب يعتبر حقاً مقررا لكل شخص وواجباً على كل من علم بها من الموظفين العمومين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء وبسبب تأدية عملهم وذلك حماية للمجتمع من عبث الخارجين على القانون، و من ثم فإن استعمال هذا الحق أو أداء هذا الواجب لا تترتب عليه أدنى مسئولية قبل المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ عنها وأن التبليغ قد صدر عن سوء قصد وبغية الكيد والنكاية بمن أبلغ عنه أو ثبت صدور التبليغ عن تسرع ورعونة وعدم احتياط، أما إذا تبين أن المبلغ كان يعتقد بصحة الأمر الذي أبلغ عنه أو قامت لديه شبهات تبرر التبليغ فإنه لا وجه لمساءلته عنه.
- 3  مسئولية " المسئولية التقصيرية".
محكمة الموضوع. سلطتها في استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية متى كان سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى. تكييف الفعل بأنه خطأ من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وإن كان يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط أن يكون استخلاصها سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، كما أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض وتمتد هذه الرقابة إلى تقدير الوقائع فيما يستلزم التحقيق من صحة استخلاص الخطـأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه.
- 4 حكم " حجية الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق".
الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق. لا حجية لها أمام القاضي المدني . علة ذلك .
من المقرر أن القرارات الصادرة من سلطات التحقيق لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو الإدانة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها، ومن ثم فلا تكتسب تلك القرارات أية حجية أمام القاضي المدني.
- 5  حكم " عيوب التدليل . الفساد في الاستدلال".
استناد الحكم إلى قرينة ضمن قرائن أخري معيبة استدلاله بها مجتمعة دون بيان أثر كل منها في تكوين عقيدة المحكمة فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب .
لا يقبل الحكم من عثراته ويذهب عنه فساده اعتبار مبرر حفظ الشكوى مجرد قرينة طالما كانت هذه القرينة ضمن القرائن الأخرى المعيبة السالفة التي استدل بها الحكم مجتمعة على خطأ الطاعن وكان لا يبين أثر واحدة من هذه القرائن في تكوين عقيدة المحكمة، لما كان ذلك وكان الحكم قد أغفل دفاع الطاعن الذي ضمنه مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بتاريخ 1984/3/3 بشأن صحة بلاغه وحسن نيته وما استدل به على ذلك مع كونه دفاعاً جوهرياً فيكون قد عاره فضلاً عن الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق القصور في التسبيب.
- 6  إثبات " طرق الإثبات . القرائن".
محكمة الموضوع سلطتها في استنباط القرائن شرطه أن يكون سائغا .
الأصل في استنباط القرائن أنها من إطلاقات محكمة الموضوع إلا إنه يشترط أن يكون استنباطها سائغاً وأن يكون استدلال الحكم له سنده من الأوراق ومؤدياً إلى النتيجة التي بنى عليها قضاءه.
- 7  مسئولية " مسائل متنوعة".
إطاعة القانون من أسباب الإباحة م 63 عقوبات. شرطه. أن يكون مطابقا للقانون.
إطاعة القانون طبقاً لنص المادة 63 من قانون العقوبات من أسباب الإباحة التي لا توجب أية مسئولية جنائية كانت أو مدنية قبل من إطاعة، فإذا ما عهد القانون باختصاص معين لموظف فإن ما يصدر عنه من عمل في نطاق ذلك الاختصاص يكون مباحاً طالما كان مطابقاً للقانون.
- 8  مسئولية " مسائل متنوعة".
مساءلة الموظف لإساءة استعمال حقه. شرطه. انحرافه في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه بقصد الإضرار بالغير لأغراض نابيه عن المصلحة العامة.
من المقرر أن إساءة الموظف استعمال حقه تقتضى قيام الدليل على إنه انحرف في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه وأنه لم يتصرف التصرف الذي اتخذه إلا بقصد الإضرار لأغراض نابية عن المصلحة العامة، فإذا انتفى ذلك القصد وتبين للقاضي أن العمل الذي أتاه الموظف قد أملاه واجب الوظيفة فلا يصح القول بأنه أساء استعمال حقه.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول في الطعون جميعاً ..... أقام على الطاعنين فيها ووزير الصناعة بصفته الدعوى رقم 11880 لسنة 1980 مدني جنوب القاهرة الابتدائية وطلب في ختامها الحكم بإلزامهم متضامنين أن يؤدوا إليه مبلغ مائة ألف جنيه والفوائد القانونية، وقال بياناً لدعواه أن الطاعنين الثلاثة .... قد عملوا متساندين يشايع بعضهم بعضاً إلى تقديم البلاغات الكاذبة ضده إبان عمله رئيساً لمجلس إدارة شركة .... بغية الإيقاع والتشهير به وقاذفين في حقه بالافتراء والتجني عليه إذ تقدم أولهم الذي كان يعمل بالشركة ببلاغ إلى محافظة الغربية عن وجود مخالفات مالية بها وتبين للجنة التي تولت فحص البلاغ عدم صحته ثم عاد فاتفق مع الطاعن الثاني رئيس مباحث جرائم الأموال العامة الذي تربطه به صلة عمل سابق على الكيد والإساءة إليه فتقدم الأخير إلى النيابة العامة بمحضر تحريات مؤرخ 26/11/1979 يتهمه فيه بالتسهيل عن عمد للمقاولين.... و..... للحصول على أموال من الشركة بدون وجه حق وثبت عدم صحة الواقعة التي حققتها النيابة العامة في الشكوى رقم 2474 لسنة 1980 إداري مركز طنطا وحفظتها إدارياً، ثم عاد الطاعن الثاني مرة أخرى بمعاونة الطاعن الثالث مدير الشئون القانونية بالشركة فقدم بلاغاً إلى النيابة العامة ومحضر تحريات مؤرخ 6/3/1980 ضمنه وجود تلاعب بأموال الشركة وأن المطعون ضده الأول قد تواطأ مع المقاول ..... لتوريد كمية من الكتان المعطون إلى الشركة بسعر يزيد على سعره وشروط عقد سابق مما أضاع على الشركة مبلغ ستة آلاف جنيه وذلك بقصد حصوله على فرق السعر لنفسه رغم تحذير الطاعن الثالث له، وقد ردد هذا الأخير الاتهام الوارد في محضر التحريات في تحقيق النيابة للواقعة في الشكوى رقم 582 لسنة 1980 إداري مركز طنطا والتي استبعدت فيها شبهة الجناية وحفظتها إدارياً لعدم صحتها، وقد صاحب ذلك نشر أخبار التحقيق مع المطعون ضده الأول بجريدة الأخبار وبإحدى الصحف المحلية مما ألحق به أفدح الضرر الأدبي فتحققت بذلك مسئولية الطاعنين الثلاثة سالفي الذكر عن التعويض عن البلاغ الكاذب والقذف، وكذلك مسؤولية متبوعهم وزير الصناعة بصفته وشركة ..... ووزير الداخلية بصفته على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة وأثناء سير الدعوى أقام وزير الصناعة بصفته دعوى ضمان فرعية ضد الطاعن..... بطلب الحكم بإلزامه بما عسى أن يحكم به عليه في الدعوى الأصلية، كما أقام وزير الداخلية بصفته دعوى ضمان فرعية مماثلة على تابعه الطاعن .....، وقدم الطاعن.... طلباً عارضاً للحكم على المطعون ضده الأول – المدعي في الدعوى الأصلية- بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض عن إساءة استعمال حق التقاضي، ودفع الطاعنون جميعاً بعدم اختصاص محكمة جنوب القاهرة محلياً بنظر الدعوى – وبتاريخ 30 من مايو سنة 1981 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص المحلي ثم عادت وحكمت بتاريخ 12 من فبراير سنة 1983 برفض الدعوى الأصلية بالنسبة لكل من الطاعنين ..... و ..... ووزير الداخلية بصفته ووزير الصناعة بصفته وبرفض الدعاوى الفرعية، وبإلزام الطاعنين .... ورئيس مجلس إدارة شركة ...... بصفته متضامنين بأن يؤديا إلى المطعون ضده الأول مبلغ خمسة آلاف جنيه. استأنف المطعون ضده الأول ما رفض من طلباته في هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2176 لسنة 100 القضائية، كما استأنف الحكم لدى ذات المحكمة كل من الطاعنين رئيس مجلس إدارة شركة ........ بصفته بالاستئناف رقم 2527 لسنة 100 القضائية و...... بالاستئناف رقم 2592 لسنة 100 قضائية، وبتاريخ 8 من مايو سنة 1984 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافات الثلاثة شكلاً وضمنت أسباب حكمها رفض الدفع المبدي أمامها من الطاعن .... بعدم اختصاص محكمة أول درجة محلياً بنظر الدعوى، ثم عادت وحكمت بتاريخ 11 من أبريل سنة 1985 في الاستئناف رقم 2176 لسنة 100 القضائية بإلغاء الحكم المستأنف وفي موضوع الدعوى الأصلية بإلزام الطاعنين جميعاً متضامنين بأن يؤدوا إلى المطعون ضده الأول مبلغ عشرة آلاف جنيه والفوائد بواقع 4% من تاريخ الحكم حتى تمام الوفاء، وفي دعوى الضمان الفرعية المرفوعة من وزير الداخلية بصفته بإلزام تابعه الطاعن .... بأن يدفع لوزارة الداخلية مبلغ خمسة آلاف جنيه، وبرفض الاستئنافين رقمي 2527 لسنة100 القضائية، 2592 لسنة 100 القضائية. طعن في هذا الحكم بطريق النقض من رئيس مجلس إدارة شركة ........ بصفته بالطعن رقم 1697 سنة 55 القضائية ومن ...... بالطعن رقم 1723 لسنة 55 القضائية ومن ..... بالطعن رقم 1760 لسنة 55 القضائية ومن ..... بالطعن رقم 1762 لسنة 55 القضائية ومن وزير الداخلية بصفته بالطعن رقم 1775 لسنة 55 القضائية وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي في كل طعن بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرضت الطعون على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرها وفيها أمرت بضم الطعون الأربعة الأخيرة إلى الطعن الأول ليصدر فيهم حكم واحد والتزمت النيابة رأيها.
-----------------
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعون استوفت أوضاعها الشكلية
أولاً: الطعن رقم 1762 لسنة 55 القضائية
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعي الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الصادر أثناء سير الخصومة بتاريخ 8 من مايو سنة 1984 – الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه دفع أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم اختصاص محكمة جنوب القاهرة الابتدائية محليا بنظر الدعوى لاختصاص محكمة طنطا الابتدائية بها إذ يقع بدائرة المحكمة الأخيرة موطنه وموطن زميليه المدعى عليهما المختصمين في الدعوى بصفة أصلية وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع وأقام قضاءه على أن محكمة جنوب القاهرة الابتدائية مختصة محليا بنظر الدعوى لوقوع موطن كل من وزير الداخلية ووزير الصناعة المختصمين فيها بصفتهما متبوعين للمدعى عليهم الأصليين في دائرتها عملا بنص الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المرافعات، في حين أنه يشترط لانعقاد الاختصاص المحلي للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحد المدعى عليهم المتعددين طبقا لهذا النص أن تكون مراكزهم القانونية في الدعوى متساوية، أما إذا اختلفت مراكزهم بين مدع عليه بصفة أصلية وآخر بصفة تبعية أو احتياطية كما إذا رفعت الدعوى على مدين وكفيل أو على تابع ومتبوع – الذي هو في حكم الكفيل المتضامن – فإن العبرة في تحديد الاختصاص المحلي للمحكمة تكون بالنظر إلى موطن المدين أو التابع فحسب ودون اعتبار لموطن الكفيل أو المتبوع تغليبا للمركز القانوني للمسئول الأصلي على مركز المسئول بصفة تبعية في الدعوى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان النص عاما مطلقا فلا محل لتخصيصه أو تقييده استهداء بقصد المشرع منه لما في ذلك من استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل – ولما كان النص في الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المرافعات على أن "وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم" قد ورد في عبارة عامة مطلقة بحيث يتسع لكافة المدعى عليهم المتعددين في الخصومة تعدداً حقيقاً، والمقصود بهم هؤلاء الذين وجهت إليهم طلبات في الدعوى لا أولئك الذين اختصموا ليصدر الحكم في مواجهتهم أو لمجرد المثول فيها فمن ثم يجوز للمدعي طبقا لهذا النص رفع الدعوى على المدعى عليهم المتعددين تعدداً حقيقيا على اختلاف مراكزهم القانونية فيها أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم سواء كان مسئولا بصفة أصلية أو ضامنا دون قيد أو تخصيص، ولا محل للقول بقصر تطبيق حكمه على فئة المدعى عليهم المتساويين في المراكز القانونية في الدعوى دون سواهم أو تغليب موطن المسئول الأصلي على موطن الضامن له عند تحديد المحكمة المختصة محليا لما ينطوي عليه ذلك القول من تقييد لمطلق النص وتخصيص لعمومه بغير مخصص وهو ما لا يجوز. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأول قد أختصم في الدعوى الطاعن وزميله الطاعنين في الطعنين رقمي 1723، 1760 لسنة 55 القضائية كمسئولين أصليين كما أختصم فيها الطاعنين في الطعنين رقمي 1697، 1775 لسنة 55 القضائية ووزير الصناعة بصفاتهم متبوعين لهم وطلب الحكم بإلزامهم جميعا بالتعويض فيعتبر تعددهم في الخصومة تعدداً حقيقيا بتوجيه هذا الطلب إليهم، مما يبرر رفع الدعوى أمام المحكمة الكائن في دائرتها موطن أحدهم تابعا كان أو متبوعا، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه باختصاص المحكمة الابتدائية محلياً معتدا بوقوع موطن وزيري الداخلية والصناعة المختصمين في الدعوى بصفتهما متبوعين للمسئولين الأصليين فيها فإنه يكون موافقا لصحيح حكم القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه دلل على الخطأ بأن الطاعن تقدم ببلاغ إلى محافظة الغربية عن وجود مخالفات مالية بالشركة التي يعمل بها ويرأسها المطعون ضده الأول ثم أوعز إلى رئيس مباحث مكافحة جرائم الأموال العامة وأمده بالمعلومات الدقيقة من داخل الشركة فحرر الأخير محضر تحرياته المؤرخ 26/ 11/ 1979 بناء على هذه المعلومات وسأل الطاعن فردد ما جاء بالتحريات وألقى بشبهة الاتهام على المطعون ضده الأول ثم عاد وأمعن في الكيد له وألقى بشبهة الاتهام عليه في تحقيق النيابة الشكوى في رقم 2474 لسنة 1980 إداري مركز طنطا ولم يبد تعليلاً مقبولا لحصوله على تفصيلات المعلومات التي أدلى بها والتي لا تتصل بعمله ولهذا فقد ثبت سوء نيته ثم عدم صحة بلاغه بحفظ النيابة الشكوى إداريا، في حين أن ما أورده الحكم بأسبابه لا يؤدي عقلا إلى ثبوت مسئوليته ذلك بأنه لم يكشف عن وجه خطئه في تقديم بلاغ إلى المحافظة عن وجود مخالفات مالية بالشركة التي يعمل بها، ولم يبين ماهية أقواله التي تضمنت إلقاء شبهة الاتهام على المطعون ضده الأول بقصد الكيد له لدى سؤاله في محضر التحريات وفي تحقيق النيابة، كما أغفل الحكم ما تمسك به الطاعن من دفاع في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بتاريخ 3/ 3/ 1984 من أن بلاغه عن المخالفات المالية التي وقعت من المقاولين المتعاقدين مع الشركة كان بحسن نية ويستهدف المصلحة العامة ولم يقصد به شخص المطعون ضده الأول واستدلاله على ذلك بأقواله في تحقيق النيابة وبأقوال المطعون ضده الأول نفسه التي تضمنتها مذكرة دفاعه المقدمة لمحكمة أول درجة بتاريخ 4/ 12/ 1982 إذ جاء فيها إنه لم يكن المقصود ببلاغ الطاعن عن المخالفات المالية بالشركة وأن الأخير ذكر بالتحقيقات أن الخطأ في صرف المبلغ بدون وجه حق للمقاولين كان متعمداً من جانب مسئول آخر في الشركة وليس من جانب المطعون ضده الأول وأنه لا يعلم أن للأخير مصلحة في صرف هذه المبالغ للمقاولين، وما أوردته الشركة في مذكرتها المقدمة لمحكمة أول درجة بتاريخ 4/ 12/ 1982 من أنها لا تزال تداين المقاول بمبالغ ضخمة سجلتها تحقيقات النيابة العامة، كما خالف الحكم الثابت بالأوراق بخصوص مصدر معلومات الطاعن التي أدلى بها في تحقيقات الشكوى آنفة الذكر إذ الثابت منها أنه استقى تلك المعلومات بحكم عمله ولكونه عضواً باللجنة التي تولت بحث موضوعها
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن النص في المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "لكل من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها "والنص في المادة 26 من هذا القانون على أنه" يجب على كل من علم من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء تأديته عمله أو بسبب تأديته بوقوع جريمة من الجرائم التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ عنها فوراً النيابة العامة أو أقرب مأموري الضبط القضائي يدل على أن إبلاغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم – التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية عنها بغير شكوى أو طلب يعتبر حقا مقرراً لكل شخص وواجبا على كل من علم بها من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء وبسبب تأدية عملهم وذلك حماية للمجتمع من عبث الخارجين على القانون، ومن ثم فإن استعمال هذا الحق أو أداء هذا الواجب لا تترتب عليه أدنى مسئولية قبل المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ عنها وأن التبليغ قد صدر عن سوء قصد وبغية الكيد والنيل والنكاية بمن أبلغ عنه أو ثبت صدور التبليغ عن تسرع ورعونة وعدم احتياط، أما إذا تبين أن المبلغ كان يعتقد بصحة الأمر الذي أبلغ عنه أو قامت لديه شبهات تبرر التبليغ فإنه لا وجه بمساءلته عنه. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بشأن مسئولية الطاعن على أن المستندات المقدمة من المطعون ضده الأول تدل على أن الطاعن كان يعمل مدير إدارة الخدمات والعلاقات العامة بالشركة وقد نشبت بينه وبين المطعون ضده الأول – رئيس مجلس الإدارة – خلافات شخصية وعندئذ تقدم الأول بشكواه بوجود مخالفات مالية بالشركة إلى المحافظة، كما أنه وهو ضابط شرطة سابق أوعز وأمد العقيد ....... المطعون ضده الثاني بالمعلومات الدقيقة فكتب الأخير محضر تحرياته في 26/ 11/ 1979 أوردها تواريخ وأرقام لا تصدر إلا عن علم من داخل الشركة وبادر الأخير بسؤال الطاعن فجاءت أقواله مرددة لما ورد بالتحريات وألقى بشبهة الاتهام على المطعون ضده الأول بل أنه أمعن في الكيد والخصومة له وألقى بشبهة الاتهام عليه عند سؤاله في تحقيق النيابة ولم يدل بتعليل مقبول لحصوله على التفصيلات التي ذكرها في التحقيق إذ ليس من مقتضيات عمله الإطلاع على عقود المقاولات بالشركة، وقد ثبت من ذلك سؤ نيته ثم عدم صحة الشكوى من قرار النيابة بحفظها إدارياً، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وإن كان يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط أن يكون استخلاصها سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى كما أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض وتمتد هذه الرقابة إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقيق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه، لما كان ذلك وكانت الوقائع التي سردها الحكم المطعون فيه ليس فيها ما يسوغ أن يستخلص منه ما وصم به بلاغ الطاعن وأقواله في محضر التحريات وتحقيق الشكوى آنفة الذكر من سوء القصد والكيدية ذلك بأن عباراته المجملة التي أطلق فيها القول بأن الطاعن قدم بلاغا إلى المحافظة عن مخالفات مالية بالشركة تكشف عن ثمة خطأ أو انحراف من الأخير عن حق الشكوى الذي يعتبر – على ما سلف بيانه – من الحقوق المباحة للأفراد وواجباً على كل موظف عام أو مكلف بخدمة عمومية، كما أن ما أورده الحكم من أن الطاعن أدلى بأقوال عن تلك المخالفات في محضر التحريات وفي تحقيق النيابة وألقى فيها بشبهة الاتهام على المطعون ضده الأول إذ جاء مبهما غامضا مجهلا لتلك الأقوال ووجه ما استدل به الحكم منها فلا يصلح سنداً لخطأ موجب للمسئولية، وأما قوله بانتفاء مبررات حصول الطاعن على تفاصيل معلوماته عن الشكوى فهو مخالف للثابت في الأوراق من أن حصول الأخير على تلك المعلومات كان بحكم عمله واختياره عضوا باللجنة التي شكلت لبحث موضوع الشكوى ولا يغني الحكم شيئا استناده إلى قرار النيابة العامة بحفظ الشكوى إداريا لما هو مقرر من أن القرارات الصادرة من سلطات التحقيق لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو الإدانة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها، ومن ثم فلا تكتسب تلك القرارات أية حجية أمام القاضي المدني، ولا يقيل الحكم من عثراته ويذهب عنه فساده اعتبار مبرر حفظ الشكوى مجرد قرينة طالما كانت هذه القرينة ضمن القرائن الأخرى المعيبة السالفة التي استدل بها الحكم مجتمعة على خطأ الطاعن وكان لا يبين أثر كل واحدة من هذه القرائن في تكوين عقيدة المحكمة، لما كان ذلك وكان الحكم قد أغفل دفاع الطاعن الذي تضمنه مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بتاريخ 3/ 3/ 1984 بشأن صحة بلاغه وحسن نيته وما استدل به على ذلك مع كونه دفاعا جوهريا فيكون قد عاره فضلاً عن الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق القصور في التسبيب مما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث بقية أوجه الطعن
"ثانيا: الطعن رقم 1723 لسنة 55 القضائية
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب 
ومما ينعاه الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور، وفي بيان ذلك يقول أنه أستند في ثبوت خطئه إلى القول بأن رئيس مباحث مكافحة جرائم الأموال العامة قد سأله في محضر التحريات كما سأله وكيل النيابة في تحقيق الشكوى رقم 582 لسنة 1980 إداري مركز طنطا وأنه عرض بنفسه محضر التحريات والمستندات المضبوطة على وكيل النيابة كما أنه حصل على توقيع المقاول على عقد توريد الكتان محل الشكوى، وأن النيابة قررت حفظ الشكوى إداريا وإدانة الطاعن وإخطار الجهة الإدارية لمجازاته عما نسب إليه، في حين أن أداؤه بمعلوماته في محضر التحريات وتحقيق النيابة عن موضوع الشكوى لا يعد من قبيل الخطأ الموجب لمسئوليته كما لا يعد كذلك إعداده العقد وحصوله على توقيع المورد عليه لدخول هذا الأمر في صميم عمله كمدير للشئون القانونية بالشركة، أما قول الحكم بأن الطاعن هو الذي عرض بنفسه محضر التحريات والمستندات المضبوطة على سلطة التحقيق فمبني على استنتاجات ظنية لا أساس لها، كما أن تقريره بأن النيابة المختصة انتهت إلى إدانة الطاعن وإخطار الجهة الإدارية لمجازاته إداريا يخالف الثابت من الأوراق من عدول نيابة الأموال العامة العليا عن طلب النيابة الجزئية مجازاته إدارياً
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأنه وإن كان الأصل في استنباط القرائن أنها من أطلاقات محكمة الموضوع إلا أنه يشترط أن يكون استنباطها سائغاً وأن يكون استدلال الحكم له سنده من الأوراق ومؤديا إلى النتيجة التي بني عليها قضاءه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استدل على خطأ الطاعن بشأن موضوع الشكوى رقم 582 لسنة 1980 إداري مركز طنطا بقوله أنه كان على خلاف بسبب العمل مع رئيس الشركة المطعون ضده الأول وأنه أمد رئيس مباحث مكافحة جرائم الأموال العامة بالمعلومات على المخالفات المالية محل الشكوى فحرر الأخير محضر تحرياته، وأن الطاعن كان أول من سئل في هذا المحضر كما سئل في تحقيق النيابة, وأنه هو الذي قدم محضر التحريات والمستندات المضبوطة لوكيل النيابة إذ كان موجوداَ خارج غرفة التحقيق قبل سؤاله وأن التوقيع على عقد المقاولة محل الشكوى قد تم بمعرفة الطاعن وأن النيابة العامة قررت حفظ الشكوى إداريا لعدم صحتها وإحالة الأخير إلى الجهة الإدارية لمجازاته عما نسب إليه، وكانت هذه القرائن التي ساقها الحكم لا يسوغ أن يستخلص منها ما قال به من ثبوت الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية المنصوص عليها في المادة 163 من القانون المدني، ألا وهو الانحراف عن السلوك العادي المألوف وما يقتضيه من يقظة وتبصر حتى لا يضر بالغير إذ هي لا تنبئ عن مظاهر انحراف الطاعن عن السلوك العادي المألوف حين بادر إلى الإدلاء بمعلوماته عن موضوع الشكوى أنفة الذكر في محضر التحريات أو لدى سؤاله في تحقيق النيابة، ولم تكشف عن أوجه إخلال الطاعن بما تفرضه عليه واجبات وظيفته في مراجعة التوقيعات على عقد المقاولة محل الشكوى، أما قرينة حرص الطاعن على تسليم محضر التحريات والمستندات بنفسه لسلطة التحقيق فظاهره الفساد لاستخلاصها من مصدر لا ينتجها كما أن استناد الحكم إلى أن النيابة المختصة طلبت مجازاة الطاعن إدارياً بعد حفظ الشكوى يخالف الثابت بالأوراق من أن نيابة الأموال العامة العليا قررت بتاريخ 28/ 12/ 1980 العدول عن طلب مجازاته، ولما سلف يكون الحكم المطعون فيه معيبا بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي ما بني عليه الطعن من أسباب
"ثالثا – الطعن رقم 1760 لسنة 55ق." 
حيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ومما ينعاه الطاعن بالأسباب الأول والثالث والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم دلل على خطئه بأنه استغل وظيفته كرئيس لمباحث جرائم الأموال العامة بمساعدة المطعون ضده الثاني الذي أمده بالمعلومات الدقيقة فحرر محضر تحرياته عن واقعة الشكوى رقم 2474 لسنة 1980 إداري مركز طنطا ضمنه تواريخ وأرقام لا تصدر إلا عن علم من داخل الشركة وقام بضبط المستندات الموجودة بالشركة وسأل المطعون ضده الثاني فردد ما جاء بالتحريات التي حررت بصورة معيبة وعلى نحو غير دقيق وثبت عدم صحتها وبعد فشل محاولته الإضرار بالمطعون ضده الأول بحفظ الشكوى إداريا عاد مرة أخرى مستعيناً بالمطعون ضده الثالث في تحرير محضر تحرياته عن الشكوى رقم 582 لسنة 1980 إداري مركز طنطا عن واقعة أخرى وعمد إلى عرض محضره على نيابة المركز بدلا من نيابة الأموال العامة المختصة أصلا لضبط المستندات لظروف لم تكشف عنها الأوراق. وهذا الذي أورده الحكم لا يشكل ثمة خطأ ذلك بأن الطاعن بوصفه رئيسا لمباحث الأموال العامة ومن مأموري الضبط القضائي مهمته تلقي الشكاوى والتبليغات والتحري عن الجرائم وإبلاغ النيابة عنها وفقا لنص المادتين 21، 24 من قانون الإجراءات الجنائية ولهذا فإن ما قام به من تحريات وجمع استدلالات في الشكويين سالفتي الذكر بعد إبلاغه بوجود انحرافات مالية بالشركة التي يرأسها المطعون ضده الأول لا يعدو أن يكون واجبا مفروضا عليه بحكم القانون لا ترتب عليه أدنى مسئولية طالما لم يثبت كذب تحرياته وسؤ نيته أو أنها حررت عن تسرع ورعونة، كما لا يستقيم استخلاص الحكم للخطأ مع ما أثبته بمدوناته من دقة بيانات التحريات وصدورها عن علم من الشركة من شخص عايشها مما يفيد صحتها، وقد أفادت ذلك أيضا أقوال من سئل بالتحقيقات وأعضاء اللجنة التي شكلتها النيابة العامة لبحث المخالفات محل الشكوى الأولى، وما أقر به المطعون ضده الأول نفسه في التحقيق الذي أجرته النيابة العامة في الشكوى الثانية من أن المقاول حصل من الشركة على مبالغ زائدة عما يستحقه بمقدار 23139 جنيها و402 مليما، وأما ما أورده الحكم بخصوص تعمد الطاعن عدم عرض محضر تحرياته على نيابة الأموال العامة المختصة أصلا لظروف غير معلومة فيخالف الثابت بالأوراق من قيامه بعرض المحضر على تلك النيابة وأن رئيسها هو الذي أمر بإحالته إلى نيابة مركز طنطا للتصرف، وفي هذا ما يكشف عدم تمحيص محكمة الاستئناف لأدلة الدعوى مما يعيب الحكم المطعون فيه
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأنه طبقا لنص المادة 63 من قانون العقوبات فإن إطاعة القانون من أسباب الإباحة التي لا توجب أية مسئولية جنائية كانت أو مدنية قبل من أطاعه، فإذا ما عهد القانون باختصاص معين لموظف فإن ما يصدر عنه من عمل في نطاق ذلك الاختصاص يكون مباحا طالما كان مطابقا للقانون – كما أن من المقرر أن إساءة الموظف استعماله بحقه تقتضي قيام الدليل على أنه انحراف في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه وأنه لم يتصرف التصرف الذي أتخذه إلا بقصد الإضرار لأغراض نابية عن المصلحة العامة، فإذا انتفى ذلك القصد وتبين للقاضي أن العمل الذي أتاه الموظف قد أملاه واجب الوظيفة فلا يصح القول بأنه أساء استعمال حقه. وإذ كان النص في المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "يقوم مأمور الضبط القضائي بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم التحقيق والدعوى، والنص في المادة 24 من هذا القانون على أن "يجب على مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم، وأن يبعثوا بها فوراً إلى النيابة العامة، ويجب عليهم وعلى مرؤوسيهم أن يحصلوا على جميع الإيضاحات ويجروا المعاينات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم، أو التي يعلنون بها بأية كيفية كانت، وعليهم أن يتخذوا جميع الوسائل التحفظية للمحافظة على أدلة الجريمة. ويجب أن تثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي في محاضر ..... وترسل المحاضر إلى النيابة العامة مع الأوراق والأشياء المضبوطة ...." يدل على أن القانون أوجب على مأمور الضبط القضائي القيام بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات، فمن ثم يدخل في اختصاصه القيام بالتحريات اللازمة للكشف عن الجرائم ومرتكبيها، كما أوجب عليه القانون قبول التبليغات والشكاوى التي ترد إليه بشأن الجرائم أيا كان مصدرها – سواء كان المبلغ من آحاد الناس أو موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عمومية بحسب الأحوال المبينة بالمادتين 25، 26 من قانون الإجراءات الجنائية – وأن يقوم بإرسال هذه الشكاوى والتبليغات وما أتخذه في شأنها من إجراءات إلى النيابة العامة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على خطأ الطاعن بما أورده من أن المطعون ضده الثاني أوعز إليه وأمده بالمعلومات الدقيقة فكتب محضر تحرياته بخصوص الشكوى رقم 2474 لسنة 1980 إداري مركز طنطا ضمته تواريخ وأرقام لا تصدر إلا عن عليم من داخل الشركة ثم قام بضبط المستندات وسؤال المطعون ضده الثاني الذي رددت أقواله ما جاء بالتحريات، ولما باءت محاولته بالفشل في الإضرار بالمطعون ضده الأول بعد تحرير محضر تحرياته بصورة معيبة وعلى نحو غير دقيق عاد مستغلا وظيفته كرئيس لمباحث مكافحة جرائم الأموال العامة فحرر محضر تحرياته بخصوص الشكوى رقم 582 لسنة 1980 إداري مركز طنطا مستعينا بالمطعون ضده الثالث وبذات الأسلوب والتفصيلات التي لا تصدر إلا عن شخص عايشها وبادر بسؤال الأخير ثم لجأ إلى وكيل نيابة المركز للحصول على إذن بضبط المستندات ولم يلجأ لنيابة الأموال العامة المختصة لظروف لم تفصح عنها الأوراق. وإذ كان ذلك وكان المقرر – على ما سلف القول في الطعن الأول – أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بشرط أن يكون استخلاصها سائغا وأن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض وأن هذه الرقابة تمتد لتقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقيق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه، وكانت الأعمال والإجراءات التي باشرها الطاعن وسجلها الحكم من تحريات وجمع الاستدلالات وضبط للمستندات في الشكويين آنفتي الذكر هي واجبات مفروضة عليه بحكم القانون مارسها في نطاق اختصاصه المحدد بوصفه من رجال الضبطية القضائية، كما أن ما نسبه الحكم إليه من استغلال لوظيفته فيما قام به من عمل بغية الكيد والإضرار بالمطعون ضده الأول لا يعدو أن يكون قولا مرسلاً ليس عليه دليل مناقضاً لما نبأ به الحكم ذاته من دقة البيانات والتفصيل التي استندت إليها تحرياته واتساقها مع أقوال من سألهم من موظفي الشركة عن المخالفات المالية التي أبلغ بها، مما يتنافى مع القول بسؤ قصده وينبئ في ذات الوقت عن سلامة اعتقاده في صحة ما أبلغ به ويسوغ له ما أتخذه من تحريات وما تلاها من إجراءات أملتها عليه واجبات وظيفته يظاهره في ذلك الثابت في الأوراق حيث أجمعت أقوال أعضاء اللجنة التي شكلتها النيابة العامة لبحث المخالفات محل الشكوى الأولى على أن كلا من المقاولين قد حصل على مبالغ أكثر مما يستحق من أموال الشركة، وما انتهت إليه أبحاث اللجان الأخرى بشأن المخالفات محل الشكوى الثانية من حصول المقاول على مبالغ تزيد عما يستحقه لدى الشركة حددها المطعون ضده الأول نفسه بمبلغ 23139 جنيها، 402 مليما قبل إجراء التسويات النهائية التي تمت بعد التحقيق أما استدلال الحكم على الخطأ بتعمد الطاعن عرض محضر تحرياته على نيابة المركز دون نيابة الأموال العامة المختصة لظروف غير معلومة فيتسم بعدم السلامة في الاستنباط إذ لا يرتد إلى أصل ثابت في الأوراق بل وينقضه الثابت فيها من قيام الطاعن بعرض المحضر بالفعل على نيابة الأموال العامة للإذن بضبط المستندات وأن رئيس هذه النيابة هو الذي أمر بإحالته إلى نيابة المركز المختصة للنظر فيه بتاريخ 9/ 3/ 1980 وفي هذا بيان على عدم تمحيص محكمة الموضوع لأدلة الدعوى وعدم تحصيلها منها ما تؤدي إليه. إذا فمتى كان الثابت مما سلف أن ما قام به الطاعن من عمل هو واجب مفروض عليه بحكم القانون مباح أصلا وأن ما سرده الحكم من وقائع لا يصلح سندا على انحراف في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه قانونا بغية مضارة الغير لأغراض نابية عن المصلحة العامة فإن ما انتهى إليه من توافر الخطأ – بالنظر إلى تلك الوقائع – يكون غير سديد مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور. ويوجب نقضه لهذه الأسباب في الدعوى الأصلية ويستتبع نقض الحكم المؤسس عليه الصادر ضد الطاعن لمصلحة وزارة الداخلية في دعوى الضمان الفرعية، دون حاجة لبحث بقية أسباب الطعن
"رابعا: الطعنان رقما 1697، 1775 لسنة 55 القضائية
حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن في الطعن – الأول أختصم في الدعوى باعتباره مسئولا عن أعمال تابعية الطاعنين في الطعنين رقمي 1723، 1762 لسنة 55 القضائية، كما أختصم فيها الطاعن في الطعن الثاني باعتباره مسئولا عن أعمال تابعه الطاعن في الطعن رقم 1760 لسنة 55 القضائية، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتحقق مسئولية هؤلاء التابعين عن التعويض وفقا للمادة 174 من القانون المدني على أساس ثبوت خطئهم ورتب على ذلك مسئولية الطاعنين عنه باعتبار كل منهما بالنسبة لتابعه في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون، وإذ كانت المحكمة قد نقضت الحكم المطعون فيه بشأن مساءلة التابعين المذكورين فإن لازم ذلك زوال الأساس الذي تقوم عليه مسئولية الطاعنين – المتبوعين – ووجوب نقض الحكم بالنسبة لكل منهما عملاً بنص المادة 271 من قانون المرافعات دون حاجة لبحث أسباب الطعنين.



الطعن 8981 لسنة 64 ق جلسة 2 / 4 / 1996 مكتب فني 47 ق 61 ص 431

جلسة 2 من إبريل سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة وزغلول البلش وعبد الرحمن فهمي.

------------------

(61)
الطعن رقم 8981 لسنة 64 القضائية

(1) قتل عمد. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". مسئولية جنائية. موانع المسئولية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إعمال المادة 63 عقوبات. شرطه؟
مظهر التثبت و التحري اللذين يتطلبهما القانون في الحالة المنصوص عليها في المادة 63 عقوبات. ماهيته: عدم التجاء الموظف إلى استخدام سلاحه إلا بعد استنفاد وسائل الإرهاب والتهديد.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع بانتفاء المسئولية.
(2) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف والأمارات الخارجية التي تنم عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
(3) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع في الجزم بما لم يجزم به الخبير. متى كانت وقائع الدعوى تؤيد ذلك وتؤكده.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.

-------------------
1 - لما كان من المقرر أن المادة 63 من قانون العقوبات إذ قضت بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل من الموظف تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه من حسنت نيته - قد أوجبت عليه فوق ذلك أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته اعتقاداً مبنياً على أسباب معقولة. وكان مظهر التثبت والتحري اللذين يتطلبهما القانون في الحالة المنصوص عليها في المادة 63 سالفة الذكر هو ألا يلجأ الموظف إلى استخدام سلاحه ضد من يشتبه في أمرهم إلا بعد التيقن من أن لشبهته محلاً واستنفاد وسائل الإرهاب والتهديد التي قد تعينه على القبض على المشتبه فيهم بغير حاجة على استعمال سلاحه. ولهذا قضت التعليمات المرعية بأنه إذا ما اشتبه شرطي في شخص نادى عليه ثلاث مرات فإذا لم يجبه وأمعن في سيره أطلق الشرطي في الفضاء عياراً نارياً للإرهاب، فإذا حاول المشتبه فيه الهرب أطلق الشرطي صوب ساقيه عياراً آخر يعجزه عن الفرار. لما كان ذلك وكان الثابت من الوقائع التي أثبتها الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يعمل بهذه التعليمات المستمدة من روح القانون، بل إن الطاعن بعد أن لحق بالمجني عليه أطلق عليه عياراً نارياً واحداً صوبه على المجني عليه مباشرة فأصابه في وجهه أي في مقتل من مقاتله مع أنه كان قد لحق به ولم يعد لإطلاق النار من مبرر. لما كان ذلك، وكان ما آتاه الطاعن ينم عن استهانة بالتعليمات المفروض عليه رعايتها واستخفاف بالأرواح لا يجيزه القانون، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من الطعن يكون في غير محله.
2 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأيتها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لا يجوز به الطبيب الشرعي في تقريره متى كانت وقائع الدعوى حسبما كشف عنها قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أو تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستخلصه ما دام استخلاصاً سائغاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل...... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً أصابه في رأسه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه الإخلال بحق الدفاع - ذلك بأن الطاعن دفع بانتفاء مسئوليته عن الجريمة المسندة إليه لوقوعها منه بصفته موظفاً عاماً تنفيذاً لواجبات وظيفته طبقاً لنص المادة 63 من قانون العقوبات، ورد الحكم عليه بما لا يصلح، ودلل على توافر نية القتل بما لا يكفي لإثباتها، وحصل مؤدى تقرير الطب الشرعي الخاص بالطاعن على خلاف الثابت بالأوراق - مما يعيبه و يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، عرض لما تمسك به الطاعن من انتفاء مسئوليته طبقاً لأحكام المادة 63 من قانون العقوبات ورد عليه بقوله "وحيث إن ما أثاره المتهم والدفاع الحاضر عنه فمردود بأن الثابت من الأوراق ومن محضري الضبط والتحقيقات أن المتهم أبصر المجني عليه فحاول استيقافه للتحقق من شخصيته فأسرع المجني عليه بالهرب فلحق به وأطلق عليه عياراً نارياً من السلاح الناري وأرداه قتيلاً - وأن ما زعمه المتهم من اعتداء المجني عليه بالمطواة وإحداث إصاباته فقد أكد التقرير الطبي الشرعي أن تلك الإصابات مفتعلة وأجريت بيد المذكور أو بيد موالية له. كما أن ظروف ارتكاب المتهم لهذا الحادث على النحو سالف البيان لا تتوافر فيها الشروط الواجبة للإباحة طبقاً لنص المادة 63 من قانون العقوبات". ولما كان هذا الذي أورده الحكم سائغاً في الرد على دفاع الطاعن بأنه ارتكب الجريمة تنفيذاً لواجبات وظيفته، ذلك بأن المادة 63 من قانون العقوبات إذ قضت بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل من الموظف تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه متى حسنت نيته - قد أوجبت عليه فوق ذلك أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته اعتقاداً مبنياً على أسباب معقولة، وكان مظهر التثبت والتحري اللذين يتطلبهما القانون في الحالة المنصوص عليها في المادة 63 سالفة الذكر هو ألا يلجأ الموظف إلى استخدام سلاحه ضد من يشتبه في أمرهم إلا بعد التيقن من أن لشبهته محلاً واستنفاذ وسائل الإرهاب والتهديد التي قد تعينه على القبض على المشتبه فيهم بغير حاجة على استعمال سلاحه، ولهذا قضت التعليمات المرعية بأنه إذا ما اشتبه شرطي في شخص نادى عليه ثلاث مرات فإذا لم يجبه وأمعن في سيره أطلق الشرطي في الفضاء عياراً نارياً للإرهاب، فإذا حاول المشتبه فيه الهرب أطلق الشرطي صوب ساقيه عياراً آخر بعجزه عن الفرار. لما كان ذلك، وكان الثابت من الوقائع التي أثبتها الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يعمل بهذه التعليمات المستمدة من روح القانون، بل إن الطاعن بعد أن لحق بالمجني عليه أطلق عليه عياراً نارياً واحداً صوبه على المجني عليه مباشرة فأصابه في وجهه أي في مقتل من مقاتله مع أنه كان قد لحق به ولم يعد لإطلاق النار من مبرر. لما كان ذلك، وكان ما أتاه الطاعن ينم عن استهانة بالتعليمات المفروض عليه رعايتها واستخفاف بالأرواح لا يجيزه القانون، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من الطعن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن في قوله "وحيث إنه عن نية القتل فمن المظاهر الخارجية للحادث ومن استعمال سلاح ناري وهو قاتل بطبيعته وإصابة المجني عليه في مقتل وهو الثقب الناري الحيوي بمقابل أعلى يمين الشفة العليا مقابل عظمة الفك العلوي مع تفتت بالجانب الأمامي والجانب الأيمن وتكدمات بنسيج اللثة وفقد مستدير الشكل بأعلى خلفية يسار العنق، بتتبع مسار المقذوف الناري وجد محدثاً كسر مستدير مشطوف للداخل بيمين عظام الفك العلوي وتكدمات بالأنسجة عبر مساره بتجويف الفم والحلق وبعضلات يسار العنق ووفاته نتيجة تلك الإصابة النارية الحيوية وما أحدثته من نزيف وصدمة مما يقطع بتوافر نية القتل لدى المتهم". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأيتها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وما دام الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لا يجزم به الطبيب الشرعي في تقريره متى كانت وقائع الدعوى حسبما كشف عنها قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، وكان الحكم المطعون فيه قد قطع بأن إصابات الطاعن مفتعلة أجريت بيده أو بيد موالية له، وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم من قبيل فهم الواقعة في الدعوى مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع التي لها أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستخلصه ما دام استخلاصاً سائغاً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من أن تقرير الطب الشرعي قد ورد بصيغة الترجيح والاحتمال - بفرض صحته - يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.