الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 2 ديسمبر 2017

الطعن 8917 لسنة 59 ق جلسة 1 / 1 / 1990 مكتب فني 41 ق 1 ص 23

برئاسة السيد المستشار / نجاح نصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين / مصطفى طاهر، ومجدي منتصر، ومجدي الجندي، وحامد عبد النبي.
-------------
- 1  أحداث . ضرب "ضرب بسيط".  عقوبة " تطبيق العقوبة".
العقوبة المقررة لجريمة الضرب البسيط . الحبس مدة لا تزيد علي سنة أو الغرامة التي لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد علي مائة جنيه . المادة 242 / 1 عقوبات للمحكمة أن تقضي علي الحدث الذي يزيد سنه علي خمس عشرة سنة لارتكابه جنحة يجوز فيها الحبس . بوضعه تحت الاختبار القضائي أو إيداعه في احدي مؤسسات الرعاية الاجتماعية بدلا من الحبس . أساس ذلك.
لما كانت العقوبة المقررة لجريمة الضرب المنصوص عليها في المادة 242/1 من قانون العقوبات هي الحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على مائة جنيه وكانت المادة 15/3 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث. تقضي بأنه إذا ارتكب الحدث الذي يزيد سنه على خمس عشرة سنة. جنحة يجوز فيها الحبس - فللمحكمة بدلاً من الحكم بالعقوبة المقررة لها أن تحكم عليه بأحد التدبيرين الخامس والسادس المنصوص عليهما في المادة 7 وهما الاختبار القضائي أو الإيداع في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
- 2  إثبات " أوراق رسمية".أحداث .  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". نقض " أسباب الطعن . ما يقبل من أسباب الطعن".
عدم الاعتداد في تقدير سن الحدث إلا بوثيقة رسمية أو بواسطة خبير في حالة عدم وجودها وجوب استظهار سن الحدث. علة ذلك تقدير السن متعلق بموضوع الدعوي. لا يجوز لمحكمة النقض التعرض له . حد ذلك . القصور له الصدارة علي وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.
لما كانت المادة 32 من القانون 31 لسنة 1974 سالف الذكر نصت على أنه "لا يعتد في تقدير سن الحدث بغير وثيقة رسمية فإذا ثبت عدم وجودها تقدر سنه بواسطة خبير" ومن ثم فإنه لكي تقضي المحكمة بدلاً من العقوبة المقررة للجريمة التي دان بها الطاعن بأحد التدابير المنصوص عليها في المادة السابعة من قانون الأحداث. أن تستظهر السن ليكون حكمها على نحو ما سلف بيانه. لما كان ذلك وكان الأصل أن تقدير السن أمر متعلق بموضوع الدعوى لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض له إلا أن تكون محكمة الموضوع قد تناولته بالبحث والتقدير وأتاحت للمتهم والنيابة العامة إبداء ملاحظاتهما في خصوصه وإذ كان كل من الحكمين الابتدائي والمطعون فيه الذي تبنى أسبابه لم يعني البتة في مدوناته باستظهار سن المطعون ضده فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور الذي له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أحدث بـ ....... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وطلبت عقابه بالمادة 242/1 من قانون العقوبات والمادتين 1، 7 من القانون 31 لسنة 1974
ومحكمة أحداث الشهداء قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بوضع المتهم تحت الاختبار القضائي لمدة شهر
استأنف ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بإنذار المتهم بعدم العودة إلى مثل ذلك مستقبلا
فطعنت النيابة العامة على هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

-----------

المحكمة
حيث إنه مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ أن المطعون ضده بعقوبة الإنذار قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن نص المادة 15/3 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث قد جرى على أنه "إذا ارتكب الحدث الذي تزيد سنه على خمس عشرة سنة - جنحة يجوز الحكم فيها بالحبس فللمحكمة بدلا من الحكم بالعقوبة المقررة لها أن تحكم عليه بأحد التدبيرين الخامس أو السادس المنصوص عليهما في المادة 7 من هذا القانون" ولما كان المطعون ضده قد ارتكب جريمة ضرب مما يجوز الحكم فيها بالحبس فإن ما كان للحكم المطعون فيه أن يستبدل عقوبة الإنذار بالعقوبة التي قضى بها الحكم الابتدائي الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية قبل المطعون ضده بوصف أنه أحدث عمدا بـ........... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وطلب عقابه بالمادة 242/1 عقوبات والمادتين 1, 7 من القانون 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث, ومحكمة جنح أحداث الشهداء قضت حضوريا بوضع المتهم تحت الاختبار القضائي لمدة شهر. فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة شبين الكوم الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بإنذار المتهم بعدم العودة لمثل ذلك مستقبلا ولما كان ذلك, وكانت العقوبة المقررة لجريمة الضرب المنصوص عليها في المادة 242/1 من قانون العقوبات هي الحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على مائة جنيه وكانت المادة 15/3 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث. تقضي بأنه إذا ارتكب الحدث الذي يزيد سنه على خمس عشرة سنة. جنحة يجوز فيها الحبس فللمحكمة بدلا من الحكم بالعقوبة المقررة لها أن تحكم عليه بأحد التدبيرين الخامس والسادس المنصوص عليها في المادة 7 وهما الاختبار القضائي أو الإيداع في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية لما كان ذلك وكانت المادة 32 من القانون 31 لسنة 1974 سالف الذكر نصت على أنه لا يعتد في تقدير سن الحدث بغير وثيقة رسمية فإذا ثبت عدم وجودها تقرر سنه بواسطة خبير. ومن ثم فإنه لكي تقضي المحكمة بدلا من العقوبة المقررة للجريمة التي دان بها الطاعن بأحد التدابير المنصوص عليها في المادة السابعة من قانون الأحداث أن تستظهر السن ليكون حكمها على نحو ما سلف بيانه. لما كان ذلك وكان الأصل أن تقدير السن أمر متعلق بموضوع الدعوى لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض له إلا أن تكون محكمة الموضوع قد تناولته بالبحث والتقدير وأتاحت للمتهم والنيابة العامة إبداء ملاحظاتهما في خصوصه وإذ كان كل من الحكمين الابتدائي والمطعون فيه الذي تبنى أسبابه لما يعن البتة في مدوناته باستظهار سن المطعون ضده فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالقصور الذي له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون وهو ما يتسع له وجه الطعن مما يعجز محكمة النقض عن أعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقا صحيحا على واقعة الدعوى وأن تقول كلمتها في شأن ما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن بما يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 17482 لسنة 59 ق جلسة 4 / 1 / 1990 مكتب فني 41 نقابات ص 17

برئاسة السيد المستشار / محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين / محمد أحمد حسن، وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة، وعبد اللطيف أبو النيل، وعمار إبراهيم.
------------
- 1  نقابات
خلو القانون رقم 17 لسنة 1983 من نص ينظم الطعن في قرارات لجنة القيد بجدول المحامين أمام النقض ليس من شأنه أن يعصم تلك ? القرارات من رقابة القضاء علة ذلك اختصاص الدائرة الجنائية لمحكمة النقض بنظر الطعون في قرارات لجنة القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض مقصور علي حالات رفض طلبات القيد . مؤدي ذلك ؟
لئن كان قانون المحاماة القائم قد خلا من نص ينظم الطعن في قرارات لجنة القيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض، إلا أن ذلك ليس من شأنه أن تكون تلك القرارات بمنأى عن رقابة القضاء لما ينطوي عليه ذلك من مصادرة لحق التقاضي، وافتئات على حق المواطن في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، اللذين كلفهما الدستور في المادة 68 منه، ومن ثم فقد استقرت أحكام النقض على بقاء الاختصاص بنظرها والفصل فيها معقوداً لهذه المحكمة بالنسبة للحالات التي ينظمها القانون القديم للمحاماة رقم 68 لسنة 1961 وما استحدثه القانون الحالي من حالات أخرى، ومن ثم فلا مشاحة في اختصاص هذه المحكمة بنظر مثل هذه الطعون إلا أنه لما كان اختصاصها في هذا الشأن يقتصر على حالات رفض طلبات القيد وهو نص صريح واضح الدلالة في لفظه ومعناه. ومن ثم وجب إعماله في هذا النطاق ولا يمتد بذلك إلى حالات قبول طلبات القيد بجدول المحامين التي خلت نصوص القانون من إدراجها ضمن حالات الطعن.
- 2  نقابات
ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام. نقض الصفة والمصلحة في الطعن؟. اختصاص الدائرة الجنائية لمحكمة النقض وفق نص المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959 نطاقه؟ عدم جواز الطعن في الأحكام من المحكوم عليه. المادة 211 مرافعات. حق الطعن مناطه: ان يكون الطاعن طرفا في الحكم النهائي او القرار المطعون فيه وأن يكون قد أضر به ما لم ينص القانون على غير ذلك. كون الطاعن ليس طرفا في القرار المطعون في القرار المطعون فيه ولم يلزمه القرار ذاك بشيء ينتفي معه شرط الصفة. أثر ذلك. الصفة تسبق المصلحة في الطعن. مؤدى ذلك.
الأصل في اختصاص الدائرة الجنائية لمحكمة النقض على التحديد الذي بينته المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إنما يقتصر على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنح والجنايات لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها، كما وإن المادة 211 من قانون المرافعات وهي من كليات القانون بما نصت عليه من عدم جواز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان طرفاً في الخصومة وصدر الحكم على غير مصلحته وهي واجبة الإعمال في الطعن الماثل اعتبارا بأنها تقرر قاعدة عامة تسري على القرار المطعون فيه. وكان المستفاد من جماع ما تقدم أن حق الطعن مناطه أن يكون الطاعن طرفاً في الحكم النهائي الصادر من محكمة آخر درجة أو القرار المطعون فيه، وأن يكون هذا الحكم أو القرار قد أضر به. وذلك ما لم ينص القانون على غير ذلك، لما كان ما تقدم، وكان الطاعن لا يماري إنه لم يكن طرفاً في القرار المطعون فيه، الذي تقرر بموجبه قبول قيد المطعون ضدها بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض ولم يلزمه هذا القرار بشيء، ومن ثم فإن شرط الصفة الواجب في كل طعن يكون قد تخلف عنه ويكون طعنه بهذه المثابة غير جائز، ولا يغير من ذلك ما يذهب إليه من وجود مصلحة له في الطعن إذ الصفة تسبق المصلحة، فإن انعدمت الصفة فلا يقبل طعنه ولو كانت له مصلحة فيه. ولا يسعفه في ذلك قانون المحاماة القائم لكونه قد خلا من نص على جواز الطعن في الحالة المطروحة.
--------------
الوقائع
صدر القرار المطعون فيه من لجنة قبول المحامين أمام محكمة النقض بقبول طلب قيد المطعون ضدها الثالثة بجدول المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة النقض
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي في هذا القرار بطريق النقض ... إلخ.

-------------

المحكمة
من حيث إن القرار المطعون فيه قد صدر من لجنة قبول المحامين أمام محكمة النقض بتاريخ 11 من يوليو 1989، فقرر الطاعن بالطعن فيه في قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 15 من أغسطس سنة 1989 وأودع في التاريخ ذاته مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه وهو من المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة النقض, نعى فيها على القرار المطعون فيه الخطأ في القانون, ذلك بأنه قبل قيد المطعون ضدها بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض على الرغم من أنه لم تنقض مدة عشر سنوات على اشتغالها بالمحاماة أمام محكمة الاستئناف طبقا لما يوجبه قانون المحاماة الجديد الصادر به القانون رقم 17 لسنة 1983، ومن ثم يكون معيبا بما يستوجب إلغاءه
ومن حيث إنه ولئن كان قانون المحاماة القائم قد خلا من نص ينظم الطعن في قرارات لجنة القيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض, إلا إن ذلك ليس من شأنه أن تكون تلك القرار بمنأى عن رقابة القضاء لما ينطوي عليه ذلك من مصادرة لحق التقاضي, وافتئات على حق المواطن في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي, اللذين كفلهما الدستور في المادة 68 منه, ومن ثم فقد استقرت أحكام النقض على بقاء الاختصاص بنظرها والفصل فيها معقودا لهذه المحكمة بالنسبة للحالات التي ينظمها القانون القديم للمحاماة رقم 68 لسنة 1961 وما استحدثه القانون الحالي من حالات أخرى, ومن ثم فلا مشاحة في اختصاص هذه المحكمة بنظر مثل هذه الطعن إلا أنه لما كان اختصاصها في هذا الشأن يقتصر على حالات رفض طلبات القيد وهو نص صريح واضح الدلالة في لفظه ومعناه. ومن ثم وجب إعماله في هذا النطاق ولا يمتد بذلك إلى حالات قبول طلبات القيد بجداول المحامين التي خلت نصوص القانون من إدراجها ضمن حالات الطعن, وكان الأصل في اختصاص الدائرة الجنائية لمحكمة النقض على التحديد الذي بينته المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إنما يقتصر على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنح والجنايات لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها, كما وأن المادة 211 من قانون المرافعات وهي من كليات القانون بما نصت عليه من عدم جواز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه, وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان طرفا في الخصومة وصدر الحكم على غير مصلحته وهي واجبة الإعمال في الطعن الماثل اعتبارا بأنها تقرر قاعدة عامة تسري على القرار المطعون فيه. وكان المستفاد من جماع ما تقدم إن حق الطعن مناطه أن يكون الطاعن طرفا في الحكم النهائي الصادر من محكمة آخر درجة أو القرار المطعون فيه, وأن يكون هذا الحكم أو القرار قد أضر به. وذلك ما لم ينص القانون على غير ذلك, لما كان ما تقدم, وكان الطاعن لا يمارى أنه لم يكن طرفا في القرار المطعون فيه, الذي تقرر بموجبه قبول قيد المطعون ضدها بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض ولم يلزمه هذا القرار بشيء ومن ثم فإن شرط الصفة الواجب في كل طعن يكون قد تخلف عنه ويكون طعنه بهذه المثابة غير جائز, ولا يغير من ذلك ما يذهب إليه من وجود مصلحة له في الطعن إذ الصفة تسبق المصلحة فإن انعدمت الصفة فلا يقبل طعنه ولو كانت له مصلحة فيه ولا يسعفه في ذلك قانون المحاماة القائم لكونه قد خلا من نص على جواز الطعن في الحالة المطروحة. لما كان ما تقدم, فإنه يتعين من ثم الحكم بعدم جواز الطعن.

عدم دستورية أن الطعن بالاستئناف لا يحول دون تحصيل الرسوم القضائية (مدني)

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 3 يناير سنة 1998 الموافق 5 رمضان سنة 1418 ه.
برئاسة السيد المستشار الدكتور  عوض محمد عوض المر           رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: نهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحمن غنيم وحمدي محمد على وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف وماهر البحيري .
وحضور السيد المستشار الدكتور / حنفي على جبالي                  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدي أنور صابر                                   أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 129 لسنة   18 قضائية "دستورية "
المقامة من
السيد / كمال حافظ همام
ضد
السيد/ رئيس مجلس الوزراء
السيد/ وزير العدل
السيد/ جمال حافظ همام
السيد/ صبري حافظ همام
" الإجراءات  "
فى الرابع والعشرين  من نوفمبر 1996، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 1995.

قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث أن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليه الرابع كان قد أقام ضد المدعى فى الدعوى الدستورية الماثلة وآخر، الدعوى رقم 253 لسنة 1989 تجارى كلى جنوب القاهرة بطلب إلزام أولهما بتقديم كشف حساب عن أرباح الشركة التى أقاموها فيما بينهم لاستغلال كازينو قصر النيل، وأن يؤدى إليه مبلغ 25ر329654 جنيهاً تمثل صافى نصيبه في الأرباح التي حققتها. وقد أجابته محكمة أول درجة إلى طلباته هذه، وألزمت المحكوم عليه بها بمصروفات الدعوى ، فاستأنف حكمها وقيد استئنافه برقم 3371 لسنة 112 قضائية . ثم فوجئ باستصدار وحدة المطالبة بمحكمة جنوب القاهرة أمراً قضائياً ضده متضمناً تقدير الرسوم التي يلتزم بأدائها؛ وشرعت بعدئذ فى التنفيذ عليه بمبلغها قبل الفصل فى الاستئناف المرفوع منه؛ فعارض في أمر التقدير؛ ثم دفع أثناء نظر معارضته بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 1995 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد  المدنية . وقد قدرت المحكمة التي تنظر المعارضة في أمر التقدير، جدية دفعه، وأجلت نظر المعارضة إلى جلسة 27/11/1996 لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية ، فأقام الدعوى الماثلة .
وقد مضت محكمة الاستئناف في نظر استئنافه، ثم قضت بجلسة 8 إبريل 1997- بعد تصحيح ما وقع فى حكمها من أخطاء مادية - بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزامه بأن يؤدى إلى المستأنف ضده مبلغ 35ر10217 جنيهاً والمصروفات المناسبة عن الدرجتين، ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .
وحيث أن المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية معدلاً بالقانون رقم 7 لسنة 1995، تنص على ما يأتى :
فقرة أولى : "يلزم المدعى بأداء الرسوم المستحقة عند تقديم صحيفة دعواه إلى قلم الكتاب، كما يلزم بأداء ما يستحق عنها من رسوم أثناء نظرها وحتى تاريخ قفل باب المرافعة فيها.
فقرة ثانية : وتصبح الرسوم التزاما على الطرف الذى ألزمه الحكم بمصروفات الدعوى ، وتتم تسويتها على هذا الأساس، ولا يحول الاستئناف دون تحصيل هذه الرسوم.
فقرة ثالثة : وتسلم للمحكوم له صورة تنفيذية من الحكم دون توقف على تحصيل باقى الرسوم الملتزم بها الغير".
وحيث أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها ارتباطها عقلاً بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي ، وذلك بأن يكون الحكم فى المسائل الدستورية التي تطرح على هذه المحكمة ، لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها؛ وكان النزاع الموضوعي الذى أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبته، يتعلق بما إذا كان يجوز لقلم كتاب محكمة جنوب القاهرة أن يستصدر ضد المدعى أمراً قضائياً بتقدير الرسوم النسبية محسوبة على أساس ما حكم به عليه ابتدائياً، ثم تنفيذ هذا الأمر جبراً، ودون تربص بقضاء المحكمة الاستئنافية التي يعتبر حكمها فى النزاع الموضوعي شرطاً لجواز هذا التنفيذ، فإن مصلحة المدعى لا تتعلق بكامل أجزاء الفقرة الثانية المطعون عليها، وإنما تنحصر فيما ورد بِعَجُزِها من أن الاستئناف لا يحول دون تحصيل الرسوم القضائية ممن خسر الدعوى فى مرحلتها الابتدائية . وبها يتحدد نطاق الدعوى الدستورية .
وحيث أن المدعى ينعى على الفقرة الثانية من المادة (14) من قانون الرسوم القضائية المطعون عليها، تخويلها قلم كتاب المحكمة تحصيل الرسوم القضائية ممن خسر دعواه ابتدائياً رغم أن استئنافها لا زال ماثلا أمام جهة الطعن، مما يمثل إخلالاً بصون الدستور للملكية الخاصة ، وبمبدأى الحماية القانونية المتكافئة والخضوع للقانون، وكذلك إهداراً للحق فى الدفاع، تأسيساً على أن من خسر دعواه فى مرحلتها الابتدائية ، قد يكسبها استئنافياً، فلا تكون الرسوم التى حصلها قلم كتاب المحكمة مستندة إلى حق، بل أن تحصيلها على هذا النحو يعنى جواز اقتضائها قسراً، ووقوع صراع بين خصوم الدعوى إذا طلبها من حكم لمصلحته استئنافياً من قلم كتاب المحكمة .
بل أن الفقرة الثانية المطعون عليها تمثل استثناءً من مبدأ عدم جواز تنفيذ الأحكام جبراً قبل نهائيتها. وإعمال تلك الفقرة قيد كذلك على حق التقاضي ، فلا يكون ولوج الطريق إليه معبدا بالنظر إلى الأعباء المالية التي يتحملها المواطن دون ضرورة ، حال أن وظيفة القضاء من أولى المهام التي قامت الدولة عليها، وحسبها أن تغطى نفقاتها من الخزانة العامة ، مما يصم الفقرة المطعون عليها بمخالفتها لأحكام المواد (34، 40، 64، 65، 68، 69) من الدستور.
وحيث أن السلطة التي يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، حدها قواعد الدستور التى تبين تخوم الدائرة التي لا يجوز اقتحامها بما ينال من الحق محل الحماية أو يؤثر فى محتواه، ذلك أن لكل حق دائرة يعمل فيها ولا يتنفس إلا من خلالها، فلا يجوز تنظيمه إلا فيما وراء حدودها الخارجية ، فإذا انبسط المشرع عليها أو تداخل معها، كان ذلك أدخل إلى مصادرة الحق أو تقييده.
وحيث أن الناس جميعاً لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى ، ولا فى نطاق القواعد الإجرائية والموضوعية التى تحكم الخصومة عينها، ولا فى فعالية ضمانة الدفاع التى يكفلها الدستور أو المشرع للحقوق التى يدعونها، ولا فى اقتضائها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروط طلبها، ولا فى طرق الطعن التى تنتظمها. كذلك لا يجوز أن يكون النفاذ إلى القضاء محملاً بأعباء مالية أو إجرائية تقيد أو تعطل أصل الحق فيه، ولا أن يكون منظماً بنصوص قانونية ترهق الطريق إليه، وتجعل من التداعى مخاطرة لا تؤمن عواقبها، متضمناً تكلفة تفتقر إلى سببها، نائياً عما يعتبر إنصافاً فى مجال إيصال الحقوق إلى أصحابها، أو مفتقراً إلى الضوابط المنطقية التى يحاط اقتضاء الحق بها.
وحيث أن الأصل فى الخصومة القضائية ألا تكون نفقاتها عبئاً إلا على من صار ملزماً بها بمقتضى حكم نهائى ، ذلك أن الحقوق المتنازع عليها يظل أمرها قلقا قبل الفصل نهائياً فى الخصومة القضائية ، فإذا صار الحكم الصادر بشأنها نهائياً، غدا حائزاً لقوة الأمر المقضى ، مؤكداً للحقيقة الراجحة التى قام عليها والتى لا تجوز المماراة فيها، منطوياً على قاعدة موضوعية لا تجوز معارضتها بعلتها ولا نقضها ولو بالإقرار أو اليمين، لازماً تنفيذه إعمالاً لمبدأ الخضوع للقانون، فلا يجوز تعديل الحقوق التى قررها ولا الآثار التى رتبها، ما ظل هذا الحكم قائماً. بل أن الامتناع عن تنفيذه من قبل الموظفين العموميين المكلفين بذلك، يعد جريمة معاقباً عليها وفقاً لنص المادة (72) من الدستور.
وحيث أن مساواة المواطنين أمام القانون، ويندرج تحتها تساويهم أمام القضاء Egalité devant la justice، مؤداها أن الحقوق عينها ينبغى أن تنتظمها قواعد موحدة ، سواء فى مجال التداعى بشأنها، أو الدفاع عنها أو استئدائها. وكلما كان التمييز فى مجال طلبها من خلال الخصومة القضائية ؛ أو اقتضائها بعد الفصل فيها غير مبرر؛ كان هذا التمييز منهياً عنه دستورياً؛ وكان لا يجوز تنفيذ الأحكام جبراً كلما كان الطعن فيها استئنافياً جائزاً، ما لم يكن الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل فى الأحوال التى حددها المشرع حصراً؛ وكان ما تقرر بالفقرة المطعون عليها فى شأن الخصومة القضائية من جواز اقتضاء مصروفاتها جبراً قبل الفصل استئنافياً فى الحق المتنازع عليه، مؤداه: أن تعتبر مصروفاتها هذه - فى مجال استيفائها قسراً - واقعة فى منطقة النفاذ المعجل، مُلْحَقَة على خلاف أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية ، بالأحوال التى حددها لوجوب النفاذ المعجل أو لجوازه، مشبهة حكما بها؛ وكانت الفقرة المطعون عليها تغاير - بنصها - بين حقوق  آحاد الناس، التى يعتبر ثبوتها بحكم نهائى لازماً للحمل على أدائها؛ وتلك التى   لا يكون صدور هذا الحكم شرطاً لاقتضائها جبراً إذا طلبتها الجهة الإدارية لنفسها؛ فإن نص هذه الفقرة يكون مؤكدا لأفضلية كفلتها دون مسوغ لهذه الجهة ، فلا يستقيم حكمها ونص المادة (40) من الدستور.
وحيث أن حق الدفاع وثيق الصلة بالخصومة القضائية من زاوية تجلية جوانبها؛ وتقويم مسارها؛ ومتابعة إجراءاتها؛ وعرض حججها بما يكفل تساند دعائمها، والرد على ما يناهضها؛ وإدارة دفاع مقتدر بياناً لوجه الحق فيما يكون هاما من المسائل التى تثيرها الخصومة القضائية ، وعلى الأخص من خلال المفاضلة بين بدائل متعددة ترجيحا لأكثرها اتصالا بها، وأقواها احتمالاً فى مجال كسبها، مع دعمها بما يكون منتجاً من الأوراق؛ وكان التقاضى على درجتين - وكلما كان مقرراً بنصوص قانونية آمرة - يعنى أن للخصومة القضائية مرحلتين لا تبلغان نهايتهما إلا بعد الفصل استئنافياً فيها؛ وكان حق الدفاع ينبسط بالضرورة على هاتين المرحلتين باعتباره ما متكاملتين ومحددتين للخصومة القضائية محصلتها الختامية فى شأن الحقوق المتنازع عليها؛ فإن مصروفاتها لا يجوز أن يتحملها غير من خسر نهائياً هذه الحقوق.
وحيث أن إرساء دعائم الحق والعدل، وإن كان هدفاً نهائياً ووحيداً للوظيفة القضائية ، إلا أن المشرع وازن بين دورها الأصيل فى مجال إيصال الحقوق إلى أصحابها دون نقصان، وبين أن يتخذها البعض مدخلا لإرهاق من يطلبون هذه الحقوق وإعناتهم، إنحرافاً بالخصومة القضائية عن مسارها، بما يؤكد مجاوزتها الأغراض التى شرع حق التقاضى من أجلها؛ وكان لازماً بالتالى ألا تكون مصروفاتها عبئا على من أقامها، كلما كان محقا فيها. فإذا خسر دعواه ابتدائياً، ظل النضال من أجل الحقوق التى طلبها ممتدا إلى المرحلة التى تليها، باعتبار أن التقاضى على درجتين، يعتبر أصلاً ينتظم التداعى فى أعم الأحوال وأغلبها. وبغير استنفادهما معاً، يظل مصير الحقوق المدعى بها متردداً بين ثبوتها وانتفائها؛ ولا يكون مسار الخصومة القضائية مكتملاً ولا محدداً مراكز أطرافها، ومن يكون منهم متحملا بمصروفاتها.
ولئن جاز استثناء وفقاً لنص  المادة (185) من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، أن   يتحمل من كسب دعواه بمصروفاتها كلها أو بعضها، فذلك فى أحوال محددة حصرا يجمعها مجاوزة الخصومة القضائية للحدود التى كان ينبغى أن   تترسمها؛ إما لرفعها تشهياً فى شأن حقوق مسلم بها؛ أو تدليساً من خلال إخفاء مستنداتها الفاصلة فيها؛ أو إسرافاً بإنفاق مبالغ بمناسبتها لا فائدة منها، فكان حقاً أن تكون مصروفاتها فى هذه الأحوال جميعها على من سعى بالخصومة القضائية إلى غير وجهتها، منحرفاً بها عن أهدافها، ولو صار كاسبا لدعواه.
وحيث أن ذلك مؤداه:  أن للخصومة القضائية خاتمتها الطبيعية التى تبلغها عند الفصل نهائياً فى الحقوق المتنازع عليها. واقتضاء مصروفاتها قبل استقرار الحق فيها، إنما يعرض الملا حقين بها لمخاطر لا يستهان بها، يندرج تحتها تحصيلها قبل أو انها جبراً وإداريا باعتبارها دينا يجرد ذممهم المالية - التى لا تتناول إلا مجموع الحقوق التى يملكونها والديون التى يتحملون بها - من بعض عناصرها الإيجابية ، فلا يكون اقتطاعها منها بحق، بل عبئاً سلبياً واقعاً  عليها دون سند، مما يخل بالأحكام التى تضمنتها المادتان (32، 34) من الدستور اللتان تمدان الحماية المقررة بهما إلى الأموال جميعها، لا تمييز فى ذلك بين ما يكون منها من قبيل الحقوق الشخصية أو الحقوق العينية أو حقوق الملكية الأدبية والفنية والصناعية ، ذلك أن الحقوق العينية التى تقع على عقار - بما فى ذلك حق الملكية - تعتبر مالاً عقارياً. أما الحقوق العينية التى تقع على منقول، وكذلك الحقوق الشخصية - أياً كان محلها - فإنها تعد ما لا منقولا، فلا يكون اغتيالها أو تقويض أسسها، إلا عدواناً عليها ينحل بهتانا، وينبغى أن يكون عصفا مأكولا.
وحيث أن ما تنص عليه المادة (38) من الدستور من قيام النظام الضريبى على أساس من العدل محدداً من منظور اجتماعى ، لا يقتصر على شكل دون آخر من الأعباء المالية التى تفرضها الدولة على مواطنيها وفقاً لنص المادة (119) من الدستور، بل تكون ضرائبها ورسومها سواء فى تقيدها بمفهوم العدل محدداً على ضوء القيم التى ارتضتها الجماعة وفق ما تراه حقاً وإنصافاً؛ وكانت الخصومة القضائية هى الإطار الوحيد لاقتضاء الحقوق التى ماطل المدين بها فى أدائها؛ وكان النزاع الموضوعى فى شأن هذه الحقوق لا ينحسم بغير الحكم النهائى الصادر فى هذه الخصومة ، فإن مصروفاتها يتعين أن ترتبط بما انتهى إليه من قضاء. ولئن صح القول بأن الرسوم القضائية التي يستوفيها قلم كتاب المحكمة بعد الفصل ابتدائياً فى الخصومة القضائية ، إنما يعاد تسويتها على ضوء الحكم النهائى الصادر فيها، إلا أن المرحلة الاستئنافية قد تمتد زمناً طويلاً، فلا يكون من خسر دعواه بحكم ابتدائي إلا غارما لمصروفاتها ولو كان بقاء أو زوال هذا الحكم ما فتئ معلقاً، فلا تتصل يده بالتالي بالأموال التي دفعها، بل تظل منحسرة عنها دون حق، يناضل من أجل استعادتها حتى بعد صدور الحكم النهائي لمصلحته. وتلك مخاطر لا يجوز التهوين منها، لاتصالها بمراكز مالية ينبغي صونها، وبحقوق قد يكون ملتزماً بأدائها لغيره، وكذلك بفرص العمل وبقواه فى مجال الاستثمار، ولا يعتبر ذلك إنصافاً فى مجال تطبيق نص المادة (38) من الدستور.
وحيث إنه متى كان ذلك، فإن الفقرة المطعون عليها - فى الحدود المتقدم بيانها - تكون مخالفة لأحكام المواد (32، 34، 38، 40، 68، 69) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية ، وذلك فيما تضمنته من أن الطعن فى الحكم بطريق الاستئناف لا يحول دون تحصيل الرسوم القضائية ممن حكم ابتدائياً بإلزامه بها، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

عدم دستورية تخويل أقلام كتاب المحاكم، حق اقتضاء الرسوم القضائية من غير المحكوم عليه نهائياً بها

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت 15 إبريل 1995 الموافق 15 ذو القعدة 1415 هــ . 
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين:-  الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وفاروق عبدالرحيم غنيم وسامى فرج يوسف والدكتور عبدالمجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي على جبالي           رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدي أنور صابر                            أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 27 لسنة 16 قضائية "دستورية "
المقامة من
الممثل القانوني لبنك القاهرة الشرق الأقصى
ضد
1- السيد / رئيس الوزراء
2- السيد / وزير العدل 
3- السيد / وزير المالية
" الإجراءات "
بتاريخ 25 يوليه 1994 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا بطلب الحكم بعدم دستورية المادة (14/1) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للفقرة الثانية من المادة (14)، وبرفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث أن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 3102 لسنة 1990 تجارى محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزام كل من الممثل القانوني لشركة التنمية الوطنية للشحن والتفريغ، والممثل القانوني لشركة القاهرة للتجارة والتوكيلات، بأن يدفعا له متضامنين مبلغ 225ر205734 جنيهاً والمصاريف. وبجلسة 31/5/1992 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها الأولى بمبلغ 9ر92239 والمدعى عليها الثانية بمبلغ 705ر205349 جنيها، مع المناسب من المصاريف، ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة . بيد أن قلم الكتاب أعلن المدعى بأمر تقدير رسوم عن تلك الدعوى ، مطالباً إياه بها إعمالاً لنص المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 في شأن الرسوم القضائية والتوثيق في المواد المدنية . ومن ثم تظلم أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية من هذا الأمر. وبتاريخ 27/3/1994 قضت المحكمة برفض هذا التظلم، تأسيساً على أن المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 تخول قلم الكتاب، طلب الرسوم القضائية من المدعى ، ولو كان كاسباً لدعواه. وإذ لم يرتض المدعى هذا الحكم، فقد طعن عليه بطريق الاستئناف، وقيد هذا الطعن برقم 275 لسنة 50 قضائية . وأثناء نظر النزاع أمام المحكمة الاستئنافية ، دفع بعدم دستورية المادة (14) المشار إليها. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، فقد أجلت نظر دعواه حتى يتخذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية ، فأقام الدعوى الدستورية الماثلة .
وحيث أن الفقرة الأولى من المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية والتوثيق في المواد المدنية ، تقضى بأن يلزم المدعى بأداء الرسوم القضائية ، كما يلزم بدفع الباقي منها عقب صدور الحكم ولو استؤنف. وتنص فقرتها الثانية على أنه: "ومع ذلك إذا صار الحكم نهائياً، جاز لقلم الكتاب تحصيل الرسوم المستحقة من المحكوم عليه".
وحيث أن حكم الفقرة الثانية من المادة (14) المشار إليها، أسفر عن مجافاته للمنطق وروح العدالة ، وتعقيده للتقاضي ، إذ يخول قلم كتاب المحكمة الحق فى تحصيل الرسوم القضائية من المدعى ، ولو كان كاسباً لدعواه بحكم نهائي ، مما كان مثاراً للشكوى التي عايشها المواطنون، وكان كذلك مدعاة لظلمهم وإعناتهم، وإرهاقاً لا قبل لهم به، ونكولاً عن إحقاق الحق، وإهداراً للأصل فى قواعد قانون المرافعات المدنية والتجارية ، من إلزامها الخصم المحكوم عليه فى الدعوى ، بمصروفاتها.
وحيث أن البين من مضبطة الجلسة الخمسين "الفصل التشريعي السادس -دور الانعقاد العادي " المعقودة فى 21 فبراير سنة 1995، أن مجلس الشعب ناقش تفصيلاً تعديلاً مقترحاً فى شأن المادة (14) المشار إليها لمواجهة مساوئها في التطبيق، وانحرافها عن صحيح حكم القانون، ولرد الأمور إلى نصابها. وقد دعاه ذلك إلى إقرار قانون بتعديلها، هو القانون رقم 7 لسنة 1959 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 90 لسنة 1944، وذلك بإبدال مادته الرابعة عشر ة ، بمادة جديدة نصها الآتي :-
"يلزم المدعى بأداء الرسوم المستحقة عقب تقديم صحيفة دعواه إلى قلم الكتاب، كما يلزم بأداء ما يستحق عليها من رسوم أثناء نظرها، وحتى قفل باب المرافعة فيها.
وتصبح الرسوم التزاماً على الطرف الذى ألزمه الحكم بمصروفات الدعوى . وتتم تسويتها على هذا الأساس. ولا يجوز الاستئناف دون تحصيل هذه الرسوم.
وتسلم للمحكوم له صورة تنفيذية من الحكم دون توقف على تحصيل باقي الرسوم الملتزم بها الغير".
وحيث أن النص المتقدم، يدل بعبارته على أن المدعى -وقد أقام الخصومة القضائية ابتداء- فإن عليه أن يتحمل مقدماً بنفقاتها، والتي تتمثل أساساً في الرسوم القضائية يؤديها عند تقديم صحيفتها إلى قلم كتاب المحكمة . ويظل أمر هذه الرسوم قلقا إلى أن تفصل المحكمة في الخصومة المطروحة عليها، وتحدد من يكون ملتزماً بمصروفاتها، ليقع عبؤها عليه انتهاء. والأصل أن يتحمل بمصروفات الدعوى من خسرها لا يتعداه إلى غيره. ولا شأن لسواه بها ولا يعطل تراخيه في الوفاء بها، حق المحكوم له في الحصول على صورة تنفيذية من الحكم.
وحيث أن المشرع أفصح كذلك بالنص المتقدم عن إلغاء القاعدة التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 -قبل تعديلها- والتي كانت تخول قلم كتاب المحكمة الخيار بين تحصيل الرسوم القضائية من المحكوم عليه بها، أو الرجوع بها على من يكون كاسباً لدعواه ولم يلزمه الحكم بمصروفاتها، وكان من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها. لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة . ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية ، هو سريانها على الوقائع التي تتم خلال الفترة من تاريخ العمل بها وحتى إلغائها. فإذا استعيض عنها بقاعدة قانونية جديدة ، سرت القاعدة الجديدة من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها. وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين. فما نشأ فى ظل القاعدة القانونية القديمة من المراكز القانونية ، وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل محكوماً بها وحدها.
وحيث أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط قبول الدعوى الدستورية - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المطاعن الدستورية لازماً للفصل في النزاع الموضوعي ، وكان جوهر الطعن ينصب على الاختصاص المخول لأقلام كتاب المحاكم - في ظل العمل بأحكام المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 قبل تعديلها -باقتضاء الرسوم القضائية من غير المحكوم عليه بها- ولو كان كاسباً لدعواه- فإن الفقرة الثانية من المادة (14) المشار إليها قبل تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1995، هي التي يتحدد بها نطاق الطعن بعدم الدستورية . وهى كذلك التى دار حولها الدفع بعدم الدستورية ، المثار أمام محكمة الموضوع.
وحيث أن المدعى ينعى على الفقرة الثانية المشار إليها، إخلالها بأحكام المواد (34، 35، 36) من الدستور التي تكفل جميعها حقوق الملكية الخاصة ، ولا تجيز تأميمها إلا للصالح العام، وبقانون، ومقابل تعويض. كما تحول دون مصادرتها مصادرة عامة . فإذا كان الأمر متعلقاً بمصادرة خاصة ، فلا تجوز إلا بحكم قضائي . كذلك فإن نزع الملكية مقيد بأن يكون متوخياً نفعاً عاماً ومقابل تعويض وفقاً للقانون. بيد أن النص المطعون فيه، نقض هذه القواعد حين أجاز اقتضاء الرسوم القضائية من غير المدين بها، وأهدر بذلك قوة الأمر المقضي التي تحوزها الأحكام النهائية ، وكان بالتالي مدخلاً لانتزاع أموال هؤلاء الذين لم يُحَمِّلهم الحكم النهائي بتلك الرسوم، وعدواناً على ولاية القضاء التي كفل الدستور أصلها، ولم يجز إلا توزيعها في حدود التفويض المخول للسلطة التشريعية بنص المادة (167) من الدستور. وهو ما يعنى أن تظل هذه الولاية ثابتة ، فلا تنال السلطة التشريعية منها، سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر.
وحيث أن الأصل في الرسوم القضائية ، هو أن يلزم بها من خسر الدعوى ، وتتم تسويتها على هذا الأساس. إذ ليس عدلاً ولا قانوناً أن يتحمل بها من كان محقاً في دعواه، وحُمل حملاً على اللجوء إلى القضاء انتصافاً، ودفعاً لعدوان، وإلا كان الاعتصام بشريعة العدل ومنهاجه عبثاً ولهواً، والذود عن الحقوق -من خلال الإصرار على طلبها وتقريرها- إفكاً وبهتاناً. بيد أن النص المطعون فيه نقض هذا الأصل الذى تمليه طبائع الأشياء، ورد الساعين إلى الحق على أعقابهم، بأن حَمَّلهَم برسوم قضائية لا يلتزمون بها أصلاً، ولا شأن لهم بها. فكان عقاباً من خلال جزاء مالى لغير خطأ، وعدواناً منهياً عنه بنصوص الدستور. إذ لا جريرة لهؤلاء حتى تقتطع من الحقوق التي ظفروا بها بمقتضى حكم نهائي ، مبالغ مالية بقدر قيمة الرسوم القضائية التي ألزم هذا الحكم غيرهم بها. ولكن قلم الكتاب اقتضاها منهم ناقلاً عبئها إليهم، مخالفاً بذلك منطوق الحكم النهائي ، ومتغولاً على القاعدة العامة فى مصروفات الدعوى التى تبنتها المادتان (184، 186) من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، التى تقضى أولاًهما: بأن مصاريف الدعوى -ويدخل في حسابها مقابل أتعاب المحاماة - إنما يتحملها الخصم المحكوم عليه بها. فإذا تعدد المحكوم عليهم، جاز الحكم بقسمتها فيما بينهم بالتساوي ، أو بنسبة مصلحة كل منهم في الدعوى وفق ما تقدره المحكمة . ولا يلزمون بالتضامن في المصاريف إلا إذا كانوا متضامنين في أصل التزامهم المقضي به. وتنص ثانيتهما: على أنه إذا أخفق كل من الخصمين في بعض الطلبات، جاز الحكم بأن يتحمل كل خصم بما دفعه من المصاريف، أو بتقسيم المصاريف بينهما، على حسب ما تقدره المحكمة في حكمها.
وحيث أن مؤدى القاعدة التي تبلورها وتؤكدها المادتان (184، 186) من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، أن لمصاريف الدعوى أصلاً يحكمها. ويهيمن عليها يتحصل في ألا يحكم بها -سواء بأكملها أو فى جزء منها- إلا على الخصم الذى خسر الدعوى ، سواء بتمامها أو في بعض جوانبها. وهو ما يكفل قيام الخصومة القضائية على دورها فى إيصال الحقوق لذويها دون نقصان، فلا تكون نفقاتها عبئاً إلا على هؤلاء الذين جحدوا تلك الحقوق، إعناتاً أو مماطلة أو نكاية ، لترتد سهامهم إليهم، وكان الاستثناء التشريعي من هذه القاعدة من حصراً فى الأحوال التى قدر المشرع فيها أن مسار الخصومة القضائية أو ظروفها، تدل على مجاوزتها للحدود القانونية التى ينبغي أن يتقيد بها حق التقاضي ، وتنكبها الأغراض التى شرع هذا الحق من أجل بلوغها، بأن كانت فى واقعها لدداً أو اندفاعاً أو تغريراً، وهى أحوال حددتها حصراً المادة (185) من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، التى تخول المحكمة أن تحكم بإلزام الخصم الذى كسب الدعوى كلها أو بعضها بمصروفاتها إذا كان الحق الذى يدعيه مسلماً به من المحكوم عليه، أو كان المحكوم عليه قد تسبب فى إنفاق مصاريف لا فائدة منها، أو ترك خصمه على جهل بما فى يده من المستندات القاطعة فى الدعوى ، أو بمضمونها.
وحيث أن النص المطعون فيه يخول أقلام كتاب المحاكم على اختلافها- كل وفقاً لتقديره الخاص- أن تُحَمِّل بالرسوم القضائية غير المدينين المحكوم عليهم بها. وهو ما يعنى تعديلها بإرادتها المنفردة لمنطوق الحكم القاطع فى شأن تلك الرسوم ولو كان نهائياً، وكان من المقرر أن كل حكم قطعى -ولو لم يكن نهائياً-يعد حائزاً لحجية الأمر المقضي . فإذا صار نهائياً بامتناع الطعن فيه بطريق من طرق الطعن العادية ، غدا حائزاً لقوة الأمر المقضي ، وكان الحكم فى هاتين الحالتين كلتيهما، لا يقوم على قرينة قانونية يجوز التدليل على عكسها، بل يرتد إلى قاعدة موضوعية لا تجوز معارضتها بعلتها ولا نقضها ولو بالإقرار أو اليمين، وكان مما ينافى قوة الحقيقة القانونية التي تكشفها الأحكام القضائية ، وتعبر عنها، أن يخول المشرع جهة ما، أن تعدل من جانبها الآثار القانونية التي رتبها الحكم القضائي ، ما لم تكن هذه الجهة قضائية بالنظر إلى خصائص تكوينها، وكان موقعها من التنظيم القضائي ، يخولها قانوناً مراقبة هذا الحكم تصويباً لأخطائه الواقعية أو القانونية أو كليهما معاً. فإذا لم تكن تلك الجهة كذلك، فإن تعديل منطوق الحكم، أو الخروج عليه، يعد عدواناً على ولاية واستقلال القضاء، وتعطيلاً لدوره فى مجال صون الحقوق والحريات على اختلافها بالمخالفة للمادتين (65، 165) من الدستور.
يؤيد ذلك أن هذا الاستقلال -في جوهر معناه وأبعاد آثاره-ليس مجرد عاصم من جموح السلطة التنفيذية يكفها عن التدخل في شئون العدالة ، ويمنعها من التأثير فيها إضراراً بقواعد إدارتها. بل هو فوق هذا، مدخل لسيادة القانون، بما يصون للشرعية بنيانها، ويرسم تخومها. تلك السيادة التى كفلها الدستور بنص المادة (64)، وقرنها بمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه فى المادة (65)، ليكونا معاً قاعدة للحكم فيها، وضابطاً لتصرفاتها.
وحيث أن الدستور عزز كذلك سيادة القانون، بنص المادة (72) التي صاغها بوصفها ضماناً جوهرياً لتنفيذ الأحكام القضائية من قبل الموظفين المختصين، واعتبر امتناعهم عن إعمال مقتضاها، أو تعطيل تنفيذها جريمة معاقباً عليها قانوناً. وما ذلك إلا توكيداً من الدستور لقوة الحقيقة الراجحة التى يقوم عليها الحكم القضائي . وهى بعد حقيقة قانونية لا تجوز المماراة فيها. ولا جَرَم في أن ما قرره النص المطعون فيه من أن لأقلام كتاب المحاكم أن تقتضى الرسوم القضائية ممن ألزمهم الحكم النهائي بها، يفيد اختصاصها بتحصيلها من غيرهم، وهو ما يعد انتحالاً لولاية الفصل فى الخصومة القضائية ، وإهداراً لقوة الأمر المقضي التي تلازم الأحكام النهائية ولا تفارقها، ولو بعد الطعن عليها.
وحيث إنه لا ينال مما تقدم، قالة : أن الدستور خول السلطة التشريعية أن تعين لكل هيئة قضائية اختصاصاتها، ذلك أن هذا التفويض المقرر بمقتضى نص المادة (167) من الدستور، لا يعنى أكثر من مجرد الترخيص بتوزيع الولاية القضائية بأكملها فيما بين الهيئات القضائية جميعها، لتنال كل منها قسطها أو نصيبها منها، وبما يحول بين السلطة التشريعية وعزلها عن نظر منازعة بذاتها، مما كان ينبغي أصلاً أن تفصل فيها.
وحيث أن النص المطعون فيه يخل كذلك بالحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة . ذلك أن اقتضاء الرسوم القضائية من غير المحكوم عليه بها، مؤداه: أن تكون التزاماً ذا قيمة مالية سلبية ، واقعاً عبؤه على غير المدين، ومجرداً ذمته المالية -وهى لا تتناول إلا مجموع الحقوق والديون التى لها قيمة مالية - من بعض عناصرها الإيجابية باقتطاعها دون حق، وبالمخالفة لنصوص الدستور التى تمد حمايتها إلى الأموال جميعها، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية سواء أكان حقاً شخصياً أم عينياً أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية ، ذلك أن الحقوق العينية التى تقع على عقار -بما فى ذلك حق الملكية - تعتبر ما لاً عقارياً. أما الحقوق العينية التى تقع على منقول، وكذلك الحقوق الشخصية -أياً كان محلها- فإنها تعد ما لاً منقولاً، بما مؤداه: امتناع التمييز بين الحقوق الشخصية والحقوق العينية في مجال صونها من العدوان، بما يردع مغتصبها، ويحول دون اغتيالها، أو تقويضها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن النص المطعون فيه يكون مخالفاً لأحكام المواد (32، 34، 64، 65، 72، 165) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية ، وذلك فيما تضمنته- قبل تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1995- من تخويل أقلام كتاب المحاكم، حق اقتضاء الرسوم القضائية من غير المحكوم عليه نهائياً بها، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الطعن 3248 لسنة 79 ق جلسة 17 / 11 / 2011 مكتب فني 62 ق 66 ص 384

جلسة 17 من نوفمبر سنة 2011
برئاسة السيد القاضي / عادل الشوربجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / رضا القاضي ، محمد محجوب ، عاطف خليل نواب رئيس المحكمة ، علاء سمهان .
-------------
(66)
الطعن 3248 لسنة 79 ق
(1) إثبات " اعتراف " . دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الاعتراف " . إكراه . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
   الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وما إذا كان وليد إكراه من عدمه .
     الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمه النقض.
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . إثبات " اعتراف " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
     لمحكمة الموضوع سلطة تجزئه الدليل ولو كان اعترافاً . مفاده ؟
(3) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
     تطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني عن الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها . غير لازم . عدم تناقض جماع الدليل القولي مع جوهر الدليل الفني بشكل يستعصى على الملاءمة . كافٍ .
     تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري ليس من شأنه الخلاف فيه بين اعتراف الطاعن والتقرير الفني أن يهدر ذلك الاعتراف. شرطه ؟
(4) إثبات " خبرة ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
     تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم في الدعوى . موضوعي . مفاده ؟
 (5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
     المحكمة لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . مفاده ؟
(6) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نيابة عامة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
     قعود النيابة العامة عن إجراء معاينة أو قيام ضابط الواقعة بنقل جثة المجنى عليه للمستشفى دون إذن منها . تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم .
(7) إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".
     النعي بالتناقض بين أقوال الشاهد الأول وما ثبت بتقرير النجدة بشأن مكان تواجد الجثة . غير مقبول . ما دام لم يعول الحكم في إدانة الطاعن على تقرير النجدة .
(8) قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . قصد جنائي .
     قصد القتل أمر خفي. استخلاصه . موضوعي . مفاد ذلك ؟
     مثال .
 (9) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار " . سبق إصرار . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
     سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني . استخلاصها . موضوعي .
     مثال لتدليل سائغ على توافر ظرف سبق الإصرار .
(10) محكمة الإعادة " الإجراءات أمامها " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
     عدم التمسك بالدفع بالبطلان أمام محكمة الإحالة بعد نقض الحكم . أثره : عدم قبول التمسك به أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها , لما كان ذلك , وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة وكانت المحكمة قد عرضت عما أثاره الدفاع حول اعتراف الطاعن واطرحت ما أثير للأسباب السائغة التي أوردتها وأبانت أنها اقتنعت بصدق ذلك الاعتراف وأنه يمثل الحقيقة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل في واقعة الدعوى إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض
2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تجزئه الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه . وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أخذ به الحكم من الاعتراف له أصلة الثابت بالأوراق فإن ما يثيره بشأن إغفال الحكم بعض الوقائع التي وردت في اعترافه لا يكون له محل .
3- من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني عن الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق . ولما كانت أقوال الطاعن كما أوردها الحكم والتي لا ينازع الطاعن في أن لها سندها من الأوراق لا يتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن التقرير الفني . وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني . هذا فضلاً عن أن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري ليس من شأنه الخلاف فيه - بفرض قيامه - بين اعتراف الطاعن والتقرير الفني أن يهدر ذلك الاعتراف ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحته ومن ثم بات ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
4- لما كان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم في الدعوى والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات وما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها في ذلك وكان الحكم قد أورد فحوى ما تضمنه تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليه وبين الإصابات التي لحقت به ووصفها وسبب الوفاة فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم .
5- من المقرر أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ومن ثم فإن النعي على الحكم بشأن التفاته عن أقوال باقي الشهود من الثالث حتى الخامس الواردة أقوالهم بأدلة الثبوت والتي لم يعول الحكم على أيًّ منها ولم يكن لها أثر في عقيدته يكون لا محل له .
6- لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن إجراء معاينة لمكان الحادث أو قيام ضابط الواقعة بنقل جثة المجنى عليه للمستشفى دون إذن منها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم .
7- لما كان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على تقرير النجدة فإن ما ينعاه الطاعن بشأن قالة التناقض بين أقوال الشاهد الأول وما ثبت بتقرير النجدة بشأن مكان تواجد الجثة يكون غير مقبول .
8- لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه في قوله " وكانت المحكمة تستخلص توافر هذه النية لدى المتهم من حاصل ما بينته المحكمة من الظروف والملابسات التي أحاطت بواقعة الدعوى والأدلة التي ساقها على النحو السالف ... إلخ فعقد العزم على قتله انتصاراً لنفسه الشريرة ووضع الحد لملاحقته له فأعد سلاحاً نارياً قاتلاً بطبيعته وذخائر وتدرب على كيفية استعمال السلاح الناري الذى أعده وتوجه إلى المجنى عليه في المكان الذى أيقن تواجده فيه واصطحبه بزعم بيع دراجته البخارية إلى المكان الذى حدده لمسرح الجريمة وما أن أدركه وكانت المسافة بينهما قصيرة حتى أطلق عياراً نارياً صوب رأسه من الخلف من السلاح الناري الذى أعده سابقاً لتنفيذ ما عقد عزمه عليه قاصداً إزهاق روحه فأصابه بيمين مؤخرة الرأس ولم يتركه إلا وقد اعتقد وفاته وتأكد من أنه لا سبيل له في الحياة بعد أن أصابه بالطلقة الخرطوش التي أصابته بكسر متفتت متسع بالعظم بمؤخرة الجمجمة على الناحية اليمنى ... مما يكشف عن أن المتهم ما أراد بفعله إلا إزهاق روح المجنى عليه ... ومن ثم فقد توافرت نية القتل لدى المتهم " وإذ كان ما أورده في تدليله على توافر نية القتل في حق الطاعن كافياً وسائغاً في استظهار هذه النية فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
9- لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم عليه بقوله " ... ذلك أنه بعد ما ثارت في المتهم كوامن العدوان والرغبة في الإجهاز على المجنى عليه وعقد العزم على قتله وكانت لديه فسحة من الوقت تسمح له بالتروي والتفكير الهادئ الواعي المطمئن فيما انتواه وما هو مقدم عليه وفكر ورتب وتدبر ما عقد العزم عليه وخرج من ذلك مصمماً على ارتكاب الجريمة وخطط لارتكاب فعلته فأعد لذلك سلاحاً نارياً قاتلاً بطبيعته وذخائر وتدرب على كيفية استخدام السلاح الناري وحدد ميقات ومكان وطريقة تنفيذ الجريمة وتوجه إلى المجنى عليه في المكان الذى أيقن تواجده فيه واصطحبه لمسرح الجريمة وما أن أدركه وكانت المسافة بينهما قصيرة حتى أطلق عليه عياراً نارياً صوب رأسه من الخلف من السلاح الناري الذى أعده لتنفيذ ما عقد عليه قاصداً إزهاق روحه فأصابه بالإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ومن ثم يكون قد توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهم " . وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا تتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج فإن ما أورده الحكم في استظهار ركن سبق الإصرار على السياق المتقدم يكون كافياً في حق المحكوم عليه ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير مقبول .
10- لما كان البين من مراجعة الأوراق أن المدافع عن الطاعن قد أثار في المحاكمة الأولى دفعاً ببطلان أمر الضبط والإحضار لعدم جدية التحريات إلا أنه لم يثر في دفاعه لدى محكمة الإحالة شيئاً يتصل بهذا الأمر وما يشير إلى تمسكه بدفاعه السابق في شأنه. ومن ثم لا يكون له أن يطلب من المحكمة الأخيرة الرد على دفاع لم يبد أمامها . ولا يغير من ذلك أن نقض الحكم وإعادته المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإحالة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض . لأن هذا الأصل المقرر لا يتناهى إلى وسائل الدفاع التي لا مشاحة في أن ملاك الأمر فيها يرجع أولاً وأخيراً إلى المتهم وحده يختار منها هو أو المدافع عنه ما يناسبه ويتسق مع خطته في الدفاع ويدع منها ما قد يرى من بعد أنه ليس كذلك ومن هذا القبيل مسلك الطاعن في الدعوى في المحاكمة الأولى ولدى محكمة الإحالة .
ـــــــــــــــــــ
الوقائع
  اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر قضى ببراءته في قضية الجناية رقم بوصف أنهما ... المتهم الأول " الطاعن " : 1- قتل عمداً ... مع سبق الإصرار والترصد بأن عقد العزم وبيت النية على قتله وأعدا لذلك سلاحاً نارياً واستدرجه إلى طريق غير آهل بالمارة ليلاً وما أن انفرد به أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته . 2- أحرز سلاحاً نارياً غير مششخن " فرد خرطوش " .
3ــــ أحرز ذخائر " أربع طلقات " مما تستعمل على السلاح الناري سالف الوصف حال كونه غير مرخص له بإحراز وحيازة سلاح ناري . وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً . أولاً :- بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة السلاح والذخيرة . ثانياً : - ببراءة المتهم الثاني عما أسند إليه . فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في ... ومحكمة النقض قضت في بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى . ومحكمة الإعادة قضت حضورياً في ... عملاً بالمواد 230 ، 231 من قانون العقوبات ، 1/1 ، 6 ، 26/ 5،1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول . بمعاقبته بالسجن المؤبد عما أسند إليه ومصادرة السلاح والذخائر المضبوطين . فطعن المحكوم عليه " للمرة الثانية " .
ـــــــــــــــــــ
المحكمة
  وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
 حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخائر بدون ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ذلك أنه اطرح برد غير سائغ الدفع ببطلان اعتراف الطاعن بالتحقيقات لكونه وليد إكراه وعول على اعترافه في الإدانة رغم إغفاله بعض ما ورد به في تحقيقات النيابة العامة ورغم تعارضه مع ما ثبت بتقرير الصفة التشريحية بشأن المسافة بينه وبين المجنى عليه وقت إطلاق النار مما يدل على أن الاعتراف غير مطابق للحقيقة والواقع . فضلاً عن خلو تقرير الصفة التشريحية من تحديد موقف الضارب والمضروب وأن هناك تضارباً بين أقوال الشاهد الأول وتقرير النجدة حول مكان العثور على الجثة وأن المحكمة لم تدلل تدليلاً كافياً وسائغاً على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار ولم يورد الحكم مضمون شهادة الشهود من الثالث حتى الخامس وأغفل دفاع الطاعن بأن النيابة العامة لم تجر معاينة لمكان الحادث رغم قيام ضابط الواقعة بنقل جثة المجنى عليه للمستشفى ودون إذن منها . وأخيراً رد الحكم برد قاصر على دفعه ببطلان أمر الضبط والإحضار لابتنائه على تحريات غير جدية . كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
  وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها , لما كان ذلك , وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة وكانت المحكمة قد عرضت عما أثاره الدفاع حول اعتراف الطاعن واطرحت ما أثير للأسباب السائغة التي أوردتها وأبانت أنها اقتنعت بصدق ذلك الاعتراف وأنه يمثل الحقيقة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل في واقعة الدعوى إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تجزئة الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه . وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أخذ به الحكم من الاعتراف له أصلة الثابت بالأوراق فإن ما يثيره بشأن إغفال الحكم بعض الوقائع التي وردت في اعترافه لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني عن الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق . ولما كانت أقوال الطاعن كما أوردها الحكم والتي لا ينازع الطاعن في أن لها سندها من الأوراق لا يتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن التقرير الفني . وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني . هذا فضلاً عن أن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري ليس من شأنه الخلاف فيه - بفرض قيامه - بين اعتراف الطاعن والتقرير الفني أن يهدر ذلك الاعتراف ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحته ومن ثم بات ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم في الدعوى والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات وما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها في ذلك وكان الحكم قد أورد فحوى ما تضمنه تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليه وبين الإصابات التي لحقت به ووصفها وسبب الوفاة فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ومن ثم فإن النعي على الحكم بشأن التفاته عن أقوال باقي الشهود من الثالث حتى الخامس الواردة أقوالهم بأدلة الثبوت والتي لم يعول الحكم على أيً منها ولم يكن لها أثر في عقيدته يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن إجراء معاينة لمكان الحادث أو قيام ضابط الواقعة بنقل جثة المجنى عليه للمستشفى دون إذن منها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على تقرير النجدة فإن ما ينعاه الطاعن بشأن قالة التناقض بين أقوال الشاهد الأول وما ثبت بتقرير النجدة بشأن مكان تواجد الجثة يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه في قوله " وكانت المحكمة تستخلص توافر هذه النية لدى المتهم من حاصل ما بينته المحكمة من الظروف والملابسات التي أحاطت بواقعة الدعوى والأدلة التي ساقها على النحو السالف ... إلخ فعقد العزم على قتله انتصاراً لنفسه الشريرة ووضع الحد لملاحقته له فأعد سلاحاً نارياً قاتلاً بطبيعته وذخائر وتدرب على كيفية استعمال السلاح الناري الذى أعده وتوجه إلى المجنى عليه في المكان الذى أيقن تواجده فيه واصطحبه بزعم بيع دراجته البخارية إلى المكان الذى حدده لمسرح الجريمة وما أن أدركه وكانت المسافة بينهما قصيرة حتى أطلق عياراً نارياً صوب رأسه من الخلف من السلاح الناري الذى أعده سابقاً لتنفيذ ما عقد عزمه عليه قاصداً إزهاق روحه فأصابه بيمين مؤخرة الرأس ولم يتركه إلا وقد اعتقد وفاته وتأكد من أنه لا سبيل له في الحياة بعد أن أصابه بالطلقة الخرطوش التي أصابته بكسر متفتت متسع بالعظم بمؤخرة الجمجمة على الناحية اليمنى ... مما يكشف عن أن المتهم ما أراد بفعله إلا إزهاق روح المجنى عليه ... ومن ثم فقد توافرت نية القتل لدى المتهم " وإذ كان ما أورده في تدليله على توافر نية القتل في حق الطاعن كافياً وسائغاً في استظهار هذه النية فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم عليه بقوله " ... ذلك أنه بعد ما ثارت في المتهم كوامن العدوان والرغبة في الإجهاز على المجنى عليه وعقد العزم على قتله وكانت لديه فسحة من الوقت تسمح له بالتروي والتفكير الهادئ الواعي المطمئن فيما انتواه وما هو مقدم عليه وفكر ورتب وتدبر ما عقد العزم عليه وخرج من ذلك مصمماً على ارتكاب الجريمة وخطط لارتكاب فعلته فأعد لذلك سلاحاً نارياً قاتلاً بطبيعته وذخائر وتدرب على كيفية استخدام السلاح الناري وحدد ميقات ومكان وطريقة تنفيذ الجريمة وتوجه إلى المجنى عليه في المكان الذى أيقن تواجده فيه واصطحبه لمسرح الجريمة وما أن أدركه وكانت المسافة بينهما قصيرة حتى أطلق عليه عياراً نارياً صوب رأسه من الخلف من السلاح الناري الذى أعده لتنفيذ ما عقد عليه قاصداً إزهاق روحه فأصابه بالإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ومن ثم يكون قد توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهم " . وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا تتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج فإن ما أورده الحكم في استظهار ركن سبق الإصرار على السياق المتقدم يكون كافياً في حق المحكوم عليه ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان البين من مراجعة الأوراق أن المدافع عن الطاعن قد أثار في المحاكمة الأولى دفعاً ببطلان أمر الضبط والإحضار لعدم جدية التحريات إلا أنه لم يثر في دفاعه لدى محكمة الإحالة شيئاً يتصل بهذا الأمر وما يشير إلى تمسكه بدفاعه السابق في شأنه . ومن ثم لا يكون له أن يطلب من المحكمة الأخيرة الرد على دفاع لم يبد أمامها . ولا يغير من ذلك أن نقض الحكم وإعادته المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإحالة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض . لأن هذا الأصل المقرر لا يتناهى إلى وسائل الدفاع التي لا مشاحة في أن ملاك الأمر فيها يرجع أولاً وأخيراً إلى المتهم وحده يختار منها هو أو المدافع عنه ما يناسبه ويتسق مع خطته في الدفاع ويدع منها ما قد يرى من بعد أنه ليس كذلك ومن هذا القبيل مسلك الطاعن في الدعوى في المحاكمة الأولى ولدى محكمة الإحالة . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــ