الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 مايو 2015

الطعن 60733 لسنة 59 ق جلسة 9 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 183 ص 1212

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا وحسام عبد الرحيم وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة، وفتحي جودة.

-------------

(183)
الطعن رقم 60733 لسنة 59 القضائية

حكم "إصداره" "بطلانه". بطلان.
وجوب صدور أحكام المحاكم الابتدائية من ثلاثة أعضاء. تعلق هذا التشكيل بأسس النظام القضائي. تضمين الحكم ما يفيد صدوره من أربعة أعضاء. أثره. بطلان الحكم. أساس ذلك؟

---------------
لما كانت المادة التاسعة من قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية قد نصت على أن تصدر أحكام المحاكم الابتدائية من ثلاثة أعضاء. وكان التشكيل الذي نصت عليه هذه المادة مما يتعلق بأسس النظام القضائي ويترتب على مخالفته بطلان الحكم. لما كان ذلك، وكان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه ومن محضر جلسة النطق به أن الهيئة التي أصدرته مشكلة برئاسة السيد الأستاذ/..... رئيس المحكمة وعضوية رئيس المحكمة.... وكل من القاضيين..... و..... خلافاً لما أوجبه القانون فإن هذا الحكم يكون باطلاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه دخل عقار في حيازة..... بقصد منع حيازته بالقوة على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابه بالمادة 369/ 1 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. ومحكمة جنح أسيوط قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وإلغاء قرار قاضي الحيازة. استأنف المدعي بالحقوق المدنية. ومحكمة أسيوط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، البطلان لصدوره على خلاف القانون إذ الثابت في هذا الحكم، أن الذين سمعوا المرافعة في الاستئناف وتولوا إصدار الحكم أربعة من القضاة، خلافاً لما يوجبه القانون من صدور الأحكام - في المحاكم الابتدائية - بهيئة استئنافية - من ثلاث قضاة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المادة التاسعة من قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية، قد نصت على أن تصدر أحكام المحاكم الابتدائية من ثلاثة أعضاء وكان التشكيل الذي نصت عليه هذه المادة مما يتعلق بأسس النظام القضائي ويترتب على مخالفته بطلان الحكم. لما كان ذلك، وكان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه، ومن محضر جلسة النطق به أن الهيئة التي أصدرته مشكلة برئاسة السيد الأستاذ/..... رئيس المحكمة وعضوية رئيس المحكمة..... وكل من القاضيين.... و....، خلافاً لما أوجبه القانون فإن هذا الحكم يكون باطلاً، مما يوجب نقضه والإعادة وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 29752 لسنة 59 ق جلسة 10 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 185 ص 1220

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة وفتحي حجاب وجاب الله محمد جاب الله نواب رئيس المحكمة.

---------------

(185)
الطعن رقم 29752 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
النظر في شكل الطعن. يكون بعد الفصل في جوازه.
(2) نيابة عامة. دعوى جنائية "قيود تحريكها". إضرار عمدي. نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من أحكام" "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
تحريك الدعوى الجنائية في جريمة الإضرار العمدي بالمال العام المؤثمة بالمادة 116 مكرراً عقوبات. لا تخضع للقيود الإجرائية الواردة بالمادة 73 من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. والقضاء بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني. خطأ في القانون.
جواز الطعن بالنقض في الحكم غير الفاصل في موضوع الدعوى. متى كان منهياً للخصومة على خلاف ظاهره.
مثال لحكم جائز الطعن عليه بالنقض.
(3) نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. توقيعها".
وجوب توقيع أسباب الطعون المرفوعة من النيابة العامة من رئيس نيابة على الأقل. أساس ذلك؟
بقاء أسباب الطعن غفلاً من توقيع مقروء يتيسر إسناده إلى أحد أعضاء النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل. أثره عدم قبول الطعن شكلاً.

-----------------
1 - من المقرر أن النظر في شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل في جوازه.
2 - لما كانت الدعوى الجنائية المقامة من النيابة العامة قبل المطعون ضده طلبت فيه عقابه وفقاً لنص المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات والتي لا تخضع للقيود الإجرائية التي أوردها المشرع في المادة 73 من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق القانوني يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان هذا الحكم وقد قضى خاطئاً بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني فإنه يعد في الواقع على الرغم من أنه غير فاصل في موضوع الدعوى منهياً للخصومة على خلاف ظاهره طالما أنه سوف يقابل حتماً - على مقتضى ما تقدم بيانه من رأي من محكمة الجنايات لو أحيلت إليها القضية بحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم المطعون فيه ومن ثم فإن هذا الحكم يكون صالحاً لورود الطعن عليه بالنقض.
3 - لما كانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959 قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون التي ترفعها النيابة العامة أن يوقع أسبابها رئيس نيابة على الأقل، وإلا كانت باطلة. "لما كان ذلك، وكانت ورقة الأسباب قد بقيت غفلاً من توقيع مقروء يتيسر إسناده إلى أحد أعضاء النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل - حتى فوات ميعاد الطعن - فإن طعن النيابة يكون قد فقد مقوماً من مقومات وجوده، ويتعين من ثم الحكم بعدم قبوله شكلاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بصفته موظفاً عاماً (رئيس القطاع التجاري بشركة....) أضر عمداً بأموال الشركة التي يعمل بها مما ألحق بأموال هذه الشركة ضرراً جسيماً تبلغ قيمته 145062.410 جنيه على النحو المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك بأنه قضى بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني مؤسساً هذا القضاء على القول بأن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية. على المطعون ضده للمطالبة. بمعاقبته وفقاً لنص المادة 116 مكرراً/ أ من قانون العقوبات دون اتباع الإجراءات المبينة بالمادة 73 من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته وهو الأمر الذي يخالف الثابت بالأوراق استناداً إلى أن النيابة العامة طلبت عقاب المطعون ضده بالمادة 116 مكرراً عقوبات لارتكابه جريمة الإضرار العمدي بأموال الجهة التي يعمل بها والتي لا تخضع الدعوى المقامة بشأنها للقيود الإجرائية التي نص عليها المشرع في المادة 73 السالف الإشارة إليها عند إقامتها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أن النظر في شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل في جوازه.
وحيث إن البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أثبت في بدايته أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية قبل المطعون ضده بوصف أنه بصفته موظفاً عاماً أضر عمداً بأموال الجهة التي يعمل بها مما ألحق بأموال هذه الشركة ضرراً جسيماً تبلغ قيمته 145062.410 جنيه وطلبت عقابه وفقاً لنصوص المواد 116 مكرراً، 119 ب، 119 مكرراً من قانون العقوبات "ثم انتهى الحكم إلى القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني تأسيساً على أن الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون ضده للمطالبة بمعاقبته وفقاً للمادة 116 مكرراً/ أ من قانون العقوبات ودون أن تتبع النيابة العامة الطريق المحدد في القانون وهو الحصول على إذن من النائب العام بعد أخذ رأي الوزير المختص وفقاً للمادة 73 من القانون رقم 97 لسنة 1983. لما كان ذلك، وكانت الدعوى الجنائية المقامة من النيابة العامة قبل المطعون ضده طلبت فيها عقابه وفقاً لنص المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات والتي لا تخضع للقيود الإجرائية التي أوردها المشرع في المادة 73 من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق القانوني يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان هذا الحكم وقد قضى خاطئاً بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني فإنه يعد في الواقع على الرغم من أنه غير فاصل في موضوع الدعوى منهياً للخصومة على خلاف ظاهره طالما أنه سوف يقابل حتماً - على مقتضى ما تقدم بيانه من رأي من محكمة الجنايات لو أحيلت إليها القضية بحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم المطعون فيه ومن ثم فإن هذا الحكم يكون صالحاً لورود الطعن عليه بالنقض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر في 18/ 2/ 1989 فقرر رئيس نيابة جنوب القاهرة الكلية بالطعن فيه بطريق النقض في 28/ 3/ 1989 - ثم قدمت أسباب الطعن في ذات التاريخ موقعاً عليها بتوقيع غير واضح يتعذر قراءته ومعرفة اسم صاحبه وصفته، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959 قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون التي ترفعها النيابة العامة أن يوقع أسبابها رئيس نيابة على الأقل، وإلا كانت باطلة". لما كان ذلك، وكانت ورقة الأسباب قد بقيت غفلاً من توقيع مقروء يتيسر إسناده إلى أحد أعضاء النيابة العامة بدرجة رئيس النيابة على الأقل - حتى فوات ميعاد الطعن - فإن طعن النيابة يكون قد فقد مقوماً من مقومات وجوده، ويتعين من ثم الحكم بعدم قبوله شكلاً.

الطعن 15474 لسنة 60 ق جلسة 11 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 186 ص 1225

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وجابر عبد التواب وأمين عبد العليم نواب رئيس المحكمة، وفرحان بطران.

--------------

(186)
الطعن رقم 15474 لسنة 60 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً.
(2) إعلان. نظام عام. بطلان.
أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور وميعاده. ليست من النظام العام. مؤدى ذلك؟
(3) دعوى مدنية "تحريكها". وكالة.
اشتراط توكيل خاص. غير لازم. إلا في حالة تقديم الشكوى. عدم انسحاب ذلك على الادعاء المباشر. المادة الثالثة إجراءات.
(4) سب وقذف. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". محاماة. قانون "تفسيره".
لمحكمة الموضوع استظهار وقائع القذف من عناصر الدعوى. تراقبها في ذلك محكمة النقض.
المادة 309 عقوبات. تطبيق لمبدأ حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه. الفصل في ذلك. موضوعي.
تجاوز نطاق الخصومة ومقتضيات الدفاع بالمساس بكرامة الغير. غير مبرر للمدافع.
(5) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". استئناف "نظره والحكم فيه". تعويض.
للمدعي بالحقوق المدنية استئناف الحكم الصادر من محكمة أول درجة بالبراءة ورفض الدعوى المدنية. ولو لم تستأنفه النيابة العامة. للمحكمة الاستئنافية في هذه الحالة بحث الجريمة لتتحقق من قيام الضرر المستوجب للتعويض.
(6) سب وقذف. وكالة. دعوى مباشرة. مسئولية جنائية. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
عدم مسئولية الموكل عن عبارات السب التي أوردها الدفاع بصحيفة الادعاء المباشر.
إلزام الحكم المطعون فيه الطاعنة بالتعويض المدني على أساس مسئوليتها عن تلك العبارات. خطأ. يوجب نقضه وتأييد حكم أول درجة برفض الدعوى المدنية قبلها.

---------------
1 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً.
2 - من المقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور وميعاده ليست من النظام العام، فإذا حضر المتهم بنفسه أو بوكيل عنه، فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، وإنما له طبقاً لما تنص عليه المادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقص فيه وإعطائه ميعاداً لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى.
3 - من المقرر أن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية لا تشترط التوكيل الخاص إلا في حالة تقديم الشكوى ولا ينسحب حكمها على الادعاء المباشر.
4 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من وقائع القذف من عناصر الدعوى، ولمحكمة النقض أن تراقبها فيما ترتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرامي عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح. وإذ كان من المقرر أيضاً - أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ هام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع، وكان ما ساقه الحكم في مدوناته من استخلاصه لوقائع القذف وتقديره لما ورد بصحيفة دعوى النفقة - من عبارات على أنها تعد قذفاً وليست من مستلزمات الدفاع في تلك الدعوى سائغاً وصحيحاً ومتفقاً مع صحيح القانون وكافياً بالتالي في استظهار جريمة القذف التي دان بها الطاعنين الثاني والثالث لأنه ليس ثمة ما يبرر للمدافع أن يتجاوز نطاق الخصومة مقتضيات النزاع بالمساس بكرامة الغير.
5 - لما كان قضاء محكمة أول درجة بالبراءة ورفض الدعوى المدنية وعدم استئناف النيابة العامة حكم البراءة لا يمنع المدعي بالحقوق المدنية من أن يستأنف الحكم في الشق المدني وللمحكمة الاستئنافية عندئذ بحث الجريمة لا للقضاء فيها وإنما للتحقق من قيام الخطأ الموجب للتعويض المدني.
6 - لما كانت العبارات التي تضمنتها صحيفة الادعاء المباشر التي صاغها الطاعنان الثاني والثالث بمجردها سباً ولا يساغ القول بأنها بذاتها تعد من الوقائع التي ينقلها الدفاع عن موكلته الطاعنة الأولى وعلى مسئوليتها. لما كان ذلك، وكان إلزام الطاعنة الأولى بالتعويض المدني قائم فقط على افتراض خاطئ من الحكم المطعون فيه بأنها مسئولة عن عبارات السب التي اقترفها الطاعنان الثاني والثالث والتي لا تسأل هي عنها - على فرض حصوله فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لها وتأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة برفض الدعوى المدنية قبلها.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح مدينة نصر ضد الطاعنين بوصف أنهم، الأولى: اشتركت مع المتهمين الثاني والثالث في جريمة قذف في حقه بأن مدتهما بمعلومات ارتكبا من خلالها تلك الجريمة. الثاني والثالث: وجها إليه عبارات القذف الواردة بصحيفة الدعوى رقم..... أحوال شخصية مصر الجديدة، وطلبت عقابهم بالمواد 302، 303، 306 مكرراً من قانون العقوبات وإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. كما ادعى المتهمان الثاني والثالث مدنياً قبل المدعي بالحق المدني بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءة المتهمين مما نسب إليهم ورفض الدعوى المدنية وإلزام المدعي بالحق المدني بأن يؤدي للمتهمين الثاني والثالث مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المدعي بالحق المدني. ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً وبإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للدعوى المدنية الأصلية وبإلزام المستأنف ضدهم بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ورفض الدعوى المدنية الفرعية.
فطعن كل من الأستاذ/..... المحامي عن نفسه ونيابة عن المحكوم عليها الأولى والأستاذ/...... المحامي عن نفسه في هذا الحكم... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين الثاني والثالث.... و.... - ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلزامها بالتعويض المدني المطالب به من المدعي بالحقوق المدنية، وبرفض الدعوى المدنية الفرعية قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه لم يرد على دفاعهما أمام محكمة أول درجة، وأغفل دفعهما ببطلان صحيفة الادعاء المباشر لعدم إعلانهما لشخصهما أو في محل إقامتهما وإنما في موطن عملهما، كما التفت الحكم عن دفاعهما بأن محامي المدعي بالحقوق المدنية قدم صحيفة الادعاء المباشر دون أن يصدر له توكيل خاص، هذا إلى عدم توافر أركان جريمة القذف خاصة القصد الجنائي والعلانية بما ينفي عنصر الضرر وهو أساس المسئولية المدنية. وأخيراً فإن الحكم قضى بإلزامهما بالتعويض عن فعل قضى ببراءتهما منه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً، ولما كان الطاعنان لم يفصحا عن ماهية أوجه الدفاع التي أثاراها وأغفل الحكم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور وميعاده ليست من النظام العام، فإذا حضر المتهم بنفسه أو بوكيل عنه، فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، وإنما له طبقاً لما تنص عليه المادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقص فيه وإعطائه ميعاداً لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة حضور الطاعنين بأشخاصهم أو بوكلائهم، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية لا تشترط التوكيل الخاص إلا في حالة تقديم الشكوى ولا ينسحب حكمها على الادعاء المباشر، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى في قوله: "إن الثابت لدى المحكمة من مطالعة أوراق الدعوى ومستنداتها ومن مطالعة الصورة الرسمية لصحيفة الدعوى المقامة من المتهمة الأولى والموكل فيها المتهمان الثاني والثالث - والتي تطلب فيها الحكم بإلزام المدعي بالحق المدني بأجرة حضانة ونفقة شهرية - أن ما ورد بها من عبارات (يعذبه ضميره بين الحين والحين إن كان له ضمير حي يحفظ عليه كرامته). يمثل قذفاً في حق المدعي بالحق المدني، إذ من شأن هذه العبارات تحقير المدعي بالحق المدني عند أهل وطنه، وأن ذكر هذه العبارات بصحيفة الدعوى لا يستلزمه حق الدفاع عن موكلتهما - المتهمة الأولى - مما تكون معه جريمة القذف متوافرة الأركان في حق المتهمين الثاني والثالث وانتهى إلى القضاء - بإجماع الآراء - بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية الأصلية وبإلزام المستأنف ضدهم بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات... ورفض الدعوى المدنية الفرعية وإلزام رافعيها المصروفات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من وقائع القذف من عناصر الدعوى، ولمحكمة النقض أن تراقبها فيما ترتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرامي عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح. وإذ كان من المقرر أيضاً - أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ مهم هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع، وكان ما ساقه الحكم في مدوناته من استخلاصه لوقائع القذف وتقديره لما ورد بصحيفة دعوى النفقة - سالفة البيان - من عبارات على أنها تعد قذفاً وليست من مستلزمات الدفاع في تلك الدعوى سائغاً وصحيحاً ومتفقاً مع صحيح القانون وكافياً بالتالي في استظهار جريمة القذف التي دان بها الطاعنين الثاني والثالث لأنه ليس ثمة ما يبرر للمدافع أن يتجاوز نطاق الخصومة مقتضيات النزاع بالمساس بكرامة الغير. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة أول درجة بالبراءة ورفض الدعوى المدنية وعدم استئناف النيابة العامة حكم البراءة لا يمنع المدعي بالحقوق المدنية من أن يستأنف الحكم في الشق المدني وللمحكمة الاستئنافية عندئذ بحث الجريمة لا للقضاء فيها وإنما للتحقق من قيام الخطأ الموجب للتعويض المدني. لما كان ما تقدم، فإن الطعن - المقدم من الطاعنين الثاني والثالث - يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة المسددة منهما.
ثانياً - عن الطعن المقدم من الطاعنة الأولى:
من حيث إن المدعي بالحق المدني - المطعون ضده - قد أقام الدعوى الماثلة بطريق الادعاء المباشر اتهم فيها الطاعنة.... بالاشتراك مع الطاعنين الثاني والثالث - في جريمة القذف التي اقترفاها في حقه، بأن مدتهما بمعلومات ارتكبا من خلالها هذه الجريمة، وطلب في ختام صحيفة الحكم بإنزال حكم القانون عليهم وإلزامهم متضامنين بالتعويض المدني المطلوب. ومحكمة أول درجة قضت حضورياً ببراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية. فاستأنف المدعي بالحق المدني - الدعوى المدنية - ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً - بإجماع الآراء - بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية وبإلزام المستأنف ضدهم بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات.... وأقامت محكمة ثاني درجة قضاءها - بالنسبة للطاعنة الأولى - على أنها ساعدت المتهمين الثاني والثالث بأن مدتهما بمعلومات كان من نتيجتها اقترافهما لجريمة القذف في حق المدعي بالحق المدني. لما كان ذلك، وكانت العبارات المار ذكرها والتي تضمنتها صحيفة الادعاء المباشر التي صاغها الطاعنان الثاني والثالث بمجردها سباً ولا يساغ القول بأنها بذاتها تعد من الوقائع التي ينقلها الدفاع عن موكلته الطاعنة الأولى وعلى مسئوليتها. لما كان ذلك، وكان إلزام الطاعنة الأولى بالتعويض المدني قائم فقط على افتراض خاطئ من الحكم المطعون فيه بأنها مسئولة عن عبارات السب التي اقترفها الطاعنان الثاني والثالث والتي لا تسأل هي عنها - على فرض حصوله - فإنه يتعين نقض الحكم المطعون بالنسبة لها وتأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة برفض الدعوى المدنية قبلها.

الطعن 18823 لسنة 65 ق جلسة 12 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 187 ص 1234

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل ومحمد إسماعيل موسى ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب نواب رئيس المحكمة.

----------------

(187)
الطعن رقم 18823 لسنة 65 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش". إصداره. نيابة عامة.
صحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه. شرطه؟
(2) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش إصداره. بياناته". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. موضوعي المجادلة في ذلك. أمام النقض. غير جائزة.
خلو محضر التحريات من إيراد البيانات التي ساقها الطاعنان بأسباب طعنهما. غير قادح في جدية التحريات.
عدم العثور على المخدر في مسكن الطاعنين خلافاً لما ورد بمحضر التحريات. غير قادح في جديتها. علة ذلك؟
(3) إثبات "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
دفع الطاعن ببطلان اعترافه بالتحقيقات المكونة وليد إكراه معنوي تمثل في حبسه انفرادياً بالسجن باعتباره جدي باعترافه بالجريمة أمام المحكمة. أثر ذلك؟
المحبوسان احتياطياً. إقامتهم في أماكن منفصلة عن غيرهم من المسجونين. أساس ذلك؟
حبس الطاعن انفرادياً بالسجن لا يمثل إكراهاً معنوياً مبطلاً لاعترافه. ما دام لا يدعي وجود محبوسين احتياطياً غيره في السجن وقت حبسه.
للمحكمة الالتفات عن الدفاع القانوني في ظاهر البطلان.
(4) دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفع ببطلان الاعتراف ما دام أنها لم تعول عليه في الإدانة ولم تشر إليه في مدوناته حكمها.
(5) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً. وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(6) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته والرد عليه ماهيته؟
مثال: لطلب غير جازم.
(7) مسئولية جنائية "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون والعاهة العقلية".
المرض العقلي الذي تنعدم به المسئولية الجنائية هو الذي يعدم الشعور والإدراك. المادة 62 عقوبات.
الحالات النفسية التي لا تفقد الشعور والإدراك ليست سبباً لانعدام المسئولية.
(8) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون والعاهة العقلية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير حالة المتهم العقلية. موضوعي ما دام سائغاً.
عدم التزام المحكمة بندب خبير فني في الدعوى للوقوف على إصابة المتهم بالمرض العقلي إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها تقديرها.
(9) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إغفال الحكم الإشارة إلى التقرير الطبي الذي قدمه الطاعن. لا يعيبه. علة ذلك؟
(10) مسئولية جنائية. أسباب الإباحة وموانع العقاب "الغيبوبة" "السكر الاختياري". عقوبة "عقوبة الجريمة الأخف". قصد جنائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
الغيبوبة المانعة من المسئولية المنصوص عليها في المادة 62 عقوبات. ماهيتها؟
تناول المخدر أو المسكر عن علم واختيار. أثره؟
اقتراف الجاني لجرائم تتطلب قصد جنائي خاص. وجوب التحقق من قيام هذا القصد لديه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع.
دفع الطاعن بإصابته بمرض عقلي لإدمانه تعاطي المخدر. ليس مانعاً من مسئوليته عن جريمة إحراز المخدر بغير قصد.
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم قصوره في الرد على دفعه بانعدام مسئوليته الجنائية لإصابته بمرض عقلي لإدمانه تعاطي المخدر. متى أوقع عليه عقوبة جريمة إحراز المخدر بقصد التعاطي الأخف من تلك المقررة لجريمة إحرازه بغير قصود.
(11) نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الإعادة.
قضاء محكمة الإعادة بزيادة الغرامة المقضي بها على الطاعن بموجب الحكم المنقوض. خطأ في القانون. ما دام النقض حاصلاً بناء على طعنه وحده. أساس ذلك؟
(12) نقض "الطعن للمرة الثانية" "نظره والحكم فيه" "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
متى يجوز لمحكمة النقض في حالة نقض الحكم للمرة الثانية الفصل فيه دون تحديد جلسة لنظر الموضوع؟

--------------
1 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية أو الشبهات المقبولة ضد هذا الشخص ما يبرر التعويض لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة.
2 - إذ كان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن - فلا معقب عليها فيما ارتأته ولا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، ولما كان خلو محضر التحريات من إيراد البيانات التي ساقها الطاعنان بأسباب طعنهما لا يقدح بذاته في جدية التحريات، وكان عدم العثور على المخدر في مسكن الطاعنين خلافاً لما ورد بمحضر التحريات لا يقدح في جديتها لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها فإن منعى الطاعنين في صدد ما تقدم لا يكون سديداً.
3 - لما كان البين من الأوراق أن الطاعن الأول وإن دفع في مذكرة دفاعه المقدمة إلى المحكمة بجلسة.... ببطلان اعترافه بالتحقيقات لكونه وليد إكراه معنوي تمثل في حبسه انفرادياً بسجن طره، إلا أنه مثل أمام المحكمة بجلسة..... - وهي تالية لتقديم المذكرة - واعترف بقيامه بإحضار المخدر المضبوط معه ليتعاطاه حتى لا يضطر إلى شرائه من السوق، وكان البين من المفردات المضمومة أن اعترافه بالتحقيقات لا يخرج في مضمونه عما أقر به بمحضر الجلسة وهو ما يفقد الدفع ببطلان اعترافه بالتحقيقات الذي أثاره في مذكرة دفاعه جديته وتضحى المحكمة في حل من الرد عليه. هذا فضلاً عن أن المادة 14 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون قد نصت على أن "يقيم المحبوسون احتياطياً في أماكن منفصلة عن أماكن غيرهم من المسجونين...." وإذ كان الطاعن لا يدعي وجود محبوسين احتياطياً آخرين في السجن وقت حبسه، فإنه حبسه انفرادياً في السجن - بفرض وقوعه - يغدو إجراء مشروعاً ولا يمثل - تبعاً لذلك - إكراهاً معنوياً مبطلاً لاعترافه، ومن ثم فإن دفعه ببطلان الاعتراف استناداً إلى حبسه هذا لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه.
4 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول في قضائه بإدانة الطاعنين على اعتراف أولهما بمحضر ضبط الواقعة ولم يشر إليه في مدوناته ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على الدفع ببطلانه، ويغدو ما يثيره في صدد ما تقدم غير سديد.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف، التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في صورة الواقعة بدعوى ضبطها في مسكنهما وليس في المكان الذي حصل فيه الضبط ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن الأول وإن طلب في مذكرة دفاعه المقدمة بجلسة..... ضم دفتر أحوال قسم مكافحة المخدرات وسؤال باقي أفراد القوة المرافقة لضابط الواقعة وسؤال العاملين بالمحل الذي وقع الضبط أمامه، إلا أنه لم يصر في جلسة المرافعة الأخيرة المنعقدة بتاريخ..... على إجراء هذا التحقيق، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وإذ كانت طلبات التحقيق المشار إليها قد افتقدت صفة الطلب الجازم - فلا على المحكمة أن التفتت عن إجابتها أو الرد عليها.
7 - المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية.
8 - من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية ومدى تأثيرها على مسئوليته الجنائية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وهي غير ملزمة بندب خبير فني في الدعوى للوقوف على حقيقة إصابة المتهم بالمرض العقلي إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها تقديرها.
9 - لا يعيب الحكم إغفال الإشارة إلى التقرير الطبي الذي قدمه الطاعن لما هو مقرر من أنه ليس على الحكم أن يورد إلا ما له أثر في قضائه، وفي إغفال المحكمة ذكر هذا التقرير ما يدل على أنها لم تر فيه ما يغير من عقيدتها في الدعوى.
10 - لما كانت المادة 62 من قانون العقوبات قد نصت على أنه "لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل: إما لجنون أو عاهة في العقل، وإما لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أياً كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم منه بها" وكان مفاد هذا النص أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها فالقانون يجري عليه في هذه الحالة حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه إلا في بعض الجرائم التي يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدى المتهم، فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية، بل يجب في هذه الجرائم التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع، وكان مؤدى ما تقدم أن دفع الطاعن بإصابته بمرض عقلي نتيجة إدمانه تعاطي المخدر - بفرض صحته - لا يؤثر في مسئوليته الجنائية عن جريمة إحرازه المخدر مجرده من أي قصد من القصود الخاصة المسماة في القانون، ولا يحول دون عقابه عنها وإذ كانت عقوبة جريمة إحراز المخدر بقصد التعاطي التي دانه الحكم بها أخف من العقوبة المقررة لجريمة إحرازه ذات المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي فلا تكون له مصلحة فيما يثيره من تعييب للحكم في رده على دفعه سالف البيان.
11 - لما كان البين من الأوراق أن محكمة جنايات القاهرة بجلسة.... حضورياً بمعاقبة الطاعن الثاني بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه عما أسند إليه من إحراز جوهر مخدر "هيروين" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، فقرر المحكوم عليه المذكور بالطعن بطريق النقض في الحكم المشار إليه وقد قضت محكمة النقض بقبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإعادة، ومحكمة الإعادة قضت بتاريخ..... بحكهما المطعون فيه بمعاقبة الطاعن الثاني بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه، وكان نقض الحكم السابق - فيما يتعلق بالطاعن المذكور - حاصلاً بناء على طعنه وحده دون النيابة العامة مما لا يجوز معه أن يضار بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 فإن منعى الطاعن على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون إذ زاد عقوبة الغرامة يكون في محله.
12 - لما كان الطعن بالنقض للمرة الثانية إلا أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تحكم هذه المحكمة في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه مما كان يقتضي التعرض لنظر الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: جلبا جوهراً مخدراً "هيروين" إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية دون تصريح كتابي من الجهة الإدارية المختصة بذلك. ثانياً: ألفا عصابة من أغراضها الاتجار في الجواهر المخدرة داخل البلاد. ثالثاً: أحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 3، 17/ 1، 33، 34/ ج، 36، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم "2" من القسم الأول من الجدول رقم "1" الملحق به مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه خمسمائة ألف جنيه والثاني بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم... لسنة 62 القضائية) وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى ومحكمة الإعادة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 38/ 1، 2، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم "2" من القسم الأول من الجدول رقم "1" الملحق به مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للطاعن الثاني بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه والثاني بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية -... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد التعاطي ودان الثاني بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن أطرح الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية خلت من إيراد بيانات كافية عنهما بما لا يسيغ إطراحه، كما أن الطاعن الأول تمسك ببطلان اعترافه بمحضر الضبط وبالتحقيقات لإدلائه به تحت تأثير الإكراه المادي والمعنوي بيد أن الحكم عول على هذا الاعتراف والتفت عن الدفع ببطلانه إيراداً ورداً، كما التفت عن دفاعه القائم على المنازعة في مكان ضبطه ولم تستجب المحكمة إلى طلبه تحقيق هذا الدفاع بضم دفتر الأحوال وسؤال باقي أفراد القوة المرافقة لضبط الواقعة والعاملين بالمحل الذي قبل بوقوع الضبط أمامه، هذا إلى أن الطاعن الأول دفع بانتفاء مسئوليته الجنائية لإصابته بمرض عقلي نتيجة إدمانه تعاطي المخدر ودلل على ذلك بتقديم تقرير طبي وطلب فحص حالته العقلية عن طريق المختص فنياً غير أن المحكمة أطرحت دفعه بما لا يسوغ إطراحه دون أن تعنى بتحقيقه أو تعرض لما قدمه من دليل، وفضلاً عن ذلك فقد زاد الحكم عقوبة الغرامة التي قضى بها على الطاعن الثاني عما حكم به عليه الحكم الأول المنقوض رغم أنه وحده الذي طعن بالنقض في الحكم المذكور ولم تطعن فيه النيابة العامة، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. ثم عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وأطرحه بقوله "وحيث إن وعن قالة بطلان الإذن بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جادة، فما كان من المقرر قانوناً أن أمر تقدير جدية التحريات مرجعه سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكان الثابت من مطالعة محضر التحريات المؤرخ..... المحرر بمعرفة العقيد.... أن ما ورد به من معلومات في شأن إحراز المتهمين لمخدر الهيروين في غير الأحوال المصرح بها قانوناً كان كافياً لإصدار الإذن بضبطهما وتفتيشهما ومن ثم فلا تثريب على سلطة التحقيق إن هي أصدرت الإذن بذلك ومن ثم يضحى ذلك الدفع في غير محله جديراً بالرفض". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية أو الشبهات المقبولة ضد هذا الشخص ما يبرر التعرض لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته ولا تجوز المجادلة في ذلك أمام النقض، ولما كان خلو محضر التحريات من إيراد البيانات التي ساقها الطاعنان بأسباب طعنهما لا يقدح بذاته في جدية التحريات، وكان عدم العثور على المخدر في مسكن الطاعنين خلافاً لما ورد بمحضر التحريات لا يقدح في جديتها لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها، فإن منعى الطاعنين في صدد ما تقدم لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن الأول وإن دفع في مذكرة دفاعه المقدمة إلى المحكمة بجلسة.... ببطلان اعترافه بالتحقيقات لكونه وليد إكراه معنوي تمثل في حبسه انفرادياً بسجن طره، إلا أنه مثل أمام المحكمة بجلسة.... - وهي تالية لتقديم المذكرة - واعترف بقيامه بإحضار المخدر المضبوط معه ليتعاطاه حتى لا يضطر إلى شرائه من السوق، وكان البين من المفردات المضمومة أن اعترافه بالتحقيقات لا يخرج في مضمونه عما أقر به بمحضر الجلسة وهو ما يفقد الدفع ببطلان اعترافه بالتحقيقات الذي أثاره في مذكرة دفاعه جديته وتضحى المحكمة في حل من الرد عليه، هذا فضلاً عن أن المادة 14 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون قد نصت على أن "يقيم المحبوسون احتياطياً في أماكن منفصلة عن أماكن غيرهم من المسجونين...." وإذ كان الطاعن لا يدعي وجود محبوسين احتياطياً آخرين في السجن وقت حبسه، فإنه حبسه انفرادياً في السجن - بفرض وقوعه - يغدو إجراء مشروعاً ولا يمثل - تبعاً لذلك - إكراهاً معنوياً مبطلاً لاعترافه، ومن ثم فإن دفعه ببطلان الاعتراف استناداً إلى حبسه هذا لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول في قضائه بإدانة الطاعنين على اعتراف أولهما بمحضر ضبط الواقعة ولم يشر إليه في مدوناته ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على الدفع ببطلانه، ويغدو ما يثيره في صدد ما تقدم غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في صورة الواقعة بدعوى ضبطهما في مسكنهما وليس في المكان الذي حصل فيه الضبط ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ومنها، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن الأول وإن طلب في مذكرة دفاعه المقدمة بجلسة.... ضم دفتر أحوال قسم مكافحة المخدرات وسؤال باقي أفراد القوة المرافقة لضابط الواقعة وسؤال العاملين بالمحل الذي وقع الضبط أمامه، إلا أنه لم يصر في جلسة المرافعة الأخيرة المنعقدة بتاريخ..... على إجراء هذا التحقيق، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وإذ كانت طلبات التحقيق المشار إليها قد افتقدت صفة الطلب الجازم - على نحو ما تقدم - فلا على المحكمة إن التفتت عن إجابتها أو الرد عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن الأول بانتفاء مسئوليته الجنائية لإصابته بمرض عقلي ونفسي نتيجة إدمانه تعاطي المخدر ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن قالة المتهم الأول مريض نفسياً بسبب إدمانه تعاطي المخدرات بما يفقده المسئولية الجنائية فالمحكمة تلتفت عن ذلك القول آية ذلك أن المحكمة لم يخالجها أي شك في خصوص سلامة قوى المتهم العقلية خاصة وأنه مثل أمام سلطة التحقيق ومن بعدها القاضي المختص بتحديد أمر حبسه ثم مثل أمام المحكمة بهيئة مغايرة ثم مثل مؤخراً أمام تلك الهيئة وعلى مدى مراحل المثول المتنوع والمغاير لم تلحظ أية جهة منها أن المتهم مصاب بثمة مرض يؤثر على قواه العقلية، كما لم يدفع بذلك الدفع إلا أمام الهيئة الحالية بما يدعو للقول بأنه وسيلة دفاع قصد بها الإفلات من العقاب لكن جاءت ولا سند لها في الأوراق ولا سند لها في الواقع بما يستوجب الالتفات عن هذا الدفاع". ولما كان من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية، وكان تقدير حالة المتهم العقلية ومدى تأثيرها على مسئوليته الجنائية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وهي غير ملزمة بندب خبير فني في الدعوى للوقوف على حقيقة إصابة المتهم بالمرض العقلي إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها تقديرها، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم سائغاً وكافياً لإطراح دفاع الطاعن سالف الذكر وله معينه الثابت في الأوراق. وكان لا يعيب الحكم إغفال الإشارة إلى التقرير الطبي الذي قدمه الطاعن، لما هو مقرر من أنه ليس على الحكم أن يورد إلا ما له أثر في قضائه، وفي إغفال المحكمة ذكر هذا التقرير ما يدل على أنها لم تر فيه ما يغير من عقيدتها في الدعوى ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في صدد ما تقدم لا يكون قويماً، هذا إلى أنه لما كانت المادة 62 من قانون العقوبات قد نصت على أنه "لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل، إما لجنون أو عاهة في العقل، وإما لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أياً كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم منه بها" وكان مفاد هذا النص أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها فالقانون يجري عليه في هذه الحالة حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه إلا في بعض الجرائم التي يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدى المتهم، فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية، بل يجب في هذه الجرائم التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع، وكان مؤدى ما تقدم أن دفع الطاعن بإصابته بمرض عقلي نتيجة إدمانه تعاطي المخدر - بفرض صحته - لا يؤثر في مسئوليته الجنائية عن جريمة إحرازه المخدر مجردة من أي قصد من القصود الخاصة المسماة في القانون، ولا يحول دون عقابه عنها وإذ كانت عقوبة جريمة إحراز المخدر بقصد التعاطي التي دانه الحكم بها أخف من العقوبة المقرر لجريمة إحرازه ذات المخدر بغير بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي فلا تكون له مصلحة فيما يثيره من تعييب للحكم في رده على دفعه سالف البيان، ويضحى كافة ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن محكمة جنايات القاهرة قضت بجلسة.... حضورياً بمعاقبة الطاعن الثاني بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه عما أسند إليه من إحراز جوهر مخدر "هيروين" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، فقرر المحكوم عليه المذكور بالطعن بطريق النقض في الحكم المشار إليه وقد قضت محكمة النقض بقبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإعادة. ومحكمة الإعادة قضت بتاريخ.... بحكهما المطعون فيه بمعاقبة الطاعن الثاني بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه، وكان نقض الحكم السابق - فيما يتعلق بالطاعن المذكور - حاصلاً بناء على طعنه وحده دون النيابة العامة مما لا يجوز معه أن يضار بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 فإن منعى الطاعن على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون إذ زاد عقوبة الغرامة يكون في محله. لما كان ذلك، وإن كان الطعن بالنقض للمرة الثانية إلا أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القرار بقانون المذكور أن تحكم هذه المحكمة في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام العوار لم يرد على بطلان في حكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه مما كان يقتضي التعرض لنظر الدعوى. لما كان ما تقدم فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بجعل الغرامة المقضى بها على الطاعن الثاني خمسين ألف جنيه ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

الطعن 18295 لسنة 65 ق جلسة 13 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 188 ص 1251

جلسة 13 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي ووفيق الدهشان ومحمود شريف فهمي وعبد الفتاح حبيب نواب رئيس المحكمة.

---------------

(188)
الطعن رقم 18295 لسنة 65 القضائية

(1) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. متى كانت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه منها.
(2) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم اتفاق أقوال الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته.
(3) هتك عرض. ظروف مشددة. عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة هتك العرض بالقوة. وقوعها من أحد ممن نصت عليهم المادة 267/ 1 عقوبات. اقتضاؤها: استحقاقه العقوبة المغلظة بالمادة 268/ 2 عقوبات.
انتهاء الحكم المطعون فيه إلى إدانة الطاعن بجناية هتك العرض طبقاً للمادة 267/ 2 عقوبات. معاقبته بالسجن إعمالاً للمادة 17 من ذات القانون. صحيح. علة ذلك؟

---------------
1 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه منها.
2 - من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته.
3 - لما كان البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بتهمة هتك عرض المجني عليها حال كونه ممن لهم سلطة عليها، وبعد أن جرت محاكمته على هذا الأساس، انتهى الحكم المطعون فيه إلى إدانته بجريمة هتك عرض المجني عليها التي لم تبلغ السادسة عشر من عمرها بالقوة والتهديد حال كونه ممن لهم سلطة عليها، وكانت الفقرة الثانية من المادة 268 من قانون العقوبات تقضي بتغليظ العقاب في جريمة هتك العرض إذا كان عمر من وقعت عليها الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشر سنة كاملة أو كان يرتكبها ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 حيث يكون الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادماً بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم" وإذ اجتمع هذان الشرطان معاً يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة، وكانت العقوبة المقررة للجريمة التي انتهى الحكم إلى إدانة الطاعن بها هي الأشغال الشاقة المؤبدة وكانت المادة 17/ 2 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم المطعون فيه في حق الطاعن تبيح تبديل العقوبة المذكورة إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك عرض.... بالقوة بأن استدرجها إلى إحدى غرف سكنه الخالية وطرحها أرضاً أمسك بها عنوة وحسر عنها ملابسها كاشفاً بذلك عن عوراتها وجثم فوقها ولامس بقضيبه موطن عفتها حالة كونه ممن لهم سلطة عليها وكونها لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات بني سويف لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى.... والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 267/ 1، 268/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض أنثى لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة بالقوة حال كونه ممن لهم سلطة عليها قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه استند من بين ما استند إليه في إدانته إلى شهادة .... و..... وأحال في بيان شهادة الثانية إلى مضمون ما شهد به الأول مع خلاف جوهري على واقعة الدعوى إذ شهد بأن الثانية أبلغته بأن الطاعن استدرج نجلتها إلى إحدى الغرف وحسر عنها ملابسها وطرحها أرضاً وجثم عليها ولامس قضيبه موطن العفة منها ولدى محاولتها الاستغاثة صفعها على وجهها وكمم فاها بيده بينما نفت الثانية بأن الطاعن لامس قضيبه موطن العفة الخاص بنجلتها أو أنها صفعها على وجهها مما يجعل مضمون كل من الشهادتين مخالفاً لمضمون الأخرى، وعاقبت المحكمة الطاعن بمقتضى المادتين 267/ 1، 268/ 1 من قانون العقوبات رغم عدم انطباق المادة الأولى وكان يتعين أن تقضي المحكمة بعقوبة الحبس طبقاً للمادة الثانية بعد إعمال المادة 17 من ذات القانون كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه منها، وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشاهدة الثانية في إحدى روايتها قد اتفقت مع أقوال الأول التي أحال إليها، فإن نعيه في هذا الصدد لا يكون له محل، هذا فضلاً عن أنه لا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعن - عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بتهمة هتك عرض المجني عليها حال كونه ممن لهم سلطة عليها، وبعد أن جرت محاكمته على هذا الأساس، انتهى الحكم المطعون فيه إلى إدانته بجريمة هتك عرض المجني عليها التي لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها بالقوة والتهديد حال كونه ممن لهم سلطة عليها، وكانت الفقرة الثانية من المادة 268 من قانون العقوبات تقضي بتغليظ العقاب في جريمة هتك العرض إذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة أو كان مرتكبها ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 "حيث يكون الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادماً بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم" وإذا اجتمع هذان الشرطان معاً يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة، وكانت العقوبة المقررة للجريمة التي انتهى الحكم إلى إدانة الطاعن بها هي الأشغال الشاقة المؤبدة وكانت المادة 17/ 2 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم المطعون فيه في حق الطاعن تبيح تبديل العقوبة المذكورة إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 16077 لسنة 62 ق جلسة 16 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 190 ص 1261

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الأكيابي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسن محمود أحمد عشيش وبدر الدين السيد البدوي علي نائبي رئيس المحكمة، ومحمد محمود إبراهيم وعادل السيد السعيد الكناني.

-------------

(190)
الطعن رقم 16077 لسنة 62 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة.
المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 إجراءات؟
(2) جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الجريمة المنصوص عليها بالمادة 69 من قانون الزراعة رقم 53 سنة 1966. مناط تحققها؟
خلو الحكم من بيان نوع الأسمدة وأنها من المخصبات الزراعية وأن الطاعن كان يعرضها للبيع بدون ترخيص. دون الالتفات للترخيص المقدم منه ووجه استدلاله على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة. قصور.

--------------
1 - لما كان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الوقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد ومؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصراً، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة.
2 - من المقرر أنه يشترط لقيام الجريمة المنصوص عليها في المادة 69 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 أن يرتكب المتهم أحد الأفعال المبينة في تلك المادة وهي صنع المخصبات الزراعية أو تجهيزها أو بيعها أو عرضها للبيع أو استيرادها أو الإفراج عنها من الجمارك وأن يكون ذلك بغير ترخيص من وزارة الزراعة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلا، من هذا البيان المعتبر في القانون، فلم يبين نوع الأسمدة المضبوطة وأنها من المخصبات الزراعية وأن الطاعن كان يعرضها للبيع بغير ترخيص من وزارة الزراعة، ولم يبين وجه استدلاله على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة، هذا فضلاً عن أنه يبين من محضر جلسة المحاكمة الابتدائية أن الطاعن قدم ترخيصاً، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن يعرض أي من الحكمين لدفاع الطاعن المؤسس على المستند سالف الذكر مع أنه دفاع جوهري كان يتعين على محكمة ثاني درجة أن تتقصاه وتقول كلمتها فيه - متى فات ذلك على محكمة أول درجة باعتباره قد صار واقعاً مسطوراً في أوراق الدعوى - لما يترتب على ثبوت صحته قبل تاريخ الضبط انحسار التأثيم عن فعلة الطاعن، أما وهي لم تفعل فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه عرض للبيع مخصبات زراعية بدون ترخيص من وزارة الزراعة. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 116 لسنة 1983. ومحكمة جنح الباجور قضت حضورياً بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وغرامة خمسين جنيهاً والمصادرة. استأنف. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عرض مخصبات زراعية للبيع بدون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه، والتفت عن الترخيص الذي قدمه لمحكمة الموضوع بمزاولة نشاط بيع الأسمدة قبل تحرير محضر الضبط ولم يرد على الدفاع المؤسس عليه رغم جوهريته، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
حيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها في حق الطاعن على قوله "الواقعة تخلص فيما أثبته رئيس شرطة المسطحات المائية من أنه في أثناء قيامه بحملة وفي أثناء المرور ناحية طريق بنها شاهد كمية من الأسمدة عبارة عن 757 شيكارة أسمدة مختلفة الأنواع زنة الوحدة 50 ك داخل محل.... وبسؤال المتهم أنكر ما نسب إليه. وحيث إن التهمة المسندة إلى المتهم ثابتة في حقه ثبوتاً كافياً من محضر ضبط الواقعة المرفق بالأوراق وإذ لم يدفع المتهم ما أسند إليه بدفاع مقبول فيتعين عقابه عملاً بالمادة 304/ 2 أ. ج" لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد ومؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصراً، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، وكان يشترط لقيام الجريمة المنصوص عليها في المادة 69 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 أن يرتكب المتهم أحد الأفعال المبينة في تلك المادة وهي صنع المخصبات الزراعية أو تجهيزها أو بيعها أو عرضها للبيع أو استيرادها أو الإفراج عنها من الجمارك وأن يكون ذلك بغير ترخيص من وزارة الزراعة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلا، من هذا البيان المعتبر في القانون، فلم يبين نوع الأسمدة المضبوطة وأنها من المخصبات الزراعية وأن الطاعن كان يعرضها للبيع بغير ترخيص من وزارة الزراعة، ولم يبين وجه استدلاله على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة، هذا فضلاً عن أنه يبين من محضر جلسة المحاكمة الابتدائية أن الطاعن قدم ترخيصاً، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن يعرض أي من الحكمين لدفاع الطاعن المؤسس على المستند سالف الذكر مع أنه دفاع جوهري كان يتعين على محكمة ثاني درجة أن تتقصاه وتقول كلمتها فيه - متى فات ذلك على محكمة أول درجة باعتباره قد صار واقعاً مسطوراً في أوراق الدعوى - لما يترتب على ثبوت صحته قبل تاريخ الضبط انحسار التأثيم عن فعلة الطاعن، أما وهي لم تفعل، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة.

الطعن 8720 لسنة 60 ق جلسة 16 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 189 ص 1256

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا وحسام عبد الرحيم وفتحي الصباغ وسمير مصطفى نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(189)
الطعن رقم 8720 لسنة 60 القضائية
 (1)نقض "الصفة والمصلحة في الطعن" "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". دعوى مدنية.
الطعن في الأحكام لا يكون إلا من المحكوم عليه. أساس ذلك؟
متى يكون الشخص محكوم عليه؟
الطعن المقدم من المسئول عن الحقوق المدنية على الحكم الصادر بإلزام المتهم وحده بالتعويض دون القضاء عليه بشيء. غير جائز
.

 (2)حكم "بيانات حكم الإدانة" "بطلانه". بطلان.
حكم الإدانة. وجوب إشارته إلى نص القانون الذي حكم بموجبه المادة 310 إجراءات. خلو الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه من ذكر نص القانون الذي أنزل بموجبه العقاب على الطاعن. يبطله.
(3) ارتباط. نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في المخالفات. مرده الطعن الموجه إلى المخالفة وحدها.
حسن سير العدالة يقتضي نقض الحكم كله والإحالة بالنسبة إلى التهم الثلاث موضوع الدعوى. أساس ذلك؟
-----------------
1 - لما كان البين من الأوراق أن حكماً لم يصدر في الدعوى بإلزام الطاعن بالتعويض بالتضامن مع المتهم، إذ الثابت أن الحكم الصادر في الدعوى في شقها المدني قد اقتصر على إلزام المتهم وحده بالتعويض. لما كان ذلك، وكان من المقرر بنص المادة 211 من قانون المرافعات، وهي من كليات القانون، أنه لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان طرفاً في الخصومة وصدر الحكم لغير صالحه بصفته التي كان متصفاً بها في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي القاضي بإلزام المتهم بالتعويض المدني المطلوب، دون أن يقضي بإلزام الطاعن بشيء، فإن طعنه يكون غير جائز.
2 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وهو بيان جوهري اقتضته قاعدة شرعية الجرائم والعقاب، وكان الثابت أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلا من ذكر نص القانون الذي أنزل بموجبه العقاب على الطاعن، فإن يكون باطلاً.
3 - من المقرر أن النص على عدم جواز الطعن بطريق النقض في أحكام المخالفات مرده الطعن الموجه إلى المخالفة وحدها، فإذا كان الطعن منصباً على الحكم في الجنحة والمخالفة معاً، وكانت الجرائم المنسوبة إلى المحكوم عليه وإن تميزت الواقعة في كل منهما عن الأخرى - فإن حسن سير العدالة يقتضي نقض الحكم كله والإحالة بالنسبة إلى التهم الثلاث موضوع الدعوى.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1 - قاد سيارة برخصة تسيير انتهى أجلها، 2 - تسبب بخطئه في إتلاف السيارتين المملوكتين لكل من.... و..... بالتلفيات المبينة الوصف والقيمة بالأوراق، 3 - قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر وطلبت عقابه بالمادة 378/ 6 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 66 لسنة 1973.
وادعى المجني عليه.... مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح بنها قضت حضورياً بتغريم المتهم مائة جنيه عن التهمة الأولى وخمسين جنيهاً عن التهمة الثانية وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف. ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل عقوبة الغرامة الأولى إلى تغريم المتهم خمسين جنيهاً والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/..... المحامي عن المحكوم عليه والأستاذ/.... المحامي عن ..... بصفته المسئول عن الحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
أولاً: عن الطعن المقدم من المسئول عن الحقوق المدنية:
من حيث إن البين من الأوراق، أن حكماً لم يصدر في الدعوى بإلزام الطاعن بالتعويض بالتضامن مع المتهم، إذ أن الثابت أن الحكم الصادر في الدعوى في شقها المدني، قد اقتصر على إلزام المتهم وحده بالتعويض. لما كان ذلك، وكان من المقرر بنص المادة 211 من قانون المرافعات، وهي من كليات القانون، أنه لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان طرفاً في الخصومة وصدر الحكم لغير صالحه بصفته التي كان متصفاً بها في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي القاضي بإلزام المتهم بالتعويض المدني المطلوب، دون أن يقضي بإلزام الطاعن بشيء، فإن طعنه يكون غير جائز مما يتعين الحكم بذلك مع مصادرة الكفالة ودون حاجة إلى بحث وجوه الطعن المقدم منه، لأنه لا يسار إليها إلا إذا كان الطعن جائزاً ومستوفياً الشكل المقرر في القانون.

ثانياً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه خلا من بيان نص القانون الذي دان الطاعن بمقتضاه، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وهو بيان جوهري اقتضته قاعدة شرعية الجرائم والعقاب لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلا من ذكر نص القانون الذي أنزل بموجبه العقاب على الطاعن، فإنه يكون باطلاً ويتعين نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن الأخرى، ولا يحول ذلك أن تكون الجريمتان الثانية والثالثة مخالفتين. ذلك بأن النص على عدم جواز الطعن بطريق النقض في أحكام المخالفات مرده الطعن الموجه إلى المخالفة وحدها.
فإذا كان الطعن منصباً على الحكم في الجنحة والمخالفة معاً، وكانت الجرائم المنسوبة إلى المحكوم عليه وإن تميزت الواقعة في كل منهما عن الأخرى - فإن حسن سير العدالة يقتضي نقض الحكم كله والإحالة بالنسبة إلى التهم الثلاث موضوع الدعوى.

الطعن 18779 لسنة 65 ق جلسة 17 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 192 ص 1272

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام ومحمد حسام الدين الغرياني ومحمد الصيرفي نواب رئيس المحكمة، وعبد الرحمن هيكل.

----------------

(192)
الطعن رقم 18779 لسنة 65 القضائية

(1) استيلاء على أموال أميرية. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جناية الاستيلاء المنصوص عليها بالمادة 113 عقوبات. مناط تحققها؟
وجوب حسم المحكمة أمر ملكية الدولة أو من في حكمها للمال. إغفال ذلك. يعيبه.
مثال لتسبيب معيب في توافر جناية استيلاء مال عام.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". استيلاء على أموال أميرية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
دفاع الطاعن بشأن صرف المبالغ موضوع الدعوى لأربابها. جوهري. وجوب تحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو الرد عليه بما ينفيه. إغفال ذلك. إخلال بحق الدفاع وقصور.

----------------
1 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن من بين ما قام عليه دفاع الطاعن من أموال صندوق علاج أسر العاملين بمؤسسة.... التي اتهم بالاستيلاء عليها هي حصيلة اشتراكات المساهمين في مشروع علاج الأسر وليس للمؤسسة من صلة بها، كما أن لجنة العلاج هذه لا تتبع اللجنة النقابية للمؤسسة وأن الشيكات موضوع الدعوى صدرت بناء على مستندات معتمدة من اللجنة الطبية وخضعت للمراجعة عند إصدار الشيكات وعند إقرار الحسابات السنوية لصندوق علاج الأسر، وأن مبالغ تلك الشيكات صرفت لأربابها، غير أن تلك المستندات فقدت من مكان حفظها ولم يدع أحد من مستحقي تلك المبالغ بأنها لم تصرف له. لما كان ذلك، وكانت جناية الاستيلاء المنصوص عليها بالمادة 113 من قانون العقوبات - التي دين الطاعن بموجبها - تقتضي وجود المال في ملك إحدى الجهات المبينة بالمادة 119 عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة، ومن ثم فإن ملك الدولة أو من في حكمها للمال يجب على المحكمة أن تحسم أمره وخاصة عند المنازعة فيه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد رد على منازعة الطاعن في تحقق صفة المال العام للمبالغ المستولى عليها بقوله إن الطاعن "لم يبين أوجه هذا الدفع وأسسه وأسبابه" ثم بقوله "وحيث إن الثابت من الأوراق أن المتهم يعمل موظفاً عمومياً حيث إنه يعمل محاسباً بقطاع الشئون المالية بمؤسسة..... ومراقباً مالياً وأميناً لصندوق لجنة علاج أسر العاملين..... وأموالها أموال عامة ومن ثم فلا محل للقول بأن المتهم ليس موظفاً عاماً وأن الأموال المستولى عليها هي أموال خاصة" وهو رد لا يواجه دفاع الطاعن بشأن استقلال أموال صندوق علاج أسر العاملين عن مؤسسة..... وعن اللجنة النقابية بها، إذ لا يبين منه صلة صندوق العلاج هذا بالمؤسسة وما إذا كان مال الصندوق مملوكاً لها كله أو بعضه أو أنه خاضع لإشرافها أو لإدارتها، وهي الأمور التي تتحقق بها صفة المال العام التي نازع الطاعن في وجودها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه - بصفته موظفاً عاماً "أمين صندوق لجنة علاج الأسر التابعة للجنة النقابية للعاملين بمؤسسة مصر للطيران استولى بغير حق وبنية التملك على مبلغ 368316.170 جنيه ثلاثمائة وثمانية وستون ألفاً وثلاثمائة وستة عشر جنيهاً وسبعة عشر قرشاً المملوك لجهة عمله سالفة الذكر بأن أصدر لنفسه عشرين شيكاً بالمبلغ المذكور على حساب لجنة علاج أسر العاملين بمصر للطيران ببنك..... فرع..... وقام بصرف مقابلها دون مقتض لإصدارها وبغير مستندات لها وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة ارتباطاً لا يقبل التجزئة هما أنه في الزمان والمكان آنفي الذكر وبصفته سالفة البيان ارتكب تزويراً في محررات اللجنة النقابية للعاملين بمصر للطيران اثني عشر شيكاً مصرفياً مسحوبة على حساب اللجنة المذكورة ببنك.... فرع..... بأن قلد التوقيع الأول لكل من ..... و..... على تلك الشيكات ومهرها بتوقيع ثان له فتمكن بذلك من صرف مقابلها واستغل الشيكات المزورة بأن قدمها إلى المختصين بالبنك المسحوبة عليه بما ورد بها وإعمال آثارها مع علمه بتزويرها. وإحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 113/ 1 - 2، 118، 118 مكرراً/ 1، 119/ د، 119 مكرراً هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه 368316.17 ثلاثمائة وثمانية وستون ألفاً وثلاثمائة وستة عشر جنيهاً وسبعة عشر قرشاً وإلزامه برد مبلغ 220.349.14 مائتان وعشرون ألفاً وثلاثمائة وتسعة وأربعون جنيهاً وأربعة عشر قرشاً وعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاستيلاء على مال عام مرتبط بالتزوير في محررات واستعمالها قد أخل بحقه في الدفاع وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على أن المال المستولى عليه ليس من الأموال العامة وأنه صرف في حينه لأربابه بموجب مستندات فقدت من بعد فأعرضت المحكمة عن تحقيق هذا الدفاع وخلا حكمها من الرد عليه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محضر جلسة المحاكمة أن من بين ما قام عليه دفاع الطاعن أن أموال صندوق علاج أسر العاملين بمؤسسة.... التي اتهم بالاستيلاء عليها هي حصيلة اشتراكات المساهمين في مشروع علاج الأسر وليس للمؤسسة من صلة بها، كما أن لجنة العلاج هذه لا تتبع اللجنة النقابية للمؤسسة، وأن الشيكات موضوع الدعوى صدرت بناء على مستندات معتمدة من اللجنة الطبية وخضعت للمراجعة عند إصدار الشيكات وعند إقرار الحسابات السنوية لصندوق علاج الأسر، وأن مبالغ تلك الشيكات صرفت لأربابها، غير أن تلك المستندات فقدت من مكان حفظها ولم يدع أحد من مستحقي تلك المبالغ بأنها لم تصرف له. لما كان ذلك، وكانت جناية الاستيلاء المنصوص عليها بالمادة 113 من قانون العقوبات - التي دين الطاعن بموجبها - تقتضي وجود المال في ملك إحدى الجهات المبينة بالمادة 119 عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة، ومن ثم فإن ملك الدولة أو من في حكمها للمال يجب على المحكمة أن تحسم أمره وخاصة عند المنازعة فيه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد رد على منازعة الطاعن في تحقيق صفة المال العام للمبالغ المستولى عليها بقوله إن الطاعن "لم يبين أوجه هذا الدفع وأسسه وأسبابه" ثم بقوله: "وحيث إن الثابت من الأوراق أن المتهم يعمل موظفاً عمومياً حيث إنه يعمل محاسباً بقطاع الشئون المالية بمؤسسة.... ومراقباً مالياً وأميناً لصندوق لجنة علاج أسر العاملين.... وأموالها أموال عامة ومن ثم فلا محل للقول بأن المتهم ليس موظفاً عاماً وأن الأموال المستولى عليها هي أموال خاصة" وهو رد لا يواجه دفاع الطاعن بشأن استقلال أموال صندوق علاج أسر العاملين عن مؤسسة..... وعن اللجنة النقابية بها، إذ لا يبين منه صلة صندوق العلاج هذا بالمؤسسة وما إذا كان مال الصندوق مملوكاً لها كله أو بعضه أو أنه خاضع لإشرافها أو لإرادتها، وهي الأمور التي تتحقق بها صفة المال العام التي نازع الطاعن في وجودها وفضلاً عما سلف فإنه لما كان دفاع الطاعن بشأن صرف المبالغ موضوع الدعوى لأربابها يعد - في خصوص الدعوى الماثلة - دفاعاً جوهرياً يترتب على ثبوته أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، وكان خليقاً بالمحكمة أن تحقق هذا الدفاع بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو أن ترد عليه بما ينفيه، وإذ كانت المحكمة قد أعرضت كلية عن هذا الدفاع فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق إخلاله بحق الدفاع معيباً بالقصور الذي يستوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 1632 لسنة 60 ق جلسة 17 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 191 ص 1266

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة وحامد عبد الله وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة.

--------------

(191)
الطعن رقم 1632 لسنة 60 القضائية

(1) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم "الإجراءات القاطعة للتقادم".
انقطاع المدة المسقطة للدعوى الجنائية بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة الصحيحة.
إعلان المتهم بالحضور لجلسة المحاكمة إعلاناً صحيحاً وكذا صدور حكم من محكمة مختصة بإصداره يقطع أيهما مدة السقوط. ولو كان الحكم صادراً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. أساس ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام".
حرية القاضي الجنائي في تكوين اقتناعه من أي دليل له مأخذه في الأوراق.
(3) خطأ. مسئولية جنائية. قتل خطأ. إصابة خطأ.
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً في جريمة القتل والإصابة الخطأ. موضوعي.
(4) قتل خطأ. إصابة خطأ. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مسئولية جنائية.
السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ. هي مجاوزة الحد الأدنى الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه. تقدير ذلك. موضوعي.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم بما لا أثر له في قضائه. غير مقبول.

----------------
1 - من المقرر أن المدة المسقطة للدعوى الجنائية تنقطع بأي إجراء يتم في الدعوى بمعرفة السلطة المنوط بها القيام به سواء أكان من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وتسري مدة التقادم من يوم الانقطاع وبالتالي فإن إعلان المتهم بالحضور بجلسة المحاكمة إعلاناً صحيحاً وحضوره جلسات المحاكمة وكذلك صدور حكم من محكمة مختصة بإصداره يقطع أيهم المدة المسقطة للدعوى. ولا يغير من هذا النظر أن تكون الدعوى الجنائية قد رفعت بداءة ممن لا يملك رفعها قانوناً على خلا ما تقضي به المادتين 63، 332 من قانون الإجراءات الجنائية - ذلك أنه وإن كان لا يحق للمحكمة في هذه الحالة أن تتعرض لموضوع الدعوى بل عليها أن تقصر حكمها على عدم قبولها باعتبار أن باب المحاكمة موصد أمامها - إلا أنه نظراً لأنه يتعين عليها - في سبيل القضاء بذلك - أن تستظهر ما تقتضيه المادتان المشار إليهما - أي أن تتحقق من صفة الموظف أو المستخدم العام ومن أنه ارتكب الجريمة في أثناء تأدية وظيفته وبسببها بما يقتضيه ذلك من إعلان المتهم والشهود لحضور جلسات المحاكمة وخلاف ذلك من الإجراءات القضائية، ومن ثم فإن مثل هذه الإجراءات وكذا الحكم الصادر في الدعوى متى تم كل منهما صحيحاً في حد ذاته فلا مراء أنه يقطع التقادم - ومتى كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن ما ينعاه الطاعن في خصوص هذا الأمر يكون غير مقبول.
2 - من المقرر أن القاضي الجنائي حر في أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق.
3 - من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً في جريمة القتل والإصابة الخطأ مما يتعلق بموضوع الدعوى.
4 - من المقرر أن السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ ليست لها حدود ثابتة إنما هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح وأن تقدير ذلك كله من المسائل الموضوعية التي يترك أمرها لمحكمة الموضوع وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين خطأ الطاعن استناداً إلى الأدلة التي أوردها في خصوص ذلك وكنه الضرر وأقام رابطة السببية بينهما، فإن ما ينازع فيه الطاعن في هذا الشق يكون غير مقبول.
5 - لما كان البين من مدونات الحكم أنه لم يركن في إثبات الخطأ لدى الطاعن إلى أنه كان نائماً عند ارتكاب الحادث، ومن ثم فلا جدوى مما يدعيه من أن الشاهد.... لم يقرر أنه كان نائماً أو مستيقظاً عند ذلك، إذ أنه لا أثر له في قضاء الحكم ومن ثم يكون ما ينعاه في هذا الشق غير سائغ.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1 - تسبب بخطئه في وفاة كل من.... و.... و.... و..... وإصابة.... وقد كان ذلك ناشئاً عن إهمال ورعونته وعدم احترازه بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر ولم يتحر خلو الطريق أمامه فاصطدم بسيارة أخرى كان يستقلها المجني عليهم سالفي الذكر ونجم عن ذلك حدوث إصابتهم المبينة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياة من الأول إلى الرابع وإصابة الأخير على النحو المبين بالأوراق. 2 - قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص وأموالهم للخطر. وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 1، 3، 244/ 1، 2 من قانون العقوبات المعدل والمواد 1، 2، 3، 4، 77، 79 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 210 لسنة 1980 واللائحة التنفيذية. ومحكمة جنح ناصر قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام أولاً: برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. ثانياً: بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ عما أسند إليه. استأنف. ومحكمة بني سويف الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً، أولاً: بقبول الاستئناف شكلاً. ثانياً: برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم. ثالثاً: وفي موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

لما كان من المقرر أن المدة المسقطة للدعوى الجنائية تنقطع بأي إجراء يتم في الدعوى بمعرفة السلطة المنوط بها القيام به سواء أكان من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وتسري مدة التقادم من يوم الانقطاع وبالتالي فإن إعلان المتهم بالحضور بجلسة المحاكمة إعلاناً صحيحاً وحضوره جلسات المحاكمة وكذلك صدور حكم من محكمة مختصة بإصداره يقطع أيهم المدة المسقطة للدعوى، ولا يغير من هذا النظر أن تكون الدعوى الجنائية قد رفعت بداءة ممن لا يملك رفعها قانوناً على خلا ما تقضي به المادتين 63، 332 من قانون الإجراءات الجنائية - ذلك أنه وإن كان لا يحق للمحكمة في هذه الحالة أن تتعرض لموضوع الدعوى بل عليها أن تقصر حكمها على عدم قبولها باعتبار أن باب المحاكمة موصد أمامها - إلا أنه نظراً لأنه يتعين عليها - في سبيل القضاء بذلك - أن تستظهر ما تقتضيه المادتين المشار إليهما - أي أن تتحقق من صفة الموظف أو المستخدم العام ومن أنه ارتكب الجريمة في أثناء تأدية وظيفته وبسببها بما يقتضيه ذلك من إعلان المتهم والشهود لحضور جلسات المحاكمة وخلاف ذلك من الإجراءات القضائية، ومن ثم فإن مثل هذه الإجراءات وكذا الحكم الصادر في الدعوى متى تم كل منهما صحيحاً في حد ذاته فلا مراء أنه يقطع التقادم - ومتى كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن ما ينعاه الطاعن في خصوص هذا الأمر يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القاضي الجنائي حر في أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق، كما وأن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً في جريمة القتل والإصابة الخطأ مما يتعلق بموضوع الدعوى، كما وأن السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ ليست لها حدود ثابتة، إنما هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح وأن تقدير ذلك كله من المسائل الموضوعية التي يترك أمرها لمحكمة الموضوع. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين خطأ الطاعن استناداً إلى الأدلة التي أوردها في خصوص ذلك وكنه الضرر وأقام رابطة السببية بينهما، فإن ما ينازع فيه الطاعن في هذا الشق يكون غير مقبول. لما كان البين من مدونات الحكم أنه لم يركن في إثبات الخطأ لدى الطاعن إلى أنه كان نائماً عند ارتكاب الحادث، ومن ثم فلا جدوى مما يدعيه من أن الشاهد.... لم يقرر أنه كان نائماً أو مستيقظاً عند ذلك، إذ أنه لا أثر له في قضاء الحكم ومن ثم يكون ما ينعاه في هذا الشق غير سائغ ويضحى الطعن برمته غير مقبول.

الطعن 19917 لسنة 62 ق جلسة 18 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 193 ص 1277

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد وطه سيد قاسم نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن فهمي.

----------------

(193)
الطعن رقم 19917 لسنة 62 القضائية

اختلاس أشياء محجوزة. حجز إداري. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تعيين حارس على الأشياء المحجوزة. شرط لانعقاد الحجز. عدم الاعتداد برفض المدين أو الحائز للحراسة. متى كان أيهما حاضراً وقت الحجز. أساس ذلك؟
خلو الحكم من بيان سنده في أن المتهمة حارسة على الرغم من عدم قبولها الحراسة وأنها ليست حائزة. قصور.

---------------
لما كانت المادة 11 من القانون رقم 308 لسنة 1955 تنص على أنه "يعين مندوب الحجز عند توقيع الحجز حارساً أو أكثر على الأشياء المحجوزة. ويجوز تعيين المدين أو الحائز حارساً، وإذ لم يوجد من يقبل الحراسة وكان المدين أو الحائز حاضراً كلفه بالحراسة ولا يعتد برفضه إياها...." فإن مؤدى ذلك أنه يشترط لانعقاد الحجز وجوب تعيين حارس لحراسة الأشياء المحجوزة إلا إذا كان المدين أو الحائز حاضراً كلف بالحراسة، فلا يعتد برفضه إياها، لما كان ما تقدم، وكان الثابت من المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعنة ليست حائزة ورفضت الحراسة وقد خلا الحكم من بيان سنده في اعتبار الطاعنة حارسة رغم عدم قبولها الحراسة فإنه يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها بددت المنقولات المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والمملوكة لـ..... والمحجوز عليها قضائياً لصالح محكمة مطاى للأحوال الشخصية والمسلمة إليها على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلستها لنفسها إضراراً بالجهة الحاجزة. وطلبت عقابها بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح مطاى قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهمة شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ. عارضت وقضى في معارضتها بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنفت. ومحكمة المنيا الابتدائية - مأمورية بني مزار الاستئنافية - قضت حضورياً.... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بالاكتفاء بحبس المتهمة أسبوعين مع الشغل.
فطعن الأستاذ/..... المحامي عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة اختلاس أشياء محجوزة، جاء مشوباً بالخطأ في القانون ذلك بأنه اعتبرها حارسة على الأشياء المحجوزة رغم أنها لم تقبل الحراسة وليست مدينة ولا حائزة، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعنة بأنها بددت الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لـ..... والمحجوز عليها قضائياً لصالح محكمة مطاى للأحوال الشخصية والتي سلمت إليها على سبيل الوديعة لحراستها فاختلستها لنفسها، وحصل الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى، في قوله "وحيث إن واقعات الدعوى تخلص أنه بتاريخ..... حرر محضر تبديد لصالح.... بناء على الأحكام الصادرة من قلم مطاى أحوال شخصية برقم... لسنة.....، ..... لسنة.... وأنه انتقل محضر قلم مطاى لمحل إقامة..... مخاطباً مع زوجته.... نظير مبلغ قدره 421.970 جنيهاً فقام بتوقيع الحجز على المنقولات المبينة الوصف بالأوراق وقام بتعيين.... حارسة على تلك المنقولات وتم تحديد يوم.... للبيع ويوم..... وبتاريخ...... انتقل المحضر لمحل إقامة..... مخاطباً مع خاله..... أنه انتقل لمحل مكان البيع لم يجد المنقولات فقام بتحرير محضر التبديد قبلها". ولما كان ذلك، وكانت المادة 11 من القانون رقم 308 لسنة 1955 تنص على أنه "يعين مندوب الحجز عند توقيع الحجز حارساً أو أكثر على الأشياء المحجوزة. ويجوز تعيين المدين أو الحائز حارساً، وإذ لم يوجد من يقبل الحراسة وكان المدين أو الحائز حاضراً كلفه بالحراسة ولا يعتد برفضه إياها...." فإن مؤدى ذلك أنه يشترط لانعقاد الحجز وجوب تعيين حارس لحراسة الأشياء المحجوزة إلا إذا كان المدين أو الحائز حاضراً كلف بالحراسة، فلا يعتد برفضه إياها، لما كان ما تقدم، وكان الثابت من المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعنة ليست حائزة ورفضت الحراسة وقد خلا الحكم من بيان سنده في اعتبار الطاعنة حارسة رغم عدم قبولها الحراسة فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى مما يتعين نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.