جلسة 6 من يناير سنة 2005
برئاسة
السيد المستشار / عادل عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مصطفى الشناوي ، أحمد عبد القوى أيوب ،
أحمد مصطفى وعبد الرسول طنطاوي نواب رئيس المحكمة .
--------------
(8)
الطعن 24987 لسنة 74 ق
(1) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
حكم " تسبيبه . تسبيب غير
معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . رشوة . موظفون عموميون .
مدير المدرسة الخاصة يعد في حكم الموظف العام في
مجال جريمة الرشوة ويخضع لرقابة وزارة التربية والتعليم . أساس وعلة ذلك ؟
الجمعية التعاونية التعليمية . تعريفها ؟ المادة الأولى من القانون رقم 1
لسنة 1990 .
المادة 112 من قانون العقوبات . مجال تطبيقها ؟
بيان الحكم أن الطاعن في حكم الموظف العام طبقا للفقرة
"هــ" من المادة
119 مكرراً والفقرة " و" من المادة 119 من قانون العقوبات وتطبيقه في حقه
المادة 112 من قانون العقوبات . صحيح .
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بانتفاء صفة الموظف
العام فى جريمة الرشوة .
(2) جريمة " أركانها " .
حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . رشوة . قانون " تفسيره " .
الفائدة التي يحصل عليها المرتشي . غير قاصرة على الأمور
المادية فقط . شمولها الفائدة المعنوية سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة بما فيها
المتع الجنسية أياً كانت صورها . أساس ذلك
؟
طلب الطاعن من السيدات الواردة أسمائهن بالحكم
مواقعتهن لأداء عمل من أعمال وظيفتهن يتحقق به معنى العطية كمقابل للرشوة.
(3) دفوع " الدفع بعدم جواز
نظر الدعوى لسبق صدور أمر بالأوجه لإقامة الدعوي الجنائية " . رشوة . نقض
" أسباب الطعن . مالا يقبل منها " .
المغايرة
التي تمنع من القول بوحدة السبب . تتحقق بالذاتية القائمة لكل واقعة .
مثال
لتسبيب سائغ لرفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لصدور أمر بألا وجه فيها لاختلاف السبب والموضوع في جريمة رشوة .
(4) بطلان . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره "
حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . استدلالات .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التسجيل والضبط
والتفتيش . موضوعي .
مثال
لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بوضع هاتف المتهم تحت المراقبة
لعدم جدية التحريات وصدوره عن جريمة مستقبلة .
(5) إثبات "بوجه عام" . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " .
الأعمال
الإجرائية . جريانها على حكم الظاهر . عدم إبطالها من بعد نزولا على ما يتكشف من
أمر الواقع .
صدور
إذن التفتيش لضبط جريمة استغلال نفوذ . صحة ضبط ما ينكشف عرضا من جرائم أخرى . أثر
ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان الإذن الصادر بمراقبة المحادثات التليفونية .
(6) رقابة إدارية . نقض ." أسباب الطعن .
مالا يقبل منها " .
انتهاء
الحكم المطعون فيه ان الطاعن يعمل مدير المدرسة التى تخضع لإشراف وزارة التربية
والتعليم واعتبار أموالها أموالاً عامة . انبساط اختصاص الرقابة الإدارية عليها. صحيح . أساس ذلك ؟
مثال .
(7) إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه
. تسبيب غير معيب " محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
تقدير
أقوال الشهود . موضوعي .
مثال.
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل
" . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استظهار
الحكم لأدلة جريمة الاختلاس . لا أثر للظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة .
مثال
.
(9) إثبات
" خبرة " .
بيان
واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة . وإيراد مؤدى تقرير
أبحاث التزييف والتزوير في بيان واف . لا قصور .
(10) اختلاس . تزوير . عقوبة " العقوبة
المبررة " نقض" المصلحة في
الطعن" .
لا
مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمة التزوير . ما دامت العقوبة المقضي بها
تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الاختلاس باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد.
المادة 32 عقوبات .
(11) إثبات " بوجه عام " " شهود
" . حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل
منها .
جواز
إيراد مؤدى شهادة الشهود جملة . متى انصبت على واقعة واحدة .
تحصيل
مدونات الحكم أسماء بعض أولياء أمور الطلاب الذين استند الى أقوالهم في إدانة الطاعن . المجادلة في ذلك . غير مقبولة .
(12) إثبات " خبرة " " شهود " . نقض " أسباب
الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بخصوص دليل لم يستند إليه في الإدانة
.غير مقبول.
مثال .
(13) إثبات "شهود". إكراه
. دفوع " الدفع ببطلان أقوال الشاهد
للإكراه " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع
بصدور أقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة تحت تأثير إكراه . عدم جواز إثارته
لأول مرة أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
(14) إثبات " شهود" . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل
منها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات . متى قبل
المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً ولا يحول عدم سماعهم دون الاعتماد على
أقوالهم . مادامت مطروحة على بساط البحث .
(15) إثبات " أوراق رسمية " " بوجه عام " . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن
تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . مادام يصح في العقل والمنطق أن يكون
غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
(16) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". دفوع " الدفع بنفي التهمة " .
بيان المحكمة مقارفة الطاعن لجريمة الاختلاس وعدم
الأخذ بدفاعه لنفى التهمة . لا قصور .
(17) إجراءات "إجراءات المحاكمة " . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا
يوفره " .
الطلب
الذى تلتزم المحكمة بإجابته . هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عنه
في طلباته الختامية .
قرار المحكمة في صدد تجهيز الدعوي وجمع الأدلة . تحضيري . لا تتولد عنه
حقوق للخصوم توجب حتمية العمل علي تنفيذه .
مثال
.
(18) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مثال
لتسبيب سائغ ينتفى فيه التناقض .
(19) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها
" " المصلحة في الطعن " .
المصلحة
. شرط لازم في كل طعن .
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى
بما حاصله أن الطاعن بصفته في حكم الموظف العام ..... التابعة للمعاهد القومية
الخاضعة لإشراف ورقابة وزارة التربية والتعليم طلب عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب مواقعة كل من السيدتين .......
و...... على سبيل الرشوة مقابل قيد نجلي الأولى ورعاية أبناء الثانية بالمدارس
التي يتولى إدارتها ، كما طلب من السيدة ...... مواقعتها جنسياً على سبيل الرشوة
مقابل استغلال نفوذه لدى وزارة التربية والتعليم وحصوله على موافقة وزير التربية
والتعليم على عقد امتحان خاص لابنها وقيده بالمدارس التي يديرها ، كما اختلس مبلغ عشرة
آلاف وخمسين جنيهاً وجدت في حيازته بسبب وظيفته بأن قام والمتهمان الثاني والثالث
باصطناع سبعة وعشرين طلباً نسبها لبعض أولياء الأمور بالمدارس لاسترداد مبالغ سبق
أن تبرعوا بها للمدارس بجملة قيمة هذا المبلغ واستخرج بها المتهمان المذكوران
شيكات بقيمة هذا المبلغ وأمهراها من المتهم الأول وقام الثالث بصرفها وسلماه
المبلغ فاختلسه لنفسه ، كما اختلس الطاعن - أيضاً - أموالاً وجدت في حيازته بسبب
وظيفته بأن صرف مبلغ تسعة وتسعون ألف وستمائة وثمانون جنيهاً من أموال الجهة التي
يعمل بها كمكافآت وحوافز ، كما اشترك مع مجهول في اصطناع محرر مزور هو قرار لمجلس
إدارة المدارس التي يتولى إدارتها على منحه هذه المكافآت ليعرضه على وزير التربية
والتعليم لإقراره ، وذلك بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن اتفق معه على اصطناع ذلك
المحرر وأمده ببياناته والخاتم اللازمة لاعتماده فقام المجهول باصطناعه
ووقع عليه بتوقيعات مزورة واستعمله الطاعن بأن قدمه للوزير للموافقة على صرف ما
ورد به . وبعد أن ساق الحكم للتدليل على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة
سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها عرض لدفاع الطاعن القائم على انه
ليس بموظف عام أو من في حكمه وأن الأموال المقال باختلاسه لها تنحسر عنها صفة
المال العام ورد عليه في قوله : " .... أن المتهم الأول – الطاعن - يعمل
مديراً لمدارس ....... التابعة لإدارة ..... التعليمية - قسم التعليم الخاص -
والتابعة أيضاً للمعاهد القومية وجميعها تتبع وزارة التربية والتعليم وتحت إشرافها
وقد صدر قرار وزير التربية والتعليم بتعينه مديراً لها ، فإنه يعد في حكم الموظف العام في
تطبيق أحكام البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني بقانون العقوبات المتضمن
المادتين 103 ، 112 المنطبقتين على واقعة الدعوى ومن ثم فإن المحكمة تقضى
بتوافر صفة الموظف العام في حق المتهم وأن ما يثيره من دفاع في هذا الصدد يكون غير
سديد في القانون جديراً بالرفض . لما كان المال محل جريمة الاختلاس ملك مدارس ....
التي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم وتقوم بالرقابة المالية على أوجه الصرف
المختلفة لهذا المال وتحديد رواتب وحوافز العاملين بها وتعيينهم كما أنها تقوم
بتنظيم استعمال هذه الأموال وأوجه إنفاقها ومحاسبة المسئولين على إدارتها وتحديد
الاختصاصات المالية والإدارية للعاملين بها ، فإن أموال هذه المدارس أموال عامة لخضوعها
لإشراف ورقابة وزارة التربية والتعلم ويصبح قول المتهم بأن المال محل جريمة
الاختلاس ليس من الأموال العامة بدون سند " . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة
الأولى من المادة 111 من قانون العقوبات قد نصت على أنه يعد في حكم الموظفين فى
نصوص هذا الفصل : " 1 المستخدمون في المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت
رقابتها " . وكان المشرع إذ نص في المادة 56 من القانون رقم 139 لسنة 1981
بإصدار قانون التعليم على أن : "
تخضع المدارس الخاصة لإشراف وزارة التربية والتعليم والمديريات التعليمية
بالمحافظات " ، وفي المادة 66 من ذات القانون على أن : " تتولى المديرية
التعليمية المختصة الإشراف على المدارس الخاصة من كافة النواحي شأنها في ذلك شأن
المدارس الرسمية ، كما تتولى التفتيش المالي والإداري عليها " . كما نص في
المادة التاسعة من القانون رقم 1 لسنة 1990 بشأن الجمعيات التعاونية التعليمية على
أن : " تخضع الجمعيات التعاونية التعليمية والجمعيات المشتركة والجمعيات
العامة والمدارس التابعة لها للإشراف المباشر لوزارة التعليم ويكون وزير التعليم
هو الوزير المختص بالنسبة لها " . يكون بذلك قد أفصح عن أن المدارس الخاصة هي
من المصالح الموضوعة تحت رقابة وزارة التربية والتعليم ، مما يوفر في حق الطاعن
باعتباره مديراً لمدرسة خاصة أنه في حكم الموظفين العموميين في مجال جريمة الرشوة
، ويتفق وحكم الفقرة الأولى من المادة 111 من قانون العقوبات التي استند إليها
الحكم في إطراح دفاع الطاعن . لما كان ذلك ، وكانت المادة الأولى من القانون رقم 1
لسنة 1990 سالف الذكر تنص على أنه : " تعتبر جمعية تعاونية تعليمية كل جمعية
تعاونية تنشأ بهدف تأسيس المدارس الخاصة وإدارتها طبقاً للقانون رقم 139 لسنة 1981
بإصدار قانون التعليم ". وكان من المقرر قانوناً أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات
المعدلة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 يشمل كل موظف عام أو من في حكمه ممن نصت عليهم
المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات يختلس ما لا تحت يده متى كان المال قد سلم
إليه بسبب وظيفته ، ويتم الاختلاس في هذه الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف
فيما يحوزه بصفة قانونية من مال مسلم إليه أو وجد في عهدته بسبب وظيفته ، يستوي في
ذلك أن يكون المال عاماً أو خاصاً لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في
عهدته بسبب وظيفته ، وكان الطاعن لا يجادل في أنه مدير لمدرسة تابعة للجمعية
التعاونية التعليمية للمعاهد القومية ، وقد أثبت الحكم أنه قام بغير حق وبهذه الصفة بصرف مبالغ من أموالها ، والمسلمة إليه قانوناً ، وذلك بنية اختلاسها ، فإن
الحكم المطعون فيه إذ عد الطاعن في حكم الموظفين العموميين وفقاً للفقرة " هــ
" من المادة 119 مكرراً والفقرة " و " من المادة 119 من قانون
العقوبات وطبق في حقه المادة 112 من ذات القانون ، يكون قد طبق القانون على وجهه
الصحيح ، فإن كل ما يثيره من دعوى الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب في
إطراح دفاعه القائم على أنه ليس بموظف عام أو من في حكمه ممن نصت عليهم المادتان 111 ، 119 مكرراً من
قانون العقوبات في مجال تطبيق نص المادتين 103 ، 112 من ذات القانون وعدم توافر أركان جريمتي الرشوة والاختلاس
المنصوص عليهما بالمادتين المذكورتين ، وقوله بأن المادة 106 مكرراً (أ) من
القانون المذكور هي المنطبقة على واقعة الرشوة يكون على غير أساس .
2 - من المقرر أن المادة 107 من قانون العقوبات
تنص على أنه : " يكون من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي
أو الشخص الذى عينه لذلك أو علم به ووافق عليه أياً كان اسمها أو نوعها وسواء كانت
هذه الفائدة مادية أو غير مادية " . فإن مفاد هذا النص أن الفائدة التي يحصل
عليها المرتشي ليست قاصرة على الماديات فقط ، وإنما يدخل فيها أيضاً وطبقاً للنص الفائدة غير المادية
التي تشمل الجوانب المعنوية سواء أكانت مشروعة أو غير مشروعة والتي يدخل فيها
المتع الجنسية أياً كانت صورها والتي تجردت من صفة المشروعية ، يدل على ذلك أن
التعبير الوارد في النص كان مطلقاً وذلك في قوله عن الفائدة " أياً كان اسمها
أو نوعها " بل أضاف في وصفها قوله : " سواء أكانت هذه الفائدة مادية أو
غير مادية " ، وإذ كان الأمر كذلك ، فإن طلب الطاعن من السيدات الوارد
أسمائهن بالحكم مواقعتهن لأداء عمل من أعمال وظيفته قيد ابنة إحداهما ورعاية أبناء الأخرى بالمدارس التي
يديرها أو لاستعمال نفوذ حقيقي الحصول على موافقة وزير التربية والتعليم على
عقد امتحان خاص لابن الثالثة وقيده بالمدارس التي يديرها يتحقق به معنى العطية كمقابل للرشوة ، ويكون ما
ينعاه الطاعن على الحكم من أن نص جريمة الرشوة لا يتسع للرشوة الجنسية ، لأن
العلاقة الجنسية لا تصلح لأن تكون منفعة مقابل الرشوة ، غير سديد .
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم
جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر حفظ فيها في الشكوى رقم ... لسنة .... كسب غير
مشروع وأطرحه في قوله : " .... لما كان الثابت أن الدعوى المطروحة والمنسوبة
إلى المتهم هي جرائم الرشوة الجنسية واختلاس أموال عامة وتزوير واستعمال محرر مزور
يحكمها مواد نصوص قانون العقوبات في البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني فى
حين أن شكوى الكسب غير المشروع كان موضوعها استغلال المتهم الأول الطاعن لوظيفته ونفوذه لدى بعض المسئولين بالدولة لتقديم خدمات للمواطنين نظير
مبالغ مالية ، واستيلائه على مبالغ من حساب المدارس التي يعمل بها ، واستغلاله أولياء
أمور التلاميذ فى تحصيل تبرعات يحتفظ بها لنفسه ، فإنه بذلك قد اختلف موضوع وسبب
الدعوى المطروحة عن موضوع وسبب الشكوى بالكسب غير المشروع ، ففي حين سبب الدعوى
المطروحة هي الرشوة الجنسية والاختلاس لمبالغ محددة على سبيل الحصر وارتكاب جرائم
التزوير واستعمال محرر مزور ، نجد أن سبب شكوى الكسب غير المشروع هو استغلال نفوذه
لدى المسئولين بالدولة ، ولا يمكن القول هنا بأن الموضوع واحد أو الواقعة واحدة
متعددة الأوصاف لأن الوقائع فى الدعوى المطروحة تختلف عن وقائع شكوى الكسب غير
المشروع ، فضلاً عن اختلاف موضوع الدعوى لاختلاف النص القانوني ، ففي الدعوى
المطروحة موضوعها خضوعه لنص قانوني لجرائم الرشوة والاختلاس والتزوير واستعمال
محرر مزور لما في ذلك من إخلال بالوظيفة العامة ، أما قوام جريمة الحصول على كسب
غير مشروع هو زيادة تطرأ على ثروة المتهم وأسرته بعد توليه الوظيفة بما لا يتناسب
مع موارده المشروعة وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها . ولما كان ما سلف ، فقد اختلف
سبب وموضوع شكوى الكسب غير المشروع ، وبذلك انتفت شروط حجية الأمر بألا وجه لإقامة
الدعوى ، مما تقضى معه المحكمة برفض الدفع المبدى من المتهم الأول الطاعن .. " . لما كان ذلك ، وكان يبين من
المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم فيما
تقدم في شأن الشكوى رقم ... لسنة .... كسب
غير مشروع له معينه الصحيح من الأوراق ، وكان ما أورده في مدوناته في شأنها
يبين منها أن واقعتها مختلفة عن الوقائع موضوع الدعوى المطروحة ومستقلة عنها وأن
لكل منهما ذاتية وظروف خاصة تتحقق بها الغيرية التي يمتنع معها القول بوحدة
الواقعة في الدعويين ، فإنه يكون قد فصل في مسألة موضوعية تستقل بالفصل فيها محكمة
الموضوع ، ويضحى ما انتهى إليه من رفض لهذا الدفع متفقاً وصحيح القانون .
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى ما دفع
به الطاعن من بطلان الإذن الصادر من النيابة العامة بوضع هاتفه تحت المراقبة
لابتنائه على تحريات غير جدية وصدوره عن جريمة مستقبلة ، ورد عليه فى قوله :
" ... أن عضو الرقابة الإدارية أجرى تحرياته بتاريخ 2/9/1995 تضمنت بيان اسم
المتهم الأول وعمله وأنه يستغل نفوذه لدى بعض المسئولين بالدولة ثم تلى ذلك محضر
تحريات بتاريخ 18/9/1995 تضمنت أن المتهم الأول يستغل نفوذه كما استولى على بعض
أموال مدارس ..... وتضمنت بعض الأشخاص الآخرين الذين يحصل منهم المتهم الأول على
بعض المبالغ ومن يساعده في ذلك ، وكانت المحكمة تطمئن إلى جدية تلك التحريات لأنها
شملت أسماء من ذكرتهم ووظيفتهم وأرقام هواتفهم ومن بينهم المتهم الأول ، كما تضمنت
الجريمة محل التحريات وهي استغلال نفوذ المتهم الأول بالاتفاق مع آخر على استلام
قطعة أرض في مدينة الشروق مقابل مبلغ مالي ، فضلاً عن اختلاس المتهم الأول
لإيرادات المدرسة لنفسه ومنها تبرعات أولياء الأمور ، فإن المحكمة اطمئناناً منها
إلى جدية التحريات تقر النيابة العامة في إصدار إذنها بتسجيل المحادثات التليفونية
للمتهم الأول ، لأن تلك التحريات كافية لإصدار الإذن بالتسجيل ، وأن المقصود بها
هو المتهم الأول عن جريمة وقعت منه ، ويصبح النعي على تلك التحريات بعدم الجدية
دون سند جديراً بالرفض " . فإن ما أورده الحكم في شأن صحة الإذن الصادر من
النيابة العامة سائغ ويستقيم به الرد على دفاع الطاعن ، لما هو مقرر من أن تقدير
جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتسجيل متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف
محكمة الموضوع ، فمتى كانت المحكمة على ما
أفصحت عنه فيما تقدم قد اقتنعت بجدية
الاستدلالات التي بني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره ، وتحققت من وقوع
الجريمة المطلوب استصدار الإذن عنها ، وصحة نسبتها إلى مقارفها ، وأقرت النيابة
على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون
.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد الدفع
ببطلان الإذن الصادر بمراقبة المحادثات التلفونية لاستخدامه في الكشف عن جريمة
أخرى غير التي انصبت عليها التحريات ورد عليه بقوله : " .... إنه من الثابت
أن جريمة الرشوة الجنسية قد تم رصدها وضبطها أثناء تسجيل المحادثات التليفونية
لجريمة استغلال النفوذ التي صدر الإذن لضبطها محل محضر تحريات جدى ولم يكن نتيجة
سعى رجل الضبط القضائي للبحث عنها وإنما كان عرضاً ونتيجة لما يقتضيه أمر البحث
والتسجيل عن جريمة استغلال النفوذ ، ويكون ما توصل إليه عضو الرقابة الإدارية من
وقوع جريمة الرشوة صحيحاً في القانون مما ترى معه المحكمة رفض هذا الدفع "
. وكان من المقرر في صحيح القانون بحسب التأويل الذى استقر عليه قضاء هذه
المحكمة أن الأصل في الأعمال الإجرائية
أنها تجرى على حكم الظاهر وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما ينكشف من أمر الواقع ،
وقد أعمل المشرع هذا الأصل وأدار عليه نصوصه ورتب أحكامه ، ومن شواهده ما نصت عليه
المواد 30 ، 163 ، 382 من قانون الإجراءات الجنائية ، مما حاصله أن الأخذ بالظاهر
لا يوجب بطلان العمل الإجرائي الذي يتم على مقتضاه وذلك تيسيراً لتنفيذ أحكام
القانون وتحقيقاً للعدالة حتى لا يفلت الجناة من العقاب ، فإذا كان الثابت من
التحريات أن الطاعن كان يستغل نفوذه ، فصدر الإذن من النيابة العامة على هذا
الأساس ، فانكشفت جريمة الرشوة الجنسية عرضاً أثناء تنفيذه ، فإن الإجراء الذى تم
يكون مشروعاً ، ويكون أخذ المتهم بنتيجته صحيحاً ، ولا يصح الطعن بأن ما تم فيه
تجاوز للأمر الصادر للمأذون له ، مادام هو لم يقم بأي عمل إيجابي بقصد البحث عن جريمة
أخرى غير التي صدر من أجلها الأمر . فمن البداهة أن الإجراء المشروع لا يتولد عن
تنفيذه في حدوده عمل باطل ، لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهتي الصحة والبطلان
بمقدماتها لا بنتائجها ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر عند رفضه للدفع
سالف الذكر فإنه يكون بمنأى عن مخالفة القانون ، ويضحى النعي في هذا المقام غير
سديد .
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع
ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة لتفتيش مكتبه لصدوره لعضو الرقابة
الإدارية وهو ليس من مأموري الضبط
القضائي ولأن الطاعن ليس من الموظفين العموميين
المخاطبين بأحكام قانونها ، وأطرحه في قوله : " لما كان القانون رقم 54 لسنة
1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية قد نص على أن تباشر الرقابة الإدارية صفة
مأمور الضبط القضائي ويكون اختصاصها في الجهاز الحكومي وفروعه والهيئات العامة
والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع
الخاص التي تباشر أعمالاً عامة وكذلك جميع الجهات التي تسهم الدولة فيها بأي وجه
من الوجوه ، وقد حدد قانون الرقابة الإدارية الأشخاص الذين تباشر الهيئة اختصاصها
بالنسبة لهم دون غيرهم وهم موظفي الحكومة والجمعيات العامة والخاصة
وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر أعمالاً عامة ، وكانت المحكمة قد انتهت في أسبابها
أن المتهم الأول هو في حكم الموظف العام وأن أموال مدارس ..... التي يعمل المتهم
مديراً لها أموال عامة ، فإن المتهم الأول يعد في حكم الموظفين العموميين الذي
يبسط سلطان الرقابة الإدارية على عمله ويكون لها الاختصاص في صفة الضبطية القضائية
على المخالفات التي تقع منه ويتوافر اختصاصها في جمع التحريات وأعمال الاستدلال
على أعماله ، ويصبح الدفع المبدى من المتهم جديراً بالرفض " . وما أورده
الحكم فما تقدم في رده على الدفع سالف الذكر يتفق وصحيح
القانون ذلك بأن المادة الثانية من القانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة
الإدارية تنص على أنه : "مع عدم الإخلال بحق الجهة الإدارية في الرقابة وفحص
الشكوى والتحقيق ، تختص الرقابة الإدارية بالآتي : (ح) الكشف عن المخالفات المالية
والإدارية والجرائم الجنائية التي تقع من الموظفين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم
والعمل على منع وقوعها وضبط ما يقع منها . كما نصت المادة الرابعة من القانون
المذكور على أن : " تباشر الرقابة الإدارية اختصاصها في الجهاز الحكومي
وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها والجمعيات العامة
والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر أعمالاً عامة وكذلك جميع الجهات التي تسهم
الدولة فيها بأي وجه من الوجوه " . مما يعتبر أن المشرع لا يقصر حق الرقابة
على الموظفين بالمعنى المفهوم في فقه القانون وإنما بسطه ليشمل العاملين في جميع
الجهات والأجهزة المنصوص عليها في تلك المادة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون
فيه قد انتهى صائباً وعلى نحو يتفق وصحيح القانون إلى أن الطاعن الذي يعمل مديراً لمدارس ..... التابعة للمعاهد القومية التي أنشأتها
الجمعية التعاونية للمدارس المذكورة والخاضعة لإشراف وزارة التربية والتعليم والتي تعتبر أموالها من الأموال العامة ، لإشراف ورقابة الوزارة المذكورة
عليها هو في حكم الموظف العام ، فإن
اختصاص الرقابة الإدارية ينبسط عليه ، ويكون هذا الوجه من الطعن في غير محله .
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع
ببطلان الدليل المستمد من التسجيلات الهاتفية فى قوله : " أن المحكمة لم تعول
في قضائها بالإدانة على أي دليل مستمد من التسجيلات التي تمت وإنما عولت في
الإدانة على ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت سالفة البيان ومن ثم لا التزام على
المحكمة بالرد استقلالاً على هذا الدفع " . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون
فيه قد أخذ بأقوال الشاهد الأول عضو هيئة
الرقابة الإدارية باعتبارها دليلاً مستقلاً عن التسجيلات التي أطرحها ولم يعول عليها
في قضائه ، وكان تقدير هذه الأقوال وتحديد مدى صلتها بالتسجيلات هو من شئون محكمة
الموضوع تقدره حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال صدرت
من الشاهد غير متأثرة بالتسجيلات المدعى ببطلانها كما هو الشأن في الدعوى المطروحة جاز لها الأخذ بها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
8 - من المقرر أنه في قضاء هذه المحكمة أن الظروف
التي قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفى قيامها ولا تؤثر على كيانها ، ومادام الحكم
قد استظهر بالأدلة التي أوردها وقوع الاختلاس كما هو معرف به فى القانون ، فإن ما
يثيره الطاعن من أن وزير التربية والتعليم وافق - لاحقاً - على صرف مستحقات الطاعن
المالية التي كانت موضوعاً لجريمة الاختلاس بفرض صحته يكون لا وجه له ، ولا
يصح النعي على الحكم لهذا السبب .
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة
الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة التزوير التي دان الطاعن بارتكابها
، وأورد مؤدى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذي كان من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي
اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن جميعه بشأن
جريمة التزوير لا يكون له محل
10 - من المقرر أنه لا مصلحه للطاعن في النعي على
الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير ، مادامت المحكمة قد طبقت على الطاعن المادة 32
من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة الاختلاس التي
أثبتتها في حقه ، مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر
واستعماله .
11 - لما كان البين من مطالعة مدونات الحكم
المطعون فيه أنه في معرض بيانه لمؤدى أدلة الثبوت ، أورد أسماء بعض أولياء أمور
الطلاب ، الذين استند إلى أقوالهم في إدانة الطاعن ، ومضمون شهادتهم جملة خلافاً لما يزعمه الطاعن . وكان من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب
على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة ، فلا بأس على المحكمة إن هي
أوردت مؤدى شهادتهم جملة ثم نسبته إليهم جميعاً تفادياً للتكرار الذى لا موجب له ،
فإن منعى الطاعن على الحكم بقالة القصور في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
12 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه
ومن استدلاله أنه لم يتساند في الإدانة على دليل مستمد من تقرير لجنة الجرد ،
وإنما استند في تحديد المبلغ المختلس على ما قال به الشاهد .... في هذا الصدد ،
فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور لعدم بيان مؤدى تقرير تلك اللجنة يكون غير
مجد .
13 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن
الطاعن أو الدفاع عنه قد أثار لدى محكمة الموضوع أن إكراها ما قد وقع على الشاهدتين
..... و ..... أو المحكوم عليهما الآخرين ، أو أن أقوال الأولتين وما أقر به
الآخران صدرت تحت تهديد أو وعيد ، ومن ثم لا يقبل من الطاعن إثارة ذلك لأول مرة
أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة . لما
كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة 10 من ديسمبر سنة 2003 أن المدافع عن الطاعن
تنازل عن مناقشة شهود الإثبات واكتفى بأقوالهم الواردة بالتحقيقات .
14 - من
المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه
ذلك صراحة أو ضمنا دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على
أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ،
وكان المدافع عن الطاعن قد تنازل صراحة عن سماع شهود الإثبات – جميعاً – مكتفياً
بتلاوة أقوالهم في التحقيقات فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهم
، ويكون منعاه في هذا الصدد في غير محله .
15 - لما كان لا ينال من سلامة الحكم إطراحه
المستندات التي يتساند إليها الطاعن للتدليل على عدم ارتكابه لجريمة الاختلاس ،
ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو
حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت
إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى
16 - من المقرر أنه بحسب المحكمة أن أقامت الأدلة
على مقارفة الطاعن لجريمة الاختلاس التي دين بها بما يحمل قضائها وهو ما يفيد ضمنا
أنها لم تأخذ بدفاعه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة الإخلال بحق
الدفاع أو القصور في التسبيب يكون غير سديد .
17 - من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة
بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما
يرمى إليه به ، ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية ، وكان ما أثبت على لسان
المدافع عن الطاعن بمحضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه منه
أنه : " يستنكر رفض طلب ضم تحقيقات الشكوى التي انتهى إليها جهاز الكسب غير
المشروع ولا يوجد سرية أمام محكمة الجنايات " لا يعتبر من قبيل الطلبات
الجازمة ، فضلاً عن أن المدافع عن الطاعن لم يصر عليه في طلباته الختامية ، إذ
أختتم مرافعته بطلب البراءة ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب
وأغفلت الرد عليه ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم . ولا يقدح في
ذلك ، أن تكون المحكمة قد أجلت الدعوى لضم الشكوى المشار إليها – رقم ... لسنة ....
كسب غير مشروع من إدارة الكسب غير المشروع – ثم عدلت عن ذلك ، لأن قرار المحكمة
الذى تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا
تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق ، فإن ما
يثيره الطاعن بشأن عدول المحكمة عن قرارها التحضيري بضم تلك الشكوى يكون غير سديد
.
18 - لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى في منطوقه
بعقوبتين مستقلتين إحداهما عن جريمتي الرشوة موضوع التهمتين الأولى والثانية
والأخرى عن جرائم الاختلاس وتزوير المحررات واستعمالها موضوع التهم من الرابعة إلى
السابعة ، وأفصح في أسبابه التي يحمل
المنطوق عليها والتي تعد جزءاً لا يتجزأ منه عن إعماله لنص المادة 32 من قانون العقوبات في
شأن جريمتي الرشوة وكذلك وبالنسبة لجرائم الاختلاس والتزوير والاستعمال وكان لا
يوجد على السياق المتقدم أي تناقض بين ما
أورده الحكم في أسبابه ، وما انتهى إليه منطوقه ، فإن منعى الطاعن على الحكم
بالتناقض في هذا الشأن لا يكون له من وجه .
19 - من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن ،
فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً ، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره في شأن خلو
منطوق الحكم من الإشارة إلى التهمة الثالثة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الصدد لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كل
من (1) ..... " طاعن " (2) ..... (3) ...... بأنهم : (1) المتهم
الأول : أولاً : بصفته في حكم الموظف العمومي (......) طلب عطية لأداء عمل من
أعمال وظيفته بأن طلب مواقعة السيدتين المبين اسميهما بالتحقيقات جنسياً على سبيل
الرشوة مقابل قيد ابنة إحداهما ورعاية أبناء الأخرى بالمدارس التي يتولى إدارتها .
ثانياً : بصفته السابقة طلب عطية لاستعمال نفوذ حقيقي للحصول على قرار من سلطة
عامة بأن طلب من السيدة الوارد أسمها بالتحقيقات مواقعتها جنسياً على سبيل الرشوة
مقابل استغلال نفوذه لدى وزارة التربية والتعليم وحصل على موافقة وزير التعليم على
عقد امتحان خاص لأبنها وقيده بالمدارس التي يتولى إدارتها . ثالثاً : بصفته
السابقة طلب عطية لاستعمال نفوذ مزعوم للحصول على وظيفة عامة بأن طلب من السيدة
المبين أسمها بالتحقيقات مواقعتها جنسياً على سبيل الرشوة مقابل زعمه بنفوذ لدى .....
لتعيين زوجها طياراً بهذه الشركة . رابعاً : بصفته السابقة اختلس أموالاً وجدت في
حيازته بسبب وظيفته بأن اختلس مبلغ عشرة آلاف وخمسين جنيهاً من أموال الجهة التي
يعمل بها وقد ارتبطت تلك الجريمة بجريمة تزوير ارتباطاً لا يقبل التجزئة بأن اشترك
مع المتهمين الثاني والثالث في اصطناع سبعة وعشرين طلباً نسبها لبعض أولياء أمور
طلاب بالمدرسة لاسترداد مبالغ مالية سبق وأن تبرعوا بها للمدارس واستصدر شيكات بها
بعد اعتمادها منه وظهرها المتهم الثالث وقام بصرفها وسلماه هذا المبلغ فاختلسه
لنفسه على النحو المبين بالتحقيقات . خامساً : بصفته السابقة اختلس أموالاً وجدت
في حيازته بسبب وظيفته بأن صرف لنفسه مبلغ تسعة وتسعين ألف وستمائة وثمانين جنيهاً
من أموال الجهة التي يعمل بها كمكافآت وحوافز بدون وجه حق على النحو المبين
بالتحقيقات . سادساً : اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب
تزوير محرر لإحدى الجمعيات التعاونية التي للدولة نصيب في مالها بأن اتفق معه على
اصطناع قرار مجلس إدارة مدارس ..... بالموافقة على منحه حافزاً مادياً لعرضه على
وزير التعليم لإقراره وساعده على ذلك بأن أمده ببيانات ذلك القرار والخاتم اللازم
لاعتماد التوقيعات الثابتة فقام ذلك المجهول باصطناع هذا القرار ووضع عليه توقيعات
نسبها زوراً لرئيس مجلس الإدارة ونائبه وبصمه بذلك الخاتم فوقعت الجريمة بناء على
ذلك الاتفاق وتلك المساعدة . سابعاً : استعمل المحرر المزور المبين بالتهمة
السابقة فيما زوره من أجله بأن قدمه لوزير التعليم للموافقة على ما ورد به . (2)
المتهمان الثاني والثالث : اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في
ارتكاب جريمة الاختلاس المبينة بالتهمة الأولى البند خامساً بأن اتفقا معه على
اختلاس مبلغ عشرة آلاف وخمسين جنيهاً من أموال الجهة التي يتولى إدارتها وساعداه
على ذلك بأن اصطنعا له سبعة وعشرين طلباً منسوبة لبعض أولياء أمور طلاب المدرسة
باسترداد مبالغ سبق أن تبرعوا بها للمدارس واستصدر شيكات بها بعد اعتمادها منه
وظهرها المتهم الثالث وقام بصرفها وسلماه هذا المبلغ فاختلسه لنفسه فوقعت هذه
الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة . وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة
العليا ..... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً أولاً : بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات عن التهمتين
الأولى والثانية وبمعاقبته بالأشغال الشاقة مدة سبع سنوات عن التهمة من الرابعة
إلى السابعة وبتغريمه مبلغ مائة وتسعة آلاف وسبعمائة وثلاثين جنيهاً وبإلزامه بأن
يؤدى مبلغاً مساوياً لقيمة الغرامة لجهة عمله وبعزله من وظيفته . ثانياً : بمعاقبة
كل من المتهمين الثاني والثالث بالأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات لكل منهما وبتغريم
كل منهما مبلغ عشرة آلاف جنيه وخمسين جنيهاً وبإلزامهما متضامنين مع الأول برد مبلغ مساو لقيمة الغرامة لجهة عملهما
وبعزل كل منهما من وظيفته . ثالثاً : بمصادرة المحررات المزورة المضبوطة .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .
ومحكمة النقض قضت بقبول
الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة أمن
الدولة العليا لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة الإعادة قضت
حضورياً للأول وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 40/ ثانياً ، ثالثاً ، 103 ، 106 مكرر ، 111/1 ، 112/ب ، 118، 119/هـ ، و ، 119 مكرر /هـ ، 214 مكرر من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17 ، 30 ، 32
من القانون ذاته أولاً : بمعاقبة المتهم الأول بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عن
التهمتين الأولى والثانية ومعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عن التهم من
الرابعة إلى السابعة وتغريمه مبلغ مائة وتسعة ألف وسبعمائة وثلاثون جنيهاً
وبإلزامه برد مبلغ مساو لقيمة الغرامة لجهة عمله وبعزله من وظيفته . ثانياً :
بمعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل
منهما مبلغ عشرة آلاف وخمسون جنيهاً وإلزامهما متضامنين مع المتهم الأول برد مبلغ
مساو لقيمة الغرامة لجهة عملهما وبعزل كل منهما من وظيفته . ثالثاً : مصادرة
المحررات المزورة المضبوطة .
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم
بطريق النقض للمرة الثانية
....... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم الرشوة والاختلاس وتزوير أوراق رسمية
واستعمالها قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في
تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن الطاعن دفع بأنه ليس موظفاً عاماً أو
ممن فى حكمه إذ أنه يعمل مديراً لمدارس ..... التابعة للمعاهد القومية المنشأة في
شكل جمعيات تعاونية أموالها من الأموال الخاصة والتي لم تسلم إليه بموجب وظيفته
مما لا تتوافر معه في حقه أركان جريمتي الاختلاس والرشوة ، فضلاً عن أن نص الجريمة
الأخيرة لا يتسع للرشوة الجنسية التي قال بها الحكم ، وبفرض توافرها فإن نص المادة
106 مكرراً " أ " من قانون العقوبات هو الواجب التطبيق عليها ، كما دفع
بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة صدور أمر من إدارة الكسب غير المشرع بحفظ شكوى قدمت ضده يتحد موضوعها مع الشق الخاص بجريمة الاختلاس ، وببطلان إذن النيابة
لابتنائه على تحريات غير جدية ، ولصدوره عن جريمة مستقبلة ، واستخدامه في الكشف عن
جريمة مغايرة لتلك التي انصبت عليها التحريات ، فضلاً عن صدوره لعضو الرقابة
الإدارية وهو ليس من مأموري الضبط ، كما أن الطاعن ليس من بين الخاضعين لأحكام
قانونها ، فرد الحكم على هذه الدفوع برمتها بما لا يصلح رداً وبما يخالف صحيح حكم
القانون ، ولم يفطن لدلالة موافقة وزير التربية والتعليم لاحقاً على صرف مستحقات
الطاعن التي كانت موضوعاً لجريمة الاختلاس ، مما ينفى قيامها ، ولم يدلل تدليلاً
كافياً على توافر جريمة التزوير في حقه ، كما لم يعرض لدفاعه بانتفاء ركن العلم
فيها ، أو يورد مضمون تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير في شأنها ، واستند الحكم
في إدانته إلى أقوال بعض أولياء أمور الطلاب وتقرير لجنة الجرد ، دون أن يعنى
ببيان أسماء أي من هؤلاء ، أو يورد مؤدى أقوالهم ، أو فحوى ذلك التقرير ، وإلى
أقوال الشاهدتين ..... و ...... ، وما أقربه المحكوم عليهما الآخرين ، على الرغم
من عدول الأولتين عن أقوالهما بالمحاكمة الأولى ، وكون تلك الأقوال وهذه الإقرارات
وليدة إكراه ، هذا إلى أن المحكمة لم تسمع شهود الإثبات ، أو تعنى بالرد على
المستندات التي قدمها الطاعن للتدليل على نفى وقوع اختلاس منه ، كما لم تجبه إلى
طلب ضم الشكوى المقدمة ضده إلى إدارة الكسب غير المشروع أو تضمن حكمها سبب عدولها
عن قرارها السابق بضمها ، وأخيراً ، فلقد أوقع الحكم على الطاعن عقوبتين على الرغم
من أنه أعمل في حقه نص المادة 32 من قانون العقوبات ، كما لم يضمن منطوقه شيئاً عن
التهمة الثالثة . وكل أولئك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما
حاصله أن الطاعن بصفته في حكم الموظف العام ..... التابعة للمعاهد القومية الخاضعة لإشراف ورقابة وزارة التربية
والتعليم طلب عطية لأداء عمل من أعمال
وظيفته بأن طلب مواقعة كل من السيدتين ..... و....... على سبيل الرشوة مقابل قيد
نجلي الأولى ورعاية أبناء الثانية بالمدارس التي يتولى إدارتها ، كما طلب من
السيدة ...... مواقعتها جنسياً على سبيل الرشوة مقابل استغلال نفوذه لدى وزارة
التربية والتعليم وحصوله على موافقة وزير التربية والتعليم على عقد امتحان خاص
لابنها وقيده بالمدارس التي يديرها ، كما اختلس مبلغ عشرة آلاف وخمسين جنيهاً وجدت
في حيازته بسبب وظيفته بأن قام والمتهمان الثاني والثالث باصطناع سبعة وعشرين
طلباً نسبها لبعض أولياء الأمور بالمدارس لاسترداد مبالغ سبق أن تبرعوا بها
للمدارس بجملة قيمة هذا المبلغ واستخرج بها المتهمان المذكوران شيكات بقيمة هذا
المبلغ وأمهراها من المتهم الأول وقام الثالث بصرفها وسلماه المبلغ فاختلسه لنفسه
، كما اختلس الطاعن أيضاً أموالاً وجدت في حيازته بسبب وظيفته بأن صرف
مبلغ تسعة وتسعون ألف وستمائة وثمانون جنيهاً من أموال الجهة التي يعمل بها
كمكافآت وحوافز ، كما اشترك مع مجهول في اصطناع محرر مزور هو قرار لمجلس إدارة
المدارس التي يتولى إدارتها على منحه هذه المكافآت ليعرضه على وزير التربية
والتعليم لإقراره ، وذلك بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن اتفق معه على اصطناع ذلك
المحرر وأمده ببياناته والخاتم اللازمة لاعتماده فقام المجهول باصطناعه
ووقع عليه بتوقيعات مزورة واستعمله الطاعن بأن قدمه للوزير للموافقة على صرف ما
ورد به . وبعد أن ساق الحكم للتدليل على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة
سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، لها معينها الصحيح من الأوراق ،
عرض لدفاع الطاعن القائم على انه ليس بموظف عام أو من فى حكمه وأن الأموال المقال
باختلاسه لها تنحسر عنها صفة المال العام ورد عليه في قوله : " ..... أن
المتهم الأول – الطاعن - يعمل مديراً لمدارس ..... التابعة لإدارة .....
التعليمية قسم التعليم الخاص والتابعة أيضاً للمعاهد القومية وجميعها تتبع
وزارة التربية والتعليم وتحت إشرافها وقد صدر قرار وزير التربية والتعليم بتعينه
مديراً لها ، فإنه يعد في حكم الموظف العام فى تطبيق أحكام البابين الثالث والرابع
من الكتاب الثاني بقانون العقوبات المتضمن المادتين 103 ، 112 المنطبقتين على
واقعة الدعوى، ومن ثم فإن المحكمة تقضي بتوافر صفة الموظف العام في حق المتهم وأن
ما يثيره من دفاع في هذا الصدد يكون غير سديد في القانون جديراً بالرفض . ولما كان
المال محل جريمة الاختلاس ملك مدارس ..... التي تشرف عليها وزارة التربية
والتعليم وتقوم بالرقابة المالية على أوجه الصرف المختلفة لهذا المال وتحديد رواتب
وحوافز العاملين بها وتعيينهم كما أنها تقوم بتنظيم استعمال هذه الأموال وأوجه
إنفاقها ومحاسبة المسئولين على إدارتها وتحديد الاختصاصات المالية والإدارية
للعاملين بها ، فإن أموال هذه المدارس أموال عامة لخضوعها لإشراف ورقابة وزارة
التربية والتعلم ويصبح قول المتهم بأن المال محل جريمة الاختلاس ليس من الأموال
العامة بدون سند " . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الأولى من المادة 111 من
قانون العقوبات قد نصت على أنه يعد في حكم الموظفين في نصوص هذا الفصل : " 1
المستخدمون في المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت رقابتها " . وكان
المشرع إذ نص فى المادة 56 من القانون رقم 139 لسنة 1981 بإصدار قانون التعليم على
أن : " تخضع المدارس الخاصة لإشراف وزارة التربية والتعليم والمديريات
التعليمية بالمحافظات " ، وفى المادة 66 من ذات القانون على أن : "
تتولى المديرية التعليمية المختصة الإشراف على المدارس الخاصة من كافة النواحى
شأنها فى ذلك شأن المدارس الرسمية ، كما تتولى التفتيش المالى والإدارى عليها
" . كما نص فى المادة التاسعة من القانون رقم 1 لسنة 1990 بشأن الجمعيات
التعاونية التعليمية على أن : " تخضع الجمعيات التعاونية التعليمية والجمعيات
المشتركة والجمعيات العامة والمدارس التابعة لها للإشراف المباشر لوزارة التعليم
ويكون وزير التعليم هو الوزير المختص بالنسبة لها " . يكون بذلك قد أفصح عن
أن المدارس الخاصة هي من المصالح الموضوعة تحت رقابة وزارة التربية والتعليم ، مما
يوفر في حق الطاعن باعتباره مديراً لمدرسة خاصة أنه في حكم الموظفين العموميين في
مجال جريمة الرشوة ، ويتفق وحكم الفقرة الأولى من المادة 111 من قانون العقوبات
التي استند إليها الحكم في إطراح دفاع الطاعن . لما كان ذلك ، وكانت المادة الأولى
من القانون رقم 1 لسنة 1990 سالف الذكر تنص على أنه : " تعتبر جمعية تعاونية
تعليمية كل جمعية تعاونية تنشأ بهدف تأسيس المدارس الخاصة وإدارتها طبقاً للقانون
رقم 139 لسنة 1981 بإصدار قانون التعليم ". وكان من المقرر قانوناً أن مجال
تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 يشمل كل
موظف عام أو من في حكمه ممن نصت عليهم المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات يختلس
ما لا تحت يده متى كان المال قد سلم إليه بسبب وظيفته ، ويتم الاختلاس في هذه
الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية من مال مسلم
إليه أو وجد في عهدته بسبب وظيفته ، يستوي في ذلك أن يكون المال عاماً أو خاصاً
لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته ، وكان الطاعن لا
يجادل في أنه مدير لمدرسة تابعة للجمعية
التعاونية التعليمية وقد أثبت الحكم أنه قام بغير حق وبهذه الصفة بصرف مبالغ من أموالها ، والمسلمة إليه قانوناً ، وذلك بنية اختلاسها ، فإن
الحكم المطعون فيه إذ عد الطاعن في حكم الموظفين العموميين وفقاً للفقرة " هــ
" من المادة 119 مكرراً والفقرة " و " من المادة 119 من قانون
العقوبات وطبق في حقه المادة 112 من ذات القانون ، يكون قد طبق القانون على وجهه
الصحيح ، فإن كل ما يثيره من دعوى الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب في
إطراح دفاعه القائم على أنه ليس بموظف عام أو من في حكمه ممن نصت عليهم المادتان 111 ، 119 مكرراً من
قانون العقوبات في مجال تطبيق نص المادتين 103 ، 112 من ذات القانون وعدم توافر أركان جريمتي الرشوة والاختلاس
المنصوص عليهما بالمادتين المذكورتين ، وقوله بأن المادة 106 مكرراً (أ) من
القانون المذكور هي المنطبقة على واقعة الرشوة يكون على غير أساس . لما كان ذلك ،
وكانت المادة 107 من قانون العقوبات تنص على أنه : " يكون من قبيل الوعد أو
العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه لذلك أو علم به ووافق عليه
أياً كان اسمها أو نوعها وسواء كانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية " . فإن
مفاد هذا النص أن الفائدة التي يحصل عليها المرتشي ليست قاصرة على الماديات فقط ،
وإنما يدخل فيها أيضاً وطبقاً للنص الفائدة غير المادية التي تشمل الجوانب المعنوية سواء أكانت مشروعة أو غير
مشروعة والتي يدخل فيها المتع الجنسية أياً كانت صورها والتي تجردت من صفة
المشروعية ، يدل على ذلك أن التعبير الوارد في النص كان مطلقاً وذلك في قوله عن
الفائدة " أياً كان اسمها أو نوعها " بل أضاف في وصفها قوله : "
سواء أكانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية " ، وإذ كان الأمر كذلك ، فإن طلب
الطاعن من السيدات الوارد أسمائهن بالحكم مواقعتهن لأداء عمل من أعمال وظيفته قيد ابنة إحداهما ورعاية أبناء الأخرى بالمدارس
التي يديرها أو لاستعمال نفوذ حقيقي الحصول على موافقة وزير التربية والتعليم على
عقد امتحان خاص لابن الثالثة وقيده بالمدارس التي يديرها يتحقق به معنى العطية كمقابل للرشوة ، ويكون ما
ينعاه الطاعن على الحكم من أن نص جريمة الرشوة لا يتسع للرشوة الجنسية ، لأن العلاقة
الجنسية لا تصلح لأن تكون منفعة مقابل الرشوة ، غير سديد . لما كان ذلك ، وكان
الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر حفظ فيها في
الشكوى رقم 292 لسنة 1996 كسب غير مشروع وأطرحه في قوله : " .... لما كان
الثابت أن الدعوى المطروحة والمنسوبة إلى المتهم هي جرائم
الرشوة الجنسية واختلاس أموال عامة وتزوير واستعمال محرر مزور يحكمها مواد نصوص
قانون العقوبات في البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني فى حين أن شكوى الكسب
غير المشروع كان موضوعها استغلال المتهم الأول الطاعن لوظيفته ونفوذه لدى بعض المسئولين
بالدولة لتقديم خدمات للمواطنين نظير مبالغ مالية ، واستيلائه على مبالغ من حساب
المدارس التي يعمل بها ، واستغلاله أولياء أمور التلاميذ في تحصيل تبرعات يحتفظ
بها لنفسه ، فإنه بذلك قد اختلف موضوع وسبب الدعوى المطروحة عن موضوع وسبب الشكوى
بالكسب غير المشروع ، ففي حين سبب الدعوى المطروحة هي الرشوة الجنسية والاختلاس
لمبالغ محددة على سبيل الحصر وارتكاب جرائم التزوير واستعمال محرر مزور ، نجد أن
سبب شكوى الكسب غير المشروع هو استغلال نفوذه لدى المسئولين بالدولة ، ولا يمكن
القول هنا بأن الموضوع واحد أو الواقعة واحدة متعددة الأوصاف لأن الوقائع في
الدعوى المطروحة تختلف عن وقائع شكوى الكسب غير المشروع ، فضلاً عن اختلاف موضوع
الدعوى لاختلاف النص القانوني ، ففي الدعوى المطروحة موضوعها خضوعه لنص قانوني
لجرائم الرشوة والاختلاس والتزوير واستعمال محرر مزور لما في ذلك من إخلال
بالوظيفة العامة ، أما قوام جريمة الحصول على كسب غير مشروع هو زيادة تطرأ على ثروة
المتهم وأسرته بعد توليه الوظيفة بما لا يتناسب مع موارده المشروعة وعجز عن إثبات
مصدر مشروع لها . ولما كان ما سلف ، فقد اختلف سبب وموضوع شكوى الكسب غير المشروع
، وبذلك انتفت شروط حجية الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى ، مما تقضى معه المحكمة
برفض الدفع المبدى من المتهم الأول الطاعن
.. " . لما كان ذلك ، وكان يبين من المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم فيما تقدم في شأن الشكوى رقم 292 لسنة 1996 كسب غير مشروع له معينه الصحيح من الأوراق
، وكان ما أورده في مدوناته في شأنها يبين منها أن واقعتها مختلفة عن الوقائع
موضوع الدعوى المطروحة ومستقلة عنها وأن لكل منهما ذاتية وظروف خاصة تتحقق بها
الغيرية التي يمتنع معها القول بوحدة الواقعة في الدعويين ، فإنه يكون قد فصل في
مسألة موضوعية تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع ، ويضحى ما انتهى إليه من رفض لهذا
الدفع متفقاً وصحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى ما
دفع به الطاعن من بطلان الإذن الصادر من النيابة العامة بوضع هاتفه تحت المراقبة
لابتنائه على تحريات غير جدية وصدوره عن جريمة مستقبلة ، ورد عليه فى قوله :
" ... أن عضو الرقابة الإدارية أجرى تحرياته بتاريخ 2/9/1995 تضمنت بيان اسم
المتهم الأول وعمله وأنه يستغل نفوذه لدى بعض المسئولين بالدولة ثم تلى ذلك محضر
تحريات بتاريخ 18/9/1995 تضمنت أن المتهم الأول يستغل نفوذه كما استولى على بعض
أموال مدارس .... وتضمنت بعض الأشخاص الآخرين الذين يحصل منهم المتهم الأول على
بعض المبالغ ومن يساعده في ذلك ، وكانت المحكمة تطمئن إلى جدية تلك التحريات لأنها
شملت أسماء من ذكرتهم ووظيفتهم وأرقام هواتفهم ومن بينهم المتهم الأول ، كما تضمنت
الجريمة محل التحريات وهي استغلال نفوذ المتهم الأول بالاتفاق مع آخر على استلام
قطعة أرض في مدينة الشروق مقابل مبلغ مالي ، فضلاً عن اختلاس المتهم الأول
لإيرادات المدرسة لنفسه ومنها تبرعات أولياء الأمور ، فإن المحكمة اطمئناناً منها
إلى جدية التحريات تقر النيابة العامة في إصدار إذنها بتسجيل المحادثات التليفونية
للمتهم الأول ، لأن تلك التحريات كافية لإصدار الإذن بالتسجيل ، وأن المقصود بها
هو المتهم الأول عن جريمة وقعت منه ، ويصبح النعي على تلك التحريات بعدم الجدية
دون سند جديراً بالرفض " . فإن ما أورده الحكم فى شأن صحة الإذن الصادر من
النيابة العامة سائغ ويستقيم به الرد على دفاع الطاعن ، لما هو مقرر من أن تقدير
جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتسجيل متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف
محكمة الموضوع ، فمتى كانت المحكمة على ما
أفصحت عنه فيما تقدم قد اقتنعت بجدية
الاستدلالات التي بني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره ، وتحققت من وقوع
الجريمة المطلوب استصدار الإذن عنها ، وصحة نسبتها إلى مقارفها ، وأقرت النيابة
على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون
. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الدفع ببطلان الإذن الصادر
بمراقبة المحادثات التلفونية لاستخدامه فى الكشف عن جريمة أخرى غير التى انصبت
عليها التحريات ورد عليه بقوله : " .... إنه من الثابت أن جريمة الرشوة
الجنسية قد تم رصدها وضبطها أثناء تسجيل المحادثات التليفونية لجريمة استغلال
النفوذ التي صدر الإذن لضبطها محل محضر تحريات جدى ولم يكن نتيجة سعى رجل الضبط
القضائي للبحث عنها وإنما كان عرضاً ونتيجة لما يقتضيه أمر البحث والتسجيل عن
جريمة استغلال النفوذ ، ويكون ما توصل إليه عضو الرقابة الإدارية من وقوع جريمة
الرشوة صحيحاً في القانون مما ترى معه المحكمة رفض هذا الدفع " . وكان من
المقرر في صحيح القانون بحسب التأويل الذي
استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الأعمال الإجرائية
أنها تجرى على حكم الظاهر وهى لا تبطل من بعد نزولاً على ما ينكشف من أمر الواقع ،
وقد أعمل المشرع هذا الأصل وأدار عليه نصوصه ورتب أحكامه ، ومن شواهده ما نصت عليه
المواد 30 ، 163 ، 382 من قانون الإجراءات الجنائية ، مما حاصله أن الأخذ بالظاهر
لا يوجب بطلان العمل الإجرائي الذي يتم على مقتضاه وذلك تيسيراً لتنفيذ أحكام
القانون وتحقيقاً للعدالة حتى لا يفلت الجناة من العقاب ، فإذا كان الثابت من
التحريات أن الطاعن كان يستغل نفوذه ، فصدر الإذن من النيابة العامة على هذا
الأساس ، فانكشفت جريمة الرشوة الجنسية عرضاً أثناء تنفيذه ، فإن الإجراء الذى تم
يكون مشروعاً ، ويكون أخذ المتهم بنتيجته صحيحاً ، ولا يصح الطعن بأن ما تم فيه
تجاوز للأمر الصادر للمأذون له ، مادام هو لم يقم بأي عمل إيجابي بقصد البحث عن
جريمة أخرى غير التي صدر من أجلها الأمر . فمن البداهة أن الإجراء المشروع لا
يتولد عن تنفيذه في حدوده عمل باطل ، لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهتي الصحة
والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر عند رفضه
للدفع سالف الذكر فإنه يكون بمنأى عن مخالفة القانون ، ويضحى النعي في هذا المقام
غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن
الصادر من النيابة العامة لتفتيش مكتبه لصدوره لعضو الرقابة الإدارية وهو ليس من مأموري الضبط القضائي ولأن الطاعن ليس من الموظفين العموميين
المخاطبين بأحكام قانونها ، وأطرحه في قوله : " لما كان القانون رقم 54 لسنة
1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية قد نص على أن تباشر الرقابة الإدارية صفة
مأمور الضبط القضائي ويكون اختصاصها فى الجهاز الحكومي وفروعه والهيئات العامة
والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع
الخاص التي تباشر أعمالاً عامة وكذلك جميع الجهات التي تسهم الدولة فيها بأي وجه
من الوجوه ، وقد حدد قانون الرقابة الإدارية الأشخاص الذين تباشر الهيئة اختصاصها
بالنسبة لهم دون غيرهم وهم موظفي الحكومة والجمعيات العامة والخاصة
وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر أعمالاً عامة ، وكانت المحكمة قد انتهت في أسبابها
أن المتهم الأول هو في حكم الموظف العام وأن أموال مدارس .... التي يعمل المتهم
مديراً لها أموال عامة ، فإن المتهم الأول يعد في حكم الموظفين العموميين الذي
يبسط سلطان الرقابة الإدارية على عمله ويكون لها الاختصاص في صفة الضبطية القضائية
على المخالفات التي تقع منه ويتوافر اختصاصها
في جمع التحريات وأعمال الاستدلال على أعماله ، ويصبح الدفع المبدى
من المتهم جديراً بالرفض " . وما أورده الحكم فما تقدم في رده على الدفع سالف الذكر يتفق وصحيح القانون ذلك بأن المادة الثانية من
القانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية تنص على أنه : "مع
عدم الإخلال بحق الجهة الإدارية في الرقابة وفحص الشكوى والتحقيق ، تختص الرقابة
الإدارية بالآتي : (ح) الكشف عن المخالفات المالية والإدارية والجرائم الجنائية
التي تقع من الموظفين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم والعمل على منع وقوعها وضبط
ما يقع منها . كما نصت المادة الرابعة من القانون المذكور على أن : " تباشر
الرقابة الإدارية اختصاصها في الجهاز الحكومي وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات
العامة والشركات التابعة لها والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التي
تباشر أعمالاً عامة وكذلك جميع الجهات التي تسهم الدولة فيها بأي وجه من الوجوه
" . مما يعتبر أن المشرع لا يقصر حق الرقابة على الموظفين بالمعنى المفهوم في
فقه القانون وإنما بسطه ليشمل العاملين في جميع الجهات والأجهزة المنصوص عليها في
تلك المادة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صائباً وعلى نحو يتفق وصحيح القانون إلى
أن الطاعن الذي يعمل مديراً لمدارس
....... التابعة للمعاهد القومية التي أنشأتها الجمعية التعاونية للمدارس
المذكورة والخاضعة لإشراف وزارة التربية
والتعليم والتي تعتبر أموالها من الأموال
العامة ، لإشراف ورقابة الوزارة المذكورة عليها هو في حكم الموظف العام ، فإن اختصاص الرقابة الإدارية ينبسط عليه ، ويكون
هذا الوجه من الطعن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على
الدفع ببطلان الدليل المستمد من التسجيلات الهاتفية في قوله : " أن المحكمة
لم تعول فى قضائها بالإدانة على أي دليل مستمد من التسجيلات التي تمت وإنما عولت
فى الإدانة على ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت سالفة البيان ومن ثم لا التزام على
المحكمة بالرد استقلالاً على هذا الدفع " . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون
فيه قد أخذ بأقوال الشاهد الأول عضو هيئة
الرقابة الإدارية باعتبارها دليلاً مستقلاً عن التسجيلات التي أطرحها ولم يعول
عليها فى قضائه ، وكان تقدير هذه الأقوال وتحديد مدى صلتها بالتسجيلات هو من شئون
محكمة الموضوع تقدره حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال
صدرت من الشاهد غير متأثرة بالتسجيلات المدعى ببطلانها كما هو الشأن في الدعوى المطروحة جاز لها الأخذ بها ، فإن ما ينعاه الطاعن في
هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الظروف
التي قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفى قيامها ولا تؤثر على كيانها ، ومادام الحكم
قد استظهر بالأدلة التي أوردها وقوع الاختلاس كما هو معرف به في القانون ، فإن ما
يثيره الطاعن من أن وزير التربية والتعليم وافق لاحقاً على صرف مستحقات الطاعن
المالية التي كانت موضوعاً لجريمة الاختلاس بفرض صحته يكون لا وجه له ، ولا
يصح النعي على الحكم لهذا السبب . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين
واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة التزوير التي دان الطاعن
بارتكابها ، وأورد مؤدى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذي كان من بين الأدلة التي استخلص منها
الإدانة في بيان واف يكفى للتدليل على
ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، ومن ثم فإن ما يثيره
الطاعن جميعه بشأن جريمة التزوير لا يكون له محل ، هذا إلى انتفاء مصلحته في النعي
على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير ، مادامت المحكمة قد طبقت على الطاعن المادة
32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهى المقررة لجريمة الاختلاس
التي أثبتتها في حقه ، مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر
واستعماله . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه أنه في
معرض بيانه لمؤدى أدلة الثبوت ، أورد أسماء بعض أولياء أمور الطلاب ، الذين استند
إلى أقوالهم في إدانة الطاعن ، ومضمون شهادتهم جملة خلافاً لما يزعمه الطاعن . وكان من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود
تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة ، فلا بأس على المحكمة
إن هي أوردت مؤدى شهادتهم جملة ثم نسبته إليهم جميعاً تفادياً للتكرار الذى لا
موجب له ، فإن منعى الطاعن على الحكم بقالة القصور في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن استدلاله أنه لم يتساند
في الإدانة على دليل مستمد من تقرير لجنة الجرد ، وإنما استند في تحديد المبلغ
المختلس على ما قال به الشاهد ..... في هذا الصدد ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم
من قصور لعدم بيان مؤدى تقرير تلك اللجنة يكون غير مجد . لما كان ذلك ، وكان لا
يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو الدفاع عنه قد أثار لدى محكمة الموضوع
أن إكراها ما قد وقع على الشاهدتين ...... و...... أو المحكوم عليهما الآخرين ، أو
أن أقوال الأولتين وما أقر به الآخران صدرت تحت تهديد أو وعيد ، ومن ثم لا يقبل من
الطاعن إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعى تنحسر عنه
وظيفة هذه المحكمة . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة 10 من ديسمبر سنة 2003
أن المدافع عن الطاعن تنازل عن مناقشة شهود الإثبات واكتفى بأقوالهم الواردة
بالتحقيقات ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا قبل
المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن
تعتمد فى حكمها على أقوالهم التى أدلوا بها فى التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة
على بساط البحث ، وكان المدافع عن الطاعن قد تنازل صراحة عن سماع شهود الإثبات –
جميعاً – مكتفياً بتلاوة أقوالهم فى التحقيقات فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة
قعودها عن سماعهم ، ويكون منعاه فى هذا الصدد فى غير محله . لما كان ذلك ، وكان لا
ينال من سلامة الحكم إطراحه المستندات التى يتساند إليها الطاعن للتدليل على عدم
ارتكابه لجريمة الاختلاس ، ذلك بأن الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة
أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير
ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم
فبحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن لجريمة الاختلاس التى دين بها
بما يحمل قضائها وهو ما يفيد ضمنا أنها لم تأخذ بدفاعه ، ومن ثم فإن ما ينعاه
الطاعن على الحكم بقالة الإخلال بحق الدفاع أو القصور في التسبيب يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه
هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى إليه به ، ويصر
عليه مقدمه فى طلباته الختامية ، وكان ما أثبت على لسان المدافع عن الطاعن بمحضر
جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه منه أنه : " يستنكر رفض
طلب ضم تحقيقات الشكوى التي انتهى إليها جهاز الكسب غير المشروع ولا يوجد سرية
أمام محكمة الجنايات " لا يعتبر من قبيل الطلبات الجازمة ، فضلاً عن أن
المدافع عن الطاعن لم يصر عليه في طلباته الختامية ، إذ أختتم مرافعته بطلب
البراءة ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب وأغفلت الرد عليه ،
ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم . ولا يقدح في ذلك ، أن تكون المحكمة
قد أجلت الدعوى لضم الشكوى المشار إليها – رقم 292 لسنة 1996 كسب غير مشروع من
إدارة الكسب غير المشروع – ثم عدلت عن ذلك ، لأن قرار المحكمة الذى تصدره في صدد
تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق
للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً
لهذه الحقوق ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدول المحكمة عن قرارها التحضيري بضم تلك
الشكوى يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى فى منطوقه
بعقوبتين مستقلتين إحداهما عن جريمتي الرشوة موضوع التهمتين الأولى والثانية
والأخرى عن جرائم الاختلاس وتزوير المحررات واستعمالها موضوع التهم من الرابعة إلى
السابعة ، وأفصح فى أسبابه التي يحمل
المنطوق عليها والتي تعد جزءاً لا يتجزأ
منه عن إعماله لنص المادة 32 من قانون
العقوبات في شأن جريمتي الرشوة وكذلك وبالنسبة لجرائم الاختلاس والتزوير
والاستعمال وكان لا يوجد على السياق المتقدم أي تناقض بين ما أورده الحكم فى أسبابه ، وما انتهى إليه منطوقه، فإن منعى
الطاعن على الحكم بالتناقض في هذا الشأن لا يكون له من وجه . لما كان ذلك ، وكان
من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن ، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً ،
وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره في شأن خلو منطوق الحكم من الإشارة إلى التهمة
الثالثة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ما
تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ