في
سبيل علاج مشكلة الزيادة المضطردة فيما يطرح على المحاكم الجنائية من قضايا
صدر القانون رقم 174 لسنة 1998 بتعديل بعض أحكام قانوني الإجراءات
والعقوبات ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 20/12/1998 ونص فيه على العمل به
بعد خمسة عشر يوما من تاريخ نشره ، وقد تضمنت نصوص هذا القانون قواعد
وأحكاما مستحدثة الهدف منها تيسير وتبسيط سير الإجراءات الجنائية تخفيفا عن
كاهل القضاء وتقريبا للعدل من مستحقيه وتلبية لأحكام الدستور .
وتطبيقا
لهذه الأحكام وتنظيما للعمل بها حتى يتحقق الهدف المنشود منها نوجه عناية
السادة أعضاء النيابة إليها داعين إياهم للبدء في تنفيذها فور العمل بها مع
مراعاة ما يلي :
أولا
: أضاف المشرع إلى قانون الإجراءات الجنائية المادتين 18 مكرر ، 18 مكرر ا
وسع بمقتضاهما نطاق التصالح والصلح في بعض الجرائم وجعل من كليهما سببا
لانقضاء الدعوى الجنائية ، ولما كان التصالح والصلح ليس لمصلحة المتهم وحده
بل هو للمصلحة العامة وهي الاستغناء عن رفع الدعوى الجنائية فانه يراعى
إتباع ما يلي :
1 –
أجاز المشرع التصالح في مواد المخالفات بإطلاق ، وأجازه في مواد الجنح
المعاقب عليها بالغرامة وحدها ، ومن ثم فلا يجوز التصالح في الجنح المعاقب
عليها بالغرامة مع الوجوب أو التخيير بينها وبين أي عقوبة أخرى .
2 –
على مأمور الضبط القضائي عند تحرير المحضر في المخالفات أن يعرض على
المتهم أو وكيله التصالح وأن يثبت ذلك في محضره ، أما في مواد الجنح فيكون
عرض التصالح من النيابة العامة .
ويقوم
عضو النيابة بعرض التصالح في مواد الجنح ومن باب أولى المخالفات وذلك عند
عرض المحضر عليه إن كان المتهم أو وكيله حاضرا – أو حضر بعد ذلك – مع حثه
على التصالح بالمبلغ النقدي المشار إليه في البند التالي ، والتأشير بذلك
على المحضر واثبات قبوله أو رفضه التصالح .
3 –
يكون التصالح بدفع مبلغ يعادل ربع الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو
قيمة الحد الأدنى المقرر لها أيهما أكثر إلى خزانة المحكمة أو النيابة
العامة أو إلى أي موظف يرخص له في ذلك من وزير العدل وذلك خلال خمسة عشر
يوما من اليوم التالي لعرض التصالح عليه .
4 –
يجب عدم التعجل بالتصرف في القضية التي يقبل المتهم أو وكيله التصالح فيها
قبل فوات ميعاد الدفع المشار إليه في البند السابق ، ولا يجوز مطلقا رفض
طلب التصالح المقدم من المتهم بعد ذلك الميعاد على انه في هذه الحالة يكون التصالح بدفع يعادل نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو قيمة الحد الأدنى المقرر لها أيهما أكثر .
وإذا
قدم طلب التصالح بعد إحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة تكون المحكمة هي
المختصة بالنظر في أمره .. ونذكر بأن تمام الإحالة يكون بتمام الإعلان .
5 –
تنقضي الدعوى الجنائية بالتصالح ، ويمتنع على عضو النيابة رفع الدعوى
الجنائية في الواقعة التي تم التصالح فيها وفقا لأحكام القانون ، ويجب
المبادرة إلى حفظ الأوراق قطعيا أو التقرير فيها بألا وجه على حسب الأحوال
لانقضاء الدعوى الجنائية لهذا السبب .
6 –
إذا حصل التصالح خطأ في جنحة لا يجوز فيها ذلك أو تبين أن مبلغ التصالح
المدفوع يقل عما هو مقرر قانونا فعلى عضو النيابة اعتبار التصالح كان لم
يكن والسير في الدعوى الجنائية على هذا الأساس .
7 –
إذا تعددت الجرائم التي ارتكبها المتهم تعددا يستوجب تطبيق أحكام الارتباط
المنصوص عليها في المادة 32 من قانون العقوبات فإن انقضاء الدعوى الجنائية
بالتصالح في إحداها لا تأثير له على الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم
الأخرى المرتبطة بها بيد أنه يجب النظر إلى أن التصالح في الجريمة ذات
العقوبة الأشد قد يكون مبررا قويا لحفظ الأوراق بالنسبة للجريمة الأخف
المرتبطة بها لعدم الأهمية والأمر في ذلك يرجع إلى فطنة وحسن تقدير عضو
النيابة في ضوء ظروف وملابسات كل واقعة على حدة .
8 –
يجوز للمجني عليه أو وكيله الخاص أن يطلب من النيابة العامة أو المحكمة
المنظور أمامها الدعوى بحسب الأحوال إثبات صلحه مع المتهم في الجنح
المذكورة في نص المادة 18 مكرر أ على سبيل الحصر وكذلك في الأحوال الأخرى
التي ينص عليها القانون ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية .
9 –
يجب على عضو النيابة قبل التصرف في قضايا الجنح المشار إليها في البند
السابق بالحفظ أو إصدار أمر بألا وجه لإقامة الدعوى – بحسب الأحوال –
التثبت من أن طالب إثبات الصلح هو المجني عليه أو وكيله الخاص والتحقق من
أن الصلح قد صدر صريحا غير مقترن أو معلق على شرط .
ويجب
عدم الاعتداد بأقوال المجني عليه بمحضر جمع الاستدلالات أو أية أوراق أو
محاضر غير موثقة ترفق بذات المحضر أو تقدم من المتهم أو وكيله في شأن إثبات
الصلح إلا إذا اقرها المجني عليه أو وكيله الخاص أمام النيابة العامة ولا
محل في إثبات الصلح للتوكيل العام الذي يصدر من المجني عليه إلا إذا تضمن
حق الإقرار بالصلح .
ولا اثر لرجوع المجني عليه في الصلح على التصرف الذي تم في الدعوى .
10 –
إذا تعدد المجني عليهم نتيجة فعل إجرامي واحد فلا يكون للصلح أثره في
انقضاء الدعوى الجنائية إلا إذا صدر من جميع المجني عليهم ، وإذا تعدد
المجني عليهم في جرائم متعددة سواء أكانت مرتبطة ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة أو غير مرتبطة فلا يكون للصلح أثره إلا بالنسبة لمن صدر عنه .
11 –
ولا يخل هذا بما هو مقرر في شان حفظ الأوراق والأمر بعدم وجود وجه لإقامة
الدعوى الجنائية الوارد بكتاب التعليمات العامة للنيابات ” التعليمات
القضائية ”
ثانيا
: استحدث المشرع أحكاما هامة تتعلق بنظام الأوامر الجنائية بهدف تبسيط
إجراءات الفصل في مزيد من الجرائم وسرعة البت فيها وفي ضوء تلك الأحكام يجب
مراعاة ما يلي :
1 –
يجوز لأعضاء النيابة أن يستصدروا من القاضي الجزئي أمرا جنائيا في مواد
الجنح التي لا يوجب القانون فيها الحكم بعقوبة الحبس أو الغرامة التي يزيد
حدها الأدنى على ألف جنيه ، وذلك متى رأوا أن الجريمة بحسب ظروفها تكفي
فيها عقوبة الغرامة التي لا تجاوز الألف جنيه فضلا عن العقوبات التكميلية
والتضمينات وما يجب رده والمصاريف ، ويجوز للقاضي أن يقضي في الأمر الجنائي
بالبراءة أو برفض الدعوى المدنية أو بوقف تنفيذ العقوبة ( المادتان 323
324) .
2 –
أجاز إصدار الأمر الجنائي من وكيل النائب العام – ومن يعلو درجته – وقد
رفع نصاب الأمر الجنائي في هذه الحالة في مواد الجنح إلى خمسمائة جنيه فضلا
عن العقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف .
3 –
صار إصدار النيابة العامة للأوامر الجنائية في المخالفات التي لا يرى
حفظها وجوبيا ( المادة 325 مكررا فقرة أولى ) ومن ثم لا يجوز مطلقا تقديمها
إلى الجلسة إلا بمناسبة الاعتراض على الأوامر الجنائية الصادر فيها .
4 –
على أعضاء النيابة الحرص على إصدار أو استصدار الأوامر الجنائية في
الأحوال التي يوجب أو يجيز القانون فيها ذلك وعدم التقيد في ذلك بسؤال
المتهمين ، وأن يتابعوا إصدارها من القاضي .
ثالثا
: تضمن القانون أيضا أحكاما أخرى تتعلق بمسائل متعددة منها : تقرير حق
النيابة العامة في استئناف الأمر الصادر من القاضي الجزئي بالإفراج عن
المتهم المحبوس احتياطيا في الجنايات ( المادة 205 فقرة ثانية ) وتنظيم
التحفظ على الأموال بما يتفق وأحكام الدستور ( المواد 208 مكرر ا ب ، ج )
وسيفرد له كتابا دوريا مستقلا ، وإحاطة نظام الادعاء المباشر والادعاء
بالحقوق المدنية أمام المحاكم الجنائية بضوابط لازمة للحد من إساءة استعمال
هذا الحق ( المواد 63 فقرة رابعة ، 260 فقرة ثانية ، 267 ، 309 ) وضبط حق
الطعن بطريق المعارضة والاستئناف ( المواد 401 فقرتان ثانية وثالثة ، 402
فقرتان أولى وأخيرة ، 412 ) .
وإذ
نثق في اعتزاز من حسن تقدير السادة أعضاء النيابة للهدف المقصود من إصدار
الأحكام المتقدم بيانها نأمل في بذل أقصى العناية عند تطبيقها حتى يتحقق
هذا الهدف .
والله ولي التوفيق
تحريرا في 31 /12 /1998
المستشار / رجاء العربي