الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 15 مارس 2013

حكم تصدير الغاز

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علشا في يوم الثلاثاء الموافق18/11/2008
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد أحمد عطية نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس محاكم القضاء الإداري
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / منير محمد غطاس نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ فوزي علي حسين شلبي نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمود إسماعيل مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامي عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى رقم 33418 لسنة 62ق المقامة من:
إبراهيم يسري سيد حسين عبد الرحمن
والخصوم المتدخلين إلي جانبه وهم:
1- محمد فكري عبد الكريم 2- إبراهيم مصطفى زهران
3- أمين يسري أحمد يسري 4- فخري أحمد عثمان
5- مهاب مقبل مصطفى 6- فتح الله محمد الضاحي
7- عزة محمد طاهر مطر 8- رباب حامد حسين
9- مي سعد زغلول محمد 10- أيمن أحمد عبد الغفار
11- محمد فكري عبد الرحمن
12- عمر عبد العزيز عبد الرحمن بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية أنصار حقوق الإنسان بالإسكندرية
ضــد:
1- رئيس مجلس الوزراء " بصفته "
2- وزير البترول والثروة المعدنية " بصفته "
3- وزير المالية " بصفته "
" الوقائــع "
وتتحصل في أن المدعي أقام دعواه الماثلة بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 22/4/2008 طالباً في ختامها الحكم:
أولاً: في الشق المستعجل بوقف تنفيذ قرار وزير البترول رقم 100 لسنة 2004 والاتفاقات التي ترتبت عليه.
ثانياً: وفي الموضوع : بإلغاء القرار المطعون فيه وكل ما ترتب عليه أو يستند إليه من قرارات وآثار قانونية.
ثالثاً: إلغاء قرار وزير البترول برفع سعر البنزين والسولار حيث يمكن تعويضه من الدعم الذي منح لإسرائيل وإلزام المدعى عليهم المصروفات وأتعاب المحاماة.
وذكر المدعي شرحاً لدعواه أنه أتصل بعلمه ما سمي بمذكرة تفاهم وقعت على المستوى الوزاري بين مصر وإسرائيل وتعهدت فيها مصر بتوريد الغاز الطبيعي لإسرائيل بسعر مخفض للغاية لا يتجاوز دولاراً وربع الدولار في حين أن قيمته السوقية حالياً (وقت رفع الدعوى) تزيد على تسعة دولارات.
وأشار إلي أن هذه المذكرة لا ترقى إلي مصاف المعاهدات الولية وأنه يلحقها البطلان المطلق وفقاً لأحكام المادة 151/2 من الدستور وبالتالي فإنها لا تصلح أساساً يستند إليه تعهد مصري يهدر الثروة البترولية المصرية بسعر بخس.
وأضاف المدعي أنه علم في تاريخه بأن المدعي عليه الثاني – بصفته – أصدر القرار الوزاري رقم 100 لسنة 2004 والذي اعتبر سرياً فلم ينشر بالجريدة الرسمية وقد أشار في ديباجته إلي قرار لمجلس الوزراء في اجتماعه بتاريخ 18 سبتمبر 2000 والذي يمنح وزارة البترول ممثلة في الهيئة العامة للبترول الحق في التفاوض والتعاقد مع شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط من أجل بيع (7) مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي لإسرائيل على مدار خمسة عشر عاماً قابلة للتجديد، وأنه تم توجيه خطاب إلي رئيس مجلس إدارة شركة غاز شرق المتوسط أشير فيه إلي أنه تم إبلاغ الجانب الإسرائيلي بأن مجلس الوزراء في اجتماعة بتاريخ 18 سبتمبر 2000 قرر تحديد سعر البيع من الهيئة المصرية العامة للبترول في ميناء العريش بسعر 75 سنتاً وبسعر أقصى دولار وربع الدولار.
واستطرد المدعي قائلاً أنه بناءاً على هذا القرار قام رئيس مجلس إدارة شركة ايجبك وهي شركة مساهمة مصرية والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية وهي شركة قطاع عام بتوقيع اتفاق لتوريد كميات من الغاز الطبيعي ونقله وبيعه إلي إسرائيل عبر شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط.
وينعي المدعي على القرار صدوره باطلاً ومنعدماً لمخالفته للدستور والقانون, وأن الدعم الكبير الذي يؤمنه توريد الغاز لإسرائيل بأسعار رمزية لا تصل إلي عُشر السعر العالمي السائد قد أنعكس سلباً على مصلحته وغيره من المواطنين المصريين، وقد تجسد ذلك في تقليص الدعم لمحدودي الدخل بزيادة أسعار البنزين والسولار ومنتجات بترو كيميائية عديدة.
وأشار المدعي إلي أنه تظلم إلي المدعى عليه الثاني بصفته من القرار رقم 100 لسنة 2004 طالباً إلغائه وإلغاء قراره برفع أسعار البنزين والسولار ، وخلص المدعي إلي طلب الحكم له بطلباته سالفة الذكر في صدر الوقائع.
وقد نظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة بجلسة 13/5/2008 وما تلاها من جلسات حيث أودع المدعي ثمان حوافظ مستندات وثلاث مذكرات بدفاعه حدد في الأخيرة منها طلباته الختامية في الدعوى بطلب الحكم بوقف تنفيذ القرار رقم 100 لسنة 2004 وما يترتب عليه من آثار، وفي الموضوع بإلغاء القرار وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وقد ردت جهة الإدارة على الدعوى فقدمت حافظة مستندات من بين ما طويت عليه صورة من القرار المطعون فيه كما قدمت مذكرة دفاع طلبت في ختامها الحكم:
أصلياً:بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري والقضاء عموماً ولائياً بنظر الدعوى.
واحتياطياً:
1- بعدم قبول الدعوى شكلاً لانتفاء القرار الإداري.
2- بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر قانوناً.
3- بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة أو مصلحة وإلزام المدعي المصروفات في أي من الحالات السابقة.
وأثناء نظر الشق العاجل من الدعوى حضر بأشخاصهم وبوكلاء عنهم كل من:
1- محمد فكري عبد الكريم 2- إبراهيم مصطفى زهران
3- أمين يسري أحمد يسري 4- فخري أحمد عثمان
5- مهاب مقبل مصطفى 6- فتح الله محمد الضاحي
7- عزة محمد طاهر مطر 8- رباب حامد حسين
9- مي سعد زغلول محمد 10- أيمن أحمد عبد الغفار
11- محمد فكري عبد الرحمن
12- عمر عبد العزيز عبد الرحمن بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية أنصار حقوق الإنسان بالإسكندرية.
وطلب هؤلاء التدخل انضمامياً إلي جانب المدعي في الحكم لهم بطلباته في الدعوى وأوضحوا أن الدعم الذي يؤمنه توريد الغاز لإسرائيل بأسعار رمزية لا تصل إلي عٌشر الأسعار العالمية السائدة قد أنعكس سلباً على مصلحة الدولة ومصلحتهم كمواطنين مصريين وتجسد ذلك في تقليص الدعم لمحدودي الدخل بزيادة أسعار البنزين والسولار وغيرها من المنتجات البتروكيميائية.
وأشاروا إلي تمسكهم بكل ما ورد بمذكرات دفاع المدعي وحوافظ مستنداته وأودعوا عرائض معلنة بتدخلهم.
ومن ناحية أخرى فقد طلب كل من:
1- كرم عبد الله عبد الرحيم 2- هاني السعيد حسن 3- صلاح حسين النجار
4- علاء الدين فتحي عبد الجواد 5- محمد أمين المعداوي 6- محمد سعد عمارة
7- حسن أحمد حسن 8- محمد فتحي سيد 9- ماجد عادل صموئيل
10- جاد الله سيد طه 11- صادق عبد العزيز الباجوري 12- محمد أحمد فؤاد
13- محمد صلاح محمد هاشم 14- حسني مصطفى عبد اللطيف
15- أيمن محمد عوض الله حجازي 16- حمدي محمد مدني 17- أعصام أحمد نصر
18- طارق إسماعيل الباجوري 19- خالد عمر شريف 20- بدوي عبد الفتاح عبده
21- هاني عاطف السيد 22- كريم يحيى لاشين 23- إبراهيم توفيق أحمد
24- خالد محمد عوض
طلبوا التدخل انضمامياً إلي المدعي عليهم للحكم لهم بالطلبات التي أبدتها جهة الإدارة بمذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 1/9/2008 رداً على الدعوى وذكروا في معرض بيان الصفة والمصلحة في طلب تدخلهم أنهم من مواطني جمهورية مصر العربية ولهم مصلحة مباشرة في استقرار الاقتصاد المصري وتأمين دعم السلع الأساسية المترتبة على توفير موارده من العملة الصعبة الذي يستفيد منه الطالبون وغيرهم من مواطني مصر.
وبجلسة 7/10/2008 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم في الشق العاجل بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
" المحكمـة "
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
وحيث إن طلبات المدعي الختامية تنحصر في طلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير البترول رقم 100 لسنة 2004 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ومن حيث إن الدعوى تدوولت أمام المحكمة على النحو السالف بيانه.
ومن حيث إنه عن طلبات التدخل فقد أجاز المشرع بموجب نص المادة (126) من قانون المرافعات لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضماً لأحد الخصوم ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة بالجلسة في حضورهم ويثبت في محضرها ".
ومتى كان المتدخلون انضمامياً إلي جانب المدعي من مواطني جمهورية مصر العربية وقد أوضحوا في صحف تدخلهم المقدمة إلي المحكمة أن مصالحهم ستمس وأنهم متضررون من النتائج المترتبة على القرار المطعون فيه والمتمثلة في بيع الغاز الطبيعي المصري وهو من الثروات الطبيعية للبلاد إلي إسرائيل بأسعار لا تتناسب وسعرها العالمي السائد، الأمر الذي يهدر جزءاً من موارد الدولة وثروتها القومية والتي يمكن أن تعود عليهم بالنفع لو روعي التصرف في هذه الثروة بما يحفظ لمصر حقوقها.
ومتى كان ذلك فإن تدخلهم إلي جانب المدعي في طلباته المتمثلة في طلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه، يكون قائماً على سنده المبرر له ويكون مقبولاً، وهو ما تقضي به المحكمة.
ومن حيث أنه عن طلبات التدخل ألانضمامي إلي جانب جهة الإدارة فإن أوراق التدخل الخاصة بهؤلاء الطالبين لم تتضمن ما يفيد أن لهم مصلحة قانونية في طلباتهم التي أبدتها جهة الإدارة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى أو بعدم قبولها ذلك أن حرصهم على استقرار الاقتصاد المصري وتوفير العملة الأجنبية اللازمة لتوفير السلع الغذائية – كما جاء ذلك في بيان أسانيد تدخلهم – إنما تتحقق لا من خلال الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى أو بعدم قبولها، كما تطالب جهة الإدارة التي يطلبون التدخل انضمامياً إلي جانبها، وإنما تتحقق لو أجيب المدعي إلي طلباته بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الطعين مع ما يترتب على ذلك من آثار وبالتالي حصول مصر على أسعار مناسبة وعادلة نظير بيع ثرواتها الطبيعية ، الأمر الذي يحقق عائداً أعلى وإيراداً أكبر وموارد أكثر لمصر من شأنها تحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود وتوفير موارد لدعم السلع الأساسية للمواطنين.
ومتى كان ذلك فإنه لا توجد مصلحة ظاهرة في طلب المذكورين التدخل إلي جانب جهة الإدارة وبالتالي يتعين القضاء بعدم قبول طلبات التدخل الخاصة بهم.
ومن حيث إنه عن دفع الحاضر عن جهة الإدارة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى باعتبار أنها تتعلق بعمل من أعمال السيادة فإن المادة (11) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن " لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة ".
ومؤدى ذلك على ما استقر عليه الفقه والقضاء أن أعمال السيادة هي تلك التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة فهي تارة تكون أعمالاً منظمة لعلاقة الحكومة بمجلسي الشعب والشورى أو منظمة للعلاقات السياسية بالدول الأجنبية وهي طوراً تكون تدابير تتخذ للدفاع عن الأمن العام من اضطراب داخلي أو لتأمين سلامة الدولة من عدو خارجي.
وأعمال السيادة بهذا المفهوم – والتي تتصل اتصالاً وثيقاً بنظام الدولة وسيادتها في الداخل والخارج – لا تمتد إليها رقابة القضاء، أما غير ذلك من القرارات الإدارية أو الأعمال التي تمارسها الحكومة بوصفها سلطة إدارية فإنها تخضع لرقابة القضاء الإداري طبقاً لأحكام الدستور والقانون باعتباره صاحب الولاية العامة والقاضي الطبيعي المختص بنظر الطعون في القرارات الإدارية النهائية سلبية كانت أو إيجابية.
وغني عن البيان أن للقضاء سلطة تقرير الوصف القانوني للعمل المطروح عليه وما إذا كان يعد عملاً إدارياً عادياً يختص بنظره أو عملاً من أعمال السيادة يمتنع عليه النظر فيه.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المنازعة الماثلة تدور حول سلطة الإدارة في تنظيم وإدارة واستغلال موارد الدولة وأحد ثرواتها الطبيعية والتصرف فيها وقد اختصمها المدعي كسلطة إدارية تقوم على هذا المرفق وينبغي عليها أن تلتزم في ذلك حدود الدستور والقانون وضوابطهما . وهذا من جانب جهة الإدارة يعد من صميم وظائفها الإدارية ومن الأعمال التنفيذية التي تمارسها الحكومة بوصفها سلطة إدارية، ومن ثم فلا يعد تصرفها في هذه الحالة ولا القرار الصادر بشأنه من أعمال السيادة بالمعنى القانوني والدستوري ، وإنما يعتبر من قبيل أعمال الإدارة التي يقوم على ولاية الفصل فيها القاضي الإداري دون سواه طبقاً لنص المادة (172) من الدستور.
ومتى كان ذلك فإن للمحكمة بسط رقابتها على القرار المطعون فيه ويضحى الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى – في هذه الحالة – في غير محله متعيناً رفضه.
ومن ناحية أخرى وإذ استجمعت المنازعة الماثلة صفة المنازعة الإدارية لتعلقها بقرار إداري – أفصحت من خلاله جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح بغرض إحداث أثر قانوني معين – على نحو ما سلف بيانه ، ومن ثم يغدو الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري غير قائم على سند من الواقع والقانون متعيناً رفضه والالتفات عنه.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد فإنه لم يقم بالأوراق ما يفيد علم المدعي – علماً يقينياً شاملاً – بالقرار الطعين في تاريخ سابق على قيامه برفع الدعوى.
أما عن الدفع المبدى من الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة والمصلحة لرافعها ، فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن شرطا الصفة والمصلحة يندمجا وتتحقق المصلحة في دعوى الإلغاء في كل حالة يكون رافعها في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلي القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل القرار يؤثر في مصلحة جدية له.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من أوراق الدعوى أنه بموجب الطعن يتم بيع الغاز الطبيعي المصري بثمن لا يتناسب البته مع السعر العالمي السائد على نحو ما ذكره المدعي ولم تجحده جهة الإدارة أو تعقب عليه، ومن شأن ذلك إهدار جزء من ثروات مصر وعوائدها التي كان يمكن لو أحُسن التصرف في هذه الثروة – أن تعود على المدعي وغيره من المتدخلين انضمامياً وغيرهم من المواطنين المصريين بارتفاع في دخولهم ومستوى معيشتهم وتحسين في الخدمات التي تؤديها الدولة وخاصة ما تعلق منها بتأمين المجتمع والعمل على تطويره الأمر الذي يكون معه للمدعي والمتدخلين انضمامياً إليه مصلحة جدية تبرر لهم اللجوء إلي القضاء ومنازعة مسلك جهة الإدارة بغية القضاء لهم بالطلبات التي أبدوها انتصاراً لمبدأ المشروعية وسيادة القانون. ومراعاة الصالح العام، ومن ثم تقضي المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً والدفع بعدم قبولها لانتفاء الصفة والمصلحة.
وتكتفي المحكمة بما ورد في الأسباب بالنسبة للدفوع الأربعة الأخيرة دون الإشارة إليها مجدداً في المنطوق.
ومن حيث إن الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية والإجرائية فإنها تكون مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه يلزم للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري طبقاً لنص المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 توافر ركنين مجتمعين أولهما أن يستند الطلب إلي أسباب جدية ، وثانيهما: أن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد تواتر على أن الأصل في نصوص الدستور إنها تمثل القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة، وهي باعتبارها كذلك تتبوأ مكان الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين احترامها والعمل بموجبها باعتبارها أسمى القواعد الآمرة وأحقها بالنزول على أحكامها وإذا كان الدستور قد حدد لكل سلطة عامة من سلطات الدولة – التشريعية والتنفيذية والقضائية – وظائفها الأصلية وصلاحياتها فإنه يتعين على كل سلطة في مباشرتها لها أن تلتزم حدودها الطبيعية وأن تردها إلي ضوابطها الدقيقة التي عينها الدستور بما يحول دون تدخل أي منها في أعمال السلطة الأخرى أو مزاحمتها في ممارسة اختصاصاتها التي ناطها الدستور بها وألا وقع عملها مخالفاً للدستور.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان نص المادة (123) من الدستور يجري على أن "يحدد القانون القواعد والإجراءات الخاصة بمنح الالتزامات المتعلقة باستغلال موارد الثروة الطبيعية والمرافق العامة..".
والمستفاد من النص المتقدم أن الدستور قد حرص على حماية موارد الثروة الطبيعية للبلاد باعتبارها مورداً مهماً من موارد الدولة ليست ملكاً للأجيال الحالية فحسب بل يشترك في ملكيتها الأجيال المستقبلة فنص صراحة على أن يحدد القانون القواعد والإجراءات الخاصة بمنح التزامات استغلال موارد الثروة الطبيعية والمرافق العامة.
ومن حيث إنه بموجب ذلك فإنه يتعين على السلطة التنفيذية اللجوء إلي مجلس الشعب للحصول على موافقته على منح الالتزامات المشار إليها ويعتبر ذلك إجراءاً وجوبياً يحتمه الدستور وشرطاً أساسياً لنفاذ العمل ونوعاً من الرقابة التي تمارسها السلطة التشريعية – بنص الدستور على بعض أعمال الإدارة.
وتتمثل الفلسفة التي تبرر إعطاء هذه السلطة لمجلس الشعب في الصفة التمثيلية للجهاز التشريعي فهو بحسب الأصل يكون منتخباً من الشعب ويعبر عن إرادة أغلبيته وبالتالي فهو أصلح الأجهزة القادرة على مراقبة عمل الإدارة فيما يخص منح التزامات استغلال موارد الثروة الطبيعية الموهوبة للشعب وكذلك المرافق العامة التي تنشأ لخدمة الشعب وتلبية حاجاته.
وبالنظر إلي أن الثابت من استعراض قرار وزير البترول رقم 100 لسنة 2004 المطعون فيه أنه فوض كل من رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية ورئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول في إنهاء إجراءات التعاقد كطرف بائع للغاز الطبيعي مع شركة شرق البحر الأبيض المتوسط، وكطرف ثالث ضامن لكميات الغاز الطبيعي ومواصفاته ومدة التوريد في عقود شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز لتصدير الغاز الطبيعي من خلال خط أنابيب مع الشركات الواقعة في منطقة البحر المتوسط وأوروبا بما فيها شركة كهرباء إسرائيل.
وطبقاً لما ورد بهذا القرار فقد حدد مجلس الوزراء بمجلسته المنعقدة بتاريخ 18 سبتمبر 2000 لكل من الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية والهيئة المصرية العامة للبترول أسعار بيع الغاز الطبيعي لشركة شرق البحر الأبيض المتوسط واشتراطات البيع والزامهما بالتعاقد مع الشركة المذكورة في حدود هذه الأسعار وهي خمسة وسبعون سنتاً للوحدة الحرارية من الغاز ولا تجاوز دولاراً وربع الدولار وكذا اشتراطات التوريد ومدته التي بلغت خمسة عشر عاماً قابلة للتجديد لمدة خمس سنوات أخرى.
وهذا ما فوض وزير البترول كل من الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصريه القابضة للغازات الطبيعية في العمل بموجبه دون عرض هذا الالتزام المرتبط باستغلال أحد أهم موارد الثروة الطبيعية في البلاد على مجلس الشعب – حسبما ينص على ذلك الدستور في المادة (123) سالفة الذكر، الأمر الذي يعد افتئاتاً على اختصاص مجلس الشعب وسلطته المقررة دستورياً في الموافقة على منح الالتزام في الحالة المعروضة.
ومتى كان ذلك فإن القرار المطعون فيه وما ترتب عليه من تعاقد على بيع الغاز الطبيعي لشركة شرق البحر الأبيض المتوسط بالأسعار المشار إليها ومدد التوريد الطويلة سالفة البيان يكون قد صدر معدوماً لمخالفته أحكام الدستور . ولا يترتب عليه أي أثر قانوني.
ومن حيث إنه فضلاً عما سبق فقد أستقر قضاء مجلس الدولة على أنه يحق للقاضي الإداري أن يتحرى بواعث القرار الإداري وملابسات إصداره وما إذا كان مصدره قد تغيا وجه المصلحة العامة أو الغاية التي قصدها القانون أم تنكب السبيل وانحرف به عن غايته إلي غاية أخرى غير المصلحة العامة أو حتى غاية أدنى في أولويات الرعاية ومدارجها من غايات تعلو ومصالح تسمو وغايات تُبتغى.
لما كان ذلك وكان البادي من ظاهر الأوراق وفي ضوء ظروف إصدار القرار المطعون فيه أنه صدر من وزير البترول ملزماً الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية بالتعاقد على بيع الغازات البترولية وضمان توريدها إلي شركة بعينها وذلك بشروط مجحفة وأسعار بخسة مقدارها خمسة وسبعون سنتاً لكل وحدة غاز حرارية في الوقت الذي يتجاوز فيه السعر العالمي لهذه المنتجات تسعة دولارات (وقت رفع الدعوى) حسبما ذكر ذلك المدعي بعريضة دعواه وبالمستندات المقدمة منه والتي لم تعقب عليها جهة الإدارة أو تجادل في دلالتها أو صحتها.
ومن حيث إنه قد ورد كذلك بالمستندات المشار إليها أن مسئولين كبار بالحكومة ونواباً بمجلس الشعب وخبراء مصريين متخصصين طالبوا مراراً بضرورة مراجعة عقود تصدير الغاز وذلك للحصول على أسعار عادلة لبيع هذه الثروة وبالنظر لأن البيع بالأسعار الحالية الواردة بعقود البيع المبرمة بناء على القرار المطعون فيه قد أهدرت وتهدر يومياً على خزينة الدولة ملايين الدولارات وبذلك تفقد مصر مورداً مهماً من مواردها وجزءاً كبيراً من ثروتها – والتي كان يمكن لو أحسنت الإدارة التصرف فيها – أن تحقق زيادة كبيرة في عائدات الدولة المالية بما من شأنه أن يعود على المجتمع بتحسين في دخل أفراده وخدمات إضافية تيسر له سبل المعيشة.
وإذ يتعارض تصرف الإدارة سالف الذكر مع اعتبارات الصالح العام الذي يجب أن تسعى إليه كافة أجهزة الدولة، كما أنه لا يستقيم مع ما تقضي نصوص الدستور المصري من حرمة الملكية العامة وإلزام كل مواطن بواجب حمايتها ودعمها باعتبارها سنداً لقوة الوطن (مادة 33 من الدستور)
ومن ضرورة تنظيم الاقتصاد القومي وفقاً لخطة تنمية شاملة تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة والقضاء على البطالة وزيادة فرص العمل وضمان حد أدنى للأجور (م23 من الدستور).
ومتى كان ما تقدم فإن جهة الإدارة بإصدارها القرار المطعون فيه الذي لا يمت للمصلحة العامة للمجتمع ويهدر جزءاً مهماً من ثروة البلاد الطبيعية التي وهبها الله للشعب تكون قد انحرفت بسلطتها وأساءت بشدة استعمالها.
ومن حيث إنه من ناحية أخرى ولما كان البادي من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه لم ينشر – رغم كونه قراراً وزارياً – كما لم تنشر تفاصيل وشروط تصرف الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية المتعلقة ببيع هذه الكميات الكبيرة من الغاز الطبيعي المصري إلي شركة شرق البحر الأبيض المتوسط ومنها – إلي إسرائيل رغم مطالبة العديد من نواب الشعب والخبراء المتخصصين في مصر بالإطلاع على تفاصيل هذه الصفقة ورغم الجدل الكبير الذي يدور في الأوساط العلمية حول حجم الاحتياطي المصري من هذه الثروة الناضبة على نحو ما ورد بالمستندات المقدمة من المدعي.
بالإضافة إلي ما نطقت به الأوراق ظاهراً من سرعة متناهية وتعاصر مريب في إنشاء الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (شركة قطاع عام) وإنشاء شركة شرق البحر الأبيض المتوسط وهي شركة مساهمة قطاع خاص وتعديل نشاط الشركة الأخيرة والغرض منها ثم منحها – فور ذلك – دون غيرها عقد امتياز واحتكار شراء الغاز الطبيعي المصري الذي يتم تصديره (في هذه الحالة) إلي إسرائيل ، الأمر الذي يثير التساؤل عن أسباب ذلك التزامن العجيب وعن السرية والتكتم الشديد الذي فرضته جهة الإدارة حول صفقة بيع الغاز المصري لإسرائيل والمترتبة على صدور القرار المطعون فيه، وحجب تفاصيلها عن الشعب ونوابه وذلك ما يتعارض مع الشفافية التي بات أمرها مستقراً في ضمير الأمة والعالم المتحضر، ومع المسيرة الديمقراطية التي تشهدها البلاد، كما أنه يخل بالثقة الواجب توافرها في تعاملات جهة الإدارة.
ومن حيث أنه لما تقدم جميعه يكون القرار المطعون فيه قد صدر – بحسب الظاهر معدوماً لمخالفته أحكام الدستور والقانون وبذلك يتوافر ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فهو متوافر بأجلى صورة في الطلب الماثل لما يترتب على استمرار تنفيذ القرار من نتائج يتعذر تداركها وخسائر جسيمة للاقتصاد المصري تزداد يومياً، وكان يمكن تلافي هذه الخسائر واستفادة المدعي وغيره من المواطنين من عائدات هذه الثروة لو تصرفت الإدارة في هذه الموارد المملوكة للشعب بذات الأسعار العالمية السائدة والشروط التي تتعاقد بها الدول الحريصة على تنمية ثرواتها ورفاهية شعوبها.
وترتيباً على ما تقدم إيضاحه ، وإذ استوى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قائماً ومتوافراً على ركني الجدية والاستعجال فإن المحكمة تقضي بوقف تنفيذه.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم المصروفات عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.
" فلهــذه الأسبــاب "
حكمت المحكمة: " أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها.
وثانياً: بقبول تدخل الخصوم المنضمين إلي جانب المدعي.
وثالثاً: برفض طلبات الخصوم المتدخلين إلي جانب جهة الإدارة لانعدام الصفة والمصلحة وألزمتهم مصروفات التدخل.
ورابعاً: بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من بيع الغاز الطبيعي لإسرائيل مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.

حكم تصدير الغاز - الإدارية العليا

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى - موضوع
****************
بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 27/2/2010م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد أحمد الحسيني
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمـة 
وعضـوية السـادة الأسـاتذة المستشـارين / مجدى حسين محمد العجاتى ود. سامى حامد إبراهيم عبده وعادل سيد عبد الرحيم حسن بريك وصلاح الدين عبد اللطيف الجروانى .
نــواب رئيس مجلس الدولـة
بحضور السيد الأستاذ المستشار / مصطفى حسين السيد أبو حسين
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة 
وحضور السيد / كمال نجيب رمسيس سكرتير المحكمة 
*******************
أصدرت الحكم الآتي
( 1) في الطعنين رقمي 5546 و6013 لسنة 55 القضائية عليا
المقـام أولهما من :-
1- رئيس مجلس الوزراء " بصفته "
2- وزير البترول والثروة المعدنية " بصفته "
3- وزير المالية " بصفته "
ضــــــد :-
إبراهيم يسرى سيد حسين عبد الرحمن
والمتدخلين انضمامياً إلى جانبه وهم /
1- محمد فكرى عبــد الكريم 2- إبراهيم مصطفى زهران
3- أمين يسرى أحمد يسرى 4- فخرى أحمد عثمان
5- مهـــــــاب مقبل مصطفى 6- فتح الله محمـــد الضلعى
7- عزة محمـــــد طاهر مطر 8- رباب حــــــــــامد حسين
9- مى سعد زغلــــول محمد 10- أيمن أحمــد عبد الغفار
11- محمد فكرى عبــــــد الرحمن
12- عمر عبد العزيز عبد الرحمن
بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية أنصار حقوق الإنسان بالإسكندرية
والمقام ثانيهما من :-
1- صادق عبد العزيز محمود الباجورى 2- محمد أحمد فـــــــؤاد عبد العال
3- محمد صلاح محمد محمـــــود هاشم 4- حسنى مصطفى عبــــد اللطيف
5- أيمن محمد عــــــــوض الله حجازى 6- حمـــدى محمـــــد مـــدنى
7- عصـــــــام أحمــــــد نصـــــــر 8- طارق إسماعيل محمد الباجورى
9- خــالد عمـــر شـــــريف 10- بدوى عبد الفتاح عبده عبد الفتاح
11- هانى عــــــاطف محمد الســــــيد 12- كـــــــــــــريم يحيى لاشين
13- إبـــــــــــراهيم تــــوفيق أحمد 14- علاء الدين فتحى عبد الجـواد
15- هـــــــانى الســـــــعيد حســـن 16- صـــــــلاح حســـــــــين النجار
17- محمــــــــد أمين المعــداوى 18- محمـــــــــد ســـــــــــعد عماره
19- مــــــــاجد عـــــــادل صموئيل 20- حسن أحمــــــــــــد حسن
21- محمد فتحى السيد ( طاعنون وخصوم متدخلون انضمامياً للمدعى عليهم )
ضــــــــــــــــــــد :-
1- إبراهيم يسرى سيد حسين عبد الرحمن
2- رئيس مجلس الــــــــــــوزراء " بصفته "
3- وزير البترول والثروة المعدنية " بصفته "
4- وزير المــــــــالية " بصفته "
والمتدخلون انضماميا إلى جانب المطعون ضده الأول /
1- محمــــد فكرى عبــد الكريم 2- إبراهيم مصطفى زهران
3- أمين يسرى أحمــــد يسرى 4- فخرى أحمــــد عثمــــان
5- مهــــــاب مقبــــل مصطفى 6- فتح الله محمـــد الضلعى
7- عزه محمــــد طــــاهر مطر 8- رباب حـــــــامد حســـين
9- مى ســــعد زغلـــول محمد 10- أيمن أحمــد عبد الغفار
11- محمد فكرى عبد الرحمن
12- عمر عبد العزيز عبد الرحمن
بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية أنصار حقوق الإنسان بالإسكندرية
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة
فى الدعوى رقم 33418 لسنة 62 ق بجلسة 18/11/2008
(2) وفى الطعن رقم 7975 لسنة 55 ق . عليا
المقـــــــــام من :
1- رئيس مجــــــــلس الــــــوزراء " بصفته "
2- وزير البترول والثروة المعدنية " بصفته "
3- وزيـــــــر المـــــالية " بصفته "
ضـــــــــــد : -
إبراهيم يسرى سيد حسين عبد الرحمن .
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة
فى الدعوى رقم 32 لسنة 2008 بجلسة 6/1/2009
" الإجـــــــراءات "
———
بتاريخ 23/12/2008 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفاتهم فى الطعن الأول قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الذى قيد بجدولها تحت رقم 5546 لسنة 55 ق . عليا فى حكم محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة الصادر بجلسة 18/11/2008 فى الدعوى رقم 33418 لسنة 62 ق القاضى منطوقه : -
أولاً – برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها .
وثانياً – بقبول تدخل الخصوم المنضمين إلى جانب المدعى .
وثالثاً – برفض طلبات الخصوم المتدخلين إلى جانب جهة الإدارة لانعدام الصفة والمصلحة وإلزامهم مصروفات التدخل .
ورابعاً – بقبول الدعوى شكلاً , وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من بيع الغاز الطبيعى لإسرائيل , مع ما يترتب على ذلك من آثار , وإلزام جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب .
وطلب الطاعنون بصفاتهم وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة , وبقبول الطعن شكلاً , وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً : أصلياً – بعدم اختصاص المحكمة والقضاء عموما بنظر الدعوى , واحتياطيا – بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى , ومن باب الاحتياط بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى , ومن باب الاحتياط الكلى بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة أو مصلحة , ومن باب الاحتياط الأخير برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه , مع إلزام المطعون ضده والمتدخلين معه المصروفات فى أى من الحالات عن درجتى التقاضى .
وبتاريخ 1/1/2009 أودع وكيلا الطاعنين فى الطعن الثانى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الذى قيد بجدولها تحت رقم 6013 لسنة 55 ق . عليا على ذات الحكم المطعون فيه بالطعن الأول طالبين فى ختام التقرير الحكم
أولا – بقبول الطعن شكلا .
وثانيا – بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلبات تدخلهم إلى جانب جهة الإدارة والقضاء مجدداً بقبول تدخلهم انضماميا لجهة الإدارة .
ثالثاً – وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بذات الطلبات الواردة بصحيفة الطعن الأول رقم 5546 لسنة 55 ق . عليا .
وبتاريخ 26/1/2009 أودعت هيئة قضايا الدولة – نائبة عن الطاعنين فى الطعن الثالث قلم كتاب المحكمـة الإدارية العليا تقـرير الطعن الذى قيد بجدولها تحت رقم 7975 لسنة 55 ق . عليا فى حكم محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 32 لسنة 2008 بجلسة 6/1/2009 القاضى منطوقه أولاً : – برفض دفعى جهة الإدارة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبعدم قبولها لرفعها من غير ذى مصلحة , ثانياً – بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 33418 لسنة 62 ق بجلسة 18/11/2008 , مع ما يترتب على ذلك من آثار , والأمر بتنفيذ الحكم بمسودته ودون إعلان , وإلزام جهة الإدارة المصروفات .
وقد تدوول نظر الطعنين رقمى 5546 و 6013 لسنة 55 ق . عليا فى شقهما العاجل بالجلسات أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر الجلسات , وبجلسة 5/1/2009 قررت المحكمة ضم الطعنين للارتباط , وبجلسة 2/2/2009 حكمت المحكمة بإجماع الآراء بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وأمرت بإحالة الطعنين إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى الموضوع وألزمت المطعون ضدهم مصروفات هذا الطلب , وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً فى الطعنين ارتأت فيه الحكم برفض الطعنين وإلزام الطاعنين المصروفات , وقد تدوول نظر الطعنين أمام دائرتى فحص الطعون والموضوع على النحو الثابت بمحاضر الجلسات , وبجلسة 7/11/2009 قدم الحاضر عن الجهة الإدارية حافظتى مستندات ومذكرة , كما قدم الحاضر عن الطاعنين فى الطعن رقم 6013 لسنة 55 ق . عليا أربعة حوافظ مستندات ومذكرتين , وبجلسة 19/12/2009 قدم الحاضر عن الجهة الإدارية حافظة مستندات ومذكرة , كما قدم المطعون ضدهم حافظة مستندات ومذكرتين , وبجلسة 16/1/2010 قدم الحاضر عن الجهة الإدارية مذكرة , كما قدم المتدخلون مذكرتين , وطلب الجميع حجز الطعنين للحكم مع السماح بمذكرات فقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات لمن يشاء بالإيداع فى أسبوعين وخلال الأجل أودع المطعون ضده مذكرة ختامية , كما أودع المتدخلون إلى جانب الجهة الإدارية ثلاث مذكرات ختامية .
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى مسبباً فى الطعن الثالث رقم 7975 لسنة 55 ق . عليا ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً , وبإلغاء الحكم المطعون فيه , والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه , وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى , وتدوول نظر هذا الطعن أمام دائرتى الفحص والموضوع على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت المحكمة نظره مع الطعنين رقمى 5546 و 6013 لسنة 55 ق . عليا ثم قررت إصدار الحكم فيهم بذات الجلسة , وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
المحـكـمـــــــــة
**********
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً .
من حيث إن الطعنين رقمى 5546 و6013 لسنة 55 ق . عليا مقامان طعنا على ذات الحكم الصادر فى الدعوى رقم 33418 لسنة 62 ق بجلسة 18/11/2008 وكان الحكم القاضى بالاستمرار فى تنفيذه - الصادر فى الدعوى رقم 32 لسنة 2008 بجلسة 6/1/2009 – محلاً للطعن الثالث رقم 7975 لسنة 55 ق . عليا , فمن ثم يقوم بين الطعون الثلاثة الماثلة ارتباط يسيغ للمحكمة – بما لها من سلطة فى إجراء موجبات حسن سير العدالة – ضم هذه الطعون ليصدر فيهم جميعاً حكم واحد .
ومن حيث إن الطعون الثلاثة قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية المقررة , ومن ثم فإنها تكون مقبولة شكلاً .
ومن حيث إنه عن طلبات التدخل فإنه بالرجوع إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية – المنطبق على المنازعات الإدارية فيما لم يرد به نص فى قانون مجلس الدولة – وبشرط عدم تعارض نصوص قانون المرافعات مع طبيعة هذه المنازعات ( حكم دائرة توحيد المبادئ فى الطعن 1522 لسنة 27 ق . عليا بجلسة 9/4/2007 ) – يبين أن المادة (126) منه تنص على أن " لكل ذى مصلحة أن يتدخل فى الدعوى منضماً لأحد الخصوم , ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة بالجلسة فى حضورهم ويثبت فى محضرها " , أى أن المشرع قد أطلق التدخل الانضمامى لأحد الخصوم سواء كان إلى جانب الجهة الإدارية أو إلى جانب خصومها , متى توافر فى طالب التدخل شرط المصلحة , ومن المستقر عليه إنه فى طلبات الإلغاء التى تتعلق بمشروعية القرارات الإدارية وباعتبار أنها تثير منازعة عينية يتسع مفهوم المصلحة المشترطة فى دعوى الإلغاء عنه فى الدعاوى القضائية الأخرى بحيث لا تتقيد المصلحة حرفياً فى دعوى الإلغاء بحق أو مركز قانونى ذاتى أو شخصى لرافع دعوى الإلغاء , فضلاً عن أن مجلس الدولة الفرنسى قد تخفف فى شروط المصلحة فى دعوى الإلغاء , إذ يستوى فى قضائه أن يقع المساس بمصلحة رافع دعوى الإلغاء فى تاريخ رفعها أو فى تاريخ لاحق , ومهما كانت الدرجة التى يكون عليها هذا المساس بالمصلحة مؤكداً ومباشراً طالما قدرت المحكمة كفاية هذه الدرجة "suffisament directe et certaine " ( حكم المجلس فى قضية " ABISSET " بجلسة 14/2/1958 مجموعة أحكام ليبون عن السنة ص 98 ) وهو ما فسره الفقه بأن ما يلزم توافره فى المصلحة فى دعوى الإلغاء – طبقاً لهذه الصيغة القضائية هو فقط ألا يكون المساس بمصلحة رافع دعوى الإلغاء غير مباشر أو غير محقق بشكل مبالغ فيه "LA LESION DE L’INTERET NE SOIT NI EXAGEREMENT INDIRECTE NI EXQGEREMENT INCERTAINE EXAGEREMENT INCERTAINE
قانون القضاء الإدارى – رنيه شابى الطبعة السادسة سنة 1996 مونت كرستين رقم 441 ب ص 393 ) .
وغنى عن البيـان أنه من المستقر عليه اندماج الصفة فى المصلحة فى دعوى الإلغاء , وهو ما تعبر عنه الصيغة القضائية التى جرت بها أحكام مجلس الدولة الفرنسى " المصلحة المانحة للصفة فى التقـاضى " intérêt donnant qualité à agir " ( حكم الدوائر المجتمعـة فى قضيـة " Comm.de Fréjus" بجلسة 5/4/1993 ذات المرجح ص 99 )
ولما كانت الأحكام المتقدمة فى شأن المصلحة فى دعوى الإلغاء قد أوجبتها الطبيعة الخاصة لهذه الدعوى كما فرضه هدفها الأسمى الذى استنت من أجله هذه الوسيلة القضائية لتكون ضمانة لمبدأ المشروعية الذى يرتكز عليه بناء الدول المتحضرة , والذى يعد البيئة التحتية التى يؤسس عليها بناء الحقوق والحريات العامة المكفولة دستورياً ودولياً , الأمر الذى لا يجوز معه تطبيق أحكام المادة (3) من قانون المرافعات معدلة بالقانون رقم 81 لسنة 1996 فى النزاع الماثل وعلى النحو الذى طلبته الجهة الإدارية فى صحيفة طعنها الأول وسندا لدفعها بانتفاء مصلحة رافع الدعوى والمتدخلين إلى جانبه , لما يمثله ذلك من تعارض مع طبيعة المنازعة فى دعوى الإلغاء يفقد النص شرط انطباقه الذى أكدته دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا فى حكمها سالف الإشارة إليه .
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم , ولما كان المتدخلون جميعاً – سواء من قضى بقبول تدخله أو رُفض فى الحكم المطعون فيه - هم من مواطنى جمهورية مصر العربية , وهم من المخاطبين بالمادة (25) من الدستور التى تكفل " لكل مواطن نصيب فى الناتج القومى " وقد أوضحوا فى صحف طلبات التدخل وجوه مصالحهم المتعلقة بتنمية واستغلال وتعظيم عوائد الغاز الطبيعى المصرى باعتباره من الثروات الطبيعية للبلاد وأحد روافد الناتج القومى وذلك فى ضوء ما تضمنه القرار المطعون فيه , الأمر الذى تتوافر معه للمتدخلين جميعاً صفة ومصلحة فى التدخل , وذلك بمراعاة أن التصدى لمشروعية القرار ومدى مساسه بهذه المصلحة سلباً أو إيجابا هو فى حقيقته فصل فى موضوع الطلبات فى الدعوى يتجاوز حدود البحث فى القبـول
الشكلى لطلبات التدخل , وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر بخصوص المتدخلين إلى جانب المدعى دون المتدخلين إلى جانب الجهة الإدارية , فمن ثم يتعين القضاء بإلغائه فيما قضى به من رفض طلبات التدخل إلى جانب جهة الإدارة , والقضاء مجدداً بقبول تدخلهم فى المنازعة موضوع الطعنين 5546 و 6013 لسنة 55 ق . عليا .
ومن حيث إنه عن الدفعين بعدم اختصاص المحاكم عموماً بنظر النزاع , وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظره , فإن الجهة الإدارية والمتدخلين إلى جانبها يشيدون هذين الدفعين بصفة أساسية على أن النزاع يتعلق بعمل من أعمال السيادة , وبعقد تجارى دولى خاص , على اعتبار أن التعامل محل النزاع تفرضه معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 فى الفقرة (3) من المادة الأولى من المعاهدة والمادة الثانية من الملحق (3) بشأن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الطرفين , وأن مجلس الشعب قد وافق على تلك المعاهدة وأصبحت قانوناً ملزماً لجمهورية مصر وكذلك على اعتبار أن شركة البحر الأبيض المتوسط شركة تسويق غاز مصرية منشأة وفقاً لأحكام قوانين الشركات المصرية وهى أحد أشخاص القانون الخاص ( طرف بائع ) وشركة كهرباء إسرائيل إحدى شركات القطاع الخاص بإسرائيل ( مشترى ) وأن ما تم بيع بين الشركتين هو عقد تجارى دولى خاص لا يخضع لرقابة أو الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة .
ومن حيث إن هذين الدفعين الأساسين ظاهرا التهاتر , إذ بينما تسوق الجهة الإدارية والمتدخلين إلى جانبها أن النزاع يتعلق بعمل من أعمال السيادة وصولاً لإخراج النزاع عن رقابة القضاء بصفة عامة تعود مذكرات الطاعنين لتفصٍّل فى أسانيد اعتبار النزاع متعلقاً بعقد بيع تجارى دولى خاص لينحسر عنه اختصاص محاكم مجلس الدولة .
كذلك فإن الدفعين مردودان بما هو مستقر عليه من أن أعمال السيادة استثناء يمثل خروجاً على مبدأ المشروعية ويخضع لقاعدة التفسير الضيق وعدم القياس , وبالتالى فإن القائمة القضائية لما يعد من قبيل هذه الأعمال يسير فى اتجاه مضاد لاتساع دائرة الحقوق والحريات العامة , ومن جانب آخر فإن شمول عملية مركبة تقوم بها السلطة التنفيذية لعمل من أعمال السيادة لا يسبغ حصانة على ما قد يتصل بها من أعمال هى بطبيعتها من قبيل القرارات الإدارية التى تظل خاضعة لرقابة قاضى المشروعية , ولذلك حرصت المادة (17) من قانون السلطة القضائية على النص على أن " تعتبر أعمال السـيادة أعمالاً سياسية من شأن السلطة العليا للـدولة " , كما استقر القضاء الإدارى على تطبيق نظرية القـرارات القـابلة للانفصال عن هذه العمليات المشـتملة على عمل سيادى ومنها ما يخص العلاقات الدولية , " mesure détachable de la conduite des relations internationales "
إذ لا تشكل هذه القرارات أعمال سيادة ينحسر عنها اختصاص القضاء الإدارى
" Elle ne constitue pas , par suite , un acte de gouvernement qui échapperait à la compétence de la juridiction administrative "
( حكم مجلس الدولة الفرنسى فى الدعاوى أرقام / 201061 و 201063 و 201137 بجلسة 20/10/2000 ) , ولذلك أشارت المحكمة الدستورية العليا منذ سنوات عديدة إلى أن أعمال السيادة " المرد فى تحديدها للقضاء " ( من ذلك حكمها فى الدعوى رقم 5 لسنة 5 ق دستورية , وفى الدعوى رقم 3 لسنة 1 ق دستورية بجلسة 25/7/1983 )
وتطبيقا لما تقدم جميعه ولما كان البين من مطالعة صحف الطعون ومذكرات الجهة الإدارية والمتدخلين إلى جانبها أنه فى إطار معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية المبرمة عام 1979 لم تمانع السلطة السياسية العليا بالدولة المصرية تحقيقا للالتزامات المتبادلة بين الطرفين من إمكانية تصدير الغاز الطبيعى الزائد عن حاجة الشعب المصرى للطرف الثانى فى هذه المعاهدة , وكذلك تحقيقاً للمصالح العليا فى تصدير هذه السلعة الاستراتيجية لدول شرق البحر الأبيض المتوسط وأوروبا , ولما كانت هذه الموافقة من حيث المبدأ على التصدير تعد صادرة من السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم لتنظيم علاقاتها الدولية فإن صفة عمل السيادة لا تلحق إلا بهذه الموافقة من حيث مبدأ التصدير , أما ما صدر عن مجلس الوزراء بتاريخ 18/9/2000 ثم قرار وزير البترول رقم 100 لسنة 2004 بالتفويض فى إجراءات التعاقد مع شركة شرق البحر الأبيض المتوسط لتصدير الغاز الطبيعى مع الشركات الواقعة فى منطقة البحر المتوسط وأوروبا بما فيها شركة كهرباء إسرائيل فقد صدرا من سلطة وطنية ووفقاً للتشريعات المصرية , ومن ثم فهما يشكلان قرارين إداريين قابلين للانفصال عن عمل السيادة المشار إليه , ويخضعان بالتالى للرقابة القضائية لمحاكم مجلس الدولة دون أن يغير من ذلك استناد الجهة الإدارية والمتدخلين إلى جانبها إلى المادة (156 ) من الدستور , إذ فضلاً عن أن الإجراء موضوع النزاع قد صدر عن مجلس الوزراء منفرداً ودون مشاركة من رئيس الجمهورية فإنه ليس كل ما يصدر استناداً إلى هذه المادة يعد تلقائياً عملاً من أعمال السيادة إنما يلزم إعمال الضوابط سالفة الذكر لتحديد ما يعد منها عملاً من أعمال السيادة وما يصدر من قرارات إدارية تنفيذية له.
ومن حيث إنه فيما يخص اعتبار النزاع متعلقاً بعقد تجارى دولى خاص , فضلا عن تهاتره مع السند الأول فى الدفع بعدم الاختصاص كما سبق البيان , فقد جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن الاتفاقيات الدولية التى تتمحض عن أعمال تجارية تخضع لرقابة القضاء لعدم اعتبارها أعمال سيادة تنحسر عنها الرقابة القضائية , وذلك حتى ولو استلزمت المادة 151 من الدستور عرضها على مجلس الشعب , على اعتبار أن أعمال السيادة تحددها طبيعة العمل وليست طريقة إبرامه أو التصديق عليه( من ذلك حكمها فى القضية رقم 10 لسنة 14 ق . دستورية بجلسة 19/6/1993 ) .
وغنى عن البيان أنه طالما قد فرض المشرع رقابة لجهة الإدارة على ما يبرمه أشخاص القانون الخاص من عقود تتعلق فى التصرف فى ثروات البلاد خاصة الإستراتيجية ومنها البترول والغاز الطبيعى , وذلك بموجب التشريعات الحاكمة لذلك , والتى من بينها بصفة خاصة القوانين الصادرة بالترخيص فى التعاقد للبحث عن الغاز واستغلاله , فإن ما يصدر من جهة الإدارة فى هذا الإطار – ومن بينها القرار المطعون فيه يجسد مظهراً من مظاهر السلطة العامة المتمثلة فيما خوله القانون لجهة الإدارة من سلطة رقابية , ويعد بالتالى قراراً إدارياً قابلاً للطعن عليه بدعوى الإلغاء , وحتى ولو كان هذا القرار أساسا لإبرام جهة الإدارة أو غيرها عقدا وبغض النظر عن الطبيعة القانونية للتعاقد , ومن قبيل ذلك القرار المطعون فيه الذى يرخص ببيع الغاز , إذ يعد هذا القرار – وطبقا لما استقر عليه القضاء الإدارى – قراراً إدارياً قابلاً للانفصال عن العقد .
ومن حيث إن محاكم مجلس الدولة هى صاحبة الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية وهى قـاضيها الطبيعى وفقاً لأحكام المادة (172) من الدستور التى تنص على أن " مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة تختص بالفصل فى المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية " وكذلك وفقاً لأحكام المادة العاشرة ( خامساً ورابع عشر ) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وتعديلاته التى تنص على أن " تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية : … ( خامساً ) الطلبات التى يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية … ( رابع عشر ) سائر المنازعات الإدارية … " , وقد استقرت على ذلك أحكام هذه المحكمة والمحكمة الدستورية العليا التى أكدت الولاية العامة لمحاكم مجلس الدولة باعتباره القاضى الطبيعى لكافة المنازعات الإدارية , وأن " إيلاء الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية إلى المحكمة الابتدائية خصماً من الاختصاص المعقود لمحاكم مجلس الدولة دستورياً ينبغى أن تبرره ضرورة ملحة " ( حكمها فى الدعوى رقم 101 لسنة 26 ق . دستورية بجلسة 1/2/2009 ) .
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم , ولما كان الحكم المطعون فيه قد تبنى مذهباً مغايراً , ولم يُعمل التحليل المتقدم وقوفاً على الطبيعة الذاتية لمختلف الإجراءات والقرارات التى شكلت فى مجموعها العملية المركبة لتصدير الغاز الطبيعى بدءًا من موافقة السلطة السياسية على مبدأ التصدير ومروراً بقرار رئيس الهيئة العامة والمناطق الحرة رقم 230 لسنة 2000 بالموافقة على إقامة مشروع شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز ( شركة مساهمة مصرية ) وقرار مجلس الوزراء الصادر بجلسة 18/9/2000 وانتهاءً بقرار وزير البترول رقم 100 لسنة 2004 الصادر تنفيذاً لذلك بالموافقة على تصدير الغاز لإسرائيل بالكمية والسعر المحددين به ، لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف صحيح القانون ، ويضحى واجبا إلغاؤه فيما قضى به باختصاص المحكمة بنظر القرار الأول بالموافقة على مبدأ تصدير الغاز لإسرائيل ، والقضاء مجدداً بعدم اختصاص القضاء عموماً بنظره لكونه عملاً من أعمال السيادة وبالتالي رفض الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الطعن على القرار رقم 100 لسنة 2004 وقرار مجلس الوزراء بجلسة 18/9/2000 المشار إليهما فيما تضمناه من تحديد سعر التصدير وكمية الغاز المرخص بتصديره لإسرائيل .
وغنى عن البيان أن الدفع بمخالفة الحكم المطعون فيه بالطعنين رقمى 5546 و 6013 لسنة 55 ق . ع لقواعد توزيع الاختصاص بين دوائر محكمة القضاء الإدارى ( مذكرة الجهة الإدارية بجلسة 5/1/2009 ) مردود لابتنائه على ما تسوقه الجهة الإدارية من أن النزاع متعلق بعقد تجارى , وهو ما ثبت مخالفته صحيح الواقع والقانون على ما سلف البيان ، وأن الصحيح هو أن النزاع متعلق بقرار استوفى أركان القرار الإدارى الخاضع لرقابة قاضى الإلغاء الإدارى ، فضلاً عن أن مخالفة الحكم لقواعد توزيع الاختصاص بين دوائر المحكمة الواحدة من ذات الدرجة لا يستوجب بطلان الحكم ، الأمر الذى يتعين معه رفض الطلب الاحتياطي ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم اختصاص الدائرة التى أصدرته " نوعياً بنظر النزاع ".
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم تكون محاكم مجلس الدولة مختصة بنظر الطعن على القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تحديد كمية و سعر تصدير الغاز لإسرائيل وذلك بالنسبة لطلب وقف تنفيذ ثم إلغاء هذا القرار وكذلك بالنسبة للمنازعة التنفيذية موضوع الدعوى الرقيمة 32 لسنة 2008 باعتبارها متفرعة عن المنازعة الأصلية ، وتطبيقاً للقاعدة الأصولية التى تقضى بأن قاضى الموضوع هو قاضى التنفيذ.
ومن حيث إنه عن الموضوع ، فإن هذه المنازعة تتحصل وقائعها – حسبما يبين من الأوراق وبالقدر الذى يكفى لحمل منطوق هذا الحكم على أسبابه – فى أنه بتاريخ 22/4/2008 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 33418 لسنة 62 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طالباً فى ختام عريضة الدعوى الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزير البترول رقم 100 لسنة 2004 وكل ما يترتب عليه أو يستند إليه من قرارات أو آثار قانونية وإلغاء قرار وزير البترول الأخير برفع سعر البنزين و السولار ، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ، وذلك على سند من القول بأن المدعى اتصل بعلمه ما سمى بمذكرة تفاهم وقعت لتوريد الغاز الطبيعى لإسرائيل بسعر منخفض ، وهى لذلك يلحقها البطلان المطلق وفقاً لأحكام المادة 151 /2 من الدستور ، كما علم بصدور القرار الوزارى رقم 100 لسنة 2004 مشيراً فى ديباجته إلى قرار لمجلس الوزراء بجلسة 18/9/2000 بمنح وزارة البترول ممثلة فى الهيئة العامة للبترول الحق فى التفاوض و التعاقد مع شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط من أجل بيع (7) مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى لإسرائيل على مدار خمسة عشر عاماً قابلة للتجديد بسعر (75) سنتا للمتر المكعب وبسعر أقصى دولار وربع الدولار ، وأضاف المدعى إنه بناءً على هذا القرار وقعت شركة أيـچبك و الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية اتفاقاً لتوريد كميات من الغاز الطبيعى وبيعه لإسرائيل عبر شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط ، ونعى المدعى على القرار مخالفته للدستور و القانون ، وإن تحديد سعر التوريد بقيمة رمزية لا تصل إلى عُشر السعر العالمى قد انعكس سلباً على مصلحته وغيره من المصريين إذ أدى ذلك إلى تقليص الدعم لمحدودى الدخل بزيادة أسعار البنزين و السولار ومنتجات بتروكيميائية عديدة وعليه انتهى إلى طلباته السالفة .
وقد تدوول نظر الدعوى فى شقها العاجل أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث حضر المتدخلون إلى جانب المدعى و بوكلاء عنهم وأثبتوا طلبات تدخلهم وأودعوا صحفاً معلنة بتدخلهم ، كذلك حضر المتدخلون إلى جانب الجهة الإدارية وبوكلاء عنهم وأودعوا صحيفة معلنة بتدخلهم وهم جميع الطاعنين فى الطعن رقم 6013 لسنة 55 ق.عليا إضافة إلى كل من : كرم عبد الله عبد الرحيم ، و جاد الله سيد طه ، وخالد محمد عوض ، وبجلسة 18/11/2008 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وشيدت قضاءها فيما يتعلق برفض الطعن بعدم اختصاص المحاكم عموما ومحاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر النزاع , على أن الثابت من الأوراق أن المنازعة تدور حول سلطة الإدارة فى تنظيم وإدارة واستغلال موارد الدولة وأحد ثرواتها الطبيعية والتصرف فيها , وقد اختصمها المدعى كسلطة إدارية تقوم على هذا المرفق , وينبغى عليها أن تلتزم فى ذلك حدود الدستور والقانون وضوابطهما , ومن ثم فلا يعد تصرفها فى هذه الحالة ولا القرار الصادر بشأنه من أعمال السيادة بالمعنى القانونى والدستورى , وإنما يعتبر من قبيل أعمال الإدارة التى يقوم على ولاية الفصل فيها القاضى الإدارى دون سواه طبقاً لنص المادة (172 ) من الدستور .
كما شيدت المحكمة قضاءها – بالنسبة لرفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة ومصلحة رافعها – على أن الثابت من الأوراق أن بيع الغاز الطبيعى المصرى يتم بثمن لا يتناسب البتة مع السعر العالمى على نحو ما ذكر المدعى ولم تجحده جهة الإدارة , ومن شأن ذلك إهدار لجزء من ثروات مصر وعوائدها التى كان يمكن لو أحسن التصرف فى هذه الثروة أن تعود على المدعى والمتدخلين معه بارتفاع دخولهم ومستوى معيشتهم وتحسين الخدمات , الأمر الذى يكون معه للمدعى والمتدخلين انضمامياً إليه مصلحة جدية تبرر لهم اللجوء إلى القضاء ومنازعة مسلك جهة الإدارة بغية القضاء لهم بالطلبات التى أبدوها انتصاراً لمبدأ المشروعية وسيادة القانون , ومراعاة الصالح العام .
كما شيدت المحكمة قضاءها بتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على أن البادى من ظاهر الأوراق إنه بالمخالفة لأحكام المادة (123) من الدستور وافتئاتا على اختصاص مجلس الشعب أصدر وزير البترول قراره المطعون فيه ملزماً الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية بالتعاقد على بيع الغازات البترولية وضمان توريدها إلى شركة بعينها وذلك بشروط مجحفة وأسعار بخسة مقدارها خمسة وسبعون سنتا لكل وحدة غاز حرارى فى الوقت الذى يتجاوز فيه السعر العالمى لهذه المنتجات تسعة دولارات ( وقت رفع الدعوى ) , حسبما ذكر المدعى بعريضة دعواه وبالمستندات المقدمة منه والتى لم تعقب عليها جهة الإدارة فضلاً عن أن مسئولين كبار بالحكومة ونواباً بمجلس الشعب وخبراء مصريين متخصصين طالبوا مراراً بمراجعة عقود تصدير الغاز وذلك للحصول على أسعار عادلة لبيع هذه الثروة , وإذ يتعارض تصرف الإدارة سالف الذكر مع اعتبارات الصالح العام , ولا يستقيم مع ما تقضى به نصوص الدستور المصرى من حرمة الملكية العامة وإلزام كل مواطن بواجب حمايتها ودعمها باعتبارها سنداً لقوة الوطن ( المادة 33 من الدستور ) , وبذلك تكون جهة الإدارة بإصدارها القرار المطعون فيه قد انحرفت بسلطتها وأساءت بشدة استعمالها , ومن ناحية أخرى ولما كان البادى من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه لم ينشر , كما لم تنشر تفاصيل وشروط تصرف الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية المتعلقة ببيع هذه الكميات الكبيرة من الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل رغم الجدل حول حجم الاحتياطى المصرى من هذه الثروة النابضة على نحـو مـا ورد بالمستندات المقدمة من المدعى , بالإضافة إلى ما نطقت به الأوراق ظاهراً من سرعة متناهية وتعاصر مريب فى إنشاء الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية وشركة شرق البحر الأبيض المتوسط , وتعديل نشاطها ومنحها فور ذلك دون غيرها عقد امتياز واحتكار شراء الغاز الطبيعى المصرى الذى يتم تصديره فى هذه الحالة إلى إسرائيل , وأنه لما تقدم جميعه يكون القرار المطعون فيه قد صدر – بحسب الظاهر – معدوما لمخالفته أحكام الدستور والقانون , وبذلك يتوافر ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ إلى جانب توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها وخسائر جسيمة للاقتصاد المصرى وعليه خلص الحكم من ذلك إلى قضائه سالف البيان .


ومن حيث إن مبنى طعن الجهة الإدارية الأول على هذا الحكم مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن المادة (123) من الدستور تحكم حالات منح التزام استغلال واحتكار مورد من موارد الثروة الطبيعية , وفيها لا يكون منح الالتزام إلا بقانون بخلاف نقل وبيع الغاز لدول أخرى الذى لا يتطلب ذلك , وقد تمت عملية البيع بالقرار المطعون فيه طبقاً للقوانين وتخرج عن حكم المادة (123) من الدستور , والمعمول به فعلاً أن عمليات البحث عن البترول واستغلاله لا تتم إلا بموجب اتفاقية التزام يصدر بها قانون من مجلس الشعب والتى تصل إلى أكثر من (200) اتفاقية سارية ببنود نمطية , ومع أن عقود تصدير الغاز لا يلزم عرضها على مجلس الشعب فإنه مع ذلك تم عرضها وأعمل مجلس الشعب رقابته عليها , وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مغايراً لذلك فإنه يكون مشوباً بمخالفة القانون , وبخصوص ما اعتبره الحكم قرينة على الانحراف بالسلطة من بيع الغاز بسعر منخفض فإنه مردود بأن تحديد السعر من المسائل الفنية التى تدخل فى الاختصاص التقديرى لجهة الإدارة ممثلة فى الجهات القائمة على شئون البترول والغاز بمالها من مقومات الخبرة والدراية التى يستعصى على غيرها إعمال التقدير فيها , والذى يدخل فيه أن البيع تم لشركة مصرية تحاسب بأسعار خاصة فى ضوء ضمانات قانون الاستثمار , وأن عملية التصدير للغاز تتم لأنه لا يخزن عقب إنتاجه , وإنه فى تاريخ تصدير الغاز لإسرائيل كانت السوق العالمية للغاز الطبيعى فى صالح المشترى , فضلا عن الحاجة للنقد الأجنبى وجذب الاستثمارات وبمراعاة أن التصدير يتم من حصة الشريك الأجنبى , وإن شركة شرق البحر المتوسط شركة خاصة تتحمل كافة نفقات المشروع , وأن التصدير لا يتم لإسرائيل وحدها بل لدول أخرى .
ومن حيث إن مبنى طعن المتدخلين مع الجهة الإدارية على الحكم ذاته بطلان ذلك الحكم لمخالفته القانون بالقضاء بما لم يطلبه الخصوم عندما قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من بيع الغاز الطبيعى لإسرائيل مع أن طلبات المطعون ضده كانت وقف تنفيذ القرار رقم 100 لسنة 2004 , وكذلك لعدم توافر شروط الاستعجال , كما بنى الطعن كذلك على أساس بطلان الحكم للقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال , لعدم وجود سوق عالمية للغاز الطبيعى , وتختلف أسعار التصدير تبعاً لاقتصاديات مشروعات التصدير واختلاف الأسواق من منطقة لأخرى وأنه وحتى عام 2004 كانت السوق العالمية للغاز هى سوق المشترى , ولم تكن هناك مؤشرات تنبئ بارتفاع الأسعار , وقد اتخذ قرار التصدير لتحقيق عائدات من النقد الأجنبى وإنه يتم التصدير من حصته استرداد النفقات وحصة الشريك الأجنبى التى يتم شرائها بسعر ( 2.65 ) دولار / مليون وحدة حرارية بريطانية كحد أقصى طبقاً للاتفاقيات البترولية السارية حاليا , فى حين يتم تصديرها بحوالى ( 4.65 ) دولار / مليون وحدة حرارية بريطانية , طبقا لمتوسط سعر التصدير خلال عام 2007 وبذلك يتحقق مكسب لقطاع البترول المصرى قدره (2) دولار / مليون وحدة حرارية بريطانية أى أن قطاع البترول نجح فى الحصول على حصة الشريك الأجنبى بسعر تفضيلى , وتم عرض معادلة تسعير الغاز المقترح التعاقد عليها مع شركة شرق البحر المتوسط للغاز فى مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول ثم على مجلس الوزراء الذى أصدر قراره المطعون فيه , وخلص الطعن من ذلك إلى أن السعر الذى تم التعاقد عليه مع الشركة المذكورة كان سعراً متميزاً فى حينه , بينما ضربت المحكمة فى حكمها المطعون فيه صفحاً عن كل ذلك وارتكزت فى حكمها على أقوال مرسلة , وبالتالى يكون حكمها قد اعتراه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال الأمر الذى يبطله ويستوجب إلغاؤه .
وبخصوص الطعن رقم 7975 لسنة 55 ق فإن وقائعه تخلص فى أنه بتاريخ 1/2/2008 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 32 لسنة 2008 أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طالباً فى ختام عريضة الدعوى الحكم بقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 33418 لسنة 62 ق بجلسة 18/11/2008 وما يترتب على ذلك من آثار , وإلزام جهة الإدارة بتعويض قدره تسعة ملايين ونصف دولار يصرف لدعم رغيف الخبز للمصريين , وتغريم المطعون ضدهم بغرامة تهديدية يومية تقدرها المحكمة , وإلزام جهة الإدارة المصروفات , وذلك على سند من القول بأن الحكم الصادر فى الدعوى رقم 33418 لسنة 62 سابق الإشارة إليه امتنعت الجهة الإدارية عن تنفيذه وتقاعست عن الواجب المنوط بها قانونا خاصة بعد اتخاذ إجراءات التنفيذ من تقديم طلب التنفيذ مرفقاً به الصورة التنفيذية من الحكم وإعلانها به , وهذا الامتناع يشكل قراراً مخالفا للدستور والقانون وقد تدوول نظر الدعوى أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 6/1/2009 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه , وشيدت قضاءها بعد رفض الدفعين بعدم اختصاص المحكمة بنظر النزاع وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة , على أن البادى من ظاهر الأوراق أنه قد صدر الحكم فى الدعوى رقم 33418 لسنة 62 ق المذكور أعلاه , وقام المدعى بإعلانه إلى جهة الإدارة بتاريخ 23/11/2008 وبدلاً من أن تبادر الجهة إلى تنفيذه , امتنعت عن ذلك مما يشكل قراراً سلبياً مخالفاً للقانون , وهو ما يتوافر معه ركن الجدية إلى جانب ركن الاستعجال لما يترتب على الامتناع عن تنفيذ الحكم من نتائج يتعذر تداركها تتمثل فيما يلحق باقتصاد الوطن من خسائر مادية جسيمة .
ومن حيث إن مبنى الطعن على هذا الحكم هو مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله , لأنه أهدر القواعد المقررة لقبول دعوى الإلغاء والتى توجب ورود الدعوى على قرار إدارى نهائى , وقد انتفى هذا القرار , إذ لا يمكن القول بأن هناك امتناع إلا إذا مضت مدة ستين يوماً على تقديم السند التنفيذى أو إعلان الحكم , والمدعى أقام دعواه بعد سبعة أيام من صدور الحكم , كذلك أهدر الحكم الأثر القانونى للإشكال الأول , إلى جانب أن الحكم المطلوب تنفيذه يمس عقود مبرمة بين شركات خاصة لم تكن مختصمة فى المنازعة الصادر فيها الحكم , فضلاً عن أنه ليس له من أثر تنفيذى يخول للمدعى المطالبة بتنفيذه , وبافتراض وجود قرار إدارى يمكن الطعن عليه بدعوى الإلغاء , فإن ذلك القرار لا يمكن تكييفه سوى إنه قرار منفصل عن عقود الغاز المبرمة مع شركات خاصة , ولا يرتب أثراً حماية للعقد بعد إبرامه .
ومن حيث إن الفصـل فى هذا الطعن الأخير يتوقف على الفصل فى الطعنين رقمى 5546 و6013 لسنة 55 ق. عليا .
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى رقم 33418 لسنة 62 ق لرفعها من غير ذى صفة أو مصلحة , فقد ورد على غير سند صحيح من الواقع أو القانون , بعد أن ثبت توافر المصلحة والصفة فى المدعى والمتدخلين انضماميا إلى جانبه والمتدخلين انضمامياً إلى جانب الجهة الإدارية على النحو السالف بيانه , الأمر الذى يكون معه هذا الدفع حريا بالرفض .
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى فإن الجهة الإدارية الطاعنة تقيمه على سند من القول بأن القرار المطعون فيه أولاً لم يصدر من الوزير مفصحاً عن إرادته كسلطة عامة , وثانياً لم يرد به ثمة إشارة إلى تحديد سعر لبيع الغاز , وثالثاً لأن عملية البيع تتم من خلال شركات خاصة من أشخاص القانون الخاص , ورابعاً لأن القرار يرد على أملاك الدولة الخاصة , وخامساً لأن القرار لا يعد قراراً قابلاً للانفصال , وأن محكمة النقض ترفض فكرة فصل القرارات الإدارية عن عملية التعاقد , وسادساً لأن ما يبقى من تكييف الطلبات أنها تتعلق بالقرار السلبى بالامتناع عن إصدار قانون بتنظيم المسألة محل التداعى وهو ما يخرج عن اختصاص القضاء الإدارى باعتبار أن ذلك عمل تشريعى .
ومن حيث إنه فى هذه الأسانيد تعنى معاودة المجادلة فى اختصاص القضاء عموماً ومحاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى , وقد ثبت أن الدعوى الماثلة قد اختصمت قراراً توافرت فيه أركان القرار الإدارى , سواء فيما يتعلق بقرار وزير البترول رقم 100 لسنة 2004 والقرار المستند إليه الصادر من مجلس الوزراء بجلسة 18/9/2000 , وأنهما يجسدان السلطة الرقابية التى خولتها التشريعات للجهة الإدارية حفاظاً على ثروات البلاد ولكفالة حاجة السوق المحلى للغاز الطبيعى كسلعة إستراتيجية وإنه لذلك يكون مفصحاً عن إرادة الجهة الإدارية كسلطة عامة , وأن القرار بذلك يكون خاضعاً لرقابة قاضى الإلغاء بغض النظر عن طبيعة العلاقة التى صدر القرار مرخصاً بإنشائها وبغض النظر كذلك عن الطبيعة القانونية للأشخاص أطراف هذه العلاقة إنما يستوى أن يكون الأطراف من أشخاص القانون العام أو من أشخاص القانون الخاص , كما لا يشترط أن ترد الرقابة التى تخولها القوانين واللوائح للجهة الإدارية على مال من الأموال المملوكة للدولة ملكية عامة , إنما يكفى أن تكون الجهة الإدارية مخولة قانونا فى الرقابة على جهات أو نشاطات بعينها , لتكون القرارات الصادرة منها مجسَّدة لهذه الرقابة قرارات إدارية خاضعة للرقابة القضائية , وليس من شك فى أن القرار المطعون فيه وهو صادر فى مجال إعمال الجهة الإدارية رقابتها المقررة قانوناً على التصرف فى مصدر من مصادر الثروة الطبيعية هو قرار إدارى خاضع لرقابة القاضى الإدارى , وهو وإن عُدّ قراراً ممهداً لعملية تصدير الغاز الطبيعى المصرى إلى الخارج وهى عملية تعاقدية , إلا أن القضاء مستقر على أن هذا القرار قابل للانفصال عن العملية التعاقدية ذاتها , باعتبار أن جميع القرارات السابقة على التعاقد والممهدة له قد أصبحت قابلة للانفصال عن العقد وتخضع لرقابة القاضى الإدارى بغض النظر عن الاختصاص القضائى بالعقد ذاته , ولذا فقد قضى بقبول طعن المتضرر من ترخيص جهة الإدارة ببيع مدنى ( حكم مجلس الدولة الفرنسى فى قضية كابى بجلسة 13/7/1968 مجموعة ليبون ص 436 ودورية اليوز سنة 1968 ص 674 )
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى الأصلية رقم 33418 لسنة 62 ق لانتفاء القرار الإدارى على غير سند صحيح من القانون حرياً بالرفض .
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى فيما تضمنته من الطعن على قرار رئيس الوزراء الصادر بتاريخ 18/9/2000 لرفعها بعد الميعاد , فهو مردود لعدم نشر هذا القرار بأى طريق من طرق النشر وأن مجرد إشارة المدعى إليه لا تكفى لثبوت علمه اليقينى بكافة عناصره قبل ما يزيد على ستين يوماً من تاريخ الطعن عليه , فضلاً عن أن هذا القرار يرتبط ارتباطاً لا يقبل التجزئة عن قرار وزير البترول رقم 100 لسنة 2004 بحيث يكون القراران معاً وحدة واحدة , وهما بهذه المثابة يشكلان القرار المطعون فيه .
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم , وإذ استوفت الدعوى رقم 33418 لسنة 62 ق سائر أوضاعها الشكلية المقررة فإنها تكون مقبولة شكلاً ؛ ويتعين القضاء برفض الدفوع بعدم قبولها شكلاً , وبالتالى رفض الطعن الماثل فيما تضمنه من إلغاء الحكم المطعون فيه لعدم قبول الدعوى شكلاً .
ومن حيث إن المنازعة الماثلة - بعد القضاء بعدم الاختصاص فى بحث مبدأ التصدير لإسرائيل باعتباره عملاً من أعمال السيادة - قد انحصرت فى البحث فى مدى مشروعية قرارى مجلس الوزراء بجلسة 18/9/2000 وقرار وزير البترول رقم 100 لسنة 2004 الصادر تنفيذاً له والمرتبط به على النحو السالف بيانه – فيما تضمناه من تحديد لسعر تصدير الغاز الطبيعى وكميته .

ومن حيث إن الغاز الطبيعى كمورد من موارد الثروة الطبيعية قد فرض الدستور والقانون تنظيماً لاستغلاله , إذ نصت المادة (123) من الدستور على ” أن يحدد القانون القواعد والإجراءات الخاصة بمنح الالتزامات المتعلقة باستغلال موارد الثروة الطبيعية … ” وقد نظم ذلك القانون رقم 66 لسنة 1953 والقانون رقم 86 لسنة 1956 الخاصين بالمناجم والمحاجر وتعديلاتهما , حيث نصت المادة (50 ) من القانون الأخير على أنه ” يجوز أن يرخص بقانون لوزير التجارة والصنـاعة ( البترول ) فى أن يعهد بالبحث عن الموارد المعدنية واستغلال المناجم والمحاجر إلى شركة أو جمعية أو مؤسسة بشروط خاصة استثناء من أحكام هذا القانون , وتـُحدد هذه الشروط فى القانون الصادر بالترخيص ” , ونصت المادة (51 ) على أن ” يستمر العمل بأحكام القانون رقم 66 لسنة 1953 بالنسبة لخامات الوقود ويلغى فيما عدا ذلك من أحكام كما تسرى على هذه الخامات أحكام المادة السابقة ” .
وكانت المادة (1) من القانون رقم 66 لسنة 1953 المشار إليه قد اعتبرت الغازات الطبيعية داخلة فى ” المواد المعدنية ” إذ نصت على أنه ” فى تطبيق أحكام هذا القانون تطلق عبارة ” المواد المعدنية ” على المعادن وخاماتها بما فيها خامات الوقود والعناصر الكيمائية … وكذلك الغازات الطبيعية والمياه المعدنية الخارجة من باطن الأرض … ” .
ونصت المادة (2) من ذلك القانون على أن تعتبر من أموال الدولة ما يوجد فى المناجم والمحاجر من مواد معدنية فى الأراضي المصرية بما فيها المياه الإقليمية , ونصت المادة (24) فى الفصل الثاني فى ” لأحكام الخاصة بخامات الوقود ” على أن ” تسرى الأحكام المبينة فى هذا الفصل على خامات الوقود الآتية : ( أ ) …….. ( ب ) خامات البترول السائلة بمختلف كثافتها …….. والغازات الطبيعية البترولية ………. ” , وقد صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 167 لسنة 1958 بإنشاء الهيئة العامة لشئون البترول الذى ينص فى المادة (2) منه على أن ” تتولى الهيئة العامة لشئون البترول على وجه الخصوص ما يأتي : …. ( 4) إبداء الرأى مقدما فى تراخيص البحث عن البترول واستغلاله …….. (6) الاشتراك مع الجهات المختصة فى تحديد أسعار المواد البترولية …….. (12) القيام بعمليات البحث عن المواد البترولية وإنتاجها وشرائها وبيعها ونقلها وتوزيعها ……. ” , وقد صدر القانون رقم 20 لسنة 1976 فى شأن الهيئة المصرية العامة للبترول الذى ينص فى مادته الأولى على أن ” الهيئة المصرية العامة للبترول هيئة عامة لها شخصية اعتبارية - مستقلة - تعمل على تنمية الثروة البترولية وحسن استغلالها وتوفير احتياجات البلاد من المنتجات البترولية المختلفة وتباشر الاختصاصات
المنصوص عليها بالقانون رقم 167لسنة 1958 بإنشاء الهيئة العامة لشئون البترول والاختصاصات المتعلقة بالأحكام الخاصة بخامات الوقود المنصوص عليها فى القانون رقم 66 لسنة 1953 والقانون رقم 86 لسنة 1956 الخاصين بالمناجم والمحاجر , وذلك فى إطار الأهداف والخطط والسياسات العامة التى يقررها المجلس الأعلى لقطاع البترول ” .
وإلى جانب هذه الاختصاصات التى نقلت إلى الهيئة المصرية العامة للبترول الواردة بالقانون رقم 167 لسنة 1958 وتلك المتعلقة بالأحكام الخاصة بخامات الوقود التى تشمل الغازات الطبيعية فى القانون رقم 66 لسنة 1953 والقانون رقم 86 لسنة 1956 الخاصين بالمناجم والمحاجر , خولت المادة (9) من القانون رقم 20 لسنة 1976 مجلس إدارة الهيئة بالآتى : (1) ………… (5) تقييم خام الإتاوة ونصيب الهيئة فى الخام الذى يستخدم فى التكرير المحلى بالأسعار التى تتمشى مع أسعار بيع المنتجات البترولية فى السوق المحلى …….. (8) إنشاء شركات مساهمة بمفردها أو مع شريك أو شركاء آخرين ……. ” .
وفى هذا الإطار صدر القانون رقم 217 لسنة 1980 فى شأن الغاز الطبيعى الذى ينص فى مادته الأولى منه على أن ” تتولى الهيئة المصرية العامة للبترول وإحدى شركات القطاع العام للبترول إمداد وتوصيل وتسويق الغاز الطبيعى للمناطق السكنية والمصانع ومحطات القوى التى يصدر بتحديدها قرار من وزير البترول ” , وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1009 لسنة 2001 بشأن إنشاء الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية , وقد حددت المادة الرابعة من القرار بأن ” غرض الشركة العمل بكافة أنشطة الغاز الطبيعى ولها على الأخص …….
(7) المشاركة فى القيام بعمليات الاستكشاف والبحث عن الغازات الطبيعية واستخراجها واستغلالها طبقاً لأحكام القوانين والقرارات السارية ” .
وتطبيقاً لأحكام التشريعات المتقدمة صدرت قوانين متعددة بالترخيص لوزير البترول فى التعاقد مع الشركة القابضة للغازات الطبيعية وإحدى الشركات العالمية العاملة فى المجال للبحث عن الغاز والزيت الخام واستغلالهما فى المنطقة المحددة بكل قانون , وقد صدرت تلك التراخيص وفقاً للشروط المرفقة والخريطة الملحقة بكل قانون , ونصت المادة الثانية من القانون الصادر بالترخيص على أن ” تكون للقواعد والإجراءات الواردة فى الشروط المرفقة قوة القانون , وتنفذ بالاستثناء من أحكام أى تشريع مخالف لها ” .
وبالرجوع إلى هذه الشروط المرفقة بالقوانين الصادرة بتراخيص البحث عن الغاز واستغلاله يبين أنها شروط نموذجية تسير على وتيرة واحدة , وقد تضمنت التعريفات الواردة بهذه الشروط بأن ” عقد بيع غاز ” يعنى عقدا مكتوباً بين إيجاس والمقاول ( بصفتها بائعين ) , وإيجاس أو إيجاس و / أو طرف ثالث توافق عليه إيجاس ( بصفتها مشتر ) والذى يحتوى على النصوص والشروط الخاصة بمبيعات الغاز من عقد للتنمية أبرم وفقاً للمادة السابقة فقرة هـ ” . وتتضمن المادة السابعة بخصوص ” استرداد التكاليف والمصروفات واقتسام الإنتاج ” تنظيما مفصلاً لمراجعة سنوية لكميات الغاز المتعاقد عليها والكميات المنتجة وتسجيل كميات ” الغاز التعويضى ” وحساب ” غاز قصور التسليم أو الدفع ” , كما تتضمن ذات المـادة النص على أن ” تعطى الأولوية للوفاء باحتياجات السوق المحلية كما تحددها إيجاس فى حالة عدم توافر أسواق محلية يحق لإيجاس والمقاول تصدير الغاز وإنه فى حالة كون إيجاس هى المشترية للغاز يكون التصرف فى الغاز كما هو مبين بعاليه ( فى الشروط ) بمقتضى عقد لبيع الغاز طويلة الأجل تبرم بين إيجاس والمقاول ( بصفتهما بائعين ) وايجاس (بصفتها مشتر) “.
والبين من النصوص المتقدمة أنها تغاير فى أحكام التصرف فى الغاز عنها فى التصرف فى البترول ، بحيث أعطت الأولوية للوفاء باحتياجات السوق المحلية كما تحددها الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية نزولاً على أحكام المادة الأولى من القانون رقم 217 لسنة 1981 ولا يجوز لهذه الشركة والشركة المرخص لها بالبحث والاستغلال وهى “المقاول” فى قوانين تراخيص البحث والاستغلال لتصدير الغاز إلا فى حالة عدم توافر أسواق محلية ، كما تلتزم هذه الشركات بالمراجعة السنوية لعملياتها.
وفى هذا الخصوص قدم أطـراف النزاع دراسات مختلفة تخص تحديد سعر تصدير الغاز ، وأوضحت الجهة الإدارية والمتدخلين انضمامياً الى جانبها الأهداف الإستراتيجية لعملية تصدير الغاز الصادر بها القرار المطعون فيه ، والاعتبارات والأسس التى تحدد بناءً عليها سعر التصدير ويبين من هذه الدراسات أنها ذات طبيعة فنية متخصصة وتخضع لتقدير المجلس الأعلى للبترول حسبما ورد بمذكرات الطـاعنين لذلك فإن المحكمة لا تغـرق نفسها فى هذه
التفاصيل الفنية الدقيقة إنما تقف عند القواعد والضوابط التى وضعتها التشريعات ليجرى فى ضوئها عمليات بيع وتصدير الغاز الطبيعى ، خاصة وأنه على الرغم من تضخُّم حوافظ المستندات والدراسات والمذكرات المقدمة فى الطعون الماثلة ، وما أشار إليه قرار مجلس الوزراء الصادر فى 18/9/2000 فى البند ثالثاً ” للمعادلة التى جاءت بالمذكرة” وكذا أشارة مذكرات المتدخلين انضمامياً إلى جانب الجهة الإدارية الى وجود دراسة تحدد بناءً عليها سعر تصدير الغاز وكميته عرضت على مجلس الوزراء وصدر بناءً عليها قراره المشار إليه، فإنه لم تقدم هذه المذكرة أو تلك الدراسة، رغم تأجيل نظر الطعون أكثر من مرة لاستكمال المستندات، ورغم كون ما عرض على مجلس الوزراء هو المستند الرسمى الذى يعول عليه فى هذا الموضوع.

وبخصوص القواعد والضوابط التى تضمنتها التشريعات سالفة الذكر ومنها بالأخص القوانين الصادرة بتراخيص البحث عن الغاز واستغلاله، فقد صدرت بالترخيص لوزير البترول فى التعاقد مع الهيئة المصرية العامة للبترول ومن بعدها الشركة القابضة للغازات الطبيعية مع إحدى الشركات العالمية العاملة فى المجال للبحث عن الغاز واستغلاله فى المنطقة المحددة بكل قانون، وهو ما لا يقتضى عند استغلال ناتج البحث معاودة استصدار قانون جديد، لأن ذلك يعد ممارسة لاختصاص محدد قانونا لها , إلا أن هذا الاستغلال يتوجب أن يجرى وفقاً للشروط المرفقة , إلا والخرائط الملحقة بكل قانون، والتى تشترك جميعها فى فرض مراجعة سنوية لكميات الغاز المتعاقد عليها، والكميات المنتجة وتسجيل كميات الغاز التعويضي وحساب غاز قصور التسليم أو الدفع وإعطاء الأولوية للوفاء باحتياجات السوق المحلية، وهذه القواعد والشروط تكون لها بنص قوانين الترخيص قوة القانون بل وتنفذ بالإستثناء من أحكام أى تشريع؛ ومن بينها القانون الصادر بالتصديق على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التى لم تخرج على ما ورد بالقواعد والضوابط السالفة إذ قضت بأن حق إسرائيل بموجب هذه الاتفاقية هو ” التقدم بعطاءات لشراء البترول المصرى الأصل والذى لا تحتاجه مصر لاستهلاكها المحلى، وأن تنظر مصر والشركات التى لها حق استثمار بترولها فى العطاءات المقدمة من إسرائيل على نفس الأسس والشروط المطبقة على مقدمى العطاءات الآخرين لهذا البترول”.

ومن حيث إنه تطبيقاً لم تقدم وبخصوص ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن البادى من ظاهر الأوراق انه حددت كمية الغاز الطبيعى الذى يتم تصديره للأسواق المستهلكة بمنطقة شرق البحر البيض المتوسط وأوروبا ب (7) بليون متر مكعب سنوياً” وتزاد فى حالة وجود فائض” ، أى أن الحد الأدنى للتصدير ثابت ومحدد بالكمية المذكورة، وأن زيادتها فقط هى المشروطة بوجود فائض، كذلك حُدّد سعر التصدير بحدين أدنى (75و0/ دولار أمريكى/ مليون وحدة حرارية بريطانية ) وحداً أقصى (25و0) / دولار امريكى/ مليون وحدة حرارية بريطانية أو (5و1) / دولار / مليون وحدة حرارية بريطانية فى حالة وصول سعر خام برنت ( متوسط (3) أشهر ) إلى (35) دولار / برميل أو أكثر ) ، أى أن السعر قد تحدد على نحو ثابت بين هذين الحدين ، ولا مجال لزيادة الحد الأقصى للسعر حتى مع تجاوز سعر خـام برنت هذا السقف الذى حدده القرار على النحو السالف ومهما تضاعف السعر ، وإذ قضى القرار بأن ” يكون التعاقد مع شركة شرق البحر المتوسط للغاز لمدة (15) عاماً يمكن تجديدها بموافقة الطرفين ” تكون كمية الغاز الطبيعى