جلسة 9 سبتمبر سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق حسن - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.
----------------
قاعدة رقم (3)
القضية رقم 2 لسنة 20 قضائية "طلبات أعضاء"
دعوى دستورية "حكم: أثر رجعي".
قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص تشريعي يؤدي إلى زواله وفقده قوة نفاذه منذ بدء العمل به - سريان هذا القضاء على الوقائع والعلائق السابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية والتي اتصل بها النص مؤثراً فيها، ما لم تكن الحقوق والمراكز التي يرتبط بها قد استقرت قبله بناء على حكم قضائي بات.
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشر من إبريل سنة 1998، أودع الطالب صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم أصلياً بأحقيته في الحصول على المقابل النقدي لرصيد أجازاته التي حرم منها بسبب ظروف ومقتضيات العمل طوال مدة خدمته، دون حد أقصى، على أن يحسب هذا المقابل على أساس ما كان يتقاضاه عند نهاية خدمته من أجر شامل متضمناً العلاوات الخاصة وبدل التمثيل وحافز تميز الأداء. واحتياطياً دفع بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 219 لسنة 1991 فيما تضمنه من وضع حد أقصى للمقابل النقدي لرصيد أجازات العامل لا يجاوز أجر أربعة أشهر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الطلب الموضوعي قدمت هيئة المفوضين تقريراً برأيها. وتنفيذاً لقرار المحكمة بجلسة 1/ 8/ 1998، قدمت الهيئة تقريراً تكميلياً في المسألة الدستورية.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الطلب وسائر الأوراق - تتحصل فيما ذكره الطالب من أنه قد استحق له رصيد من أجازاته الاعتيادية في الفترة من تاريخ تعيينه وحتى تاريخ نهاية خدمته بالمحكمة الدستورية العليا كرئيس لها لبلوغه سن التقاعد في أكتوبر سنة 1997، يجاوز مدة الأربعة أشهر المنصوص عليها في المادة 65 من نظام العاملين المدنيين بالدولة، وإذ ارتأى أنه يستحق بدلاً نقدياً عن هذا الرصيد محسوباً على أساس الأجر الشامل، متضمناً العلاوات الخاصة وبدل التمثيل والحوافز، ولم يتم الصرف له على هذا النحو، فقد أقام الطلب الماثل، ودفع بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 219 لسنة 1991، وبعد أن قدرت المحكمة جدية دفعه أحالته إلى هيئة المفوضين - لتحضير الشق الدستوري في الطلب - حيث قدمت تقريراً برأيها فيه.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الطلب الماثل بحكمها الصادر بجلسة 6 مايو 2000 في القضية رقم 2 لسنة 21 قضائية "دستورية". والذي قضى بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد أجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر، متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 18/ 5/ 2000، وكان مقتضى المادتين 48 و49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، فإن الخصومة بالنسبة للمسألة الدستورية المثارة في هذا الطلب تكون منتهية.
وحيث إنه من المقرر أن قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص تشريعي يعد كاشفاً عما به من عوار دستوري مما يؤدي إلى زواله وفقده قوة نفاذه منذ بدء العمل به. فيسري هذا القضاء على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية، والتي اتصل بها النص مؤثراً فيها، ما لم تكن الحقوق والمراكز التي يرتبط بها قد استقر أمرها - قبل قضاء هذه المحكمة - بناءً على حكم قضائي بات. لما كان ذلك وكان النص المحكوم بعدم دستوريته قد حجب عن الطالب أصل حقه في الحصول على المقابل النقدي لرصيد أجازاته الاعتيادية فيما جاوز الشهور الأربعة المنصوص عليها في المادة 65 من نظام العاملين المدنيين بالدولة، فإن مؤدى ذلك أحقية الطالب في هذا المقابل عن رصيد أجازاته الاعتيادية التي حرم منها بسبب مقتضيات العمل.
وحيث إنه عن طلب حساب المقابل النقدي المشار إليه على أساس الأجر الشامل المستحق للطالب عند نهاية خدمته، فإنه وقد خلصت المحكمة في حكمها الصادر في القضية رقم 2 لسنة 21 قضائية "دستورية" إلى أن المقابل النقدي المستحق عن رصيد الأجازات السنوية التي حالت ظروف العمل دون الحصول عليها، يعد تعويضاً عن الحرمان من هذه الأجازات، وأن اتخاذ المشرع الأجر الأساسي الذي وصل إليه العامل عند انتهاء خدمته - رغم تباين أجره خلالها - مضافاً إليه العلاوات الخاصة، أساساً لحساب هذا التعويض جبراً للضرر الناجم عن عدم حصوله على أجازاته السنوية، ليس مصادماً للعدالة ولا مخالفاً للدستور؛ فإن قضاءها في هذا الشأن - بماله من حجية طبقاً لما سلف بيانه - يحول بذاته دون معاودة المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته؛ ومن ثم يتعين رفض هذا الطلب.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً: باعتبار الخصومة منتهية في المسألة الدستورية.
ثانياً: بأحقية الطالب في المقابل النقدي لرصيد أجازاته الاعتيادية التي لم يحصل عليها بسبب مقتضيات العمل.