الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 12 يونيو 2023

الطعن 115 لسنة 28 ق جلسة 27 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 131 ص 936

جلسة 27 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

------------

(131)
الطعن رقم 115 لسنة 28 القضائية

(أ) فوائد. "تخفيض سعر الفائدة". "المرسوم بقانون 20 لسنة 1938".
استمرار سريان الفوائد المتفق عليها في عقد سابق على تاريخ العمل بالمرسوم بقانون 20 لسنة 1938 ولو جاوزت الحد الأقصى للفوائد التي يجوز الاتفاق عليها بمقتضاه. خضوع الفوائد القانونية من تاريخ صدوره للحد الوارد به ولو كانت ناشئة عن عقد أبرم قبله.
(ب) فوائد. "تخفيض الفائدة الاتفاقية". قانون "سريان القانون من حيث الزمان". نظام عام.
انطباق حكم المادة 227 مدني القاضي بتخفيض الفوائد الاتفاقية إلى 7% بأثر فوري من تاريخ العمل بالقانون المدني الجديد في 15/ 10/ 1949. تعيين الحد الأقصى للفائدة التي يجوز الاتفاق عليها أمر يتصل بالنظام العام.
(ج) فوائد "تقاضي فوائد على متجمد الفوائد" "تجاوز الفوائد لرأس المال".
حظر تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومنع تجاوز الفوائد لرأس المال. خروج ما تقضي به العادات التجارية عن دائرة هذا الحظر. المادة 232 من القانون المدني - نص مستحدث لا مثيل له في القانون المدني القديم.
(د) فوائد. قرض. "قروض المصارف" "طبيعتها".
القروض التي تعقدها المصارف تعتبر بالنسبة للصرف المقرض عملاً تجارياً بطبيعته. وبالنسبة للمفترض فترى محكمة النقض اعتبارها كذلك عملاً تجارياً مهما كانت صفة المفترض وأياً كان الغرض الذي خصص له القرض. خروج هذه القروض عن نطاق الحظر الوارد في المادة 232 مدني. خضوعها للقواعد والعادات التجارية.

----------------
1 - مفاد نص المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1938 الذي خفض سعر الفائدة القانونية في المواد التجارية من 7% إلى 6% وسعر الفائدة الاتفاقية من 9% إلى 8% أنه فرق بين الفوائد القانونية والفوائد الاتفاقية بالنسبة للعقود السابقة على تاريخ العمل به فجعل الفوائد المتفق عليها في عقد سابق نافذة ويستمر سريانها ولو جاوزت الحد الأقصى للفوائد التي يجوز الاتفاق عليها بمقتضى ذلك القانون. أما الفوائد القانونية فقد أخضعها القانون المذكور من تاريخ صدوره للحد الوارد به ولو كانت ناشئة عن عقد إبرام قبله.
2 - تقضي المادة 227 من القانون المدني الجديد بتخفيض الفوائد الاتفاقية إلى7% ولم يستثن هذا النص من تطبيقه الاتفاقات السابقة على صدوره كما فعل القانون 20 لسنة 1938 ولما كان تعيين الحد الأقصى للفائدة التي يجوز الاتفاق عليها هو مما يتصل بالنظام العام، فإن حكم هذه المادة ينطبق بأثر فوري من تاريخ العمل بالقانون الجديد في 15/ 10/ 1949 ويسري السعر المخفض من هذا التاريخ حتى على الاتفاقات السابقة عليه وذلك بالنسبة للفوائد التي تستحق منذ نفاذ ذلك القانون.
3 - لم يكن القانون المدني القديم يحول دون تقاضي الفوائد إذ تجاوز مجموعها رأس المال ولا تقاضى فوائد على متجمد الفوائد ما دامت مستحقة لمدة سنة أو تزيد. إلا أن نص المادة 232 من القانون المدني استحدث حكماً جديداً مؤداه أن المشرع قد حظر أمرين أولهما منع تقاضي فوائد على متجمد الفوائد وثانيهما منع تجاوز الفوائد لرأس المال. وقد أخرج من هذا الحظر ما تقضي به القواعد والعادات التجارية (1). وهذه القواعد لا تسود إلا في نطاق المعاملات التجارية.
4 - القروض التي تعقدها المصارف تعتبر بالنسبة للمصرف المقرض عملاً تجارياً بطبيعته وفقاً لنص المادة الثانية من قانون التجارة. أما بالنسبة للمفترض فإنه وإن اختلف الرأي في تكييفها إذا لم يكن المفترض تاجراً أو إذا كان القرض مخصصاً لأغراض غير تجارية، إلا أن محكمة النقض ترى اعتبار القروض التي تعقدها البنوك في نطاق نشاطها المعتاد عملاً تجارياً مهما كانت صفة المفترض وأياً كان الغرض الذي خصص له القرض. ذلك أن البنك المقرض يتحمل عادة في سبيل الحصول على الأموال يلي بها حاجات المفترضين أعباءاً أكثر فداحة من المقرض العادي إذ هو يحصل على هذه الأموال من المصارف الأخرى التي تتقاضى منه فوائد على متجمد الفوائد غير مقيدة بالحظر الوارد في المادة 232 مدني - على أساس أن المعاملة بين المصرفين هي معاملة تجارية تدخل في نطاق الاستثناء الوارد بتلك المادة، وليس من المعقول أن يحرم المصرف من هذه المزايا عندما يقرض الغير، هذا علاوة على ما يتعرض له المصرف من مخاطر في القروض الطويلة الأجل ومن حرمانه من أموال كان يمكنه استثمارها في وجوه أخرى غير القرض تدر عليه أرباحاً أكثر - ومما يؤيد هذا النظر أن الشارع المصري قد أصدر في ظل القانون المدني الجديد القانون رقم 110 سنة 1956 بإنشاء بنك الائتمان العقاري وأجاز لهذا البنك منح قروض طويلة الأجل لغير التجار ولغير أغراض تجارية - وهذه القروض تفترض بسبب طول أجلها تجاوز الفوائد لرأس المال - مما يفيد أن المشرع قد خرج بهذه القروض عن نطاق الحظر المنصوص عليه في صدر المادة 232 من القانون المدني وهو ما لا يمكن تفسيره إلا بأنه قد اعتبر تلك القروض تجارية وتبعاً لذلك تخضع للقواعد والعادات التجارية التي تبيح تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة مجموع الفوائد لرأس المال (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن بنك الائتمان العقاري (الطاعن) اتخذ إجراءات نزع ملكية المطعون عليهم بموجب العقد الرسمي المؤرخ 9 فبراير سنة 1935 ونبه عليهم في 26 يونيه سنة 1954 بنزع ملكية 12 ف و6 ط و12 س بناحية سنتاواي بحيرة وذلك وفاء لمبلغ 198 ج و547 م استحقاق آخر إبريل سنة 1954 بخلاف ما يستجد من فوائد ومصاريف حتى السداد - ولما أودع الطاعن قائمة شروط البيع اعترض عليها المطعون عليهما الأولان في الدعوى 4 سنة 1955 كلي بيوع دمنهور.
وكان من بين اعتراضاتهما أن البنك قد احتسب الفوائد على ما لم يدفع من الأقساط بواقع 9% طبقاً للبند الثاني من العقد الرسمي كما جمد هذه الفوائد وعلاها على المستحق من الأقساط واحتسب لها فوائد سنوية أسوة بالأصل مخالفاً بذلك حكم المادتين 227 و232 من القانون المدني - وقد أصدرت محكمة دمنهور الابتدائية حكمها في 18 أكتوبر سنة 1955 بقبول الاعتراضات شكلاً وفي الموضوع بتعديل قائمة شروط البيع على أساس أن المبلغ المنفذ به هو مبلغ 169 ج و153 م مع وقف إجراءات التنفيذ مؤقتاً بالنسبة لما يزيد عن 5 ف مشاعاً في الأطيان المنزوع ملكيتها - وأقامت قضاءها على أنه وإن كان عقد القرض قد صدر في ظل القانون المدني القديم إلا أن القانون المدني الجديد هو الذي يحكم هذا العقد بالنسبة لسعر الفائدة من تاريخ نفاذ القانون في 15 أكتوبر سنة 1949 كما يحكمه المرسوم بقانون رقم 20 سنة 1938 بتخفيض سعر الفائدة الاتفاقية إلى 8% - وأنه لا يصح تجميد الفوائد ابتداء من تاريخ نفاذ القانون الجديد ويتعين لذلك احتساب الفوائد بواقع 8% من أول عام 1939 إلى 14 أكتوبر سنة 1949 مع تجميد الفوائد عن هذه المدة فقط وبواقع 7% من 15 أكتوبر حتى تمام السداد وإضافتها إلى دين الرهن مع المصاريف وقصر إجراءات التنفيذ على مبلغ 169 ج و153 م - استأنف البنك هذا الحكم لدى محكمة استئناف إسكندرية وقيد الاستئناف برقم 65 سنة 12 ق. وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 14 يونيه سنة 1956 بتأييد الحكم المستأنف - وقد طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 9 إبريل سنة 1958 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 27 مارس سنة 1962 وفيها صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة نقض الحكم جزئياً فيما قضى به من تخفيض الفوائد الاتفاقية إلى 8% من تاريخ صدور القانون 20 سنة 1938 وأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات حدد أخيراً لنظر الطعن جلسة 2 مايو سنة 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون فيما قضى به من أن المرسوم بقانون رقم 20 سنة 1938 الذي خفض سعر الفائدة الاتفاقية من 9% إلى 8% ومن أن المادة 227 من القانون المدني الجديد التي خفضت سعر الفائدة الاتفاقية إلى 7% يسريان من تاريخ نفاذ هذين القانونين على الفوائد التي تستحق للبنك رغم أن القرض قد عقد في ظل المادة 125 مدني قديم - كما أخطأ الحكم فيما قرره من أن سريان هذين القانوني ليس من قبيل الأثر الرجعي للقوانين - ووجه الخطأ في ذلك أن المادة 27 من الدستور المصري القديم الذي صدر في ظله القانون 20 سنة 1938 والقانون المدني الجديد كانت تنص على أنه لا تجري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها ما لم ينص على خلاف ذلك بنص خاص - كما تنص المادة الثانية من القانون رقم 20 سنة 1938 الذي خفض سعر الفائدة الاتفاقية من 9% إلى 8% على عدم سريان هذا القانون على الإنفاقات الحاصلة قبل تاريخ العمل به. وقد خلت المادة 227 من القانون المدني الجديد من النص على تطبيقها بأثر رجعي - ذلك الأثر الذي لا يجوز استنتاجه من المذكرات الإيضاحية. ولما كان المرسوم بقانون رقم 20 سنة 38 والمادة 227 من القانون المدني الجديد لم يرد بهما أي نص بتطبيقهما بأثر رجعي بل تفيد صيغتهما أنهما ينطبقان على العقود الجديدة التي تبرم في ظلهما فحسب. فإن عقد القرض الذي عقد من قبل صدور هذين القانونين يظل خاضعاً لأحكام القانون المدني الجديد - وإذ قضى الحكم المطعون فيه بخفض سعر الفائدة فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح في شقه الأول - ذلك أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه في هذا الخصوص على ما أورده في قوله "وحيث إنه بتاريخ 18 مارس سنة 1938 صدر المرسوم بقانون 20 سنة 1938 الذي عدل المادة 125 من القانون المدني القديم ونص فيه على أنه لا يجوز مطلقاً أن يحصل الاتفاق بين المتعاقدين على فوائد تزيد على 8% كما نص في مادته الثانية على أنه لا يسري حد الفائدة التي يجوز الاتفاق عليها المقرر بهذا المرسوم بقانون أو بمقتضى أحكامه على الاتفاقات المعقودة قبل تاريخ العمل به. ولئن كانت هذه المادة من المرسوم المذكور تمنع تطبيقه على الاتفاقات الحاصلة قبل صدوره إذ ليس لهذا المرسوم أثر رجعي إلا أن المرسوم ينطبق على سعر الفائدة التي تستحق بعد تاريخ العمل به. وليس في تطبيق المرسوم على الفوائد التي تستحق بعد العمل به إعمالاً لأثر رجعي لهذا القانون" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه غير صحيح في القانون - ذلك أن القانون رقم 20 سنة 1938 الذي خفض سعر الفائدة القانونية في المواد الجارية من 7% إلى 6% وسعر الفائدة الاتفاقية من 9% إلى 8% قد نص في مادته الثانية على عدم سريانه على الفوائد الاتفاقية بالنسبة للعقود السابقة على تاريخ العمل بهذا القانون. وأفصحت المذكرة التفسيرية عن هذا النظر فقالت "إنه لا ينطبق فيما يختص بالحدود المقررة للفائدة التي يجوز التعاقد عليها بالنسبة للاتفاقات المعقودة قبل العمل به. فالنص في هذه الاتفاقات على فائدة تتجاوز الحد الأقصى للفائدة الجديدة يستمر نافذ المفعول ويظل خاضعاً للقانون الذي جرى العمل به عند إبرام العقد - وهذا الحل يتفق مع ما ذهبت إليه المحاكم في أحكامها - ومن جانب أخر فإن سعر الفائدة القانونية يجرى في شأنه أحكام القانون الجديد بالنسبة للفوائد المستحقة في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بهذا القانون حتى لو نشأت عن عقد سابق على إصدار هذا القانون ومن المسلم به في هذه الحالة أنها ليست من قبيل إعطاء الأثر الرجعي للقانون" - ويبين من هذا أن المرسوم بقانون 20 سنة 1938 قد فرق بين الفوائد القانونية والفوائد الاتفاقية فجعل الفوائد المتفق عليها في عقد سابق نافذة ويستمر سريانها ولو جاوزت الحد الأقصى للفوائد التي يجوز الاتفاق عليها بمقتضى ذلك القانون. أما الفوائد القانونية فقد أخضعها ذلك القانون من تاريخ صدوره للحد الوارد به ولو كانت ناشئة عن عقد أبرم قبله. ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تخفيض الفوائد المتفق عليها في العقد الرسمي المبرم في سنة 1935 من 9% إلى 8% من تاريخ صدور المرسوم بقانون 20 سنة 1938 إلى 14 أكتوبر سنة 1949 رغم النص في العقد على جريانها بسعر 9% فإنه يكون قد خالف القانون بالنسبة للفوائد المستحقة في هذه الفترة بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص - أما ما ينعاه الطاعن في الشق الثاني من النعي على الحكم المطعون فيه بشأن تخفيضه سعر الفائدة الاتفاقية إلى 7% ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 فمردود بأن المادة 227 من القانون المدني الجديد المعمول به ابتداء من ذلك التاريخ قد نصت على أنه يجوز للمتعاقدين أن ينفقا على سعر يخالف الفائدة القانونية على ألا يزيد هذا السعر على 7% فإذا اتفقا على فوائد تزيد على هذا السعر وجب تخفيضها إلى 7% - ولما كان هذا النص الجديد لا يستثنى من تطبيقه الاتفاقات السابقة على صدوره كما فعل القانون 20 سنة 1938 وكان تعيين الحد الأقصى للفائدة التي يجوز الاتفاق عليها هو مما يتصل بالنظام العام فإنه يطبق بأثر فوري - ولازم ذلك أن يسري السعر المخفض من تاريخ العمل بالقانون الجديد حتى على الاتفاقات السابقة على العمل بالقانون الجديد - وذلك بالنسبة للفوائد التي تستحق منذ نفاذ هذا القانون - وهو ما رأت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني التنويه به - واستقر عليه قضاء هذه المحكمة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأجرى الفائدة المستحقة للبنك على أساس 7% ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون فيما قضى به من عدم إمكان تجميد الفوائد منذ 15 أكتوبر سنة 1949 وذلك من وجهين: أولهما - أن العقد موضوع النزاع أبرم في ظل المادة 126 مدني قديم التي كانت تبيح تجميد الفوائد وإضافتها إلى رأس المال وتقاضى فائدة عنها. وقد نصت المادة 232 من القانون المدني على أنه لا يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد - ولم يرد في هذا النص ما يفيد تطبيقه بأثر رجعي على العقود السابقة التي تمت في ظل القانون القديم. وثانيهما - أنه قد فات محكمة الاستئناف أن المادة 232 مدني جديد بعد أن نصت على عدم جواز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد قررت أن ذلك كله بغير إخلال بالقواعد والعادات التجارية وقد قصد المشرع بهذا التحفظ الإبقاء على العرف السائد الذي له قوة القانون وعدم المساس بالمعاملات التي جرى بها العرف من قديم الزمان ومنها القروض طويلة الأجل التي تعقدها البنوك وهي أعمال تجارية بطبيعتها ولو عقدت لصالح شخص غير تاجر وهذه القروض الطويلة الأجل تقوم على الائتمان العقاري وتستهدف منها البنوك لمخاطر مختلفة في مدة القرض إذ قد تنخفض قيمة العقار فلا تكفي لسداد الدين أو تنخفض قيمة العقود فضلاً عن أن الديون العقارية يصعب تداولها - على خلاف الديون القصيرة الأجل التي يستطيع الدائن استثمار ماله عدة مرات في فترة وجيزة. لهذا وحتى لا ينصرف أصحاب رؤوس الأموال عن الائتمان العقاري الطويل المدى واللازم في مشروعات الإنتاج نشأ عرف تجاري خاص بهذه القروض تجيز تجميد الفوائد وإضافتها إلى رأس المال والحصول على فائدة عنها إذا ما تأخر المدين عن سدادها وهذا العرف له ما يبرره فهو يعوض صاحب رأس المال عن حرمانه من ماله ومن الفوائد المستحقة الواجبة السداد. وفيه تيسير على المدين المتأخر حتى لا تنزع ملكية عقاره جبراً. وأضاف الطاعن أن التحريم الوارد في المادة 232 مدني قصد به الديون قصيرة الأجل والضرب على أيدي المرابين ولم يقصد به مؤسسات الائتمان العقاري الخاضعة لرقابة الدولة - حتى لا يقوض اقتصاد البلاد وتجارتها وائتمانها العقاري. ولذلك آثر المشرع الاعتراف بالعادة التجارية وأثرها البعيد في نظام فوائد الديون وأضاف الطاعن أن هذا العرف التجاري لم ينكره أحد على بنوك الائتمان العقاري في القروض الطويلة الأجل. وهو مما يمكن إثباته بكافة الطرق. وهو مستمد من طبيعة عمل هذه البنوك والتشريعات المنظمة لها - وقد اعترفت الدولة بهذا العرف الخاص بإضافة الفوائد إلى متجمد الفوائد في معاملاتها مع بنوك الائتمان عندما تدخلت لإنقاذ الثروة العقارية. فأصدرت عدة قوانين تحمي هذه الأوضاع وتقرها وانتهى الطاعن إلى أن الحكم وقد أغفل تطبيق الاستثناء الوارد في عجز المادة 232 من القانون المدني الجديد ولم يعمل العرف التجاري المستقر في القروض طويلة الأجل التي يعقدها البنك الطاعن - وهو العرف الخاص بإضافة فوائد إلى متجمد الفوائد يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن القانون المدني القديم لم يكن يحول دون تقاضي الفوائد إذ تجاوز مجموعها رأس المال ولا تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ما دامت مستحقة لمدة سنة أو تزيد. فأدى ذلك إلى إشاعة الربا وضروب الاستغلال مما حدا بالمشرع إلى التدخل للضرب على أيدي المرابين المحترفين فنص في المادة 232 من القانون المدني الجديد على أنه "لا يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ولا يجوز في أية حال أن يكون مجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال. وذلك كله دون إخلال بالقواعد والعادات التجارية - ويبين من هذا النص أن القانون قد حظر أمرين - أولهما: منع تقاضي فوائد على متجمد الفوائد. لا تسود وثانيهما - منع تجاوز الفوائد لرأس المال - إلا أنه أخرج من هذا الحظر ما تقضي به القواعد والعادات التجارية - ولما كانت القواعد والعادات التجارية إلا في نطاق المعاملات التجارية - وكانت القروض التي تعقدها المصارف تعتبر بالنسبة للمصرف المقرض عملاً تجارياً بطبيعته وفقاً لنص المادة الثانية من قانون التجارية - إلا أن الرأي قد اختلف في تكييفها بالنسبة إلى المقترض إذا لم يكن تاجراً أو إذا كان القرض مخصصاً لأغراض تجارية. وترى هذه المحكمة اعتبار القروض التي تعقدها البنوك في نطاق نشاطها المعتاد عملاً تجارياً مهما كانت صفة المقترض وأياً كان الغرض الذي خصص له القرض - ذلك أن البنك المقرض يتحمل عادة في سبيل الحصول على الأموال التي يلبي بها حاجات المقترضين أعباء أكثر فداحة من المقترض العادي إذ هو يحصل على هذه الأموال من المصارف الأخرى التي تتقاضى منه فوائد على متجمد الفوائد غير مقيدة بالحظر الوارد في المادة 232 مدني - على أساس أن المعاملة بين المصرفين هي معاملة تجارية تدخل في نطاق الاستثناء الوارد بتلك المادة وليس من المعقول أن يحرم المصرف من هذه المزايا عندما يقرض الغير هذا علاوة عما يتعرض له المصرف من مخاطر في القروض الطويلة الأجل ومن حرمانه من أموال كان يمكنه استثمارها في وجوه أخرى غير القرض تدر عليه أرباحاً أكثر - ومما يؤيد هذا النظر أن الشارع المصري قد أصدر في ظل هذا القانون المدني الجديد القانون رقم 110 سنة 1956 بإنشاء بنك الائتمان العقاري (الطاعن) وأجاز لهذا البنك منح قروض طويلة الأجل لغير التجار ولغير أغراض تجارية - وهذه القروض تفترض بسبب طول أجلها تجاوز الفوائد لرأس المال - مما يفيد أن المشرع قد خرج بهذه القروض عن نطاق الحظر المنصوص عليه في صدر المادة 232 من القانون المدني وهو ما لا يمكن تفسيره إلا بأنه قد اعتبر تلك القروض تجارية وتبعاً لذلك تخضع للقواعد والعادات التجارية التي تبيح تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة مجموع الفوائد لرأس المال. ولما كان البنك الطاعن قد درج كغيره من مصارف الائتمان العقاري على ممارسة القروض لآجال طويلة. وجرى في معاملة المقترضين على اتباع قاعدة تجارية تطالب بها وتضمنها عقودها كنتيجة لازمة لقروضها التجارية وهي تقاضي فوائد على الفوائد المتجمدة - وكانت العادة قد جرت بحكم طول أجل هذه القروض التي تعقدها هذه المصارف أن تزيد فيها الفائدة على رأس المال - وكان الشارع قد أقر هذه العادة على النحو السالف بيانه - فإن لازم هذا تطبيق الاستثناء الوارد بعجز المادة 232 مدني على القرض محل النزاع وخروجه من دائرة الحظر الوارد بتلك المادة - لما كان ذلك، فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه من إجراء الحساب على أساس استبعاد الفوائد المستحقة على الفوائد المتجمدة منذ 15 أكتوبر سنة 1949 مخالفاً فيه النظر المتقدم لا يكون مطابقاً للقانون مما يستوجب نقضه.


(1) راجع نقض 3/ 11/ 1960 الطعن 660 سنة 25 ق السنة 11 ص 544 ونقض 27/ 6/ 1963 الطعن 255 س 27 ق العدد الحالي.
(2) راجع نقض 27/ 6/ 1963 الطعن 255 سنة 27 ق العدد الحالي.

الطعن 412 لسنة 36 ق جلسة 26 / 10 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 ق 138 ص 844

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وأحمد ضياء حنفي، أحمد فتحي مرسي.

--------------

(138)
الطعن رقم 412 لسنة 36 القضائية

(أ، ب) نقض. "تقرير الطعن". "إعلان الطعن". إعلان. "بطلان الإعلان". بطلان.
(أ) بطلان إعلان تقرير الطعن لخلو صحيفته من بيان من البيانات الجوهرية الواجب إثباتها فيها. بطلان نسبي لا يملك التمسك به إلا من شرع لمصلحته.
(ب) بيان تاريخ الطعن ورقمه واسم الموظف الذي حصل التقرير بالطعن أمامه. ليس من البيانات الجوهرية التي يترتب على عدم إثباتها البطلان. عدم وجوب توقيع الموظف الذي حصل التقرير بالطعن أمامه. كفاية توقيع المحامي على أصل التقرير دون ما حاجة للتوقيع على الصور.
(ج) حكم. "بيانات الحكم".
ورود اسم أحد القضاة في ديباجة الحكم ضمن أعضاء الهيئة التي أصدرته نتيجة لخطأ مادي. المعول عليه في تصحيح هذا الخطأ هو بما يعتمد مما هو ثابت بمحضر جلسة النطق بالحكم.
(د) دعوى. "نظر الدعوى". "تقديم المذكرات". بطلان. حكم. "بطلان الحكم".
عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها. تقديم المطعون ضده مذكرة في فترة حجز القضية للحكم لم تتضمن دفاعاً جديداً. النعي على الحكم بالبطلان لعدم الاطلاع عليها. لا أساس له.

-----------------
1 - جرى قضاء هذه المحكمة (1) - على أن بطلان إعلان تقرير الطعن لخلو صحيفته من بيان من البيانات الجوهرية الواجب إثباتها فيها هو بطلان نسبي لا يملك التمسك به إلا من شرع لمصلحته، وهو ما لا يصح معه للمطعون عليهم الخمسة الأولين التمسك بما يبدونه بشأن خلو ورقة إعلان الطعن من البيانات المتعلقة بإعلان المطعون عليه السادس.
2 - جرى قضاء هذه المحكمة (2) - على أن بيان تاريخ الطعن ورقمه واسم الموظف الذي حصل التقرير بالطعن أمامه ليس من البيانات الجوهرية التي يترتب على عدم إثباتها البطلان، وليس ثمة ما يوجب في القانون توقيع الموظف الذي حصل التقرير بالطعن أمامه، كما أنه يكفي توقيع المحامي الذي قرر بالطعن على أصل التقرير المقدم لقلم الكتاب، ودون ما حاجة لتوقيعه على الصور المعلنة منه.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة (3) - أنه متى ورد اسم أحد القضاة في ديباجة الحكم ضمن أعضاء الهيئة التي أصدرته نتيجة لخطأ مادي وقع عند إعداد الحكم وتحريره، فإن المعول عليه في تصحيح هذه الخطأ هو بما يستمد مما هو ثابت بمحضر جلسة النطق بالحكم باعتباره مكملاً له.
4 - ما ترمي إليه الفقرة الثانية من المادة 340 من قانون المرافعات السابق من عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (4) - هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإيداع دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه. وإذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون عليهم الخمسة الأولين قدموا مذكرتين بدفاعهم عند حجز القضية للحكم، واطلع على إحداهما ولم يؤشر بالاطلاع على الثانية. وكان الثابت أن هذه المذكرة الأخيرة التي لم يطلع عليها الطاعن لم تتضمن دفاعاً جديداً، بل إنها رددت ما ورد في صحيفة الاستئناف والمذكرة الأخرى التي اطلع عليها الطاعن، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في هذا الخصوص يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم الخمسة الأولين أقاموا الدعوى رقم 722/ 64 مدني كلي الجيزة ضد الطاعن وضد المطعون عليه السادس وطلبوا الحكم بإلزام أولهما في مواجهة الثاني بأن يؤدي إليهم مبلغ 2325 ج، وقالوا بيانا للدعوى إن الطاعن باعهم النصف على الشيوع في كامل أرض وبناء العقار رقم 8 شارع المحروسة بجهة إمبابة، وإنه بموجب عقد مؤرخ 29/ 12/ 1963 تم الاتفاق بينه وبينهم على أن يقوموا هم ببناء طابق ثالث فوق العقار المذكور على أن يتولى هو بمجرد إتمام ذلك الطابق إقامة طابق رابع في أعلاه، وإنه رغم أنهم أقاموا الطابق الثالث تنفيذاً لما التزموا به في العقد المشار إليه وسلموا رسومات البناء للمطعون عليه السادس الذي عهد إليه تنفيذ العملية ليتولى بناء الطابق الرابع بمصاريف على الطاعن، إلا أن هذا الأخير نكل عن تعهده ثم امتنع عن دفع ما يخصه في تكاليف بناء الطابق الثالث، وإذ بلغت هذه التكاليف 4650 ج، يلزم الطاعن بنصفها باعتباره شريكاً لهم بحق النصف في ملكية العقار المتقدم الذكر فقد أقاموا دعواهم بطلباتهم السالفة البيان، وبتاريخ أول ديسمبر سنة 1964 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليهم الخمسة الأولون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1871 سنة 81 ق، وبتاريخ 29 مايو سنة 1966 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليهم الخمسة الأولين مبلغ 2200 ج. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون عليهم الخمسة الأولون أولاً ببطلان الطعن تأسيساً على أن المطعون عليه السادس أعلن بتقرير الطعن مع تابعه دون أن يثبت المحضر غيابه واسم تابعه الذي خاطبه وأنه يقيم معه، كما أن ورقة الإعلان قد خلت من توقيع مأمور القسم باستلام صورة الإعلان وما يدل على أن المحضر قام بعد تسليمها له بإخطار المطلوب إعلانه، ودفعوا كذلك ببطلان الطعن تأسيساً على أن صورة التقرير المعلنة لهم قد خلت من تاريخ الطعن ورقمه واسم الموظف الذي حصل أمامه ذلك التقرير وتوقيعه بما يفيد أن الصورة المعلنة مطابقة للأصل، كما خلت من توقيع المقرر بالطعن.
وحيث إن الدفع الأول مردود بما جرى قضاء هذه المحكمة من أن بطلان إعلان تقرير الطعن لخلو صحيفته من بيان من البيانات الجوهرية الواجب إثباتها فيها هو بطلان نسبي لا يملك التمسك به إلا من شرع لمصلحته، وهو ما لا يصح معه للمطعون عليهم الخمسة الأولين التمسك بما يبدونه بشأن خلو ورقة إعلان الطعن من البيانات المتعلقة بإعلان المطعون عليه السادس به، والدفع الثاني مردود أيضاً بما جرى قضاء هذه المحكمة من أن بيان تاريخ الطعن ورقمه واسم الموظف الذي حصل التقرير بالطعن أمامه ليس من البيانات الجوهرية التي يترتب على عدم إثباتها البطلان، ومن أنه ليس ثمة ما يوجب في القانون توقيع الموظف الذي حصل التقرير بالطعن أمامه، ومن أنه يكفي توقيع المحامي الذي قرر بالطعن على أصل التقرير المقدم لقلم الكتاب ودون ما حاجة لتوقيعه على الصور المعلنة منه، ومن ثم يكون الدفعان على غير أساس متعيناً رفضهما.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان والإخلال بحق الدفاع من ثلاثة أوجه، ويقول في بيان الوجه الأول منها إن الثابت من الاطلاع على محضر جلسة 29/ 5/ 1966 التي حددتها محكمة الاستئناف للنطق بالحكم أن المحكمة قررت إعادة القضية للمرافعة لنفس الجلسة بسبب تعذر المداولة لغياب عضوي اليمين واليسار، أولهما لمرضه والثاني لسفره إلى الخارج، ثم عادت وقررت حجز القضية للحكم لأخر الجلسة ثم أصدرت الحكم المطعون فيه بعد أن استبدل فيه بعضو اليمين الذي سمع المرافعة عضو آخر لم يسمع المرافعة، وهو ما يعيب الحكم بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه متى ورد اسم أحد القضاة في ديباجة الحكم ضمن أعضاء الهيئة التي أصدرته نتيجة لخطأ مادي وقع عند إعداد الحكم وتحريره، فإن المعول عليه في تصحيح هذا الخطأ هو بما يستمد مما هو ثابت بمحضر جلسة النطق بالحكم باعتباره مكملاً له. وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة 29 مايو سنة 1966 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الهيئة التي نظرت الدعوى قد شكلت من المستشار محمد عبد المجيد رئيساً ومن المستشارين الدكتور حسن الشامي وطه الصديق دنانة عضوين بما يدل على أن ورود اسم المستشار محمد فارس الجندي في ديباجة الحكم ضمن هيئة المحكمة هو خطأ مادي، يؤكد ذلك أن رئيس الهيئة قد وقع بتصحيح هذا الخطأ في نهاية الحكم بأن استبدل باسم المستشار المشار إليه اسم المستشار الدكتور حسن الشامي، باعتبار أن هذا الأخير هو الذي سمع المرافعة واشترك في إصدار الحكم، كما يؤكده ما هو ثابت من الاطلاع على مسودة ذلك الحكم التي حررت في ذات التاريخ من أنها تحمل توقيعات المستشارين محمد عبد المجيد وحسن الشامي وطه دنانة وهم الذين سمعوا المرافعة على ما هو ثابت من محضر الجلسة طبقاً لما سلف البيان، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن يقول في بيان الوجه الثاني إن المحكمة قررت في جلسة 29/ 5/ 1966 إعادة القضية للمرافعة لغياب عضوي اليمين واليسار الذين سمعا المرافعة فيها ثم عادت وحجزتها للحكم في أخر تلك الجلسة، ورغم أنها لم تخطر الطاعن بهذا القرار حتى تتيح له فرصة إبداء دفاعه أمام الهيئة الجديدة فقد أصدرت حكمها المطعون فيه في نهاية الجلسة المشار إليها، وهو مما يعيب هذا الحكم بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة 29/ 5/ 1966 أنه عندما أصدرت محكمة الاستئناف قرارها بإعادة الدعوى للمرافعة لتغيب العضوين الذين كانا قد سمعا المرافعة فيها، حضر أمامها بهيئتها الجديدة الأستاذ فؤاد المراغي المحامي عن الأستاذ محمد صادق مطر عن الطاعن كما مثل المطعون عليهم محام آخر وتمسك كل منهما بما كان لموكليه من دفاع فيما سبق له من مرافعة أو قدمه من مذكرات، وطلبا بعد ذلك حجز الدعوى للحكم فإن ما يثيره الطاعن من أنه لم يخطر بالقرار المتقدم الذكر حتى يتاح له إبداء دفاعه في الدعوى أمام الهيئة الجديدة يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن يقول في بيان الوجه الثالث إن المحكمة قبلت مذكرات من الطرفين دون أن يطلع كل منهما على المذكرة المقدمة من الطرف الآخر، مخالفة بذلك ما تقضي به المادة 340/ 2 من قانون المرافعات من أنه لا يجوز للمحكمة قبول أوراق أو مذكرات من الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان ما ترمي إليه الفقرة الثانية من المادة 340 من قانون المرافعات من عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون عليهم الخمسة الأولين قدموا مذكرتين بدفاعهم عند حجز القضية للحكم لجلسة 29 مايو سنة 1966 اطلع الطاعن على إحداهما ولم يؤشر بالاطلاع على الثانية، وكان الثابت أن هذه المذكرة الأخيرة التي لم يطلع عليها الطاعن لم تتضمن دفاعاً جديداً بل إنها رددت ما ورد في صحيفة الاستئناف والمذكرة الأخرى التي اطلع عليها الطاعن، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه قدم لمحكمة الاستئناف شهادة رسمية تفيد استيلاء المطعون ضدهما الثالث والأخير وفي غفلة منه على المون التي صرح له بها من الإدارة الهندسية بمحافظة الجيزة لبناء الطوابق من الرابع إلى السادس على العقار موضوع النزاع، وإنهما بذلك حالا بينه وبين تنفيذ تعهده ببناء هذه الطوابق، وهو ما لا يجوز لهما معه أن يطلبا مع سائر المطعون عليهم تنفيذ هذا الالتزام، وإذ لم يشر الحكم المطعون فيه إلى الشهادة المشار إليها، فإنه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل دفاع الطاعن في الدعوى فيما قال به من أن المطعون عليهم الخمسة الأولين هم الملتزمون بدفع تكاليف بناء الطابق الثالث والتي بلغت 4400 ج على أساس أن يكون هذا الطابق ملكاً خاصاً لهم انتهى الحكم إلى أن هذا الدفاع غير صحيح وذلك على قوله "هذا القول من جانب المستأنف عليه "الطاعن" يعوزه الدليل على أن نية الطرفين قد انصرفت إلى إجراء هذا التمليك وأن يحرر العقد اللازم لذلك ويتم إشهاره لإمكان نقل الملكية، ولما كان هذا لا أثر له في أوراق الدعوى، وأن بناء الدور الثالث على هذا النحو قد أضيف إلى الملك الشائع بين طرفيه الذي يملك كل طرف فيه النصف على المشاع". وانتهى الحكم من ذلك إلى القضاء بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليهم الخمسة الأولين النصف في التكاليف المشار إليها، وكان هذا الذي قرره الحكم سائغاً ويواجه الفصل في موضوع الدعوى المطروحة بما لا حاجة معه لبحث ما أثاره الطاعن في سبب النعي باعتبار أنه أمر غير متصل بالنزاع، فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 26/ 10/ 1965 مجموعة المكتب الفني. س 16. ص 902.
(2) نقض 24/ 2/ 1970 مجموعة المكتب الفني. س 21. ص 312.
(3) نقض 25/ 6/ 1953 مجموعة القواعد في 25 سنة بند/ 3. ص 542.
(4) نقض 23/ 12/ 1969 مجموعة المكتب الفني. س 20. ص 133.

الطعنان 227 ، 228 لسنة 28 ق جلسة 27 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 130 ص 928

جلسة 27 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

---------------

(130)
الطعنان رقما 227 و228 لسنة 28 القضائية

(أ) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "ضم دعوى لأخرى".
ضم الدعويين لا يفقد كلاً منهما استقلالها ولا يؤثر على مركز الخصوم فيها.
(ب) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة" "اختصام الغير".
اختصام الغير في الدعوى لا يتم إلا بإتباع الأوضاع المعتادة في التكليف بالحضور م 143 مرافعات. تعديل المطعون عليه لطلباته في دعواه في المذكرة المعلنة منه لأخرى الطاعن المختصمين في دعوى منضمة لا يتحقق به قانوناً اختصامهما في دعوى المطعون عليه.
(ج) التزام "انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء" "اتحاد الذمة". إجارة. "شراء المستأجر من الباطن العين المؤجرة".
اتحاد الذمة يقتضي وجود التزام واحد يخلف أحد طرفيه الطرف الأخر فيه، فيترتب على اجتماع صفتي الدائن والمدين في ذات الشخص انقضاء الدين. اجتماع صفتي المستأجر والمشتري للعين المؤجرة في شخص واحد لا تقوم به حالة اتحاد الذمة بالنسبة لعقد الإيجار فينقضي بها إلا إذا كان قد ترتب على الشراء حلول المشتري محل المؤجر في هذا العقد بالذات. شراء المستأجر من الباطن العين المؤجرة من المالك يترتب عليه حلوله محل المالك في الإجارة الصادرة منه إلى المستأجر الأصلي، دون حلوله محل المستأجر الأصلي في الإجارة الصادرة من الأخير إليه.

---------------
1 - ضم الدعويين لا يفقد كلاً منهما استقلالها ولا يؤثر على مركز الخصوم فيها (1).
2 - اختصام الغير في الدعوى لا يتم - على ما تقضي به المادة 143 مرافعات - إلا بإتباع الأوضاع المعتادة في التكليف بالحضور. ومن ثم فإن تعديل المطعون عليه لطلباته في دعواه على النحو الوارد في مذكرته وإعلانه هذه المذكرة إلى أخوي الطاعن - المختصمين في دعوى منضمة - لا يتحقق به قانوناً اختصامهما في دعوى المطعون عليه.
3 - اتحاد الذمة يقتضي وجود التزام واحد يخلف أحد طرفيه الطرف الأخر فيه، فيترتب على اجتماع صفتي الدائن والمدين في ذات الشخص انقضاء الدين. ومن ثم فإن اجتماع صفتي المستأجر والمشتري للعين المؤجرة في شخص واحد لا تقوم به حالة اتحاد الذمة بالنسبة لعقد الإيجار فينقضي بها إلا إذا كان قد ترتب على الشراء حلول المشتري محل المؤجر في هذا العقد بالذات، لأنه بذلك تجتمع في المشتري بالنسبة لهذا العقد صفتا المستأجر والمؤجر. أما إذا كان شراء المطعون عليه (المستأجر من الباطن) وأخوته من المالكة الأصلية العين المؤجرة منها للطاعن (المستأجر الأصلي) قد ترتب عليه حلولهم محل المالكة الأصلية في الإجارة الصادرة منه إلى المطاعن، دون حلولهم محل الطاعن في الإجارة الصادرة منه إلى المطعون عليه، فإن هذا الشراء لا تنشأ عنه حالة اتحاد ذمة تنتهي بها الإجارة الصادرة من الطاعن للمطعون عليه لأنه لم يكن من مؤداه اجتماع صفتي المستأجر والمؤجر في هذه الإجارة بذاتها في شخص المشتري. ومن أجل ذلك تبقى هذه الإجارة قائمة ولو كانت ملكية العين المؤجرة جميعها قد انتقلت إلى المستأجر من الباطن، وليس ثمة ما يمنع قانوناً من أن يكون المستأجر هو المالك. وإذا كان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر واعتبر عقد الإيجار من الباطن قد انفسخ بالنسبة إلى ثلث العين المؤجرة استناداً إلى قيام حالة اتحاد الذمة بشراء المطعون عليه ثلث للعين المؤجرة فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقريرين اللذين تلاهما السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن كلاً من الطعنين استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أنه بموجب عقد ثابت التاريخ في 13/ 3/ 1948 استأجر بول زرفوداكي بصفته من السيدة جان روز نزويج، عقاراً بأجرة سنوية قدرها 1000 ج وذلك لمدة ثمان سنين تنتهي في 15/ 3/ 1956 واتفق على جواز تجديد الإيجار بالشروط المبينة بالعقد وقد استبقى بول زرفوداكي في حوزته جزءاً من هذا العقار وأجر الجزء الباقي من باطنه إلى شفيق حلبوني وذلك بعقد إيجار ثابت التاريخ في 14/ 12/ 1948 اتفق بموجبه على أن الأجرة السنوية هي مبلغ 1250 ج وعلى أن الإجارة مدتها سنتان تنتهيان في 14/ 11/ 1950 قابلة للتجديد بالشروط المبينة في العقد - وبموجب عقد مؤرخ 28 أكتوبر سنة 1951 مشهر في السنة نفسها، اشترى شفيق حلبوني وأخواه فهمي وحمدي، كامل العقار المؤجر من السيدة روز نزويج وحلوا محلها في الإجارة الصادرة منها إلى زرفوداكي - وعلى أثر ذلك أقاموا على الأخير بصفته دعوى أمام محكمة القاهرة الابتدائية قيدت برقم 2817 سنة 1953 طلبوا فيها الحكم بإلزامه أن يدفع لهم المتأخر عليه من أجرة الجزء الذي في حوزته من هذا العقار وقدره 60 ج مع ما يستجد من هذه الأجرة بواقع 40 ج شهرياً ابتداء من شهر مايو سنة 1952. وفي 9/ 3/ 1953 أقام بول زرفوداكي بصفته أمام نفس المحكمة - على شفيق حلبوني - الدعوى رقم 1891 سنة 1953 انتهى فيها - في مذكرته - المنضمة بيان طلباته الختامية إلى طلب الحكم له بمبلغ 7500 جنيه قيمة الأجرة المتأخرة عن المدة من 15/ 11/ 1951 إلى 15/ 11/ 1956 مع ما يستجد من الأجرة بواقع 1250 جنيهاً سنوياً - واستند بول زوفوداكي في دعواه هذه إلى عقد الإيجار الصادر منه إلى شفيق حلبوني - ضمت المحكمة الدعويين وبتاريخ 6/ 4/ 1957 حكمت في الدعوى المرفوعة من شفيق حلبوني وأخويه بندب خبير لتحديد أجرة الجزء الذي يشغله زرفوداكي، بالنسبة إلى أجرة كامل العقار المؤجر إليه - ثم حكمت برفض الدعوى المرفوعة من بول زرفوداكي تأسيساً على أن ملكية العين المؤجرة جميعها قد آلت إلى شفيق حلبوني وأخويه بموجب عقد البيع الصادر إليهم من المالكة الأصلية السيدة روز نزويج وبذلك تكون قد اجتمعت صفتا مالك ومستأجر في شخص واحد وبالتالي تكون قد قامت حالة اتحاد ذمة ينقضي بها عقد الإيجار الصادر من بول زرفوداكي إلى شفيق حلبوني - استأنف بول زرفوداكي هذا الحكم بالاستئناف رقم 732 سنة 74 ق القاهرة طالباً إلغاءه فيما قضى به من رفض دعواه وطلب الحكم بإلزام شفيق حلبوني بأن يدفع له 7500 جنيه قيمة الأجرة المتأخرة من 15/ 11/ 1951 حتى 15/ 11/ 1956 مع ما يستجد من الأجرة بواقع 1250 جنيهاً سنوياً وبتاريخ 29/ 4/ 1958 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف في قضائه برفض دعوى بول زرفوداكي وبإلزام شفيق حلبوني بأن يدفع إلى زرفوداكي 3612 جنيهاً وأقامت حكمها على أنه لما كان عقد الإيجار صادراً من زرفوداكي إلى شفيق حلبوني وحده بينما بيعت العين المؤجرة إليه وإلى أخويه فهمي وحمدي مثالثة فيما بينهم فإن عقد الإيجار ينقضي باتحاد الذمة بالنسبة إلى ثلث العين المؤجرة الذي انتقلت الملكية فيه إلى شفيق حلبوني - أما بالنسبة للثلثين الباقيين من هذه العين، وهما اللذان آلت الملكية فيهما إلى فهمي وحمدي حلبوني فإن اتحاد الذمة وبالتالي انقضاء عقد الإيجار المبني على اتحاد الذمة - لا يتحقق بالنسبة لهما، وبإلزام شفيق حلبوني تبعاً لذلك بأجرة هذين الثلثين - ثم قدرت المحكمة هذه الأجرة على اعتبار أن أجرة العين المؤجرة جميعها هي 1250 جنيهاً سنوياً - كما هو وارد في عقد الإيجار - وذكرت المحكمة في أسباب حكمها أن المدة المستحقة عنها الأجرة المتأخرة تنتهي يوم 15/ 3/ 1956 بانتهاء المدة المحرر عنها عقد الإيجار الأصلي الصادر لبول زرفوداكي لأن شفيق حلبوني وأخويه بعد أن حلوا في هذا العقد محل المؤجرة الأصلية بشرائهم العين المؤجرة منها بدا منهم ما يدل على أنهم غير راغبين في تجديد هذا العقد بعد انتهاء مدته في التاريخ المذكور طعن شفيق حلبوني في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 227 سنة 28 ق كما طعن فيه بول زرفوداكي وقيد طعنه برقم 228 سنة 28 ق - تقدمت النيابة العامة في الطعن الأول بمذكرة خلصت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الأول من أسباب الطعن - وتقدمت في الطعن الثاني بمذكرة طلبت فيها رفضه. عرض الطعنان على دائرة فحص الطعون فقررت إحالتهما إلى دائرة المواد المدنية والتجارية، وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة حدد لنظر الطعنين أمام هذه الدائرة جلسة 16/ 5/ 1953 وفيها ضمت المحكمة الطعن الثاني للطعن الأول وصممت النيابة العامة على رأيها السابق.
عن الطعن رقم 227 سنة 28 ق المقام من شفيق حلبوني:
حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، في أسباب هذا الطعن الخطأ في تطبيق القانون - وفي بيان ذلك يقول إنه بعد أن قررت محكمة الدرجة الأولى ضم القضية التي رفعها المطعون عليه - بول زرفوداكي بصفته على الطاعن إلى القضية التي رفعها الطاعن وأخواه فهمي وحمدي، على المطعون عليه - تقدم الأخير بمذكرة عدل فيها طلباته الختامية في الدعوى المقامة منه على الوجه الآتي (نلتمس الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للمدعي بصفته مبلغ 7500 جنيه وما يستجد بواقع السنة 1250 جنيهاً وإلزامهم بالمصروفات) ثم قام المطعون عليه بإعلان هذه المذكرة إلى الطاعن وأخويه حمدي وفهمي وأسس طلباته الواردة فيها على أن عقد الإيجار من الباطن صادر إليهم جميعاً، وعلى أنهم يشغلون العقار المؤجر ومتأخرون في دفع الأجرة - وإذ كان المطعون عليه لم يطلب في هذه المذكرة أن يكون إلزام المدعى عليهم بالمبلغ المبين بها، بالتضامن فيما بينهم، فإنه يكون من مؤدى تعديل طلباته على النحو المبين بتلك المذكرة أنه أصبح يطالب كلاً من الطاعن وأخويه فهمي وحمدي بثلث هذا المبلغ ولكن المطعون عليه عندما استأنف الحكم القاضي برفض دعواه اختصم الطاعن وحده في الاستئناف وطلب الحكم بإلزامه بالمبلغ جميعه لا بثلثه وبذلك يكون طلبه فيما يختص بالثلثين طلباً جديداً لا يجوز قبوله في الاستئناف طبقاً لحكم المادة 411 مرافعات - وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن بهذين الثلثين فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه يبين من الصورة الرسمية لمذكرة المطعون عليه المقدمة لمحكمة الدرجة الأولى لجلسة 19/ 3/ 1957 ببيان أوجه دفاعه في الدعوى التي أقامها على الطاعن وفي الدعوى المقامة عليه من الطاعن وأخويه فهمي وحمدي بعد أن قررت المحكمة ضم هاتين الدعويين، أن المطعون عليه أشار فيها إلى عقد الإيجار من الباطن الصادر منه بقوله (وبموجب عقد إيجار مؤرخ 15/ 11/ 1948 استأجر السادة حلبوني من باطن بول زرفوداكي الجزء الأكبر من العقار المؤجر لبول زرفوداكي من مدام روز نزويج... وذلك لمدة سنتين تبدأ من 15/ 11/ 1948 وتنتهي في 14/ 11/ 1950 ويتجدد العقد سنة فسنة... واتفق في البند الثاني من العقد المذكور على أن الأجرة السنوية 1250 جنيهاً... وما زال السادة حلبوني مستأجرين من باطن زرفوداكي بموجب عقد 15/ 11/ 1948 وهذا العقد ما زال قائماً لم يلغ بعد وما زال السادة حلبوني يشغلون ما كان أجر لهم من الباطن زرفوداكي وينتفعون به ومع ذلك فهم لا يدفعون الأجرة التي التزموا بدفعها بحسب العقد وقدرها 1250 جنيهاً سنوياً) - ثم اختتم هذه المذكرة بقوله (ولما كان المدعى عليهم متأخرين في دفع الأجرة من 15/ 11/ 1951 إلى 15/ 11/ 1956 أي لمدة خمس سنوات بواقع السنة 1250 جنيهاً فيكون المجموع 7500 جنيه بخلاف ما يستجد من تاريخ الحكم - بناء عليه - نلتمس الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للمدعي بصفته مبلغ 7500 جنيه وما يستجد بواقع السنة 1250 جنيهاً وإلزامهم بالمصروفات) - ويبين من الحكم الابتدائي أن المحكمة أثبتت فيه أنها بعد أن قررت ضم القضيتين، تقدم المطعون عليه بمذكرته، هذه، متضمنة تعديله لطلباته على النحو سالف البيان - ولما كان الثابت من الأوراق أن دعوى المطعون عليه كانت مقامة ضد الطاعن وحده ولم يختصم فيها أخواه، وكان ضم هذه الدعوى للدعوى المقامة على المطعون عليه من الطاعن وأخويه فهمي وحمدي لا يفقد كلاً من الدعويين استقلالها ولا يؤثر على مركز الخصوم فيهما وبالتالي فليس من شأن هذا الضم أن يجعل أخوي الطاعن، خصمين في دعوى المطعون عليه لمجرد كونهما مختصمين في الدعوى الأخرى المنضمة إليها - كما أن تعديل المطعون عليه لطلباته في دعواه على النحو الوارد في مذكرته وإعلانه هذه المذكرة إلى محامي أخوي الطاعن وإن كان لا يتحقق به قانوناً اختصامهما في دعوى المطعون عليه، إذ اختصام الغير في الدعوى لا يتم - على ما تقضي به المادة 143 مرافعات إلا باتباع الأوضاع المعتادة في التكليف بالحضور وهو ما لم يتوافر في النزاع المعروض إلا أن المطعون عليه بتعديله طلباته على النحو الوارد في مذكرته الختامية يكون قد قصر طلباته - قبل الطاعن - أمام محكمة الدرجة الأولى، على ثلث مبلغ الأجرة المطالب به في ختام هذه المذكرة - وإذ كان المطعون عليه - على ما سلف بيانه - عندما استأنف الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى طلب إلغاء ذلك الحكم والقضاء له على الطاعن بهذا المبلغ جميعه لا بثلثه فإن طلبه في الاستئناف بالنسبة إلى الثلثين الآخرين من هذا المبلغ يكون طلباً جديداً مما تنهي المادة 411 مرافعات عن قبوله في الاستئناف - ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دعوى المطعون عليه بالنسبة لثلث مبلغ الأجرة المستحقة له، على أساس قيام حالة اتحاد الذمة لدى الطاعن بالنسبة إلى هذا الثلث ثم حكم بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 3612 جنيهاً قيمة الثلثين الباقيين من هذه الأجرة - فإن قضاءه على الطاعن بهذا المبلغ يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص دون حاجة إلى بحث باقي الأسباب.
وحيث إن موضوع هذا الطعن صالح للفصل فيه، ولما سلف بيانه يتعين الحكم بعدم قبول الطلبات الجديدة في الاستئناف.
عن الطعن رقم 228 سنة 28 ق المقام من بول زرفوداكي بصفته:
وحيث إن هذا الطعن بني على سبب واحد، ينعى فيه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون - وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه طبق على علاقات الطاعن بالمطعون عليه حكم المادة 370 من القانون المدني الخاصة باتحاد الذمة في حين أن هذه العلاقات لا تتوافر فيها شروط اتحاد الذمة وإنما كانت تتوافر فيها شروط المقاصة لو تمسك بها المطعون عليه في حينه، ذلك أن اتحاد الذمة يشترط فيه اجتماع صفتي الدائن والمدين في شخص واحد وفي دين واحد بعينه، في حين أن المقاصة إنما تقع عند اجتماع صفتي الدائن والمدين في كل من الطرفين في دينين مختلفين بحيث يكون الدائن في أحد الدينين مديناً في الآخر والمدين في الآخر دائناً في الأول - والطاعن في النزاع المعروض كان طرفاً في علاقتين متميزتين هما علاقة الإجارة الأصلية بينه وبين المؤجرة الأصلية وعلاقة التأجير من الباطن بينه وبين المطعون عليه ولما حل المطعون عليه محل المؤجرة الأصلية بشرائه العين المؤجرة منها، فإنه إنما يحل محلها في العلاقة الأولى التي بينها وبين الطاعن وليس من شأن هذا الحلول أن يؤثر على استقلال كل من العلاقتين، ولا أن يدمج إحداهما في الأخرى بحيث يجعلها علاقة واحدة وديناً واحداً يصح أن يتحقق فيه اتحاد الذمة - ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن عقد الإيجار المبرم بين الطاعن والمطعون عليه قد انقضى باتحاد الذمة ورتب على ذلك إلزام المطعون عليه بثلثي الأجرة فقط قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، وذلك أنه كان اتحاد الذمة يقتضي وجود التزام واحد يخلف أحد طرفيه الطرف الآخر فيه فيترتب على اجتماع صفتي الدائن والمدين في ذات الشخص انقضاء الدين، فإن اجتماع صفتي المستأجر والمشتري للعين المؤجرة في شخص واحد، لا تقوم به حالة اتحاد الذمة بالنسبة لعقد الإيجار فينقضي بها، إلا إذا كان قد ترتب على الشراء حلول المشتري محل المؤجر في هذا العقد بالذات، لأنه بذلك تجتمع في المشتري بالنسبة لهذا العقد، صفتا المستأجر والمؤجر - ولما كان شراء المطعون عليه وأخويه من المالكة الأصلية، العين المؤجرة منها للطاعن قد ترتب عليه حلولهم محل المالكة الأصلية في الإجارة الصادرة منها إلى الطاعن، دون حلولهم محل الطاعن في الإجارة الصادر منه إلى المطعون عليه، فإن هذا الشراء لا تنشأ عنه حالة اتحاد ذمة تنتهي بها الإجارة الصادرة من الطاعن للمطعون عليه لأنه لم يكن من مؤداه اجتماع صفتي المستأجر والمؤجر في هذه الإجارة بذاتها، في شخص المشترين - ومن أجل ذلك تبقى هذه الإجارة قائمة ولو كانت ملكية العين المؤجرة جميعها قد انتقلت إلى المستأجر من الباطن، وليس ثمة ما يمنع قانوناً من أن يكون المستأجر هو المالك للعين المؤجرة إليه - لما كان ذلك، وكان الحكم الطعون فيه لم يلتزم هذا النظر واعتبر عقد الإيجار من الباطن "قد انفسخ" بالنسبة إلى ثلث العين المؤجرة استناداً إلى قيام حالة اتحاد الذمة بشراء المطعون عليه ثلث العين المؤجرة فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.


(1) راجع نقض 17/ 3/ 1960 الطعن 5 س 26 ق أحوال شخصية السنة 11 ص 234.

الطعن 33 لسنة 37 ق جلسة 24 / 6 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 136 ص 834

جلسة 24 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

----------------

(136)
الطعن رقم 33 لسنة 37 القضائية

(أ) إفلاس. دعوى. " الصفة". تأمينات عينية. "الرهن".
السنديك ممثل لجماعة الدائنين. هو صاحب الصفة في المطالبة ببطلان عقد الرهن الصادر من المدين ورد المال المرهون إلى التفليسة.
(ب) إفلاس. تأمينات عينية. "الرهن". بطلان. "بطلان التصرفات".
الرهن الذي يرتبه المدين خلال فترة الريبة ضماناً لدين سابق. باطل سواء كان الدين قد نشأ قبل أو بعد مواعيد التوقف عن الدفع.

--------------
1 - السنديك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الممثل لجماعة الدائنين الذي يعمل باسمها في كل ما له علاقة بأموال التفليسة، كما يمثلهم في الدعوى التي ترفع عليها، وهو بذلك يملك المطالبة بالحقوق التي تعلقت بها حقوق هذه الجماعة، كما يملك المطالبة بإلغاء ما اكتسبه الغير من حقوق المدين حماية لحقوق مجموع الدائنين، ورد هذه الحقوق إلى أموال التفليسة. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر، وقبل الدعوى التي أقامها السنديك للمطالبة ببطلان عقد الرهن ورد المال المرهون إلى أموال التفليسة لصالح مجموع الدائنين فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
2 - مفاد نص المادة 227/ 1 و2 من قانون التجارة، أن المشرع وقد ارتاب في أمر الرهن الذي يرتبه المدين خلال فترة الريبة ضماناً لدين سابق عليه، بما يميز هذا الدائن على الدائنين العاديين الآخرين فلا يخضع لقسمة الغرماء عند إجراء التوزيع، فقد نص بالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر، على بطلان هذا الرهن وجوباً، لأن تقرير المفلس لهذا الضمان الخاص خلال فترة الريبة لأحد الدائنين، دون أن يكون هذا الدائن قد اشترطه عند نشوء الدين، وإنما يكون من قبيل التبرع له بهذا الضمان، وقد نص المشرع في الفقرة الأولى من ذات المادة على بطلان تبرعات المفلس، ولما كان سياق المادة وحكمة تشريعها، تهدف إلى إبطال ما أرداه المفلس من محاباة لدائن عادي على دائن آخر، سواء كان دينه داخل فترة الريبة أم خارجها، وكانت المادة 466 ومن قانون التجارة الفرنسي والذي أخذ عنها المشرع المصري نص المادة 227 سالفة الذكر، تنص على أن البطلان الوجوبي في هذه الحالة مقرر إذا كان الرهن قد تم ضماناً لديون سابقة، دون أن يحدد النص تاريخاً لهذا الأسبقية، فإنه لا يجوز القول بأن عبارة "قبل تلك المواعيد" التي وردت في نهاية المادة 227 سالفة الذكر تفيد أن البطلان الوجوبي لا ينصرف إلا إلى الديون التي تكون قد نشأت قبل مواعيد التوقف عن الدفع، إذ أن المشرع في حقيقة الأمر لم يقصد بهذا التجاوز في التعبير، تغيير ما هدف إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السنديك جبران جليل حبشي بصفته أقام الدعوى رقم 130 سنة 1959 مدني كل المنصورة ضد محمد طاهر كسيبه طلب فيها الحكم (أولا) بإبطال عقد الرهن الصادر من المفلس سعد محمد الشناوي لصالح المدعى عليه والمشهر بتاريخ 21 أكتوبر سنة 1951 برقم 322 ومحو تسجيل قائمة قيد هذا الرهن المشهرة بتاريخ 24 أكتوبر سنة 1951 برقم 540 والموقعة على الأطيان والعقارات الموضحة الحدود والمعالم بذيل صحيفة الدعوى (ثانياً) إثبات أن صحة رقم الدين موضوع الرهن هو 3000 ج وليس 16 ألفاً من الجنيهات كما ورد بعقد الرهن، وقال في بيان الدعوى إن محكمة الإفلاس حددت يوم 3 أغسطس سنة 1950 تاريخاً نهائياً لتوقف المفلس عن دفع ديونه بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 83 سنة 8 قضائية تجاري المنصورة، وإنه لما كان الرهن قد تم بعد هذا التاريخ فإنه وطبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 227 من قانون التجارة يكون باطلاً فضلاً عن أن رقم الدين الوارد بعقد الرهن غير صحيح. دفع المدعى عليه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لأن السنديك لم يحصل على إذن مأمور التفليسة بإقامة الدعوى، ورد على الدعوى بأن المادة 227 من قانون التجارة لا تبطل إلا الرهن الذي يتم في فترة الريبة أو في الأيام العشرة السابقة عليها وفاءً لديون استدانها المفلس قبل تلك المواعيد، بينما القرض موضوع الدعوى قد تم بعد الوقت الذي عينته المحكمة تاريخاً لتوقف المفلس، وأنه لما كان لا يعلم باختلال أشغال المدين فلا يجوز أيضاً إعمال البطلان الوارد بالمادة 228 من ذلك القانون، وبتاريخ 12 ديسمبر سنة 1961 حكمت المحكمة برفض الدفع وببطلان عقد الرهن. واستأنف المدعى عليه هذا الحكم - قبل وفاته - لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 75 سنة 14 قضائية، وبتاريخ 23 نوفمبر سنة 1966 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن ورثة الدائن في هذا الحكم بطريق النقض حيث عرض الطعن على هذه الدائرة وأصر الطاعنون على طلب نقض الحكم ولم يقدم المطعون عليه مذكرة بدفاعه وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها الوارد في مذكرتها.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن اختصاصات السنديك جاءت محددة على سبيل الحصر بالمواد 259 حتى 287 من قانون التجارة، وليس من بينها حق التقاضي إلا أن يكون ذلك بإذن من مأمور التفليسة على ما ورد بالمادة 234 من ذلك القانون، وإنه لما كان السنديك قد أقام الدعوى ببطلان عقد الرهن دون الحصول على هذا الإذن فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي في رفضه الدفع المبدى من الدائن بعدم قبول الدعوى يكون مخطئاً في تفسير القانون وفي تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن السنديك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الممثل لجماعة الدائنين الذي يعمل باسمها في كل ماله علاقة بأموال التفليسة، كما يمثلهم في الدعوى التي ترفع عليها، وهو بذلك يملك المطالبة بالحقوق التي تعلقت بها حقوق هذه الجماعة، كما يملك المطالبة بإلغاء ما اكتسبه الغير من حقوق المدين حماية لحقوق مجموع الدائنين، ورد هذه الحقوق إلى أموال التفليسة، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر وقبل الدعوى التي أقامها السنديك للمطالبة ببطلان عقد الرهن ورد المال المرهون إلى أموال التفليسة لصالح مجموع الدائنين فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تفسير القانون وفي تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه استند في قضائه ببطلان الرهن إلى ما ورد بالمادة 227 من قانون التجارة في حين أن أحكام هذه المادة لا تنصرف إلا إلى الرهون التي تتم خلال فترة الريبة ضماناً لدين سابق على هذه الفترة ولما كان الرهن موضوع الدعوى وإن تم خلال فترة الريبة إلا أنه كان ضماناً لدين سابق نشأ أيضاً خلال فترة الريبة ذاتها، مما لا يجوز معه تطبيق أحكام تلك المادة، هذا إلى أن البطلان الجوازي المنصوص عليه بالمادة 238 من قانون التجارية يستلزم علم الدائن باختلال أشغال المدين وهو الأمر المنتفى في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 227 من قانون التجارة تنص على أنه "إذا حصل من المدين بعد الوقت الذي عينته المحكمة أنه وقت وقوفه عن دفع الديون أو في ظرف الأيام العشرة التي قبله عقد تبرع بنقل ملكية منقول أو عقار أو إذا وفى ديناً لم يحل أجله بنقود أو بحوالة أو مبيع أو بتخصيص مقابل الوفاء أو بمقاصة أو بغير ذلك فيكون جميع ما أجراه من هذا القبيل لاغياً، ولا يعتد به بالنسبة لروكية المداينين وكذلك كل دين حل ميعاده ودفعه بغير نقود ولا أوراق تجارية" وتنص الفقرة الثانية على أنه "يكون أيضاً لاغياً ولا يعتد به كل رهن عقار من عقارات المدين أو منقول من مقولاته وكل ما يتحصل عليه الدائن من الاختصاص بأموال مدينة لوفاء دينه إذا حصل ذلك في المواعيد المذكورة آنفاً لوفاء ديون استدانها المدين قبل تلك المواعيد". وهو ما يبين منه أن المشرع وقد ارتاب في أمر الرهن الذي يرتبه الدين خلال فترة الريبة ضماناً لدين سابق عليه، بما يميز هذا الدائن على الدائنين العاديين الآخرين فلا يخضع لقسمة الغرماء عند إجراء التوزيع، فقد نص بالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر، على بطلان هذا الرهن وجوباً لأن تقرير المفلس لهذا الضمان الخاص، خلال فترة الريبة، لأحد الدائنين دون أن يكون هذا الدائن قد اشترطه عند نشوء الدين، وإنما يكون من قبيل التبرع له بهذا الضمان وقد نص المشرع في الفقرة الأولى من ذات المادة على بطلان تبرعات المفلس، ولما كان سياق المادة وحكمة تشريعها تهدف إلى إبطال ما أراده المفلس من محاباة لدائن عادي على دائن آخر سواء أكان دينه داخل فترة الريبة أم خارجها، وكانت المادة 466 من قانون التجارة الفرنسي والذي أخذ عنها المشرع المصري نص المادة 227 سالفة الذكر، تنص على أن البطلان الوجوبي في هذه الحالة مقرر إذا كان الرهن قد تم ضماناً لديون سابقة Anterieurement contracteés دون أن يحدد النص تاريخاً لهذه الأسبقية، فإنه لا يجوز القول بأن عبارة "قبل تلك المواعيد" التي وردت في نهاية المادة 227 سالفة الذكر تفيد أن البطلان الوجوبي لا ينصرف إلا إلى الديون التي تكون قد نشأت قبل مواعيد التوقف عن الدفع، إذ أن المشرع في حقيقة الأمر لم يقصد بهذا التجاوز في التعبير تغيير ما هدف إليه، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر فإن النعي يصبح على غير أساس.

الطعن 31 لسنة 37 ق جلسة 24 / 6 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 135 ص 828

جلسة 24 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

----------------

(135)
الطعن رقم 31 لسنة 37 القضائية

(أ) بطلان. "بطلان الحكم".
القضاء بالمقاصة في أتعاب المحاماة رغم رفض الاستئنافين الأصلي والفرعي. لا يعد بطلاناً ذا أثر في الحكم.
(ب) استئناف. "الحكم في الاستئناف". حكم. "المصلحة في الطعن".
تعيب الحكم لقضائه برفض الاستئناف دون الحكم بعدم جوازه. لا يحقق سوى مصلحة نظرية للطاعن. عدم قبوله.
(ج) إثبات. "القرائن". محكمة الموضوع. نقض. "سلطة محكمة النقض". وصية.
قضاء محكمة الموضوع بأن التصرف ساتر لتصرف مضاف إلى ما بعد الموت، استناداً للقرائن المقبولة التي أوردتها. هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى. لا رقابة عليها لمحكمة النقض.
(د) تعويض. "تقدير التعويض". محكمة الموضوع.
تقدير التعويض هو مما تستقل به محكمة الموضوع. الكسب الفائت يعد من عناصر التعويض. شرطه.

---------------
1 - قبول الطعن في الحكم لوقوع بطلان في الإجراءات منوط بأن يكون هذا البطلان قد أثر في الحكم. والقضاء بالمقاصة في مقابل أتعاب المحاماة بعد رفض الاسئتنافين الأصلي والفرعي ليس دليلاً على وجود هذا الأثر.
2 - تعييب الطاعنين للحكم لقضائه برفض الاستئناف الفرعي، دون الحكم بعدم جوازه، غير مقبول لأن المصلحة في هذه الصورة مصلحة نظرية بحتة.
3 - استقر قضاء هذه المحكمة في ظل القانون المدني القديم على أن محكمة الموضوع إذ تحصل من ظروف الدعوى وملابساتها أن العقد الذي يفيد بصيغته البيع والشراء أو قبض الثمن وتسليم المبيع، هو عقد ساتر لتبرع مضاف إلى ما بعد الموت، وتذكر القرائن الدالة على ذلك وتعتمد على دلالتها، وتكون هذه الدلالة مقبولة عقلاً، لا تفيد إلا أنها حصلت فهم الواقع في الدعوى من دليل مقبول عقلاً، وإذ تقوم بوظيفتها هذه، فلا رقابة عليها لمحكمة النقض.
4 - تقدير التعويض هو مما يستقل به قاضي الموضوع، ما لم ينص القانون على وجوب اتباع معايير معينة في هذا الخصوص، وإنه وإن كان القانون لا يمنع من أن يحسب في الكسب الفائت باعتباره من عناصر التعويض، ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من كسب، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون للأمل أسباب مقبولة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيد محمود مصطفى درويش وأخرى أقاما الدعوى رقم 627 سنة 1961 مدني كلي القاهرة ضد وزارة العدل يطلبان الحكم بإلزامها بأن تدفع لهما مبلغ 2000 ج على سبيل التعويض، وقالا بياناً لذلك إنهما أقاما الطعن رقم 73 سنة 24 قضائية، وطلبا للسبب الوارد بالتقرير نقض الحكم الصادر ضدهما بتاريخ 17/ 1/ 1954 في الاستئناف رقم 651 سنة 69 قضائية وإحالة القضية على استئناف القاهرة للفصل فيها من جديد، ولما عرض الطعن على دائرة فحص
الطعون حكمت برفضه وبإلزامهما بمصروفاته وبمصادرة الكفالة وبمبلغ 20 ج مقابل أتعاب المحاماة استناداً إلى بطلان إعلان المطعون عليها زينب مصطفى درويش بتقرير الطعن، وذلك لإعلانها في مواجهة الإدارة دون أن يثبت المحضر في أصل الإعلان وصورته الخطوات السابقة على هذا الإجراء طبقاً لما توجبه المادة 12 من قانون المرافعات، وإذ ترتب على خطأ المحضر أن خسر الطاعنان الحصة التي كانت تطالب بها المطعون عليها والبالغ قدرها 4 و2/ 3 ط من 24 ط شائعة في العقار موضوع النزاع ومقابل الانتفاع بها، فضلاً عما تكبداه من مصروفات التقاضي وأتعاب المحاماة المحكوم بها عليهما في مختلف درجات التقاضي، وكان الكسب الذي فاتهما والخسارة التي لحقت بهما وتقدر بمبلغ 2000 ج تسأل عنه وزارة العدل مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه، فقد أقاما هذه الدعوى للمطالبة به، وطلبت الوزارة رفض الدعوى لانتفاء ركن الضرر وعدم احتمال كسب الطعن، وفي 22/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعيين مبلغ خمسين جنيهاً على سبيل التعويض، واستأنف المدعيان هذا الحكم بالاستئناف رقم 1315 سنة 82 ق طالبين تعديله والقضاء لهما بكامل المبلغ المدعى به، كما استأنفته المحكوم ضدها استئنافاً فرعياً بالمذكرة المقدمة خلال فترة حجز الدعوى للحكم طالبة رفض الاستئناف الأصلي وإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف الفرعي برقم 1306 سنة 82 قضائية وفي 24/ 11/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاسئتنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنان على طلب نقض الحكم، وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وصممت النيابة على رأيها الوارد بالمذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب بتحصل (أولها) في وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم وإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الوزارة المطعون عليها قدمت خلال فترة حجز الاستئناف الأصلي للحكم مذكرة بدفاعها ضمنتها استئنافاً فرعياً عن الحكم الابتدائي، ولما كان من غير الجائز رفع الاستئناف الفرعي في فترة حجز الدعوى للحكم حتى ولو كان مصرحاً للخصوم بتقديم مذكرات، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بقبول هذا الاستئناف شكلاً وبالرغم من رفعه على هذا النحو، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ولا يرد على ذلك بأن عدم قبول الاستئناف ورفضه سيان، ذلك أن قبول الاستئناف الفرعي وتعرض المحكمة للحجج والأسانيد التي أقيم عليها قد أثر حتماً في وجدان المحكمة وفي تكوين عقيدتها بدليل قضائها برفض الاستئنافين وإجراء المقاصة في أتعاب المحاماة، في حين أنها لو قضت بعدم قبول الاستئناف الفرعي لاقتصر دورها على بحث الاستئناف الأصلي وحده، وهو ما يتغير معه وجه الرأي في الدعوى، كما أن المحكمة إذ قبلت مذكرة المطعون عليه رغم ثبوت علم الطاعنين بها تكون قد أخلت بحقهما في الدفاع وبنت حكمها على إجراءات باطلة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان قبول الطعن في الحكم لوقوع بطلان في الإجراءات منوط بأن يكون هذا البطلان قد أثر في الحكم، وكان القضاء بالمقاصة في مقابل أتعاب المحاماة بعد رفض الاستئافين الأصلي والفرعي ليس دليلاً على وجود هذا الأثر، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون على غير أساس، أما تعييب الطاعنين للحكم لقضائه برفض الاستئناف الفرعي دون الحكم بعدم جوازه فهو غير مقبول لأن المصلحة في هذه الصورة مصلحة نظرية بحتة.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إنهما أقاما دفاعهما لدى محكمة الموضوع على أن احتمال كسب الطعن الذي قضى برفضه لبطلان الإعلان كان كبيراً، ذلك أن العقد موضوع النزاع صدر للطاعن الأول قبل العمل بالنص المستحدث الوارد بالمادة 917 من القانون المدني الجديد، وأنه كان يتعين أن يطبق المبدأ الذي استقرت عليه محكمة النقض وقتئذ من أن وضع يد المورث على العقار المبيع لأحد ورثته إلى حين وفاته ليس من شأنه وحده أن يؤدي إلى اعتبار التصرف غير منجز وأنه مضاف إلى ما بعد الموت، ولكن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ورفضت تعويضهما عن الضرر المقابل للكسب الذي فاتهما بسبب رفض الطعن بمقولة "إن احتمال كسب الطعن لم يكن كبيراً" وذلك دون أن توازن في حكمها بين الاحتمالات المختلفة حتى تبين مدى استيعابها لجوهر النزاع، ودون أن تبين الأسباب التي تبرر هذا الاعتقاد وتسوغه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الأوراق أن الحكم الاستئنافي رقم 658 سنة 69 قضائية قد أقام قضاءه باعتبار العقد الصادر من المورث لابنه الطاعن الأول ببيع العقار المتنازع عليه تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت على الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى، والتي تفيد أن المورث ظل محتفظاً بحيازة العين المبيعة وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته، وأن ثمناً لم يدفع لعدم وجود مال لدى المشتري، حيث كان لا زال طالباً عند التعاقد، وأن الطعن رقم 73 سنة 24 ق قد أقيم على سبب واحد هو مخالفة الحكم المذكور للقانون من وجهين. (أولهما) أن احتفاظ البائع بالعين المبيعة لأحد ورثته مدى حياته لا يدل على بذاته على أن العقد وصية (وثانيهما) أن عدم دفع الثمن لا يمنع من تنجيز العقد باعتباره هبه موصوفة في صورة بيع، ولما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر في ظل القانون المدني القديم على أن محكمة الموضوع إذ تحصل من ظروف الدعوى وملابساتها أن العقد الذي يفيد بصيغته البيع والشراء وقبض الثمن وتسليم المبيع هو عقد ساتر لتبرع مضاف إلى ما بعد الموت، وتذكر القرائن الدالة على ذلك وتعتمد على دلالتها وتكون هذه الدلالة مقبولة عقلاً، لا تفيد إلا أنها حصلت فهم الواقع في الدعوى من دليل مقبول عقلاً، وأنها إذ تقوم بوظيفتها هذه فلا رقابة عليها لمحكمة النقض، وكانت القرائن التي استند إليها الحكم الاستئنافي رقم 658 سنة 69 قضائية تكفي لحمل قضائه ولا مخالفة فيها لقضاء محكمة النقض وفي هذا الخصوص، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور لاكتفائه بالقول في الأسباب "أنه باستعراض أسباب الحكم الصادر في الاستئناف رقم 568 سنة 69 ق المرفوع من السيدة/ زينب مصطفى درويش والذي قضى فيه بتاريخ 17/ 1/ 1954 بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المستأنفة إلى حصة قدرها ثلثان من 24 قيراطاً شائعة في المنزل المبين الحدود والمعالم بهذا الحكم وباستعراض ما وجه إلى هذا الحكم من أسباب الطعن بالنقض المبينة بصحيفة إعلانه أن احتمال كسب الطعن كان ضعيفاً" يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون، ذلك أنه اكتفى بتعويض الطاعنين عن الخسارة التي لحقتهما والتفت عن الكسب الذي فاتهما وقدر في هذا المجال تعويضهما عما تكبداه من مصاريف الطعن بالنقض وأتعاب المحاماة بملغ خمسين جنيهاً، في حين أن المستندات المقدمة منهما تثبت أنهما تكبدا مصاريف وأتعاباً أكثر من هذا المبلغ، وإذ كانت هذه المستندات ليست محل طعن أو تجريح من المطعون عليها، وكانت المبالغ الثابتة بها محددة طبقاً لقوانين الرسوم واللوائح وما جرى به العرف، فإنه لا يكون للمحكمة أن تلجاً إلى تقديرها تقديراً جزافياً، وإلا فإن حكمها يكون غير قائم على أساس قانوني، هذا إلى أن المحكمة بعد أن فرقت في حكمها بين الضرر الاحتمالي المحض وبين تفويت الفرصة، فإنها لم تقدر عن تفويت الفرصة أي مقابل في حين أن تفويتها في حد ذاته يعتبر ضرراً محققاً يجب التعويض عنه عند قيام موجبه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك تقدير التعويض هو مما يستقل به قاضي الموضوع ما لم ينص القانون على وجوب اتباع معايير معينة في هذا الخصوص وأنه وإن كان القانون لا يمنع من أن يحسب في الكسب الفائت، باعتباره من عناصر التعويض ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من كسب، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون للأمل أسباب مقبولة. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أوضح القواعد الصحيحة في شأن تفويت الفرصة قد رأي للأسباب السائغة التي أوردها أن احتمال كسب الطعن رقم 73 سنة 24 ق كان ضعيفاً، وقدر تعويضاً إجمالياً قدره خمسون جنيهاً عن جميع عناصر الضرر فإن النعي عليه بالخطأ في القانون يكون على غير أساس، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 45 لسنة 29 ق جلسة 26 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 أحوال شخصية ق 129 ص 913

جلسة 26 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.

--------------

(129)
الطعن رقم 45 لسنة 29 ق "أحوال شخصية"

(أ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالأجانب". "النظام المالي بين الزوجين". "قواعد الإسناد".
المنازعات المتعلقة بالنظام المالي بين الزوجين من مسائل الأحوال الشخصية. خضوع القواعد المتصلة بهذا النظام والخاصة بتقرير حقوق للزوجين ومدى هذه الحقوق وماهيتها والمواعيد الخاصة ببقائها أو سقوطها لقواعد الإسناد الواردة بالمادة 13 مدني.
(ب، ج) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالأجانب" "النظام المالي بين الزوجين" "نظام المشاركة في الأموال".
ملكية الزوج لإيرادات وثمار الأموال الزوجية في حالة اتخاذ الأموال. م 195 مدني سويسري.
حق الزوجة في الربح حق شخصي.
(د) حكم. "حجية الحكم الأجنبي".
حجية الحكم الأجنبي أمام المحاكم المصرية ولو لم يكن قد أعطى الصيغة التنفيذية ما دام قد صدر نهائياً ومن جهة ذات ولاية بإصدار وليس فيه مخالفة للنظام العام في مصر.

----------------
1 - المنازعات المتعلقة بالنظام المالي بين الزوجين هي من مسائل الأحوال الشخصية ومن ثم فكل ما اتصل بهذا النظام من قواعد خاصة بتقرير حقوق للزوجين ومدى هذه الحقوق وماهيتها والمواعيد الخاصة ببقائها أو سقوطها يخضع لقواعد الإسناد الواردة بالمادة 13 من القانون المدني. وما تثيره الزوجة من نزاع حول العقد الذي اختار بموجبه الزوجان نظام فصل الأموال من حيث وجود الرضا أو انعدامه وتقادم دعوى الإبطال أو عدم تقادمها لا يخرج المنازعة عن نطاق النظام المالي الذي يخضع له الزوجان باعتبارها من صميم مسائل الأحوال الشخصية.
2 - ما نصت عليه المادة 195 من القانون المدني السويسري من أن الزوج هو المالك لكل أموال الزوجية التي لا تكون حصصا للزوجة وأن إيرادات الزوجة ابتداء من تاريخ استحقاقها والثمار الطبيعية لحصصها بعد انفصالها تصبح ملكاً للزوج يدل على أن الزوج هو المالك لإيرادات وثمار جميع الأموال الزوجية.
3 - الاستناد إلى المادة 214 من القانون المدني السويسري لا يحول دون اعتبار حق الزوجة في الربح - في حالة اتحاد أموال الزوجين - حقاً شخصياً.
4 - متى كان الحكم الأجنبي بشأن حالة الأشخاص قد صدر بصفة نهائية ومن جهة ذات ولاية بإصداره وليس فيه مخالفة للنظام العام في مصر فإنه يجوز الأخذ به أمام المحاكم المصرية ولو لم يكن قد أعطى الصيغة التنفيذية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1351 سنة 73 ق لدى محكمة مصر المختلطة بعريضة أعلنت إلى المرحوم أشيل جروبي مورث المطعون عليهم وإلى آخرين بتاريخ 9 و10 مارس سنة 1948 طلبت فيها الحكم بتثبيت ملكيتها إلى حصة مقدارها الثلث في مؤسسة جروبي الكائنة بالقاهرة مع ما يتبعها من منشآت وغيرها وقسمة جميع هذه الأموال تعيين خبير أو أكثر لتصفيتها وتسليمها حصتها وبعد إلغاء المحاكم المختلطة أحيلت إلى محكمة القاهرة الوطنية وقيدت بجدولها برقم 4339 سنة 1949 كلي مصر وفي أثناء نظر الدعوى توفي المرحوم أشيل جروبي في 25 نوفمبر سنة 1949 وحل محله ورثته وتداولت الدعوى بالجلسات حيث أضافت الطاعنة طلباً أخر وهو إلزام الورثة بأن يدفعوا لها مبلغ 300 جنيه نفقة شهرية مؤقتة حتى ينتهي النزاع وأمر البنوك المبينة في العريضة بأن يسلموها ثلث ما هو مودع لديهم باسم مؤسسة جروبي وقالت الطاعنة شرحاً لدعواها إن المرحوم أشيل جروبي كان يعاون والده في إدارة مؤسسة جروبي وابتداء من 16 أغسطس سنة 1917 خصص له الوالد حصة قدرها 40% من الأرباح وفي 19 يوليو سنة 1920 تم زواج الطاعنة منة بمدينة روفينو بسويسرا دون اتفاق على تعيين نظام خاص في شأن أموال كل من الزوجين ومن شأن ذلك أن يخضع الزوجان لما يسمى بنظام اتحاد الأموال طبقاً لأحكام القانون السويسري وفي 12 أكتوبر سنة 1926 حرر الزوجان عقداً اختياراً بموجبه نظام فصل الأموال قررت الزوجة بمقتضاه أنها لم تقدم حصة عند الزواج وبذلك تكون جميع الأموال ملكاً للزوج دون أن يكون للزوجة أن تطالب بحق من الحقوق وصدق مجلس الوصاية على هذا التغيير في 8 أكتوبر سنة 1926 إلا أنها علمت بعد ذلك أن والد زوجها قد باع له مؤسسة جروبي في أول يوليو سنة 1926 بطريق المقاصة بين رصيده سنة 1926 وقيمة الثمن المتفق عليه وانتهت بذلك إلى أحقيتها في ثلث هذه المؤسسة على أساس أن هذا الشراء قد حدث بحصيلة نظام الاتحاد المالي الذي ظل قائماً منذ قيام الزواج سنة 1920 إلى ما بعد أول يوليو سنة 1926 تاريخ إتمام عقد الشراء وما كان تغيير النظام المالي في 12 أكتوبر سنة 1926 إلا لإسقاط حقها في هذه الأموال وكان توقيعها لهذا الاتفاق ضحية غلط وتدليس وإكراه ودفع الزوج الدعوى بأن الطاعنة لم تقدم في ظل اتحاد الأموال بصفتها زوجة أية حصة أو مال من شأنه أن يجعلها شريكة في تلك الأموال وأنه أقام ضد الطاعنة دعوى طلاق أمام القضاء السويسري صدر فيها الحكم من محكمة لوجانو في 6 أكتوبر سنة 1939 بالطلاق بناء على زنا الزوجة وأثبتت المحكمة في حكمها عدم وجود علاقات مالية بين الزوجين تتطلب التصفية فيما يتعلق بنظام الأموال بين الزوجين وقد قضت محكمة أول درجة بجلسة 29 مايو سنة 1950 برفضها فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بالاستئناف رقم 427 سنة 67 ق استئناف القاهرة وقضت محكمة الاستئناف في 8 أكتوبر سنة 1951 بإلغاء الحكم المستأنف لبطلانه بناء على عدم تدخل النيابة العامة في الدعوى ولم تفصل المحكمة في موضوع الدعوى فقرر المطعون عليهم بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقيد الطعن برقم 423 سنة 21 قضائية وقضى فيه بجلسة 26 مارس سنة 1953 بنقض الحكم وأحالت القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها وبجلسة 26 يونيو سنة 1955 قضت محكمة الاستئناف برفض دعوى الطاعنة فطعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 12 سنة 25 وقضت المحكمة فيه بجلسة 15 يناير سنة 1956 بنقض الحكم لعدم بيان رأي النيابة العامة وبعد تعجيل الدعوى أمام محكمة الاستئناف قضت في 25 نوفمبر سنة 1959 برفضها وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض في 26 ديسمبر سنة 1959 وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 10 إبريل سنة 1962 إحالته على هذه الدائرة حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم رفضه وصممت النيابة على طلب رفض الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون كما أخطأ في الإسناد حينما قال إن المادة 31 من قانون الالتزامات السويسري هي الواجبة التطبيق إعمالاً لحكم المادة 13 من القانون المدني المصري للفصل في الدفع المقدم من المطعون عليهم بسقوط حق الطاعنة في الطعن بالتدليس على الإقرار المؤرخ في 12 أكتوبر سنة 1926 بمضي سنة ذلك أن تطبيق المادة 13 المذكورة إنما يكون بالنسبة إلى نظام الأموال بين الزوجين فحسب الذي يخضع لحكم المادة 214 من القانون المدني السويسري ومتى انتهى مفعول الآثار القانونية للزواج وتحدد لكل زوج حصة في أموال زوجة الآخر فإن كل تصرف يصدر من أحد الزوجين إنما يحكمه قانون الالتزامات السويسري لا قانون الأحوال الشخصية مما كان يتعين معه تطبيق المادتين 18 و19 من القانون المدني المصري إذ أن الإقرار يتعلق بمنقول وعقار موجودين بمصر "مؤسسة جروبي" حيث يوجد موطن المتعاقدين وحق الطاعنة في ثلث الأموال هو حق عيني والدفع بالسقوط تطبيقاً للمادة 31 من قانون الالتزامات السويسري دفع موضوعي لا يجوز التمسك به في مصر والقانون المصري هو الواجب التطبيق لأن مصر هي الموطن المشترك لطرفي النزاع.
ومن حيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الشأن على أنه في خصوص القانون الواجب التطبيق على واقعة الدعوى فنص المادة 13 من القانون المدني صريح في أنه "يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج بما في ذلك من أثر بالنسبة إلى المال" ونظام الأموال بين الزوجين هو نظام لا تعرفه الشريعة الإسلامية ولا الطوائف غير الإسلامية في مصر وقد حذا فيه المشرع حذو التشريعات الحديثة.. ولا يسوغ في هذا المقام الاحتجاج بنص الفقرة الثانية من المادة 19 مدني التي تقضي بسريان قانون موقع العقار على العقود التي أبرمت في شأن هذا العقار كما ذهبت المستأنفة إلى ذلك خطأ في مذكرتها الأخيرة ولا ريب أن القانون المصري ما كان ليعطيها الحق في تملك حصة الثلث في منشآت جروبي ولكنها أحكام القانون السويسري وهو قانون الزوج التي تعطي للزوجة في نظام اتحاد الأموال ثلث الربح أو صافي الإيراد المشترك ولا يجوز للزوجة أن تقر تطبيق أحكام القانون المدني السويسري في المادة 214 منه وترفض تطبيق حكم المادة 31 من قانون الالتزامات السويسري فكلاهما قانون الزوج واجب التطبيق وإن نص أولهما على منح الزوجة حصة الثلث في صافي الريع ونص ثانيهما على سقوط حقها في الطعن على ما يشوب الورقة من غش وتدليس وإكراه بمضي سنة على علمها بالغش والتدليس أو على زوال الإكراه وما دام النزاع لا يتعدى دائرة نظام الأموال بين الزوجين من تاريخ نشوئه إلى تصفيته فمن المتعين إعمال نص المادة 13 من القانون المدني وتطبيق أحكام القانون السويسري برمته طالما أن قاعدة الإسناد قد أشارت إلى وجوب تطبيق هذا القانون فلا يقتصر الأمر على تطبيق شطر منها تستفيد منه الزوجة ونبذ شطر آخر لا ترى لها صالحاً في تطبيقه" وهذا الذي أورده الحكم لا مخالفة فيه للقانون. ذلك أن المنازعات المتعلقة بالنظام المالي بين الزوجين هي وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة من مسائل الأحوال الشخصية ومن ثم فيكون كل ما اتصل بهذا النظام من قواعد خاصة بتقرير حقوق الزوجين ومدى هذه الحقوق وماهيتها والمواعيد الخاصة ببقائها أو سقوطها يخضع لقاعدة الإسناد الواردة بالمادة 13 من القانون المدني المصري ويكون ما تثيره الطاعنة حول العقد المؤرخ 12 أكتوبر سنة 1926 من حيث وجود الرضا أو انعدامه أو تقادم دعوى الإبطال في هذا الخصوص أو عدم تقادمها لا يخرج المنازعة عن نطاق النظام المالي الذي يخضع له الزوجان باعتبارها من صميم مسائل الأحوال الشخصية لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن السبب الثاني من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون عندما قضى بأن حق الزوجة في نظام الاشتراك في الأموال هو حق شخص وليس حقاً عينياً ذلك أن المادة 214 من القانون المدني السويسري تفيد أن حق الزوجة إنما هو حق عيني إذ تنص على أن الربح بعد استرداد الحصص يكون ملكاً بحق الثلث للزوجة أو لورثتها وما يزيد عن ذلك يكون للزوج أو لورثته والرأي مستقر على أن للزوجة ثلث الربح نظراً لمعاونتها في الزوجية ولو لم تكن لها حصة عند الزواج.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد "أن الخلاف بين طرفي الدعوى حول طبيعة حق الزوجة في الربح وهل هو حق عيني كما تقول المستأنفة أم أنه مجرد حق شخصي كما يقول المستأنف عليهم هو خلاف لا يحتمل هذا الجدل الطويل إزاء صراحة نص المادة 195 من القانون المدني السويسري وهي تقضي أنه فيما عدا الحصص المملوكة للزوجة وقت الزواج والأموال التي تحتفظ بها وما تستحقه أثناء الزواج بالميراث أو الهبة - ما عدا ذلك فإنه يعتبر ملكاً للزوج بما في ذلك إيرادات الزوجة والثمار الطبيعية التي تغلها حصصها ومن ثم كان من المتعذر القول بعينية حق الزوجة على صافي الربح مع قيام نص صريح يمنح الزوج ملكية مطلقة على هذا الربح وتكون النظرية العكسية أكثر مطابقة للنصوص ولروح التشريع التي تعطى للزوج حقوقاً كاملة في الإدارة والانتفاع بكافة أموال الزوجية ما دام الزوجان خاضعين لنظام اتحاد الأموال ولم يختارا نظاماً آخر بموجب عقد الزواج... ولهذا فقد انعقد إجماع الرأي فقهاً وقضاء في سويسرا على أن حق الزوجة ينحصر دائماً وبغير استثناء في حق شخصي بدين قبل مالك الربح وهو الزوج أو ورثته وهو حق لا ينشأ إلا عند حل إتحاد الأموال بمعنى أنه لا يجوز للزوجة المطالبة به أثناء قيام النظام المذكور... ومن ثم كان كافياً لعدم إهدار نص المادة 214 ما انتهت إليه آراء الشراح والمحاكم في سويسرا من منح الزوجة ملكية شخصية على حصة الثلث في صافي الربح وذلك حتى لا يتعارض النص مع حكم المادة 195 سالفة الذكر، راجع الفتويين الصادرين من الأستاذين بتوفول وبدريني المقدمتين من المستأنف عليهم والمراجع القانونية المشار إليها فيهما - وترتيباً على هذا الرأي يكون للزوجة باعتبارها مالكة لحق شخصي بدين أن تتنازل عن حقها وأن تبرئ ذمة الزوج منه بمجرد إيجاب وقبول بين الطرفين دون حاجة لاتخاذ أي إجراء آخر وذلك أسوة بما يجري عليه العمل في شأن التنازل عن كافة الحقوق الشخصية الأخرى" وهذا الذي أورده الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن المادة 195 من القانون المدني السويسري إذ نصت على أن الزوج هو المالك لكل الأموال الزوجية التي لا تكون حصصاً للزوجة وأن إيرادات الزوجة ابتداء من تاريخ استحقاقها والثمار الطبيعية لحصصها بعد انفصالها تصبح ملكاً للزوج فقد دلت بوضوح على أن الزوج هو المالك لإيرادات وثمار جميع الأموال الزوجية وأما الاستناد إلى المادة 214 من القانون المذكور فلا يحول دون اعتبار حق الزوجة في الريح حقاً شخصياً وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن السبب الثالث من أسباب النعي يتضمن ستة أوجه يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ قال بعدم جواز اجتماع الغش والتدليس والإكراه في الإقرار الذي حررته الطاعنة في 12 أكتوبر سنة 1926 إذ أنه يجوز اجتماع هذه العيوب جميعها في الواقع وفي القانون بخلاف ما قضى به الحكم المطعون فيه كما أن هناك غلطاً جوهرياً وقعت فيه الطاعنة في ذاتية الشيء أي أنها قررت عدم أحقيتها لما لا وجود له أصلاً إذ كانت تظن أنها لن تتنازل عن شيء لأنها لم تأت بشيء عند الزواج وما كانت تعلم أن هناك ربحاً وأن لها حصة في هذا الربح فوقعت إرادتها على شيء لا وجود له في نظرها وانصرفت إلى حق هي تجهله وهذا الغلط يفسد رضاها ويتحصل الوجه الثاني في أن الإقرار المؤرخ 12 أكتوبر سنة 1926 يحمل بين طياته الغش والتدليس إذ ذكر فيه أن الزوجة لم تأت بحصة عند الزواج ولذلك تكون جميع الأموال ملكاً للزوج دون أن يكون للزوجة أن تطالبه بحق من الحقوق وهذه الصيغة تتضمن الغش لأمرين: أولهما - أن الزوج أوهم زوجته الطاعنة وهي يونانية أجنبية عن القانون السويسري ومقيمة في مصر أنها طالما لم تقدم شيئاً عند الزواج فلا حق لها في شيء. وثانيهما - أن الزوج أوهم الطاعنة أن الزوجية لم تسفر عن أي حق مالي لها ويتحصل الوجه الثالث من هذا السبب في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون حينما نفى وجود الغش والتدليس والإكراه استناداً إلى المذكرة المقدمة في دعوى النفقة الابتدائية رقم 2158 سنة 64 ق مصر مختلط فقرأ منها ما قرأه دون أن تترجم ودون أن تذكر الفقرات التي استند إليها حتى تعمل محكمة النقض رقابتها على ما استخلصه من هذه المذكرة وأن هذا الذي استخلصه الحكم من مذكرة الطاعنة يخالف الثابت فيها ويتحصل الوجه الرابع في أن الحكم المطعون فيه قد شابه فساد في الاستدلال إذ خلط بين الباعث الذي أوهم به أشيل جروبي زوجته الطاعنة وحملها على التوقيع على الإقرار وبين الحقيقة الكامنة في هذا الإقرار التي لم تفهمها ولم تقصدها قط وأن ما ورد في مذكرة الطاعنة سالفة الذكر من نية إبراء ذمة الزوج إنما هو قاصر على ما يكون للزوجة من حقوق تركة زوجها مستقبلاً ومشروط بوفاة الزوجة قبل الزوج ويتحصل الوجه الخامس في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تحصيله وفهمه لما جاء على لسان محامي الطاعنة في المذكرة المقدمة منها في دعوى النفقة وذلك حينما قضى بسقوط حق الطاعنة في التمسك بعيوب الرضا لمضى أكثر من سنة على اكتشافها للغش في عريضة الطلاق ويتحصل الوجه السادس في أن الحكم المطعون فيه قد شابه فساد في الاستدلال حينما قال إن اتفاق 12 أكتوبر سنة 1926 قد نص صراحة على أن الزوجة لم تأت بمال في أموال الزوجية وعلى ذلك تكون جميع الأموال مملوكة للزوج ملكاً مطلقاً وليس للزوجة المطالبة بأي حق منه فيما يتعلق بالنظام المالي للزواج مع أن هذا لا يقصد به إلا سريانه في المستقبل دون الماضي والاتفاق كان مقصوراً على الحقوق الميراثية ومشروطاً بوفاة الطاعنة قبل زوجها وقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ اعتبر سكوتها عن التحدث عن حقها في الأموال الزوجية عندما رفعت دعوى النفقة مع أنها كانت تجهل الواقع بشأن شراء الزوج محل جروبي بمال الزوجة.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته ذلك أن الحكم المطعون فيه قد قرر أنه "من غير الجائز أن تجتمع عيوب الرضا الثلاثة سالفة الذكر في ورقة واحدة فالإكراه يعني أن الزوجة كانت عالمة بكافة محتويات الورقة والآثار القانونية المترتبة عليها ولكنها وقعتها تحت ظروف من التهديد والخوف أما الغش والتدليس فقد يتحقق وجودهما إذا حصل التوقيع دون إلمام من الزوجة بحقيقة محتويات الورقة بأن يوهمها الزوج والموثق كما تدعي أن الورقة لا تعني تنازلاً منها عن حقوقها السابقة التي استحقتها بمقتضى نظام اتحاد المال وحيث إنه يبين مما رددته المستأنفة في مذكرتها المقدمة في دعوى النفقة الابتدائية رقم 2158 سنة 64 قضائية محكمة مصر المختلطة من أنها أسلمت قيادها للزوج ووقعت على ورقة 12 أكتوبر سنة 1926 لمجرد تحصين زوجها أشيل جروبي في حالة وفاتها ضد أي نزاع قد يثيره زوجها السابق الدكتور أرشيد دي فلانوس باعتباره وصياً شرعياً على ابنتها "فكتوار" وأنها اكتشفت أخيراً أثناء دعوى الطلاق بعد 12 سنة من التوقيع أن الورقة كانت بعيدة عن هدفها الأصلي وأن الزوج قد اغتصب إمضاءها بدون ضمير باشتراكه مع الموثق وأن الاتفاق كان مبنياً على الغش والخطأ والإكراه - يبين من هذه الأقوال الصريحة انتفاء الإكراه المدعى به لأن التوقيع برضاء كامل منها ويجب إذا وجوب التطرق إلى بحث توافر العيوب الأخرى وهي الغش والتدليس وحيث إن الهدف الأصلي من تحرير الورقة طبقاً لما أوردته الزوجة في مذكرتها سالفة الذكر إنما كان لحماية الزوج الثاني أشيل جروبي من خصومات قد يتعرض لها من الزوج السابق بصفته وصياً على ابنة المستأنفة ومفهوم ذلك أن الزوجين الموقعين على وثيقة 12 أكتوبر سنة 1926 قد انتهيا إلى اتفاق على إبراء ذمة الزوج من كافة الحقوق التي قد تكون لزوجته نتيجة لنظام الاتحاد السابق وأنهما عدلا إلى نظام انفصال الأموال حتى يقطعا على الزوج الأول كل طريق لمخاصمة أشيل جروبي عند وفاة الزوجة ولا يعقل أن تكون الورقة محررة لحماية الزوج الثاني مما يستحق في ذمته مستقبلاً لأن أحكام نظام انفصال الأموال كفيلة وحدها بالوصول إلى هذا الهدف كما أنه من غير المعقول أن يقصد الطرفان إلى النص على النظام المالي الجديد لهما مع افتراض وجود حق سابق للزوجة نتيجة اتحاد الأموال السابق ويغفلان في نفس الوقت عن النص على إبراء ذمة الزوج من حقوق الزوجية السابقة متى كان الهدف واضحاً بإقرارها وهو أن تكون الورقة حائلاً دون تعرض الزوج أشيل جروبي لأية هجمات من الزوج السابق وأن تكون في نصوصها الحماية الكافية للزوج الثاني مما يتعرض له نتيجة لهذه الهجمات، وحيث إن المحكمة تخلص من هذه الظروف إلى أن الإدعاء بوقوع غش أو تدليس يفسدان الرضا هو ادعاء غير صحيح يؤيد ذلك أن الزوجة عند إعلانها بعريضة الطلاق التي تضمنت طلب الحكم بالفصل وبعدم وجود أموال بين الزوجين للتصفية لم تبد أي اعتراض على هذا الطلب الأخير كما أنها عندما رفعت دعوى النفقة بعريضتها المؤرخة 14 من يناير سنة 1939 لم تتحدث فيها بشيء عن وجود حصص أو أرباح لها في ذمة المدعى عليه وأتت في الصحيفة المذكورة على ذكر الأموال العقارية والمنقولة والسائلة المملوكة للزوج دون أقل إشارة إلى أنها تستحق شيئاً وبنت طلب النفقة على أنها ما زالت تحمل اسم الزوج رغم قيام دعوى الطلاق وفي أثناء سير قضية النفقة عن للدفاع أن يتطرق إلى ادعاء حصول الغش والإكراه والتدليس في ورقة 12 من أكتوبر سنة 1926 فدون ذلك في مذكرة 5 مايو سنة 1940 ولا تلفت المحكمة إلى مثل هذا الادعاء المتأخر الذي تنهض جميع قرائن الدعوى حجة على فساده وعدم صحته" وهذا الذي أورده الحكم فهم للواقع قد بني على استدلال سائغ لا معقب لهذه المحكمة عليه أما ما تثيره الطاعنة من وقوعها في غلط جوهري أفسد رضاءها فإنها لم تقدم ما يدل على أنه تمسكت به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز لها إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة لما كان ذلك، وكان ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه تأسيساً على المذكرة المقدمة في دعوى النفقة رقم 2158 سنة 64 ق مصر مختلط عارياً من الدليل لعدم تقديم صورة رسمية من هذه المذكرة أمام هذه المحكمة فإن هذا النعي برمته يكون على غير أساس مما يتعين معه رفضه.
وحيث إن السبب الرابع من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون وخالفه كما أخطأ في الإسناد والاستدلال عندما قضى بأن حكم الطلاق الصادر من محكمة لوجانو في 6 أكتوبر سنة 1939 حاز قوة الشيء المقضي به فيما أثبته من عدم وجود علاقات مالية بين الزوجين تتطلب التصفية ذلك أن الحكم الصادر من محكمة أجنبية لا يحوز حجية في مصر ويجب لتنفيذه الالتجاء إلى الإجراءات التي أوردها قانون المرافعات في المواد من 491 إلى 497 منه وأن حكم لوجانو عندما أثبت عدم وجود علاقات مالية للتصفية لا يعتبر قضاء وإنما هو مجرد توثيق لإقرار الطرفين كما أخطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى بأن الحكم المختلط قد بحث أثر الحكم الصادر من محكمة لوجانو مع أن الحكم المختلط كان محدداً بطلب النفقة فقط فلا يؤثر على الدعوى الحالية.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر في هذا الشأن أن النزاع حول حجية الحكم السابق قد سبق طرحه أمام محكمة الاستئناف المختلطة عند نظرها في طلب النفقة وقد بحثت المحكمة في أسباب مطولة مدى أثر الحكم الصادر من محكمة لوجانو في 6 أكتوبر سنة 1939 وانتهت من بحثها إلى وجوب اعتباره حجة بين طرفيه وذلك رغم عدم الالتجاء إلى الإجراءات التي كان ينص عليها القانون المختلط في ذلك الوقت لتنفيذ الأحكام الأجنبية...... وانتهت بعد بحث اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم بناء على أحكام القانون السويسري وعدم مخالفته للنظام العام في مصر إلى وجوب احترامه واعتباره أساساً لحكمها الذي أصدرته في 19 من مارس سنة 1942 برفض طلب النفقة
(تراجع دعوى الاستئناف المنضمة رقم 200 سنة 66 قضائية) وحيث إنه متى كانت محكمة مصرية في حدود سلطاتها الممنوحة لها في القضاء بين الأجانب قد أصدرت حكماً نهائياً في نزاع معين أخذت فيه بحجية حكم محكمة لوجانو فلم يعد البحث الأصيل في الدعوى موجهاً إلى وجوب اتخاذ الإجراءات التي نص عليها قانون المرافعات في شأن تنفيذ الأحكام الأجنبية من عدمه وإنما إلى حجية الحكم الصادر من محكمة الاستئناف المختلطة على النزاع الحالي وهل يجوز لهذه المحكمة أن تعدل عن حكم نهائي سابق أصدرته محكمة مصرية في حدود سلطاتها القانونية أم لا؟ وحيث إن القاعدة التي جرى عليها العمل قبل إلغاء المحاكم المختلطة كانت تقوم على وجوب احترام أحكام المحاكم المذكورة أمام القضاء الوطني ما دامت هناك مصلحة مشروعة لأجنبي ولو كانت الخصومة بين وطنيين... وأن الأحكام السابق صدورها من المحاكم المختلطة إذا كانت قد أصبحت نهائية قبل 15 أكتوبر سنة 1949 فلا مجال للطعن فيها طبقاً لما كان متبعاً إلا إذا كانت المحكمة المختلطة قد خرجت على اختصاصها بأن قضت في دعوى بين وطنيين لأن المحاكم المختلطة كانت محاكم استثنائية لم يكن يسوغ لها أن تتعدى اختصاصها وحيث إن الحكم الصادر نهائياً من محكمة الاستئناف المختلطة قد صدر بين أجنبيين في حدود اختصاص المحكمة فلا محل للطعن عليه من هذه الناحية ووجب اعتباره بأسبابه المرتبطة بالمنطوق حجة بين الطرفين وأبرز هذه الأسباب أخذ المحكمة المختلطة بحكم محكمة لوجانو - ولما كان نظام الأموال مرتبطاً بنظام الزواج لدى الأجانب... وكان من غير المستساغ قانوناً تجزئة الحكم الصادر من محكمة لوجانو واعتباره في شطر منه حجة بين طرفيه وفي شطر آخر مما لا يجوز الاحتجاج به رغم أن النزاع برمته يعتبر مرتبطاً بنظام الزواج وآثاره ويدخل في صميم اختصاص القاضي الذي أصدر الحكم وذلك بمقتضى القانون السويسري... فإن الحكم يجب اعتباره حائزاً لقوة الشيء المقضي به بالنسبة للنزاع القائم الخاص بتصفية أموال الزوجة تحت نظام الاتحاد المالي السابق ويكون الدفع بعدم جواز نظر الدعوى قائماً على أساس سليم" وهذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه صحيح في القانون ذلك أنه وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة متى كان الحكم الصادر من محكمة أجنبية بشأن حالة الأشخاص بصفة نهائية ومن جهة ذات ولاية بإصداره حسب قانونها وبحسب قواعد الاختصاص في القانون الدولي الخاص وليس فيه ما يخالف النظام العام في مصر فإنه يجوز الأخذ به أمام المحاكم المصرية ولو لم يكن قد أعطى الصيغة التنفيذية، وقد تأيدت هذه الحجية بحكم الاستئناف المختلط في حدود اختصاصها ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن السبب الخامس من أسباب النعي يتحصل في أن الطاعنة كانت قد طلبت من محكمة الاستئناف ترجمة الأوراق المقدمة من الخصوم ولكن المحكمة لم توجب الطاعنة إلى ذلك تأسيساً على أن الأوراق التي رأت المحكمة وجوب ترجمتها لضرورة الاستناد إليها في حكمها قد ترجمت فعلاً فيما عدا نصوص القانون الفرنسي والمذكرة المرفقة بدعوى النفقة ولم يختلف الطرفان على تفسيرها أو تفهم معناها الصحيح وهذا الذي قرره الحكم مخالف للقانون لأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية ولا يجوز الاستناد إلى مستند أو جزء منه محرر بغير هذه اللغة وليس للمحكمة أن تنفرد برأيها فيما ترى ترجمته من الأوراق لما في ذلك من إهدار لحق الدفاع وكان على الحكم المطعون فيه أن يعين الأوراق التي رأى الاكتفاء بترجمتها حتى يمكن للخصوم ولمحكمة النقض الرجوع إليها والتأكد من وجود الترجمة حقيقة وأنه غير صحيح ما يقوله الحكم من أن الخصوم توافقوا على الترجمة بدليل ما جاء في مذكرة الطاعنة إذ بنت فيها ما تأخذه على فهم المحكمة الخاطئ للمذكرة الفرنسية المودعة وأن الحكم المطعون فيه قد اعتد بالمذكرة المقدمة في دعوى النفقة من علم الطاعنة بعيوب الإقرار المحرر في 12 أكتوبر سنة 1926 وبسقوط حقها في الطعن عليه بعد مضي سنة على هذا العلم.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه "وحيث إنه لا يعطل من سير الدعوى ما تدعيه المستأنفة من عدم ترجمة أوراقها فالأوراق التي رأت المحكمة وجوب ترجمتها للاستناد إليها في حكمها قد ترجمت فعلاً فيما عدا نصوص القانون السويسري والمذكرة المرفقة بدعوى النفقة ولم يختلف الطرفان على تفسيرها أو تفهم معناها الصحيح" وفي هذا ما يكفي للرد على طلب ترجمة الأوراق ولم تبين الطاعنة الأوراق التي تمسكت بترجمتها ولم تأمر المحكمة بها وما تريد الاحتجاج به من هذه المستندات وقد أشار الحكم المطعون فيه إلى كل ورقة استند إليها في قضائه كما لم تقدم الطاعنة صوراً رسمية من محاضر الجلسات اللاحقة على الجلسة التي أخذت فيها على المحكمة ما تدعيه من فهمها الخاطئ للمذكرة الفرنسية المودعة حتى يمكن تعييب الحكم فيما قرره من اتفاق الطرفين على تفسيرها لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تقدم أيضاً صورة رسمية من هذه المذكرة لإثبات ما تدعيه فإن هذا النعي يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن السبب السادس من أسباب النعي يتحصل في أن الطاعنة كانت قد دفعت أمام محكمة الاستئناف بانعدام صفة المستأنف عليهم وطلبت تقديم إشهاد بالوراثة عن جاك جروبي وجورجيت جروبي والدي أشيل جروبي بعد وفاته لأن الخصومة كانت قد انقطعت وعجلت دون تقديم ما يدل على صفة من عجلها ومن مصلحة الطاعنة اختصام جميع الورثة إذ من الجائز أن يعترف أحدهم لها بحقها.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر أنه يفرض صحة وجود غير وارث بين المستأنف عليهم فهذا لا يضير المستأنفة في شيء متى صح وجود وارث حقيقي اشترك مع الباقين في تعجيل الاستئناف ولا شأن للمستأنفة بما قد يثار بين المستأنف عليهم من نزاع حول الإرث أو مقداره وهذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه لا مخالفة فيه للقانون إذ لم تنازع الطاعنة في صفة الوراثة بالنسبة لجميع الخصوم في الاستئناف وأما ما تثيره الطاعنة من احتمال تسليم من لم يمثل من الورثة في الدعوى بحقها فلا يؤثر على حق باقي الورثة في نزاعهم معها ومن ثم يكون هذا النعي في غير محله ويتعين الرفض.
وحيث إن السبب السابع من أسباب الطعن يتحصل في أن الطاعنة كانت قد طلبت ضم ملف القضية رقم 454 سنة 1952 مستعجل مصر لتتبين المحكمة أن دفاتر محلات جروبي التي طلبت فحصها بمعرفة الخبير موجودة فعلاً وليست كما يدعي المطعون عليهم - قد أحرقت في حريق القاهرة سنة 1952 وليتبين الخبير منها أن هناك ربحاً قد تحقق للزوجة والمحكمة إذ التفتت عن هذا الطلب تكون قد أهدرت حق دفاع الطاعنة.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه رد في أسبابه على طلب ندب الخبير بأسباب سائغة وقال إن حصة الزوج في أرباح المنشأة كانت في مجموعها عند التوقيع على عقد انفصال الأموال أقل منها في تاريخ الزواج وأن الأمر من الوضوح بحيث لا يستدعي إجراء محاسبة أو ندب خبير لتصفية الربح لما كان ذلك، وكان فهم هذا الواقع مما يستقل قاضي الموضوع بتقديره وكان قاضي الموضوع على ما جرى به قضاء هذه المحكمة غير ملزم بإجابة الخصوم إلى جميع طلباتهم طالما أن الأوراق المقدمة في الدعوى كانت كافية لتكوين عقيدة المحكمة ولا حرج عليها إذا هي لم تأمر بضم أوراق أخرى فإن هذا النعي يكون على غير أساس مما يتعين معه رفضه.
وحيث إن السبب الثامن من أسباب النعي يتحصل في أن الطاعنة كانت قد طلبت من محكمة الاستئناف أن تعمل المحكمة الفقرة الأخيرة من المادة 31 من قانون الالتزامات السويسري وتبقى دعواها مؤسسة على الفعل الضار الذي ارتكبه أشيل جروبي قبل الطاعنة عندما أوهمها وغشها وغرر بها وجعلها توقع على عقد 12 أكتوبر سنة 1926 دون اطلاعها على حقيقة الأمر ولكن المحكمة لم تلتفت إلى هذا الطلب ولم تتحدث عنه مما يعتبر إخلالاً بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن قاضي الموضوع وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة غير ملزم بأن يورد كل حجج الخصوم وطلباتهم ويفندها واحدة واحدة ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه التعليل الضمني المسقط لتلك الحجج والأقوال والطلبات، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى صحة الإقرار الذي حررته الطاعنة في 12 أكتوبر سنة 1926 وخلوه من عيوب الرضا فإنه يكون قد رد ضمناً برفض طلب الطاعنة إعمال الفقرة الأخيرة من المادة 31 من قانون الالتزامات السويسري وتأسيس دعواها على العمل الضار الذي تدعي بأن أشيل جروبي قد أثاره قبلها ومن ثم يكون هذا النعي في غير محله ويتعين رفضه.
ومن حيث لذلك يكون الطعن على غير أساس ومتعين الرفض

الطعن 2337 لسنة 40 ق جلسة 27 / 2 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 40 ص 433

جلسة 27 من فبراير سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد يسري زين العابدين عبد الله - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: عويس عبد الوهاب عويس، ومصطفى محمد عبد المنعم صالح، وأسامة محمود عبد العزيز محرم، وعطية عماد الدين نجم - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------

(40)

الطعن رقم 2337 لسنة 40 قضائية عليا

عاملون مدنيون بالدولة - إعادة التعيين - ضم مدة خدمة سابقة - الاحتفاظ بالأجر.
المادتان 23، 27 من القانون رقم 47 لسنة 78 بنظام العاملين المدنيين بالدولة.
المشرع وضع تنظيماً خاصاً لكل من المادتين 23، 27 من القانون رقم 47 لسنة 1978 وفرق في آثار تطبيقهما - المادة 23 أجازت إعادة تعيين العاملة في وظيفته السابقة التي كان يشغلها أو في وظيفة أخرى مماثلة وبذات أجره الأصلي الذي كان يتقاضاه مع الاحتفاظ له بأقدميته في وظيفته السابقة - المادة 27 أجازت للسلطة المختصة تعيين العامل الذي تزيد مدة خبرته العملية والتي تتفق وطبيعة العمل عن المدة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من سنوات الخبرة الزائدة قيمة علاوة دورية بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها - أثر ذلك - من يعاد تعيينه في الوظيفة التي كان يشغلها ويحتفظ له بذات أجره الأصلي الذي يزيد عن بداية مربوط الدرجة المعاد تعيينه عليها يخرج عن نطاق تطبيق المادة 27 سالفة الذكر ويتحدد مركزه الوظيفي على أساس حكم المادة 23 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت 7/ 5/ 1994 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن حيث قيد بجدولها تحت رقم 2337 لسنة 40 في حكم محكمة القضاء الإداري بالمنصورة الصادر بجلسة 17/ 3/ 1994 في الدعوى رقم 1237 لسنة 14 ق والذي قضى في منطوقة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار إنهاء خدمة المدعية الصادر بتاريخ 18/ 5/ 80 مع ما يترتب على ذلك من آثار وتسوية حالتها واعتبار خدمتها متصلة وألزمت محافظ الدقهلية بصفته المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغائه والقضاء أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفضها مع إلزام رافعها المصروفات بالأتعاب عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن جلسة 22/ 6/ 1988 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وتدوول أمامها على النحو الموضح بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 29/ 9/ 1998 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - لنظره بجلسة 28/ 11/ 1998 المسائية وبها نظر وبجلسة 30/ 1/ 1999 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه في أن المدعية "المطعون ضدها" أقامت الدعوى رقم 576 لسنة 18 ق ابتداءً أمام المحكمة الإدارية بالمنصورة وذلك بتاريخ 18/ 12/ 1989 طالبة الحكم أصلياً: بتسوية حالتها باعتبار أن خدمتها متصلة وتسكينها بالمستوى الوظيفي الأول ومنحها الفئة الوظيفية والمرتب الذي وصل إليه زملاؤها في التخرج والتعيين وما يترتب على ذلك من آثار وأحقيتها في عدم الاعتداد بكافة القرارات والتي حالت دون تسوية حالتها، واحتياطياً تطبيق المادة 27/ 2 من القانون رقم 47 لسنة 78 معدلاً بالقانون رقم 115 لسنة 83 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة الأتعاب والمصروفات في الحالتين .
وقالت المدعية شرحاً لدعواها إنها تعمل طبيبة بمستشفى السنبلاوين العام من 1/ 9/ 73 وقد تقدمت باستقالتها في 15/ 10/ 78 ولم تتلق رداً على هذه الاستقالة وظلت تمارس عملها معتقدة أن الإدارة رفضتها وحينما توجهت لتقاضي راتبها علمت أن الإدارة أصدرت القرار رقم 817 لسنة 80 بإنهاء خدمتها اعتباراً من 30/ 11/ 1978 واعتبار الفترة من هذا التاريخ وحتى آخر يوم أدت فيه العمل بأجر نظير العمل ثم أصدرت الإدارة القرار رقم 1361 لسنة 1980 بإعادة تعيينها رغم أنها لم تفارق عملها يوماً واحداً.
وبجلسة 16/ 12/ 1991 قضت المحكمة الإدارية بالمنصورة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات وبورودها لمحكمة القضاء الإداري بالمنصورة قيدت بجدولها تحت رقم 1237 لسنة 14 ق.
وقدمت الجهة الإدارية المدعى عليها مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة للطلب الأول لرفعها بعد الميعاد باعتبار أن صيغة هذا الطلب هو إلغاء قرار إنهاء خدمة المدعية وبرفض الطلب الثاني لعدم جواز الجمع بين أحكام المادتين 23، 27 من القانون رقم 47 لسنة 1978.
وبجلسة 17/ 3/ 1994 صدر الحكم المطعون فيه مشيداً بالنسبة لشكل الدعوى قضاءه بقبول الدعوى شكلاً على أساس أن حقيقة طلب المدعية الأصلي هو إلغاء قرار إنهاء خدمتها للاستقالة الصادرة بتاريخ 18/ 5/ 1980 وهذا القرار صدر بعد مضى ما يزيد على عشرين شهراً من تاريخ تقديمها استقالتها في 15/ 10/ 1978 وفي الوقت الذي كانت فيه المدعية مستمرة بالعمل ولم تنقطع عنه وعليه يكون القرار قد ورد على غير محل ويعد معدوم الأثر قانوناً ولا تلحقه حصانة وبالتالي لا يتقيد بالميعاد.
وبالنسبة لموضوع هذا الطلب فإن المدعية تقدمت باستقالتها بتاريخ 15/ 10/ 1978 غير معلقة على شرط أو مقيدة بقيد وأنه إعمالاً لحكم المادة 97 من القانون رقم 47 لسنة 78 كان يتعين على جهة الإدارة البت في طلب الاستقالة في 15/ 11/ 78 أو إخطار المدعية إرجاء البت فيها لمدة أسبوعين في موعد غايته 30/ 11/ 78 إلا أن الإدارة وإذ لم تقم بذلك فإنها تكون قد تنكبت وجه الصواب ولم تعمل القانون على الوجه الصحيح بالإضافة إلى أن استمرار المدعية في العمل بعد انقضاء الأجل المحدد بالمادة 97 سالفة الذكر يعد عدولاً ضمنياً عن طلب استقالتها ويكون القرار الصادر بإنهاء خدمتها بعد مضي ما يزيد على عشرين شهراً في الوقت الذي تزاول فيه عملها، وتتقاضى راتبها، قد ورد على غير محل عديم الأثر قانوناً ولا يلحقه حصانة، ويتعين القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها اعتبار خدمة المدعية متصلة ولا يغير من ذلك صدور القرار رقم 1361 بتاريخ 6/ 8/ 1980 بإعادة تعيينها لأنها لم تترك العمل ولم تنقطع عنه ولم تنفصم عرى الرابطة الوظيفية وإذ أجيبت المدعية لطلبها الأصلي فلا محل لبحث طلبها الاحتياطي لعدم جدواه.
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله إذ أن الثابت أن المطعون ضدها علمت بصدور قرار إنهاء خدمتها رقم 817 لسنة 80 الصادر في 18/ 5/ 1980 في حينه وتقدمت بطلب إعادة تعيينها وعليه صدر القرار رقم 1361 لسنة 80 بتاريخ 6/ 8/ 1980 ومن ثم كان يتعين عليها إقامة دعواها في ميعاد غايته ستين يوماً التالية لصدوره في حين أنها تقاعست عن رفع دعواها حتى 18/ 12/ 1989 وبعد مرور أكثر من تسعة سنوات على صدوره ومن ثم يكون الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى سليماً وفي محله واجب القبول.
هذا فضلاً عن أن المشرع طبقاً لحكم المادة 97 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 78 منح الجهة الإدارية، الحق في البت في طلب الاستقالة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه كما منحها أيضاً مدة أسبوعين تالية على ذلك، لتدبير أمرها وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة بحكم القانون كما أن قرار الجهة الإدارية الصادر بقبول الاستقالة ليس سوى قرار كاشف لمركز قانوني نشأ واستقر بحكم القانون ولا يترتب على صدوره بعد هذا الميعاد انتفاء الغاية من تقديم الاستقالة وهي انفصام عرى العلاقة الوظيفية وإذ كان الثابت أن المطعون ضدها تقدمت باستقالتها في 15/ 10/ 1978 ومن ثم فإنها وفي ميعاد غايته 30/ 11/ 1978 تكون قد انتهت خدمتها بحكم القانون.
ومع حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن والمتعلقة بالدفع المبدى من جهة الإدارة بعدم قبول طلب إلغاء قرار إنهاء خدمة المطعون ضدها لرفعه بعد الميعاد فإن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضدها تقدمت بطلب الاستقالة من عملها بتاريخ 15/ 10/ 1978 غير معلقة على شرط أو مقيدة بقيد وأن جهة الإدارة قبلتها بتاريخ 20/ 11/ 1978 إلا أن الثابت أيضاً أن المطعون ضدها استمرت تباشر عملها بعد قبولها ولم تنقطع عنه كما أن جهة الإدارة أسندت إليها مباشرة بعض الأعمال كما قامت بصرف مرتبها ومنحها العلاوات المستحقة لها وذلك حتى صدور قرار بإنهاء خدمتها برقم 817 لسنة 80 وذلك بتاريخ 18/ 5/ 1980 الأمر الذي يستفاد منه عدول كل من المطعون ضدها وجهة الإدارة عن الاستقالة ومن ثم يضحى من غير الجائز إنهاء خدمة المطعون ضدها بعد هذا العدول الضمني من كل منهما إلا أنه وإذ قامت جهة الإدارة بإصدار القرار المطعون فيه بعد ثبوت هذا العدول وبعد مضي أكثر من سنة ونصف على قبول استقالتها، فإن هذا القرار يكون غير قائم على سبب يبرره ويستند إليه ومخالفاً لأحكام القانون، إلا أن هذه المخالفة لا تصل بالقرار إلى درجة الانعدام وكان يتعين على المطعون ضدها الطعن عليه خلال المواعيد القانونية المقررة لدعوى الإلغاء في خلال الستين يوماً التالية لتاريخ علمها اليقيني بصدور القرار المذكور والذي تحقق بالنسبة لها من تاريخ استلامها العمل في 25/ 6/ 1980 بعد صدور القرار رقم 1361 لسنة 80 بإعادة تعيينها اعتباراً من 10/ 6/ 80 تاريخ موافقة لجنة شئون العاملين وذلك استناداً لحكم المادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 78 إلا أنها وقد تقاعست عن رفع الدعوى بإلغاء القرار المطعون فيه بإنهاء خدمتها حتى تاريخ 18/ 12/ 1989 وبعد أكثر من تسع سنوات على صدوره فإنها تكون قد رفعتها بعد الميعاد القانوني المقرر ويتعين الحكم بعدم قبولها شكلاً بالنسبة لهذا الطلب.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد صدر مخالفاً لأحكام القانون مما يتعين الحكم بإلغائه ويتعين بالتالي بحث الطلب الاحتياطي للمطعون ضدها والمتعلق بتطبيق حكم المادة 27 الفقرة الثانية من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 78 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 83 على حالتها وذلك بضم المدة من 30/ 11/ 1978 تاريخ إنهاء خدمتها وحتى 10/ 6/ 1980 تاريخ إعادة تعيينها بالقرار رقم 1361 لسنة 80.
ومن حيث إن المادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 78 بنظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "استثناءً من حكم المادة 17 يجوز إعادة تعيين العامل في وظيفته السابقة التي كان يشغلها أو في وظيفة أخرى مماثلة في ذات الوحدة أو في وحدة أخرى بذات أجره الأصلي الذي كان يتقاضاه مع الاحتفاظ له بالمدة التي قضاها في وظيفته السابقة في الأقدمية وذلك إذا توافرت فيه الشروط المطلوبة لشغل الوظيفة التي يعاد التعيين عليها، على ألا يكون التقرير الأخير المقدم عنه في وظيفته السابقة بمرتبة ضعيف".
وتنص المادة 27 من ذات القانون على أن "........
كما تحسب مدة الخبرة العملية التي تزيد على مدة الخبرة المطلوب توفرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها العامل بشرط أن تكون تلك الخبرة متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل وعلى ألا يسبق زميله المعين في ذات الجهة في وظيفة من نفس الدرجة في التاريخ الفرضي لبداية الخبرة المحسوبة سواءً من حيث الأقدمية في درجة الوظيفة أو الأجر.."
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن المشرع قد وضع تنظيماً خاصاً لكل من المادتين رقمي 23، 27 من القانون رقم 47 لسنة 78 وفرق في آثار تطبيقهما، فقد أجازت المادة 23 إعادة تعيين العامل في وظيفته السابقة التي كان يشغلها أو في وظيفة أخرى مماثلة في ذات الوحدة أو في وحدة أخرى وبذات أجره الأصلي الذي كان يتقاضاه مع الاحتفاظ له بأقدميته في وظيفته السابقة، بينما أجازت المادة 27 للسلطة المختصة تعيين العامل الذي تزيد مدة خبرته العملية والتي تتفق وطبيعة العمل عن المدة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من سنوات الخبرة الزائدة، قيمة علاوة دورية بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها ومن ثم فإن من يعاد تعيينه في الوظيفة التي كان يشغلها ويحتفظ له بذات أجره الأصلي الذي يزيد عن بداية مربوط الدرجة المعاد تعيينه عليها وبأقدميته في هذه الوظيفة يخرج عن نطاق تطبيق المادة 27 سالفة الذكر ويتحدد مركزه الوظيفي على أساس حكم المادة 23 المشار إليها.
ومن حيث إنه وبالبناء على ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أنه تم إعادة تعيين المطعون ضدها بالقرار رقم 1361 لسنة 80 اعتباراً من 10/ 6/ 1980 تاريخ موافقة لجنة شئون العاملين بوزارة الصحة إعمالاً لحكم المادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 78 واحتفظ لها براتبها الأصلي الذي كانت تتقاضاه ومن ثم فإن مركزها الوظيفي يتحدد على أساس حكم هذه المادة وتخرج عن نطاق تطبيق المادة 27 سالفة الذكر وعليه يكون طلبها تطبيق المادة 27 من القانون 47 لسنة 78 على حالتها قائماً على غير أساس سليم من القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب المدعية إلغاء قرار إنهاء خدمتها. وبقبول الطلب الاحتياطي شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام المطعون ضدها المصروفات.