الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 22 يناير 2023

الطعن 9 لسنة 38 ق جلسة 6 / 2 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 28 ص 151

جلسة 6 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمود المصري، ومحمد طايل راشد، ومصطفى الفقي.

----------------

(28)
الطعن رقم 9 لسنة 38 القضائية

(1) مرض الموت. "تحديد".
مرض الموت هو مما يغلب فيه الهلاك ويشعر معه المريض بدنو أجله وينتهي بموته.
 (2)إثبات. "القرائن القانونية". وصية "القرينة المنصوص عليها في المادة 917 مدني".
قرينة م 917 مدني. قيامها باجتماع شرطين: احتفاظ المنصرف بحيازة العين المنصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى الحياة استناداً إلى مركز قانوني يخوله حقاً فيه.
(3، 4 ) عقد. بيع "البيع المنجز". هبة. "الهبة المستترة".
 (3)وضع يد المشتري على المبيع وإن صح اعتباره قرينة على إنجاز التصرف إلا أنه ليس شرطاً لازماً فيه.
 (4)التصرف بالبيع المنجز صحيح سواء كان في حقيقته بيعاً أو هبة مستترة في صورة عقد بيع. عدم دفع المشتري الثمن لا يتعارض مع تنجيز التصرف.
 (5)حكم. "القصور في التسبيب. ما لا يعد قصوراً". خبرة.
عدم التزام محكمة الموضوع بندب خبير في الدعوى متى وجدت في أوراقها ما يكفي لتكوين عقيدتها.

---------------
1 - إن من الضوابط المقررة في تحديد مرض الموت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك، ويشعر معه المريض بدنو أجله، وأن ينتهي بوفاته، وإذ نفى الحكم حصول التصرفين في مرض موت المورث مما استخلصه من أقوال الشهود من أن مرضه لم يكن شديداً يغلب فيه الهلاك، إذ أنه كان يباشر أعماله العادية خارج منزله وقت صدور التصرفين منه وإلى ما قبل وفاته بثلاثة أشهر، فإن ذلك من الحكم ليس فيه ما يخالف تعريف مرض الموت وكاف لحمل قضائه.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة (2) أن مفاد نص المادة 917 من القانون المدني أن القرينة القانونية المنصوص عليها فيها لا تقوم إلا باجتماع شرطين (الأول) هو احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها، (والثاني) احتفاظه بحقه في الانتفاع بهذه العين على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدى الحياة، ولا يكفي لقيام هذه القرينة أن ينتفع المتصرف بالعين انتفاعاً فعلياً حتى وفاته دون أن يكون مستنداً في هذا الانتفاع إلى مركز قانوني يخوله حقاً فيه. وإذ كان يبين من أقوال الشهود التي اطمأن إليها الحكم المطعون فيه وأوردها في أسبابه أن أحداً لم يشهد بأن المورث ظل منتفعاً بالأعيان المتصرف فيها لحسابه الخاص باعتباره مالكاً حتى وفاته، فإن ما انتهى إليه الحكم من عدم قيام القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدن ومن أن مجرد استمرار المورث واضعاً يده على تلك الأعيان لا يتنافى مع تنجيز التصرف ليس فيه خروج على أقوال هؤلاء الشهود ولا مخالفة فيه للقانون.
3 - ولئن كان وضع يد المشتري على العين المبيعة يصح اعتباره قرينة على إنجاز التصرف إلا أنه ليس شرطاً لازماً فيه، إذ قد يكون التصرف منجزاً مع استمرار حيازة البائع للعين المبيعة لسبب من الأسباب التي لا تنافي إنجاز التصرف.
4 - عدم دفع المطعون ضدهم (المشترين) الثمن لا يتعارض مع تنجيز عقدي البيع موضوع الدعوى، إذ التصرف بالبيع المنجز، يعتبر صحيحاً سواء أكان العقد في حقيقته بيعاً أو هبة مستترة في صورة عقد بيع استوفى شكله القانوني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 164 لسنة 1965 مدني كلي المنصورة على المطعون ضدهم، وقال في صحيفتها إن المرحوم محمد عثمان البنا توفى بتاريخ 30/ 10/ 1965 عن ورثته الشرعيين وهم المطعون ضدهم وعن ولدي ابنته أمال المتوفاة قبله والمشمولين بولاية والدهما الطاعن واللذين يستحقان نصيباً في التركة عن طريق الوصية الواجبة، وأن المورث المذكور تصرف إلى المطعون ضدهم في 11 ف و12 ط و8 س أطياناً زراعية ومنزل مساحته 568 متراً مربعاً بموجب عقد بيع مسجل في 19/ 9/ 1964، كما سبق أن تصرف إليهم في مخزن بمقتضى عقد بيع مؤرخ 1/ 8/ 1963، وأن هذين العقدين صدرا من المورث في مرض موته دون أن يقبض شيئاً من الثمن ولم يتخل حال حياته عن حيازته للأعيان المتصرف فيها، وكان ذلك منه احتيالاً على أحكام الوصية الواجبة بقصد حرمان ولدي ابنته المذكورين من نصيبهما في تركته، ولذلك أقام الطاعن بصفته هذه الدعوى، وطلب فيها الحكم ببطلان عقد البيع المسجل في 19/ 9/ 1964 وببطلان الحكم الصادر بتاريخ 29/ 6/ 1964 في الدعوى رقم 488 لسنة 1964 مدني قسم ثان بندر المنصورة والقاضي بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 1/ 8/ 1963 أجاب المطعون عليهم بأن العقدين المشار إليهما هما عقدا بيع منجزان صدرا إليهم من مورثهم وهو في حال صحته، وبتاريخ 26/ 3/ 1966 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي أن التصرفين المطعون فيهما قد صدرا من المورث في مرض موته وأنه ظل حائزاً باعتباره مالكاً ومنتفعاً بريع الأطيان والعقارات موضوع هذين التصرفين مدى حياته، وأنه لم يقبض ثمناً خلافاً للثابت بهما، وبعد أن سمعت المحكمة أقوال شهود الطرفين قضت في 25/ 2/ 1967 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافه برقم 143 لسنة 19 ق مدني، وبتاريخ 6/ 11/ 1967 قضت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن دفاعه أمام محكمة الموضوع كان يقوم على أن العقدين موضوع الدعوى هما في حقيقتهما وصية، واستدل على ذلك بصدورهما من المورث إلى زوجته وولديه وهو في مرض موته، وأنه لم يقبض منهم شيئاً من الثمن المسمى في هذين العقدين، وأنه استمر واضعاً اليد على الأطيان والعقارات بعد تصرفه فيها ومنتفعاً بريعها حتى وفاته، ولكن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر واعتبر العقدين منجزين استناداً إلى القول بأنهما صدرا من المورث حال صحته لأن مرضه لم يكن خطيراً وأن وضع يد المشتري على الأطيان المبيعة ليس شرطاً لازماً في تنجيز التصرف، وإن عدم دفع الثمن لا يتعارض مع هذا التنجيز، ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه ينطوي على خطأ في القانون وقصور في التسبيب، ذلك أنه لا يشترط في مرض الموت أن يكون خطيراً بل يكفي أن يكون من شأنه أن يؤدي إلى الهلاك، وأن الشهود قد أجمعوا على أن المورث قد احتفظ بحيازته للأطيان المتصرف فيها وظل منتفعاً بها لحسابه الخاص وليس لحساب المطعون ضدهم مما تتحقق معه القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني، هذا إلى أن ما قرره الحكم من أن عدم دفع المشتري الثمن لا يتعارض مع تنجيز التصرفين، هذا القول منه لا يصلح رداً على ما ساقه الطاعن من قرائن أخرى للتدليل بها على أن التصرفين موضوع الدعوى هما في حقيقتهما وصية قصد بهما حرمان ولدي الطاعن المشمولين بولايته من نصيبهما في تركة جدهما إعمالاً لأحكام الوصية الواجبة ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً بالقصور في التسبيب ذلك أن الطاعن طلب من محكمة الاستئناف تعيين خبير لتحقيق أن المورث كان يؤجر الأطيان للغير بعد تصرفه فيها بصفته مالكاً لها لا بصفته نائباً عن المطعون ضدهم، غير أن الحكم المطعون فيه لم يجبه إلى طلبه مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي بهذين السببين مردود، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن محكمة أول درجة تحقيقاً لدفاع الطرفين أصدرت حكماً بإحالة الدعوى إلى التحقيق كلفت فيه الطاعن بإثبات أن العقدين صدرا من المورث وهو في مرض موته وأنه استمر واضعاً يده على الأعيان المتصرف فيها ومنتفعاً بريعها لحسابه الخاص حتى وفاته، وأن المطعون ضدهم لم يدفعوا شيئاً من الثمن، وبعد سماع أقوال الشهود إثباتاً ونفياً عرض الحكم الابتدائي - الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه - لدفاع الطرفين وأقوال شهودهما والمستندات المقدمة في الدعوى، وناقش كل ذلك وانتهى إلى أن الطاعن قد عجز عن إثبات أن العقدين المشار إليهما صدرا من المورث وهو في مرض موته، وحصل مما أجمع عليه الشهود أن هذا المورث لم يكن وقت التصرف مريضاً مرضاً شديداً يغلب فيه الهلاك، بل كان يباشر أعماله العادية خارج منزله إلى ما قبل وفاته بثلاثة أشهر، كما انتهى الحكم إلى أن الطاعن قد عجز أيضاً عن إثبات أن المورث ظل حائزاً ومنتفعاً بالأعيان المتصرف فيها لحساب نفسه حتى وفاته استناداً منه إلى أن أحداً من الشهود لم يشهد بذلك وأن استمرار وضع يد المورث على ما باعه لا يتعارض مع تنجيز التصرف ما دام المتصرف إليهم هم زوجته وولداه القاصران الذين يعيشون في كنفه وتحت رعايته، واستخلص الحكم من ذلك انتفاء القرينة المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني، ثم أضاف أن نية المتعاقدين قد انصرفت إلى التصرف المنجز لا إلى الإيصاء لما ثبت له - من أوراق الدعوى - أن المورث قد أقر بصحة العقدين الصادرين منه إلى المطعون ضدهم في الدعويين التين أقامتهما المطعون ضدها الأولى بطلب صحة ونفاذ هذين العقدين، وأنه لا يغير من ذلك أن المطعون ضدهم لم يدفعوا ثمناً لأن البيع الذي يستر تبرعاً صحيح في القانون متى كان التصرف منجزاً غير مضاف إلى ما بعد الموت، وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه لا مخالفة فيه للقانون ولا قصور فيه، ذلك أنه من الضوابط المقررة في تحديد مرض الموت وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك ويشعر معه المريض بدنو أجله وأن ينتهي بوفاته، وإذ نفى الحكم حصول التصرفين في مرض موت المورث مما استخلصه من أقوال الشهود من أن مرضه لم يكن شديداً يغلب فيه الهلاك، إذ أنه كان يباشر أعماله العادية خارج منزله وقت صدور التصرفين منه وإلى ما قبل وفاته بثلاثة أشهر، فإن ذلك من الحكم ليس فيه ما يخالف تصريف مرض الموت وكاف لحمل قضائه، ولما كان يبين من أقوال الشهود التي اطمأن إليها الحكم وأوردها في أسبابه أن أحداً لم يشهد بأن المورث ظل منتفعاً بالأعيان المتصرف فيها لحسابه الخاص باعتباره مالكاً حتى وفاته، فإن ما انتهى إليه الحكم من عدم قيام القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني ومن أن مجرد استمرار المورث واضعاً يده على تلك الأعيان لا يتنافى مع تنجيز التصرف، هذا الذي انتهى إليه الحكم ليس فيه خروج على أقوال هؤلاء الشهود ولا مخالفة فيه للقانون، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة 917 من القانون المدني أن القرينة القانونية المنصوص عليها فيها لا تقوم إلا باجتماع شرطين (الأول) هو احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها (والثاني) احتفاظه بحقه في الانتفاع بهذه العين على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدى الحياة ولا يكفي لقيام هذه القرينة أن ينتفع المتصرف بالعين انتفاعاً فعلياً حتى وفاته دون أن يكون مستنداً في هذا الانتفاع إلى مركز قانوني يخوله حقاً فيه، ولئن كان وضع يد المشتري على العين المبيعة يصح اعتباره قرينة على إنجاز التصرف إلا أنه ليس شرطاً لازماً فيه، إذ قد يكون التصرف منجزاً مع استمرار حيازة البائع للعين المبيعة لسبب من الأسباب التي لا تنافي إنجاز التصرف، ولما كان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان قد أورد الأدلة التي من شأنها أن تؤدي إلى اعتبار التصرفين منجزين فإنه يكون قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان عدم دفع المطعون ضدهم الثمن لا يتعارض مع تنجيز العقدين موضوع الدعوى، إذ التصرف بالبيع المنجز يعتبر صحيحاً سواء أكان العقد في حقيقته بيعاً أو هبة مستترة في صورة عقد بيع استوفى شكله القانوني. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة السائغة التي تؤدي إلى اعتبار التصرف منجزاً كما سبق القول، فإنه لا على محكمة الموضوع إن التفتت عن طلب الطاعن تعيين خبير في الدعوى طالما أنها وجدت في أوراقها وعناصرها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها بأسباب مقبولة، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في القانون والقصور في التسبيب يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) نقض 21/ 4/ 1955 مجموعة المكتب الفني السنة 6 ص 1020.
 (2) نقض 7/ 3/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 298.

الطعن 816 لسنة 43 ق جلسة 6 /12 / 1977 مكتب فني 28 ج 2 ق 299 ص 1742

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، وزكى الصاوي صالح، وجمال الدين عبد اللطيف، وعبد الحميد المرصفاوي.

---------------

(299)
الطعن رقم 816 لسنة 43 القضائية

 (1)إثبات "البينة". محكمة الموضوع.
الشهادة السماعية. جوازها حيث تجوز الشهادة الأصلية. خضوعها لتقدير قاضى الموضوع.
 (2)بيع. مرض الموت.
مرض الموت. ضوابطه. أن يغلب فيه الهلاك، ويشعر المريض معه بدنو أجله، وينتهى بالوفاة.
(3، 4) إثبات. بيع. مرض الموت. إرث.
 (3)توقيع الوارث كشاهد على عقد البيع الصادر من مورثه في مرض الموت. لا يفيد أجازته للعقد، أو صحة التاريخ الثابت به. علة ذلك. عدم تحقق صفته كوارث عند التوقيع.
 (4)التصرف المطعون فيه بصدوره من المورث في مرض الموت. عدم جواز الاحتجاج على الورثة بتاريخه إلا إذا كان ثابتاً بإحدى الطرق القانونية. عبء إثبات عدم صحته. وقوعه على الوارث الطاعن.
 (5)وصية. تركة.
وقت تقويم التركة وتحديد الثلث الجائز الإيصاء به. وجوب الاعتداد فيه بوقت القسمة والقبض. النقص أو الزيادة الحاصلة في الفترة بين وفاة الموصى والقسمة. توزيعها على الورثة والموصى له.
 (6)حكم " ما يعد قصوراً". وصية. تركة.
القضاء بصحة التصرف في حدود ثلث التركة لصدوره من المورث في مرض الموت. عدم استظهار الحكم عناصر التركة وديونها لتقدير الثلث الجائز الإيصاء به. قصور.

--------------
1 - الشهادة السماعية جائزة حيث تجوز الشهادة الأصلية وهى مثلها تخضع لتقدير قاضى الموضوع.
2 - من الضوابط المقررة في تحديد مرض الموت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك ويشعر معه المريض بدنو أجله وأن ينتهى بوفاته.
3 - أن توقيع المطعون عليه الأول كشاهد على عقدي البيع - المطعون فيهما بصدورهما في مرض الموت - في وقت لم يكن قد أصبح فيه وارثا لا يعدو أن يكون شهادة بصحة صدورهما من المورث، ولا يعتبر إجازة منه للعقدين ، لأن هذه الإجازة لا يعتد بها إلا إذا حصلت بعد وفاة المورث، إذ أن صفة الوارث التي تخوله حقاً في التركة لا تثبت له إلا بهذه الوفاة. كما أن توقيعه على العقدين لا يفيد صحة التاريخ المعطى لكل منهما إذ لم يكن وارثا وقت توقيعه كشاهد طبقاً لما تقدم ذكره.
4 - إثبات التاريخ لا يكون إلا بإحدى الطرق التي عينها القانون، ولا يحتج على الورثة الذين يطعنون على التصرف بأنه صدر في مرض الموت بتاريخ السند إذ لم يكن هذا التاريخ ثابتاً، إلا أن هذا التاريخ يظل حجة عليهم إلى أن يثبتوا هم عدم صحته وأن التصرف صدر في تاريخ آخر توصلاً منهم إلى إثبات أن صدوره كان في مرض الموت.
5 - ينص قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 الذي يحكم واقعة الدعوى، على أن الوصية لا تنفذ من غير إجازة الورثة إلا في حدود ثلث تركة الموصى بعد سداد جميع ديونه، ولم يتعرض هذا القانون صراحة للوقت الذي تقوم فيه التركة وبتحديد ثلثها، إلا أن الراجح في مذهب أبى حنيفة أن يكون تقدير الثلث الذي تخرج منه الوصية بقيمته وقت القسمة والقبض لأنه هو وقت استقرار الملك وتنفيذ الوصية وإعطاء كل ذي حق حقه وحتى لا يكون هناك غبن على أي واحد من الورثة أو الموصى له فيها بعطاء ورتبوا على ذلك أن كل ما يحدث في الفترة ما بين وفاة الموصى والقسمة من نقص في قيمة التركة أو هلاك في بعض أعيانها يكون على الورثة والموصى له، وكل زيادة تطرأ على التركة في هذه الفترة تكون للجميع.
6 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بصحة التصرفين في حدود ثلث كل منهما - باعتبار أنهما صادرين في مرض موت المورث - دون أن يستظهر عناصر التركة التي خلفها المورث أو يعنى ببحث ما إذا كانت التركة محملة بديون للغير أم لا مع أن هذا البيان لازم لتقدير الثلث الذي تخرج منه الوصية على النحو الذي يتطلبه القانون، لما كان ذلك فإن الحكم يكون فوق خطئه في تطبيق القانون، قد جاء قاصراً عن بيان الأسباب التي استند إليها في تقييم القدر الجائز الإيصاء به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 2365 سنة 1969 مدنى طنطا الابتدائية ضد المطعون عليه يطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ في 18/ 7/ 1967 المتضمن بيع المرحوم ...... مورث الطرفين للطاعنة 19 قيراطاً وسهماً أرضاً زراعية لقاء ثمن مدفوع قدره 455 جنيهاً، وصحة ونفاذ العقد المؤرخ في 1/ 3/ 1968 المتضمن بيع المورث المذكور للطاعنة 17 قيراطا و5 أسهم أرضاً زراعية لقاء ثمن مدفوع قدره 95 جنيهاً مع إلزام المطعون عليه بتسليم الأطيان المبيعة في العقدين. ونعت المطعون عليها الثانية والثالثة بصورية هذين العقدين لأنه لم يدفع فيهما ثمن ولأنهما حررا تحايلاً على قواعد الإرث . وبتاريخ 29/ 4/ 1970 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الثانية والثالثة صورية العقدين وأنه لم يدفع فيهما ثمن، وبعد تنفيذ هذا الحكم بسماع الشهود إثباتاً ونفياً، عادت وبتاريخ 10/ 3/ 1971 فحكمت بطلبات الطاعنة. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 211 سنة 21 مدنى طنطا، وبتاريخ 30/ 5/ 1973 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم أن عقدي البيع المؤرخين 18/ 7/ 1967، 1/ 3/ 1968 قد صدرا من المورث في مرض موته. وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة بتاريخ 28/ 5/ 1973 بتعديل الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ العقدين في حدود الثلث من كل منهما. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص السبب الخامس وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال من ثلاثة وجوه، أولهما أن الحكم استند إلى ما قرره الشاهد الأول للمطعون عليهم في صدر أقواله من أن العقدين المطعون فيهما حررا في وقت واحد وأعطيا تاريخين مختلفين، في حين أن الثابت من أقواله التفصيلية أنه لا يستطيع تحديد تاريخ كتابتهما لأنه لم يحضر وقت تحريرهما وأنه علم بما قرره من إخوته البنات والثاني أن الحكم أقام قضاءه على أن اتفاق العقدين في شخص محررهما والشهود الموقعين عليهما وفى نوع الورق والحبر المستعملين في تحريرهما، يعد قرينة على صدورهما من المورث في تاريخ واحد، في حين أن هذه الأمور لا تنهض قرينة مقبولة في القانون. والثالث أن الحكم لم يبين العلاقة بين ما ذهبت إليه من أن العقدين حررا في وقت واحد وبين النتيجة التي انتهى إليها من أنهما حررا في وقت اشتدت فيه وطأة المرض على المورث.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول بأنه عار عن الدليل إذ لم تقدم الطاعنة صورة رسمية من محضر التحقيق المشتمل على أقوال الشاهد الأول من شهود التحدي بأن أقوال هذا الشاهد عرفها من أخوته البنات إذ الشهادة السماعية جائزة حيث تجوز الشهادة الأصلية وهى مثلها تخضع لتقدير قاضى الموضوع. ومردود في الوجه الثاني، بأن الحكم استخلص أن عقدي البيع حررا في وقت واحد وأعطيا تاريخين مختلفين مستدلاً على ذلك بأنهما حررا على ورق من نوع واحد وبخط واحد وبطريقة واحدة في الكتابة وبأن الموقعين هم بذاتهم في كل عقد وأن بصمة وأن بصمة من بصم منهم على العقدين كانت بنفس الحبر، وهى قرينة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم واستند إليها بالإضافة إلى أقوال الشاهد الأول من شاهدي المطعون عليهم الذي اطمأنت المحكمة إلى صدق أقواله. ومردود في الوجه الثالث بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأن العقدين صدرا من المورث في مرض المورث على ما شهد به شاهد المطعون عليهم من أن المورث كان مريضاً بالسرطان وأن العقدين حررا قبل وفاة المورث بشهرين أو أقل أثر اشتداد المرض عليه، وعلى ما يبين من التذاكر الطبية المقدمة في الدعوى، وإذ كان الحكم قد ربط بين تاريخ هذا المرض وتحرير العقدين وخلص إلى أنهما حررا في وقت اشتدت فيه وطأة المرض على المورث وهو مرض يغلب فيه الهلاك وقد انتهى بوفاته، وكان من الضوابط المقررة في تحديد مرض الموت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك ويشعر معه المريض بدنو أجله وأن ينتهى بوفاته، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون في غير محله،
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب من وجهين : أولاً لم يرد الحكم على ما أثارته الطاعنة في مذكراتها من مطاعن على أقوال شهود المطعون عليهم أمام درجتي التقاضي من حيث اختلافهم في تحديد نوع المرض الذي انتهت به حياة المورث، وأن الشاهد الأول للمطعون عليهم شهد بأن المورث دخل مستشفى المبرة بطنطا لاستئصال الطحال ولا علاقة لهذا المرض بالسرطان وأن ما حصلته المحكمة من أن أقوال شاهدي الإثبات من أن المرض الذي انتهت به حياة المورث هو مرض السرطان يخالف الثابت على لسانهما، ثانياً - أقام الحكم قضاءه بأن العقدين يخفيان وصية على ما حصله من أقوال شاهدي المطعون عليهم، في حين أن ذلك يتجافى مع مدلول هذه الأقوال إذ لم يقل أحدهما باتجاه قصد المورث إلى التبرع وإضافة التمليك إلى ما بعد موته بل شهدا أنهما لم يحضرا تحرير العقدين، وعلى العكس شهد شاهد الطاعنة بأن التصرفين كانا بعوض دفع أمامه وقد تأيد ذلك بإقرار المطعون عليه الأول وهو أحد الورثة المستفاد من توقيعه شاهداً على العقدين.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعنة لم تقدم صورة طبق من محضر التحقيق الذي تدعى بأن الحكم مسخ أقوال الشهود الثابتة فيه مما يكون معه النعي في هذا الخصوص عارياً عن الدليل، هذا إلى أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استخلص من أقوال شاهد المطعون عليهم والمستندات المقدمة في الدعوى أن البائع للطاعنة وهو زوجها لم يعقب فرعاً وارثا وحرر العقدين في وقت واحد بعد أن اشتدت عليه وطأة المرض وكان ذلك بقصد التحايل على قواعد الإرث ومات بعد أو وقع هذين العقدين بمدة لم تزد على شهرين وأنه كان نزيل مستشفى المبرة بطنطا في الفترة من 1/ 9/ 1969 حتى 14/ 9/ 1969، ومن بين هذه المستندات تذاكر طبية تفيد أن المورث أجريت له جراحة السرطان وهو مرض يغلب فيه الهلاك، وانتهى الحكم من ذلك أن البيع حرر في مرض موت المورث، وإذ أقامت محكمة الموضوع قضاءها كما سبق البيان على ما استخلصه من أدلة اطمأنت إليها، وكان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويكفى لحمل الحكم فلا عليه إن هو لم يرد على ما أثارته الطاعنة من دفاع في مذكرتها، لأن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، ومن ثم يكون النعي بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور وفى بيانه تقول الطاعنة أنها استندت في مذكرتها المقدمة أمام محكمة الاستئناف إلى أن المطعون عليه الأول وهو أحد الورثة وقع شاهداً على العقدين ويعتبر هذا إقرار منه بصحة ما تضمناه بالنسبة لتاريخ صدورهما في سنتي 1967 - 1968 وبصحة العقدين وبصدورهما من المورث حال صحته وبدفع الثمن المسمى بهما، ومن ثم فلا يقبل من باقي الورثة الطعن بالصورية على العقدين لأن هذا الطعن غير قابل للتجزئة، إذ كان يتعين أخذ المطعون عليه الأول بإقراره ونفاذ التصرفين بالنسبة لنصيبه فيهما على الأقل، غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع واعتبر أن التصرفين صدرا في مرض الموت مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور.
وحيث إن النعي مردود، بأن توقيع المطعون عليه الأول كشاهد على العقدين في وقت لم يكن قد أصبح فيه وارثاً لا يعدو أن يكون شهادة بصحة صدورهما من المورث، ولا يعتبر إجازة منه للعقدين ، لأن هذه الإجازة لا يعتد بها إلا إذا حصلت بعد وفاة المورث، إذ أن صفة الوارث التي تخوله حقاً في التركة لا تثبت له إلا بهذه الوفاة، أما ما تثيره الطاعنة من أن توقيع المطعون عليه الأول كشاهد على العقدين يفيد صحة التاريخ المعطى لكل منهما، فهو مردود بأنه لم يكن وارثاً وقت توقيعه كشاهد طبقاً لما تقدم ذكره، هذا إلى أن إثبات التاريخ لا يكون إلا بإحدى الطرق التي عينها القانون، ولا يحتج على الورثة الذين يطعنون على التصرف بأنه صدر في مرض الموت بتاريخ السند إذ لم يكن هذا التاريخ ثابتاً، إلا أن هذا التاريخ يظل حجة عليهم إلى أن يثبتوا هم عدم صحته وأن التصرف صدر في تاريخ آخر توصلاً منهم إلى إثبات أن صدوره كان في مرض الموت، ولما كان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان قد خلص في حدود السلطة التقديرية للمحكمة إلى أن تاريخ العقدين غير صحيح وأنهما حررا في تاريخ واحد وفى خلال فترة اشتداد المرض على المورث، وقد انتهى هذا المرض بوفاته، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيانه تقول إن الحكم قضى بتعديل الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ العقدين في حدود الثلث عن كل منهما باعتبار تصرف المورث بالعقدين المذكورين في حكم الوصية وأنها لا تنفذ إلا في حدود ثلث تركته، مما كان يتعين معه التثبيت من عناصر تركة المورث المخلفة عنه وتقدير قيمتها حتى يمكن معرفة ما إذا كانت الأطيان المتصرف فيها تدخل في حدود ثلث التركة، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 الذي يحكم واقعة الدعوى ينص على أن الوصية لا تنفذ من غير إجازة الورثة إلا في حدود ثلث تركة الموصى بعد سداد جميع ديونه، ولم يتعرض هذا القانون صراحة للوقت الذي تقوم فيه التركة وبتحديد ثلثها، كان الراجح في مذهب أبى حنيفة أن يكون تقدير الثلث الذي تخرج منه الوصية بقيمته وقت القسمة والقبض لأنه هو وقت استقرار الملك وتنفيذ الوصية وإعطاء كل ذي حق حقه، وحتى لا يكون هناك غبن على أي واحد من الورثة أو الموصى له فيها يعطاه ورتبوا على ذلك أن كل ما يحدث في الفترة ما بين وفاة الموصي والقسمة من نقص في قيمة التركة أو هلاك في بعض أعيانها يكون على الورثة والموصى له، وكل زيادة تطرأ على التركة في هذه الفترة تكون للجميع ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بصحة التصرفين في حدود ثلث كل منهما - دون أن يستظهر عناصر التركة التي خلفها المورث أو يعنى ببحث ما إذا كانت التركة محملة بديون للغير أم لا مع أن هذا البيان لازم لتقدير الثلث الذي تخرج منه الوصية على النحو الذي يتطلبه القانون، لما كان ذلك فإن الحكم يكون فوق خطئه في تطبيق القانون قد جاء قاصراً عن بيان الأسباب التي استند إليها في تقييم القدر الجائز الإيصاء به مما يستوجب نقضه لهذا السبب.

الطعن 394 لسنة 44 ق جلسة 14 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 144 ص 735

جلسة 14 من مارس سنة 1978

برياسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، وزكي الصاوي صالح؛ وجلال الدين رافع، ومحمد طه سنجر.

--------------

(144)
الطعن رقم 394 لسنة 44 القضائية

 (1)إثبات "القرائن القانونية". وصية. نقض.
قرينة المادة 917 مدني. شرط قيامها. عدم جواز التمسك بهذه القرينة لأول مرة أمام محكمة النقض.
 (2)مرض الموت. محكمة الموضوع.
المرض الذي يطول أمده عن سنة. لا يعتبر مرض موت إلا إذا اشتدت وطأته وفي فترة الشدة الطارئة. تقدير ذلك. من سلطة محكمة الموضوع.

-------------
1 - تنص المادة 917 من القانون المدني على قرينة قانونية قوامها اجتماع شرطين: أولهما: احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها، ثانيهما: احتفاظه بحق الانتفاع على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدة الحياة، ومؤدي هذه القرينة - على ما هو ظاهر من نص المادة - اعتبار التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت فتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك. ولما كان تحقيق القرينة المذكورة بشرطيها وجواز التدليل على عكسها من أمور الواقع الذي تستقل به محكمة الموضوع، وكان الطاعنون لم يتمسكوا بالقرينة المستمدة من المادة 917 من القانون المدني ولم يطرحوا الواقع الذي تقوم عليه أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يجوز لهم التحدي بهذه القرينة لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - المرض الذي يطول أمده عن سنة لا يعتبر مرض موت إلا إذا اشتدت وطأته وهو لا يعتبر كذلك إلا في فترة الشدة الطارئة إذ أن فيها ما يقطع عن المريض الرجاء ويشعره بدنو أجله. وما يعتبر بهذا الوصف شدة للمرض من أمور الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في إن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم...... مدني المنيا الابتدائية وطلبوا الحكم ببطلان العقد المسجل في 22/ 9/ 1970 تحت رقم 3362 لسنة 1970 الذي باع بموجبه والدهم المرحوم...... إلى زوجة المطعون عليها المنزل المبين بالصحيفة وذلك استناداً إلى صورية هذا البيع وصدوره من مورثهم في مرض الموت. وبتاريخ 12/ 2/ 1972 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون أن عقد البيع المشار إليه صوري وأنه أبرم بقصد حرمانهم من الميراث وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت في 28/ 10/ 1972 برفض الدفع بالصورية وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون أن البيع صدر من مورثهم وهو في مرض الموت. وفي 12/ 5/ 1973. وبعد سماع شهود الطرفين عادت المحكمة وحكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم..... استئناف بني سويف "مأمورية المنيا" وبتاريخ 19/ 2/ 1974 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقولون أنه لما كان الثابت أن مورثهم رغم تصرفه بالبيع لزوجته المطعون عليها، ظل مقيماً في المنزل المبيع منتفعاً به حتى وفاته، فقد توفرت بذلك القرينة المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني. ويكون التصرف في حقيقته تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت وخاضعاً لأحكام الوصية، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن تلك الحقيقة فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المادة 917 من القانون المدني تنص على قرينة قانونية قوامها اجتماع شرطين: أولهما احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها وثانيهما: احتفاظه بحق الانتفاع على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدى الحياة، ومؤدى هذه القرينة - على ما هو ظاهر من نص المادة. اعتبار التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت فتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك ولما كان تحقيق القرينة المذكورة بشرطها وجواز التدليل على تمسكها من أمور الواقع الذي تستقل به محكمة الموضوع وكان الطاعنون لم يتمسكوا بالقرينة المستمدة من المادة 917 من القانون المدني ولم يطرحوا الواقع الذي تقوم عليه أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يجوز لهم التحدي بهذه القرينة لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه اتخذ من الإقرار المقدم من المطعون عليها والصادر من وكيل مكتب بريد سمالوط والمتضمن ما يفيد أن المورث كان يقبض معاشه ويوقع على كشوف المعاشات بنفسه بمكتب البريد حتى شهر يونيه سنة 1971 - قرينة على أن المورث كان يباشر أعماله العادية خارج منزله وقت حصول التصرف وبالتالي على أنه لم يكن مريضاً مرض موت، على الرغم من أن هذه القرينة في ذاتها قاصرة عن إعطاء الدلالة اليقينية على ما استخلصته المحكمة - إذ كان يتعين عليها أن تتأكد بنفسها من صحة ما تضمنه هذا الإقرار بأن تأمر بضم كشوف المعاشات للاطلاع على توقيعات المورث عليهم وهو أمر يعيب حكمها بالفساد في الاستدلال هذا فضلاً عن أن الحكم أخطأ في تفهم صحيح القانون عن مرض الموت ذلك أن قيام المتصرف ببعض الأعمال في فترات متقطعة من مدة مرضه لا يمنع من اعتبار المرض مرض موت متى كان شديداً يغلب فيه الهلاك وينتهي بالموت ولكن الحكم المطعون فيه لم يعن ببيان طبيعة المرض الذي أصاب المورث وأثره على نفسيته وبداية اشتداده وعلاقة ذلك بالتصرف محل النزاع وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المرض الذي يطول أمده عن سنة لا يعتبر مرض موت إلا إذا اشتدت وطأته وهو لا يعتبر كذلك إلا في فترة الشدة الطارئة إذ أن فيها ما يقطع عن المريض الرجاء ويشعره بدنو أجله. وما يعتبر بهذا الوصف شدة للمرض هو من أمور الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع. ولما كان الحكم المطعون فيه قد رفض دفاع الطاعنين في خصوص صدور التصرف في مرض موت المورث استناداً إلى أن محكمة أول درجة استعرضت في حكمها الذي أصدرته.. بجلسة 1/ 5/ 1973 برفض الدعوى أقوال شاهدي الإثبات.. في شأن مرض الموت، كما استعرضت ما قرره.. شاهدا النفي في هذا الشأن وخلصت إلى أن شاهدي الإثبات يقرران أن المرض استطال أكثر من سنة (منذ عامي 1965/ 1966) وأنها لا تطمئن إلى ما زعماه من اشتداد وطأة المرض عليه في الآونة الأخيرة بحيث أصبح طريح الفراش وممتنعاً عن الكلام خصوصاً وأن الزوجة قد قدمت من بين مستنداتها إقراراً محرراً بمعرفة وكيل بريد سمالوط يفيد أن المورث كان يقوم بقبض معاشه بنفسه وبتوقيعه على كشوف المعاشات بمكتب البريد حتى معاش شهر يوليو سنة 1971 وخلصت في النهاية إلى أن العقد الذي حرره المورث في 17/ 9/ 1970 لم يحرر في مرض الموت.. كل ذلك في أسباب سائغة تعتمدها هذه المحكمة وتؤيدها مما مفاده أن المحكمة نفت صدور التصرف محل النزاع في مرض موت المورث تأسيساً على ما شهد به بعض الشهود من استطالة المرض أكثر من سنة فضلاً عن القرينة التي استخلصتها من الإقرار الذي حرره وكيل مكتب البريد والذي استدلت منه على عدم صحة أقوال شاهدي الإثبات في خصوص اشتداد مرض المورث. وإذا كان هذا الذي انتهى إليه الحكم يتفق وصحيح أحكام القانون ويقوم على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ومؤدياً إلى النتيجة التي خلصت إليها المحكمة فهذا حسبها، ولا حاجة لها بعد أن أوردت الحقيقة التي اقتنعت بها للتحدث عن المرض الذي كان المورث مصاباً به أو أن تجرى تحقيقاً في شأن الإقرار الذي حرره وكيل مكتب البريد، من ثم فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والقصور يكون لا محل له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1011 لسنة 47 ق جلسة 27 / 12 / 1983 مكتب فني 34 ج 2 ق 381 ص 1942

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة، سعد بدر، جرجس اسحق، وعبد النبي غريب.

----------------

(381)
الطعن رقم 1011 لسنة 47 القضائية

(1) مرض الموت.
مرض الموت. ماهيته. المرض الشديد الذي يجتمع فيه تحقق العجز وغلبة الهلاك والاتصال بالموت.
(2) بيع. مرض الموت. نقض "السبب غير المنتج". وصية.
اعتبار التصرف وصية طبقاً للمادتين 447 و916 مدني. شرطه صدوره في مرض الموت وأن يقصد به التبرع. النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور لعدم الرد على ادعاء الطاعن باحتفاظ المتصرف بحيازة المبيع والانتفاع به. غير منتج.

--------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المقصود بمرض الموت أنه المرض الشديد الذي يغلب على الظن موت صاحبه عرفاً أو بتقرير الأطباء ويلازمه ذلك المرض حتى الموت وإن لم يكن المرض معروفاً من الناس بأنه من العلل المهلكة، فضابط شدته واعتباره مرض موت أن يعجز غير العاجز من قبل عن القيام بمصالحه الحقيقة خارج البيت فيجتمع فيه تحقق العجز وغلبة الهلاك واتصال الموت به.
2 - لما كان المشرع في المادتين 477، 916 من التقنين المدني لم يستلزم لاعتبار التصرف وصية سوى أن يصدر في مرض الموت وأن يكون مقصوداً به التبرع ولم يستوجب المشرع في هذه الحالة أن يحتفظ المتصرف بحيازة المبيع والانتفاع به طوال حياته على نحو ما اشترط في المادة 917 من التقنين المدني وإذ خلص الحكم المطعون فيه سائغاً.... إلى أن تصرف المورثة للطاعن بموجب العقدين صدر في مرض الموت فإن ما استطرد إليه الحكم بعد ذلك في التدليل على احتفاظ المورثة بالحيازة وبحقها في الانتفاع طوال حياتها هي أسباب ناقلة ويكون النعي عليها غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2605 سنة 71 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 5/ 1/ 1962 المتضمن بيع مورثة المطعون ضدهما المرحومة........ له حصة قدرها 12 قيراط شيوعاً في كامل أرض وبناء العقار المبين بالصحيفة لقاء ثمن 800 جنيه وبصحة ونفاذ عقد البيع 30/ 6/ 1963 المتضمن بيع مورثة المطعون ضدهما كذلك حصة قدرها 3 ط شيوعاً في العقار المبين بالصحيفة لقاء ثمن قدره 350 جنيهاً وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 16/ 10/ 1955 المتضمن بيع المطعون ضده الخامس للمرحومة....... وزوجها المرحوم...... قطعة أرض فضاء المقام عليها المنزل موضوع العقدين السابقين لقاء ثمن قدره 750 جنيه - طعن المطعون ضده الأول بالجهالة على توقيع مورثته على عقدي البيع المؤرخين 5/ 1/ 1962، 30/ 6/ 1963 وعاد وطعن عليهما بالتزوير - وبعد أن حكمت محكمة الدرجة الأولى بعدم قبول الإدعاء بالتزوير وبصحة ونفاذ العقد المؤرخ 16/ 10/ 1955 تمسك المطعون ضده الأول بصورية عقدي البيع المؤرخين 5/ 1/ 1962، 30/ 6/ 1963 صورية مطلقة لانتفاء ركن الثمن كما تمسك باعتبار العقدين وصية لصدورهما في مرض موت المورثة. حكمت محكمة الدرجة الأولى بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صدور عقدي البيع السالفين من البائعة أثناء مرض المورث وأنه لم يدفع فيهما ثمن - وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 5/ 1/ 1962، 30/ 6/ 1963 - استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 3688 سنة 91 القضائية القاهرة وبجلسة 27/ 4/ 1977 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى صحة ونفاذ العقدين المؤرخين 5/ 1/ 1962، 30/ 6/ 1963 وذلك باعتبارهما وصية تسري عليهما أحكامها. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن - وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وقال بياناً لذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن البائعة كانت مريضة بالسرطان وقت إبرام العقدين في حين أن هذا المرض لا يعدو أن يكون الأمراض المزمنة التي تطول مدتها بحيث يطمئن المريض إلى أن المرض لا يشكل خطراً داهماً - وهو إن كان ينتهي بالموت بعد فترة طويلة إلا أنه لا يعد مرض موت - كما أن الحكم لم يبين أن عقدي البيع قد صدرا من البائعة خلال فترة تزايد المرض واشتداد وطأته على البائعة وإذ انتهى رغم ذلك إلى أن البيع قد صدر في مرض الموت فإنه يكون معيباً.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وقال بياناً لذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن البائعة كانت مريضة بالسرطان وقت إبرام العقدين في حين أن هذا المرض لا يعدو أن يكون من الأمراض المزمنة التي تطول مدتها بحيث يطمئن المريض إلى أن المرض لا يشكل خطراً داهماً - وهو إن كان ينتهي بالموت بعد فترة طويلة إلا أنه لا يعد مرض موت - كما أن الحكم لم يبين أن عقدي البيع قد صدرا من البائعة خلال فترة تزايد المرض واشتداد وطأته على البائعة وإذ انتهى رغم ذلك إلى أن البيع قد صدر في مرض الموت فإنه يكون معيياً.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المقصود بمرض الموت أنه المرض الشديد الذي يغلب على الظن موت صاحبه عرفاً أو بتقرير الأطباء ويلازمه ذلك المرض حتى الموت وإن لم يكن أمر المرض معروفاً من الناس بأنه من العلل المهلكة فضابطه شدته واعتباره مرض موت أن يعجز غير العاجز من قبل عن القيام بمصالحه الحقيقة خارج البيت فيجتمع فيه تحقق العجز وغلبة الهلاك واتصال الموت به. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بثبوت مرض الموت لدى مورثة المطعون ضدهما الأولين على ما ثبت من الشهادة الرسمية الصادرة من مستشفى عين شمس وأقوال شاهدي المطعون ضده الأول بأن المورثة كانت مريضة بالسرطان وأدخلت المستشفى في 28/ 3/ 1963 وأنها وقت خروجها من المستشفى في 23/ 5/ 1963 كانت بحالة صحية متدهورة وأقامت لدى شقيقتها المطعون ضدها الثانية - والدة الطاعن - إلى أن توفيت في 9/ 12/ 1963 كما استخلص الحكم أن العقدين قد حررا في وقت واحد عقب خروج المورثة من المستشفى وإذ كان الحكم المطعون فيه قد ربط بين تاريخ مرض المورثة وتحرير العقدين وخلص إلى أن العقدين حررا في وقت اشتدت فيه وطأة المرض على المورثة وهو مرض يغلب فيه الهلاك وقد انتهى بوفاتها فإن قضاءه يكون قد صادف صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على أن البائعة احتفظت بحيازة العقار المبيع والانتفاع به واستغلاله حتى وفاتها دون أن يعرض الحكم لأقوال شهوده والمستندات المقدمة منه والدالة على أنه كان يؤجر العقار ويقوم بتحصيل الإيجار لحسابه حتى تاريخ فرض الحراسة القضائية على العقار بما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه باعتبار عقدي البيع وصية تسري عليهما أحكامها على ما ثبت للمحكمة من أن العقدين قد حررا في مرض موت المورثة ولما كان المشرع في المواد 477، 916 من التقنين المدني لم يستلزم لاعتبار التصرف وصية سوى أن يصدر في مرض الموت وأن يكون مقصوداً به التبرع ولم يستوجب المشرع في هذه الحالة أن يحتفظ المتصرف بحيازة المبيع والانتفاع به طوال حياته على نحو ما اشترط في المادة 917 من التقنين المدني وإذ خلص الحكم المطعون فيه سائغاً - على نحو ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول - إلى أن تصرف المورثة للطاعن بموجب العقدين قد صدر في مرض الموت فإن ما استطرد إليه الحكم بعد ذلك في التدليل على احتفاظ المورثة بالحيازة وبحقها في الانتفاع طوال حياتها هي أسباب ناقلة ويكون النعي عليها غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأخير على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق من وجهين وقال بياناً لأولهما أن الحكم أقام قضاءه بصورية التاريخ المعطى للعقد المؤرخ 5/ 1/ 1962 على أنه لم يتدخل أو يختصم في الدعاوى أرقام 439 سنة 1961، 966 سنة 1962 مستعجل القاهرة، 320 سنة 62 مستأنف مستعجل القاهرة وأنه لم يعترض لدى تسليم المنزل للحارس القضائي في 13/ 3/ 1962 في حين أن هذه الدعاوى ومحضر التسليم كلها متعلقة بعقار آخر خلاف العقار موضوع النزاع - وقال بياناً للوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه أورد بمدوناته بأنه لم يقدم الدليل على يساره في حين أن الثابت من أقوال شاهدي المطعون ضدهما أنه قام مباني الدور الثاني من ماله الخاص وبما مؤيد بالمستندات المقدمة منه.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول غير مقبول إذ لم يقدم الطاعن ما يدل على أن هذه الدعاوى ومحضر التسليم المشار إليها بوجه النعي غير متعلقة بالعقار موضوع النزاع وهو مردود في وجهه الثاني بما هو مقرر من أن قاضي الموضوع هو وحده صاحب الحق في تقدير ما يقدم إليه في الدعوى من أدلة والأخذ بما يطمئن إليه وجدانه من أقوال الشهود وإقامة قضائه على ما استخلصه منها متى كان استخلاصه سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق دون معقب عليه من محكمة النقض ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استخلص سائغاً من أقوال الشهود أن الطاعن كان عاملاً بسيطاً وقت تحرير العقدين وأنه لم يقدم ما يدل على أنه يملك إيراداً آخر بخلاف مرتبه الضئيل وهو ما خلص منه الحكم - إلى أن التصرف الصادر من المورثة كان تبرعاً وإذ كان استخلاصه لذلك سائغاً ومتفقاً مع الثابت بأوراق الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكونه مجادلة موضوعية في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع فلا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1694 لسنة 49 ق جلسة 28 /4 / 1985 مكتب فني 36 ج 1 ق 139 ص 668

جلسة 28 من إبريل سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد المرسي محمد فتح الله نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: وليم رزق بدوي، عبد السلام خطاب، محمد لطفي السيد وعبد الله حنفي.

---------------------

(139)
الطعن رقم 1694 لسنة 49 القضائية

 (1)أحوال شخصية.
الأحوال الشخصية. ماهيتها. مجموع ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب القانون عليها أثراً قانونياً.
(2) صلح. حكم "حجية الحكم".
تصديق القاضي على عقد الصلح. عقد ليس له حجية الشيء المحكوم فيه.
 (3)إثبات "الإقرار".
الإقرار الصادر أمام القضاء حجة قاطعة على المقر. م 104 إثبات. خضوع الإقرار غير القضائي لتقدير محكمة الموضوع.
(4) إرث. إثبات "الإقرار".
عدم اعتبار الوارث من طبقة الغير بالنسبة إلى الإقرارات الصادرة من المورث. أثره سريانها قبله وإن كان له إثبات أن حقيقتها وصية قصد بها إيثار أحد الورثة إضراراً به.
(5) إرث. مرض الموت. محكمة الموضوع.
مرض الموت. ضوابطه. أن يغلب فيه الهلاك ويشعر المريض معه بدنو أجله وينتهي بالوفاة. استقلال محكمة الموضوع باستخلاص حصوله.
(6) إثبات "شهادة الشهود". محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. استقلالها بتقدير أقوال الشهود ما لم تخرج بها عن مدلولها.

----------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأحوال الشخصية هي مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب القانون عليها أثراً قانونياً في حياته الاجتماعية لكونه إنساناً أما الأمور المعلقة بالمسائل المالية فكلها بحسب الأصل من الأحوال العينية.
2 - القاضي وهو يصدق على الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من الاتفاق ومن ثم فإن هذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليس له حجية الشيء المحكوم فيه.
3 - الإقرار المقصود في المادة 104 من قانون الإثبات باعتباره حجة قاطعة على المقر هو الإقرار الصادر أمام القضاء أما الإقرار في غير مجلس القضاء فيخضع في تقدير قوته في الإثبات لمحكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك متى كان تقديرها سائغاً.
4 - الوارث لا يعتبر من طبقة الغير بالنسبة إلى الإقرارات الصادرة من المورث ومن ثم فإنها تسري عليه غير أن له أن يثبت بأي طريق من طرق الإثبات أن حقيقتها وصية قصد بها إيثار أحد الورثة إضراراً به.
5 - من الضوابط المقررة في تحديد مرض الموت أن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك ويشعر معه المريض بدنو أجله وأن ينتهي بوفاته. واستخلاص حصول هذا المرض بشروطه من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بها.
6 - تقدير أقوال الشهود والاطمئنان إليها مما تستقل به محكمة الموضوع ما دامت لم تخرج بها عن مدلولها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعنة الدعوى رقم 7454 لسنة 1971 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم ببطلان الإقرار الصادر من مورثهم بمديونيته لها بمبلغ 8999 ج والمثبت بالبند الأول من عقد الصلح المقدم في الدعوى 247 سنة 1970 أحوال شخصية عابدين وقالوا بياناً لدعواهم إنه إثر موت مورث الطرفين أعلنوا بالتصديق على عقد الصلح المقدم في الدعوى 247 سنة 1970 أحوال شخصية عابدين والمبرم بين المورث وبين زوجته الطاعنة والمتضمن إقرار المورث بزواجه منها بتاريخ 4/ 11/ 1965 على صداق قدره 9000 ج الآجل منه ستة آلاف جنيه إلا أنه نظراً لضخامة الرسوم اكتفي في وثيقة الزواج بإثبات آجل المهر 500 جنيه وعاجله جنيه واحد فقط وقد طلبته الطاعنة في تلك الدعوى أن يؤدي لها مورثهم باقي مقدم الصداق وقدره 2999 ج وأن يقرر في محضر رسمي إن ذمته مشغولة لصالحها بمبلغ 5500 ج قيمة مؤخر صداقها وأن وكيل المورث أقر بطلبات الطاعنة في محضر الصلح على أن يرجئ باقي مقدم الصداق ليؤدى لها مع مؤخره، وقد قضت محكمة الأحوال الشخصية بإلحاق محضر الصلح بمحضر الجلسة، وإذ كان هذا المهر الذي تم الصلح عليه يزيد كثيراً على مهر مثلها وأن مورثهم تصرف هذا التصرف المتسم بفقدان الرشد بعد أن أصيب في شهر إبريل سنة 1970 بمرض السرطان ونصحه الأطباء بالسفر للعلاج في الخارج وما أن تحدد موعد السفر حتى صحبته إلى مكتب الشهر العقاري وهو مكره حيث أصدر توكيلاً للأستاذ...... ليصدق أمام القضاء على توقيعه على محضر الصلح، ثم عدلوا طلباتهم إلى طلب الحكم أصلياً ببطلان التوكيل رقم 412 سنة 1970 توثيق الخليفة بتاريخ 13/ 5/ 1970 من مورثهم إلى الأستاذ.... وكافة ما يترتب على ذلك من آثار خاصة بطلان عقد الصلح المقدم في الدعوى 247 سنة 1970، واحتياطياً ببطلانه للاستغلال ومن باب الاحتياط الكلي اعتبار أن ذلك التصرف قد تم في مرض الموت وبالتالي فهو غير نافذ إلا في حدود ثلث التركة - أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ثم قضت بعد رفض الدفعين بعدم الاختصاص وبعدم القبول بعدم نفاذ التصرف الصادر من المورث (عقد الصلح) في مرض الموت إلا في حدود ثلث التركة - استأنفت الطاعنة الحكم بالاستئناف رقم 1212 لسنة 91 ق القاهرة كما استأنفه المطعون ضدهم بالاستئناف رقم 1169 لسنة 91 ق القاهرة وبتاريخ 29/ 5/ 1979 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف لبطلانه وبرفض جميع الدفوع المبداة من الطاعنة وفي موضوع الدعوى بعدم نفاذ إقرار زوج الطاعنة إلى الأستاذ...... المحامي وعقد الصلح الذي ترتب عليه إلا في حدود ثلث التركة، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على تسعة أسباب تنعى الطاعنة بالأسباب الثلاثة الأولى وبالسبب السادس منها على الحكم المطعون فيه بالبطلان والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قد جاء باطلاً لعدم تمثيل النيابة في الدعوى عملاً بأحكام القانون 628 لسنة 1955 التي توجب على النيابة أن تتدخل في كل قضية تنظر في المحاكم الابتدائية تتعلق بالأحوال الشخصية أو الوقف فضلاً عن خطئه في القضاء برفض الدفع بعدم الاختصاص النوعي للدائرة المدنية بنظر الدعوى التي تدور المنازعة فيها حول حق من حقوقها الشخصية المترتبة على عقد الزواج والمتمثل في المهر السابق تسميته بينها وبين زوجها الراحل حال حياته وبعد أن صدقت دائرة الأحوال الشخصية المختصة على إقراره بالمهر بحكم لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن بالإضافة إلى إهداره الأدلة الشرعية في إثبات حقيقة المهر المسمى بين الزوجين حيث قدمت البينة الشرعية على حقيقة مهرها في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة وشهد فيه شاهداها من أن حقيقة المهر هو تسعة آلاف جنيه فإن هذا الإثبات كان كافياً بذاته لرفض دعوى المطعون ضدهم، كما أن طلبهم إبطال عقد الوكالة الصادر من الزوج إلى وكيله فغير مقبول لعدم اختصام الطرف الثاني في عقد الوكالة وهو الأستاذ...... المحامي الصادر له التوكيل كما أخطأ الحكم إذ لم يقض بعدم جواز نظر هذه الدعوى لسابقة انتهاء النزاع فيها بالصلح القضائي الذي صدقت عليه المحكمة المختصة في الدعوى رقم 247 لسنة 1970 أحوال شخصية عابدين رغم ما للصلح من قوة تشبه قوة الشيء المقضى فيه ذلك لأن الخصوم الذين ينعقد الصلح بينهم يحكمون بأنفسهم في النزاع وقد انصرفت إرادتهم أن يقوم هذا الصلح مقام حكم القاضي الذي كان يمكن أن يصدره عند عدم اتفاقهم وعلى ذلك فللصلح نتائج تماثل النتائج التي تترتب على الحكم بمعنى أنه يمنع القضاء من إعادة النظر في المسائل التي سواها وحسمها وأن للخصم أن يتمسك ضد خصمه الذي يريد الخروج عن شروط الصلح ويحدد الدعوى بالدفع بانتهاء الدعوى بالصلح، وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك جميعه فإنه يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب غير سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأحوال الشخصية هي مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب القانون عليها أثراً قانونياً في حياته الاجتماعية لكونه إنساناً أما الأمور المتعلقة بالمسائل المالية فكلها بحسب الأصل من الأحوال العينية ولما كان من المقرر كذلك أن القاضي وهو يصدق على الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من الاتفاق ومن ثم فإن هذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليس له حجية الشيء المحكوم فيه، لما كان ذلك وكان الطلب الأصلي في الدعوى هو بطلان التوكيل الصادر من مورث المطعون ضدهم لوكيله فإن هذا الأمر لا يعد من مسائل الأحوال الشخصية التي يوجب القانون تدخل النيابة فيها ويكون الاختصاص بنظرها للدائرة المدنية بالمحكمة الابتدائية ولا يلزم لقبولها اختصام الوكيل لتعلق الطلب بتصرف الأصيل وهو مورث المطعون ضدهم باعتبارهم خلفاء له، وإذ كان ما أثبته قاضي محكمة عابدين للأحوال الشخصية في الدعوى رقم 247 لسنة 1970 بإلحاق محضر الصلح بمحضر الجلسة لا يعتبر فصلاً منه خصومه وإنما مجرد تصديق على الصلح الذي أبرم بين طرفيه وما حصل أمامه من اتفاق ومن ثم فهو لا يكتسب حجية الشيء المحكوم فيه، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر وقضى برفض ما أبدته الطاعنة من دفوع في شأن الاختصاص النوعي وعدم القبول وعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يكون قد أصاب صحيح القانون ويغدو النعي عليه بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث تنعى الطاعنة بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي فهم الواقع وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضدهم زعموا أن إقرار مورثهم في التوكيل الصادر منه لمحاميه بمبلغ تسعة آلاف جنيه كمهر للطاعنة هو تبرع منه لزوجته لأنه أعطى لها دون أن يأخذ مقابلاً لما أعطاه في حين أنه أثبتت بالبينة الشرعية أن هذا المبلغ يمثل مهرها المتفق عليه ومن ثم فهو ملتزم بأدائه عاجلاً أو آجلاً بحسب الاتفاق بينهما كما يعتبر ديناً لها في تركته لا يؤثر في صحة بطلان الورقة المثبتة له خاصة وأنه لا يلزم أن يكون الإقرار مكتوباً، وإذ ثبت إقرار الزوج (المورث) بهذا المهر الحقيقي قبل إصدار التوكيل المطلوب الحكم ببطلانه فإن المطالبة بهذا البطلان تكون لا جدوى منها كما أن حصول الصلح الذي صدقت عليه المحكمة بعد الإقرار لا يستقيم معه قولهم ببطلانه لوقوعه من الزوج وهو تحت تأثير إكراه خاصة أنه قول يفتقر إلى أي دليل، ويكون قضاء الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الإكراه المدعى به لا جدوى منه، أما طعنهم على الإقرار بصدوره في مرض الموت فلا يستقيم بدوره لأن شروط مرض الموت غير متوافرة حيث لم يكن المورث يشعر في أي وقت بدنو أجله بل كان في حالة معنوية طيبة وهو ما يقطع برجاحة عقله وعدم تأثره بأي مرض أو باحتمال الموت وجاءت وفاته بسبب إصابته بقرحة قديمة في المعدة بما لا يمكن وصفه بمرض الموت، وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببطلان الإقرار فيما يجاوز ثلث التركة تأسيسياً على حصوله في مرض الموت لثبوت إصابة المورث بمرض السرطان الذي يغلب فيه الهلاك دون أن يواجه أدلة الطاعنة آنفة البيان فإنه يكون خاطئاً في فهم الواقع وفي تطبيق القانون جديراً بالنقض.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود ذلك أن الإقرار المقصود في المادة 104 من قانون الإثبات باعتباره حجة قاطعة على المقر هو الإقرار الصادر أمام القضاء أما الإقرار في غير مجلس القضاء فيخضع في تقدير قوته في الإثبات لمحكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك متى كان تقديرها سائغاً، وأن الوارث لا يعتبر من طبقة الغير بالنسبة إلى الإقرارات الصادرة من المورث ومن ثم فإنها تسري عليه غير أن له أن يثبت بأي طريقة من طرق الإثبات أن حقيقتها وصية قصد بها إيثار أحد الورثة إضراراً به، ولما كان من الضوابط المقررة في تحديد مرض الموت أن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك ويشعر معه المريض بدنو أجله وأن ينتهي بوفاته واستخلاص حصول هذا المرض بشروطه من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بها، وكان تقدير أقوال الشهود والاطمئنان إليها مما تستقل به كذلك ما دامت لم تخرج بها عن مدلولها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أوضح في أسبابه أنه لا يطمئن إلى أقوال شهود الطاعنة الذين أشهدتهم لإثبات ادعائها إقرار الزوج منذ زواجه بها بأن حقيقة مهرها هو الذي تضمنه محضر الصلح بما ينتج معه اطمئنان محكمة الموضوع بصدور هذا الإقرار في حينه وأنه لم يصدر من المورث إلا بعد أن أصيب بمرض السرطان في 4/ 5/ 1970 وصدر قرار جمهوري بسفره للعلاج في الخارج في 11/ 5/ 1970 حيث أصدر التوكيل موضوع التداعي إلى الأستاذ...... المحامي في 13/ 5/ 1970 والذي أقر بمقتضاه على عقد الصلح الذي ألحق بمحضر الجلسة في القضية رقم 247 سنة 1970 أحوال شخصية عابدين واستخلص من ذلك أن المورث بعد ما ثبت مرضه بالسرطان وهو مرض يغلب فيه الهلاك ويشعر فيه المريض بدنو أجله قد قصد التبرع لزوجته الطاعنة بإقراره لها بمهر غير حقيقي مؤثراً إياها على باقي ورثته وهم المطعون ضدهم ورتب على ذلك عدم نفاذ هذا التصرف الصادر في مرض الموت إلا في حدود ثلث التركة باعتباره وصية، وكان هذا الذي استخلصه الحكم سائغاً وقد أورد دليله وفيه ما يكفي للرد الضمني على ما أثارته الطاعنة من أدلة وقرائن للتدليل على عكس ما اقتنعت به المحكمة فإن النعي عليه بهذه الأسباب يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1282 لسنة 53 ق جلسة 27 / 3 / 1991 مكتب فني 42 ق 131 ص 823

جلسة 27 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة/ وليم رزق بدوي وعضوية السادة المستشارين: طه الشريف، أحمد أبو الحجاج نائبي رئيس المحكمة، شكري العميري وعبد الرحمن فكري.

-----------------

(131)
الطعن رقم 1282 لسنة 53 القضائية

(1) بيع. "مرض الموت". وصية. عقد. حكم.
اعتبار التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت. شرطه. أن يكون على سبيل التبرع أو أن يكون الثمن يقل عن قيمة المبيع بما تجاوز ثلث التركة. المادتان 477، 916 من القانون المدني. إثبات صدور البيع في مرض الموت. اعتباره على سبيل التبرع. إثبات أن العقد لم يكن مقصوداً به التبرع وأن الثمن يناسب قيمة المبيع كاف لحمل قضاء الحكم في إثبات العوض. مؤداه. التعرض لصدور التصرف في مرض الموت. غير لازم.
 (2)عقد "عيوب الإرادة" "الإكراه". بطلان "بطلان التصرفات". مرض الموت. محكمة الموضوع.
الإكراه المبطل للرضا. تحققه بتهديد المتعاقد بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط غير مستند إلى حق ولا قيل له باحتمالها أو التخلص منها ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختياراً. تقدير وسائل الإكراه من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. المرض لا يعد بذاته وسيلة ضغط أو إكراه تعيب الإرادة مهما كانت خطره. علة ذلك. حالات التصرف المعقود في مرض الموت. خضوعها لأحكام خاصة. يجب إعمالها دون غيرها. المادتان 477، 916 من القانون المدني.

----------------
1 - مفاد نص المادتين 477، 916 من القانون المدني أن العبرة في اعتبار التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت أن يكون على سبيل التبرع أو أن يكون الثمن يقل عن قيمة المبيع بما يجاوز ثلث التركة فإذا أثبت الورثة أن البيع تم في مرض الموت اعتبر البيع على سبيل التبرع ما لم يثبت المشتري عكس ذلك، لما كان ذلك، وكانت أسباب الحكم المطعون فيه وما اعتنقه من أسباب الحكم المستأنف قد استدل بقرائن سائغة على أن الثمن دفع وأنه يتساوى مع قيمة المبيع واستخلص ذلك من الخطاب الذي أرسله المورث قبل التصرف إلى الشاهد بأن البائعين كانوا يبحثون عن مشتر للأرض في حدود ثمن خمسمائة جنيه للفدان وقد رفضت إحدى المشتريات التي ورد اسمها في الخطاب المؤرخ 18/ 6/ 1977 الشراء بهذا الثمن وكذلك من أقوال شاهد المطعون ضدهم بأن المورث كان يبغي إيداع قيمة نصيبه من ثمن البيع بنك مصر وهو في حدود خمسة أو ستة آلاف جنيه بما يعني أن العقد لم يكن مقصوداً به التبرع وأن الثمن في الحدود المناسبة لقيمة المبيع وهي قرائن كافية وحدها لحمل قضاء الحكم في إثبات العوض وإثبات تناسبه مع قيمة المبيع، ومن ثم فلا حاجة للحكم للتحدث عن صدور التصرف في مرض الموت أو إثبات ذلك بطريق آخر طالما كونت المحكمة عقيدتها من قرائن ثابتة لها أصلها في الأوراق.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإكراه المبطل للرضا لا يتحقق إلا بتهديد المتعاقد المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن يتقبله اختياراً على أن يكون هذا الضغط غير مستند إلى حق وأن تقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها في المتعاقد هو من مسائل الواقع التي تخضع لسلطة محكمة الموضوع التقديرية ولا رقابة لمحكمة النقض عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، والمرض لا يعد بذاته وسيلة ضغط أو إكراه تعيب الإرادة - مهما كان خطره إذ لا يد للإنسان فيه وقد عالج المشرع حالات التصرف التي تعقد إبان المرض الذي يتصل بالموت بأحكام خاصة أوردها في المادتين 477، 916 من القانون المدني بما يتعين معه إعمالها دون غيرها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن حاز أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين - من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 1224 لسنة 1977 مدني كلي كفر الشيخ ضد الطاعنين وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد العرفي المؤرخ 29/ 1/ 1974 والمتضمن بيع الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين والمطعون ضدهم عدا الأول مساحة 28 فداناً أطياناً زراعية شائعة في مساحة 52 فدان والموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة والعقد لقاء ثمن قدره 12600 ج وإذا امتنعوا عن إتمام إجراءات نقل الملكية فقد أقام الدعوى، أحيلت الدعوى إلى محكمة شمال القاهرة فقيدت بها برقم 7693 لسنة 1978 - ثم أقام الطاعنون الدعوى رقم 613 لسنة 1979 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدهم بطلب الحكم ببطلان العقد سالف البيان استناداً إلى أن البيع تم في مرض الموت فضلاً عن عدم تناسب الثمن مع قيمة المبيع، ضمت الدعوى الأخيرة إلى الدعوى رقم 7693 لسنة 1978 ليصدر فيهما حكم واحد، حكمت المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع وفي الدعوى الأخرى برفضها. استأنف الطاعنون الحكم بالاستئناف رقم 6087 سنة 97 ق أمام محكمة استئناف القاهرة وبعد أن أحالت الدعوى إلى التحقيق حكمت في 17/ 3/ 1983 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم 6793/ 1978 وبتأييده في الدعوى رقم 613/ 1979 بالنسبة لمساحة 28 فدان موضوع الدعوى الأولى وبإلغائه بالنسبة لمساحة 24 فدان الخاصة بالمحجور عليه وببطلان العقد في حدود تلك المساحة. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقض الحكم وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فأمرت بتحديد جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالأسباب من الأول إلى الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والبطلان وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا في دفاعهم بأن البيع تم من مورثهم وهو في مرض الموت مدللين على ذلك بالمستندات المقدمة منهم وبأقوال الشهود. كما أن الثمن غير مناسب لقيمة الأرض وقد التفت الحكم المطعون فيه عن تحقيق مدى توافر البيع في مرض الموت واستدل - على دفع الثمن وتناسبه إلى عقد البيع وإلى عدم مجادلتهم فيه وإلى توقيع الطاعنة على عقد البيع محل النزاع رغم أنها وقعت كشاهدة وليست كخلف عام للمورث وتعتبر من الغير بالنسبة لسريان التصرف في حقها بحيث لا يسري إلا في حدود الثلث وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم المستأنف بالنسبة لمساحة 28 فداناً دون أن يعن بدفاعهم الجوهري مستدلاً على تناسب الثمن بأقوال الشهود مع أنها لم تتعرض لذلك - فإنه يكون معيباً بالأوجه الواردة بسبب النعي.
وحيث إن النعي في جملته غير سديد، ذلك أن مفاد نص المادتين 477، 916 من القانون المدني أن العبرة في اعتبار التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت أن يكون على سبيل التبرع أو أن يكون الثمن يقل عن قيمة المبيع بما يجاوز ثلث التركة فإذا أثبت الورثة أن البيع تم في مرض الموت اعتبر البيع على سبيل التبرع ما لم يثبت المشتري عكس ذلك، لما كان ذلك، وكانت أسباب الحكم المطعون فيه وما اعتنقه من أسباب الحكم المستأنف قد استدل بقرائن سائغة على أن الثمن دفع وأنه يتساوى مع قيمة المبيع واستخلص ذلك من الخطاب الذي أرسله المورث قبل التصرف إلى الشاهد بأن البائعين كانوا يبحثون عن مشتر للأرض في حدود ثمن خمسمائة جنيه للفدان وقد رفضت إحدى المشتريات التي ورد اسمها في الخطاب المؤرخ 18/ 9/ 1977 الشراء بهذا الثمن وكذلك من أقوال شاهد المطعون ضدهم بأن المورث كان يبغى إيداع قيمة نصيبه من ثمن البيع بنك مصر وهو في حدود خمسة أو ستة آلاف جنيه بما يعني أن العقد لم يكن مقصوداً به التبرع وأن الثمن في الحدود المناسبة لقيمة المبيع وهي قرائن كافية وحدها لحمل قضاء الحكم في إثبات العوض وإثبات تناسبه مع قيمة المبيع، ومن ثم فلا حاجة للحكم للتحدث عن صدور التصرف في مرض الموت أو إثبات ذلك بطريق آخر طالما كونت المحكمة عقيدتها من قرائن ثابتة لها أصلها في الأوراق.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع بالبطلان ومخالفة القانون وفي بيانه يقولون إنهم تمسكوا بوقوع إكراه مبطل لإرادة البائعين تمثل في المرض الخطير الذي ألم بأحدهم وما انتاب شقيقهم من فزع لعلاج هذا المرض وهي حالة تمثل ضغطاً تتأثر بها إرادة المتصرف فيندفع إلى التعاقد وهو ما يفسر إرادته وأنه ليس من الضروري أن تصيب الرهبة المتعاقد ذاته بل قد نصب شخصاً غيره وثيق الصلة به فيتحقق الإكراه، وإذ لم يأخذ الحكم بهذا النظر فإنه يكون معيباً بالبطلان ومخالفة القانون.
وحيث إن النعي غير مقبول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإكراه المبطل للرضا لا يتحقق إلا بتهديد المتعاقد المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن يتقبله اختياراً على أن يكون هذا الضغط غير مستند إلى حق وأن تقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها في المتعاقد هو من مسائل الواقع التي تخضع لسلطة محكمة الموضوع التقديرية ولا رقابة لمحكمة النقض عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه لم ير في المرض الذي ألم بالمورث ما يحقق وسيلة الإكراه التي تعيب إرادته أو إرادة شقيقه وكان ذلك بأسباب سائغة، وذلك أن المرض لا يعد بذاته وسيلة ضغط أو إكراه تعيب الإرادة - مهما كان خطره إذ لا يد للإنسان فيه وقد عالج المشرع حالات التصرف التي تعقد إبان المرض الذي يتصل بالموت بأحكام خاصة أوردها في المادتين 477، 916 من القانون المدني بما يتعين معه إعمالها دون غيرها. ومن ثم فإن النعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع، ومن ثم يكون غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.