الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 22 سبتمبر 2022

الطعن 777 لسنة 30 ق جلسة 14 / 4 / 1990 إدارية عليا مكتب فني 35 ج 1 أحزاب ق 2 ص 27

جلسة 14 من إبريل سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيرة نواب رئيس مجلس الدولة. ومن الشخصيات العامة: السادة الأساتذة: خالد طاهر عبد الباري وكيل أول وزارة القوى العاملة وسيد محمد علي موسى رئيس مجلس إدارة هيئة تنشيط السياحة وعبد المنعم أحمد محمد البحيري نائب رئيس هيئة القطاع العام لتوزيع القوى الكهربائية والدكتور مراد عبد السلام يوسف مدير عام طب الأسنان بوزارة الصحة وفتحي محسن سلامة رئيس قطاع الجمارك.

----------------

(2)
الطعن رقم 777 لسنة 30 القضائية

(أ) اختصاص - ما يدخل في اختصاص المحكمة الإدارية العليا.
المادة 8 من قانون الأحزاب السياسية معدلة بالقانون رقم 144 لسنة 1980 ورقم 114 لسنة 1980 - يجوز لطالبي تأسيس الحزب أن يطعنوا بالإلغاء في قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة - ميعاد الطعن في قرار اللجنة يكون خلال الثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة - تطبيق.
(ب) دعوى - عوارض سير الدعوى - انقطاع سير الخصومة.
إقامة الطعن ضد رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بصفته - لجنة الأحزاب السياسية لجنة دائمة ومستمرة يمثلها رئيسها أمام القضاء وتنوب عنه قضايا الدولة نيابة قانونية - هذه اللجنة هي في حقيقتها لجنة إدارية وما يصدر منها هو قرار إداري ومحل لدعوى الإلغاء - تغيير شخص واسم رئيس اللجنة لا يترتب عليه انقطاع سير الخصومة في الطعن - تطبيق.
(جـ) دعوى - التدخل في الدعوى.
القانون رقم 40 لسنة 1977 - طالبوا تأسيس الحزب هم من حصر فيهم القانون الصفة والمصلحة في تقديم إخطارات ومستندات الحزب ومتابعة الإجراءات أمام اللجنة بواسطة وكيل عنهم ولهم الطعن في القرار الصادر من اللجنة بالاعتراض أمام المحكمة الإدارية العليا - لا تثبت الصفة القانونية لغير طالبي التأسيس سواء في متابعة الإجراءات أو الطعن أو الانضمام إليهم - مصلحة المتدخل في الطعن إنما تنشأ بقيام الحزب وتمتعه بالشخصية القانونية وله الانضمام إليه والدعاية لبرامجه - عدم قبول التدخل لانتفاء الصفة - تطبيق.
(د) أحزاب سياسية - لجنة الأحزاب السياسية - تشكليها.
المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلاً بالقانون رقم 144 لسنة 1980 ورقم 114 لسنة 1983 - الطعن على قرار لجنة الأحزاب السياسية بالبطلان بسبب انتماء رئيس اللجنة إلى الحزب الوطني الحاكم - غير صحيح - أساس ذلك: القانون رقم 40 لسنة 1977 لم يرد فيه نص صريح بشأن عدم انتماء مقرر بشأن القضاة من أحكام قانونية تتعلق بالحيدة والتنحي والمنع من المشاركة في الحكم - سماع إيضاحات إضافية من ذوي الشأن بعد تقديم طلب التأسيس ومستنداته هو أمر جوازي للجنة إذا رأت لزوم لذلك قبل إصدار قرارها بالاعتراض - إذا قررت أن الفصل في الطلب لا يحتاج إيضاحات كان لها ذلك - أساس ذلك: الطعن في قرارها بالبطلان في هذه الحالة يثير بالضرورة أمام المحكمة التحقق من الأسباب التي استندت إليها اللجنة ومدى قيامها على أسباب ثابتة في الأوراق - تطبيق.
(هـ) أحزاب سياسية:
المادة الخامسة من دستور سنة 1971 المعدلة في 22/ 5/ 1980 - بموجب هذا التعديل يكون الدستور قد استعاض عن التنظيم الشعبي الوحيد ممثلاً في الاتحاد الاشتراكي المصري بنظام تعدد الأحزاب - أساس ذلك: تعميق الديمقراطية وتوكيد السيادة الشعبية - جاء هذا التعديل انطلاقاً من حقيقة أن الديمقراطية تقوم أصلاً على الحرية وأنها تتطلب تعدداً حزبياً بل تحتم هذا التعدد - لم يرد المشرع أن يطلق الحرية الحزبية إطلاقاً لا سبيل إلى تنظيمها وإنما أراد أن يكون التعدد الحزبي دائراً في إطار المقومات والمبادئ العامة الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور - المشرع الدستوري عهد إلى القانون تنظيم الأحزاب السياسية على أن يقف التدخل التشريعي عند حد التنظيم الذي ينبغي ألا يتضمن نقضاً للحرية الحزبية أو انتقاصاً منها وأن يلتزم بالحدود والضوابط التي نص عليها الدستور - إذا تجاوز ذلك إلى حد إهدار الحرية ذاتها أو النيل منها أو خرج على القواعد والضوابط التي نص عليها الدستور وقع القانون فيما تجاوز فيه دائرة التنظيم مخالفاً للدستور - الدستور والقانون في تنظيمهما للأحزاب السياسية تطلبا توافر شروط محددة في مبادئها وبرامجها وأهدافها ووسائلها باعتبارها تنظيمات تسعى أساساً إلى المشاركة في مسئوليات الحكم - نتيجة ذلك: متى قام مانع قانوني يتعارض مبادئه أو برامجه أو أهدافه مع شيء مما تقدم فإنه يتعين رفض طلب التأسيس - تطبيق.
(و) أحزاب سياسية - مبادئ الحزب.
تقدم طالبي تأسيس الحزب بنظريته التي يعتنقها فكراً وعملاً ويجعلها القدوة المثلى بمبادئه وبرامجه وأساليبه عند المشاركة في الحكم أو الوصول إلى سلطة الحكم قد ثبت عدم تحقيقها للديمقراطية بالمعنى البسيط فكراً وتجربة وبعدها عن الديمقراطية السليمة - ما ينادي به الحزب يتعارض مع مبدأ سيادة الدستور والقانون - إذا كان قرار لجنة الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب بني على أسباب منها أنه حزب شمولي ولا يؤمن بالديمقراطية أو بتعدد الأحزاب طبقاً للدستور والقانون رقم 40 لسنة 1977 - متى ثبت أن مفهوم الديمقراطية لدى الحزب لا يتلاقى مع مفهوم الديمقراطية التي يقوم عليها النظام السياسي في جمهورية مصر حسبما ورد بالدستور ويرجع بفكره إلى حقبة مضت من تاريخ جمهورية مصر العربية السياسي تجاوزتها التطورات الدستورية والقانونية السارية التي تقوم في أساسها على سيادة القانون وحرية الرأي والتعبير فإن قرار لجنة الاعتراضات يكون قائماً على سببه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء 18 من يناير سنة 1984 أودع الأستاذ/ عصمت سيف الدولة المحامي وكيلاً عن السيد/ كمال محمد عن نفسه وبصفته وكيلاً عن طالبي تأسيس الحزب الناصري قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن رقم 777 لسنة 30 ق عليا ضد الدكتور/ محمد صبحي عبد الحكيم بصفته رئيساً للجنة شئون الأحزاب السياسية وذلك عن قرار اللجنة الصادرة بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1983 بالاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ كمال أحمد محمد بتاريخ 11 من أغسطس سنة 1983 باعتباره وكيلاً عن طالبي الحزب الناصري، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام المطعون ضده بالمصروفات، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبمحو العبارات التي تضمنتها صحيفة الطعن والتي أشارت إليها مذكرة إدارة قضايا الدولة وإلزام المطعون ضده بالمصروفات. وعرض الطعن على المحكمة بجلسة 28/ 4/ 1984 وتدوول بالجلسات إلى أن قضت المحكمة بجلسة 4 من مايو سنة 1985 بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية البندين (ثانياً) و(سابعاً) في المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 77 الخاص بنظام الأحزاب السياسية فقيدت برقم 44 لسنة 7 ق. ع بجدول المحكمة الدستورية العليا التي قضت فيها بجلسة 7 من مايو 88 (أولاً) برفض الطعن بعدم دستورية البند (ثانياً) من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 77 (ثانياً) بعدم دستورية البند (سابعاً) في المادة الرابعة من القانون المشار إليه وذلك فيما تضمنه من اشتراطه ألا يكون بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جديدة على قيامه بالدعوة أو المشاركة في الدعوى أو التجنيد أو الترويج بأية طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع معاهدة السلام بين جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء بتاريخ 20 إبريل سنة 1979 وأعيدت الأوراق لهذه المحكمة بتاريخ 29/ 5/ 1988.
واستؤنف نظر الطعن بجلسة 11/ 6/ 1988 وتدوول بالجلسات وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً تكميلياً رأت فيه الحكم أولاً: برفض الدفع بانقطاع سير الخصومة في الطعن، ثانياً: الحكم بعدم قبول تدخل الأستاذ/ عطية طه سليمان المحامي منضماً للطاعن في طعنه، ثالثاً: توافر الشروط المنصوص عليه في البند (ثانياً) من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 77 في شأن الحزب الناصري وقدم الطاعن مذكرات بالتصميم على طلباته بإلغاء القرار المطعون فيه كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرات انتهت فيها إلى طلب الحكم أولاً/ بانقطاع سير الخصومة في الطعن لزوال صفة المطعون ضده ثانياً: برفض الطعن وتأييد القرار المطعون فيه وتدوول الطعن بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت المحكمة بجلسة 20/ 2/ 1990 إصدار الحكم بجلسة 27/ 3/ 90 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
وحيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما جاءت في الأوراق في أنه بتاريخ 11 من أغسطس سنة 1983 تقدم الطاعن عن نفسه وبصفته وكيلاً عن ستين مواطناً إلى لجنة الأحزاب السياسية بإخطار كتابي عن تأسيس "الحزب الناصري" تنظيم تحالف قوى الشعب العامل" وأرفق المستندات التي يتطلبها القانون وبتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1983 أصدرت اللجنة قرارها المطعون فيه بالاعتراض على تأسيس الحزب وأقامت اللجنة قرارها على أنه تبين من الاطلاع على برنامج الحزب الناصري ولائحته ونظامه الداخلي ما يلي:
أولاً: أن الإعلان السياسي وبرنامج الحزب ونظامه الداخلي تدل بوضوح على أنه يقوم على النظام الشمولي ولا يؤمن بالديمقراطية أو بتعدد الأحزاب طبقاً لما جاء بالدستور. فقد نصت المادة الرابعة في نظامه الداخلي على أن "يلتزم أعضاء الحزب بالمنهج الناصري الموجود في وثائق ثورة يوليو (الميثاق الوطني - بيان 30 مارس).
كما أكد في الإعلان السياسي للحزب (ص 2) أن ثورة يوليو رسمت طريقاً واضحاً أمام هذه الجماهير لتكون لها حركتها الواحدة وتنظيمها الواحد، وهو ما ردده أيضاً برنامج الحزب (ص 2) في أن الناصرية التي ينتمي إليها الحزب" ترى في الثورة الطريق الذي تستطيع المجتمعات أن تسير عليه من الماضي إلى المستقبل وأنها "الوسيلة الوحيدة التي تستطيع بها الشعوب المقهورة أن تخلص نفسها من الأغلال التي كبلتها وأن الثورة هي الوسيلة الوحيدة لمقابلة التحدي الكبير الذي ينتظر الأمة العربية وغيرها من الأمم التي تستكمل نموها".
ثانياً: إن ما جاء ببرنامج الحزب على ما سلف بيانه يتعارض مع الشرعية الدستورية التي يقوم عليها نظام الحكم في مصر ويرمي إلى عودة الشرعية الثورية التي تستبيح أي تغيير عن غير السبيل الدستوري لمواجهة ما أسماه التحدي الكبير الذي ينتظر - في المستقبل بداهة - الأمة العربية.
ثالثاً: أن البرنامج يقرر (ص 12) أن واقع المجتمع المصري فرض أن تكون الاشتراكية العلمية هي المخرج العلمي من قيود التخلف وأن الاشتراكية العلمية تختلف عن الاشتراكية المادية لأن صيغة "العلمية" ترتبط بأسلوب معين للتفكير العلمي والاشتراكية العلمية التي ينادي بها الحزب هي بعينها الماركسية التي تختلف كلية عن النظام الاشتراكي الديمقراطي الذي يقوم عليه الأساس الاقتصادي للبلاد طبقاً للمادة الرابعة من الدستور، كما أن النظام الماركسي الذي يدعو إليه يؤدي في حقيقة الأمر إلى نظام شمولي تتحكم فيه طريقة واحدة بالمخالفة لأحكام الدستور وقانون الأحزاب.
رابعاً: إن الحزب المطلوب تأسيسه يرتد في تكوين تصوره الاقتصادي إلى حقبة ماضية في تاريخ مصر هي التي يحكمها ميثاق العمل الوطني الصادر سنة 1962 فقد اقتبس في برنامجه مقتطفات عديدة من الميثاق منها (ص 4) تعريفه للديمقراطية بأنها توكيد السيادة للشعب (ص 857) وأنها ترتكز على الديمقراطية الاجتماعية وأن علاج التناقض بين مصالح العمال والرأسمالية الوطنية وبين العمال والفلاحين مرهون بتجريد الرجعية من كافة أدواتها.
وبذلك يكون هذا البرنامج قد خالف ما نصت عليه مبادئ الاستفتاء في الالتزام بالدستور وحده كوثيقة أساسية كما لم يحدد معنى "الرجعية" مما يفتح الباب لصراعات طبقية عديدة مما يتنافى مع السلام الاجتماعي الذي نص قانون الأحزاب على وجوب الالتزام به.
خامساً: إن البرنامج يدعو (ص 8) إلى إلغاء الملكيات الوهمية المفروضة على الصحافة ونقل ملكيتها للشعب ملكية حقيقية بحيث لا يسمح بسيطرة فرد أو سيطرة قلة عليها، وهو ما يعني حرمان جميع الأحزاب من حقها في إصدار الصحف بالمخالفة للمادة 15 من قانون الأحزاب ويؤدي بالتالي إلى مظهر من مظاهر النظام الشمولي الذي يهدف الحزب إلى عودته.
سادساً: إن النظام الداخلي للحزب (مادة 48) لم يتضمن ما تستوجبه المادة الخامسة من قانون الأحزاب من وجوب تحديد الجهة التي تؤول إليها أموال الحزب في حالة الحل حتى يخضع ذلك لتقدير لجنة شئون الأحزاب عند نظر طلب تأسيس الحزب أما ترك أمر تحديد هذه الجهة للمؤتمر العام للحزب عند حله فإنه يسمح بتوجيه هذه الأموال عندئذ إلى جهات غير شرعية أو مشروعة.
وأضافت هيئة قضايا الدولة في مذكرات لاحقه سبباً جديداً (سابعاً) هو ثبوت عدم تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى وليس عن حزب واحد منها فقط بما يفقد الحزب شرطاً من الشروط المطلوبة لتأسيسه.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على القرار المطعون فيه مخالفة القانون وأنه مشوب بالبطلان لما يأتي أولاً: عدم صلاحية رئيس اللجنة الدكتور محمد صبحي عبد الحكيم لتولي رئاسة لجنة شئون الأحزاب التي أصدرت القرار المطعون فيه باعتباره رئيساً لمجلس الشورى فهو أحد قادة الحزب الوطني الديمقراطي وأقطابه وعضو المكتب السياسي ورئيس اللجنة الفكرية فيه الذي يصوغ مبادئه ويشرف على تلقينها وتعليمها للأعضاء وتجميع المواطنين عليها وهي أفكار ومبادئ متميزة عن أفكار ومبادئ الحزب المعترض عليه بحكم القانون والواقع وأنه لا يزال على جدية انتمائية إلى الحزب الوطني الديمقراطي والتزام سياسته وانتصاره له على غيره من الأحزاب وأنه لم يتخل عن نشاطه الحزبي بعد اختياره رئيساً لمجلس الشورى وبصفته هذه يرأس لجنة شئون الأحزاب السياسية التي لا يصبح رئيساً لها إلا إذا كان محايداً بين الأحزاب وكان عليه أن يوقف نشاطه الحزبي التزاما بأحكام القانون حتى يكون صالحاً لرئاسة لجنة شئون الأحزاب وهو حياد مطلوب بحكم الضرورة القانونية والضرورة السياسية والضرورة الأخلاقية وقد أكد ذلك القانون رقم 40 لسنة 1977 قبل تعديله حيث جعل رئاسة اللجنة لأمين اللجنة المركزية الاشتراكي العربي أو مساعدة (م 20) القانون أن يكون مستقلاً عن الأحزاب أو أن يوقف نشاطه الحزبي فور اختياره أميناً كما نص القانون على أن يكون من بين أعضاء اللجنة ثلاثة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين وهم غير منتمين إلى الأحزاب السياسية وهكذا فإن شرط الحياد والاستقلال مقرر وثابت ومفهوم ضمناً دون حاجة إلى إيراد نص خاص بغرض أن يكون رئيس اللجنة مستقلاً عن الأحزاب ومثل ذلك الشرط مستقر في مجال القضاء، وأن انعدام الحيدة بين الأحزاب في رئيس اللجنة التي لا يصح انعقادها بدونه والذي يضعه القانون موضع المرجع بين الوزراء والأعضاء غير المنتمين إلى أحزاب عند اختلاف الرأي بما يعنيه هذا من افتراض الحياد بين الآراء المختلفة، يخل بتشكيل اللجنة ذاتها إذ يجعل الأغلبية فيها من المنتمين إلى الحزب فيتحول إلى لحنة حزبية، كما أن العدالة تستوجب الحياد بالنسبة إلى الموضوع وإلى الأشخاص في كل من يخوله القانون سلطة المشاركة في اتخاذ قرار في موضوع تتعلق به مصلحة غيره من الناس بما يحتاج إلى نص يقررها.
ثانياً: بطلان الإجراءات فقد أهدرت اللجنة بجرأة ظاهرة قواعد الإجراءات التي ألزمها القانون بإتباعها إذ أوجب القانون أن يصدر قرار اللجنة بالاعتراض على تأسيس الحزب مسبباً بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن، والذي حدث أنه تحت تأثير التحيز وخلافاً لما جرت عليه اللجنة في حالات أخرى، تجاهلت اللجنة ذوي الشأن في الحزب موضوع القرار المطعون فيه فلا طلبت منهم شيئاً ولا سمعت منهم شيئاً وأصدرت قرار الاعتراض المطعون فيه مما يؤكد انعدام الحياد ويوقع بالقرار الأثر الحتمي وهو البطلان. ثالثاً: بطلان الأسباب فقد صدر القرار مستنداً إلى أسباب ملفقة تلفيقاً بعيداً عن واقع ما جاء في الوثائق التي قدمت إلى اللجنة ومتعسفة في تفسير النصوص تعسفاً ينحرف بها عن دلالتها الواضحة ومنحرفة عن المصلحة العامة إلى حد شمولها سبباً مناهضاً للمبادئ الأساسية المقررة في الدستور ومؤثماً في حكم القانون بل إن أكثر من سبب مما استند إليه القرار قد زور النصوص بالحذف وبالإضافة وجاءت الأسباب مخالفة للواقع ولحسن النية الذي هو أحد المبادئ الكلية في القانون وفيما يلي بيان ذلك: السبب الأول: وهو قيام الحزب على النظام الشمولي وأنه لا يؤمن بالديمقراطية أو بتعدد الأحزاب طبقاً لما جاء في الدستور فهذا السبب يمثل أقصى درجات مخالفة القانون والانحراف بالسلطة والتعسف في استعمالها وخروجاً على أحكام الدستور إذ أن اختصاص اللجنة محصور في فحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقاً لأحكام القانون وليس من سلطتها وضع شروط أو قيود لم يعرفها المشرع وقد حددت المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 تسعة شروط لتأسيس الحزب ليس من بينها السبب الأول للقرار ولا يمت إليه بصلة قريبة أو بعيدة كما استعملت اللجنة كلمات عامة مطلقة لا يعرفها القانون ويتعذر ضبط دلالتها كالنظام الشمولي والإيمان بالديمقراطية كما أن اللجنة لم تنف عن المؤسسين مجتمعين أو منفردين الإيمان بالديمقراطية ويكفي دليلاً على ذلك تقدمهم لتأسيس هذا الحزب فهو تعبير صريح عن التقاء إرادتهم على الالتزام بقانون ينظم مبدأ تعدد الأحزاب المنصوص عليه في الدستور ثم إن اختيارهم لتأسيس حزب خاص بهم على مبادئ متميزة عن مبادئ الأحزاب الأخرى بشروط محددة للعضوية يؤكد التزامهم بمبدأ تعدد الأحزاب ذلك لأنها التخصص يناقض الشمول وإرادة التميز كحزب هي ذاتها إرادة تمايز الأحزاب فتعددها، كما أن اللجنة انتزعت تعسفياً النصوص التي ذكرتها في القرار في مواضع متباينة الموضوع متباعدة السياق موزعة فيما بين الإعلان والبرنامج والنظام الداخلي وجمعت معاً في محاولة تلفيق تركيبة لغوية تساند الغاية غير المشروعة التي استهدفت القرار ذلك المنهج ليس مبادئ ولا سياسات ولكنه طريقة للفهم وأن الفهم غير المتعسف لماهية التزام الأعضاء يجب أن يكون المنهج الناصري الموجود في ثورة يوليو كما هو معبر عنه في برامج الحزب ثم أن الإعلان قيد المنهج الناصري بما هو إيجابي ولم يأخذه على إطلاقه وأن الحزب ينطلق من قاعدة فكرية أصلية على ميثاق الثورة ووثائقها وحصيلة ممارستها الإيجابية في الواقع المصري والعربي والعالمي وهو مفهوم لا يتعارض مع قبول تعدد الأحزاب كما أن ما ورد بالإعلان السياسي عن حركة القومية العربية ووحدة الجماهير العربية إنما يعني الحركة العربية الواحدة وهي ليست حزباً بالمعنى الوارد في القانون رقم 40 لسنة 1977 يستهدف المشاركة في مسئولية الحكم في مصر ولكنها دعوة إلى وحدة حركة الجماهير في سبيل وحدة الأمة العربية وحدة تأتي ديمقراطياً لا بالاعتراض وأن ذلك هو الطريق الذي أختاره الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في أول سبتمبر سنة 1971 وهو دستور إتحاد الجمهوريات العربية الذي لا يزال قائماً رغم قيام الدستور المصري الذي استفتى عليه في 11 سبتمبر سنة 1971، كما أن النص الوارد بشأن الثورة يتحدث عن الثورة ضد الرواسب التي أثقلت كاهل الشعوب لمغالبة التخلف الذي جاء نتيجة القهر والاستغلال ومغالبة الفوارق بين التقدم والتخلف التي تضاعفت فيها الاكتشافات العلمية الهائلة وأن ذلك هو التحدي الذي تواجهه الشعوب بالثورة بالمعنى المجازي كالثورة الصناعية أو الزراعية أي مضاعفة الجهد وليس بالمعنى القانوني أو السياسي بالخروج على الشرعية - ومما سبق يتضح أن السبب الأول للقرار المطعون فيه غير مشروع مستخلص استخلاصاً من نصوص غير مطابقة لما جاء في وثائق الحزب. السبب الثاني وهو تعارض برنامج الحزب مع الشرعية الدستورية وأنه يرمي إلى العودة إلى الشرعية الثورية، فهي كلمات إنشائية غير ذات دلالة وسبق إيضاح بطلانه وهو كلام لا مكان له عند الحديث عن الحقوق الدستورية والحريات التي كفلها القانون وأن الشرعية بمعناها القانوني هي مطابقة الدستور، والثورة بمعناها القانوني هي إسقاط الدستور فهما نقيضان لا يجتمعان في الواقع أما إذا اجتمعا في "جملة" فإن دلالة كل منهما تهدر دلالة الأخرى فتصبح الجملة بدون دلالة مفيدة.
السبب الثالث: وهو أن الاشتراكية العلمية التي ينادي بها الحزب هي بعينها الماركسية التي تختلف كلية عن النظام الاشتراكي الديمقراطي وأن النظام الماركسي الذي يدعو إليه يؤدي إلى نظام شمولي تتحكم فيه طبقة واحدة، فهذا السبب مفضوح التزوير والتعسف وموغل في عدم المشروعية ويدخل في دائرة التأميم القانوني بما نسبه إلى المؤسسين من أمور لو صحت لأوجبت عقابهم إذ لم يثبت لدى اللجنة أن أياً من المؤسسين يدعو أو يروج لمذاهب ترمي إلى مناهضة النظام الاشتراكي الديمقراطي الذي ينص عليه الدستور، وأن القرار قد صاغ من عنده أفكار نسبها إلى المؤسسين ثم اتخذها حجة للاعتراض على حزبهم فقد ورد النص بالبرنامج على أن واقع مجتمعنا قد فرض أن تكون الاشتراكية العلمية هي المخرج العملي من قيد التخلف، واشتراكيتنا علمية من حيث اعتمادها على المنهج العلمي في معالجة قضايا الواقع وهي تختلف بالقطع عن الاشتراكية المادية وهي الماركسية بعينها، وأن هذا ما يتفق وميثاق العمل الوطني الذي تم إقراره شعبياً عام 1962 وما وضع له من شروح وما قاله المرحوم جمال عبد الناصر في الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة في 12 نوفمبر سنة 1964، كما أن المؤسسين يجعلون من الدين أساساً للاشتراكية التي وصفوها بأنها علمية ويستهلون برنامجهم بحديث المؤمنين المسلمين عن القيم الروحية النابعة من الأديان وأنها أساس الإنسانية والقيم الخلقية التي يقوم عليها السلوك الاشتراكي السليم، وأن جوهر الديمقراطية هو توكيد السيادة للشعب ووضع السلطة كلها في يده وليس في الطبقة العاملة، كما يدعو الحزب إلى حرية الرأي والقول والكتابة والاعتقاد والاجتماعات والعمل السياسي والثقافي والاجتماعي بينما تقوم الماركسية على شعارات منها أنه طالما تستعمل البروليتاريا الدولية فإنها لن تستعملها من أجل الحرية بل من أجل إسقاط أعدائها، كما يقول برنامج الحزب بضرورة المحافظة على الدور الذي يقوم به القطاع الخاص وتشجيعه في مجال الإنتاج والتجارة والتوزيع في إطار الخطة القومية الشاملة مما يخالف الماركسية المتميزة بإلغاء الملكية الخاصة لأدوات الإنتاج، وأن اصطلاح الاشتراكية العلمية إنما نشأ ابتداء لمقابلة ما سمي "بالاشتراكية الخيالية" ثم إنه مع التطور والزمن لم يعد هناك نظام اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي مع العلم، كما أن قصر وصف العلمية على الديمقراطية بأنها غير علمية وهو خطأ جسيم لم يتحرج القرار المطعون فيه في ارتكابه لمجرد الاعتراض على الحزب الناصري.
السبب الرابع: وهو ارتداد الحزب إلى حقبة ماضية من تاريخ مصر واقتباس برنامجه من ميثاق العمل الوطني سنة 1962 وتجريد الرجعية من كافة أدواتها بما تفتح الصراعات الطبقية وتتنافى مع السلام الاجتماعي والالتزام بالدستور وقانون الأحزاب ذلك أن دستور سنة 1971 وبرنامج العمل الوطني قد استبقيا بنصهما من ميثاق العمل الوطني ومن دستور سنة 1964 الذي تضمن مبادئ الميثاق كما أن وثيقة إعلان دستور سنة 71 تقول أنه صدر تتويجاً لمرحلة خاض فيها الشعب تجربة تلو أخرى وقدم أثناء ذلك واسترشد خلال ذلك بتجارب فنية وقومية وعالمية عبرت عن نفسها في نهاية مطاف طويل بالوثائق الأساسية لثورة 23 يوليو سنة 1952 وقد أكد أساتذة العلوم الدستورية في مصر العلاقة بين الدستور القائم وبين ميثاق العمل الوطني كحقيقة دستورية، وقانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 ذاته يشترط لتأسيس واستمرار أي حزب سياسي عدم تعارض مقوماته وأهدافه وبرامجه وأساليبه مع مبادئ ثورة 23 يوليو سنة 1952 وهو ما نص عليه القانون رقم 33 لسنة 78 بحظر أية دعوى يكون هدفها مناهضة المبادئ التي قامت عليها ثورة 23 يوليو سنة 1952 والميثاق هو المرجع الأساسي في معركة المبادئ التي قامت عليها ثورة 1952 كما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون الأحزاب أن الفيصل في تحديد العبارات التي ذكرتها كالسلام الاجتماعي وتحالف قوى الشعب العاملة والاشتراكية الديمقراطية هو القضاء الذي سوف يستلهم المعنى المحدد لهذه العبارات من أحكام الدستور والمواثيق السياسية للثورة منذ 23 يوليو سنة 1952 وعلى قمة المواثيق وأشملها ميثاق العمل الوطني فمبادئ الميثاق ما تزال تحكم - دستورياً الحقبة الحاضرة من تاريخ مصر وقد ذهب الشراح إلى أن الميثاق قوة قانونية ملزمة، وأنه رغم عدم وجود ضوابط لما أجرى من استفتاءات في مصر فإن إضفاء قوة ملزمة للكافة على المبادئ التي وافق عليها الشعب في 20 إبريل سنة 1979 يجعل القرار المطعون فيه باطلاً شكلاً وموضوعاً بل معدوماً ذلك أن الشعب وافق على حرية تكوين الأحزاب في استفتاء 10 فبراير سنة 1977 ثم صدر القانون رقم 40 لسنة 77 متضمناً عديداً من القيود ثم أجرى استفتاء في 6 إبريل سنة 1979 على مبدأ آخر وافق عليه الشعب بما يقرب الإجماع وهو "إطلاق حرية تكوين الأحزاب" بما يعني إلغاء كل القيود التشريعية والإدارية على حرية تكوين الأحزاب والإطلاق يعني فك كل القيود فلا يجوز للدستور أو القانون أن يتضمن قيوداً أو تنظيماً لتكوين الأحزاب ويكفي القانون العام ممارساً لسلوك الأحزاب وأعضائها وهو ما كان كذلك في تاريخ مصر ودساتيرها حتى عام 1953، كما أن القول بأن الديمقراطية هي توكيد السيادة للشعب هو بذاته ما قرره الدستور من أن السيادة للشعب كما أن القول بأن الديمقراطية السليمة يجب أن ترتكز على الديمقراطية الاجتماعية هو ترديد لتعريف ما جاء بالقانون باسم "النظام الاشتراكي الديمقراطي" وهو النظام الذي يرفض انفصال الحرية عن الاشتراكية أما عن الرجعية فهي القوي التي تحول بأدواتها دون تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن الذي جعله القانون هدف للأحزاب السياسية وهي قوى غير ثابتة في الزمان وغير محددة الأدوات وأن الرجعية ضد التقدم وأن تطبيقها في برنامج الحزب لهو تعسف يراد به فصل البرنامج ومبادئه عن الواقع الاجتماعي في زمانه المقبل وبالنسبة للسلام الاجتماعي فإن الحزب يحترم المشروعية وسيادة القانون ويخضع للرقابة بعد قيامه ومزاولة نشاطه فإن أخل بالسلام الاجتماعي جاز إيقاف نشاطه أو حله وليس في برنامج الحزب ولا في لائحته ما يفهم منه أن من مبادئه عدم التزام الأساليب الشرعية والسليمة والديمقراطية أما أن يكون من غاياته تجريد الرجعية من أدواتها المعوقة للتقدم بالأساليب الشرعية والسليمة والديمقراطية فهذا حقه المشروع دفاعاً عن الشرعية.
السبب الخامس وهو ملكية الصحافة فقد حذفت اللجنة بعض العبارات من نصوص الوثائق المقدمة إليها لتغيير دلالتها، فالنص يذكر ضمان حرية الصحافة بتحصين الصحفيين ضد الفصل والنقل الإداري وإلغاء الملكيات الوهمية المفروضة على الصحافة بل ونقل ملكيتها للشعب ملكية حقيقية عن طريق الاكتتاب الشعبي بحيث لا يسمح بسيطرة فرد أو سيطرة قلة عليها مع مراعاة تخصيص نسبة ملحوظة للعاملين فواضح أن النص خاص بالصحف القومية التي يملكها الشعب بمقتضى القانون رقم 156 لسنة 1960 وهي صحف دار الأهرام ودار أخبار اليوم ودار روز اليوسف ودار الهلال يمثل الشعب في تلك الملكية الإتحاد القومي باعتباره المؤسسة الدستورية التي تضم كل المواطنين طبقاً للمادة 192 من دستور سنة 1956 ثم أصبح يمثله فيها الإتحاد الاشتراكي العربي كتحالف لقوى الشعب كنص المادة 3 من دستور سنة 1964 ثم آلت تلك الملكية إلى مجلس الشورى بالقانون رقم 145 لسنة 1980 وأن البرنامج إنما يعني تلك الصحف حتى يتحدث عن النقل الإداري وعن ملكيتها للشعب أما الصحف الحزبية أو الخاصة فلا سلطة للإدارة عليها، وأن ملكية الصحف القومية بوضعها الحالي فهي ملكية موهومة لأن انتخاب أعضاء مجلس الشورى يتم عن طريق قوائم حزبية فيصبح مؤسسة دستورية يديرها ويسيطر عليها حزب واحد وتكون الملكية لهذا الحزب وليس للشعب وهذا ما أراد برنامج الحزب أن يعالجه ويكون هذا السبب غير مطابق لما جاء في وثائق الحزب ومتعسفاً في التأويل ومنحرفاً عن الغاية التي أستهدفها المشرع ويطفح بسوء النية.
السبب السادس: وهو النظام الداخلي للحزب لم يتضمن تعيين الجهة التي تؤول إليها أمواله عندما يصفى، فليس المقصود بنص القانون إلا أن يضع الحزب أو نظامه الداخلي قواعد إجراءات تصفية أمواله لحماية أموال الحزب من استبداد قياداته، أما الأموال ما هي وكم هي والجهة التي تؤول إليها فهي التصفية ذاتها التي اشترط القانون النص على إجراءاتها. وما كان يمكن للقانون أن يطلب تعيين من تؤول إليه تلك الأموال شخصياً وهو متعلق بمستقبل غير معروف فقد يشمل النظام الداخلي جهة قائمة عند التأسيس لن تكون موجودة عند الحل، كما أن هذا التشخيص هو تصرف في أموال الحزب التي لا يملكها المؤسسون بل يملكها الحزب بعد قيامه وأنه تصرف بإرادة منفردة فهو باطل وعقد الهبة يستلزم قبول الموهوب له أو نائبه ولا يكون لنص المادة الخامسة من قانون الأحزاب أية دلالة قانونية إلا في حدود الالتزام بتعيين إجراءات التصفية ليتأكد القانون إنها لن تسمح باستثمار قيادات الحزب لأمواله وهذا ما نص عليه النظام الداخلي للحزب إذ قرر أن يتولى الأعضاء جميعاً (الجمعية العمومية) تصفية أموال الحزب عند حله.
وفصّل الطاعن في مذكرات لاحقة الرد على الأسباب الجديدة للقرار (التميز الظاهر) بأن لجنة شئون الأحزاب لم تجتمع بعد تاريخ الاعتراض على تأسيس الحزب الناصري في 18 ديسمبر سنة 1983 للنظر في الأسباب الجديدة التي أوردتها هيئة قضايا الدولة بمذكرتها ونسبت صدورها للجنة دون أن تقدم دليلاً على ذلك وأنها كانت قائمة وقت إصدار القرار وإلا كانت هذه الأسباب مقدمة من غير ذي صفة ومن غير مختص، فبالنسبة لمناهضة الحزب لاتفاقية كامب ديفيد وأن وكيل المؤسسين أحد الموقعين على بيانات مناهضة الاتفاقية فإن المحكمة الدستورية العليا قد حكمت بعدم دستورية البند (سابعاً) من المادة الرابعة من قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وبذلك تأكد تميز الحزب الناصري عن الأحزاب القائمة في رؤيته السياسية الخارجية وهو تمايز أضيف بهذا الحكم، كما أن المحكمة الإدارية العليا أوردت في حكمها بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أنه "لا ريب أن هذه الشروط من الإفاضة والشمول على نحو يجعل الأساسيات والأساليب والمبادئ والبرامج التي تقوم عليها الأحزاب السياسية ترد من معين واحد وتفيض من منهج محدد الأمر الذي يجعل التشابه بين مبادئها وبرامجها وأساليبها أمراً وارداً وبالتالي يضحى اشتراط التمايز الظاهر بين هذه المبادئ والبرامج والأساليب هو أمر جد عسير على نحو يخرج بهذا الشرط من دائرة التنظيم إلى دائرة القيد كما أن المحكمة الدستورية العليا أوردت في حكمها أنه لم يشترط البند (ثانياً) من المادة الرابعة من قانون الأحزاب المشار إليه أن يقع التميز الظاهر في مبادئ وأساسيات وأهداف الحزب كشرط لتأسيسه أو استمراره وذلك بقصد اتساع المجال لحرية تكوينها بل جاء الشرط مقصوراً على برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه التي يسعى بها لتحقيق مبادئه وأهدافه وبهذا يتم دحض الإدعاء بأن التشابه في الأساسيات بين الأحزاب يؤدي إلى عدم التمايز بين الأحزاب ومن ثم لمخالفة البند ثانياً في المادة الرابعة من قانون الأحزاب.
وأوضحت المذكرة المؤرخة 29/ 10/ 1988 ما اعتبرته تمايزاً ظاهراً وواضحاً ومطلقاً في برنامج الحزب الناصري وسياساته وأساليبه في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية عن جميع الأحزاب القائمة وقت تقديم الإخطار بالتأسيس وهي:
1 - حزب الأحرار الاشتراكيين.
2 - حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي.
3 - الحزب الوطني الديمقراطي.
4 - حزب العمل الاشتراكي.
5 - حزب الوفد الجديد.
6 - حزب الأمة.
وأوردت في المذكرة جدولاً بالمقارنة بين التميز بشأن الطاقة من بترول وغازات طبيعية وفحم ويورانيوم ووجوب تكييف عمليات الاستكشاف وأن يسير الاستغلال وفق معدلات مقدرة كما يتعين الإفادة من طاقة الرياح والطاقة المائية والطاقة الشمسية والكهرباء وترشيد استهلاك الطاقة واستخدام الطاقة البديلة، وكذا بشأن سياسات الإعلام وما تقوم عليه من مبادئ عامة كالالتزام الحقيقي والتوافق الكامل مع القيم والمبادئ المتفق عليها واحترام القانون والالتزام بالأهداف القومية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وتحرى الصدق بالكامل في توسطه بين الحقائق الإعلامية والجماهير المتلقية وذلك لتحقيق أهداف رئيسية منها توفير المعلومات الصحيحة للشعب ومتابعة خطة التنمية القومية وتعميق عناصر بناء المجتمع والإنشاء الجديد وتأصيل الروح القومية والوطنية والمساهمة في تكوين الرأي العام المستنير وتعميق التمسك بالقيم الدينية والقومية والوطنية والاعتماد المباشر على قياس الرأي العام وإقامة غرف إعلامية في القرى تؤدي دور مراكز الإعلام في المدن، وتحرك الإعلام الخارجي مع التغيرات المستمرة في السياسة الدولية وإبراز صورة مصر الحضارية القديمة والحديثة وتقديم الخدمات الإعلامية للمصريين في الخارج وربطهم فكرياً ووجدانياً بوطنهم والانفتاح على التجارب العالمية في مجال تطوير الاتصالات وفي مجال السياسة الثقافية إحياء التراث وتهيئة الأسباب لنشره وتشجيع الإبداع والابتكار والتجديد وتوفير متطلبات تنمية العقل والوجدان وصقل سلوك الإنسان والعناية ببنائه الروحي وتوفير الدولة لفرص الثقافة للجميع وإعطاء أولوية لفئات المحرومة مع اختيار الوسائل والأدوات اللازمة للتوصل الثقافي والعناية بالثقافة العربية وإبراز القيم الأصيلة فيها والأخذ بأساليب الاستطلاع والاستقصاء وأدوات القياس المستخدمة في الإحصاءات الثقافية مع مراعاة الثوابت وأخذ المتغيرات في الحسبان وأن يراعى في سياسات التنمية الثقافية طابعها القومي العام الذي يتطلب مركزية التخطيط من الدولة ولمواجهة نقص الموارد يتم تقديم الخدمات الثقافية في المدارس ودور العبادة والوحدات المجمعة والساحات وغيرها من أماكن التجمعات وأن نجاح العمل الثقافي يتطلب نوعية خاصة من العاملين يتوافر بهم قدر كبير من الصدق والحماس مع قدر معادل من الخبرة والدراية، كما أوردت المذكرة ما اعتبرته تمايزاً ظاهراً في أساليب تحقيق السياسات الواردة في برنامج الحزب الناصري ولم تتناولها سياسات الأحزاب الأخرى ومن ذلك في مجال السياسات المالية اتباع إستراتيجيات تنمية غير تقليدية تهدف إلى قيام هيكل إنتاج متوازن داخلياً وترشيد سياسة التعاون الاقتصادي الإقليمي وتخطيط التجارة الخارجية بهدف الاستثمار وتنظيم سياسة النقد الأجنبي وسعر الصرف والجمارك وسوق المال والربط بين سياسة الانفتاح الاقتصادي والخطط وأهدافها والاكتفاء الذاتي من بعض السلع الزراعية والمساواة بين قطاعات الإنتاج وتطوير القطاع العام بفصل الإدارة عن الملكية والتنسيق بين المخزون من السلع المحلية وبين الاستيراد وتحقيق مبدأ التخصيص بين الشركات والتنسيق بين السياسات الاقتصادية المختلفة ومنع التكرار في الأعمال وعلاج وترشيد سياسة الدعم تدريجياً، وبالنسبة للسياسات الزراعية والغذاء والعمل على سد الفجوة بقدر ما تتيحه لنا مواردنا الزراعية وحسن استثمار هذه الموارد خاصة الأرض والمياه ورأس المال، ووضع خطة متحركة للتركيب المحصولي كل ستة شهور أو كل موسم زراعي تقوم على التنبؤ القصير الأجل أو المتوسط وبما يحقق أقصى عائد اقتصادي واجتماعي للفلاحين والدولة وحتمية التركيز على الأراضي المستصلحة وزراعة المحاصيل الملائمة للظروف الإنتاجية المحلية وضرورة المحافظة على المحاصيل الزراعية الإستراتيجية كالقطن وزيادة مساحة القمح لضمان حد أدنى من احتياجات وترشيد استخدام مياه الري بضبط المقتنيات المائية. وتبطين الترع وضبط فتحات الري وتجديد الآلات البدائية إلى آلات ميكانيكية وتنظيم الري والصرف الحقلي وتطهير المصارف وتوفير الإمكانات والمعدات اللازمة لذلك ومتابعة مستمرة لمشروعات الصرف المغطى، وفي مجال سياسات النقل والمواصلات تضمن البرنامج التوسع في مشروعات التصنيع المحلي لعربات الركاب والبضائع ورفع نصيب السكك الحديدية في نقل البضائع وإعادة النظر في تعريفة النقل سنوياً، وإعداد الطرق الدائرية حول القاهرة وإيقاف الترخيص بإقامة مباني جديدة وسط المدينة، وإعادة توزيع النقل للبضائع بين الوسائل المختلفة وتأمين سلامة المرور على شبكة الطرق البعيدة، والأخذ بأسباب تحسين الخدمات البريدية، وتطهير مجرى النيل والقنوات الملاحية وميكنة أعمال الشحن والتفريغ الملاحي لمواني منطقة قناة السويس، وتحسين الخدمات التليفزيونية ورفع مستواها والعناية بالتدريب وإعداد الكوادر اللازمة من المتخصصين في جميع المستويات وإعادة توزيع التجارة الخارجية على كافة موانئ الجمهورية واستخدام السفن الحديثة ورفع كفاءة شركات الشحن والتفريغ، وإقامة شبكة صوامع داخلية والتوسع في إنشاء ثلاجات جديدة، وفي مجال الديمقراطية فإن جوهرها هو توكيد السيادة للشعب ووضع السلطة كلها في يده أما أشكالها فتختلف حسب الزمان والمكان وأن رد هذا المبدأ إلى فكرة القانون الطبيعي وفكرة العقد الاجتماعي هو مجرد اجتهاد نظري لاستعمال أساس فكري للمذهب ومن لا يؤدي إنكاره أو إسقاطه إلى التنكر للمبدأ الديمقراطي وأن الديمقراطية لا يجوز أن تبحث كمشكلة مستقلة منعزلة عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تحيط بها أدوات الديمقراطية في الفكر الناصري يجب أن تتسع وتنبع من القاعدة وتصل إلى القمة في كافة المستويات وهذه الصفة الديمقراطية من ناحية (الكم) تمثل أساساً في التنظيمات الناصرية التي تعبر عن تحالف قوى الشعب العامل وأنه لقيام الديمقراطية السياسية السليمة أن ترتكز أساساً على الديمقراطية الاجتماعية وأن الفكر الناصري أبى التصادم بين قوى الشعب العاملة وجعل البديل له التحالف السياسي والاجتماعي لقوى الشعب العاملة جميعاً، أن ثمة تناقض بين مصالح العمال والرأسمالية الوطنية وبين العمال والفلاحين غير أن هذا التناقض ثانوي وتميز عدائي بعلاج أسبابه سلمياً، وفي مجال السياسة العربية فإن الأمر يقتضي تحرير سيناء كاملة وكفالة الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني ومقاومة سياسة الهيمنة الإسرائيلية والصهيونية في المنطقة العربية بدعوى السلام، وفي مجال السياسة الخارجية الحرب ضد الاستعمار والعمل من أجل السلام القائم على العدل والتعاون الدولي من أجل الرخاء وخدمة مصالحنا الإستراتيجية لشئون استقلال مصر وتدعيم اتجاهات التحرير والنضال المشترك مع الشعوب المعادية للاستعمار وتدعيم العلاقة مع الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية وبلاد العالم الثالث والمجموعة الأوربية باعتبار أن الأمن الأوربي مرتبط بالأمن في الشرق الأوسط، وبذلك فإن تميز الحزب الناصري عن كافة الأحزاب المصرية وعن حزب التجمع أمر واضح مما سبق ومن مذكرة الدفاع بتاريخ 1/ 12/ 1984 سواء في برنامجه وأساليبه وسياساته.
وأضاف الطاعن بمذكرة بتاريخ 7 يناير أنه لا صحة لما دفعت به هيئة قضايا الدولة بجلسة 29/ 10/ 1988 من انقطاع سير الخصومة في الطعن لزوال صفة الدكتور محمد صبحي عبد الحكيم كرئيس لمجلس الشورى بصفته رئيساً للجنة شئون الأحزاب السياسية، ذلك أن المركز القانوني في تمثيل لجنة الأحزاب لا يزال قائماً بالنسبة إلى طبيعة دعوى الإلغاء التي تنتمي إلى القضاء العيني، كما أن القضاء الإداري يوجه الإجراءات بما يتفق وطبيعة المنازعة الإدارية وأن صحيفة الدعوى وردت إلى المحكمة صحيحة شكلاً وموضوعاً كما أنه بجلسة 7/ 6/ 1988 حضر المطعون ضده طلب حجز الطعن للحكم ولم يبد فيها أي دفع بشأن انقطاع الخصومة وأن هيئة قضايا الدولة بحكم نيابتها القانونية عن رئيس مجلس الشورى رئيس لجنة شئون الأحزاب قد مثلت في الدعوى في جميع مراحلها وقدمت مذكرات الدفاع أمام المحكمة الإدارية العليا وأمام المحكمة الدستورية العليا عن الخصم الصحيح ذي الصفة في الطعن، وأنه بالنسبة لتمايز الحزب الناصري عن حزب التجمع فإن التشابه في المبادئ والأهداف أمر وارد كنص القانون وقد فسرت المحكمة الدستورية العليا بحكم اختصاصها التفسيري النص بأن الشرط مقصور على برنامج الحزب وسياساته وأساليبه ومعنى ذلك أن التمايز يقع حقيقة ملماً بها متى وجد خلاف ولو وحيد بين حزبين وقد أوضح التقرير التكميلي لهيئة مفوضي الدولة تمايز الحزب الناصري تمايزاً ظاهراً بل ومطلقاً في برنامجه وسياساته وأساليبه عن حزب التجمع الوحدوي وأن بحث مدى جواز إضافة أسباب للقرار المطعون فيه يرجع إلى قناعة المحكمة فضلاً عن رقابة المحكمة للتحقق من توافر كافة الشروط التي استوجبها القانون للموافقة على تأسيس الحزب وإنزال حكم القانون وإنزال القانون على المنازعة.
وبجلسة 20 من أكتوبر سنة 1984 حضر الأستاذ/ عطية سليمان المحامي وطلب تدخله في الطعن منضماً إلى الطاعن استناداً إلى أنه من المؤمنين بالمنهج الناصري فكراً ومنهجاً وأن يكون للناصريين حزبهم الذي يعبر عنهم وأن له مصلحة شخصية مباشرة في طلب التدخل وردت هيئة قضايا الدولة بأن الحكم في الطعن الأصلي برفضه يترتب عليه انهيار طلب التدخل الانضمامي وطلبت رفض طلب التدخل.
ومن حيث إن (هيئة قضايا الدولة نيابة عن رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية قدمت مذكرات عدة متتالية منذ 28/ 4/ 1984 حتى 7 من مايو سنة 1989 فصّلت أوجه الدفاع عن القرار المطعون فيه وتضمنت أنه لا صحة لما ينعاه الطاعن على صلاحية رئيس اللجنة ذلك أن القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلاً بالقانون رقم 30 لسنة 1981 لم يتضمن نصاً بتنحي رئيس اللجنة عن صفته الحزبية، كما أن اللجنة تعتبر لجنة إدارية لا تتبع الإجراءات القضائية وأن قرارها في حقيقته قرار إداري يخضع للطعن بالإلغاء ولا محل لإثارة عدم الحيدة لإبطال القرار، وأنه بالنسبة لطلب الإيضاحات من ذوي الشأن فهو أمر جوازي للجنة كنص القانون وبالنسبة للمطاعن الموضوعية على القرار فإن الإعلان السياسي للحزب الناصري قد فرق بين وحدة الجماهير العربية وحركتها الواحدة وتنظيمها الواحد الذي يكشف عن التنظيم الواحد للحزب لا في مصر وحدها بل في جميع أنحاء العالم العربي، وأن كلمة الثورة التي وردت في برنامج الحزب مقصود بها المعنى الحرفي للكلمة وليس المعنى المجازي الذي تكلم عنه الطاعن وأن ذلك يعني أن طريق الإصلاح في نظره لن يكون من خلال المؤسسات الدستورية والشرعية القائمة، وأن برنامج الحزب يخالف الدستور باتخاذه الاشتراكية العلمية مخرجاً علمياً لواقع مجتمعنا فهذا الاصطلاح لا يعني سوى الماركسية التي ترتكز على الملكية العامة لأدوات الإنتاج مما يخالف ثورة 15 مايو سنة 1971 والحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي ويؤكد تعاطف برنامج الحزب مع النظم العربية التقدمية والاتحاد السوفيتي وأن التفرقة بين مبادئ ثورتي يوليو سنة 1952 ومايو سنة 1971 وبين وثائق هاتين الثورتين فالمبادئ التي أعلنتها الثورة هي:
1 - القضاء على الاستعمار وأعوانه من الخونة المصريين.
2 - القضاء على الإقطاع.
3 - القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم.
4 - إقامة عدالة اجتماعية.
5 - إقامة جيش وطني.
6 - إقامة حياة ديمقراطية سليمة.
أما وثائق الثورة فلا تعدو أن تكون وثائق تاريخية كالميثاق الوطني الذي يعد وثيقة سياسية لثورة 23 يوليو سنة 1952 وليس دستوراً ولا قانوناً ملزماً وهو ما أكدته المحكمة العليا (الدستورية) في حكمها الصادر بجلسة 5 من إبريل سنة 1975 وبالنسبة لسيطرة حزب واحد على الصحف والملكية الوهمية للصحف فإن مرد ذلك القانون رقم 120 لسنة 1980 في شأن مجلس الشورى وللطاعن الطعن بعدم دستوريته، وأضافت هيئة قضايا الدولة أن للجهة الإدارية أن تقدم أسباباً جديدة إلى قرارها المطعون فيه أثناء نظر الدعوى أما على طلب المحكمة أو من تلقاء نفسها مادامت هذه الأسباب كانت قائمة وقت صدور القرار واستناداً إلى ذلك قدمت سببين جديدين: أولهما أن الحزب الناصري ليس في برنامجه وسياساته تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى كما يشترط القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلاً بالقانون رقم 36 لسنة 1979 بل أن برنامجه يكاد يكون مطابقاً لبرامج حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي وخاصة الجوانب السياسية والاقتصادية وتمجيد ثورة 23 يوليو سنة 52 والميثاق الوطني سنة 1962 والمناداة بالثورة كوسيلة لتحقيق أهدافها والأخذ بالاشتراكية العلمية والعودة إلى الاقتصاد الموجه بسيطرة القطاع العام على وسائل الإنتاج الرئيسية ونظرة كل منها إلى القطاع الخاص والتعاوني والانفتاح الاقتصادي والاستثمارات الأجنبية. وثانيهما مناهضة مبادئ الحزب الناصري لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل بالمخالفة للمادة الرابعة من قانون الأحزاب، وأن سلطة المحكمة تمتد لتناول التحقق من توافر الشروط القانونية التي يجب توافرها لقيام الحزب باعتبار أن ذلك من النظام العام وسلطة القضاء في ذلك لا قيد عليها، وأضافت أن القرار المطعون فيه لا يزال - بعد الحكم بعدم دستورية البند (سابعاً) من المادة الرابعة ومن القانون رقم 40 لسنة 1977 - قائماً على الأسباب السبعة سالفة الذكر وأن المحكمة الإدارية العليا أقرت في حكمها بالإحالة حق لجنة شئون الأحزاب السياسية في إضافة أسباب جديدة لقرارها وأن المحكمة أصبحت مقيدة بما سبق أن قررته في حكم الإحالة من أن اشتراط التمايز الظاهر هو أمر جد عسير وقد قضت المحكمة الدستورية بدستورية النص الذي تضمن ذلك ولا محل للقول بحدته وقسوته، وأنه لما كان الثابت أن صفة الدكتور محمد صبحي عبد الحكيم في تمثيل لجنة شئون الأحزاب السياسية قد زالت عنه في 11/ 11/ 1986 تاريخ انتخاب الدكتور علي لطفي رئيساً لمجلس الشورى ومن ثم أصبح بحكم القانون رئيساً للجنة وممثلاً قانونياً لها أمام القضاء فإنه ومنذ زوال صفة الدكتور عبد الحكيم في رئاسة اللجنة فقد زالت صفته في تمثيلها في خصومة الطعن الماثل ومن ثم فقد انقطع سير الخصومة طبقاً للمادة 30/ 1 من قانون المرافعات وباعتبار أن هذا الطعن وجه أساساً إلى الشخص واسم رئيس اللجنة ولم يوجه إلى من يمثل لجنة شئون الأحزاب السياسية بصفته، وبالنسبة لشرط التميز فإنه يقتضي تميزاً في أمرين الأول برنامج الحزب ذاته والثاني سياسات الحزب أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج وأن يكون تميزاً ظاهراً عن الأحزاب القائمة وأن يكون واضحاً بادياً لكل من يتناول برنامج الحزب دون حاجة إلى بحث متعمق ذلك لأن الظهور عكس الخفاء وأن يكون في الأساسيات والركائز وليس في الفرعيات والتفاضل، وأن التميز لا يتحقق لمجرد اختلاف البرنامج والسياسات والأساليب أو لمجرد عدم التشابه ولكن التميز يتحقق. ويجب أن يكون تميزاً عن جميع الأحزاب القائمة وقت تقديم طلب تأسيس الحزب الجديد وهي في خصوص الحزب الناصري.
1 - الحزب الوطني الديمقراطي.
2 - حزب الأحرار الاشتراكيين.
3 - حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي.
4 - حزب العمل الاشتراكي.
5 - حزب الوفد الجديد.
6 - حزب الأمة، وأن سلامة الإجراءات تستوجب أن تبدي هيئة مفوضي الدولة رأيها القانوني في شأن هذه المنازعة لاستدراك إفادتها في التقريرين السابقين وذلك حتى تتحقق المحكمة من توافر كافة الشروط التي حددها القانون للموافقة على تأسيس الحزب الخاص ومنها التميز عن جميع الأحزاب الأخرى وليس حزب التجمع فقط، وقدمت هيئة قضايا الدولة دراسة مقارنة أجرتها لبرنامج الحزب الناصري تنظيم تحالف قوى الشعب العامل في ضوء برامج الأحزاب القائمة خلصت منها إلى أن برنامج هذا الحزب جاء في مجمله إما متماثلاً مع غيره من برامج الأحزاب القائمة وإما لا يخرج في جوهره وعما ورد ببعض هذه البرامج وإما ترديد لما ورد ببرامج البعض الآخر وحتى الجديد الذي أتى به البرنامج فإنه لا يتصف بالتميز ومثال ذلك من ورد بشأن نظام الحكم والديمقراطية وسيادة القانون ومباشرة الحقوق السياسية (الانتخاب) والقيمة الاقتصادية والإنتاجية، والتعليم والبحث العلمي والرعاية الصحية وتنظيم الأسرة، وسياسية القوى العاملة والسياسة العربية والخارجية والشئون الاجتماعية والتأمينات والسياسة السكانية والثقافية والإعلام والشباب والطاقة والزراعة والأمن الغذائي والري، والنقل والمواصلات والسياسة السياحية وأنه متى تخلف شرط التميز الظاهر في البرنامج ثم في السياسة أو الأساليب فإنه يكون صحيحاً رفض طلب تأسيس الحزب الطاعن كما أن النظام الداخلي للحزب لم يتضمن صراحة تحديد الجهة التي تؤول إليها أمواله عند حله أو اندماجه كنص القانون وأنه لا يكفي تنظيم تحديد هذه الجهة عند إلحاقه إذ النص واضح ويدور مع علته وليس حكمه وانتهت مذكرات هيئة قضايا الدولة إلى طلب إحالة الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير تكميلي ثاني بعد دراسة شرط التميز الظاهر في ضوء مقارنة تجريها بين برامج الحزب الطاعن وبرامج سائر الأحزاب القائمة والحكم أولاً: بانقطاع سير الخصومة في الطعن لزوال صفة المطعون ضده ثانياً: برفض الطعن وتأييد القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن انعقاد الخصومة في الطعن الماثل فإن المادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية معدلة بالقانون رقم 144 لسنة 1980 والقانون رقم 114 لسنة 1983 تنص على أن "تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية.. ويخطر رئيس اللجنة ممثلي طالبي التأسيس بقرار الاعتراض وأسبابه بكتاب موصى عليه بعلم الوصول خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ صدور القرار. وتنشر القرارات التي تصدرها اللجنة بالموافقة على تأسيس الحزب أو بالاعتراض على تأسيسه في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار خلال ذات الميعاد المحدد في الفقرة السابقة. ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال الثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية أن يطعنوا بالإلغاء في هذا القرار أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة.. وإذ كان الثابت أن قرار لجنة الاعتراض على تأسيس الحزب الناصري صدر بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1983 ونشر في الجريدة الرسمية في 22 من ديسمبر سنة 1983 وأن وكيل طالبي التأسيس (كمال أحمد محمد) أقام هذا الطعن بتاريخ 18 من يناير سنة 1984 بطلب إلغاء القرار سالف الذكر وفي مواجهة الدكتور محمد صبحي عبد الحكيم بصفته رئيساً للجنة شئون الأحزاب السياسية مصدر القرار محل الطعن، ومن ثم يكون هذا الطعن قد أقيم في الميعاد القانوني وانعقدت به الخصومة بين ذوي الصفة والمصلحة ويكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الدفع بانقطاع سير الخصومة في الطعن بحلول الدكتور علي لطفي (سنة 1986) محل الدكتور محمد صبحي عبد الحكيم ثم حلول الدكتور مصطفى حلمي (سنة 1989) محل سابقة في رئاسة لجنة شئون الأحزاب، فإن الثابت من عريضة الطعن ذاتها أنها أقيمت ضد الدكتور/ صبحي بصفته القانونية كرئيس للجنة شئون الأحزاب وهي لجنة دائمة ومستمرة يمثلها رئيسها أمام القضاء وتنوب عنه هيئة قضايا الدولة نيابة قانونية وباعتبار أن هذه اللجنة في حقيقتها لجنة إدارية وما يصدر منها هو قرار إداري ومحل لدعوى الإلغاء بالمعنى الوارد في قانون مجلس الدولة وكذا بقانون الأحزاب السياسية ومن ثم فإن تغيير شخص واسم رئيس اللجنة لا يترتب عليه انقطاع سير الخصومة في الطعن فضلاً عن هذا التغيير لم يمنع المطعون ضده بصفته أو من ينوب عنه في متابعة سير الإجراءات القضائية والقانونية في الطعن طوال السنوات السابقة خاصة أمام المحكمة الدستورية العليا منذ 21 يوليه سنة 1985 حتى إصدار حكمها في مايو سنة 1977 في القضية رقم 44 لسنة 7 ق في المقامة من كمال أحمد محمد ضد رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية ويتعين رفض هذا الدفع.
ومن حيث إنه عن طلب التدخل المقدم بتاريخ 20/ 10/ 1984 من الأستاذ/ عطية سليمان المحامي منضماً إلى الطاعن فإن الثابت أنه لم يكون من بين طالبي تأسيس الحزب الناصري وهم من حصر فيهم قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 الصفة والمصلحة في تقديم إخطارات ومستندات تأسيس الحزب ومتابعة الإجراءات أمام اللجنة بواسطة وكيل عنهم وأن تكون توقيعاتهم مصدقاً عليها رسمياً وألا يقل عددهم عن خمسين نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين وأن لطالبي التأسيس الطعن في القرار الصادر من اللجنة بالاعتراض أمام الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة خلال الميعاد القانوني سالف الذكر، ومن ثم فإن غيرهم لا يثبت له صفة قانونية في متابعة هذه الإجراءات أو الطعن أو الانضمام إليهم فيه ما لم يكن وكيلاً عنهم أو عن بعضهم بوكالة رسمية ثابتة، كما أن مصلحة المتدخل في هذا الطعن إنما تنشأ بقيام الحزب الناصري قانوناً وتمتعه بالشخصية الاعتبارية وله الانضمام إليه والدعاية لبرامجه وأهدافه إن شاء ويكون تدخله المشار إليه قد جاء من غير ذي صفة ويتعين عدم قبوله.
ومن حيث إنه عما أثاره الطاعن ببطلان قرار لجنة الأحزاب السياسية الصادر في 18 من ديسمبر سنة 1983 بالاعتراض على تأسيس الحزب الناصري بسبب عدم حيدة رئيس اللجنة في ذلك الحين (الدكتور صبحي) وانتماءه إلى الحزب الوطني الحاكم وما أدى إليه ذلك من بطلان الإجراءات التي أتبعتها اللجنة وعدم سماع إيضاحات طالبي التأسيس ومناقشتهم قبل إصدار قرار الاعتراض سالف الذكر، فإن الثابت أن طالب تأسيس الحزب الناصري قدم إلى اللجنة في 11 من أغسطس سنة 1983 في ظل العمل بالمادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلاً بالقانون رقم 144 لسنة 1980 والقانون رقم 114 لسنة 1983 وتنص على أن تشكيل لجنة الأحزاب السياسية على النحو التالي: -
1 - رئيس مجلس الشورى رئيساً.
2 - وزير العدل.
3 - وزير الداخلية.
4 - وزير الدولة لشئون مجلس الشعب.
5 - ثلاثة من غير المنتمين إلى أي حزب سياسي من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم يصدر باختيارهم قرار من رئيس الجمهورية - أعضاء.
ويحل محل رئيس مجلس الشورى في الرئاسة عند غيابة أحد وكيلي هذا المجلس.. ولا يكون اجتماع اللجنة صحيحاً إلا بحضور رئيسها وأربعة من أعضاء من بينهم الأعضاء المنصوص عليهم في البنود 2، 3، 4، 5 من الفقرة الأولى من هذه المادة.
وتصدر قرارات اللجنة بأغلبية أصوات المحاضرين وعند التساوي يرجح رأي الجانب الذي منه الرئيس وللجنة في سبيل مباشرة اختصاصاتها طلب المستندات والأوراق والبيانات والإيضاحات التي لزومها من ذوي الشأن في المواعيد التي تحددها لذلك ولها أن تطلب أية مستندات أو أوراق - أو بيانات أو معلومات من أية جهة رسمية أو عامة وأن تجري ما تراه من بحوث بنفسها أو بلجنة فرعية منها وأن تكلف من تراه من الجهات الرسمية بإجراء أي تحقيق أو بحث أو دراسة لازمة للتوصل إلى الحقيقة فيما هو معروض عليها.
ويقوم رئيس اللجنة بإبلاغ رئيسي مجلسي الشعب والشورى والمدعي الاشتراكي بأسماء المؤسسين المصدق على توقيعاتهم.
ويتولى كل من رئيسي المجلسين إعلان تلك الأسماء.
وعلى اللجنة أن تصدر قرارها بالبت في تأسيس الحزب على أساس ما ورد في إخطار التأسيس الابتدائي وما أسفر عنه الفحص أو التحقيق.
ويجب أن يصدر قرار اللجنة بالاعتراض على تأسيس الحزب مسبباً بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن.
ويعتبر انقضاء مدة الأربعة الأشهر المشار إليها دون إصدار قرار من لجنة البت في تأسيس الحزب بمثابة قرار بالاعتراض على هذا التأسيس.. ومفاد ذلك وفي ضوء ما نصت عليه المادة الخامسة من دستور سنة 1971 معدلة في ضوء الاستفتاء الشعبي الذي أجري في 22 مايو سنة 1980 من أن ينظم القانون الأحزاب السياسية أن القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلاً لم يرد فيه نص صريح بشأن عدم انتماء رئيس لجنة الأحزاب إلى أي حزب سياسي قائم أو أنه يتعين عليه التنحي عن صفته الحزبية عند رئاسة الجلسة وذلك أمر قصده القانون ولم يكن غافلاً عنه بدليل وضعه هذا القيد بالنسبة لأعضاء اللجنة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين وإذ كانت اللجنة - سالفة الذكر بحسب تكوينها واختصاصاتها وسلطاتها في البحث والتقصي هي لجنة إدارية وأن ما يصدر عنها من قرارات بالاعتراض على تأسيس الحزب لا يعدو في حقيقة تكييفه الصحيح أن يكون قراراً إدارياً شكلاً وموضوعاً وأنه خاضع للرقابة القضائية بالطعن عليه بالإلغاء أمام المحكمة المختصة ومن ثم لا يسري بشأن أعضاء هذه اللجنة ما هو مقرر بشأن القضاء من أحكام قانونية تتعلق بالحيدة والتنحي والمنع من المشاركة في الحكم، وباعتبار أن من أسباب الطعن على القرار الإداري عامة الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها، وإذ كان النص سالف الذكر ترك للجنة شئون الأحزاب حرية واسعة في البحث والدراسة والتحقيق وأجاز لها الاتصال بجهات أخرى وطلب ما تراه لازماً للفصل في طلب تأسيس الحزب كما أجاز لها طلب المستندات والأوراق والبيانات اللازمة من ذوي الشأن ومن ثم فإن سماع إيضاحات أخرى من ذوي الشأن بعد تقديم طلب التأسيس ومستنداته - هو أمر جوازي للجنة إذا رأت لزوم ذلك قبل إصدار قرارها بالاعتراض فإذا قدرت أن الفصل في الطلب لا يحتاج إلى إيضاحات ذوي الشأن كان ذلك وباعتبار أن الطعن على قرارها بالبطلان في هذه الحالة يثير بالضرورة لدى المحكمة المختصة - التحقق من الأسباب التي استندت إليها اللجنة في الاعتراض ومدى قيامها على أسباب ثابتة في الأوراق التي كانت تحت نظر اللجنة عند إصدار القرار الإداري محل الطعن ومؤدية - واقعاً وقانوناً - إلى النتيجة التي انتهت إليها اللجنة وأقامت عليها قراراها، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الأسباب التي ساقتها اللجنة للاعتراض على تأسيس الحزب الناصري في 18 من ديسمبر سنة 1983 قد استمدت جميعها - وعلى ما سلف ذكره - من مبادئ الحزب وبرنامجه ونظامه الداخلي والمقدمة من طالبي التأسيس فمن ثم لا تثريب على اللجنة إن هي قدرت أن ما قدمه ذوو الشأن مع طلبهم يكفي للبحث وإصدار القرار بالاعتراض دون لزوم سماع إيضاحات أخرى، وإذ كان عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها هو من العيوب القصدية التي يتعين على من يتمسك بها إثباتها أمام المحكمة بأدلة راجحة القبول وإذ خلت الأوراق من ذلك فيتعين الالتفات عما أثاره الطاعن.
ومن حيث إنه عن الأسباب التي استند إليها القرار محل الطعن وهي أن الحزب الناصري طبقاً لما جاء بالإعلان السياسي وبرنامج الحزب ونظامه الداخلي يقوم على النظام الشمولي ولا يؤمن بالديمقراطية أو بتعدد الأحزاب طبقاً لما جاء بالدستور ويقوم على أن ثورة يوليو رسمت طريقاً واضحاً أمام هذه الجماهير لتكون لها حركتها الواحدة، وتنظيمها الواحد وأنه يرى في الثورة الطريق الوحيد الذي تستطيع المجتمعات أن تعبر عليه من الماضي إلى المستقبل وأن الثورة هي الوسيلة الوحيدة التي تستطيع بها الشعوب المقهورة أن تخلص نفسها من الأغلال التي تكبلها وأن ذلك يتعارض مع الشرعية الدستورية التي يقوم عليها نظام الحكم في مصر ويرى الحزب إلى عودة الشرعية الثورية التي تستبيح أي تغيير عن غير السبيل الدستوري كما يدعو إلى تجريد الرجعية من كافة أدواتها مما يفتح الباب لصراعات طبقية عديدة وأن برنامجه ومبادئه ترتد إلى حقبة ماضية من تاريخ مصر وأنه يخالف ما نصت عليه مبادئ الاستفتاء من الالتزام بالدستور فإن المادة الأولى من دستور سنة 1971 والدائم معدلاً طبقاً للاستفتاء الذي أجري في 22 مايو سنة 1980 تنص على أن جمهورية مصر العربية دولة نظامها اشتراكي ديمقراطي يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة وتنص المادة الرابعة على أن الأساس الاقتصادي لجمهورية مصر العربية هو النظام الاشتراكي الديمقراطي القائم على الكفاية والعدل.. وتنص المادة الخامسة على أن يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليه في الدستور. وينظم القانون الأحزاب السياسية وتنص المادة 59 على أن حماية المكاسب الاشتراكية ودعمها والحفاظ عليها واجب وطني وتنص المادة 64 على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة وتنص المادة 65 على أن تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات وتنص المادة الأولى من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية معدلاً بالقانون رقم 36 لسنة 1979 والقانون رقم 144 لسنة 1980 على أن للمصرين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري الحق في الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون وتنص المادة الثانية على أن يقصد بالحزب السياسي كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم وتنص المادة الثالثة على أن تسهم الأحزاب السياسية التي تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والاشتراكية الديمقراطية والحفاظ على مكاسب العمال والفلاحين وذلك كله على الوجه المبين بالدستور. وتعمل هذه الأحزاب باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسياً وتنص المادة الرابعة على أن يشترط لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي ما يلي (أولاً) عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه وأهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع (1) مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع. (2) مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو 1971 (3) الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية.
(ثانياً) تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
(ثالثاً) عدم قيام الحزب في مبادئه أو برنامجه أو في مباشرة نشاطه أو اختيار قياداته أو أعضائه على أساس يتعارض مع أحكام القانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي أو على أساس طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة.
(رابعاً) عدم انطواء وسائل الحزب على إقامة أية تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية.
(خامساً) عدم قيام الحزب كفرع لحزب أو تنظيم سياسي في الخارج.
(سادساً) عدم انتماء أي من مؤسسي أو قيادات الحزب أو ارتباطه أو تعاونه مع أحزاب أو تنظيمات أو جماعات مناهضة للمبادئ المنصوص عليها في البند (أولاً) في هذه المادة أو في المادة 3 من هذا القانون أو في المادة الأولى من القانون رقم 33 لسنة 1978 المشار إليه أو للمبادئ التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء على معاهدة السلام وإعادة تنظيم الدولة في 20 إبريل سنة 1979 (سابعاً) ألا يكون من بين مؤسسي الحزب.. (قضي بعدم دستورية هذا البند).
(ثامناً) ألا يترتب على قيام الحزب إعادة تكوين أي حزب من الأحزاب التي خضعت للمرسوم بقانون رقم 27 لسنة 1952 بشأن حل الأحزاب السياسية.
(تاسعاً) علانية مبادئ وأهداف وبرامج ونظام وتنظيمات وسياسات ووسائل وأساليب مباشرة نشاط الحزب وعلانية تشكيلاته وقياداته وعضويته ومصادر تمويله وتنص المادة الأولى من القانون رقم 33 لسنة 1978 المشار إليه على أنه مع عدم الإخلال بحرية العقيدة وحرية الرأي تحظر أية دعوة يكون هدفها مناهضة المبادئ التي قامت عليها ثورة 23 يوليو سنة 1952 أو الترويج لمذاهب ترمي إلى مناهضة النظام الاشتراكي الديمقراطي ومبادئ ثورة 15 مايو 1971 التي ينص عليها الدستور والتي تقوم على تحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والوحدة الوطنية والإيمان بالقيم الروحية والدينية والحفاظ على المكاسب الاشتراكية للعمال والفلاحين واحترام سيادة القانون.
ومفاد ما تقدم - في ضوء ما قضت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 7 مايو سنة 1988 - أنه بتعديل المادة الخامسة من الدستور في 22 مايو سنة 1980 بالنص على أن يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب قد تحقق تغيير جذري في أحدى ركائز النظام السياسي في الدولة ذلك أن هذه المادة قبل تعديلها كانت تنص على أن الاتحاد الاشتراكي العربي هو التنظيم السياسي الذي يمثل بتنظيماته القائمة على أساس مبدأ الديمقراطية تحالف قوى الشعب العاملة من الفلاحين والعمال والجنود والمثقفين والرأسمالية الوطنية.. وبموجب هذا التعديل يكون الدستور قد استعاض عن التنظيم الشعبي الوحيد ممثلاً في الإتحاد الاشتراكي المصري بنظام تعدد الأحزاب وذلك تعميقاً للنظام الديمقراطي الذي أقام عليه الدستور البنيان السياسي للدولة وبما ردده في كثير من مواده من أحكام ومبادئ تحدد مفهوم الديمقراطية التي أرساها وتشكل معالم المجتمع الذي ينشده سواء ما اتصل فيها بتوكيد السيادة الشعبية - وهي جوهر الديمقراطية - أو بكفالة الحقوق والحريات العامة - وهي هدفها - أو بالاشتراك في ممارسة السلطة - وهي وسيلتها - كما جاء ذلك التعديل انطلاقاً من حقيقة أن الديمقراطية تقوم أصلاً على الحرية وأنها تتطلب لضمان إنقاذ محتواها - تعدداً حزبياً بل هي تحتم هذا العدد كضرورة لازمة لتكوين الإرادة الشعبية وتحديد السياسة الحزبية تحديداً حراً واعياً وإذ نص الدستور على تعدد الأحزاب ليقوم على أساسه النظام السياسي في الدولة فإنه يكون قد كفل بالضرورة حرية تكوينها وضمان حق الانضمام إليها إلا أنه لم يشأ أن يطلق الحرية الحزبية إطلاقاً لا سبيل معه إلى تنظيمها وإنما أرادت حسبما نصت عليه المادة الخامسة منه أن يكون التعدد الحزبي دائراً في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور كما جعل جانب التنظيم التشريعي فيه أمراً مباحاً إذ عهد إلى القانون تنظيم الأحزاب السياسية على أن يقف التدخل التشريعي بناء على هذا التعويض عند حد التنظيم الذي ينبغي ألا يتضمن نقضاً للحرية الحزبية أو انتقاصاً منها وأن يلتزم بالحدود والضوابط التي نص عليه الدستور فإن جاوزه إلى حد إهدار الحرية ذاتها أو النيل منها أو خرج على القواعد والضوابط التي نص عليها الدستور وقع القانون - فيما تجاوز فيه دائرة التنظيم - مخالفاً للدستور ومن حيث إن الدستور والقانون في تنظيمهما للأحزاب السياسية تنظيمات توافر فيها شروط محددة في مبادئها وبرامجها وأهدافها ووسائلها باعتبارها تنظيمات تسعى أساساً إلى المشاركة في مسئوليات الحكم وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور ومن ذلك أن دولة مصر جمهورية عربية نظامها اشتراكي ديمقراطي يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة والإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع والسيادة للشعب وحده مصدر السلطات وأن الأساس الاقتصادي هو النظام الاشتراكي الديمقراطي القائم على الكفاية والعدل، وأن الحزب يعمل بالوسائل الديمقراطية ويسهم في تحقيق التقدم على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والاشتراكية الديمقراطية والحفاظ على المكاسب الاشتراكية للعمال والفلاحين وعدم تعارض مبادئه أو برامجه أو أهدافه مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع أو مبادئ ثورة يوليو 1952 وهي المبادئ الستة التي أعلنت غداة قيام هذه الثورة، وعدم تعارض مبادئ الحزب ومبادئ ثورة 15 مايو سنة 1971 التي ينص عليها الدستور والتي تقوم على تحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والوحدة الوطنية والإيمان بالقيم الروحية الدينية والحفاظ على تلك المكاسب الاشتراكية للعمال والفلاحين واحترام سيادة القانون (ق 33 لسنة 1978) وترتيباً على ذلك متى قام مانع قانوني يتعارض مبادئه أو برامجه أو أهدافه مع شيء مما تقدم فإنه يتعين رفض طلب تأسيسه.
ومن حيث إنه بمطالعة بيان إعلان التنظيم الناصري نجد أنه قد ورد به أننا نحن أبناء ثورة 23 يوليو بجوهرها الاشتراكي الوحدوي المؤمن بأهدافها في إقامة المجتمع العربي المتكامل الذي تتحرر فيه الأرض العربية من كل ألوان السيطرة الأجنبية.. ويتحرر فيه الإنسان العربي من كل ألوان الاستغلال الاقتصادي الاجتماعي والثقافي وتدرك أن واقعنا المصري ما زال يحتاج إلى نضال شاق من أجل إنجاز التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وأننا ننطلق من قاعدة فكرية أصلية تعتمد على ميثاق الثورة ووثائقها وحصيلة ممارستها الإيجابية في الواقع المصري والعربي والعالمي هذه القاعدة الفكرية حددت رؤيتها الثورية لتحقيق هذه الأهداف وارتكزت على أن الأديان هي في جوهرها ثورات إنسانية وحتمية الحل الاشتراكي ووضعت تصوراً واضحاً للصراع الطبقي واختارت لحله طريقاً سليماً عن طريق العلاج الثوري للتناقضات غير العدائية وأن ثورتنا الخالدة رسمت طريقاً واضحاً أمام الجماهير العربية لتكون لها حركتها الواحدة وتنظيمها الواحد وأن هذه القاعدة الفكرية الموجودة بوثائق ثورة يوليو التي أقرها الشعب وعلى هذه المسيرة الثورية لثورة يوليو ندعو نحن الملتزمين لهذا البيان إلى العمل لتحقيقه في إطار تنظيمي متميز يحتوي الفكر الناصري وأن التنظيم الناصري ليؤمن بالتعاون مع كافة القوى التي تعمل في سبيل الديمقراطية والتقدم ويؤمن بأن مبادئ ثورة 23 يوليو على المنهج الناصري بأبعادها الإيجابية هي التي رسمت أمام شعبنا العربي المصري والأمة العربية طريق النضال والكفاح وأن الناصرية ليست حرفية نص ولكنها مفهوم لتجربة ومنهج وأن الناصرية هي مذهب سياسي نتاج لمجموعة المعالم والقيم الفكرية ومحصلاتها التطبيقية التي أرسى دعائمها النظرية وقاد تجربتها العلمية جمال عبد الناصر طيلة ثمانية عشر عاماً وأن الناصرية ظاهرة من أهم الظواهر التي شهدها الفكر السياسي في النصف الثاني من القرن العشرين وهي كأسلوب ثوري لما تضع عائقاً يحد من حركتها في صنع التقدم في التطبيق مع امتلاكها لثوابت أساسية تحكم تيار هذه الحركة وأن الناصرية تجربة نضالية ترى في الثورة الطريق الوحيد الذي تستطيع المجتمعات أن تعبر عليه من الماضي إلى المستقبل والوسيلة الوحيدة التي تستطيع بها الشعوب المقهورة أن تخلص نفسها من الأغلال التي كبلتها ومن الرواسب التي أثقلت كاهلها وهي الوسيلة الوحيدة لمغالبة التخلف الذي أرغمت عليه هذه الشعوب كنتيجة طبيعية للقهر والاستغلال والثورة هي الوسيلة الوحيدة لمقابلة التحدي الكبير الذي ينتظر الأمة العربية وغيرها من الأمم التي تستكمل نموها ذلك التحدي الذي تسببه الاكتشافات العلمية الهائلة التي تساعد على مضاعفة الفوارق ما بين التقدم والتخلف وتضمن البرنامج في مجال الديمقراطية أن جوهر الديمقراطية هو توكيد السيادة للشعب ووضع السلطة كلها في يده أما أشكالها والمنظمات التي تقوم بقصد كفالة هذا التوكيد عملياً فهي تختلف من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان باختلاف الظروف والبيئة التي تقوم فيها تلك النظم وأن قيام نظام ديمقراطي سليم قد كان منذ قيام ثورة 23 يوليو هدفاً رئيسياً فمن أهداف التغيير الأساسي الذي قامت تلك الثورة لتحقيقه ومنذ أعلنت المبادئ الستة المشهورة والتي حدد بها الثوار طريقهم إلى العمل الثوري بدت بالنسبة للديمقراطية حقيقتان الأولى أن الديمقراطية المنشودة ليست كما ما كان قائماً قبل الثورة أو ما تعارف عليه في الغرب والثانية إيمان كامل باستحالة إقامة تلك الديمقراطية السليمة دون تحقيق الأهداف الأخرى التي تتصل بتغيير النظام الاجتماعي والاقتصادي للبلاد ولقد تبلورت فلسفتنا الناصرية في الديمقراطية السياسية في النهاية إلى ديمقراطية التحالف الذي يقوم على تناقض من غير تصادم وأن ثمة تناقض بين مصالح العمال والرأسمالية الوطنية وبين العمال والفلاحين وهو تناقض ثانوي وغير عدائي ومرهون بعلاج أسبابه سلمياً ولكن سلمية هذا الحل مرهون بتجريد الرجعية من كافة أدواتها وأن سيادة القانون لا تتم إلا بجعل التشريعات والقوانين في خدمة الجماهير صاحبة المصلحة في الاشتراكية بحيث لا يكون سيفاً مسلطاً عليها ويستفاد من ذلك أن مبادئ وبرنامج الحزب الناصري يتخذ من ثورة 23 يوليو سنة 1952 المصدر الرئيسي لأفكاره وسياساته وذلك على النحو الذي صنعه - فكراً وعملاً - جمال عبد الناصر حتى وفاته إلى رحمة الله في سبتمبر سنة 1970 وأنه يدعو إلى اعتناق وتطبيق النظرية الناصرية في السياسة والديمقراطية والحكم وأنه وقف في منهجه عند المرحلة التي انتهت بوفاة صاحبة النظرية ودون متابعة للمرحلة الانتقالية اللاحقة منذ ثورة 15 مايو سنة 1971 حتى تعديل الدستور في 22 مايو سنة 1980 وهي المرحلة التي صدر فيها قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته والقانون رقم 33 لسنة 1978 الذي حدد مدلولاً واضحاً وصريحاً لمبادئ ثورة 15 مايو سنة 1971 بل لم يشر هذا الإعلان السياسي للحزب إلى هذه الثورة كما لم يتابع المرحلة التي بدأت بإتمام الاستفتاء الشعبي في 22 مايو سنة 1980 وما تلاه من تعديل للدستور يجعل تعدد الأحزاب السياسية أساساً للنظام السياسي في مصر وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ومن ثم فإنه يتعين لمراقبة صحة الأسباب التي استندت إليها لجنة الأحزاب السياسية في 18 ديسمبر سنة 1983 في قرارها بالاعتراض على تأسيس الحزب الناصري ومن مدلولتها - في ضوء ما ورد بإعلانه والسياسي للحزب وبرنامجه - سالف الذكر - الرجوع إلى مفاهيم ثورة 23 يوليو سنة 1952 وتجربتها العملية في مجال الديمقراطية والحكم - التي يهدف الحزب الناصري - إلى تطبيقها عند وصوله للحكم وذلك حتى وفاة صاحب النظرية في سبتمبر سنة 1970 وبذلك يتبين مدى تعارض هذه النظرية فكراً وعملاً مع الأوضاع الدستورية والقانونية القائمة في مصر منذ عام 1983 وحتى الآن.
ومن حيث إن هذه المحكمة بتشكلها الذي أورده القانون رقم 40 لسنة 1977 وإن كانت لا تؤرخ لثورة 23 يوليو سنة 1952 ولا تتقصى كافة إيجابياتها وسلبياتها باعتبار أن ذلك ليس من اختصاصاتها إلا أنه لما كان التحقق من الشروط الدستورية والقانونية ومدى توافرها في الحزب الناصري وعدم تعارض مبادئه مع ما سبق ذكره هو أمر يتعلق بنصوص تعالج بطبيعتها موضوعاً سياسياً ودستورياً هو النظام الشامل لشئون الأحزاب السياسية وأن ما ورد بشأنها من عبارات كالاشتراكية الديمقراطية والوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والمكاسب الاشتراكية والنظام الاشتراكي الديمقراطي وهي عبارات وردت في مقدمة الدستور وفي بعض نصوصه وفي القوانين وأن الظاهر تداخل المعاني الدستورية والسياسية لهذه العبارات وهي بحكم طبيعتها يتم تفسيرها من خلال الممارسة والتطبيق وما نشأ عنهما من عرف دستوري وتشريعي فإنه بالرجوع إلى أعمال اللجان التشريعية بمجلس الشعب والتي صاحبت إصدار قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته اللاحقة تبين أنه بعد قيام ثورة 23 يوليو سنة 1952 أعلنت المبادئ الستة الأساسية وهي:
1 - القضاء على الاستعمار وأعوانه.
2 - القضاء على الإقطاع.
3 - القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم.
4 - إقامة جيش وطني قوي.
5 - إقامة عدالة اجتماعية.
6 - إقامة حياة ديمقراطية سليمة. ثم صدر المرسوم بقانون رقم 179 لسنة 1952 بتنظيم الأحزاب السياسية وفي 10 من ديسمبر سنة 1952 صدر الإعلان الدستوري بإسقاط دستور 1923 وفي 13 من يناير سنة 1953 صدر مرسوم بتشكيل لجنة الخمسين لوضع دستور جديد يتفق وأهداف الثورة، وفي 17 يناير سنة 1953 أصدر رئيس حركة الجيش إعلاناً دستورياً بفترة انتقال ثلاث سنوات حتى تتمكن الثورة من إقامة حكم ديمقراطي دستوري سليم وعقب ذلك صدر المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1953 بحل الأحزاب السياسية وإلغاء المرسوم بقانون رقم 179 سنة 1952 وفي 10 من فبراير سنة 1953 صدر إعلان دستوري بالمبادئ الأساسية للحكم في المرحلة الانتقالية وصدر المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1953 باعتبار التدابير المتخذة لحماية حركة 23 يوليو سنة 1952 هي أعمال سيادة وأنشئت هيئة التحرير كتجمع وطني شعبي لتحقق إجلاء المستعمر عن البلاد، وعندما صدر دستور سنة 1956 نص على أن يكون المواطنون إتحاداً قومياً للعمل على تحقيق أهداف الثورة وبحث الجهود لبناء الأمة بناء سليماً من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية وترك الدستور تنظيمه وتكونه لقرار من رئيس الجمهورية واستمر الاتحاد القومي في ظل الدستور المؤقت سنة 1958 بعد الاتحاد مع سوريا وبوقوع الانفصال سنة 1961 صدر إعلان دستوري في 27 من سبتمبر سنة 1961 بشأن التنظيم السياسي لسلطات الدولة العليا، وفي سنة 1962 أعلن الميثاق القومي لتعزيز فاعلية وقدرة تحالف قوى الشعب العاملة الذي أصبح يتولى مسئولية قيادة العمل الوطني ثم نص دستور سنة 1964 على أن هذا التحالف يقيم الاتحاد الاشتراكي العربي ليكون السلطة الممثلة للشعب والدافعة لإمكانات الثورة والحارسة على قيم الديمقراطية السليمة، وبعد هزيمة يونيه سنة 1967 صدر بيان 30 مارس سنة 1968 متضمناً أن من بين الأسباب الرئيسية للهزيمة إهدار سيادة القانون وانعدام الديمقراطية في ظل سيطرة مراكز القوى على الاتحاد الاشتراكي وعلى السلطة في البلاد وبعد ثورة التصحيح في 15 مايو سنة 1971 أقر المؤتمر العام للاتحاد الاشتراكي في 23 يوليو 1971 برنامج العمل الوطني وقد أبرز هذا البرنامج مشكلة التنظيم السياسي واستغلال مراكز القوى له وانعدام الديمقراطية فيه وخنقه الديمقراطية خارجة وأنه يتعين توفير مبدأ سيادة - الديمقراطية داخل التنظيم سياسياً وإيجاد الظروف الملائمة لممارسة حرية الرأي والتعبير لكل عضو ولكل مستوى وأن الديمقراطية هي الطريق إلى جماعية القيادة باتخاذ القرار على أساس من الخبرة الجماعية، وأبقى دستور سنة 1971 على الاتحاد الاشتراكي العربي، وتضمنت ورقة أكتوبر سنة 1974 - التي وافق عليها الشعب في استفتائه أنه بكل أمانة لابد أن تسلم بأنه إذا كانت ثورة سنة 1952 قد أنجزت الكثير في الحرية الاجتماعية فإن جانب الحرية السياسية لم يتحقق على الوجه الذي يريده الشعب وأننا لا نقبل نظرية الحزب الواحد الذي يفرض وصايته على الجماهير ويصادر حرية الرأي ويحرم الشعب من ممارسة حريته السياسية، ثم تضمنت ورقة أغسطس سنة 1974 وتطويراً للاتحاد الاشتراكي لجعله بوتقة تنصهر فيها الأفكار المتعارضة وأن فكرة الحزب الواحد لا تتأكد إلا بالتسليم بتعدد الاتجاهات داخل الاتحاد الاشتراكي وأن مراكز القوى جعلت من التنظيم السياسي جهازاً بيروقراطياً لخدمة طموحها المتسلط وهذا أمر مرفوض من الشعب لأنه يحول التحالف إلى حزب غير شرعي، ثم شكلت في 2 مارس سنة 1976 لجان لدراسة كيفية دعم الممارسة الديمقراطية ومستقبل العمل السياسي وفي خطاب الرئيس المرحوم محمد أنور السادات في نوفمبر سنة 1976 أعلن الأخذ بما أستقر عليه رأي الأغلبية من البدء في تكوين ثلاث تنظيمات تمثل اليمين والوسط واليسار وأن تتحول هذه التنظيمات إلى أحزاب سياسية وسوف يصبح كل حزب حراً في إدارة نشاطه في حدود الدستور والقانون، وأضافت اللجنة التشريعية عند تعديل قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وبعد الاستفتاء الذي تم في 20 إبريل سنة 1979 أن العمل السياسي في مصر سار بعد الأحزاب السياسية سنة 1953 لأسباب متعددة في تكريس النظام الشمولي الذي لا أحزاب فيه من خلال هيئة التحرير والاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي العربي وتعطلت مسيرة البناء الديمقراطي حتى إزاحة مراكز القوي بعد ثورة 15 مايو سنة1971 ثم بدأت مرحلة إقامة الحياة الديمقراطية السليمة وتقرر مبدأ سيادة الدستور والقانون ولا شك أن من أبرز معالم هذا التقدم في طريق تعميق الديمقراطية وتوطيد أركانها صدور القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية مستهدفاً إطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية مع استبعاد العيوب التي شابت الحياة الحزبية قبل الثورة سنة 1952، وكان مما وافق عليه الشعب في هذا الاستفتاء إعادة تنظيم الدولة ودعماً للديمقراطية على أساس إطلاق حرية الأحزاب السياسية وأن الشرعية الدستورية في مصر تقوم على مبادئ وإنجازات ثورتي 23 يوليو 1952 و15 مايو 1971 والالتزام في كل الظروف بسيادة القانون وأن الدستور هو الوثيقة الأساسية الوحيدة التي يقوم عليها نظام الدولة وتعديله بالأسلوب الدستوري هو الطريق الوحيد للتعبير عن متطلبات مرحلة التطوير للشعب وإنشاء مجلس الشورى يضم ممثلين عن كل فات الشعب وهيئاته.
ومن حيث إن الواضح مما تقدم أن النظرية الناصرية التي يعتنقها الحزب الناصري فكراً وعملاً يجعلها القدوة المثلى لمبادئه وبرامجه وأساليبه عند المشاركة في الحكم أو الوصول إلى سلطة الحكم، فهذه النظرية - كما سبق وكما أكده بيان 30 مارس سنة 1968 أثناء حياة صاحب النظرية رحمة الله لم تحقق الديمقراطية بالمعنى البسيط وهو حرية الرأي في أي مستوى ومن باب أولى بعدت - فكراً وتجربة - عن الديمقراطية السليمة والتي نادت بها الثورة كمبدأ سادس، ومن مظاهر ذلك إلغاء قانون الأحزاب السياسية سنة 1953 وكثرة الإعلانات الدستورية وقيام تنظيم واحد بأمر الحاكم بدءاً من هيئة التحرير ومروراً بالاتحاد القومي وانتهاء بالاتحاد الاشتراكي العربي وجعل الانضمام إليه إجبارياً كشرط لتولي بعض الوظائف العامة أو المناصب العامة أو الترشيح وانعدام حرية الرأي داخله وخارجه وعدم الإيمان بتعدد الأحزاب كخطوة أولى وأساسية لمشاركة فئات الشعب في شئون الحكم كما انعدمت القيادة الجماعية في كل المستويات وسادت الإجراءات الاستثنائية كفرض الحراسات وتصفية الإقطاع وتعقب ما سمي بفلول الرجعية أو الانتهازية وكثرت مواقع التقاضي وتوسع في أعمال السيادة وتطهير الإدارة الحكومية عامة ثم جهات القضاء خاصة وتسلط على الحكم والشعب ما عرف بالجهاز الطليعي السري واختفت سيادة الدستور والقانون تحت شعارات مختلفة ولم تقم تنظيمات الاتحاد الاشتراكي جبهة عريضة في الآراء والاتجاهات المتباينة وعزلت فئات متعددة من أبناء مصر من الانضمام إليه بسبب اتجاهاتها السياسية مما أوجد قوى شعبية محرومة من التعبير السلمي والديمقراطي عن اتجاهاتها ومصالحها والدفاع المشروع عن وجودها في نظام ما تسمح به أحكام الدستور وتحول التنظيم السياسي الواحد من تنظيم جماهيري إلى سلطة هرمية تتداخل في ممتلكات الدولة الأخرى وتسيطر وتهيمن هيمنة تامة عليها وبواسطة مراكز القوي المنشقة (كتحرير اللجنة التشريعية) وترتيباً على اختيار الحزب الناصري لهذه النظرية - فكراً وعملاً فأنه يتعين تفسير ما أورده بالإعلان السياسي وبرنامجه ونظامه الداخلي من عبارات وأفكار بالرجوع إلى الأصل المقيس عليه والذي يهدف إلى إعادة سيرته الأولى وجعله عقيدة وشريعة لتجميع المواطنين للمشاركة في الحكم ثم وصولاً إليه، ومن ذلك إيمان الحزب باستحالة إقامة الديمقراطية السليمة دون تحقيق الأهداف الأخرى التي تتصل بتغيير النظام الاجتماعي والاقتصادي فإن هذا هو ذات الاعتبار الذي أدى إلى اختفاء الديمقراطية السياسية في مصر طوال الفترة الناصرية اكتفاء بالعدالة الاجتماعية وتوسيع دائرتها، كما أن الحزب الناصري يرى أن شكل الديمقراطية وتنظيماتها أمر مختلف عليه حسب ظروف الزمان والمكان وبذلك ينكر الشكل الديمقراطي الذي أختاره الشعب وأقره الدستور والقانون سنة 1980 والقائم على تعدد الأحزاب السياسية وبذلك يكون من أهدافه عودة النظام الشمولي الذي ساد الفترة الناصرية واستئثار تنظيم واحد بمقدرات الشعب والحياة السياسية في مصر، كما أن فكرة الحزب الناصري عن التناقض بين فئات الشعب وحلها يقوم على أن حل التناقض غير العدائي عن طريق العلاج الثوري بما يعني التشريعات والإجراءات الاستثنائية وأشار الحزب إلى كيفية حل التناقضات التي يراها عدائية وذلك عند كلامه عن الديمقراطية إذ رهن الحل السلمي سالف الذكر على تجريد الرجعية من كل أدواتها وترك تحديد معنى الرجعية مما يجعله سيفاً مسلطاً على رقاب بعض المواطنين ووسيلة للإرهاب مما يناهض ويخالف ما أقره الدستور والقانون منذ 1983 من الحفاظ على السلام الاجتماعي بين جميع المواطنين باحترام المشروعية وسيادة القانون وعدم خروج الحزب على الأساليب الشرعية والسلمية والديمقراطية وعدم بثه الكراهية والحقد وبما يثير الفتنة والانقسام سواء بين فئات تحالف قوى الشعب العاملة أو بينها وبين الفئات الأخرى من الشعب وبما يؤدي إليه ذلك بعد الممارسة العملية من تفتيت الوحدة الوطنية والتي حظرها الدستور والقانون، كما أن الحزب الناصري ينادي بأن الثورة هي الطريق الوحيد لتحقيق آمال الشعوب والمجتمعات وأن الناصرية كأسلوب ثوري لم تضع عائقاً من حركتها في صنع التقدم في التطبيق، ويعني ذلك أن هدف الحزب الناصري هو إعادة سيطرة الفكر الثوري والممارسة الثورية على النحو الذي كانت طوال ثمانية عشر عاماً من 52 حتى 1970 وهذا يعني سيادة المشروعية الثورية بتغيير النظام في المجتمع على الوجه الذي يحقق إرادة الفئة صاحبة المصلحة عن غير الطريق الذي يرسمه النظام القانوني السائد وهذا المعنى الحقيقي وهو ما التزمته التجربة الناصرية فلم يقف أمامها عائق يدعو إلى التبصر في العواقب وبذلك يكون ما ينادي به الحزب على هذا النحو يتعارض مع سيادة مبدأ الدستور والقانون بوثيقة إعلان دستور سنة 1971 من أن سيادة القانون ليست ضماناً مطلوباً لحرية الفرد فحسب لكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة في ذات الوقت وهو أيضاً ما أكده الاستفتاء الشعبي في 20 من إبريل سنة 1979 من الالتزام في كل الظروف بسيادة القانون وأن الدستور هو الوثيقة الأساسية التي يقوم عليها نظام الدولة. ومن حيث إن قرار لجنة الأحزاب السياسية الصادر بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1983 بالاعتراض على تأسيس الحزب الناصري بني على أسباب منها أنه حزب يقوم على النظام الشمولي ولا يؤمن بالديمقراطية أو بتعدد الأحزاب طبقاً لما جاء بالدستور الصادر سنة 1971 والقانون رقم 40 لسنة 1977 وأن برنامجه يتعارض مع الشرعية الدستورية التي يقوم عليها نظام الحكم في مصر ويرمي إلى عودة الشرعية الثورية وأنه يفتح الباب لصراعات طبقية عديدة بما يتنافي مع السلام الاجتماعي الذي نص قانون الأحزاب على وجوب الالتزام به فإنه وبالقدر اللازم للفصل في الاعتراض الماثل، وإذ كان الثابت من الوثائق المقدمة من الحزب المتضمنة أهدافه وبرامجه في العمل السياسي وسياساته والأساليب التي يعتنقها في سبيل تحقيق هذه السياسات وحسبما يستفاد من إحالة البرامج إلى وثائق العمل السياسي في مصر من تاريخ قيام ثورة 1952 وحتى بيان 30 مارس سنة 1968 أن مفهومه عن الديمقراطية هو مفهوم خاص، بغض النظر عن مضمونه ولا يتلاقى مع مفهوم الديمقراطية التي يقوم عليها النظام السياسي في جمهورية مصر العربية حسبما ورد بالدستور من قيام هذا النظام على أساس التعددية الحزبية فكل تلك الوثائق تنظر إلى وجوب تحقيق ظروف اجتماعية خاصة قبل تحقيق الديمقراطية السليمة، بمعنى التعدد الحزبي، إلى وجوب تجريد ما تعبر عنه بأنه قوى رجعية من كافة أدواتها مما من شأنه أن يفرق، في مجال العمل السياسي بين قوى تقدمية وقوى رجعية بمعيار ينفرد الحزب، أو التنظيم كما ورد التعبير عنه بذات البرنامج، بوضعه مما يحيله إلى سلطة وصاية يعملها بإرادته ويصيغها بمشيئته باعتبار انه يحمل وحده دون سواه لواء الحقيقة، وكل ذلك تنذر بنبت يحمل صفاتها الشمولية ويثمر صراعاً بين قوى الحق، التي تتمثل في الحزب طالب التأسيس وبين قوى الرجعية وهي القوى التي تعارض فكرة، وكل ذلك يمثل في حقيقة الواقع نظرة إلى حقبة مضت من تاريخ جمهورية مصر العربية السياسي، أياً ما يكون تقييمها، تجاوزتها التطورات الدستورية والقانونية السارية التي تقوم في أساسها على مبدأ أصولي يتحصل في سيادة القانون وحده وفي حرية الرأي وحرية التعبير عن هذا الرأي، وبالترتيب على ذلك فإن استخلاص لجنة شئون الأحزاب برامج الحزب طالب التأسيس وأهدافه مع ما تقدم من أحكام الدستور والقانون يكون استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجه صدقاً وحقاً مما يكفي لقيام القرار بالاعتراض على التأسيس على سبب يكفي لحمله محل الصحة ويقيمه على مقام الصدق والحق والقانون، ويكون الطعن على هذا القرار غير قائم على أساس من الواقع أو القانون ويتعين رفضه استناداً إلى ما ذكر دون حاجة إلى بحث باقي الأسباب.
ومن حيث إن الطاعن خسر طعنه فيلزم المصروفات عملاً بالمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: بعدم قبول تدخل الأستاذ/ عطية سليمان المحامي وألزمته بمصروفات طلبه.
ثالثاً: برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات.

الطعن 3564 لسنة 32 ق جلسة 3 / 6 / 1990 إدارية عليا مكتب فني 35 ج 1 توحيد مبادئ ق 1 ص 5

جلسة 3 من يونيه سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ نبيل أحمد سعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي وطارق عبد الفتاح سليم البشري ومحمد المهدي عبد الله وعبد الرحيم مليجي ومحمد محمود الدكروري وحنا ناشد مينا حنا ومحمد أمين المهدي العباسي وصلاح عبد الفتاح أمين سلامة ورأفت محمد السيد يوسف ويحيى السيد الغطريفي وإسماعيل عبد الحميد - المستشارين.

---------------

(1)
الطعن رقم 3564 لسنة 32 القضائية

(أ) اختصاص - ما يدخل في اختصاص الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة - المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984

كما يجيز نص المادة 54 مكرراً للدائرة المنصوص عليها فيه أن تقتصر في حكمها الذي تصدره بعد اتصالها بالطعن على البت في المسألة القانونية التي كانت محلاً لتناقض الأحكام أو إقرار مبدأ قانوني على خلاف أحكام سابقة ثم تحيل الطعن بعد ذلك إلى دائرة المحكمة الإدارية العليا المختصة لتفصل في موضوعه وفقاً للمبدأ الذي أرسته بحكمها، فإن هذا النص أيضاً لا يحول دون هذه الهيئة والفصل في الطعن الذي اتصلت به بقرار الإحالة بحكم منه للنزاع متى كان الطعن قد استقامت عناصره وكان صالحاً للفصل فيه - تطبيق.
(ب) المحكمة الإدارية العليا - الطعن في أحكامها بدعوى البطلان الأصلية.
أجاز المشرع استثناء الطعن بدعوى البطلان الأصلية في الأحكام الصادرة بصيغة انتهائية - هذا الاستثناء، في غير الحالات الواردة بقانون المرافعات، يجب أن يقف عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم وتمثل إهداراً للعدالة يفقد فيها الحكم وظيفته - يجب أن يكون الخطأ الجسيم الذي يهوي بقضاء المحكمة الإدارية العليا إلى درك البطلان بيناً غير مستور وثمرة غلط فاضح يكشف في وضوح عن ذاته بما لا مجال فيه إلى اختلاف وجهات النظر المعقولة - إذا لم يتوافر ذلك وكان الأمر لا يعدو الاختلاف في الرأي أبان الحكم شواهده ومبرراته فيما رجح لديه فلا يستوي ذريعة لاستنهاض دعوى البطلان وإهدار قضاء المحكمة - تطبيق.
(جـ) مجلس الدولة - أعضاؤه - معاش وكيل مجلس الدولة.
التعادل بين وظيفة نائب الوزير والوظائف القضائية الأخرى في مجال تطبيق قواعد المعاشات يقوم على أساس التماثل في المرتب الذي يتقاضاه كل من شاغلي الوظيفتين - وظيفة وكيل مجلس الدولة تعتبر في حكم درجة نائب الوزير ويعامل شاغلها معاملة نائب الوزير في المعاش منذ بلوغه مرتباً مماثلاً لمرتب نائب الوزير سواء حصل على هذا المرتب في حدود مربوط الوظيفة التي يشغلها أو بسبب حصوله على مرتب نائب رئيس مجلس الدولة، الوظيفة الأعلى مباشرة إعمالاً للفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية.


إجراءات الطعن

بتاريخ 7 من سبتمبر سنة 1986 أودع السيد الأستاذ الدكتور حسين توفيق رضا بصفته وكيلاً عن السيد الأستاذ محمد عبد المجيد الشاذلي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3564 لسنة 32 ق عليا ضد السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات انتهى فيه إلى الحكم بإلغاء الحكم الصادر في الطعن رقم 2451 لسنة 29 ق بجلسة 13 من إبريل سنة 1986 من الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا وإحالة الطعن إلى دائرة أخرى لتقضي له بطلباته وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات.
وأعلن الطعن إلى الهيئة المطعون ضدها بتاريخ 15 من أكتوبر سنة 1986. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بعدم قبول الطعن، وقد نظر الطعن أمام الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا التي قررت بجلسة 14 من مايو سنة 1989 إحالته إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظرة أمامها جلسة 30 من مايو سنة 1989، حيث نظر الطعن أمام تلك الدائرة التي قررت تكليف هيئة مفوضي الدولة بإعداد تقرير تكميلي في الطعن. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً تكميلياً ارتأت فيه الحكم بعد جواز قبول الطعن وإلزام الطاعن المصروفات، إلا أن الهيئة عادت فأعدت مذكرة انتهت بها إلى أحقية الطاعن في تسوية معاشه على أساس المعاملة المالية المقررة لنائب وزير اعتباراً من تاريخ بلوغه سن المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقد أعيد نظر الطعن أمام الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن قررت المحكمة بجلسة 5 من ديسمبر سنة 1989 إحالته إلى الهيئة المشكلة طبقاً لنص المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة المضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 لقيام موجب الإحالة إليها.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم ببطلان الحكم الصادر في الطعن رقم 2451 لسنة 29 ق وإعادة الطعن إلى دائرة أخرى للفصل في موضوعه من جديد وحدد لنظر الطعن أمام المحكمة جلسة 3 من فبراير سنة 1990 وتداول نظرة أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة أول إبريل سنة 1990 إصدار الحكم بجلسة 13 من مايو سنة 1990 وفي هذه الجلسة تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 3 من يونيه سنة 1990 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة الإدارية تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 2451 لسنة 29 ق عليا بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 15 من يونيه سنة 1983 انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيما تضمنه من ربط معاش شهري له مقداره 203.100 جنيهاً وأحقيته في تسوية معاشه باعتبار راتبه 250 جنيهاً في الشهر، أي منحه معاشاً شهرياً مقداره 200 جنيه بخلاف الإضافات. وقال شرحاً لدعواه إنه بلغ سن الإحالة إلى المعاش اعتباراً من أول يناير سنة 1983 وربط له معاش شهري مقداره 203.100 جنيه بما فيها الإضافات ومقدارها 27 جنيهاً على أساس أن مرتبه الأخير هو 204.166 جنيهاً على رغم أن آخر مرتب له عن شهر ديسمبر سنة 1982 كان 250 جنيهاً، وقد نازع في هذا الربط أمام اللجنة المختصة، التي قررت رفض طلبه بمقولة أن الهيئة أعملت في شأنه حكم القانون على الوجه الصحيح طبقاً لنص المادة 30 مكرراً من القانون رقم 79 لسنة 1975، وذلك بحساب المعاش على أساس مدة الاشتراك في التأمين وباعتبار أن آخر مرتب كان يتقاضاه هو 219.416 جنيهاً قائماً بذاته ثم حسبت المعاش على أساس مدة الاشتراك في التأمين التي أدى عنها الاشتراك عن جزء البدلات المكمل للحد الأقصى لأجر الاشتراك وهو 250 جنيهاً قائماً بذاته ثم ربط المعاش لمجموع المعاشين. ونعى الطاعن على هذا القرار مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ومخالفته لما استقر عليه قضاء محكمة النقض ومحكمة القضاء الإداري للأسباب الآتية:
أولاً: إن المادة الرابعة من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي تقضي باستمرار العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للعاملين بكادرات خاصة.
ثانياً: أنه وفقاً لنص المادة 124 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة يتعين الاعتداد في تسوية معاش أعضاء مجلس الدولة بأحد أمرين: إما آخر مربوط الوظيفة وإما آخر مرتب كان يتقاضاه العضو قبل الإحالة إلى المعاش أيهما أصلح له، إذ كان الثابت أن آخر مرتب كان يتقاضاه الطاعن عند إحالته إلى المعاش هو 250 جنيهاً في الشهر وهو المرتب الذي حصل قسط التأمين على أساسه، فإنه يستحق أن يسوى معاشه على أساس هذا المرتب إذ لا يمكن أن يكون لهذا المرتب وجهان وجه بالنسبة إلى اقتضاء اشتراك المعاش ووجه آخر يختلف عنه عند حساب المعاش المستحق للمؤمن عليه لما في ذلك من مخالفة لنص المادة 124 من قانون مجلس الدولة المشار إليه وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 9 لسنة 1981، فضلاً عن إهداره حكماً عاماً أرساه المشرع خص به أصحاب الكادرات الخاصة.
ثالثاً: أن التجزئة التي قامت بها الهيئة وهي بصدد تسوية المعاش المستحق للطاعن لا سند لها من القانون إذ لا محل لإعمال نص المادة 30 من القانون رقم 79 لسنة 1975 مع قيام الاستثناء المقرر بالمادة 124 من قانون مجلس الدولة المشار إليه.
رابعاً: أن الهيئة قد جانبها الصواب في حالات سابقة بالنسبة لأعضاء الهيئات القضائية، وصدرت أحكام القضاء بأحقيتهم في معاش نائب وزير استناداً إلى أن المشرع أكد في المادة الرابعة من قانون التأمين الاجتماعي استمرار العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للعاملين بكادرات خاصة، ومن هذه المزايا المقررة لرجال القضاء ما نص عليه القانون رقم 56 لسنة 1979 بشأن السلطة القضائية من معاملة نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف معاملة من هم في حكم درجتهم في المعاش، وقد حرص المشرع على ترديد هذه الميزة في قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965 وكفلها كذلك لنواب رؤساء محاكم الاستئناف والمحامين العامين الأول، ولم يجد القانون رقم 41 لسنة 1972 محلاً لترديدها باعتبارها أصبحت دعامة أساسية في النظام الوظيفي لرجال القضاء لا يجوز حرمانهم منها وإعمالاً لمبدأ المساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة فإن من هم في حكم درجة نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء الاستئناف وأقرانهم من شاغلي الوظائف القضائية الأخرى المماثلة لها في الدرجة ينبغي أن تسوى معاشاتهم جميعاً طبقا لما تسوى به معاشات من هم في حكم درجتهم المالية، ومن ثم فإنه لما كانت درجة نائب الوزير ذات ربط ثابت مقداره 2000 جنيه بينما أن درجة وكيل مجلس الدولة قد جاوزت ذلك بمقتضى القانون رقم 54 لسنة 1978 الذي حدد لها ربطاً مقداره 2000/ 2100 جنيه فإن الطاعن يكون صاحب حق في الحصول على أقصى معاش وقدره مائتا جنيه بخلاف الإضافات.
وقدمت الهيئة المطعون ضدها عدة مذكرات بدفاعها انتهت بها إلى طلب الحكم برفض الطعن وباشرت هيئة مفوضي الدولة تحضير الدعوى على النحو الثابت بالأوراق، وقدمت تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما إلى تضمنه من ربط معاش شهري للطاعن مقداره 203.100 جنيه وأحقيته في تسوية معاشه باعتبار أن مرتبه مائتان وخمسون جنيهاً ومنحه معاشاً مقداره مائتا جنيه، بخلاف الإضافات المقررة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام هيئة التأمين والمعاشات المصروفات.
وقد نظرت الدعوى أمام الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 13 من إبريل سنة 1986 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وأقامت المحكمة قضاءها على أن حقيقة ما يهدف إليه الطاعن من طلباته هو الحكم بإعادة تسوية معاشه على أساس معاملته المعاملة المقررة لنائب الوزير اعتباراً من تاريخ استحقاقه المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وأن المادة (31 فقرة أولى بند أولاً) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 قررت معاملة خاصة من ناحية المعاش لكل من الوزير ونائب الوزير فقضت بتسوية معاش كل منهما على أساس آخر أجر تقاضاه بما لا يزيد على الحد الأقصى لأجر الاشتراك بحيث يستحق الوزير معاشاً مقداره مائة وخمسون جنيهاً شهرياً ونائب الوزير معاشاً مقداره مائة وعشرون جنيهاً شهرياً إذا بلغت مدة اشتراكه في تاريخ انتهاء خدمته كوزير أو نائب عشرين عاماً وكان قد قضى سنة متصلة على الأقل في أحد المنصبين أو فيهما معاً أو بلغت مدة اشتراكه عشر سنوات وكان قد قضى سنتين متصلتين في أحد المنصبين أو فيهما معاً أو بلغت مدة اشتراكه خمس سنوات وكان قد قضى أربع سنوات متصلة على الأقل في أحد المنصبين أو فيهما معاً، ثم نص البند ثانياً من ذات الفقرة على أن يسوى له معاش عن مدة اشتراكه في التأمين التي تزيد على المدة المنصوص عليها في أولاً ويضاف إلى المعاش المستحق وفقاً للبند المذكور على ألا يجاوز مجموع المعاش الحد الأقصى المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 2، واستطردت المحكمة قائلة أن قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه وإن استهدف توحيد نظم التأمين الاجتماعي للعاملين المدنيين في نظام واحد إلا إنه استثنى من ذلك المزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للعاملين بكادرات خاصة بأن أبقى عليها وذلك بالنص في الفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون الإصدار على استمرار العمل بها، وإذا كان من المزايا المقررة لأعضاء مجلس الدولة ما نص عليه في جدول المرتبات المرفق بقانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 من معاملة كل من نواب رئيس مجلس الدولة معاملة من هو في حكم درجته في المعاش، وقد تضمن جدول المرتبات المرفق بقانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 حكماً شبيهاً فيما يتعلق بنواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف، وكان المشرع قد حرص على ترديد النص على هذه الميزة في قانون السلطة القضائية اللاحق الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965 والذي كفلها كذلك لنواب رؤساء محاكم الاستئناف والمحامين العامين الأول وهو ما يسري على أقرانهم من أعضاء مجلس الدولة إعمالاً للقواعد الملحقة بجدول المرتبات المرفق بقانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 المشار إليه وحرص المشرع على ترديد النص على هذه الميزة تأكيداً منه لاعتبارها جزءاً من كيان النظام الوظيفي لرجال القضاء العادي وأعضاء ومجلس الدولة وإفصاحاً عن اتجاهه دائما إلى توفير المزيد من أسباب الحياة الكريمة لهم وتأمينها في أحرج مراحلها عند بلوغ سن التقاعد مواكبة لسائر النظم القضائية في دول العالم والتزاماً بما تفرضه الشريعة الإسلامية من توفير أسباب تأمين القاضي في حاضره ومستقبله وإذ كان ما تقدم فإنه لا يتصور وقد خلت نصوص كل من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وقانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 - الحاليين من التنويه بهذه الميزة أن يكون المشرع قد استهدف إلغاءها ذلك لأنها أصبحت باطراد النص عليها في قوانين مجلس الدولة والسلطة القضائية السابقة دعامة أساسية في النظام الوظيفي لأعضاء مجلس الدولة ورجال القضاء فلا يجوز حرمانهم منها بما يترتب على ذلك من الانتقاص من المزايا المقررة لهم، وقد جرت الهيئة العامة للتأمين والمعاشات في ظل العمل بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه على معاملة نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف ممن أمضوا سنة في إحدى هذه الوظائف معاملة نائب الوزير في المعاش باعتبارهم في حكم درجته، وقد تأكد ذلك بما سجل في مضبطة مجلس الشعب بجلسته المنعقدة في 16/ 7/ 1979 على لسان السيدة الدكتورة وزيرة الشئون والتأمينات الاجتماعية بصدد مناقشة مشروع قانون المحكمة الدستورية العليا من أنه رؤى أن تكون معاملة أعضاء المحكمة في المعاش معاملة نائب الوزير شأنهم في ذلك شأن نواب رئيس محكمة النقض ونواب رئيس مجلس الدولة ورؤساء محاكم الاستئناف فيما عدا رئيس محكمة استئناف القاهرة الذي يعامل معاملة الوزير. وخلصت المحكمة إلى القول بأن مقتضى هذه الميزة أنه متى تساوى الربط المالي لإحدى هذه الوظائف مع الدرجة المالية لأحد المناصب التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة من ناحية المعاش فإن شاغل هذه الوظيفة يعامل ذات المعاملة وتتحقق هذه التسوية متى ضاهت بداية الربط المالي المقرر للوظيفة بداية ربط الدرجة المعادلة بها أو ربطها الثابت على حسب الأحوال أو بلغ مرتب شاغلها في حدود الربط المالي المقرر لها بداية ربط الدرجة المعادلة أو الربط الثابت بها، وأنه بتطبيق ما تقدم على واقعة النزاع فإن الثابت من الأوراق أن السيد الأستاذ المستشار محمد عبد المجيد الشاذلي عين في وظيفة وكيل مجلس الدولة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 597 الصادر بتاريخ 22/ 1/ 1981 واستمر شاغلاً لهذه الوظيفة لحين انتهاء خدمته ببلوغ السن اعتباراً من 1/ 1/ 1983 وأن مربوط وظيفة وكيل مجلس الدولة طبقاً للجدول المرافق للقانون رقم 143 لسنة 1980 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 54 لسنة 1978 بتعديل جداول مرتبات الكادرات الخاصة كان (2000 - 2175) جنيهاً سنوياً وهو يقل عن مربوط وظيفة نائب الوزير والتي تقرر لها مربوط ثابت مقداره (2250) جنيهاً سنوياً بالقانون رقم 134 لسنة 1980 وأنه حتى بفرض مراعاة الزيادة التي طرأت على بداية وظيفة وكيل مجلس الدولة بمقدار (60) جنيهاً سنوياً طبقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 114 لسنة 1981 والزيادة التي طرأت على مرتبات شاغلي هذه الوظيفة طبقاً للمادة الأولى من ذات القانون مما ترتب عليه تعديل فعلي في نهاية مربوط هذه الوظيفة بمقدار 108 جنيهات سنوياً مضافاً إليها قيمة علاوتين من علاوتهم الدورية فإنه بفرض مراعاة ذلك فإن مربوط هذه الوظيفة في 1/ 7/ 1981 يكون قد بلغ (2060 - 2433) جنيهاً وهو يظل كذلك أدنى من مربوط وظيفة نائب الوزير الذي طرأت عليه زيادات أيضاً بمقتضى المادة الثانية من القانون رقم 114 لسنة 1981 آنف الذكر بمقدار (108) جنيهات سنوياً مضافاً إليها علاوتين بفئة مائة جنيه للعلاوة أي أصبح طبقاً لما تقدم وفي ذات التاريخ المشار إلية 2558 جنيهاً سنوياً وظل كذلك على هذا الحال طوال مدة شغل الطاعن لوظيفته ومن ثم فإنه والحالة هذه يكون الربط السنوي المقرر لوظيفة وكيل مجلس الدولة اعتباراً من 12/ 7/ 1980 تاريخ نشر القانون رقم 134 لسنة 1980 المشار إليه في الجريدة الرسمية دون الربط المقرر لوظيفة نائب الوزير وغير مساو له طبقاً لمعيار التعامل السابق بيانه ومن ثم فإن نتيجة ذلك ولازمه ألا تغدو وظيفة وكيل مجلس الدولة معادلة لوظيفة نائب الوزير وبالتالي فلا يستحق للسيد الأستاذ المستشار محمد عبد المجيد الشاذلي أن يعامل من ناحية معاشه المعاملة المقررة لنائب الوزير طبقاً لما تقضي به المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، ولا يغير من ذلك بلوغ مرتب سيادته في 1/ 7/ 1982 مبلغ (219.416 جنيه) شهرياً أي ما يقرب من 2633 جنيهاً سنوياً لأن العبرة في تحقق المساواة في المعادلة هو بمدى تعادل ربط الوظيفة التي يشغلها مع ربط وظيفة نائب الوزير دون الاعتداد بمجاوزة المرتب الفعلي للطاعن نهاية ربط الوظيفة التي يشغلها سواء كان بسبب حصوله على مرتبات الوظيفة الأعلى منها طبقاً لما تقضي به الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون مجلس الدولة المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية والتي لا زال العمل بها قائماً أو لأي سبب آخر لتداخل الترقيات أو العلاوات طالما كان الثابت أن نهاية ربط الوظيفة التي يشغلها يقل عن ربط الوظيفة المطلوب التعادل بها، وأضافت المحكمة أنه لما كان الثابت من الأوراق أن الهيئة العامة للتأمين والمعاشات قامت بحساب معاش الطاعن على أساس مدة اشتراكه في التأمين وآخر مرتب كان يتقاضاه ومقداره 219.416 جنيهاً شهرياً قائماً بذاته ثم حسبت له معاشاً على أساس مدة اشتراكه في التأمين التي أدى عنها الاشتراك عن جزء البدلات المكمل للحد الأقصى لأجر الاشتراك وهو 250 جنيهاً شهرياً قائماً بذاته كذلك ثم ربط له معاش مقداره مجموع المعاشين وذلك كله طبقاً لأحكام المادة 124 من قانون مجلس الدولة والتي تقضي بتسوية معاش العضو على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له والمادة 30 مكرراً من قانون التأمين الاجتماعي والتي تقضي في حالة اعتبار البدلات جزءاً من أجر الاشتراك بحساب معاش له على أساس مدة الاشتراك في التأمين التي أدى عنها الاشتراك عن الأجر محسوباً بالمدة قائماً بذاته، كما يحسب له معاش عن مدة الاشتراك في التأمين التي أدى عنها الاشتراك عن البدلات ويربط للمؤمن عليه معاش بمجموع المعاشين وأن الهيئة اعتبرت الإعانات والزيادات التي أضيفت إلى معاش سيادته جزءاً من المعاش وطبقت بشأنها أحكام قانون التأمين الاجتماعي وخاصة المادة 20 منه وهي تكملة المعاش إلى الحد الأقصى ومقداره (200) جنيه بخلاف الإعانة الصادرة عام 1982 ومقدارها أربعة جنيهات فإن الهيئة تكون قد أعملت في شأنه صحيح حكم القانون ويكون الطعن والحالة هذه غير قائم على سند من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن على الحكم بدعوى البطلان الأصلية أنه أفرط في سببين اثنين من أسباب الطعن الأربعة وجاء طعنه في السببين الآخرين عاطلاً من الأسباب القانونية وأفضت هذه الطريقة الخاطئة في علاج الطعن إلى رفضه بغير حق فصدر الحكم باطلاً بطلاناً جوهرياً مما يحق معه للمدعي أن يطلب إلغاءه وقد بخس معاشه وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: امتناع الحكم عن الفصل في السببين الثالث والرابع من أسباب الطعن: فقد استمسك المدعي في أولهما بمبدأ المساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة من رجال القضاء ومجلس الدولة في معاملتهم المعاشية وأن نواب رئيس محكمة الاستئناف ونظراءهم بالمحكمة الدستورية العليا تماثل وظائفهم وظيفة المدعي وكل منهم يعامل في المعاش معاملة نائب الوزير متى بلغ مرتبه مرتب نائب الوزير وفقاً لما استقر عليه قضاء محكمه النقض والمحكمة الدستورية العليا، كما تمسك المدعي في السبب الرابع لطعنه بالمادة 124 من قانون مجلس الدولة التي تقضي أن يسوى معاشه على أساس آخر مرتب وظيفته أو على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه عند بلوغه سن المعاش، ولم يعرض الحكم بشيء مطلقاً لتمحيص هذين السببين ولم يتضح ما يفيد ردهما صراحة لأمر يتعلق بكل منهما على حده. وقانون المرافعات المدنية ينص في المادة 253 منه على أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه كان باطلاً ولا يجوز التمسك بسبب من أسباب الطعن غير التي ذكرت في الصحيفة وتقضي المادة 263 بأنه إذا رأت محكمة النقض أن الطعن غير مقبول لإقامته على غير الأسباب المبينة في المادتين 248، 249 أمرت بعدم قبوله بقرار يثبت في محضر الجلسة مع إشارة موجزة إلى سبب القرار، وإذا رأت المحكمة أن الطعن جدير بالنظر حددت جلسة لنظره ويجوز لها في هذه الحالة أن تستبعد من الطعن ما لا يقبل من الأسباب أمام محكمة النقض وأن تقصر نظره على باقي الأسباب مع إشارة موجزة إلى سبب الاستبعاد، وكل هذه النصوص تقطع بوجوب النظر في كل سبب من أسباب الطعن على حدة وفصلها فرادى ليستيقن الطاعن العدالة التامة في نظر طعنه بحيث لا يجوز لمحكمة النقض أن تذر سبباً واحداً منها بغير أن تقول حكمها فيه. ولا يمكن العدول عن هذه الضمانة بحال في رحاب المحكمة الإدارية العليا، فلا يجوز للمحكمة أن تعمد إلى رفض طعن من قبل أن تستقصي جميع أسبابه وتستظهر عدم صحة كل سبب منها.
ثانياً: بطلان الحكم لخلوه من الأسباب القانونية: ذلك أن المادة 273 من قانون المرافعات نصت على أن تسري على قضايا الطعون أمام محكمة النقض القواعد والإجراءات الخاصة بنظام الجلسات، كما تسري عليها القواعد الخاصة بالأحكام فيما لا يتعارض مع نصوص هذا الفصل (الخاص بالنقض) وقد عنى المشرع بالنص على تطبيق قواعد عدم صلاحية القضاة وردهم على مستشاري محكمة النقض في المادتين 147 و164 من قانون المرافعات وأجاز طلب إلغاء حكم محكمة النقض الذي شارك في إصداره مستشار قام به شيء من أسباب عدم الصلاحية. ولا ريب على هذا الوجه في تطبيق المادة 176 الواردة في باب الأحكام على ما تصدره أحكام النقض وهي تفرض أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي تترتب عليها وإلا كانت باطلة يؤكد ذلك ما سلف من نص المادة 263 على أن تبين محكمة النقض سبب استبعاد ما لم تقبله من أسباب الطعن بإشارة موجزة وهذا الإيجاز يعتبر رخصة مما افترضه القانون من ذكر الأسباب القانونية للحكم مفصلة وإلا كان باطلاً لا يعصم من الإلغاء، وقد أيد الحكم المطعون فيه تجزئة الهيئة المدعى عليها حساب المدعي بغير أن يمحص ما استمسك به من مخالفة هذه التجزئة لصحيح القانون كذلك استحدث الحكم معياراً لمعادلة الوظيفة القضائية اعتد فيه ببداية ربطها المالي ولم يعتد بالمرتب الذي يتقاضاه شاغلها فعلاً، ومع أن هذا المعيار ظاهر الخطأ إلا أن المدعي لا يقف عند شيء من تلك الأخطاء إذا جاءت في اجتهاد منع القانون الطعن فيه وإنما يستمسك المدعي بخلو الحكم من كل سبب قانوني يمكن أن يستند إليه المعيار الذي جاء به الحكم والخلو من الأسباب القانونية يجعل فصل الحكم في ذينك السببين من أسباب الطعن باطلاً أيضاً وكأنه لم يقض فيهما بشيء مما يتعين معه إلغاؤه.
ثالثاً: بطلان الحكم لعدم اختصاص المحكمة بإصداره: فقد أرست المحكمة الإدارية العليا مبدأ سابقاً في معادلة الوظائف يوجب الاعتداد بالمزايا المقررة لكل وظيفة من وظائف القضاء أو مجلس الدولة عند إجراء التعادل بينهما وبين وظيفة أخرى بالكادر العام وذلك في الطعنين رقمي 900 لسنة 4 ق، 116 لسنة 7 ق، ولا ريب في أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من عدم الاعتداد بالمزايا المقررة قانوناً لوظيفة وكيل مجلس الدولة التي كان يشغلها المدعي عند إجراء معادلتها لوظيفة نائب الوزير هو مبدأ يخالف ذلك المبدأ الذي سبقت إليه المحكمة الإدارية العليا الأمر الذي كان يتعين معه التزام حكم المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 والمعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1948 وإحالة الطعن إلى الدائرة المشكلة طبقاً لأحكام نص المادة لما يمثله منم ضمانة جوهرية لإعمال المبادئ القضائية ويحول دون المساس باستقرارها إلا بأغلبية تربو على ضعفي الأغلبية التي تصدر بها أحكام دائرة المحكمة الإدارية العليا، وخروج حكم من هذه الأحكام على تلك الضمانة الجوهرية يشكل خطأ جسيماً في تعدي قواعد الاختصاص يهوي بالحكم الخاطئ إلى الانعدام.
رابعاً: بطلان الحكم لإخلاله بالعدالة: فقد ترتب على إغفال الحكم التماس الأسباب القانونية التي تسند قضاءه على خلس معاش الطاعن الذي يستحقه قانوناً، ونقص المعاش الذي أيده قضاؤه عن المعاش الذي يتقاضاه فعلاً كل من نواب رؤساء محكمة الاستئناف وهم نظراء المدعي ووظائفهم القضائية مماثلة لوظيفة المدعي بمجلس الدولة ومرتباتهم التي سويت على أساسها معاشاتهم لا تزيد على المرتب الذي كان يتقاضاه المدعي ونصوص القوانين وقضاء المحاكم العليا جميعاً تمنع التفرقة بين المدعي وشاغل مثل وظيفته بالهيئات القضائية المختلفة وتكون أوجه النقص والخطأ التي أحاطت الحكم قد أفضت به إلى الإخلال بالعدالة، والإخفاق في أداء وظيفته.
ومن حيث إن الطاعن كان قد قدم مذكرتين أثناء نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا كما قدم مذكرة أثناء فترة حجز هذه الطعن للحكم مردداً من جاء بعريضة الطعن مضيفاً أن الحكم يبطل إذا شابه عيب جسيم يهدد العدالة، وأن إغفال الحكم الفصل في سببين من أسباب الطعن مفاده أن يكون قد قصر تقصيراً جسيماً في وظيفته القضائية كما أن الحكم وقد ردد صريح ما نصت عليه المادة 124 من قانون مجلس الدولة من تسوية معاش المدعي على أساس المرتب الذي كان يتقاضاه فعلاً عند بلوغه سن التقاعد وخالف إجماع القضاء على استحقاق نظرائه من رجال الهيئات القضائية معاش نائب الوزير من شأنه أن يكون قد شابه عيب جسيم يبطله.
ومن حيث إن الهيئة القومية للتأمين والمعاشات قدمت أثناء فترة حجز الطعن للحكم وفي خلال المدة المصرح بها بتقديم مذكرات - مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً تأسيساً على أن دعوى البطلان لا تقام إلا في حالتين هما أن يقوم بأحد القضاة الذين اشتركوا في إصدار الحكم حالة من حالات عدم الصلاحية أو أن يكون الحكم قد شابه عيب من العيوب الجسيمة التي تصل به إلى حد الانعدام وأن الثابت من الأوراق أن أياً من الحالات الواردة بالمادتين 146، 147 من قانون المرافعات المدنية والتجارية لا تتوافر في الطعن الماثل حيث لم يثبت أن قضاء المحكمة قد قام به أحد الأسباب المشار إليها، وأضافت الهيئة أن محكمة النقض قضت بجلسة 2/ 12/ 1969 بأن ما ينعاه الطالب على الحكم الصادر من محكمة النقض أنه تضمن العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة وصدر الحكم دون إحالة إلى الهيئة العامة المختصة على خلاف ما تقضي به المادة الرابعة من القانون رقم 56 لسنة 1959 هو نص لا يندرج ضمن أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 313 من قانون المرافعات وأن أحكام النقض قد استقرت على أنه لا يجوز تعييبها بأي وجه من الوجوه وهي واجبة الاحترام فيما خلصت إليه أخطأت أو أصابت وأنه لا سبيل إلى إلغائها إلا إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروها سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في قانون المرافعات، كما أشارت الهيئة إلى قرار المحكمة الدستورية العليا الصادر في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق وخلصت إلى القول بأن وظيفة وكيل مجلس الدولة لم يعاملها الحكم المعاملة المقررة لنائب الوزير من حيث المعاش ولو بلغ مرتبها القدر المقرر لنائب الوزير.
ومن حيث إن المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة مضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 تنص على أنه إذا تبين لإحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا عند نظر أحد الطعون أنه صدرت منها أو من إحدى دوائر المحكمة أحكام سابقة يخالف بعضها البعض إذ رأت العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من المحكمة الإدارية العليا، تعين عليها إحالة الطعن إلى هيئة تشكلها الجمعية العامة لتلك المحكمة في كل عام قضائي من أحد عشر مستشاراً برئاسة رئيس المحكمة أو الأقدم فالأقدم من نوابه، ويجب على سكرتارية المحكمة أن تعرض ملف الدعوى خلال ثلاثة أيام من صدور قرار الإحالة على رئيس المحكمة ليعين تاريخ الجلسة التي ستنظر فيها الدعوى ويعلن الخصوم بهذا التاريخ قبل حلوله بأربعة عشر يوماً على الأقل. وتصدر الهيئة المذكورة أحكامها بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل.
ومن حيث إن هذا النص كما يجيز للدائرة المنصوص عليها فيها أن تقتصر في حكمها الذي تصدره بعد اتصالها بالطعن على البت في المسألة القانونية التي كانت محلاً لتناقض الأحكام أو إقرار مبدأ قانوني على خلاف أحكام سابقة ثم تحيل الطعن بعد ذلك إلى دائرة المحكمة الإدارية العليا المختصة لتفصل في موضوعه وفقاً للمبدأ الذي أرسته بحكمها وذلك على النحو الذي اضطرد عليه قضاء هذه الدائرة، فإن هذا النص أيضاً لا يحول بين هذه الهيئة والفصل في الطعن الذي اتصلت به بقرار الإحالة بحكم منه للنزاع دون الوقوف عند القضاء بالمبدأ القانوني الذي يطعن على هذا النزاع، مادام أن الطعن قد استقامت عناصره وكان صالحاً للفصل فيه على نحو ما هو ثابت بالنسبة للطعن المعروض.
ومن حيث إنه إذا أجيز استثناء الطعن بدعوى بطلان أصلية في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية فإن هذا الاستثناء - في غير الحالات التي نص عليها المشرع كما فعل في المادة 147 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1986 - يجب أن يقف عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم وتمثل إهداراً للعدالة يفقد فيها الحكم وظيفته.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية العليا فيما وسد لها من اختصاص، هي القوامة على إنزال حكم القانون وإرساء مبادئه وقواعده بما لا معقب عليها في ذلك، وبما لا سبيل معه إلى نسبة الخطأ الجسيم إليها الذي يهوي بقضائها إلى درك البطلان إلا أن يكون هذا الخطأ بيناً غير مستور، وثمرة غلط فاضح ينبئ في وضوح عن ذاته إذ الأصل فيما تستظهره المحكمة الإدارية العليا من حكم القانون، أن يكون هو صحيح الرأي في هذا الحكم بما لا معقب عليها فيه - بحسبانها تستوي على القمة في مدارج التنظيم القضائي لمجلس الدولة والخطأ في هذه الحالة إن لم يكن بيناً كاشفاً بذاته عن أمره بما لا مجال فيه إلى خلف بين وجهات النظر المعقولة لا يستوي ذريعة لاستنهاض دعوى البطلان وإهدار قضاء المحكمة بما تحمل من أمانة القضاء وعظيم رسالاته وإرساء الصحيح من المبادئ في تفسير القانون الإداري واستلهام قواعده.
ومن حيث إنه لا يتوافر فيما استثاره الطاعن جميعاً من أسباب الطعن بالبطلان على الحكم الطعين، ما ينحدر بهذا الحكم إلى هاوية البطلان، إذ لا يعدو الأمر حد الخلف في الرأي الذي أبان الحكم قواعده ومبرراته فيما رجح لديه، وهو الخلف الذي حسمته هذه الدائرة الخاصة بقضاء فيصل من جانبها في الطعن رقم 686 لسنة 32 القضائية عليا تتابعت من بعده أحكام المحكمة الإدارية العليا عملاً به والتزاماً بموجبه ومقتضاه.
ومن حيث إن الطاعن في حقيقة دعواه وصائب الرأي فيما ينشده إنما يستهدف الحكم بأحقيته في أن يعامل من حيث المعاش المعاملة المالية المقررة لنائب الوزير أسوة بزملائه بمجلس الدولة ممن استقرت أوضاعهم المعاشية وكذا أقرانه بالهيئات القضائية كافة وهو جماع الشق الثاني من طلباته.
ومن حيث إن الدعوى - محمولة على ما تقدم - قد استوفت أوضاعها الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إنه يبين من استظهار أحكام القضاء العالي في شأن الحقوق التأمينية لمن هم في ذات المركز القانوني للطاعن أن المحكمة الدستورية العليا كانت قد قضت بجلستها المعقودة بتاريخ 5 من نوفمبر سنة 1983 في الطعن رقم 1 لسنة 3 قضائية "طلبات أعضاء" أن الأحكام الخاصة بمعاش الوزير أو نائب الوزير سواء الواردة في المادة 22 من القانون رقم 50 لسنة 1963 أو في المادة 31 من القانون رقم 79 لسنة 1975 لا تسري فحسب على من يشغل وظيفة وزير أو نائب وزير وإنما تسري كذلك بالنسبة لمن يتقاضى مرتباً مماثلاً لمرتب الوزير أو نائب الوزير أو على من هو في درجته بحسب أول مربوط الدرجة التي يشغلها، كما جرى قضاء محكمة النقض على اعتبار وظيفة نائب رئيس محكمة الاستئناف المعادلة لوظيفة وكيل مجلس الدولة معادلة لدرجة نائب وزير متى بلغ مرتب شاغلها حدود الربط المالي للمرتب المقرر لنائب الوزير، والربط المالي لوظيفة نائب رئيس محكمة الاستئناف في مفهوم محكمة النقض إنما يعتد فيه بمجاوزة المرتب الفعلي لنهاية ربط وظيفة نائب رئيس محكمة الاستئناف نتيجة الحصول على علاوات وبدلات الوظيفة الأعلى لرئيس محكمة الاستئناف، عملاً بحكم البند العاشر من جدول الوظائف والمرتبات والبدلات الملحقة بقانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 17 لسنة 1976 (على سبيل المثال حكمها الصادر في 15 يناير سنة 1985 في الطلب رقم 45 لسنة 54 رجال القضاء، وحكمها الصادر في 15/ 3/ 1983 في الطعن رقم 118 لسنة 50 ق رجال قضاء، وحكمها الصادر بتاريخ 23 إبريل سنة 1985 في الطلب رقم 76 لسنة 54 "رجال قضاء" أما محكمة القضاء الإداري فقد استقر قضاؤها على اعتبار وظيفة وكيل عام أول النيابة الإدارية المعادلة لوظيفة وكيل مجلس الدولة معادلة لدرجة نائب وزير ومن ثم يعامل معاملته من حيث المعاش تأسيساً على أن عضو الهيئات القضائية الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي يشغلها يستحق العلاوات والبدلات المقررة للوظيفة الأعلى وذلك إعمالاً للقواعد المكملة لجداول مرتبات أعضاء الهيئات القضائية، ومن ثم فإنه يعتبر شاغلاً لهذه الوظيفة الأعلى من حيث المرتب والبدلات وما يترتب عليها من حساب المعاش وذلك دون اللقب القضائي الأعلى، ويشترط لذلك أن يتقاضى عضو الهيئات القضائية مرتباً مماثلاً لمرتب نائب الوزير، ومن ثم يسوى معاشه طبق لمعاش نائب الوزير وفقاً لحكم المادة 31 من القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي (وعلى سبيل المثال حكم محكمة القضاء الإداري - دائرة التسويات الصادر بجلسة 21/ 5/ 1986 في القضية رقم 3445 لسنة 39 ق وحكمها الصادر بذات الجلسة في القضية رقم 3446 لسنة 39 ق وحكمها الصادر بجلسة 27/ 6/ 1986 في القضية رقم 1548 لسنة 35 ق. وأنه لدى عرض الأمر على هذه الدائرة الخاصة المشكلة وفقاً لنص المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 مضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 قضت في الطعن رقم 686 لسنة 32 ق عليا باعتبار درجة وكيل مجلس الدولة معادلة لدرجة نائب الوزير بالنسبة إلى المعاملة التقاعدية وذلك اعتباراً من تاريخ استحقاقه المعاملة المالية لنائب رئيس مجلس الدولة واستحقاقه تبعاً لذلك المعاش المقرر لنائب الوزير وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، وأقامت المحكمة قضاءها على أن التماثل والتعادل مع الربط المالي لنائب الوزير كما يتحقق لنائب رئيس مجلس الدولة الشاغل لهذا المنصب فإنه يتحقق أيضاً لوكيل مجلس الدولة عندما يبلغ مرتبه نهاية مربوط هذه الوظيفة حيث يستحق عندئذ المعاملة المالية لنائب رئيس مجلس الدولة ويصبح في المستوي المالي في مركز يماثل نائب الوزير ويعادله لأنه باستحقاقه معاملة نائب رئيس مجلس الدولة يغدو صاحباً لربطه في المرتب وشاغلاً لوضع قانوني يخوله معاملة نائب رئيس مجلس الدولة ويستحق فيه مخصصاته المالية كاملة بالغاً المستوى المالي لنائب الوزير ومعادلاً له. وأخيراً فقد اقترن هذا القضاء المتتابع لجهات القضاء العالي بالقرار الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلستها المعقودة بتاريخ 3 من مارس سنة 1990 في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 قضائية تفسير والذي قضى بأنه في تطبيق أحكام المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يعتبر نائب رئيس محكمة النقض ومن في درجته من أعضاء الهيئات القضائية في حكم درجة الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض، كما يعتبر نائب رئيس محكمة الاستئناف ومن في درجته من أعضاء الهيئات القضائية في حكم درجة نائب الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لنائب الوزير ولو كان بلوغ العضو المرتب المماثل في الحالتين إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن ثمة قضاء تتابع اضطراده من جهات القضاء العالي بأن التعادل بين وظيفة نائب الوزير وبين الوظائف القضائية الأخرى في مجال تطبيق قواعد المعاشات يقوم على أساس التماثل في المرتب الذي يتقاضاه كل من شاغلي الوظيفتين المعادلة والمعادل بها وأن وظيفة وكيل مجلس الدولة والوظائف القضائية الأخرى التي تعادلها - تعتبر في حكم درجة نائب الوزير ويعامل شاغلها معاملة نائب الوزير من حيث المعاش طبقاً لأحكام المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي منذ بلوغه مرتباً مماثلاً لمرتب نائب الوزير ويظل منذ هذا الحين في حكم درجته ما بقى شاغلاً للوظيفة سواء حصل على هذا المرتب في حدود مربوط الوظيفة التي يشغلها أو بسبب حصوله على مرتب الوظيفة الأعلى مباشرة إعمالاً للفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية وبهذا وقرت هذه المبادئ في الضمير التام للهيئة القضائية مما لا محيص معه من التزام جهة الإدارة بها في التطبيق الفردي للحالات المماثلة.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن الطاعن أفرد دون غيره من أقرانه بمعاملة معاشيه تدنو به عنهم ظل كذلك على الرغم من نشوء واقع جديد بالحكم الصادر من هذه المحكمة بالطعن رقم 686 لسنة 32 ق وقرار المحكمة الدستورية العليا في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق المشار إليهما، وهو أمر كان من موجبه تحقيقاً للعدالة الإدارية البصيرة واستجابة لمقتضيات هذه الدعوى باعتبارها تتعلق بمساواة الطاعن بأقرانه جميعاً، أن تنزل الهيئة المطعون ضدها عن الاستمساك بما أتاحه لها الحكم المطعون فيه وجله يتعلق بفروق مالية معاشية محدودة، بل إنه قد أضحى عليها التزام بأن تعمل بشأن المدعي عين القاعدة التي طبقتها على من هو في مركزه من وكلاء مجلس الدولة وفقاً للمبدأ الذي أرسته هذه المحكمة وللمبدأ الذي حسمت به المحكمة الدستورية العليا كل اجتهاد في هذا الخصوص وإذا كان ذلك هو التزام جهة الإدارة الذي كان يتعين عليها أن تنهض به، فإن المحكمة وتحقيق العدالة هو واجبها الأول لا تجد مناصاً من إلزام جهة الإدارة بما قعدت عن الوفاء به من صحيح هذا الالتزام.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن وهو وكيل سابق بمجلس الدولة كان يتقاضى عند إحالته للمعاش 416، 219 جنيه في الشهر، أي ما يقرب من 2632 جنيهاً سنوياً، وهو ما يجاوز الربط الثابت لنائب الوزير الذي كان في تاريخ إحالة الطاعن إلى المعاش في أول يناير سنة 1983 يبلغ 2558 جنيهاً وفقاً للقانون رقم 134 لسنة 1980 وبمراعاة الزيادة التي طرأت عليه بمقتضى القانون رقم 114 لسنة 1981. ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم جميعه، ولما كان الثابت أن الطاعن قد أحيل إلى المعاش وهو في درجة وكيل مجلس الدولة التي تعادل درجة نائب رئيس محكمة الاستئناف وكان مرتبه في تاريخ إحالته إلى المعاش يزيد على الربط الثابت المقرر لدرجة نائب وزير فإنه يتعين القضاء بأحقيته في أن يعامل المعاملة المالية المقررة لنائب الوزير من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 اعتباراً من تاريخ بلوغه سن المعاش وما يترتب على ذلك من آثار.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بأحقية المدعي في إعادة تسوية معاشه بأن يعامل المعاملة المالية المقررة لنائب الوزير من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 اعتباراً من تاريخ بلوغه سن المعاش وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.