الدعوى رقم 14 لسنة 41 ق "تنازع" جلسة 16 / 1 / 2022
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السادس عشر من يناير سنة 2022م،
الموافق الثالث عشر من جمادى الآخر سنة 1443 ه.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: بولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد
النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي وعلاء الدين أحمد
السيد والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / عوض عبدالحميد عبدالله رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 14 لسنة 41
قضائية "تنازع".
المقامة من
عبد الحكيم أحمد السيد حجازي
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- وزير العدل
4- رئيس مصلحة السجل العيني والشهر العقاري بالقاهرة
5- أمين عام الشهر العقاري والسجل العيني بندر محافظة الفيوم
6- ممدوح أحمد محمد حسان
7- ثريا أحمد مصطفى محمد علي صالح
-------------
الإجراءات
بتاريخ الثامن والعشرين من مارس سنة 2019، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، أولًا: بصفة مستعجلة، وقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 52 لسنة 2012 مدني كلي حكومة الفيوم، بجلسة 24/5/2017، المقدم بشأنه الطلب رقم 468 المؤرخ 20/12/2018، من المدعى عليه السادس لمأمورية السجل العيني بالفيوم لشهره. ثانيًا: في الموضوع، بعدم الاعتداد بذلك الحكم، واعتباره كأن لم يكن، لانعدام المحل، وصدوره من قضاء غير مختص، وتعارضه مع تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 10/4/2011، في الدعوى رقم 3 لسنة 2009، من اللجنة القضائية للقسم المساحي لمصلحة السجل العيني بالفيوم. ثالثًا: الاعتداد بالحكم الصادر من اللجنة القضائية المشار إليها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وأثناء تحضير الدعوى لدى هيئة المفوضين بالمحكمة، قدم المدعى عليه
السادس مذكرة، طلب فيها الحكم، أصليًا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى،
واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى، ومن باب الاحتياط الكلى: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 4/12/2021، وفيها قدم محام
المدعى عليه السادس شهادة تفيد وفاته، فقررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة
1/1/2022، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن نزاعًا ثار بين المدعي والمدعى عليه السادس على ملكية قطعة الأرض الزراعية الكائنة بحوض بين البحرين، القطعة رقم 68 كدستر بالحوض رقم (19) بناحية المندرة التابعة لسجل عيني مركز الفيوم، المبينة بالأوراق، إذ استند المدعي في ملكيته إلى عقد بيع عرفي صادر من صاحب التكليف الأصلي - ورثة/ علي بك صالح - تحصل بمقتضاه على استمارة تسوية وفقًا لنص المادة (19) من قانون السجل العيني الصادر بالقرار بالقانون رقم 142 لسنة 1964، قيدت برقم 84 لسنة 2007، وصدر لصالحه، بناء عليها، القرار رقم 129 بتاريخ 26 نوفمبر سنة 2008، من القسم المساحي بالفيوم. وإذ لم يلق هذا القرار قبولًا من المدعى عليه السادس، فقد أقام عنه التظلم رقم 3 لسنة 2009، أمام اللجنة المشكلة وفق أحكام المادة (21) من قانون نظام السجل العيني المشار إليه، فقضت اللجنة بجلسة 10/4/2011، برفض التظلم. فطعن على قرارها أمام محكمة استئناف بني سويف " مأمورية الفيوم"، بالاستئناف رقم 635 لسنة 47 قضائية، وقضت فيه بجلسة 10/4/2012، بعدم جواز نظر الاستئناف، مستندة في ذلك إلى نهائية الأحكام التي تصدرها اللجنة المشار إليها، وعدم قابليتها للطعن عليها بالاستئناف، إذا كانت قيمة الحق المتنازع عليه لا يتجاوز النصاب النهائي للمحكمة الابتدائية. لم يرتض المدعى عليه السادس هذا الحكم، فطعن عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 9598 لسنة 82 قضائية، ولم يفصل فيه بعد.
ومن جانب آخر، فقد أقام المدعى عليه السادس، بتاريخ 28/3/2012، الدعوى رقم 52 لسنة 2012 مدنى كلى حكومة، أمام محكمة الفيوم الابتدائية، مختصمًا فيها المدعي، والمدعى عليهم الثالث والخامس والسابعة، والأمين العام لمكتب الشهر العقاري والسجل العيني بالفيوم، طالبًا الحكم بتثبيت ملكيته لقطعة الأرض الزراعية المتنازع عليها، على سند من تملكها بموجب عقد بيع من المدعى عليها السابعة، وثبوت حيازته لها بالتقادم الطويل بناء على سند ظاهر وصحيح. وبجلسة 24/5/2017، قضت المحكمة بتثبيت ملكيته لقطعة الأرض المتنازع عليها بالتقادم الطويل المكسب للملكية. لم يرتض المدعي هذا الحكم، فطعن عليه أمام محكمة استئناف بني سويف " مأمورية الفيوم"، بالاستئناف رقم 625 لسنة 53 قضائية، وبجلسة 21/12/2017، قضت المحكمة بعدم جواز نظر الاستئناف، لعدم إيداع المستأنف الكفالة المنصوص عليها في المادة (221) من قانون المرافعات.
وإذ ارتأى المدعي أن كلا الحكمين السالفي الذكر قد صدرا عن جهتين قضائيتين مختلفتين، وقد تناقضا موضوعًا، فأقام الدعوى المعروضة طالبًا الحكم بعدم الاعتداد بالحكم الصادر لصالح المدعى عليه السادس، في الدعوى رقم 52 لسنة 2012 مدنى كلى حكومة الفيوم، لمخالفته قواعد الاختصاص القيمي، ولتناقض أسبابه مع منطوقه
وحيث إن وفاة المدعى عليه السادس كانت بعد أن تهيأت الدعوى المعروضة للحكم فيها، ومن ثم فإن المحكمة تمضى إلى الفصل فيها.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، طبقًا لنص البند (ثالثًا) من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون أحد الحكمين صادرًا من إحدى جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر صادرًا من جهة قضائية أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا. مما مؤداه: أن النزاع الذي يقوم بسبب تناقض الأحكام النهائية، وتنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه، هو ذلك الذي يكون بين أحكام صادرة من أكثر من جهة من جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، فإذا ما آل أمر الادعاء بالتناقض إلى انصرافه إلى حد واحد، خرج الفصل فيه عن ولاية المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إن المادة (21) من قانون السجل العيني الصادر بقرار رئيس الجمهورية
بالقانون رقم 142 لسنة 1964 تنص على أنه " تشكل في كل قسم مساحي لجنة قضائية
برئاسة رئيس محكمة ابتدائية، وعضوية اثنين من موظفي المصلحة، أحدهما قانوني والثاني
هندسي، وتختص هذه اللجنة دون غيرها في النظر في جميع الدعاوى والطلبات التي ترفع
خلال السنة الأولى بعد العمل بهذا القانون لإجراء تغيير في بيانات السجل العيني .
ويصدر بتعيين أعضائها ولائحة إجراءاتها قرار من وزير العدل" .
وتنص المادة (23) من القانون ذاته على أنه " تكون الأحكام التي تصدرها اللجنة نهائية في الأحوال الآتية: 1- ......2-....... 3- إذا كان الحق المتنازع فيه لا يتجاوز أصلا النصاب النهائي للمحكمة الابتدائية".
وتنص المادة (24) من ذلك القانون على أنه " فيما عدا الأحوال الواردة بالمادة السابقة، تكون الأحكام الصادرة من اللجنة قابلة للاستئناف أمام محكمة الاستئناف الواقع في دائرتها القسم المساحي".
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا، قضت بجلسة الثاني من يونيه سنة 2018، في الدعوى رقم 10 لسنة 35 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية نصى المادتين (21) و(24) من قانون السجل العيني الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 142 لسنة 1964، وبسقوط نص المادة (23) من القانون ذاته، وقرار وزير العدل رقم (553) لسنة 1976 بشأن لائحة الإجراءات التي تتبع أمام اللجنة المنصوص عليها في المادة (21) من قانون السجل العيني المشار إليه. وكان النصان المحكوم بعدم دستوريتهما في تلك الدعوى، ينظمان تشكيل لجنة في كل قسم مساحي، تختص بالفصل في جميع الدعاوى والطلبات التي ترفع خلال السنة الأولى بعد العمل بالقانون المشار إليه، لإجراء تغيير في بيانات السجل العيني، واختصاص محكمة الاستئناف الواقع في دائرتها القسم المساحي، بالفصل في الطعن على القرارات - الأحكام - غير النهائية التي تصدرها تلك اللجان.
وحيث إن مؤدى الحكم الصادر في الدعوى الدستورية المشار إليها أن التنظيم التشريعي الذي ولدت من رحمه لجان السجل العيني بالقسم المساحي، وما نيط بها من اختصاصات، وفقًا لحكم المادة (21) من قانون السجل العيني الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 142 لسنة 1964، قد صارت هي والعدم سواء، منذ نشأتها، إعمالاً للأثر الرجعى للحكم الصادر بعدم دستورية النص التشريعي المشار إليه، وقد استطال ذلك الأثر لقرار لجنة السجل العيني بالقسم المساحي بالفيوم الصادر بجلسة 10/4/2011، في التظلم رقم 3 لسنة 2009، المقام من المدعى عليه السادس، والأمر ذاته في شأن الاستئناف المقام طعنًا عليه، رقم 635 لسنة 47 قضائية، من محكمة استئناف بني سويف " مأمورية الفيوم"، بجلسة 10/4/2012، المنتهى إلى عدم جواز الاستئناف، إذ لم تستقر المراكز القانونية لأطراف الخصومة الموضوعية في ذلك التظلم بحكم بات قبل صدور الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (21، 24) من القرار بقانون السالف الذكر، كون ذلك النزاع مازال مطروحًا على محكمة النقض في الطعن رقم 9598 لسنة 82 قضائية. ومن ثم فإن أحد حدى التناقض في الدعوى المعروضة، قد زال، وانعدم وجوده، مما لزامه الحكم بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 52 لسنة 2012
مدني كلي حكومة الفيوم، فإن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن طلب وقف
تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين أو كليهما، فرع من أصل النزاع حول فض التناقض
بينهما. متى كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت إلى عدم قبول الدعوى المعروضة، ومن
ثم فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاص البت في هذا الطلب، وفقًا لنص
المادة (32) من قانونها، يكون قد صار غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.