الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 20 أغسطس 2021

الطعنان 39 ، 45 لسنة 40 ق جلسة 11 / 6 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 أحوال شخصية ق 226 ص 1180

جلسة 11 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد زكي عبد البر، وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.

---------------

(226)
الطعنان رقما 39 و45 لسنة 40 ق "أحوال شخصية"

(1) قضاة "عدم الصلاحية". حكم "إصدار الحكم".
إحالة الدعوى لدائرة أخرى لوجود مانع، إعادتها للدائرة مرة أخرى بعد تغيير العضوين فيها. عدم إفصاح رئيس الدائرة عن عدم صلاحيته شخصياً لنظر الدعوى. النعي على الحكم بالبطلان لوجود مانع لدى رئيس الدائرة. غير صحيح.
(2 و 3) أحوال شخصية "النسب". إثبات "القرائن" حكم "تسبيب الحكم".
(2) القضاء في دعوى النسب استناداً إلى البينة الشرعية وإلى المستندات التي اشتملت على إقرارات بالنسب باعتبارها قرائن في الدعوى. لا عيب.
 (3)الشهادة في إصلاح الفقهاء. ماهيتها. العبرة بمضمون الشهادة وليس بألفاظ أدائها.
 (4)إثبات "البينة" نقض "أسباب الطعن".
النعي بأن بعض الأسئلة وجهتها محكمة الموضوع للشاهد إيحائية. دفاع يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
( 5 و6) أحوال شخصية "سماع الدعوى". دعوى. إثبات. نقض.
 (5)سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها عند الإنكار. شرطه. م 99 من اللائحة الشرعية.
 (6)تقدير إنكار الخصم للزوجية المدعاة من عدمه. من مسائل الواقع. عدم جواز المجادلة فيها أمام محكمة النقض متى أقام الحكم قضاءه على أسباب مقبولة.
 (7)أحوال شخصية. إرث. استئناف. حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
الاستئناف الفرعي. طريق الطعن لا تعرفه لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. استئناف بعض الورثة للحكم الصادر في دعوى الوراثة. عدم اعتبارهم نائبين عن باقي الورثة الذين لم يستأنفوا الحكم. صيرورة الحكم الابتدائي حائزاً قوى الشيء المقضي بالنسبة للآخرين.

---------------
1 - إذ خلت أوراق الدعوى مما يدل على أن رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد أفصح عن عدم صلاحيته شخصياً لنظر الدعوى بالجلستين اللتين أحيلت فيهما الدعوى إلى دائرة أخرى، بل إنه يبين من مطالعة محاضر جلسات محكمة الاستئناف إن إحالة القضية إلى دائرة أخرى كانت لمانع لدى أحد أعضاء الدائرة، وكان عدم زوال هذا المانع هو السبب في إحالتها للمرة الثانية، ولما تغير عضوا الدائرة الأصلية بعد إعادة الدعوى إليها استمر السيد رئيس الدائرة في نظرها حتى صدر الحكم فيها، مما يدل على أن ذلك المانع لم يكن قائماً لدى الأخير، فإن النعي على الحكم بالبطلان لوجود مانع لدى رئيس الدائرة، يكون غير صحيح.
2 - إذ يبين مما أورده الحكم أنه لم يأخذ بما جاء بمستندات المطعون عليه الأول بوصفها تحوي إقرارات بنسب هذا الأخير إلى المتوفاة سواء أكانت إقرارات بنسب مباشر أو غير مباشر، وإنما أخذ بها بالإضافة إلى الدليل المستمد من البينة الشرعية باعتبارها قرائن استخلص منها الحكم قرابة المطعون عليه الأول للمتوفاة بوصفه ابن عم لأب لها، وهو ما يجوز.
3 - إنه وإن كانت الشهادة في اصطلاح الفقهاء هي إخبار صادق في مجلس الحكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير، إلا أن العبرة هي بمضمون الشهادة وفهم القاضي للواقع فيها وليس بألفاظ أدائها.
4 - النعي على الحكم بأن بعض الأسئلة - الموجهة للشاهد أثناء التحقيق كانت إيجابية وتلقينية هو دفاع يخالطه واقع، ولم يثبت تمسك الطاعن به أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه في الحوادث الواقعة من أول أغسطس سنة 1931 ووفقاً للفقرة الرابعة من المادة 99 من القانون رقم 78 لسنة 1931 لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة رسمية تصدر أو يصدر الإقرار بها من موظف مختص بمقتضى وظيفته بإصدارها.
6 - تقدير إنكار الخصم للزوجية المدعاة - في دعوى الوراثة - من عدمه من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض ما دام يقوم على أسباب مقبولة تكفي لحمله.
7 - متى كان الثابت من الأوراق أن كلاً من المطعون عليهما الثانية والرابع كان حاضراً في الدعوى الابتدائية - دعوى إثبات وراثة - وقد حكم عليه من محكمة أول درجة لمصلحة مورث الطاعنين بأن الأخير زوج المتوفاة ويستحق نصف تركتها فرضاً - ولم يستأنف أي منهما هذا الحكم، ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة في سنة 1931 لا تزال هي الأصل الأصيل الذي يرجع إليه في التعرف على أحوال استئناف الأحكام وضوابطه وإجراءاته، وهي لا تعرف طريق الاستئناف الفرعي ولم تنص عليه، وكان لا يصح في صورة الدعوى المطروحة اعتبار المطعون عليهما الأولى والثالث - اللذين استأنفا الحكم المشار إليه نائبين عن باقي الورثة وهما المطعون عليهما الثانية والرابع اللذين لم يستأنفا الحكم الابتدائي، ذلك أن القاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة يقصد بها اقتضاء ما للميت وقضاء ما عليه من تكاليف وديون ووصايا، والدعوى الحالية هي مطالبة بميراث يشترط لاستحقاقه الوفاة، فلا تسري عليها تلك القاعدة، ومن ثم يكون هذا الحكم قد حاز قوة الشيء المقضي بالنسبة إليهما بعدم طعنهما فيه بالاستئناف، ولا يفيدان من الاستئنافين المرفوعين من المطعون عليهما الأولى والثالث، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذه الحجية بإلغائه الحكم المذكور الذي أصبح نهائياً في حقهما، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لهذا نقضه فيما قضى به لصالحهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن....... أقام الدعوى رقم 698 سنة 1962 كلي أحوال شخصية القاهرة وطلب فيها الحكم بوفاة المرحومة..... وأنه من ورثتها بصفته ابن عمها لأب يستحق أربعة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً تنقسم إليها التركة، وقال شرحاً لدعواه، إن السيدة....... توفيت عقيماً في 18/ 4/ 1962 وتركت ما يورث عنها شرعاً الأعيان المبيعة بصحيفة الدعوى، وانحصر ميراثها في شقيقتيها....... و.......، وتستحق كل منهما ثلث تركتها فرضاً، وفي ولدي عمها لأب........ و........ ولدي....... ابن......، ويستحق كل منهما السدس في التركة تعصيباً من غير شريك ولا وراث لها سواهم. ولما تقدم لمحكمة عابدين طالباً صدور إشهاد بذلك، قررت حفظ المادة إزاء منازعة بعض المدعى عليهم له في استحقاقه في الميراث، فرفع هذه الدعوى بطلباته. وأقام...... الدعوى رقم 738 سنة 1962 كلي أحوال شخصية القاهرة بوصفه ابن ابن عم للمتوفاة طالباً الحكم بأنه من ورثتها ويستحق جزءاً من أربعة عشر جزءاً من الثلث الذي آل إلى العصبة، وأقام المرحوم........... الدعوى رقم 1127 لسنة 1962 كلي أحوال شخصية القاهرة طالباً الحكم بوفاة المورثة المذكورة، وأنه من ورثتها بصفته زوجها بعقد عرفي مؤرخ 2/ 1/ 1962 ويستحق في تركتها النصف فرضاً. وأقام....... الدعوى رقم 1114 سنة 1963 كلي أحوال شخصية القاهرة، كما أقام المرحوم....... الدعوى رقم 1151 سنة 1963 كلي أحوال شخصية القاهرة وطلب كل منهما في دعواه بطلان إشهاد الوراثة الصادر من محكمة بولاق الجزئية للأحوال الشخصية بتاريخ 18/ 7/ 1963 في مادة الوراثة رقم 227 سنة 1963 المقدمة من........ وبعد أن قررت المحكمة ضم هذه الدعاوى حكمت في 8/ 6/ 1965 (أولاً) بضم الدفع بعدم سماع الدعوى رقم 1127 سنة 1962 المبدى من...... إلى الموضوع (ثانياً) وقبل الفصل في موضوع الدعاوى بإحالتها إلى التحقيق ليثبت كل من...... و....... و......، وراثته للمتوفاة واستحقاقه في تركتها القدر الذي يدعيه، وبعد سماع الشهود، وانضمام...... لـ....... في الدفع بعدم سماع الدعوى، حكمت المحكمة في 29/ 3/ 1966 (أولاً) في الدعوى رقم 1127 سنة 1962 برفض الدفع بعدم سماع الدعوى وبسماعها، والحكم للمرحوم........ بوفاة المرحومة....... وأنه من بين ورثتها بصفته زوجها ويستحق في تركتها النصف فرضاً، ثلاثة أجزاء من سبعة أجزاء تنقسم إليها التركة (ثانياً) برفض الدعويين 698 و738 سنة 1962 (ثالثاً) وفي كل من الدعويين 1114 و1151 سنة 1963 ببطلان الإشهاد الصادر في مادة الوراثة رقم 227 سنة 1963 بولاق. استأنف....... هذا الحكم بالاستئناف رقم 48 سنة 83 ق القاهرة، واستأنفته....... بالاستئناف رقم 50 سنة 83 ق القاهرة. وطلبا إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعاوى رقم 698 سنة 1962 و1127 سنة 1962 و1114 سنة 1963 و1151 سنة 1963 وعدم سماع الدعوى رقم 1127 سنة 1962 وفي الدعوى رقم 698 سنة 1962 بوفاة المرحومة......... في 18/ 4/ 1962 وانحصار إرثها في شقيقتيها...... و....... بحق الثلث فرضاً لكل منهما وفي ولدي عمهما لأب...... و...... بحق السدس لكل منهما تعصيباً، وفي الدعويين رقمي 1114، 1151 سنة 1963 برفضهما. كما استأنفه........ بالاستئناف رقم 52 سنة 83 ق وطلب الحكم بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعواه رقم 738 سنة 1962 والقضاء له بطلباته فيها. ضمت المحكمة هذه الاستئنافات، وحكمت في 24 من مايو سنة 1970 (أولاً) بالنسبة للاستئنافين 48، 50 سنة 83 ق بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعاوى 698، 1127 سنة 1962، 1114، 1151 سنة 1963 و(ثانياً) بقبول الدفع وعدم سماع الدعوى رقم 1127 سنة 1962 ورفض الدعويين 1114، 1151 سنة 1963 و(ثالثاً) وفي الدعوى رقم 698 سنة 1962 بثبوت وفاة المرحومة....... بتاريخ 18/ 4/ 1962 وانحصار إرثها الشرعي في شقيقتيها السيدتين...... و...... وتستحق كل منهما ثلث تركتها فرضاً - ثمانية قراريط من 24 قيراطاً - وفي ولدي عمها لأب وهما...... و....... الشهير....... ويستحقان باقي تركتها مناصفة بينهما تعصيباً لكل منهما أربعة قراريط من 24 قيراطاً. (رابعاً) رفض الاستئناف رقم 52 سنة 83 ق وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى رقم 738 سنة 1962. طعن....... في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 39 سنة 40 ق، كما طعن فيه ورثة المرحوم...... وقيد طعنهم برقم 45 سنة 40 ق، وقدمت النيابة العامة مذكرة في كل طعن أبدت فيها الرأي برفضه. وعرض الطعنان على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر، وبالجلسة المحددة قررت المحكم ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وأصرت النيابة على رأيها.
عن الطعن رقم 39 سنة 40 ق:
حيث إن هذا الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه بطلانه لانعدام ولاية المحكمة التي أصدرته، ذلك أن السيد المستشار....... كان قد تنحى عن نظر الدعوى بجلستي 7/ 10/ 1967، 19/ 11/ 1967، وأحيلت إلى دائرة أخرى لمانع لديه أقره عليه زميلاه، إلا أنه بعد أن أعيدت القضية إلى دائرتها الأصلية، اشترك في نظرها والفصل فيها مما يجعل الحكم باطلاً.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه ليس في أوراق الدعوى ما يدل على أن رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد أفصح عن عدم صلاحيته شخصياً لنظر الدعوى بالجلستين اللتين أحيلت فيهما الدعوى إلى دائرة أخرى، بل إنه يبين من مطالعة محاضر جلسات محكمة الاستئناف أن إحالة القضية إلى دائرة أخرى بجلسة 7/ 10/ 1967 كانت لمانع لدى أحد أعضاء الدائرة، وكان عدم زوال هذا المانع هو السبب في إحالتها للمرة الثانية بجلسة 19/ 11/ 1967 ولما تغير عضوا الدائرة الأصلية بعد إعادة الدعوى إليها، استمر السيد رئيس الدائرة في نظرها حتى صدر الحكم فيها، مما يدل على أن ذلك المانع لم يكن قائماً لدى الأخير.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفته لأرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة وذلك من وجهين الأول: أنه استند في قضائه بأن والد المطعون عليه الأول...... هو ابن...... الذي هو أخ لأب لوالد المتوفاة، إلى إقرار استخلصه من الأوراق المقدمة من المطعون عليه وهي رخصة سلاح والده، ووثيقة زواجه، وشهادة وفاة كل من......... و........، وإشهاد طلاق........ لزوجته......، ونشرات نعي الورثة بالصحف، في حين أن ما جاء بهذه الأوراق وهو إما إقرار فيه تحميل النسب على النفس لم يقابله تصديق من الطرف الآخر أو إقرار فيه تحميل النسب على الغير وهو لا يثبت به نسب والثاني أن من شروط صحة الشهادة شرعاً أن تؤدى بلفظ "أشهد" وأن يذكر الشاهد أن ما تركه المتوفى وذكر بالدعوى كان مالكاً له وبقى على ذلك حتى وفاته، والبادي من شهادة شهود المطعون عليه الأول التي أخذ بها الحكم أنها لم تستوف هذه الشروط، وكل ما ذكروه مما يفيد في الإثبات، كان بناء على أسئلة إيحائية وتلقينية وجهها وكيل المطعون عليه المذكور لهم، وهو ما يهدر شهادتهم شرعاً.
وحيث إن هذا السبب في غير محله، فهو مردود في وجهه الأول، بأن الحكم المطعون فيه أورد في شأن المستندات المقدمة من المطعون عليه أنه "من ثنايا السطور في تلك المستندات يتضح أن المرحوم...... والد المطعون عليه الأول، هو ابن المرحوم....... وجد المتوفاة لأبيها، وأن المرحوم....... المذكور كان زوجاً للسيدة....... بنت....... وقد أشهد المطعون عليه الأول تنفيذاً لحكم التحقيق أمام محكمة الدرجة الأولى شاهدين من ذوي الصلة الوثيقة بالأسرة إذ أن أحدهما وهو/....... قرر أن كلاً من المدعي والمتوفاة ابن عم والده، وقرر الثاني........، أن المتوفاة بنت المرحوم....... الذي هو جده لأمه، وأن........ ابن جده...... وقد شهدا بأن المطعون عليه المذكور هو وأخوه....... الشهير....... هما ولدا........ الذي هو أخ لأب للمرحوم....... والد المتوفاة، وقد شهدا بتسلسل القرابة إلى الجد الجامع للمطعون عليه الأول والمتوفاة، وهو المرحوم......، وذكر كل منهما بالتفصيل ذرية الجد الجامع وذرية أولاده إظهاراً لدرجة قرابة كل منهم بالمتوفاة، وقرر الثاني منهما أن والدة....... والد المطعون عليه الأول هي....... وأن أم باقي أولاد المرحوم........ هي......." ويبين من هذا الذي أورده الحكم أنه لم يأخذ بما جاء بمستندات المطعون عليه الأول بوصفها تحوي إقرارات بنسب هذا الأخير إلى المتوفاة سواء أكانت إقرارات بنسب مباشر أو غير مباشر وإنما أخذ بها بالإضافة إلى الدليل المستمد من البينة الشرعية باعتبارها قرائن يستخلص منها الحكم قرابة المطعون عليه الأول للمتوفاة بوصفه ابن عم لأب لها وهو ما يجوز، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة. وهو مردود في وجهه الثاني، بأنه وإن كانت الشهادة في اصطلاح الفقهاء هي إخبار صادق في مجلس الحكم بلفظ الشهادة لإثبات حق الغير، إلا أن العبرة هي بمضمون الشهادة، وفهم القاضي للواقع فيها وليس بألفاظ أدائها، والنعي هنا إنما ينصب على اشتراط التلفظ بكلمة "أشهد" ولا يتصل بالموضوع، لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محضر التحقيق المؤرخ 18/ 1/ 1966 أن شاهدي المطعون عليه الأول قد شهدا بأن المتوفاة تركت من المال ما هو مبين بصحيفة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في صدد عدم اشتمال الشهادة على المال يكون على غير أساس. أما ما ينعاه الطاعن من أن بعض الأسئلة كانت إيحائية وتلقينية فهو دفاع يخالطه واقع ولم يثبت أنه تمسك به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وعلى هذا يكون النعي في هذا الخصوص غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
عن الطعن رقم 45 سنة 40 ق:
حيث إن هذا الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه بطلانه مرددين في ذلك ما سبق وأن ذكره الطاعن في الطعن رقم 39 سنة 40 ق في السبب الأول منه. وهذا النعي مردود بما سبق بيانه في هذا الصدد.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث هو مخالفة القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بعدم سماع الدعوى رقم 1127 سنة 1962 المرفوعة من مورثهم لعدم تقديم المسوغ وفقاً للفقرة الرابعة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وعلى أن المطعون عليهما الأولى والثانية أنكرتا الزوجية ولم يثبت سبق إقرارهما بها، ودفعتا بعدم سماع هذه الدعوى لعدم تقديم المسوغ بجلسة 10/ 12/ 1962، وظل هذا الدفع قائماً إلى أن فصل فيه في 29/ 3/ 1966 وذلك على الرغم من توافر حالة الإقرار بالزوجية إذ أن المتوفاة أقرت بالزوجية وأعلنتها على مسمع من شقيقتيها في حياتها فأقرتاها، وكان موقفهما بعد وفاتها السكوت فلم تنكر أيهما الزوجية صراحة أو ضمناً، وبعد رفع الدعوى نكلتا عن يمين العلم بأن الإمضاء الموقع بها على العقد هي لمورثتهما، وهذا الموقف منهما إنما ينطوي على إقرار بالزوجية وقع قبل الخصومة ثم لازمها، إذ أن السكوت يعتبر هنا إقراراً استثناء من قاعدة لا ينسب لساكت قول. هذا إلى أن المحكمة لم تلق بالاً إلى تغير موقف المطعون عليها الثانية من الدفع بعدم السماع، إذ أنها بعد صدور الحكم بالإحالة إلى التحقيق، وسماع الشهود ناقشت في مذكراتها الموضوع دون الدفع، ثم قبلت الحكم الابتدائي ولم تستأنفه، وإذ لم تلتزم المحكمة حجية هذا الحكم بالنسبة لها بأن حكمت لها باعتبارها خصماً في الاستئناف فإنها تكون قد خالفت المادة 101 من قانون الإثبات، كما أنها تكون قد استدلت على إصرارها على الدفع استدلالاً فاسداً، وخالفت فيه الثابت بالأوراق علاوة على القصور في التسبيب، وهذا بذاته ما ينطبق على موقف المطعون عليه الرابع الذي لم يستأنف الحكم الابتدائي القاضي ببطلان إشهاد الوراثة الصادر لصالحه، ولم تقبل منه المحكمة أو من أخيه الدفع بعدم سماع الدعوى ومع ذلك حكمت لهما بالباقي تعصيباً.
وحيث إن هذا النعي مردود بالنسبة للمطعون عليهما الأولى والثالث، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه في الحوادث الواقعية من أول أغسطس سنة 1931 ووفقاً للفقرة الرابعة من المادة 99 من القانون 78 لسنة 1931، لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة رسمية تصدر أو يصدر الإقرار بها من موظف مختص بمقتضى وظيفته بإصدارها. لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في خصوص دعوى مورث الطاعنين على ما أورده بأسبابه من أن "النعي عن السماع حسبما جرى به نص هذه الفقرة الرابعة مقيد بحالة الإنكار وبديهي أن حق الإنكار هنا للمدعى عليهما وهما السيدتان...... و....... وحيث إن إنكار المدعى عليهما لدعوى زوجية السيد....... للمتوفاة التي جعلها سبباً للميراث الذي يدعيه في تركتها - ثابت من الأوراق - فقد أنكرت السيدة....... تلك الزوجية إنكاراً صريحاً كما أنكرتها المدعى عليها الثانية السيدة....... حينما دفعت مع شقيقتها السيدة....... الدعوى رقم 1127 سنة 1962 بعدم السماع لعدم تقديم مسوغ سماعها وهو وثيقة الزواج الرسمية وأصرتا على هذا الدفع حتى فصل فيه مع الموضوع بجلسة 19/ 3/ 1966 ومؤدى ذلك أنهما تنكران تلك الزوجية المدعاة طالما كانت كلتاهما تصر على دفعها وكان النهي عن السماع مقيداً قانوناً بحالة الإنكار - فإن ذلك يكون إنكار ضمنياً فضلاً عن الإنكار الصريح الذي انفردت به السيدة........ ولم يثبت من الأوراق أن واحدة منهما قد أقرت بهذه الزوجية المدعاة حتى يتخذ ذلك ذريعة للقول بسقوط حقها في الدفع بعدم السماع بمقولة إن هذا الإنكار لم يكن قاطعاً مطرداً بل سبقه إقرار يجعله غير ذي أثر مما ترتب عليه عدم استكمال الدفع بعدم السماع لعناصره وفي هذا الصدد يتحدث الحكم المستأنف مجاراة للمدعي السيد/........ عن الورقة العرفية المؤرخة 3/ 1/ 1962. ومن حيث إن هذه المحكمة لا ترى وجهاً لتحدي محكمة أول درجة في حكمها المستأنف بمدونات الورقة العرفية المنوه عنها آنفاً ولا ترى في تقديمها من المدعي ما يؤثر على موقف المدعى عليها من إنكار الزوجية وتمسكها بالدفع بعدم السماع تطبيقاً للفقرة الرابعة من المادة 99 المذكورة، ذلك أن تسليم وكيل المدعى عليها بمطابقة صورة هذه الورقة لأصلها وسكوتها عن الطعن في محتواها ليس فيه ما يدل من قريب أو بعيد على اعترافهما بالزوجية المدعاة - إذ أن التسليم بأن الصورة مطابقة لأصلها لا يعدو واقعة المطابقة بحال ولا يمكن استخلاص الإقرار بمدونات ورقة ما من الموافقة على مطابقة صورتها لها وإلا كان استخلاصاً غير سائغ لا يقوم على برهان وسكوت المدعى عليهما في الطعن في مدونات الورقة كذلك لا يجدي شيئاً في مقام الاستدلال على عدم إنكار الزوجية طالما كان دفاعهما من قبيل تقديم الورقة قائماً على أساس الدفع بعدم السماع وإنكار الزوجية على ما أوضحناه من قبل. وإذ كان هذا الدفع قد ظل قائماً حتى ضم الدفع للموضوع في الحكم التمهيدي ثم فصل فيه مع الموضوع، فإن المدعى عليهما لا يكونان في حاجة للتعرض للورقة العرفية طالما لم يقدم مسوغ سماع الدعوى المنصوص عليه في المادة 99 فقرة 4 وهو وثيقة الزواج الرسمية والتي بدونها يكون القاضي منهياً عن سماع الدعوى في مثل هذه الحالة وترى هذه المحكمة كذلك أن ما نحا إليه السيد........ من القول بقيام الإقرار الذي ينفي وجود الإنكار الذي هو شرط النهي عن السماع في الفقرة الرابعة والذي أوجزه وكيله بالصحيفة 13 من مذكرته لجلسة 11/ 1/ 1967 دفاع لا يجدي في هذا المقام شيئاً. ذلك أن ما يخص مدونات الورقة العرفية وتسليم وكيل المدعى عيلهما بمطابقة صورتها لأصلها وإعراضهما عن الطعن فيها، قد وأشارت المحكم إلى فساد الاستدلال به على وجود إقرار بالزوجية وما قدمناه من الرد على أسباب الحكم المستأنف في هذا الصدد كاف لرد ما جاء بهذه المذكرة. والحديث في المذكرة عن إقامة الزوجين معاً في مصر ومغاغة ومستشفى دار الشفاء دون اعتراض من الورثة فقول مرسل لم يسلم لقائله، وليس فيه ما يشير إلى إقرار المدعى عليها لهذه الزوجية المدعاة ومثله ما جاء عن محضر جرد تركة المتوفاة وظهور ملابس ومنقولات خاصة بالسيد....... في منزلي المتوفاة بالقاهرة ومغاغة كل ذلك بعيد عن الإقرار بالزوجية على الوجه الشرعي الصحيح والاتفاق على تصفية التركة والمؤرخ 12/ 2/ 1966 والذي صدق عليه أمام المحكمة في تصفية التركة بتاريخ 14/ 3/ 1966 ليس فيه ما يفيد الإقرار من المدعى عليها بالزوجية المدعاة بعد أن أشير فيه إلى أن مهمة المصفي تصفية تركة المرحومة السيدة........ بجميع مالها وما عليها وتسليم شقيقتيها السيدتين....... و....... نصيبهما غير المتنازع فيه وإيداع الباقي خزانة المحكمة وإبقائه على ذمة المدعى عليهم يوزع عليهم فيما بعد بنسبة ما عساه أن يحكم لهم به نهائياً في دعاوى الميراث المرفوعة منهم أمام محكمة الأحوال الشخصية، وفي هذا إشارة إلى نزاع قائم على الميراث بين مدعي الإرث عدا الشقيقتين المذكورتين ومنهم السيد......... الذي وقع بالموافقة على جميع ما جاء بهذا الاتفاق - فأين ذلك من اعتبار هذا إقراراً من المدعى عليهما (الشقيقتين) بالزوجية المدعاة مع ملاحظة أن هذا الاتفاق قد صدق عليه أمام المحكمة في 14/ 3/ 1966 - ولم يصدر الحكم المستأنف في موضوع النزاع في الميراث إلا بتاريخ 29/ 3/ 1966 ولم يكن المدعى عليهما قد تنازلتا عن دفعهما بعدم السماع"، لما كان ذلك، وكان تقدير إنكار الخصم للزوجية المدعاة من عدمه من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع، مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض، ما دام يقوم على أسباب مقبولة تكفي لحمله، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص إنكار المطعون عليها الأولى للزوجية وتمسكها بالدفع بعدم سماع دعوى الزوجية حتى الفصل فيه استخلاصاً سائغاً له أصله الثابت في الأوراق، فإن النعي عليه بالنسبة لما قضى به لصالح المطعون عليها المذكورة، ثم القضاء لأقرب عاصب لها من الورثة وهو المطعون عليه الثالث الذي استأنف بدوره الحكم الابتدائي، وثبتت أولويته في الوراثة يكون على غير أساس ويتعين رفضه بالنسبة لهما.
وحيث إن هذا النعي في محله بالنسبة للمطعون عليهما الثانية والرابع، ذلك أن الثابت من الأوراق أن كلاً منهما كان حاضراً في الدعوى الابتدائية، وقد حكم عليه من محكمة أول درجة لمصلحة مورث الطاعنين، ولم يستأنف أي منهما هذا الحكم، ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة في سنة 1931 لا تزال هي الأصل الأصيل الذي يرجع إليه في التعرف على أحوال استئناف الأحكام وضوابطه وإجراءاته وهي لا تعرف طريق الاستئناف الفرعي، ولم تنص عليه وكان لا يصح في صورة الدعوى المطروحة اعتبار المطعون عليهما الأولى والثالث نائبين عن باقي الورثة وهما المطعون عليهما الثانية والرابع اللذين لم يستأنف الحكم الابتدائي ذلك أن القاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة يقصد بها اقتضاء ما للميت وقضاء ما عليه من تكاليف وديون ووصايا، والدعوى الحالية هي مطالبة بميراث يشترط لاستحقاقه الوفاة فلا تسري عليها تلك القاعدة، ومن ثم يكون هذا الحكم قد حاز قوة الشيء المقضي بالنسبة إليهما بعدم طعنهما فيه بالاستئناف، ولا يفيدان من الاستئنافين المرفوعين من المطعون عليهما الأولى والثالث، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذه الحجية بإلغائه الحكم المذكور الذي أصبح نهائياً في حقهما، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لهذا نقضه فيما قضى به لصالحهما.

الطعن 16 لسنة 43 ق جلسة 19 / 11 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 أحوال شخصية ق 272 ص 1444

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد محمد المهدي، وعضوية السادة المستشارين: سعد الشاذلي، والدكتور رفعت خفاجى، وحسن مهران حسن، وزكي الصاوي.

--------------

(272)
الطعن رقم 16 لسنة 43 ق "أحوال شخصية"

(1) حكم "الخطأ المادي". إثبات.
خطأ الحكم في ذكر عدد الشهود دون أن يؤثر على جوهر قضائه وتقدير الدليل. خطأ مادي لا أثر له.
 (2)أحوال شخصية "الزواج" "عقد الغلط". محكمة الموضوع. نقض.
الغلط في صفة جوهرية. استقلال محكمة الموضوع بتقدير أدلة القضاء بأن المطعون عليه لم يكن يعلم عند الزواج أن الطاعنة ثيب. إقامة الحكم على ما يحمله. عدم جواز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
(3) أحوال شخصية "زواج". إثبات "عبء الإثبات". "عقد الغلط".
شريعة الأقباط الأرثوذكس. الغش في بكارة الزوجة يجيز إبطال الزواج. توافره بمجرد ادعاء الزوجة بأنها بكر على خلاف الحقيقة. على الزوج إثبات أن بكارتها قد أزيلت بسبب سوء سلوكها.
(4،  ) أحوال شخصية. "زواج". بطلان.
 (4)بطلان الزواج. اختلافه عن أسباب انحلاله من طلاق أو فسخ.
 (5)القضاء ببطلان الزواج في شريعة الأقباط الأرثوذكس. تأسيسه على الغش في بكارة الزوجة. استناده إلى أقوال شاهدي الزوج المؤيدة بإقرارها. لا خطأ. لا محل لاستناد الزوجة إلى المادة 58 من تقنين سنة 1955. علة ذلك.
 (6)أحوال شخصية "زواج". بطلان. صلح. عقد. إثبات "الإقرار".
عقد الصلح. ماهيته. نزول الزوجة عن حقوقها إزاء إقرارها بفض بكارتها قبل الزواج. الادعاء ببطلانه استناداً للمادة 551 مدني. لا محل له.
(7) عقد "الإكراه". محكمة الموضوع. نقض "السبب الجديد".
تمسك الطاعنة بإكراهها على التوقيع على الإقرار. وجوب عرضه على محكمة الموضوع. عدم جواز بدائه لأول مرة أمام محكمة النقض.

---------------
1 - لئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم يجب أن يكون فيه بذاته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد فحصت الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما تؤدي إليه وذلك باستعراض هذه الأدلة والتعليق عليها بما ينبئ عن درس أوراق الدعوى، وأنه يجب على المحكمة أن تبين في أسبابها مؤدى أقوال الشهود والحقيقة التي تثبتت منها والتي أسست عليها قضاءها، إلا أنه لما كانت الطاعنة لا تجادل في أن ما أورده الحكم هو ذاته ما قرره شاهدها الذي سمعت أقواله بالتحقيقات، وكانت لا تدعي أن أقوال الشاهد الثالث المطعون عليه - والتي أغفلها الحكم - تخالف أو تناقض أقوال شاهديه الآخرين اللذين خصهما بالذكر، فإن الخطأ في ذكر عدد شهود الطاعنة والمطعون عليه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر على جوهر ما قضى به الحكم ولا يوهن من مدى تقدير المحكمة الاستئنافية للدليل، ويكون النعي على الحكم بعدم إحاطته بأوراق الدعوى غير منتج.
2 - من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن ثبوت واقعة الغلط مسألة موضوعية تستقل محكمة الموضوع بتقدير الأدلة فيها وأن تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة دون ما حاجة للرد على ما لم تأخذ به منها طالما قام حكمها على أسباب سائغة وما دام هذا التقدير لا خروج فيه على الثابت بالأوراق. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أسباباً موضوعية سائغة تكفي لحمل قضائه بأن المطعون عليه لم يكن يعلم عند الزواج أن الطاعنة ثيب مما لا تجوز المجادلة فيها أمام محكمة النقض، ولا يعيبه بعد ذلك أنه لم يرد على القرائن التي ساقتها الطاعنة للتدليل على ذلك العلم، فيكون النعي - عليه بالقصور في التسبيب - على غير أساس.
3 - مفاد المادة 36 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1955 والمقابلة للمادة 37 من مجموعة سنة 1938 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الغش في بكارة الزوجية يجيز إبطال الزواج على أساس أنه غلط في صفة جوهرية يعيب الإرادة، وهو يتوافر بمجرد ادعاء الزوجة أنها بكر على خلاف الحقيقة، ثم يتبين فيما بعد أنها لم تكن بكراً ولم يكن الزوج على علم بذلك من قبل، شريطة أن يثبت هو أن بكارتها قد أزيلت بسبب سوء سلوكها.
4 - بطلان الزواج هو الجزاء المترتب على عدم استجماع شروط إنشائه الموضوعية منها والشكلية وهو ينسحب على الماضي بحيث يعتبر أن الزواج لم يقم أصلاً بخلاف أسباب انحلال الزواج من طلاق أو فسخ والتي تعتبر إنهاء له بالنسبة للمستقبل من الاعتراف بكافة آثاره في الماضي.
5 - إذا كان الحكم المطعون فيه أسس قضاء ببطلان عقد زواج الطاعنة من المطعون عليه على أن الزوجة قد أزيلت بكارتها بسبب سوء سلوكها قبل عقد قرانها، وأنها أدخلت الغش على الزوج بادعائها في عقد الزواج أنها بكر ولم يكن هو يعلم بأنها ثيب، الأمر الذي يجعل إرادته مشوبة لغلط في صفة جوهرية استناداً إلى أقوال شاهدي المطعون عليه المؤيدة بالإقرار الذي حررته الطاعنة ليلة زفافها، وكان هذا القرار قد حول اعترافاً صريحاً من الزوجة بذلك، وكان ما أثبت في ذلك الإقرار بالإضافة إلى ما سبق لا يشير إلى اتفاق على فسخ الزواج وإنما ينطوي على تأكيد للقول ببطلانه. فإنه لا تثريب على الحكم إن اعتد بدلالة ذلك الإقرار. وليس يجوز التذرع في هذا الصدد بما جاء بالمادة 58 من قواعد التقنين العرفي لطائفة الأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1955 من أنه لا يؤخذ بإقرار المدعى عليه من الزوجين بما هو منسوب إليه ما لم يكن مؤيداً بالقرائن أو شهادة الشهود لأن هذه المادة جاءت ضمن الباب الثاني الخاص بالطلاق وإجراءاته ولا صلة لها بالمادة 36 الواردة في الفصل السادس من الباب الأول والخاصة ببطلان الزواج وهو مغاير للطلاق. ولا محل أيضاً في هذا المجال لإثارة واقعة سبق فسخ الخطبة والعود لإتمام الزواج لأنه جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
6 - من اللازم لاعتبار العقد صلحاً في معنى المادة 549 من القانون المدني وجوب أن يتنازل كل من الطرفين عن جزء من ادعائه في سبيل الحصول على الجزء الباقي فإن لم يكن هناك نزول عن ادعاءات متقابلة واقتصر التنازل على أحد الطرفين دون الآخر فلا يعد الاتفاق صلحاً. وإذ كان البين أن الإقرار المنسوب للزوجة أنه مقصور على نزول الزوجة عن كافة حقوقها إزاء ما أقرت به من فض بكارتها قبل عقد الزواج، فإنه لا وجه للقول ببطلان الإقرار، على سند من المادة 551 من القانون المدني.
7 - متى كانت الأوراق خلواً مما يفيد تمسك الطاعنة أمام محكمة الموضوع بأنها كانت مكرهة على التوقيع على الإقرار، فإنه لا يجوز إبداء هذا القول ولأول مرة أمام محكمة النقض لما تضمنه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع للتحقق من قيام ذلك الإكراه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام ضد الطاعنة الدعوى رقم 26 سنة 1967 قنا الابتدائية للأحوال الشخصية طالباً الحكم ببطلان عقد زواجه منها المبرم في 5/ 3/ 1967. وقال بياناً لذلك، أنه تزوج من الطاعنة بالعقد المشار إليه طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس على أنها بكر، وإذ ظهر أنها أدخلت عليه الغش لأنه تبين عند دخوله بها أن بكارتها قد أزيلت قبل العقد وحصل منا على إقرار بذلك في 6/ 3/ 1967 وهو مما يعيب رضاه ويبطل العقد فقد أقام دعواه للحكم ببطلانه. وبتاريخ 16/ 5/ 1967 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن الطاعنة لم تكن بكراً حينما دخل بها لسبب لا يرجع إلى فعله، وأنه لم يكن يعلم بذلك عند الدخول بها وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت وبتاريخ 2/ 4/ 1968 فحكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 8 سنة 43 ق أحوال شخصية أسيوط. وبتاريخ 18/ 2/ 1969 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فطعن المطعون عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 9 لسنة 39 ق "أحوال شخصية" وفى 3/ 5/ 1972 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف أسيوط. وعقب تعجيل الدعوى حكمت المحكمة في 22/ 2/ 1973 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن بكارة الطاعنة قد أزيلت قبل الدخول لسبب سوء سلوكها وأنه لم يكن يعلم قبل الدخول بزوال البكارة، وبعد سماع شهود الطرفين قضت في 21/ 6/ 1973 بإلغاء الحكم المستأنف وبطلان عقد زواج المطعون عليه بالطاعنة، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه فساد الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق. وفى بيان ذلك تقول إن الحكم أسس قضاءه استناداً إلى أقوال شاهدي المطعون عليه دون أقوال شاهدي الطاعنة في حين أن الثابت بالأوراق أن المطعون عليه أشهد ثلاثة شهود ولم تشهد الطاعنة سوى شاهداً واحداً، وهو ما يفيد أن المحكمة لم تدرس الأوراق الدراسة الكافية المقنعة بأنها فحصت الأدلة المقدمة وبذلت في سبيل ذلك كافة الوسائل المؤدية، الأمر الذي يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم يجب أن يكون فيه بذاته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد محصت الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما تؤدي إليه وذلك باستعراض هذه الأدلة والتعليق عليها بما ينبئ عن درس أوراق الدعوى، وأنه يجب على المحكمة أن تبين في أسبابها مؤدى أقوال الشهود والحقيقة التي ثبتت منها والتي أسست عليها قضاءها. إلا أنه لما كانت الطاعنة لا تجادل في أن ما أورده الحكم هو ذاته ما قرره شاهدها الذي سمعت أقواله بالتحقيقات، أو كانت لا تدعي - أن أقوال الشاهد الثالث للمطعون عليه - والتي أغفلها الحكم - تخالف أو تناقض أقوال شاهديه الآخرين اللذين خصهما بالذكر، فإن الخطأ في ذكر عدد شهود الطاعنة والمطعون عليه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر على جوهر ما قضى به الحكم، ولا يبرهن من مدى تقدير المحكمة الاستئنافية للدليل، ويكون النعي على الحكم بعدم إحاطته بأوراق الدعوى غير منتج.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفى بيان ذلك تقول أن الحكم عول على أقوال شاهدي المطعون عليه من أن الطاعنة أزيلت بكارتها قبل الزواج بسبب سوء سلوكها وأنه لم يكن يعلم بأنها ثيب وأن إرادته قد شابها غلط في صفة جوهرية، في حين أن أوراق الدعوى زاخرة بما يفيد علمه بواقعة إزالة البكارة بدليل سبق فسخه لخطبة الطاعنة ثم عقد زواجه عليها من جديد وتعهده بدفع خمسمائة جنيه كتعويض لها في حالة عدم إتمام زواجه، بالإضافة إلى ما قرره شهوده من أنه عرف عنها سوء السلوك الأمر الذي لا يسوغ له الإدعاء بأن عيباً شاب إرادته، وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن ثبوت واقعة الغلط مسألة موضوعية تستقل محكمة الموضوع بتقدير الأدلة فيها وأن تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة دون ما حاجة للرد على ما لم تأخذ به منها طالما قام حكمها على أسباب سائغة وما دام هذا التقدير لا خروج فيه على الثابت بالأوراق. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته: "وحيث إن المحكمة تأخذ بشهادة شاهدي المستأنف (المطعون عليه) التي ظاهرت الدلالة المستمدة من تحرير المستأنف عليها (الطاعنة) إقراراً في ليلة دخلتها تقر فيه بما حواه من إقرار بالذنب تأيد بأقوال الشاهدين مما يقطع بأن المستأنف عليها قد أزيلت بكارتها بسبب سوء سلوكها قبل عقد قرانها وأنها أدخلت الغش على المستأنف بادعائها في عقد الزواج أنها بكر ولم يكن هو يعلم بأنها ثيب ومن ثم يكون قد شاب إرادة المستأنف غلط في صفة جوهرية يعيب إرادته ويبطل العقد".
وهى أسباب موضوعية سائغة تكفي لحمل قضائه بأن المطعون عليه لم يكن يعلم عند الزواج أن الطاعنة ثيب مما لا تجوز المجادلة فيها أمام محكمة النقض، ولا يعيبه بعد ذلك أنه لم يرد على القرائن التي ساقتها الطاعنة للتدليل على ذلك العلم، فيكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم اعتد في قضائه ببطلان الزواج على الإقرار الصادر منها والذي لا تعترف فيه بأن شخصاً غير زوجها أزال بكارتها، في حين أن هذا الإقرار لا يصح الاستناد إليه لتضمنه اتفاقاً بين الزوجين على فصم عروة الزوجية رغم مخالفته للنظام العام في الشريعة المسيحية التي لا تجيز الاتفاق على فسخ الزواج أخذاً بالمادة 58 من قواعد التقنين العرفي لطائفة الأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1955، بالإضافة إلى أن الصلح لا يجوز أن يتناول مسائل متعلقة بالأحوال الشخصية طبقاً للمادة 551 من التقنين المدني، وإذ قامت شبهة على صحة ادعاء الزوجة الطاعنة بأن المطعون عليه كان يتردد عليها وأنه هو الذي فض بكارتها وأنه كان قد خطبها وفسخ خطبتها ثم عاد وأتم زواجه منها فإن هذه الشبهة هي التي ينبغي أن تغلب أخذاً بقاعدة درء الحدود بالشبهات، هذا إلى أن الطاعنة كانت مكرهة على توقيع الإقرار بدليل ما ثبت من وجود آثار اعتداء عليها، ولم يعرض الحكم لهذه الواقعة رغم ما لها من أثر على صحة الإقرار ذاته، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان مفاد المادة 36 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1955 والمقابلة للمادة 37 من مجموعة سنة 1938 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الغش في بكارة الزوجة يجيز إبطال الزواج على أساس أنه غلط في صفة جوهرية يعيب الإرادة، وهو يتوافر بمجرد ادعاء الزوجة أنها بكر على خلاف الحقيقة، ثم يتبين فيما بعد أنها لم تكن بكراً ولم يكن الزوج على علم بذلك من قبل، شريطة أن يثبت هو أن بكارتها، قد أزيلت بسبب سوء سلوكها، وكان بطلان الزواج هو الجزاء المترتب على عدم استجماع شروط إنشائه الموضوعية منها والشكلية، وهو ينسحب على الماضي بحيث يعتبر أن الزواج لم يقم أصلاً، بخلاف أسباب انحلال الزواج من طلاق أو فسخ والتي تعتبر إنهاء له بالنسبة للمستقبل مع الاعتراف بكافة آثاره في الماضي، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه ببطلان عقد زواج الطاعنة من المطعون عليه على أن الزوجة قد أزيلت بكارتها بسبب سوء سلوكها قبل عقد قرانها، وأنها أدخلت الغش على الزوج بادعائها في عقد الزواج أنها بكر ولم يكن هو يعلم بأنها ثيب، الأمر الذي يجعل إرادته مشوبة بغلط في صفة جوهرية استناداً إلى أقوال شاهدي المطعون عليه المؤيدة بالإقرار الذي حررته الطاعنة ليلة زفافها، وكان هذا الإقرار قد حوى اعترافاً صريحاً من الزوجة بذلك، وكان ما أثبت في ذلك الإقرار بالإضافة إلى ما سبق... "أننا أصبحنا منفصلين نهائياً وللزوج الحق أن يتزوج بغيري إن شاء للأسباب المشار إليها وليس لي أي حق بمطالبته بأي تعويض وأصبحت من اليوم منفصلة عنه برضاي التام". لا يشير إلى اتفاق على فسخ الزواج وإنما ينطوي على تأكيد القول ببطلانه، فإنه لا تثريب على الحكم إن اعتد بدلالة ذلك الإقرار. وليس يجوز التذرع في هذا الصدد بما جاء بالمادة 58 من قواعد التقنين العرفي سالف الإشارة من أنه "لا يؤخذ بإقرار المدعى عليه من الزوجين بما هو منسوب إليه ما لم يكن مؤيداً بالقرائن أو شهادة الشهود..."، لأن هذه المادة جاءت ضمن الباب الثاني الخاص بالطلاق وإجراءاته ولا صلة لها بالمادة 36 آنفة الذكر الواردة في الفصل السادس من الباب الأول والخاصة ببطلان الزواج وهو مغاير للطلاق على ما سلف بيانه. ولا محل أيضاً في هذا المجال لإثارة واقعة سبق فسخ الخطبة والعود لإتمام الزواج لأنه جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة محكمة النقض على ما سبق تفصيله عند الرد على السبب الثاني من أسباب الطعن. لما كان ذلك، وكان من اللازم لاعتبار العقد صلحاً في معنى المادة 546 من القانون المدني وجوب أن يتنازل كل من الطرفين عن جزء من ادعائه في سبيل الحصول على الجزء الباقي فإن لم يكن هناك نزول عن ادعاءات متقابلة واقتصر التنازل على أحد الطرفين دون الآخر فلا يعد الاتفاق صلحاً، وكان البين من الإقرار المنسوب للزوجة والمؤرخ 6 من مارس سنة 1967 أنه مقصور على نزول الزوجة عن كافة حقوقها إزاء ما أقرت به من فض بكارتها قبل عقد الزواج فإنه لا وجه للقول ببطلان الإقرار على سند من المادة 551 من القانون المدني. لما كان ما تقدم، وكانت الأوراق خلواً مما يفيد تمسك الطاعنة أمام محكمة النقض بأنها كانت مكرهة على التوقيع على هذا الإقرار فإنه لا يجوز إبداء هذا القول ولأول مرة أمام محكمة النقض لما تضمنه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع للتحقق من قيام ذلك الإكراه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.


الخميس، 19 أغسطس 2021

الطعن 21 لسنة 44 ق جلسة 7/ 4 /1976 مكتب فني 27 ج 1 أحوال شخصية ق 170 ص 895

جلسة 7 من إبريل 1976

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين محمد محمد المهدي وسعد الشاذلي والدكتور عبد الرحمن عياد ومحمد الباجوري.

-----------

(170)
الطعن رقم 21 لسنة 44 ق أحوال شخصية

( 1 و2) أحوال شخصية "نسب" إرث. دعوى. قوة الأمر المقضي. دفوع.
 (1)حكم المحكمة الشرعية بمنع التعرض في التركة تأسيساً على ثبوت الإرث المبني على النسب. حكم موضوعي بالوراثة. تقرير هذه المحكمة بشطب دفع المدعى عليه بعدم سماع الدعوى قضاؤها غيابياً بعدم التعرض دون بحث نسبه. غير مانع من نظر دعواه الراهنة بالوراثة وثبوت نسبه.
 (2)الدفع في اصطلاح الفقهاء. ماهيته. أثره.
 (3)دعوى "شطب الدعوى".
شطب الدعوى لا يلغيها ولا يزيل إجراءاتها أو الآثار المترتبة عليها. مؤداه. استبعاد الدعوى من الجدول مع جواز معاودة السير فيها. م 112 من اللائحة الشرعية قبل إلغائه.
(4) أحوال شخصية "نسب". دعوى "عدم سماع الدعوى".
دعوى الإقرار بالنسب أو الشهادة على الإقرار به. سماعها عند الإنكار بعد وفاة المورث المنسوب له الإقرار. شرطه. وجود مسوغ كتابي دال على صحتها. دعوى النسب التي لا تعتمد على الإقرار. لثبوتها بالفراش أو البينة.
 (5)أحوال شخصية "نسب. زواج". إرث. إثبات.
إثبات البنوة كسبب للإرث. لا يخضع لما ورد في المادة 99 من اللائحة الشرعية من قيد على سماع دعوى الزوجية ولو كان النسب مبناه الزوجية الصحيحة. إثبات البنوة. سبب الإرث بالبينة. جائز قانوناً.
 (6)نقض "السبب الجديد" أحوال شخصية.
دفاع يقوم على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز التحدي به أمام محكمة النقض لأول مرة. مثال في دعوى نسب.

--------------
1 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة (1) - أن الحكم الصادر من المحكمة الشرعية بمنع التعرض في التركة إذا كان مؤسساً على ما قضى به من ثبوت الإرث المبني على النسب يعتبر حكماً موضوعياً بالوراثة، إلا أنه يتعين للقول بأن هذا الحكم يمنع من إعادة نظر النزاع في دعوى جديدة أن تكون المسألة المعروضة واحدة في الدعويين، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً فتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعى به في الدعوى الثانية، وينبني على ذلك أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم حائز قوة الأمر المقضي. وإذ كان البين من الاطلاع على الحكم - السابق - الصادر من المحكمة الشرعية أن الطاعنة الثانية عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها أقامتها ضد والده المطعون عليه عن نفسها، وبصفتها وصية خصومة عليه منكرة نسب المطعون عليه وطالبة منع التعرض لها في التركة المخلفة عن المتوفى، وقد دفعت الأخيرة الدعوى بعدم السماع لأن المطعون عليه من الورثة ثم تقرر شطب هذا الدفع وقضت المحكمة غيابياً بمنع التعرض، وكان ما أورده الحكم المشار إليه لا ينطوي على مناقشة صريحة أو ضمنية لبحث نسب المطعون عليه من المتوفى بوصفه والده - وهو موضوع الدعوى الراهنة - لأن هذه المسألة كانت مدار الفصل في الدفع الذي أبدته والدة المطعون عليه بصفتها الشخصية وبصفتها وصية خصومة عليه والذي انتهت المحكمة إلى شطب مدعاها فيه دون أن تحسمه أو تدلي فيه برأي، وبذلك فقد تخلف شرط إعمال الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها.
2 - الدفع في اصطلاح الفقهاء هو دعوى من قبل المدعى عليه أو ممن ينتصب المدعى عليه خصماً عنه يقصد به دفع الخصومة عنه أو إبطال دعوى المدعي بمعنى أن المدعى عليه يصير مدعياً إذا أتى بدفع ويعود المدعي الأول مدعياً ثانياً عند دفع الدفع.
3 - مفاد نص المادة 112 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955 - إن قرار الشطب - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (2) لا يلغي الدعوى ولا يزيل إجراءاتها، وكل ما يؤدي إليه هو استبعاد الدعوى من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها وجواز معاودة السير فيها.
4 - النص في المادة 98 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 على أنه "لا تسمع عند الإنكار دعوى الوصية أو الإيصاء أو الرجوع عنها أو العتق أو الإقرار بواحدة منها وكذلك الإقرار بالنسب أو الشهادة على الإقرار به بعد وفاة الموصي أو المعتق أو المورث في الحوادث السابقة على سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الافرنكية إلا إذا وجدت أوراق خالية من شبهة التصنع تدل على صحة الدعوى. وأما الحوادث الواقعة من سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الافرنكية فلا تسمع فيها دعوى ما ذكر بعد وفاة الموصي أو المعتق أو المورث إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاءه كذلك تدلي على ما ذكر" وإن كان يواجه الحالات الواردة به التي يكون الادعاء فيها بعد وفاة المنسوبة إليه الحادثة فيتوقف سماع الدعوى بها على مسوغ كتابي يختلف باختلاف الحوادث السابقة على سنة 1911 وتلك التالية لها، تقديراً من المشرع بأن من يحلون محل المنسوبة إليه الحادثة بعد وفاته قد لا يحسنون الدفاع عن مصالحهم، إلا أنه في خصوص النسب فإن المادة قصرت عدم السماع على حالتي الإقرار به من الشخص المتوفى أو الشهادة على الإقرار، فلا يستطيل إلى الدعوى بالنسب التي لا تعتمد على أي من الحالتين، ويخضع الحكم فيها للقواعد العامة المقررة في الشريعة الإسلامية لخروجها عن ذلك القيد، فيثبت النسب فيها بالفراش حال تحقق شروطه، كما يثبت عند الإنكار بإقامة البينة عليه وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه - في الدعوى بالنسب - أنه حصل من أقوال الشهود ثبوت نسب المطعون عليه لوالده المتوفى بالفراش، فإن ذلك لا ينطوي على خروج على القانون.
5 - متى كانت دعوى المطعون عليه هي دعوى إرث بسبب البنوة، وهي دعوى متميزة عن دعوى إثبات الزوجية أو إثبات أي حق من الحقوق التي تكون الزوجية سبباً مباشراً لها، فإن إثبات البنوة الذي هو سبب الإرث لا يخضع لما أورده المشرع في المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من قيد على سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها، إذ لا تأثير لهذا المنع على دعوى النسب سواء كان النسب مقصوداً لذاته أو كان وسيلة لدعوى المال، فإن هذه الدعوى باقية على حكمها المقرر في الشريعة الإسلامية حتى ولو كان النسب مبناه الزوجية الصحيحة. وإذ كان إثبات البنوة وهي سبب الإرث في النزاع الراهن بالبينة جائزاً قانوناً فلم يكن على الحكم المطعون فيه أن يعرض لغير ما هو مقصود أو مطلوب بالدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أقام قضاءه بنسب المطعون عليه للمتوفى واستحقاقه الإرث فيه على البينة الشرعية التي اطمأن إليها واستخلصت المحكمة في نطاق سلطانها المطلق من هذه البينة قيام الزوجية الصحيحة بين المتوفى ووالدة المطعون عليه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون يكون في غير محله (3).
6 - القول - في دعوى المطعون عليه بالإرث بسبب البنوة - بأن والدة المطعون عليه كانت زوجاً لآخر وأنها ظلت على عصمته حتى وفاته أو أن قيد المطعون عليه بدفاتر المواليد بأمر من النيابة العامة، هو دفاع يقوم على واقع لم يثبت سبق طرحه على محكمة الموضوع، فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 164 لسنة 1971 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة الزقازيق الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بثبوت وفاة والده المرحوم.... في 23/ 7/ 1940 وأنه من ورثته بوصفه ابناً له ويستحق في تركته خمسة قراريط وستة أسهم من 24 قيراطاً، وقال شرحاً للدعوى أن والده المرحوم.... توفى في التاريخ المذكور. وانحصر إرثه الشرعي في زوجته.... - الطاعنة الثانية - وأولاده منها.... - الطاعنتان الخامسة والسادسة و.... الذي توفى، وزوجته الأخرى.... المتوفاة بعده وأولاده منها.... - الطاعنتان الثالثة والرابعة -.... من زوجة ثالثة هي..... عقد عليها عرفياً، ثم توفى... في سنة 1941 وانحصر إرثه في والدته وأختيه - الطاعنات الثانية والخامسة والسادسة وأخيه لأمه - الطاعن الأول، وإذا ترك والده، ما يورث عنه وأنكر الطاعنون عليه نسبه وامتنعوا عن تسليمه نصيبه في التركة فقد أقام الدعوى. دفع الطاعنون بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 30/ 1942 - 1943 شرعي الزقازيق الابتدائية، حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن...... توفى في - 23/ 7/ 1940 عن زوجتيه...... وأبنائه منهما.... باعتباره ثمرة زواج شرعي صحيح للمتوفى من زوجته...... وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 10/ 2/ 1973 برفض الدفع وثبوت وفاة.... في سنة 1940 وأن المطعون عليه من ورثته بوصفه ابناً له بصحيح النسب الشرعي وأنه يستحق في تركته خمسة قراريط وستة أسهم من أربعة وعشرين قيراطاً تنقسم إليها التركة تعصباً. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 1 س سنة 16 ق أحوال شخصية "نفس" الزقازيق وفي 21/ 4/ 74 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ويقولون في بيان ذلك إن الحكم قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل في موضوعها بالحكم الصادر في الدعوى الشرعية رقم 30/ 42 - 43 الزقازيق الابتدائية على سند من القول أن الدعوى المذكورة دعوى منع تعرض تختلف عن دعوى الإرث الماثلة وأن نسب المطعون عليه لم يكن محل بحث فيها، كما أن من حق المطعون عليه بعد بلوغه إقامة الدعوى للمطالبة بحق شخصي له، في حين أن دعوى منع التعرض في الشريعة الإسلامية تستصحب المطالبة بالحق بحيث يعتبر القضاء بالمنع فصلاً في الحق يحوز الحجية، وإذ أقيمت الدعوى الشرعية من زوجة المتوفى - الطاعنة الأولى - عن نفسها وبصفتها وصية على ولدها ضد والدة المطعون عليه عن نفسها وبصفتها وصية على ولدها المطعون عليه بشأن منع تعرضها في التركة تأسيساً على عدم استحقاق المطعون عليه الإرث لانتفاء بنوته للمتوفى وقضى عليها فيها بصفتيها فإن الحكم الأول يكون حجة ملزمة للمطعون عليه مما كان يتعين معه قبول الدفع ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم الصادر من المحكمة الشرعية بمنع التعرض في التركة إذا كان مؤسساً على ما قضى به من ثبوت الإرث المبني على النسب يعتبر حكماً موضوعياً بالوراثة، إلا أنه يتعين للقول بأن هذا الحكم يمنع من إعادة نظر النزاع في دعوى جديدة أن تكون المسألة المعروضة واحدة في الدعويين وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً فتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعى به بالدعوى الثانية، وينبني على ذلك أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم حائز قوة الأمر المقضي ولما كان البين من الاطلاع على الحكم الصادر من محكمة الزقازيق الابتدائية الشرعية بتاريخ 9/ 5/ 1945 في الدعوى رقم 30/ 1942 - 1943 أن الطاعنة الثانية عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها أقامتها ضد والدة المطعون عليه عن نفسها وبصفتها وصية خصومة عليه منكرة نسب المطعون عليه وطالبة منع التعرض لها في التركة المخلفة عن المتوفى، وقد دفعت الأخيرة الدعوى بعدم السماع لأن المطعون عليه من الورثة ثم تقرر شطب هذا الدفع وقضت المحكمة غيابياً بمنع التعرض، لما كان ذلك وكان الدفع في اصطلاح الفقهاء هو دعوى من قبل المدعى عليه أو ممن ينتصب المدعى عليه خصماً عنه يقصد به دفع الخصومة عنه أو إبطال دعوى المدعي بمعنى أن المدعى عليه يصير مدعياً إذا أتى بدفع ويعود المدعي الأول مدعياً ثانياً عند دفع الدفع، وكان النص في المادة 112 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 - قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955 - والتي كان معمولاً بها عند صدور حكم المحكمة الشرعية آنف الذكر على أن "قرار شطب الدعوى لا يسقط حقاً يكتسبه المدعي بإعلانها لخصمه كقطع المدة المقررة لعدم سماع الدعوى أو حفظ الحق في مدة الاستئناف أو المعارضة..." يفيد أن قرار الشطب - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يلغي الدعوى ولا يزيل إجراءاتها، وكل ما يؤدي إليه هو استبعاد الدعوى من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها وجواز معاودة السير فيها، فإن ما أورده الحكم الصادر من محكمة الزقازيق الابتدائية الشرعية المشار إليه من أن "المدعية - الطاعنة الثانية - ادعت دعواها وطلبت ما طلبته فيها على الوجه المبين بالوقائع وقدمت الأوراق الرسمية المبينة مسوغاً لسماع دعواها. وبما أن المدعى عليها - والدة المطعون عليه - دفعت الدعوى بما تقرر شطبه؛ وبما أن المدعية أثبتت دعواها بالأوراق الرسمية وبالبينة الشرعية فيتعين حينئذ الحكم لها بما طلبت..." لا ينطوي على مناقشة صريحة أو ضمنية لبحث نسب المطعون عليه من المتوفى بوصفه والده - وهو موضوع الدعوى الراهنة - لأن هذه المسألة كانت مدار الفصل في الدفع الذي أبدته والدة المطعون عليه بصفتها الشخصية وصية خصومه عليه والذي انتهت المحكمة إلى شطب مدعاها فيه دون أن تحسمه أو تدلي فيه برأي، وبذلك فقد تخلف شرط إعمال الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، وإذ ساير الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم استند في قضائه بثبوت نسب المطعون عليه إلى البينة، في حين أن شرط ذلك أن يكون المنسوب إليه على قيد الحياة، فإن كان المراد الانتساب إليه ميتاً كما هو الحال في واقع الدعوى فلا بد من وجود المسوغ الكتابي الذي تتطلبه المادة 98 من اللائحة الشرعية.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 98 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 على أنه "لا تسمع عند الإنكار دعوى الوصية أو الإيصاء أو الرجوع عنها أو العتق أو الإقرار بواحد منها وكذلك الإقرار بالنسب أو الشهادة على الإقرار به بعد وفاة الموصي أو المعتق أو المورث في الحوادث السابقة على سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الأفرنكية إلا إذا وجدت أوراق خالية من شبهة التصنع تدل على صحة الدعوى. وأما الحوادث الواقعة من سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الأفرنكية فلا تسمع فيها دعوى ما ذكر بعد وفاة الموصي أو المعتق أو المورث إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاءه كذلك تدل على ما ذكر" وإن كان يواجه الحالات الواردة به التي يكون الادعاء فيها بعد وفاة المنسوبة إليه الحادثة فيتوقف سماع الدعوى بها على مسوغ كتابي يختلف باختلاف الحوادث السابقة على سنة 1911 وتلك التالية لها، تقديراً من المشرع بأن من يحلون محل المنسوبة إليه الحادثة بعد وفاته قد لا يحسنون الدفع عن مصالحهم، إلا أنه في خصوص النسب فإن المادة قصرت عدم السماع على حالتي الإقرار به من الشخص المتوفى أو الشهادة على الإقرار، فلا يستطيل إلى الدعوى بالنسب التي لا تعتمد على أي من الحالتين، ويخضع الحكم فيها للقواعد العامة المقررة في الشريعة الإسلامية لخروجها عن ذلك القيد، فيثبت النسب فيها بالفراش حال تحقق شروطه، كما يثبت عند الإنكار بإقامة البينة عليه. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه حصل من أقوال الشهود ثبوت نسب المطعون عليه لوالده المتوفى بالفراش، وكان ذلك لا ينطوي على خروج على القانون فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ويقولون في بيان ذلك إن الحكم اعتد بأقوال شهود المطعون عليه وانتهى إلى زواج والدة المطعون عليه بالمورث بعقد عرفي وأن نسبه ثابت بالفراش، في حين أن الثابت أن والدة المطعون عليه تزوجت من آخر بوثيقة رسمية مؤرخة 18/ 8/ 1918 ولم يثبت طلاقها منه حتى يصح أن تكون زوجاً للمورث، فيكون إثبات طلاق والدة المطعون عليه من زوجها المشار إليه وزواجها بوالد المطعون عليه لا يمكن الركون فيه إلى أقوال الشهود بالتطبيق للمادة 99 من اللائحة الشرعية، هذا وقد اعتبر الحكم شهادة الميلاد حجة في إثبات النسب في حين أنها لا تعتبر دليلاً عليه خاصة وأن قيد المطعون عليه بدفاتر المواليد ثم بناء على طلب والدته وبأمر من النيابة العامة وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت دعوى المطعون عليه هي دعوى إرث بسبب البنوة، وهي متميزة عن دعوى إثبات الزوجية أو إثبات أي حق من الحقوق التي تكون الزوجية سبباً مباشراً لها، فإن إثبات البنوة الذي هو سبب الإرث لا يخضع لما أورده المشرع في المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من قيد على سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها، إذ لا تأثير لهذا المنع من السماع على دعوى النسب سواء كان النسب مقصود لذاته أو كان وسيلة لدعوى المال، فإن هذه الدعوى باقية على حكمها المقرر في الشريعة الإسلامية حتى ولو كان النسب مبناه الزوجية الصحيحة ولما كان إثبات البنوة هي سبب الإرث في النزاع الراهن بالبينة جائزاً فلم يكن على الحكم المطعون فيه أن يعرض لغير ما هو مقصود أو مطلوب بالدعوى، لما كان ذلك وكان الحكم قد أقام قضائه بنسب المطعون عليه للمتوفى واستحقاقه الإرث فيه على البينة الشرعية التي اطمأن إليها، واستخلصت المحكمة في نطاق سلطانها المطلق من هذه البينة قيام الزوجية الصحيحة بين المتوفى ووالدة المطعون عليه، وكان القول بأن والدة المطعون عليه كانت زوجاً لآخر وإنها ظلت في عصمته حتى وفاته أو أن قيد المطعون عليه بدفاتر المواليد تم بأمر من النيابة العامة هو دفاع يقوم على واقع لم يثبت سبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس.


 (1) نقض 21/ 5/ 1936 مجموعة القواعد القانونية في 25 عاماً - قاعدة 14 ص 1000.
 (2) نقض 20/ 1/ 1958 مجموعة القواعد القانونية الجزء الثالث - قاعدة 41 ص 397.
 (3) راجع نقض 5/ 5/ 1960 مجموعة المكتب الفني السنة 11 ص 383.

الطعن 18 لسنة 44 ق جلسة 14/ 4 /1976 مكتب فني 27 ج 1 أحوال شخصية ق 180 ص 949

جلسة 14 من إبريل سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي؛ وسعد الشاذلي؛ والدكتور عبد الرحمن عياد؛ ومحمد الباجوري.

---------------

(180)
الطعن رقم 18 لسنة 44 ق "أحوال شخصية"

 (1)أحوال شخصية "الولاية على المال". نقض.
القرارات الصادرة في طلب تعديل قائمة الجرد والإذن ببيع أحد عناصر التركة. عدم جواز الطعن فيها بطريق النقض. المادة 1025 مرافعات.
 (2)أحوال شخصية "الولاية على المال". قوة الأمر المقضي. نقض.
جواز الطعن بطريق النقض في أي حكم انتهائي في مسائل الولاية على المال صدر على خلاف حكم سابق بين ذات الخصوم. م 249 مرافعات. لا يغير من ذلك تحديد حالات خاصة للطعن بالنقض في المادة 1025 مرافعات.
 (3)إثبات. حكم. محكمة الموضوع. قوة الأمر المقضي.
القاضي غير مقيد بما يشف عنه حكم الإثبات من اتجاه في الرأي. للمحكمة ألا تأخذ بنتيجة ما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط بيان أسباب العدول في حكمها الصادر في الموضوع.

--------------
1 - مفاد نص المادة 1025 الواردة في القانون رقم 126 لسنة 1951 بإضافة كتاب رابع إلى قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية معدلة بالمرسوم بقانون رقم 129 لسنة 1952 أن الشارع - على ما يبين من المذكرة الإيضاحية - قصد الحد من جواز الطعن بالنقض في مسائل الولاية على المال، فلا يتناول إلا القرارات التي تصدر في المسائل الواردة بذاتها في هذه المادة على سبيل الحصر. وإذ كان الواقع في الدعوى أن الحكم المطعون فيه قد فصل في طلب الطاعنة بتعديل قائمة الجرد بما لا صلة له بعناصر الحساب والإذن لها ببيع أحد عناصر التركة، وكانت هاتان المسألتان ليستا بين ما ورد بالمادة آنفة الذكر فإن الطعن بالنقض فيهما يكون غير جائز.
2 - لئن تضمنت المادة 1025 من قانون المرافعات أحكاماً خاصة بالنقض في مسائل الولاية على المال، إلا أنه فيما عدا ما نصت عليه تظل الأحكام العامة في قانون المرافعات هي الواجبة الاتباع بالتطبيق للمادة 1017 من ذات القانون ومن ذلك ما تقضي به المادة 249 من قواعد عامة للطعن بالنقض في أحكام محاكم الاستئناف أخذاً بأنها تظل هي الواجبة التطبيق في مسائل الولاية على المال، وتجيز هذه المادة للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، والنص مطلق يشمل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - كل حكم انتهائي صدر على خلاف حكم سابق بين ذات الخصوم وأياً كانت المحكمة التي صدر عنها ولما كان شرط هذه المادة غير متوافر في الحالة المعروضة فإن الطعن بالنقض يكون غير جائز.
3 - مؤدى ما تقضي به المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 من أنه يجوز للمحكمة ألا تأخذ بنتيجة إجراء الإثبات بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها، أن القاضي غير مقيد بما يكون قد شف عنه حكم الإثبات من اتجاه في الرأي، ومن ثم فلا يحوز قوة الأمر المقضي بحيث يجوز للمحكمة ألا تأخذ بما أسفر عنه تنفيذ ما أمرت به من إجراءات الإثبات على أن يتضمن الحكم الصادر في الموضوع أسباب العدول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم.... توفى عن زوجته المطعون عليها الثانية وابنتيه القاصرتين المشمولتين بوصايتها وشقيقته سنية وعطيات - الطاعنة - وبجلسة 5/ 10/ 1964 اعتمدت محكمة المنيا الابتدائية للأحوال الشخصية في الدعوى رقم 8 لسنة 1943 قائمة الجرد ومن بين مفرداتها ثلاجة كهربائية قدر ثمنها بمبلغ 200 جنيه وبتاريخ 18/ 12/ 1966 تقدمت الطاعنة بشكوى اعترضت فيها على قائمة الجرد مقررة أنها أغفلت بعض عناصر التركة وأن شقيق الوصية استولى على الثلاجة، وطلبت الإذن ببيعها مع إلزامه دفع ثمنها. وبتاريخ 3/ 12/ 1970 قررت المحكمة الابتدائية رفض طلب بيع الثلاجة مع إلزام الوصية بإيداع الثمن المقدر لها بقائمة الجرد وقدره 200 جنيه لحساب القاصرتين بالبنك وبحفظ طلب إثبات بعض عناصر التركة بمحضر الجرد، استأنفت الطاعنة هذا القرار، بالاستئناف برقم 4 لسنة 7 ق بني سويف (مأمورية المنيا) طالبة إلغاءه وإعادة تقدير قيمة الثلاجة وتكليف الوصية - المطعون عليها الثانية - إيداع نصيب القاصرين في قيمتها خزينة البنك وإعادة جرد التركة، وبتاريخ 27/ 11/ 1971 حكمت محكمة الاستئناف بندب مكتب خبراء وزارة العدل لمعاينة الثلاجة وتقدير مدى استهلاكها وبحث اعتراضات الطالبة وتحقيق ما ادعته من إغفال بعض عناصر التركة وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 26/ 5/ 1973 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة أن المورث كان يملك الأشياء المشار إليها بشكوى الطاعنة وبمحضر الخبير، وبعد أن سمعت المحكمة شهادة شاهد الطاعنة قضت في 21/ 3/ 1974 بتأييد القرار المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الاستئناف ذهبت في حكمها الصادر بتاريخ 27/ 11/ 1971 إلى أن أوراق الدعوى قاصرة عن تبيان وجه الحقيقة ولذلك ناطت بمكتب الخبراء تحقيق اعتراضاتها وهو قضاء قطعي منه للخصومة في هذا الخصوص مما يمتنع معه عليها تقرير أن أوراق الدعوى كافية وحاسمة للنزاع، وإذ عادت وقررت أنها تطمئن إلى التقرير الوارد بقائمة الجرد مع أنه كان تحت بصرها عندما أصدرت حكمها الأول فإن الحكم يكون معيباً بالتناقض، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه رفض إضافة ما أغفلته قائمة الجرد من عناصر التركة استناداً إلى سبق توقيع الطاعنة عليها، دون أن يعرض لدليل الإثبات المقدم على لسان شاهدها، وهو ما يشوب الحكم بالقصور.
وحيث إن النص في المادة 1025 الواردة في القانون رقم 126 لسنة 1951 بإضافة كتاب رابع إلى قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية معدلة بالمرسوم بقانون رقم 129 لسنة 1952 على أنه "يجوز الطعن بالنقض للنيابة العامة ولمن كان طرفاً في المادة في القرارات الانتهائية الصادرة في مواد الحجر والغيبة والمساعدة القضائية وسلب الولاية أو وقفها أو الحد منها أوردها واستمرار الولاية أو الوصاية والحساب" يدل على أن الشارع - على ما يبين من المذكرة الإيضاحية - قصد الحد من جواز الطعن بالنقض في مسائل الولاية على المال فلا يتناول إلا القرارات التي تصدر في المسائل الواردة بذاتها في هذه المادة على سبيل الحصر. ولما كان الواقع في الدعوى أن الحكم المطعون فيه قد فصل في طلب الطاعنة تعديل قائمة الجرد بما لا صلة له بعناصر الحساب والإذن لها ببيع أحد عناصر التركة، وكانت هاتان المسألتان ليستا بين ما ورد بالمادة آنفة الذكر فإن الطعن بالنقض فيهما يكون غير جائز، لما كان ذلك وكانت الطاعنة تذهب إلى أن الحكم المطعون فيه قد صدر على خلاف حكم سابق أصدرته ذات المحكمة وحاز قوة الأمر المقضي وكانت المادة 1025 سالفة الذكر وإن تضمنت أحكاماً خاصة بالطعن بالنقض في مسائل الولاية على المال، إلا أنه فيما عدا ما نصت عليه تظل الأحكام العامة في قانون المرافعات هي الواجبة الاتباع بالتطبيق للمادة 1017 من ذات القانون ومن ذلك ما تقضي به المادة 249 من قواعد عامة للطعن بالنقض في أحكام محاكم الاستئناف أخذاً بأنها تظل هي الواجبة التطبيق في مسائل الولاية على المال، ولئن كانت المادة الأخيرة تجيز للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكام انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، وكان ذلك النص مطلقاً يشمل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - كل حكم انتهائي صدر على خلاف حكم سابق بين ذات الخصوم وأياً كانت المحكمة التي صدر عنها، إلا أن شرط هذه المادة غير متوافر في الحالة المعروضة، ذلك لأنه لما كان مؤدى ما تقضي به المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 من أنه يجوز للمحكمة ألا تأخذ بنتيجة إجراء الإثبات بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها، أن القاضي غير مقيد بما يكون قد شف عنه حكم الإثبات من اتجاه في الرأي، ومن ثم فلا يحوز قوة الأمر المقضي بحيث يجوز للمحكمة ألا تأخذ بما أسفر عنه تنفيذ ما أمرت به من إجراءات الإثبات على أن يتضمن الحكم الصادر في الموضوع أسباب العدول، لما كان ما تقدم وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد مبررات عدم اطمئنانه لتقرير الخبير فيما يتعلق بتقدير قيمة الثلاجة، فإن من حق المحكمة إطراحه ولها أن تستخلص من أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها، ولذلك، لا يكون الحكم المطعون فيه قد فصل في نزاع على خلاف حكم آخر حائز لقوة الشيء المقضي به في مفهوم المادة 249 من قانون المرافعات ويكون الطعن بالنقض غير جائز.


 (1)نقض 3/ 1/ 1973 مجموعة المكتب الفني السنة 24 ص 18.