الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 20 ديسمبر 2020

الطعن 7704 لسنة 84 ق جلسة 3 / 10 / 2016 مكتب فني 67 ق 79 ص 630

جلسة 3 من أكتوبر سنة 2016 

برئاسة السيد القاضي / رضا محمود القاضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عاطف خليل ، النجار توفيق ، أحمد حافظ وزكريا أبو الفتوح نواب رئيس المحكمة .
----------

(79)

الطعن رقم 7704 لسنة 84 القضائية

(1) اتفاق . فاعل أصلي . مسئولية جنائية . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الاتفاق . ماهيته ؟

مسئولية الجاني بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت . مناط تحققها ؟

مثال لتدليل سائغ على توافر الاتفاق في حكم صادر بالإدانة بجريمة الضرب المفضي إلى الموت .

(2) اشتراك . اتفاق . فاعل أصلي . قصد جنائي . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الفاعل الأصلي في مفهوم المادة 39 عقوبات ؟

الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة وإلَّا فلا يسأل إلَّا عن فعله .

تحقق قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق . ولو نشأ لحظة تنفيذها .

القصد الجنائي . أمر خفي يضمره الجاني . العبرة فيه بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد بقيامه .

مثال لتسبيب سائغ في إثبات مسئولية الطاعن عن جريمة ضرب أفضى إلى موت بوصفه فاعلاَ أصلياً .

(3) مسئولية جنائية . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

نعي الطاعن بافتراض الحكم للمسئولية التضامنية بجريمة ضرب أفضى إلى موت. غير مقبول . ما دام أنه دانه باعتباره فاعلاً أصليًا بها .

(4) قصد جنائي . ضرب " ضرب أفضى إلى موت". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".

القصد الجنائي بجرائم الضرب عامة ومنها الضرب المُفضي إلى موت . مناط تحققه ؟

تحدث الحكم صراحة عنه . غير لازم . كفاية أن يكون مفهومًا من وقائع الدعوى.

(5) ضرب " ضرب بسيط " " ضرب أفضى إلى موت " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

النعي بأن الواقعة مجرد جنحة ضرب بسيط وليست جناية ضرب أفضى إلى موت . جدل موضوعي . غير مقبول .

(6) رابطة السببية . ضرب " ضرب أفضى إلى موت". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".

علاقة السببية في المواد الجنائية . ماهيتها ؟

تقدير توافر علاقة السببية . موضوعي . ما دام أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه .

التراخي في العلاج أو الإهمال فيه أو وجود فاصل زمني بين الوفاة والفعل . لا ينفي الإسهام السببي بين إحداث الجرح والوفاة .

مثال لتدليل سائغ على توافر رابطة السببية في حكم صادر بالإدانة بجريمة الضرب المفضي إلى الموت .

(7) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .

تقدير القوة التدليلة لتقرير الخبير . موضوعي .

للمحكمة الأخذ بما تطمئن إليه من تقرير الخبير والالتفات عما عداه .

مثال .

(8) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .

مثال .

(9) إثبات " شهود " " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل" . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملاءمة والتوفيق .

عدم التزام محكمة الموضوع بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته . ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها حاجة لذلك .

مثال .

(10) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل" .

الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟

مثال لما لا يعد خطأ في الإسناد .

(11) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه .

العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بالأدلة المطروحة عليه . مطالبته بالأخذ بدليل معين . غير جائز .

تقدير الدليل . موضوعي .

قرائن الأحوال طريق أصلي للإثبات في المواد الجنائية .

للمحكمة التعويل علي تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة.

عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدر تحرياته . لا يعيبها .

الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة . غير جائز أمام النقض .

(12) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الإعفاء من العقوبة " " الجنون والعاهة العقلية " . ظروف مخففة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر الظروف المخففة " . عقوبة " تقديرها " .

عدم التزام المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب . ما لم يدفع به أمامها . أثر ذلك ؟

الإعفاء من العقاب وفقًا لنص المادة 62 عقوبات . مناط تحققه ؟

دفع الطاعن بارتكاب جريمته وهو في حالة من الاستفزاز والغضب . لا يتحقق به الدفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل . حقيقته : دفاع مقرون بتوافر عذر قضائي مخفف . تقديره . موضوعي .

حق محكمة الموضوع تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانونًا وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها دون معقب .

(13) باعث .

الباعث على الجريمة . ليس ركنًا من أركانها أو عنصرًا من عناصرها . عدم بيانه أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن . غير قادح في سلامة الحكم .

(14) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل".

عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي . استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها .

مثال .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لمَّا كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " أنه سبق حدوث مشادة كلامية بين المتهمة الثالثة " سابق الحكم عليها غيابيًا " وبين المجني عليه وحرر محضرًا بالواقعة فانتقلت المتهمة الثالثة السابق الحكم عليها إلى المتهم الماثل والمتهم الثاني " سابق الحكم عليه غيابيًا " وحضر المتهمان الأول والثاني " سابق الحكم عليه " إلى محل المجني عليه وأحضروا معهم عددًا من الأشخاص حاملين أسلحة بيضاء واتفقوا جميعًا على إيذائه بالضرب ، وما أن وصلوا إلى محله قاموا بالتعدي عليه بالضرب بتلك الأسلحة البيضاء في أنحاء متفرقة من جسده وفروا هاربين إلَّا أنه تم التعرُّف على المتهم الماثل والمتهم الثاني " سابق الحكم عليه " ، وكان قد حضر المدعوان .... والشاهد الأول .... وشاهدا واقعة الاعتداء ، كما شاهد المجني عليه غارقًا في دمائه وحمله وآخرين إلى المستشفى لإسعافه ، ولم يقصد المتهم الماثل وباقي من تعدوا عليه قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته على النحو الوارد بتقرير الطب الشرعي " ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير المتقدم في حق الطاعن أدلة استقاها من شهادة .... ، والنقيب / .... معاون مباحث شرطة .... ، وما تضمَّنه التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه والصادر من مستشفى .... ومن مستشفى .... وتقرير الصفة التشريحية . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المُتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ، وكان من المقرر كذلك أن الجاني لا يُسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المُفضي إلى الموت إلَّا إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أدت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو يكون قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذًا للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو مُحدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أنه قد ثبت لدى المحكمة أن الطاعن اتفق مع باقي المحكوم عليهما فيما بينهم على ضرب المجني عليه لمجرد التوافق بينهم وبين الطاعن والمحكوم عليه الثاني على فعل الضرب تنفيذًا لهذا الاتفاق الذي تكوَّن لديهم بعد أن نقلت المحكوم عليها الثالثة المشادة التي حدثت بينها وبين المجني عليه وأن وفاته قد حدثت مما أحدثته الإصابات المثبتة بالتقارير الطبية التي أورد مضمونها ، وكان ما أورده الحكم كافيًا في إثبات تقابل إرادة المتهمين على التداخل في ضرب المجني عليه بناءً على استقراء سائغ من المحكمة لا يتنافى وحكم المنطق ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدًا .

2- لمَّا كانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصَّت على أنه " يُعد فاعلاً في الجريمة 1– من ارتكبها وحده أو مع غيره . 2 – من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكوَّن من جملة أفعال فيأتي عمدًا عملاً من الأعمال المكوّنة لها " . والبيّن من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إمَّا ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإمَّا أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإمَّا أن يأتي عملاً تنفيذيًا فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقًا لخطة تنفيذها وعند إذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمَّت بفعل واحد أو أكثر بمن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتبارًا بأن الفاعل مع غيره وهو بالضرورة شريك بحسب أن يتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة الاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلَّا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقًا لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدوره في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكوَّنت لديهم فجأة وإذا لم يبلغ مقداره على مسرحها حد الشروع ، ولمَّا كان القصد أمرًا باطنيًا يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه ، فإن العبرة بما يستظهره الحكم من وقائع تشهد لقيامه ، ولمَّا كانت نية تدخل الطاعن في جريمة ضرب المجني عليه تحقيقًا لقصده المشترك مع المتهم الثاني والمستفاد من نوع الصلة بينهم والمتهم الثاني والمعية بينهما في الزمان والمكان وصدورهما في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعًا وجهة واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدي عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره حسبما تقدم بيانه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .

3- لمَّا كان الحكم قد دان الطاعن باعتباره فاعلاً أصليًا في جريمة الضرب المُفضي إلى موت المجني عليه ، فإن ما يُثار بوجه النعي من افتراض الحكم للمسئولية التضامنية وتحققها عن فعل الغير لا يكون له محل .

4- لمَّا كان القصد الجنائي في جرائم الضرب عامة ومنها جريمة الضرب المُفضي إلى الموت يتحقق متى ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة المجني عليه أو صحته ولا يلزم تحدث الحكم صراحة عنه بل يكفي أن يكون مفهومًا من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في الحكم المطعون فيه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .

5- لمَّا كان ما يثيره الطاعن من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشاجرة وليست جناية ضرب أفضى إلى الموت مما كان يتعيَّن مؤاخذته بالقدر المتيقن وهو جنحة الضرب مردودًا بما أثبته الحكم في حق الطاعن والمحكوم عليه الآخر أخذًا بأدلة الثبوت في الدعوى اتفاقهما على ضرب المجني عليه ومشاركتهما فيه في حدوث الإصابات التي أفضت إلى موته ، هذا فضلاً عمَّا هو مقرر من أن النعي بأن الواقعة مجرد جنحة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة وجدلاً موضوعيًا في سلطتها في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها ، مما يكفي في الرد عليه ما أوردته تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها .

6- لمَّا كانت علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدًا وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتًا أو نفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان مفاد ما أورده الحكم من تقرير الصفة التشريحية والتقارير الطبية المرفقة من مستشفى .... ومستشفى .... وما ورد فيهم من مسائل فنية مما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه من أنه قد ثبت من الكشف الظاهري على المجني عليه ومن تشريح جثته تبيَّن أنه تغيَّرت المعالم الأصلية لإصابته مما طرأ عليها من تدخلات جراحية كانت لازمة لحالته وقتها للإسعاف والعلاج لمحاولة إنقاذ حياته وما طرأ على تلك الإصابات من تطورات التهابية وأن الإصابات بالصدر والبطن كانت في الأصل ذات طبيعة طعنية حدثت من الطعن بنصل أداة أو أدوات حادة أيًا كان نوعها وهي متصورة الحدوث من قبل أسلحة بيضاء " سكاكين " كما ورد على لسان شاهد الواقعة وفي تاريخ يعاصر التاريخ المُعطى للواقعة وتعزى وفاة المذكور من مضاعفات الإصابات الطعنية بالصدر وما أحدثته من التهابات قيحية والتهاب رئوي مؤدي لفشل تنفسي ، فإن ما انتهى إليه الحكم من مسائلة الطاعن وباقي المحكوم عليهما عن جناية الضرب المُفضي إلى الموت يكون قد أصاب حجة الصواب في تقدير المسئولية وأثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعله والنتيجة التي حدثت وهي موت المجني عليه والذي لا يقطعها كما هو مقرر في قضاء محكمة النقض أن يكون ثمة تراخ في العلاج أو إهمال فيه أو فحصه عقب الفعل مضاعفات أو تطرأ على المجني عليه أمراض بما يسهم مع الجروح في إحداث الوفاة ، كما لا يحول دون اعتبار علاقة السببية متوافرة أن تتراخى الوفاة وأن زمنًا طويلاً قد فصل بينها وبين الفعل إذ الفاصل الزمني لا ينفي الإسهام السببي ، فإن كافة ما يُثار بوجه النعي لا يكون له محل .

7- من المقرر أنه لا يُعقَّب على قاضي الموضوع فيما يأخذ أو يدع من تقارير الخبراء ، وكانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية قد عوَّلت في قضائها على ما أوردته من التقارير الطبية التي أخذت بها ، فإن ما يُثار بوجه النعي يكون لا محل له لِمَا هو مقرر من أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجَّه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عمَّا عداه ولا تُقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، فإن ما يُثار بوجه النعي من تدخل أطباء في علاقة السببية أو المنازعة التي يقول بها الطاعن في شأن التقارير الطبية أو عدم أخذه بتقرير الخبير الاستشاري لا يكون سديدًا ، ومع ذلك فقد اطرح الحكم التقرير الاستشاري بما يسوغه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل.

8- لمَّا كان دفاع الطاعن لم يطلب ندب لجنة من رؤساء الطب الشرعي لبيان مدى صحة دفاعه ، ومن ثم فليس له النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يُطلب منها ولم تر هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت للأدلة القائمة في الدعوى وإلى صورة الواقعة كما استقرت في يقينها .

9- لمَّا كان الحكم قد عرض للدفاع القائم على تعارض الدليلين القولي والفني واطرحه في منطق سائغ في مقام إيراده لمسوغات توافر رابطة السببية ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملائمة والتوفيق ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء وطالما أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير لا يجافي في المنطق أو القانون ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .

10- لمَّا كان ما يثيره الطاعن من قالة الخطأ في الإسناد بشأن ما حصَّله الحكم من أقوال الشاهد الثاني الضابط مُجري التحريات إذ حصَّل منها أن أقواله تتفق مع ما ذكره الشاهد الأول وما جاء بالتقارير الطبية بشأن مواقع إصابة المجني عليه ، فإنه مردود بما هو مقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع ، ولمَّا كان الطاعن يسلِّم في أسباب طعنه أن أقوال الشاهد قد نفت الواقعة الجوهرية التي عوَّل عليها الحكم واتخذها سندًا لقضائه وهي تواجد المتهم على مسرح الجريمة والتعدي على المجني عليه ، فإنه لا يعيب الحكم – بفرض صحة ما يقوله الطاعن – أن تكون رواية الشاهد قد خلت من بعض تفصيلات لم يكن لها أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون قويمًا .

11- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى - ولا يماري في ذلك الطاعن - ، كما أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه فلا يصح مطالبته الأخذ بدليل معيَّن ، وكان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ومن سلطتها أن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها فلا تثريب عليها في استدلالها على مقارفة الطاعن للجريمتين بأقوال شاهد الإثبات وحده ، كما أن لها في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقرائن الأحوال وهي طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية وأن تعوّل على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لِمَا ساقته من أدلة أساسية ، ولا يعيب تلك التحريات ألَّا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها ، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتّب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن لجريمة الضرب المُفضي إلى الموت التي دين بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع .

12- لمَّا كان ما يثيره الطاعن من أنه كان في حالة اضطراب نفسي وعقلي عند مقارفة الجريمة مردودًا بأن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها ، وإذ ما كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بأنه كان معدم الإرادة بسبب تلك الحالة فليس له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك ، وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعًا على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل أو مرض نفسي يفقد الإدراك أو الاختيار دون غيرهم ، وكان ما يثيره الطاعن أنه ارتكب جريمته وهو في حالة من حالات الاستفزاز أو الغضب فإن دفاعه على هذه الحالة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الاعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونًا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو اطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانونًا وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حسابًا عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة التي دانه بها ، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة .

13- لمَّا كان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركنًا من أركانها أو عنصرًا من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .

14- لمَّا كانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يُستفاد ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير الطب الشرعي فلا تثريب عليها إذ هي لم تعرض في حكمها إلى أوجه دفاع الطاعن الموضوعية التي ما قصد منها سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم :

أولاً - المتهمان الأول والثاني وآخرين مجهولين :

ضربا المجني عليه / ... عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيَّتا النية وعقدا العزم المُصمم على إيذائه لخلاف شقيقتهما المتهمة الثالثة معه وأعدا لذلك الغرض أسلحتهما البيضاء " سكين " سعيًا للمجني عليه بحانوته ، وما أن ظفرا به حتى سددا إليه طعنات قاسيات بالصدر والبطن وذلك دون قصد قتله وأحدثا به إصابته التي أبانها تقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته .

ثانياً - المتهمة الثالثة :

اشتركت بطريقي التحريض والاتفاق مع المتهمين الأول والثاني على ضرب المجني عليه مع سبق الإصرار وإيذائه دون قصد قتله بأن أذاعت نبأ خلاف معه وأوغرت صدورهما قِبَله واستجلبت إرادتهما لضرورة النيل منه والتعدي عليه وقد جرى اتفاقهما المُسبق على ذلك ، وتمَّت الجريمة بناءً على ذلك التحريض والاتفاق على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

ثالثاَ - المتهمان الأول والثاني :

أحرزا سلاحًا أبيض " سكيناً " دون مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية استخدماه للتعدي على المجني عليه على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالـة .

وادعى والد المجني عليه مدنيًا قِبَله بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد تعويضاً مُؤقتاً .

والمحكمة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 40/أولاً وثانيًا ، 41 ، 236/1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرر/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والبند رقم (6) من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 ، وبعد إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة سبع سنوات عمَّا أُسند إليه ، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة . بعد أن استبعدت ظرف سبق الإصرار ضمنيًا .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الضرب المفضي إلى موت ، وإحراز سلاح أبيض " سكين " دون مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية ، قد شابه قصور في التسبيب ، وفساد في الاستدلال ، وخطأ في الإسناد ، وإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن المحكمة لم تبيّن الأدلة والقرائن التي استخلصت منها ثبوت الاتفاق بين الطاعن وباقي المتهمين على ارتكاب الواقعة وافترضت المحكمة وجود التواطؤ بين المتهمين على غير أساس وبما لا يوفر المسئولية التضامنية بينهم واستندت في ذلك إلى سبق حدوث نزاع بين شقيقة الطاعن " المتهم الثالث " والمجني عليه رغم أن تلك الخصومة لا تفيد توافر الاتفاق بينهم على الاعتداء على المجني عليه وإنما تفيد توافقهم على ارتكابها ، ولم يستظهر القصد الجنائي لدى الطاعن وباقي المتهمين على ارتكاب الجريمة ، وأن المحكمة لم تضع في اعتبارها حالة الاضطراب النفسي والعقلي التي تملَّكت الطاعن على أثر علمه بالأفعال الشائنة التي ارتكبها المجني عليه مع شقيقته المتهمة الثالثة مما أعجز المحكمة عن تقدير موقف الطاعن في ضوء المادة 62 من قانون العقوبات المعدلة ، وكان يتعيَّن على المحكمة أن تخفض العقوبة ضد الطاعن بدلاً من عقابه بالحد الأقصى لها ، وأن الواقعة لا تعدو أن تكون مشاجرة بين الطرفين الأمر الذي يتعيَّن معه مؤاخذة الطاعن بالقدر المتيقن في حقه وهو ارتكاب جنحة الضرب البسيط ، وقام دفاع الطاعن على انقطاع رابطة السببية بين الفعل المُسند إليه والنتيجة التي انتهى إليها إذ أن الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية وتقرير الصفة التشريحية لم تكن في مقتل وإنما هي جروح قطعية وسطحية ولم تكن طعنة نافذة وأن الوفاة نشأت نتيجة التدخلات الجراحية بالمستشفيات التي تردد عليها وما أحدثته من مضاعفات والتهابات وأن سبب الوفاة هو التسمم الدموي التوكسيمي المصاحب لهذه التقيحات والالتهاب الرئوي الرقادي وهو ما يؤكد حدوث إهمال وتقصير جسيم من الأطباء المعالجين أدى إلى الوفاة وقدم الطاعن تقريرًا استشاريًا يؤكد تلك الحقائق إلَّا أن المحكمة ردت بما لا يصلح ردًا على ذلك الدفع وكان يجب على المحكمة أن تندب لجنة من رؤساء الطب الشرعي لبيان صحة هذا الدفاع من عدمه إذ أن ما ورد بالتقارير الطبية محل نعي لمخالفة الحقيقة والواقع وخاصة وأن محرريها هم المسئولون عن التقصير والإهمال الجسيم في علاج إصابات المجني عليه السطحية ، كما دفع بالتناقض بين الدليل القولي المتمثل في أقوال الشاهد الأول بأن الطاعن طعن المجني عليه في رقبته وقام المتهم الثاني بطعنه بسكين في باقي جسده كما قرر الثاني بأنه لا يستطيع تحديد مواقع إصابات المجني عليه في حين أن الثابت بتقرير الصفة التشريحية أنه لا توجد إصابة طعنية بالرقبة وأن وفاته نتيجة الإصابات الطعنية بالصدر وما أحدثته من تقيحات والتهاب رئوي مما يصمه بالخطأ في الإسناد وكان على المحكمة أن تجري تحقيقًا في هذا الشأن بمعرفة خبراء الطب الشرعي ولم يطلبه الدفاع هذا إلَّا أن الحكم عوَّل على أقوال شاهد الإثبات الوحيد وعلى تحريات الشرطة والتي لا تصلح دليلاً على ثبوت الاتفاق وجاءت مجهلة المصدر ولا تعدو أن تكون رأيًا لصاحبها ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " أنه سبق حدوث مشادة كلامية بين المتهمة الثالثة " سابق الحكم عليها غيابيًا " وبين المجني عليه وحرر محضرًا بالواقعة فانتقلت المتهمة الثالثة السابق الحكم عليها إلى المتهم الماثل والمتهم الثاني " سابق الحكم عليه غيابيًا " وحضر المتهمان الأول والثاني " سابق الحكم عليه " إلى محل المجني عليه وأحضروا معهم عددًا من الأشخاص حاملين أسلحة بيضاء واتفقوا جميعًا على إيذائه بالضرب ، وما أن وصلوا إلى محله قاموا بالتعدي عليه بالضرب بتلك الأسلحة البيضاء في أنحاء متفرقة من جسده وفروا هاربين إلَّا أنه تم التعرُّف على المتهم الماثل والمتهم الثاني " سابق الحكم عليه "، وكان قد حضر المدعوان .... والشاهد الأول .... وشاهدا واقعة الاعتداء ، كما شاهد المجني عليه غارقًا في دمائه وحمله وآخرين إلى المستشفى لإسعافه ، ولم يقصد المتهم الماثل وباقي من تعدوا عليه قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته على النحو الوارد بتقرير الطب الشرعي " ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير المتقدم في حق الطاعن أدلة استقاها من شهادة .... ، والنقيب / .... معاون مباحث شرطة .... ، وما تضمَّنه التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه والصادر من مستشفى .... ومن مستشفى .... وتقرير الصفة التشريحية . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المُتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ، وكان من المقرر كذلك أن الجاني لا يُسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المُفضي إلى الموت إلَّا إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أدت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو يكون قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذًا للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو مُحدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أنه قد ثبت لدى المحكمة أن الطاعن اتفق مع باقي المحكوم عليهما فيما بينهم على ضرب المجني عليه لمجرد التوافق بينهم وبين الطاعن والمحكوم عليه الثاني على فعل الضرب تنفيذًا لهذا الاتفاق الذي تكوَّن لديهم بعد أن نقلت المحكوم عليها الثالثة المشادة التي حدثت بينها وبين المجني عليه وأن وفاته قد حدثت مما أحدثته الإصابات المثبتة بالتقارير الطبية التي أورد مضمونها ، وكان ما أورده الحكم كافيًا في إثبات تقابل إرادة المتهمين على التداخل في ضرب المجني عليه بناءً على استقراء سائغ من المحكمة لا يتنافى وحكم المنطق ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدًا . لمَّا كان ذلك ، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصَّت على أنه " يُعد فاعلاً في الجريمة 1 – من ارتكبها وحده أو مع غيره . 2 – من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكوَّن من جملة أفعال فيأتي عمدًا عملاً من الأعمال المكوّنة لها " . والبيّن من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إمَّا ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإمَّا أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإمَّا أن يأتي عملاً تنفيذيًا فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقًا لخطة تنفيذها وعند إذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمَّت بفعل واحد أو أكثر بمن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتبارًا بأن الفاعل مع غيره وهو بالضرورة شريك بحسب أن يتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة الاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلَّا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقًا لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدوره في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكوَّنت لديهم فجأة وإذا لم يبلغ مقداره على مسرحها حد الشروع ، ولمَّا كان القصد أمرًا باطنيًا يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه ، فإن العبرة بما يستظهره الحكم من وقائع تشهد لقيامه ، ولمَّا كانت نية تدخل الطاعن في جريمة ضرب المجني عليه تحقيقًا لقصده المشترك مع المتهم الثاني والمستفاد من نوع الصلة بينهم والمتهم الثاني والمعية بينهما في الزمان والمكان وصدورهما في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعًا وجهة واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدي عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره حسبما تقدم بيانه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم قد دان الطاعن باعتباره فاعلاً أصليًا في جريمة الضرب المُفضي إلى موت المجني عليه ، فإن ما يُثار بوجه النعي من افتراض الحكم للمسئولية التضامنية وتحققها عن فعل الغير لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جرائم الضرب عامة ومنها جريمة الضرب المُفضي إلى الموت يتحقق متى ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة المجني عليه أو صحته ولا يلزم تحدث الحكم صراحة عنه بل يكفي أن يكون مفهومًا من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في الحكم المطعون فيه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشاجرة وليست جناية ضرب أفضى إلى الموت مما كان يتعيَّن مؤاخذته بالقدر المتيقن وهو جنحة الضرب مردودًا بما أثبته الحكم في حق الطاعن والمحكوم عليه الآخر أخذًا بأدلة الثبوت في الدعوى اتفاقهما على ضرب المجني عليه ومشاركتهما فيه في حدوث الإصابات التي أفضت إلى موته ، هذا فضلاً عمَّا هو مقرر من أن النعي بأن الواقعة مجرد جنحة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة وجدلاً موضوعيًا في سلطتها في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما يكفي في الرد عليه ما أوردته تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها . لمَّا كان ذلك ، وكانت علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدًا وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتًا أو نفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان مفاد ما أورده الحكم من تقرير الصفة التشريحية والتقارير الطبية المرفقة من مستشفى .... ومستشفى .... وما ورد فيهم من مسائل فنية مما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه من أنه قد ثبت من الكشف الظاهري على المجني عليه ومن تشريح جثته تبيَّن أنه تغيَّرت المعالم الأصلية لإصابته مما طرأ عليها من تدخلات جراحية كانت لازمة لحالته وقتها للإسعاف والعلاج لمحاولة إنقاذ حياته وما طرأ على تلك الإصابات من تطورات التهابية وأن الإصابات بالصدر والبطن كانت في الأصل ذات طبيعة طعنية حدثت من الطعن بنصل أداة أو أدوات حادة أيًا كان نوعها وهي متصورة الحدوث من قبل أسلحة بيضاء " سكاكين " كما ورد على لسان شاهد الواقعة وفي تاريخ يعاصر التاريخ المُعطى للواقعة وتعزى وفاة المذكور من مضاعفات الإصابات الطعنية بالصدر وما أحدثته من التهابات قيحية والتهاب رئوي مؤدي لفشل تنفسي ، فإن ما انتهى إليه الحكم من مسائلة الطاعن وباقي المحكوم عليهما عن جناية الضرب المُفضي إلى الموت يكون قد أصاب حجة الصواب في تقدير المسئولية وأثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعله والنتيجة التي حدثت وهي موت المجني عليه والذي لا يقطعها كما هو مقرر في قضاء محكمة النقض أن يكون ثمة تراخ في العلاج أو إهمال فيه أو فحصه عقب الفعل مضاعفات أو تطرأ على المجني عليه أمراض بما يسهم مع الجروح في إحداث الوفاة ، كما لا يحول دون اعتبار علاقة السببية متوافرة أن تتراخى الوفاة وأن زمنًا طويلاً قد فصل بينها وبين الفعل إذ الفاصل الزمني لا ينفي الإسهام السببي ، فإن كافة ما يُثار بوجه النعي لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يُعقَّب على قاضي الموضوع فيما يأخذ أو يدع من تقارير الخبراء ، وكانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية قد عوَّلت في قضائها على ما أوردته من التقارير الطبية التي أخذت بها ، فإن ما يُثار بوجه النعي يكون لا محل له لِمَا هو مقرر من أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجَّه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عمَّا عداه ولا تُقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، فإن ما يُثار بوجه النعي من تدخل أطباء في علاقة السببية أو المنازعة التي يقول بها الطاعن في شأن التقارير الطبية أو عدم أخذه بتقرير الخبير الاستشاري لا يكون سديدًا ، ومع ذلك فقد اطرح الحكم التقرير الاستشاري بما يسوغه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان دفاع الطاعن لم يطلب ندب لجنة من رؤساء الطب الشرعي لبيان مدى صحة دفاعه ، ومن ثم فليس له النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يُطلب منها ولم تر هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت للأدلة القائمة في الدعوى وإلى صورة الواقعة كما استقرت في يقينها . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفاع القائم على تعارض الدليلين القولي والفني واطرحه في منطق سائغ في مقام إيراده لمسوغات توافر رابطة السببية ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملائمة والتوفيق ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء وطالما أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير لا يجافي في المنطق أو القانون ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من قالة الخطأ في الإسناد بشأن ما حصَّله الحكم من أقوال الشاهد الثاني الضابط مُجري التحريات إذ حصَّل منها أن أقواله تتفق مع ما ذكره الشاهد الأول وما جاء بالتقارير الطبية بشأن مواقع إصابة المجني عليه ، فإنه مردود بما هو مقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع ، ولمَّا كان الطاعن يسلِّم في أسباب طعنه أن أقوال الشاهد قد نفت الواقعة الجوهرية التي عوَّل عليها الحكم واتخذها سندًا لقضائه وهي تواجد المتهم على مسرح الجريمة والتعدي على المجني عليه ، فإنه لا يعيب الحكم – بفرض صحة ما يقوله الطاعن – أن تكون رواية الشاهد قد خلت من بعض تفصيلات لم يكن لها أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون قويمًا . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى - ولا يماري في ذلك الطاعن - ، كما أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه فلا يصح مطالبته الأخذ بدليل معيَّن ، وكان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ومن سلطتها أن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها فلا تثريب عليها في استدلالها على مقارفة الطاعن للجريمتين بأقوال شاهد الإثبات وحده ، كما أن لها في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقرائن الأحوال وهي طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية وأن تعوّل على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لِمَا ساقته من أدلة أساسية ، ولا يعيب تلك التحريات ألَّا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها ، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتّب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن لجريمة الضرب المُفضي إلى الموت التي دين بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع . لمَّا كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من أنه كان في حالة اضطراب نفسي وعقلي عند مقارفة الجريمة مردودًا بأن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها ، وإذ ما كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بأنه كان معدم الإرادة بسبب تلك الحالة فليس له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك ، وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعًا على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل أو مرض نفسي يفقد الإدراك أو الاختيار دون غيرهم ، وكان ما يثيره الطاعن أنه ارتكب جريمته وهو في حالة من حالات الاستفزاز أو الغضب فإن دفاعه على هذه الحالة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الاعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونًا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو اطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانونًا وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حسابًا عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة التي دانه بها ، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة . لمَّا كان ذلك ، وكان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركنًا من أركانها أو عنصرًا من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يُستفاد ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير الطب الشرعي فلا تثريب عليها إذ هي لم تعرض في حكمها إلى أوجه دفاع الطاعن الموضوعية التي ما قصد منها سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لمَّا كان ما تقدَّم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ، مُتعيّنًا رفضه موضوعًا .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأوضاع الإجرائية سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى أو بميعاد رفعها تتعلق بالنظام العام

الدعوى رقم 225 لسنة 36 ق "دستورية" جلسة 7 / 11 / 2020 
جمهورية مصر العربية 
المحكمة الدستورية العليا 
محضر جلسة 
بالجلسة المنعقدة في غرفة مشورة يوم السبت السابع من نوفمبر سنة 2020م، الموافق الحادي والعشرين من ربيع الأول سنة 1442 ه. 

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين 

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر 

أصدرت القرار الآتى 

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 225 لسنة 36 قضائية "دستورية". 

المقامة من 

خلف الله عبد النبي السيد 

ضد 

1- رئيس الجمهورية 

2- رئيس مجلس الوزراء 

3- وزير العدل 

بطلب الحكم بعدم دستورية نص المادة (75) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، ونص المادة (1) من القانون رقم 7 لسنة 1984 بفرض نصف قيمة الرسوم القضائية لصالح صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية، ونصى الفقرتين (1، 2) من المادة (184) من قانون المرافعات، ونص البند أولاً من المادة (25) ونصى المادتين (26، 27) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979. 

المحكمة 
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة . 

حيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد استقر على أن مؤدى نص الفقرة (ب) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن الميعاد الذى تحدده محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية هو ميعاد حتمي، بحيث إذا لم يرفع المدعى الدعوى خلاله وبما لا يجاوز مدة الأشهر الثلاثة، اعتبر الدفع بعدم الدستورية كأن لم يكن. 

لما كان ذلك، وكان الثابت أن محكمة الموضوع قد صرحت للمدعى بجلسة 10/6/2014، بإقامة الدعوى الدستورية، وأجلت نظر الدعوى لجلسة 9/9/2014، لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فإنه يتعين على المدعى ألا يجاوز ذلك الميعاد، فإن جاوزه وأقام دعواه بتاريخ 21/12/2014، فإنها تكون غير مقبولة، ولا يجوز التحدي بتصريح محكمة الموضوع مجددًا له بميعاد غير الذى حددته أولاً؛ ذلك أن الأوضاع الإجرائية – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها – إنما تتعلق بالنظام العام، باعتبارها من الأشكال الجوهرية للتقاضي التي تغيا بها المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها القانون وفى الميعاد الذى حدده، بما لازمه أن تكون الدعوى المطروحة قمينة بعدم القبول. 

لذلك 

قررت المحكمة، في غرفة مشورة، عدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة. 



انتفاء المصلحة في الطعن على المادة 3 رسوم قضائية لكونه نص إحالة لا يتضمن حكمًا موضوعيًّا محددًا

الدعوى رقم 108 لسنة 27 ق "دستورية" جلسة 7 / 11 / 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من نوفمبر سنة 2020م، الموافق الحادي والعشرين من ربيع الأول سنة 1442 هـ. 

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين 

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر 


أصدرت الحكم الآتى 

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 108 لسنة 27 قضائية "دستورية". 

المقامة من 

شركة أمبت للمنشآت السياحية 

ضد 

1- رئيس الجمهورية 

2- رئيس مجلس الوزراء 

3- رئيس مجلس الشورى 

4- رئيس مجلس الشعب (مجلس النواب حاليًا) 

5- وزير العدل 

6- رئيس مصلحة الشهر العقاري والتوثيق 

7- أنطوان ميشيل عوض، عن نفسه، وبصفته وليًّا طبيعيًّا على ابنته القاصر/ تريزا أنطوان ميشيل 

8- فردريك أنطوان ميشيل 


الإجراءات 

بتاريخ السادس عشر من مايو سنة 2005، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية المواد (1، 2، 3) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، فيما تضمنته من فرض رسوم نسبية منسوبة ومقدرة بالنسبة لقيمة الدعوى، وسقوط المواد المرتبطة بها، والمترتبة عليها، خاصة المادة (1 مكرراً) من القانون رقم 7 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية. 

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمادة الأولى من القانون رقم 90 لسنة 1944، والمادة الأولى مكررًا من القانون رقم 7 لسنة 1985، المشار إليهما، ورفض الدعوى فيما عدا ذلك من طلبات. 

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم. 


المحكمة 
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائع تتحصل– حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أنه سبق أن أقام المدعى عليهما السابع والثامن، الدعوى رقم 3887 لسنة 2002 مدني كلى، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ضد الشركة المدعية، بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 21/12/1997، ورد المبالغ المدفوعة والمبينة بهذا العقد. وبجلسة 29/3/2003، قضت المحكمة برفض الدعوى، وإلزام رافعها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، فطعنا على هذا الحكم بالاستئناف رقم 3156 لسنة 7 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة، وقضى فيه بجلسة 24/12/2003، بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بفسخ عقد البيع المؤرخ 21/12/1997، وبإلزام المستأنف ضدها – الشركة المدعية في الدعوى المعروضة – بأن ترد إلى المستأنف عن نفسه وبصفته، ثمن المبيع ومقداره (403000) جنيه، وبالمصروفات عن الدرجتين، ومقابل أتعاب المحاماة. طعنت الشركة المدعية على هذا الحكم بالنقض، وقيد الطعن برقم 1267 لسنة 74 قضائية، وبجلسة 28/6/2005، قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه جزئيًّا فيما قضى به من أحقية المطعون ضده الأول فيما جاوز مبلغ (365400) جنيه، وإحالة الطعن إلى محكمة استئناف القاهرة. وكان أن صدر أمرا تقدير الرسوم القضائية المستحقة على حكم محكمة الاستئناف، بالمطالبتين رقمي 2382 لسنة 2003/ 2004، بواقع مبلغ (20032,50 جنيهًا) رسومًا نسبية، ومبلغ (10016,25 جنيهًا) رسوم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، وأعلنت بهما الشركة المدعية، فعارضت فيهما أمام محكمة استئناف القاهرة، طالبة الحكم بتخفيض مبلغهما للمغالاة في التقدير. وإذ جرى تداول نظر المعارضتين في أمري التقدير بالجلسات، وأثناء نظر موضوع المعارضة في أمر تقدير الرسوم النسبية بجلسة 20/2/2005، دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية المواد أرقام (1، 2، 3) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، فقررت المحكمة ضم المعارضة في أمر تقدير الرسوم النسبية للمعارضة في أمر تقدير رسوم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، ليصدر فيهما حكم واحد. وبالجلسة ذاتها قررت المحكمة تأجيل نظر المعارضتين لجلسة 25/5/2005، وصرحت باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فأقامت الشركة المدعية الدعوى المعروضة، ناعية على النصوص المطعون فيها المغالاة في التقدير، على نحو يثقل كاهل المتقاضين بأعباء مالية، بما يقيد حق التقاضي، بالمخالفة لنص المادة (68) من دستور سنة 1971، والمساس بالملكية الخاصة المحمية بنصي المادتين (32، 34) منه. 

وحيث إن نصوص المواد (1، 2، 3) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية - المطعون عليها - تجرى على أنه: 

مادة (1) : " يفرض في الدعاوى، معلومة القيمة، رسم نسبى حسب الفئات الآتية : 

2% لغاية 250 جنيهًا. 

3% فيما زاد على 250 جنيهًا حتى 2000 جنيه. 

4% فيما زاد على 2000 جنيه حتى 4000 جنيه. 

5% فيما زاد على 4000 جنيه. 


ويفرض في الدعاوى مجهولة القيمة رسم ثابت كالآتي : 

* عشرة جنيهات في المنازعات التي تطرح على القضاء المستعجل. 

* خمسة جنيهات في الدعاوى الجزئية. 

* خمسة عشر جنيهًا في الدعاوى الكلية الابتدائية. 

* خمسون جنيهًا في دعاوى شهر الإفلاس أو طلب الصلح الواقي من الإفلاس، ويشمل هذا الرسم الإجراءات القضائية حتى إنهاء التفليسة أو إجراءات الصلح الواقي من الإفلاس، ولا يدخل ضمن هذه الرسوم مصاريف النشر في الصحف واللصق عن حكم الإفلاس والإجراءات الأخرى في التفليسة، ويكون تقدير الرسم في الحالتين طبقًا للقواعد المبينة في المادتين (75، 76) من هذا القانون ". 


مادة (2) : " إذا عدل الطلب في الدعوى مجهولة القيمة أثناء سيرها إلى طلب معلوم القيمة أو العكس، ولم يكن سبق صدور حكم تمهيدي في موضوع الدعوى أو حكم قطعي في مسألة فرعية، فرض أكبر الرسمين. 

فإذا صدر قبل التعديل حكم قطعي في مسألة فرعية، عدا مسائل الاختصاص، أو حكم تمهيدي في الموضوع فرض رسم جديد على الطلب ". 

مادة (3) : " يفرض على استئناف الأحكام الصادرة في الدعاوى معلومة القيمة رسم نسبى على أساس الفئة المبينة في المادة الأولى، ويراعى في تقدير الرسم القيمة المرفوع بها الاستئناف. 

ويفرض في الدعاوى المستأنفة مجهولة القيمة رسم ثابت على النحو الآتي : 

* عشرة جنيهات على الاستئنافات التي تنظر أمام المحاكم الابتدائية. 

* خمسة عشر جنيهًا على الاستئنافات التي تنظر أمام المحاكم الابتدائية عن أحكام صادرة من القضاء المستعجل. 

* ثلاثون جنيهًا على الاستئنافات التي تنظر أمام محاكم الاستئناف العليا. 

ويخفض الرسم إلى النصف في جميع الدعاوى إذا كان الحكم المستأنف صادرًا في مسألة فرعية، فإذا فصلت محكمة الاستئناف في موضوع الدعوى استكمل الرسم المستحق عنه. 

ويسوى رسم الاستئناف في حالة تأييد الحكم المستأنف باعتبار أن الحكم الصادر بالتأييد حكم مكمل للحكم المستأنف ويستحق عنهما رسم نسبى واحد ". 
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، وهو كذلك يقيد تدخلها في هذه الخصومة فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي. ومن ثم، يتحدد مفهوم شرط المصلحة باجتماع عنصرين، أولهما: أن يقيم المدعى الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، سواء أكان مهددًا بهذا الضرر، أم كان قد وقع فعلاً. ثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه، وليس ضررًا متوهمًا أو منتحلاً أو مجهلاً. فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلَّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، إذ إن إبطال النص التشريعي في هذه الحالة لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها. 


وحيث إنه بالنسبة لطلب الحكم بعدم دستورية نص المادة (1) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية، فإن نطاق الدعوى المعروضة وحدود المصلحة فيها يتحددان بنص الفقرة الأولى من تلك المادة. ولا يغير من ذلك قضاء محكمة النقض الصادر بجلسة 28/6/2005 في الطعن رقم 1267 لسنة 74 قضائية، بنقض الحكم الاستئنافي جزئيًّا فيما قضى به من أحقية المطعون ضده الأول فيما جاوز مبلغ (365400) جنيه، إذ يبقى النص المشار إليه في جميع الحالات هو الأساس القانوني لحساب قيمة الفئات التي تحسب طبقًا لها قيمة الرسم النسبي على الاستئناف المعروض، الذي أحال إليه نص المادة (3) من القانون المشار إليه في تحديد قيمة الرسم المقرر في هذه الحالة. 

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى المعروضة بالنسبة لنص المادة (1) المشار إليها، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 9/6/2002، في الدعوى رقم 33 لسنة 22 قضائية " دستورية "، حيث قضت برفض الدعوى المقامة طعنًا على هذا النص. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (25) تابع، بتاريخ 20/6/2002؛ وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، ونصي المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون للأحكام والقرارات الصادرة منها حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتبارها قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيبًا من أية جهة كانت، وهي حجية تحول دون المجادلة فيها، أو السعي إلى إعادة طرحها عليها من جديد لمراجعتها. ومن ثم، فإن الدعوى المعروضة، بالنسبة للطعن على هذا النص، تغدو غير مقبولة. 


وحيث إنه بشأن الطعن بعدم دستورية نص المادة (2) من القانون رقم 90 لسنة 1944 المشار إليه، المطعون عليه، فإنها تتناول مسألة تعديل الطلب في الدعوى مجهولة القيمة أثناء سيرها إلى طلب معلوم القيمة، أو العكس، ولم يكن سبق صدور حكم تمهيدي في موضوعها أو حكم قطعي في مسألة فرعية، وهو أمر منبت الصلة بواقع الحال في الدعوى الموضوعية، التي قُضى فيها بالحكم الصادر على أساسه أمر التقدير المتظلم منه. ومن ثم، لا تكون الشركة المدعية مخاطبة بهذا النص، مما تنتفي معه مصلحتها في تحديه، وتكون دعواها في شأنه – أيضًا - غير مقبولة. 

وحيث إنه فيما يتعلق بنص المادة (3) من القانون رقم 90 لسنة 1944 السالف الذكر، فإن نطاق الدعوى المعروضة والمصلحة فيها بالنسبة لهذا النص، في ضوء الطلبات الختامية الواردة بصحيفة الدعوى، يتحددان بما تضمنه هذا النص من الإحالة إلى فئة تحديد الرسم المبينة في المادة الأولى من القانون ذاته - التي سبق القضاء برفض الدعوى بعدم دستوريته - لفرض الرسم على استئناف الأحكام الصادرة في الدعاوى معلومة القيمة. متى كان ذلك، وكان النص المطعون عليه في حقيقته هو نص إحالة، لا يتضمن في ذاته حكمًا موضوعيًّا محددًا، مس حقًا للشركة المدعية، فإن المصلحة في الطعن عليه، على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، تكون منتفية، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها. 

وحيث إنه عن طلب الشركة المدعية سقوط المواد المرتبطة بالنصوص المطعون فيها، والمادة (1 مكررًا) من القانون رقم 7 لسنة 1985 المشار إليه، فإن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن السقوط لا يُعد طلبًا مستقلاً بعدم الدستورية، وإنما هو من قبيل التقديرات القانونية التي تملكها المحكمة الدستورية العليا، بمناسبة قضائها في الطلبات الأصلية المطروحة عليها، ويتصل بالنصوص القانونية التي ترتبط بها ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة. وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن هذا الطلب يكون حقيقًا بالالتفات عنه. 


فلهذه الأسباب 

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

القانون 2 لسنة 1997 أصلح للمتهم بالتهرب الضريبي يوجب الحكم بالبراءة

الدعوى رقم 207 لسنة 23 ق "دستورية" جلسة 7 / 11 / 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من نوفمبر سنة 2020م، الموافق الحادي والعشرين من ربيع الأول سنة 1442 ه. 

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين 

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر 

أصدرت الحكم الآتى 

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 207 لسنة 23 قضائية "دستورية". 

المقامة من 

1- أبوبكر عبدالفتاح مصطفى الشلقانى، بصفته الممثل القانونى للمؤسسة الأهلية للأعمال الهندسية وبناء السفن (الشلقانى وشركاه)، وبصفته الشخصية (أحد ورثة عبدالفتاح مصطفى الشلقانى). 

2- حسن عبدالفتاح مصطفى الشلقانى، بصفته الممثل القانونى للمؤسسة الأهلية للأعمال الهندسية وبناء السفن (الشلقانى وشركاه)، وبصفته الشخصية (أحد ورثة عبدالفتاح مصطفى الشلقانى). 

ضد 

1- رئيس جمهورية مصر العربية 

2- رئيس مجلس الوزراء 

3- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًا) 

4- وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات 

5- النائب العام 


الإجراءات 
بتاريخ السادس والعشرين من يوليو سنة 2001، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بعدم دستورية نص الفقرات الثلاث الأخيرة من المادة (3)، والمواد (1، 32/3، 43، 44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وقرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992، فيما تضمنه من إضافة عبارة "خدمات التشغيل للغير" الواردة بالكشف حرف (ب) المرافق له، وبعدم دستورية القانون رقم 2 لسنة 1997، والمادة (3) منه، واللائحة الصادرة من الإدارة العامة الفنية للبحوث الضريبية بمصلحة الضرائب على المبيعات، والمتمثلة في التعليمات رقم (3) الصادرة بتاريخ 18/4/1993. 

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أولاً: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن على التعليمات التفسيرية رقم (3) الصادرة بتاريخ 18/4/1993. ثانيًّا: أصليًّا، بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، واحتياطيًّا، برفضها. 

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم. 


المحكمة 
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعيين للمحاكمة الجنائية في الجنحة رقم 187 لسنة 1995 جنح تهرب ضريبي، لأنهما خلال الفترة من 3/5/1991 حتى 31/12/1993، بدائرة مركز إمبابة - محافظة الجيزة: بصفتيهما مكلفين خاضعين للضريبة العامة على المبيعات، تهربا من أداء الضريبة المستحقة على مبيعاتهما عن نشاطهما في تصنيع السفن والصيانة، وذلك ببيع السلعة وتقديم خدمة، دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة عليها، وانقضاء المواعيد المحددة دون السداد، وطلبت عقابهما بالمواد (1، 2، 3، 4، 5، 6، 16، 32، 43، 44/2و10) من القانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات، ولائحته التنفيذية. وأثناء نظر الدعوى بجلسة 8/5/2001، دفع المدعيان بعدم دستورية الفقرات الثلاث الأخيرة من المادة (3)، والمواد (1، 32/3، 43، 44) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه، وتعديلاته، وقرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992، والتعليمات رقم (3) الصادرة بتاريخ 18/4/1993، والقانون رقم 2 لسنة 1997. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، قررت تأجيل نظر الدعوى لجلسة 21/8/2001، لاتخاذ إجراءات رفع الدعوى الدستورية، فأقام المدعيان الدعوى المعروضة، ناعيين على النصوص المطعون عليها مخالفتها للمواد (8، 34، 35، 36، 38، 40، 61، 64، 65، 66، 67، 68/2، 70، 86، 107، 109، 110، 119، 165، 175، 187، 188) من دستور سنة 1971. 

وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن على التعليمات التفسيرية رقم (3) الصادرة بتاريخ 18/4/1993 من الإدارة العامة الفنية للبحوث الضريبية بمصلحة الضرائب على المبيعات، فمردود، بأن تلك التعليمات تضمنت تحديدًا لما يدخل في مفهوم عبارة "خدمات التشغيل للغير" المضافة إلى الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه، قرين المسلسل (11) منه، بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992، ثم بالقانون رقم 2 لسنة 1997 – بعد إلغاء قرار رئيس الجمهورية المشار إليه، بموجب نص المادة (11) من القانون الأخير – وقد ورد هذا التحديد في شكل قاعدة عامة مجردة، لا يقتصر الخطاب فيها على العاملين بمصلحة الضرائب على المبيعات، المسئولين عن تطبيق أحكام هذه الضريبة، بل يمتد نطاقها لتشمل الممولين لهذه الضريبة، التي تمس تلك القاعدة حقوقهم ومراكزهم القانونية – باستحداث أوعية جديدة تندرج في مفهوم خدمات التشغيل للغير – فإنها بذلك تُعد في حقيقتها عملاً لائحيًّا توافرت له مقومات العمل التشريعي بمعناه الموضوعي، مما ينعقد لهذه المحكمة الاختصاص بالفصل في دستوريته. 

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، وهو كذلك يقيد تدخلها في هذه الخصومة فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التى يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي. ومن ثم يتحدد مفهوم شرط المصلحة باجتماع عنصرين، أولهما: أن يقيم المدعى الدليل على أن ضررًا واقعيًّا – اقتصاديًّا أو غيره – قد لحق به، سواء أكان مهددًا بهذا الضرر، أم كان قد وقع فعلاً. ويتعين دومًا أن يكون الضرر المدعى به مباشرًا، منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنًا تصوره، ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لآثاره. ثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه، وليس ضررًا متوهمًا أو منتحلاً أو مجهلاً، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، أو كان ذلك النص قد ألغى بأثر رجعى، وبالتالي زال كل ما كان له من أثر قانوني منذ صدوره، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة؛ ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها. 

وحيث كان ما تقدم، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بحكمها الصادر بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية عبارة "خدمات التشغيل للغير" الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997، وقد نُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 16 تابع بتاريخ 19/4/2007، الأمر الذى يترتب عليه بحكم اللزوم القانوني أن التعليمات التفسيرية رقم (3) الصادرة بتاريخ 18/4/1993، من الإدارة العامة الفنية للبحوث الضريبية بمصلحة الضرائب على المبيعات، لم يعد لها محل في مجال التطبيق، لارتباطها بالنصوص المتقدمة ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة. ومن ثم تنتفي مصلحة المدعيين في الطعن على هذه التعليمات. الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى المعروضة في هذا الشق منها. 

وحيث إنه بخصوص الطعن على دستورية الفقرات الثلاث الأخيرة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وقرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992. فقد جرى نص الفقرات السالفة الذكر على أن: (الفقرة الثالثة) ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية إعفاء بعض السلع من الضريبة وتعديل سعر الضريبة على بعض السلع. (الفقرة الرابعة) كما يجوز لرئيس الجمهورية تعديل الجدولين رقمي (1) و(2) المرافقين. (الفقرة الخامسة) وفى جميع الأحوال يعرض قرار رئيس الجمهورية على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ صدوره إذا كان المجلس قائمًا وإلا ففي أول دورة لانعقاده، فإذا لم يقره المجلس زال ما كان له من أثر ويبقي نافذًا بالنسبة إلى المدة الماضية". ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، ناصًّا في المادة (11) منه، على إلغاء قرارات رئيس الجمهورية التي صدرت نفاذًا للفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (3) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه، ومن بينها قراره رقم 77 لسنة 1992، وذلك اعتبارًا من تاريخ العمل بكل منها. كما نص في المادة (12) منه على أن تلغى الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة (3) من القانون رقم 11 لسنة 1991. ونص في المادة (13) على أن " يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره "، وقد تم النشر بتاريخ 29/1/1997. 

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت مصلحة المدعيين في الدعوى المعروضة – وبقدر ارتباطها بالنزاع الموضوعي، وفى حدود التصريح الصادر عن محكمة الموضوع برفعها – إنما تتصل فقط بنصي الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، دون غيرهما. وإذ أُلغيت هاتان الفقرتان من المادة المشار إليها منذ تاريخ العمل بالقانون رقم 2 لسنة 1997، كما أُلغى ما صدر عن رئيس الجمهورية من قرارات استنادًا إليهما منذ تاريخ العمل بكل منها، وذلك كله إنفاذًا لأحكام هذا القانون، فإنه لم تعد ثمة آثار قانونية قائمة يمكن أن تكون هاتان الفقرتان من المادة (3)، أو قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 قد رتبتها خلال فترة نفاذها، بعد أن تم إلغاؤها بأثر رجعى، لتغدو مصلحة المدعيين – بذلك – في الطعن عليهما منتفية، مما لزامه القضاء – أيضًا – بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها. 

وحيث إنه بخصوص الطعن بعدم دستورية القانون رقم 2 لسنة 1997 فيما تضمنه من سريان أحكامه بأثر رجعى، فإنه ولئن كان ذلك القانون قد عمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية بالتطبيق لما نصت عليه المادة (13) منه، وقد نشر هذا القانون بتاريخ 29/1/1997، إلا أنه بالنظر لما انطوى عليه من أثر رجعى في العمل بأحكامه، فقد تمت الموافقة عليه بمجلس الشعب بما يحقق الأغلبية الخاصة المتطلبة في هذا الشأن طبقًا لما نصت عليه المادة (187) من دستور سنة 1971. وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن الأصل في أحكام القوانين هو سريانها من تاريخ العمل بها، وعدم جواز إعمال أثرها فيما وقع قبلها، ولا خروج على هذا الأصل إلا بنص خاص، وفى غير المواد الجنائية، وبموافقة أغلبية أعضاء السلطة التشريعية في مجموعهم، وذلك توقيًا لتقرير عقوبة على فعل كان مباحًا حين ارتكابه، أو تغليظها على فعل كانت عقوبته أخف. ومبدأ عدم رجعية القوانين العقابية يقيد السلطة التشريعية، إعمالاً لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وصونًا للحرية الشخصية بما يرد كل عدوان عليها. 

وحيث إن النصوص العقابية الواردة في قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وإن ظلت قائمة وسارية منذ صدوره، وحتى بعد تعديله بالقانون رقم 2 لسنة 1997، فإن تدخل المشرع بهذا القانون، وإلغاءه نص الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (3) من القانون رقم 11 لسنة 1991، وكذا قرارات رئيس الجمهورية الصادرة تطبيقًا لها، بأثر رجعى منذ تاريخ العمل بها، يجهض جميع الأفعال المكونة للركن المادي لجرائم التهرب من الضريبة التي وقعت قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 2 لسنة 1997، باعتباره قانونًا أصلح للمتهم. متى كان ذلك، وكانت الواقعة محل الاتهام الجنائي المسندة للمدعيين، تعود زمنيًّا إلى الفترة من 3/5/1991 حتى 31/12/1993، قبل العمل بالقانون رقم 2 لسنة 1997، ومن ثم لم تعد ثمة آثار قانونية يمكن أن تكون النصوص العقابية التي اشتمل عليها القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه، قد رتبتها خلال فترة العمل بأحكامه، بعد أن تم إلغاؤها بأثر رجعى. بما ينتفي معه الركن المادي لجريمة التهرب الضريبي – تبعًا للقيد والوصف المقدم به المدعيان من النيابة العامة في الجنحة المشار إليها – ويؤدي بالضرورة إلى تبرئة ساحتهما، باعتبار أن القانون رقم 2 لسنة 1997 في هذا الشأن يعتبر قانونًا أصلح للمتهم، ومن ثم تغدو المصلحة في الطعن على الأثر الرجعى لهذا القانون منتفية. الأمر الذى يتعين معه – أيضًا - عدم قبول الدعوى المعروضة في هذا الشق منها. 

وحيث إنه بشأن الطعن بعدم دستورية المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه – التي جرى نصها على أنه "اعتبارًا من 5/3/1992، 

أولاً: .... ثانيًا: تعدل فئة الضريبة الواردة قرين المسلسل رقم (3) من الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه، لتكون 10%، وتضاف إلى هذا الجدول الخدمات الواردة بالجدول (ه) المرفق بهذا القانون". وقد ورد بالمسلسل رقم (11) من الجدول الآنف الذكر، تحت عبارة نوع الخدمة: "خدمات التشغيل للغير"، ووحدة تحصيلها قيمة الخدمة، وفئة الضريبة المستحقة عليها (10%) - فإن مصلحة المدعيَيْنِ في هذا الشأن، وبقدر ارتباطها بالنزاع الموضوعي، تنحصر في عجز البند (ثانيًا) من المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997، فيما تضمنه من إضافة عبارة "خدمات التشغيل للغير" إلى الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991، قرين المسلسل رقم (11)، وذلك اعتبارًا من 5/3/1992، وفقًا لما ورد بصدر نص تلك المادة. وقد سبق للمحكمة الدستورية العليا، الفصل في تلك المسألة الدستورية، بحكمها الصادر بجلسة 15 أبريل سنة 2007، في الدعوى الدستورية رقم 232 لسنة 26 القضائية، بعدم دستورية عبارة "خدمات التشغيل للغير"، الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997. وتم نشر هذا الحكم في العدد رقم 16 (تابع) من الجريدة الرسمية بتاريخ 19/4/2007. 

وحيث إنه بخصوص الطعن بعدم دستورية نصي المادتين (1) و(32/3) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه، بشأن الضريبة الإضافية، فقد سبق لهذه المحكمة أن حسمت المسألة الدستورية المثارة بشأنهما، بحكمها الصادر بجلسة 31/7/2005، في الدعوى رقم 90 لسنة 21 قضائية "دستورية"، الذي قضى برفض الدعوى. وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (34 تابع) بتاريخ 25/8/2005. 

وحيث إنه بشأن الطعن بعدم دستورية المادة (43) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه، وتعديلاته – في ضوء مناعي المدعيين – الجاري نص فقرتها الأولى على أنه "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر، يعاقب على التهرب الضريبي بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة". فقد سبق لهذه المحكمة أن حسمت المسألة الدستورية المثارة بشأنها، بحكمها الصادر بجلسة 4/11/2007، في الدعوى رقم 9 لسنة 28 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 فيما تضمنه من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة. وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (45 مكرر) بتاريخ 13/11/2007. 





وحيث إنه عن الطعن على دستورية المادة (44) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه، وتعديلاته، التي جرى نصها على أن "يعد تهربًا من الضريبة يعاقب عليه بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة: 1 -....... 

...... 2 – بيع السلع أو استيرادها أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة ......10- انقضاء ستين يومًا على انتهاء المواعيد المحددة لسداد الضريبة دون الإقرار عنها وسدادها". فإن نطاق الدعوى المعروضة بشأن هذا النص – في ضوء طلبات المدعيين، ومناعيهما – يقتصر على البند (2) من المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 وتعديلاته، دون البند (10) منها. وقد سبق لهذه المحكمة أن حسمت تلك المسألة الدستورية، بحكمها الصادر بجلسة 5/5/2018، في الدعوى رقم 24 لسنة 29 قضائية "دستورية"، الذي قضى برفض الدعوى، وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 19 مكرر (ب) بتاريخ 13/5/2018. 





وحيث كان ما تقدم، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن مقتضى نص المادة (195) من الدستور القائم، ونصى المادتين (48، 49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضائها في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الدستورية المعروضة، في شأن الطعن على دستورية المواد (1، 32/3، 44 – بند 2) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه؛ تكون غير مقبولة، لسابقة الحكم برفض الدعاوى المقامة طعنًا على دستوريتها. وفى خصوص الطعن على دستورية البند (ثانيًا) من المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه، والمادة (43/1) من القانون رقم 11 لسنة 1991 السالف الذكر، فإن الخصومة بشأنها تكون منتهية، لسابقة الحكم بعدم دستوريتهما، وذلك كله على ما سلف بيانه. 



فلهذه الأسباب 

حكمت المحكمة: بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعيين المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.