جلسة 21 من نوفمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/
محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد
وأحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عماره.
---------------
(169)
الطعن رقم 10023 لسنة 60
القضائية
(1)محكمة
الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات
"بوجه عام". ضرب "أفضى إلى موت".
استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى من سائر العناصر المطروحة على بساط البحث. موضوعي.
(2)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تناقض الشهود أو تضاربهم
في أقوالهم أو تناقض رواياتهم. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة من تلك
الأقوال بما لا تناقض فيه.
(3)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات
"شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في
تقدير الأدلة والأخذ بما ترتاح إليه منها والتعويل في قضائها على قول الشاهد في أي
مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت قولاً آخر له أو لشاهد آخر. دون بيان العلة. أساس
ذلك؟
(4)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". قصد جنائي. سبق إصرار. ظروف مشددة.
لا تلازم بين قيام القصد
الجنائي في القتل أو انتفائه وبين سبق الإصرار.
العبرة في عقيدة المحكمة
والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
مثال:
(5)سبق إصرار. ظروف مشددة. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
توافر ظرف سبق الإصرار.
يرتب في صحيح القانون مسئولية الطاعن والمحكوم عليه الآخر عن وفاة المجني عليه
بغير تعيين من منهما المحدث للإصابة التي أدت إلى الوفاة.
النعي على الحكم بعدم
استظهاره وجود اتفاق بين الطاعن والمحكوم عليه الآخر. غير مجد.
-----------------
1 - من حق محكمة الموضوع
أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في
الأوراق.
2 - من المقرر أن تناقض
الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو
يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا
تناقض فيه.
3 - من المقرر أن لمحكمة
الموضوع سلطة تقدير الأدلة والأخذ بما ترتاح إليه منها والتعويل في قضائها على قول
الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت قولاً آخر له أو لشاهد آخر دون بيان
العلة إذ يرجع الأمر في ذلك كله إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه وأن
الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات ومن ثم فإنه لا يكن
ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في
تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب
أقوالهم، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
4 - من المقرر أنه لا
تلازم بين قيام القصد الجنائي في القتل أو انتفائه وسبق الإصرار فلكل مقوماته
وكانت عقيدة المحكمة تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني وكان ما
قصد إليه الحكم من عبارة "أن المحكمة لا تساير النيابة العامة فيما ذهبت إليه
من أن المتهم قتل المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار ذلك أن الأوراق جاءت خلواً من
دليل على توافر نية القتل العمد مع سبق الإصرار" إنما قصد به القول بانتفاء
نية القتل دون القول بانتفاء سبق الإصرار ذلك أن ما أورده الحكم من أن الطاعن ضرب
المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار ومعاقبته بالمادة 236 من قانون العقوبات
بفقرتيها الأولى والثانية واضح الدلالة - دون ما تناقض - على مؤاخذة الطاعن على
أساس توافر هذا الظرف.
5 - لما كان توافر سبق
الإصرار يرتب في صحيح القانون مسئولية الطاعن - والمحكوم عليه الآخر - عن وفاة
المجني عليه بغير تعيين من منهما المحدث للإصابة التي أدت إلى الوفاة ومن ثم فإن
ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد بدعوى عدم استظهار الحكم وجود اتفاق
بين الطاعن والمتهم الآخر يكون عديم الجدوى.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه - وآخر حكم عليه – في يوم 15 من سبتمبر سنة 1981: قتلا........ عمداً
مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم على قتله وأعدا لذلك آلتين حادتين "مطواة
وقطعة من الحديد" وتنفيذاً لهذا الغرض قصداً إليه بمسكنه وما أن ظفرا به
خارجه حتى انهالا عليه طعناً وضرباً قاصدين قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة
بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة
لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً
عملاً بالمادة 236/ 1 - 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة
خمس سنوات عما أسند إليه باعتبار أن الجريمة هي ضرب أفضى إلى الموت.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض....... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه الفساد في
الاستدلال والقصور والتناقض في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه اعتنق
صورة لواقعة الدعوى لا تتفق والأدلة القائمة فيها، وعول في ذلك على أقوال شاهدي الإثبات
رغم اختلافهما في تصويرها، وعدولهما في تحقيقات النيابة عن أقوالهما أمام الشرطة،
كما أن الحكم بعد أن نفى عن الطاعن توافر نية القتل مع سبق الإصرار عاد وأورد أنه
عقد العزم على ضرب المجني عليه، وساءله عن وفاته دون أن يستظهر وجود اتفاق بينه
وبين المتهم الآخر خاصة وأن تقرير الصفة التشريحية خلا من الإصابة التي نسب الشهود
إلى الطاعن إحداثها برأس المجني عليه وأن وفاته حدثت من إصابة الصدر التي أحدثها
المتهم الآخر، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "أنه وبتاريخ 15/ 9/ 1981 الساعة الثانية عشرة
ظهراً توجه المتهم....... وآخر (محكوم عليه) إلى حيث مسكن المجني عليه...... شقيق
المجني عليه وسألاه عن المجني عليه فأفادهما بعدم تواجده وانصرف المتهم وذلك
الآخر، وبعد نصف ساعة وحال تواجد المجني عليه بمسكنه رفق......، وفي حضور.....،
فوجئ بحضور المتهم وذلك الآخر وبادر المتهم بالاعتداء عليه بآلة حادة على رأسه
وواصل اعتداءه، والآخر المحكوم عليه على المجني عليه وأحدث به الإصابات التي أودت
بحياته ولاذ بالفرار وعقب الحادث أبلغ شقيق المجني عليه....... بالواقعة وثبت من
تقرير الصفة التشريحية الخاصة بالمجني عليه أنه حدث به عدة إصابات طعنية وقطعية
وأن الوفاة حدثت من الإصابة الطعنية بمقدم الصدر وثبت من تحريات المباحث ارتكاب
المتهم وآخر للحادث"، وقد أورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة - في
حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وتحريات
المباحث، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك،
وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة
أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن
تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في
العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من
المقرر أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم - بفرض حصوله -
لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم
استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، كما أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة والأخذ
بما ترتاح إليه منها والتعويل في قضائها على قول الشاهد في أي مرحلة من مراحل
الدعوى ولو خالفت قولاً آخر له أو لشاهد آخر دون بيان العلة إذ يرجع الأمر في ذلك
كله إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما
نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات ومن ثم فإنه لا يكن ثمة محل لتعييب الحكم في
صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة
على أقوال شهود الإثبات بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم ومن ثم يكون منعى
الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا تلازم بين قيام
القصد الجنائي في القتل أو انتفائه وسبق الإصرار فلكل مقوماته وكانت عقيدة المحكمة
تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني وكان ما قصد إليه الحكم من
عبارة "أن المحكمة لا تساير النيابة العامة فيما ذهبت إليه من أن المتهم قتل
المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار ذلك أن الأوراق جاءت خلواً من دليل على توافر
نية القتل العمد مع سبق الإصرار" إنما قصد به القول بانتفاء نية القتل دون
القول بانتفاء سبق الإصرار ذلك أن ما أورده الحكم من أن الطاعن ضرب المجني عليه
عمداً مع سبق الإصرار ومعاقبته بالمادة 236 من قانون العقوبات بفقرتيها الأولى
والثانية واضح الدلالة دون ما تناقض - على مؤاخذة الطاعن على أساس توافر هذا
الظرف. لما كان ذلك وكان توافر سبق الإصرار يرتب في صحيح القانون مسئولية الطاعن -
والمحكوم عليه الآخر - عن وفاة المجني عليه بغير تعيين من منهما المحدث للإصابة
التي أدت إلى الوفاة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد
بدعوى عدم استظهار الحكم وجود اتفاق بين الطاعن والمتهم الآخر يكون عديم الجدوى.
لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.