الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 16 يناير 2019

الطعن 2171 لسنة 38 ق جلسة 3 / 2 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 46 ص 212


برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.
------------
- 1  وصف التهمة. إجراءات المحاكمة. محكمة الموضوع. "سلطتها في تعديل التهمة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". رشوة. اختلاس أموال أميرية.
نطاق حق محكمة الموضوع في تكييف الواقعة وإسباغ الوصف القانوني عليها؟
جرى قضاء محكمة النقض في تفسير نص المادتين 307، 308 من قانون الإجراءات الجنائية على أن محكمة الموضوع مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ولها كذلك تعديل التهمة بتحوير كيانها المادي ولو بإضافة الظروف المشددة التي قد يكون من شأنها تغيير نوع الجريمة وتغليظ العقوبة ما دامت الواقعة التي رفعت بها الدعوى الجنائية لم تتغير. وليس عليها في ذلك إلا مراعاة ما تقضي به المادة 308 من ضرورة تنبيه المتهم ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك منعاً للافتئات على الضمانات القانونية التي تكفل لكل منهم حقه في الدفاع عن نفسه دفاعاً كاملاً حقيقياً لا مبتوراً ولا شكلياً أمام سلطة القضاء في التهمة بعد أن يكون قد أحيط بها علماً وصار على بينة من أمره فيها، دون أن يفاجأ بتعديلها من غير أن تتاح له فرصة ترتيب دفاعه على أساس ما تجريه المحكمة من تعديل. والأصل المتقدم من كليات القانون المبينة على تحديد نطاق اتصال المحكمة بالواقعة المطروحة والمتهم المعين بورقة التكليف بالحضور أو بأمر الإحالة وعلى الفصل بين جهة التحقيق وقضاء الحكم ويفسره أن سلطة التحقيق لا تقضي في مسئولية المتهم فلا يتصور أن تستبد بالتكييف النهائي لجريمته، بل إن هذا التكييف مؤقت بطبيعته، وأن قضاء الحكم بما يتوافر لديه من العلانية وشفوية المرافعة وسواهما من الضمانات التي لا تتوافر في مرحلة التحقيق أولى بأن تكون كلمته هي العليا في شأن التهمة وتكييفها سواء مما استمده من التحقيقات التي أجريت في مجموع الواقعة بعناصرها المكونة لها أو مما يكشف عنه التحقيق الذي يجريه بجلسة المحاكمة. فإذا كانت الدعوى قد رفعت على الطاعنين الموظفين بمصلحة الضرائب بتهمة الارتشاء اعتبارا بأنهما أخذا أربعمائة جنيه من المشتري للسيارة المحجوز عليها لتسهيل بيعها له بأقل من ثمنها فتبينت المحكمة من الشواهد والأدلة المطروحة على بساط البحث في الجلسة أنهما استوليا على هذا المبلغ بعينه اختلاسا من ثمن السيارة فهذا من حقها في فهم الواقع في الدعوى وتحري حكم القانون فيه، ولا معقب عليها فيما ارتأت ما دامت قد أقامت قضاءها على ما يسوغه، ولا يعتبر ما أجرته المحكمة تغييراً في الواقعة بل تعديلاً في التهمة بردها إلى الوصف الصحيح المنطبق عليها. ولما كانت المحكمة قد نبهت الطاعنين إلى هذا التعديل فترافعا بلسان محاميهما على أساسه دون اعتراض منهما أو طلب للتأجيل، فإنها لا تكون قد أخلت بحقهما في الدفاع.
- 2 ضرائب. حجز. "حجز إداري".
لمصلحة الضرائب حق تحصيل الضرائب والمبالغ المستحقة لها بطريق الحجز الإداري.
لمصلحة الضرائب بموجب القوانين الضرائبية ومنها القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض الضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل - حق تحصيل الضرائب والمبالغ المستحقة لها بطريق الحجز الإداري طبقاً للقانون 308 لسنة 1955 والقرار رقم 143 لسنة 1955 الصادر من وزير المالية تنفيذاً له، وجعلت اللائحة التنفيذية للقانون رقم 14 لسنة 1939 سالف الذكر في المادة 49 منها لمأمور الضرائب المختص حق اقتضاء الضريبة من الممول نظير إيصال.
 3، 4 - اختلاس أموال أميرية. جريمة. "أركانها".
أركان جريمة المادة 112 عقوبات؟
3 - متى كان الثابت أن قيام مأمور الضرائب ومندوب الحجز بإيقاع الحجز على سيارة الممول وإنفاذ البيع وتحصيل ثمن المبيع إنما حصل على مقتضى الحق المخول لمصلحة الضرائب بمقتضى القانون. فإن تسلم الطاعنين الأول بصفته مأمور الضرائب والثاني بصفته مندوب الحجز حصيلة بيع السيارة المحجوزة إنما يحصل طبقاً لاختصاصهما الوظيفي وبسبب الوظيفة، فإذا قبضا لنفسيهما جزءاً من ثمنها بنية إضاعته على مالكه أياً كان، فإنهما يكونان قد ارتكبا جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112/1، 2 من قانون العقوبات. ولا يؤثر في ذلك أن يكون المال المختلس مالاً خاصاً ما دام لم يسلم إليهما إلا على مقتضى الوظيفة.
- 4   جرى قضاء محكمة النقض على أنه لا يلزم لتجريم الاختلاس في حكم المادة 112 من قانون العقوبات سوى وجود الشيء تحت يد الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادة 111 من القانون المذكور، يستوي في ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أن يوجد بين يديه بسبب وظيفته، كما يستوي أن يكون الشيء المختلس مالاً عاماً مملوكاً للدولة، أو مالاً خاصاً مملوكاً لأحد الأفراد لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته.
- 5  فاعل أصلي. شريك. اختلاس أموال أميرية. تزوير. "تزوير الأوراق الرسمية". استعمال المحرر المزور.
الفاعل الأصلي في الجريمة؟
إذ نصت المادة 39 من قانون العقوبات على أنه يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها، فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها، فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما ولو لم يبلغ حد الشروع يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده، بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجد لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة، بحيث يكون كل منهم قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعينة. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن كلاً من الطاعنين له شأن في إيقاع بيع السيارة المحجوز عليها وتحصيل ثمنها وتحرير الأوراق المثبتة للمزايدة وأنهما تلاقيا معاً في زمان معين ومكان معين وقاما بإجراء مزايدة وهمية حرر ثانيهما الأوراق الخاصة بها وحصل أولهما حصيلة البيع نتيجة تواطؤ وتدبير بينهما فتقاسما أفعال الجرائم المسندة إليهما وأسهم كل منهما بدور فيها، فإن ذلك حسب الحكم لاعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً في جرائم الاختلاس والتزوير والاستعمال التي دانهما بها.
- 6  نقض. "المصلحة في الطعن". فاعل أصلي. شريك. عقوبة. "العقوبة المبررة". اختلاس أموال أميرية. تزوير.
ثبوت اشتراك الطاعن في جرائم الاختلاس والتزوير والاستعمال. لا مصلحة له في المجادلة في معاقبته على أساس أنه فاعل أصلي.
إنه بفرض أن الطاعن الثاني هو وحده المختص بكل العمل وأنه هو وحده الفاعل الأصلي في جرائم الاختلاس والتزوير والاستعمال، فإن الطاعن الأول يعد حتماً شريكاً فيها فلا مصلحة لأيهما من وراء ما أثاره في شأن اختصاصه بتحرير المحررين المزورين لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها العقوبة المقررة للشريك طبقاً للمادة 41 من قانون العقوبات.
 7  ، 8 - تزوير. "تزوير المحرر الرسمي".
متى يعتبر المحرر رسميا؟ اختصاص الموظف بتحرير الورقة الرسمية؟
7 - يعتبر المحرر رسمياً في حكم المادتين 211، 213 من قانون العقوبات متى صدر أو كان في الإمكان صدوره من موظف عام مختص بتحريره بمقتضى وظيفته أو التداخل في هذا التحرير.
- 8   لا يستمد الموظف اختصاصه بتحرير الورقة الرسمية من القوانين واللوائح فحسب، بل يستمده كذلك من أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به تكليفاً صحيحاً، كما يستمد المحرر رسميته من ظروف إنشائه أو من جهة مصدره أو بالنظر إلى البيانات التي تدرج به، ولزوم تدخل الموظف لإثباتها أو لإقرارها.
- 9  إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاعتراف في المسائل الجنائية. تقديره موضوعي.
من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه.
- 10 محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "إثبات بوجه عام". جريمة. "إثباتها".
حق محكمة الموضوع في التدليل على ثبوت الجريمة.
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تدلل على ثبوت الجريمة المسندة إلى المتهم بسوابقها ولواحقها من القرائن والأمارات التي تشهد لقيامها وإسنادها إلى المتهم الذي تحاكمه. ولا تصح المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
- 11  نقض. "المصلحة في الطعن". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
إطراح المحكمة التحقيق الذي أجرته الرقابة الإدارية وأخذها بالتحقيق الذي أجرته النيابة العامة. النعي على التحقيق الأول بالبطلان لا محل له.
متى كانت محكمة الموضوع قد أطرحت التحقيقات التي أجرتها الرقابة الإدارية جملة وأخذت بالتحقيق الذي أجرته النيابة العامة باعتباره إجراء مستقلاً عن ذلك الاستدلال الذي أبطلته، فإن النعي ببطلان هذا الاستدلال يكون ضرباً في غير مضرب وطعناً وارداً على غير محل.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين - مع آخرين قضي ببراءتهم أنهم في يوم ... بدائرة قسم العطارين (أولا) -بصفتهما موظفين عموميين (الأول مساعد مأمور ضرائب والثاني مندوب حجز بمأمورية ضرائب العطارين) أخذا عطية للإخلال بواجبات وظيفتهما بأن أخذا من المتهمين الثالث والرابع والحادي عشر مبلغ 400 جنيه أربعمائة جنيه علي سبيل الرشوة مقابل تمكينهم من شراء سيارة محجوز عليها لصالح مصلحة الضرائب بسعر يقل كثيرا عن سعرها الحقيقي في السوق ودون إتباع الإجراءات الرسمية المقررة بشأن المزايدة في بيعها (ثانيا) بصفتهما سالفة الذكر ارتكبا تزويرا في محررين رسميين هما محضر بيع سيارة الممول ....... المحجوز عليها إداريا لصالح مصلحة الضرائب استمارة رقم (5 حجز) وكشف المتزايدين في بيع السيارة المرفق بالمحضر والمؤرخين 28/11/1964 حال تحريرهما المختصين بوظيفتهما وذلك بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرهما بأن عمدا بالتواطؤ مع باقي المتهمين إلى إثبات بيانات غير صحيحة في محضر البيع وكشف المتزايدين المرفق به مفادها إجراء مزايدة غير حقيقية بشأن بيع هذه السيارة انتهت بما يفيد رسو مزاد بيعها علي المتهم الثالث بقصد تمكينه والمتهمين الرابع والحادي عشر من الحصول عليها بسعر يقل كثيرا عن سعرها الحقيقي في السوق ولتفادي اشتراكهم في مزاد فعلي ببيعها وذلك مقابل حصولهما علي الرشوة موضوع التهمة الأولى (ثالثا) استعملا المحررين الرسميين سالفي الذكر مع علمهما بتزويرهما بأن قدماهما إلى مأمورية ضرائب العطارين لإرفاقهما بملف الممول المذكور لإثبات مضمونهما وما يفيد سداد هذا الممول المبالغ المستحقة عليه. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 103 و104 و110 و111 و213 و214 من قانون العقوبات. فقرر ذلك، ومحكمة جنايات الإسكندرية انتهت إلى إدانة الطاعنين بوصف أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر (أولا) ارتكبا تزويرا في محررين رسميين هما محضر بيع سيارة الممول ....... المحجوز عليها إداريا لصالح مصلحة الضرائب "ضريبة مهن حرة الاستمارة رقم 5" وكشف المزايدين في بيع هذه السيارة المرفق والمؤرخين 28/11/1964 حال تحريرهما المختص بوظيفة الأول بوصفه مساعد مأمور ضرائب والثاني بوصفه مندوب حجز بمأمورية ضرائب العطارين وذلك بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرهما بأن قاما بإثبات بيانات غير صحيحة وتخالف الحقيقة في محضر البيع وكشف المزايدين مفادها إجراء مزايدة غير حقيقية بشأن بيع هذه السيارة وذلك في البيانات الخاصة بمكان انعقاد المزايدة وأسماء المزايدين والمبالغ المدفوعة تأمينا والأسعار التي عرضها المزايدون الصوريون والثمن الذي رسى به المزاد وقدره 300 جنيه واسم الراسي عليه المزاد وجميعها صورية وعلي خلاف الحقيقة (ثانيا) استعملا هذين المحررين الرسميين سالفي الذكر مع علمهما بتزويرهما بأن قدماهما وأرفقاهما بملف الممول المذكور وما يفيد إتمام عملية المزايدة الصورية ورسو مزاد السيارة وأنها بيعت بمبلغ 300 جنيه (ثالثا) اختلسا مبلغ 400 جنيه وهو الباقي من المبلغ الحقيقي المدفوع ثمنا لسيارة الممول آنف الذكر وقدره 700 جنيه والذي كانا قد أثبتاه علي خلاف الحقيقة في محضر المزايدة وكشف المزايدين الصوريين أنها بيعت بمبلغ 300 جنيه وكان استلامهما لهذا المبلغ بسبب وظيفتهما الأول مساعد مأمور ضرائب والثاني مندوب حجز وهما من الأمناء علي الودائع ثم قضت حضوريا بتاريخ 14/4/1968 عملا بالمواد 111/1 و112/1-2 و118 و119 و213 و214 و17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الطاعنين بالسجن لمدة ثلاث سنوات والعزل وغرامة 500 جنيه خمسمائة جنيها وإلزامهما برد مبلغ 270 جنيها وذلك عن التهم المسندة إليهما. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجرائم الاختلاس والتزوير في محررين رسميين واستعمالهما قد أخطأ في تطبيق القانون, وشابه القصور في التسبيب وانطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة عدلت الواقعة المرفوعة بها الدعوى في خصوص المبلغ المنسوب إليهما اقتضاؤه من رشوة إلى اختلاس، وهو ما لا يصح في القانون إجراؤه ولو برضاء المتهمين، واعتبرت المزايدة الأولى دليلاً في إثبات التزوير والاختلاس، واعتمدت شهادة الشهود عليها مع أنه لا صلة لها بالتهم المطروحة ومتى كان ثمن السيارة الذي دفع وهو ثلاثمائة جنيه يزيد على مطلوب مصلحة الضرائب التي استوفت الضريبة المستحقة لها، فإن الطاعنين يتجردان من صفتهما الوظيفية بالنسبة إلى المبلغ الباقي المدفوع إليهما ويكون هذا المال مالاً خاصاً مملوكاً لصاحب السيارة والجريمة نصباً لا اختلاساً أو ارتشاء، كما أن السيارة المحجوز عليها كانت في حراسة آخر هو الحائز الفعلي والقانوني لها بصفته حارساً سواء بقيت بحالتها أو استحالت إلى مبلغ نقدي يمثل ثمنها. ولما كان يشترط لتطبيق المادة 112/1 - 2 من قانون العقوبات أن يكون المال مسلماً إلى الموظف العام أو من في حكمه بسبب وظيفته وكان هذا الركن متخلفاً كان الاختلاس ممتنعاً، ولم يناقش الحكم اختصاص كل من الطاعنين بتحرير المحررين المدعى بتزويرهما مع اختلافه في هذا الخصوص ولم يبين وجه اختصاص الطاعن الأول بالذات في تحريرهما، ولم يرد على ما دفعا به من أن ما أجري في المحررين من تغيير يعد عملاً خارجاً عن النطاق الوظيفي لأي منهما وقد دفع الطاعنان ببطلان التحقيق الذي أجرته الرقابة الإدارية، وببطلان الاعتراف المسند إلى الطاعن الثاني أمامها لصدوره تحت تأثير الوعد والوعيد، وكذلك ببطلان اعترافه أمام النيابة العامة باعتباره امتداداً للاعتراف الحاصل أمام الرقابة الإدارية، إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفع رداً مبتسراً صحيح به اعتراف الطاعن المذكور أمام النيابة العامة مع أنه مطعون عليه كذلك، وأخذه باعترافه أنه اختلس خمسين جنيهاً ثم دانه على أنه اختلس مع زميله أربعمائة جنيه، وهو تناقض ظاهر كل أولئك يعيب الحكم بما يوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بياناً لواقعة الدعوى ما محصله أن الطاعن الأول مأمور ضرائب يقوم بوظيفة مأمور الحجز وعمله المنوط به هو الاشتراك مع المندوبين في توقيع الحجز وتنفيذ البيوع العامة طبقاً لما يوجبه الحجز الإداري من ضرورة توقيع مأمور الحجز ومندوبه على محضر البيع وكشف المزاد يعتبر جزءاً منه وذلك اعتباراً بأن مأمور الحجز هو الممثل القانوني لمصلحة الضرائب، وأن الطاعن الثاني مندوب الحجز، وله بهذه المثابة القيام بإجراءات بيع المحجوزات لصالح مصلحة الضرائب ويجوز له الانفراد بإجراءات البيع وإرساء المزاد وعليه أن يحبط مأمور الحجز علماً بالحجز الذي ينفرد فيه والرجوع إليه عند الضرورة - وأن مأمورية ضرائب العطارين أوقعت الحجز التحفظي على سيارة ملاكي رقم 8713 إسكندرية مملوكة لمن يدعى "...." المحاسب القانوني نظير مبلغ 234ج و205م سدد منه بعض الأقساط فأصبح الباقي في ذمته من الضريبة 172ج و984م وتحدد للبيع يوم 28/11/1964 بجراج شخص يدعى "...." حيث كانت تودع السيارة وفي اليوم المحدد توجه الطاعنان لإجراء البيع، وتجمع بعض الأشخاص وفتحت المزايدة، فبلغ أقصى ثمن للسيارة تسعمائة جنيه، ولكن مأمور الضرائب الطاعن الأول أبلغ المتزايدين بتأجيل المزايدة بدعوى أنه يريد ألفاً من الجنيهات ثمناً للسيارة، وانتقلا إلى محل "...." وثمت دونا في محضر بيع السيارة وهو الاستمارة رقم 5 حجز وفي كشف المزايدين وهما من الأوراق الرسمية التي يختص المتهمان بتحريرهما - بحكم وظيفتهما - بيانات غير صحيحة بأن أثبتا أن إجراءات المزايدة فتحت في جراج... بناحية الأزاريطة، وفي حضور أشخاص آخرين غير المتزايدين في الجراج دفع كل منهم خمسين جنيهاً تأميناً، وأن المزايدة وصلت إلى ثلاثمائة جنيه وأن المزاد رسا على شخص معين هو .... اتخذت معه إجراءات رسو المزاد، وقام بدفع المبلغ وحصل على الإيصال المتضمن أداءه في حين أن حقيقة المبلغ الذي دفع ثمناً للسيارة هو سبعمائة جنيه ورداً منه في خزينة مصلحة الضرائب ثلاثمائة واختلسا الباقي ومقداره أربعمائة جنيه وقد وقع التزوير في أشخاص المتزايدين، ومبلغ التأمين والثمن الحقيقي لبيع السيارة، وأودع المحرران المزوران ملف الممول إثباتاً لما ذكر، ودلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة ومنها اعتراف الطاعن الثاني في تحقيق النيابة اعترافاً صحيحاً صادقاً، فضلاً عن شهادة الشهود والاطلاع على الأوراق الواردة في المساق المتقدم، وهو ما تتوافر به العناصر القانونية كافة للجرائم التي دين بها الطاعنان من الاختلاس والتزوير والاستعمال. ولما كانت المادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "لا تجوز معاقبة المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة وطلب التكليف بالحضور كما لا يجوز الحكم على غير المتهم المقامة عليه الدعوى ونصت المادة 308/1 - 3 على أن "للمحكمة أن تغير في حكمها الوصف القانوني للفعل المسند للمتهم، ولها تعديل التهمة بإضافة الظروف المشددة التي تثبت من التحقيق أو من المرافعة في الجلسة ولو كانت لم تذكر بأمر الإحالة أو بالتكليف بالحضور وعلى المحكمة أن تنبه المتهم إلى هذا التغيير وأن تمنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء على الوصف أو التعديل الجديد إذا طلب ذلك" وقد جرى قضاء هذه المحكمة في تفسير النصين على أن محكمة الموضوع مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ولها كذلك تعديل التهمة بتحوير كيانها المادي ولو بإضافة الظروف المشددة التي قد يكون من شأنها تغيير نوع الجريمة وتغليظ العقوبة ما دامت الواقعة التي رفعت بها الدعوى الجنائية هي لم تتغير. وليس عليها في ذلك إلا مراعاة ما تقضي به المادة 308 من ضرورة تنبيه المتهم ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك، منعاً للافتئات على الضمانات القانونية التي تكفل لكل منهم حقه في الدفاع عن نفسه دفاعاً كاملاً حقيقياً لا مبتوراً ولا شكلياً أمام سلطة القضاء في التهمة بعد أن يكون قد أحيط بها علماً وصار على بينة من أمره فيها، دون أن يفاجأ بتعديلها من غير أن تتاح له فرصة ترتيب دفاعه على أساس ما تجريه المحكمة من تعديل. والأصل المتقدم من كليات القانون المبنية على تحديد نطاق اتصال المحكمة بالواقعة المطروحة والمتهم المعين بورقة التكليف بالحضور أو بأمر الإحالة وعلى الفصل بين جهة التحقيق وقضاء الحكم ويفسره أن سلطة التحقيق لا تقضي في مسئولية المتهم فلا يتصور أن تستبد بالتكييف النهائي لجريمة، بل إن هذا التكييف مؤقت بطبيعته، وأن قضاء الحكم بما يتوافر لديه من العلانية وشفوية المرافعة وسواهما من الضمانات التي لا تتوافر في مرحلة التحقيق أولى بأن تكون كلمته هي العليا في شأن التهمة وتكييفها سواء مما يستمده من التحقيقات التي أجريت في مجموع الواقعة بعناصرها المكونة لها أو مما يكشف عنه التحقيق الذي يجريه بجلسة المحاكمة. فإذا كانت الدعوى قد رفعت على الطاعنين الموظفين بمصلحة الضرائب بتهمة الارتشاء اعتباراً بأنهما أخذا أربعمائة جنيه من المشتري لتسهيل بيعها له بأقل من ثمنها فتبينت المحكمة من الشواهد والأدلة المطروحة على بساط البحث في الجلسة أنهما استوليا على هذا المبلغ بعينه اختلاساً من ثمن السيارة فهذا من حقها في فهم الواقع في الدعوى, وتحري حكم القانون فيه، ولا معقب عليها فيما ارتأت ما دامت قد أقامت قضاءها على ما يسوغه، ولا يعتبر ما أجرته المحكمة تغييراً في الواقعة بل تعديلاً في التهمة بردها إلى الوصف الصحيح المنطبق عليها. ولما كانت المحكمة قد نبهت الطاعنين إلى هذا التعديل فترافعا بلسان محاميهما على أساسه دون اعتراض منهما أو طلب للتأجيل، فإنها لا تكون قد أخلت بحقهما في الدفاع. ولما كان لمصلحة الضرائب بموجب القوانين الضرائبية ومنها القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض الضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل والذي حصلت الضريبة على أساسه حق تحصيل الضرائب والمبالغ المستحقة لها بطريق الحجز الإداري طبقاً للقانون رقم 308 لسنة 1955 والقرار رقم 143 لسنة 1955 الصادر من وزير المالية تنفيذاً له، وجعلت اللائحة التنفيذية للقانون رقم 14 لسنة 1939 سالف الذكر في المادة 49 منها لمأمور الضرائب المختص حق اقتضاء الضريبة من الممول نظير إيصال، ومن ذلك فإنه يتضح أن قيام مأمور الضرائب ومندوب الحجز بإيقاع الحجز وإنفاذ البيع وتحصيل ثمن المبيع، إنما يحصل على مقتضى الحق المخول لمصلحة الضرائب بمقتضى القانون، وإذن فتسلم الطاعنين الأول بصفته مأمور الضرائب والثاني بصفته مندوب الحجز حصيلة بيع السيارات المحجوزة إنما يحصل طبقاً لاختصاصهما الوظيفي، وبسبب الوظيفة، فإذا اقتطعا لنفسهما جزءاً من ثمنها بنية إضاعته على مالكه أياً كان، فإنهما يكونا قد ارتكبا جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112/1 - 2 من قانون العقوبات ولا يؤثر في ذلك أن يكون المال المختلس مالاً خاصاً ما دام لم يسلم إليهما إلا على مقتضى الوظيفة. فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه لا يلزم لتجريم الاختلاس في حكم المادة 112 من قانون العقوبات سوى وجود الشيء تحت يد الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادة 111، يستوي في ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً أو يوجد بين يديه بسبب وظيفته، كما يستوي أن يكون الشيء المختلس مالاً عاماً مملوكاً للدولة، أو مالاً خاصاً مملوكاً لأحد الأفراد لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته ولما كانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على "أنه يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها، فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما ولو لم يبلغ حد الشروع, يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده، بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها، متى وجد لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة، بحيث يكون كل منهم قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعنية. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن كلا من الطاعنين له شأن في إيقاع البيع وتحصيل الثمن وتحرير الأوراق المثبتة للمزايدة وأنهما تلاقيا معاً في زمان معين ومكان معين وقاما معاً بإجراء مزايدة وهمية حرر ثانيهما الأوراق الخاصة بها وحصل أولهما حصيلة البيع نتيجة تواطؤ وتدبير بينهما فتقاسما أفعال الجرائم المسندة إليهما وأسهم كل منهما بدور فيها، فإن ذلك حسب الحكم لاعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً في جرائم الاختلاس والتزوير والاستعمال التي دانهما بها، وبفرض أن الطاعن الثاني هو وحده المختص بكل العمل وأنه هو وحده الفاعل الأصلي في الجرائم المذكورة فإن الطاعن الأول يعد حتماً شريكاً فيها فلا مصلحة لأيهما من وراء ما أثاره في هذا الشأن لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي هي بذاتها العقوبة المقررة للشريك لأن من اشترك في جريمة فعلية عقوبتها طبقاً للمادة 41 من قانون العقوبات. ولما كان المحرر يعتبر رسمياً في حكم المادتين 211/213 من قانون العقوبات متى صدر أو كان في الإمكان صدوره من موظف عام مختص بتحريره بمقتضى وظيفته أو التداخل في هذا التحرير، وكان اختصاص الموظف بتحرير الورقة الرسمية لا يستمده من القوانين واللوائح فحسب بل يستمده كذلك من أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به تكليفاً صحيحاً، كما يستمد المحرر رسميته من ظروف إنشائه أو من جهة مصدره أو بالنظر إلى البيانات التي تدرج به، ولزوم تدخل الموظف لإثباتها أو لإقرارها، وكان الحكم المطعون فيه لم يقصر في بيان مقتضى وظيفته كل من الطاعنين في تحرير المحررين الرسميين ولا في تسليم المال موضوع الاختلاس حسبما تقدم فإن الطعن بهذا الخصوص لا يكون له من وجه ولا يعتد به، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ الطاعنين بالاعتراف المسند إلى ثانيهما في تحقيق النيابة اطمئناناً إلى صحته من جهة الإجراء، وصدقه من حيث المضمون مدللاً على ذلك بما ينتجه من صدور الاعتراف نتيجة إجراءات سليمة لا شائبة فيها في التحقيق الذي أجرته النيابة العامة بعيداً عن سلطان الرقابة الإدارية وأنه طابق الحقيقة التي استظهرتها المحكمة من الشواهد والأدلة الأخرى، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تدلل على ثبوت الجريمة المسندة إلى المتهم بسوابقها ولواحقها من القرائن والأمارات التي تشهد لقيامها وإسنادها إلى المتهم الذي تحاكمه، فإن المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض لا تصح. ولما كانت محكمة الموضوع قد أطرحت التحقيقات التي أجرتها الرقابة الإدارية جملة، وأخذت بالتحقيق الذي أجرته النيابة العامة باعتباره إجراء مستقلاً عن ذلك الاستدلال الذي أبطلته، فإن النعي ببطلان هذا الاستدلال، يكون ضرباً في غير مضرب وطعناً وارداً على غير محل. لما كان ذلك، وكان سائر الطعن جدلاً موضوعياً صرفاً لا يثار لدى محكمة النقض، فإنه يكون على غير أساس متعين الرفض.

الطعن 1988 لسنة 38 ق جلسة 3 / 2 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 45 ص 207


برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عباس العمراوي، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.
--------------
- 1  مأمورو الضبط القضائي. "اختصاصهم". اختصاص. تحقيق. جريمة.
استيلاء على مال للدولة بغير حق. امتداد اختصاص مأمور الضبط إلى جميع من اشتركوا في الجريمة التي بدأ تحقيقها أو اتصلوا بها أينما كانوا. حقه عند الضرورة في تتبع الأشياء المتحصلة من هذه الجريمة واتخاذ الإجراءات قبل المتهم فيها وغيره من المتصلين بها.
إذا كان ما أجراه مأمورو الضبط القضائي في الدعوى من تحريات وضبط إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأوا تحقيقها على أساس حصول واقعتها في اختصاصهم، فإن اختصاصهم يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها أو اتصلوا بها أينما كانوا ويجعل لهم الحق عند الضرورة في تتبع الأشياء المتحصلة من الجريمة التي بدأوا تحقيقها ومباشرة كل ما يخولهم القانون من إجراءات سواء في حق المتهم في الجريمة أو في حق غيره من المتصلين بها.
- 2  إثبات. "إثبات بوجه عام". "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
سلطان الوظيفة في ذاته. لا يعد إكراه. ما دام لم يستطل بالأذى ماديا كان أو معنويا إلى المتهم. استخلاص ما إذا كان اعتراف المتهم في الظروف والملابسات التي حصل فيها متأثرا بسلطان الوظيفة. موضوعي.
إن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وسلطات، لا يعد إكراهاً ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً، إذ مجرد الخشية منه لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك السلطان حين أدلى باعترافه، ومرجع الأمر في ذلك لمحكمة الموضوع.
- 3  إثبات. "إثبات بوجه عام". "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وغيره من المتهمين. من إطلاقات محكمة الموضوع.
من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1- .... 2- .... (الطاعنين) 3- .... 4- .... بأنهم في يوم 15 يناير سنة 1966 بدائرة قسم أسوان. محافظة أسوان: (أولا) المتهمين من الأول حتى الرابع أحرزوا بغير ترخيص سلاحا ناريا ذا ماسورة مششخنة "بندقية لي انفيلد". (ثانيا) المتهمين الأول والثاني بصفتهما موظفين عموميين "عريفين بفريق أمن أسوان" استوليا بغير حق علي مال مملوك للدولة هو السلاح الناري المبين بالمحضر لمديرية امن أسوان. (ثالثا) المتهمين الثالث والرابع. أخفيا البندقية المختلسة مع علمهما بأنها متحصلة من الجناية سالفة الذكر. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 44 مكررا و111/5 و113/1 و118 و119 من قانون العقوبات والمادتين 1/1 و26/2 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند ب من القسم الأول من الجدول رقم 3، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات أسوان قضت عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الثلاثة الأول والمادتين 304/1، 381/1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم الرابع بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني بالسجن لمدة ثلاث سنوات وعزلهما من وظيفتهما وتغريم كل منهما خمسمائة جنيه ومعاقبة المتهم الثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبراءة المتهم الرابع مما أسند إليه بلا مصروفات جنائية. فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض وقدم المحامي عن الطاعن الثاني تقريرا بالأسباب، أما الطاعن الأول فلم يقدم أسبابا لطعنه.
------------
المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً فيكون طعنه غير مقبول شكلاً
حيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر في القانون. وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن المشار إليه هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمتي إحراز سلاح ناري مششخن بغير ترخيص واستيلاء بغير حق على سلاح مملوك للحكومة مسلم إليه بسبب وظيفته قد شابه بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال ذلك بأن رجال الضبط في الدعوى تجاوزوا اختصاصهم المكاني بأن أجروا التحريات وضبط السلاح والقبض على الطاعن المذكور في دائرة محافظة قنا في حين أن واقعة الاختلاس حدثت بدائرة محافظة أسوان وهي دائرة اختصاصهم المكاني الأمر الذي يترتب عليه بطلان الإجراءات وبالتالي بطلان الدليل المستمد منها. كما أن ما أورده الحكم من أن الطاعن الأول اعترف في التحقيقات بأن البندقية سلمت إليه من الطاعن الأول لا يصح الاستناد إليه في الإدانة لأنه صدر منه تحت تأثير إكراه وقع عليه ولم تحقق المحكمة هذا الدفاع والتفتت عن الرد عليه مع وضوح مصلحة الطاعن الثاني فيه، ثم إن المحكمة اعتمدت في إدانة الطاعن الثاني على تحريات الشرطة الباطلة وفي الوقت ذاته قضت ببراءة المتهم الرابع لعدم اطمئنانها إلى ما ورد في تلك التحريات على الرغم من أن الواقعة التي تضمنتها التحريات واحدة مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
وحيث إنه فضلاً عن أنه لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثاني أو المدافع عنه قد دفع أيهما ببطلان إجراءات الضبط الذي أسفر عن العثور على البندقية التي دانه الحكم بجنايتي إحرازها واختلاسها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن مردود بأن ما أجراه مأمورو الضبط القضائي في الدعوى من تحريات وضبط البندقية المختلسة إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأوا تحقيقها على أساس حصول واقعتها في اختصاصهم، ومن ثم فإن اختصاصهم يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها أو اتصلوا بها أينما كانوا ويجعل لهم الحق عند الضرورة في تتبع الأشياء المتحصلة من جريمة الاختلاس التي بدأوا تحقيقها ومباشرة كل ما يخولهم القانون من إجراءات سواء في حق المتهم بالاختلاس أو في حق غيره من المتصلين بالجريمة، ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن الثاني بهما وأورد على ثبوت هذه الواقعة في حقه ما ينتجه من وجوه الأدلة. وبينها اعتراف للطاعن الأول في التحقيقات حصله الحكم بما مؤداه أن الطاعن الثاني أحضر له البندقية المضبوطة وقاما سوياً بإخفائها وعهد إليه أمر التصرف فيها بالبيع وقد باعها فعلاً للمحكوم عليه الثالث بمبلغ 27 جنيهاً وأخذ الطاعن الثاني نصيبه في الثمن ... وعرض الحكم إلى ما أثاره الطاعن الأول بجلسة المحاكمة من أن الاعتراف المنسوب صدوره إليه بالتحقيقات كان وليد إكراه ورد عليه في قوله "لا يوجد بالأوراق ما يدعم هذا الادعاء بل إنه يبين من استقراء الاعتراف وتفاصيل ما تضمنه أنه كان وليد إرادة حرة ورغبة في ترديد الوقائع تنويراً للحقيقة" ثم أضاف الحكم إلى ذلك ما نصه... "والقول من الدفاع أن التحقيق مع المتهم المذكور (الطاعن الأول) وقد تم في قسم الشرطة حيث يتواجد رؤساء المتهم يجعل المتهم مسلوب الإرادة مما يهدر ما جاء على لسانه من اعتراف، هذا القول لا تقره المحكمة إذ مكان التحقيق وتواجد رؤساء المتهم لا يؤثران بحال على حرية المتهم في الاعتراف من عدمه هذا الاعتراف الذي تطمئن إليه المحكمة سواء بالنسبة لمن صدر عنه هذا الاعتراف أو بالنسبة للمتهمين الثاني (الطاعن الثاني) والثالث ..." وما أورده الحكم فيما تقدم سديد في القانون. ذلك بأن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وسلطات لا يعد إكراها ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً، إذ مجرد الخشية منه لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك السلطان حين أدلى باعترافه، ومرجع الأمر في ذلك لمحكمة الموضوع. وإذ كانت قد اطمأنت إلى اعتراف الطاعن الأول فإن لها أن تأخذ الطاعن الثاني به لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه من قالة التناقض حين عول في إدانته على تحريات الشرطة في الوقت الذي أهدرها فيه حين برأ المتهم الرابع في الدعوى، ما ينعاه من ذلك مردود بأن الحكم أورد في شأن من قضي ببراءته من المتهمين ما نصه. "وترى المحكمة أن الاتهام المسند إلى المتهم الرابع يحوطه الشك والريبة ذلك أن الثابت من الأوراق حسبما سلف البيان أن دور هذا المتهم كان قاصراً على حضوره واقعة إخفاء المتهم الثالث للبندقية المختلسة فقط وكان ذلك بسبب صلة النسب التي تربطه بالمتهم الثالث ويؤيد هذا النظر مبادرته بالإرشاد عن مكان إخفاء البندقية فور مواجهته بما أسفرت عنه التحريات كما لا يوجد في الأوراق ما يفيد علم هذا المتهم بأن البندقية متحصلة من جناية أو جنحة ومن ثم يتعين القضاء ببراءته مما أسند إليه". وما ذهب إليه الحكم فيما تقدم لا تناقض فيه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1985 لسنة 38 ق جلسة 3 / 2 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 44 ص 201


برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.
-------------
- 1  قتل خطأ. جريمة. "أركانها". خطأ. "صور الخطأ". رابطة السببية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
 تحقق جريمة القتل خطأ. بحدوث القتل نتيجة توافر صورة من صور الخطأ المنصوص عليها في المادة 238 عقوبات. عدم جدوى النعي بأن الخطأ لا يتوافر في حق المتهم إلا إذا كان ما صدر عنه مخالفا للقواعد الدولية لمنع المصادمات في البحار أو مخالفة لائحة الميناء.
لا يلزم للعقاب على جريمة القتل الخطأ أن يقع الخطأ الذي يتسبب عنه الإصابة بجميع صوره التي أوردتها المادة 238 من قانون العقوبات، بل يكفي لتحقق الجريمة أن تتوافر صورة واحدة منها، ومن ثم فلا جدوى للمتهم من التحدي بأن الخطأ لا يثبت في حقه إلا إذا كان ما صدر عنه مخالفاً للقواعد الدولية لمنع المصادمات بالبحار أو مخالفاً للائحة الميناء فحسب ولا من المجادلة في ثبوت أو عدم ثبوت خطأ المجني عليه بالتطبيق لتلك القواعد واللوائح ما دام أن الحكم قد أثبت توافر ركن الخطأ في حقه استناداً إلى الصور التي أوردها والتي منها عدم الاحتياط والتوقي وهو ما يكفي وحده لإقامة الحكم.
- 2  قتل خطأ. جريمة. "أركانها". خطأ. "صور الخطأ". رابطة السببية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
متى يعد ما أورده الحكم سائغا في التدليل على توافر ركن الخطأ؟
إذا كان مؤدى ما قاله الحكم أن المتهم لم يتخذ الحيطة في خروج القاطرة التي كان يقودها من مكانها لتفادي الصدام، وأنه لم يطلق آلة التنبيه، وقاد القاطرة بمؤخرتها دون أن يتبين خلو الطريق خلفه، كما قادها بسرعة وقت خروجها من المرسى مع أنه كان من المتعين وهو يسير بها بمؤخرتها أن يسير ببطء حتى يستقيم خط السير ويكون الطريق مرئياً، فإن ما تقدم يسوغ به القول بتوافر ركن الخطأ.
- 3   قتل خطأ. رابطة السببية. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر علاقة السببية. موضوعي. عدم جواز المجادلة في توافرها أمام النقض ما دام أن الحكم قد أقيم على أسباب تؤدي إلى توافرها.
ثبوت قيام علاقة السببية من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل فيها من إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهي إليه، وبالتالي فإنه لا يقبل منه المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
- 4  دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "محكمة استئنافية".
عدم التزام المحكمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها.
متى كان الثابت بوجه النعي أن المتهم لم يصر على منازعته في قيام علاقة السببية أمام المحكمة الاستئنافية، كما خلا محضر جلسة تلك المحكمة من أي دفاع بشأن انتفاء هذه العلاقة، فإن المحكمة لم تكن ملزمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها، ولا يكون لما ينعاه المتهم بهذا السبب محل.
- 5  دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "محكمة استئنافية".
النعي على المحكمة إغفالها إجراء لم يطلب منها. غير صحيح.
إذا كان المتهم لم يطلب إلى محكمة الموضوع إجراء تحقيق في أي شيء مما يدعيه في طعنه بشأن الخبرة أو الشهادة، فليس يصح له أن ينعي على المحكمة إغفالها إجراء لم يطلب منها.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 18/8/1966 بدائرة قسم الميناء: تسبب خطأ في موت ...... بأن تحرك بالقاطرة الآلية قيادته إلى الخلف بمجرى القنال دون أن يتبين خلو الطريق خلفه فصدم من بالقاطرة فحدثت به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أدت إلى وفاته. وطلبت معاقبته بالمادة 238/1 من قانون العقوبات. وادعي بحق مدني كل من والد المجني عليه عن نفسه وبصفته وليا طبيعيا علي قصر المجني عليه ووالدة المجني عليه وزوجته وطلبوا القضاء لهم بمبلغ 51ج علي سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم وهيئة قناة السويس بصفتها المسئولة عن الحقوق المدنية متضامنين. ومحكمة ميناء بورسعيد الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيها وإلزامه أن يدفع إلى المدعين بالحق المدني مبلغ 51ج بالتضامن مع هيئة قناة السويس ومصاريف الدعوى المدنية ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفته المسئولة عن الحقوق المدنية. ومحكمة بورسعيد الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل الخطأ قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب كما أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أقام قضاءه بتوافر رابطة السببية بين خطأ الطاعن ووفاة المجني عليه على أن إصابات الأخير حدثت إثر سقوطه في الماء بسبب التصادم بين القاطرة التي كان يقودها الطاعن وبين اللنش الذي كان يركبه المجني عليه، في حين أن الثابت من التقرير الطبي أن سبب الوفاة هو أن المجني عليه أصيب بصدمة عصبية وقد تمسك الطاعن في دفاعه الذي أبداه بمذكرته المقدمة لمحكمة أول درجة بأن المجني عليه إذ فزع من رؤية اللنش يقترب من القاطرة أصيب بالصدمة وسقط في الماء دون أن يكون لواقعة الاصطدام دخل في سقوطه، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري ولم يرد عليه - ثم أنه استظهر خطأ الطاعن وفقاً للقواعد العامة في حين أن الحادث وقع بين سفينتين مسيرتين آلياً في مياه قنال السويس وتحكمه القواعد الدولية لمنع المصادمات في البحار المعمول بها في الجمهورية العربية المتحدة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 2786 لسنة 1963 فضلاً عن قواعد لائحة ميناء بورسعيد ومن مقتضاها أنه لا ينسب خطأ للجاني إلا إذا كان ما صدر عنه قد انطوى على مخالفة لأحكامها وقد أغفل الحكم إعمال هذه القواعد مع أن الطاعن أشار إليها في مذكرته وإلى أن الخطأ من جانب قائد اللنش لا الطاعن وفقاً لتلك القواعد. هذا إلى أن المدافع عن الطاعن كان قد طلب في ختام مرافعته أمام الهيئة الاستئنافية ندب خبير في شئون البحار لمناقشته الرأي في الخطأ المسند إلى الطاعن كما طلب سماع شهادة قائد ميناء بورسعيد الذي أعلن وحضر بالجلسة إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها وبعد أن ساق مؤدى أدلة الثبوت ونقل عن التقرير الطبي ما أثبته من إصابات وجدت بجثة المجني عليه وأن "الإصابات من تصادم الجسم بآلة مثل رفاص أو ما أشبه وسبب الوفاة الصدمة العصبية" خلص إلى أن تلك الإصابات هي التي أدت إلى وفاة المجني عليه ثم استظهر أركان جريمة القتل الخطأ وبين رابطة السببية بين خطأ الطاعن ووفاة المجني عليه في قوله "كما توافرت رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الذي مني به المجني عليه إذ لولا خطأ المتهم الذي أدى إلى اصطدام القاطرة التي يقودها باللنش الذي يركبه المجني عليه لما سقط الأخير في الماء ولما اصطدم بالرفاص ولما حدثت إصاباته التي أودت بحياته". لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على أن خطأ الطاعن متصل بوفاة المجني عليه اتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصور وقوع الوفاة بغير وجود هذا الخطأ بما يكفي لحمل قضائه وكان ثبوت قيام علاقة السببية من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه فإنه لا يقبل من الطاعن المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت بوجه النعي أن الطاعن لم يصر على منازعته في قيام علاقة السببية أمام المحكمة الاستئنافية كما خلا محضر تلك المحكمة من أي دفاع بشأن انتفاء هذه العلاقة ومن ثم فإن المحكمة لم تكن ملزمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يكون لما ينعاه الطاعن بهذا السبب محل. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين خطأ الطاعن في قوله. "إن الثابت من الأقوال سالفة الذكر أن المتهم لم يتخذ أي حيطة للخروج بالقاطرة من مكانها حتى يتفادى أي اصطدام بأي عائمة أخرى قد تكون في طريقه فلم يطلق آلات التنبيه، وعندما اقترب من اللنش لم ينحرف من مكانه لتفادي الاصطدام به كما دلت على ذلك المعاينة وأقوال الشهود من أنه اصطدم بمؤخرة القاطرة بمنتصف اللنش من جهة اليمين ولم يلتفت إلى تلويح المجني عليه لمحاولة تنبيهه، يضاف إلى ذلك ما ثبت من أقوال الشهود أن القاطرة كانت مسرعة إبان خروجها من المرسى وكانت سرعتها أكثر من سرعة اللنش وهذا في حد ذاته يكون خطأ إذ ما دام كان يقود القاطرة بمؤخرتها فكان يتعين عليه أن يقودها بسرعة بسيطة حتى يستقيم خط سيره ويكون الطريق مرئياً أمامه." وما قاله الحكم فيما تقدم مؤداه أن الطاعن لم يتخذ الحيطة في خروج القاطرة التي كان يقودها من مكانها لتفادي الصدام، وأنه لم يعلق آلة التنبيه وقاد القاطرة بمؤخرتها دون أن يتبين خلو الطريق خلفه كما قادها بسرعة وقت خروجها من المرسى مع أنه كان من المتعين وهو يسير بها بمؤخرتها أن يسير ببطء حتى يستقيم خط السير ويكون الطريق مرئياً، ويسوغ به القول بتوافر ركن الخطأ. لما كان ذلك، وكان لا يلزم للعقاب أن يقع الخطأ الذي يتسبب عنه الإصابة بجميع صوره التي أوردتها المادة 238 من قانون العقوبات، بل يكفي لتحقق الجريمة أن تتوافر صورة واحدة منها، ومن ثم فلا جدوى للطاعن من التحدي بأن الخطأ لا يثبت في حقه إلا إذا كان ما صدر عنه مخالفاً للقواعد الدولية لمنع المصادمات في البحار أو مخالفاً للائحة الميناء فحسب ولا من المجادلة في ثبوت أو عدم ثبوت خطأ المجني عليه بالتطبيق لتلك القواعد واللوائح ما دام أن الحكم قد أثبت توافر ركن الخطأ في حقه استناداً إلى الصور التي أوردها والتي منها عدم الاحتياط وعدم التوقي على الوجه بادي الذكر وهو ما يكفي وحده لإقامة الحكم. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يطلب إلى محكمة الموضوع إجراء تحقيق في أي شيء مما يدعيه في طعنه بشأن الخبرة أو الشهادة - فليس يصح له أن ينعى على المحكمة إغفالها إجراء لم يطلبه منها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعاً.

الطعن 1982 لسنة 38 ق جلسة 3 / 2 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 43 ص 198


برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، وحسين سعد سامح، ومحمود عباس العمراوي، ومحمود عطيفة.
--------------
- 1  محاماة. "تقدير أتعاب المحاماة". قانون. "تفسيره".
مجالات التقيد بفئات الأتعاب المنصوص عليها في المادة 176 من قانون المحاماة الجديد؟
مجال التقيد بفئات الأتعاب المنصوص عليها في المادة 176 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 هو الأتعاب الخاصة بالمحامين أعضاء النقابة التي تؤول إلى صندوقهم طبقاً للفقرة الأولى من المادة 178 من القانون المشار إليه فلا تتعداه إلى الأتعاب المحكوم بها للجهات التي تتولى المدافعة عنها إدارة قضايا الحكومة عملاً بقانونها الخاص.
- 2  حكم. "وضعه والتوقيع عليه". بطلان. نقض. "حالات الطعن. بطلان الحكم".
وجوب وضع الأحكام الجنائية والتوقيع عليها خلال ثلاثين يوما من النطق بها. مخالفة ذلك، بطلان الحكم. المادة 312/ 2 إجراءات.
إن قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 312 منه وضع الأحكام الجنائية والتوقيع عليها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها وإلا كانت باطلة، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 29 يناير سنة 1968، وحتى يوم 29 فبراير سنة 1968 لم يكن قد تم التوقيع عليه وإيداعه قلم الكتاب على ما يبين من الشهادة الصادرة من قلم كتاب النيابة المختصة المرافقة لأسباب الطعن، فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً متعيناً نقضه.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المتهم بأنه في يوم 14 مارس سنة 1966 بدائرة قسم مصر الجديدة 1- تسبب خطأ في موت ....... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته القوانين واللوائح بأن قاد سيارة الأتوبيس المبينة بالمحضر في سرعة ورعونة ينتج عنها الخطر رغم مروره في مفترق ودون أن تكون مستكملة لأجهزة الأمن، فصدم المجني عليه وأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي أودت بحياته. 2- قاد السيارة الأتوبيس المبينة بالمحضر دون أن تكون مستكملة لأجهزة الأمن. وطلبت عقابه بالمادة 238/1 من قانون العقوبات. وادعت زوجة المجني عليه - عن نفسها وبصفتها وصية علي أولادها قصر المجني عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد علي سبيل التعويض المؤقت ثم عدلت طلباتها إلى مبلغ 51ج علي سبيل التعويض المؤقت. وأثناء سير الدعوى تدخلت هيئة النقل العام بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية. ومحكمة جنح مصر الجديدة قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة 5ج لإيقاف التنفيذ وإلزامه أن يدفع إلى المدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها. مبلغ 51ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية فاستأنف كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع (أولا) برفض الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذي صفة وبقبولها (ثانيا) بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة، والاكتفاء بتغريم المتهم خمسين جنيها وتأييده فيما عدا ذلك، وإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بالتضامن المصاريف المدنية الاستئنافية ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحامي عن هيئة النقل العام في هذا الحكم بطريق النقض.
--------------
المحكمة
حيث إن الطاعنة - المسئولة عن الحقوق المدنية - تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلزامها المصاريف المدنية الاستئنافية بالتضامن مع المتهم المحكوم عليه. قد شابه البطلان ذلك بأن أسبابه لم تحرر ولم يوقع عليه في مدة الثلاثين يوماً من تاريخ النطق به
وحيث إن قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 312 منه وضع الأحكام الجنائية والتوقيع عليها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها وإلا كانت باطلة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 29 يناير سنة 1968، وحتى يوم 29 فبراير سنة 1968 لم يكن قد تم التوقيع عليه وإيداعه قلم الكتاب على ما يبين من الشهادة الصادرة من قلم كتاب نيابة شرق القاهرة المؤرخة 29 فبراير سنة 1968 الموافقة لأسباب الطعن، فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً متعيناً نقضه فيما قضى به من إلزام الطاعنة بالتضامن مع المحكوم عليه المصاريف المدنية الاستئنافية ومقابل أتعاب المحاماة والإحالة مع إلزام المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها المصاريف المدنية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة للطاعنة تؤول إلى الإدارة المدافعة عنها، وذلك دون تقيد بفئات الأتعاب المنصوص عليها في المادة 176 من القانون رقم 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماة لأن مجال هذه المادة هو الأتعاب الخاصة بالمحامين أعضاء النقابة التي تؤول إلى صندوقهم طبقاً للفقرة الأولى من المادة 178 من القانون المشار إليه فلا تتعداه إلى الأتعاب المحكوم بها للجهات التي تتولى المدافعة عنها إدارة قضايا الحكومة عملاً بقانونها الخاص.

الطعن 1974 لسنة 38 ق جلسة 3 / 2 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 42 ص 192


برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.
-----------
- 1  نقض. "الطعن بالنقض. التقرير به". "أسباب الطعن. تقديمها".
التقرير بالطعن بالنقض. تقديم أسباب الطعن في الميعاد. أثرهما؟
جرى قضاء محكمة النقض على أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
- 2  قتل خطأ. إصابة خطأ. خطأ. رابطة السببية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مساءلة كل من أسهم في الأخطاء التي نشأ عنها الحادث أيا كان قدر خطئه. يستوي في ذلك أن يكون خطؤه سببا مباشرا أم غير مباشر في حصول الحادث.
تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيها أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه، يستوي في ذلك أن يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في حصوله.
- 3  قتل خطأ. إصابة خطأ. خطأ. رابطة السببية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم لأوجه الخطأ التي أسهمت في وقوع الحادث. كفايته للتدليل على قيام رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة الضارة التي حوسب المتهم عنها.
متى كان ما أورده الحكم سديداً وكافياً لبيان أوجه الخطأ التي أتاها المتهم، وكانت من بين الأسباب التي أدت إلى تصدع الحائط المشترك وانهيار المنزلين على من فيهما من السكان ووفاة البعض وإصابة الآخرين، فإن هذا مما يتوافر به قيام رابطة السببية بين ذلك الخطأ والنتيجة الضارة التي حوسب عليها المتهم بحسب ما هي معرفة به في القانون.
- 4  إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع في أن تعول على ما تطمئن إليه من أقوال.
لمحكمة الموضوع الحق في أن تعول على ما تطمئن إليه من أقوال دون البعض الآخر.
- 5  حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
تسبيب أحكام الإدانة؟
إذا كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المتهم بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مردودة إلى أصلها الصحيح من أوراق وفطن إلى ما دفع به المتهم الدعوى وعرض له ورد عليه بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين الرفض موضوعاً.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 16 فبراير سنة 1966 بدائرة بندر الفيوم: تسببا خطأ في موت كل من .... و.... و.... و.... و... و.... و..... وإصابة كل من .... و... و.... و..... و..... و....... بأن كان ذلك ناشئا عن إهمالهما وعدم احترازهما ورعونتهما بأن أقام الأول بناء دون الاستعانة بأحد المختصين للإشراف عليه ودون مراعاة الأصول الفنية في البناء وعدم اتخاذه والمتهم الثاني الحيطة لمنع تسرب المياه إلى الحائط الفاصل المشترك بينهما وتراخيهما في القيام بترميم حوائط المنزلين رغم قدم بنائهما فأدى ذلك إلى تشبع الحائط الفاصل بالرطوبة وتحلله وانهياره وانهيار أسقف المنزلين المحملة عليه وسقوط الأنقاض علي قاطني المنزلين ووفاة بعضهم وإصابة آخرين. وطلبت معاقبتهما بالمادتين 238/1-2 و244/1-3 من قانون العقوبات. ومحكمة بندر الفيوم الجزئية قضت في الدعوى حضوريا عملا بالمادة 238/1 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم. ومحكمة الفيوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف - وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض وقدم الطاعن الأول أسبابا لطعنه ولم يقدم الطاعن الثاني أسبابا لطعنه.
-----------
المحكمة
من حيث إن الطاعن الثاني وإن كان قد قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه. ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً وذلك لما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول ... قد استوفى الشكل المقرر في القانون. وحيث إن هذا الطاعن ينعى على الحكم المعطون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على مخالفة للثابت في الأوراق، ذلك بأنه لم يعن بتحديد سبب الحادث وعلاقة السببية بينه وبين خطأ الطاعن الأول، إذ أن ما ساقه من أخطاء أسندها المهندسون إليه - على فرض وجودها - قد مضت عليها مدة طويلة دون أن يتصدع البناء، وأنه لولا عامل الرشح الذي طرأ على الحائط المشترك بين منزلي الطاعنين لظل البناء قائماً ومن ثم فالرشح هو العامل الرئيسي الذي يعتبر قانوناً سبباً للحادث إذ لولاه لما نشأ الفعل الضار، وهذا السبب لا دخل للطاعن فيه لأن مصدره خزان الصرف الكائن بالمنزل الشرقي الذي يملكه الطاعن الثاني ولم يكتشف أمره إلا بعد أن نبه إليه الطاعن الأول عند استجوابه أمام النيابة وبعد أن كان المهندسون قد أرجعوا سبب الحادث إلى عوامل أخرى ساهمت في سقوط الحائط مردها إلى أخطاء وقعت في تشييد البناء وضعف سمك الحائط المشترك وعدم بناء دورات المياه "بالطوب الأحمر" بمنزل الطاعن الأول وتسرب مياه الصرف من مواسير المنزل الشرقي، وقد أضيف عامل الخزان إلى تلك الأسباب بعد أن اكتشف أمره، وقد أخذ الحكم الابتدائي وجاراه في ذلك الحكم المطعون فيه بهذا المنطق مع أن تلك الأسباب كانت قائمة من قبل منذ أمد طويل ولو كانت تؤدي حقيقة إلى إضعاف متانة الحائط وبالتالي إلى سقوطه لسقط منذ عهد طويل، ومن ثم فالرشح الذي تسرب إلى الحائط من خزان الصرف الواقع بمنزل الطاعن الآخر والذي لا سلطان للطاعن الأول عليه كان هو العامل الذي أدى مباشرة إلى ضعف الحائط وبالتالي إلى سقوطه. هذا وقد التفت الحكم عما شهد به المهندسان .... و.... أمام محكمة أول درجة من أن السبب في الرشح راجع إلى تسرب الرطوبة من خزان الصرف الكائن بالمنزل الشرقي الذي أهمل شأنه الطاعن الآخر واعتمد الحكم على ما قالا به في تحقيقات النيابة على الرغم مما صرح به أولهما .... من أنه لم يعاين منزل الطاعن الأول وانه كان يعني بما ذكره في تلك التحقيقات المنزل الشرقي المملوك للطاعن الآخر. ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أن الثابت من معاينة النيابة أن حوائط دورات المياه في منزله كانت مشيدة بالطوب الأحمر. وأنه لو قدرت محكمة ثاني درجة كل هذه الحقائق لتغير وجه الرأي في الدعوى أما وهي لم تفعل فقد تعيب حكمها بما يوجب نقضه
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أن العامل المباشر للحادث هو الرشح الذي كان سببه خزان الصرف الذي لا سلطان له عليه لأنه بمنزل الطاعن الآخر وأن الأخطاء الأخرى التي أقام عليها الحكم مسئولية الطاعن لم تكن سبباً مباشراً للواقعة وإلا لانهار البناء منذ أمد طويل ومن ثم فلا مسئولية على الطاعن، فمردود بأن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيها أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه، يستوي في ذلك أن يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في حصوله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد ما نعاه الطاعن على الحكم الابتدائي وفنده مبيناً خطأ الطاعن وعلاقة السببية بينه وبين النتيجة الضارة التي نشأت عنه كما يتطلبه القانون في قوله "إن الثابت من تقارير الخبراء الهندسيين المودعة ملف الدعوى ومناقشتهم أمام النيابة أن المتهم الأول - الطاعن الأول - أخطأ حين أقام بناء منزله على غير الأصول الفنية المرعية وأقام الحائط المشترك بسمك يقل عن السمك العادي في الطابقين الثاني والثالث وتركه دورات المياه على الحائط المشترك رغم أنه مبني بالطوب الأخضر بالنسبة للطابقين الثاني والثالث ووضع عروق سقف منزله عمودية على الحائط المشترك بناؤه من الطوب اللبن مما أدى إلى الضغط المتواصل عليه لأنه يحمل ثلاث طوابق مع ضغط مستمر له نتيجة تآكل المونة وانتشار الرطوبة من دورات المياه ومن خزان المنزل المجاور والمملوك للمتهم الثاني وأن سقوط المنزلين يرجع سببه إلى الإهمال في العناية وقدم البناء والعيوب الفنية التي يعلمها وكانت ظروف الحال تمكنه من هذا العلم كما ذكر المتهم الأول نفسه من أن المتهم الثاني وهو صاحب المنزل المجاور لم يقم بكسح خزان المجاري من خمس أو ست سنوات مما تسبب عنه رشح بالحائط الفاصل بين المنزلين وفوق ذلك فإن الحائط المشترك مملوك للطرفين شيوعاً وأن أي إخلال فيه يوجب مسئوليتهما جنائياً لما يحدث بساكنيه وغيرهم وأن ما ذهب إليه المتهم الأول من أن المهندس .... شهد أمام محكمة أول درجة من أن الحائط مشبع بالرطوبة بسبب تسرب بعض مياه مطابخ المنزل الشرقي وليس الغربي فقد شهد أمام النيابة (ص 11) أن دورات المياه مقامة بالطوب اللبن في المنزل الغربي أما المنزل الشرقي فليس به دورات مياه وكان على صاحب المنزل الغربي عند إدخال المياه إلى المنزل أن يغير دورات المياه ويقيمها بالطوب الأحمر والأسمنت حتى لا يؤثر على الرشح الطبيعي الناتج من هذه الدورات واستطرد الحكم إلى أن هذا الشاهد قال "إن الشخص الذي أقام البناء وأدخل المياه في البيت الغربي مسئول أيضاً وقال إنه لو اتبعت الأصول الفنية لما تهدم البناء وفي ذلك رد كاف شاف لما أورده الخبيران الاستشاريان في تقريرهما والتي لا تطمئن المحكمة إليهما" وما أورده الحكم فيما سلف سديد وكاف في بيان أوجه الخطأ التي أتاها الطاعن الأول وكانت من بين الأسباب التي أدت إلى تصدع الحائط المشترك وانهيار المنزلين على من فيهما من السكان ووفاة البعض وإصابة الآخرين ويتوافر به قيام رابطة السببية بين ذلك الخطأ والنتيجة الضارة التي حوسب عليها الطاعن بحسب ما هي معرفة به في القانون. أما ما ينعاه الطاعن خاصاً باعتماد الحكم على شهادة المهندسين ... و.... في تحقيقات النيابة والتفاته عما غاير تلك الشهادة أمام محكمة أول درجة، فمردود بما هو مقرر لمحكمة الموضوع من حقها في أن تعول على ما تطمئن إليه من أقوال شاهد في التحقيقات دون ما شهد به أمام المحكمة وأن تأخذ ببعض أقواله دون البعض الآخر - وأما ما يثيره الطاعن من أنه أقام حوائط دورات المياه في منزله بالطوب الأحمر وأن الحكم قد خالف في هذا الشأن ما هو ثابت في معاينة النيابة، فهو مردود بأنه فضلاً عما كشفت عنه أقوال المهندسين التي عول عليها الحكم من عدم سلامة دعوى الطاعن، فإن ما أثبته الحكم، نقلاً عن معاينة النيابة هو أن الحائط المشترك لم يكن مبنياً بالطوب الأحمر إلا على ارتفاع مترين فقط - وهو أمر أشار إليه الطاعن في طعنه، يضاف إلى ذلك أن تقرير الخبيرين الاستشاريين المقدم من الطاعن والذي عرض له الحكم وأطرحه، قام في هذا الخصوص على أنه لا يلزم بناء دورات المياه بالطوب الأحمر، ومفاد هذا الرأي الذي لم يجادل فيه الطاعن - أنه لم يتكشف لواضعي التقرير أن الحوائط كانت مبنية بالطوب الأحمر، وإلا لما فاتهما التنويه به، وبذلك يكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من مخالفة الثابت في الأوراق غير سديد. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مردودة إلى أصلها الصحيح من أوراق الدعوى وقد فطن إلى ما دفع به الطاعن الدعوى وعرض له ورد عليه بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 2091 لسنة 38 ق جلسة 27 / 1 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 41 ص 187


برياسة السيد المستشار/ محمد صبري, وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونور الدين عويس، ونصر الدين عزام، وأنور خلف.
----------------
- 1  عقوبة. "العقوبة المبررة". ظروف مخففة. اختلاس أموال أميرية. استيلاء على مال للدولة بغير حق. نقض. "المصلحة في الطعن".
معاقبة الطاعن بمقتضى المادة 112 عقوبات مع استعمال الرأفة وفقا للمادة 17 من ذلك القانون. لا جدوى مما يثيره الطاعن من أن المادة 113 مكرر عقوبات هي الواجبة التطبيق ما دامت العقوبة المقضي بها مقررة في القانون وفقا للمادة المذكورة. لا يغير من هذا أن المحكمة أخذت الطاعن بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للواقعة.
متى كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبالغرامة والرد والعزل بمقتضى المادة 112 من قانون العقوبات وذلك بعد أن استعمل الرأفة معه وفقاً للمادة 17 من هذا القانون فإنه لا جدوى للطاعن مما يثيره من أن مادة العقاب الواجبة التطبيق على واقعة الدعوى هي المادة 113 مكرراً من قانون العقوبات ما دامت العقوبة المقضي بها مقررة في القانون وفقاً للمادة 113 مكرراً المذكورة. ولا يغير من هذا النظر القول بأن المحكمة أخذت الطاعن بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للواقعة إذ أن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجاني لا الوصف القانوني الذي تكيفه المحكمة وهي إذ تعمل حقها الاختياري في استعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة 17 من قانون العقوبات، فإنما تقدر العقوبة التي تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف.
- 2  محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير آراء الخبراء". إثبات. "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع الجزم بصحة ما رجحه الخبير في تقريره.
لمحكمة الموضوع أن تجزم بصحة ما رجحه الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
- 3  حكم. "تسبيبه. تسبيب غير المعيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
الأدلة في المواد الجنائية متساندة.
لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى - إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
- 4  حكم. "تسبيبه. تسبيب غير المعيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال المتهم في أية مرحلة من مراحل التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك.
من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في أية مرحلة من مراحل التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك، وهي في ذلك غير ملزمة بإبداء الأسباب إذ الأمر مرجعه إلى اطمئنانها، فإنه لا يقبل من الطاعن مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها في عناصر اطمئنانها.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 11 نوفمبر سنة 1967 بناحية مركز طنطا محافظة الغربية: بوصفه موظفا عموميا ومن الأمناء علي الودائع "كاتب الجمعية التعاونية الزراعية بقرية "خرسيت" اختلس المبلغ المبين المقدار بالتحقيق (624ج و546م) والمملوك للجمعية التعاونية الزراعية سالفة الذكر. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 111/1 و112/1-2 و118 و119 من قانون العقوبات فقرر بذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا بتاريخ 30 مايو سنة 1968 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن مدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 624ج و546م (ستمائة وأربعة وعشرون جنيها وخمسمائة وستة وأربعين مليما) وإلزامه أن يرد إلى خزينة الدولة مبلغ 624ج و546م وعزله من وظيفته. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
--------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية الاختلاس قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد، ذلك بأن الحكم طبق على واقعة الدعوى المادة 112 من قانون العقوبات مع أن المادة 113 مكرراً من ذات القانون هي المنطبقة على الواقعة. كما أن الحكم اعتمد ضمن ما اعتمد عليه في ثبوت الجريمة على تقرير مصلحة تحقيق الشخصية دون أن يبين مؤدى هذا التقرير على نحو يكشف عن وجه استدلاله به وعلى الرغم من عدم صلاحية التقرير كدليل يقيني يصح التعويل عليه في ثبوت الجريمة في حق الطاعن لاحتوائه على احتمال فتح الخزانة وسرقة ما بداخلها بمفتاح آخر مصطنع مغاير لذلك الذي في عهدة الطاعن. كما أن الحكم استخلص من إقرار الطاعن بتحمله مسئولية العجز وعدم وفائه لمبلغ الستة جنيهات المتبقية للجريمة من المبلغ الذي كان قد أخذه من الخزانة سداداً لأجر التليفون دليلاً على مقارفته مع أن ذلك لا يؤدي إلى ما رتب عليه. وأخيراً فإن الحكم أسند إلى الطاعن خلافاً للثابت في الأوراق إقراره بأنه أحكم غلق الخزانة قبل فتحها واكتشاف سرقها كما أثبت في حقه مقارفته للحادث سداً للعجز الذي تكشف وجوده في عهدة زميله .... مع أن الثابت بالأوراق أن العجز سدد بأدوات كانت بمخزن الجمعية دون المال المقول باختلاسه. وحيث إنه لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبالغرامة والرد والعزل بمقتضى المادة 112 من قانون العقوبات وذلك بعد أن استعمل الرأفة معه وفقاً للمادة 17 من هذا القانون فإنه لا جدوى للطاعن مما يثيره من أن مادة العقاب الواجبة التطبيق على واقعة الدعوى هي المادة 113 مكرراً من قانون العقوبات ما دامت العقوبة المقضي بها مقررة في القانون وفقاً للمادة 113 مكرراً المذكورة، ولا يغير من هذا النظر القول بأن المحكمة أخذت الطاعن بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للواقعة إذ أن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجاني لا الوصف القانوني الذي تكيفه المحكمة وهي إذ تعمل حقها الاختياري في استعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة 17 من قانون العقوبات، فإنما تقدر العقوبة التي تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن بين واقعة الدعوى أورد الأدلة على ثبوتها في حق الطاعن مستمدة من أقوال الشهود وأقوال الطاعن ومن تقرير مصلحة تحقيق الشخصية الذي بين مؤداه في قوله "إن قفل الخزينة وجد سليماً وكذا ميكانيكيته من الداخل وأنه بفحص أجزائه الداخلية ميكروسكوبياً في مواضع احتكاك المفتاح بها وجد آثار منتظمة لاستعمال أكثر من مفتاح من بينها آثار استعمال المفتاح المسلم إلا أن الآثار الغير خاصة بهذا المفتاح لا تنبئ عن استعمال متكرر متعدد كما في الحالة الأولى وأن هذا القفل يصعب عمل مفتاح مصطنع له بدون مطابقة على المفتاح الأصلي أو فك أجزائه الداخلية"، ولما كان لمحكمة الموضوع أن تجزم بصحة ما رجحه الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قصور في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن إقراره بتحمل مسئولية العجز وعدم وفائه للمبلغ المتبقي من أجر التليفون لا يكفي لاستخلاص مقارفته للجريمة مردوداً بما هو مقرر من أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه وهو أمر لم تخطئ المحكمة تقديره. ومن ثم فيكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتمد - ضمن ما اعتمد عليه - في ثبوت الواقعة في حق الطاعن إلى إقراره بمحضر الشرطة بأنه أحكم غلق الخزانة قبل فتحها واكتشاف سرقتها وأطرحت أقواله بمحضر تحقيق النيابة الذي عدل فيه عن أقواله الأولى في شأن هذه الواقعة، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في أية مرحلة من مراحل التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك وهي في ذلك غير ملزمة بإبداء الأسباب إذ الأمر مرجعه إلى اطمئنانها، فإنه لا يقبل من الطاعن مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها في عناصر اطمئنانها، أما ما يثيره الطاعن في شأن سداد العجز الذي وجد بعهدة .... زميل الطاعن عيناً دون المال المقول باختلاسه فمردود بأن العجز لم يكن قاصراً على بعض الأدوات (قطع الغيار) التي ردت بالفعل بل شمل أيضاً مبالغ أخرى عبارة عن قيمة مبيدات وأسمدة وذلك حسبما جاء بأقوال .... رئيس المراجعة التي أوردها الحكم المطعون فيه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.