برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي، وعضوية السادة
المستشارين: محمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور
خلف.
------------
- 1 وصف التهمة. إجراءات المحاكمة.
محكمة الموضوع. "سلطتها في تعديل التهمة". دفاع. "الإخلال بحق
الدفاع. ما لا يوفره". رشوة. اختلاس أموال أميرية.
نطاق حق محكمة الموضوع في تكييف الواقعة وإسباغ الوصف القانوني عليها؟
جرى قضاء محكمة النقض في تفسير نص المادتين 307، 308 من قانون
الإجراءات الجنائية على أن محكمة الموضوع مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها
بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ولها كذلك
تعديل التهمة بتحوير كيانها المادي ولو بإضافة الظروف المشددة التي قد يكون من
شأنها تغيير نوع الجريمة وتغليظ العقوبة ما دامت الواقعة التي رفعت بها الدعوى
الجنائية لم تتغير. وليس عليها في ذلك إلا مراعاة ما تقضي به المادة 308 من ضرورة
تنبيه المتهم ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك منعاً للافتئات على الضمانات
القانونية التي تكفل لكل منهم حقه في الدفاع عن نفسه دفاعاً كاملاً حقيقياً لا
مبتوراً ولا شكلياً أمام سلطة القضاء في التهمة بعد أن يكون قد أحيط بها علماً
وصار على بينة من أمره فيها، دون أن يفاجأ بتعديلها من غير أن تتاح له فرصة ترتيب
دفاعه على أساس ما تجريه المحكمة من تعديل. والأصل المتقدم من كليات القانون
المبينة على تحديد نطاق اتصال المحكمة بالواقعة المطروحة والمتهم المعين بورقة
التكليف بالحضور أو بأمر الإحالة وعلى الفصل بين جهة التحقيق وقضاء الحكم ويفسره
أن سلطة التحقيق لا تقضي في مسئولية المتهم فلا يتصور أن تستبد بالتكييف النهائي
لجريمته، بل إن هذا التكييف مؤقت بطبيعته، وأن قضاء الحكم بما يتوافر لديه من
العلانية وشفوية المرافعة وسواهما من الضمانات التي لا تتوافر في مرحلة التحقيق
أولى بأن تكون كلمته هي العليا في شأن التهمة وتكييفها سواء مما استمده من
التحقيقات التي أجريت في مجموع الواقعة بعناصرها المكونة لها أو مما يكشف عنه
التحقيق الذي يجريه بجلسة المحاكمة. فإذا كانت الدعوى قد رفعت على الطاعنين
الموظفين بمصلحة الضرائب بتهمة الارتشاء اعتبارا بأنهما أخذا أربعمائة جنيه من
المشتري للسيارة المحجوز عليها لتسهيل بيعها له بأقل من ثمنها فتبينت المحكمة من
الشواهد والأدلة المطروحة على بساط البحث في الجلسة أنهما استوليا على هذا المبلغ
بعينه اختلاسا من ثمن السيارة فهذا من حقها في فهم الواقع في الدعوى وتحري حكم
القانون فيه، ولا معقب عليها فيما ارتأت ما دامت قد أقامت قضاءها على ما يسوغه،
ولا يعتبر ما أجرته المحكمة تغييراً في الواقعة بل تعديلاً في التهمة بردها إلى
الوصف الصحيح المنطبق عليها. ولما كانت المحكمة قد نبهت الطاعنين إلى هذا التعديل
فترافعا بلسان محاميهما على أساسه دون اعتراض منهما أو طلب للتأجيل، فإنها لا تكون
قد أخلت بحقهما في الدفاع.
- 2 ضرائب.
حجز. "حجز إداري".
لمصلحة الضرائب حق تحصيل الضرائب والمبالغ المستحقة لها بطريق الحجز
الإداري.
لمصلحة الضرائب بموجب القوانين الضرائبية ومنها القانون رقم 14 لسنة
1939 بفرض الضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية
والصناعية وعلى كسب العمل - حق تحصيل الضرائب والمبالغ المستحقة لها بطريق الحجز
الإداري طبقاً للقانون 308 لسنة 1955 والقرار رقم 143 لسنة 1955 الصادر من وزير
المالية تنفيذاً له، وجعلت اللائحة التنفيذية للقانون رقم 14 لسنة 1939 سالف الذكر
في المادة 49 منها لمأمور الضرائب المختص حق اقتضاء الضريبة من الممول نظير إيصال.
3، 4 - اختلاس أموال أميرية. جريمة.
"أركانها".
أركان جريمة المادة 112 عقوبات؟
3 - متى كان الثابت أن قيام مأمور الضرائب
ومندوب الحجز بإيقاع الحجز على سيارة الممول وإنفاذ البيع وتحصيل ثمن المبيع إنما
حصل على مقتضى الحق المخول لمصلحة الضرائب بمقتضى القانون. فإن تسلم الطاعنين
الأول بصفته مأمور الضرائب والثاني بصفته مندوب الحجز حصيلة بيع السيارة المحجوزة
إنما يحصل طبقاً لاختصاصهما الوظيفي وبسبب الوظيفة، فإذا قبضا لنفسيهما جزءاً من
ثمنها بنية إضاعته على مالكه أياً كان، فإنهما يكونان قد ارتكبا جناية الاختلاس
المنصوص عليها في المادة 112/1، 2 من قانون العقوبات. ولا يؤثر في ذلك أن يكون
المال المختلس مالاً خاصاً ما دام لم يسلم إليهما إلا على مقتضى الوظيفة.
- 4 جرى قضاء محكمة النقض على أنه لا يلزم لتجريم الاختلاس في حكم المادة
112 من قانون العقوبات سوى وجود الشيء تحت يد الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً
للمادة 111 من القانون المذكور، يستوي في ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً
أو أن يوجد بين يديه بسبب وظيفته، كما يستوي أن يكون الشيء المختلس مالاً عاماً
مملوكاً للدولة، أو مالاً خاصاً مملوكاً لأحد الأفراد لأن العبرة هي بتسليم المال
للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته.
- 5 فاعل أصلي. شريك. اختلاس أموال
أميرية. تزوير. "تزوير الأوراق الرسمية". استعمال المحرر المزور.
الفاعل الأصلي في الجريمة؟
إذ نصت المادة 39 من قانون العقوبات على أنه يعتبر فاعلاً في الجريمة
من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال
المكونة لها، فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو
طبقاً لخطة تنفيذها، فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما ولو لم يبلغ حد الشروع
يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده، بل تمت بفعل واحد أو
أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجد لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لقصد مشترك هو
الغاية النهائية من الجريمة، بحيث يكون كل منهم قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك
الجريمة المعينة. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن كلاً من الطاعنين
له شأن في إيقاع بيع السيارة المحجوز عليها وتحصيل ثمنها وتحرير الأوراق المثبتة
للمزايدة وأنهما تلاقيا معاً في زمان معين ومكان معين وقاما بإجراء مزايدة وهمية
حرر ثانيهما الأوراق الخاصة بها وحصل أولهما حصيلة البيع نتيجة تواطؤ وتدبير
بينهما فتقاسما أفعال الجرائم المسندة إليهما وأسهم كل منهما بدور فيها، فإن ذلك
حسب الحكم لاعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً في جرائم الاختلاس والتزوير والاستعمال
التي دانهما بها.
- 6 نقض. "المصلحة في
الطعن". فاعل أصلي. شريك. عقوبة. "العقوبة المبررة". اختلاس أموال
أميرية. تزوير.
ثبوت اشتراك الطاعن في جرائم الاختلاس والتزوير والاستعمال. لا مصلحة
له في المجادلة في معاقبته على أساس أنه فاعل أصلي.
إنه بفرض أن الطاعن الثاني هو وحده المختص بكل العمل وأنه هو وحده
الفاعل الأصلي في جرائم الاختلاس والتزوير والاستعمال، فإن الطاعن الأول يعد حتماً
شريكاً فيها فلا مصلحة لأيهما من وراء ما أثاره في شأن اختصاصه بتحرير المحررين
المزورين لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها العقوبة المقررة للشريك طبقاً
للمادة 41 من قانون العقوبات.
7 ، 8 - تزوير. "تزوير المحرر الرسمي".
متى يعتبر المحرر رسميا؟ اختصاص الموظف بتحرير الورقة الرسمية؟
7 - يعتبر المحرر رسمياً في حكم المادتين
211، 213 من قانون العقوبات متى صدر أو كان في الإمكان صدوره من موظف عام مختص
بتحريره بمقتضى وظيفته أو التداخل في هذا التحرير.
- 8 لا يستمد الموظف اختصاصه بتحرير الورقة الرسمية من القوانين واللوائح
فحسب، بل يستمده كذلك من أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به تكليفاً صحيحاً، كما
يستمد المحرر رسميته من ظروف إنشائه أو من جهة مصدره أو بالنظر إلى البيانات التي
تدرج به، ولزوم تدخل الموظف لإثباتها أو لإقرارها.
- 9 إثبات. "اعتراف".
محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير
معيب".
الاعتراف في المسائل الجنائية. تقديره موضوعي.
من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال
التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها في
سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته
ومطابقته للواقع ولو عدل عنه.
- 10 محكمة
الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "إثبات بوجه عام".
جريمة. "إثباتها".
حق محكمة الموضوع في التدليل على ثبوت الجريمة.
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تدلل على ثبوت الجريمة المسندة إلى
المتهم بسوابقها ولواحقها من القرائن والأمارات التي تشهد لقيامها وإسنادها إلى
المتهم الذي تحاكمه. ولا تصح المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
- 11 نقض. "المصلحة في
الطعن". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
إطراح المحكمة التحقيق الذي أجرته الرقابة الإدارية وأخذها بالتحقيق
الذي أجرته النيابة العامة. النعي على التحقيق الأول بالبطلان لا محل له.
متى كانت محكمة الموضوع قد أطرحت التحقيقات التي أجرتها الرقابة
الإدارية جملة وأخذت بالتحقيق الذي أجرته النيابة العامة باعتباره إجراء مستقلاً
عن ذلك الاستدلال الذي أبطلته، فإن النعي ببطلان هذا الاستدلال يكون ضرباً في غير
مضرب وطعناً وارداً على غير محل.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين - مع آخرين قضي ببراءتهم أنهم في يوم
... بدائرة قسم العطارين (أولا) -بصفتهما موظفين عموميين (الأول مساعد مأمور ضرائب
والثاني مندوب حجز بمأمورية ضرائب العطارين) أخذا عطية للإخلال بواجبات وظيفتهما
بأن أخذا من المتهمين الثالث والرابع والحادي عشر مبلغ 400 جنيه أربعمائة جنيه علي
سبيل الرشوة مقابل تمكينهم من شراء سيارة محجوز عليها لصالح مصلحة الضرائب بسعر
يقل كثيرا عن سعرها الحقيقي في السوق ودون إتباع الإجراءات الرسمية المقررة بشأن
المزايدة في بيعها (ثانيا) بصفتهما سالفة الذكر ارتكبا تزويرا في محررين رسميين
هما محضر بيع سيارة الممول ....... المحجوز عليها إداريا لصالح مصلحة الضرائب
استمارة رقم (5 حجز) وكشف المتزايدين في بيع السيارة المرفق بالمحضر والمؤرخين
28/11/1964 حال تحريرهما المختصين بوظيفتهما وذلك بجعلهما واقعة مزورة في صورة
واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرهما بأن عمدا بالتواطؤ مع باقي المتهمين إلى إثبات
بيانات غير صحيحة في محضر البيع وكشف المتزايدين المرفق به مفادها إجراء مزايدة
غير حقيقية بشأن بيع هذه السيارة انتهت بما يفيد رسو مزاد بيعها علي المتهم الثالث
بقصد تمكينه والمتهمين الرابع والحادي عشر من الحصول عليها بسعر يقل كثيرا عن
سعرها الحقيقي في السوق ولتفادي اشتراكهم في مزاد فعلي ببيعها وذلك مقابل حصولهما
علي الرشوة موضوع التهمة الأولى (ثالثا) استعملا المحررين الرسميين سالفي الذكر مع
علمهما بتزويرهما بأن قدماهما إلى مأمورية ضرائب العطارين لإرفاقهما بملف الممول
المذكور لإثبات مضمونهما وما يفيد سداد هذا الممول المبالغ المستحقة عليه. وطلبت
إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 103 و104 و110
و111 و213 و214 من قانون العقوبات. فقرر ذلك، ومحكمة جنايات الإسكندرية انتهت إلى
إدانة الطاعنين بوصف أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر (أولا) ارتكبا تزويرا في
محررين رسميين هما محضر بيع سيارة الممول ....... المحجوز عليها إداريا لصالح
مصلحة الضرائب "ضريبة مهن حرة الاستمارة رقم 5" وكشف المزايدين في بيع
هذه السيارة المرفق والمؤرخين 28/11/1964 حال تحريرهما المختص بوظيفة الأول بوصفه
مساعد مأمور ضرائب والثاني بوصفه مندوب حجز بمأمورية ضرائب العطارين وذلك بجعلهما
واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرهما بأن قاما بإثبات بيانات غير
صحيحة وتخالف الحقيقة في محضر البيع وكشف المزايدين مفادها إجراء مزايدة غير
حقيقية بشأن بيع هذه السيارة وذلك في البيانات الخاصة بمكان انعقاد المزايدة
وأسماء المزايدين والمبالغ المدفوعة تأمينا والأسعار التي عرضها المزايدون
الصوريون والثمن الذي رسى به المزاد وقدره 300 جنيه واسم الراسي عليه المزاد
وجميعها صورية وعلي خلاف الحقيقة (ثانيا) استعملا هذين المحررين الرسميين سالفي
الذكر مع علمهما بتزويرهما بأن قدماهما وأرفقاهما بملف الممول المذكور وما يفيد
إتمام عملية المزايدة الصورية ورسو مزاد السيارة وأنها بيعت بمبلغ 300 جنيه
(ثالثا) اختلسا مبلغ 400 جنيه وهو الباقي من المبلغ الحقيقي المدفوع ثمنا لسيارة
الممول آنف الذكر وقدره 700 جنيه والذي كانا قد أثبتاه علي خلاف الحقيقة في محضر
المزايدة وكشف المزايدين الصوريين أنها بيعت بمبلغ 300 جنيه وكان استلامهما لهذا
المبلغ بسبب وظيفتهما الأول مساعد مأمور ضرائب والثاني مندوب حجز وهما من الأمناء
علي الودائع ثم قضت حضوريا بتاريخ 14/4/1968 عملا بالمواد 111/1 و112/1-2 و118
و119 و213 و214 و17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الطاعنين بالسجن
لمدة ثلاث سنوات والعزل وغرامة 500 جنيه خمسمائة جنيها وإلزامهما برد مبلغ 270
جنيها وذلك عن التهم المسندة إليهما. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق
النقض... إلخ.
-------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجرائم
الاختلاس والتزوير في محررين رسميين واستعمالهما قد أخطأ في تطبيق القانون, وشابه
القصور في التسبيب وانطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة عدلت الواقعة
المرفوعة بها الدعوى في خصوص المبلغ المنسوب إليهما اقتضاؤه من رشوة إلى اختلاس،
وهو ما لا يصح في القانون إجراؤه ولو برضاء المتهمين، واعتبرت المزايدة الأولى
دليلاً في إثبات التزوير والاختلاس، واعتمدت شهادة الشهود عليها مع أنه لا صلة لها
بالتهم المطروحة ومتى كان ثمن السيارة الذي دفع وهو ثلاثمائة جنيه يزيد على مطلوب
مصلحة الضرائب التي استوفت الضريبة المستحقة لها، فإن الطاعنين يتجردان من صفتهما
الوظيفية بالنسبة إلى المبلغ الباقي المدفوع إليهما ويكون هذا المال مالاً خاصاً
مملوكاً لصاحب السيارة والجريمة نصباً لا اختلاساً أو ارتشاء، كما أن السيارة المحجوز
عليها كانت في حراسة آخر هو الحائز الفعلي والقانوني لها بصفته حارساً سواء بقيت
بحالتها أو استحالت إلى مبلغ نقدي يمثل ثمنها. ولما كان يشترط لتطبيق المادة 112/1
- 2 من قانون العقوبات أن يكون المال مسلماً إلى الموظف العام أو من في حكمه بسبب
وظيفته وكان هذا الركن متخلفاً كان الاختلاس ممتنعاً، ولم يناقش الحكم اختصاص كل
من الطاعنين بتحرير المحررين المدعى بتزويرهما مع اختلافه في هذا الخصوص ولم يبين
وجه اختصاص الطاعن الأول بالذات في تحريرهما، ولم يرد على ما دفعا به من أن ما
أجري في المحررين من تغيير يعد عملاً خارجاً عن النطاق الوظيفي لأي منهما وقد دفع
الطاعنان ببطلان التحقيق الذي أجرته الرقابة الإدارية، وببطلان الاعتراف المسند
إلى الطاعن الثاني أمامها لصدوره تحت تأثير الوعد والوعيد، وكذلك ببطلان اعترافه
أمام النيابة العامة باعتباره امتداداً للاعتراف الحاصل أمام الرقابة الإدارية،
إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفع رداً مبتسراً صحيح به اعتراف الطاعن
المذكور أمام النيابة العامة مع أنه مطعون عليه كذلك، وأخذه باعترافه أنه اختلس
خمسين جنيهاً ثم دانه على أنه اختلس مع زميله أربعمائة جنيه، وهو تناقض ظاهر كل
أولئك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بياناً لواقعة الدعوى ما محصله أن
الطاعن الأول مأمور ضرائب يقوم بوظيفة مأمور الحجز وعمله المنوط به هو الاشتراك مع
المندوبين في توقيع الحجز وتنفيذ البيوع العامة طبقاً لما يوجبه الحجز الإداري من
ضرورة توقيع مأمور الحجز ومندوبه على محضر البيع وكشف المزاد يعتبر جزءاً منه وذلك
اعتباراً بأن مأمور الحجز هو الممثل القانوني لمصلحة الضرائب، وأن الطاعن الثاني
مندوب الحجز، وله بهذه المثابة القيام بإجراءات بيع المحجوزات لصالح مصلحة الضرائب
ويجوز له الانفراد بإجراءات البيع وإرساء المزاد وعليه أن يحبط مأمور الحجز علماً
بالحجز الذي ينفرد فيه والرجوع إليه عند الضرورة - وأن مأمورية ضرائب العطارين
أوقعت الحجز التحفظي على سيارة ملاكي رقم 8713 إسكندرية مملوكة لمن يدعى
"...." المحاسب القانوني نظير مبلغ 234ج و205م سدد منه بعض الأقساط
فأصبح الباقي في ذمته من الضريبة 172ج و984م وتحدد للبيع يوم 28/11/1964 بجراج شخص
يدعى "...." حيث كانت تودع السيارة وفي اليوم المحدد توجه الطاعنان
لإجراء البيع، وتجمع بعض الأشخاص وفتحت المزايدة، فبلغ أقصى ثمن للسيارة تسعمائة
جنيه، ولكن مأمور الضرائب الطاعن الأول أبلغ المتزايدين بتأجيل المزايدة بدعوى أنه
يريد ألفاً من الجنيهات ثمناً للسيارة، وانتقلا إلى محل "...." وثمت
دونا في محضر بيع السيارة وهو الاستمارة رقم 5 حجز وفي كشف المزايدين وهما من
الأوراق الرسمية التي يختص المتهمان بتحريرهما - بحكم وظيفتهما - بيانات غير صحيحة
بأن أثبتا أن إجراءات المزايدة فتحت في جراج... بناحية الأزاريطة، وفي حضور أشخاص
آخرين غير المتزايدين في الجراج دفع كل منهم خمسين جنيهاً تأميناً، وأن المزايدة
وصلت إلى ثلاثمائة جنيه وأن المزاد رسا على شخص معين هو .... اتخذت معه إجراءات رسو
المزاد، وقام بدفع المبلغ وحصل على الإيصال المتضمن أداءه في حين أن حقيقة المبلغ
الذي دفع ثمناً للسيارة هو سبعمائة جنيه ورداً منه في خزينة مصلحة الضرائب
ثلاثمائة واختلسا الباقي ومقداره أربعمائة جنيه وقد وقع التزوير في أشخاص
المتزايدين، ومبلغ التأمين والثمن الحقيقي لبيع السيارة، وأودع المحرران المزوران
ملف الممول إثباتاً لما ذكر، ودلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه
الأدلة ومنها اعتراف الطاعن الثاني في تحقيق النيابة اعترافاً صحيحاً صادقاً،
فضلاً عن شهادة الشهود والاطلاع على الأوراق الواردة في المساق المتقدم، وهو ما
تتوافر به العناصر القانونية كافة للجرائم التي دين بها الطاعنان من الاختلاس
والتزوير والاستعمال. ولما كانت المادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت
على أنه "لا تجوز معاقبة المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة وطلب
التكليف بالحضور كما لا يجوز الحكم على غير المتهم المقامة عليه الدعوى ونصت
المادة 308/1 - 3 على أن "للمحكمة أن تغير في حكمها الوصف القانوني للفعل
المسند للمتهم، ولها تعديل التهمة بإضافة الظروف المشددة التي تثبت من التحقيق أو
من المرافعة في الجلسة ولو كانت لم تذكر بأمر الإحالة أو بالتكليف بالحضور وعلى
المحكمة أن تنبه المتهم إلى هذا التغيير وأن تمنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء على
الوصف أو التعديل الجديد إذا طلب ذلك" وقد جرى قضاء هذه المحكمة في تفسير
النصين على أن محكمة الموضوع مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها
وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ولها كذلك تعديل التهمة
بتحوير كيانها المادي ولو بإضافة الظروف المشددة التي قد يكون من شأنها تغيير نوع
الجريمة وتغليظ العقوبة ما دامت الواقعة التي رفعت بها الدعوى الجنائية هي لم
تتغير. وليس عليها في ذلك إلا مراعاة ما تقضي به المادة 308 من ضرورة تنبيه المتهم
ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك، منعاً للافتئات على الضمانات القانونية
التي تكفل لكل منهم حقه في الدفاع عن نفسه دفاعاً كاملاً حقيقياً لا مبتوراً ولا
شكلياً أمام سلطة القضاء في التهمة بعد أن يكون قد أحيط بها علماً وصار على بينة
من أمره فيها، دون أن يفاجأ بتعديلها من غير أن تتاح له فرصة ترتيب دفاعه على أساس
ما تجريه المحكمة من تعديل. والأصل المتقدم من كليات القانون المبنية على تحديد
نطاق اتصال المحكمة بالواقعة المطروحة والمتهم المعين بورقة التكليف بالحضور أو
بأمر الإحالة وعلى الفصل بين جهة التحقيق وقضاء الحكم ويفسره أن سلطة التحقيق لا
تقضي في مسئولية المتهم فلا يتصور أن تستبد بالتكييف النهائي لجريمة، بل إن هذا
التكييف مؤقت بطبيعته، وأن قضاء الحكم بما يتوافر لديه من العلانية وشفوية
المرافعة وسواهما من الضمانات التي لا تتوافر في مرحلة التحقيق أولى بأن تكون
كلمته هي العليا في شأن التهمة وتكييفها سواء مما يستمده من التحقيقات التي أجريت
في مجموع الواقعة بعناصرها المكونة لها أو مما يكشف عنه التحقيق الذي يجريه بجلسة
المحاكمة. فإذا كانت الدعوى قد رفعت على الطاعنين الموظفين بمصلحة الضرائب بتهمة
الارتشاء اعتباراً بأنهما أخذا أربعمائة جنيه من المشتري لتسهيل بيعها له بأقل من
ثمنها فتبينت المحكمة من الشواهد والأدلة المطروحة على بساط البحث في الجلسة أنهما
استوليا على هذا المبلغ بعينه اختلاساً من ثمن السيارة فهذا من حقها في فهم الواقع
في الدعوى, وتحري حكم القانون فيه، ولا معقب عليها فيما ارتأت ما دامت قد أقامت
قضاءها على ما يسوغه، ولا يعتبر ما أجرته المحكمة تغييراً في الواقعة بل تعديلاً
في التهمة بردها إلى الوصف الصحيح المنطبق عليها. ولما كانت المحكمة قد نبهت
الطاعنين إلى هذا التعديل فترافعا بلسان محاميهما على أساسه دون اعتراض منهما أو
طلب للتأجيل، فإنها لا تكون قد أخلت بحقهما في الدفاع. ولما كان لمصلحة الضرائب
بموجب القوانين الضرائبية ومنها القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض الضريبة على
إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل
والذي حصلت الضريبة على أساسه حق تحصيل الضرائب والمبالغ المستحقة لها بطريق الحجز
الإداري طبقاً للقانون رقم 308 لسنة 1955 والقرار رقم 143 لسنة 1955 الصادر من
وزير المالية تنفيذاً له، وجعلت اللائحة التنفيذية للقانون رقم 14 لسنة 1939 سالف
الذكر في المادة 49 منها لمأمور الضرائب المختص حق اقتضاء الضريبة من الممول نظير
إيصال، ومن ذلك فإنه يتضح أن قيام مأمور الضرائب ومندوب الحجز بإيقاع الحجز وإنفاذ
البيع وتحصيل ثمن المبيع، إنما يحصل على مقتضى الحق المخول لمصلحة الضرائب بمقتضى
القانون، وإذن فتسلم الطاعنين الأول بصفته مأمور الضرائب والثاني بصفته مندوب
الحجز حصيلة بيع السيارات المحجوزة إنما يحصل طبقاً لاختصاصهما الوظيفي، وبسبب
الوظيفة، فإذا اقتطعا لنفسهما جزءاً من ثمنها بنية إضاعته على مالكه أياً كان،
فإنهما يكونا قد ارتكبا جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112/1 - 2 من
قانون العقوبات ولا يؤثر في ذلك أن يكون المال المختلس مالاً خاصاً ما دام لم يسلم
إليهما إلا على مقتضى الوظيفة. فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه لا يلزم لتجريم
الاختلاس في حكم المادة 112 من قانون العقوبات سوى وجود الشيء تحت يد الموظف
العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادة 111، يستوي في ذلك أن يكون قد سلم إليه
تسليماً مادياً أو يوجد بين يديه بسبب وظيفته، كما يستوي أن يكون الشيء المختلس
مالاً عاماً مملوكاً للدولة، أو مالاً خاصاً مملوكاً لأحد الأفراد لأن العبرة هي
بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته ولما كانت المادة 39 من قانون
العقوبات قد نصت على "أنه يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا
كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على
أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها، فإن
كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما ولو لم يبلغ حد الشروع, يعد فاعلاً مع غيره
فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده، بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه
فيها، متى وجد لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من
الجريمة، بحيث يكون كل منهم قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعنية.
ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن كلا من الطاعنين له شأن في إيقاع
البيع وتحصيل الثمن وتحرير الأوراق المثبتة للمزايدة وأنهما تلاقيا معاً في زمان معين
ومكان معين وقاما معاً بإجراء مزايدة وهمية حرر ثانيهما الأوراق الخاصة بها وحصل
أولهما حصيلة البيع نتيجة تواطؤ وتدبير بينهما فتقاسما أفعال الجرائم المسندة
إليهما وأسهم كل منهما بدور فيها، فإن ذلك حسب الحكم لاعتبار كل منهما فاعلاً
أصلياً في جرائم الاختلاس والتزوير والاستعمال التي دانهما بها، وبفرض أن الطاعن
الثاني هو وحده المختص بكل العمل وأنه هو وحده الفاعل الأصلي في الجرائم المذكورة
فإن الطاعن الأول يعد حتماً شريكاً فيها فلا مصلحة لأيهما من وراء ما أثاره في هذا
الشأن لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي هي بذاتها العقوبة المقررة للشريك
لأن من اشترك في جريمة فعلية عقوبتها طبقاً للمادة 41 من قانون العقوبات. ولما كان
المحرر يعتبر رسمياً في حكم المادتين 211/213 من قانون العقوبات متى صدر أو كان في
الإمكان صدوره من موظف عام مختص بتحريره بمقتضى وظيفته أو التداخل في هذا التحرير،
وكان اختصاص الموظف بتحرير الورقة الرسمية لا يستمده من القوانين واللوائح فحسب بل
يستمده كذلك من أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به تكليفاً صحيحاً، كما يستمد
المحرر رسميته من ظروف إنشائه أو من جهة مصدره أو بالنظر إلى البيانات التي تدرج
به، ولزوم تدخل الموظف لإثباتها أو لإقرارها، وكان الحكم المطعون فيه لم يقصر في
بيان مقتضى وظيفته كل من الطاعنين في تحرير المحررين الرسميين ولا في تسليم المال
موضوع الاختلاس حسبما تقدم فإن الطعن بهذا الخصوص لا يكون له من وجه ولا يعتد به،
ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ الطاعنين بالاعتراف المسند إلى ثانيهما في
تحقيق النيابة اطمئناناً إلى صحته من جهة الإجراء، وصدقه من حيث المضمون مدللاً
على ذلك بما ينتجه من صدور الاعتراف نتيجة إجراءات سليمة لا شائبة فيها في التحقيق
الذي أجرته النيابة العامة بعيداً عن سلطان الرقابة الإدارية وأنه طابق الحقيقة
التي استظهرتها المحكمة من الشواهد والأدلة الأخرى، وكان من المقرر أن الاعتراف في
المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في
تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي
دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه، وكان من
المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تدلل على ثبوت الجريمة المسندة إلى المتهم بسوابقها
ولواحقها من القرائن والأمارات التي تشهد لقيامها وإسنادها إلى المتهم الذي
تحاكمه، فإن المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض لا تصح. ولما كانت محكمة الموضوع قد
أطرحت التحقيقات التي أجرتها الرقابة الإدارية جملة، وأخذت بالتحقيق الذي أجرته
النيابة العامة باعتباره إجراء مستقلاً عن ذلك الاستدلال الذي أبطلته، فإن النعي
ببطلان هذا الاستدلال، يكون ضرباً في غير مضرب وطعناً وارداً على غير محل. لما كان
ذلك، وكان سائر الطعن جدلاً موضوعياً صرفاً لا يثار لدى محكمة النقض، فإنه يكون
على غير أساس متعين الرفض.