جلسة 25 من يوليو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد التواب أبو طالب ، عبد الله فتحي ، علاء البغدادي ومحمد فريد نواب رئيس المحكمة .
--------------
(108)
الطعن 2895 لسنة 4 ق
(1) شيك بدون رصيد . إفلاس . اختصاص "
الاختصاص النوعي " . محكمة عادية . محكمة اقتصادية . قانون " تفسيره
" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الجريمة المؤثمة
بالمادتين 336 ، 337 عقوبات .
ليست من الجرائم التي تختص بنظرها المحاكم الاقتصادية . ولو صدر حكم بشهر إفلاس الطاعن . علة وأساس ذلك
؟
مثال لتسبيب سائغ في
الرد على الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى واختصاص المحكمة
الاقتصادية لصدور حكم بشهر إفلاس الطاعن .
(2) إفلاس . أهلية . دعوى مدنية . حكم "
تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية
والمدنية " .
الحكم بإشهار الإفلاس لا يفقد المفلس أهليته .
له أهلية التقاضي كاملة. انتفاء حجية الأحكام الصادرة ضده قِبل التفليسة فقط .
علة ذلك؟
رفع المدعي بالحق المدني دعوى التعويض على
المتهم المُفلس دون إدخال وكيل الدائنين فيها . جائز . علة ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ في
الرد على الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لعدم اختصام أمين التفليسة لصدور
حكم على الطاعن بإشهار إفلاسه .
(3) شيك بدون رصيد . جريمة " أركانها " . باعث . مسئولية جنائية
. نقض " أسباب الطعن . ما لا
يقبل منها " .
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد . تحققها : بمجرد
إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب . علة ذلك؟
الأسباب التي دعت لإصدار الشيك . دوافع . لا أثر لها على
مسئوليته الجنائية .
دفاع الطاعن بإصداره الشيك للمدعي بالحق المدني
ضماناً للوفاء بقرض وتسليمه له على سبيل الأمانة بما تمتد إليه أسباب الإباحة . غير جائز . علة ومفاد ذلك ؟
حالة ضياع الشيك وما يدخل في حكمها . تجيز
للساحب اتخاذ ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء . علة ذلك ؟
(4) محكمة الموضوع
" سلطتها في تقدير الدفع بعدم الدستورية " . دفوع " الدفع بعدم
الدستورية " . شيك بدون رصيد .
تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية . موضوعي .
وقف نظر
الدعوى المنظورة وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية . موضوعي . أساس ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ في اطراح الدفع بعدم دستورية نص المادة
3/2 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 .
(5) شيك بدون رصيد
. قانون " تفسيره " " سريانه " " القانون الأصلح "
.
قاعدة شرعية الجريمة والعقاب . مقتضاها ؟
صدور قانون أصلح للمتهم بعد وقوع الفعل وقبل
الحكم فيه نهائياً بما يوجبه من اتباعه دون غيره . استثناء من الأصل العام يؤخذ في
تفسيره بالتضييق . علة ذلك ؟
استحداث المشرع بقانون
التجارة الجديد قواعد شكلية وموضوعية تنظم الشيك كورقة تجارية . لم يقصد به نفي الصفة عن الشيكات التي صدرت قبل
العمل بأحكامه . اعتداده بها متى استوفت شرائطها وفقاً للقواعد السارية وقت إصدارها
. أساس ذلك ؟
اعتبار الورقة شيكاً طبقاً للقانون الساري قبل
نفاذ نصوص قانون التجارة الجديد . إعطاؤه دون رصيد قائم وقابل للسحب . يشكل فعلاً
مجرماً .
نصوص المواد 473 ، 474 ، 475 من قانون التجارة
الجديد التي تحدد شكل الشيك وبياناته . لا تعد قانوناً أصلح للمتهم . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم
المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وانعقاد
الاختصاص للمحكمة الاقتصادية لصدور حكم بشهر إفلاسه ، ورد عليه بقوله " وحيث إنه
عن الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة نوعياً وانعقاد الاختصاص للمحكمة الاقتصادية ،
فإنه لما كانت المادة الرابعة من القانون رقم 120 لسنة 2008 قد عددت بعض الجرائم
المنصوص عليها في قوانين وعقدت الاختصاص بنظرها للمحاكم الاقتصادية ليس من ضمنها
التهمة موضوع الدعوى الماثلة ، الأمر الذي ترى معه المحكمة أن هذا الدفع قد جاء على غير سند من الواقع والقانون ، ومن ثم تقضي برفضه
وتنوه عن ذلك بالأسباب دون المنطوق " ، لما كان ذلك ، وكان البيّن من
المادة الرابعة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن إنشاء المحاكم الاقتصادية والتي
حددت اختصاص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية بنظر الدعاوى
الجنائية الناشئة عن الجرائم التي عددتها على سبيل الحصر في 17 بند أنه ليس من
بينها الجريمة المؤثمة بالمادتين 336 ، 337 من قانون العقوبات والتي أُقيمت الدعوى
بشأنها وقُدِم المتهم للمحاكمة عنها ، ولا ينال من ذلك صدور حكم بشهر إفلاس الطاعن
، إذ إنه بالرجوع إلى البند أولاً من المادة الرابعة من القانون سالف الذكر فيما
نصت عليه من أنه تختص المحاكم الاقتصادية بنظر الجرائم الجنائية المنصوص عليها في
المواد 328 إلى 335 منه - إنما المقصود بهذه الجرائم هي جرائم التفالس بالتدليس
والتفالس بالتقصير وليس من بينها الجريمة المؤثمة بالمادتين 336 ، 337 من قانون
العقوبات محل التداعي ، ومن ثم يكون الحكم قد رد على هذا الدفع رداً سائغاً يتفق
وصحيح القانون ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد .
2- لما كان الحكم قد
عرض للدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية والمدنية لعدم اختصام أمين التفليسة لصدور حكم
على الطاعن بشهر إفلاسه واطرحه في قوله " وحيث إنه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى الجنائية والمدنية لعدم
اختصام أمين التفليسة رغم إشهار إفلاس المتهم ، فإنه من المُقرر أنه لا
مانع قانوناً من قبول دعوى التعويض المرفوعة من المدعي بالحق المدني على المتهم المُفْلِس
دون إدخال وكيل الدائنين فيها ؛ لأن الدعوى المدنية تتبع الدعوى الجنائية وتأخذ
حكمها ، ومتى كان للمتهم أن يدافع عن مصلحته في الدعوى الجنائية كان له كذلك الحق
في الدفاع عنها في الدعوى المدنية ، لما كان ذلك ، فإن الادعاء المباشر المرفوع
على المتهم المشهر إفلاسه يكون مقبولاً رغم عدم اختصام أمين التفليسة في الدعوى ،
وذلك لكون الدعوى المدنية تتبع الدعوى الجنائية وتأخذ حكمها ، الأمر الذي ترى معه
المحكمة رفض هذا الدفع " . لما كان ذلك ،
وكان من المقرر أن الحكم بإشهار الإفلاس لا يفقد المُفْلِس أهليته بل تظل له أهلية
التقاضي كاملة ، فله أن يقاضي الغير وللغير أن يقاضيه وذلك كله باسمه شخصياً ،
وإنما لا يكون للأحكام التي تصدر في هذه الدعاوى أية حُجية قبل التفليسة حتى لا
يضار مجموع الدائنين بحكم لم يصدر في مواجهة وكيلهم ، هذا فضلاً عن أنه لا مانع
قانوناً من قبول دعوى التعويض المرفوعة من
المدعي بالحق المدني على المتهم المُفْلِس دون إدخال وكيل الدائنين فيها ؛ لأن
الدعوى المدنية تتبع الدعوى الجنائية وتأخذ حكمها ، ومتى كان للمتهم أن يدافع عن
مصلحته في الدعوى الجنائية كان له كذلك الحق في الدفاع عنها في الدعوى المدنية . لما
كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع رداً سائغاً وكافياً ، ومن
ثم يكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله .
3- من المُقرر أن جريمة
إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود
مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق ، إذ لم يتم بذلك طرح الشيك في
التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك في التداول
باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات ، ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب
التي دعت صاحب الشيك إلى إصداره ؛ لأنها دوافع لا أثر لها على مسئوليته الجنائية ،
وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الشيك الذي أصدره الطاعن استوفى شرائطه
القانونية ، فإنه لا يجديه ما يثيره من جدل حول الأسباب والظروف التي دعته إلى
إصداره ولا وجه لما يتذرع به في صدر نفي مسئوليته الجنائية بقوله أنه أصدر الشيك
للمدعي بالحق المدني ضماناً للوفاء بقرض وأنه سلمه الشيك على سبيل الأمانة بما كان
يتعين معه أن تمتد إليه أسباب الإباحة على ما جرت به أحكام محكمة النقض ، ذلك أن
هذه الحالة لا تدخل في حالات الاستثناء التي تندرج تحت مفهوم حالة ضياع الشيك ، وهي
الحالات التي يُتَحْصّل فيها على الشيك عن طريق جرائم سلب المال كالسرقة البسيطة
والسرقة بظروف والنصب والتبديد وأيضاً الحصول عليه بطريق التهديد ، فحالة الضياع
وما يدخل في حكمها هي التي أُبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله
بغير توقف على حكم القضاء تقديراً من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحالة على حق
المستفيد استناداً إلى سبب من أسباب الإباحة وهو ما لا يَصْدُق على الحقوق الأخرى التي لابد لحمايتها من دعوى ولا تصلح
مجردةً سبباً للإباحة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر فلم
يعتد بالأسباب التي دعت لإصدار الشيك ورد على دفاع الطاعن في هذا الشأن واطرحه في
منطق سائغ ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .
4- لما كان الحكم
المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الثالثة من
القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة واطرحه في قوله " وحيث إنه عن
الدفع بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الثالثة إصدار من قانون التجارة فيما
تضمنته من عبارة (ويطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية
المعمول بها في تاريخ إصداره إذا كان ثابت التاريخ أو تم إثبات تاريخه وذلك لمخالفته
المواد 40 ، 41 ، 66 ، 187 من الدستور) ، فإنه لما كان من المقرر أن محكمة
الموضوع وحدها الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية ، وأن الأمر بوقف
الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك
لمطلق تقديرها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة الدستورية في الدعوى رقم 42 لسنة 24 ق
دستورية جلسة 12/11/2006 والدعوى رقم 172 لسنة 25 ق دستورية جلسة 12/11/2006 وكذلك
الدعوى رقم 118 لسنة 21 ق دستورية جلسة
15/1/2006 المُقَدَم صورها طي حافظة المستندات الثانية المقدمة من المتهم ،
قد بحثت مدى دستورية المادة الثالثة إصدار من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999
وانتهت إلى قضائها بعدم قبول تلك الدعاوى جميعاً لانتفاء المصلحة بزوال العقبة
القانونية المتمثلة في تأجيل العمل بأحكام الشيك ، الأمر الذي ترى معه المحكمة عدم
جدية هذا الدفع ، ومن ثم ترفضه المحكمة " . لما كان ذلك ، وكان هذا الذي
أورده الحكم صائباً لاتساقه مع مواد قانون المحكمة الدستورية والمادة 16 من قانون
السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 التي تجعل لمحكمة الموضوع وحدها تقدير جدية
الدفع بعدم الدستورية ، كما أن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمام محكمة الموضوع
وتحديد ميعاد لرفع دعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها ، ومن ثم
فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس .
5- من المُقرر أن مقتضى
قاعدة شرعية الجريمة والعقاب ، أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم
إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه ، وهذا هو ما قننته الفقرة
الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات بنصها على أن " يعاقب على
الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها " وما أوردته المادة المشار
إليها في فقرتها الثانية من أنه " ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم
فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره " ، إنما هو استثناء
من الأصل العام يؤخذ في تفسيره بالتضييق ويدور وجوداً وعدماً مع العلة التي دعت
إلى تقريره ؛ لأن المرجع في فض التنازع بين
القوانين من حيث الزمان هو قصد الشارع الذي لا تجوز مصادرته فيه . لما كان
ذلك ، وكان يبين من سياق ما استحدثه قانون التجارة الجديد في شأن الشيك أن المشرع
حين وضع قواعد شكلية وموضوعية مُحْكمة لهذه الورقة التجارية لم يقصد أن ينفي عن
الشيكات التي صدرت قبل العمل بأحكامه هذه الصفة لمجرد مخالفتها للقواعد التي
استحدثها ، بل اعتد بتلك الشيكات متى استوفت شرائطها وفقاً للقواعد القانونية
السارية وقت إصدارها ، وعَمَد إلى تأكيد سلامتها وصحتها ، فقد نص في الفقرة
الثانية من المادة الثالثة من مواد الإصدار المعدلة بالقانون رقم 158 لسنة 2003
والمعمول به في 4/7/2003 على أنه " وتطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ
الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره إذا كان ثابت التاريخ أو تم إثبات
تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2006 " ، ومن ثم فإنه متى اعتُبِرَت الورقة شيكاً
طبقاً للقانون الساري قبل نفاذ نصوص الفصل الخاص بأحكام الشيك في قانون التجارة
الجديد - وذلك طبقاً لما نصت عليه صراحة الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد
الإصدار - فإن إعطاءه دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب يشكل فعلاً مجرماً ،
ولا مجال بالتالي لما نصت عليه المواد 473 ، 474 ، 475 من قانون التجارة الجديد في
شأن تحديد شكل الشيك وبياناته من قبيل القانون الأصلح للمتهم ، إذ يكتمل حكمها بما
نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة المار ذكرها . لما كان ذلك ، وكان
الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ، فإنه
يكون قد وافق صحيح القانون ، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الحكم المطعون
فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان
الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه
الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن
بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وانعقاد الاختصاص للمحكمة الاقتصادية
لصدور حكم بشهر إفلاسه ، ورد عليه بقوله " وحيث إنه عن الدفع المبدى بعدم
اختصاص المحكمة نوعياً وانعقاد الاختصاص للمحكمة الاقتصادية ، فإنه لما كانت
المادة الرابعة من القانون رقم 120 لسنة 2008 قد عددت بعض الجرائم المنصوص عليها في
قوانين وعقدت الاختصاص بنظرها للمحاكم الاقتصادية ليس من ضمنها التهمة موضوع الدعوى
الماثلة ، الأمر الذي ترى معه المحكمة أن هذا الدفع قد جاء على غير سند من الواقع
والقانون ، ومن ثم تقضي برفضه وتنوه عن ذلك بالأسباب دون المنطوق " ، لما كان
ذلك ، وكان البيّن من المادة الرابعة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن إنشاء
المحاكم الاقتصادية والتي حددت اختصاص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم
الاقتصادية بنظر الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم التي عددتها على سبيل الحصر في 17 بند أنه ليس من بينها الجريمة المؤثمة
بالمادتين 336 ، 337 من قانون العقوبات والتي أُقيمت الدعوى بشأنها وقُدِم
المتهم للمحاكمة عنها ، ولا ينال من ذلك صدور حكم بشهر إفلاس الطاعن ، إذ إنه
بالرجوع إلى البند أولاً من المادة الرابعة من القانون سالف الذكر فيما نصت عليه
من أنه تختص المحاكم الاقتصادية بنظر الجرائم الجنائية المنصوص عليها في المواد
328 إلى 335 منه - إنما المقصود بهذه الجرائم هي جرائم التفالس بالتدليس والتفالس
بالتقصير وليس من بينها الجريمة المؤثمة بالمادتين 336 ، 337 من قانون العقوبات
محل التداعي ، ومن ثم يكون الحكم قد رد على هذا الدفع رداً سائغاً يتفق وصحيح
القانون ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد
عرض للدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية والمدنية لعدم اختصام أمين التفليسة لصدور
حكم على الطاعن بشهر إفلاسه واطرحه في قوله " وحيث إنه عن الدفع المبدى بعدم
قبول الدعوى الجنائية والمدنية لعدم اختصام أمين التفليسة رغم إشهار إفلاس المتهم ،
فإنه من المُقرر أنه لا مانع قانوناً من قبول دعوى التعويض المرفوعة من المدعي بالحق المدني على المتهم المُفْلِس دون إدخال
وكيل الدائنين فيها ؛ لأن الدعوى المدنية تتبع الدعوى الجنائية وتأخذ حكمها
، ومتى كان للمتهم أن يدافع عن مصلحته في الدعوى الجنائية كان له كذلك الحق في
الدفاع عنها في الدعوى المدنية . لما كان ذلك ، فإن الادعاء المباشر المرفوع على
المتهم المشهر إفلاسه يكون مقبولاً رغم عدم اختصام أمين التفليسة في الدعوى ، وذلك
لكون الدعوى المدنية تتبع الدعوى الجنائية وتأخذ حكمها ، الأمر الذي ترى معه
المحكمة رفض هذا الدفع " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الحكم بإشهار
الإفلاس لا يفقد المُفْلِس أهليته بل تظل له أهلية التقاضي كاملة ، فله أن يقاضي
الغير وللغير أن يقاضيه وذلك كله باسمه شخصياً ، وإنما لا يكون للأحكام التي تصدر
في هذه الدعاوى أية حُجية قبل التفليسة حتى لا يضار مجموع الدائنين بحكم لم يصدر في
مواجهة وكيلهم ، هذا فضلاً عن أنه لا مانع قانوناً من قبول دعوى التعويض المرفوعة
من المدعي بالحق المدني على المتهم المُفْلِس دون إدخال وكيل الدائنين فيها ؛ لأن
الدعوى المدنية تتبع الدعوى الجنائية وتأخذ حكمها ، ومتى كان للمتهم أن يدافع عن
مصلحته في الدعوى الجنائية كان له كذلك الحق في الدفاع عنها في الدعوى المدنية ،
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع رداً سائغاً وكافياً ، ومن ثم يكون النعي عليه في
هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المُقرر أن جريمة إعطاء
شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل
وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق ، إذ لم يتم بذلك طرح الشيك في التداول
فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك في التداول باعتباره
أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات ، ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دعت
صاحب الشيك إلى إصداره ؛ لأنها دوافع لا أثر لها على مسئوليته الجنائية ، وإذ كان
الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الشيك الذي أصدره الطاعن استوفى شرائطه القانونية ، فإنه
لا يجديه ما يثيره من جدل حول الأسباب والظروف التي دعته إلى إصداره ولا وجه لما
يتذرع به في صدر نفي مسئوليته الجنائية بقوله أنه أصدر الشيك للمدعي بالحق المدني
ضماناً للوفاء بقرض وأنه سلمه الشيك على سبيل الأمانة بما كان يتعين معه أن تمتد
إليه أسباب الإباحة على ما جرت به أحكام محكمة النقض ، ذلك أن هذه الحالة لا تدخل
في حالات الاستثناء التي تندرج تحت مفهوم حالة ضياع الشيك ، وهي الحالات التي
يُتَحْصّل فيها على الشيك عن طريق جرائم سلب المال كالسرقة البسيطة والسرقة بظروف
والنصب والتبديد وأيضاً الحصول عليه بطريق التهديد ، فحالة الضياع وما يدخل في
حكمها هي التي أُبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على
حكم القضاء تقديراً من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحالة على حق المستفيد
استناداً إلى سبب من أسباب الإباحة وهو ما لا يَصْدُق على الحقوق الأخرى التي لابد
لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردةً سبباً للإباحة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد
اعتنق هذا النظر فلم يعتد بالأسباب التي دعت لإصدار الشيك ورد على دفاع الطاعن في
هذا الشأن واطرحه في منطق سائغ ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد
. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم دستورية الفقرة
الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة واطرحه
في قوله " وحيث إنه عن الدفع بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الثالثة
إصدار من قانون التجارة فيما تضمنته من عبارة (ويطبق على الشيك الصادر قبل هذا
التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره إذا كان ثابت التاريخ أو
تم إثبات تاريخه وذلك لمخالفته المواد 40 ، 41 ، 66 ، 187 من الدستور) ، فإنه لما
كان من المقرر أن محكمة الموضوع وحدها الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية
، وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية
جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة الدستورية في
الدعوى رقم 42 لسنة 24 ق دستورية جلسة 12/11/2006 والدعوى رقم 172 لسنة 25 ق
دستورية جلسة 12/11/2006 وكذلك الدعوى رقم 118 لسنة 21 ق دستورية جلسة 15/1/2006
المُقَدَم صورها طي حافظة المستندات الثانية المقدمة من المتهم ، قد بحثت مدى
دستورية المادة الثالثة إصدار من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 وانتهت إلى
قضائها بعدم قبول تلك الدعاوى جميعاً لانتفاء
المصلحة بزوال العقبة القانونية المتمثلة في تأجيل العمل بأحكام الشيك ،
الأمر الذي ترى معه المحكمة عدم جدية هذا الدفع ، ومن ثم ترفضه المحكمة " ،
لما كان ذلك ، وكان هذا الذي أورده الحكم صائباً لاتساقه مع مواد قانون المحكمة
الدستورية والمادة 16 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 التي تجعل لمحكمة
الموضوع وحدها تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية ، كما أن الأمر بوقف الدعوى
المنظورة أمام محكمة الموضوع وتحديد ميعاد لرفع دعوى بعدم الدستورية جوازي لها
ومتروك لمطلق تقديرها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير
أساس . لما كان ذلك ، وكان من المُقرر أن مقتضى قاعدة شرعية الجريمة والعقاب ، أن
القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة
بقانون لاحق ينسخ أحكامه ، وهذا هو ما قننته الفقرة الأولى من المادة الخامسة من
قانون العقوبات بنصها على أن " يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به
وقت ارتكابها " وما أوردته المادة المشار إليها في فقرتها الثانية من أنه
" ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم
فهو الذي يتبع دون غيره " ، إنما هو استثناء من الأصل العام يؤخذ في تفسيره بالتضييق ويدور وجوداً وعدماً من العلة التي
دعت إلى تقريره ؛ لأن المرجع في فض التنازع بين القوانين من حيث الزمان هو
قصد الشارع الذي لا تجوز مصادرته فيه . لما كان ذلك ، وكان يبين من سياق ما
استحدثه قانون التجارة الجديد في شأن الشيك أن المشرع حين وضع قواعد شكلية
وموضوعية مُحْكَمة لهذه الورقة التجارية لم يقصد أن ينفي عن الشيكات التي صدرت قبل
العمل بأحكامه هذه الصفة لمجرد مخالفتها للقواعد التي استحدثها ، بل اعتد بتلك
الشيكات متى استوفت شرائطها وفقاً للقواعد القانونية السارية وقت صدارها ، وعَمَد
إلى تأكيد سلامتها وصحتها ، فقد نص في الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد
الإصدار المعدلة بالقانون رقم 158 لسنة 2003 والمعمول به في 4/7/2003 على أنه
" وتطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في
تاريخ إصداره إذا كان ثابت التاريخ أو تم إثبات تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2006
" ، ومن ثم فإنه متى اعتُبِرَت الورقة شيكاً طبقاً للقانون الساري قبل نفاذ
نصوص الفصل الخاص بأحكام الشيك في قانون التجارة الجديد - وذلك طبقاً لما نصت عليه
صراحة الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد الإصدار - فإن إعطاءه دون أن يكون
له رصيد قائم وقابل للسحب يشكل فعلاً مجرماً ،
ولا مجال بالتالي لما نصت عليه المواد 473 ، 474 ، 475 من قانون التجارة
الجديد في شأن تحديد شكل الشيك وبياناته من قبيل القانون الأصلح للمتهم ، إذ يكتمل
حكمها بما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة المار ذكرها ، لما كان ذلك ،
وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ، فإنه
يكون قد وافق صحيح القانون ، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد .
لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ