الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 5 مارس 2015

الطعن 9373 لسنة 66 ق جلسة 3 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 81 ص 622

جلسة 3 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الاكياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد جمال الدين عبد اللطيف وبدر الدين السيد البدوي ومحمد شعبان باشا نواب رئيس المحكمة. وناجي عبد العظيم.

---------------

(81)
الطعن رقم 9373 لسنة 66 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة
والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. المادة 310 إجراءات.
وقعت فيها الدعوى بما تتوافر به كافه العناصر القانونية للجريمة وإيراد مؤدى أدله الثبوت في بيان واف. لا عيب.
(2) دفوع "الدفع ببطلان التسجيلات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفع ببطلان التسجيلات. ما دام قد ورد في عبارة مرسلة مجهلة.
(3) تسجيل المحادثات. مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
طريقة تنفيذ إذن تسجيل المحادثات الشفوية السلكية واللاسلكية والتصوير موكولة إلى عضو الرقابة الإدارية المأذون له بإجرائها تحت رقابة محكمة الموضوع. حقه بالاستعانة في تنفيذ الإذن بالفنيين ورجال الضبط القضائي وغيرهم. ما داموا تحت إشرافه.
(4) دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "شهود".
الدفع ببطلان أقوال الشهود والمحكوم عليه الآخر بالتحقيقات. لا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(5) اشتراك. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "قرائن".
الاشتراك بالاتفاق. مناط تحققه؟
حرية القاضي الجنائي في أن يستمد عقيدته من أي مصدر يشاء ما لم يقيده القانون بنوع معين من الأدلة فله الاستدلال على الاشتراك بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه أو من فعل لا حق للجريمة يشهد به. ما دام لم يقم عليه دليل مباشر.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة في جريمة الرشوة.
(6) إثبات "اعتراف". اشتراك. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إقرار الطاعن بوجود اتفاق بينه والمحكوم عليه الآخر يسمح بموجبه الأول للأخير بسحب كمية البضائع المتحفظ عليها. يرتب الاتفاق بينهما على ارتكاب الجريمة.
تسمية المحكمة هذا الإقرار اعترافاً. لا يعيبه.
(7) مسئولية جنائية "الإعفاء منها". رشوة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
طاعة الرئيس. لا تمتد بحال إلى ارتكاب الجرائم. مؤدى ذلك؟
نعي الطاعن بأنه مجرد عامل وأنه مجبر على الانصياع لما يصدر إليه من تعليمات وأوامر واجبة النفاذ من رؤسائه. غير مجد. ما دام فعل الرشوة واشتراكه فيه عمل غير مشروع ونية الإجرام فيه واضحة.
(8) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(9) إثبات "بوجه عام".
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
(10) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشهود؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(11) عقوبة "العقوبة المبررة". رشوة. تبديد. نقض "المصلحة في الطعن".
انعدام مصلحه الطاعن فيما يثيره بشأن جريمة التبديد. ما دام الحكم عاقبه بالعقوبة المقررة لجريمة الاشتراك في الرشوة التي لم يقبل نعيه بشأنها.

----------------
1 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعنين بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منهما، وكان يبين مما حصله الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها الماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بواقعات الدعوى ومستنداتها لا محل له.
2 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن ما ورد على لسان المدافع عن الطاعنين من أنه يدفع ببطلان التسجيلات - فقد سيق في عبارة مرسلة مجهلة مما لا يعد دفعاً جدياً تلتزم المحكمة بالرد عليه.
3 - لما كان من المقرر أن طريقة تنفيذ الإذن الصادر من النيابة العامة موكولة إلى عضو الرقابة الإدارية المأذون له إجراءات تسجيل المحادثات الشفوية والسلكية واللاسلكية والتصوير يجريها تحت رقابة محكمة الموضوع فله أن يستعين في تنفيذ ذلك بالفنيين ورجال الضبط القضائي وغيرهم بحيث يكونون تحت إشرافه - وهو الحال في الدعوى المطروحة على فرض صحة استعانة المأذون له بالغير تنفيذاً للإذن، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعنين في هذا الخصوص يكون غير قويم.
4 - لما كان البين من مطالعة محاضر جلسات أن الطاعنين لم يثر أحدهما شيئاً بخصوص أقوال المحكوم عليه الثالث بأنها صدرت عنه تحت تأثير إكراه كما لم يثر أمر بطلان أقوال الشهود بتحقيقات النيابة العامة لما لحق بهم من خوف ورهبة لتوجيه الاتهام لبعضهم فليس لأياً منهم أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - لما كان الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتخاذ نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا تظهر بعلامات خارجية - وإذ كان القاضي الجنائي - فيما عدا الأحوال الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة - حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من الاعتراف أو شهادة شهود أو غيره، أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه كما له أن يستنتج حصوله من فعل لا حق للجريمة يشهد به، وكان الحكم قد استدل على أن الطاعن الثاني - كان على اتفاق سابق مع الطاعن الأول على سحب صفائح الجبن غير الصالح للاستهلاك الآدمي واستبداله بجبن آخر غير معيب مقابل جعل نقدي معين تقاضي جزءاً منه فعلاً، ونفاذاً لهذا الاتفاق قام المحكوم عيه الثالث بسحب أربعين صفيحة تلاها نفس العدد، ولما كان مجمل عدد الصفائح 719 صفيحة ولعدم قدرة المحكوم عليه الثالث على دفع باقي المبالغ المطلوبة فقد اضطر إلى إبلاغ هيئة الرقابة الإدارية التي قامت بتسجيل لقاءات الطاعنين والمحكوم عليه الثالث، وكان ما أورده الحكم سائغاً في المنطق ويتوفر به الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة في جريمة الرشوة على ما هو معرف به في القانون.
6 - لما كان إقرار الطاعن الثاني بالتحقيقات بأنه كان هناك اتفاق بين الطاعن الأول والمحكوم عليه الثالث يسمح بموجبه الأول للأخير بسحب كمية من صفائح الجبن التحفظ عليها - وإن كان لا يعد اعترافاً بالجريمة التي دين بها كما هي معرفة به قانوناً، وإلا أنه يؤكد اتفاقه مع المتهم الأول على سحب واستبدال صفائح متحفظ عليها بالثلاجة المنوط به العمل عليها، هذا ولم تخطئ المحكمة في تسمية هذا الإقرار اعترافاً على نحو ما ذهب إليه بوجه طعنه - كما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع شهود، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله.
7 - لما كان من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلى ارتكابه الجرائم وأنه ليس على مرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه. وكان فعل الرشوة واشتراك الطاعن فيه الذي أسند إليه ودانته المحكمة به هو عمل غير مشروع ونية الإجرام فيه واضحة بما لا يشفع للطاعن فيما يدعيه بأنه مجبر على الانصياع لما يصدر من تعليمات وأوامر واجبة النفاذ، فمن ثم لا يجدي الطاعن الثاني ما آثاره في هذا الخصوص من أوجه نعي لا محل لها.
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
9 - لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشة على حده باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
10 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال أعضاء الرقابة الإدارية والشهود وإقرارات المتهمين واقتناعه بارتكاب الطاعنين للجرائم المسندة لكل منهما على الصورة التي شهدوا بها، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية اقتراف كل من الطاعنين للأفعال المسندة إليهما فلا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حدوثه على الصورة التي قررها الشهود والمتهمين والتي تأيدت بالتسجيلات والتقارير الفنية، فإن ما يثيره كل من الطاعنين من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها - على النحو الذي ذهب إليه الطاعنين بأسبابهما - ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتهما فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
11 - لما كان الحكم قد أوقع على الطاعن الثاني عقوبة واحدة عن جميع الجرائم المسندة إليه نظراً للارتباط تطبيقاً للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات وهي العقوبة المقررة للجريمة الأولى الأشد وهي الاشتراك في الرشوة التي ثبتت في حقه على نحو ما سلف فلا يجديه من بعد ما أثاره من مناعي على جريمة التبديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ..... "طاعن" 2 - ..... "طاعن" 3 - .... بوصف أنهم: أولاً المتهم الأول: 1 - بصفته موظفاً عمومياً (أخصائي زراعي ثان بوزارة التموين والتجارة الخارجية) طلب وأخذ لنفسه ولغيره مبالغ نقدية على سبيل الرشوة للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من المتهم الثالث لنفسه مبلغ أحد عشر ألف جنيهاً أخذ منها الآخر مبلغ ألفي جنيه وشيكاً بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل الرشوة مقابل تسليم المتهم الثالث صفائح الجبن التي تحفظ عليها الأول بمناسبة وظيفته لدى المتهم الثاني على سبيل الوديعة لعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي والتي تحرر عنها المحضر رقم..... لسنة 1994 جنح الأزبكية. ثانياً المتهم الثاني 1 - اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجناية سالفة الذكر بأن اتفق معه على ارتكابها وساعده بأن سمح للمتهم الثالث بسحب كمية من الصفائح المتحفظ عليها على سبيل الوديعة وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. 2 - عين لأخذ جزء من المبلغ النقدي موضوع الرشوة وقدره سبعة آلاف جنيه مع علمه بسببه. 3 - بدد صفائح الجبن المسلمة إليه على وجه الوديعة من قبل المتهم الأول بصفته الوظيفية بأن سمح للمتهم الثالث باستلام جزء منها على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً المتهم الثالث: قدم رشوة لموظف عام للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدم للمتهم الأول بمناسبة وظيفته وللمتهم الثاني بناء على طلب الأول المبالغ النقدية موضوع التهمة الأولى مقابل السماح له باستلام صفائح الجبن المملوك له والمتحفظ عليه لدى الثاني لحين التصرف في القضية سالفة البيان مع عدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالث عملاً بمواد الاتهام 40/ 2، 3، 41، 103، 104، 107 مكرراً، 108 مكرر، 341 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة كل منها بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه ألفي جنيه "2000 جنيهاً".
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجريمة الرشوة ودان الطاعن الثاني بجريمة الاشتراك في الرشوة، وأخذ جزء منها، والتبديد، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه اعتوره الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى ومستنداتها، وإذ لم يستظهر دور كل طاعن والمتهم الآخر ومن هو الفاعل الأصلي والشريك والأفعال التي أتوها، وعول في الإدانة على محتوى التسجيلات رغم الدفع ببطلانها لأن يد العبث امتدت إليها بالحذف والتغيير والتبديل، كما أن النيابة العامة أذنت لعضو الرقابة الإدارية بمباشرة إجراءات التسجيل إلا أنه أسندها للمحكوم عليه الثالث وهو من آحاد الناس بما يدمغ تلك الإجراءات بالبطلان، وتساند في إدانة الطاعن الأول على أقوال المتهم الثالث رغم أنها وليدة إكراه معنوي، كما أن الطاعن الثاني مجرد عامل بإحدى الشركات الخاصة ومن موجبات عمله الإذعان لأوامر رؤسائه فلا يعدو دوره سوى مجرد تنفيذ ما يتلقاه من تعليمات ولا صلة للشركات التي يعمل بها بواقعة الرشوة، وخلت الأوراق من أي دليل أو حتى قرينة على ثبوت الاتهام في حقه إذ قدم شهادة معتمدة تثبت إعدام عدد من صفائح الجبن كاملة، مما ينفى جريمة التبديد، كما أن زعم عضو الرقابة الإدارية بأن الشيك المثبت به الجعل المالي بادر الطاعن بالأول بتمزيقه محاولة منه لطمس دليل إدانته هو قول مختلق لا يستقيم وماديات الدعوى إذ لو صح زعمه لبادر لجمع قصاصات الشيك وتحريزها واتخاذ الإجراءات واجبة الاتباع حيالها وهو ما لم يحدث. كما أن المحكمة طلبت من الدفاع تقديم مذكرات بأوجه الدفاع والدفوع على خلاف الأصل العام وهو شفهية المرافعة ورغم ذلك أغفلتها فلم تعرض لها، كما عول الحكم على أقوال الشهود بالتحقيقات رغم بطلانها لما لحق بهم من خوف ورهبة عندما وجهت النيابة العامة الاتهام لكل منهم، كما عول الحكم على اعتراف الطاعن الثاني رغم أن أقواله لا تعد اعترافاً. هذا جميعه مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه في...... قامت حمله تموينية بعضويتها الطاعن الأول..... - أخصائي زراعي بوزارة التموين - بضبط صفائح جين غير صالح للاستهلاك الآدمي مملوكة للمحكوم عليه الثالث....... وكانت مودعة بثلاجة..... عهدة الطاعن الثاني....... حرر الطاعن الأول محضراً وتحفظ على صفائح الجبن لدى الطاعن الثاني بموجب قرار موقعاً عليه منه وفي نهاية شهر يناير سنة 1995 توجه الأول إلى الثالث وطلب لنفسه وللثاني مبالغ نقدية على سبيل الرشوة مقابل السماح للثالث بسحب إعداد من صفائح الجبن المتحفظ عليها واستبدالها بصفائح من الجبن الصالح للاستهلاك الآدمي، وفي 6/ 2/ 1995 توجه الثاني لحانوت الثالث وقبض منه مبلغ ألفي جنيه مقابل سحب عدد أربعين صفيحة وطلب منه مقابلة الأول في الساعة الثامنة مساء نفس اليوم في محل....... وبالفعل قابله وشرح له كيفية سحب واستبدال الصفائح وطلب منه مبلغ ألفي جنيه تحت الحساب فأعطاه المبلغ وبالفعل قام بسحب أربعين صفيحة أخرى فقام الثالث بإبلاغ الرقابة الإدارية بما تقدم فاستصدرت إذناً من النيابة العامة تسجيل صوت وصورة لما يقع من مقابلات ومحادثات وضبط الطاعنين حال تقاضيهما مبالغ الرشوة وأسفر ذلك عن إثبات واقعة لقاء يوم..... وفيه طلب الأول من الثالث مبلغ عشرة آلاف جنيه لنفسه ومبلغ خمسة آلاف جنيه للثاني خلاف ما تم دفعه مقابل استبدال صفائح الجبن المضبوطة، كما تم تسجيل لقاء يوم..... في إمبابة بين الثلاثة تم الاتفاق فيه على كيفية سحب الجبن الفاسد ووضع جبن غير فاسد بدلاً منه وإعادة لحام ذات الصفائح مقابل أن يتقاضى الثاني مبلغ 1000 جنيه توزع على عمال الثلاجة المتحفظ بها على الصفائح المضبوطة ويحرر للثاني شيكاً بمبلغ 5000 جنيه يرد له بعد إعطائه قيمته مساء يوم...... بمحل الأمريكين وقام الثالث بإعداد مبلغ 2000 جنيه للأول كجزء من مبلغ الرشوة وتوجه للمكان المحدد وتقابل مع الأول وأعطاه مبلغ 2000 جنيه وكذا الشيك فوضع المبلغ بجيبه، وتم مداهمته وضبط المبلغ بجيبه واصطحابه لمقر الرقابة الإدارية، وأنه قام بتمزيق الشيك الذي كان معه وتخلص منه. وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها للطاعنين أدلة استقاها من أقوال عضوي الرقابة الإدارية وخبير الأصوات بالإذاعة ومديرة المنتجات الحيوانية بوزارة التموين وما قرره المتهمون بالتحقيقات وما جاء بتقريري خبير الأصوات ومعامل وزارة الصحة وما أسفرت عنه معاينة الصفائح المتحفظ عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعنين بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منهما، وكان يبين مما حصله الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها الماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بواقعات الدعوى ومستنداتها لا محل له. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن ما ورد على لسان المدافع عن الطاعنين من أنه يدفع ببطلان التسجيلات - فقد سيق في عبارة مرسلة مجهلة مما لا يعد دفعاً جدياً تلتزم المحكمة بالرد عليه، فضلاً عن أن الحكم رغم ذلك عرض لما أثير وأطرحه بقوله: "وحيث إنه عن الدفع الذي أثاره الدفاع ببطلان التسجيلات فمردود عليه بأن الثابت من الأوراق أن هذه التسجيلات قد تمت بناء على إذن النيابة العامة وأن الإجراءات التي اتبعت في شأنها تتفق مع الشرعية الإجرائية ولا مطعن عليها ومن ثم فإن المحكمة ترتاح إليها وتطمئن إلى ما ورد فيها بما يتعين معه الالتفات عن هذا الدفع". ولما كان من المقرر أن طريقة تنفيذ الإذن الصادر من النيابة العامة موكولة إلى عضو الرقابة الإدارية المأذون له إجراءات تسجيل المحادثات الشفوية والسلكية واللاسلكية والتصوير يجريها تحت رقابة محكمة الموضوع فله أن يستعين في تنفيذ ذلك بالفنيين ورجال الضبط القضائي وغيرهم بحيث يكونون تحت إشرافه - وهو الحال في الدعوى المطروحة على فرض صحة استعانة المأذون له بالغير تنفيذاً للإذن، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعنين في هذا الخصوص يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات أن الطاعنين لم يثر أحدهما شيئاً بخصوص أقوال المحكوم عليه الثالث بأنها صدرت عنه تحت تأثير إكراه كما لم يثر أمر بطلان أقوال الشهود بتحقيقات النيابة العامة لما لحق بهم من خوف ورهبة لتوجيه الاتهام لبعضهم فليس لأياً منهم أن يثر هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن الثاني في شأن اشتراكه في جريمة الرشوة ورد عليه في قوله: "وحيث إنه لما كان الثابت أن المتهم الثاني توجه إلى محل المتهم الثالث وطلب منه مبلغ ألفي جنيه في مقابل سحب أربعين صفيحة من الجبن المتحفظ عليه وأخذ المبلغ بالفعل كما طلب منه ضرورة مقابلة المتهم الأول في مساء نفس اليوم بالأمريكين بـ..... وكان الثابت أيضاً أن المتهم الثالث قد اصطحب المتهم الثاني بسيارته لمقابلة المتهم الأول بإمبابة بناء على اتفاق مسبق بين المتهمين الأول والثالث ولقاء الثلاثة معاً في هذا المكان وقد دار الحوار بينهم حول مبلغ الرشوة المطلوب وكيفية قيام المتهم الثالث بسحب الجبن المتحفظ عليه لدى المتهم الثاني فهذا كله يؤكد اتفاق المتهم الثاني مع الأول ومساعدته إياه في ارتكابه لجريمة الرشوة المتوفرة في حقه الأمر الذي تلتفت معه المحكمة عما أثاره دفاع المتهم الثاني في هذا الشأن". وإذ كان الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا تظهر بعلامات خارجية - وإذ كان القاضي الجنائي - فيما عدا الأحوال الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة - حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من الاعتراف أو شهادة شهود أو غيره، وأن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه كما له أن يستنتج حصوله من فعل لا حق للجريمة يشهد به، وكان الحكم قد استدل على أن الطاعن الثاني - كان على اتفاق سابق مع الطاعن الأول علة سحب صفائح الجبن غير الصالح للاستهلاك الآدمي واستبداله بجبن آخر غير معيب مقابل جعل نقدي معين تقاضي جزءاً منه فعلاً، ونفاذاً لهذا الاتفاق قام المحكوم عليه الثالث بسحب أربعين صفيحة تلاها نفس العدد، ولما كان مجمل عدد الصفائح....... صفيحة ولعدم قدرة المحكوم عليه الثالث على دفع باقي المبالغ المطلوبة فقد اضطر إلى إبلاغ هيئة الرقابة الإدارية التي قامت بتسجيل لقاءات الطاعنين والمحكوم عليه الثالث، وكان ما أورده الحكم سائغاً في المنطق ويتوفر به الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة في جريمة الرشوة على ما هو معرف به في القانون. لما كان ذلك، وكان إقرار الطاعن الثاني بالتحقيقات بأنه كان هناك اتفاق بين الطاعن الأول والمحكوم عليه الثالث يسمح بموجبه الأول للأخير بسحب كمية من صفائح الجبن المتحفظ عليها - وإن كان لا يعد اعترافاً بالجريمة التي دين بها كما هي معرفة به قانوناً، وإلا أنه يؤكد اتفاقه مع المتهم الأول على سحب واستبدال صفائح متحفظ عليها بالثلاجة المنوط به العمل عليها، هذا ولم تخطئ المحكمة في تسمية هذا الإقرار اعترافاً على نحو ما ذهب إليه بوجه طعنه - كما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع شهود، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير محله، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم وأنه ليس على مرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه. وكان فعل الرشوة واشتراك الطاعن فيه الذي أسند إليه ودانته المحكمة به هو عمل غير مشروع ونية الإجرام فيه واضحة بما لا يشفع للطاعن فيما يدعيه بأنه مجبر على الانصياع لما يصدر من تعليمات وأوامر واجبة النفاذ، فمن ثم لا يجدي الطاعن الثاني ما أثاره في هذا الخصوص من أوجه نعي لا محل لها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشة على حده باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. ولما كان الحكم لم يذهب في أي موضع منه إلى وجود شهادة رسمية بإعدام بعض الصفائح المتحفظ عليها على نحو ما ذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه وخلا محضر جلسة المحاكمة من أية إشارة لتلك الشهادة أو ثمة منعى على ورقة الشيك التي مزقها الطاعن الأول عند اقتياده لمقر هيئة الرقابة الإدارية، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال أعضاء الرقابة الإدارية والشهود وإقرارات المتهمين واقتناعه بارتكاب الطاعنين للجرائم المسندة لكل منهما على الصورة التي شهدوا بها، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية اقتراف كل من الطاعنين للأفعال المسندة إليهما فلا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حدوثه على الصورة التي قررها الشهود والمتهمين والتي تأيدت بالتسجيلات والتقارير الفنية، فإن ما يثيره كل من الطاعنين من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها - على النحو الذي ذهب إليه الطاعنين بأسبابهما - ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أوقع على الطاعن الثاني عقوبة واحدة عن جميع الجرائم المسندة إليه نظراً للارتباط تطبيقاً للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات وهي العقوبة المقررة للجريمة الأولى الأشد وهي الاشتراك في الرشوة التي ثبتت في حقه علي نحو ما سلف فلا يجديه من بعد ما أثاره من مناعي علي جريمة التبديد، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 12971 لسنة 60 ق جلسة 4 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 82 ص 636

جلسة 4 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وحامد عبد الله وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة. وشبل حسن.

----------------

(82)
الطعن رقم 12971 لسنة 60 القضائية

(1) سب وقذف. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
ركن العلانية في جريمة السب. تحققه. بتوافر عنصرين توزيع الكتابة المتضمنة عبارات السب على عدد من الناس بغير تمييز. انتواء الجاني إذاعة المكتوب.
(2) سب وقذف. حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
سلامة الحكم بالإدانة في جريمة السب العلني. رهينة ببيان عنصر العلانية وطريقة توافرها في واقعة الدعوى وألفاظ السب التي بنى قضاؤه عليها.
عنصر العلانية - لا يكفي لتوافره أن تكون عبارات السب مكتوبة. وجوب أن يكون الجاني قصد إذاعة ما أسنده إلى المجني عليها. إغفال الحكم بيان مقصد الطاعنين من فعلهم وألفاظ السب. قصور.

----------------
1 - من المقرر أن العلنية في جريمة السب لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات السب على عدد من الناس بغير تمييز، ثانيهما انتواء الجاني إذاعة ما هو مكتوب.
2 - لما كان من المقرر أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة السب العلني أن يبين عنصر العلانية وطريقة توافرها في واقعة الدعوى وأن يشتمل بذاته على بيان ألفاظ السب التي بنى قضاءها عليها حتى يتسنى لمحكمة النقض القيام بوظيفتها في مراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح. وكان ما حصله الحكم في صدد بيانه واقعة الدعوى لا يتوافر فيه عنصر العلانية ذلك بأنه لا يكفي لتوافر العلانية أن تكون عبارات السب مكتوبة بل يجب أن يكون الجاني قد قصد إذاعة ما أسنده إلى المجني عليها وكان الحكم قد أغفل بيان مقصد الطاعنين من فعلهم، كما خلا من بيان ألفاظ السب فإنه يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الإدعاء المباشر ضد الطاعنين بوصف أنهم سبوها علناً بأن وجهوا إليها كتابة ألفاظ السب المبينة بالصحفية والتي من شأنها المساس بشخصها وشرفها. وطلبت عقابهم بالمادة 306 من قانون العقوبات وإلزامهم بأن يؤدوا لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتغريم كل منهم مائة جنيه وإلزامهم بأن يدفعوا للمدعية بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية - بهيئة إستئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة السب العلني وألزمهم بالتعويض قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه لم يستظهر ركن العلانية ولم يبين عبارات السب مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعنين سبوا المدعية بالحقوق المدنية علناً مما أساء إلى سمعتها وشرفها وكان ذلك بالكتابة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العلانية في جريمة السب لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات السب على عدد من الناس بغير تمييز. ثانيهما انتواء الجاني إذاعة ما هو مكتوب. وكان من المقرر أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة السب العلني أن يبين عنصر العلانية وطريقة توافرها في واقعة الدعوى وأن يشتمل بذاته على بيان ألفاظ السب التي بنى قضاءه عليها حتى يتسنى لمحكمة النقض القيام بوظيفتها في مراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح. وكان ما حصله الحكم في صدد بيانه واقعة الدعوى لا يتوافر فيه عنصر العلانية ذلك بأنه لا يكفي لتوافر العلانية أن تكون عبارات السب مكتوبة بل يجب أن يكون الجاني قد قصد إذاعة ما أسنده إلى المجني عليها وكان الحكم قد أغفل بيان مقصد من فعلهم, كما خلا من بيان ألفاظ السب فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة.

الطعن 26620 لسنة 67 ق جلسة 6 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 83 ص 639

جلسة 6 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب وعبد الرؤوف عبد الظاهر نواب رئيس المحكمة. وأحمد عمر محمدين.

-------------

(83)
الطعن رقم 26620 لسنة 67 القضائية

(1) نقض "إيداع الأسباب. ميعاده".
إيداع أسباب الطعن بالنقض. بعد الميعاد المقرر قانوناً. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
عدم تقديم أسباب الطعن بالنقض في الميعاد. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(3) إعدام. نقض "ميعاده". محكمة النقض "سلطتها".
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام دون التقيد بميعاد محدد أو بالرأي الذي انتهت إليه النيابة بمذكرتها. أساس ذلك؟
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
خلط الحكم بين اسمي المجني عليهما لدى بيانه وقائع القتل وخطؤه في ترتيب أسماء المتهمين في الدعوى. لا ينال سلامته. أساس ذلك؟
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم توكيل المتهمين محامياً للدفاع عنهم وندب المحكمة محامياً لهم ترافع في الدعوى. حسبما أوصى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته. مفاده: تحقق الغرض الذي ابتغاه القانون من حضور محام مع كل متهم في جناية.
(6) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
للمحكمة الأخذ باعتراف المتهم في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة. ولو عدل عنه بعد ذلك. ما دامت اطمأنت إليه.
مثال لتسبيب سائغ في إطراح دفاع المتهمين بعدم صحة الاعتراف.
(7) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ظروف مشددة. سبق إصرار. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
سبق الإصرار. استخلاص القاضي له من ظروف الدعوى وعناصرها. ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا تتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل مع سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.
(8) قتل عمد. ارتباط "رابطة السببية". ظروف مشددة. قصد جنائي.
الجمع بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المنصوص عليها في المادين 230، 231 عقوبات وجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة المنصوص عليها في المادة 234 من ذات القانون. جائز. متى توافرت أركانها.
استظهار الحكم رابطة السببية بين الجريمتين وأنهما ارتكبتا بقصد جنائي واحد وتوقيع عقوبة الإعدام استناداً إلى ذلك. صحيح في القانون.
(9) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 15 من سبتمبر سنة 1997 فقرر المحكوم عليهم..... و...... و...... الطعن بطريق النقض في 16 من سبتمبر سنة 1997 بيد أن الأسباب التي بني عليها طعنهم لم تودع إلا في 15 من ديسمبر من ذات العام، بعد فوات الميعاد المحدد لذلك في المادة 34/ 1 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - بعد تعديلها بالقانون 23 لسنة 1992 - وهو ستون يوماً من تاريخ الحكم المطعون فيه - دون قيام عذر يبرر تجاوز هذا الميعاد، فإن الطعن المقدم منهم يكون غير مقبول شكلاً.
2 - لما كان المحكوم عليهم..... و...... و....... وإن قرروا بالطعن بالنقض في الميعاد المحدد، إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم، ومن ثم يكون الطعن المقدم من كل منهم غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
3 - لما كانت النيابة العامة وإن عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
4 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم أنه حين أورد بيان وقائع القتل قد خلط بين اسمي المجني عليهما في الواقعتين الأولى والثالثة وأخطأ في بيان ترتيب اسم المتهم..... بين المتهمين عند ذكره واقعة سفره للقاهرة لإحضار السيارة قيادة المجني عليه الثالث فهي نافلة مردها خطأ مادي بحت جرى به حكم المحكمة فحسب إذ الواضح من مدونات الحكم أن المحكمة قد فطنت تماماً إلى حقيقة وقائع الدعوى وتسلسل إحداثها وتاريخ وقوع كل منها ودور كل متهم فيها تحديداً.
5 - لما كان الثابت بمحضر جلسات المحاكمة أنه بجلسة.... حضر محام موكلاً مع المتهم الخامس..... ولم يوكل أي من باقي المتهمين مدافعاً عنه أو يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام. فندبت المحكمة لهم محامياً للدفاع عنهم وأجابته لطلبه التأجيل للاطلاع والاستعداد، فأجلت نظر الدعوى لجلسة..... وفيها لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم الخامس فندبت المحكمة المحامي المنتدب ذاته للدفاع عنه أيضاً، وترافع في الدعوى شارحاً ظروفها ونعى على اعتراف المتهمين بالتحقيقات أنه مغالي فيه وخيالي وصدر منهم بغية استدرار العطف عليهم وأن أمر تقديره متروك للمحكمة وطلب استعمال منتهى الرأفة معهم، فإن المحكمة بذلك تكون قد وفرت للمتهمين حقهم في الدفاع كما أن المحامي المنتدب للدفاع عنهم - وحسبما هو ثابت بمحضر جلسات المحاكمة - قد أدى واجبه على النحو الذي قدره وحسبما أوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته وهو ما يحقق الغرض الذي ابتغاه القانون من حضور محام مع كل متهم في جناية.
6 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، كما أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدل عنه بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المعروض أن المحكمة بعد أن أفصحت عن اطمئنانها إلى صحة إقرار المتهمين في محضر الضبط والتحقيقات وسلامته مما يشوبه ومطابقته للحقيقة والواقع أخذت به وعولت عليه - ضمن ما عولت - في قضائها بالإدانة، ثم عرضت من بعد إلى ما أثاره الدفاع من أن هذه الاعترافات خيالية ومبالغ فيها ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن قول الدفاع بأن إقرار المتهمين مبالغ فيه فهذا القول مرسل لم يحدد الدفاع ماهية هذه المبالغة فلم يقدم ثمة دليل أو قرينة على أن إقرار المتهمين أمام النيابة قد فقد شروط صحته وإنما جاء هذا القول من الدفاع قولاً مرسلاً لم يؤيد بأي دليل فتلتفت المحكمة عنه" لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمونة أن القبض على المتهمين قد تم وفق إجراءات قانونية صحيحة وأن أحداً منهم طوال مراحل التحقيق وإجراء المعاينة وبجلسات تجديد حبسهم أو محاكمتهم - لم ينع على اعترافه بمحضر الضبط والتحقيقات بأي منعى، فإن هذا الذي رد به الحكم ينهض كافياً لدحض قالة الدفاع في هذا الصدد.
7 - لما كان الحكم المعروض قد دلل على نية القتل بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي وإن كانت أمراً خفياً في نفس الجاني إلا أن ملابسات الدعوى تكشف عن وجودها وآية توافر هذه النية في نفس الجناة هو ما قرره المتهمان.... و..... من النصب عليهما من المدعو...... بعد أن باع لهما سيارة ودفعا له من ثمنها مبلغ 500 جنيه اقترضها المتهم ..... وحرر له على نفسه إيصال أمانة بالمبلغ ثم اكتشف أن البائع قد نصب عليهما ولم يكن لديه أي سيارات الأمر الذي دعاهما يصممان مع باقي المتهمين الذين انضموا إليهما على القتل بقصد السرقة ثم اجتمعا وباقي المتهمين وتحالفوا على استدراج بعض سائقي السيارات النقل من القاهرة إلى الفيوم بحجة نقل بعض الأخشاب أو المنقولات واستدراجهم إلى الصحراء المتاخمة لبلدتهم قرية السريرة محافظة الفيوم وقتلهم والاستيلاء على السيارات قيادتهم واستعمالهم أدوات من شأنها أن تحدث القتل لو استعملت في التعدي وهي العصي الشوم والأخشاب كما أنهم سددوا ضرباتهم إلى المجني عليهم في مقتل من جسمهم وموالاة الاعتداء بقصد إزهاق روحهم على النحو الوارد بإقراراتهم بتحقيقات النيابة العامة ويؤكد هذه النية لدى المتهمين جميعاً قيامهم بإخفاء جثث المجني عليهم بعد توثيق إحداها بالحبال في الرمال بصورة جعلت بعض الحيوانات المفترسة تنهش بعضها على النحو الوارد بمعاينة النيابة العامة كل ذلك يكشف عن نية القتل لدى المتهمين جميعاً، ولا يغير من ذلك أن المتهمين عند اجتماعهم وتحالفهم لم يحددوا شخصاً بعينه وإنما كان مقصدهم قتل أي سائق لسيارة نقل بقصد الاستيلاء عليها فكان ضحية هذا التصميم المجني عليهم الثلاثة المذكورين. لما كان ذلك فقد اطمأنت المحكمة إلى أن المتهمين جميعاً قد اتجه قصدهم إلى إزهاق روح المجني عليهم" كما دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بقوله: "دليل توافر هذا الظرف في نفس المتهمين هو ما تعرض له المتهمان..... و..... منذ عام سابق على ارتكابهم لهذه الوقائع وهي واقعة شرائهما لسيارة من........ ودفع مبلغ خمسمائة جنيه له ثم اتضح أنه قد نصب عليهما إذ لا يوجد لديه سيارات مما جعل المتهمون يفكرون في روية وتدبر في كيفية الانتقام من بعض سائقي سيارات نصف النقل والفتك بهم بعد أن اجتمع بهم المتهمان الأول والثاني وتحالفهم على الانتقام بأن يستدرج أحدهم السائق من القاهرة إلى دائرة مركز اطسا محافظة الفيوم ثم إلى المنطقة الصحراوية وقتله والاستيلاء على السيارة قيادته وذلك على فترات متباعدة مما يؤكد للمحكمة أن المتهمين قد فكروا وصمموا في روية وهدوء نفس على تنفيذ جرائمهم وأعدوا لذلك عصياً وشوماً وانهالوا بها على المجني عليهم حتى فارقوا الحياة". ولما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، وما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى المتهمين، وفي الكشف عن توافر سبق الإصرار في حقهم وقد ساق لإثباتها قبلهم من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققهما طبقاً للقانون.
8 - لما كان لا يوجد في القانون ما يحول دون الجمع بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المنصوص عليها في المادتين 230، 231 من قانون العقوبات وجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 234 من القانون ذاته متى توافرت أركانها، وكان الحكم المعروض قد أوضح رابطة السببية بين القتل العمد للمجني عليهم وارتكاب جنحة سرقة السيارة قيادة كل منهم التي كانت الغرض المقصود منه بما يتحقق به الظرف المشدد كما هو معرف به في القانون، هذا إلى أن توافر أي من هذين الظرفين كاف لتوقيع عقوبة الإعدام التي أوقعها الحكم. فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون.
9 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليهم بالإعدام عنها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة للقضية إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولاً: قتلوا عمداً.... مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك عصى واستدرجوه إلى منطقة صحراوية وانهالوا عليه ضرباً بعصيهم قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا إصاباته التي أودت بحياته وقد ارتبطت هذه الجناية بجنحة أخرى هي أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا السيارة رقم..... نقل القاهرة قيادة المجني عليه والمملوكة لـ..... ثانياً: قتلوا عمداً..... مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك عصى واستدرجوه إلى منطقة صحراوية وانهالوا عليه ضرباً بعصيهم قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا إصاباته التي أودت بحياته وقد ارتبطت هذه الجناية بجنحة أخرى هي أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا السيارة رقم .... نقل القاهرة قيادة المجني عليه والمملوكة لـ..... ثالثاً: قتلوا عمداً ..... مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك عصى واستدرجوه إلى منطقة صحراوية وانهالوا عليه ضرباً بعصيهم قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا إصاباته التي أودت بحياته وقد ارتبطت هذه الجناية بجنحة أخرى هي أنهم في ذات الزمان والمكان سالفى الذكر سرقوا السيارة رقم..... نقل القاهرة قيادة المجني عليه والمملوكة لـ...... وأحالتهم إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وبجلسة ...... قررت المحكمة المذكورة بإجماع الآراء بإحالة ملف القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي بالنسبة للمتهمين وحددت جلسة ..... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 231، 234/ 2، 317/ 4، 5 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقاً عما أسند إليهم.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 15 من سبتمبر سنة 1997 فقرر المحكوم عليهم..... و..... و...... الطعن بطريق النقض في 16 من سبتمبر سنة 1997 بيد أن الأسباب التي بنى عليها طعنهم لم تودع إلا في 15 من ديسمبر من ذات العام، بعد فوات الميعاد المحدد لذلك في المادة 34/ 1 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - بعد تعديلها بالقانون 23 لسنة 1992 - وهو ستون يوماً من تاريخ الحكم المطعون فيه - دون قيام عذر يبرر تجاوز هذا الميعاد، فإن الطعن المقدم منهم يكون غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن المحكوم عليهم...... و..... و...... وإن قرروا بالطعن بالنقض في الميعاد المحدد، إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم، ومن ثم يكون الطعن المقدم من كل منهم غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بنى عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون برقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
ومن حيث إن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن المحكوم عليهم عدا الخامس.... قد اتفقوا فيما بينهم على أن يقوموا بسرقة السيارات النصف نقل وذلك بعد استدراج سائقيها من القاهرة إلى قريتهم بمركز اطسا بمحافظة الفيوم بحجة نقل أخشاب ثم قتل السائق وسرقة السيارة، وأقسموا على ألا يفشوا سرهم، وتنفيذاً لهذا الاتفاق توجه المتهم...... إلى القاهرة في غضون شهر...... 1994 وفي منطقة مصر الجديدة التقى بالمجني عليه الأول...... سائق السيارة رقم ..... نقل القاهرة وطلب منه السفر معه إلى قريته لتحميل بعض الأخشاب فوافق، وكان الباقون في انتظاره في المكان المتفق عليه - وهو طريق من الأسفلت يجرى إنشاؤه في الصحراء المتاخمة لقريتهم المار ذكرها - ومع كل منهم عصا من الشوم الغليظ، وما أن وصلت السيارة إلى هذا المكان ركبوا فيها جميعاً وواصل السائق المجني عليه السير وفق تعليماتهم حتى توغلوا في الصحراء ثم طالبوه بإيقاف السيارة ونزلوا منها ونزل السائق فالتفوا حوله وانهالوا عليه ضرباً بعصيهم الغليظة حتى أردوه قتيلاً ثم حفروا له حفرة في الصحراء وأردوه فيها وهالوا عليه الرمال وسرقوا السيارة قيادته ثم باعوها وفي غضون شهر سبتمبر من ذات العام عن لهم تكرار جريمتهم فتوجه المتهمون....... و...... و..... إلى منطقة الزيتون بالقاهرة حيث اشتروا أربعة أبواب خشبية وطلبوا من المجني عليه الثاني....... سائق السيارة رقم..... نقل القاهرة توصيلهم إلى بلدتهم لقاء أجر فوافقهم، ورافقه الأول في السيارة بينما خف الآخران يسبقانه في سيارة أجرة إلى قريتهم يزفان بشرى الصيد الثمين إلى المتهمين...... و...... وانتظروا معاً وصول السيارة في نفس المكان المار بيانه في الواقعة الأولى، وما أن وصلت ركبوا فيها وأرشدوا السائق إلى الطريق الذي يسلكه لتوصيل الأبواب الخشبية متعمدين أن تخوض السيارة في مناطق رملية حتى غرزت إطاراتها في الرمال فنزلوا منها بحجة محاولة دفعها وما أن نزل السائق ليعاونهم حتى انهالوا عليه ضرباً بعصيهم ولم يتركوه إلا جثة هامدة ثم قام المتهم........ بتوثيقه بالحبال وحفروا حفرة في الرمال دفنوه فيها وعادوا أدراجهم بعد الاستيلاء على السيارة، وقبيل ضبطهم بعدة أيام وفي نهاية شهر إبريل سنة 1995 انضم إليهم المتهم الخامس...... بعد أن راقت له جرائمهم واستهوتهم وأقسم لهم على الإخلاص وإثباتاً لذلك سافر هو إلى القاهرة ليقتنص لهم صيداً جديداً وتوجه إلى منطقة الحي الثامن بمدينة نصر وتمكن من إقناع المجني عليه الثالث..... سائق السيارة رقم..... نقل القاهرة من السفر معه إلى الفيوم لإحضار بعض المنقولات ورافقه في السيارة حتى وصلوا إلى منزل المتهم..... بالقرية سالفة الذكر حيث كان باقي المتهمين ينتظروه فيه، وركبوا في السيارة وواصل المجني عليه السير بها بإرشادهم حتى وصلوا إلى الطريق الصحراوي ذاته وهناك طلب منه المتهم الرابع...... أن يتولى هو قيادة السيارة فرفض فأنزله عنوة من السيارة وانهالوا عليه جميعاً ضرباً بالعصي من كل جانب حتى لفظ أنفاسه وحملوا جثته في صندوق السيارة وقادها المتهم سالف الذكر لمسافة عشرين كيلو متراً تقريباً حيث دفنوه في حفرة حفروها له على يسار الطريق واستولوا على السيارة التي كان يقودها.
وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الشاهدين المقدم...... الضابط بالإدارة العامة لمكافحة جرائم سرقات السيارات والعميد..... مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ومعاينة النيابة العامة لمكان إخفاء جثث المجني عليهم ومن إقرار المتهمين بمحضر الضبط وتحقيقات النيابة العامة وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً - كما هي قائمة في الأوراق - على ما تبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة المتهمين بوصفهم فاعلين أصليين في ارتكاب جرائم قتل المجني عليهم عمداً مع سبق الإصرار بقصد ارتكاب جنحة سرقة سيارة كل من المجني عليهم، وأنزل عليهم العقاب المنصوص عليه في المواد 231، 234/ 2، 317/ 4، 5 من قانون العقوبات، ولا ينال من سلامة الحكم أنه حين أورد بيان وقائع القتل قد خلط بين اسمي المجني عليهما في الواقعتين الأولى والثالثة وأخطأ في بيان ترتيب اسم المتهم...... بين المتهمين عند ذكره واقعة سفره للقاهرة لإحضار السيارة قيادة المجني عليه الثالث فهي نافلة مردها خطأ مادي بحت جرى به حكم المحكمة فحسب إذ الواضح من مدونات الحكم أن المحكمة قد فطنت تماماً إلى حقيقة وقائع الدعوى وتسلسل إحداثها وتاريخ وقوع كل منها ودور كل متهم فيها تحديداً، ولما كان الثابت بمحضر جلسات المحاكمة أنه بجلسة...... حضر محام موكلاً مع المتهم الخامس..... ولم يوكل أي من باقي المتهمين مدافعاً عنه أو يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام. فندبت المحكمة لهم محامياً للدفاع عنهم وأجابته لطلبه التأجيل للاطلاع والاستعداد، فأجلت نظر الدعوى لجلسة....... وفيها لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم الخامس فندبت المحكمة المحامي المنتدب ذاته للدفاع عنه أيضاً، وترافع في الدعوى شارحاً ظروفها ونعى على اعتراف المتهمين بالتحقيقات أنه مغالى فيه وخيالي وصدر منهم بغية استدرار العطف عليهم وأن أمر تقديره متروك للمحكمة وطلب استعمال منتهى الرأفة معهم. فإن المحكمة بذلك تكون قد وفرت للمتهمين حقهم في الدفاع كما أن المحامي المنتدب للدفاع عنهم - وحسبما هو ثابت بمحضر جلسات المحاكمة - قد أدى واجبه على النحو الذي قدره وحسبما أوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته وهو ما يحقق الغرض الذي ابتغاه القانون من حضور محام مع كل متهم في جناية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، كما أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدل عنه بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المعروض أن المحكمة بعد أن أفصحت عن اطمئنانها إلى صحة إقرار المتهمين في محضر الضبط والتحقيقات وسلامته مما يشوبه ومطابقته للحقيقة والواقع أخذت به وعولت عليه - ضمن ما عولت - في قضائها بالإدانة، ثم عرضت من بعد إلى ما أثاره الدفاع من أن هذه الاعترافات خيالية ومبالغ فيها ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن قول الدفاع بأن إقرار المتهمين مبالغ فيه فهذا القول مرسل لم يحدد الدفاع ماهية هذه المبالغة فلم يقدم ثمة دليل أو قرينة على أن إقرار المتهمين أمام النيابة قد فقد شروط صحته وإنما جاء هذا القول من الدفاع قولاً مرسلاً لم يؤيد بأي دليل فتلتفت المحكمة عنه". لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمونة أن القبض على المتهمين قد تم وفق إجراءات قانونية صحيحة وأن أحداً منهم طوال مراحل التحقيق وإجراء المعاينة وبجلسات تجديد حسبهم أو محاكمتهم - لم ينع على اعترافه بمحضر الضبط والتحقيقات بأي منعى، فإن هذا الذي رد به الحكم ينهض كافياً لدحض قالة الدفاع في هذا الصدد لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد دلل على نية القتل بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي وإن كانت أمراً خفياً في نفس الجاني إلا أن ملابسات الدعوى تكشف عن وجودها وآية توافر هذه النية في نفس الجناة هو ما قرره المتهمان...... و....... من النصب عليهما من المدعو..... بعد أن باع لهما سيارة ودفعا له من ثمنها مبلغ 500 جنيه خمسمائة جنيه اقترضها المتهم...... وحرر له على نفسه إيصال أمانة بالمبلغ ثم اكتشف أن البائع قد نصب عليهما ولم يكن لديه أي سيارات الأمر الذي دعاهما يصممان مع باقي المتهمين الذين انضموا إليهما على القتل بقصد السرقة ثم اجتمعا وباقي المتهمين وتحالفوا على استدراج بعض سائقي السيارات النقل من القاهرة إلى الفيوم بحجة نقل بعض الأخشاب أو المنقولات واستدراجهم إلى الصحراء المتاخمة لبلدتهم....... وقتلهم والاستيلاء على السيارات قيادتهم واستعمالهم أدوات من شأنها أن تحدث القتل لو استعملت في التعدي وهي العصي الشوم والأخشاب كما أنهم سددوا ضرباتهم إلى المجني عليهم في مقتل من جسمهم وموالاة الاعتداء بقصد إزهاق روحهم على النحو الوارد بإقراراتهم بتحقيقات النيابة العامة ويؤكد هذه النية لدى المتهمين جميعاً قيامهم بإخفاء جثث المجني عليهم بعد توثيق إحداها بالحبال في الرمال بصورة جعلت بعض الحيوانات المفترسة تنهش بعضها على النحو الوارد بمعاينة النيابة العامة كل ذلك يكشف عن نية القتل لدى المتهمين جميعاً، ولا يغير من ذلك أن المتهمين عند اجتماعهم وتحالفهم لم يحددوا شخصاً بعينه وإنما كان مقصدهم قتل أي سائق لسيارة نقل بقصد الاستيلاء عليها فكان ضحية هذا التصميم المجني عليهم الثلاثة المذكورين. لما كان ذلك فقد اطمأنت المحكمة إلى أن المتهمين جميعاً قد اتجه قصدهم إلى إزهاق روح المجني عليهم كما دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بقوله: "دليل توافر هذا الظرف في نفس المتهمين هو ما تعرض له المتهمان...... و..... منذ عام سابق على ارتكابهم لهذه الوقائع وهي واقعة شرائهما لسيارة من........ ودفع مبلغ خمسمائة جنيه له ثم اتضح أنه قد نصب عليهما إذ لا يوجد لديه سيارات مما جعل المتهمون يفكرون في روية وتدبر في كيفية الانتقام من بعض سائقي سيارات نصف النقل والفتك بهم بعد أن اجتمع بهم المتهمان الأول والثاني وتحالفهم على الانتقام بأن يستدرج أحدهم السائق من القاهرة إلى دائرة مركز اطسا محافظة الفيوم ثم إلى المنطقة الصحراوية وقتله والاستيلاء على السيارة قيادته وذلك على فترات متباعدة مما يؤكد للمحكمة أن المتهمين قد فكروا وصمموا في روية وهدوء نفس على تنفيذ جرائمهم وأعدوا لذلك عصياً وشوماً انهالوا بها على المجني عليهم حتى فارقوا الحياة". ولما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى المتهمين، وفي الكشف عن توافر سبق الإصرار في حقهم وقد ساق لإثباتها قبلهم من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققهما طبقاً للقانون. لما كان ذلك، وكان لا يوجد في القانون ما يحول دون الجمع بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المنصوص عليها في المادتين 230، 231 من قانون العقوبات وجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 234 من ذات القانون متى توافرت أركانها، وكان الحكم المعروض قد أوضح رابطة السببية بين القتل العمد للمجني عليهم وارتكاب جنحة سرقة السيارة قيادة كل منهم التي كانت الغرض المقصود منه بما يتحقق به الظرف المشدد كما هو معرف به في القانون، هذا إلى أن توافر أي من هذين الظرفين كاف لتوقيع عقوبة الإعدام التي أوقعها الحكم. فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون.
لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليهم بالإعدام عنها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من القانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمه مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري علي واقعة الدعوى يغير ما انتهي إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة للقضية إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

الطعن 28462 لسنة 67 ق جلسة 7 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 85 ص 666

جلسة 7 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وأحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نواب رئيس المحكمة. وأبو بكر البسيوني.

----------------

(85)
الطعن رقم 28462 لسنة 67 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) إعدام. نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة في قضايا الإعدام. غير لازم. اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ندب محامياً للدفع عن المتهم لعدم توكيله محامياً عنه أو طلبه التأجيل لتوكيل محام. ترافع المحامي المنتدب وإبداء ما عن له من دفاع. لا إخلال بحق الدفاع.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأصل. علانية جلسات المحاكمة.
للمحكمة الأمر بسماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسات سرية. مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب.
(5) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد حنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على إثبات توافر نية القتل.
(6) خطف. هتك عرض. جريمة "أركانها". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
جريمة خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه في مفهوم المادة 290/ 1 عقوبات المعدل. مناط تحققها؟
ركن القوة في جريمة هتك العرض. مناط توافره: أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه.
إثبات الحكم أن الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه بغير رضائه. كفايته لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض.
(7) قتل عمد. خطف. هتك عرض. ظروف مشددة. اقتران. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". عقوبة "تقديرها".
تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى. في مفهوم المادة 234/ 2 عقوبات. رهن بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن. تقدير ذلك. موضوعي.
(8) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قتل عمد. إعدام.
للمحكمة تكوين عقيدتها بالإدانة في ثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها بما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها. وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينه. غير لازم.
(9) إثبات "اعتراف" "خبرة" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الاعتراف كعنصر من عناصر الدعوى. موضوعي.
تطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة المراد إثباتها. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها. طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
إيراد الحكم الدليل القولي بما لا يتناقض مع ما نقله من الدليل الفني ويتلاءم معه. مؤداه: خلوه من دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني والفساد في الاستدلال.
(10) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جواز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة دون حلف يمين والأخذ بأقوالهم. على سبيل الاستدلال. إذا آنس القاضي فيها الصدق.
أخذ الحكم بأقوال طفلة كقرينة معززة لما ساقه من أدلة أخرى. لا تثريب.
(11) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". أسباب الإباحة وموانع العقاب "عاهة عقلية". مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الحالة العقلية للمتهم. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ.
(12) قتل عمد. ظروف مشددة.، عقوبة "تطبيقها". إعدام.
العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها بالمادة 234/ 2 عقوبات؟
(13) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

----------------

1 - لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيه أحدهما مقام الآخر.
2 - لما كانت النيابة العامة عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1992 إلا أنه لما كان ذلك وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شابه الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة للدعوى.
3 - لما كان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه، ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام، فندبت المحكمة له محامياً ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها، فإن المحكمة تكون قد وفرت للمتهم حقه في الدفاع.
4 - لما كان الأصل في القانون أن تكون جلسات المحاكمة علنية غير أن المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمحكمة أن تأمر بسماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسة سرية مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة سمعت الدعوى بجلسة سرية ثم تلي الحكم المطعون فيه بجلسة علنية ومن ثم يكون قد برئ من عوار البطلان.
5 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي قائمة في حق المتهم إذ قامت عليها الأدلة وكشفت عنها المظاهر الخارجية التي أتاها الجاني وأضمرها في نفسه والمحكمة تستخلص ذلك من استخدام المتهم أدوات هي فانلته الداخلية وقطعة من الحبال البلاستيك ليحيط بها عنق المجني عليها بأحكام شديد وقيامه باستعمالها في خنقها بأقصى قوته وذلك للقضاء عليها والتخلص منها خشية قيامها بافتضاح أمر فعلته التي أتاها معها وهي جريمة هتك عرضها بالقوة والإكراه ولم يتركها إلا بعد أن تأكد من وفاتها مما يقطع بأن المتهم انتوى إزهاق روح المجني عليها". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
6 - لما كانت جريمة خطف أنثى بالتحليل أو الإكراه المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 290 عقوبات المعدلة بالقانون 214 لسنه 1980 تتحقق بأبعاد الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً ما كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني أو باستعمال أية وسائل مادية أو معنوية من شأنها سلب إرادتها. وكان يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه وكان الذي أورده الحكم كافياً لإثبات توافر ركن القوة فإن ما انتهى إليه في ذلك يكون صحيحاً.
7 - لما كان مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة - تنبئ بذاتها عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجنايتي الخطف بالتحيل وهتك العرض بالقوة ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون فيما خلص إليه في هذا الشأن.
8 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المحكوم عليه أثار دفاعاً مؤداه أن أحداً لم يشاهده حين اقترف الجريمة وأن اعترافه يتعارض مع الدليل الفني وهذا الدفاع مردود بأنه لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضى بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب القصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه.
9 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف، وكان يبين أن الحكم اطمأن إلى الاعتراف المنسوب إلى المحكوم عليه بتحقيقات النيابة وبنى قضاءه إلى جانب أدلة الثبوت التي أخذ بها مجتمعة في غير ما لبس أو قصور. وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاًَ يستعصى على الملاءمة والتوفيق. كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أنه أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني بل يتلاءم معه فإن الحكم يكون فوق تطبيقه القانون تطبيقاً صحيحاً قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني أو الفساد في الاستدلال.
10 - لما كان المشروع قد أجاز في الفقرة الثانية من المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية - سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال ولم يحرم القاضي من الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذ آنس الصدق فيها فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه، فإنه لا تثريب على الحكم إذ أخذ بأقوال الطفل...... والطفلة...... كقرينة معززة لما ساقه من أدلة أخرى.
11 - لما كان الحكم قد أورد مضمون تقرير مستشفى الطب النفسي بالعباسية الذي جاء به أن المتهم لا يعاني من أيه آفة عقلية حالياً وهو مسئول عن الاتهام المنسوب إليه إذ أن وقت إتيانه الاتهام المنسوب إليه وذلك في مجال الرد على دفاع المحكوم عليه بأنه يصاب بفقدان الشعور في بعض الأحيان فإن التفكير والإدراك والاختيار والعاطفة والإرادة سليمة غير مضطربة بما مفاده أن الحكم أخذ بهذا التقرير في شأن حالة المحكوم عليه العقلية. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم يكون بريئاًً من القصور.
12 - لما كانت المادة 234 من قانون العقوبات تنص على أن "من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى....." وكان الحكم المعروض قد أثبت في حق المحكوم عليه ارتكابه جناية القتل العمد المقترنة بجنايتي خطف أنثى بالتحيل وهتك عرضها بالإكراه فإن في ذلك حسبه لكي يستقيم قضاءه بالإعدام.
13 - لما كان يبين من الاطلاع على أسباب الحكم المعروض أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة في العقل والمنطق ولها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها كما وأن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً لصحيح القانون. وصدر الحكم بإعدام المحكوم عليه بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصداره عملاً بالمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. وجاء الحكم بريئاً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره أصلح له - ومن ثم يتعين لذلك إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه......


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل عمداً..... بأن أمسك برأسها بكلتا يديه ضاغطاً على فمها وأنفها كاتماً أنفاسها وقام بخنقها مستخدماً فانلته الداخلية وقطعة من الحبل قاصداً إزهاق روحها فأحدث إصابتها المثبتة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياتها وقد تقدم ذلك جنايتين أخريتين هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفى البيان خطف المجني عليها سالفة الذكر بطريق التحايل بأن طلب منها شراء قطعة من الصابون وتوصيلها إلى مسكنه مقابل مكافأة مالية وما أن حضرت للشقة سكنه حتى جذبها لداخلها وقام بهتك عرضها بطريق الإكراه بأن شل مقاومتها معتمداً على قوته البدنية وخلع عنها ملابسها وأولج قضيبه في دبرها حال كونها لم تبلغ من العمر ستة عشر عاماً، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد من الجنيهات على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات القاهرة قررت حضورياً وبإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الديار المصرية لاستطلاع الرأي الشرعي فيما نسب إلى المتهم وحددت جلسة...... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 30، 234، 268، 290/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً ومصادرة المضبوطات وبإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد من الجنيهات على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بنى عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيه أحدهما مقام الآخر.
ومن حيث إن النيابة العامة عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1992 إلا أنه لما كان ذلك وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شابه الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة للدعوى.
وحيث إن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ...... وأثناء تواجد المتهم....... أمام منزله بشارع...... لاحظ وجود المجني عليها..... تلهو مع الأطفال فاحتال عليها لاستدراجها إلى مسكنه بأن طلب منها القيام بشراء قطعة صابون وسلمها مبلغاً من النقود لإحضارها له مقابل مبلغ نقدي آخر تأخذه لنفسها وسبقها إلى شقته ودعاها إلى الدخول لتسليمها المكافأة التي وعدها بها وفي داخل الشقة حاول تقبيلها وضمها إليه فرفضت فقام بوضع يده على فمها لمنعها من الاستغاثة وأدخلها غرفة نومه وألقى بها على السرير على وجهها وضغط على مؤخرة رأسها لشل مقاومتها ونزع عنها ملابسها وأولج قضيبه في دبرها وأمنى بها ثم أحضر سروال المجني عليها وأستعمله في مسح قضيبه مما علق به من آثار برازها وعندما شعر بأنها على قيد الحياة وخشي من افتضاح أمر فعلته قام بلف فانلته الداخلية حول رقبتها وحاول خنقها ثم أتى بجزء من حبل وربطه حول رقبتها وشد طرفيه بقوة قاصداً من ذلك إزهاق روحها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة وفارقت الحياة. ولما تأكد من موتها أحضر جوال ووضع جثتها فيه وألقي بها داخل دورة مياه بالشقة الكائنة بالدور الأرضي بذات العقار الذي يقطن فيه وفي هارباً وساق الحكم في ثبوت الواقعة على نحو ما سلف في حق المتهم أدلة استمدها من اعتراف المتهم ومن أقوال الشهود الذين أورد ذكرهم ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية وتقرير المعمل الكيماوي وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله في الأوراق وعلى ما يبين من المفردات وأثبت أخذ رأي المفتي ثم خلص وبإجماع الآراء إلى إدانة المحكوم عليه بالعقوبة المقضى بها في حقه. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه، ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام، فندبت المحكمة له محامياً ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها، فإن المحكمة تكون قد وفرت للمتهم حقه في الدفاع. لما كان ذلك، وكان الأصل في القانون أن تكون جلسات المحاكمة علنية غير أن المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمحكمة أن تأمر بسماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسة سرية مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة سمعت الدعوى بجلسة سرية ثم تلي الحكم المطعون فيه بجلسة علنية ومن ثم يكون قد برء من عوار البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فهي قائمة في حق المتهم إذ قامت عليها الأدلة وكشفت عنها المظاهر الخارجية التي أتاها الجاني وأضمرها في نفسه والمحكمة تستخلص ذلك من استخدام المتهم أدوات هي فانلته الداخلية وقطعة من الحبال البلاستيك ليحيط بها عنق المجني عليها بإحكام شديد وقيامه باستعمالها في خنقها بأقصى قوته وذلك للقضاء عليها والتخلص منها خشية قيامها بافتضاح أمر فعلته التي أتاها معها وهي جريمة هتك عرضها بالقوة والإكراه ولم يتركها إلا بعد أن تأكد من وفاتها مما يقطع بأن المتهم انتوى إزهاق روح المجني عليها". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكانت جريمة خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 290 عقوبات المعدلة بالقانون 214 لسنة 1980 تتحقق بإبعاد الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً ما كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني أو باستعمال أية وسائل مادية أو معنوية من شأنها سلب إرادتها. وكان يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه وكان الذي أورده الحكم كافياً لإثبات توافر ركن القوة فإن ما انتهى إليه في ذلك يكون صحيحاً. لما كان ذلك، وكان مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة - تنبئ بذاتها - عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجنايتي الخطف بالتحيل وهتك العرض بالقوة، ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون فيما خلص إليه في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المحكوم عليه أثار دفاعاً مؤداه أن أحداً لم يشاهده حين اقترف الجريمة وأن اعترافه يتعارض مع الدليل الفني وهذا الدفاع مردود بأنه لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضى بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب القصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف، وكان يبين أن الحكم اطمأن إلى الاعتراف المنسوب إلى المحكوم عليه بتحقيقات النيابة وبنى قضاءه إلى جانب أدلة الثبوت التي أخذ بها مجتمعة في غير ما لبس أو قصور. وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاًَ يستعصى على الملاءمة والتوفيق. كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أنه أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني بل يتلاءم معه فإن الحكم يكون فوق تطبيقه القانون تطبيقاً صحيحاً قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني أو الفساد في الاستدلال. لما كان ذلك، وكان المشرع قد أجاز في الفقرة الثانية من المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية - سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة دون حلف يمين على سبيل الاستدلال ولم يحرم القاضي من الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذ آنس الصدق فيها فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه، فإنه لا تثريب على الحكم إذ أخذ بأقوال الطفل..... والطفلة...... كقرينة معززة لما ساقه من أدلة أخرى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مضمون تقرير مستشفى الطب النفسي بالعباسية الذي جاء به أن المتهم لا يعاني من أية آفة عقلية حالياً وهو مسئول عن الاتهام المنسوب إليه إذ أن وقت إتيانه الاتهام المنسوب إليه وذلك في مجال الرد على دفاع المحكوم عليه بأنه يصاب بفقدان الشعور في بعض الأحيان فإن التفكير والإدراك والاختيار والعاطفة والإرادة سليمة غير مضطربة بما مفاده أن الحكم أخذ بهذا التقرير في شأن حالة المحكوم عليه العقلية. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم يكون بريئاًً من القصور. لما كان ذلك، وكانت المادة 234 من قانون العقوبات تنص على أن "من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى...". وكان الحكم المعروض قد أثبت في حق المحكوم عليه ارتكابه جناية القتل العمد المقترنة بجنايتين خطف أنثى بالتحيل وهتك عرضها بالإكراه فإن في ذلك حسبه لكي يستقيم قضاءه بالإعدام. لما كان جماع ما تقدم ذكره، وكان يبين من الاطلاع على أسباب الحكم المعروض أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة في العقل والمنطق ولها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها كما وأن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً لصحيح القانون. وصدر الحكم بإعدام المحكوم عليه بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصداره عملاً بالمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. وجاء الحكم بريئاً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكله وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري علي واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه علي نحو ما نصت علية المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره أصلح له - ومن ثم يتعين لذلك إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه...........

الطعن 9941 لسنة 66 ق جلسة 7 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 84 ص 655

جلسة 7 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي وفريد عوض وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.

----------------

(84)
الطعن رقم 9941 لسنة 66 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد؟
(4) رشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود".
إثبات الحكم طلب الطاعن من الشاهد نسبة قدرها عشرة بالمائة على سبيل الرشوة من قيمة المطالبات التي يعتمدها لصرف قيمتها من الشركة التي يعمل بها. لزيادة عدد المرضى المحولين للمستشفى وتقاضيه المبلغ. كفايته لتوافر العناصر القانونية لجريمة الرشوة طبقاً للمادتين 103، 104 عقوبات.
(5) رشوة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الرشوة. تمامها. بمجرد طلب الموظف للجعل أو أخذه أو قبوله. لا يؤثر في قيامها وقوعها نتيجة تدبير سابق وإن كان الراشي غير جاد في عرضه. متى كان الموظف قبل العرض منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته. تسلم مبلغ الرشوة بعد ذلك ليس إلا نتيجة للاتفاق.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان الإذن بإجراء التسجيلات لصدوره لضبط جريمة مستقبله تحريضية.
(6) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن به في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه. شرط صحته؟
عدم إطلاع النيابة على التسجيلات الصوتية المأذون بإجرائها. لا ينال من صحة الإذن بالضبط والتفتيش.
(7) إثبات "خبرة". نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". إجراءات "إجراءات التحقيق".
لعضو النيابة كرئيس للضبطية القضائية وصاحب الحق في إجراء التحقيق الاستعانة بأهل الخبرة دون حلف يمين. أساس ذلك؟
(8) رشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على إيراد الحكم مؤدى الدليل المستمد من تقرير خبير الأصوات في جريمة الرشوة.

-----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود وتقديرها التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - لما كان الحكم قد أثبت أن الطاعن طلب من الشاهد الأول نسبة قدرها عشرة بالمائة على سبيل الرشوة من قيمة المطالبات التي يعتمدها لصرف قيمتها من الشركة التي يعمل بها لزيادة أعداد المرضى المحولين للمستشفى إدارة الشاهد الأول، وأنه تم ضبط الطاعن عقب تقاضيه لمبلغ الرشوة طبقاً للنسبة التي طلبها فإن ما أورده الحكم تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المعاقب عليها بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات على ما هي محددة به في القانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لأن الواقعة لا تعدو أن تكون طلباً لمكافأة لاحقة وهو فعل غير مؤثر يكون غير سديد.
5 - لما كان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان الإذن بإجراء التسجيلات لصدوره لضبط جريمة مستقبلة تحريضية ورد عليه بقوله "إن ما أثاره الدفاع من قول بأن إذن النيابة العامة الصادر بتاريخ ..... صدر بصدد جريمة محتملة، فإن هذا القول جاء على غير سند وعار من ثمة دليل، وأن الأوراق حسبما قرر المبلغ أن المتهم طلب منه ومنذ شهر سابق تقريباً على يوم..... تخصيص نسبة له من قيمة المطالبات المالية المستحقة للمستشفى على سبيل الرشوة ومقابل ذلك يقوم باعتماد تلك المطالبات وزيادة عرض الحالات المرضية من العاملين بالمصنع جهة عمله على المستشفى وقد تأيد هذا وثبت صحته من التحريات التي أجراها الشاهد الثاني عضو هيئة الرقابة الإدارية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف للجعل أو أخذه أو قبوله، فمن ثم فإن مجادلة الدفاع وقوله بأن الإذن صدر بصدد جريمة محتملة، قول غير سديد ويتعين عدم قبوله .... أما عن قول الدفاع بأن عضو هيئة الرقابة الإدارية حرض على وقوع الرشوة. فإنه وعلى نحو ما سبق بيانه أن جريمة الرشوة كانت قد وقعت، بمجرد طلب المتهم منذ فترة سابقة على البلاغ. وإن ما قام به الشاهد الثاني ما هي إلا إجراءات استدلال، خولها له القانون للتوصل إلى كشف الجريمة وضبطها وضبط الجاني، وهي بعيدة كل البعد عن التحريض على ارتكاب الجريمة وهو أمر مشروع". لما كان ذلك، وكان ما قام به عضو الرقابة الإدارية في واقعة الدعوى لا يعدو كونه من قبيل جمع الاستدلالات والكشف عن جريمة الرشوة التي أبلغ بها وكان لا يؤثر في قيام أركانها أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وأن لا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرض الرشوة جدياً في ظاهرة وكان الطاعن قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي هذا فضلاً عن جريمة الرشوة طبقاً لما أورده الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى قد تمت بمجرد طلب الرشوة من جانب الطاعن والقبول من جانب المبلغ ولم يكن تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهما.
6 - لما كان من المقرر أن كل ما يشترط لإذن النيابة بالتفتيش هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمة مسكنه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقر النيابة في شأن إصدارها الإذن وجدية التحريات وكفايتها فإن عدم اطلاع النيابة على التسجيلات الصوتية المأذون بإجرائها لا ينال من صحة الإذن بالضبط والتفتيش ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس.
7 - لما كان من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية طبقاً للمادتين 24، 31 من قانون الإجراءات الجنائية وكانت المادة 29 من هذا القانون تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين، فإنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بتقرير خبير الأصوات المقدم في الدعوى، ولو لم يحلف مقدمه يميناً قبل مباشرة المأمورية، على أنه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصراً من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتبادله الدفاع بالمناقشة ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول.
8 - لما كان الحكم قد أورد ضمن تحصيله لأقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني - اللذين عول عليهما في إدانة الطاعن - ما مؤداه أنه قد تم تسجيل الحديث - تحت إشراف الشاهد الثاني - الذي دار بين الطاعن والشاهد الأول وفيه طلب الطاعن من الأخير نسبة قدرها عشرة بالمائة من قيمة المطالبات وتم الاتفاق بينهما على حضور الطاعن للمستشفى في الساعة التاسعة والنصف مساء يوم....... لاستلام مبلغ الرشوة وقدره أربعمائة جنيه وبالفعل حضر واستلمه فقام الشاهد الثاني بضبطه وضبط معه مبلغ الرشوة - كما أورد الحكم بياناً للدليل المستمد من تقرير خبير الأصوات بقوله "وثبت من تقرير خبير الأصوات بالإذاعة، وأنه قد تم أخذ بصمة صوت المتهم وأنه بإجراء المضاهاة لصوته المسجل على الأشرطة وجدت مطابقة للبصمة المأخوذة من صوته". فإن الحكم بذلك يكون قد أورد مؤدى الدليل المستمد من تقرير خبير الأصوات بالإذاعة على السياق المتقدم، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الشأن له مأخذه الصحيح من الأوراق، ومن ثم فإن دعوى القصور في التسبيب تضحى غير صحيحة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بصفته في حكم "موظف عام" طبيب..... طلب لنفسه وأخذ رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها وذلك بأن طلب وأخذ من ..... مبلغ أربعمائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل اعتماد المتطلبات المالية المستحقة لمستشفى....... وزيادة عرض الحالات المرضية من العاملين بالمصنع على المستشفى المذكورة. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالمنيا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً...... عملاً بالمواد 103، 104، 104 مكرر، 111/ 6 من قانون العقوبات، مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ألفي جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة للقيام بعمل من أعمال وظيفته وإخلاله بواجب من واجباتها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والبطلان في الإجراءات، ذلك بأن الحكم قد خلا من بيان كيفية طلب الطاعن لمبلغ الرشوة وسببها وتاريخ طلبها تحديداً ووقت الإبلاغ عن ذلك، وإذ نازع المدافع عن الطاعن في صورة الواقعة التي رواها شهود الإثبات وبأنها لا تعدو - بالنسبة له - أن تكون طلباً لمكافأة لاحقة وهو فعل غير مؤثم فإن الحكم رد على ذلك برد غير سائغ أسلسه إلى الخطأ في تطبيق القانون حين أضفي علي الواقعة وصف أنها طلب وأخذ رشوة مقابل اعتماد مطالبات مالية مستحقة للمستشفى إدارة الشاهد الأول، وإذ رد الحكم بما لا يصلح رداً على دفع الطاعن ببطلان الإذن بإجراء التسجيلات لصدوره لضبط جريمة تحريضية مستقبلة، فإنه أغفل إيراداً ورداً دفع الطاعن ببطلان الإذن بالقبض والتفتيش لصدوره دون قيام عضو النيابة بالاستماع إلى شرائط التسجيل والتي خلت من ثمة جريمة في حق الطاعن تجيز القبض عليه وتفتيشه. وأخيراً فإن الحكم عول على تقرير خبير الأصوات رغم ندبه لإجرائه دون حلف يمين ولم يورد مضمونه ولا مؤداه - كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها "تتحصل في أن المتهم...... وشهرته....... بصفته في حكم الموظف العام ولكونه طبيب مصنع سكر..... التابع لشركة قطاع أعمال عام، دأب على طلب نسب مختلفة من المطالبات الخاصة بالجهات المتعاقد معها المصنع، لعلاج العاملين بها على سبيل الرشوة، وذلك نظير إنهاء اعتماد تلك المطالبات، وزيادة عرض الحالات المرضية من العاملين بالمصنع على تلك المستشفيات ومنذ شهر سابق على يوم........ وحتى يوم....... طلب لنفسه وأخذ رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته، وللإخلال بواجباتها، وذلك بأن طلب وأخذ من..... مدير المستشفى..... أربعمائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل اعتماد المطالبات المستحقة للمستشفى، وزيارة عرض الحالات المرضية من العاملين بالمصنع على المستشفى المذكورة، وقد تم ضبط مبلغ الرشوة "أربعمائة جنيه" بحوزة المتهم، وهو ذات المبلغ الثابتة أرقامه وبياناته بالمحضر الصادر به إذن النيابة العامة" وأورد الحكم على صحة الواقعة على النحو السالف أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف الطاعن تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة باقترافه للواقعة ومن ضبط مبلغ الرشوة بحوزته ومما ثبت من تقرير خبير الأصوات بالإذاعة، هي أدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى - بما لا يمارى فيه الطاعن - ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين لدى إيراده واقعة الدعوى وأقوال شهود الإثبات أن الطاعن قد طلب من الشاهد الأول نسبة قدرها عشرة بالمائة على سبيل الرشوة من قيمة كل مطالبة يعتمدها للمستشفى الذي يديره الشاهد الأول وكذا لزيادة عدد المرضى المحولين للمستشفى وأن ذلك قد تم لدى اعتماده إحدى المطالبات منذ شهر سابق على إبلاغ الشاهد الأول في يوم ...... وبعد استئذان النيابة العامة تم ضبط الطاعن مساء يوم ...... أثناء أخذه مبلغ الرشوة الذي طلبه - ومن ثم فإن منعى الطاعن بالقصور في هذا الشأن يضحى غير صحيح. وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة على السياق المتقدم، فإن ذلك يحقق حكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ومن سلطتها وزن أقوال الشهود وتقديرها التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم - على ما سلف بيانه - قد أثبت أن الطاعن طلب من الشاهد الأول نسبة قدرها عشرة بالمائة على سبيل الرشوة من قيمة المطالبات التي يعتمدها لصرف قيمتها من الشركة التي يعمل بها وكذا لزيادة أعداد المرضى المحولين للمستشفى إدارة الشاهد الأول، وأنه تم ضبط الطاعن عقب تقاضيه لمبلغ الرشوة طبقاً للنسبة التي طلبها فإن ما أورده الحكم تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المعاقب عليها بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات على ما هي محددة به في القانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لأن الواقعة لا تعدو أن تكون طلباً لمكافأة لاحقة وهو فعل غير مؤثر يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان الإذن بإجراء التسجيلات لصدوره لضبط جريمة مستقبلة تحريضية ورد عليه بقوله "إن ما أثاره الدفاع من قول بأن إذن النيابة العامة الصادر بتاريخ 18/ 6/ 1995 صدر بصدد جريمة محتملة، فإن هذا القول جاء على غير سند وعار من ثمة دليل، وأن الأوراق حسبما قرر المبلغ أن المتهم طلب منه ومنذ شهر سابق تقريباً على يوم........ تخصيص نسبة له من قيمة المطالبات المالية المستحقة للمستشفى على سبيل الرشوة ومقابل ذلك يقوم باعتماد تلك المطالبات وزيادة عرض الحالات المرضية من العاملين بالمصنع جهة عمله على المستشفى وقد تأيد هذا وثبت صحته من التحريات التي أجراها الشاهد الثاني عضو هيئة الرقابة الإدارية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف للجعل أو أخذه أو قبوله، فمن ثم فإن مجادلة الدفاع وقوله بأن الإذن صدر بصدد جريمة محتملة، قول غير سديد ويتعين عدم قبوله...... أما عن قول الدفاع بأن عضو هيئة الرقابة الإدارية حرض على وقوع الرشوة، فإنه وعلى نحو ما سبق بيانه أن جريمة الرشوة كانت قد وقعت، بمجرد طلب المتهم منذ فترة سابقة على البلاغ. وإن ما قام به الشاهد الثاني ما هي إلا إجراءات استدلال، خولها له القانون للتوصل إلى كشف الجريمة وضبطها وضبط الجاني، وهي بعيدة كل البعد عن التحريض على ارتكاب الجريمة وهو أمر مشروع". لما كان ذلك، وكان ما قام به عضو الرقابة الإدارية في واقعة الدعوى لا يعدو كونه من قبيل جمع الاستدلالات والكشف عن جريمة الرشوة التي أبلغ بها وكان لا يؤثر في قيام أركانها أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وأن لا يكون الراشي جاداً في عرضه على المرتشي متى كان عرض الرشوة جدياً في ظاهرة وكان الطاعن قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي هذا فضلاً عن جريمة الرشوة طبقاً لما أورده الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى قد تمت بمجرد طلب الرشوة من جانب الطاعن والقبول من جانب المبلغ ولم يكن تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهما. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن في هذا الشأن ورد عليه رداً كافياً وسائغاً ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون قد جانب الصواب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لإذن النيابة بالتفتيش هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمة مسكنه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقر النيابة في شأن إصدارها الإذن وجدية التحريات وكفايتها فإن عدم اطلاع النيابة على التسجيلات الصوتية المأذون بإجرائها لا ينال من صحة الإذن بالضبط والتفتيش ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية طبقاً للمادتين 24، 31 من قانون الإجراءات الجنائية وكانت المادة 29 من هذا القانون تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين، فإنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بتقرير خبير الأصوات المقدم في الدعوى، ولو لم يحلف مقدمه يميناً قبل مباشرة المأمورية، على أنه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصر من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتبادله الدفاع بالمناقشة ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد ضمن تحصيله لأقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني - اللذين عول عليهما في إدانة الطاعن - ما مؤداه أنه قد تم تسجيل الحديث - تحت إشراف الشاهد الثاني - الذي دار بين الطاعن والشاهد الأول وفيه طلب الطاعن من الأخير نسبة قدرها عشرة بالمائة من قيمة المطالبات وتم الاتفاق بينهما على حضور الطاعن للمستشفى في الساعة التاسعة والنصف مساء يوم........ لاستلام مبلغ الرشوة وقدره أربعمائة جنيه وبالفعل حضر واستلمه فقام الشاهد الثاني بضبطه وضبط معه مبلغ الرشوة - كما أورد الحكم بياناً للدليل المستمد من تقرير خبير الأصوات بقوله وثبت من تقرير خبير الأصوات بالإذاعة، وأنه قد تم أخذ بصمة صوت المتهم وأنه بإجراء المضاهاة لصوته المسجل على الأشرطة وجدت مطابقة للبصمة المأخوذة من صوته". فإن الحكم بذلك يكون قد أورد مؤدى الدليل المستمد من تقرير خبير الأصوات بالإذاعة على السياق المتقدم. وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الشأن له مأخذه الصحيح من الأوراق، ومن ثم فإن دعوى القصور في التسبيب تضحى غير صحيحة. لما كان. وكان ما تقدم ، فإن الطعن برمته علي غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 45501 لسنة 59 ق جلسة 10 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 86 ص 680

جلسة 10 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي نواب رئيس المحكمة. وممدوح يوسف.

--------------

(86)
الطعن رقم 45501 لسنة 59 القضائية

(1) نيابة عسكرية. دعوى مباشرة. دعوى جنائية "تحريكها".
النيابة العامة العسكرية. عنصر أصيل من عناصر القضاء العسكري. لها سلطات النيابة العامة بالنسبة للدعاوى التي تختص بها.
رفع الدعوى بالطريق المباشر بعد أن حركت النيابة العسكرية الدعوى الجنائية بإجراء تحقيق في الواقعة. الحكم بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية. صحيح قانوناً ولا سلب فيه لاختصاص القضاء العادي.
(2) أمر بألا وجه. إجراءات "إجراءات التحقيق". دعوى جنائية "تحريكها". قوة الأمر المقضي.
الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له ما للأحكام من قوة الأمر المقضي ولو لم يعلن للخصوم.
(3) حكم "بيانات الديباجة" "ما لا يعيبه". دعوى مباشرة.
خلو ديباجة الحكم من بيان الادعاء المدني وإيرادها أن النيابة العامة هي التي حركت الدعوى رغم أنها أقيمت بطريق الادعاء المباشر. لا يعيبه. علة ذلك؟

-----------------
1 - من المقرر أن النيابة العسكرية عنصر أصيل من عناصر القضاء العسكري وتمارس السلطات الممنوحة للنيابة العامة بالنسبة للدعاوى الداخلة في اختصاص القضاء العسكري طبقاً للمواد، 1، 28، 30 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية، وكان الطاعن لا يدعى عدم اختصاص القضاء العسكري بالدعوى محل الطعن الماثل، ولم ينازع في صحة ما أورده الحكم من أن رفعه الدعوى بالطريق المباشر إنما كان بعد أن حركت النيابة العسكرية الدعوى الجنائية بإجراء تحقيق في الواقعة، وكان يشترط للجوء إلى طريق الإدعاء المباشر ألا يكون هناك تحقيق مفتوح ما زال قائماً، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى العمومية لسابقة الفصل فيها وبعدم قبول الدعوى المدنية - وهو في حقيقته حكم بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية - لتحريك الدعوى بالطريق المباشر بعد أن كانت النيابة العسكرية قد حركت الدعوى الجنائية بإجراء تحقيق في الواقعة لم تكن قد انتهت منه بعد ولصدور أمر منها ما زال قائماً بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى في التحقيق الذي أجرته عن ذات الواقعة موضوع الدعوى الماثلة يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى ما يثيره الطاعن بشأن صدور الحكم قبل صدور الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى، وبأن في قضاء الحكم بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية سلب لاختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى ولا محل له.
2 - ولما كان الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي ولو لم يعلن للخصوم، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - إن ما يثيره الطاعن بشأن خلو ديباجة الحكم من بيان الإدعاء المدني، وإيرادها أن النيابة العامة هي التي حركت الدعوى رغم أنها أقيمت بطريق الإدعاء المباشر مردود بأنه مجرد خطأ في الكتابة وزلة قلم لا تخفى ولم يكن نتيجة خطأ من المحكمة في فهم واقع الدعوى.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح مصر القديمة ضد المطعون ضدها بوصف أنها أعطت له بسوء نية شيكاً بمبلغ أربعين ألف جنيه مسحوباً على بنك.... لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع عملها بذلك. وطلب عقابها بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات. وإلزامها بأن تؤدى له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بحبسها سنة مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامها بأن تؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنفت ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة إستئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى العمومية لسابقة الفصل فيها في الدعوى 4771 لسنة 1986 جنح عسكرية شرق القاهرة وبعدم قبول الدعوى المدنية.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

لما كان من المقرر أن النيابة العسكرية عنصر أصيل من عناصر القضاء العسكري وتمارس السلطات الممنوحة للنيابة العامة بالنسبة للدعاوى الداخلة في اختصاص القضاء العسكري طبقاً للمواد 1، 28، 30 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية، وكان الطاعن لا يدعى عدم اختصاص القضاء العسكري بالدعوى محل الطعن الماثل، ولم ينازع في صحة ما أورده الحكم من أن رفعه الدعوى بالطريق المباشر إنما كان بعد أن حركت النيابة العسكرية الدعوى الجنائية بإجراء تحقيق في الواقعة، وكان يشترط للجوء إلى طريق الإدعاء المباشر ألا يكون هناك تحقيق مفتوح ما زال قائماً، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى العمومية لسابقة الفصل فيها وبعدم قبول الدعوى المدنية - وهو في حقيقته حكم بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية - لتحريك الدعوى بالطريق المباشر بعد أن كانت النيابة العسكرية قد حركت الدعوى الجنائية بإجراء تحقيق في الواقعة لم تكن قد انتهت منه بعد ولصدور أمر منها ما زال قائماً بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى في التحقيق الذي أجرته عن ذات الواقعة موضوع الدعوى الماثلة يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى ما يثيره الطاعن بشأن صدور الحكم قبل صدور الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى، وبأن في قضاء الحكم بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية سلب لاختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى ولا محل له. ولما كان الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي ولو لم يعلن للخصوم، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. ولما كان ما يثيره الطاعن بشأن خلو ديباجة الحكم من بيان الادعاء المدني، وإيرادها أن النيابة العامة هي التي حركت الدعوى رغم أنها أقيمت بطريق الادعاء المباشر مردود بأنه مجرد خطأ في الكتابة وزلة قلم لا تخفى ولم يكن نتيجة خطأ من المحكمة في فهم واقع الدعوى، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن بالمصاريف المدنية.

الطعن 47617 لسنة 59 ق جلسة 10 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 87 ص 684

جلسة 10 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وعاصم عبد الجبار نواب رئيس المحكمة.

----------------

(87)
الطعن رقم 47617 لسنة 59 القضائية

(1) سب وقذف. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة. تحققه. متى كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها.
(2) جرائم النشر. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها. لبحث توافر جريمة من جرائم النشر أو عدم توافرها.
اشتمال المنشور على عبارات الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة أو خاصة وأخرى مقصودها التشهير. مقتضاه: الموازنة بين القصدين توصلاً لأيهما كانت الغلبة في نفس الناشر. تقدير ذلك. موضوعي. أساس ذلك؟
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض.

--------------
1 - من المقرر أن القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة لا يتحقق إلا إذا كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها.
2 - استقر القضاء على أن جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما اشتمل المنشور على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة أو خاصة وأخرى يكون القصد منها التشهير فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدر أيهما كانت له الغلبة في نفس الناشر، لما كان ذلك، وكان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة، وإذ كان ما أورده الحكم الابتدائي الذي أعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه تبريراً لقضائه بالبراءة وبرفض الدعوى المدنية - من أن العبارات الواردة بالتحذير لا يقصد منها المطعون ضده سب الطاعن أو القذف في حقه - سائغ ويؤدى إلى ما رتبه عليه وينبئ عن إلمام المحكمة بالدعوى وبظروفها عن بصر وبصيرة، فإن كل ما يثيره الطاعن في طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الأزبكية ضد الطاعن بوصف أنه قذف في حقه وأبلغ كذباً ضده. وطلب عقابه بالمواد 171/ 4، 302/ 1، 303/ 1 من قانون العقوبات، وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ مائة وواحد من الجنيهات على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءته ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت الأستاذة/...... المحامية عن الأستاذ/....... المحامي نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى فيما محصله أن المطعون ضده نشر تحذيراً بجريدة المساء اعتبره الطاعن منطوياً على قذف وسب في حقه، وأن هذا التحذير تضمن أن المطعون ضده يحوز قطعة أرض أوضح مساحتها ومكانها تفصيلاً وأنه اشتراها بعقود مسجلة وبأحكام نهائية وأن هناك نزاعاً قضائياً بينه وبين الطاعن حول حيازة هذا المسطح من الأرض وأنه قد صدر قرار من السيد قاضي الحيازة ضده ومن ثم فإن المطعون ضده يحذر الكافة من التعامل مع الطاعن على هذا العقار حتى يفصل نهائياً في النزاع وانتهى الحكم إلى "أن المتهم لم ينسب إلى المدعي بالحق المدني واقعة محددة في صلب التحذير ولم تتجه إرادته إلى التشهير بالمدعي بالحق المدني وإنما قصد الحفاظ على حقه في ملكية الأرض الموضحة بالتحذير إلى أن يفصل في موضوع الملكية قضائياً، الأمر الذي يكون معه اتهام المدعي بالحق المدني لا سند له لعدم توافر أركان جريمة القذف قبل المتهم فمن ثم يتعين القضاء ببراءته عملاً بالمادة 304/ 1 - وحيث إنه لما كان تصرف المتهم لا يشكل جريمة أو فعل غير مشروع فمن ثم لا يتعين إلزامه بالتعويض الأمر الذي يقتضي رفض الدعوى المدنية" لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة لا يتحقق إلا إذا كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها، وقد استقر القضاء على أن جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما اشتمل المنشور على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة أو خاصة وأخرى يكون القصد منها التشهير فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدر أيهما كانت له الغلبة في نفس الناشر، لما كان ذلك، وكان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة، وإذ كان ما أورده الحكم الابتدائي الذي أعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه تبريراً لقضائه بالبراءة وبرفض الدعوى المدنية - من أن العبارات الواردة بالتحذير لا يقصد منها المطعون ضده سب الطاعن أو القذف في حقه - سائغ ويؤدى إلى ما رتبه عليه وينبئ عن إلمام المحكمة بالدعوى وبظروفها عن بصر وبصيرة، فإن كل ما يثيره الطاعن في طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.