الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 24 يناير 2015

الطعن 41101 لسنة 75 ق جلسة 27 / 2 / 2006 مكتب فني 57 رقم 39 ص 355

جلسة 27 من فبراير سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عبد الرحمن هيكل ، هشام البسطويسي ، ربيع لبنة ومدحت دغيم نواب رئيس المحكمة .
-------------
(39)
الطعن 41101 لسنة 75 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
 مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإعدام في جريمة قتل مقترن بجناية سرقة .
(2) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
 التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". قصد جنائي . قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
قصد القتل أمر داخلي . تعلقه بالإرادة . تقدير توافره . موضوعي .
مثال لتسبيب سائغ في توافر نية القتل لدى الطاعن .
(4) إثبات " بوجه عام ". استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
 الجدل في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) إثبات " اعتراف " . دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات وما إذا كان قد انتزع بالإكراه من عدمه . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة إلى صحته .
 مثال لتسبيب سائغ لنفي صدور الاعتراف أثر إكراه .
(6) نقض " أسباب الطعن . تحديدها ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
النعي على الحكم عدم رده على أوجه الدفاع دون بيانها لتتضح مدى أهميتها وما إذا كانت تحوي دفاعاً جوهرياً من عدمه . أثره : عدم قبوله .
الدفاع الموضوعي لا يستوجب رداً . استفادة الرد من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها المحكمة .
(7) قتل عمد . عقوبة " توقيعها ". إعدام . ظروف مشددة . اقتران . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " " المصلحة في الطعن ".
العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها بالمادة 234/2 عقوبات ؟
النعي بعدم توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد . لا جدوى منه . ما دامت عقوبة الإعدام الموقعة على الطاعن هي ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية أخرى مجردة من الظروف .
(8) نيابة عامة . إعدام . محكمة النقض " سلطتها " .
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها . أساس ذلك ؟
(9) محاماة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
استعداد المدافع أو عدم استعداده . موكول إلى تقديره وضميره واجتهاده وتقاليد مهنته .
(10) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . استدلالات . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
لا تثريب على المحكمة التفاتها عن الرد على الدفع بعدم جدية التحريات . ما دام الطاعن لم يبين أساس هذا الدفع ومقصده ومرماه منه .
الدفع ببطلان إذن التفتيش . وجوب إبدائه في عبارة صريحة.
(11) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) إثبات " بوجه عام ". محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . جريمة " أركانها " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
استخلاص الصورة الصحيحة التي وقع بها الحادث . موضوعي .
آلة الاعتداء ليست ركناً في جرائم الاعتداء على النفس .
إغفال الحكم بيان الآلة التي كان يحملها المحكوم عليه . غير قادح في صحته . علة ذلك ؟
(13) إثبات " بوجه عام " " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وجوب بناء الأحكام على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها .
تحصيل الحكم من أقوال الشاهد واعتراف المتهم بما له صداه وأصله في الأوراق . ينتفي معه الخطأ في الإسناد .
(14) إثبات " خبرة ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية ". مسئولية جنائية . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
دفاع الطاعن بأن إرادته كانت معيبة وقت الحادث لتخوفه من لحاق المجني عليه به وإمساكه له . لا يعد طلباً لفحص قواه العقلية . مفاد وأثر ذلك ؟
مثال .
(15) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
مثال .
(16) قتل عمد . سرقة . ظروف مشددة . اقتران . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى في مفهوم المادة 234 عقوبات . رهن بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن . تقدير ذلك . موضوعي .
(17) إثبات " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
كفاية إيراد الحكم مضمون تقرير الصفة التشريحية والمعاينة التصويرية للنيابة العامة اللذين عول عليهما في قضائه .
(18) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها . موضوعي .
الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء بالحيلولة بين من يباشره وبين الاستمرار فيه .
الاعتداء على من لم يثبت أنه كان يعتدى أو يحاول الاعتداء على المدافع أو غيره . لا يتوافر به حق الدفاع الشرعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على انتفاء حالة الدفاع الشرعي في جريمة قتل عمد .
(19) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قتل عمد . رابطة السببية.
استظهار الحكم قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه وبين وفاته نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية . لا قصور .
مثال .
(20) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". إعدام . قتل عمد .
الحكم الصادر بالإعدام . ما يلزم من تسبيب لإقراره ؟
-------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : " حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من سائر الأوراق والتحقيقات وما دار بشأنها بالجلسة تخلص في أنه في مساء يوم ..... تقابل المتهم ..... مع المجني عليه ..... الذي لم يتجاوز عمره حوالي عشر سنوات وشاهد المتهم بيد المجني عليه مبلغاً من النقود فعقد العزم على الاستيلاء على هذا المبلغ ، وتنفيذاً لهذا القصد استدرج المتهم المجني عليه في مكان مهجور خال من المارة وأخذ منه مبلغ النقود وقدره أربعة عشر جنيهاً عنوة وبطريق الإكراه ، ولما حاول المجني عليه استرداد المبلغ والاستغاثة قام المتهم بدفعه بكلتا يديه بقوة فسقط المجني عليه على ظهره وارتطمت رأسه بالأحجار الموجودة بمكان الحادث مما أدى إلى انعدام قدرته على الاستغاثة أو المقاومة . ولكن المتهم لم يترك المجني عند هذا الحد بل حمل حجراً كبيراً ( دبشة ) وهوى بها على رأس المجني عليه قاصداً من ذلك قتله وإزهاق روحه حتى لا يحاول الاستغاثة أو اللحاق به مما أدى إلى تهشم الجمجمة وتهتك بالمخ أودت بحياة المجني عليه على النحو المبين بتقرير الصفة التشريحية ". وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة استمدها من اعتراف المتهم بالتحقيقات وأقوال المقدم .... ، ومما ورد بتقرير الصفة التشريحية وما أثبتته المعاينة التصويرية للحادث في مكان وقوعه ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد حصل مؤداها تحصيلاً وافياً له أصله الثابت في الأوراق على ما يبين من المفردات . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد استعرضت أدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصاً كافياً وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ولما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون .
2 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يترد الحكم فيه ومن ثم كان هذا النعي غير سديد .
3 - لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في قوله : " وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في حق المتهم وذلك أن المجني عليه حينما حاول الاستغاثة واسترداد المبلغ المسروق من المتهم قام الأخير بدفعه بكلتا يديه حيث سقط المجني عليه على ظهره وارتطمت رأسه بالحجارة الموجودة بمكان الحادث مما أفقده القدرة على الاستمرار في الاستغاثة أو المقاومة ، ولم يكتف المتهم بذلك بل حمل حجراً كبيراً وهوى به على رأس المجني عليه حتى يتمكن من الفرار بالمسروقات ويضمن عدم استغاثة المجني عليه أو اللحاق به ولم يتركه إلا بعد أن تهشمت جمجمة الرأس وتهتك المخ ، ولا شك أن هذا السلوك الإجرامي من المتهم يدل دلالة قاطعة وواضحة بأنه قصد من فعله المذكور إزهاق روح المجني عليه ولم يكن الأمر مجرد اعتداء أو إيذاء ومن ثم فإن المحكمة تنتهي إلى توافر نية القتل وإزهاق الروح في جانب المتهم " . لما كان ذلك ، وكان تعمد القتل أمراً داخلياً يتعلق بالإرادة ويرجع تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة محكمة الموضوع وحريتها في تقدير الوقائع متى كانت ما أوردته من الظروف والملابسات سائغاً ويكفي لإثبات توافر هذه النية ، وكان ما قاله الحكم في شأن استظهار نية القتل وقيامها في حق الطاعن سائغاً وصحيحاً في القانون ويتضمن الرد على ما أثاره في شأن تكييفه للواقعة بوصف أنها ضرب أفضى إلى الموت .
4 - لما كان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم في خصوص تعويله في إدانته على التحريات ، مردوداً بأن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان ما يثيره الطاعن من أن تلك التحريات مرجعها أقوال محررها يكون محض جدل في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5 - لما كان الحكم قد عرض لما دفع به المدافع عن الطاعن من أن اعترافه جاء باطلاً لأنه وليد إكراه بقوله : " أن المحكمة تطمئن إلى اعتراف المتهم في تحقيق النيابة اطمئناناً كاملاً لأنه جاء مفصلاً صريحاً وواضحاً ومطابقاً لحقيقة الحادث ومتسقاً مع ما أورى به التقرير الطبي الشرعى لجثة المجني عليه ، وأن المتهم أدلى باعترافه أمام السيد وكيل النيابة المحقق في ثمان صفحات متتالية مما يؤكد أنه كان مدركاً لاعترافه متمتعاً بحرية الخيار ولم يكن وليد ثمة إكراه مادي أو معنوي ، ومما يزيد اطمئنان المحكمة إلى هذا الاعتراف وخلوه من شبهة الإكراه أنه أصر عليه أمام النيابة وانتقل مع السيد وكيل النيابة المحقق في اليوم التالي لسؤاله تفصيلاً إلى مكان الحادث حيث قام بإجراء معاينة تصويرية لكيفية وظروف ارتكابه للواقعة على النحوالموضح بالمعاينة التصويرية " . لما كان ذلك ، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها ، وإذ كانت المحكمة مما أوردته - فيما سلف - قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهم إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة إكراه ، واقتنعت بصحته ، فإن رد المحكمة على ما دفع به المدافع عن المتهم في هذا الشأن يكون كافياً وسائغاً بما لا شائبة معه تشوب الحكم ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله .
6 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه الدفاع التي ينعي على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى وهل تحوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة رداً عليها بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً .
7 - من المقرر أن المادة 234 من قانون العقوبات تنص على أن : " من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى ...." وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن ارتكابه جناية القتل العمد المقترنة بجناية سرقة بالإكراه فإن في ذلك حسبه كي يستقيم قضاؤه بالإعدام ، فضلاً عن أن ما يثيره المدافع عن الطاعن بوجه النعي من أن الحكم وقد انتهى إلى عقوبة مغلظة هي إعدامه على الرغم من عدم توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حقه فإنه لما كان لا ينازع فيما أثبته الحكم من اقتران جريمة القتل المسندة إليه بجناية سرقة بالإكراه وكانت عقوبة الإعدام الموقعة عليه هي ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية أخرى مجردة من ظرفي سبق الإصرار والترصد ، فإنه لا يكون له مصلحة فيما أثاره من تخلف هذين الطرفين ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
8 - لما كانت النيابة العامة عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم بإعدام الطاعن ، مما تتصل معه محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتستبين - من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
9 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة ندبت محامياً للمحكوم عليه الذي لم يبد اعتراضاً على ذلك ، كما أثبت بالمحضر أن المحكمة أعطت الدفاع الوقت الكافي للاطلاع ، وقد ترافع المحامي في الدعوى على الوجه المثبت بمحضر الجلسة دون أن يطلب أجلاً للاطلاع ، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده موكول إلى تقديره حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته ، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع .
10 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن المحكوم عليه وأن دفع بعدم جدية التحريات إلا أنه لم يبين أساس دفعه ومقصده ومرماه منه ، بل أطلقه في عبارة مرسلة لا تحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش ، الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه ، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه.
11 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما أثاره المحكوم عليه من أن الواقعة في صورتها الصحيحة لا تعدو أن تكون مشاجرة بينه وبين المجني عليه ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض .
12 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستبين الصورة الصحيحة التي وقع بها الحادث أخذاً من كافة ظروف الدعوى وأدلتها واستناداً إلى المنطق والعقل وكانت آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة فإنه لا يقدح في صحة الحكم المعروض عدم بيان نوع الآلة التي كان يحملها المحكوم عليه لأن المحكمة قد عنيت في بيانها لاعترافه بالإشارة إلى آلة الاعتداء ووصفتها بأنها حجر كبير " دبشة " .
13 - من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها ، وكان البين من الاطلاع على المفردات أن ما حصله الحكم من أقوال شاهد الإثبات المقدم ..... ضابط مباحث قسم ..... واعتراف المتهم بالتحقيقات له صداه وأصله الثابت بالأوراق ولم يحد الحكم فيما حصله منها وعول عليه عن نص ما أنبأ به أو فحواه ، ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم قالة خطأ التحصيل وفساد الاستدلال فى هذا الخصوص .
14 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع المحكوم عليه من أنه كان بحالة غير طبيعية فاندفع في ارتكاب جريمته بسبب خوفه من لحاق المجني عليه به والإمساك بقدمه واطرحه في قوله : " وحيث إنه عما أثاره محامي المتهم من أن الأخير لم يكن في حالته الطبيعية فإن هذا القول في غير محله لأنه جاء مرسلاً لا دليل عليه ولا سند يؤيده " . لما كان ذلك ، وكان ما قاله الحكم كافياً وسائغاً ويستقيم به اطراح دفاع المحكوم عليه دون أن يوصم الحكم المعروض بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع ، وإذا كان الدفاع عن المحكوم عليه قد أشار في مرافعته بما يفيد أن إرادة الأخير كانت معيبة وقت ارتكاب الحادث فإن ذلك لا يعتبر طلباً لعرض المحكوم عليه على أخصائى لفحص قواه العقلية وإنما يفيد ترك الأمر للمحكمة تقدره على نحو ما تراه ، ولما كان الظاهر مما أورده الحكم أن المحكمة قد استخلصت أن المحكوم عليه قارف جريمته وهو حافظ لشعوره واختياره وردت على ما تمسك به الدفاع بشأن حالته العقلية ولم تأخذ به بناء على ما تحققته من أن المحكوم عليه ارتكب الحادث بإحكام وتدبير وروية فإن في ذلك ما يكفي لسلامة الحكم المعروض .
15 - لما كان ما أثاره المحكوم عليه في شأن قصور تحقيقات النيابة العامة في إرساله لمعامل التحليل لبيان عما إذا كان من المتعاطين للمخدر " كلة " من عدمه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم المعروض.
16 - من المقرر أن مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن . وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة تنبئ بذاتها عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجناية السرقة بالإكراه ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون .
17 - لما كان البين من مدونات الحكم المعروض أنه أورد مضمون تقرير الصفة التشريحية والمعاينة التصويرية للنيابة العامة اللذين عول عليهما في قضائه فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه .
18 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع المحكوم عليه القائم على حالة الدفاع الشرعي واطرحه بقوله : " وحيث إن الأوراق لا تتضمن شبهة الدفاع الشرعي لأن المتهم هو الذي بادر بالاعتداء على المجني عليه بدفعه أرضاً ثم إلقاء الحجر الكبير على رأسه بقصد إزهاق روحه في الوقت التي لم يصدر من المجني عليه أي خطر أو اعتداء على المتهم يبرر هذا الفعل منه " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي خلصت إليها ، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه ، فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً فعل الاعتداء على المدافع أو غيره . وإذ كان ما أورده الحكم على السياق المتقدم أن المحكوم عليه لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس ، بل كان معتدياً وحين دفع المجني عليه أرضاً وألقى الحجر الكبير على رأسه كان قاصداً إلحاق الأذى به لا دفع اعتداء وقع عليه ، فإن هذا الذي رد به الحكم المعروض ينهض كافياً لدحض قالة الدفاع في هذا الصدد .
19 - لما كان الواضح من مدونات الحكم المعروض أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فأورد من واقع ذلك التقرير قوله : " وتعزى الوفاة إلى الإصابات الرضية بالرأس وما أحدثته من تهشم بالجمجمة وتهتك بالمخ " فإنه يكون بريئاً من قالة القصور في هذا الخصوص .
20 - من المقرر أنه إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية وفقاً للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ، ومن ثم يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه ...... .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : قتل ...... عمداً بأن أسقطه أرضاً فارتطم رأسه بنتوء حجري ثم هوى على رأسه بكتلة من الطوب الإسمنتي قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى تقدمتها هي أن المتهم في ذات الزمان والمكان سرق المبلغ النقدي المبين قدراً بالأوراق بطريق الإكراه من المجني عليه بإن انتزعه منه عنوة من جيبه رغم مقاومته له . وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قررت إرسال القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي في العقوبة المقررة شرعاً وحددت جلسة ..... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادة 234 /1، 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ .
كما عرضت النيابة العامة للقضية بمذكرة مشفوعة برأيها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن محصل الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد المقترن بجناية سرقة بالإكراه قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن المحكمة لم تحفل بما أبداه الطاعن من دفاع جوهري من انتفاء أركان الجريمة المسندة إليه وشاب أسبابها الغموض والتناقض ، وأن ما استدل به الحكم على توافر نية القتل لدى الطاعن لا يوفر قيامها في حقه ورد على دفاعه في هذا الخصوص بتحقيقات النيابة العامة وبجلسة المحاكمة بما لا يصلح رداً إذ عول في ذلك على التحريات رغم عدم تحديد مصدرها وأنها مجرد ترديد لأقوال محررها وهي لا تصلح دليلاً ، وقد تمسك الدفاع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره وليد إكراه مادي ومعنوي فرد الحكم على دفعه هذا بما لا يسوغ اطراحه ، هذا فضلاً عن أن الحكم التفت عن دفوع الطاعن الجوهرية ولم يعرض لها إيراداً ورداً ، وأخيراً فإن الحكم وقد انتهى إلى عقوبة مغلظة هي إعدامه شنقاً بإجماع آراء أعضاء الدائرة التي أصدرته على الرغم من عدم توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعن ، وذلك كله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : " حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من سائر الأوراق والتحقيقات وما دار بشأنها بالجلسة تخلص في أنه في مساء يوم ..... تقابل المتهم .... مع المجني عليه ..... الذي لم يتجاوز عمره حوالي عشر سنوات وشاهد المتهم بيد المجني عليه مبلغاً من النقود فعقد العزم على الاستيلاء على هذا المبلغ ، وتنفيذاً لهذا القصد استدرج المتهم المجني عليه في مكان مهجور خال من المارة وأخذ منه مبلغ النقود - وقدره أربعة عشر جنيهاً - عنوة وبطريق الإكراه ، ولما حاول المجني عليه استرداد المبلغ والاستغاثة قام المتهم بدفعه بكلتا يديه بقوة فسقط المجني عليه على ظهره وارتطمت رأسه بالأحجار الموجودة بمكان الحادث مما أدى إلى انعدام قدرته على الاستغاثة أو المقاومة . ولكن المتهم لم يترك المجني عند هذا الحد بل حمل حجراً كبيراً ( دبشة ) وهوى بها على رأس المجني عليه قاصداً من ذلك قتله وإزهاق روحه حتى لا يحاول الاستغاثة أو اللحاق به مما أدى إلى تهشم الجمجمة وتهتك بالمخ أودت بحياة المجني عليه على النحو المبين بتقرير الصفة التشريحية ". وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة استمدها من اعتراف المتهم بالتحقيقات وأقوال المقدم ..... ، ومما ورد بتقرير الصفة التشريحية وما أثبتته المعاينة التصويرية للحادث في مكان وقوعه ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد حصل مؤداها تحصيلاً وافياً له أصله الثابت في الأوراق على ما يبين من المفردات . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد استعرضت أدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصاً كافياً وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ولما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وبه يبرأ الحكم مما رما به الطاعن من الغموض والتناقض في التسبيب ، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يترد الحكم فيه ومن ثم كان هذا النعي غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في قوله : " وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في حق المتهم وذلك أن المجني عليه حينما حاول الاستغاثة واسترداد المبلغ المسروق من المتهم قام الأخير بدفعه بكلتا يديه حيث سقط المجني عليه على ظهره وارتطمت رأسه بالحجارة الموجودة بمكان الحادث مما أفقده القدرة على الاستمرار في الاستغاثة أو المقاومة ، ولم يكتف المتهم بذلك بل حمل حجراً كبيراً وهوى به على رأس المجني عليه حتى يتمكن من الفرار بالمسروقات ويضمن عدم استغاثة المجني عليه أو اللحاق به ولم يتركه إلا بعد أن تهشمت جمجمة الرأس وتهتك المخ ، ولا شك أن هذا السلوك الإجرامي من المتهم يدل دلالة قاطعة وواضحة بأنه قصد من فعله المذكور إزهاق روح المجني عليه ولم يكن الأمر مجرد اعتداء أو إيذاء ومن ثم فإن المحكمة تنتهي إلى توافر نية القتل وإزهاق الروح في جانب المتهم " . لما كان ذلك ، وكان تعمد القتل أمراً داخلياً يتعلق بالإرادة ويرجع تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة محكمة الموضوع وحريتها في تقدير الوقائع متى كانت ما أوردته من الظروف والملابسات سائغاً ويكفي لإثبات توافر هذه النية ، وكان ما قاله الحكم في شأن استظهار نية القتل وقيامها في حق الطاعن سائغاً وصحيحاً في القانون ويتضمن الرد على ما أثاره في شأن تكييفه للواقعة بوصف أنها ضرب أفضى إلى الموت ، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم في خصوص تعويله في إدانته على التحريات ، مردوداً بأن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان ما يثيره الطاعن من أن تلك التحريات مرجعها أقوال محررها يكون محض جدل في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لما دفع به المدافع عن الطاعن من أن اعترافه جاء باطلاً لأنه وليد إكراه بقوله : " أن المحكمة تطمئن إلى اعتراف المتهم في تحقيق النيابة اطمئناناً كاملاً لأنه جاء مفصلاً صريحاً وواضحاً ومطابقاً لحقيقة الحادث ومتسقاً مع ما أورى به التقرير الطبي الشرعي لجثة المجني عليه ، وأن المتهم أدلى باعترافه أمام السيد وكيل النيابة المحقق في ثمان صفحات متتالية مما يؤكد أنه كان مدركاً لاعترافه متمتعاً بحرية الخيار ولم يكن وليد ثمة إكراه مادي أو معنوي ، ومما يزيد اطمئنان المحكمة إلى هذا الاعتراف وخلوه من شبهة الإكراه أنه أصر عليه أمام النيابة وانتقل مع السيد وكيل النيابة المحقق في اليوم التالي لسؤاله تفصيلاً إلى مكان الحادث حيث قام بإجراء معاينة تصويرية لكيفية وظروف ارتكابه للواقعة على النحو الموضح بالمعاينة التصويرية " . لما كان ذلك ، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها ، وإذ كانت المحكمة مما أوردته - فيما سلف - قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهم إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة إكراه ، واقتنعت بصحته ، فإن رد المحكمة على ما دفع به المدافع عن المتهم في هذا الشأن يكون كافياً وسائغاً بما لا شائبة معه تشوب الحكم ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه الدفاع التي ينعي على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى وهل تحوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة رداً عليها بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكانت المادة 234 من قانون العقوبات تنص على أن : " من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى ...." وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن ارتكابه جناية القتل العمد المقترنة بجناية سرقة بالإكراه فإن في ذلك حسبه كى يستقيم قضاؤه بالإعدام ، فضلاً عن أن ما يثيره المدافع عن الطاعن بوجه النعي من أن الحكم وقد انتهى إلى عقوبة مغلظة هي إعدامه على الرغم من عدم توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حقه فإنه لما كان لا ينازع فيما أثبته الحكم من اقتران جريمة القتل المسندة إليه بجناية سرقة بالإكراه وكانت عقوبة الإعدام الموقعة عليه هي ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية أخرى مجردة من ظرفي سبق الإصرار والترصد ، فإنه لا يكون له مصلحة فيما أثاره من تخلف هذين الطرفين ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ومن حيث إن النيابة العامة عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم بإعدام الطاعن ، مما تتصل معه محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتستبين من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة ندبت محامياً للمحكوم عليه الذي لم يبد اعتراضاً على ذلك ، كما أثبت بالمحضر أن المحكمة أعطت الدفاع الوقت الكافي للاطلاع ، وقد ترافع المحامي في الدعوى على الوجه المثبت بمحضر الجلسة دون أن يطلب أجلاً للاطلاع ، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده موكول إلى تقديره حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته ، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع . لما كان ذلك ، ولما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن المحكوم عليه وان دفع بعدم جدية التحريات إلا أنه لم يبين أساس دفعه ومقصده ومرماه منه ، بل أطلقه في عبارة مرسلة لا تحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش ، الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه ، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما أثاره المحكوم عليه من أن الواقعة في صورتها الصحيحة لا تعدو أن تكون مشاجرة بينه وبين المجني عليه ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستبين الصورة الصحيحة التي وقع بها الحادث أخذاً من كافة ظروف الدعوى وأدلتها واستناداً إلى المنطق والعقل وكانت آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة فإنه لا يقدح في صحة الحكم المعروض عدم بيان نوع الآلة التي كان يحملها المحكوم عليه لأن المحكمة قد عنيت في بيانها لاعترافه بالإشارة إلى آلة الاعتداء ووصفتها بانها حجر كبير " دبشة " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها ، وكان البين من الاطلاع على المفردات أن ما حصله الحكم من أقوال شاهد الإثبات المقدم .... ضابط مباحث قسم ..... واعتراف المتهم بالتحقيقات له صداه وأصله الثابت بالأوراق ولم يحد الحكم فيما حصله منها وعول عليه عن نص ما أنبأ به أو فحواه ، ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم قالة خطأ التحصيل وفساد الاستدلال فى هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع المحكوم عليه من أنه كان بحالة غير طبيعية فاندفع في ارتكاب جريمته بسبب خوفه من لحاق المجني عليه به والإمساك بقدمه واطرحه في قوله : " وحيث إنه عما أثاره محامي المتهم من أن الأخير لم يكن في حالته الطبيعية فإن هذا القول في غير محله لأنه جاء مرسلاً لا دليل عليه ولا سند يؤيده " . لما كان ذلك ، وكان ما قاله الحكم كافياً وسائغاً ويستقيم به اطراح دفاع المحكوم عليه دون أن يوصم الحكم المعروض بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع ، وإذا كان الدفاع عن المحكوم عليه قد أشار في مرافعته بما يفيد أن إرادة الأخير كانت معيبة وقت ارتكاب الحادث فإن ذلك لا يعتبر طلباً لعرض المحكوم عليه على أخصائي لفحص قواه العقلية وإنما يفيد ترك الأمر للمحكمة تقدره على نحو ما تراه ، ولما كان الظاهر مما أورده الحكم أن المحكمة قد استخلصت أن المحكوم عليه قارف جريمته وهو حافظ لشعوره واختياره وردت على ما تمسك به الدفاع بشأن حالته العقلية ولم تأخذ به بناء على ما تحققته من أن المحكوم عليه ارتكب الحادث بإحكام وتدبير وروية فإن في ذلك ما يكفي لسلامة الحكم المعروض ، وكان ما أثاره المحكوم عليه في شأن قصور تحقيقات النيابة العامة في إرساله لمعامل التحليل لبيان عما إذا كان من المتعاطين للمخدر " كلة " من عدمه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم المعروض . وكان مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن . وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة تنبئ بذاتها عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجناية السرقة بالإكراه ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المعروض أنه أورد مضمون تقرير الصفة التشريحية والمعاينة التصويرية للنيابة العامة اللذين عول عليهما في قضائه فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع المحكوم عليه القائم على حالة الدفاع الشرعي واطرحه بقوله : " وحيث إن الأوراق لا تتضمن شبهة الدفاع الشرعي لأن المتهم هو الذي بادر بالاعتداء على المجني عليه بدفعه أرضاً ثم إلقاء الحجر الكبير على رأسه بقصد إزهاق روحه في الوقت التي لم يصدر من المجني عليه أي خطر أو اعتداء على المتهم يبرر هذا الفعل منه " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي خلصت إليها ، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه ، فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدى أو يحاول فعلاً فعل الاعتداء على المدافع أو غيره . وإذ كان ما أورده الحكم على السياق المتقدم أن المحكوم عليه لم يكن في حالة دفاع شرعى عن النفس ، بل كان معتدياً وحين دفع المجني عليه أرضاً وألقى الحجر الكبير على رأسه كان قاصداً إلحاق الأذى به لا دفع اعتداء وقع عليه ، فإن هذا الذي رد به الحكم المعروض ينهض كافياً لدحض قالة الدفاع في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان الواضح من مدونات الحكم المعروض أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فأورد من واقع ذلك التقرير قوله : " وتعزي الوفاة إلى الإصابات الرضية بالرأس وما أحدثته من تهشم بالجمجمة وتهتك بالمخ " فإنه يكون بريئاً من قالة القصور في هذا الخصوص . لما كان ما تقدم ، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية وفقاً للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ، ومن ثم يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه ..... .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 508 لسنة 69 ق جلسة 27 / 2 / 2006 مكتب فني 57 رقم 38 ص 352

جلسة 27 من فبراير سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عبد الرحمن هيكل ، هشام البسطويسي ، ربيع لبنة نواب رئيس المحكمة ومحمد خالد عبد العزيز .
--------------
(38)
الطعن 508 لسنة 69 ق
محكمة دستورية . قانون " القانون الأصلح " . معارضة . نقض " نظر الطعن والحكم فيه " . محكمة النقض " سلطتها " . تبديد .
قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية البند (ج) من المادة الأولى من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 فيما تضمنته من جواز إتباع هيئة الأوقاف المصرية لإجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بمستحقاتها . يعد أصلح للمتهم . أساس ذلك ؟
الطعن بالنقض في الحكم الصادر في المعارضة الاستئنافية. غير مقبول . صيرورة الواقعة محل الاتهام غير مؤثمة . يؤذن لمحكمة النقض بإلغاء الحكم والقضاء ببراءة المتهم . أساس ذلك؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمة تبديد أشياء محجوز عليها إدارياً لصالح هيئة الأوقاف المصرية استناداً إلى البند (ج) من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 التي أعطت وزارة الأوقاف الحق في إتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء لما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف والذي قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 104 لسنة 23 ق دستورية بتاريخ 9/1/2005 - بعد صدور الحكم المطعون فيه - بعدم دستوريته ، بما مؤداه انحسار الصفة الإدارية عن إجراءات الحجز التي تتخذها هذه الوزارة - ممثلة في هيئة الأوقاف المصرية - ويجعلها والعدم سواء ، وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعن ، إذ لا يقع الحجز ولا تقوم جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها إدارياً ما لم تكن الجهة الحاجزة من الجهات المخولة هذا الحق . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد حدد طعنه بطريق النقض على الحكم الصادر بجلسة 19/10/ 1998 عن المعارضة في الحكم الصادر في معارضته الاستئنافية والذي قضى بعدم قبولها وهو ما يكون معه الطعن - بحسب الأصل - غير مقبول ، وهو ما تتأذى منه العدالة وتأباه أشد الإباء بعد أن صارت الواقعة التي دين بها الطاعن غير مؤثمة ، بما يؤذن لمحكمة النقض أن تقضي بإلغاء الأحكام الصادرة في الدعوى وببراءة الطاعن عملاً بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه : بدد الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة له والمحجوز عليها إدارياً لصالح هيئة الأوقاف المصرية والتي سلمت إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالجهة الحاجزة . وطلبت عقابه بالمادتين 341 ، 342 من قانون العقوبات . ومحكمة جنح مركز ..... قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه .
عارض ، وقضى بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه . استأنف ومحكمة ..... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
عارض ، وقضى بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه . عاود المعارضة وقضى بعدم جواز المعارضة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمة تبديد أشياء محجوز عليها إدارياً لصالح هيئة الأوقاف المصرية استناداً إلى البند (ج) من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 التي أعطت وزارة الأوقاف الحق في إتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء لما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف والذي قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 104 لسنة 23 ق دستورية بتاريخ 9/1/2005 - بعد صدور الحكم المطعون فيه - بعدم دستوريته ، بما مؤداه انحسار الصفة الإدارية عن إجراءات الحجز التي تتخذها هذه الوزارة ممثلة في هيئة الأوقاف المصرية ويجعلها والعدم سواء ، وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعن ، إذ لا يقع الحجز ولا تقوم جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها إدارياً ما لم تكن الجهة الحاجزة من الجهات المخولة هذا الحق . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد حدد طعنه بطريق النقض على الحكم الصادر بجلسة 19/10/1998 عن المعارضة في الحكم الصادر في معارضته الاستئنافية والذي قضى بعدم قبولها وهو ما يكون معه الطعن - بحسب الأصل - غير مقبول ، وهو ما تتأذى منه العدالة وتأباه أشد الإباء بعد أن صارت الواقعة التي دين بها الطاعن غير مؤثمة ، بما يؤذن لمحكمة النقض أن تقضي بإلغاء الأحكام الصادرة في الدعوى وببراءة الطاعن عملاً بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 20860 لسنة 67 ق جلسة 27 / 2 / 2006 مكتب فني 57 رقم 37 ص 349

جلسة 27 من فبراير سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / حسن حمزة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مصطفى كامل ، فتحي حجاب ، عاصم الغايش ويحيى محمود نواب رئيس المحكمة .
-------------
(37)
الطعن 20860 لسنة 67 ق
(1) استئناف " نظره والحكم فيه " . محكمة استئنافية " نظرها الدعوى والحكم فيها " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها ".
وجوب تفنيد أسباب حكم البراءة الصادر من محكمة أول درجة . متى رأت المحكمة الاستئنافية إلغاؤه والقضاء بالإدانة. إغفال ذلك . قصور.
مثال .
(2) إصابة خطأ . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
اقتصار الحكم المطعون فيه على القول بثبوت التهمة قبل المتهم دون أن يمحص أسباب الحكم المستأنف الصادر بالبراءة أو يبين وقائع الحادث وكيفية حصوله وكنه الخطأ وموقف كل من المجني عليه والمتهم أثناء وقوع الحادث . قصور .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان البين من الأوراق أن محكمة أول درجة قضت ببراءة الطاعن مما أسند إليه لتشككها في صحة الاتهام للتراخي في الإبلاغ وركونها إلى أقوال الشهود الذين نفوا وجود المتهم - الطاعن - بمكان الحادث وقت وقوعه ، ثم خلص الحكم المطعون فيه - عند نظر استئناف النيابة العامة لحكم البراءة - إلى ثبوت التهمة في حق الطاعن وقضت بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبإدانته ، مقتصراً في بيان واقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها في حق الطاعن على القول : " وحيث إن الاستئناف قد جاء في محله إذ إن محكمة أول درجة قد جانبها الصواب في قضائها الصادر بجلسة .... حيث إنها قضت بالبراءة عما أسند للمتهم ، وذلك للفعل المؤثم المسند إلى المتهم الأمر الذي تقضي معه المحكمة بتعديل العقوبة وفق صحيح القانون على النحو الوارد بالمنطوق " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن على المحكمة الاستئنافية إذا رأت إلغاء حكم صادر بالبراءة أن تفند ما استندت إليه محكمة أول درجة من أسباب وإلا كان حكمها بالإلغاء ناقصا نقصاً جوهرياً موجباً لنقضه .
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد وقف عند حد القول بثبوت الفعل المسند إلى المتهم بحقه دون أن يمحص دلالة ما قالته محكمة أول درجة ، ودون أن يبين وقائع الحادث وكيفية حصولة وكنه الخطأ المنسوب إلى المتهم وما كان عليه موقف كل من المجني عليه والمتهم حين وقوع الحادث ويورد الدليل على كل ذلك مردوداً إلى أصل ثابت بالأوراق ، وهو ما يلزم قانوناً لصحة الحكم في جريمة القتل أو الإصابة الخطأ ، فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه : أولاً: تسبب خطأ في إصابة ...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر دون تبصر بحالة الطريق فاصطدم بالسيارة التي يقوم المجني عليه سالف الذكر بإصلاحها فسقطت عليه وأحدثت إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي ونكل عن مساعدته رغم تمكنه من ذلك . ثانياً : لم يبلغ أقرب رجل مرور أو شرطة أو إسعاف بالحادث . ثالثاً : قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 244/1، 2 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 66 لسنة 1973 . ومحكمة جنح ..... قضت ببراءته .
استأنفت النيابة العامة ، ومحكمة ..... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإجماع الآراء بتغريم المتهم مائة جنيه .
فطعن الأستاذ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.
------------------
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الإصابة الخطأ وقيادة سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر وعدم الإبلاغ عن وقوع حادث قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه لم يفند أسباب الحكم المستأنف القاضي بالبراءة فضلاً عن أنه خلا من بيان واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن البين من الأوراق أن محكمة أول درجة قضت ببراءة الطاعن مما أسند إليه لتشككها في صحة الاتهام للتراخي في الإبلاغ وركونها إلى أقوال الشهود الذين نفوا وجود المتهم - الطاعن - بمكان الحادث وقت وقوعه ، ثم خلص الحكم المطعون فيه - عند نظر استئناف النيابة العامة لحكم البراءة - إلى ثبوت التهمة في حق الطاعن وقضت بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبإدانته ، مقتصراً في بيان واقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها في حق الطاعن على القول : " وحيث إن الاستئناف قد جاء في محله إذ إن محكمة أول درجة قد جانبها الصواب في قضائها الصادر بجلسة ..... حيث إنها قضت بالبراءة عما أسند للمتهم ، وذلك للفعل المؤثم المسند إلى المتهم الأمر الذي تقضي معه المحكمة بتعديل العقوبة وفق صحيح القانون على النحو الوارد بالمنطوق " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن على المحكمة الاستئنافية إذا رأت إلغاء حكم صادر بالبراءة أن تفند ما استندت إليه محكمة أول درجة من أسباب وإلا كان حكمها بالإلغاء ناقصاً نقصاً جوهرياً موجباً لنقضه ، وكان الحكم المطعون فيه قد وقف عند حد القول بثبوت الفعل المسند إلى المتهم بحقه دون أن يمحص دلالة ما قالته محكمة أول درجة ، ودون أن يبين وقائع الحادث وكيفية حصوله وكنه الخطأ المنسوب إلى المتهم وما كان عليه موقف كل من المجني عليه والمتهم حين وقوع الحادث ويورد الدليل على كل ذلك مردوداً إلى أصل ثابت بالأوراق ، وهو ما يلزم قانوناً لصحة الحكم في جريمة القتل أو الإصابة الخطأ ، فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 18833 لسنة 68 ق جلسة 13 / 12 / 1999 مكتب فني 50 ق 148 ص 661

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وجاب الله محمد جاب نائبي رئيس المحكمة وهاني حنا وعاصم الغايش.

-----------------

(148)
الطعن رقم 18833 لسنة 68 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) رشوة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة الرشوة. تحققه. بطلب الطاعن من المتهمة معاشرتها جنسياً مقابل إخلاله بواجبات وظيفته.
(3) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه. متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع.
(4) إثبات "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف انتزاع منه بالإكراه. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة ووزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الإعادة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
نقض الحكم وإعادة المحاكمة. يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض.
مثال.
(6) نقض "الصفة والمصلحة في الطعن".
نعي الطاعن بإعفاء المتهمة الثانية من العقاب لاعترافها. غير مقبول. أساس ذلك؟
(7) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انحسار الخطأ في الإسناد عن الحكم متى كان ما أورده له أصله الثابت بالأوراق. الجدل الموضوعي. غير مقبول أمام محكمة النقض.
(8) إثبات "اعتراف. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية إيراد الحكم مضمون الاعتراف الذي عول عليه في قضائه. عدم إيراد نص الاعتراف كاملاً بكل فحواه. لا يعيبه.
(9) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير حجية الاعتراف وقيمته على المعترف. موضوعي.
لمحكمة الموضوع تجزئة الاعتراف والأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه. دون بيان العلة.
(10) إثبات "بوجه عام" "اعتراف".
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها. غير لازم. كفاية أن يرد على وقائع تستنتج منها المحكمة ومن باقي الأدلة بكافة الممكنات العقلية اقتراف الجاني للجريمة.
(11) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(12) رشوة. جريمة "أركانها".
جريمة الرشوة. مناط تحققها؟
(13) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". نقض "الصفة والمصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اتصال وجه الطعن بشخص الطاعن ومصلحته فيه. شرطاً لقبوله.
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة. لا يصلح سبباً للطعن على الحكم. أساس ذلك؟
(14) دفوع "الدفع ببطلان إذن مراقبة التليفون" "الدفع ببطلان إذن التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إذن مراقبة التليفون الخاص بالمتهمة وببطلان إذن التفتيش لمسكن المتهم لعدم جدية التحريات. غير مجد. ما دام الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من التسجيل أو التفتيش المدعى ببطلانهما.
(15) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفالها بعض الوقائع. مفاده: إطراحها له.
(16) دفوع "الدفع بنفي التهمة".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها.
(17) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
اطلاع المحكمة على أصول أوراق الامتحان الخاصة بالمتهمة وباقي المتهمين معها بالجلسة. مفاده: أنها كانت معروضة على بساط البحث في حضور الخصوم.
(18) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
(19) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قرار المحكمة في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. تحضيري. جواز العدول عنه.
(20) رشوة. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الفائدة التي يحصل عليها المرتشي. غير قاصرة على الأمور المادية فقط شمولها الفائدة المعنوية سواء أكانت مشروعة أو غير مشروعة بما فيها المتع الجنسية أياً كانت صورها. أساس ذلك؟
النعي بأن العلاقة الجنسية لا تصلح أن تكون منفعة مقابل الرشوة. غير سديد.
(21) غرامة. عقوبة "توقيعها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". رشوة.
قضاء الحكم على الطاعن في جريمة الرشوة للإخلال بواجبات وظيفته بضعف الحد الأدنى للغرامة المنصوص عليها في المادة 103 عقوبات لعدم إمكان تقدير مقابل الرشوة صحيح.
للمحكمة الالتفات عن الدفاع القانوني ظاهر البطلان.

----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً معيناً أو نمطاً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - لما كان الحكم قد عرض للدفع بانتفاء القصد الجنائي لدى الطاعن وأطرحه في قولة "أما عن الدفع بانتفاء جريمة الرشوة لتخلف القصد منها فمردود بما هو مقرر من أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد والعطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو الإخلال بواجباته الوظيفية وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة وبكافة الممكنات العقلية. لما كان ذلك، وكانت عناصر قصد المرتشي متصلة اتصالاً وثيقاً مع عناصر قصد الراشي من حيث العلم بصفة المرتشي وباختصاصه الوظيفي بالعمل المطلوب وأن الغرض من تقديم المقابل أنه ثمن لذلك العمل وأن تتجه الإدارة لدية إلى حمل الموظف على القيام بالعمل الوظيفي أو الإخلال به، فلما كان ما تقدم، وكانت مجريات الواقعة وظروفها وملابساتها من واقع أقوال المتهمين في التحقيقات ما يتوافر به أركان جريمة الرشوة والقصد منها ذلك من قيام المتهم الأول وهو القائم بتدريس مادة البحث في الخدمة الاجتماعية موضوع الامتحان ووضع أسئلة امتحانها وتصحيح أوراق إجاباتها بالتوجه إلى مسكن المتهمة الثانية بعد أن أبعدت أولادها والعاملين لديها - ليلتقيا في المسكن منفردين ويتبادل الحديث حول الهام من الموضوعات ثم القول منه بأن الامتحان يتضمن سؤالاً واحداً ثم طلبه معاشرتها جنسياً فوافقته على ذلك مقابل إخلاله بواجبات وظيفته وإثر ذلك أفشى لها بموضوع سؤال الامتحان وطريقة الإجابة عنها وحدد لها مشكلة خاصة بعملها كي يتعرف على ورقة إجابتها، الأمر الذي تتجلى فيه إرادتهما طلباً وتقديماً وأخذاً أنها اتجهت إلى حمل المتهم على الإخلال بواجبات وظيفته، ومن ثم يكون النعي بانتفاء القصد الجنائي في جريمة الرشوة غير سديد لقيامه على غير سند من الواقع ولا القانون...". لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً - نحو ما سلف بيانه - على أن طلب الطاعن معاشرة المتهمة الثانية جنسياً كان مقابل إخلاله بواجبات وظيفته والإفشاء لها بموضوع سؤال الامتحان وتحديده لها مشكلة خاصة بعملها كي يتعرف على ورقة إجابتها، وهو ما يتوافر به القصد الجنائي في تلك الجريمة كما هو معرف به في القانون ويدل على أن الفعل غير المشروع الذي أتاه معها إنما كان هو المقابل في جريمة الرشوة، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك، متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
4 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه المادي والمعنوي والوعد الوعيد وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذه الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهر منه باقي عناصر الدعوى، وأدلتها وحصل مضمونه في بيان كاف، فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة ووزن عناصر الدعوى مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض. لما كان ذلك، وإن كانت المتهمة الثانية قد دفعت ببطلان اعترافها أمام المحاكمة الأولي إلا أنه وأمام محكمة الإعادة وبجلسة الأول من أبريل 1998 تمسكت باعترافها بواقعة الرشوة وبوجود علاقة بينهما وبين المتهم الأول (الطاعن) وبما جاء بأمر الإحالة، ومن ثم فلا يقبل أن تطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها، ويكون ما يثيره الطاعن بشأن هذا الاعتراف على غير أساس.
6 - من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم، إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، فإن نعي الطاعن على الحكم بإعفاء المتهمة الثانية من العقاب لاعترافها يكون غير سديد.
7 - لما كان البين من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم المطعون فيه بشأن اعتراف المتهمة الثانية بتحقيقات النيابة العامة - بأن الطاعن حضر إليها بمسكنها وطلب معاشرتها جنسياً وأنه واقعها وكان ذلك مقابل حصولها على موضوع الامتحان - له صداه وأصله الثابت في الأوراق ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد وتضحى منازعة الطاعن في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى مجرد جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى ومصادرتها في عقيدتها وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
8 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه - وخلافاً لما يذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه - قد أورد مضمون اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة الذي عول عيه في قضائه بما تتوافر به أركان الجريمة، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص الاعتراف كاملاً بكل فحواه، ومن ثم ينتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى.
9 - لما كان الاعتراف في المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف، فلها أن تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح ما سواه مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك.
10 - لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها، بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة.
11 - لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
12 - لما كانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله مقابل إخلاله بواجبات وظيفته وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
13 - لما كان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم، إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، فإن نعي الطاعن بأن المحقق لم يخطر المتهمة الثانية بالجريمة المسندة إليها وعقوبتها يكون في غير محله، فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جري في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة العامة، لا تأثير له على سلامة الحكم، والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي التحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها وطالما لم يطلب الدفاع إليها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقض أو عيب فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لمنعاه، فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد.
14 - لما كان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الحاضر مع الطعن ببطلان الإذن الصادر بمراقبة تليفون المتهمة الثانية لصدوره من قاض غير مختص وببطلان إذن القبض على المتهم وبطلان الإجراءات لأنها كانت بمناسبة تحقيق جريمة تهريب المتهمة الثانية لمشغولات ذهبية ومجوهرات داخل البلاد دون سداد الرسوم الجمركية وأطرحه بقوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن ضبط وتفتيش مسكن المتهم، فإن الثابت للمحكمة من أوراق الدعوى أنه كانت بمناسبة تحقيق جريمة تهريب المتهمة لمشغولات ذهبية ومجوهرات داخل البلاد دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها بناء على طلب مدير عام الجمارك في 25/ 6/ 1944 وما تلاه من وضع تليفون المتهمة المركب بمسكنها بالعقار رقم... تحت المراقبة لمدة شهر بإذن السيد القاضي الجزئي وتسجيل كافة ما يدور خلاله من محادثات إرسالاً واستقبالاً وما كشف عنه تلك المراقبة لمدة شهر من وقوع جريمة رشوة المتهمة، وهي طالبة بالفرقة الأولى بقسم الماجستير بكلية.... للمتهم الأول بصفته عميد الكلية وقائم بالتدريس ووضع الامتحان وتصحيحه لإحدى المواد بذات الفرقة - للإخلال بواجبات وظيفته لما ثبت من حديث مسجل بينهما في 2/ 7/ 1994 بخصوص الامتحان وطلبه للحاجة السابق طلبها منها وردها بوجود المطلوب ودعوته لمسكنها لتسلمها. وحديث بينهما في يوم 6/ 7/ 1994 سألها عن الامتحان وإخبارها له بكتابة عبارة بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين في أول ورقة الإجابة كإشارة للمصحح ثم دعوته لها لمقابلته بمكتبه الخاص......، ثم مكالمة أخرى سألته فيها عن النتيجة والتقديرات وطمأنته لها بالامتياز، ثم مكالمات أخرى بينهما اتفقا فيها على إخلائها المسكن. من أولادها والخدم تمهيداً للقائهما منفردين يوم 10/ 7/ 1994 واتصاله من تليفونها المراقب بزوجته في منزله وإبلاغها بانشغاله ووجوده في الجامعة مما حمل على الاعتقاد بوقوع جريمة رشوة متلبس بها كشفتها مراقبة تليفون المتهمة - عرضاً - بمناسبة تحقيق جريمة التهريب الجمركي فتم القبض على المتهمة في 12/ 7/ 1994 وصح إذن النيابة العامة الصادر في 13/ 7/ 1994 بضبط المتهم الأول وتفتيش مكتبه ومسكنه لما ثبت لديها من تحقق وقوع جريمة الرشوة ونسبتها إلى المتهم الذي تقره هذه المحكمة، ومن ثم يضحى القول ببطلان إجراءات إذن مراقبة التليفون وتسجيل المكالمات وإذن القبض والتفتيش المشار إليهما مجرداً عن سنده وتلتفت عنه المحكمة". لما كان ذلك، وكان رد الحكم على الدفع كاف وسائغ، كما أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إذن مراقبة التليفون الخاص بالمتهمة الثانية وبطلان إذن التفتيش لمسكن المتهم لعدم جدية التحريات، ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من التسجيل والتفتيش المدعي ببطلانهما وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من اعتراف المتهمين وما ثبت للمحكمة من مطالعة ورقة إجابة المتهمة الثانية في مادة البحث في الخدمة الاجتماعية وهي أدلة مستقلة عن التسجيل والتفتيش. هذا فضلاً عن أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء الباطل في أن يدفع ببطلانه، ومن ثم، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير سديد.
15- لما كان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله التعرض لتقرير اللجنة المشكلة لاستظهار مدى إخلال المتهم بواجبات وظيفته.
16 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
17- لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة 24 من يناير سنة 1995 التي مثل فيها الطاعن والدفاع أن المحكمة اطلعت على أوراق الامتحان الخاصة بالمتهمة الثانية وباقي الممتحنين معها. ومن ثم، كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعنة الإطلاع عليها إذا ما طلب من المحكمة ذلك، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد.
18- لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإن النعي على المحكمة تعويلها في القضاء بإدانة الطاعن على ورقة إجابة المتهمة الثانية واختلافها عن باقي أوراق الممتحنين معها في مادة البحث يكون غير مقبول.
19- لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة الأول من أبريل سنة 1998 التي حضر فيها الطاعن والمدافع عنه أنه استغنى عن طلب ضم دفتر الأحوال الذي سبق وأن قررت المحكمة ضمه بجلسة الأول من فبراير سنة 1998، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً، هذا فضلاً عن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، فإن نعي الطاعن على المحكمة استغنائها عن قرارها بضم دفتر الأحوال بإدارة مباحث الأموال العامة عن الفترة من 12 من يوليو 1994 حتى 29 من يوليو سنة 1994 لا يكون في محله، إذ يجوز لها العدول عنه.
2- لما كانت المادة 107 من قانون العقوبات تنص على أن "يكون من قبل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه لذلك أو على به ووافق عليه أياً كان اسمها أو نوعها وسواء أكانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية". فإن مفاد هذا النص أن الفائدة التي يحصل عليها المرتشي ليست قاصرة على الأمور المادية وإنما يدخل فيها أيضاً - وطبقاً للنص - الفائدة غير المادية التي تشمل الجوانب المعنوية سواء أكانت مشروعة أو غير مشروعة والتي يدخل فيها المتع الجنسية أياً كانت صورها والتي تجردت من صفة المشروعية، يدل على ذلك أن التعبير الوارد في النص جاء مطلقاً وذلك في قوله عن الفائدة أياً كان اسمها أو نوعها" بل أضاف في وصفها قوله "سواء كانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية" وإذ كان الأمر كذلك، فإن طلب الطاعن من المتهمة الثانية مواقعتها لقاء إفشائه لها بموضوع الامتحان - وقد تم ذلك - فإن مقابل الرشوة يكون قد تحقق في الواقع، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من أن العلاقة الجنسية لا تصلح لأن تكون منفعة مقابل الرشوة غير سديد.
21 - كانت المادة 103 من قانون العقوبات تنص على أنه "كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به" كما تنص في المادة 104 من ذات القانون على أنه "كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها أو لمكافأته على ما وقع منه من ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وضعف الغرامة المذكورة في المادة 103 من هذا القانون" وكان الحكم المطعون فيه قد قضى على الطاعن بضعف الحد الأدنى للغرامة المذكورة في المادة 103 سالفة البيان باعتباره موظفاً عاماً طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته - ولم يزد الغرامة عن حدها الأدنى الوارد بالنص والواجب توقيعه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من خطأ بقضائه بغرامة قدرها 2000 ألفي جنيه رغم عدم إمكان تقدير قيمة مقابل الرشوة يعد دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى - أعفيت من العقاب - بصفته موظفاً عاماً (عميد كلية.... بجامعة...... فرع......) طلب لنفسه وأخذ رشوة للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب وقبل وأخذ من المتهمة الأخرى مشغولات ذهبية وهدايا بلغت قيمتها حوالي ستة عشر ألفاً ومائتي جنيه وأقام معها علاقة جنسية على سيبل الرشوة مقابل إفشائه لها بموضوعات وأسئلة امتحانات مواد السنة الأولى بقسم الدراسات العليا بالكلية المذكورة ومنحها درجات نجاح تزيد عما تستحقه في مادة البحث التي يتولى تدريسها وتصحيح أوراق إجابتها. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً - عملاً بالمواد 103، 104، 107/ 1 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادية 17 من ذات القانون - بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم..... لسنة 65 قضائية). ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية على محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة (بهيئة مغايرة) قضت حضورياً عملاً بالمواد 103، 104، 107 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه مبلغ ألفي جنيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية -.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة للإخلال بواجبات وظيفته، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها ولم يستظهر مدى توافر القصد الجنائي لديه ولم يبين أن العلاقة غير المشروعة بينه وبين المتهمة الثانية كانت هي المقابل في جريمة الرشوة، وأطرح الدفع ببطلان الاعتراف المعزو إليه والمتهمة الثانية لكونه وليد إكراه مادي ومعنوي وأنه صدر منهما تحت الوعد والوعيد، بما لا يسوغ إطراحه وعول عليه في الإدانة، رغم عدولهم عنه وحصل مؤداه تحصيلاً مبتوراً، وقضي بإعفاء المتهمة الثانية من العقاب لاعترافها بجلسة المحاكمة، دون أن يحقق دفاعها السابق ببطلان اعترافها بالتحقيقات لأنه كان وليد إكراه، وأقام قضاءه على ما يخالف الثابت بالأوراق، إذ نسب إلى المتهمة الثانية أنها قالت...... "أنه حضر إليها بمسكنها وطلب معاشرتها جنسياً وأنه واقعها مقابل حصولها على موضوع الامتحان ولم يوافق على إفشاء سر الامتحان، إلا بعد أن حصل على ما طلبه منها بمعاشرتها جنسياً - وهو ما لم يرد بأقوالها، كما أن ما حصله الحكم من إقراره بتحقيقات النيابة بطلب المتهمة الثانية منه إرشادها عن موضوعات الامتحان ومعاشرتها جنسياً لا يعد اعترافاً بجريمة الرشوة لأنها لا تتضمن إقراره بالإخلال بواجبات وظيفته كمقابل لتلك الرشوة، فضلاً عن أن النيابة العامة لم تحط المتهمة الثانية علماً بالجريمة المسندة إليها وعقوبتها، هذا وقد دفع أمام المحكمة ببطلان الإذن الصادر بوضع هاتفها تحت المراقبة لصدوره من قاض غير مختص وبطلان إذن ضبطه وتفتيش مسكنه لابتنائه على تحريات غير جدية وخلوه من اسمه، إلا أن الحكم رد عليه رداً غير سائغ، ولم يعرض لدفعه ببطلان الإجراءات لأنها تتعلق أصلاًَ بجريمة التهريب الجمركي المنسوبة إلى المتهمة الثانية لا يجوز اتخاذها إلا بناء على طلب وزير المالية، فضلاً عن التفات الحكم عن مؤدى ما انتهى إليه تقرير اللجنة الفنية المشكلة لاستظهار مدى إخلاله بواجبات وظيفته وأقواله بالتحقيقات التي ترشح لنفي الاتهام، وعول في قضائه بالإدانة على الدليل المستمد من مطالعة المحكمة لورقة إجابة المتهمة الثانية واستظهار اختلافها عن أوراق باقي الممتحنين معها، دون أن تطلع الدفاع عليها وكما أن الدليل المستمد من اختلاف ورقة امتحان المتهمة الثانية عن أوراق باقي الممتحنين معها بشأن منهج الأخصائي الاجتماعي بدولة الإمارات العربية دليل لا يعول عليه لأنها تعمل بالفعل بتلك الدولة، هذا وقد استغنت المحكمة عن طلب ضم دفتر أحوال إدارة المباحث الأموال العامة بالرغم من أنها سبق وأن أصدرت - من تلقاء نفسها - قراراً بضم، وأخيراً فقد قضى الحكم عليه بغرامة نسبية بالرغم من أن العلاقة الجنسية لا تصلح لأن تكون منفعة مقابلاً للرشوة طبقاً للقانون ويصعب تقديرها مادياً وتحديد الفائدة المادة التي عادت عليه من ورائها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه وصحة إسنادها إليه أدلة استمدها من اعتراف الطاعن والمتهمة الثانية في تحقيقات النيابة ومما ثبت للمحكمة من مطالعة ورقة إجابة المتهمة في مادة البحث في الخدمة الاجتماعية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً معيناً أو نمطاً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع بانتفاء القصد الجنائي لدى الطاعن وأطرحه في قولة "أما عن الدفع بانتفاء جريمة الرشوة لتخلف القصد منها فمردود بما هو مقرر من أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد والعطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو الإخلال بواجباته الوظيفية وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة وبكافة الممكنات العقلية. لما كان ذلك، وكانت عناصر قصد المرتشي متصلة اتصالاً وثيقاً مع عناصر قصد الراشي من حيث العلم بصفة المرتشي وباختصاصه الوظيفي بالعمل المطلوب وأن الغرض من تقديم المقابل أنه ثمن لذلك العمل وأن تتجه الإدارة لديه إلى حمل الموظف على القيام بالعمل الوظيفي أو الإخلال به. فلما كان ما تقدم، وكانت مجريات الواقعة وظروفها وملابساتها من واقع أقوال المتهمين في التحقيقات ما يتوافر به أركان جريمة الرشوة والقصد منها ذلك من قيام المتهم الأول وهو القائم بتدريس مادة البحث في الخدمة الاجتماعية موضوع الامتحان ووضع أسئلة امتحانها وتصحيح أوراق إجاباتها بالتوجه إلى مسكن المتهمة الثانية بعد أن أبعدت أولادها والعاملين لديها - ليلتقيا في المسكن منفردين ويتبادل الحديث حول الهام من الموضوعات ثم القول منه بأن الامتحان يتضمن سؤالاً واحداً ثم طلبه معاشرتها جنسياً فوافقته على ذلك فواقعها مقابل إخلاله بواجبات وظيفته وإثر ذلك أفشى لها بموضوع سؤال الامتحان وطريقة الإجابة عنها وحدد لها مشكلة خاصة بعملها كي يتعرف على ورقة إجابتها، الأمر الذي تتجلى فيه إرادتيهما طلباً وتقديماً وأخذاً أنها اتجهت إلى حمل المتهم على الإخلال بواجبات وظيفته، ومن ثم يكون النعي بانتفاء القصد الجنائي في جريمة الرشوة غير سديد لقيامه على غير سند من الواقع ولا القانون....." لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً - نحو ما سلف بيانه - على أن طلب الطاعن معاشرة المتهمة الثانية جنسياً كان مقابل إخلاله بواجبات وظيفته والإفشاء لها بموضوع سؤال الامتحان وتحدده لها مشكلة خاصة بعملها كي يتعرف على ورقة إجابتها، وهو ما يتوافر به القصد الجنائي في تلك الجريمة كما هو معرف به في القانون ويدل على أن الفعل غير المشروع الذي أتاه معها إنما كان هو المقابل في جريمة الرشوة. ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه المادي والمعنوي والوعد الوعيد وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذه الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهر منه باقي عناصر الدعوى وأدلتها وحصل مضمونه في بيان كاف، فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة ووزن عناصر الدعوى مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض. لما كان ذلك، وإن كانت المتهمة الثانية قد دفعت ببطلان اعترافها أمام المحاكمة الأولي إلا أنه وأمام محكمة الإعادة وبجلسة الأول من أبريل 1998 تمسكت باعترافها بواقعة الرشوة وبوجود علاقة بينهما وبين المتهم الأول (الطاعن) وبما جاء بأمر الإحالة، ومن ثم فلا يقبل أن تطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها، ويكون ما يثيره الطاعن بشأن هذا الاعتراف على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، فإن نعي الطاعن على الحكم بإعفاء المتهمة الثانية من العقاب لاعترافها يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم المطعون فيه بشأن اعتراف المتهمة الثانية بتحقيقات النيابة العامة - بأن الطاعن حضر إليها بمسكنها وطلب معاشرتها جنسياً وأنه واقعها وكان ذلك مقابل حصولها على موضوع الامتحان - له صداه وأصله الثابت في الأوراق، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد وتضحي منازعة الطاعن في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى مجرد جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى ومصادرتها في عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه - وخلافاً لما يذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه - قد أورد مضمون اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة الذي عول عليه في قضائه بما تتوافر به أركان الجريمة، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص الاعتراف كاملاً بكل فحواه، ومن ثم ينتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف، فلها أن تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح ما سواه، مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك، كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها، بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة، وكان لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. لما كان ذلك، وكانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله مقابل إخلاله بواجبات وظيفته وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، فإن نعي الطاعن بأن المحقق لم يخطر المتهمة الثانية بالجريمة المسندة إليها وعقوبتها يكون في غير محله، فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جري في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة العامة لا تأثير له على سلامة الحكم، والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي التحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها وطالما لم يطلب الدفاع إليها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لمنعاه، فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الحاضر مع الطعن ببطلان الإذن الصادر بمراقبة تليفون المتهمة الثانية لصدوره من قاض غير مختص وببطلان إذن القبض على المتهم وبطلان الإجراءات لأنها كانت بمناسبة تحقيق جريمة تهريب المتهمة الثانية لمشغولات ذهبية ومجوهرات داخل البلاد دون سداد الرسوم الجمركية وأطرحه بقوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن ضبط وتفتيش مسكن المتهم فإن الثابت للمحكمة من أوراق الدعوى أنه كانت بمناسبة تحقيق جريمة تهريب المتهمة لمشغولات ذهبية ومجوهرات داخل البلاد دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها بناء على طلب مدير عام الجمارك في 25/ 6/ 1944 وما تلاه من وضع تليفون المتهمة المركب بمسكنها بالعقار رقم..... تحت المراقبة لمدة شهر بإذن السيد القاضي الجزئي وتسجيل كافة ما يدور خلاله من محادثات إرسالاً واستقبالاً وما كشفت عنه تلك المراقبة لمدة شهر بإذن السيد القاضي الجزئي وتسجيل كافة ما يدور خلاله من محادثات إرسالاً واستقبالاً وما كشفت عنه تلك المراقبة من وقوع جريمة رشوة المتهمة، وهي طالبة بالفرقة الأولى بقسم الماجستير بكلية.... للمتهم الأول بصفته عميد الكلية وقائم بالتدريس ووضع الامتحان وتصحيحه لإحدى المواد بذات الفرقة - للإخلال بواجبات وظيفته لما ثبت من حديث مسجل بينهما في 2/ 7/ 1994 بخصوص الامتحان وطلبه للحاجة السابق طلبها منها وردها بوجود المطلوب ودعوته لمسكنها لتسلمها. وحديث بينهما في يوم 6/ 7/ 1994 سألها عن الامتحان وإخبارها له بكتابة عبارة بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين في أول ورقة الإجابة كإشارة للمصحح ثم دعوته لها لمقابلته بمكتبه الخاص....، ثم مكالمة أخرى سألته فيها عن النتيجة والتقديرات وطمأنته لها بالامتياز، ثم مكالمات أخرى بينهما اتفقا فيها على إخلائها المسكن من أولادها والخدم تمهيداً للقائهما منفردين يوم 10/ 7/ 1994 واتصاله من تليفونها المراقب بزوجته في منزله وإبلاغها بانشغاله ووجوده في الجامعة مما حمل على الاعتقاد بوقوع جريمة رشوة متلبس بها كشفتها مراقبة تليفون المتهمة – عرضاً – مناسبة تحقيق التهريب الجمركي فتم القبض على المتهمة في 12/ 7/ 1994 وصح إذن النيابة العامة الصادر في 13/ 7/ 1994 بضبط المتهم الأول وتفتيش مكتبه ومسكنه لما ثبت لديها من تحقق وقوع جريمة الرشوة ونسبتها إلى المتهم الذي تقره هذه المحكمة، ومن ثم يضحى القول ببطلان إجراءات إذن مراقبة التليفون وتسجيل المكالمات وإذن القبض والتفتيش المشار إليهما مجرداً عن سنده وتلتفت عنه المحكمة". لما كان ذلك، وكان رد الحكم على الدفع كاف وسائغ، كما أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إذن مراقبة التليفون الخاص بالمتهمة الثانية وبطلان إذن التفتيش لمسكن المتهم لعدم جدية التحريات، ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من التسجيل والتفتيش المدعي ببطلانهما وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من اعتراف المتهمين وما ثبت للمحكمة من مطالعة ورقة إجابة المتهمة الثانية في مادة البحث في الخدمة الاجتماعية وهي أدلة مستقلة عن التسجيل والتفتيش. هذا فضلاً عن أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء الباطل في أن يدفع ببطلانه، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله التعرض لتقرير اللجنة المشكلة لاستظهار مدى إخلال المتهم بواجبات وظيفية، فضلاً عن أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة 24 من يناير سنة 1995 التي مثل فيها الطاعن والدفاع أن المحكمة اطلعت على أوراق الامتحان الخاصة بالمتهمة الثانية وباقي الممتحنين معها، ومن ثم كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعنة الاطلاع عليها إذا ما طلب من المحكمة ذلك، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإن النعي على المحكمة تعويلها في القضاء بإدانة الطاعن على ورقة إجابة المتهمة الثانية واختلافها عن باقي أوراق الممتحنين معها في مادة البحث يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة الأول من أبريل سنة 1998 التي حضر فيها الطاعن والمدافع عنه أنه استغنى عن طلب ضم دفتر الأحوال الذي سبق وأن قررت المحكمة ضمه بجلسة 1/ 2/ 1998، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً، هذا فضلاً عن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، فإن نعي الطاعن على المحكمة استغنائها عن قرارها بضم دفتر الأحوال بإدارة مباحث الأموال العامة عن الفترة من 12 من يوليو 1994 حتى 29 من يوليو سنة 1994 لا يكون في محله، إذ يجوز لها العدول عنه. وحيث إن المادة 107 من قانون العقوبات تنص على أن "يكون من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه لذلك أو علم به ووافق عليه أياً كان اسمها أو نوعها وسواء أكانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية". فإن مفاد هذا النص أن الفائدة التي يحصل عليها المرتشي ليست قاصرة على الأمور المادية وإنما يدخل فيها أيضاً - وطبقاً للنص - الفائدة غير المادية التي تشمل الجوانب المعنوية سواء أكانت مشروعة أو غير مشروعة والتي يدخل فيها المتع الجنسية أياً كانت صورها والتي تجردت من صفة المشروعية، يدل على ذلك أن التعبير الوارد في النص جاء مطلقاً وذلك في قوله عن الفائدة أياً كانت اسمها أو نوعها، بل أضاف في وصفها قوله "سواء كانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية" وإذ كان الأمر كذلك، فإن طلب الطاعن من المتهمة الثانية مواقعتها لقاء إفشائه لها بموضوع الامتحان - وقد تم ذلك - فإن مقابل الرشوة يكون قد تحقق في الواقع، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من أن العلاقة الجنسية لا تصلح لأن تكون منفعة مقابل الرشوة غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 103 من قانون العقوبات تنص على أنه "كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به" كما تنص في المادة 104 من ذات القانون على أنه "كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها أو لمكافأته على ما وقع منه من ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وضعف الغرامة المذكورة في المادة 103 من هذا القانون" وكان الحكم المطعون فيه قد قضى على الطاعن بضعف الحد الأدنى للغرامة المذكورة في المادة 103 سالفة البيان باعتباره موظفاً عاماً وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته - ولم يزد الغرامة عن حدها الأدنى الوارد بالنص والواجب توقيعه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من خطأ بقضائه بغرامة قدرها 2000 - ألفي جنيه - رغم عدم إمكان تقدير قيمة مقابل الرشوة يعد دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 853 لسنة 64 ق جلسة 13 / 12 / 1999 مكتب فني 50 ق 147 ص 658

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وحامد عبد الله وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة وهاني حنا.

---------------

(147)
الطعن رقم 853 لسنة 64 القضائية

(1) تعدي على أرض مملوكة للدولة. قانون "تفسيره".
أفعال التعدي على العقارات المملوكة للدولة. واردة على سبيل الحصر بالمادة 372 مكرراً عقوبات. شرط تحققها؟
وقوع فعل التعدي ممن يحوز الأرض المملوكة للدولة أو يضع اليد عليها بسند قانوني عدم سريان المادة 372 عقوبات على فعله. أساس ذلك.؟

 (2)
حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". تعدي على أرض مملوكة للدولة.
سلامة الحكم رهن ببيان واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها ومؤداها في بيان كاف. اكتفاء الحكم فى بيان واقعة الدعوى بذكر وصف التهمة والإحالة إلى محضر الضبط وتحقيقات الشرطة دون إيراد مؤدي أياً منها وعدم استظهار شروط انطباق نص المادة 372 مكرراً عقوبات في حق الطاعن. قصور.

------------------
1 - حيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه تعدي على أرض مملوكة للدولة بالبناء عليها، وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمادة 372 مكرراً من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت المادة سالفة الذكر والمضافة بموجب القانون رقم 34 لسنة 1984 قد جري نصها على أنه "كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة وذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألفين من الجنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم على الجاني برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مباني أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته. فضلاً عن دفع قيمة ما عاد عليه من منفعة"، وكان البين من صريح عبارات نص المادة سالفة الذكر ووضوح لفظها أن أفعال التعدي على العقارات المملوكة للدولة والواردة حصراً بالمادة سالفة الذكر، يجب أن تكون قائمة على غصب تلك العقارات. دلالة ذلك ما نصت عليه من وجوب الحكم برد العقار المغتصب. أما إذا كانت أفعال التعدي قد وقعت ممن يحوز تلك العقارات أو يضع اليد عليها بسند قانوني، فإنه لا يعد غاصباً ولا تسري في شأنه أحكام المادة 372 مكرراً سالفة الذكر ولا يعدو ما وقع منه من أفعال إلا مخالفة لشروط وضع يده عليها أو حيازته لها وهي بهذه المثابة ليست إلا إخلالاً بالتزام مدني تطبق في شأنه القواعد المقررة في القانون المدني.
2 - لما كان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وأن يبين مؤداها بياناً كافياً يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيان واقعة الدعوى على ذكر وصف التهمة من أن الطاعن تعدى على الأملاك العامة للدولة واكتفى في واقعة التدليل على ثبوتها بالإحالة إلى محضر الضبط وتحقيقات الشرطة دون أن يورد مؤدى أياً من ذلك ولم يستظهر شروط انطباق نص المادة 372 مكرراً في حق الطاعن على النحو سالف البيان، فإنه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تعدى على أرض مملوكة للدولة (هيئة الإصلاح الزراعي) بالبناء عليها على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابه بالمادة 372 مكرراً من قانون العقوبات. ومحكمة جنح زفتى قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم أسبوعين وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ ورد الشيء لأصله وسداد قيمة ما تم الانتفاع به، عارض. وقضي في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه، استأنف. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه والإيقاف لعقوبة الحبس فقط.
فطعن الأستاذ..... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعدي على أرض مملوكة للدولة، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة وأدلة الثبوت التي عول عليها في إدانته، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه تعدى على أرض مملوكة للدولة بالبناء عليها، وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمادة 372 مكرراً من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت المادة سالفة الذكر والمضافة بموجب القانون رقم 34 لسنة 1984 قد جري نصها على أنه "كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة وذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألفين من الجنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم على الجاني برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مباني أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته فضلاً عن دفع قيمة ما عاد عليه من منفعة"، وكان البين من صريح عبارات نص المادة سالفة الذكر ووضوح لفظها أن أفعال التعدي على العقارات المملوكة للدولة والواردة حصراً بالمادة سالفة الذكر، يجب أن تكون قائمة على غصب تلك العقوبات. دلالة ذلك ما نصت عليه من وجوب الحكم برد العقار "المغتصب" أما إذا كانت أفعال التعدي قد وقعت ممن يحوز تلك العقارات أو يضع اليد عليها بسند قانوني، فإنه لا يعد غاصباً ولا تسري في شأنه أحكام المادة 372 مكرراً سالفة الذكر ولا يعدو ما وقع منه من أفعال إلا مخالفة لشروط وضع يده عليها أو حيازته لها وهي بهذه المثابة ليست إلا إخلالاً بالتزام مدني تطبق في شأنه القواعد المقررة في القانون المدني. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وأن يبين مؤداها بياناً كافياً يتضح منه مدي تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيان واقعة التدليل على ثبوتها بالإحالة إلى محضر الضبط وتحقيقات الشرطة دون أن يورد مؤدى أياً من ذلك ولم يستظهر شروط انطباق نص المادة 372 مكرراً في حق الطاعن على النحو سالف البيان، فإنه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث الوجه الآخر من وجهي النعي.

الطعن 23132 لسنة 67 ق جلسة 14 / 12 / 1999 مكتب فني 50 ق 152 ص 683

جلسة 14 من ديسمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وعمر بريك ورشاد قذافي نواب رئيس المحكمة وفؤاد نبوي.

----------------

(152)
الطعن رقم 23132 لسنة 67 القضائية

(1) استجواب. دفوع "الدفع ببطلان الاستجواب". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم إطراحه الدفع ببطلان الاستجواب. غير مجد. ما دام أنه لم يعول في الإدانة على دليل مستمد من الاستجواب.
(2) تلبس. قبض. دفوع "الدفع ببطلان القبض". قانون "تطبيقه". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استيلاء على أموال أميرية.
التلبس. صفة تلازم الجريمة. لا شخص مرتكبها.
وجود مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة. كاف لقيام حالة التلبس.
تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والزمن بين وقوع الجريمة واكتشافها لتبين حالة التلبس من عدمه. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان القبض لعدم توافر حالة التلبس في جريمة استيلاء على أموال أميرية.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(4) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهه يثيرها استقلالاً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ولها الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(6) إثبات "شهود". مأمورو الضبط القضائي.
سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له. لا ينال من سلامة أقواله.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشهود مفاده: إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها لحملها على عدم الأخذ بها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(8) استيلاء على أموال أميرية. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. قانون "تطبيقه". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
العقاب على جريمة الاستيلاء بغير حق على مال مملوك للدولة أو وحدات الإدارة المحلية أو تسهيل ذلك للغير. شموله جميع فئات العاملين في الحكومة أو الجهات التابعة لها فعلاً والملحقة بها حكماً. أياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه، وأياً كان نوع العمل المكلف به.
الخفير في هيئة مملوكة للدولة. في حكم الموظفين العموميين.
تحصيل الحكم في مدوناته أن عمل الطاعن ينحصر في مسئولية تأمين المخازن بما لا يخرج عن معنى الحراسة ثم إيراده في وصف التهمة التي تمت الإدانة عنها أنه أمين مخازن. خطأ مادي. لا يغير حكم القانون في كفاية أن يكون المتهم في جريمة الاستيلاء بغير حق على مال مملوك للدولة موظفاً عاماً وهي صفة تتحقق في كونه خفيراً.
(9) استيلاء على أموال أميرية. جريمة "أركانها". قصد جنائي. عقوبة "تطبيقها". غرامة "الغرامة النسبية". موظفون عموميون. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الاستيلاء بغير حق على مال مملوك للدولة. تمامها. بإخراج الموظف العمومي أو المستخدم للمال من المكان الذي يحفظ فيه بنية تملكه.
النعي على الحكم بعدم جواز توقيع عقوبة الغرامة النسبية المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات بوصف الجريمة شروع في جناية استيلاء على مال عام غير مقبول. ما دام الحكم قد أثبت انصراف نية الطاعنين إلى تملك المال الذي استوليا عليه.
(10) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وضوح وجه الطعن. شرط لقبوله.
(11) إثبات "اعتراف" "شهود". استجواب. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف والاستجواب. غير مجد. ما دام لم يتساند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد منهما.
مصادرة حق الدفاع. مناطه؟
سماع الشاهد. أصل من أصول المحاكمة. واجب وسابق على تقدير الشهادة كدليل من أدلة الدعوى.
(12) استيلاء على أموال أميرية. قانون "تطبيقه". محكمة النقض "سلطتها". نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
جناية تسهيل الاستيلاء على مال عام. من اختصاص محكمة أمن الدولة العليا دون غيرها. المادة الثالثة من القانون 105 لسنة 1980.
تصدي محكمة النقض للحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم. رخصة استثنائية خولها القانون لها في حالات معينة على سبيل الحصر. شرط وأساس ذلك؟

------------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعنين على دليل مستمد من استجوابهما بمحضر الضبط، فإنه لا جدوى من النعي على الحكم في هذا الشأن.
2 - لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض على الطاعنين لانتفاء حالات التلبس ورد عليه في قوله "أن ضابط الواقعة النقيب..... والذي تطمئن المحكمة إلى شهادته إنما ضبط المتهمين جميعاً وكانت الجريمة في حالة تلبس إذ وقع الضبط حال خروج السيارة بالمسروقات من بوابة مخازن الهيئة العامة للاتصالات "السلكية واللاسلكية وعليه، فإن هذا الدفع بدوره مفتقر إلى ما يسانده قانوناً حرياً بعدم النظر إليه". لما كان ذلك، وكان من المقرر قانوناً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً أو غير متلبساً بها موكول إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة. وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعنين من عدم توافرها ومن بطلان القبض والتفتيش كاف وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق مع صحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير مقبول، ولا يغير من ذلك قول الحكم بأن السيارة ضبطت حال خروجها بالمسروقات من بوابة مخازن الهيئة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، لأن ذلك لا يفيد عدم تمام خروجها بالفعل لأنه حصل الحكم لنفسه في بيان الواقعة أنها عبرت الباب الخارجي، ومن ثم تتحمل عبارة "حال خروجها" على أن ضبط السيارة كان عقب تمام الجريمة ببرهة يسيره، وهو ما تتوافر به حالة التلبس في القانون وفقاً للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية.
3 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين أو المدافع عنهما لم يثيرا شيئاً عن وجود نقص بتحقيقات النيابة العامة لعدم معاينة مكان الضبط، ولم يطلبا من محكمة الموضوع تدارك ما شاب تحقيقات النيابة العامة من نقص. فإن ما يثيرانه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
4 - المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. كما أن لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن دفاع الطاعن الأول بانعدام سيطرته على مكان الضبط ودفاع الطاعن الثاني بنفي التهمة استناداً إلى أن مثله لا يرتكبها.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
6 - من المقرر أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله.
7 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقديره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
8 - لما كانت المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات قد نصت على أنه يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب (الباب الرابع. اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر) أ - القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة ووحدات الإدارة المحلية، وكان قانون العقوبات إذ عاقب - بمقتضى المادة 113 منه - الموظف العام أو من في حكمه إذ استولى بغير حق على مال مملوك للدولة ووحدات الإدارة المحلية أو سهل ذلك لغيره فقد أراد معاقبة جميع فئات العاملين في الحكومة أو الجهات التابعة لها فعلاً والملحقة بها حكماً أياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة وأياً كان نوع العمل المكلف به، ولما كان الطاعن الأول بحكم كونه خفيراً وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه. في هيئة مملوكة للدولة يعد في حكم الموظفين العموميين، وكان الحكم قد حصل في مدوناته أن عمله ينحصر في مسئولية تأمين المخازن وهو ما لا يخرج عن معنى الحراسة المكلف بها - فإن ما أورده بعد ذلك في وصف التهمة التي تمت الإدانة عنها من أنه مسئول "أمين" مخازن الهيئة القومية لا يعدو أن يكون خطأ مادياً أضاف فيه الكاتب نقطتين أسفل الكلمة "أمن". هذا بالإضافة إلى أنه بفرض خطأ الحكم في تسميته أمين مخزن، فإن ذلك لا يغير حكم القانون في الواقعة التي يكفي فيها أنه موظف عام وهي صفة تتحقق أيضاً من كونه خفيراً ومن ثم يضحى النعي على الحكم بخصوص ذلك غير مجد، لأنه لا يؤثر في جوهر الجريمة وسلامة الاستدلال عليها.
9 - لما كانت جريمة الاستيلاء بغير حق على المال تتم بمجرد إخراج الموظف العمومي أو المستخدم للمال من المكان الذي يحفظ فيه بنية تملكه، وكانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم قد دلت على أن الكابلات موضوع الجريمة ضبطت محملة في السيارة بعد خروجها من باب المخزن، فإن الجريمة تكون قد تمت. ومتى كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت انصراف نية الطاعنين إلى تملك المال الذي استوليا عليه فقد أضحى ما ينعاه الطاعن الثاني من عدم جواز توقيع عقوبة الغرامة النسبية المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات بوصفها شروعاً في جناية الاستيلاء على المال العام غير سديد.
10 - لما كان الطاعنان لم يكشفا بأسباب طعنهما عن باقي أوجه دفاعهما التي التفتت المحكمة عنها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
11 - لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف ما دام البين من الواقعة كما هو صادر إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعي ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وكتاب الإدارة العامة للمشتريات بالهيئة وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف والاستجواب، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له وجه، ولا وجه لما يثيره الطاعن من عدم كفاية إطراح الاستجواب والاعتراف كمبرر لعدم الرد عليهما بدعوى أن في عدم الرد مصادرة لحق الدفاع، لأن مناط المصادرة أن تكون المحكمة قد علت على الدليلين المدعي ببطلانهما إما وهي لم تفعل فإنها ليست بحاجة للرد عليهما أو تحقيق الأمر بخصوصهما - ولا يقاس نعي الطاعن في هذا الخصوص بحالة إطراح الحكم للشهادة قبل سماعها - لأن سماع الشاهد أصل من أصول المحاكمة واجب وسابق على تقدير الشهادة كدليل من أدلة الدعوى.
12 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر من محكمة الجنايات على الرغم من أن جناية تسهيل الاستيلاء على مال عام المنسوبة للطاعن الثانية تجعل الاختصاص بنظر الدعوى برمتها معقوداً لمحكمة أمن الدولة العليا دون غيرها عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 105 لسنة 1980 مما قد يثير مسألة تدخل محكمة النقض عملاً بنص المادة الثالثة من المادة رقم 105 لسنة 1980 مما قد يثير مسألة تدخل محكمة النقض عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ذلك أن تصدي محكمة النقض من تلقاء نفسها - في هذه الحالة - عملاً بنص المادة 35 سالفة الإشارة. فضلاً عن أنه رخصة استثنائية - مشروط بشرطين - أولهما أن يكون الحكم صادراً من محكمة لا ولاية لها بالفصل في الدعوى، وهو أمر غير متوفر في الواقعة موضوع الطعن الماثل، ذلك أن الاختصاص الولائي هو المتعلق بالوظيفة أي المتصل بتحديد الاختصاص الوظيفي لجهات القضاء المختلفة التي تستقل كل منها عن الأخرى في نظامها ولا تنخرط في إطار الجهة الواحدة كالشأن في تحديد المنازعات التي تدخل في اختصاص السلطة القضائية وتلك التي يختص بها مجلس الدولة أو القضاء العسكري، ولا كذلك توزيع الاختصاص داخل نطاق جهة القضاء الواحدة كتوزيع الاختصاص بين محاكم السلطة القضائية على اختلاف أنواعها كما هو الحال بالنسبة لاختصاص محاكم الأحداث ومحاكم أمن الدولة المنشأة بالقانون رقم 105 لسنة 1980 التي تعتبر جزء لا يتجزأ من السلطة القضائية، والشرط الثاني أن يكون نقض محكمة النقض للحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم وهو شرط غير متوافر بدوره في الواقعة المطروحة، إذ لا ريب في أن ما أجازه القانون رقم 105 لسنة 1980 في المادة الثانية من إشراك عناصر غير قضائية في تشكيل محاكم أمن الدولة ليس من شأنه أن يوفر المتهم مصلحة في أن يحاكم أمامها تزيد على تلك التي توفرها له محاكمته أمام محكمة الجنايات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين - وآخر - بوصف أنهما شرعا في سرقة المهمات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمعدة للاستعمال والمملوكة للهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية وقد أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادتها فيه وهو ضبطهما والجريمة متلبساً بها وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 113، 118 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمهما - والمتهم الآخر - مبلغ وقدره 111300 جنيه "مائة وإحدى عشر ألفاً وثلاثمائة جنيه" وبعزل.... من وظيفته بعد أن عدلت الوصف بالنسبة للمتهم..... الطاعن الأول إلى تسهيل الاستيلاء على مال عام وبالنسبة للمتهم...... الطاعن الثاني إلى الاشتراك في تسهيل الاستيلاء على مال عام.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما ..... بجريمة تسهيل الاستيلاء على مال عام ودان ثانيهما..... بجريمة الاشتراك في التسهيل، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد وتطبيق القانون، ذلك بأن الحكم رد بما لا يصلح رداً على دفع الطاعنين ببطلان استجوابهما بمحضر الضبط وببطلان القبض عليهما لانتفاء حالة التلبس، ولم يأبه بدفاعهما بصدد عدم معاينة النيابة العامة لمكان حفظ مفاتيح المخزن وعدم سيطرة الطاعن الأول عليه، كما أعرض عن دفاعهما لانفراد ضابط الواقعة بالشهادة وحجبه باقي أفراد القوة المرافقة له عنها، وأنه بالنسبة للطاعن.... عدلت المحكمة وصف التهمة بالنسبة له إلى تسهيل الاستيلاء والاشتراك فيه استناداً إلى أنه أمين مخزن على خلاف الثابت بالأوراق من أنه خفير مع التكييف الصحيح للواقعة، لا يعدو أن يكون مجرد شروع في الجريمة لأن السيارة ضبطت حال خروجها من البوابة، ومن ثم لا يجوز معه للمحكمة أن تقضي بالغرامة النسبية المقررة في المادة 118 من قانون العقوبات للجريمة التامة. هذا إلى أن للواقعة أكثر من صورة ولم يعرض الحكم للمستندات الرسمية الدالة على أن مثله لا يرتكب الجريمة. وأخيراً فإن المحكمة ردت بما لا يصلح رداً على بطلان اعترافه في محضر الشرطة - ولا يكفي قولها مصادرة لحق الدفاع مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه، وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها "تتحصل في أن المتهم..... الطاعن الأول اتفق مع المتهمين..... الطاعن الثاني.... و.... وشهرته..... على أن يسهل لهما الاستيلاء على بعض الكابلات المملوكة للهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية من مخازن الهيئة المذكورة التي يتولى هو مسئولية تأمينها ونفاذاً لهذا الاتفاق حضرا المتهمان المذكوران إلى مخازن الهيئة الواقعة بشارع..... بالمعادي يستقلان سيارة نصف نقل وكان ذلك في حوالي الساعة الخامسة والنصف من صباح يوم 2/ 10/ 1996 حيث كان ينتظرهما وفتح لهما باب المخازن، وقاموا ثلاثتهم بتحميل عدد 65 خمس وستين لفة من كابلات التليفونات طول كل لفة 160 متراً على السيارة وبعد أن عبرت الباب الخارجي للمخازن تم ضبطها وضبط المتهمين الثاني والثالث اللذين كانا بداخلها والمتهم الأول الذي كان قد فتح لهما بوابة الخروج من المخازن، وقد تبين أن هذه المضبوطات ملك الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية، وأنها غير متداولة بالأسواق، وإن ثمنها مائة وأحد عشر ألفاً وثلاثمائة جنيه وقد استدل الحكم على صحة الواقعة وثبوتها في حق المتهمين من شهادة النقيب .... ضابط مباحث المعادي و.... أمين مخزن الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية..... مراقب عام مخازن المشروعات بالهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية وما قرره.... بالتحقيقات وما جاء بكتاب الإدارة العامة للمشتريات بالهيئة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، كان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعنين على دليل مستمد من استجوابها بمحضر الضبط، فإنه لا جدوى من النعي على الحكم في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض على الطاعنين لانتفاء حالات التلبس ورد عليه في قوله إن ضابط الواقعة النقيب..... والذي تطمئن المحكمة إلى شهادته إنما ضبط المتهمين جميعاً وكانت الجريمة في حالة تلبس إذ وقع الضبط حال خروج السيارة بالمسروقات من بوابة مخازن الهيئة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية وعليه، فإن هذا الدفع بدوره مفتقر إلى ما يسانده قانوناً حرياً بعدم النظر إليه". لما كان ذلك، وكان من المقرر قانوناً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقع الجريمة وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً أو غير متلبس بها موكول إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة. وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعنين من عدم توافرها ومن بطلان القبض والتفتيش كاف وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق مع صحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير مقبول. ولا يغير من ذلك قول الحكم بأن السيارة ضبطت حال خروجها بالمسروقات من بوابة مخازن الهيئة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية لأن ذلك لا يفيد عدم تمام خروجها بالفعل لأنه حصل لنفسه في بيان الواقعة أنها عبرت الباب الخارجي ومن ثم تتحمل عبارة حالة خروجها على أن ضبط السيارة كان عقب تمام الجريمة ببرهة يسيرة وهو ما تتوافر به حالة التلبس في القانون وفقاً للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين أو المدافع عنهما لم يثيرا شيئاً عن وجود نقص بتحقيقات النيابة العامة لعدم معاينة مكان الضبط ولم يطلبا من محكمة الموضوع تدارك ما شاب تحقيقات النيابة العامة من نقص، فإن ما يثيرانه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم كما أن لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها - كالحال في الدعوى الماثلة والتي تكفي لحمل قضائها - ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن دفاع الطاعن الأول بانعدام سيطرته على مكان الضبط ودفاع الطاعن الثاني بنفي التهمة استناداً إلى أن مثله لا يرتكبها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، كما وأن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له، لا ينال من سلامة أقواله. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقديره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات قد نصت على أنه يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب (الباب الرابع. اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر) أ - القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة ووحدات الإدارة المحلية، وكان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادة 113 منه الموظف العام أو من في حكمه إذا استولى بغير حق على مال مملوك للدولة ووحدات الإدارة المحلية أو سهل ذلك لغيره فقد أراد معاقبة جميع فئات العاملين في الحكومة أو الجهات التابعة لها فعلاً والملحقة بها حكماً أياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة وأياً كان نوع العمل المكلف به، ولما كان الطاعن الأول بحكم كونه خفيراً وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه في هيئة مملوكة للدولة يعد في حكم الموظفين العموميين، وكان الحكم قد حصل في مدوناته أن عمله ينحصر في مسئولية تأمين المخازن وهو ما لا يخرج عن معنى الحراسة المكلف بها - فإن ما أورده بعد ذلك في وصف التهمة التي تمت الإدانة عنها من أنه مسئول "أمين مخازن الهيئة القومية" لا يعدو أن يكون خطأ مادياً أضاف فيه الكاتب نقطتين أسفل الكلمة "أمن" هذا بالإضافة إلى أنه بفرض خطأ الحكم في تسمية أمين مخزن، فإن ذلك لا يغير حكم القانون في الواقعة التي يكفي فيها أنه موظف عام وهي صفة تتحقق أيضاً من كونه خفيراً. ومن ثم، يضحى النعي على الحكم بخصوص ذلك غير مجد، لأنه لا يؤثر في جوهر الجريمة وسلامة الاستدلال عليها. لما كان ذلك، وكانت الجريمة الاستيلاء بغير حق على المال تتم بمجرد إخراج الموظف العمومي أو المستخدم للمال من المكان الذي يحفظ فيه بنية تملكه، وكانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم قد دلت على أن الكابلات موضوع الجريمة ضبطت محملة في السيارة بعد خروجها من باب المخزن، فإن الجريمة تكون قد تمت. ومتى كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت انصراف نية الطاعنين إلى تملك المال الذي استوليا عليه فقد أضحى ما ينعاه الطاعن الثاني من عدم جواز توقيع عقوبة الغرامة النسبية المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات بوصفها شروعاً في جناية الاستيلاء على المال العام غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعنان لم يكشفا بأسباب طعنهما عن باقي أوجه دفاعهما التي التفتت المحكمة عنها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى، فإن ما يثيراه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعي ببطلانه، وإنما قام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وكتاب الإدارة العامة للمشتريات بالهيئة، وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف والاستجواب. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له وجه، ولا وجه لما يثيره الطاعن من عدم كفاية إطراح الاستجواب والاعتراف كمبرر لعدم الرد عليها بدعوى أن عدم الرد مصادرة لحق الدفاع، لأن مناط المصادرة أن تكون المحكمة قد عولت على الدليلين المدعي ببطلانهما إما وهي لم تفعل فإنها ليست بحاجة للرد عليهما أو تحقيق الأمر بخصوصهما - ولا قياس نعي الطاعن في هذا الخصوص بحالة إطراح الحكم للشهادة قبل سماعها - لأن سماع الشاهد أصل من أصول المحاكمة واجب وسابق على تقدير الشهادة كدليل من أدلة الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً، ولا يغير من ذلك أن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة الجنايات على الرغم من أن جناية تسهيل الاستيلاء على مال عام المنسوبة للطاعن الثاني تجعل الاختصاص بنظر الدعوى برمتها معقوداً لمحكمة أمن الدولة العليا دون غيرها عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 105 لسنة 1980 مما قد يثير مسألة تدخل محكمة النقض عملاً بنص المادة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ذلك أن تصدي محكمة النقض من تلقاء نفسها - في هذه الحالة - عملاً بنص المادة 35 سالفة الإشارة - فضلاً عن أنه رخصة استثنائية - مشروط بشرطين أولهما أن يكون الحكم صادراً من محكمة لا ولاية لها بالفصل في الدعوى وهو أمر غير متوفر في الواقعة موضوع الطعن الماثل، ذلك أن الاختصاص الولائي هو المتعلق بالوظيفة أي المتصل بتحديد الاختصاص الوظيفي لجهات القضاء المختلفة التي تستقل كل منها الأخرى في نظامها ولا تنخرط في إطار الجهة الواحدة كالشأن في تحديد المنازعات التي تدخل في اختصاص السلطة القضائية وتلك التي يختص بها مجلس الدولة أو القضاء العسكري، ولا كذلك توزيع الاختصاص داخل نطاق جهة القضاء الواحدة كتوزيع الاختصاص بين محاكم السلطة القضائية على اختلاف أنواعها - كما هو الحال بالنسبة لاختصاص محاكم الأحداث ومحاكم أمن الدولة المنشأة بالقانون رقم 105 لسنة 1980 - التي تعتبر جزء لا يتجزأ من السلطة القضائية، والشرط الثاني أن يكون نقض محكمة النقض للحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم وهو شرط غير متوافر بدوره في الواقعة المطروحة إذ لا ريب في أن ما أجازه القانون رقم 105 لسنة 1980 في المادة الثانية من إشراك عناصر غير قضائية في تشكيل محاكم أمن الدولة ليس من شأنه أن يوفر المتهم مصلحة في أن يحاكم أمامها تزيد على تلك التي توفرها له محاكمته أمام محكمة الجنايات.