جلسة 28 من فبراير سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.
--------------
(125)
القضية رقم 18 سنة 20 القضائية
إثبات.
الأخذ بقول لشاهد دون قول آخر له. لا حرج على المحكمة في ذلك. ليس عليها أن تعرض كلا من القولين أو تبين العلة فيما ارتأته.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من: 1- بكر عثمان الشيخ علي. 2- محي الدين محمد الأمير الشيخ علي (الطاعن) بأنهما ضربا عمداً ومع سبق الإصرار إسماعيل عفيفي بربر على رأسه فأحدثا به الإصابتين المبينتين بالتقرير الطبي وقد تخلف عن إحداهما عاهتان مستديمتان يستحيل برؤهما الأولى فقد جزء من عظام الرأس بمقدمها من اليسار وهذا الفقد من المرجح ملؤه بنسيج ليفي ليس له القدرة على حماية المخ من التغييرات الجوية والصدمات البسيطة وقد تنشأ عنه حالات مرضية خطيرة مضاعفة لهذا الفقد كالالتهابات الموضعية أو المنتشرة بجوهر المخ والسحايا ونوبات الصرع والشلل والجنون وغير ذلك مما يقلل من كفاءة المصاب على العمل بما يقدر بنحو 18 % والعاهة الثانية هي نقص توصيلي بقوة سمع الأذن اليمنى للمجني عليه يقدر بنحو نصف الطبيعي تخلف عنه ثقب بغشاء طبلة هذه الأذن وعن نزيف بالأذن الوسطى.
وطلبت ممن قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادة 240 /1-2 من قانون العقوبات.
فقرر إحالتهما إليها لمحاكمتهما بالمادة المذكورة وقد ادعى إسماعيل عفيفي بربر بحق مدني قدره 100 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين بالتضامن.
ومحكمة جنايات شبين الكوم بعد أن نظرت هذه الدعوى قضت فيها حضورياً عملا بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات للأول والمادة 240 /1 للثاني. (أولا) بمعاقبة بكر عثمان الشيخ علي بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر. (ثانيا) بمعاقبة محي الدين محمد الأمير الشيخ علي بالسجن لمدة خمس سنوات. (ثالثا) بإلزام المتهمين متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة جنيه مصري والمصاريف المدنية ومبلغ خمسمائة قرش صاغ أتعابا للمحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض يوم صدوره الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن حاصل الوجهين الأولين من الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ استند في إدانة الطاعن إلى أقوال المجني عليه وشهادة الشهود جاء قاصراً، إذ أن للشاهد الأول روايات عدة متنافرة ومتناقضة فكان من المتعين على المحكمة أن تعرضها كلها ثم تستخلص منها ما تعتمد عليه بعد تعليله تعليلا مقبولا. كما أن شهادة الشهود إنما انصبت على واقعة الضرب ولم يحدد أيهم أحدث الإصابة التي نشأت عنها العاهتان فكان مقتضى هذا وما تبين من تناقض المجني عليه أن يعامل الطاعن بالقدر المتيقن في حقه وهو الضرب البسيط دون أن يسأل عن العاهة.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة التي استخلص منها ثبوتها وكان ما أورده له أصله في التحقيقات ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتب عليه فإن المجادلة على النحو الوارد بهذين الوجهين لا تكون مقبولة إذ هي لا تخرج عن محاولة الخوض في تقدير أدلة الدعوى مما تختص به محكمة الموضوع ولا معقب عليها فيه، كما أنه لا حرج عليها إذ هي أخذت بقول للشاهد دون قول آخر له دون أن تلزم بعرض كل من القولين أو أن تذكر العلة فيما ارتأته، إذ أن ذلك معناه أنها اطمأنت إلى القول الذي أخذت به واطرحت لآخر.
وحيث إن الوجه الثالث من أوجه الطعن يتحصل في أن الحكم قد ناقش إصابات المجني عليه على أنها واحدة بجوار العين آخذ بها المتهم الأول الذي كان معه ثم إصابة أخرى بالرأس نتجت عنها العاهتان هي التي دين هو من أجلها في حين أن الثابت من التقرير الطبي أن إصابة العين اليسرى إنما هي فرع من إصابة الرأس المشار إليها وأنه إذا كان المتهم الأول هو الذي ضرب المجني عليه الضربة الأولى بمقدم الرأس فتكون هذه الإصابة هي التي أحدثت العاهة، ويكون الحكم قد أخطأ فهم التقارير الطبية وانبنى على هذا الخطأ مساءلته هو عن العاهة.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن الحكم إنما دان الطاعن من أجل إصابة الرأس التي نتجت عنها العاهتان (فقد بعض عظم الرأس ونقص قوة سمع الأذن اليمنى) وأنه وإن كانت ثانيتهما نتيجة غير مباشرة للأولى إلا أن المحكمة آخذته بها على هذا الاعتبار ومن جهة أخرى فهي لم تؤاخذ المتهم الآخر بأي من هاتين العاهتين بل دانته من أجل إصابات أخرى.
وحيث إنه تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.