الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 مايو 2013

الطعن 18 لسنة 20 ق جلسة 28/ 2/ 1950 مكتب فني 1 ق 125 ص 373

جلسة 28 من فبراير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.

--------------

(125)
القضية رقم 18 سنة 20 القضائية

إثبات. 

الأخذ بقول لشاهد دون قول آخر له. لا حرج على المحكمة في ذلك. ليس عليها أن تعرض كلا من القولين أو تبين العلة فيما ارتأته.

---------------------
لا حرج على المحكمة إذا هي أخذت بقول لشاهد دون قول آخر له بغير أن تعرض كلا من القولين أو تذكر العلة فيما ارتأته إذ أن ذلك منها معناه أنها اطمأنت إلى القول الذي أخذت به واطرحت الآخر لعدم اطمئنانها إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1- بكر عثمان الشيخ علي. 2- محي الدين محمد الأمير الشيخ علي (الطاعن) بأنهما ضربا عمداً ومع سبق الإصرار إسماعيل عفيفي بربر على رأسه فأحدثا به الإصابتين المبينتين بالتقرير الطبي وقد تخلف عن إحداهما عاهتان مستديمتان يستحيل برؤهما الأولى فقد جزء من عظام الرأس بمقدمها من اليسار وهذا الفقد من المرجح ملؤه بنسيج ليفي ليس له القدرة على حماية المخ من التغييرات الجوية والصدمات البسيطة وقد تنشأ عنه حالات مرضية خطيرة مضاعفة لهذا الفقد كالالتهابات الموضعية أو المنتشرة بجوهر المخ والسحايا ونوبات الصرع والشلل والجنون وغير ذلك مما يقلل من كفاءة المصاب على العمل بما يقدر بنحو 18 % والعاهة الثانية هي نقص توصيلي بقوة سمع الأذن اليمنى للمجني عليه يقدر بنحو نصف الطبيعي تخلف عنه ثقب بغشاء طبلة هذه الأذن وعن نزيف بالأذن الوسطى.
وطلبت ممن قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادة 240 /1-2 من قانون العقوبات.
فقرر إحالتهما إليها لمحاكمتهما بالمادة المذكورة وقد ادعى إسماعيل عفيفي بربر بحق مدني قدره 100 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين بالتضامن.
ومحكمة جنايات شبين الكوم بعد أن نظرت هذه الدعوى قضت فيها حضورياً عملا بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات للأول والمادة 240 /1 للثاني. (أولا) بمعاقبة بكر عثمان الشيخ علي بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر. (ثانيا) بمعاقبة محي الدين محمد الأمير الشيخ علي بالسجن لمدة خمس سنوات. (ثالثا) بإلزام المتهمين متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة جنيه مصري والمصاريف المدنية ومبلغ خمسمائة قرش صاغ أتعابا للمحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض يوم صدوره الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن حاصل الوجهين الأولين من الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ استند في إدانة الطاعن إلى أقوال المجني عليه وشهادة الشهود جاء قاصراً، إذ أن للشاهد الأول روايات عدة متنافرة ومتناقضة فكان من المتعين على المحكمة أن تعرضها كلها ثم تستخلص منها ما تعتمد عليه بعد تعليله تعليلا مقبولا. كما أن شهادة الشهود إنما انصبت على واقعة الضرب ولم يحدد أيهم أحدث الإصابة التي نشأت عنها العاهتان فكان مقتضى هذا وما تبين من تناقض المجني عليه أن يعامل الطاعن بالقدر المتيقن في حقه وهو الضرب البسيط دون أن يسأل عن العاهة.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة التي استخلص منها ثبوتها وكان ما أورده له أصله في التحقيقات ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتب عليه فإن المجادلة على النحو الوارد بهذين الوجهين لا تكون مقبولة إذ هي لا تخرج عن محاولة الخوض في تقدير أدلة الدعوى مما تختص به محكمة الموضوع ولا معقب عليها فيه، كما أنه لا حرج عليها إذ هي أخذت بقول للشاهد دون قول آخر له دون أن تلزم بعرض كل من القولين أو أن تذكر العلة فيما ارتأته، إذ أن ذلك معناه أنها اطمأنت إلى القول الذي أخذت به واطرحت لآخر.
وحيث إن الوجه الثالث من أوجه الطعن يتحصل في أن الحكم قد ناقش إصابات المجني عليه على أنها واحدة بجوار العين آخذ بها المتهم الأول الذي كان معه ثم إصابة أخرى بالرأس نتجت عنها العاهتان هي التي دين هو من أجلها في حين أن الثابت من التقرير الطبي أن إصابة العين اليسرى إنما هي فرع من إصابة الرأس المشار إليها وأنه إذا كان المتهم الأول هو الذي ضرب المجني عليه الضربة الأولى بمقدم الرأس فتكون هذه الإصابة هي التي أحدثت العاهة، ويكون الحكم قد أخطأ فهم التقارير الطبية وانبنى على هذا الخطأ مساءلته هو عن العاهة.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن الحكم إنما دان الطاعن من أجل إصابة الرأس التي نتجت عنها العاهتان (فقد بعض عظم الرأس ونقص قوة سمع الأذن اليمنى) وأنه وإن كانت ثانيتهما نتيجة غير مباشرة للأولى إلا أن المحكمة آخذته بها على هذا الاعتبار ومن جهة أخرى فهي لم تؤاخذ المتهم الآخر بأي من هاتين العاهتين بل دانته من أجل إصابات أخرى.
وحيث إنه تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.










السبت، 11 مايو 2013

الطعن 644 لسنة 58 ق جلسة 11/ 5/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 104 ص 698

جلسة 11 من مايو سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان ومحمد رفيق البسطويسي نائبي رئيس المحكمة وفتحي خليفة وعلي الصادق عثمان.
-------------
(104)
الطعن رقم 644 لسنة 58 القضائية
 (1)اختلاس أموال أميرية. عقوبة "توقيعها". غرامة. ظروف مخففة. قانون "تفسيره".
المادة 118 مكرراً ( أ ) عقوبات. تجيز إبدال العقوبة الأصلية المقررة لجرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر بعقوبة الحبس والغرامة المساوية لقيمة المال المختلس أو المستولى عليه أو ما تم تحقيقه من منفعة أو ربح. متى كان المال موضوع الجريمة أو الضرر الناجم عنها لا تجاوز قيمة خمسمائة جنيه.
 (2)اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. عقوبة "العقوبة التكميلية" "توقيعها". عزل.
نص المادة 118 مكرراً ( أ ) عقوبات. لا يوجب الحكم بعقوبة العزل من الوظيفة العامة أو ما في حكمها. ترك ذلك لإطلاقات محكمة الموضوع.
 (3)اختلاس أموال أميرية. عقوبة "توقيعها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جزاء الرد. يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم وحتى صدور الحكم في الدعوى.
ضبط المال المختلس قبل صدور الحكم المطعون فيه. إغفال الحكم القضاء بالرد. لا مخالفة للقانون.
 (4)اختلاس أموال أميرية. جريمة. اتفاق. اشتراك. إثبات "قرائن". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
إثبات الاشتراك بالقرائن. مناطه: ورود القرينة على واقعة الاتفاق على ارتكاب الجريمة أو المساعدة في ذاتها مع صحة الاستنتاج وسلامته.
وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين. لا الظن والاحتمال.
مجرد اتفاق المتهمين بالاختلاس مع الطاعن على شراء أجولة القمح التي اختلساها. لا ينصب على واقعة الاتفاق أو المساعدة في ارتكاب جريمة الاختلاس. الحكم بإدانته بتلك الجريمة استناداً إلى ذلك الاتفاق. قصور.
 (5)اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". اتفاق. اشتراك. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الاشتراك في الجريمة. مناط تحققه: اقتراف الفعل المادي للمساهمة التبعية في وقت سابق أو معاصر للجريمة وأن تقع الجريمة ثمرة لهذا الاشتراك.
----------------
1 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن خلص إلى التدليل على ثبوت الاتهام قبل المطعون ضدهما (المتهمان الأول والثاني) انتهى إلى أن قيمة المال المختلس مبلغ (159) مائة تسعة وخمسين جنيهاً، ومن ثم فقد آخذهما بنص المادة 118 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات. لما كان ذلك وكان الشارع إذ نص في المادة آنفة الذكر على أنه "يجوز للمحكمة في الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب وفقاً لما تراه من ظروف الجريمة وملابساتها، إذا كان المال موضوع الجريمة أو الضرر الناجم عنها لا تجاوز قيمته خمسمائة جنيه أن تقضي فيها بدلاً من العقوبات المقررة لها بعقوبة الحبس أو بواحد أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادة السابقة، ويجب على المحكمة أن تقضي فضلاً عن ذلك بالمصادرة والرد إن كان لهما محل، وبغرامة مساوية لقيمة ما تم اختلاسه أو الاستيلاء عليه من مال أو ما تم تحقيقه من منفعة أو ربح". فقد دل في صريح عبارته، على إجازته لمحكمة الموضوع، وأن تستبدل بالعقوبة الأصلية المقررة لأي جريمة من جرائم الباب المشار إليه بالنص، وهو الباب الرابع من قانون العقوبات في شأن اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر، والذي تندرج في أحكامه جريمة اختلاس الأموال العامة المسندة إلى المطعون ضدهما، عقوبة الحبس والغرامة المساوية لقيمة المال المختلس أو المستولى عليه أو ما تم تحقيقه من منفعة أو ربح، متى كان المال موضوع الجريمة أو الضرر الناجم عنها لا تجاوز قيمته خمسمائة جنيه، فإن جاوزت القيمة ذلك، انحسرت رخصة إعمال النص في هذه الحالة وتعين توقيع العقوبات المقررة أصلاً للجريمة.
2 - لما كان نص المادة 118 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات التي آخذت المحكمة المطعون ضدهما بها، وفقاً لصحيح القانون، لا يوجب الحكم بعقوبة العزل من الوظيفة العامة أو ما في حكمها، بل هي من الإجازات التي أوردها النص المطبق فإنها تكون من إطلاقات محكمة الموضوع، إن شاءت قضت بها في الحدود المقررة قانوناً، وإن شاءت رفضت ذلك، ويكون النعي على الحكم إغفاله القضاء بعقوبة العزل من الوظيفة العامة على غير أساس.
3 - لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن جزاء الرد يدور مع موجبه مع بقاء المال المختلس في ذمة مقترف الاختلاس حتى صدور الحكم في الدعوى، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المال المختلس قد تم ضبطه قبل صدور الحكم المطعون فيه، فإن موجب الرد يكون منتفياً في هذه الحالة ويكون الحكم إذ أغفل القضاء بالرد قد برئ من مخالفة القانون.
4 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعن على ما قرره المتهمان بجريمة الاختلاس، من اتفاقهما مع الطاعن على شراء أجولة القمح المضبوطة بمخزنه واستخلص من ذلك اشتراك الطاعن بطريق الاتفاق والمساعدة في جريمة الاختلاس تلك. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن، أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة الاتفاق على ارتكاب الجريمة أو المساعدة في ذاتها، وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها لا يتجافى مع المنطق والعقل، فإذا كانت الأسباب التي اعتمد عليها الحكم في إدانته المتهم والعناصر التي استخلص منها وجود الاشتراك، لا تؤدي إلى ما انتهى إليه - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه، وكان المقرر كذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة، وكان إقرار المتهمين بجريمة الاختلاس أنهما اتفقا مع الطاعن على شراء أجولة القمح المضبوطة التي اختلساها، لا ينصب على واقعة الاتفاق أو المساعدة في ارتكابه جريمة الاختلاس، ولا يكفي بمجرده في ثبوت اشتراك الطاعن فيها، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مؤسساً على الظن والاحتمال من المفروض والاعتبارات المجردة.
5 - من المقرر أن مناط تحقق الاشتراك أن يثبت اقتراف الفعل المادي للمساهمة التبعية في وقت سابق أو معاصر للجريمة، وأن تقع هذه الجريمة ثمرة لهذا الاشتراك، وهو ما لم يدلل عليه الحكم تدليلاً سائغاً. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب الذي يبطله ويوجب نقضه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 -..... 2 -..... 3 -..... 4 -..... 5 -..... في قضية الجناية........ مركز....... بأنهم. أولاً: المتهمان الأول والثاني: وهما موظفان عموميان الأول سائق والثاني عامل "تباع" بشركة......... اختلسا كمية القمح المبينة بالتحقيقات قدراً والبالغ قيمتها 1087.985 جنيهاً "ألف وثمانية وسبعون جنيهاً وتسعمائة وخمسة وثمانون مليماً) والمملوكة...... بأسيوط والتي وجدت في حيازتهما بسبب وظيفتهما حالة كونهما من الأمناء على الودائع. ثانياً: باقي المتهمين: اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب جناية الاختلاس موضوع التهمة الأولى بأن اتفق معهما المتهم الثالث على شراء كمية القمح المختلسة وساعدهما المتهمان الرابع والخامس بأن نقلاها إلى مخزن الثالث فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام.
ومحكمة أمن الدولة العليا بأسيوط قضت حضورياً بالنسبة للمتهم (الطاعن) عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 112/ أ، 118، 118 مكرراً، 119 ب، 119 هـ بمعاقبته بالحبس لمدة سنتين مع الشغل وبتغريمه مبلغ 159 جنيهاً.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض، كما طعن المحكوم عليه في هذا الحكم...... إلخ.

المحكمة
أولاً: عن الطعن المرفوع من النيابة العامة:
ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدهما (المتهمان الأول والثاني) بجريمة اختلاس أموال عامة المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، قد خالف القانون، ذلك بأنه لم يقض عليهما بعقوبتي الرد والعزل من الوظيفة العامة، وهو مما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن خلص إلى التدليل على ثبوت الاتهام قبل المطعون ضدهما (المتهمان الأول والثاني) انتهى إلى أن قيمة المال المختلس مبلغ (159) مائة وتسعة وخمسين جنيهاً، ومن ثم فقد آخذهما بنص المادة 118 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات. لما كان ذلك وكان الشارع إذ نص في المادة آنفة الذكر، على أنه "يجوز للمحكمة في الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب وفقاً لما تراه من ظروف الجريمة وملابساتها، إذا كان المال موضوع الجريمة أو الضرر الناجم عنها لا تجاوز قيمته خمسمائة جنيه أن تقضي فيها بدلاً من العقوبات المقررة لها بعقوبة الحبس أو بواحد أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادة السابقة، ويجب على المحكمة أن تقضي فضلاً عن ذلك بالمصادرة والرد إن كان لهما محل، وبغرامة مساوية لقيمة ما تم اختلاسه أو الاستيلاء عليه من مال أو ما تم تحقيقه من منفعة أو ربح". فقد دل في صريح عبارته، على إجازته لمحكمة الموضوع، أن تستبدل بالعقوبة الأصلية المقررة لأي جريمة من جرائم الباب المشار إليه بالنص، وهو الباب الرابع من قانون العقوبات في شأن اختلاس المال والعدوان عليه والغدر، والذي تندرج في أحكامه جريمة اختلاس الأموال العامة المسندة إلى المطعون ضدهما، عقوبة الحبس والغرامة المساوية لقيمة المال المختلس أو المستولى عليه أو ما تم تحقيق من منفعة أو ربح، متى كان المال موضوع الجريمة أو الضرر الناجم عنها لا تجاوز قيمته خمسمائة جنيه، فإن جاوزت القيمة ذلك، انحسرت رخصة إعمال النص في هذه الحالة وتعين توقيع العقوبات المقررة أصلاً للجريمة، وإذ كان نص المادة 118 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات الذي آخذت المحكمة المطعون ضدهما به، وفقاً لصحيح القانون، لا يوجب الحكم بعقوبة العزل من الوظيفة أو ما في حكمها، بل هي من الإجازات التي أوردها النص المطبق فإنها تكون من إطلاقات محكمة الموضوع، إن شاءت قضت بها في الحدود المقررة قانوناً، وإن شاءت رفضت ذلك، ويكون النعي على الحكم إغفاله القضاء بعقوبة العزل من الوظيفة العامة على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة مقترف الاختلاس حتى صدور الحكم في الدعوى، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المال المختلس قد تم ضبطه قبل صدور الحكم المطعون فيه، فإن موجب الرد يكون منتفياً في هذه الحالة ويكون الحكم إذ أغفل القضاء بالرد قد برئ من مخالفة القانون. لما كان ما تقدم فإن طعن النيابة العامة برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ثانياً: الطعن المرفوع من المحكوم عليه:
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في اختلاس أموال عامة، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً سائغاً على اشتراكه مع المتهمين بالاختلاس مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعن على ما قرره المتهمان بجريمة الاختلاس، من اتفاقهما مع الطاعن على شراء أجولة القمح المضبوطة بمخزنه واستخلص من ذلك اشتراك الطاعن بطريق الاتفاق والمساعدة في جريمة الاختلاس تلك. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن، أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة الاتفاق على ارتكاب الجريمة أو المساعدة في ذاتها، وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها لا يتجافى مع المنطق والعقل، فإذا كانت الأسباب التي اعتمد عليها الحكم في إدانته المتهم والعناصر التي استخلص منها وجود الاشتراك، لا تؤدي إلى ما انتهى إليه - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه، وكان المقرر كذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة، وكان إقرار المتهمين بجريمة الاختلاس أنهما اتفقا مع الطاعن على شراء أجولة القمح المضبوطة التي اختلساها، لا ينصب على واقعة الاتفاق أو المساعدة في ارتكابه جريمة الاختلاس، ولا يكفي بمجرده في ثبوت اشتراك الطاعن فيها، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مؤسساً على الظن والاحتمال من المفروض والاعتبارات المجردة هذا فضلاً عن أن اتفاق الطاعن على شراء القمح المختلس كان لاحقاً - على ما يبين من مدونات الحكم لجريمة الاختلاس ومن ثم لا يقوم به الاشتراك في هذه الجريمة كما هو معرف به في القانون، ذلك بأن مناط تحقق الاشتراك أن يثبت اقتراف الفعل المادي للمساهمة التبعية في وقت سابق أو معاصر للجريمة، وأن تقع هذه الجريمة ثمرة لهذا الاشتراك، وهو ما لم يدلل عليه الحكم تدليلاً سائغاً. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة، وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر وجوه طعن المحكوم عليه.