جلسة 6 من ديسمبر سنة 1949
برياسة سعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد فهمي إبراهيم بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
-----------------
(47)
القضية رقم 1361 سنة 19 القضائية
أ - حكم. تسبيبه.
تقرير الطبيب الشرعي. الاستناد إليه ضمن الأدلة. إغفال جزء منه غير متعارض مع ما نقلته المحكمة منه. لا يؤثر في سلامة الحكم.
ب - إثبات.
شاهد. تجزئة أقواله. جائزة. الإثبات في المواد الجنائية يقوم على حرية القاضي في تكوين عقيدته.
------------------
1 - إذا كان الحكم، مع استناده إلى التقرير الطبي الشرعي عن إصابة المجني عليه ضمن الأدلة التي ذكرها، قد أغفل جزءاً من هذا التقرير، وكان هذا الجزء غير متعارض مع ما نقلته المحكمة عن التقرير ورتبت قضاءها عليه، فهذا الإغفال لا يؤثر في سلامة الحكم.
2 - للمحكمة أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ بما اطمأنت إليه منها وتطرح ما لم ترتح إليه، ولا معقب عليها في ذلك إذ المرجع فيه إلى اطمئنانها، والإثبات في المواد الجنائية يقوم على حرية القاضي في تكوين عقيدته.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه قتل عبد الله إسماعيل عمار عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً قتله فأحدث به جرحاً نافذاً بقمة الرأس موصوفاً بالتقرير الطبي وقد أودى بحياته. وطلبت إلى حضرة قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 234/1 من قانون العقوبات. فقرر بتاريخ 4 أبريل 1948 إحالته إليها لمحاكمته بالمادة المذكورة.
سمعت محكمة جنايات سوهاج هذه الدعوى وقضت فيها عملا بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر سنة.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن يقول في طعنه إن الحكم المطعون فيه دانه بالقتل العمد رغماً من أن المدافع عنه جرح الشهود الذين أخذ بشهادتهم فقال إنهم لم يروا الحادث بدليل أنهم ذكروا أن المجني عليه كان واقفاً وكان الضارب مرتكزاً على ركبتيه عند إطلاق العيار، في حين أن الثابت بالتقرير الطبي الشرعي يخالف هذا الذي قرره، إذ ورد فيه أنه وإن لم يمكن معرفة موقف الضارب من المضروب بالضبط إلا أنه كان في مستواه وكانت فوهة الآلة النارية مصوبة أفقياً، ولكن المحكمة لم تأخذ بهذا الدفاع وفي سبيل اطراحه أغفلت من أقوال الشهود ما كان خاصاً بارتكاز الضارب كما أغفلت من التقرير الطبي ما ذكره عن المستوى واتجاه الآلة فتكون المحكمة بذلك قد بنت قضاءها على وقائع غير صحيحة مما يجعل حكمها معيباً ومتعيناً نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة على ثبوتها ومن بينها التقرير الطبي الذي ورد فيه أن المجني عليه مصاب بجرح بالرأس من عيار ناري وأنه يصعب معرفة موقف الضارب من المضروب لأن الرأس متحرك من جهة ولأن فتحتي الدخول والخروج قد حصل فيهما تدخل جراحي يتعذر معه إبداء رأى قاطع بشأنهما، قد تعرض لدفاع الطاعن المشار إليه في الطعن فقال "إن رقبة القتيل وهي مكان الإصابة جزء متحرك في الجسم ومن الصعب تحديد اتجاه الضارب من المضروب بالنسبة لذلك، ومن ثم فليس بالأوراق أو الكشف الطبي ما ينفي صحة أقوال الشهود وتصويرهم للحادث". ولما كان الأمر كذلك وكان من شأن ما أوردته المحكمة من الأدلة أن يؤدي إلى ما رتبته عليه فلا محل لما يثيره الطاعن من جدل موضعي في هذا الخصوص. أما يثيره مميز بهما الحكم أغفل جزءاً من التقرير الطبي جاء فيه "أن شكل ثقبي الطاقية من أن فتحتا الدخول والخروج بشكل واضح وأن كل ما يمكن قوله بشأن الضارب استناداً على تقابل الفتحتين بقمة الطاقة وبالرأس أن الضارب كان في مستوى المضروب وفوهة الآلة المستعملة مصوبة أفقياً))، فإن ذاك الجزء لا يتعارض مع ما نقلته المحكمة عن ذلك التقرير ورتبت قضاءها عليه، فإغفال هذا الجزء لا يؤثر على سلامة الحكم - وأما ما يثيره عن إغفال بعض أقوال الشهود فلا وجه له، إذ مفاد ذلك أن المحكمة قد اطمأنت إلى ما شهدوا به ولم تطمئن إلى ما قالوه مما يشير إليه الطاعن فاطرحته، وهذا من سلطتها فلها أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ ببعضها دون بعض ولا معقب عليها في ذلك إذ المرجع فيه إلى اطمئنان محكمة الموضوع، والإثبات في المواد الجنائية يقوم على حرية القاضي في تكوين عقيدته.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.