الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 19 أبريل 2025

الطعن 7926 لسنة 87 ق جلسة 26 / 6 / 2019 مكتب فني 70 ق 48 ص 430

جلسة 26 من يونيه سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / هاني مصطفى كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي عبد البديع وعبد النبي عز الرجال نائبي رئيس المحكمة ومحمد عبد الله الجندي وصابر جمعة .
------------------
(48)
الطعن رقم 7926 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً في تَفَهُم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة .
(2) استيلاء على أموال أميرية . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
جريمة الاستيلاء على المال العام . لا يلزم لإثباتها طريقاً خاصاً . كفاية اقتناع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال .
مثال .
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . استيلاء على أموال أميرية .
تحدث الحكم استقلالاً عن ملكية المال موضوع جريمة الاستيلاء . غير لازم . شرط ذلك ؟
(4) قانون " سريانه " .
وقوع الجريمة داخل إقليم الدولة المصرية وسفارتها بالخارج . كفايته لسريان قانون العقوبات المصري على الواقعة . علة ذلك ؟
(5) دفوع " الدفع ببطلان الإجراءات " . محضر الجلسة . تزوير " الادعاء بالتزوير ".
النعي ببطلان الإجراءات . غير مقبول . ما دامت المحكمة أثبتت بمحضر الجلسة فضها لحرز المستندات المزورة واطلاعها عليها وعرضها على بساط البحث والمناقشة في حضور الطاعن ومحاميه . إثبات ماهية الأوراق . غير لازم .
عدم جواز جحد ما أُثبت بمحضر الجلسة إلا بالطعن بالتزوير .
(6) إثبات " خبرة " .حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل فحواه وأجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
مثال .
(7) تزوير" أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم وجود المحرر المزور . لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمة التزوير . للمحكمة تكوين عقيدتها في حصولها بكل طرق الإثبات .
أخذ المحكمة بالصورة الضوئية للمحرر المزور كدليل في الدعوى واطمئنانها إلى صحتها . لا يعيبها . علة ذلك ؟
(8) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
مثال .
(9) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع الموضوعي اكتفاء بأدلة الإدانة .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
مثال .
(10) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة .
مثال .
(11) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تـر هي حاجة لإجرائه . غير جائز .
مثال .
(12) قانون " تفسيره " . استيلاء على أموال أميرية . دعوى جنائيـة " انقضاؤها بالتصالح " . نقض " المصلحة في الطعن " .
انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح في جريمة الاستيلاء على المال العام طبقاً للمادة 18 مكرراً (ب) إجراءات جنائية . شروطه ؟
نعي الطاعن بالتصالح مع جهة عمله وتقديمه إنذار عرض بسداد المبلغ محل الاستيلاء لصالحها . غير مجد . ما دام لم يستوف شروط وإجراءات الصلح المنصوص عليها قانوناً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها استمدها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي ، ومن تقرير اللجنة المشكلة – بقرار من النيابة العامة – من الجهاز المركزي للمحاسبات لفحص أعمال الطاعن ، وما ثبت بإفادة البنك المركزي المصري بشأن سعر بيع الفرنك السويسري إبان الواقعة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وإذ كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كما هو الحال في الدعوى المطروحة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله .
2- من المقرر أن القانون لم يشترط لإثبات جريمة الاستيلاء على المال العام المنصوص عليها في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – بوقوع الفعل المكون لهما من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت استيلاء الطاعن على المبالغ التي أشار إليها الحكم في مدوناته فإن منعى الطاعن بعدم توافر تلك الجريمة بركنيها في حقه لا يكون سديداً .
3- من المقرر أن التحدث استقلالاً عن ملكيــة المال ليس شرطاً لازماً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 من قانون العقوبات مادامت مدونات الحكم تكشف عن ذلك بما يتحقق به سلامة التطبيق القانوني الذي خلص إليه ، ومادامت تلك الملكيــة على ما هو حاصل في الدعوى لم تكن محل منازعة حتى يلزم الحكم بمواجهتها .
4- لما كان البين من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه أن الجريمة المسندة للطاعن ارتكبت بجمهورية مصر العربية – خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه – وأن ما ارتكب خارجها كان بداخل سفارتها بدولة .... التي تعد جزءاً من الإقليم المصري ، فإن في ذلك ما يكفي لسريان قانون العقوبات المصري على الواقعة طالما أن الجريمة التي ارتكبت وقع بعضها في مصر .
5- لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة الأخيرة التي مثَّل بها الطاعن ومحاميه أن المحكمة قامت بفض الحرز المحتوي على المستندات المزورة ، وقامت بعرض محتوياته على دفاع الطاعن في حضور الأخير ، فغدت محتوياتها معروضة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة ، وكان لا سند لإلزام المحكمة بأن تثبت ماهيــة الأوراق المزورة التي تحتوي عليها الأحراز ومضمونها بمحضر جلسة المحاكمة ، وكان المحضر ذاك حجة بما أثبت فيه ، بحيث لا يجوز ادعاء عكسه إلا بطريق الطعن بالتزوير ، وكان في مكنة الدفاع عن الطاعن وقد اطلع على تلك المحررات أن يبدي ما يعن له بشأنها في مرافعته ، ومن ثم يكون النعي على الإجراءات بالبطلان لهذا السبب على غير أساس ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .
6- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مؤدى تقرير لجنة الشئون المالية والإدارية بوزارة الخارجيــة وتقرير اللجنة المشكلة من الجهاز المركزي للمحاسبات ، والذين عوَّل عليهما في قضائه بالإدانة ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى .
7- لما كان عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمة التزوير إذ الأمر في ذلك مرجعه إلى قيام الدليل على حصول التزوير ونسبته إلى المتهم وللمحكمة أن تكون عقيدتها في ذلك بكل طرق الإثبات ، وكان الحكم قد استدل على ثبوت الجريمة في حق الطاعن من الصورة الضوئيــة للشيكات المزورة ومن الأدلة السائغة التي أوردها ، وكان من المقرر أن القانون الجنائي لم يحدد طريقة إثبات معينة في دعاوى التزوير للقاضي أن يكون اعتقاده فيها دون التقيد بدليل معين فلا حرج على المحكمة إن هي أخذت بالصورة الضوئيــة للمحرر المزور كدليل في الدعوى مادامت قد اطمأنت إلى صحتها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون لا محل له .
8- لما كانت العبرة في المحاكمات الجنائيـة هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائيــة متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان جماع ما أورده الحكم من الأدلة والقرائن التي اطمأنت المحكمة إليها يسوغ ما رتبت عليه ويصح استدلال الحكم به على ثبوت وقائع الاشتراك في تزوير المحرر الرسمي واستعماله في حق الطاعن ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
9- لما كانت محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي للمتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئيــة من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنا أنه اطرحها فإنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من عدم رده على أوجه الدفاع الموضوعية المشار إليها بأسباب طعنه .
10- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعن للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً .
11- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء تحقيق في خصوص دفاعه سالف البيان ، فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما أوردها شهود الواقعة .
12- لما كانت المادة 18 مكرراً ( ب) من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 16 لسنة 2015 قد نصت على أنه (يجوز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا يكون التصالح نافذاً إلا بهذا الاعتماد ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقاً له وبدون رسوم ويكون لمحضر التصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي) ومفاد ذلك النص أنه يشترط للقضاء بانقضاء الدعوى الجنائيــة للتصالح أن يكون التصالح بناء على تسوية تمت بمعرفة لجنة من الخبراء مشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء وأن يحرر محضر بذلك يوقعه جميع الأطراف وأن يعرض ذلك المحضر على مجلس الوزراء لاعتماده ، ويكون ذلك الاعتماد شرطاً لنفاذ ذلك التصالح ، وإذ كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن محامى الطاعن أثار أنه تصالح وقدم إنذار عرض يفيد إيداعه مبلغ مليون ومائتي ألف جنيهاً لصالح وزارة الخارجيــة بما يفيد أنه قام بسداد المبلغ محل الاستيلاء فإن ذلك السداد لا يكون له من ثمة أثر لعدم استيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها قانوناً على نحو ما سلف بيانه ، مما يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : بصفته موظفاً عمومياً - الملحق الإداري بسفارة جمهورية مصر العربية .... سابقاً - استولى بغير حق على أموال جهة عمله بأن استولى لنفسه بدون حق وبنية التملك على مبلغ عادل 545983,35 فرنك سويسري والمملوك لجهة عمله وكان ذلك حيلة بأن قام بصرف مبالغ غير مستحقة من حسابات السفارة بموجب الشيكات التي بحوزته من بنك .... كما حرر شيكات أخرى بمبالغ تزيد عما هو مدون بأمر صرفها وقام بإثبات بيانات مخالفة لما قام بصرفه بالدفاتر المعدة لإثبات المرتبات والمصروفات ودون تقديم سندات صرفها وتزوير كشوف حسابات البنك المرافقة بحسابات البعثة الشهرية المرسلة لوزارة الخارجية لإخفاء بيانات الشيكات التي قام بصرفها دون وجه حق بمحوها وإرسال صور ضوئية لتلك الكشوف لوزارة الخارجية المصرية لا تحتوي على تلك البيانات واستولی لنفسه على فارق هذه الأموال بمقدار المبلغ المالي سالف الذكر على النحو المبين بالأوراق وقد ارتبطت تلك الجريمة بجريمتي تزوير في محررات رسمية واستعمالها ذلك أنه في ذات الزمان والمكان آنفي البيان وبصفته السابقة ارتكب تزويراً في محررات رسمية وهي الشيكات المعدة للصرف من بنك .... ونموذج 502 المعد لإثبات المرتبات والمصروفات الخاصة بالسفارة وكشوف حسابات البنك المرفقة بحسابات البعثة الشهرية المرسلة لوزارة الخارجية المصرية بإثبات مبالغ زائدة عما يتعين صرفه بتلك الشيكات وهي قيمة ما استولى عليه بغير حق وإثبات مرتبات ومصروفات مخالفة لما قام بصرفها بنموذج 502 ، وإخفاء بيانات ما قام بصرفه بكشوف حسابات البنك المرسلة لوزارة الخارجية واستعمل المحررات المزورة آنفة البيان فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن قدم الشيكات المزورة لبنك .... ليتمكن من الاستيلاء على المبالغ سالفة الذكر وقدم باقي المستندات للاحتجاج بها لدى جهة عمله بالسفارة ووزارة الخارجية بجمهورية مصر العربية الأمر المنطبق عليه نص المادتين ۲۱۱ ، 214 من قانون العقوبات على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 113/ 1 ، 2 ، 118 ، 119 أ / 2 ، 119 مكرراً /1 ، 211 ، 214 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه ما يعادل 545983,35 فرنك سويسري والمقدر بمبلغ 1459313 (مليون وأربعمائة وتسعة وخمسين ألف وثلاثمائة وثلاثة عشر جنيهاً مصرياً) وعزله من وظيفته لمدة سنتين ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس والغرامة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ اليوم .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ، ومحكمة النقض قضت بقبول طعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياً عملاً بالمواد 113 /1 ، 2 ، 118 ، 119 أ / 2 ، 119 مكرراً /1 ، 211 ، 214 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه ما يعادل 545983,35 فرنك سويسري والمقدر بمبلغ 145933(مليون وأربعمائة وتسعة وخمسين ألف وثلاثمائة وثلاثة عشر جنيه مصري) وعزله من وظيفته لمدة سنتين ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس والغرامة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض " للمرة الثانية " .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاستيلاء على أموال مملوكة لجهة عمله المرتبطة بجريمتي تزوير محررات رسمية واستعمالها ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها ولم يورد مضمون الأدلة التي عوَّل عليها في قضائه بالإدانة ، ولم يدلل على أن المال المستولى عليه داخلاً في الذمة المالية للدولة وأن الفعل المسند إليه مؤثماً وفقاً للقانون السويسري بالمخالفة للمادة 3 من قانون العقوبات ودون أن تثبت المحكمة اطلاعها على المحررات المزورة وعرضها على بساط البحث وبيان ماهيتها ومضمونها هذا إلى أن الحكم لم يورد مضمون ومؤدى تقريري الشئون المالية والإدارية بوزارة الخارجيـة والجهاز المركزي للمحاسبات في بيانٍ وافٍ ، وعول عليهما في قضائه بالإدانة رغم عدم اطلاع أعضائها على أصول المستندات المدعى بتزويرها ورغم جحد الطاعن لصور تلك المستندات ودفاعه بخلو الأوراق من رأي فني محايد على ثبوت المخالفات المسند إليه ارتكابها ، والتفتت المحكمة عن المستندات المقدمة منه للتدليل على صحة دفاعه وصدور حكم من المحكمة التأديبية بمجلس الدولة بتشكيل لجنة ثلاثية من وزارة العدل ، ولم تعن المحكمة بإجراء تحقيق في هذا الصدد وأخيراً فإن الطاعن قدم إنذار عرض يفيد إيداعه مبلغ مليون ومائتي ألف جنيهاً لصالح وزارة الخارجيــة بيد أن الحكم التفت عن دلالة ذلك على تصالحه من جهة عمله بالمخالفة للمادة 18 مكرراً (ب) من قانون الإجراءات الجنائيــة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها استمدها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي ، ومن تقرير اللجنة المشكلة – بقرار من النيابة العامة – من الجهاز المركزي للمحاسبات لفحص أعمال الطاعن ، وما ثبت بإفادة البنك المركزي المصري بشأن سعر بيع الفرنك السويسري إبان الواقعة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وإذ كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كما هو الحال في الدعوى المطروحة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يشترط لإثبات جريمة الاستيلاء على المال العام المنصوص عليها في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – بوقوع الفعل المكون لهما من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت استيلاء الطاعن على المبالغ التي أشار إليها الحكم في مدوناته فإن منعى الطاعن بعدم توافر تلك الجريمة بركنيها في حقه لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التحدث استقلالاً عن ملكيــة المال ليس شرطاً لازماً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 من قانون العقوبات مادامت مدونات الحكم تكشف عن ذلك بما يتحقق به سلامة التطبيق القانوني الذي خلص إليه ، ومادامت تلك الملكيــة على ما هو حاصل في الدعوى لم تكن محل منازعة حتى يلزم الحكم بمواجهتها . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه أن الجريمة المسندة للطاعن ارتكبت بجمهورية مصر العربية – خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه – وأن ما ارتكب خارجها كان بداخل سفارتها بدولة .... التي تعد جزءاً من الإقليم المصري ، فإن في ذلك ما يكفي لسريان قانون العقوبات المصري على الواقعة طالما أن الجريمة التي ارتكبت وقع بعضها في مصر . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة الأخيرة التي مثل بها الطاعن ومحاميه أن المحكمة قامت بفض الحرز المحتوي على المستندات المزورة ، وقامت بعرض محتوياته على دفاع الطاعن في حضور الأخير ، فغدت محتوياتها معروضة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة ، وكان لا سند لإلزام المحكمة بأن تثبت ماهيــة الأوراق المزورة التي تحتوي عليها الأحراز ومضمونها بمحضر جلسة المحاكمة ، وكان المحضر ذاك حجة بما أثبت فيه ، بحيث لا يجوز ادعاء عكسه إلا بطريق الطعن بالتزوير ، وكان في مكنة الدفاع عن الطاعن وقد اطلع على تلك المحررات أن يبدي ما يعن له بشأنها في مرافعته ، ومن ثم يكون النعي على الإجراءات بالبطلان لهذا السبب على غير أساس ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مؤدى تقرير لجنة الشئون المالية والإدارية بوزارة الخارجيــة وتقرير اللجنة المشكلة من الجهاز المركزي للمحاسبات ، والذين عوَّل عليهما في قضائه بالإدانة ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمة التزوير إذ الأمر في ذلك مرجعه إلى قيام الدليل على حصول التزوير ونسبته إلى المتهم وللمحكمة أن تكون عقيدتها في ذلك بكل طرق الإثبات ، وكان الحكم قد استدل على ثبوت الجريمة في حق الطاعن من الصورة الضوئية للشيكات المزورة ومن الأدلة السائغة التي أوردها ، وكان من المقرر أن القانون الجنائي لم يحدد طريقة إثبات معينة في دعاوى التزوير للقاضي أن يكون اعتقاده فيها دون التقيد بدليل معين فلا حرج على المحكمة إن هي أخذت بالصورة الضوئية للمحرر المزور كدليل في الدعوى مادامت قد اطمأنت إلى صحتها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائيــة متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان جماع ما أورده الحكم من الأدلة والقرائن التي اطمأنت المحكمة إليها يسوغ ما رتبت عليه ويصح استدلال الحكم به على ثبوت وقائع الاشتراك في تزوير المحرر الرسمي واستعماله في حق الطاعن ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي للمتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئيــة من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنا أنه اطرحها فإنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من عدم رده على أوجه الدفاع الموضوعية المشار إليها بأسباب طعنه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعن للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء تحقيق في خصوص دفاعه سالف البيان ، فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما أوردها شهود الواقعة . لما كان ذلك ، وكانت المادة 18 مكرراً ( ب) من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 16 لسنة 2015 قد نصت على أنه (يجوز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا يكون التصالح نافذاً إلا بهذا الاعتماد ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقاً له وبدون رسوم ويكون لمحضر التصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي) ، ومفاد ذلك النص أنه يشترط للقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية للتصالح أن يكون التصالح بناء على تسوية تمت بمعرفة لجنة من الخبراء مشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء وأن يحرر محضر بذلك يوقعه جميع الأطراف وأن يعرض ذلك المحضر على مجلس الوزراء لاعتماده ، ويكون ذلك الاعتماد شرطاً لنفاذ ذلك التصالح ، وإذ كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن محامى الطاعن أثار أنه تصالح وقدم إنذار عرض يفيد إيداعه مبلغ مليون ومائتي ألف جنيهاً لصالح وزارة الخارجيــة بما يفيد أنه قام بسداد المبلغ محل الاستيلاء فإن ذلك السداد لا يكون له من ثمة أثر لعدم استيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها قانوناً على نحو ما سلف بيانه ، مما يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق