الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 أغسطس 2023

الطعن 6496 لسنة 82 ق جلسة 24 / 12 / 2019 مكتب فني 70 ق 114 ص 1119

جلسة 24 من ديسمبر سنة 2019

برئاسة السيد القاضي / أسامة توفيق عبد الهادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الحليم ، يوسف قايد ومحمد أيمن نواب رئيس المحكمة ومحمد أبو المكارم .

----------------

(114)

الطعن رقم 6496 لسنة 82 القضائية

(1) سجون . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

لضابط السجن تفتيش أي شخص يشتبه في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن . أساس ذلك ؟

القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . حد ذلك ؟

تدليل الحكم سائغاً على توافر حالة التلبس . كفايته للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفائها . النعي في هذا الشأن جدل موضوعي . غير جائز إثارته أمام محكمة النقض .

(2) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟

للمحكمة التعويل في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة . متى انتهت لصحة إجراءاته .

(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

تناقض أقوال الشاهد . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الإدانة منها بما لا تناقض فيه .

أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟

(4) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟

مثال .

(5) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة "  . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفائها في حق الطاعن وانتفاء صلته بالمضبوطات وتلفيق وكيدية الاتهام . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

(6) دفوع " الدفع ببطلان الإقرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . إثبات " إقرار " .

النعي ببطلان إقرار الطاعن . غير مجد . ما دام الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منه .

إقرار الطاعن لضابط الواقعة بمحضر الضبط . مجرد قول . لمحكمة الموضوع تقديره .

(7) وصف التهمة . مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . غرامة . نقض " المصلحة في الطعن " .

عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم . لها تعديله دون لفت نظر الدفاع . حد ذلك ؟

تغيير الوصف القانوني للواقعة من إحراز مخدرين بغير قصد إلى إحرازهما بقصد التعاطي دون إضافة أفعال أو عناصر لم تكن موجهة للمتهم . لا إخلال بحق الدفاع .

الغرامة المقررة لجريمة التعاطي أقل قدراً من المقررة للإحراز بغير قصد وإن تساوت العقوبة المقيدة للحرية في كلتيهما . مؤداه : تغيير الوصف للتعاطي . أصلح للطاعن .

   استخدام المادة 17 عقوبات في جريمة التعاطي . جائز على إطلاقه دون الخضوع للاستثناء الوارد بالمادة 36 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل . أثره : انتفاء المصلحة في تعييب الحكم بصدد التدليل على قصد التعاطي .

(8) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الارتباط " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .

       تقدير قيام الارتباط بين الجرائم . موضوعي .

       انتهاء الحكم إلى عدم قيام الارتباط بين جريمتي إحراز جوهر الحشيش وعقار الترامادول المخدرين وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه وتصحيحه

بإلغاء عقوبة التهمة الثانية . أساس وعلة ذلك ؟

مثال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات ومن تقرير التحليل وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم يجادل الطاعن في أنها ترتد إلى أصول ثابتة في الأوراق . لما كان ذلك ، وكانت المادة 41 من القرار بقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون تنص على أنه : " لضابط السجن حق تفتيش أي شخص يشتبه في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن سواء كان من المسجونين أو العاملين بالسجن أو غيرهم " ، مما مفاده أن تفتيش الطاعن كان استعمالاً لحق خوله القانون لمجرد الاشتباه أو الشك في حيازة الطاعن لأشياء ممنوعة وهو ما لم يخطئ الحكم في استخلاصه ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

2- لما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من القبض على الطاعن وتفتيشه لقيام حالة التلبس بالجريمة في حقه - على نحو ما سلف - فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله وما أسفر عنه تفتيش الطاعن المذكور من إحرازه للمخدر ضمن ما عولت عليه في إدانته ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم .

3- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، وأن التناقض في أقوال الشاهد - على فرض حصوله –لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هوالحال في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة أن الضابط اختلق حالة التلبس لا يكون له محل .

4- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً ورداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض في أقوال ضابط الواقعة بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .

5- من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفائها في حق الطاعن وانتفاء صلته بالمضبوطات وتلفيق وكيدية الاتهام كل ذلك إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً طالما أن الرد عليها يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في هذه الدعوى - ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، ويكون معه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .

6- لما كان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن على نحو مستقل بل استند إلى ما أقر به لضابط الواقعة بشأن إحرازه للمخدر المضبوط في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً .

7- من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم ، بل هي مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها النيابة العامة هي بذاتها الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئاً ، ولما كان ذلك ، وكانت التهمة الموجهة إلى المتهم في ورقة الاتهام هي إحراز جوهر وعقار مخدرين بغير قصد من القصود المسماة ، وكانت المحكمة قد استظهرت أن الإحراز كان بقصد التعاطي فغيرت الوصف القانوني للواقعة دون إضافة شيء من الأفعال أو العناصر التي لم تكن موجهة إلى المتهم فإنها لا تكون قد أخلت بحقه في الدفاع ، هذا فضلاً عن أن تغيير الوصف كان في صالح الطاعن باعتبار أن العقوبة المقيدة للحرية وإن تساوت في كلتيهما إلا أن الغرامة المقررة لجريمة التعاطي أقل قدراً من تلك المقررة لجريمة الإحراز بغير قصد من القصود ، هذا فضلاً عن أن جريمة التعاطي يجوز استخدام المادة 17 عقوبات على إطلاقها ولا تخضع إلى الاستثناء المنصوص عليه في المادة 36 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة ۱۹۸۹ - وهو ما تمتع به الطاعن - ومن ثم يكون هذا الوجه على غير أساس ، ولا مصلحة للطاعن أيضاً في تعييب الحكم بصدد التدليل على قصد التعاطي عن الجريمة المسندة إليه ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص والطعن برمته غير مقبول ويتعين رفضه .

8- من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذي حصله الحكم لا تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه من عدم قيام الارتباط بين الجريمتين وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها فإن ذلك يكون من قبيل الأخطاء القانونية التي تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي إحراز جوهر الحشيش المخدر وإحراز عقار الترامادول المخدر بقصد التعاطي اللتين دانه بهما رغم أن الجريمتين اللتين دين بهما قد نشأتا عن فعل واحد هو إحراز المخدر وإن تعددت أنواعه ، بما كان يتعين معه وفق صحيح القانون تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة ۳۲ من قانون العقوبات والحكم عليه بالعقوبة المقررة لجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون باعتبارها الجريمة الأشد دون العقوبة المقررة لجريمة إحراز عقار الترامادول بقصد التعاطي ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل تهمة من التهمتين المسندتين إليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها عن التهمة الثانية والاكتفاء بالعقوبة المقضي بها عن التهمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه بأسباب الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1- أحرز بغير قصدي التعاطي أو الاتجار جوهراً مخدراً ( حشيش ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . 2- أحرز بغير قصدي التعاطي أو الاتجار عقاراً مخدراً ( ترامادول ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . 3- أدخل إلى سجن .... المخدرين سالفي الذكر على خلاف القوانين واللوائح المنظمة للسجون .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 37/1 ، 42/1 ، 45/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق والفقرة 6 من البند " د " من الجدول الثالث المرفق ، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمه عشرة آلاف جنيه عن التهمة الأولى وبتغريمه ألفي جنيه عن التهمة الثانية وبمصادرة المخدر المضبوط ، باعتبار أن إحراز المواد المخدرة بقصد التعاطي وعقب استبعاد تهمة إدخال مخدر إلى سجن .... على خلاف القوانين واللوائح المنظمة للسجون .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز جوهر الحشيش وعقار الترامادول المخدرين بقصد التعاطي قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه اطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس لشواهد عددها ، وعول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة رغم أنها مستمدة من هذا القبض الباطل ، فضلاً عن تناقضها وعدم معقولية تصويره للواقعة واختلاقه لحالة التلبس ملتفتاً عن دفاعه في هذا الشأن وعن دفعه بانتفاء صلته بالمضبوطات وكيدية الاتهام وتلفيقه ، وبطلان الإقرار المنسوب إليه بمحضر الضبط ، وعدلت المحكمة وصف الاتهام من إحراز المخدر بغير قصد من القصود المسماة قانوناً إلى إحراز بقصد التعاطي دون أن تنبه الطاعن أو المدافع عنه لهذا التعديل ، وأخيراً لم يدلل الحكم المطعون فيه تدليلاً سائغاً على توافر هذا القصد في حقه ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات ومن تقرير التحليل وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم يجادل الطاعن في أنها ترتد إلى أصول ثابتة في الأوراق . لما كان ذلك ، وكانت المادة 41 من القرار بقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون تنص على أنه : " لضابط السجن حق تفتيش أي شخص يشتبه في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن سواء كان من المسجونين أو العاملين بالسجن أو غيرهم " ، مما مفاده أن تفتيش الطاعن كان استعمالاً لحق خوله القانون لمجرد الاشتباه أو الشك في حيازة الطاعن لأشياء ممنوعة وهو ما لم يخطئ الحكم في استخلاصه ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من القبض على الطاعن وتفتيشه لقيام حالة التلبس بالجريمة في حقه - على نحو ما سلف - فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله وما أسفر عنه تفتيش الطاعن المذكور من إحرازه للمخدر ضمن ما عولت عليه في إدانته ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، وأن التناقض في أقوال الشاهد - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالــة أن الضابط اختلق حالة التلبس لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً ورداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض في أقوال ضابط الواقعة بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفائها في حق الطاعن وانتفاء صلته بالمضبوطات وتلفيق وكيدية الاتهام كل ذلك إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً طالما أن الرد عليها يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في هذه الدعوى - ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، ويكون معه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن على نحو مستقل بل استند إلى ما أقر به لضابط الواقعة بشأن إحرازه للمخدر المضبوط في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم ، بل هي مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها النيابة العامة هي بذاتها الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئاً ، ولما كان ذلك ، وكانت التهمة الموجهة إلى المتهم في ورقة الاتهام هي إحراز جوهر وعقار مخدرين بغير قصد من القصود المسماة ، وكانت المحكمة قد استظهرت أن الإحراز كان بقصد التعاطي فغيرت الوصف القانوني للواقعة دون إضافة شيء من الأفعال أو العناصر التي لم تكن موجهة إلى المتهم فإنها لا تكون قد أخلت بحقه في الدفاع ، هذا فضلاً عن أن تغيير الوصف كان في صالح الطاعن باعتبار أن العقوبة المقيدة للحرية وإن تساوت في كلتيهما إلا أن الغرامة المقررة لجريمة التعاطي أقل قدراً من تلك المقررة لجريمة الإحراز بغير قصد من القصود ، هذا فضلاً عن أن جريمة التعاطي يجوز استخدام المادة 17 عقوبات على إطلاقها ولا تخضع إلى الاستثناء المنصوص عليه في المادة 36 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة ۱۹۸۹ - وهو ما تمتع به الطاعن - ومن ثم يكون هذا الوجه على غير أساس ، ولا مصلحة للطاعن أيضاً في تعييب الحكم بصدد التدليل على قصد التعاطي عن الجريمة المسندة إليه ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص والطعن برمته غير مقبول ويتعين رفضه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذي حصله الحكم لا تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه من عدم قيام الارتباط بين الجريمتين وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها فإن ذلك يكون من قبيل الأخطاء القانونية التي تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي إحراز جوهر الحشيش المخدر وإحراز عقار الترامادول المخدر بقصد التعاطي اللتين دانه بهما رغم أن الجريمتين اللتين دين بهما قد نشأتا عن فعل واحد هو إحراز المخدر وإن تعددت أنواعه ، بما كان يتعين معه وفق صحيح القانون تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة ۳۲ من قانون العقوبات والحكم عليه بالعقوبة المقررة لجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون باعتبارها الجريمة الأشد دون العقوبة المقررة لجريمة إحراز عقار الترامادول بقصد التعاطي ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل تهمة من التهمتين المسندتين إليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها عن التهمة الثانية والاكتفاء بالعقوبة المقضي بها عن التهمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه بأسباب الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 133 لسنة 3 ق جلسة 1 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 4 ص 30

جلسة أول نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

---------------

(4)

القضية رقم 133 لسنة 3 القضائية

(أ) موظف فني بإدارة قضايا الحكومة 

- شروط تعيينه وتحديد مرتبه - القانون رقم 113 لسنة 1946 بإنشاء إدارة قضايا الحكومة - إحالته في ذلك إلى ما نص عليه قانون استقلال القضاء بخصوص رجال النيابة العامة.
(ب) موظف - إعادة تعيينه 

- المادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - تنظيمها إعادة تعيين الموظف السابق الذي يكون قد ترك خدمة الحكومة - عدم انطباقها على الموظف الذي يعين في وظيفة أخرى ثم يعاد تعيينه في وظيفته الأولى.
(ج) مرتب 

- المواد 11 و22 و78 و79 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 في شأن استقلال القضاء - تحديدها مرتبات رجال القضاء والنيابة عند تعيينهم في مناصبهم أو إعادة تعيينهم في هذه المناصب - المادة 11 - حظرها تقدير مرتبات بصفة شخصية أو مرتبات إضافية لأحد من القضاة - عدم ترديد المادة 78 الخاصة بتحديد مرتبات رجال النيابة هذا الحظر - لا يفيد اقتصار هذا الحظر على رجال القضاء الجالس وأن يتحلل منه رجال النيابة - السماح باصطفاء أحد رجال النيابة بالنقل إلى وظيفة أعلى أو مرتب أكبر خارج السلك القضائي, ثم عودته بعد ذلك إلى منصبه القضائي بالدرجة الأعلى أو الراتب الأكبر - إخلال ذلك بالحكمة التي يقوم عليها الحظر - حرص الشارع في حالة العودة إلى المنصب القضائي على احترام الأقدميات السابقة التي كانت تحفظ الموازنة بين القاضي وعضو النيابة تؤكد منحاه عدم اتخاذ النقل إلى خارج النقل القضائي سبيلاً لتحسين وضع القاضي أو عضو النيابة أو زيادة مرتبه بالنسبة إلى زملائه.

----------------
1 - إن القانون رقم 113 لسنة 1946 بإنشاء إدارة قضايا الحكومة قد أحال في مادته السابعة إلى ما نظمه قانون استقلال القضاء في خصوص رجال النيابة العامة بالنسبة لتحديد مرتبات الموظفين الفنيين بإدارة قضايا الحكومة وشروط تعيينهم, قضت هذه المادة (معدلة بالقانون رقم 43 لسنة 1948) على أن "يكون شأن الرئيس بالنسبة إلى المرتب وشروط التعيين شأن وكيل مجلس الدولة. أما المستشارون الملكيون والمستشارون المساعدون فشأنهم في ذلك شأن مستشاري قسم الرأي والتشريع بمجلس الدولة ومستشاريه المساعدين. وشأن باقي الموظفين الفنيين في ذلك شأن رجال النيابة العمومية. وفيما عدا من تقدم ذكرهم تسري في شأنهم القواعد المقررة بالنسبة لسائر الموظفين".
2 - إن المادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة إنما تنظم إعادة تعيين موظف سابق كان قد ترك خدمة الحكومة, أي كانت قد انقطعت رابطة التوظف بينهما, فنصت تلك المادة على أنه "فيما عدا الوظائف التي يكون التعيين فيها بمرسوم أو أمر جمهوري لا يجور إعادة تعيين موظف سابق في درجة أعلى من الدرجة التي كان يشغلها عند تركه خدمة الحكومة ولا منحه مرتباً يزيد على المرتب الذي كان يتقاضاه في تلك الدرجة", يقطع في ذلك أن الفقرة الثالثة وهي تحدد أقدمية مثل هذا الموظف إنما تتحدث عن الفترة التي قضاها خارج الحكومة مشتغلاً بإحدى الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة التي يفيد منها خبرة. وغني عن القول أن المادة المذكورة لا تنطبق على حالة المدعي؛ لأنه لم يترك خدمة الحكومة بأية حال, وغاية الأمر أنه عين في وظيفة أخرى بمصلحة الضرائب, ثم أعيد تعيينه في سلك إدارة قضايا كما كان.
3 - عالج المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 في شأن استقلال القضاء أوضاع رجال القضاء والنيابة من ناحية تحديد مرتباتهم عند تعيينهم في مناصبهم أو إعادة تعيينهم في هذه المناصب, فنصت المادة الحادية عشرة على ما يأتي:"حددت مرتبات القضاة بجميع درجاتهم وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون, ولا يصح أن يقرر لأحد منهم مرتب بصفة شخصية ولا مرتب إضافي من أي نوع كان, أو أن يعامل معاملة استثنائية بأية صورة", كما نصت المادة 78 من المرسوم بقانون سالف الذكر على أنه قد "حددت مرتبات رجال النيابة بجميع درجاتهم وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون", ثم نصت الفقرة الأخيرة من المادة 22 من ذات المرسوم بقانون على أن "تعتبر أقدمية القضاة الذين يعادون إلى مناصبهم من تاريخ المرسوم الصادر بتعيينهم أول مرة". وقد تقرر هذا المبدأ بالنسبة إلى أعضاء النيابة العامة، فنصت المادة 79 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 في شأن استقلال القضاء على أنه "تتقرر أقدمية أعضاء النيابة بالطريقة المقررة لأقدمية رجال القضاء وفقاً للمادة 22 من هذا القانون. ولئن كانت المادة 78 من المرسوم بقانون سالف الذكر لم تردد الحظر المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 11, إلا أنه ليس المقصود من ذلك هو اقتصار هذا الحظر على القضاء الجالس وأن يتحلل منه رجال النيابة وهم القضاء الواقف, بل إن الروح المستفادة من هذه النصوص والحكمة التي تغياها المشرع في قانون استقلال القضاء سالف الذكر تقطع بأنه حرص على ألا يظفر القاضي جالساً أو واقفاً بميزة في مرتبه من أي نوع يختص بها دون زملائه, بل لا ينال من ذلك إلا ما تسمح به قواعد جدول المرتبات الملحق بقانون استقلال القضاء والميزات التي قد يضفيها عليه هذا القانون. وإنه وإن كان هذا الحكم قد ورد في الفصل الثالث من الباب الأول الخاص بمرتبات القضاة, إلا أن اقتران مرتبات القضاة بمرتبات رجال النيابة في الجدول الملحق بقانون استقلال القضاء, وترابط وظائف هاتين الفئتين وجواز التبادل بينهما - كل ذلك يؤكد بأن هذا الحظر, وقد رتب ضمانة أصلية تطميناً للمتقاضين, دفعاً لأية مظنة, حقيق بأن يجري على رجال النيابة بحكم الضرورة, بل إن هذه الضمانة ألزم وأدعى في حقهم, وهم أكثر اتصالاً بالسلطة التنفيذية؛ إذ أن السماح باصطفاء أحد رجال النيابة بالنقل إلى وظيفة أعلى أو مرتب أكبر خارج السلك القضائي ثم عودته بعد ذلك إلى منصبه القضائي بالدرجة الأعلى أو الراتب الأكبر يخل أساساً بالحكمة التي يقوم عليها الحظر المذكور؛ لأنه يغري رجال النيابة بالانتقال إلى خارج سلكهم كي يظفروا بمثل تلك المعاملة الاستثنائية في درجاتهم أو رواتبهم, كما يغري رجال القضاء بالانتقال إلى وظائف النيابة كي يظفروا بمثل تلك المعاملة, وفي هذا إخلال بالضمانات الأساسية التي يقوم عليها استقلال القضاء وتطمين للمتقاضين. ولا شك أن حرص الشارع من ناحية أخرى, في حالة العودة إلى المنصب القضائي, على احترام الأقدميات السابقة التي كانت تحفظ الموازنة بين القاضي أو عضو النيابة وبين أقرانه طبقاً للمادتين 22 و79 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 يؤكد منحاه واتجاهه إلى عدم اتخاذ النقل إلى خارج السلك القضائي سبيلاً لتحسين وضع القاضي وعضو النيابة أو زيادة راتبه بالنسبة إلى زملائه على النحو الذي حظرته المادة الحادية عشرة من قانون استقلال القضاء.


إجراءات الطعن

في 12 من أكتوبر سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 133 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "أ") بجلسة 12 من نوفمبر سنة 1956 في القضية رقم 2019 لسنة 9 القضائية المقامة من الأستاذ حسن نصار أحمد النائب بإدارة قضايا الحكومة ضد وزارة العدل, القاضي "برفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء باستحقاق المدعي مرتباً قدره خمسة وستون جنيهاً شهرياً اعتباراً من أول مايو سنة 1954 تاريخ إعادة تعيينه في وظيفة محام من الدرجة الأولى الممتازة بإدارة قضايا الحكومة, مع إلزام الحكومة المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة العدل في 18 من فبراير سنة 1957, وإلى المطعون لصالحه في 16 من مايو سنة 1957, وبعد أن انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 4 من أكتوبر سنة 1958, وفي أول يوليه سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المطعون لصالحه أقام الدعوى رقم 99 لسنة 1 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة العدل في 17 من يوليه سنة 1954 يطلب فيها الحكم ضد وزارة العدل باستحقاقه لمرتب قدره 65 ج بدلاً من 62 ج شهرياً بوظيفة محام من الدرجة الأولى الممتازة, وذلك اعتباراً من أول مايو سنة 1954, مع ما يترتب على ذلك من آثار, مع إلزام الوزارة بالمصروفات. وقال شرحاً لدعواه إنه عين محامياً بإدارة قضايا الحكومة في سنة 1942, وتدرج في وظائفها حتى بلغ وظيفة محام من الدرجة الأولى الممتازة (660 - 780 ج) وبلغ راتبه الشهري 61 ج, وبتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1953 نقل إلى وزارة المالية بمصلحة الضرائب بوظيفة من الدرجة الثالثة ثم إلى الدرجة الثانية فالأولى وبلغ راتبه الشهري 750 م و71 ج, وفي شهر أبريل سنة 1954 أبدى رغبته شفاهاً إلى السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة في العودة إلى العمل بإدارة القضايا, وبعد أن حرر هذا الرئيس بالموافقة على طلبه إلى السيد وزير المالية والاقتصاد وافق هذا على نقله إلى إدارة القضايا, وفي 29 من أبريل سنة 1954 أصدر السيد وزير العدل قراراً بتعيينه "محامياً من الدرجة الأولى الممتازة بإدارة قضايا الحكومة في الدرجة (660 - 780 ج), ونص بالقرار على وضعه في الأقدمية التي كان بها عند نقله إلى مصلحة الضرائب, وفي أول مايو سنة 1954 تسلم العمل بإدارة القضايا, وحرر في ذات التاريخ المذكور إقراراً "بقبوله العودة بالمرتب المخصص لوظيفة محام من الدرجة الأولى الممتازة كما تسمح به التعليمات, وبتنازله عن الدرجتين الثانية والأولى اللتين منحتا له بوزارة المالية". وفي ذات اليوم - أول مايو سنة 1954 - أصدر السيد وزير العدل قراراً بإجراء حركة ترقيات بإدارة القضايا تضمنت ترقيته إلى درجة نائب من الدرجة الثانية في الدرجة (780 - 840 ج), وفي 21 من يونيه سنة 1954 حرر مدير المستخدمين بإدارة القضايا كتاباً إلى السيد رئيس الإدارة يقرر فيه أنه يرى "إصدار قرار بربط راتب الطالب على أساس المرتب الذي كان يتقاضاه فعلاً قبل نقله إلى مصلحة الضرائب, أو استطلاع رأى الموظفين في هذا الشأن", وطبقاً لفتوى أبداها رئيس ديوان الموظفين في كتابه الرقيم 172 - 3/ 10 والمحرر في 24 من يونيه سنة 1954 إلى السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة أصدر السيد وزير العدل في ذات التاريخ قراراً بمنح الطالب مرتباً مقداره 61 ج شهرياً على أساس أنه المرتب الذي كان يتقاضاه قبل نقله إلى مصلحة الضرائب, ثم تعدل هذا المرتب إلى 62 ج شهرياً بقرار آخر صدر بناء على القانون رقم 253 لسنة 1954 بوضع استثناء وقتي من القواعد الخاصة بعلاوات الترقية والعلاوات الاعتيادية, ثم صدر بعد ذلك قرار وزاري ثالث بتعديل راتب الطالب إلى 250 م و64 ج شهرياً بناء على ترقيته إلى وظيفة نائب من الدرجة الثانية على ما سلف البيان. وقد اعترض المطعون لصالحه على تحديد راتبه على هذا النحو موضحاً أن هذا التحديد - على نحو ما سلف - خالف القواعد المسلمة التي تقضي بعدم جواز المساس بالمراكز الذاتية للموظفين, كما أنه لم يلق بالاً إلى صيغة الإقرار الذي حرره المطعون لصالحه على نفسه من أنه قبل العودة بالمرتب المخصص لوظيفة محام من الدرجة الأولى الممتازة كما تسمح به التعليمات, وهي عبارة لا تؤدي معنى قبوله العودة بمرتبه السابق كما ذهب إلى ذلك السيد رئيس ديوان الموظفين. ثم أوضح المطعون لصالحه أن حالته ليست حالة تعيين جديد؛ لأنه بالرجوع إلى جدول المرتبات الملحق بالقانون رقم 188 لسنة 1952 بشأن استقلال القضاء يبين منه أن مرتب وكيل النائب العام من الدرجة الأولى الممتازة, وهي المقابلة لوظيفته, تتراوح ما بين (660 - 780 ج), وجاء بنهاية الجدول العبارة الآتية "وجميع ذلك بحيث لا يتعدى الراتب والعلاوة معاً نهاية مربوط الدرجة", وأضاف إلى ما تقدم أنه لم يرد في قانون استقلال القضاء حكم بشأن تحيد مرتب العائد إلى المناصب القضائية, وكل ما ورد به إنما هو خاص بتحديد الأقدمية عند العودة, وانتهى إلى طلب الحكم باستحقاقه لمرتب 65 ج شهرياً بدلاً من 62 ج في وظيفة محام من الدرجة الأولى الممتازة. وأثناء تداول القضية بالجلسات صدر القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة, فأصبحت هذه الدعوى من اختصاص محكمة القضاء الإداري باعتبار المطعون لصالحه من الموظفين الداخلين في الهيئة من الفئة العالية بالتطبيق لأحكامه, فأحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "أ"). وقد دفعت الحكومة الدعوى بأن حالة المدعي هي حالة تعيين جديد في إحدى الوظائف القضائية, وأن هذه الحالة محكومة بالفقرة ثانياً من القواعد الواردة بجدول مرتبات رجال القضاء والنيابة, وهي تقضي بأن "كل من يعين في وظيفة من الوظائف المرتبة في درجات ذات مبدأ ونهاية يمنح أول مربوط الدرجة من تاريخ التعيين على أن يمنح العلاوات المقررة بحسب القانون", كما أن أقدمية المدعي خاضعة كذلك للفقرة 3 من المادة 22 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 في شأن استقلال القضاء وهي تجرى بما يأتي "وتعتبر أقدمية الذين يعادون إلى مناصبهم من تاريخ المرسوم الصادر بتعيينهم أول مرة", ويتبين من ذلك أن إعادة المدعي بالمرتب الذي كان يتقاضاه قبل نقله وبأقدميته السابقة بين زملائه قبل النقل إنما تم بناء على أحكام قانون استقلال القضاء؛ فتكون دعواه على غير أساس سليم من القانون واجبة الرفض". وفي 12 من نوفمبر سنة 1956 حكمت محكمة القضاء الإداري "برفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن هذه الحالة المعروضة لا يحكمها نص في قانون استقلال القضاء, وعليه يتعين الرجوع إلى المادة 23 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة, وهي تنص على أنه "لا يجوز إعادة تعيين موظف سابق في درجة أعلى من الدرجة التي كان يشغلها عند تركة خدمة الحكومة ولا منحه مرتباً يزيد على المرتب الذي كان يتقاضاه في تلك الدرجة", وعلى أن المدعي وقد أعيد في ظل هذا القانون إلى وظيفة محام من الدرجة الأولى الممتازة بإدارة قضايا الحكومة التي كان يشغلها قبل نقله إلى مصلحة الضرائب يقدر له ذات المرتب الذي كان يتقاضاه وقت نقله إلى مصلحة الضرائب, ولا يجوز منحه أكثر منه؛ إعمالاً لحكم المادة 23 المشار إليها؛ ذلك لأن حالته هي حالة تعيين جديد ولا تعتبر نقلاً مكانياً بأية حال لتباين طبيعة العمل ومؤهلات التعيين وقيوده في الوظيفة المنقول منها عن الوظيفة المنقول إليها واختلاف الكادر الذي يحكم كلاً منهما, ولا محل للتمسك بقاعدة عدم جواز المساس براتب المدعي باعتباره حقاً مكتسباً؛ لأن هذه القاعدة يقصر إعمال حكمها على حالة النقل المكاني دون حالة النقل النوعي الذي ينزل منزلة التعيين الجديد.
ومن حيث إن الطعن قد بني على أن قانون استقلال القضاء لم يتناول سوى تحديد أقدمية رجال القضاء والنيابة الذين يعادون إلى مناصبهم, فجعلها من تاريخ تعيينهم لأول مرة في المادة 22 من هذا القانون, وعلى أنه فيما يتعلق بالمرتب توجد قاعدتان أصليتان: الأولى أن كل من يعين في وظيفة من الوظائف المرتبة في درجات ذات بداية ونهاية يمنح أول مربوط الدرجة من تاريخ التعيين, والثانية أن المرتب لا يتعدى نهاية مربوط الدرجة. فإذا استبعدت القاعدة الأولى من التطبيق على حالة المطعون لصالحه لكونه ليس من المعينين لأول مرة في إدارة قضايا الحكومة لم تبق إلا القاعدة الثانية الخاصة بعدم جواز أن يتعدى المرتب نهاية مربوط الدرجة, وهذه القاعدة إذا نظر إليها في ضوء قاعدة عامة أخرى تقضي بعدم المساس بالمركز القانوني الذاتي الذي اكتسبه الموظف فإن المدعي - وقد بلغ راتبه في مصلحة الضرائب 750 م و71 ج - يكون مستحقاً أن يحدد راتبه عند إعادته إلى وظيفة محام من الدرجة الأولى الممتازة بآخر مربوط درجاتها وهو خمسة وستون جنيهاً شهرياً. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فقد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون لصالحه - بعد أن استحق علاوة دورية وهو في وظيفة محام من الدرجة الأولى الممتازة في 19 من أكتوبر سنة 1953 بلغ بها راتبه 61 ج شهرياً - نقل إلى مصلحة الضرائب اعتباراً من 28 من ديسمبر سنة 1953, ورقي بعد ذلك في هذه المصلحة إلى الدرجة الثانية المالية فالأولى, حتى بلغ راتبه 750 م و71 ج شهرياً, ثم قدم إقراراً كتابياً برغبته في العودة إلى إدارة القضايا محامياً من الدرجة الأولى الممتازة بالمرتب المخصص لهذه الوظيفة مع تنازله عن الدرجتين الأولى والثانية, فصدر قرار وزير العدل في 29 من أبريل سنة 1954 متضمناً تعيينه محامياً من الدرجة الأولى الممتازة بإدارة قضايا الحكومة, ثم صدر في 24 من يونيه سنة 1954 قرار من وزير العدل باعتباره في الدرجة (660 - 780 ج) بإدارة القضايا ومنحه مرتباً مقداره 61 ج شهرياً وهو المرتب الذي كان يتقاضاه قبل نقله إلى مصلحة الضرائب, وفي ذات التاريخ صدر قرار آخر من السيد وزير العدل بتعديل مرتبه إلى 62 ج شهرياً اعتباراً من اليوم الأول من شهر مايو سنة 1954 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 253 لسنة 1954 بوضع استثناء وقتي من القواعد الخاصة بعلاوات الترقية والعلاوات الاعتيادية.
ومن حيث إن القانون رقم 113 لسنة 1946 بإنشاء إدارة قضايا الحكومة قد أحال في مادته السابعة إلى ما نظمه قانون استقلال القضاء في شأن خصوص رجال النيابة العامة بالنسبة لتحديد مرتبات الموظفين الفنيين بإدارة قضايا الحكومة وشروط تعيينهم؛ فنصت هذه المادة (معدلة بالقانون رقم 43 لسنة 1948) على أن "يكون شأن الرئيس بالنسبة إلى المرتب وشروط التعيين شأن وكيل مجلس الدولة, أما المستشارون الملكيون والمستشارون المساعدون فشأنهم في ذلك شأن مستشاري قسم الرأي والتشريع بمجلس الدولة ومستشاريه المساعدين, وشأن باقي الموظفين الفنيين في ذلك شأن رجال النيابة العمومية. وفيما عدا من تقدم ذكرهم تسري في شأنهم القواعد المقررة بالنسبة لسائر الموظفين".
ومن حيث إنه يجب التنبيه بادئ ذي بدء إلى أن المادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة إنما تنظم إعادة تعيين موظف سابق كان قد ترك خدمة الحكومة, أي كانت قد انقطعت رابطة التوظف بينهما, فنصت تلك المادة على أنه "فيما عدا الوظائف التي يكون التعيين فيها بمرسوم أو أمر جمهوري لا يجوز إعادة تعيين موظف سابق في درجة أعلى من الدرجة التي كان يشغلها عند تركه خدمة الحكومة ولا منحه مرتباً يزيد على المرتب الذي كان يتقاضاه في تلك الدرجة"؛ يقطع في ذلك أن الفقرة الثالثة وهي تحدد أقدمية مثل هذا الموظف إنما تتحدث عن الفترة التي قضاها خارج الحكومة مشتغلاً بإحدى الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة التي يفيد منها خبرة.
وغني عن القول أن المادة المذكورة لا تنطبق على حالة المدعي؛ لأنه لم يترك خدمة الحكومة بأية حال, وغاية الأمر أنه عين في وظيفة أخرى بمصلحة الضرائب, ثم أعيد تعيينه في سلك إدارة القضايا كما كان. فمثار المنازعة - والحالة هذه - هو ما إذا كان يجوز تعيين رجال القضاء أو النيابة أو نظرائهم ممن ينطبق عليهم قانون استقلال القضاء في شأن شروط التعيين والمرتبات - هل يجوز إذا عينوا في وظيفة أخرى ذات درجة أعلى أو بالمرتب الأكبر, أن يعاد تعيينهم في السلك القضائي أو السلك النظير في الدرجة المماثلة الأعلى أو بالمرتب الأكبر, أم أن ذلك غير جائز, بل يجب ألا يجاوز الوضع المالي الذي بلغه أقرانهم في هذا السلك.
ومن حيث إنه بمراجعة أحكام المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 في شأن استقلال القضاء الذي عالج أوضاع رجال القضاء والنيابة من ناحية تحديد مرتباتهم عند تعيينهم في مناصبهم أو إعادة تعيينهم في هذه المناصب يتبين أن المادة الحادية عشرة قد جرى نصها بما يأتي: "حددت مرتبات القضاة بجميع درجاتهم وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون. ولا يصح أن يقرر لأحد منهم مرتب بصفة شخصية ولا مرتب إضافي من أي نوع كان أو أن يعامل معاملة استثنائية بأية صورة", كما نصت المادة 78 من المرسوم بقانون سالف الذكر على أنه قد "حددت مرتبات رجال النيابة بجميع درجاتهم وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون", ثم نصت الفقرة الأخيرة من المادة 22 من ذات المرسوم بقانون على أن "تعتبر أقدمية القضاة الذين يعادون إلى مناصبهم من تاريخ المرسوم الصادر بتعيينهم أول مرة". وقد تقرر هذا المبدأ بالنسبة إلى أعضاء النيابة العامة, فنصت المادة 79 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 في شأن استقلال القضاء بأنه "تتقرر أقدمية أعضاء النيابة بالطريقة المقررة لأقدمية رجال القضاء وفقاً للمادة 22 من هذا القانون".
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة 78 من المرسوم بقانون سالف الذكر لم تردد الحظر المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 11 إلا أنه ليس المقصود من ذلك هو اقتصار هذا الحظر على القضاء الجالس وأن يتحلل منه رجال النيابة وهم القضاء الواقف, بل إن الروح المستفادة من هذه النصوص والحكمة التي تغياها المشرع في قانون استقلال القضاء سالف الذكر تقطع بأنه قد حرص على ألا يظفر القاضي جالساً أو واقفاً بميزة في مرتبه من أي نوع يختص بها دون زملائه, بل لا ينال من ذلك إلا ما تسمح به قواعد جدول المرتبات الملحق بقانون استقلال القضاء والميزات التي قد يضيفها عليه هذا القانون, وأنه وإن كان هذا الحكم قد ورد في الفصل الثالث من الباب الأول الخاص بمرتبات القضاة, إلا أن اقتران مرتبات القضاة بمرتبات رجال النيابة في الجدول الملحق بقانون استقلال القضاء وترابط وظائف هاتين الفئتين وجواز التبادل بينهما, كل ذلك يؤكد أن هذا الحظر, وقد رتب ضمانة أصلية تطميناً للمتقاضين دفعاً لأي مظنة, حقيق بأن يجري على رجال النيابة بحكم الضرورة, بل إن هذه الضمانة ألزم وأدعى في حقهم, وهم أكثر اتصالاً بالسلطة التنفيذية.
ومن حيث إن السماح باصطفاء أحد رجال النيابة بالنقل إلى وظيفة أعلى أو براتب أكبر خارج السلك القضائي ثم عودته بعد ذلك إلى منصبه القضائي بالدرجة الأعلى أو بالراتب الأكبر يخل أساساً بالحكمة التي يقوم عليها الحظر المذكور؛ لأنه يغري رجال النيابة بالانتقال إلى خارج سلكهم كي يظفروا بتلك المعاملة الاستثنائية في درجاتهم أو رواتبهم, كما يغري رجال القضاء بالانتقال إلى وظائف النيابة كي يظفروا بمثل تلك المعاملة, وفي هذا إخلال بالضمانات الأساسية التي يقوم عليها استقلال القضاء وتطمين المتقاضين.
ومن حيث إن حرص الشارع من ناحية أخرى في حلة العودة إلى المنصب القضائي على احترام الأقدميات السابقة التي كانت تحفظ الموازنة بين القاضي أو عضو النيابة وبين أقرانه طبقاً للمادتين 22 و79 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 يؤكد منحاه واتجاهه إلى عدم اتخاذ النقل إلى خارج السلك القضائي سبيلاً لتحسين وضع القاضي وعضو النيابة أو زيادة راتبه بالنسبة إلى زملائه على النحو الذي حظرته المادة الحادية عشرة من قانون استقلال القضاء.
ومن حيث إن المطعون لصالحه, وهو من موظفي إدارة القضايا الفنيين المقابلة وظيفته لوظيفة وكيل النائب العام من الدرجة الأولى الممتازة, لا شبهة في خضوعه لهذه القواعد السالفة من حيث تحديد مرتبه وأوضاع تعيينه في إدارة القضايا؛ حماية لكرامة وظيفته من عوامل التأثير والإغراء واحتراماً لأقدميته بين زملائه, ما دامت المادة السابعة من القانون رقم 113 لسنة 1946 بإنشاء إدارة قضايا الحكومة قد بسطت على موظفي إدارة القضايا الفنيين ذات الأحكام التي يخضع لها أعضاء النيابة من حيث شرائط التعيين وتحديد الراتب, ولا خفاء في أن هذه الصياغة تصدق على تحديد المرتب عند التعيين في المنصب القضائي ابتداء وعند إعادة التعيين فيه على السواء.
ومن حيث إنه ينبغي - ترتيباً على ما تقدم - أن يحدد راتب المدعي بالمقدار الذي كان يتقاضاه عند نقله من إدارة القضايا إلى مصلحة الضرائب في 28 من ديسمبر سنة 1953, وهو ما منحه فعلاً طبقاً لقرار وزير العدل الصادر في 24 من يونيه سنة 1954 على ما سلف البيان؛ ومن ثم يكون غير محق في المطالبة باستحقاقه مرتباً مقداره 65 ج شهرياً اعتباراً من تاريخ إعادته إلى إدارة القضايا, ويتعين لذلك رفض دعواه, مع إلزامه بالمصروفات.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه - إذ انتهى إلى هذه النتيجة - قد صادف وجه الحق في قضائه, ويكون الطعن من ثم على غير أساس من القانون حقيقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً , وبرفضه موضوعاً.

الطعن 838 لسنة 15 ق جلسة 30 / 12 / 1973 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 36 ص 83

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد الأستاذ المستشار حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة أحمد فؤاد أبو العيون ومحمد فهمي طاهر وأحمد سعد الدين قمحة ويوسف شلبي يوسف - المستشارين.

----------------

(36)

القضية رقم 838 لسنة 15 القضائية

"جامعات" "قرار إداري" "تعيين" 

- قرار مجلس الجامعة بتعيين أعضاء هيئة التدريس - قرار إداري - وجوب قيامه على سبب صحيح - عدول مجلس الجامعة عن قراره بأن المرشح لا يرقى به إنتاجه العلمي لاستحقاق الوظيفة - يعتبر سحباً لهذا القرار بمقتضاه اعتبار التعيين قائماً من تاريخ صدور القرار المسحوب - بيان ذلك.

---------------
إن القرار الذي يصدره مجلس الجامعة في شأن تعيين أعضاء هيئة التدريس - شأنه شأن أي قرار إداري آخر - يجب أن يقوم على سبب صحيح، ولا يكون ثمة سبب للقرار إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ إصداره وللقضاء الإداري في حدود رقابته القانونية أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع وصحة تكييفها القانوني غير أن هذه الرقابة القانونية لا تعني أن يحل القضاء الإداري نفسه محل مجلس الجامعة المنوط به إصدار القرار بالموافقة على التعيين أو بعدم الموافقة عليه، وذلك اعتباراً بأن هذا الأمر متروك لتقديره ووزنه في ضوء ما تقدمه إليه اللجنة العلمية من بيانات بشأن مدى قيام الحالة القانونية أو الواقعية التي تكون ركن السبب وتبرر بالتالي إصدار القرار - وإنما تجد الرقابة القضائية حدها الطبيعي كرقابة قانونية في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها مجلس الجامعة في هذا الخصوص مستفادة من الأوراق ومستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً، فإذا كانت منتزعة من أصول غير موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع القائمة مادياً لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون كان القرار فاقداً لركن من أركانه وهو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون، أما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً فقد قام القرار على سببه وكان مطابقاً للقانون.
ومن ثم ولما كان مجلس جامعة الإسكندرية بعد أن رفض بجلسته المنعقدة يوم 29/ 7/ 1965 الموافقة على تعيين المطعون ضده في وظيفة أستاذ مساعد مادة البكتيريولوجيا بالمعهد العالي للصحة العامة استناداً إلى ما ارتآه من أن تقديم بحثين فقط أحدهما جيد والثاني مقبول لا يرقى بالمطعون ضده لاستحقاق الوظيفة، عاد بناء على التظلم المقدم من المدعي فقرر بجلسته المنعقدة يوم 26/ 10/ 1965 تكليف عميد المعهد بتقديم مذكرة لإعادة النظر في الموضوع في ضوء ما دار من مناقشات بالجلسة الأولى، فلما أعيد العرض بجلسة 28/ 12/ 1965 ناقش المجلس مذكرة عميد المعهد وانتهى إلى الموافقة على تعيين المطعون ضده في الوظيفة المعلن عنها، وذلك بعد تمحيص حالته ومؤهلاته العلمية والأبحاث ذاتها المقدمة منه ثم إعادة الموازنة والترجيح، وبهذه المثابة فإن مجلس الجامعة في قراره الأخير قد دمغ قراره الأول الذي أطرح فيه النتيجة التي انتهت إليها اللجنة العلمية بأنه لم يكن قائماً على سبب صحيح من الواقع والقانون ولم يكن مستخلصاً استخلاصاً سليماً من عيون الأوراق، وبالتالي فإن قرار مجلس الجامعة بالموافقة على تعيين المطعون ضده يحمل في طياته إفصاحاً عن نية المجلس في سحب قراره الأول واعتباره كأن لم يكن وهذا السحب يستتبع العودة بحالة المطعون ضده وكأن القرار المسحوب لم يصدر قط ولم يكن له أي وجود قانوني ومن ثم يقتضي الأمر محو كل أثر للقرار المذكور من وقت صدوره وإعادة بناء مركز المطعون ضده وكأن القرار الصادر بالموافقة على تعيينه قد صدر يوم 29/ 7/ 1965 وهو تاريخ صدور القرار المسحوب وما يتبع ذلك من أعمال سائر الآثار المترتبة على السحب.

الطعن 3 لسنة 3 ق جلسة 1 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 3 ص 23

جلسة أول نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

-----------------

(3)

القضية رقم 3 لسنة 3 القضائية

(أ) عامل يومية - مكافأة 

- حالات استحقاقها وحالات عدم الاستحقاق - سرد لنصوص قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من مايو سنة 1922.
(ب) إعانة 

- قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 - الإعانة المشار إليها فيه هي من طبيعة المكافأة الأصلية وتأخذ حكمها - عدم استحقاق الموظف لهذه الإعانة إذا فصل لسبب يسقط  حقه في المكافأة الأصلية.

-----------------
1 - تنص لائحة عمال اليومية الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 8 من مايو سنة 1922 في البند 14 منها على أن "كل عامل من عمال اليومية يتغيب بدون إذن أكثر من عشرة أيام, ولا يثبت فيما بعد بما يقنع رئيسه بأن غيابه كان بسبب قوة قاهرة ينقطع بمجرد ذلك قيده بالدفاتر بصفته أحد عمال اليومية الدائمين", وجاء بالبند 16 أن "جميع عمال اليومية الدائمين الذين يتركون الخدمة لقلة الأعمال, أو لإصابتهم بعاهات أو أمراض أو لتقدمهم في السن" مما يجعلهم غير لائقين للخدمة حسب شهادة القومسيون الطبي, أو لبلوغهم سن الخامسة والستين, أو الذين يضطرون إلى اعتزال العمل لأداء الخدمة العسكرية, يكون لهم الحق في مكافأة حسب النسبة الآتية على شرط أن يكونوا قد أتموا سنتين كاملتين في الخدمة بطريقة منتظمة, سواء أكانتا منقطعتين أم متصلتين, ويدخل فيها الإجازات بأجرة كاملة ولا تدخل الإجازات التي بدون أجرة", كما تضمن البند 17 أن المكافأة التي تصرف عند مغادرة الخدمة لأي سبب من الأسباب المتقدمة تحسب على قاعدة أجرة خمسة عشر يوماً بواقع فئة الأجرة التي كانت تصرف وقت اعتزال العمل وذلك عن كل سنة كاملة في الخدمة. ونص البند 20 على أنه "لا يكون لعامل اليومية الدائم الحق في أية مكافأة إذا فصل من الخدمة بسبب الغياب بدون إذن طبقاً للفقرة 14 أو بسبب الإهمال أو سوء السلوك أو عدم الكفاءة ما لم تقرر خلاف ذلك السلطة التأديبية التي يكون خاضعاً لها".
2 - إن الإعانة المشار إليها في قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 لا تعدو أن تكون زيادة في المكافأة الأصلية, فهي من طبيعتها وتأخذ حكمها. وقد أكد ذلك قرار مجلس الوزراء المشار إليه؛ إذ نص على استحقاق هذه الإعانة إذا كان فصل الموظف مما يعطيه الحق في تلك المكافأة. ولما كان المدعي قد فصل من الخدمة لانقطاعه عن العمل بدون عذر مقبول مدة تزيد على عشرة أيام, وهذا من الأسباب التي تحرمه من المكافأة الأصلية, فهي بالتالي من الأسباب التي تحرمه من الزيادة في المكافأة المقررة بقرار مجلس الوزراء سالف الذكر.


إجراءات الطعن

في يوم السبت 13 من أكتوبر سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 13 من أغسطس سنة 1956 في القضية رقم 266 لسنة 2 ق المرفوعة من السيد/ أحمد محجوب ضد وزارة الصحة العمومية, والقاضي برفض الدعوى, وإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم فيما قضى به من رفض طلب الإعانة المستحقة للمدعي, والقضاء باستحقاقه لصرفها". وقد أعلن الطعن للحكومة في 18 من أكتوبر سنة 1956, وللمدعي 23 منه, وعين لنظره جلسة 4 من أكتوبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات, وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 266 لسنة 2 القضائية بتظلم قدمه إلى اللجنة القضائية لوزارة الصحة في 19 من ديسمبر سنة 1953 قال فيه إنه عين بمستشفي السويس الأميري في عام 1915 بوظيفة طباخ, وظل به حتى عام 1950, وفي شهر أغسطس من العام المذكور كلفه مدير المستشفي - الذي فصل من الخدمة في التطهير - بترك العمل في المستشفي والخدمة في منزله. ولما طالت خدمته بمنزل مدير المستشفى اعترض على ذلك فاضطهده المدير وطلب من الوزارة نقله إلى جهة أخرى، وفعلاً تقرر نقله إلى مستشفى أبي تيج, وبعد أن صرفت له استمارات السفر أصيب بمرض فجائي فمنح إجازة أربعة أيام, ثم طلب إحالته إلى القومسيون الطبي, فاستدعى إلى المستشفي بحجة التوقيع على أوراق القومسيون, ولكن الكاتب الأول والمدير بتدبير منهما جعلاه يوقع على أوراق تتضمن طلب الإعفاء من الخدمة, باعتبار أنها أوراق إحالته إلى القومسيون الطبي وساعدهما على ذلك عدم معرفته بالقراءة والكتابة. ولما توجه للقومسيون الطبي لم يجد به شيئاً يتعلق بطلبه. وفي أثناء مرضه في منزله أرسلت المصلحة خطاباً إليه بفصله من الخدمة وحمله إليه أحد جنود البوليس وأرغم زوجته على التوقيع بتسلمه.
وقال إنه قدم بعد ذلك عدة شكاوى ولكن لم تظهر لها أية نتيجة, وإنه قدم طلباً لصرف المكافأة المستحقة له ولكن الوزارة لم تقم بصرفها إليه، وإنه من غير المعقول أن لا يطلب مكافأة عن مدة خدمته الطويلة, وأن ملف خدمته يؤيد صحة قوله. وانتهى إلى طلب صرف المكافآت المستحقة له عن مدة خدمته. وقد ردت الوزارة على ذلك بأن المدعي كان يعمل طباخاً بمستشفي السويس, وعلى أثر تحقيق أجرى معه لتسلمه كيلو جراماً من العظم ضمن كمية اللحوم الموردة للمستشفي على اعتبار أنه لحم, تقرر مجازاته باستقطاع خمسة أيام من مرتبه مع نقله إلى مستشفى أبي تيج, فقدم عدة التماسات يطلب فيها إلغاء النقل, ثم أخطر المستشفي بأنه مريض, فأحيل إلى قومسيون طبي السويس الذي منحه إجازة أربعة أيام, وفي نهاية تلك المدة طلب إعادة توقيع الكشف الطبي عليه فمنح امتداداً لهذه الإجازة على أن يعود لعمله يوم 17 من سبتمبر سنة 1950, ولكنه لم يعد وقدم طلباً يلتمس فيه فصله من الخدمة فلم يوافق القسم المختص على ذلك, فطلب صرف استمارات السفر اللازمة لتنفيذ أمر النقل فصرفت إليه في الحال, ولكنه لم يسافر, وأرسل خطاباً يقول فيه إنه مريض, فتحرر بذلك للقومسيون الطبي لتوقيع الكشف الطبي عليه فأجاب القومسيون بأنه يمكنه العودة لعمله. ولما أخطر المستشفى المدعي بذلك وطلب منه سرعة تنفيذ أمر النقل والقيام فوراً لمحل عمله الجديد في أبي تيج, وأنه سيعتبر مفصولاً عن العمل في حالة امتناعه عن تنفيذ أمر النقل لأكثر من خمسة عشر يوماً وذلك طبقاً للتعليمات الإدارية التي تنص على فصل المستخدم في حالة غيابه أكثر من خمسة عشر يوماً بدون إذن أو إبداء عذر مقبول. ولما لم يخطر المستشفى في خلال هذه المدة بما يفيد تنفيذه أمر النقل فقد تقرر فصله من العمل لانقطاعه أكثر من خمسة عشر يوماً. وبجلسة 13 من أغسطس سنة 1956 حكمت المحكمة الإدارية برفض الدعوى وإلزام المدعي بالرسوم المقررة وقدرها جنيهان. وأسست قضاءها على أن المدعي قد تغيب عن عمله بدون إذن مدة أكثر من خمسة عشر يوماً واعتبر بذلك مستقيلاً ويفصل من عمله ويسقط حقه في المكافأة المستحقة له عن مدة خدمته, وذلك كله بالتطبيق لأحكام لائحة عمال اليومية الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 8 من مايو سنة 1922, كما أنه لم يثبت أنه قدم طلباً في خلال ستة أشهر من تاريخ فصله لصرف المكافأة المستحقة له مما يسقط حقه أيضاً في الإعانة المقررة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 بصرف إعانات مالية لعمال اليومية فوق المكافأة القانونية المستحقة لهم عن المدة الزائدة عن 24 سنة, وذلك على اعتبار أن هذا القرار هو تعديل للائحة المعمول بها فتسري في شأنه الأحكام المقررة في الأصل بالنسبة للمكافأة والتي من بينها ضرورة تقديم طلب صرفها خلال المدة المحددة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 إنما صدر ليعالج مؤقتاً موضوعاً آخر يغاير تنظيم المكافآت المعمول به, أي أن القرارين يختلفان في المحل, وبالتالي لا يعد القرار الثاني تعديلاً للقرار الخاص بالمكافآت حتى يشترط في تطبيقه ذات الشروط الواردة في القرار الأول, بل إنه يتعين عند النظر في مجال تطبيق كل منهما التزام هذا الفهم. ولما كان القرار الصادر في شأن الإعانة المشار إليها قد خلا من نص يحتم طلب صرفها في ميعاد معين ولم ينص على الحرمان منها في مثل حالة المدعي فإنه يكون بذلك محقاً في صرفها؛ وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون متعيناً الطعن فيه.
ومن حيث إنه يبين من لائحة عمال المياومة الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 8 من مايو سنة 1922 أن البند 14 ينص على أن "كل عامل من عمال اليومية يتغيب بدون إذن أكثر من عشرة أيام ولا يثبت فيما بعد بما يقنع رئيسه بأن غيابه كان بسبب قوة قاهرة ينقطع بمجرد ذلك قيده بالدفاتر بصفته أحد عمال اليومية الدائمين", وجاء بالبند 16 أن "جميع عمال اليومية الدائمين الذين يتركون الخدمة لقلة الأعمال أو لإصابتهم بعاهات أو أمراض أو لتقدمهم في السن مما يجعلهم غير لائقين للخدمة حسب شهادة القومسيون الطبي أو لبلوغهم سن الخامسة والستين أو الذين يضطرون إلى اعتزال العمل لأداء الخدمة العسكرية يكون لهم الحق في مكافأة حسب النسبة الآتية على شرط أن يكونوا قد أتموا سنتين كاملتين في الخدمة بطريقة منتظمة سواء أكانتا منقطعتين أم متصلتين ويدخل فيها الإجازات بأجرة كاملة ولا تدخل الإجازات التي بدون أجرة", كما تضمن البند 17 أن المكافأة التي تصرف عند مغادرة الخدمة لأي سبب من الأسباب المتقدمة تحسب على قاعدة أجرة خمسة عشر يوماً بواقع فئة الأجرة التي كانت تصرف وقت اعتزال العمل وذلك عن كل سنة كاملة في الخدمة، ونص البند 20 على أنه "لا يكون لعامل اليومية الدائم الحق في أية مكافأة إذا فصل من الخدمة بسبب الغياب بدون إذن طبقاً للفقرة 14 أو بسبب الإهمال أو سوء السلوك أو عدم الكفاءة ما لم تقرر خلاف ذلك السلطة التأديبية التي يكون خاضعاً لها". وفي 10 من ديسمبر سنة 1944 تقدمت اللجنة المالية بوزارة المالية إلى مجلس الوزراء بمذكرة جاء بها ما يأتي "قضت الفقرة 32 من قانون المعاشات الصادر في 15 من أبريل سنة 1909 بشأن المستخدمين المؤقتين والخدمة لخارجين عن هيئة العمال الذين يفصلون من الخدمة لعدم اللياقة للخدمة طبياً أو لكبر السن يمنحون مكافأة تعادل ماهية نصف شهر عن كل سنة خدمة على ألا تتعدى ماهيته سنة واحدة مهما طالت مدة خدمته. وقضت لائحة عمال المياومة المصدق عليها من مجلس الوزراء بقراره الصادر في 8 من مايو سنة 1922 على أن عامل المياومة الذي يفصل من الخدمة لعدم اللياقة أو لكبر السن أو بالاستغناء أو الوفر يمنح مكافأة تعادل أجر 15 يوماً عن كل سنة خدمة على ألا يتعدى أجره عن سنة كاملة مهما طالت مدة خدمته. وفي حالة وفاة أحد من هؤلاء المتقدم ذكرهم في الخدمة يمنح ورثته (أرملة وأولاد قصر) نصف ما كان يئول للمورث, وإذا لم يترك غير أرملة واحدة منحت ثلث المكافأة فقط, وإذا لم يترك غير قاصر واحد (ولد أو بنت) منح ربع المكافأة. ونظام المكافآت الوارد ذكره أعلاه قد وضع منذ 35 سنة ولا يتفق والتطور الاجتماعي ولا يتناسب مع ارتفاع تكاليف الحياة, وقد كان مثار الشكوى المستمرة من أصحاب الشأن لما فيه من إجحاف وشدة وصرامة. ولما كانت نية الحكومة قد اتجهت إلى تعديل هذا النظام للأسباب السالفة الذكر, وهذا يتطلب وضع تشريع يحتاج إلى وقت طويل حتى يتم إقراره. وحيث إن الأمر يقتضي سرعة البت في التيسير على هذه الفئة من المستخدمين والعمال وعلى أسرهم من بعدهم تقترح وزارة المالية معالجة هذا الموضوع مؤقتاً عن طريق منح إعانات مالية فوق المكافآت القانونية المستحقة لهم بموجب النظام الحالي المعمول به. وفي صدد ذلك تقترح وزارة المالية: (أولاً) فيما يتعلق بالمستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال وعمال المياومة: "أ" إذا فصل أحدهم من الخدمة لأي سبب غير سوء السلوك والاستعفاء بخلاف عدم اللياقة وكبر السن يمنح إعانة مالية تعادل المكافأة التي كانت تئول إليه طبقاً للقانون فيما لو كان فصله مما يعطيه الحق في تلك المكافأة. "ب" إذا بلغت خدمته عند فصله أكثر من 24 سنة هي المدة التي تعطيه الحق في أقصى المكافأة المنصوص عليها في القانون يمنح المستخدم المؤقت أو خارج الهيئة أو عامل اليومية إعانة مالية (فوق المكافأة القانونية) تعادل مكافأته عن المدة الزائدة على 24 سنة ولا يسري هذا البند على المعاملين بلائحة تفتيش مصلحة الأملاك الدائمين ولا يسري على من يفصلون من الخدمة لإصابتهم أثناء وبسبب تأدية أعمال وظيفتهم واستحقوا مكافأة استثنائية طبقاً للمادة 39 من قانون المعاشات الصادر في 15 من أبريل سنة 1909 أو تعويضاً طبقاً لقانون إصابات العمل رقم 64 لسنة 1936......... وقد بحثت اللجنة المالية هذه الاقتراحات ورأت الموافقة عليها مع إضافة صرف الإعانات المقترحة إلى من يفصلون من الخدمة بالاستعفاء بعد خدمة 25 سنة, وذلك قياساً على الحكم الوارد في قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 فيما يتعلق بالدائمين, وأن يسري هذا النظام اعتباراً من أول ديسمبر الجاري مع تطبيقه على الحالات التي لم يتم بعد صرف المكافآت القانونية عنها, وأن يعرض الأمر على مجلس الوزراء نظراً لما سوف يترتب على تنفيذه من زيادة أعباء الميزانية في الاعتماد المقررة للإعانات". وقد قرر مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 17 من ديسمبر سنة 1944 الموافقة على هذه المذكرة.
ومن حيث إنه يظهر من المساق المتقدم أن الإعانة المشار إليها في قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 لا تعدو أن تكون زيادة في المكافأة الأصلية, فهي من طبيعتها وتأخذ حكمها. وقد أكد ذلك قرار مجلس الوزراء المشار إليه؛ إذ نص على استحقاق هذه الإعانة إذا كان فصل الموظف مما يعطيه الحق في تلك المكافأة. ولما كان المدعي قد فصل من الخدمة لانقطاعه عن العمل بدون عذر مقبول مدة تزيد على عشرة أيام, وهذا من الأسباب التي تحرمه من المكافأة الأصلية؛ فهي بالتالي من الأسباب التي تحرمه من الزيادة في المكافأة المقررة بقرار مجلس الوزراء السالف الذكر؛ ومن ثم يكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون, متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً , ورفضه موضوعاً.

الطعن 1490 لسنة 14 ق جلسة 30 / 12 / 1973 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 35 ص 81

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد الأستاذ المستشار حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد فهمي طاهر ومحيي الدين طاهر وأحمد سعد الدين قمحة وبدير الألفي - المستشارين.

----------------

(35)

القضية رقم 1490 لسنة 14 القضائية

"دعوى" "إثبات" 

عبء الإثبات في المنازعات الإدارية قد يقع على عاتق الإدارة مثال: الأصل أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه في مجال المنازعات الإدارية لا يستقيم مع واقع الحال بالنظر إلى احتفاظ الإدارة في غالب الأمر بالوثائق والملفات ذات الأثر الحاسم في المنازعات لذا فإن من المبادئ المستقرة في المجال الإداري أن الإدارة تلتزم بتقديم سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة في إثباته إيجاباً ونفياً متى طلب منها ذلك سواء من هيئة مفوضي الدولة أو من المحاكم وقد رددت قوانين مجلس الدولة المتعاقبة هذا المبدأ فإذا نكلت الحكومة عن تقديم الأوراق المتعلقة بموضوع النزاع فإن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعي تلقي عبء الإثبات على عاتق الحكومة.

--------------------
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بالرغم من تكرار مطالبة الوزارة الطاعنة في جميع مراحل الدعوى سواء في مرحلة التحضير أمام هيئة مفوضي الدولة أو أمام محكمة القضاء الإداري أو أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بتقديم استمارات بدل السفر والمستندات الأخرى التي تؤيد دفاعها فإنها لم تقدم أية أوراق تنفي دعوى المطعون ضده رغم أن جميع المستندات تحت يدها وكانت تستطيع أن تؤكد عدم صحة البيانات التي ذكرها المطعون ضده لو أنه كان يقرر غير الحقيقة.
ومن حيث إنه أخيراً قدمت الطاعنة بتاريخ 20 من مايو سنة 1973 ملف لخدمة المطعون ضده بناء على طلب هذه المحكمة أرفقت بهذا الملف كتاباً في التاريخ المذكور من رئيس الشئون القانونية إلى المستشار الجمهوري لإدارة قضايا الحكومة جاء به أنه بخصوص ندب المطعون ضده لتفتيش دكرنس فإنه بالبحث بقرارات النقل والندب التي أصدرتها مديرية المنصورة التعليمية سنة 1960 لم يستدل على قرار بندبه للإشراف على مدارس دكرنس إلا أنه بالاطلاع على ملف خدمة المطعون ضده تبين من الأوراق المودعة به ما يدحض ما ورد بالكتاب المذكور من أن المطعون ضده لم يندب لتفتيش التعليم بدكرنس خلال سنة 1960 إذ ثبت وجود خطاب تحت رقم (5) دوسيه مؤرخ في 11 من إبريل سنة 1960 من مفتش القسم الأول بدكرنس إلى مدير عام منطقة المنصورة التعليمية مختوم بخاتم تاريخه 13 من إبريل سنة 1960 ويفيد إرسال إقرار قيام المطعون ضده بالعمل بتفتيش قسم دكرنس اعتباراً من 11 من إبريل سنة 1960 بناء على أمر الندب الصادر في 10 من إبريل سنة 1960 ومرفق بهذا الخطاب إقرار قيام موقع من المطعون ضده يفيد استلامه العمل بالتفتيش بقسم دكرنس (1) اعتباراً من 11 من إبريل سنة 1960 ومؤرخ في هذا التاريخ ومرفق بهذين المستندين المظروف الذي كان يحتويهما مختوماً بخاتم بريد دكرنس بتاريخ 12 من إبريل سنة 1960 ومكتوب على المظروف أنه مرسل إلى منطقة المنصورة التعليمية مما تطمئن معه المحكمة إلى صدق سلامة هذه الأوراق ويؤكد صحة واقعة ندب المطعون ضده لدكرنس في التاريخ المذكور كما جاء بالملف صورة من الأمر التنفيذي رقم 495 الصادر في 2 من أكتوبر سنة 1959 ويفيد نقل المطعون ضده من ناظر إعدادي بمنطقة دمياط إلى ناظر إعدادي بمنطقة المنصورة اعتباراً من 13 من أكتوبر سنة 1959 كما تبين من الأوراق المودعة بالملف أن المطعون ضده بقى في وظيفته بمنطقة المنصورة التعليمية حتى تاريخ معاصر لصدور القرار بندبه إلى تفتيش التعليم بدكرنس وأنه استمر منتدباً بدكرنس طوال المدة التي يطالب بنفقات بدل السفر ومصاريف الانتقال عنها مما يقطع بأن مقر عمل المطعون ضده الأصلي وقت الندب مدينة المنصورة حيث كان يعمل بمنطقتها التعليمية ثم ندب اعتباراً من 11 من إبريل سنة 1960 مفتشاً بدكرنس واستمر هذا الندب طوال الفترة التي يطالب ببدل السفر ومصاريف الانتقال عنها الأمر الذي يؤيد دعوى المطعون ضده ويهدم دفاع الطاعنة الذي لم تؤيده بأي دليل وينفيه الثابت من الأوراق.

الطعن 1115 لسنة 15 ق جلسة 29 / 12 / 1973 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 34 ص 80

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي - المستشارين.

---------------

(34)

القضية رقم 1115 لسنة 15 القضائية

(قرار إداري) 

- تخلف أحد السببين اللذين قام عليهما القرار وهو السبب المهم - بطلان القرار - إدراج اسم أحد أعضاء هيئة التدريس السابقين بكلية الطب في قائمة الممنوعين من السفر على أساس أنه تلاعب في درجات الطلبة - عدم استخلاص هذا السبب من أصول تنتجه - بطلان.

------------------
يبين من مذكرة إدارة المباحث العامة المؤرخة 10 من سبتمبر سنة 1968 السالف الإشارة إليها أن رفض جهة الإدارة الترخيص للمدعي بالسفر إلى الخارج إنما يقوم على سببين أولهما أن المدعي أعطى دروساً خصوصية لبعض طلبة الكلية بالمخالفة لقانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية وثانيهما أن المدعي اتهم بالتلاعب في درجات هؤلاء الطلبة بالكنترول من واقع طلب أحد زملائه من هؤلاء الطلبة الاتصال بالمدعي لأخذ دروس خصوصية منه بوصفه عضواً في الكنترول وقد رددت هذه الأسباب مذكرة الجهة الإدارية المقدمة لهذه المحكمة بجلسة 13 من مايو سنة 1972 وإذ كانت الواقعة محل السبب الأخير - وهو السبب الأهم - لم تثبت من التحقيق الذي أجرته الكلية حسبما يبين من مذكرة السيد المحقق والتي لم يسند فيها هذه الواقعة إلى المدعي وإنما أسندت إلى زميله وحده فإن هذا السبب يكون قد انتزع من غير أصول تنتجه وليس عليه دليل في الأوراق.
متى كان ذلك ما تقدم، وكان تقدير الجهة الإدارية في عدم الترخيص للمدعي بالسفر إلى الخارج قد قام على السببين مجتمعين، فإن تخلف أحد السببين المذكورين - وهو الأهم - طبقاً لما سلف الإيضاح، يعيب القرار المطعون فيه ويتعين لذلك القضاء بإلغائه، ولا وجه لما أثارته الجهة الإدارية من أنه كان حتماً على المدعي أن يوجه طعنه إلى إلغاء القرار الصادر من المباحث العامة بإدراج اسمه في قوائم الممنوعين من السفر بوصف أن قرار مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية بعدم منحه جواز سفر وتأشيرة خروج قد قام على أساس القرار الأول، ذلك لأن وضع المدعي في قوائم الممنوعين من السفر إنما جاء نتيجة لرفض طلبه التصريح له بالسفر وهو ما أفصحت عنه صراحة مذكرة المباحث العامة المؤرخة 10 من سبتمبر سنة 1968.