المؤلفة برئاسة السيد المستشار / مجدى الجندي نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / أنور محمد جبري وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وصفوت
أحمد عبد المجيد وعصمت عبد المعوض " نواب رئيس المحكمة "
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / هشام الجندي .
وأمين السر السيد / هشام موسى إبراهيم .
----------------
" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 3133 لسنة 2004
الرمل ( المقيدة بالجدول الكلى برقم 3276 لسنة 2004 ) بأنه في يوم 13 من يناير
سنة 2004 بدائرة قسم الرمل – محافظة الإسكندرية : أحرز بقصد التعاطي
جوهراً مخدراً " هيروين " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . وأحالته
إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 18 من إبريل سنة 2005 عملاً بالمواد
1/1 ، 2 ، 37/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم " 2 "
من القسم الأول من الجدول رقم ( 1 ) الملحق مع إعمال المواد 17 ، 55 ، 56 من قانون
العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه عشرة آلاف جنيهاً عما
أسند إليه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس .
فطعن الأستاذ / ..... المحامى نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم
بطريق النقض في 31 من مايو سنة 2005 وأودعت أسباب الطعن في 31 من مايو سنة 2005
موقعاً عليها منه .
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بالمحضر .
-------------------
" المحكمة "
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة
إحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد
شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت
في الأوراق ، ذلك ، أنه لم يحط بوقائع الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة مما ينبئ عن
أن المحكمة لم تكن قد ألمت بها وبظروفها إلماماً شاملاً ، وعول في إدانته على
تقرير التحليل الكيماوي وشهادة الطبيبة الشرعية التي أجرته رغم ما أثاره من بطلان
التقرير وأن العينة المحللة غير خاصة بالطاعن للخلاف في تاريخ أخذها أو إرساله
للطب الشرعي وعدم اختصاص الطبيبة الشرعية التى اعتنقت المحكمة شهادتها تلك ولم ترد
بما يسوغ على دفاعه في هذا الشأن وعلى دفاعه القائم على نفى الاتهام لعدم ضبطه
حائزاً أو محرزاً للمادة المخدرة ونسبت إلى طلبه طواعية من النيابة عرضه على الطب الشرعي
لنفى الاتهام خلافاً لما ثبت بالأوراق من أن طلبه اقتصر على عرضه على الطب الشرعى لبيان
حالته النفسية والصحية ، كل ذلك ، يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى في قوله " أنه
حال محاولة المتهم – الطاعن – الذى يعمل نقيباً بهيئة الشرطة – سرقة محتويات احدى
السيارات الخاصة بالطريق العام تم ضبطه وقد بدى في حالة غير طبيعية وأثناء
استجوابه بمعرفة النيابة طلب عرضه على الطب الشرعى ليثبت عدم تعاطيه لأى مادة
مخدرة وقد تبين من التحليل أن عينتى دمه وبوله يحتويان على أثار لمادة المورفين
وهى ناتج " أيض " مخدر الهيروين وهى آثار لا توجد إلا نتيجة تعاطى هذا المخدر
وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن ، أدلة استمدها من
أقوال إيمان سيد محمد الطبيبة الشرعية المساعدة بمصلحة الطب الشرعى بالإسكندرية
ومما ثبت من أقوال الطاعن بتحقيقات النيابة العامة ومن تقرير المعامل الكيماوية .
لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم على السياق المتقدم – تتوافر به كافة العناصر
القانونية للجريمة التى دان الطاعن بارتكابها ، وكان الحكم قد أورد الواقعة ومضمون
أقوال كل من شاهدة الإثبات والطاعن وتقرير المعامل الكيماوية في بيان واف يكفى
للتدليل على ثبوت الصورة التى اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها – على نحو
يدل على أن المحكمة قد ألمت بها وبأدلة الإثبات فيها – فإنه تنحسر عنه دعوى القصور
في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان
من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مما
يختص به قاضى الموضوع ، وكانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد أخذت في حكمها
بتقرير المعامل الكيماوية والذى أثبت به أن عينتى الدم والبول المأخوذتين من
الطاعن تحتوى على آثار لمادة المورفين وهو ناتج جوهر الهيروين المخدر . لما كان
ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أى دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح
من الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل
القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه
إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون
رقابة لمحكمة النقض عليها ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك ، يفيد أنها أطرحت جميع
الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكانت المحكمة في حدود
سلطتها التقديرية قد أخذت بتقرير المعامل الكيماوية وشهادة الطبيبة الشرعية فيما
ورد بهما من ثبوت وجود آثار مادة المورفين وأنها ناتج مخدر الهيروين وأنها لا توجد
إلا نتيجة تعاطى هذا المخدر وأوردت دفاع الطاعن في هذا الشأن فإن هذا حسبها فيما
انتهت إليه لا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الوجه أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير
أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد
عرض لدفاع الطاعن بانتفاء الركن المادى للجريمة موضوع الاتهام وأطرحه في قوله
" وحيث أنه عن دفاع المتهم بإنكار المتهم وتخلف الركن المادى للجريمة موضوع
الاتهام لتخلف أى من الحيازة أو الإحراز فإن ذلك ، مردود بما هو ثابت من أقوال
الشاهدة وتقرير المعمل الكيماوى بمصلحة الطب الشرعى من أن العينة المأخوذتين من دم
وبول المتهم تحتويان على آثار ناتجة عن تعاطى جوهر الهيروين المخدر مما لا يدع مجالاً
لأى شك في توافر جريمة إحراز المخدر إذ لا يتم التعاطى دون إحراز للجوهر المخدر
كما أنه لا دخل لأى أدوية يتعاطاها المتهم للعلاج في ثبوت هذه الجريمة لما قررته
الطبيبة الشرعية بتحقيقات النيابة العامة – من أن مخدر الهيروين لا يدخل ضمن
مكونات أى عقار دوائى أيا كان " ، وكان هذا الذى رد به الحكم كافياً وسائغاً
للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الشأن ، لما هو مقرر من أن الإحراز في صحيح
القانون – هو مجرد الاستيلاء المادى على المخدر لأى باعث كان ، وأن جريمة إحراز
الجوهر المخدر تتم بمجرد الاستيلاء عليه مادياً مع علم الجانى بأن الاستيلاء واقع
على جوهر مخدر يحظر القانون إحرازه بغير تصريح ، وكان ضبط الجوهر المخدر بذاته مادياً ليس ركناً لازماً لتوافر جريمة إحرازه ، بل يكفى إثبات الركن
المادى ، وهو الإحراز في تلك الجريمة أن يثبت أن المادة كانت معه بأى دليل يكون من
شأنه أن يؤدى إلى ذلك ، . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عنى بإيراد الأدلة – ومنها
تقرير التحليل التى من شأنها أن تؤدى إلى أن الطاعن قد تعاطى الهيروين على نحو
جازم فإن ذلك ، يفيد أنه قد أحرز ذلك ، المخدر ، وبذلك ، يتوافر ركن الإحراز في حقه
إذ أنه – وبحكم اللزوم العقلى – لا يتم التعاطى دون إحراز للجوهر المخدر ومن ثم
فإن ما يثيره الطاعن في الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الطاعن يسلم في
أسباب طعنه بأنه طلب إلى النيابة العامة عرضه على مصلحة الطب الشرعى لبيان حالته
النفسية والصحية فلا تثريب عليها إن هى قامت بعرضه على المعمل الكيماوى استجابة
لهذا الطلب ويكون ما أثبته الحكم من أن اللجوء إلى التحليل كان طواعية من الطاعن
له أصله الثابت في الأوراق فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون له وجه . لما كان ما
تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .