من حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 16/7/1994 أقام المطعون
ضدهما الطعن التأديبي رقم 222 لسنة 30 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة الصحة
وملحقاتها طالبين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الأمر التنفيذي رقم
686 لسنة 1994 بتاريخ 27/6/1994 فيما تضمنه من مجازاة الطاعنين بخفض الوظيفة إلى
الدرجة الأدنى مباشرة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد استند المطعون ضدهما ضمن ما استند إليه إلى أن الجزاء الصادر به
الأمر التنفيذي سالف الذكر صدر مشوباً بمخالفة القانون واغتصاب السلطة إذ صدر من
رئيس قطاع الشئون الفنية وكان يتعين أن يصدر من مجلس الإدارة طبقاً للمادة 84 من
القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن العاملين بالقطاع العام.
وبجلسة 29/12/1996 صدر حكم المحكمة التأديبية لوزارة الصحة وملحقاتها
في الطعن سالف الذكر قاضياً بإلغاء القرار رقم 686 لسنة 1994 فيما تضمنه من مجازاة
الطاعنين (المطعون ضدهما) بخفض الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة، وأقام قضاءه على
أساس أن قضاء المحكمة الإدارية العليا مستقر على أن ولاية التأديب لا تملكها سوى
الجهة التي ناط بها المشرع هذا الاختصاص في الشكل الذي حدده لما في ذلك من ضمانات
قدر أنها لا تتحقق إلا بهذه الأوضاع، وترتيباً على ذلك فإن قانون العاملين بالقطاع
العام رقم 48 لسنة 1978 قد حدد السلطات التأديبية التي تملك توقيع الجزاءات على
العاملين على سبيل الحصر ولم يخول هذه السلطات التفويض في اختصاصها كما كان الشأن
في القانون رقم 61 لسنة 1971 فمن ثم لا يجوز للسلطات التأديبية أن تنزل عن هذا
الاختصاص أو أن تفوض فيه تحقيقاً للضمانات التي توخاها المشرع باعتبار أن شخص
الرئيس المنوط به توقيع الجزاء محل اعتبار.
وأضاف الحكم التأديبي سالف الذكر أنه لما كان الثابت من الأوراق أن
الطاعنين (المطعون ضدهما حالياً) يشغلان وظيفة من الدرجة الأولى ومن ثم تكون
السلطة المختصة بتوقيع الجزاء عليهما هي مجلس إدارة الشركة، وإذ كان الثابت أن
القرار المطعون فيه رقم 686 لسنة 1994 صدر من مدير عام الإدارة العامة لشئون
الأفراد ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر من سلطة غير مختصة بإصداره ويكون
باطلاً جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون
والخطأ في تطبيقه؛ ذلك أن مؤسسة مصر للطيران خصها المشرع بقانون خاص هو القانون
رقم 116 لسنة 1975 والذي ناطت المادة الثانية منه بمجلس إدارة المؤسسة (أ) إصدار
اللوائح بتنظيم أعمال المؤسسة وإدارتها ..... (ب) وضع اللوائح المتعلقة بنظام
العاملين بالمؤسسة. كما أن المادة الثالثة من ذات القانون نصت على حق المؤسسة في
وضع اللوائح المنصوص عليها بالبند (ب) من المادة (2) دون التقيد بالقواعد والنظم
المطبقة على العاملين بالحكومة والقطاع العام.
وإنه نفاذاً لما تقدم أصدرت المؤسسة لائحة الجزاءات للعاملين بها
بالقرار رقم 600 لسنة 1993 والتي تضمنت الفقرة الرابعة من المادة (5) منها أنه
"لرئيس القطاع أو مدير الإدارة العامة سلطة توقيع الجزاءات المنصوص عليها في
البنود من (1) إلى (8) من المادة 23 من هذه اللائحة على جميع العاملين في القطاع
أو الإدارة التي يرأسها كل منهم عدا شاغلي وظائف الإدارة العليا".
وأورى الطعن أن قرار الجزاء صدر في حدود الاختصاص المقرر باللائحة وأن
مصدره هو رئيس قطاع الشئون الفنية التابع له المطعون ضدهما وليس المدير العام لشئون
الأفراد كما جاء بالحكم المطعون فيه وانتهى الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات سالفة
الذكر.
ومن حيث إن المادة (54) مكرراً من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون
رقم 78 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 تنص على أن:
"إذا تبين لإحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا عند نظر أحد الطعون أنه
صدرت منها أو من إحدى دوائر المحكمة أحكام سابقة يخالف بعضها البعض أو رأت العدول
عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من المحكمة الإدارية العليا تعين عليها
إحالة الطعن إلى هيئة تشكلها الجمعية العامة لتلك المحكمة في كل عام قضائي من أحد
عشر مستشاراً برئاسة رئيس المحكمة أو الأقدم فالأقدم من نوابه ...... وتصدر الهيئة
المذكورة أحكامها بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل".
ومن حيث إن الدائرة الخامسة بالمحكمة أحالت الطعن الماثل إلى هذه
الدائرة لوجود أحكام سابقة من بعض دوائر المحكمة يعارض بعضها البعض على النحو
الموضح بقرار الإحالة ومن ثم فإنه في نطاق الحالة المعروضة يتعين ترجيح أي الأحكام
هو المطابق للقانون أولا: استعراض النصوص القانونية التي يثور حولها النزاع وأخصها
النصوص الخاصة بمؤسسة مصر للطيران، ثم أحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام
العاملين بالقطاع العام.
ومن حيث إن القانون رقم 116 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بمؤسسة مصر
للطيران ينص في المادة (1) على أن "مجلس إدارة مؤسسة مصر للطيران هو السلطة
المهيمنة على شئونها وتصريف أمورها واقتراح السياسة التي تسير عليها في إطار الخطة
العامة للدولة، ويكون مجلس الإدارة مسئولاً عن تنفيذ السياسة في مجال النقل الجوي
لتحقيق الغرض الذي قامت من أجله المؤسسة والأهداف المحددة لها، وذلك دون التقيد
بالنظم والقواعد الإدارية والمالية المعمول بها في الحكومة والقطاع العام".
وتنص المادة (2) من ذات القانون على أن: "يتولى
مجلس إدارة المؤسسة وضع النظم واللوائح التي تتفق مع طبيعة نشاط النقل الجوي وبما
يسمح لها بالمنافسة مع الشركات العالمية.
وللمجلس – في سبيل ذلك – على الأخص ما يأتي:
أ- إصدار اللوائح المتعلقة بتنظيم أعمال المؤسسة وإدارتها ونظام
حساباتها وشئونها الإدارية والمالية وما تبرمه من عقود.
ب- وضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين بالمؤسسة في الداخل والخارج
وبأفراد أطقم النيابة والضيافة الجوية وتحديد مرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا
والحوافز والبدلات الخاصة وفئات بدل السفر لهم في الداخل والخارج".
كما ناطت المادة (3) من ذات القانون بمجلس إدارة المؤسسة سلطة
"وضع اللوائح المنصوص عليها في البند (ب) من المادة (2) دون التقيد بالقواعد
والنظم المطبقة على العاملين بالحكومة والقطاع العام، وذلك مع عدم الإخلال بسلطة
المحكمة التأديبية وبمراعاة القواعد الآتية:...... (هـ) تسري
على العاملين القواعد والنظم الحالية ما لم تكفل لهم اللوائح وضعاً أفضل (و) .......
وتعتمد هذه اللوائح بقرار من وزير الطيران المدني".
وإعمالاً للأحكام السابقة أصدر رئيس مجلس إدارة مؤسسة مصر للطيران
القرار رقم 600 لسنة 1993 بلائحة الجزاءات وإجراءات التحقيق والتأديب للعاملين
بالمؤسسة بعد إقرارها من مجلس الإدارة في 28/9/1993 واعتمادها من الوزير بتاريخ
13/10/1993 ونصت المادة (23) منها على أن:
"الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين من غير شاغلي
الوظائف العليا هي:
1- الإنذار.
2- تأجيل موعد استحقاق العلاوة الدورية لمدة لا تزيد على سنة.
ولا يجوز أن يتجاوز الخصم تنفيذاً لهذا الجزاء ربع الأجر شهرياً بعد
الجزء الجائز الحجز عليه أو التنازل عنه قانوناً.
3- الخصم من الأجر لمدة لا تجاوز شهرين في السنة.
4- الحرمان من نصف العلاوة الدورية.
5- الوقف عن العمل لمدة لا تجاوز ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.
6- تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد عن سنتين.
7- خفض الأجر في حدود علاوة.
8- خفض الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة.
9- خفض الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر بما لا يجاوز
القدر الذي كان عليه قبل الترقية.
10- الإحالة إلى المعاش.
11- الفصل من الخدمة".
وتنص المادة (25) من ذات اللائحة على أنه: "يكون
الاختصاص في توقيع الجزاءات التأديبية على الوجه الآتي: 1- ......، 2- ......، 3-
......، 4- لرئيس القطاع أو المدير العام للإدارة العامة سلطة توقيع الجزاءات
المنصوص عليها في البنود من (1) إلى (8) من المادة (23) من هذه اللائحة على جميع
العاملين في القطاع أو الإدارة العامة التي يرأسها كل منهم فيما عدا شاغلي وظائف
الإدارة العليا"، وتنص المادة (26) من ذات اللائحة على أن "يكون التظلم
من قرار الجزاء الصادر من الوزير أو من رئيس مجلس الإدارة إلى السلطة التي أصدرته
أو السلطة الرئاسية له.
ويكون التظلم من باقي قرارات الجزاءات إلى السلطة التي أصدرت القرار
أو السلطة الرئاسية لها ......".
ومن حيث إنه بالرجوع إلى أحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 فإن المادة (82) منه تنص على ما يلي:
"الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين هي:
1- الإنذار. 2- تأجيل موعد استحقاق العلاوة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر. 3-
الخصم من الأجر لمدة لا تجاوز شهرين في السنة، ولا يجوز أن يتجاوز الخصم تنفيذاً
لهذا الجزاء ربع الأجر شهرياً بعد الجزء الجائز الحجز عليه أو التنازل عنه
قانوناً. 4- الحرمان من نصف العلاوة الدورية. 5- الوقف عن العمل لمدة لا تجاوز ستة
أشهر مع صرف نصف الأجر. 6- تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد على سنتين.
7- خفض الأجر في حدود علاوة. 8- الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة. 9-
الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر بما لا يجاوز القدر الذي
كان عليه قبل الترقية. 10- الإحالة إلى المعاش. 11- الفصل من الخدمة".
أما بالنسبة للعاملين من شاغلي الوظائف العليا الواردة بجدول توصيف
وتقييم الوظائف المعتمدة من مجلس الإدارة فلا يوقع عليه إلا الجزاءات التالية:
1- التنبيه. 2- اللوم. 3- الإحالة إلى المعاش. 4- الفصل من الخدمة.
ونصت المادة (83) من ذات القانون على أن: "يضع مجلس
الإدارة لائحة تتضمن جميع أنواع المخالفات والجزاءات المقررة لها وإجراءات التحقيق
والجهة المختصة بالتحقيق مع العاملين مع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 117 لسنة
1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والقوانين المعدلة له ...".
كما نصت المادة (84) من القانون المذكور على أن:
"يكون الاختصاص في توقيع الجزاءات التأديبية كما يلي:
1- لشاغلي الوظائف العليا كلٌ في حدود اختصاصاته توقيع جزاء الإنذار أو
الخصم من المرتب بما لا يجاوز ثلاثين يوماً في السنة بحيث لا تزيد مدته في المرة
الواحدة عن خمسة عشر يوماً. ويكون التظلم من توقيع هذه الجزاءات إلى رئيس مجلس
الإدارة وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع عليه.
2- لرئيس مجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجة الثالثة فما دونها
توقيع أي من الجزاءات التأديبية الواردة في البنود من 1-8 من الفقرة الأولى من
المادة 82 ويكون التظلم من توقيع هذه الجزاءات إلى رئيس مجلس إدارة الشركة خلال
خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع عليه.
وتُعرض التظلمات من الجزاءات الموقعة من رئيس مجلس الإدارة على لجنة
ثلاثية يشكلها مجلس الإدارة للنظر في هذه التظلمات ويكون من بين أعضائها عضو تختاره
اللجنة النقابية.
3- للمحكمة التأديبية بالنسبة للجزاءات الواردة في البنود من 9-11 من
المادة (82) ويكون التظلم من هذه الجزاءات أمام المحكمة الإدارية العليا.
4- لمجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجة الثانية فما فوقها عدا
أعضاء مجلس الإدارة المعينين والمنتخبين وأعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية
توقيع أي من الجزاءات الواردة في المادة (82) من هذا القانون.
ويكون التظلم من هذه الجزاءات أمام المحكمة التأديبية المختصة خلال
ثلاثين يوماً من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع عليه.
5- لرئيس الجمعية العمومية للشركة بالنسبة لرئيس وأعضاء مجلس إدارة
الشركة توقيع أحد جزائي التنبيه أو اللوم وله توقيع أي من الجزاءات الواردة في
البنود من 1-8 على أعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية فيما عدا جزاء الوقف فيكون
بناءً على حكم من السلطة القضائية المختصة.
ويكون التظلم من توقيع هذه الجزاءات أمام المحكمة التأديبية المختصة
خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع عليه. وفي جميع الأحوال
السابقة الواردة في البنود من 1-4 من هذه المادة تكون القرارات الصادرة بالبت في
التظلم وكذلك أحكام المحاكم نهائية.
6- للمحكمة التأديبية المختصة بالنسبة لرئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة
وأعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية توقيع جزاء الإحالة إلى المعاش أو الفصل من
الخدمة.
ويكون التظلم من توقيع هذه الجزاءات أمام المحكمة الإدارية العليا
خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان العامل بالحكم".
ومن حيث إنه يبين من استعراض النصوص المتقدمة لأحكام لائحة الجزاءات
وإجراءات التحقيق والتأديب للعاملين بمؤسسة مصر للطيران الصادرة إعمالاً لأحكام
القانون رقم 116 لسنة 1975 المشار إليه، وأحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978، أن أحكام تلك اللائحة بشأن الحالة المعروضة قد
جاءت على نحو يخالف ما ورد بأحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 فعلى حين خولت اللائحة
المذكورة رئيس القطاع أو المدير العام للإدارة العامة سلطة توقيع الجزاءات المنصوص
عليها في البنود من (1) إلى (8) من المادة (23) من تلك اللائحة ومنها جزاء الخفض
في الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة، فإنه على خلاف ذلك فإن القانون رقم 48 لسنة
1978 المشار إليه لم يمنح سلطة الخفض للدرجة الأدنى لشاغلي وظائف الإدارة العليا،
بل قصرها على مجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي الدرجة الثانية فما فوقها، ومن هنا جاء
الاختلاف والتعارض في الأحكام؛ فبعضها أقر بما تضمنته أحكام اللوائح المماثلة في
هذا الشأن في حين لم تساير ذلك بعض الأحكام الأخرى وانتهت إلى عدم مشروعية تلك
الأحكام، ولحسم هذا الخلاف فقد أحيل الطعن الماثل إلى هذه الدائرة لتأييد أي
الاتجاهين، مع ملاحظة أن سلطة لوائح الجزاء في وضع أحكام تخالف ما هو مقرر للمحكمة
التأديبية بموجب القانون رقم 48 لسنة 1978 قد حسم بحكم هذه الدائرة الصادر بجلسة
18/1/2001 في الطعنين 1368/1430 لسنة 34ق بعدم جواز ذلك، ومن ثم ينحصر النزاع فيما
عدا ذلك.
ومن حيث إن المادة (84) من قانون العاملين بالقطاع العام السابق
إيرادها، وكما ورد في المذكرة الإيضاحية لذلك القانون، قد أوضحت حدود الاختصاص
بتوقيع الجزاءات التأديبية تدرجاً من شاغلي الوظائف العليا حتى رئيس الجمعية
العمومية للشركة وكذلك حدود اختصاص المحكمة التأديبية في هذا الشأن، وأن هذا الإيضاح
قد جاء على سبيل البيان المحدد لكل سلطة في توقيع أنواع محددة من الجزاءات علواً
بحسب تدرج العاملين الذين يوقع عليهم هذا الجزاء في السلم الوظيفي، وأن المشرع بما
أورده صراحةً بالنص في المادة (84) فقرة (4) على أن مجلس الإدارة هو الذي يختص
بتوقيع أي من الجزاءات الواردة في المادة (82) من هذا القانون على شاغلي وظائف
الدرجة الثانية فما فوقها – عدا أعضاء مجلس الإدارة المعينين والمنتخبين وأعضاء
مجلس إدارة التشكيلات النقابية – قد قصد إلى تخصيص العام الوارد في الفقرة الأدنى
من هذه المادة والذي يجعل لشاغلي الوظائف العليا توقيع جزاء الإنذار أو الخصم من
المرتب بما لا يجاوز ثلاثين يوماً في السنة بما يفيد أن أخرج شاغلي وظائف الدرجة
الثانية وما فوقها من الاختصاص العام المقرر لشاغلي الوظائف العليا وجعل الاختصاص
بتوقيع الجزاءات الواردة في المادة (82) من القانون رقم 48 لسنة 1978 على أي منهم
لمجلس إدارة الشركة وجعل التظلم من توقيع هذه الجزاءات إلى المحكمة التأديبية،
وذلك بما يتفق مع المنهج الذي سار عليه المشرع من التدرج في أنواع الجزاءات، وضمان
توقيعها بمعرفة المفوض في توقيعها بما يضمن تحقيق الانضباط وحسن سير العمل، وما يكفل
رعاية أكثر العاملين ...... ويؤيد ذلك أن المشرع قد نص في الفقرة الأولى من المادة
المذكورة على أن يكون التظلم من توقيع الجزاءات الموقعة من شاغلي الوظائف العليا
أمام رئيس مجلس الإدارة بما مفاده أن شاغلي وظائف الإدارة العليا المنوه بهم في
الفقرة الأولى من المادة المذكورة هم أدنى درجة من رئيس مجلس الإدارة ومن ثم يسوغ
التظلم من قرارات الجزاءات الصادرة منهم إلى رئيس مجلس الإدارة بصفته جهة أعلى
.... وأن المشرع قد راعى بنص المادة 83 سالفة الإيراد أنه كان من المتعذر تحديد
المخالفات في القانون على سبيل الحصر بسبب تنوع الوظائف والمجموعات النوعية التي
تضمنها القانون وبسبب اختلاف ظروف العمل من شركة لأخرى ودرجة ثباتها أو تغيرها،
فإن ذلك لا يحول دون إيجاد نوع من المرونة في تحديد هذه المخالفات بإعطاء كل شركة
سلطة تحديدها في لائحة خاصة تصدر بقرار من مجلس الإدارة، إلا أن المشرع لم ينهج
هذا النهج بالنسبة لتحديد الجزاءات التي يمكن توقيعها على جميع المخالفات الممكن
وقوعها، فحدد هذه الجزاءات وجعل للائحة التي تصدرها حرية تحديد مقدار الجزاء
المقرر لكل مخالفة من حيث الخفة والشدة على أن يكون محصوراً في الحدود التي رسمها
القانون وجاءت نصوص القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام أكثر
تشدداً عند بيان سلطات توقيع أي من الجزاءات المقررة على طوائف العاملين بالشركة
بحسب تدرجهم في المستويات الوظيفية، وذلك حتى توفر نصوص القانون الضمانات الأساسية
التي يجب كفالتها لجميع العاملين تحقيقاً للعدالة وتوفير الاستقرار النفسي لهم في
أداء أعمالهم على النحو المنشود ولذلك خص القانون شاغلي الوظائف العليا بجزاءات
تناسب مكانتهم من الهيكل التنظيمي للشركة وبما يوحد بين معاملتهم في هذا الشأن
والمعاملة التي يعامل بها نظراؤهم في القطاع الحكومي، فأوضحت المادة 84 من القانون
حدود الاختصاص بتوقيع الجزاءات التأديبية تدرجاً من شاغلي الوظائف العليا حتى رئيس
الجمعية العمومية للشركة وكذلك حدود المحكمة التأديبية في هذا الشأن وقد جاء هذا
التحديد جامعاً مانعاً بحيث لا يجوز أن تتضمن لائحة الجزاءات الخاصة بالشركة نصاً
يحدد الاختصاص بتوقيع الجزاءات التأديبية على نحو يغاير التنظيم الوارد بالمادة
(84) من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه وكل نص يرد على خلاف هذا التنظيم
يعتبر مخالفاً للقانون ومستبعداً من دائرة التطبيق ويعتبر القرار الصادر بتوقيع
جزاء تأديبي من سلطة غير مختصة طبقاً لأحكام المادة 84 من قانون نظام العاملين
بالقطاع العام قراراً مشوباً بعيب عدم الاختصاص خليقاً بالإلغاء (يراجع حكم
المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 759 لسنة 29 ق بجلسة 20/5/1986 منشور
بمجموعة السنة الحادية والثلاثين الجزء الثاني بند 239 ص 747 وما بعدها).
ومن حيث إن نص المادة (25) من لائحة جزاءات مؤسسة مصر للطيران قد خولت
في البند 4 منها رئيس القطاع أو المدير العام للإدارة العامة سلطة توقيع الجزاءات
المنصوص عليها في البنود من (1) إلى (8) من المادة (23) منها، ولما كان البند (8)
قد تضمن جزاء تخفيض الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة، فإنه يكون قد ورد مخالفاً
لصريح نص المادة (84) بند (4) الذي ضمن اختصاص مجلس الإدارة سلطة توقيع جزاء الخفض
إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة، ويكون في هذا إخلال بالضمانات التي قررها
المشرع للعاملين بالقطاع العام من ناحية شخص المختص بتوقيع الجزاء وذلك بمنح
اللائحة تلك السلطة إلى سلطة أقل من المقررة بالقانون رقم 48 لسنة 1978، كما أن
هذا النص – أيضاً – يخل بالضمانات المقررة للعاملين بالمؤسسة من ناحية أخرى وذلك
بالنسبة للجهة التي يقدم إليها التظلم من قبل هذا الجزاء فعلى حين حددها المشرع
بالقانون 48 لسنة 1978 بالمحكمة التأديبية، فإن نص المادة 26 من اللائحة جعلها
لذات السلطة التي أصدرت القرار أو السلطة الرئاسية أي لرئيس القطاع أو المدير
العام أو رئاسته وهما بطبيعة الحال سلطة أقل من المحكمة التأديبية، وفي هذا انتقاص
من ضمانات جوهرية للعاملين، بما يؤثر في ذلك النص ويصمه بعدم المشروعية ويكون واجب
الاستبعاد.
ومن حيث لا يغير مما تقدم أن تكون لائحة الجزاءات للعاملين بمؤسسة مصر
للطيران قد صدرت استناداً إلى نص المادة (3) من القانون رقم 116 لسنة 1975 ببعض
الأحكام الخاصة بمؤسسة مصر للطيران والذي خول مجلس إدارة المؤسسة وضع اللوائح
المتعلقة بنظم العاملين بها دون التقيد بالقواعد والنظم المطبقة على العاملين
بالحكومة والقطاع العام، ذلك أن الثابت أن البند (هـ) من ذات المادة (3) استلزم
مراعاة أن تسري على العاملين القواعد والنظم الحالية ما لم تكفل لهم اللوائح وضعاً
أفضل، أي أنه لا يجوز للائحة أن تأتي بنص يهدر ضمانة مقررة للعاملين على النحو
الذي قرره نص المادة (25) سالف الذكر وذلك على النحو السابق إيضاحه.
وفضلاً عما تقدم فإنه لا يجوز للوائح التنفيذية التي تصدرها السلطة
التنفيذية والتي تتضمن الأحكام التفصيلية والتكميلية اللازمة لتنفيذ القانون، أن
تعطل أحكامه أو تتناولها بالتعديل أو بالاستثناء، وينبغي على الجهة التي تصدر
اللوائح أن تتقيد بالمبادئ والأسس والضمانات سواء ما ورد منها في الدستور أو في
قانون نظام العاملين بالدولة أو نظام العاملين بالقطاع العام ... كما أن تخويل
القانون لجهة معينة إصدار لائحة خاصة بالعاملين دون التقيد بما هو مقرر بقانون
بالنسبة لباقي العاملين بالدولة والقطاع العام لا يمكن بحال من الأحوال اعتباره
تفويضاً تشريعياً، إذ من المسلم به أن لكل من القانون واللوائح التنفيذية والتفويض
التشريعي مجاله وفقاً لأحكام الدستور، حيث تنص المادة (86) منه على أن يتولى مجلس
الشعب سلطة التشريع. وتنص المادة (108) على أنه لرئيس الجمهورية عند الضرورة وفي
الأحوال الاستثنائية وبناءً على تفويض من مجلس الشعب بأغلبية ثلثي أعضائه أن يصدر
قرارات لها قوة القانون، ويجب أن يكون التفويض لمدة محددة وأن يبين فيه موضوعات
هذه القرارات والأسس التي تقوم عليها ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب في أول
جلسة بعد انتهاء مدة التفويض، فإذا لم تعرض أو عرضت ولم يوافق المجلس عليها زال ما
كان لها من قوة القانون، أي أن التفويض التشريعي لا يكون إلا لرئيس الجمهورية دون
غيره وعند الضرورة وفي أحوال استثنائية وبشروط معينة حددتها المادة (108) المشار
إليها، أما ما يصدر من قوانين يخول رئيس الجمهورية أو غيره إصدار لوائح العاملين
دون التقيد بالقوانين والقواعد المعمول بها لا يمكن أن ينطوي على تفويض في إصدار
قرارات لها قوة القانون وفقاً لما تنص عليه المادة (108) من الدستور ولا يخرج عن
كونه دعوة لممارسة اختصاص رئيس الجمهورية أو غيره بإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ
القانون طبقاً لما تقضي به المادة (144) من الدستور، والتي نصت على أن يصدر رئيس
الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه من تعديل أو تعطيل لها أو
إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها ويجوز أن يعين القانون من يصدر
القرارات اللازمة لتنفيذه.
(يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا – دائرة توحيد المبادئ في الطعنين
1368 لسنة 43 ق عليا جلسة 18/1/2001 مجموعة المبادئ لهذه المحكمة بند 45 ص 503 وما
بعدها).
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم يبين أنه ليس في حكم القانون رقم 116 لسنة
1975 المشار إليه ما يبيح مخالفة أحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام التي
حددت السلطات التأديبية تحديداً جامعاً ومانعاً، ويغدو ما تضمنته اللائحة في هذا
الشأن قد جاء على خلاف حكم القانون، بما يصمه بعدم المشروعية، ويكون لذلك مستوجباً
الاستبعاد عند التطبيق، وما ينطبق على لائحة الجزاء الخاصة بمؤسسة مصر للطيران
ينطبق كذلك على كل لائحة جزاءات مماثلة، وتكون أحكام المحكمة الإدارية العليا التي
انتهت إلى مثل هذه النتيجة هي الأحكام التي تتفق وصحيح حكم القانون وتكون هي واجبة
التأييد دون تلك التي انتهت إلى عكس ذلك.
ومن حيث إن الطعن الماثل مهيأ للحكم فيه وأنه أقيم خلال المواعيد
القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع هذا الطعن فإن الثابت أن القرار التأديبي محل
المنازعة قد تضمن مجازاة المطعون ضدهما بخفض الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة،
وصدر من رئيس قطاع الشئون الفنية وليس من مجلس إدارة المؤسسة، فمن ثم يكون صادراً
من غير مختص، على النحو السابق إيضاحه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك وقضى
بإلغائه يكون قد صدر صحيحاً ومطابقاً للقانون، ويغدو الطعن عليه فاقد الأساس
مستوجباً الرفض.
ومن حيث إن الطعن مُعفًى من الرسوم القضائية باعتباره متعلقاً بقرار
تأديبي.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.