وحيث إن الطاعنين يطلبون الحكم بطلباتهم المبينة سالفا.
وحيث إن الطعون الماثلة استوفت جميع أوضاعها الشكلية، فمن ثمّ تكون
مقبولة شكلا.
وحيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 2/12/2010
أقامت هيئة النيابة الإدارية ابتداء الدعوى التأديبية رقم 30 لسنة 53ق أمام
المحكمة التأديبية للتعليم، متضمنة ملف تحقيقاتها في القضية رقم 150 لسنة 2009
تعليم أول، وتقرير اتهام ضد كل من:
1- ... - موجه مالي وإداري بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة- الدرجة الأولى.
2- ...3-... 4-...
5- ... - كاتبة بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة- الدرجة الثالثة.
6-...
7-...
8- ... - موجه مالي وإداري بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة- الدرجة الأولى.
9-...
10-... - مدرس تربية رياضية بإدارة روض الفرج التعليمية- الدرجة الثالثة.
وذلك لما نسب إليهم من مخالفات على النحو التالي:
§ الأولى (الطاعنة الرابعة):
1- قامت بوضع القيمة التقديرية لمزايدة تأجير حمام السباحة بمركز شبرا
الرياضي بمبلغ 48000 جنيه، بأقل من القيمة الحقيقية وفقا للموقع الجغرافي للمكان.
2- أغفلت إثبات بيانات المتقدمين للمزايدة المذكورة بالمخالفة لأحكام
القانون.
3- أثبتت قيمة التأمين النهائي بنسبة 5% بأوراق المزايدة محل التحقيق
بالمخالفة لأحكام القانون.
4- قامت بإرساء المزايدة على/... (المحال العاشر- الطاعن الثالث)
بالمخالفة لأحكام القانون.
5- قامت بتسليم المحال العاشر بوصفه الراسي عليه المزايدة حمام السباحة
بالإضافة لباقي وحدات المركز كاملا، دون إدراجها بعقد المزايدة.
§ الخامسة (الطاعنة الأولى):
قامت بتحصيل قيمة التأمين النهائي من المحال العاشر الراسي عليه
العطاء بنسبة 5% من قيمة التعاقد، بالمخالفة لأحكام القانون، ودون وجود خطاب من
المديرية بالتعاقد.
§ الثامن (الطاعن الثاني):
1- أرسى بالاشتراك مع باقي أعضاء اللجنة المزايدة على/... (المحال
العاشر- الطاعن الثالث)، بالمخالفة لأحكام القانون، باعتباره من عداد العاملين
بإدارة روض الفرج التعليمية التابعة لمديرية التعليم بالقاهرة.
2- قام بتسليم المحال العاشر حمام السباحة بالإضافة لباقي وحدات المركز
كاملا، دون إدراجها بعقد التأجير الخاص بالحمام.
3- أغفل إثبات بيانات المتقدمين للمزايدة المشار إليها، بالمخالفة لأحكام
القانون.
4- أثبت قيمة التأمين النهائي بنسبة 5% بأوراق المزايدة المشار إليها،
بالمخالفة لأحكام القانون.
§ العاشر (الطاعن الثالث):
خالف القواعد والأحكام المالية المنصوص عليها، وكذا اللوائح والقوانين
الخاصة بالمزايدات، وأتى ما من شأنه ضياع حق من حقوق الدولة، وزاول أعمالا تجارية
تتصل بأعمال وظيفته، بأن تقدم في المزايدة محل التحقيق، رغم كونه من عداد العاملين
الخاضعين لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة
1978، بالمخالفة لأحكامه، مما أدى إلى ترسية المزايدة عليه، وتسلمه حمام السباحة،
بالإضافة إلى وحدات المركز كاملا، دون إدراجها في عقد التأجير.
وبجلسة 26/3/2012 قضت المحكمة التأديبية للتعليم بعدم اختصاصها نوعيا
بنظر الدعوى التأديبية، وأمرت بإحالتها إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة
العليا للاختصاص.
ونفاذا لذلك أحيلت الدعوى إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة
العليا، حيث قيدت بجدولها برقم 64 لسنة 54 ق، وبجلسة 29/1/2014 قضت المحكمة بحكمها
المبين سالفا.
وشيدت المحكمة قضاءها على سند من ثبوت جميع المخالفات المنسوبة
للمحالة الأولى من واقع تحقيقات النيابة الإدارية في القضية رقم 150 لسنة 2009
نيابة التعليم الإدارية- القسم الأول، وما ورد بتقرير هيئة الرقابة الإدارية بخصوص
المخالفات التي شابت إجراءات المزايدة الخاصة بتأجير حمام السباحة الرياضي بشبرا،
التابع لمديرية التربية والتعليم بالقاهرة، في صيف عام 2008، وما شهد به في تلك
التحقيقات كل من/...- باحث قانوني بمديرية التربية والتعليم، و... الموجه المالي
والإداري بوزارة التربية والتعليم، و... - مدير عام الشئون المالية بمديرية
التربية والتعليم بالقاهرة، من صحة ارتكابها للمخالفات المنسوبة إليها، على نحو
وصم مسلكها بالمخالفة لأحكام القانون، والخروج على مقتضيات واجبات وظيفتها، بما
استوجب مجازاتها تأديبيا.
وفيما يخص المحالة الخامسة فإن المخالفتين المنسوبتين إليها ثابتتان
بحقها ثبوتا كافيا، استنادا إلى أدلة الثبوت الواردة بخصوص المحالة الأولى، فضلا
عن إقرارها في التحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية بصحة ارتكابها للمخالفتين
المنسوبتين إليها، حتى لو أرجعت سبب ارتكابها لهما إلى عدم علمها بضرورة تحصيل
نسبة 10% من قيمة التعاقد كتأمين نهائي من المحال العاشر، وكذلك بامتثالها لأوامر
وتعليمات المحال التاسع، والاعتذار بالجهل بالقانون؛ فذلك مردود عليه بأن كل هذه
المبررات حتى إن صحت لا تعفيها من المسئولية التأديبية؛ إذ لا يجوز لها الامتثال
لأوامر الرئيس المخالفة للقانون إلا بعد الاعتراض عليه وعليها كتابة، وهو ما لم
يتحقق بشأنها، كذلك لا يجوز الاعتذار بالجهل بالقانون، وبذلك قد ثبت خروجها على
واجبات ومقتضيات وظيفتها، بما يغدو معه مسلكها مكونا لمخالفة تأديبية استوجبت
مجازاتها تأديبيا.
وفيما يخص المحال الثامن فإن جميع المخالفات المنسوبة إليه ثابتة بحقه
ثبوتا كافيا من واقع أدلة الثبوت المشار إليها، على نحو يغدو مسلكه مكونا لمخالفة
تأديبية استوجبت مجازاته تأديبيا عنها.
وفيما يخص المحال العاشر فإن المخالفة المنسوبة إليه ثابتة بحقه ثبوتا
كافيا من واقع أدلة الثبوت المشار إليها، فضلا عن إعراضه عن مواجهة النيابة
الإدارية أو إبدائه لأي دفاع أو دفوع تنفي عنه ارتكاب المخالفة المنسوبة إليه
أثناء تداول الدعوى التأديبية، التماسا لبراءته، بما يكشف عنه سلوكه هذا من عدم
احترامه أو اكتراثه بالقوانين والقواعد المنظمة للوظيفة العامة ومقتضياتها، على
نحو يغدو معه مسلكه مكونا لمخالفة تأديبية، تستوجب مجازاته عنها بالجزاء المناسب.
وحيث إن مبنى الطعن الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في
تطبيقه وتأويله وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والغلو في توقيع
الجزاء؛ وذلك لأن طبيعة عمل الطاعنة بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة هو (كاتبة
الحسابات)، وأن عملها في لجنة تأجير حمام السباحة الخاص بمركز شبرا الرياضي يقتصر
على (تحصيل المبالغ المالية الموردة كتأمين ابتدائي أو نهائي)، ومن ثم تكون طبيعة
تخصصها بالوصف السابق يجعلها بعيدة تماما عن إبداء الرأي الفني في المسائل
والوقائع القانونية المطروحة على عمل تلك اللجنة، والتي خلا تشكيلها من أي عضو
قانوني يختص بإبداء الرأي القانوني في الوقائع القانونية المطروحة على اللجنة
أثناء عملها، كما أن الطاعنة باشرت عملها باللجنة تحت إشراف:...و...، وهما من
الموجهين الماليين والإداريين بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة، ولم يطلبا منها
أو يشيرا إلى مخالفتها لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون
رقم 89 لسنة 1998 ولائحته التنفيذية أثناء عضويتها بتلك اللجنة، كما أن العقوبة
التي وقعت عليها اتسمت بالشدة. وخلصت الطاعنة إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون
فيه، وببراءتها مما نسب إليها.
وحيث إن مبنى الطعن الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ
في تطبيقه وتأويله وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والغلو في توقيع
الجزاء؛ وذلك على سند من أن وظيفة الطاعن موجه مالي وإداري) وهي من الوظائف
التخصصية، وليست ذات طبيعة فنية، وأنه لم يقم بتقدير قيمة التأمين الابتدائي
لعملية تأجير حمام السباحة، بل قامت به... (المحالة الأولى- الطاعنة الرابعة)
الموجه المالي والإداري بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة، كما تولى الطاعن بحكم
وظيفته السابقة الاطلاع على جميع المستندات الخاصة بعملية التعاقد بحمام السباحة،
ولم يشارك في إعدادها؛ وذلك لأن عملية تقدير القيمة التقديرية لحمام السباحة بعيدة
تماما عن مجال عمله الأصلي كموجه مالي وإداري، فضلا عن أن طبيعة وظيفته من الوظائف
الإشراقية التي لا يختص القائم بها بمتابعة التنفيذ اليومي للعمل الإداري، بل يكون
مسئولا بوصفه مشرفا على من يعملون تحت رئاسته، كما أتت العقوبة الموقعة عليه متسمة
بالشدة والقسوة بما يجعلها غير مشروعة. واختتم الطاعن طلباته بإلغاء الحكم المطعون
فيه، وببراءته مما نسب إليه.
وحيث إن مبنى الطعن الثالث أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون
وأخطأ في تطبيقه وتأويله وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والغلو في
توقيع الجزاء؛ وذلك لأن الطاعن استأجر حمام السباحة محل المخالفة المنسوبة إليه
خلال فترة الإجازة الصيفية، وحصل بعدها مباشرة على إجازة للعمل نصف الوقت، ثمّ
أعقبها بإجازة بدون أجر لمدة عام، مما يؤكد عدم مباشرته لأي عمل تجاري خلال
مباشرته لوظيفته العامة، فضلا عن أن حمام السباحة محل المزايدة يتولى من خلاله
تعليم وتدريب النشء على الرياضة، وهو ما يتفق مع طبيعة عمله كمدرس تربية رياضية،
ومن ثم لا توجد أية مخالفة في هذا الخصوص، كما أن الحكم المطعون فيه وقع عليه
عقوبة اتسمت بالشدة والقسوة، بما يخرجها عن نطاق المشروعية إلى دائرة اللامشروعية.
وخلص الطاعن إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه، وببراءته مما نسب إليه.
وحيث إن مبنى الطعن الرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ
في تطبيقه وتأويله وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والغلو في توقيع
الجزاء؛ وذلك لأن طبيعة عمل الطاعنة كموجه مالي وإداري يجعلها من الوظائف
الإشرافية التي لا تكون مسئولة عن أخطاء مرءوسيها التي تقع منهم أثناء تنفيذ
ومباشرة الأعمال الموكلة إليهم، كما ينتفي التضامن بينها وبينهم في ارتكاب
المخالفة التي تقع منهم؛ لاختلاف طبيعة عمل كل منهم، كما أن طبيعة عملها السابق لا
يجعلها تختص بتلقي طلبات راغبي الاشتراك في المزايدة محل الاتهام، حتى لو كانت
عضوة بتلك اللجنة، ويضاف إلى ذلك أن السيدة/... (الطاعنة الأولى) - كاتبة بمديرية
التربية والتعليم بالقاهرة، قد أقرت بارتكابها لمخالفة تحصيل التأمين النهائي
بواقع 5% من قيمة التعاقد بدلا من 10% من هذه القيمة، كما أن طبيعة وظيفتها
الإشرافية تجعلها بعيدة تماما عن واقعة تسليم حمام السباحة للراسي عليه المزاد.
وطلبت الطاعنة الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، وببراءتها مما نسب إليها.
وحيث إنه عن الطعن الأول فإن قوام المخالفات المنسوبة للطاعنة هي
تحصيلها قيمة التأمين النهائي من السيد/... الراسي عليه مزاد تأجير حمام السباحة
بمركز شبرا الرياضي بنسبة 5% من قيمة التعاقد، بدلا من 10%، ودون وجود خطاب من
مديرية التربية والتعليم بالتعاقد، وأن المادة (121) من اللائحة التنفيذية لقانون
تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 تنص على أنه: "في حالة طرح
العقارات والمشروعات للتأجير أو الترخيص بالانتفاع أو بالاستغلال للعقارات، بما في
ذلك المنشآت السياحية والمقاصف، يجب على من يتقدم للمزايدة سداد مبلغ تحدده السلطة
المختصة حسب أهمية وقيمة العملية كتأمين مؤقت. وعلى من يرسو عليه المزاد في العقود
التي لا تزيد مدتها على ثلاث سنوات أن يقدم تأمينا نهائيا بما يعادل (10%) من
القيمة الكلية الراسي بها المزاد عن مدة العقد بالكامل، وذلك فور رسو المزاد، ويجب
أن يظل التأمين ساريا طوال مدة العقد، فإذا زادت مدة العقد على ثلاث سنوات يحسب
التأمين النهائي الواجب تقديمه بواقع (10%) من قيمة العقد عن الثلاث سنوات الأولى،
ويجدد هذا التأمين قبل بداية الثلاث سنوات التالية أو الفترة المتبقية من العقد
أيهما أقل، وذلك بمراعاة الزيادة السنوية في قيمة التعاقد المنصوص عليها بالعقد".
وحيث إن المسئولية التأديبية للعامل، شأنها شأن المسئولية الجنائية،
مسئولية شخصية، بحسبان أن المخالفة التأديبية هي كل فعل إيجابي أو سلبي ينطوي على
الإخلال بواجبات الوظيفة المنوطة بالعامل، وذلك بمخالفته لأحكام القوانين واللوائح
أو التعليمات الإدارية، وكذلك الإخلال بمقتضياتها، بأن يطأ العامل مواطن الزلل
وتحوم حوله الشبهات، بما تضيع معه الثقة التي لا بد من توفرها في الوظيفة العامة
والموظف العام معا.
ومن ناحية أخرى فإن لمحكمة الموضوع في نطاق إثبات أو نفي مسئولية
العامل سلطة تقديرية في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة لتكوين عقيدتها من أي عنصر
من عناصر الإثبات، دون حاجة إلى الرد استقلالا على الأدلة التي لم تعول عليها،
مادام حكمها يرتكز على أسباب كافية لحمله، إذ حسبها أن تتبين الحقيقة التي اقتنعت
بها، وأن تذكر دليلها، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، مادام قيام
الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه التعليل الضمني المسقط لتلك الأقوال أو
الشهادات التي تمّ طرحها جانبا ولم تعول عليها في قضائها.
كما استقر قضاء هذه المحكمة على أن المشرع في قوانين المناقصات
والمزايدات واللوائح التنفيذية لها أوجب على صاحب العطاء المقبول المبادرة خلال
المهلة المحددة له في هذه القوانين واللوائح إلى تكملة التأمين المؤقت إلى النسبة
المحددة للتأمين النهائي، وهذا المبلغ يعد تأمينا نهائيا لضمان تنفيذ العقد، ويؤمن
الجهة الإدارية ضد أخطاء المتعاقد معها عند تنفيذ العقد، وتحصَّل منه الجزاءات
والتعويضات وغير ذلك من المبالغ التي تستحق على المتعاقد، وذلك إذا ارتكب خطأ
عقديا أثناء تنفيذ العقد.
وهديا بما تقدم فإن ما نسب إلى الطاعنة في الطعن الأول من مخالفات على
نحو ما سلف بيانه ثابت بحقها ثبوتا لا يدع مجالا للشك من واقع تحقيقات النيابة
الإدارية في القضية رقم 150 لسنة 2009 نيابة التعليم قسم أول، وكذلك بما ورد
بتقرير الرقابة الإدارية بشأن المخالفات التي شابت عملية تأجير حمام السباحة الخاص
بالمركز الرياضي بشبرا، وأخيرا بما اعترفت وأقرت به الطاعنة نفسها في تلك
التحقيقات من عدم علمها بالنسبة الواجب تحصيلها كتأمين نهائي، إذ إنها قامت بتحصيل
5% من قيمة التعاقد بدلا من 10%، وبذلك تكون الطاعنة قد باشرت عملها المكلفة به
دون مراعاة جانب الدقة والأمانة المتطلبة في الموظف العام من بذل أقصى درجات الحرص
من خلال أداء العمل عن يقظة وتبصر في كلّ إجراء يقوم به، وإذ ثبت قيام الطاعنة
بأدائها لعملها باستخفاف وغفلة ولامبالاة، فإن ذلك يعد خروجا منها عن واجب أداء العمل
بدقة وأمانة، ومن ثمّ تكون مرتكبة لذنب تأديبي يستوجب المساءلة التأديبية.
ولا ينال من ذلك ما تتمسك به الطاعنة من عدم علمها بالقيمة الحقيقية
للتأمين النهائي، وعدم تخصصها في مجال أعمال المناقصات والمزايدات؛ فذلك مردود
عليه بأنه لا يجوز الاعتذار بالجهل بالقانون، وكان من الأجدى بها أن تعترض كتابة
على اشتراكها في إجراءات تلك المزايدة لعدم تخصصها، وذلك قبل أن تبدأ إجراءات
المزايدة، إلا أنه وإزاء مشاركتها في تلك الإجراءات وعدم اعتراضها على النحو
المبين سالفا، فكان من الأحرى بها توخي الدقة والأمانة في الأعمال الموكلة إليها
في تلك المزايدة، ومن ثم لا يعفيها من المسئولية ما تمسكت بها سلفا، مادامت لم
تنبه رؤساءها إلى أمر ما تدعيه من مخالفات كتابة، وإذ لم يتحقق ذلك فلا ترفع
المسئولية عنها.
وحيث إنه لا صحة لما تصم به هذه الطاعنة الحكم المطعون فيه من الغلو
في تقدير العقوبة الموقعة عليها؛ إذ إن ذلك مردود عليه بما هو مستقر عليه في قضاء
هذه المحكمة من أن السلطات التأديبية (ومن بينها المحكمة التأديبية) تستقل بتقدير
خطورة الذنب التأديبي وما يلائمه من عقوبة تأديبية، في ضوء أن جسامة العمل المادي
المكون للمخالفة التأديبية ترتبط بالاعتبار المعنوي المصاحب لارتكابها، فلا تتساوى
المخالفة القائمة على غفلة وعدم تبصر بتلك القائمة على عمد والهادفة إلى غاية غير
مشروعة، إذ لا شك أن الأولى أقل جسامة من الثانية، وهو ما يجب أن يدخل في تقدير من
يقوم بتوقيع الجزاء التأديبي على ضوء ما يستخلصه استخلاصا سائغا من الأوراق، ولما
كان ذلك كذلك، وكان المستخلص من الأوراق أن المخالفات المنسوبة للطاعنة قد اتسمت
بعدم تحريها الدقة والأمانة في عملها بلجنة تلك المزايدة محل المخالفتين
المنسوبتين إليها، مما أدى بلا شك إلى المساس بالمال العام والتراخي والإهمال والتقصير
في الحفاظ عليه، وكانت العقوبة التأديبية التي جوزيت بها الطاعنة عن تلك المخالفات
هي خصم أجر شهرين من راتبها، فإنها بلا شك تتناسب صدقا وعدلا وحقا مع ما فرطت فيه
من ذنب إداري، ولا مطعن بخصوصها بالغلو في مقدار العقوبة، وإذ نهج الحكم الطعين
هذا النهج بخصوص الطاعنة، فإنه يكون متفقا مع صحيح حكم القانون، ويكون الطعن
الماثل عليه في غير محله خليقا بالرفض.
وحيث إنه عن الطعن الثاني فإن المادة (34) من قانون تنظيم المناقصات
والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 تنص على أنه: "يكون إرساء
المزايدة على مقدم أعلى سعر مستوف للشروط, بشرط ألا يقل عن الثمن أو القيمة
الأساسية".
وتنص المادة (39) منه على أن: "يحظر على العاملين بالجهات التي
تسري عليها أحكام هذا القانون, التقدم بالذات أو بالواسطة بعطاءات أو عروض لتلك
الجهات, كما لا يجوز شراء أشياء منهم أو تكليفهم بالقيام بأعمال, ولا يسري ذلك على
شراء كتب من تأليفهم أو تكليفهم بالقيام بأعمال فنية كالرسم والتصوير وما يماثلهما
أو شراء أعمال فنية منهم إذا كانت ذات صلة بالأعمال المصلحية, وبشرط ألا يشاركوا
بأية صورة من الصور في إجراءات قرار الشراء أو التكليف، وأن يتم كل منهما في
الحدود ووفقا للقواعد والإجراءات التي تبينها اللائحة التنفيذية. كما يحظر على
العاملين بتلك الجهات الدخول بالذات أو بالواسطة في المزايدات أو الممارسات
بأنواعها, إلا إذا كانت الأشياء المشتراة لاستعمالهم الخاص وكانت مطروحة للبيع عن
طريق جهات أخرى غير جهة عملهم ولا تخضع لإشراف هذه الجهة".
وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن المشرع في قوانين تنظيم
المناقصات والمزايدات المتعاقبة ولوائحها التنفيذية المتعاقبة، وآخرها القانون رقم
89 لسنة 1998، قد حظر بنصوص صريحة على العاملين بالجهات التي تطبق عليها أحكامه
التقدم بالذات أو بالواسطة بعطاءات أو عروض لتلك الجهات، وحظر عليهم الدخول بالذات
أو بالواسطة في المزايدات أو الممارسات بأنواعها إلا إذا كانت الأشياء المشتراة
لاستعمالهم الشخصي، وكانت مطروحة للبيع عن طريق جهات أخرى غير جهة عملهم، ولا تخضع
لإشراف هذه الجهة، وهذا الحظر يرجع إلى أن التقدم بعطاء في مناقصة توطئة لرسوها
يعد عملا تجاريا حظرته أيضا المادة (77) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة
الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 في البند 4/1 ه، حيث حظرت على العامل أن يزاول
بالذات أو بالواسطة أي عمل تجاري، وبوجه خاص أن تكون له أية مصلحة في أعمال
مقاولات أو مناقصات أو ممارسات أو مزايدات تتصل بأعمال وظيفته.
وحيث إن مناط مسئولية الموظف عن الفعل المكون للمخالفة التأديبية هو
أن يكون الفعل داخلا في اختصاصه الوظيفي الذي يتحدد طبقا للوائح والقرارات الصادرة
في هذا الشأن من الجهات المختصة، فإذا تبين خروج العامل عن مقتضيات واجبات وظيفته
أو إخلاله بما تفرضه عليه من واجبات، تحققت مسئوليته التأديبية، ووجبت مجازاته
تأديبيا.
وهديا بما تقدم، ولما كان قوام المخالفات المنسوبة للطاعن في هذا
الطعن أنه أرسى -بالاشتراك مع باقي أعضاء اللجنة- المزايدة على... (المحال العاشر-
الطاعن الثالث) بالمخالفة لأحكام القانون باعتباره من عداد العاملين بإدارة روض
الفرج التعليمية التابعة لمديرية تعليم القاهرة، كما قام بتسليم المذكور حمام
السباحة بالإضافة لباقي وحدات المركز كاملا دون إدراجها بعقد التأجير الخاص
بالحمام، وأغفل إثبات بيانات المتقدمين للمزايدة المشار إليها، بالمخالفة لأحكام
القانون، وأثبت قيمة التأمين النهائي بنسبة 5% بأوراق المزايدة بالمخالفة لأحكام
القانون، فهذه المخالفات ثابتة بحقه ثبوتا كافيا من واقع تحقيقات النيابة الإدارية
في القضية المشار إليها سالفا، وبما ورد بتقرير هيئة الرقابة الإدارية بخصوص
المخالفات التي شابت عملية تأجير ذلك الحمام، لأنه كان يتعين على الطاعن بوصفه
عضوا بلجنة مزايدة تأجير ذلك الحمام أن يراعي ما تطلبه المشرع في أحكام قانون
المزايدات والمناقصات من ضرورة أن يقدم المتزايد جميع المستندات التي يستدل منها
على ممارسته للنشاط محل المزايدة، مثل البطاقة الضريبية والسجل التجاري وبطاقته
الشخصي، وإزاء عدم اطلاع أعضاء لجنة المزايدة (وفيهم الطاعن) على تلك المستندات،
قامت لجنة المزايدة بالترسية على:... الذي يعمل مدرسا للتربية الرياضية بإدارة روض
الفرج التعليمية، وهو من المحظور التعاقد معهم إعمالا لأحكام قانون المناقصات
والمزايدات وقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة التي حظرت بنصوص صريحة التعاقد
مع العاملين بالجهات الخاضعة لأحكام قانون تنظيم المناقصات.
كذلك فقد أثبتت أدلة الإثبات المتقدمة اشتراك أعضاء لجنة المزايدة
(ومنهم هذا الطاعن) في تحديد قيمة التأمين النهائي للمزايدة 5% بأوراق المزايدة
وليس 10%، وكذلك قيامه بتسليم الراسي عليه المزاد باقي وحدات المركز كاملة دون
إدراجها بعقد تأجير الحمام، وهو ما يقطع بيقين بأن ما فرط من هذا الطاعن من
مخالفات كانت ناتجة عن عدم أدائه لعمله المنوط به بدقة، وعدم محافظته على أموال
وممتلكات جهة عمله التي يعمل بها، ومن ثمّ يكون قد تحقق في حقه الخروج على مقتضيات
واجبات وظيفته، وكذلك إخلاله بما تفرضه عليه من التزامات وواجبات، ومن ثمّ وجبت
مساءلته تأديبيا.
وإذ قدرت المحكمة التأديبية في حكمها المطعون فيه العقوبة الموقعة
عليه بخصم شهرين من أجره، فإنها تكون قد راعت ما سبق أن أشارت إليه هذه المحكمة من
تناسب العقوبة الموقعة على العامل مع الذنب الإداري الذي فرط في جانبه في ضوء
الوقائع المكونة للذنب الإداري.
ولما كان ذلك كذلك وكانت المخالفات المنسوبة للطاعن تنم عن عمل غير
مكترث بالحفاظ على المال العام، ولا تراعى فيه أحكام القانون، فمن ثم ينبغي أن
يوزن مسلكه طبقا لمستويات السلوك القويم، إذ كان حريا به أن يحافظ على أموال
وممتلكات جهة عمله، وإذ لم يراع ذلك، فإن تلك العقوبة تتناسب صدقا وعدلا مع ما وقر
في حقه، ولا مطعن على الحكم بالغلو في تقدير العقوبة.
ولا ينال مما تقدم ما أثاره هذا الطاعن من أن طبيعة المخالفات
المنسوبة إليه تغاير طبيعة تخصصه وعمله كموجه مالي وإداري، والتي هي من طبيعة
إشرافية؛ فذلك مردود عليه بأن المخالفات المنسوبة إليه فرطت منه أثناء اشتراكه في
عضوية لجنة المزايدة أو بعدها أثناء تسليم المتعاقد (محل المزايدة)، وهذه
المخالفات كان من الممكن تلافيها من الطاعن لو تعرف على واجبات وظيفته كعضو بلجنة
المزايدة ولجنة تسليم المباني محل المزايدة، إذ لم يسع جاهدا لمعرفة هذه الواجبات،
وإزاء ثبوت مباشرة الطاعن لعمله بتلك اللجنة دون أي اعتراض كتابي على أية مخالفة
وقعت من لجنة المزايدة، فإنه لا يمكن الاحتجاج بأنه لم يكن على دراية بهذا العمل،
ومن ثمّ يتعين الالتفات عما يثيره الطاعن في هذا الخصوص.
ولما كان ذلك كذلك، وكانت المخالفات المنسوبة للطاعن تنم عن عمل غير
مكترث بالحفاظ على المال العام، وكان ما ذكره مردودا عليه بأن العمل المسند إليه
(سبب المخالفة المنسوبة إليه) هو عضويته في لجنة المزايدة الخاصة بتأجير ذلك
الحمام وبعدها في لجنة تسليم المنشآت محل المزايدة، ومن ثم فإنه يسأل عن أية
مخالفة تقع منه في هذا الخصوص، بصرف النظر عن عمله الأصلي كموجه مالي وإداري؛ وذلك
بحسبان أن عضويته بتلك اللجان عمل إضافي لعمله الأصلي، يكلف به من قبل جهة عمله،
ومن ثمّ يتعين عليه مباشرته وفقا لصحيح حكم القانون، وتبعا لذلك لا يقبل منه أي
ادعاء بعدم صحة عضويته بتلك اللجان، أو بعدم تخصصه بشأن الأعمال المطروحة عليها
وذلك بعد انتهاء اللجنة من أعمالها، إذ كان عليه أن يبين ذلك -على نحو ما سلف
بيانه- قبل بدء لجنة المزايدة لعمله، وإذ لم يقم بذلك فلا يقبل منه أي دفاع في هذا
الخصوص، وهو ما يغدو معه الطعن الماثل غير قائم على سند من الواقع أو القانون
خليقا بالرفض.
وحيث إنه عن الطعن الثالث فإن المادة (77) من قانون نظام العاملين
المدنيين بالدولة تنص على أن: "يحظر على العامل 1-... 2-... 3-... 4-...
14- ويحظر على العامل بالذات أو بالواسطة:
(أ)... (ب)...
ه- أن يزاول أي أعمال تجارية، وبوجه خاص أن يكون له أي مصلحة في أعمال
أو مقاولات أو مناقصات تتصل بأعمال وظيفته".
وحيث إن من المقرر أن سبب القرار التأديبي بوجه عام هو إخلال الموظف
بواجبات وظيفته أو إتيانه عملا من الأعمال المحرمة عليه، فكل موظف يخالف الواجبات
المقررة قانونا، أو أوامر الرؤساء الصادرة في حدود القانون، أو يخرج عن مقتضى
الواجب في أعمال وظيفته المنوط به تأديتها بنفسه بدقة وأمانة، يرتكب ذنبا إداريا،
هو سبب القرار الذي يسوغ تأديبه، كما أن الموظف العام مطالب في نطاق أعمال وظيفته
وخارجها أن ينأى بنفسه عن التصرفات التي من شأن ما يعكسه إتيانه لها من آثار على
الوظيفة العامة، أن تجعله مرتكبا لمخالفات واجبات هذه الوظيفة، وأن من هذه
الواجبات ألا يسلك الموظف خارج أو داخل الوظيفة مسلكا يمس كرامة الوظيفة.
وهديا بما تقدم، ولما كانت المخالفة المنسوبة للطاعن الثالث، وقوامها
مخالفة القواعد والأحكام المالية المنصوص عليها وكذا اللوائح والقوانين الخاصة
بالمزايدات، وأنه أتى ما من شأنه ضياع حق من حقوق الدولة، وزاول أعمالا تجارية
تتصل بأعمال وظيفته، بأن تقدم في المزايدة محل التحقيق رغم كونه من عداد العاملين
الخاضعين لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978
بالمخالفة لأحكام القانون، مما أدى إلى ترسية المزايدة عليه وتسلمه حمام السباحة،
بالإضافة إلى وحدات المركز كاملا دون إدراجها في عقد التأجير –لما كانت هذه
المخالفة- ثابتة بحقه ثبوتا كافيا من واقع تحقيقات النيابة الإدارية في القضية
المشار إليها سالفا، وبما ورد بتقرير هيئة الرقابة الإدارية بخصوص المخالفات التي
شابت عملية تأجير ذلك الحمام، لأنه كان يتعين على الطاعن بوصفه مدرسا للتربية
الرياضية بإدارة روض الفرج التعليمية التابعة لمديرية التربية والتعليم بالقاهرة،
وهي من الجهات الخاضعة لأحكام قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89
لسنة 1998، ألا يتقدم بأي عطاء في تلك المزايدة.
ومتى كان ذلك كذلك، ولما كان هذا الطاعن قد خالف ما نهى عنه المشرع من
التقدم بعطاءات أو التعاقد مع الجهات الإدارية الخاضعة لأحكام القانون المذكور،
كما خالف ما نهى المشرع في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الموظف العام
عنه، من مزاولة العمل التجاري، أو أن تكون له مصلحة في أعمال أو مقاولات تتصل بجهة
عمله، فبذلك يكون هذا الطاعن قد ارتكب مخالفة تأديبية جسيمة، تنم عن عدم اكتراثه
بأعباء الوظيفة العامة، فخرج بذلك على مقتضيات واجبات وظيفته، بما يستوجب مجازاته
تأديبيا بالجزاء الذي يتناسب صدقا وعدلا مع ما وقر بحقه من مخالفة جسيمة، باعتبار
أن هذه المخالفة فرطت منه عن عمد، ومرتبطة بالاعتبار المعنوي المصاحب لارتكابها،
ومن ثم لا تتساوى مع تلك القائمة على الغفلة أو عدم التبصر.
وتبعا لذلك، ولما كان المستخلص من الأوراق أن الطاعن قد ارتكب هذه
المخالفة وكان عالما بجميع أبعادها، فإنه إذ قدرت المحكمة التأديبية العقوبة
المستحقة على ذلك بإحالته على المعاش، فإن العقوبة تكون صحيحة ومتناسبة، وينتفي بشأنها
مناط الغلو، ويكون استخلاص المحكمة التأديبية لعناصر المخالفة المنسوبة إليه،
وكذلك العقوبة الموقعة عليه مستخلصا استخلاصا سائغا من أصول تؤدي إليه من عيون
الأوراق والتحقيقات، فمتى انتهى الحكم المطعون فيه إلى ثبوت المخالفة المشار إليها
في حق الطاعن الثالث، والمنصوص عليها في المادة (77) من قانون نظام العاملين
المدنيين بالدولة، والمادة (39) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات فيما حظرته
من مزاول كل الأعمال التجارية بوجه عام، فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد
استخلص النتيجة التي انتهى إليها في هذا الشأن من أوراق تنتجها على الوجه المتقدم،
وقد أصاب صحيح حكم القانون، ويكون النعي عليه بمخالفته للقانون غير قائم على أساس
سليم من الواقع أو القانون.
ولا يغير من ذلك ما دفع به هذا الطاعن تلك المخالفة بقوله إنه لا
يتقيد بهذا الحظر لحصوله على إجازة بدون مرتب أو للعمل نصف الوقت، أو اتفاق نشاط
حمام السباحة كعمل رياضي مع وظيفته كمدرس تربية رياضية؛ فذلك مردود عليه بأن
المستفاد من الأحكام القانونية المتقدمة أن المشرع حظر مزاولة العمل الذي قام به
الطاعن (سبب المخالفة المنسوبة إليه) بنصوص صريحة، وأن جميع التشريعات المنظمة للأعمال
التجارية قطعت بما لا يدع مجالا للشك بكون أعمال المزايدات من الأعمال التجارية،
ومن ثمّ فإن المخالفة المشار إليها ثابتة بحقه، وهي تشكل مخالفة جسيمة لمقتضيات
وظيفته والثقة الواجب توفرها فيه، بحيث تكفي لحمل الحكم المطعون فيه فيما قضى به
من إحالته على المعاش على صحته؛ بحسبان أن اشتراكه في تلك المزايدة وسعيه في
إرسائها عليه، وبوصفه مدرسا للتربية الرياضية يثبت توفر مصلحته الشخصية في أداء
هذه الأعمال المتصلة بأعمال وظيفته، ويلقي بظلال من الريبة على تربحه بدون وجه حق
من وضعه الوظيفي هذا استنادا إلى ما توفره له وظيفته من سلطات ومكنات، فيعد ذلك
خروجا منه على مقتضى واجباته الوظيفية والثقة الواجب توفرها فيه، وهو ما يكون معه
هذا الموظف مقترفا لذنب إداري يحق معه توقيع الجزاء التأديبي المناسب عليه، وهو
الإحالة على المعاش، وهي عقوبة تتناسب صدقا وعدلا مع ما وقر في حقه من ذنب إداري.
وإذ ذهب الحكم الطعين إلى هذا المذهب فإنه يكون متفقا مع صحيح حكم القانون، ولا
مطعن عليه في هذا الخصوص، ويكون الطعن خليقا بالرفض.
وحيث إنه عن الطعن الرابع فإن المادة (3) من اللائحة التنفيذية لقانون
تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998، الصادرة بقرار وزير المالية رقم
1367 لسنة 1998 تنص على أن: "يكون الطرح على أساس مواصفات فنية دقيقة ومفصلة
يتم وضعها بمعرفة لجنة فنية ذات خبرة بالأصناف أو الأعمال المطلوبة...".
وتنص المادة (4) منها على أن: "تتولى اللجنة المشار إليها في
المادة السابقة وضع القيمة التقديرية للعملية موضوع التعاقد بحيث تكون ممثلة
لأسعار السوق عند الطرح مع الأخذ في الاعتبار جميع العناصر المؤثرة وفقا لظروف
وطبيعة تنفيذ التعاقد وترفع اللجنة تقريرا بنتيجة أعمالها، متضمنا اقتراح مبلغ
التأمين المؤقت المطلوب في الحدود المقررة قانونا، وذلك للاعتماد من السلطة
المختصة. ويخطر رئيس اللجنة مدير إدارة المشتريات بمبلغ التأمين المؤقت بكتاب
مستقل، ثم يضع رئيس اللجنة تقريرها في مظروف مغلق بطريقة محكمة يوقع عليه أعضاؤها
ويحفظ لدى مدير إدارة المشتريات ولا يفتح إلا بمعرفة رئيس لجنة البت عند دراسة
العروض المالية".
كما استقر قضاء هذه المحكمة على أن المحكمة التأديبية إذا استخلصت من
الوقائع الدليل على أن المتهم قد قارف ذنبا يستأهل العقاب، وكان هذا الاستخلاص
سليما من وقائع تنتجه، وتؤدي إليه فإن تقديرها للدليل يكون بمنأى عن الطعن عليه،
كما أن رقابة هذه المحكمة لا تعني أن تستأنف النظر بالموازنة والترجيح بين الأدلة
المقدمة إثباتا أو نفيا؛ إذ إن ذلك شأن المحكمة التأديبية وحدها، ويكون تدخل
المحكمة الإدارية العليا لإعمال رقابتها في حالة إذا كان الدليل الذي اعتمدت عليه
تلك المحكمة في قضائها غير مستمد من أصول ثابتة بالأوراق أو كان استخلاصها لهذا
الدليل لا تنتجه الواقعة المطروحة عليها، فهنا فقط يكون التدخل لتصحيح القانون،
لأن الحكم في هذه الحالة يكون غير قائم على سببه.
وهديا بما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن المخالفات المنسوبة
للطاعنة في هذا الطعن، وقوامها وضع القيمة التقديرية لمزايدة تأجير حمام السباحة
بمركز شبرا الرياضي بمبلغ 48000 جنيه بأقل من القيمة الحقيقية وفقا للموقع
الجغرافي للمكان، وأنها أغفلت إثبات بيانات المتقدمين لتلك المزايدة، وأثبتت قيمة
التأمين النهائي بنسبة 5% بأوراق تلك المزايدة، وقامت بإرساء المزايدة على:...
بالمخالفة لأحكام القانون، وقامت بتسليم المذكور بوصفه الراسي عليه المزايدة حمام
السباحة بالإضافة لباقي وحدات المركز كاملا دون إدراجها بعقد المزايدة، فهذه
المخالفات ثابتة بحقها ثبوتا لا يدع مجالا للشك من واقع تحقيقات النيابة الإدارية
في القضية رقم 150 لسنة 2009 نيابة التعليم قسم أول، التي شهد فيها:... الموجه
المالي الإداري بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة و... الباحث القانوني بمديرية
التربية والتعليم بالقاهرة، وكذلك بما ورد بتقرير الرقابة الإدارية بشأن المخالفات
التي شابت عملية تأجير حمام السباحة الخاص بالمركز الرياضي بشبرا، وذلك لأنه كان
يتعين على الطاعنة وضع القيمة التقديرية بما يتفق مع طبيعة نشاط المركز، وكذلك في
ضوء القيمة التقديرية للعام السابق وقيمة التجهيزات والمحتويات والعائد الذي يدره
المركز في ضوء معدلات تشغيله، وأنها أغفلت مع باقي أعضاء لجنة المزايدة الحصول على
المستندات الخاصة بنشاط المتزايد طبقا لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات
المشار إليه، مما أدى إلى ترسية المزايدة على:... وهو من المحظور عليهم التقدم
بعطاء في هذه المزايدة أو التعاقد معه، وقيامها بإثبات قيمة التأمين النهائي للمزايدة
بواقع 5% من قيمة التعاقد، وليس حسبما يتفق وصحيح حكم القانون بواقع 10%، وأخيرا
بتسليم الراسي عليه المزاد لباقي مشتملات مركز الشباب دون إدراجها في العقد، وهو
ما يقطع بما لا يدع مجالا للشك في أن كل هذه المخالفات أدت إلى خروج الطاعنة على
مقتضيات واجبات وظيفتها؛ لعدم أدائها للعمل المكلفة به على وجه الدقة والأمانة
المطلوبة، بما يستوجب مجازاتها تأديبيا عما فرط في جانبها من مخالفات تأديبية،
وتبعا لذلك يكون ما أثارته الطاعنة من مطاعن على مجازاتها بتلك العقوبة غير قائم
على أساس سليم، جديرا بالالتفات عنه ورفضه، وتبعا لذلك رفض الطعن الماثل.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعون أرقام 25593 و29118 و29133 و58302 لسنة
60ق.عليا شكلا، ورفضها موضوعا.