الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 26 فبراير 2022

نظرية تحول الحق في التقادم الخمسي الأستاذ سامي عازر جبران المحامي

مجلة المحاماة – العدد الأول والثاني والثالث
السنة الخامسة والعشرون سنة 1945

نظرية تحول الحق
في التقادم الخمسي
لحضرة الأستاذ سامي عازر جبران المحامي

1 - نص القانون:
تقضي المادة 211/ 275/ 2277 مدني بأن (المرتبات والفوائد والمعاشات والأجر، وبالجملة كافة ما يستحق دفعه سنويًا أو بمواعيد أقل من سنة، يسقط الحق في المطالبة به بمضي خمس سنوات هلالية).
2 - موضوع البحث:
فهل من شأن الحكم الذي يصدر بحق من هذه الحقوق أن يحوله من حق يسقط بالتقادم الخمسي إلى حق يسقط بالتقادم العادي الطويل؟
في المسألة رأيان: رأي يقول إن الحكم لصالح المدعي يحول حقه من حق يسقط بالمدة القصيرة إلى حق يسقط بالمدة الطويلة، مساويًا في ذلك بين السقوط الخمسي وغيره من مدد السقوط القصيرة، ورأي يقول بأن صدور الحكم، فيما يسقط بالتقادم الخمسي، دون غيره من باقي أنواع التقادم القصير، لا يمنع من السقوط بخمس سنوات، وهذا هو الرأي الذي أؤيده.
لعلي أصدم عقيدة استقرت في ذهنك من قديم، إن الأحكام تسقط بخمسة عشر سنة، ولعلك ملقيًا بهذا البحث جانبًا، ولعلك مقبلاً على قراءته متململاً، ولكنني مع ذلك أرجو ألا تعصى مختارًا على القراءة فالجدل فالاقتناع، لأنه ليس مثل هذا العصيان ما هو أفتك بحرية البحث وبحرية الفكر.

الرأي الأول: الحكم يمنع من السقوط

3 - محصله:
يقول أنصار هذا الرأي إن الديون مهما كان أصلها وموضوعها، فإنها بمجرد صدور أحكام بشأنها لا تسري عليها إلا المدة المقررة قانونًا لسقوط الحق في الأحكام وهي 15 سنة في مصر (و 30 سنة في فرنسا) لا المدة المقررة لهذا الديون باعتبار أصلها، لأن حق المدعى يتحول بالحكم ويحل الحكم محل السند الأصلي.
وهو كما ترى يطلق القاعدة على جميع أنواع التقادم القصير، ويرتب أثر تحول الحق على صدور حكم ابتدائي دون أن يشترط انتهائيه الحكم.
4 - أسس الرأي:
على أنني تحيرت عندما استعرضت وجوه الرأي عند أصحاب هذه النظرية، فرأيت اختلافًا شديدًا على أساسها، ورأيت تلك الأسس المختلف عليها تنهار عند التمحيص البسيط، ورأيت أصحاب النظرية أخيرًا يتحرجون من التمشي مع نظريتهم إلى نتائجها الحتمية.
فذهب فريق إلى أن الحق يتحول، مؤسسًا رأيه على نظرية الاستبدال أو شبه الاستبدال ورفض فريق ثانٍ أن يأخذ بنظرية التحول أصلاً، كما رفض نظرية الاستبدال، وإنما استند إلى نص في القانون التجاري.
واستند فريق ثالث إلى اعتبارين: أولهما مستمد من الواقع، وثانيهما مستمد من حكمة التشريع.
وإليك تفصيل هذا الإجمال.

الأساس الأول: الاستبدال أو شبه الاستبدال

5 - ماهية هذا الأساس:
قال به جابيو [(1)] وجيلوارد [(2)] وعبد الفتاح السيد بك [(3)] وحكمان من محكمة استئناف مصر[(4)]،
وحاصر رأيهم - ونقصد رأي من عرض للأمر بتفصيل – أنه بعد صدور الحكم بالإيجار أو الفائدة أو المعاش، إلى آخر ما نص عليه القانون، يصبح سبب الالتزام هو قوة الشيء المحكوم فيه la chose jugée، ولو كان التزام المدين من قبل الحكم بغير سبب، لأن الحكم متى صدر أصبح عنوان الحقيقة، ولا يملك المدين أن يناقش السبب من جديد.
ويضيفون إلى ذلك قولهم إن الاستبدال الحاصل بالحكم يقوى الالتزام الأصلي بملحقاته الأصلية، فتبقى التأمينات كما هي، ولا يقف سريان الفوائد، إلى غير ذلك، بحجة إن رفع الدعوى لا يجب أن يضير الدائن الذي قد يعجز عن الوصول إلى حقه بغير تقاضٍ [(5)].
6 - النقد والتعليق:
أساس الاستبدال هذا لا يستند إلى نص أو تشريع، بل هو يخاف التشريع القائم من حيث نشوء الاستبدال، ومن حيث الآثار التي تترتب عليه.
أما مخالفة التشريع القائم من حيث نشوء الاستبدال فذلك لأن القانون نص في المادة (186) مدتي أهلي وما يقابلها على أن الاستبدال يترتب عليه زوال الدين وإيجاد دين جديد بدله، وأنه يتم بعقد، ونص في المادة (187) على أن الاستبدال يكون إما بتغيير الدائن أو المدين أو سبب الالتزام.
وفرعوا على هذه النصوص أن أول شرط من شروط صحة الاستبدال وجود نية الاستبدال animus novandi، وهذه النية لا تفترض ولا تؤخذ بالظن، ولكنها ينبغي أن تكون واضحة، وبغيرها لا يقع استبدال [(6)] كما أنهم اشترطوا لصحة الاستبدال ألا يظهر في سند الدين الجديد سبب الدين القديم، فإن ظهر، انتفت نية الاستبدال [(7)] وهذا المعنى مستفاد من قول المشرع إن استبدال الدين يترتب عليه زواله.
نطبق هذه المبادئ المستمدة من حرف القانون وروحه، فنخلص بغير جهد إلى أن الحكم لا ينشئ استبدالاً، فالحكم ليس بعقد – والمادة 186 تقول إن الاستبدال يكون بعقد، ولهذا يشترطون أن تتوافر عند من كان طرفًا في هذا العقد أهلية التعاقد، أي أهلية التنازل عن الدين القديم وأهلية الالتزام بالدين الجديد [(8)]، ثم إنه لا يترتب على صدور الحكم تغيير في أي عنصر من عناصر المديونية الثلاثة، والحكم لا يمحو الالتزام الأصلي ويحل محله التزامًا جديدًا، ولكنه يقرر الالتزام القديم كما هو، ذلك لأن المحكمة لا تملك تغيير سبب الدعوى في المواد المدنية، فإن فعلت تعين نقض حكمها [(9)]، وفي النهاية فإن الحكم لا يفيد نية الاستبدال، لا صراحة ولا دلالة، لأننا لا نتصور أن المدين بتمثيله مكرها في الدعوى التي أعلنها إليه دائنه، يقصد أن يحل محل سند مديونيته العرفي سندًا تنفيذيًا، ومع ذلك فالاتفاق على تغيير سند الدين من عرفي إلى رسمي لا يحدث استبدالاً [(10)].
فالقول إذن بأن الحكم يتضمن استبدالاً للدين، فضلاً عن عدم اعتماده على نص تشريعي فهو مخالف للتشريع القائم من حيث نشوء الاستبدال، إذ أن من شأنه أن يوجد طريقة للاستبدال لم ينص عليها القانون.
أما إن فكرة الاستبدال تخالف التشريع القائم من حيث آثار الاستبدال المنصوص عليها قانونًا فواضح من أن أصحاب هذه الفكرة تحرجوا من أن يرتبوا على هذا الاستبدال آثاره القانونية، وأخصها ضياع التأمينات، قالوا إن الاستبدال بالحكم لا يترتب عليه زوال التأمينات، بل تظل باقية تضمن وفاء الالتزام الأصلي، وهذا القول مخالف لصريح نص المادة 188/ 252/ 1278 مدني القاضي بأن التأمينات التي كانت تضمن وفاء الدين القديم لا تضمن وفاء الدين الجديد، ما لم يرضِ بذلك العاقدان أو تدل عليه قرائن الأحوال.
ولم يقل أحد، ولا يمكن أن يقول، بأن رفع دعوى وصدور حكم فيها يفيد تلك النية صراحة أو دلالة.
ولقد شعروا بهذا التنافر بين نظرية الاستبدال بالحكم وبين نصوص القانون، فبرروه بأن الدائن لا ينبغي أن يضار فتضيع عليه تأميناته بينا قد يعجز عن الوصول إلى حقه بغير دعوى.
ولكن من ذا الذي قال إن صدور الحكم يؤدي إلى إضاعة التأمينات التي اتخذها الدائن من قبل؟ أفهم أن يقولوا بزوالها لو أن الحكم حقيقة استبدال الدين، أما أن يقولوا بالاستبدال، ثم يقفون من بعد ذلك في منتصف الطريق، فلا يرتبون على ذلك الاستبدال آثاره القانونية، فهو الخطأ بعينه، لأن الدفاع عن الخطأ خطأ دائمًا.
8 - قال جابيو إن صدور الحكم يجعل سبب الالتزام قوة الشيء المحكوم فيه، فلا يملك المدين مناقشة السبب من جديد، ولو كان التزامه في الأصل بغير سبب.
وهذا قول مردود، ذلك لأنه من بدهيات القانون إن قوة الشيء المحكوم فيه ليست بذاتها سببًا لأي التزام، حيث إن الأحكام مقررة للحقوق لا منشئة لها، على ما هو مقرر قانونًا، وعلى ما يقول به جابيو نفسه عند كلامه على آثار الأحكام [(11)]، أما إذا كان المدين لا يملك مناقشة السبب من جديد، فليست علته إن سبب الالتزام قد تغير، لأن السبب هو هو [(12)] وإنما علته نص في القانون هو نص المادة 232/ 297/ 1351 مدني القاضي بأن الأحكام النهائية حجة بما ثبت بها من الحقوق وإنها لا تقبل في ذلك إثبات العكس، إلا إذا اختلف الخصم أو السبب الموضوع.
وإذن فأساس (الاستبدال (هو أساس متهدم لا يصلح لأن تقوم عليه فكرة تحول الحق [(13)].

الأساس الثاني: مادة السقوط التجاري

9 - ماهية هذا الأساس:
أخذ به جارسونيه [(14)] وأبو هيف بك [(15)] والدكتور حامد فهمي [(16)]، رفض جارسونيه، أول من نادى بهذا الأساس، أن يأخذ بنظرية تحول الحق، كما رفض أن يتخذ من فكرة الاستبدال أساسًا لرأيه الذي ذهب إليه، وقال إن القانون الروماني كان يفهم تحول العلائق القانونية التي تربط المدعي بالمدعى عليه على أنه إحلال التزام جديد محل الالتزام الأصلي، تكفله دعوى جديدة، نرمي إلى تنفيذ حكم القاضي، وتسمى action judicati ولقد رغبوا – يقول جارسونيه – في نقل هذه الفكرة إلى القانون الفرنسي، ولكن نصوصه جاءت خالية من الإشارة إليها.
ونظرية التحول في العلائق القانونية - transformation des rapports de droit ذلك التحول الذي ينسبونه إلى الحكم - هي في رأيه نظرية غير طبيعية factivr وتحكمية arbitraire ، لا تستند إلى مبدأ عام ولا تتصل بالواقع بأي سبب من الأسباب، ولقد كانت معيبة في القانون الروماني، وليس في نصوص القانون الفرنسي ما يدل على أن المشرع أراد أن يأخذ بها.
ولما أن يفرغ جارسونيه من نقد نظرية التحول أصلاً نراه يقرر أن المسألة مسألة نص، وهذا النص هو نص المادة (189) تجاري (م 194 تجاري أهلي)، تقول المادة:
(كل دعوى متعلقة بالكمبيالات أو السندات تحت إذن وتعتبر عملاً تجاريًا أو بالسندات لحاملها.... يسقط الحق في إقامتها بمضي خمس سنوات اعتبارًا من اليوم التالي..... إن لم يكن صدر حكم...).
ويعلق جارسونيه على ذلك بقوله إن حكم هذه المادة مقرر لقاعدة عامة تسري على جميع المدينين بالتزامات تخضع في الأصل للتقادم الخمسي، حيث إنه لا مبرر للتفرقة بين المدينين بكمبيالات أو بسندات أذنية، وبين غيرهم من المدينين بالتزامات تقع تحت أنواع التقادم القصير الأخرى [(17)].
10 - النقد والتعليق:
على أن هذا الأساس الذي يستند إليه جارسونيه ومن ذهب مذهبه معيب من وجهين: من وجه أصول تفسير القانون، ومن وجه حدود تطبيق المادة التجارية الخاصة بالسقوط الخمسي.
أما الوجه الأول فإنه من المتفق عليه أن القانون التجاري هو استثناء من القانون المدني، وإن المدني هو القانون العام droit commun وضع لجميع الناس وينظم جميع المعاملات، وإن التجاري هو قانون خاص droit spécial وضع لفئة خاصة من الناس هي فئة التجار دون غيرهم، وينظم نوعًا خاصًا من العلائق المالية هي المعاملات التجارية دون غيرها، وله قواعده الخاصة في الإثبات حيث تقبل فيه الشهادة على مسائل تتجاوز نصاب الشهادة في القانون المدني، وتقبل فيه الدفاتر التجارية، والقانون المدني لا يعرف الإثبات بمستند أنشأه الخصم، وأخيرًا فإن الشراح والمحاكم يرجعون إلى أحكام القانون المدني، باعتباره أصلاً، لحل ما يعرض لهم من مشاكل لم ينظمها القانون التجاري [(18)].
وما دامت تلك طبيعة القانون التجاري، فإنه لما يتنافر مع بدهيات تفسير القوانين أن نقول إن المشرع عندما يريد أن يقرر قاعدة عامة، تسري على التجار وغير التجار، يختار لتقريرها قانونًا استثنائيًا، لأن محل تقرير النظريات العامة هو القانون العام، أي القانون المدني، وهو خالٍ من مثل هذا النص.
وأخيرًا - وهذا هو ثاني المأخذين على نظرية جارسونيه - فإنه من المقرر قانونًا أن المادة (194) تجاري لا تنطبق إلا على الأوراق التجارية بمعناها الضيق، وهي الأوراق التي تتداول بالتظهير أو بالتسليم، أما ما عداها من العمليات التجارية فتخرج من حكم التقادم الخمسي وتخضع لأحكام التقادم العادي [(19)].
فكيف يراد بنا أن نمد حكم هذه المادة التجارية إلى قانون آخر هو القانون العام بالنسبة لها والحال أن جهدها لا يتسع لجميع المعاملات التجارية ؟!

الأساس الثالث: الاعتباران الواقعي والتشريعي

11 - ماهية هذا الأساس:
قال به جلاسون وتيسييه، أطرحا جانبًا نظرية الاستبدال، على اعتبار أن الأحكام مقررة للحقوق، وإنها لا تنشئ لأصحابها حقًا غير ما كان لهم وقت رفع الدعوى، وإن هذه الحقوق تظل من بعد الحكم بخصائصها الأولى وآثارها وتأميناتها وضماناتها، وكذلك يبقى سبب الالتزام هو هو [(20)].
ولكنهما يستندان في تأييد رأيهما إلى اعتبارين: اعتبار مستمد من الواقع واعتبار مستمد من حكمة التشريع.
أما الاعتبار الواقعي فحاصله أن اقتضاء الدائن لدينه لا يتم من بعد الحكم بسند المديونية الأصلي فحسب، بل يتم بالحكم.
وأما الاعتبار التشريعي فحاصله أن علة التقادم القصير قد أزالها الحكم [(21) وهاك عبارتهما [(22)]:

Parce que la poursuite a lieu désormais en nertu non seulement du titre frimitif, mais du jugement, et que la raison d’être de la courte prescription ni eivtte folus.

12 - النقد والتعليق:
إن صيغة التنفيذ لم تعدل شيئًا من عناصر المديونية الأصلية، ولم تغير شيئًا من خصائص الالتزام الأصلي، على ما يقول به نفس المؤلفين، وكل ما عمله الحكم هو أن جعل سند المديونية تنفيذيًا بعد أن كان لا يصلح للتنفيذ به.
ومما يساعد على تجلية نقدي لهذا التدليل، أن تتصور معي مؤجرًا ومستأجرًا يحرران بدل عقد الإيجار العرفي العادي عقد إيجار رسمي، يصلح سندًا للتنفيذ ويغني عن استصدار حكم، فهل من يجادل في أن الإيجار هنا يسقط بخمس سنوات؟
وأخيرًا فإن هذا الاعتبار الواقعي إن صدق على الحكم النهائي، الذي يصلح سندًا تنفيذيًا، فإنه لا يصدق على الحكم الابتدائي، الذي لا يصلح سند تنفيذ، والذي يؤدي صدوره إلى إخضاع الالتزام لحكم التقادم الطويل، على ما يقول أصحاب هذا الرأي.
أما إن علة التقادم القصير قد أزالها الحكم - وهذا هو الاعتبار التشريعي - فهو خلط بين علة التقادم الخمسي، وعلة غيره من أنواع التقادم القصير.
ذلك أن الدفع بالسقوط في التقادم الخمسي، ليس مبناه مظنة الوفاء، وليس مبناه عقاب الإهمال، بل إن مبناه أساسًا منع خراب المدين، إن تلك الالتزامات - الواردة في المادة (100) أهلي وما يقابلها - التزامات دورية، افترض المشرع أن المدين يفي بها من ريع الأرض، أو من الدخل، فلو كلفته بسداد ما مضى على استحقاقه خمس سنوات فأكثر، فإنك تعرضه للخراب، ولهذا قالوا إن المدين له أن يتمسك بالدفع ولو اعترف بعدم السداد [(23)].
أما الدفع بالسقوط في التقادم بالثلاثمائة والستين يومًا فأقل - هو بنص المادة (212) مدني و (194) تجاري قائم على مظنة الوفاء - بدليل أن المشرع حتى إلى جانب التمسك بالدفع حلف يمين على براءة الذمة بالسداد.
وهذه المظنة تنتفي باستصدار حكم، ولهذا يصح أن يقال إن صدور حكم بأتعاب المحامي أو الطبيب، أو بغيرها من الحقوق المبينة في المادة 209/ 273/ 2271 وما بعدها، يجعل المدة المسقطة للحق هي المدة الطويلة، وإن لم يرد بها التخصيص الوارد في المادة (194) تجاري، لأن مظنة الوفاء تصبح حينئذ منتفية، وبانتفائها تزول علة تطبيق قواعد التقادم القصير، لأن المعلول يدور مع العلة وجودًا وعدمًا [(24)].
أما حكمة دفع الحراب يحيق بالمدين، في التقادم الخمسي، فهي حكمة متوافرة بعد صدور الحكم توافرها قبل صدوره.
ومع ذلك فقد يكون هذا الرأي بدوره محل نظر، لأنه من المقرر قانونًا - وإجماعًا - أنه لا سبيل غير النكول عن اليمين والاعتراف لضحد قرينة الوفاء الواردة في المادة (212) مدني أهلي وأنه يمتنع على القاضي أن يقبل وسيلة أخرى للإثبات، ويلزم من هذا في اعتقادي أن صدور حكم لا يصلح – كقرينة قضائية لدفع مظنة الوفاء في أنواع التقادم بأل 360 يومًا فأقل، لأنها مظنة لا تندفع إلا بالنكول أو الاعتراف (المادة (212)).
ومع ذلك فالشراح متفقون على أن التقادم المنصوص عليه في المواد (2271) إلى (2273) المقابلة لمادتنا (209) (يتغير) إلى التقادم الطويل إذا اعترف المدين بالدين أو رفع الدائن به دعوى، على أساس أن هذين الأمرين، ما داما يقطعان التقادم بنص الفقرة (2) من المادة (2274)، فهما يقلبانه [(25)]، ورفض فريق منهم أن يسوى بين الاعتراف والدعوى، وقصر تغيير التقادم على الأول، باعتبار أن الاعتراف وحده هو الذي ينفي مظنة الوفاء [(26)]، وسوى آخرون بينهما [(27)]. وليس يعنيني في هذا البحث أن أفاضل بين وجهات النظر هذه.
13 - بحث في الحالة العكسية:
عرض أصحاب الرأي الأول – القائل بأن الحكم يمنع السقوط الخمسي - إلى بحث حالة عكسية فتساءلوا: هل لو كنا بصدد حق عيني لا يسقط بالتقادم هو حق الملكية - المتفق على أنه لا يسقط بعدم الاستعمال non - usage ما لم يكسبه أحد بالمدة الطويلة أو القصيرة [(28)] - فهل إذا صدر حكم بهذا الحق يتحول إلى حق يسقط بالتقادم؟
والفرض الذي ساقوه لتجلية السؤال تجلية عملية هو أن زيدًا واضع اليد على أرض له، نازعه بكر في ملكية هذه الأرض، فرفع ضده زيد دعوى ملكية وصدر الحكم لصالحه، وبعد هذا سكت الاثنان فلا أعلن زيد الحكم ولا استأنفه بكر، وبقيت هذه الحالة 30 سنة، مدة التقادم الطويل في فرنسا، فهل يسقط حق بكر في رفع استئناف عن هذا الحكم بمضي الثلاثين السنة، أم أن الحق يظل له إلى الأبد طالما أن الحكم لم يعلن ؟.
أجابوا بأن حق رفع الاستئناف في هذه الحالة لا يسقط الحق فيه إلا إذا أعلن الحكم ومضت مواعيد الاستئناف، وحجتهم في ذلك إنه بمجرد أن يصدر حكم ابتدائي بالملكية نصبح أمام دعوى جديدة ناتجة عن الحكم وتسمى action gudicati، وتلك الدعوى هي دعوى الملكية وقد دخلها سند مقو جديد هو الحكم وال action judicati هذه – وهي التي تتمثل في حق الاستئناف يعرض به الخصوم نزاعهم الابتدائي أمام قضاة الدرجة الثانية - تحتفظ بطبيعتها الأصلية، وتظل بعيدة عن أحكام التقادم الطويل، لأنه إذا كان الحكم من شأنه أن يسقط بمضي ثلاثين سنة، فما ذلك إلا بالنسبة للحقوق التي تسقط بمضي هذه المدة، وحق الملكية ليس منها [(29)].
14 - وليس يعنينا في هذا المقام أن نتعرض للفرض في ذاته فنقول إنه فرض معقد يصعب تصوره في العمل، بقدر ما يعنينا أن نتعرض لقيمة الدليل الذي نستمده من الحل الذي وضعوه له، لقد رأيتهم وهم القائلون بأن الحكم يحول السقوط الخمسي إلى سقوط طويل، يتحرجون من أن يرتبوا نفس النتيجة على حق الملكية.
فكأنهم يقولون إن الحكم يتبع الحق من حيث السقوط، ولكنهم يقصرون هذا المبدأ السليم على حق الملكية دون غيره، ولا أدري ما وجه التفرقة عندهم، ولكنني أدري أنه تناقض منهم في التمشي مع ما يقتضيه منطق رأيهم من نتائج وآثار.

الرأي الثاني: الحكم لا يمنع من السقوط

15 - انعدام النص:
للأحكام آثار معينة، مستمدة من نصوص القانون، الأمر الذي يحول دون ترتيب آثار سواها، لم يرد بها نص، لأن في ذلك تشريعًا لا يملكه القاضي.
فالحكم، يستنفد سلطة الهيئة التي أصدرته، ويمنعها بمجرد صدوره من نظر ما فصلت فيه فصلاً صريحًا أو ضمنيًا، لن تجد هذا (الأثر) بنص قانون خاص، ولكنك تلتمسه في حكمة تعدد الدرجات وفي معنى قوة الشيء المحكوم فيه.
والحكم يزود صاحبه بسند تنفيذي، بعد أن كان لا يستطيع أن ينفذ بسند مديونيته العرفي، والمادة (30) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية تنص على صيغة التنفيذ، والصيغة لا توضع إلا على الأحكام.
والحكم يسلح صاحبه بقرينة قانونية قاطعة على أحقيته لما حكم به، وهي قرينة لا تقبل إثبات العكس بنص المادة 232/ 297/ 1351 مدني.
والحكم يعطي لصاحبه الحق في أن يختص من عقارات مدينه بما يضمن سداد دينه، بنص المادة 595/ 721 مدني.
وليس من نص في القانون على أن الحكم من شأنه أن يحول الحق، ذلك التحول الذي رأينا مدى اختلاف أنصاره على أساسه، ومدى تمشيهم مع ما يقتضيه رأيهم من نتائج وآثار.
وأما التحدي بنص المادة (298) مدني فبعيد عن محجة مصواب، أنها تقضي بسقوط التعهدات والديون بمضي خمسة عشر سنة، ونصها الفرنسي les obligations أي الالتزامات، والحكم ليس التزامًا في ذاته، لأن الأحكام مقررة للحقوق لا منشئة لها على ما هو مقرر إجماعًا، فيما عدا القليل منها، كالأحكام المتعلقة بالحالة (الحجر) وأحكام الشفعة (م 18 شفعة) وأحكام مرسى المزاد (م 587 مرافعات).
16 - نص في القانون التجاري لا مثيل له في المدني:
عندما أراد المشرع أن يجعل صدور حكم بالدين مانعًا من سقوطه بالخمس السنوات، نص على ذلك صراحة في المادة (194) تجاري، وما دام أنه لم ينص على ذلك المانع في المادة (211) مدني، فهو يفصح عن إرادة لا لبس فيها، إنه لم يرد أن يقرر نفس المبدأ في القانون المدني.
لا تقل إن المادة (194) تجاري تقرر قاعدة عامة ينسحب حكمها على المدني، فلقد رددت تلك الحجة فيما سبق [(30)]، ولا تقل إنه لا حكمة في التفرقة بين المدينين - بالتزامات تسقط بخمس سنوات - من تجار وغير تجار، لأن مهمة القاضي أن يطبق القانون كما هو لا كما يجب أن يكون.
17 - الحكم لم يغير من طبيعة الحق:
من المقرر قانونًا أن الحكم لا يغير من طبيعة الحق الذي قضى به شيئًا، فدين الإيجار قبل الحكم هو دين إيجار من بعده، وسبب الملك – إرث أو عقد – يظل من بعد الحكم هو هو، فلا يقال إن سبب ملكية المحكوم له هو الحكم، بل سببه هو ذات السبب الذي صدر الحكم على أساسه.
وما دام الحكم لم يغير من طبيعة الحق الذي قضى به فما الذي يدعونا إلى القول بتغيير مدة التقادم؟
18 - حوالة الأحكام:
لقد انعقد رأي الفقه والقضاء على أن الحكم يتبع السند أساس الحق، فإن كان الحق قابلاً للتحويل فالحكم يقبله، وإلا فلا تجوز حوالته، لأن الأحكام مقررة للحقوق لا منشئة لها، ولأن الشارع قد راعى مصلحة المدين عندما اشترط رضاه بالحوالة، فلا محل للعبث بهذه المصلحة مع انعدام النص الذي يجيز للمحاكم إهمال رضاء المدين بحوالة الحكم [(31)].
وما دام هذا هو الرأي في الحوالة، فهو الرأي في التقادم لأن الحكم يتبع السند.
19 - رفع لبس:
تقول النسخة العربية في المادة (211) مدني: (المرتبات والفوائد والمعاشات والأجر... يسقط الحق في المطالبة به بمضي خمس سنوات هلالية).
وقد يسمح هذا التعبير لأصحاب نظرية تحول الحق بالقول إن الذي يسقط في حكم المادة (211) مدني هو الحق في ( المطالبة) وإنه متى صدر (حكم) اكتسب الحق مناعة تحميه من السقوط الخمسي، لأن المادة تشير إلى سقوط (المطالبة( لا (الحكم).
هذا التدليل مردود بالنص الفرنسي، وهو الأصل، يقول المشرع وما علينا بما يقوله المترجم:

Les redevances, arrérages, pensions, loyers... se prescriveut par cinq annees

ومعنى ذلك أن الذي يسقط هو الحق ذاته لا المطالبة بالحق... الحق ذاته سواء أكان بسند عرفي أو بسند رسمي أو بحكم، لأن الحق هو هو.
ويؤكد هذا النظر ويزيل كل لبس، إن كان ثمة منه شيء باقٍ أن المادة (194) تجاري تقول: Toutes actions relatives aux...
فالذي يسقط هنا هو الدعوى بالحق. وإذن فلو صدر حكم امتنع السقوط الخمسي، ولهذا كان المشرع منطقيًا عندما قرر بعد ذلك أن الحكم يحول دون السقوط الخمسي، في المواد التجارية.
20 - أنصار الرأي:
الإجماع منعقد - في مصر وفي فرنسا - على أن الفوائد، أيًا كان نوعها، سواء أكانت فوائد اتفاقية أو قانونية أو محكوم بها، تسقط بمضي خمس سنوات على استحقاقها وعدم اقتضائها، طالما أن الحكم الصادر بها لم يجمدها، ذلك لأن نص المادة 200/ 275/ 2277 جاء مطلقًا لا تخصيص فيه، ولأن صدور حكم بالفوائد لا يغير من خاصيتها شيئًا، ولا يمنع من أنها تستحق دوريًا، وأن السكوت عليها فيه إرهاق للمدين [(32)].
ولا حاجة بنا إلى القول إن الفوائد حكمها حكم الإيجار، وغير الإيجار، من المرتبات والمعاشات والأجر وكافة ما يستحق دفعه سنويًا أو بمواعيد أقل من سنة، مما تناولته المادة (211) مدني، لأنها جميعًا قد انتظمتها مادة واحدة.
21 - حكم محكمة مصر الابتدائية 11 ديسمبر 1939
ومع ذلك فقد صدر حكم من محكمة مصر [(33)] أخذ بنظرية الاستبدال، وقد مر بك تفنيدها، ثم فرق بين الفوائد وغيرها مما شملته المادة (211) مدني، فقرر أن الفوائد، حتى لو صدر بها حكم فإنها تسقط بالتقادم الخمسي، لأن صفة الدورية والتزايد لا زالت لاحقة بها حتى بعد صدور الحكم أما ما عدها فبمجرد صدور حكم بها تزول عنها صفة الدورية وينقطع عنها التزايد.
هذه التفرقة خاطئة من وجهين:
من وجه أن المحكمة فرقت في الحكم بين أمور انتظمتها مادة سقوط واحدة، مما يقطع بأن المشرع أراد أن يجري عليها حكمًا واحدًا، وإلا لوضع مادة مستقلة لكل منها، وقد رأيناه يضع المادة (208) للسقوط الطويل و 209 و 210 لسقوط ال 360 يومًا و 211 للسقوط الخمسي، ومن وجه أن الحكم علق السقوط الخمسي على صفة الدورية، وفهم الدورية على أنها تزايد الدين، وهذا خطأ.
إن علة السقوط الخمسي هي منع الخراب عن المدين [(34)]، وهنا يأتي الفهم الصحيح لصفة الدورية إن معنى الدورية إن المدين يفي بها أولاً بأول من الدخل، فإن تركتها تتراكم عليه دفعته إلى الاستعانة برأسماله في سدادها الأمر الذي يؤدي به إلى الخراب [(35)]، ويعبرون عن ذلك بقولهم إن الدائن بسكوته خمس سنوات قد ترك الالتزامات الدورية تتراكم، وتفقد صفتها، وتتحول إلى رأس مال بمعناه الصحيح [(36)]، فالدورية هنا معناها الوفاء من الدخل السنوي، وليس معناها التزايد على ما فهمته محكمة مصر في حكمها الذي أتحدث عنه.
وإن خطأ هذا الفهم، وصواب التفسير الذي أقول به، ليتجليان في الإجارة تعقدها لسنة أو لسنتين، إنها لا تتزايد، ومع ذلك فإنها تسقط بخمس سنين، والفوائد ذاتها، إذ يحكم بها من تاريخ الاستحقاق إلى السداد تتزايد فعلاً، ولكن الفوائد السابقة على عدم صدور الحكم قد تصفت به على حد تعبير محكمة مصر، ومع ذلك فإنها قضت بسقوطها بخمس سنوات.
وإذن فلا محل للتفرقة بين الفوائد وغيرها من الديون والالتزامات الواردة في المادة (221) مدني.


[(1)] René Japiat مرافعات ص (422) فقرة (623) طبعة سنة 1924.
[(2)] L. Guillouard مطول التقادم جزء 1 ص (272) فقرة 291، ومع قوله إن الحكم يحدث استبدالاً إلا أنه لم يفصل في بيان ماهيته على ما فصل جابيو.
[(3)] (الوجيز) طبعة (2) ص (447) فقرة (495)، قال (بالاستبدال القضائي) دون تفصيل.
[(4)] 24 إبريل سنة 1928 محاماة 9 ص (60) رقم (39)، ولم يوضح الحكم ماهية الاستبدال في نشوئه وفي آثاره، و 17 فبراير سنة 1920 مجموعة رسمية 22 ص (5) رقم (4) قال (بتغيير السبب (مخالفًا القاعدة البدهية القائلة بأن الأحكام مقررة للحقوق لا منشئة لها.
[(5)] جابيو ص (422) وسط فقرة 623 - ( الوجيز) لعبد الفتاح بك السيد ص (447) آخر فقرة (495).
[(6)] دي هلس 3 ص (90) فقرة (2) - ذهني بك (النظرية العامة) ص (438) فقرة - السنهوري بك (الموجز في النظرية العامة للالتزامات) سنة 1940 ص (599) فقرة (576) – استئناف مصر 5 مايو سنة 1930 محاماة (11) ص(51) رقم (26)، وهذا مبدأ ثابت.
[(7)] مصر الابتدائية الأهلية 8 مارس سنة 1932 محاماة 13 ص (434) رقم (218).
[(8)] موجز الالتزامات للسنهوري بك ص (599) فقرة (576).
[(9)] نقض مصري 4 يونيه سنة 1936 مجموعة عمر المدنية الأولى ص (1145) قاعدة رقم (373).
[(10)] استئناف أهلي 5 مايو سنة 1930 محاماة 11 ص (51) رقم (26) – أسيوط استئنافي 27 أكتوبر سنة 1930 نفس السنة ص (404) رقم (219).
[(11)] جابيو (آثار الأحكام) – جارسونيه 3 طبعة (3) ص (476) فقرة (737) – الوجيز ص (452) فقرة 498 – المرافعات سنة 1940 للدكتور محمد حامد فهمي ص (641) فقرة (641) – واستثنوا من هذه القاعدة حالات ليست حالتنا منها (ص (443) فقرة (644) وما بعدها من الدكتور حامد فهمي).
[(12)] جلاسون وتيسييه 3 آخر ص (87) (طبعة سنة 1929).
[(13)] ولقد رفض عشماوي بك (مرافعات 2 سنة 1927 ص (514) فقرة (720) والهامش) نظرية الاستبدال ولكنه أقر نظرية تحول الحق غير مستند في ذلك إلى نص تشريعي أو مبدأ عام - راجع أيضًا مصر الابتدائية الأهلية 31 مارس سنة 1903 (مرجع القضاء 2 ص (572) رقم (6622)) حيث قرر المبدأ دون أن يستند إلى أساس من الأسس الثلاثة التي أشرنا إليها في صدر هذا البحث.
[(14)] طبعة (3) جزء (3) ص (481) فقرة (739).
[(15)] مرافعات طبعة (2) ص (800) فقرة (1109) حيث أخذ بنظرية تخول الحق - التي رفضها جارسونيه - مستندًا إلى المادة (194) تجاري متابعًا تدليل الفقيه الفرنسي في استناده إلى المادة (189) تجاري.
[(16)] ص (642) تحت رقم (20) من فقرة (642)، وعلل رأيه بأن الحكم ينفي علة التقادم القصير، وهو بذلك على ما سترى يخلط بين التقادم الخمسي وغيره من أنواع التقادم القصير، ثم أنه يستند إلى المادة (194) تجاري، وهو ما سأفنده.
[(17)] جارسونيه 3 ص (483) فقرة (739).
[(18)] شرح قانون التجارة لملش بك 1 آخر ص (3).

- Léon Caen et L. Renault: Manuel du Droit Commercial 1928 , p. I au milieu.
- Léon Lacour et Jaques Boutiro: Précis du Droit Commercial. 1925 , P. 2 No. 2

[(19)] نقض مصري 20 ديسمبر سنة 1934 محاماة سنة 15 ص (183)، وقد بحث هذه المسألة بحثًا مستفيضًا زميلنا الأستاذ عبده حسن الزيات (محاماة 19 عدد (1) ص (161 – 165).
[(20)] Glasson et Tissier 3 طبعة (3) ص (87) فقرة (768) وهما بذلك يخالفان جابيو فيما قاله من أن سبب الالتزام من بعد الحكم هي قوة الشيء المحكوم فيه.
[(21)] وهذا هو الاعتبار الذي اختاره الدكتور حامد فهمي (أول ص (642) من فقرة (642) تحت رقم (21)).
[(22)] ص (88) تكملة فقرة (768).
[(23)] بودرى لاكنتنرى وتيسييه (مطول التقادم) طبعة (3) ص (605) فقرة (768) وما بعدها - جيلوارد 15
(التقادم) 2 ص (104) فقرة (655) وما بعدها - بلانيول وريبير واسمان سنة 1931 جزء 7 ص (660) فقرة 1333 - أسيوط استئنافي 27 أكتوبر سنة 1930 محاماة 11 ص (404).
[(24)] بلانيول وريبير 7 ص (729) فقرة (1397) - جليوارد (التقادم) 2 ص (217) فقرة (787).
[(25)] جوسران 2 طبعة 2 سنة 1933 ص (519) فقرة (988).
[(26)] كولان وكابيتان 2 طبعة (8) ص (353) رقم (1) من فقرة (370).
[(27)] بلانيول وريبير 7 ص (700) فقرة (1370) هامش (2) والمراجع المشار إليها.
[(28)] تنص المادة (88) مدني أهلي على أن الملكية لا تزول عن صاحبها إلا في أحد أحوال ثلاثة: أن ينزعها عنه دائنوه، أو الدولة للمنفعة العامة، ولو أن يكسبها غيره بسبب من أسباب التمليك. ومعنى ذلك أنه إذا تركها صاحبها المدة المكسبة دون أن يكسبها سواه، فملكيتها باقية عليه.
[(29)] راجع تعليق المسيو Naquet على حكم النقض الصادر في 29 إبريل سنة 1912 سيري (1913 – 1 – 187) وما بعدها، ولقد قرر الحكم أن حق الاستئناف يسقط بـ 30 سنة على أساس أنه حق متولد عن الدعوى الابتدائية والعقد القضائي contrat judieiare لا عن حق الملكية.
[(30)] راجع فقرة (10) من هذا البحث.
[(31)] الهلالي باشا (شرح القانون المدني) سنة 1925 ص (546) فقرة (789) - استئناف أهلي 7 يوليه سنة 1934 محاماة (15) ص (272) رقم (125) - أسيوط الابتدائية 20 أكتوبر سنة 1932 محاماة (14) ص (24) رقم (14).
[(32)] دي هلس 2 ص (374) فقرة (186) – جيلو ارد (التقادم) 2 ص (126) فقرة (679) – لوران 32 ص (471) فقرة (448) - بودرى لاكنتنري وتيسييه (التقادم) فقرة (785) - كولان وكابيتان طبعة (8) جزء (2) وسط ص 342 من فقرة (360) – استئناف مختلط 21 إبريل سنة 1931، 42 – 359، 26 فبراير سنة 1929، 41 – 256، 29 ديسمبر سنة 1925، 38 – 141، 29 مارس سنة 1923، 35 – 342، 9 مارس سنة 1892، 4 - 165، استئناف أهلي 15 يونيه سنة 1937 محاماة 18 ص (238) رقم (125 – 16) يونيه سنة 1931 محاماة 12 ص (526) رقم (259) - راجع أيضًا بلانيول المختصر جزء (2) طبعة (11) سنة 1935 227 فقرة (639).
[(33)] محاماة 20 ص عدد (6) ص (818) رقم (324).
[(34)] فقرة (12) من هذا المقال - كولان وكابيتان 2 ص (321) فقرة (360)
[(35)] بودرى لاكنتنرى وتيسييه (التقادم) طبعة (3) ص (605) من فقرة (786) – بلانيول وريبير واسمان 7 ص (661) من فقرة (1333) – كولان وكابيتان 2 أول ص (342) – جوسران 2 طبعة (2) سنة 1933 ص (515) فقرة (979)
[(36)] راجع في هذا الخصوص جوسران وكابيتان المشار إليهما.

بحث في البيع المعلق على استيفاء أجرة المبيع أو ثمنه للأستاذ أحمد رمزي بك المحامي

مجلة المحاماة – العدد السادس
السنة التاسعة عشرة

بحث
في البيع المعلق على استيفاء أجرة المبيع أو ثمنه للأستاذ أحمد رمزي بك المحامي
(1)

أتينا في هذا العدد تحت رقم (344) بحكم محكمة الاستئناف الصادر يوم 8 نوفمبر سنة 1938 وموضوعه أن أحدهم اشترى سيارة ثم حجز أحد مداينيه عليها فجاء بائع السيارة ورفع دعوى استرداد لأن السيارة لم تصبح بعد ملكًا للمدين (المشتري) وبيان ذلك أن هذا المدين اشترى السيارة من المحل التجاري لمدة معينة وقد دفع بعض ثمنها وقسط الباقي أقساطًا مدونة في العقد على أن يصير بعد قضائها كلها مالكًا للسيارة وبما أنه لا يزال باقيًا بعض الأقساط فالبيع لم يتم لتوقفه على تحقق شرط الوفاء الكامل واستدل البائع بالعقد نفسه على صحة دعواه فقد جاء بالبند الأول
أولاً: أن هذا البيع يتوقف على شرط دفع الثمن بأكمله، فالمتفق عليه بين الطرفين هو أن ملكية السيارة ولوازمها المباعة بموجب هذا العقد لا تنتقل لصالح المشتري إلا بعد دفع جميع الكمبيالات الموقع منه عليها.
على أنه يجوز للمشتري استعمال السيارة من الآن استعمالاً قابلاً للإلغاء بدون أن تعتبر حيازته المادية استيلاء شرعيًا يمكن التشبث به للمعارضة في حق ملكية البائع.
فلا يجوز إذن للمشتري أن يتصرف بالسيارة للغير ويحصل عليها أية حقوق عينية أو يتنازل عن استعمالها أو يؤجرها.... إلخ.
وجاء بالبند الخامس ما يأتي:
(ومصرح أيضًا للبائع أن يسحب السيارة في أي وقت وفي أي مكان حتى بغياب المحضر إذا لزم الحال وبدون معارضة من طرف المشتري).
وجاء بالبند الثاني عشر:
(أن محل لويس مقار يحفظ لنفسه الحق بأن يسجل السيارة باسمه لدى السلطات المختصة ولكن من المعلوم أنه إذا حصل هذا التسجيل باسم المشتري (إسماعيل أفندي سيد أحمد) فإن ذلك لا يخل بحقوق ملكية البائع المذكور.
وكان من أهم ما استند إليه الدائن الحاجز البند الرابع من العقد ونصه (أي مبلغ أو جزء منه – متكلمًا عن الثمن المقسط – لم يدفع في استحقاقه تسري عليه فوائد باعتبار 9% وللبائع الحق إما باعتبار هذا الحق ملغى مع جميع نتائجه وهما استرجاع السيارة وحفظ جميع المبالغ التي تكون قد دفعت سابقًا وأيضًا مطالبة المشتري بقيمة جميع الكمبيالات التي تكون قد استحقت قبل الاسترجاع وإما يلزم المشتري بتنفيذ هذا العقد بأكمله أي مطالبته بجميع ثمن السيارة حالاً بدون أدنى إنذار أو إعلان كان (فكان الدائن الحاجز يقول إن هذه المادة تتنافى مع المادة الأولى لأنها تصرح بأن البيع نفذ في كافة نتائجه من يوم توقيعه إنما في حالة التخلف عن دفع قسط يكون للبائع الخيار في أحد أمرين إما اعتبار العقد مُلغى أي يفسخ وإما إبقاء العقد نافذًا مع تقاضي باقي القيمة، ومعنى هذا أن البيع تام ومنجز ولكنه قابل للفسخ بناءً على المادة (232) مدني التي تعطي البائع الخيار بين طلب فسخ البيع وبين طلب إلزام المشتري بدفع الثمن فهي كالمذكور بالعقد.
واستشهد الدائن الحاجز أيضًا بحكم محكمة الاستئناف المختلطة الصادر في 20 نوفمبر سنة 1934 والمنشور في السنة السابعة والأربعين من مجلة التشريع والقضاء ص (30) وخلاصته ( أن العقود الموصوفة بأنها إجارة يتبعها بيع location - vente هي عقود بيع حقيقية مع حفظ حق الملكية للبائع إلى حين تمام دفع الثمن. والبائع الذي لم يقبض الثمن كاملاً ليس له في حالة فسخ العقد أن يحتفظ بجميع الدفعات التي طلبها والتي كانت بعدد الدفعات أقساطًا من الثمن ولكنه له حق المطالبة بالتعويضات الناشئة عن هذا الفسخ ويدخل في عناصر تقدير هذه التعويضات قيمة الأشياء المبيعة حين استرجاعها وكان هذا الحاجز يزعم في مذكرته الاستئنافية أن المحكمة الابتدائية فسرت هذا الحكم بأنه ضد مصلحته مع أنه في مصلحته، ثم يقول إننا لو نفذنا بنود العقد لوضعنا الحق في نصابه وأخذ كل ذي حق حقه إذ لو تحتم على بائع السيارة طلب فسخ العقد واستردادها والتزم برد القيمة للمشتري لكان في استطاعتنا أن نحجز تحت يده على القيمة لأن الظاهر من نصوص العقد أن السيارة بيعت بنقود حاضرة وكمبيالات وقد دفع المدين النقود والكمبيالات التي استحقت إلى الآن وهي ما يقرب من مائتي جنيه وكنا نستطيع أن نحجز من مائتي الجنيه ما يوازي ديننا وقدره 79 جنيهًا فقط، ولكن حكم محكمة أول درجة يؤدي حتمًا إلى احتفاظ البائع بالملكية والثمن وهذا منافٍ للحكم المختلط الذي أخذت منه المحكمة الابتدائية بالسطر الأولين وتركت الباقي فالحكم المختلط قضى برفض دعوى بائع السيارة الخاصة بالاحتفاظ بالملكية والثمن وقال أن عليه أن يختار إما الفسخ ورد الثمن أو إبقاء ملكية السيارة للمشتري وتقاضي الثمن، وينتقل بعد ذلك إلى أن السندات محررة تحت الإذن وهي استبدال للدين فيعتبر دينًا جديدًا يختلف عما لو تقسط الثمن على المشتري بمقتضى عقد الشراء ولم تحرر سندات فدينه عادي في الحالة الأولى وليس له من الحقوق على السيارة أكثر من المداينين الآخرين.
هذا ولم نعثر في ملف القضية على أن العقد جاء فيه أنه عقد إجارة ينتهي ببيع بل هو بيع مقسط فيه الثمن وموقوف تمامه على قضاء الثمن كله فإن بقى شيء منه كان للبائع حق الخيار الوارد بالبند الرابع والحقوق المبينة بالبنود الأخرى فهو الذي يسمى البيع مع تأجيل الثمن vente à crédit أو البيع بتخفيف الدفع vente à tempérament وليس هو عقد location - vente الذي يبدأ دائمًا بالإجارة [(1)]، وقد حكمت المحكمة على ما رأيت في الحكم بأن الشراح اختلفوا في تكييف مثل هذا العقد أهو عقد بيع منجز غير معلق على شرط وناقل للملكية أم هو عقد معلق على شرط الوفاء بجميع الثمن فليس بناقل للملكية التي تبقى للبائع، وبأن الرأي الراجح أن تبحث ظروف كل حالة إذ قد تغير القرائن المحيطة بالعقد أمر تكييفه وتساعد على تفهم نية المتعاقدين وقالت إنه يؤخذ من ظروف هذه الدعوى أن العقد فيها بيع منجز ناقل للملكية في الحال موقوف على شرط الفسخ في حالة عدم الوفاء (أي بخلاف ما كان يقوله بائع السيارة مستمدًا قوله من العقد نفسه من أنه بيع معلق على شرط موقف) لأن المشتري دفع من الثمن وقت التعاقد مبلغا لا يستهان به ولحيازته للسيارة وانتفاعه بها، يضاف إلى ذلك أن ما أجل من الثمن كتبت به سندات واجبة السداد في المواعيد المقررة فيها فهذا البيع يعطي دائن المشتري حق الحجز على السيارة وطلب بيعها لأنها ملك مدينه، ولا عبرة بعد بما تضمنه العقد المطبوع من نصوص وضعها البائع لصيانة حقوقه لما أظهرته الظروف المتقدمة من نية المتعاقدين.
هذا ما قضى به الحكم الاستئنافي ملغيًا الحكم الابتدائي المنشور أيضًا بهذا العدد تحت رقم (348) هذا وقد رجعنا إلى حكم محكمة الاستئناف المختلطة الوارد بمذكرة المستأنف والمذكور في ص (30) من السنة السابعة والأربعين من مجلة التشريع والقضاء فوجدناه صادرًا في استئناف محل جنرال موتور ضد الحاج خليل برغش وآخرين وهو يتضمن أن العقود المبرمة بين برغش والشركة وصفت خطأ بأنها location - ventes وأن الشركة سلمت بها ثلاث سيارات قيمتها 608 جنيهًا دفع بعضها وقت التعاقد وقسط باقيها أقساطًا شهية ثم حجزت الشركة عليها حجزًا تحفظيًا استرداديًا تحول فيما يختص بإحدى السيارات إلى إثبات حالة لما وجدت عليه السيارة من حالة سيئة وأنه لا نزاع من جهة الجنرال موتورس في أن هذه العربات وعلى الأقل اثنتين منها بيعت بيعًا ثانيًا إلى آخرين بعد الحجز فورًا أو بعده بمدة قليلة (مفهوم من عبارات الحكم هذه أن البائع هو الشركة) وعلى أي حال قبل الحكم في دعوى الاسترداد بدون أن تقدم الشركة إلى القضاء المعلومات اللازمة في هذا الصدد وأن الشركة تعلل هذا الحجز وهذا التصرف المباشر في العربات المحجوزة بملكيتها لها وحقها في أن تفسخ العقود لعدم الوفاء ببعض السندات... إلى أن قال الحكم: حتى أن المحكمة لو صرفت النظر مؤقتًا عن اتفاق 24 مايو سنة 1928 فإن الجنرال موتورس ما كان لها أن تصنع ما صنعت فإن عقود يوليه وأغسطس كما حكم مرارًا (انظر بالأخص حكمي محكمة الاستئناف الصادر أحدهما في 11 ديسمبر سنة 1929 ص (89) مجلة التشريع والقضاء سنة 42 والصادر ثانيهما في 20 مايو سنة 1930 بالمجلة المذكورة ص (509)) هي عقود بيع حقيقية مع احتفاظ البائع بحق الملكية avec réserve de droit de droit de propriété sur la tête du vendeur إلى أن يوفي المشتري الثمن أجمع فالبائع الذي لم يوفِ إليه الثمن جميعه ليس له حق في حالة فسخ البيع (كذا) في أن يستبقي لنفسه كل الدفعات التي استلمها وكلها أقساط مدفوعة من الثمن (حكم محكمة الاستئناف في 27 يناير سنة 1931 مجلة ت ق سنة 43 ص (182) وحكمها في 29 مارس سنة 1932 بالمجلة المذكورة سنة 44 ص (252)) بل له المطالبة فقط بالتعويضات الناشئة عن هذا الفسخ والتي يجب عند تقديرها مراعاة قيمة الأشياء المبيعة عند استرجاعها وإن طلب استرداد الأشياء والمطالبة في آنٍ معًا بثمنها لا يتفقان خصوصًا أن هذه العقود يدخلها الغموض فيجب تركها للمحكمة لتفصل في أسباب الفسخ المطروحة أمامها.. إلى آخر ما ورد في الحكم ومنه يعلم أن المحكمة وصفت العقود بأنها بيوع حقيقية وأنها ليست عقود إجارة انتهت بالبيع والأمر كذلك في الواقع لأنه لم يرد النص فيها على إجارة وكذلك قالت المحكمة قولاً صريحًا أن البائع احتفظ بحق الملكية إلى أن يوفي المشتري الثمن أجمع ومعنى ذلك أنه بيع موقوف على شرط فإذا فسخ البائع البيع من جهته ولم يترك للمحكمة النظر في ذلك لم يكن له أن يستبقي الدفعات التي قبضها ويطالب بباقي الثمن والأشياء المبيعة، لذلك ولأن الجنرال موتورس كانت اتفقت مع المشتري على إلغاء السندات رأت المحكمة الحكم على هذا المحل بتعويض قدره خمسمائة جنيه تأييدًا للحكم الأول.

(2)

ولما كان وصف العقود التي بهذه الصور أو ما يشبهها محل خلاف، وهي تبرم غالبًا في بيع السيارات والفيلات والبيانو والراديو والآلات الزراعية وآلات الخياطة وغيرها فقد وجبت العناية بها ومطالبة أقوال شراح القانون المدني وأحكام المحاكم [(2)].

(3)

قال بودري وقال في الجزء الأول من شرحهما لعقد الإيجار بالفقرة (17) أنه كثيرًا ما يذكر في عقد إجارة أن الشيء الموضوع من أحد المتعاقدين تحت تصرف الآخر يصير في المستقبل ملكًا
للثاني إما من تلقاء نفسه وإما – إذا ما أراد الثاني - بعد أن يدفع أجرته في أثناء مدة معينة، بثمن ينحصر فقط في مجموع هذه الأجرة أو يحسب منه مجموع الأجرة، والاتفاقات التي من هذا النوع تحصل كثيرًا في الآلات الزراعية وآلات الخياطة والبيانو وغير ذلك، والغرض منها إما تمكن ذوي الشأن من تجربة قيمة الشيء الذي يريدون شراءه كما يحصل في البيع بشرط التجربة وإما الصبر عليهم حتى يحصلوا على مال يشترون به إذ هم لا يجدونه الآن.
وبعد عبارات أخرى لا تهمنا في موضوعنا قال المؤلفان أننا نجد في هذه الاتفاقات وعلى الأقل في الاتفاقات التي تجعل المستأجر مالكًا من تلقاء نفسه بعد أداء بعض الأقساط نجد فيها إجارة مقترنة بوعد بالبيع أو ببيع موقوف على شرط بل قد يكون العقد إذا لم يذكر فيه بوضوح أن الثمن هو شرط البيع، بيعًا مؤجلاً أو مؤجلاً فيه الثمن.

Un bail accompagné d’une promesse de vente ou d’une vente sous condit on suspensive, et même, dans le cas où il n’est pas indiqué clairement que le prix est la condition de la vente, une vente à terme ou à crédit.

واستشهد المؤلفان بأحكام محكمة النقض والمحاكم الأخرى في أنه وعد بالبيع أو بيع معلق على شرط موقف كما استشهدا بغيرهم من المؤلفين مثل Guillouard وغيره وقالا أن محكمة النقض قضت في ظروف أخرى بأنها مسألة وقائع يحلها القاضي وذكرا حكم محكمة النقض بذلك في 16 يونيه سنة 1885 فهذا الحكم يطابق حكم محكمة الاستئناف الذي دعانا إلى خوض هذا البحث ثم قالا: بل قيل أحيانًا أنه إما بيع منجز لا يختلط بالإجارة.
وإما عقد مختلط يجتمع فيه البيع والإجارة، واستشهدا على الشق الثاني من هذا القول الأخير بحكم محكمة الصلح في باريس يوم 14 إبريل سنة 1897 وعلى الشق الأول بحكم محكمة النقض في 16 يونيه سنة 1885 وأحكام محاكم أخرى ومن المؤلفين بقول Thaller (الذي يستثني مع ذلك حالة اشتراط دفع مبلغ مهم فوق الأجرة) وقول جيوار في مؤلفاته في البيع والإيجار.
ثم قالا: وعندنا أن الأصوب أن يقال إن العقد يجب حسبانه مؤقتًا كعقد إيجار على أنه يجوز أن الملابسات (الظروف) التي تأتي بعد ذلك تحيله بيعًا له أثر رجعي بحيث يجعل الإيجار كأنه لم يوجد قط، وفي كلتا الحالتين حالة الاتفاق على أن يصير الشيء من تلقاء نفسه ملكًا للمستأجر وفي الحالة الأخرى فالطرفان متفاهمان على أن يكون لهذا المستأجر حق الخيار فإذا أدى كل الدفعات المشروطة عليه بانتظام إلى حين انتهاء الموعد الموقوف فقد صار مالكًا وإن لم يفِ بها فهو مستأجر فقط، ويجب أن نعني بذكر هذا لأنه لن يكون هناك مجال للحكم بفسخ العقد لعدم دفع الثمن ولكن هناك محل للتصريح بأن المستأجر دفع الأقساط الدورية دفعًا صحيحًا وأنها لا ترد إليه وأنه في نظير ذلك غير ملزم بالتعويض من عدم قيامه بتنفيذ العقد، وصفوة القول إن له الخيار بين صفة المستأجر وصفة المالك فهو مستأجر بشرط فاسخ، بما أن الوفاء الكامل وحده يجعله مالكًا وهو ليس ملزمًا بالوفاء الكامل، وهو مالك بشرط موقف.
على أن الأمر يكون بخلاف ذلك إذا كان نص العقد يقضي بتسليم الأشياء بالإيجار واحتفاظ من سلم الشيء بحق الملكية إلى أن يستوفي الثمن كله، فالمتعاقدان لهما في الواقع أن يؤخرا الموعد الذي يحصل فيه نقل الملكية الناشئة عن البيع فتكون إجارة مع وعد بالبيع، وبذلك أيضًا قال Huc في الجزء العاشر بالفقرة (6).
ويفهم من ذلك أن بودرى يرى أنه إذا كان للمشتري حق الخيار في دفع باقي الأقساط وعدم دفعها فيجب انتظار ما يفعله فإن لم يدفع كان العقد إجارة وأن دفع الأقساط كلها كان بيعًا، وإما إذا كان ملزمًا بالدفع إلزامًا كان إجارة مع وعد بالبيع حتى يتحقق البيع بالوفاء الكامل.
ونرى خلافًا لما رآه بودرى أنه في حالة اتفاق المشتري والبائع على لزوم وقوع البيع بعد تمام الوفاء بالأجرة كلها أنه بيع موقوف بشرط فهو ليس بوعد فالوعد يكون من ناحية واحدة لا من تقابل الرضا من ناحيتي البائع والمشتري وإلا كان عقدًا تامًا ويكون ما قاله بودرى في أوائل كلامه هو الأصوب.
وأتم بودرى وفال فكرتهما في الفقرة (18) حيث قالا (ولا يهم أن قيمة الإيجار تكون أقل من الريع العادي للشيء المؤجر كما لا يهم أن يكون المستأجر مكلفًا بالإصلاحات كلها ولا يهم كذلك أن يكون مكلفًا بتأمين نفسه من الحريق واستشهد على كل ذلك بحكم محكمة النقض في 22 فبراير سنة 1887 (ثم قالا (في هذه الأحوال لا يوجد بيع منجز، وعلى هذه الصورة تحل المسألة حين يكون للمستأجر حق تملك الشيء المؤجر في نهاية وقت معين بزيادة في الثمن، على أن محكمة باريس حكمت في 19 إبريل سنة 1887 بأن هذا إيجار.
وإذا اتفق على أن المستأجر يستطيع في آخر الإجارة أن يصير مالكًا للمنقول بدون إضافة شيء إلى الأجرة المدفوعة وأنه يستطيع في أثناء الإجارة أن يصير مالكًا بشرط واحد وهو أن يوفي الأجر التي تستحق فالعقد يحتوي كذلك على إجارة يجوز أن تتحول إلى بيع ذي أثر رجعي، وبهذا حكمت محكمة النقض في 22 فبراير سنة 1887 ومع ذلك حكمت محكمة بورج بأن هذا بيع منجز).
إلى هنا انتهى كلام هذين المؤلفين فيما نحن بسبيله.

(4)

وقال بلانيول في الجزء الثاني بالفقرة (1526) مكررة في باب البيع متكلمًا في الشروط العادية لدفع الثمن وبعنوان البيع بتخفيف الدفع (بفتح الدال) vente à tempérament ما يأتي: يطلق عملاً هذا الاسم على بيع مع تأجيل الثمن vente à crédit ينص فيه على وفاء الثمن أقساطًا صغيرة مقسمة أقسامًا متساوية تدفع في مواعيد منتظمة في وقت طويل بعض الشيء.. وهذا العقد كثير الاستعمال في التجارة العادية لبيع بعض منقولات الأثاث أو العمل (منقولات وبيانوات وآلات خياطة وغير ذلك) وفي تجارة المصارف للقيم ذات اليانصيب، فاتفاق كهذا له مزية أن يضع في متناول أصغر الأكياس أشياء ثمينة في العادة ولكن بعض البيوت المصرفية أساءوا استعمال هذا الحق فاستغلوا السحر الذي تحدثه القيم ذات اليانصيب في نفوس أقل الأمة تنورًا حتى اضطرت الحالة البلاد إلى وضع قانون خاص لهذه البيوت يحكم زمام تجارتها وينظمها (قانون (12) مارس سنة 1900) وهذا القانون لا يمس التجارة العادية فهو كله خارج عن دائرة القانون المدني، وكان الخطر في بيع السندات ذات اليانصيب واقعًا على المشتري لأنه كان يأتي من أن الصيرفي le banquier كان يحتفظ في يده بالسندات فلا يسلمها للمشتري إلا بعد الوفاء الكامل بينما الخطر في بيع المنقولات والآلات إنما يقع على البائع ويأتي من أنه يسلم المبيع من أول الأمر حين يقبض أول دفعة فيعمد كثير من التجار إلى التحفظ من هذا الخطر بمزج عقد إجارة تترك لهم ملكية المبيع ببيع لأجل أو وعد بيع، وهنا وضع بلانيول في الحاشية: فهل هذا إيجار مع وعد بالبيع أو بيع بشرط موقف وذكر تواريخ حكم محكمة النقض في 19 يونيه سنة 1903 دالوز 1905 جزء أول ص (486) وحكم أورليان في 26 يناير سنة 1904 دالوز 1905 جزء ثانٍ ص (414) وقال على كل حال هو ليس ببيع ينقل الملكية في الحال ومن ثم جاز أن تدخله خيانة الأمانة يريد أن المستلم للشيء إذا تصرف فيه كان خائنًا للأمانة وعوقب لأنه لم يصبح مالكًا بعد.
وقال بلانيول في المتن (قبل الحاشية التي ذكرناها الآن وبعد الكلام المتقدم قبلها) إن محكمة النقض والإبرام قررت صحة هذا المزيج cette combinaison في حكم لها صادر في مسألة الضرائب يريد أنها اعتبرت مزج الإجارة بالوعد بالبيع صحيحًا وبمقتضاه فصلت في مسألة الضريبة التي كانت موضوع النزاع أمامها فإنها تتغير بحسب صفة العقد، ثم قال بلانيول أن الأحكام الصادرة ليست كلها متماثلة وذكر تواريخ الأحكام التي نقلناها عن بودري وغيرها مما لم ننقل أو لم يرد في كتابه.

(5)

وجاء في تعليقات دالوز على المادة (1709) مدني (وفيها تعريف إجارة الأشياء) بالفقرة (128) ما يأتي: الاتفاق الذي تؤجر به شركة الاستصباح بالغاز عدة استصباح إلى شخص بدفعات مجزأة تصير الأشياء من بعدها ملكًا له ليس هذا الاتفاق بيعًا بل إجارة مع وعد بالبيع، واستشهد بحكم محكمة بورج في 17 يناير سنة 1902 وغيرها ومؤلفات جيوار وفاليرى وبودرى.
وبالفقرة (129) ما يأتي: يكون الحكم كذلك ولو أن مجموع أقساط الإجارة توازي قيمة الشيء المؤجر (حكم محكمة بورج في 17 يناير سنة 1902 السالف الذكر).
وبالفقرة (130) ما يأتي: وقد حكم كذلك بأن قضاة الموضوع يمكنهم ولا معقب لحكمهم فلا يعتبر أنهم وصفوا العقد بغير صفته أن بعدوا من عقود الإجارة لا البيع عقدًا أعطت به شركة للتأجير آلات لمدة ثلاث سنوات أو أربع كما يريد المستأجر على أنه يمكنه أن يصير مالكًا لها بعد مضي السنة الرابعة إذا دفع زيادة تكميلية (29 يناير سنة 1902).
وجاء في الحكم نفسه أن الحكم يكون كما ذكر ولو أن قضاة الموضوع لاختيار هذا الحل ارتكنوا على نية المتعاقدين التي ظهرت أتم ظهور بالمراسلة الكتابية وعلى عدم وجود أي فكرة للإضرار بالغير وعلى أن العقد جاء فيه أن الأشياء المؤجرة تكون في مدة الإجارة مؤمنًا عليها من الحريق باسم المؤجر وعلى الحق المخول للمستأجر بأن يفسخ العقد في نهاية السنة الثالثة وأخيرًا التزام المستأجر بأن يدفع مبلغًا من المال علاوة على الأجر إذا أراد أن يصير مالكًا عند انتهاء الإجارة (الفقرة (131) من تعليقات دالوز على المادة (709) السالفة الذكر).
وجاء في مجلة المحاماة سنة 13 ص (350) نقلاً عن مجلة دالوز الأسبوعية لسنة 1932 أنه يعتبر من عقود عارية الاستعمال العقد الذي بمقتضاه يعطي صانع السيارات إلى أحد عملائه سيارة يمكن أن يصبح مالكًا لها تبعًا لشروط معينة ما دام قد تقرر بينهما أنه حتى تتحقق هذه الشروط يظل صانع السيارات مالكًا للسيارة ويكون محرمًا على العميل في خلال هذه الفترة أن يبيعها أو ينزل عنها فإذا تصرف فيها قبل تحقق الشروط كان خائنًا للأمانة.

(6)

ننتقل الآن إلى الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف المختلطة فنجد الأستاذ بالاتشى في كتابه La vente endroit égyptien mixte يعقد لهذا النوع من البيع فصلاً رقمه (85) وعنوانه vente avec réserve de propriété (البيع مع الاحتفاظ بالملكية) يقول فيه:
نوع من البيع ذو طبيعة خاصة ولكنه في جملته صورة من صور البيع الموقوف على شرط هو الاحتفاظ بالملكية وهو البيع الذي يحتفظ فيه البائع بملكية العين مع أنه يسلمها للمشتري ويرضي من الآن أن يبيعه إياها إلى أن يتحقق حادث معين وهذا الحادث عادة هو أن يقوم المشتري بدفع الثمن كله المنصوص على قضائه على عدة أقساط، ففي هذه البيوع تكون المبالغ التي دفعها المشتري لتحسب من الثمن المحدد تكون هذه المبالغ متفقًا في أكثر الأحيان على اعتبارها ما دام لم يحصل وفاء الثمن كله كأنها أجرة استعمال يدفعها المشتري على الشيء المبيع (لهذا تسمى هذه البيوع أيضًا - location - ventes) ويفقد المشتري هذه المبالغ إذا أخل بوفاء الثمن كاملاً في المواعيد المتفق عليها فيسترد البائع العين التي احتفظ بملكيتها ومع ذلك من القواعد المقررة أن هذا المبلغ المحتجز الذي يعد أجرة أو على الأصح تعويضًا إذا ظهر أنه يفوق كل نسبة عادلة جاز للقاضي التخفيف منه، ونقول أيضًا أن إفلاس المشتري ينزع من البائع ولو لم يقبض كل الثمن حق استرداد العين التي سلمها واستبقى لنفسه حق ملكها عندما تدل عناصر الدعوى لاسيما أهمية المبالغ المدفوعة على أنها أقرب إلى البيع المؤجل فيه الثمن أو vente à crédit ou à tempérament بتخفيف الدفع منها إلى بيع معلق على استيفاء أجرة المبيع vente - location
وبعد هذا ذكر الأستاذ بالاتشى أحكامًا لمحكمة الاستئناف المختلطة نترك منها ما يكون تكرارًا لغيره.
1 - صحيح هو النص الذي به يحتفظ البائع بملكية العين المبيعة إلى حين استيفائه الثمن من المشتري (مجلة التشريع والقضاء سنة 29 ص (200)).
2 - صحيح هو النص الوارد في وعد صادر من الطرفين في عقد بيع على أن ملكية العقار المبيع لا تنتقل إلى المشتري إلا بمقتضى عقد رسمي يكتب بعد دفع الثمن كله ولو أن العقار حصل تسليمه فعلاً (المجلة المذكورة سنة 21 ص (356)).
3 - عقد بيع محركات وآلات يتضمن نصًا صريحًا على أن البائع يبقى وحده مالكًا لها ولو سلمت إلى المشتري إلي حين استيفاء باقي الثمن هو عقد مطابق للقانون (المجلة المذكورة سنة 28 ص(445)).
4 - عقد الإجارة المتبوع ببيع location - vente يمكن اعتباره بيعًا موقوفًا على شرط ومركبًا على نصوص عقد إيجار greffé sur les stipulations d'une location (المجلة المذكورة سنة 25 ص (350)).
5 - إذا رفعت دعوى من البائع على المشتري يطالبه فيها بقسط أو بباقي الثمن في عقد احتفظ فيه البائع بملكية العين المبيعة إلى أن يستوفي الثمن كله لم تكن هذه الدعوى عدولاً عن حقه في الملكية (المجلة المذكورة سنة 29 ص (482)).
6 - إذا رفع البائع دعوى يقصد منها غرضًا شكليًا وهو الحصول على باقي الثمن فهذه الدعوى لا تفقده ملكية الشيء التي كان احتفظ بها في العقد في حالة عدم دفع الثمن ولكن إذا كان هذا البائع بعد أن حصل على الحكم بباقي الثمن قد أخذ يباشر تنفيذ الحكم فإنه يكون بذلك قد اختار نهائيًا سبيل الوفاء ولا يمكنه من بعد ذلك أن يعود إدراجه ويطلب استرجاع الشيء بناءً على النص الذي به احتفظ لنفسه بحق الملكية (المجلة المذكورة سنة 32 ص (342)).
7 - العقود المسماة contrats vente - location لا يمكن إلا أن تكون عقود بيع مع الاحتفاظ بالملكية بجميع النتائج التي تنتج عن ذلك وبالأخص فيما يتعلق بعدم نفاذ النص الجزائي الذي يعطي البائع بصفة تعويض كل المبالغ التي دفعها المشتري في حالة إخلال هذا المشتري بأحد الأقساط المتفق عليها (المجلة المذكورة سنة 44 ص (122)).
8 - النص الوارد في عقد بيع مع الاحتفاظ بالملكية والذي يعطي البائع تعويضًا عند فسخ العقد جميع الدفعات التي دفعها المشتري، هذا النص لا يعمل به فإن التعويضات لا يجوز أن تعطى إلا وفقًا للقانون العام (المجلة المذكورة سنة 44 ص (252)).
وذكر الأستاذ بالاتشى أيضًا تحت الفقرة (108) الحكم الآتي ملخصه (في حالة البيع الذي يستبقي البائع لنفسه فيه حق الملكية لا يصير المشتري مالكًا نهائيًا للعين المبيعة إلا بتحقق الشرط الموقف لكسبه الملكية أي بدفع الثمن كاملاً(المجلة المذكورة سنة 44 ص (122) (وهو الحكم نفسه المشار إليه في هذه الأحكام سابقًا برقم (7)).

(7)

ويمكننا أن نضيف إلي الأحكام التي نقلناها عن الأستاذ بالاتشى تلك الأحكام الصادرة أيضًا من محكمة الاستئناف المختلطة والمبينة فيما تقدم من كلامنا عن حكم محكمة الاستئناف الأهلية وحكم محكمة الإسكندرية الأهلية، والحكم الصادر في 26 يونيه سنة 1928 والمنشور بالجازيت السنة العشرين ص (307) وخلاصته
أولاً: أنه مهما كانت الألفاظ المستعملة في عقد فإنه يجب تفسيره بمراعاة نية الطرفين فيه، فعلى الرغم من ذكر كلمة ( مشتري) في إيصال مؤقت يجب أن ينظر لهذا المستند مع نصوص العقد بأجمعه، فإذا تبين أنه عقد بيع وتأجير في الوقت نفسه، فلا يمكن المشتري أن يعتبر نفسه مالكًا إلا إذا أظهر رغبته في استعمال حقه في الخيار المعطى له بمقتضى العقد
ثانيًا: ليس للمؤجر البائع الذي يبقى مالكًا للسيارة المحرر عنها عقد البيع والتأجير الحق في استرداد السيارة في حالة ما إذا تصرف المشتري المستأجر لها بدون حق للغير الحائز لها بحسن نية وذلك طبقًا للمادة (68) من القانون المدني الخاصة بحالة الضياع أو السرقة فقط، فالتبديد لا ينطبق على إحدى هاتين الحالتين.
هذا وقد حكمت محكمة الاستئناف المختلطة أيضًا في 30 مايو سنة 1934 بأنه إذا كانت الآلة الزراعية بيعت بالتقسيط مع حفظ حق البائع في الملكية حتى يدفع المشتري كامل الثمن وكانت هذه الآلة قد خصصها المشتري لمنفعة أطيانه فمجرد قيام حق امتياز البائع وطالما أن الثمن لم يتم قبضه كله يمنع - وعلى الأقل بالنسبة للمشتري - إلحاق هذه الآلة بالعقار بالتبعية فيجوز للبائع الحجز عليها كمنقول تنفيذًا للحكم الصادر بدفع باقي الثمن (مجلة ت ق سنة 46 ص (305)).
وحكمت في 6 يونيه سنة 1934 بأن الشرط الوارد بعقد البيع بالاحتفاظ بملكية البائع ليس بحجة على مجموع ديانة تفليسة المشتري وأن البائع المحتفظ بحق ملكيته والذي له الخيار إما في فسخ العقد أو المطالبة بالثمن لا يضيع عليه حقه في التمسك بالضمان مع التضامن الصادر له من شخص ثالث لمجرد أنه قد اختار المطالبة بالثمن وليس للآخر أن يتخلص من ضمانه هذا بدعوى أن البائع لم يستعمل حقه ضد المشتري في استلام الشيء المبيع (السنة السادسة عشرة من المحاماة ص (234) نقلاً عن مجلة ت ق سنة 46 ص (315)).
وحكمت أيضًا في 23 سنة 1936
أولاً: بأنه إذا بيع آلة زراعية مع الاحتفاظ بالملكية فلا يمكن افتراض إلحاقها بالعقار طبقًا للمادة (18) مدني مختلط فمالك الأرض ليس في الوقت نفسه مالكًا للآلة المطلوب إلحاقها بها. وثانيًا: بأن الترك كما أنه لا يفترض يجب تفسيره أيضًا بكل دقة، فإذا تحرر عقد بيع يتضمن احتفاظ البائع بالملكية فلا يمكن افتراض النزول عن هذا الحق إما لأن البائع استصدر حكمًا على المشتري بباقي الثمن خصوصًا إذا كان احتفظ صراحة في الدعوى بحقه في الاسترداد - وإما لمجرد التنبيه عليه بدفع قيمة المحكوم به.
وثالثًا: بأن التنبيه بالدفع لا يعد من إجراءات التنفيذ بل هو من مقدمات الحجز فلا أثر له على الملكية أو الإدارة أو الانتفاع بالملك، فإذا قام البائع المحتفظ بحقه في الملكية بالحجز على الشيء المبيع فإنه يعترف بهذا ضمنًا ويقينًا بملكية مدينه وبذلك يتنازل عن هذا الحق الذي احتفظ به، ولما كان المدين محظورًا عليه بالحجز التصرف في الشيء المحجوز مع الاعتراف بملكيته له فلا يمكن أن يجعل له صفة العقار بالتبعية طبقًا للمادة (18) مدني مختلط (المحاماة السنة السابعة عشرة ص (1249) نقلاً عن مجلة ت.ق سنة 48 ص (240)).
ونلفت النظر إلي أن المبدأ الأول الوارد بهذا الحكم قضى بعكسه في 19 فبراير سنة 1925 (المجموعة ص (239) السنة 37) وأن المبدأ الثاني قضى بعكسه في 18 ديسمبر سنة 1917 (المجموعة ص (88) السنة الثلاثون).
وحكمت بأنه يجوز استرداد الشيء بأمر من قاضي الأمور المستعجلة إذا تأخر المستولي على الشيء عن دفع الأقساط في مواعيدها (المجموعة الرسمية للمحاكم المختلطة ص (350) من السنة الخامسة والعشرين).

(8)

وقد جاء في كتاب الأستاذ السنهوري بك في عقد الإيجار بالصفحة (27) وما بعدها تحت عنوان عقود البيع بالتقسيط ما يأتي:
قد يقع لبس أيضًا في تحديد ماهية العقد في صورة ما إذا تعاقد شخص مع إحدى الشركات مثلاً على أن يستولي على شيء مما تتعامل فيه هذه الشركة كسيارة أو (بيانو( أو (ماكينة خياطة) أو آلة زراعية أو قطعة أرض ويتعهد من استولى على الشيء أن يدفع للشركة أقساطًا معينة في مدة معينة، فإذا دفع الأقساط أصبح الشيء ملكًا له، وهذا العقد كثير التداول، وفائدته تسهيل الدفع على المشتري الذي لا يستطيع دفع الثمن جملة واحدة، وقد يكون الغرض منه في بعض الأحيان إعطاء الوقت الكافي للمشتري لتجربة الشيء قبل البت في شرائه.
وقد اختلفت الآراء في تكييف العقد من الوجهة القانونية والأولى في مثل هذه الظروف أن ينظر إلى كل حالة على حده، فقد يكون العقد لا شبهة في تكييفه، كأن يتفق المشتري مع البائع على أن يدفع إليه الثمن مقسطًا (وقد يدفع جزءًا كبيرًا من الثمن في أول الأمر على أن يدفع الباقي أقساطًا)، ففي هذه الحالة لا شبهة في أن العقد بيع، وهو إما أن يكون بيعًا منجزًا أو بيعًا معلقًا على شرط موقف على حسب نية المتعاقدين، وفي الحالة الثانية يبقى انتقال الملكية موقوفًا على دفع بقية الثمن ولكن انتقال الملكية إذا تم يكون ذا أثر رجعي كما هو معروف.
وقد يتفق المتعاقدان على أن الشيء لا تنتقل ملكيته بمجرد الانتهاء من دفع جميع الأقساط، بل يلتزم المشتري بدفع مبلغ مجمد من النقود بعد ذلك، وفي هذه الحالة يغلب أن يكون العقد إيجارًا مصحوبًا بوعد البيع فإذا انقضى الإيجار بدفع الأقساط التي تعتبر أجرة، بقى أن يدفع المستأجر الثمن حتى ينقلب مشتريًا فتنقل إليه الملكية.
كما أنه قد يحدث أن يتفق المتعاقدان على عقد إيجار تقوم فيه الأقساط المدفوعة مقام الأجرة فإذا تم دفع جميع الأقساط (والقسط يزيد في الغالب على الأجرة المعتادة) انقلب العقد بيعًا وتنتقل ملكية الشيء فيه للمشتري ويغلب في هذه الحالة أن يكون العقد إيجارًا مصحوبًا ببيع معلق على شرط موقف هو دفع جميع الأقساط.
فإذا تحقق الشرط أصبح عقد الإيجار بيعًا ولكن بأثر رجعي بمعنى أن البيع يعتبر كأنه قد تم من أول الأمر والثمن فيه هو مجموع الأقساط التي دفعت ويعتبر الإيجار كأنه لم يكن وبعبارة أخرى يكون العقد إيجارًا تحت شرط فاسخ، وبيعًا تحت شرط موقف.
وقد يكون العقد في الحالة المتقدمة عقد إيجار مصحوبًا بوعد بالبيع لا ببيع معلق على شرط موقف إذا كانت نية المتعاقدين منصرفة إلي تأجيل نقل الملكية إلي ما بعد دفع الأقساط، دون أن يكون لانتقالها أثر رجعي.
وأهمية القول بأن العقد يكون إيجارًا لا بيعًا يظهر في أمرين:
1 - انتقال ملكية الشيء: فإذا لم يكن العقد بيعًا من مبدأ الأمر لا تنتقل الملكية فيه لمن استولى عليه، بحيث إذا أفلس هذا الأخير استطاع المالك أن يسترد الشيء، وذلك خير له من أن يشترك مع سائر الدائنين في اقتسام ثمنه: ولكنه من جهة أخرى قد يضر، وذلك يكون إذا هلك الشيء فهلاكه يكون عليه، ما لم يوجد شرط بخلاف ذلك.
2 - جريمة التبديد: فإذا كان العقد إيجارًا في مبدأه، وتصرف المستأجر في الشيء، ارتكب جريمة التبديد بالنسبة للمالك، لأنه مؤتمن على الشيء بمقتضى عقد إيجار (م 296/ 305 عقوبات) وكذلك يكون في الوقت ذاته إذا باع الشيء مرتكبًا لجريمة النصب بالنسبة للمشتري لأنه يكون قد باع ما لا يملك (م 293/ 302 عقوبات).
انتهى كلام السنهوري بك وله هوامش فليراجعها من أراد.

(9)

هذا ولم نقع في مراجع أحكام المحاكم الأهلية على شيء مما نحن بصدده أو ما يقاربه غير حكم أصدرته محكمة العطارين في أول إبريل سنة 1933 في بيع بشرط التجربة (وهذا البيع ليس من همنا) ببراءة متهم كان أظهر رغبته في شراء ماكينة خياطة من شركة سنجر وتم الاتفاق على نقلها إلى منزله لاختبارها بضعة أيام فإما أن يردها وإما أن يقبل مشتراها ودفع عربونًا قدره خمسون قرشًا ثم تبين بعد ذلك أن هذا المتهم عرض الماكينة على آخر لمشتراها بأقل من الثمن المتفق عليه مع الشركة وقد ضبطت الماكينة عنده وبني الحكم بالبراءة على أنه لم يستعمل طرقًا للتغرير فيكون عمله نصبًا وعلى أنه استلم الماكينة برضاء الشركة فلم يكن التسليم اضطراريًا حتى يعد سرقة بل أن البيع تحت الاختبار جائز فمتى أعجبه الشيء كان له أن يشتريه، وتصرفه في الماكينة يدل على قبوله الشراء والشرط التوقيفي يتحقق إما بإعلان المشتري أنه اختبر الشيء المبيع فأعجبه أو بأي عمل يصدر منه ويدل على قبول الشراء فلو رهن الشيء المبيع أو أعاره للغير أو أحدث فيه تغييرًا أو أتلفه فقد تحقق الشرط ودل تصرفه على أنه اعتبر نفسه مالكًا (السنة الخامسة عشرة من مجلة المحاماة ص (137) العدد الثاني) وإنما ذكرنا هذا الحكم لاستيفاء البحث وإن لم يكن موضوعه على التحقيق من موضوعنا وربما رأينا غير ما رأته المحكمة.
ونرجو أن يكون فيما قدمنا من بحث غناء لمن يطلب البحث ونور يهدي إلي سواء السبيل،

أحمد رمزي المحامي


[(1)] الكلمتان الأوليان تطلقان على البيع المؤجل الثمن فهما أعم من الكلمة الثالثة التي تختص بالبيع الموقوف على استيفاء أجرة المبيع.
[(2)] اطلعنا على عقد بيع صورته كما يأتي:
عقد بيع مع الاحتفاظ بحق الملكية
محرر فيما بين(....) طرف أول بصفته البائع وحضرة(....) صناعته(....) جنسيته(....) القاطن(....) طرف ثانٍ بصفته المشتري.
قد حصل الاتفاق والتراضي بين الطرفين على ما يأتي:
البند الأول: محل(....) يبيع ويحتفظ لنفسه بحق الملكية لغاية كامل سداد الثمن إلى حضرة(....) القابل بذلك ما هو (جهاز راديو مثلاً) ماركة(....) طراز(....) ذات (ست لمبات مثلاً) نمرة(....)
حيث إن محل(....) البائع يحتفظ لنفسه الحق دون سواه في ملكية (جهاز الراديو مثلاً) إلى أن يتم سداد الثمن من المشتري وقيامه بكافة الاشتراطات والالتزامات المنصوص عنها في هذا العقد فعليه وما دامت الملكية لم تنقل للمشتري فيجوز مطالبته برد (جهاز الراديو مثلاً) للبائع فيشترط صراحة:
( أ ) يلتزم المشتري طول مدة سريان هذا الاتفاق بصيانة (جهاز الراديو مثلاً) المسلم إليه والمحافظة عليه على وجه يرضي البائع تمام الرضاء.
(ب) يلتزم المشتري بأن يصرح ويسهل للبائع أو لموظفيه أو لمن ينتدبه جميع التسهيلات للتفتيش على (جهاز الراديو مثلاً) في أي وقت شاء كذلك في حالة استرداده فسخ العقد قبل حلول الأجل المحدد له على الوجه المنصوص عليه فيما يلي:
البند الثاني: يقرر المشتري بأنه قد استلم (جهاز الراديو مثلاً) المذكور وأنه وجده سليمًا خاليًا من كل عيب وأنه لا ينقصه شيء وذلك بعد القبول والمعاينة والرضاء التام وكذلك أنه صالح للاستعمال فيما أعد له.
البند الثالث: تحدد ثمن المبيع بمبلغ وقدره (....) يسدد بالكيفية الآتية بعد:
بدفع مبلغ... عند التوقيع على هذا العقد أما الرصيد وقدره (كذا) يدفع على (كذا) أقساط شهرية بضمان سندات (كمبيالات) موقع عليها من المشتري لأمر وإذن محل(....) كما هي مبينة فيما يلي:
(وها بيان الأقساط وتواريخ استحقاقها).
إن التوقيع على هذه الكمبيالات لا يترتب عليه تجديد الدين أو استبداله بغيره أو دفع للثمن.
البند الرابع: يتعين النص صراحة بأن محل(....) المالك الوحيد (جهاز الراديو) المحرر بصدده هذا العقد ما لم يسدد ثمنه بالكامل إليه بناءً على ذلك يحرم المشتري على نفسه بيع الجهاز أو رهنه أو نقله أو أن يؤجره للغير أو أن يتصرف فيه بأي وجه من وجوه التصرفات ما لم يسدد ثمنه كاملاً وإلا يعتبر كل تعاقد من هذا القبيل قبل الغير لاغيًا ومستوجبًا للعقوبة قانونًا.
وفي حالة توقيع حجز من الغير على جهاز الراديو المذكور لأي سبب من الأسباب فيلتزم حينئذ المشتري بأن يبرز إلى المحضر المعين لتوقيع هذا الحجز نسخة من هذا العقد وعليه أيضًا إخطار البائع بذلك في ظرف أربعة وعشرين ساعة.
البند الخامس: أن شرط الاحتفاظ بحق الملكية المبين عاليه قد اشترط فقط لمصلحة محل(....) الذي يكون له في حالة عدم دفع كمبيالة واحدة الحق المطلق وبدون حاجة إلى التنبيه أو الإنذار في اختيار أحد الأمرين:
1 - إما أن يعتبر هذا العقد مفسوخًا وأن يسترد ويستولي حالاً على جهاز الراديو المباع أينما وجد وعند الضرورة الالتجاء إلى قاضي الأمور المستعجلة الذي يقبل المتعاقدين اختصاصه أو بأمر يستصدره المحل من قاضي الأمور المؤقتة (مادة (760) و (768) من قانون المرافعات المختلطة) مع الاحتفاظ بجميع المبالغ التي دفعت للمحل بصفة تعويض.
2 - وإما المطالبة بتنفيذ هذا العقد واعتبار البيع قائمًا وذلك بمطالبة كامل المبالغ المحرر بها سندات تحت الإذن سواء ما كان منها مستحقًا أو تحت الاستحقاق معتبرًا جميع الكمبيالات مستحقة الدفع حالاً حيث إن المشتري يكون قد فقد حقه في امتياز التقسيط ويجوز للبائع ملاحقة المشتري والحجز على جهاز الراديو وممتلكات المشتري توصلاً للحصول على باقي الثمن الذي له في ذمة المشتري.
في حالة التجاء المشتري إلى اتخاذ هذه الإجراءات الأخيرة يقبل الطرفان تحكيم قاضي الأمور المستعجلة بالمحاكم المختلطة في كل ما هو خاص بالإجراءات القانونية.
البند السادس: في حالة مخالفة المشتري لأي شرط من شروط هذا الاتفاق بأي حال من الأحوال وعلى الأخص ما نص عليه البند الأول والرابع والسابع والثامن والتاسع فمن المتفق عليه صراحة أن هذا يرجع لتنفيذ رغبة البائع:
أولاً: في فسخ العقد مع الحق في استرداد جهاز الراديو مع الاحتفاظ بكل المبالغ التي سبق أن دفعت إليه وذلك بصفة تعويض.
ثانيًا: أو في سقوط حق المشتري من امتياز التقسيط المعطى إليه بالنسبة للمبالغ التي تستحق مستقبلاً ومع المطالبة بتنفيذ هذا العقد بالنسبة لجميع ما جاء به.
وسواء اختار البائع الأمر الأول أو الثاني فطرق التنفيذ والإجراءات القانونية التي يجب أن تتبع وكذلك الاختصاص القضائي يشترط فيها صراحة أن تكون وفقًا لما هو منصوص عنه بالبند الخامس نافذة المفعول في جميع الأحوال.
البند السابع: يلتزم المشتري بعد إخراج أو التصريح بإخراج جهاز الراديو خارج القاهرة ما لم يكن مسدد ثمنه بالكامل.
البند الثامن: يجب على المشتري سداد جميع الرسوم والضرائب وخلافه التي تفرض على جهاز الراديو في مدة التعامل بهذا العقد كما أنه يتعهد أيضًا المشتري بأن يدفع للبائع تعويضًا كافيًا عن أي ضرر كان يمكن أن يلحق به ناتجًا عن حجوزات أو إجراءات مدنية أو جنائية.
البند التاسع: أن هذا العقد شخصي بالنسبة للمشتري ولا يجوز له بأي حال أن يتنازل عنه للغير أو ينقله سواء بمقابل أو بدون مقابل بدون أخذ قبول خاص وكتابة من البائع.
إن كل تساهل يمنح للمشتري لا يترتب عليه أي مساس بأي حق من الحقوق المحفوظة للبائع، كما أن أي تساهل يمنح ويترتب عليه مخالفة شروط هذا العقد لا يعتبر أنه تنازل ضمني عن أي حق من حقوق البائع في هذا العقد وللبائع وحده جواز التنازل عن حقوقه في هذا العقد لأي كان بدون اعتراض المشتري.
وهذه صورة عقد آخر
ما بين فلان (بائع) وفلان (مشتري) تم الاتفاق على ما يأتي:
يبيع البائع إلى المشتري بشروطه العامة للبيع وبالشروط الخاصة الآتية بعد راديو موديل سنة (...) بكافة توابعه والجميع بحالة سير كاملة وثمن البيع كذا دفع منه قبل التسليم كذا والباقي وقدره كذا يدفع على أقساط شهرية بموجب كمبيالات لأمر وإذن البائع موقعًا عليها من المشتري وتستحق السداد كالآتي (بيان الأقساط وتواريخها).
الشروط الخاصة:
أولاً: ملكية الراديو تبقى محفوظة للبائع ولا تنتقل إلى المشتري إلا بعد سداد دينه بأكمله ودفع السندات المحررة منه كلها إلى تلك اللحظة يجب على المشتري أن يعتني بالراديو عنايته بماله الخاص وأن يحفظه في حالة حسنة وليس له حق بيعه أو رهنه أو تأجيره أو إعارته أو التصرف فيه بأي وجه ولا في إدخال أي تغيير أو تبديل فيه ولا بتسليمه للغير للانتفاع به أو لمجرد حيازته ما لم يحصل قبل ذلك على تصريح كتابي من البائع.
ثانيًا: يجب على المشتري أن يسلم للبائع في بحر خمسة عشر يومًا من تاريخ هذا العقد تعهدًا كتابيًا من قبل مؤجره بملكية البائع للراديو المذكور بهذا العقد وتنازله عن الامتياز المحول له بمقتضى القانون.
والإخلال بمثل هذا الشرط يترتب عليه فسخ هذا العقد فورًا وبدون سابق تنبيه مع حفظ حق البائع في استرداد الراديو ضد كل حائز وفي المطالبة بالتعويضات بدون إخلال بحقه في تحريك الدعوى العمومية.
ثالثًا: عدم دفع قسط واحد في استحقاقه يخول للبائع الحق فورًا وبدون سابق تنبيه أما في اعتبار هذا العقد مفسوخًا بغير حاجة للحصول على هذا الفسخ قضائيًا وفي استلام الراديو أين وجد وبدون إجراءات قانونية وفي هذه الحالة تعتبر الأقساط المسددة حقًا مكتسبًا للبائع مقابل انتفاع المشتري وبدون أن يكون لهذا الأخير الادعاء بمقاصة تلك الأقساط مع قيمة الشيء المبيع وبدون إخلال في حق المطالبة بالتعويضات، وإما في اعتبار البيع ثابتًا والمطالبة بقيمة السندات الحالية والتي لم تحل بأكملها إذ أن المشتري يضيع عندئذ حقه فورًا في الأجل وفي هذه الحالة يكون للبائع الحق في توقيع الحجز على الراديو وبيعه ضد المشتري والحصول على المتأخر من ثمنه صافي من محصول البيع فإذا تبقى شيء من ذلك المحصول يرد للمشتري بعد تنزيل كافة المصاريف والفومسيون وخلافها بغير إخلال بالتعويضات المطلوبة.
رابعًا: وإذا امتنع المشتري في حالة فسخ البيع عن تسليم الراديو للبائع فللأخير الحق بتوقيع الحجز عليه واسترداده أينما وجد ونقله بالتالي إلى محلاته وذلك بمقتضى الحصول على أمر من قاضي الأمور الوقتية الذي يتفق الطرفان صراحة على تخويله الاختصاص في هذا الموضوع مع اعترافهما من الآن بأن تسليم الراديو يكون بأمر منه بمجرد التحقق من عدم السداد.
خامسًا: لا يجوز للمشتري أن يغير محل إقامته قبل أن يسلم إلى البائع تصريحًا من المالك الجديد (المؤجر) بتنازله عن امتيازه على الراديو موضوع هذا العقد.
سادسًا: كل إخلال من المشتري بشروط هذا العقد يترتب عليه فسخه حالاً مع تخويل البائع الخيار بين اعتبار المشتري ساقط الحق في الأجل أو استرداد الراديو مع حفظ المبالغ المقبوضة باعتبارها مكتسبة مقابل انتفاع المشتري وبدون إخلال بحقه في التعويضات الأخرى وعلى الأخص في حالة كون الراديو في حالة سير غير حسنة.
سابعًا: يلتزم المشتري عن نفسه وعمن يحلون محله بحيث يكون هؤلاء الأخيرين متضامنين.
ثامنًا: البائع له الحق بتحويل هذا العقد مع الكمبيالات المذكورة أعلاه لمن يريد أو لإحدى بنوك مصر بدون إخطار المشتري بذلك.
تاسعًا: يتعهد المشتري باتباع المرسوم الملكي الصادر في 10 مايو سنة 1926 الخاص باستعمال أجهزة الراديو الكهربائية.
تحرر من نسختين