الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 ديسمبر 2020

الطعن 34946 لسنة 84 ق جلسة 8 / 5 / 2016 مكتب فني 67 ق 57 ص 495

 جلسة 8 من مايو سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / طـه قـاسم نائب رئيس المحكمـة وعضوية السادة القضاة / عادل عمارة ، عاطف عبد السميع ، أحمد رضوان ومحمد عبد الهادي نواب رئيس المحكمة .
---------

 (57)

الطعن رقم 34946 لسنة 84 القضائية

(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " . نيابة عامة .

تقرير الطعن بالنقض . ورقة شكلية . وجوب حملها مقوماتها الأساسية . تكملة أي بيان بدليل خارج عنها . غير جائز .

خلو تقرير الطعن المرفوع من النيابة العامة من اسم المحكوم عليه . أثره : انعدامه .

توقيع مذكرة الأسباب بتوقيع غير واضح يتيسر إسناده إلى أحد أعضاء النيابة بدرجة محام عام . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً . التأشير عليها من محام عام أول . لا يفيد اعتماده . أساس ذلك ؟

التوقيع على الأسباب بتوقيع لا يقرأ . أثره ؟

(2) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " بيانات حكم الإدانة " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة وإيراده على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة .

(3) مسئولية جنائية . فاعل أصلي .

 إثبات الحكم وجود الطاعنين على مسرح الجريمة واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وصدورها عن باعث واحد وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها ووحدة الحق المعتدى عليه . كفايته لاعتبارهم فاعلين أصليين . أساس ذلك ؟

 تحديد الأفعال التي آتاها كل منهم على حدة . غير لازم .

(4) إثبات " قرائن " " شهود " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود "" سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟

تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .

تقدير جدية التحريات . موضوعي .

حق المحكمة في التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة .

عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدر تحرياته . لا عيب .

إيراد الحكم من الأدلة والاعتبارات والقرائن ما يتوافر معه مقارفة الطاعنين للجرائم التي دينوا بها . كفايته .

الجدل في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة . غير جائز .

(5) اتفاق . تجمهر . جريمة " أركانها " . مسئولية جنائية .

جريمة التجمهر المؤثمة بالمادتين الثانية والثالثة من القانون 10 لسنة 1914 . مناطها ؟

التضامن في المسئولية الجنائية للمتجمهرين عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض من التجمهر ومناط العقاب عليها . شرطه : ثبوت العلم به .

قيام جريمة التجمهر . شرطه ؟

قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين . غير لازم لتوافر جريمة التجمهر . كفاية أن تتجه نية المشتركين لتحقيق الغرض الذي يهدفون إليه وعلمهم به .

مثال لتسبيب سائغ في قيام جريمة التجمهر .

(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . تلبس . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير توافر حالة التلبس . موضوعي . ما دام سائغاً .

تدليل الحكم على قيام حالة التلبس واطراحه دفاع الطاعن في هذا الشأن بردٍ سائغ . كفايته .

الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .

(7) نيابة عامة . إجراءات " إجراءات التحقيق " . قانون " تفسيره " . بطلان .

التحقيق الابتدائي في جميع الجرائم . حق أصيل للنيابة العامة . الاستثناء . ندب قاضي للتحقيق في جرائم معينة . إحالة الدعوى إليه . أثره : اختصاصه دون غيره بتحقيقها . أساس ذلك ؟

تحديد القانون الإجراءات التي يختص بها قاضي التحقيق وحده ويحظر على النيابة العامة اتخاذها قبل الحصول على إذن مسبب من القاضي الجزئي . التحقيق . ليس من بينها التحقيق . أساس ذلك ؟

منح أعضاء النيابة من درجة رئيس نيابة على الأقل سلطات قاضي التحقيق في تحقيق بعض الجرائم . حد وأساس ذلك ؟

مباشرة وكيل النيابة العامة للتحقيق بما لا يدخل في اختصاص قاضي التحقيق . لا بطلان .

(8) أمر الإحالة . إجراءات " إجراءات التحقيق " .

أمر الإحالة من أعمال التحقيق . القصور فيه لا يبطل المحاكمة . علة ذلك ؟

(9) نيابة عامة . قانون " تفسيره " . دعوى جنائية " تحريكها " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

المواد 1/1 ، 2/1 ، 199/2 ، 214/2 إجراءات جنائية . مفادهم ؟

مباشرة وكيل النيابة التحقيقات وإحالة المحامي العام الطاعن لمحكمة الجنايات . مستمد من القانون وليس من النائب العام . أثر ذلك ؟

 (10) اختصاص " الاختصاص النوعي " . محكمة الجنايات " اختصاصها " . بطلان .

انعقاد محكمة الجنايات بكل مدينة بها محكمة ابتدائية . اختصاصها بنظر جميع الجنايات والجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها عن طريق النشر التي تقع فيها . أساس ذلك ؟

توزيع القضايا على دوائرها المختلفة . إداري . مخالفته . لا بطلان . النعي بشأن صدور الحكم من محكمة غير مختصة . غير مقبول .

(11) دفوع " الدفع بشيوع التهمة " " الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة " .

الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وشيوع الاتهام وعدم التواجد على مسرح الجريمة . موضوعي . استفادة الرد عليه من القضاء بالإدانة . النعي بإغفال الرد عليه . غير مقبول .

(12) نقض " المصلحة في الطعن " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . وقف التنفيذ . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . ارتباط .

انتفاء مصلحة الطاعن في النعي بشأن جريمة الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون . ما دامت المحكمة اعتبرت الجرائم المسندة إليه جريمة واحدة ودانته بجريمة التخريب العمدي لأملاك عامة باعتبارها الجريمة الأشد . أساس ذلك ؟

الفصل في الطعن . يجعل طلب وقف التنفيذ غير ذي موضوع .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- من حيث إن التقرير بالطعن – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – هو ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبارها السند الوحيد الذي يشهد بصدور العمل الإجرائي عمن صدر عنه على الوجه المعتبر قانوناً ، فلا يجوز تكملة أي بيان في التقرير بدليل خارج عنه مستمد منه ، وكان التقرير قد جاء غفلاً من بيان اسم المطعون ضدهم ، ومن ثم فهو والعدم سواء ، هذا فضلاً عن أن البيِّن من مذكرة أسباب الطعن أنها تحمل توقيعاً غير واضح يتعذر قراءته ومعرفة اسم صاحبه ، ولمَّا كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون التي ترفعها النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام عام على الأقل ، وجرى قضاء هذه المحكمة على أن ورقة الأسباب التي تخلو من هذا التوقيع تكون باطلة وغير ذات أثر في الخصومة وتعد لغواً لا قيمة له ، وإذ كانت ورقة الأسباب المُقدمة في طعن النيابة العامة بقيت غفلاً من توقيع مقروء يتيسر إسناده إلى أحد أعضاء النيابة بدرجة محام عام على الأقل ، فإن الطعن يكون قد فقد مقوماً من مقومات قبوله ، ولا يغير من ذلك التأشير من المحام العام الأول على مذكرة أسباب الطعن بالنظر ؛ إذ إن تلك التأشيرة بمجردها لا تفيد اعتماده لها أو الموافقة عليها ، فضلاً عن أنها بدورها موقعة بتوقيع لا يقرأ يستحيل معه معرفة صاحبه . لمَّا كان ما تقدم ، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول طعن النيابة العامة شكلاً .

2- لمَّا كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو جلي كاف ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ؛ فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله .

3- لمَّا كان الحكم قد أثبت وجود كل من الطاعنين على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلاً منهم قصِد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين ، وكان ليس بلازم - والحال كذلك - أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم تحديداً ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .

4- لمَّا كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ؛ فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض روايتهم – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الشأن في الدعوى الماثلة – ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع فلها أن تعوِّل على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرنية معززة لمَّا ساقته من أدلة أساسية ، ولا يعيب تلك التحريات ألَّا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها ، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى مقارفة الطاعنين للجرائم التي دينوا بها ، فإن كل ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع .

5- لمَّا كانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض ، وكان يشترط إذن لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون سالف البيان اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر ، ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين ؛ إذ إن التجمع قد يبدأ بريئا ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه مع علمهم بذلك . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر العناصر الجوهرية السالف بيانها في حق الطاعنين ، وكان ما أورده الحكم في مجموعه ينبئ بجلاء على ثبوتها في حقهم ، وكانت دلالة ما أستظهره الحكم في مدوناته كافية لبيان أركان جريمة التجمهر على ما هي معرفة به في القانون وعلى ثبوتها في حق الطاعنين ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً .

6- لمَّا كان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعنون بعدم توافرها وببطلان القبض عليهم كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

7- لمَّا كان من المقرر أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي في جميع الجرائم – مادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية – واستثناء من ذلك يجوز ندب قاضي للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص ، ومتى أحيلت إليه الدعوى ؛ كان مختصاً دون غيره بتحقيقها – مادة 69 من قانون الإجراءات الجنائية ، وحدد القانون الإجراءات التي يختص بها قاضي التحقيق والتي يحظر على النيابة العامة اتخاذ أي إجراء منها قبل الحصول مقدماً على إذن مسبب من القاضي الجزئي ، وليس التحقيق من بين هذه الإجراءات ، ومن ثم يظل عضو النيابة العامة – أياً كانت درجته – هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة التحقيق في جميع الجرائم التي يختص قاضي التحقيق بتحقيقها – مادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية – ولأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل إضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرر والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، وإذ كان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن إجراءات التحقيق التي باشرها وكيل النيابة في القضية ليس فيها ما يدخل في اختصاص قاضي التحقيق ، فإن دعوى بطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون لها محل .

8- لمَّا كان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فالقصور فيه لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر في صحة إجراءاتها ؛ إذ إن المحكمة هي جهة التحقيق النهائي ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات التحقيق وإبداء دفاعه بشأن وصف التهم الموجهة إليه في أمر الإحالة ونصوص القانون المطلوب معاقبته بمقتضاها ، ومن ثم فلا وجه للنعي على الحكم في هذا الخصوص .

9- لمَّا كان البيِّن من نصوص الفقرة الأولى من المادة الأولى ، والفقرة الأولى من المادة الثانية والمادة 199 والفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة بوصفها نائبة عن المجتمع وممثلة له هي المختصة دون غيرها بتحريك الدعوى الجنائية – عدا الأحوال المبينة في القانون – وهي التي يُناط بها وحدها مباشرتها ، وأن النائب العام هو الذي يباشر هذه الاختصاصات بنفسه ، أو بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة – فيما عدا الاختصاصات التي نيطت بالنائب العام على سبيل الانفراد – بوصفهم وكلاء عنه وكالة قانونية تثبت بحكم وظائفهم ، ومستمدة من نصوص القانون ، وأنه بعد أن خُولت النيابة العامة سلطة التحقيق وحلت فيها محل قاضي التحقيق لاعتبارات قدرها الشارع ، فإن كل عضو فيها يعمل في حدود تلك السلطة مستمداً حقه لا من النائب العام ، بل من القانون نفسه ، وهذا هو المستفاد من نصوص القانون في جملتها ، كما أن المحامي العام هو المختص قضائياً بإحالة الجنايات إلى محكمة الجنايات مستنداً إلى أساس قانوني - كما يبين من نص الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية - . لمَّا كان ذلك ، وكان كل من وكيل النيابة الذي باشر التحقيق والمحامي العام الذي أحال الطاعنين إلى محكمة الجنايات – في الدعوى محل الطعن الماثل – يستمد اختصاصه من القانون لا من النائب العام – على النحو السالف البيان – وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ، فإن كل ما يثار في هذا الصدد يكون غير مقترن بالصواب .

10- لمَّا كانت المادة الثامنة من القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية قد نصت على أن : " تنعقد محكمة الجنايات في كل مدينة بها محكمة ابتدائية وتشمل دائرة اختصاصها ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية " . كما نصت المادة 216 من قانون الإجراءات الجنائية على أن : " تحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر .... " . فإن اختصاص محكمة الجنايات ينعقد صحيحاً بالنسبة لجميع الجنايات والجنح – المار بيانها – التي تقع بدائرة المحكمة الابتدائية ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 30 من قانون السلطة القضائية – سالف البيان – من اجتماع محكمة الاستئناف بهيئة جمعية عامة للنظر في توزيع القضايا على الدوائر المختلفة ، إذ لم يُقصد به سلب محكمة الجنايات اختصاصها المنعقد لها بمقتضى المادة الثامنة سالفة الذكر بل هو مجرد تنظيم إداري لتوزيع الأعمال بين الدوائر المختلفة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون أخرى مما لا يترتب البطلان على مخالفته . لمَّا كان ذلك ، وكان الطاعنون لا يجحدون أن المحكمة التي أصدرت الحكم هي إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف المنصورة ، فإن ما يدعونه من بطلان الحكم لصدوره من دائرة لا اختصاص لها بإصداره لا يقوم على أساس من القانون .

11- لمَّا كان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وشيوع الاتهام وعدم التواجد على مسرح الجريمة ، كل ذلك إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً ، طالمَّا أن الرد عليه يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال في هذه الدعوى - ، ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول .

12- لمَّا كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهم بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرونه بشأن جريمة الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون وتتخذ من الإرهاب وسيلة في تنفيذ أغراضها ما دامت المحكمة قد دانتهم بجريمة التخريب العمدى لأملاك عامة – حال تجمهرهم – وأوقعت عليهم عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد . لمَّا كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ، ويضحى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن غير ذي موضوع .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم :

أولاً : المتهمون جميعاً انضموا إلى جماعة على خلاف أحكام القانون - .... - الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الاعلان الدستوري الصادر 8/7/2013 والمعمول به اعتباراً من 9/7/2013 والقوانين ومنع سلطات ومؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها وشاركوا في الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين وغيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون وإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي مع علمهم بأغراضها وكان الإرهاب هو الوسيلة التي استخدموها في تحقيق تلك الأغراض على النحو المبيِّن بالتحقيقات .

المتهمون من الأول حتى العاشر :-

- اشتركوا وآخرون مجهولون في تجمهر الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الاشخاص وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وكان ذلك باستعمال القوة والعنف حال كون بعضهم حاملين لأدوات من شأنها إحداث الموت إذا استعملت بطبيعتها " حجارة ، زجاجات فارغة " وقد وقعت منهم تنفيذا للغرض المقصود من التجمهر الجرائم الاتية :-

1- خربوا عمداً مبنيين عامين مخصصين لمرفق عام " مبنى .... – مبنى .... – جامعة ..... " بأن قاموا برشقهما بالحجارة والزجاجات الفارغة وتكسير زجاج نوافذهما قاصدين من ذلك تخريبهما فأحدثوا بهما التلفيات المبينة بمعاينة إدارة .... المرفق وكان ذلك تنفيذا لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات .

2- استعملوا القوة والعنف مع موظفين عموميين ومكلفين بخدمة عامة هم ضباط ومجندي قوات .... القائمين على فض أحداث الشغب بــ .... بأن رشقوهم بالحجارة والزجاجات الفارغة وذلك لحملهم بغير حق عن الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم بفض تجمهرهم ولم يبلغوا بذلك مقصدهم ، وكان ذلك أثناء تأديتهم لوظيفتهم وبسببها وقد نشأ عن ذلك التعدي أصابه كل من النقيب .... ، والمجندين .... ، .... ، .... – بقطاع .... بـــ .... والموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة بالأوراق على النحو المُبيِّن بالتحقيقات .

3- استعرضوا القوة ولوحوا بالعنف واستخدموها ضد المجني عليهم الواردة أسمائهم بالتحقيقات من العاملين بجامعة .... وكلاهما والمترددين عليها بقصد ترويعهم وتخويفهم بإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم حال كونه بعضهم حاملاً أسلحة بيضاء مما تستخدم في الاعتداء على الاشخاص تكديراً للأمن والسكينة العامة وتعريض حياتهم للخطر وتقدمتهم الجريمتان المذكورتان في البندين أ، ب بناء على ارتكابهم هذه الجريمة على النحو المُبيِّن بالتحقيقات .

4- حازوا وأحرزوا بالذات وبالواسطة أسلحة بيضاء وأدوات تستخدم في الاعتداء على الأشخاص والأموال " حجارة ، زجاجات فارغة " بدون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة الحرفية أو المهنية .

ثالثاً : المتهمون من الحادي عشر حتى الرابع عشر :-

- دبروا التجمهر موضوع التهمة الأولى وحرضوا على ارتكاب جرائمه - كل التهم السابقة - بأن أمدوا مرتكبيها بالأموال اللازمة لشراء الأدوات المستخدمة في التجمهر وأعدوا لهم ذلك التجمهر وأصدروا لهم التعليمات والتكليفات اللازمة للتجمهر وتحقيق الغرض المقصود منه فوقعت تلك الجرائم المنسوبة إلى سالفي الذكر بناء على ذلك التدبير على النحو المبين بالتحقيقات .

5- اشتركوا مع باقي المتهمين بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجرائم تشمل التهم السابقة بأن وجهوا إليهم التعليمات والتكليفات واتفقوا معهم على تنفيذها وقدموا إليهم الدعم المادي اللازم لشراء الأسلحة البيضاء والعبوات الحارقة فوقعت تلك الجرائم بناءً على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

ومحكمة الجنايات قضت حضورياً للأول والثالث والرابع والسادس والسابع والعاشر والثالث عشر وغيابياً للثاني والخامس والثامن والتاسع والحادي عشر والثاني عشر والرابع عشر بتاريخ .... عملاً بالمواد 39 ، 40 ، 41/1 ، 86 ، 86 مكرر/ أ ثانياً ، ثالثاً ، 90 ، 137 ، 137مكرر/1 ، 375مكرر/أ من قانون العقوبات المعدل والمواد 1 ، 2 ، 3 ، 3 مكرر/1 من القانون 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر المعدل بالقانون 87 لسنة 1968 والمادتين 1/1، 25 مكررا /1من القانون 394 لسنة 1954 بشأن الاسلحة والذخائر المعدل بالقانون 165 لسنة 1981 والبند 7 من الجدول رقم 1 المعدل بقرار الداخلية 1756 لسنة 2007 مع اعمال المادة 32 من قانون العقوبات ، أولاً: بمعاقبة كلاً من .... ،.... ،.... ،.... ،.... ،.... بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات لكل منهم عما نسب إليهم والزمتهم المصاريف الجنائية . ثانياً: ببراءة كل من .... ،....،.... ،....،....،....،.... مما نسب اليهم .

فطعن المحكوم عليهم .... ، .... ، .... ، .... والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

أولاً: - عن الطعن المُقدم من النيابة العامة : -

من حيث إن التقرير بالطعن – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – هو ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبارها السند الوحيد الذي يشهد بصدور العمل الإجرائي عمن صدر عنه على الوجه المعتبر قانوناً ، فلا يجوز تكملة أي بيان في التقرير بدليل خارج عنه مستمد منه ، وكان التقرير قد جاء غفلاً من بيان اسم المطعون ضدهم ، ومن ثم فهو والعدم سواء ، هذا فضلاً عن أن البيِّن من مذكرة أسباب الطعن أنها تحمل توقيعاً غير واضح يتعذر قراءته ومعرفة اسم صاحبه ، ولمَّا كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون التي ترفعها النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام عام على الأقل ، وجرى قضاء هذه المحكمة على أن ورقة الأسباب التي تخلو من هذا التوقيع تكون باطلة وغير ذات أثر في الخصومة وتعد لغواً لا قيمة له ، وإذ كانت ورقة الأسباب المُقدمة في طعن النيابة العامة بقيت غفلاً من توقيع مقروء يتيسر إسناده إلى أحد أعضاء النيابة بدرجة محام عام على الأقل ، فإن الطعن يكون قد فقد مقوماً من مقومات قبوله ، ولا يغير من ذلك التأشير من المحام العام الأول على مذكرة أسباب الطعن بالنظر ؛ إذ إن تلك التأشيرة بمجردها لا تفيد اعتماده لها أو الموافقة عليها ، فضلاً عن أنها بدورها موقعة بتوقيع لا يقرأ يستحيل معه معرفة صاحبه . لمَّا كان ما تقدم ، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول طعن النيابة العامة شكلاً .

ثانياً: - عن الطعن المقدم من المحكوم عليهم 1- .... ، 2- .... ، 3- .... ، 4- .... : -

ومن حيث إن الطاعنين ينعون في مذكرات أسباب طعنهم على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وكان الإرهاب وسيلتها في تنفيذ أغراضها ، واعتبرهم مشتركين في تجمهر وحملهم مسئولية ما وقع من جرائم التخريب العمدي لأملاك عامة واستعمال القوة والعنف مع موظفين عمومين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم ولم يبلغوا بذلك مقصدهم ، واستعراض القوة واستخدام العنف ضد المجني عليهم وحيازة وإحراز أسلحة بيضاء بدون مسوغ قانوني قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه البطلان والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يبيِّن واقعة الدعوى بياناً واضحاً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها والظروف التي وقعت فيها ولم يورد مؤدى كل دليل من أدلة الثبوت بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة ، ولم يبيِّن دور كل من الطاعنين في ارتكاب الواقعة مما يجعله فاعلاً أصلياً فيها ، واعتنق تصويراً لواقعة الدعوى لا يتفق والأدلة القائمة فيها ، وعوَّل في ذلك على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها وعلى تحريات الشرطة رغم عدم صلاحيتها كدليل للإدانة ، فضلاً عن عدم جديتها وإمساك مجريها عن الكشف عن مصدرها ، ودون أن يعرض لدفعهم في هذا الشأن ، ولم يستظهر أركان جريمة الاشتراك في تجمهر ، ولم يدلل على وجود اتفاق بينهم أو مع آخرين على مقارفتها ، واطرح بما لا يسوغ دفوعهم ببطلان القبض لانتفاء حالة التلبس ولجهالة القائم به – لشواهد عُدَّدت بمذكرة أسباب الطعن - ، وببطلان تحقيقات النيابة العامة لعدم إجرائها بمعرفة رئيس نيابة بالمخالفة لنص المادة 206 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية ، وببطلان أمر الإحالة لاشتماله على نصوص قانونية غير منطبقة على الوقائع المسطرة بالأوراق ولبطلان قرار تعيين النائب العام ، وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لصدور قرار تشكيلها من رئيس محكمة الاستئناف بالمخالفة لقانون السلطة القضائية ، وضرب صفحاً عن الدفاع القائم على عدم معقولية تصوير الواقعة وشيوع الاتهام وعدم التواجد على مسرح الجريمة ، وأخيراً فقد دانهم بجريمة الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون وتتخذ من الإرهاب وسيلة لتنفيذ أغراضها رغم عدم توافر أركانها وخلو الأوراق من ثمة دليل على ثبوتها في حقهم ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو جلي كاف ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ؛ فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم قد أثبت وجود كل من الطاعنين على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلاً منهم قصِد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين ، وكان ليس بلازم - والحال كذلك - أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم تحديداً ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ؛ فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض روايتهم – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الشأن في الدعوى الماثلة – ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع فلها أن تعوِّل على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرنية معززة لمَّا ساقته من أدلة أساسية ، ولا يعيب تلك التحريات ألَّا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها ، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى مقارفة الطاعنين للجرائم التي دينوا بها ، فإن كل ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع . لمَّا كان ذلك ، وكانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض ، وكان يشترط إذن لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون سالف البيان اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر ، ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين ؛ إذ إن التجمع قد يبدأ بريئا ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه مع علمهم بذلك . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر العناصر الجوهرية السالف بيانها في حق الطاعنين ، وكان ما أورده الحكم في مجموعه ينبئ بجلاء على ثبوتها في حقهم ، وكانت دلالة ما أستظهره الحكم في مدوناته كافية لبيان أركان جريمة التجمهر على ما هي معرفة به في القانون وعلى ثبوتها في حق الطاعنين ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعنون بعدم توافرها وببطلان القبض عليهم كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي في جميع الجرائم – مادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية – واستثناء من ذلك يجوز ندب قاضي للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص ، ومتى أحيلت إليه الدعوى ؛ كان مختصاً دون غيره بتحقيقها – مادة 69 من قانون الإجراءات الجنائية ، وحدد القانون الإجراءات التي يختص بها قاضي التحقيق والتي يحظر على النيابة العامة اتخاذ أي إجراء منها قبل الحصول مقدماً على إذن مسبب من القاضي الجزئي ، وليس التحقيق من بين هذه الإجراءات ، ومن ثم يظل عضو النيابة العامة – أياً كانت درجته – هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة التحقيق في جميع الجرائم التي يختص قاضي التحقيق بتحقيقها – مادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية – ولأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل إضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرر والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، وإذ كان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن إجراءات التحقيق التي باشرها وكيل النيابة في القضية ليس فيها ما يدخل في اختصاص قاضي التحقيق ، فإن دعوى بطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون لها محل . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فالقصور فيه لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر في صحة إجراءاتها ؛ إذ إن المحكمة هي جهة التحقيق النهائي ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات التحقيق وإبداء دفاعه بشأن وصف التهم الموجهة إليه في أمر الإحالة ونصوص القانون المطلوب معاقبته بمقتضاها ، ومن ثم فلا وجه للنعي على الحكم في هذا الخصوص . لمَّا كان ذلك ، وكان البيِّن من نصوص الفقرة الأولى من المادة الأولى ، والفقرة الأولى من المادة الثانية والمادة 199 والفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة بوصفها نائبة عن المجتمع وممثلة له هي المختصة دون غيرها بتحريك الدعوى الجنائية – عدا الأحوال المبينة في القانون – وهي التي يُناط بها وحدها مباشرتها ، وأن النائب العام هو الذي يباشر هذه الاختصاصات بنفسه ، أو بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة – فيما عدا الاختصاصات التي نيطت بالنائب العام على سبيل الانفراد – بوصفهم وكلاء عنه وكالة قانونية تثبت بحكم وظائفهم ، ومستمدة من نصوص القانون ، وأنه بعد أن خُولت النيابة العامة سلطة التحقيق وحلت فيها محل قاضي التحقيق لاعتبارات قدرها الشارع ، فإن كل عضو فيها يعمل في حدود تلك السلطة مستمداً حقه لا من النائب العام ، بل من القانون نفسه ، وهذا هو المستفاد من نصوص القانون في جملتها ، كما أن المحامي العام هو المختص قضائياً بإحالة الجنايات إلى محكمة الجنايات مستنداً إلى أساس قانوني - كما يبين من نص الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية - . لمَّا كان ذلك ، وكان كل من وكيل النيابة الذي باشر التحقيق والمحامي العام الذي أحال الطاعنين إلى محكمة الجنايات – في الدعوى محل الطعن الماثل – يستمد اختصاصه من القانون لا من النائب العام – على النحو السالف البيان – وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ، فإن كل ما يثار في هذا الصدد يكون غير مقترن بالصواب . لمَّا كان ذلك ، وكانت المادة الثامنة من القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية قد نصت على أن : " تنعقد محكمة الجنايات في كل مدينة بها محكمة ابتدائية وتشمل دائرة اختصاصها ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية " . كما نصت المادة 216 من قانون الإجراءات الجنائية على أن : " تحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر .... " . فإن اختصاص محكمة الجنايات ينعقد صحيحاً بالنسبة لجميع الجنايات والجنح – المار بيانها – التي تقع بدائرة المحكمة الابتدائية ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 30 من قانون السلطة القضائية – سالف البيان – من اجتماع محكمة الاستئناف بهيئة جمعية عامة للنظر في توزيع القضايا على الدوائر المختلفة ، إذ لم يُقصد به سلب محكمة الجنايات اختصاصها المنعقد لها بمقتضى المادة الثامنة سالفة الذكر بل هو مجرد تنظيم إداري لتوزيع الأعمال بين الدوائر المختلفة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون أخرى مما لا يترتب البطلان على مخالفته . لمَّا كان ذلك ، وكان الطاعنون لا يجحدون أن المحكمة التي أصدرت الحكم هي إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف المنصورة ، فإن ما يدعونه من بطلان الحكم لصدوره من دائرة لا اختصاص لها بإصداره لا يقوم على أساس من القانون . لمَّا كان ذلك ، وكان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وشيوع الاتهام وعدم التواجد على مسرح الجريمة ، كل ذلك إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً ، طالمَّا أن الرد عليه يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال في هذه الدعوى - ، ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لمَّا كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهم بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرونه بشأن جريمة الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون وتتخذ من الإرهاب وسيلة في تنفيذ أغراضها ما دامت المحكمة قد دانتهم بجريمة التخريب العمدى لأملاك عامة – حال تجمهرهم – وأوقعت عليهم عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد . لمَّا كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ، ويضحى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن غير ذي موضوع .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 7493 لسنة 5 ق جلسة 7 / 5 / 2016 مكتب فني 67 ق 56 ص 493

 جلسة 7 من مايو سنة 2016

برئاسة السيد القاضي/ فؤاد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / جمال عبد المجيد ، عمرو الحناوي وأشـرف فريج نواب رئيس المحكمة وخالد الحادي .
--------

(56)

الطعن رقم 7493 لسنة 5 القضائية

نقض " المصلحة في الطعن " . نيابة عامة .

  المصلحة . أساس الطعن . انعدامها . أثره : عدم قبول الطعن . علة ذلك ؟

  القضاء في الطعن المرفوع من النيابة العامة بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية للفصل فيها من جديد . أثره : انتفاء مصلحة الطاعن في الطعن على ذات الحكم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما كانت المصلحة أساس الدعوى أو الطعن ، فإن انعدمت فلا تُقبل الدعوى أو الطعن باعتبار أن الدعوى أو الطعن في هذه الحالة تكون مسألة نظرية بحتة لا يؤبه بها ، وأن من المبادئ العامة المتفق عليها أن المصلحة أساس الدعوى فإذا انعدمت فلا دعوى ، وكان الحكم المطعون فيه والصادر من محكمة جنح مستأنف .... بإدانة الطاعن بجريمة إقامة مبنى خارج الحيز العمراني قد سبق وأن تم الطعن عليه بطريق النقض من النيابة العامة برقم .... ، وقُضي في الطعن المذكور بجلسة .... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة .... الابتدائية للفصل فيها من جديد ، ومن ثم فإن مصلحته في الطعن الراهن تكون منتفية ، ويكون الطعن الراهن مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً ومصادرة الكفالة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

من حيث إنه لما كانت المصلحة أساس الدعوى أو الطعن ، فإن انعدمت فلا تُقبل الدعوى أو الطعن باعتبار أن الدعوى أو الطعن في هذه الحالة تكون مسألة نظرية بحتة لا يؤبه بها ، وأن من المبادئ العامة المتفق عليها أن المصلحة أساس الدعوى فإذا انعدمت فلا دعوى ، وكان الحكم المطعون فيه والصادر من محكمة جنح مستأنف .... بإدانة الطاعن بجريمة إقامة مبنى خارج الحيز العمراني قد سبق وأن تم الطعن عليه بطريق النقض من النيابة العامة برقم .... ، وقُضي في الطعن المذكور بجلسة .... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة .... الابتدائية للفصل فيها من جديد ، ومن ثم فإن مصلحته في الطعن الراهن تكون منتفية ، ويكون الطعن الراهن مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً ومصادرة الكفالة . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السبت، 5 ديسمبر 2020

الطعن 10923 لسنة 59 ق جلسة 28 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 144 ص 930

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم نائبي رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف وبهيج القصبجي.

-----------------

(144)
الطعن رقم 10923 لسنة 59 القضائية

إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إيراد الحكم واقعة الدعوى بما يوحي أن محرر المحضر يروي واقعة شهدها بنفسه أو يحمل على الظن أنه أبلغ بها. يعيبه.
للمحكمة الأخذ برواية منقولة تبينت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه.
وجوب إيضاح مدونات الحكم إلمام المحكمة الصحيح بمبنى الأدلة القائمة في الدعوى وحقيقة الأساس الذي تقوم عليه شهادة الشاهد.
مثال.

------------------
إن البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه استدل على ثبوت التهمة في حق الطاعن بما جاء بأقوال محرر المحضر "من أن الطاعن أقام قمينة طوب على أرض زراعية مساحتها 42 متر". لما كان ذلك وكان إيراد الواقعة على هذه الصورة الغامضة قد يوحي بأن محرر المحضر يروي واقعة شهدها بنفسه كما أنه قد يحمل على الظن بأنه يروي رواية أبلغ بها، وأنه وإن لم يكن في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى تبينت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه إلا أنه مع ذلك يجب أن تكون مدونات الحكم كافية بذاتها لإيضاح أن المحكمة حين قضت في الدعوى بالإدانة قد ألمت إلماماً صحيحاً بمبنى الأدلة القائمة فيها، وأنها تبينت حقيقة الأساس الذي تقوم عليه شهادة الشاهد مما قصر الحكم المطعون فيه في استظهاره فجاء مشوباً بالغموض من هذه الناحية وبالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام قمينة طوب على أرض زراعية وطلبت عقابه بالمادتين 107 مكرراً، 107 مكرراً/ 2 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل. ومحكمة جنح........ قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وتغريمه عشرة آلاف جنيه والإزالة على نفقته ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس.
فطعن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إقامة قمينة طوب على أرض زراعية قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه لم يورد مضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
من حيث إن البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه استدل على ثبوت التهمة في حق الطاعن بما جاء بأقوال محرر المحضر "من أن الطاعن أقام قمينة طوب على أرض زراعية مساحتها 42 متر". لما كان ذلك وكان إيراد الواقعة على هذه الصورة الغامضة قد يوحي بأن محرر المحضر يروي واقعة شهدها بنفسه كما أنه قد يحمل على الظن بأنه يروي رواية أبلغ بها، وأنه وإن لم يكن في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى تبينت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه إلا أنه مع ذلك يجب أن تكون مدونات الحكم كافية بذاتها لإيضاح أن المحكمة حين قضت في الدعوى بالإدانة قد ألمت إلماماً صحيحاً بمبنى الأدلة القائمة فيها، وأنها تبينت حقيقة الأساس الذي تقوم عليه شهادة الشاهد مما قصر الحكم المطعون فيه في استظهاره فجاء مشوباً بالغموض من هذه الناحية وبالقصور مما يتعين معه نقضه والإعادة وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 19196 لسنة 59 ق جلسة 22 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 136 ص 892

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب الخياط نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة ومحمود شريف فهمي.

-----------------

(136)
الطعن رقم 19196 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب". إثبات "بوجه عام".
على الحكم ألا يجهل أدلة الثبوت في الدعوى. وجوب أن يبينها بوضوح وأن يورد مؤداها في بيان مفصل.
 (2)مسئولية جنائية. أشخاص اعتبارية.
مسئولية عمال الشخص الاعتباري وممثليه عن أفعالهم الشخصية ولو كانت لمصلحة الشخص الاعتباري الذي يمثله وباسمه.

-----------------
1 - من المقرر أنه يجب ألا يجهل الحكم أدلة الثبوت في الدعوى، بل عليه أن يبينها بوضوح بأن يورد مؤداها في بيان مفصل يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2 - من المقرر أن من يرتكب الجريمة من عمال الشخص الاعتباري وممثليه يسأل عن فعله شخصياً ولو كان قد ارتكبه لمصلحة الشخص الاعتباري الذي يمثله وباسمه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: أقام قمائن طوب على أرض زراعية على النحو المبين بالمحضر. ثانياً: لم يوفق أوضاعه باستخدام بدائل أخرى للطوب المصنع من أتربة تجريف. وطلبت عقابه بالمادتين 153، 157 من القانون 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 ومحكمة جنح مركز الفيوم قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بمعاقبة المتهم بالحبس ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وبتغريمه عشرة آلاف جنيه والإزالة على نفقته. عارض المحكوم عليه وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف ومحكمة الفيوم الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس والإزالة لمدة ثلاث سنوات.
فطعن الأستاذ....... المحامي عن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إقامة مصنع طوب على أرض زراعية بغير ترخيص، وعدم توفيق أوضاعه باستخدام بدائل أخرى للطوب المصنع من أتربة التجريف، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه خلا من دليل إدانته، فضلاً عن انتفاء مسئوليته عن المتهمين لوقوعها من الشريك المسئول عن إدارة المصنع. وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أنه يجب ألا يجهل الحكم أدلة الثبوت في الدعوى، بل عليه أن يبينها بوضوح بأن يورد مؤداها في بيان مفصل يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً وكان من يرتكب الجريمة من عمال الشخص الاعتباري وممثليه يسأل عن فعله شخصياً ولو كان قد ارتكبه لمصلحة الشخص الاعتباري الذي يمثله وباسمه، لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه - والذي أنشأ لنفسه أسباباً مستقلة - أنه عول في قضائه بإدانة الطاعن على عقد الشركة الذي يثبت مشاركته لآخرين في ملكية مصنع الطوب محل الاتهام، دون أن يبين مضمونه حتى يتحدد من هو الشريك الذي يعزي إليه الفعل المعاقب عليه من واقعة أو يبين صلة الطاعن بالتهمتين المسندتين إليه على نحو يثبت في حقه ما يرتب مسئوليته عنهما كفاعل أصلي لهما أو مشاركاً فيهما فإن الحكم يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على واقعة الدعوى وأن تقول كلمتها في شأن ما يثيره الطاعن بوجه طعنه الآخر. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الطعن 11612 لسنة 59 ق جلسة 28 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 146 ص 940

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم نائبي رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف وأحمد عبد القوي.

-------------------

(146)
الطعن رقم 11612 لسنة 59 القضائية

نقض "التقرير بالطعن والصفة فيه". هيئة قضايا الدولة.
التقرير بالطعن. ورقة شكلية من أوراق الإجراءات. وجوب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية. عدم جواز تكملة أي بيان فيه بأي دليل آخر خارج عنه غير مستمد منه.
التقرير بالطعن بالنقض كما رسمه القانون. أثره: اتصال المحكمة بالطعن.
خلو التقرير بالطعن بالنقض من بيان صفة المقرر ووظيفته. وإن حملت إلى ما يشير صدورها من هيئة قضايا الدولة. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً ولو قرر به من ذي صفة. علة ذلك؟

-----------------
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 7 من مارس سنة 1987 وقد حرر تقرير الطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 15 من إبريل سنة 1987 وأثبت به أن - المقررة هي....... بصفتها نائبة عن وزير المالية وخلا التقرير من بيان صفة المقررة ووظيفتها، وأودعت في اليوم ذاته الأسباب التي بني عليها الطعن موقعة من المقررة دون بيان وظيفتها وإن حملت ما يشير إلى صدورها من هيئة قضايا الدولة بالإسكندرية ومن ثم فقد استحال التثبت من أن الذي قرر بالطعن هو ممن لهم صفة في الطعن بطريق النقض، ولا يغني في هذا الصدد أن يكون الطعن قد قُرر به من ذي صفة فعلاً ما دام لم يثبت بالتقرير ما يدل على هذه الصفة لما هو مقرر من أن تقرير الطعن هو ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبارها السند الوحيد الذي يشهد بصدور العمل الإجرائي عمن صدر منه على الوجه المعتبر قانوناً، فلا يجوز تكملة أي بيان في التقرير بأي دليل خارج عنه غير مستمد منه، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض، كما رسمه القانون - هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إفصاح ذي الشأن عن رغبته، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين التقرير بعدم قبول الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: تهرب من أداء الضريبة المستحقة على السلع المبينة بالأوراق والتي تخضع لضريبة الاستهلاك، وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 3، 4، 53 من القانون رقم 133 لسنة 1981. وادعى وزير المالية بصفته مدنياً قبل المتهم بمبلغ 9440 جنيهاً. ومحكمة جنح...... قضت حضورياً ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية. استأنف كل من المدعي بالحقوق المدنية والنيابة العامة ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت الأستاذة. ....... المحامية نيابة عن وزير المالية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 7 من مارس سنة 1987 وقد حرر تقرير الطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 15 من إبريل سنة 1987 وأثبت به أن - المقررة هي...... بصفتها نائبة عن وزير المالية وخلا التقرير من بيان صفة المقررة ووظيفتها، وأودعت في اليوم ذاته الأسباب التي بني عليها الطعن موقعة من المقررة دون بيان وظيفتها وإن حملت ما يشير إلى صدورها من هيئة قضايا الدولة بالإسكندرية ومن ثم فقد استحال التثبت من أن الذي قرر بالطعن هو ممن لهم صفة في الطعن بطريق النقض، ولا يغني في هذا الصدد أن يكون الطعن قد قرر به من ذي صفة فعلاً ما دام لم يثبت بالتقرير ما يدل على هذه الصفة لما هو مقرر من أن تقرير الطعن هو ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبارها السند الوحيد الذي يشهد بصدور العمل الإجرائي عمن صدر منه على الوجه المعتبر قانوناً، فلا يجوز تكملة أي بيان في التقرير بأي دليل خارج عنه غير مستمد منه، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض، كما رسمه القانون - هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إفصاح ذي الشأن عن رغبته، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين التقرير بعدم قبول الطعن.

الطعن 10999 لسنة 59 ق جلسة 28 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 145 ص 933

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم نائبي رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف ومصطفى صادق.

-----------------

(145)
الطعن رقم 10999 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "بياناته" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استئناف. نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز الطعن بالنقض إلا في الأحكام النهائية.
خلو الحكم الابتدائي من بياناته الجوهرية. متى لا يعيب الحكم الاستئنافي؟
(2) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم في اسم المجني عليه ومدة الحبس وقدر الكفالة. مادي. لا يؤثر في سلامته. السهو الواضح لا يغير الحقائق المعلومة لخصوم الدعوى.
 (3)إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب.
سكوت الدفاع عن طلب مناظرة المجني عليه لإثبات خلوه من الإصابات أمام محكمة أول درجة. اعتباره تنازلاً عن هذا الطلب في المراحل التالية.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها". إثبات "خبرة".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير. موضوعي.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "أوراق رسمية". أوراق رسمية.
للمحكمة الالتفات عن دليل نفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى.
صراحة الرد على أدلة النفي. غير لازم. استفادة الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
 (6)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حسب الحكم إيراد الأدلة المنتجة والتي تحمل قضاءه.
تعقب المتهم في كل جزئية من دفاعه. غير لازم.
الجدل في سلطة محكمة الموضوع. غير جائز أمام النقض.

--------------------
1 - الأحكام النهائية هي وحدها التي يجوز الطعن فيها أمام محكمة النقض فإن خلو الحكم الابتدائي من البيانات الجوهرية اللازمة لصحة الأحكام - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم الاستئنافي ما دام قد تدارك إغفال هذه البيانات واستوفاها وأنشأ لقضائه أسباباً جديدة.
2 - لما كان خطأ الحكم في اسم المجني عليه ومدة الحبس وقدر الكفالة المقضي بهما ابتدائياً - بفرض حصوله - لا يعدو أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر في منطق الحكم أو النتيجة التي انتهى إليها فلا يؤثر في سلامة الحكم. هذا فضلاً عن أن السهو الواضح لا يغير من الحقائق المعلومة لخصوم الدعوى، ومن ثم يكون النعي على الحكم بدعوى البطلان غير سديد.
3 - لما كان الثابت من محضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الدفاع لم يطلب من المحكمة مناظرة المجني عليه لإثبات خلوه من الإصابات، فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسكوته عن التمسك به أمام تلك المحكمة، ولا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن هذا الطلب.
4 - لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها ما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به، فلا يجوز مجادلتها في ذلك ومن ثم فإن طلب الطاعن مناظرة المجني عليه لإثبات خلوه من الإصابات - بفرض إبدائه - ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير قيمة التقرير الطبي مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها في شأنه، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
5 - لما كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها.
6 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما ورد بوجه النعي من اعتياد المجني عليه على السكر وسبق تعديه على ضابط شرطة والتفات الحكم عن المستندات المقدمة إثباتاً لذلك، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أحدثا عمداً بـ....... الإصابات الموصوفة بالأوراق والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً باستخدام أداة (شومة) وطلبت عقابهما بالمادة 242/ 1، 3 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح..... قضت غيابياً للأول وحضورياً للثاني عملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهما شهراً واحداً مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً. عارض المحكوم عليه الأول وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف المحكوم عليهما ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس كل منهما أسبوعين مع الشغل.
فطعن الأستاذ ........ المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الضرب فقد ران عليه البطلان وشابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه أيد حكم أول درجة رغم بطلانه لخلوه من بيان الواقعة ونص القانون، وأخطأ في اسم المجني عليه ومدة الحبس ومقدار الكفالة المقضي بهما ابتدائياً، ولم يعرض إيراداً ورداً لطلبهما مناظرة المجني عليه لإثبات خلوه من الإصابات، وغفل عن مستنداتهما المثبتة لاعتياد المجني عليه على السكر وسبق تعديه على ضابط شرطة، وأطرح ما قرره.... في محضر الاستدلالات من أن التهمة ملفقة وأن المجني عليه أحدث إصاباته بنفسه كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكانت الأحكام النهائية هي وحدها التي يجوز الطعن فيها أمام محكمة النقض فإن خلو الحكم الابتدائي من البيانات الجوهرية اللازمة لصحة الأحكام - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم الاستئنافي ما دام قد تدارك إغفال هذه البيانات واستوفاها وأنشأ لقضائه أسباباً جديدة - كما هو الحال في الطعن الماثل - لما كان ذلك، وكان خطأ الحكم في اسم المجني عليه ومدة الحبس وقدر الكفالة المقضي بهما ابتدائياً - بفرض حصوله - لا يعدو أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر في منطق الحكم أو النتيجة التي انتهى إليها فلا يؤثر في سلامة الحكم. هذا فضلاً عن أن السهو الواضح لا يغير من الحقائق المعلومة لخصوم الدعوى، ومن ثم يكون النعي على الحكم بدعوى البطلان غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الدفاع لم يطلب من المحكمة مناظرة المجني عليه لإثبات خلوه من الإصابات، فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسكوته عن التمسك به أمام تلك المحكمة، ولا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن هذا الطلب هذا إلا أنه لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى التقرير الطبي وما ورد به من إصابات المجني عليه، وأخذت به، واستندت إليه في قضائها، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها ما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به، فلا يجوز مجادلتها في ذلك ومن ثم فإن طلب الطاعن مناظرة المجني عليه لإثبات خلوه من الإصابات - بفرض إبدائه - ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير قيمة التقرير الطبي مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها في شأنه، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما ورد بوجه النعي من اعتياد المجني عليه على السكر وسبق تعديه على ضابط شرطة والتفات الحكم عن المستندات المقدمة إثباتاً لذلك، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن أقوال...... في محضر الاستدلالات، ما دامت لا تثق فيها، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقواله طالما أنها لم تستند إليها، ولأن في قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقواله فأطرحتها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً التقرير بعدم قبوله.

الطعن 10124 لسنة 59 ق جلسة 29 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 147 ص 943

جلسة 29 من أكتوبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الشافعي وفتحي الصباغ نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسين ومحمود شريف فهمي.

-----------------

(147)
الطعن رقم 10124 لسنة 59 القضائية

محكمة استئنافية "الإجراءات أمامها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "بطلانه". بطلان. تقرير التلخيص. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
عدم وضع تقرير التلخيص كتابة. يبطل الحكم. قراءة أحد الأعضاء صيغة التهمة ونص الحكم الابتدائي لا يغني عن التقرير.
عدم وجود تقرير تلخيص. مفاده: قعود المحكمة عن وضعه ولو نصت في حكمها على استيفائه ولو لم يجحد هذا البيان عن طريق الادعاء بالتزوير.

-----------------
لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية إذ أوجبت أن يضع أحد أعضاء الدائرة المنوط بها الحكم في الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه يشتمل على ملخص وقائع الدعوى وظروفها وأدلة الثبوت والنفي وجميع المسائل الفرعية التي وقعت والإجراءات التي تمت وأن يتلى هذا التقرير، فقد دلت بذلك دلالة واضحة على أن هذا التقرير يكون موضوعاً بالكتابة وأنه ورقة من أوراق الدعوى الواجب وجودها بملفها، فعدم وضع هذا التقرير بالكتابة يكون تقصيراً في إجراء من الإجراءات الجوهرية يعيب الحكم ويبطله. ولا يغني عن هذا التقرير أن يقرأ أحد الأعضاء صيغة التهمة ونص الحكم الابتدائي فإن هذا عمل غير جدي لا يغني عن وجوب تنفيذ القانون بوضع تقرير كتابي يصح أن يعول عليه القاضيان الآخران في تفهم الدعوى، وما دامت ورقة التقرير غير موجودة فعلاً فلا يصح في هذا المقام الاعتراض بمفهوم نص الفقرة الأخيرة من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قولاً أن الحكم ما دام ثابتاً فيه أن هذا الإجراء قد استوفى فلا سبيل لجحده، إلا بالطعن بالتزوير ما دام أن ورقة التقرير غير موجودة فعلاً لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن أوراق الدعوى قد خلت من تقرير التلخيص فقد وجب القول بأن المحكمة الاستئنافية قصرت في اتخاذ إجراء من الإجراءات - الجوهرية مما يعيب حكمها بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح مركز فارسكور ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين رقمي 336، 337 من قانون العقوبات وبأن يدفع له قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت عارض المحكوم عليه وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن استأنف ومحكمة دمياط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف للتقرير به بعد الميعاد عارض وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ...... المحامي عن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قد شابه البطلان، ذلك بأن أوراق الدعوى خلت من تقرير تلخيص لوقائعها أمام المحكمة الاستئنافية، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية إذ أوجبت أن يضع أحد أعضاء الدائرة المنوط بها الحكم في الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه يشتمل على ملخص وقائع الدعوى وظروفها وأدلة الثبوت والنفي وجميع المسائل الفرعية التي وقعت والإجراءات التي تمت وأن يتلى هذا التقرير، فقد دلت بذلك دلالة واضحة على أن هذا التقرير يكون موضوعاً بالكتابة وأنه ورقة من أوراق الدعوى الواجب وجودها بملفها، فعدم وضع هذا التقرير بالكتابة يكون تقصيراً في إجراء من الإجراءات الجوهرية يعيب الحكم ويبطله. ولا يغني عن هذا التقرير أن يقرأ أحد الأعضاء صيغة التهمة ونص الحكم الابتدائي فإن هذا عمل غير جدي لا يغني عن وجوب تنفيذ القانون بوضع تقرير كتابي يصح أن يعول عليه القاضيان الآخران في تفهم الدعوى، وما دامت ورقة التقرير غير موجودة فعلاً فلا يصح في هذا المقام الاعتراض بمفهوم نص الفقرة الأخيرة من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قولاً أن الحكم ما دام ثابتاً فيه أن هذا الإجراء قد استوفى فلا سبيل لجحده، إلا بالطعن بالتزوير ما دام أن ورقة التقرير غير موجودة فعلاً لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن أوراق الدعوى قد خلت من تقرير التلخيص فقد وجب القول بأن المحكمة الاستئنافية قصرت في اتخاذ إجراء من الإجراءات - الجوهرية مما يعيب حكمها بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.