جلسة 11 من يناير سنة 1970
برياسة السيد المستشار / محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين / نصر الدين حسن عزام, وسعد الدين عطية, وأنور أحمد خلف, ومحمود كامل عطيفة.
-------------
(11)
الطعن 1704 لسنة 39 ق
- 1 أمن دولة. نيابة عامة. "نيابة أمن
الدولة". اختصاص. "اختصاص نيابة أمن الدولة". جريمة. رشوة. تحقيق.
"التحقيق بمعرفة النيابة". قرارات وزارية.
إنهاء حالة الطوارئ. لا ينحسر به اختصاص نيابة أمن
الدولة بالتحقيق والتصرف في الجرائم المحددة في قرارات وزير العدل في هذا الشأن.
ومن بينها جرائم الرشوة. في جميع أنحاء الجمهورية.
- 2 رشوة. إثبات. "إثبات بوجه
عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما
لا يقبل منها".
استخلاص المحكمة وقوع جريمة الرشوة مما له أصل صحيح في الأوراق. لا
تثريب عليها. عدم جواز إثارة الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة أمام النقض.
- 3 رشوة.
جريمة. "أركانها". عقوبة. "العقوبة المبررة". حكم. "ما
لا يعيبه في نطاق التدليل". طعن. "المصلحة في الطعن". نقض.
"المصلحة في الطعن".
كفاية إيراد الحكم ما تتوافر به عناصر جريمة الرشوة المنصوص عليه في
المادة 106 مكررا عقوبات. وإن أخطأ وطبق المادتين 103، 103 مكررا عقوبات. ما دام
قد أنزل بالمتهم عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة للمادة 106 مكررا عقوبات.
انعدام المصلحة في الطعن على الحكم في هذه الحالة.
- 4 إثبات. "شهادة".
حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض أقوال الشهود: لا يعيب
الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
-------------
1 - إن قرار رئيس الجمهورية رقم 1216 لسنة 1964 بإنهاء حالة الطوارئ لا صلة بينه وبين مباشرة نيابة أمن الدولة الاختصاص المنوط بها طبقاً لقرارات وزير العدل الصادرة في هذا الشأن وفقاً للقانون، ويشمل هذا الاختصاص التحقيق والتصرف في جرائم معينة في جميع أنحاء الجمهورية، من بينها جرائم الرشوة المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.
2 - إذا كان مؤدى ما أثبته الحكم، أن الطاعن زعم للمجني عليه أنه يستطيع بوسائله الخاصة أن يحقق رغبته في النقل إلى القاهرة، وأنه على استعداد لاتخاذ الإجراءات التي توصل إلى نقله دون علم المهندس المختص وبأمر من الجهات العليا، وأنه طلب لقاء ذلك من المجني عليه مبلغ خمسة جنيهات أخذه بالفعل، وتم ضبطه إثر كمين أعد له، وكان ما استخلصه الحكم فيما تقدم له أصله الصحيح بالأوراق، فإن النعي عليه بفساد الاستدلال لا يكون مقبولاً، إذ هو في واقعه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص ما تؤدي إليه، مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
3 - لا جدوى مما يثيره الطاعن من خلو التحقيقات من أي دليل على أنه زعم أن له اختصاصا بالعمل الذي طلب الرشوة من أجله، ذلك بأن ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى تتوافر به عناصر الجريمة المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات، ولئن أخطأ الحكم في تطبيقه المادتين 103، 103 مكرراً من قانون العقوبات على واقعة الدعوى، إلا أن العقوبة التي قضى بها تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن فيما يثيره في هذا الشأن.
4 - إن التناقض بين أقوال الشهود، لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغاً لا تناقض فيه.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 9 مارس سنة 1966 بدائرة قسم
ملوي محافظة المنيا: بصفته موظفا عموميا "كاتبا بهندسة تليفونات ملوي"
طلب وقبل عطية لاستعمال نفوذ مزعوم لمحاولة الحصول من سلطة عامة على قرار، بأن أخذ
من ..... المستخدم بهندسة تليفونات ملوي مبلغ خمسة جنيهات على سبيل الرشوة نظير
سعيه لدى المسئولين بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية واستعمال نفوذه المزعوم
لديهم لإصدار قرار بنقله من ملوي إلى القاهرة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى
محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك.
ومحكمة جنايات المنيا انتهت إلى تعديل وصف التهمة إلى أن المتهم بصفته موظفا
عموميا "كاتبا بهندسة تليفونات" طلب وأخذ عطية لأداء عمل زعم أنه من
أعمال وظيفته بأن أخذ من ..... المستخدم بهندسة تليفونات ملوي مبلغ خمسة جنيهات
على سبيل الرشوة نظير قيامه بطرقه الخاصة بالعمل على صدور أمر بنقله من ملوي إلى
القاهرة وقضت في الدعوى حضوريا بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1967 عملا بالمواد 111/1 و103
و103م من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 1962 مع تطبيق المادة 17 من
قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه. فطعن المحكوم
عليه في هذا الحكم بطريق النقض. وقضي فيه بتاريخ 7 أكتوبر سنة 1968 بقبول الطعن
شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات المنيا
لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. أعيدت الدعوى ثانية إلى محكمة جنايات المنيا. وقضت
حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ألف
جنيه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية... إلخ.
--------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة رشوة
قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن
الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش الصادر من نيابة أمن الدولة العليا لصدور قرار رئيس
الجمهورية رقم 1216 سنة 1964 بإنهاء حالة الطوارئ مما يتأدى عنه سلب اختصاص هذه
النيابة، ولأن الإذن صدر لضبط جريمة مستقبلة وقد جاء رد الحكم على هذا الدفع
قاصراً ومخطئاً في القانون. وخلت الأوراق من أي دليل على أن الطاعن زعم أن له
اختصاصاً بالعمل الذي من أجله طلب الرشوة. كما أخطأ الحكم في إسباغه على واقعة
الدعوى وصفها القانوني ودلل على ثبوتها في حق الطاعن بأدلة غير مؤدية، وعول على
أقوال الشهود مع تناقضها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وساق مؤدى الأدلة
فيها عرض للدفع ببطلان إذن النيابة بالتفتيش ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن الدفع
ببطلان إذن التفتيش لصدوره من غير مختص نوعياً بإصداره فمردود عليه بأن قرار وزير
العدل الصادر في 8/3/1953 والمعدل في 1/6/1957 قد نص على اختصاص نيابة أمن الدولة
بالتحقيق والتصرف فيما يقع بجميع أنحاء الجمهورية في بعض الجرائم ومن بينها جريمة
الرشوة. ولا يزال هذا القرار سارياً معمولاً به ولا جدال في أن إصدار الإذن
بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق وبالتالي يكون إذن التفتيش الصادر من رئيس
نيابة أمن الدولة العليا قد صدر ممن يملكه. أما القول ببطلان ذلك الإذن لأنه صدر
قبل وقوع الجريمة فمردود عليه بأن رجال الشرطة شاهدوا المتهم يتسلم مبلغ الرشوة من
الراشي، وبذا تكون حالة التلبس بالجريمة متوافرة وبالتالي يجوز لرجال الضبط القبض
على المتهم وتفتيشه حتى ولو لم يكن هناك إذن بهذا التفتيش قد صدر من النيابة
العامة". ولما كان ما أورده الحكم فيما تقدم صحيحاً في القانون، ولا وجه
للتحدي بقرار رئيس الجمهورية رقم 1216 سنة 1964 بإنهاء حالة الطوارئ لأنه لا صلة
بين إنهاء تلك الحالة وبين مباشرة نيابة أمن الدولة لاختصاصها المنوط بها طبقاً
لقرارات وزير العدل الصادرة في هذا الشأن وفقاً للقانون ويشمل هذا الاختصاص
التحقيق والتصرف في جرائم معينة في جميع أنحاء الجمهورية، من بينها جرائم الرشوة
المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، ومن ثم فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما أثبته الحكم
أن الطاعن زعم للمجني عليه أنه يستطيع بوسائله الخاصة أن يحقق رغبته في النقل إلى
القاهرة، وأنه على استعداد لاتخاذ الإجراءات التي توصل إلى نقله دون علم المهندس
المختص وبأمر من الجهات العليا، وأنه طلب لقاء ذلك من المجني عليه مبلغ خمسة
جنيهات أخذه بالفعل وتم ضبطه إثر كمين أعد له، وكان ما استخلصه الحكم فيما تقدم له
أصله الصحيح بالأوراق، فإن النعي عليه بفساد الاستدلال لا يكون مقبولاً إذ هو في
واقعه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة
الدعوى واستخلاص ما تؤدي إليه مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. ولا جدوى مما
يثيره الطاعن من خلو التحقيقات من أي دليل على أنه زعم أن له اختصاصاً بالعمل الذي
طلب الرشوة من أجله ذلك بأن ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى تتوافر به عناصر
الجريمة المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات. والحكم المطعون
فيه وإن أخطأ في تطبيقه المادتين 103 و 103 مكرراً من قانون العقوبات على واقعة
الدعوى إلا أن العقوبة التي قضى بها تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة المنصوص
عليها في المادة 106 مكرراً، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن فيما يثيره في هذا الشأن.
لما كان ذلك، وكان التناقض بين أقوال الشهود لا يعيب الحكم مادام أنه قد استخلص
الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن
برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.