برياسة السيد المستشار/ محمد صبري, وعضوية السادة المستشارين: محمد
نور الدين عويس, ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.
------------
- 1 دعوى جنائية. "تحريكها". نيابة
عامة "القيود التي ترد على حقها في تحريك الدعوى الجنائية" نقد. جمارك.
استيراد.
الإجراء المنصوص عليه في كل من المادة 9/ 4 من القانون رقم 80 لسنة
1947 بتنظيم الرقابة علي عمليات النقد والمادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 في
شأن الجمارك والمادة 10 من القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد. هو في
حقيقته طلب يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره. سواء بالنسبة إلى مباشرة
التحقيق أو بالنسبة إلى رفع الدعوى.
استقر قضاء محكمة النقض على أن الإجراء المنصوص عليه في الفقرة
الرابعة من المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات
النقد المعدل بالقانونين أرقام 157 لسنة 1950 و331 لسنة 1952 و111 لسنة 1953
والإجراء المنصوص عليه في المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 في شأن الجمارك
والإجراء المنصوص عليه في المادة العاشرة من القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن
الاستيراد - كل منها في حقيقته طلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره سواء
من جهة مباشرة التحقيق أو من جهة رفع الدعوى.
- 2 دعوى جنائية. "تحريكها". نيابة
عامة "القيود التي ترد على حقها في تحريك الدعوى الجنائية" نقد. جمارك.
استيراد.
اختصاص النيابة العامة برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقا للقانون
مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء من نص الشارع. أحوال الطلب من تلك القيود.
صدور الطلب. أثره: رفع القيد رجوعا إلى حكم الأصل في الإطلاق. صدور الطلب ممن
يملكه قانونا في جريمة من جرائم النقد أو التهريب أو الاستيراد. للنيابة العامة
اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر عنها وتصح الإجراءات بالنسبة
إلى كافة ما قد تتصف به من أوصاف قانونية وما يرتبط بها إجرائيا من وقائع لم تكن
معلومة وقت صدوره متى تكشفت عرضا أثناء التحقيق وذلك بقوة الأثر العيني للطلب وقوة
الأثر القانوني للارتباط، ما دام ما جرى تحقيقه من الوقائع داخلا في مضمون ذلك
الطلب الذي يملك صاحبه قصره أو تقييده. لا يغير من ذلك أن تكون الدعوى الجنائية لم
ترفع عن الجريمة التي صدر بشأنها الطلب بل رفعت عن جرائم أخرى مما يتوقف رفع
الدعوى بها على طلب من جهة أخرى ما دامت هذه الجرائم قد تكشفت عرضا أثناء تحقيق
الجريمة الأولى التي صدر الطلب بشأنها صحيحا.
الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن
النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون، وأن
اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء من نص الشارع، وأحوال
الطلب هي من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر، مما يتعين
الأخذ في تفسيره بالتضييق، وأن أثر الطلب متى صدر رفع القيد عن النيابة العامة
رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق وإذن فمتى صدر الطلب ممن يملكه قانوناً في جريمة
من جرائم النقد أو التهريب أو الاستيراد حق للنيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن
الواقعة أو الوقائع التي صدر عنهما وصحت الإجراءات بالنسبة إلى كافة ما قد تتصف به
من أوصاف قانونية مما يتوقف رفع الدعوى الجنائية على طلب بشأنه من أي جهة كانت.
والقول بغير ذلك يؤدي إلى زوال القيد وبقائه معاً مع وروده على محل واحد دائراً مع
الأوصاف القانونية المختلفة للواقعة عينها وهو ما لا مساغ له مع وحدة النظام
القانوني الذي يجمع أشتات القوانين المالية بما تتضمنه من توقف الدعوى الجنائية
على الطلب، إذ أن الطلب في هذا المقام يتعلق بجرائم من صعيد واحد يصدق عليها
جميعاً أنها جرائم مالية تمس ائتمان الدولة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها وبالتالي
فإن أي طلب عن أي جريمة منها يشمل الواقعة بجميع أوصافها وكيوفها القانونية
الممكنة كما ينبسط على ما يرتبط بها إجرائياً من وقائع لم تكن معلومة وقت صدوره
متى تكشف عرضاً أثناء التحقيق وذلك بقوة الأثر العيني للطلب وقوة الأثر القانوني
للارتباط ما دام ما جرى تحقيقه من وقائع داخلاً في مضمون ذلك الطلب الذي يملك
صاحبه قصره أو تقييده. أما القول بأن الطلب يجب أن يكون مقصوراً على الوقائع
المحددة التي كانت معلومة وقت صدوره دون ما يكشف التحقيق منها عرضاً فتخصيص بغير
مخصص وإلزام بما لا يلزم. والقول بغير ذلك يؤدي إلى توقف الدعوى الجنائية حالاً
بعد حال كلما جد من الوقائع جديد يقتضي طلباً آخر الأمر الذي تتأذى منه العدالة
الجنائية حتماً خصوصاً إذا ترادفت الوقائع مكونة حلقات متشابكة في مشروع جنائي
واحد. ولا يغير من هذا النظر أن تكون الدعوى الجنائية لم ترفع عن الجريمة التي صدر
بشأنها الطلب بل رفعت عن جرائم أخرى مما يتوقف رفع الدعوى بها على طلب من جهة أخرى
ما دامت هذه الجرائم قد تكشفت عرضاً أثناء تحقيق الجريمة الأولى التي صدر الطلب
بشأنها صحيحاً.
- 3 إجراءات. "الأعمال الإجرائية".
نقد. جمارك. استيراد.
الأعمال الإجرائية تجري على حكم الظاهر. هي لا تبطل من بعد نزولا على
ما قد ينكشف عن أمر الواقع.
الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجري على حكم الظاهر وهي لا تبطل من
بعد نزولاً على ما قد يتكشف عن أمر الواقع، وقد أعمل الشارع هذا الأصل وأدار عليه
نصوصه ورتب أحكامه ومن شواهده ما نصت عليه المواد 30، 163، 362، 382 من قانون
الإجراءات الجنائية مما حاصله أن الأخذ بالظاهر لا يوجب بطلان العمل الإجرائي الذي
يتم على حكمه تيسيراً لتنفيذ أحكام القانون وتحقيقاً للعدالة حتى لا يفلت الجناة
من العقاب.
- 4 نقض. "الطعن بالنقض".
وجوب أن يكون الطعن واضحا محددا.
من المقرر أنه يجب لقبول الطعن أن يكون واضحاً محدداً حتى تتضح مدى
أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها مما تلتزم المحكمة بالتصدي له
إيراداً له ورداً عليه.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 19 مارس سنة 1966 بدائرة قسم
الدرب الأحمر محافظة القاهرة: (أولا) هرب البضائع المبينة الوصف والقيمة بالمحضر إلى
أراضي الجمهورية العربية المتحدة بطرق غير مشروعة دون أن يؤدي الضرائب الجمركية
المستحقة عليها وأخفاها بقصد التخلص من تلك الضرائب (ثانيا) استورد السلع المبينة
في التهمة السابقة إلى الجمهورية العربية المتحدة قبل الحصول على ترخيص الاستيراد
من وزارة الاقتصاد. وطلبت عقابه بالمادتين 121 و122 من القانون رقم 66 لسنة 1963
والمادتين 1 و7 من القانون رقم 9 لسنة 1959. ومحكمة جنح القاهرة للجرائم المالية
والتجارية قضت حضوريا غيابيا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/1 من قانون
العقوبات بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل وكفالة مائتي قرش لوقف التنفيذ وإلزامه
بتعويض قدره 410ج و400م ومصادرة المضبوطات وذلك عن التهمتين. عارض المحكوم عليه في
هذا الحكم ودفع (أولا) بعدم قبول الدعوى الجنائية لعدم صدور إذن من مدير عام مصلحة
الجمارك (ثانيا)بطلان القبض والتفتيش, وبعد أن أتمت المحكمة نظر معارضته قضت بقبولها
شكلا وفي الموضوع بما يأتي (أولا) رفض الدفع بعدم قبول الدعوى (ثانيا) رفض الدفع
ببطلان القبض والتفتيش (ثالثا) رفض موضوع المعارضة وتعديل الحكم المعارض فيه
بالنسبة لعقوبة الحبس بوقفها مدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة هذا الحكم
نهائيا وتأييد الحكم المعارض فيه فيما عدا ذلك. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة
القاهرة الابتدائية للجنح والمخالفات المالية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا
بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه
في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي
التهريب الجمركي واستيراد البضاعة دون الحصول على ترخيص استيراد قد أخطأ في تطبيق
القانون وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه رفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول
الدعوى الجنائية لحصول إجراءات الضبط والتحقيق قبل صدور الطلب من مدير عام الجمارك
طبقاً للمادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بشأن الجمارك، والطلب من وزير
الاقتصاد طبقاً للمادة 10 من القانون رقم 9 لسنة 1959 بشأن الاستيراد قولاً بصدور
الطلب من مدير عام النقد طبقاً للقانون رقم 80 لسنة 1947 مع أن هذا الطلب قاصر على
جرائم النقد لا يمتد أثره إلى غيرها من الجرائم التي يتوقف رفع الدعوى واتخاذ
الإجراءات على صدور طلب بشأنها خصوصاً إذا كان الحكم قد انتهى إلى عدم تطبيق
القانون الذي صدر الطلب بناء عليه كما أغفل الإشارة إلى ما تضمنته المذكرة المقدمة
من الطاعن من رد على أسباب الحكم المستأنف مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الإجراء المنصوص عليه
الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على
عمليات النقد المعدل بالقوانين 157 لسنة 1950 و331 لسنة 1952 و111 لسنة 1953
والإجراء المنصوص عليه في المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 في شأن الجمارك،
والإجراء المنصوص عليه في المادة العاشرة من القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن
الاستيراد كل منها في حقيقته طلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره سواء
من جهة مباشرة التحقيق أو من جهة رفع الدعوى، وأن الأصل المقرر بمقتضى المادة
الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى
الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون، وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه
القيد إلا استثناء من نص الشارع، وأن أحوال الطلب هي من تلك القيود التي ترد على
حقها استثناء من الأصل المقرر، مما يتعين الأخذ في تفسيره بالتضييق، وأن أثر الطلب
- متى صدر - رفع القيد عن النيابة العامة رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق وإذن
فمتى صدر الطلب ممن يملكه قانوناً في جريمة من جرائم النقد أو التهريب أو
الاستيراد، حق النيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر
عنها، وصحت الإجراءات بالنسبة إلى كافة ما قد تتصف به من أوصاف قانونية مما يتوقف
رفع الدعوى الجنائية على طلب بشأنه من أي جهة كانت والقول بغير ذلك يؤدي إلى زوال
القيد وبقائه معاً مع وروده على محل واحداً دائراً مع الأوصاف القانونية المختلفة
للواقعة عينها وهو ما لا مساغ له مع وحدة النظام القانوني الذي يجمع أشتات
القوانين المالية بما تتضمنه من توقف الدعوى الجنائية على الطلب - إذ أن الطلب في
هذا المقام يتعلق بجرائم من صعيد واحد يصدق عليها جميعاً أنها جرائم مالية تمس
ائتمان الدولة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها وبالتالي فإن أي طلب عن أي جريمة منها
يشمل الواقعة بجميع أوصافها وكيوفها القانونية الممكنة كما ينبسط على ما يرتبط بها
إجرائياً من وقائع لم تكن معلومة وقت صدوره متى تكشفت عرضاً أثناء التحقيق، وذلك
بقوة الأثر العيني للطلب، وقوة الأثر القانوني للارتباط، ما دام ما جرى تحقيقه من
الوقائع داخلاً في مضمون ذلك الطلب الذي يملك صاحبه قصره أو تقييده. أما القول بأن
الطلب يجب أن يكون مقصوراً على الوقائع المحددة التي كانت معلومة وقت صدوره دون ما
قد يكشف التحقيق منها عرضاً فتخصيص بغير مخصص، وإلزام بما لا يلزم. والقول بغير
ذلك يؤدي إلى توقف الدعوى الجنائية حالاً بعد حال كلما جد من الوقائع جديد يقتضي
طلباً آخر، الأمر الذي تتأذى منه العدالة الجنائية حتماً خصوصاً إذا ترادفت
الوقائع مكونة حلقات متشابكة في مشروع جنائي واحد ولا يغير من هذا النظر أن تكون
الدعوى الجنائية لم ترفع عن الجريمة التي صدر بشأنها الطلب، بل رفعت عن جرائم أخرى
مما يتوقف الدعوى بها على طلب من جهة أخرى ما دامت هذه الجرائم قد انكشفت عرضاً
أثناء تحقيق الجريمة الأولى التي صدر الطلب بشأنها صحيحاً، ذلك بأن الأصل في
الأعمال الإجرائية أنها تجري على حكم الظاهر وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما قد
ينكشف من أمر الواقع وقد أعمل الشارع هذا الأصل وأدار عليه نصوصه، ورتب أحكامه ومن
شواهده ما نصت عليه المواد 30 و163 و362 و382 من قانون الإجراءات الجنائية مما
حاصله أن الأخذ بالظاهر لا يوجب بطلان العمل الإجرائي الذي يتم على حكمه تيسيراً
لتنفيذ أحكام القانون، وتحقيقاً للعدالة حتى لا يفلت الجناة من العقاب. وإذن فإذا
كان الثابت من محضر الضبط المؤرخ 16/3/1966 الذي أشر عليه مدير عام النقد باتخاذ
الإجراءات أنه نمى إلى مأمور الضبط أن الطاعن يقوم بتهريب النقد، ولما فتش مسكنه
بناء على أمر النيابة ضبط به الكثير من الساعات التي اعترف نصاً أنه هربها يوم
16/2/1966 بإخفائها عند اجتياز الدائرة الجمركية دون أن يؤدي عنها الرسوم الجمركية
أو يحصل على ترخيص باستيرادها من الجهة الإدارية المختصة فصدر من بعد طلب من مدير
جمرك القاهرة في 22/5/1966 وطلب مدير عام الاستيراد في 11/6/1966 برفع الدعوى
الجنائية تطبيقاً للقانونين رقمي 66 لسنة 1963 و9 لسنة 1959 بناء على ما ظهر من
أمر الجريمتين اللتين دين فيهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع بعدم قبول
الدعوى الجنائية عن هاتين الجريمتين يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً
صحيحاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول الطعن أن يكون واضحاً محدداً
حتى تتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها مما تلتزم المحكمة
بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه، وكان الطاعن لم يبين في طعنه المآخذ التي أشار
إليها تعييباً للحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والذي ضمنه المذكرة المقدمة منه
للمحكمة الاستئنافية، فإن هذا السبب يكون على هذه الصورة مجهلاً غير مقبول. لما
كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض.