الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 1 ديسمبر 2017

الطعن 5760 لسنة 58 ق جلسة 17 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 9 ص 77

جلسة 17 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسن عثمان عمار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البارودي نائب رئيس المحكمة وصلاح عطية وحسن عشيش ورضوان عبد العليم.

-------------------

(9)
الطعن رقم 5760 لسنة 58 القضائية

(1) إصابة خطأ. خطأ. حكم. "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حكم الإدانة. بياناته؟
سلامة الحكم بالإدانة في الجرائم غير العمدية مشروط ببيان ركني الخطأ ورابطة السببية. اكتفاء الحكم بالإدانة بالإحالة إلى محضر الضبط دون إيراد مضمونه ودون بيان كيفية وقوع الحادث وسلوك الطاعن وموقف المجني عليه ومسلكه أثناء وقوع الحادث. قصور.
(2) نقض "أثر الطعن".
عدم امتداد أثر الطعن بالنقض لمن لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية. علة ذلك؟

----------------
1 - لما كان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً، وكان من المقرر أن ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية وأنه يجب لسلامة القضاء بالإدانة في جريمة القتل الخطأ - حسبما هي معرفة به في المادة 238 من قانون العقوبات - أن يبين الحكم كنه الخطأ الذي وقع من المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والقتل بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير هذا الخطأ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اكتفى في بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة ولم يورد مضمونه ولم يبين وجه استدلاله به على الجريمة التي دان الطاعن بها، هذا فضلاً عن أنه لم يبين كيفية وقوع الحادث وسلوك الطاعن أثناء قيادته للسيارة وكنه الخطأ الذي وقع منه ويورد الدليل على كل ذلك مردوداً إلى أصل ثابت في الأوراق، كما لم يبين موقف المجني عليه ومسلكه أثناء وقوع الحادث وأثر ذلك على قيام رابطة السببية، كما أغفل بيان إصابات المجني عليه وكيف أنها أدت إلى وفاته من واقع تقرير فني باعتبار أن ذلك من الأمور الفنية البحتة، الأمر الذي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة التي صادر إثباتها في الحكم.
2 - لما كان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليه الآخر في الدعوى إلا أنه لا يفيد من نقض الحكم المطعون فيه لأنه لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها ذلك الحكم، ومن ثم لم يكن له أصلاً حق الطعن بالنقض فلا يمتد إليه أثره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنه: ارتكب جريمة القتل الخطأ والإصابة والقيادة الخطرة، وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات، ومحكمة جنح البدرشين قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ. عارض، وأثناء نظر المعارضة ادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، وقضى في المعارضة بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة. استأنف، ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم ستة أشهر مع الشغل.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي عن الأستاذ/ ....... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه قصور في البيان، ذلك أنه لم يعن ببيان أركان هاتين الجريمتين ولم يستظهر عنصر الخطأ ويورد دليله عليه بالرغم مما تمسك به الطاعن في دفاعه المثبت بمذكرته أمام المحكمة الاستئنافية من أن الخطأ يقع في جانب المحكوم عليه الثاني، كما أغفل الحكم الإشارة إلى التقرير الطبي ولم يورد مؤداه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها في حق الطاعن على قوله "وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم ثبوتاً كافياً مما جاء بمحضر الضبط المرفق ومن عدم دفع المتهم للاتهام بدفاع مقبول يطمئن إليه وجدان المحكمة ومن ثم يتعين عقابه بمواد الاتهام وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً، وكان من المقرر أن ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية وإنه يجب لسلامة القضاء بالإدانة في جريمة القتل الخطأ - حسبما هي معرفة به في المادة 238 من قانون العقوبات - أن يبين الحكم كنه الخطأ الذي وقع من المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والقتل بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير هذا الخطأ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اكتفى في بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة ولم يورد مضمونه ولم يبين وجه استدلاله به على الجريمة التي دان الطاعن بها، هذا فضلاً عن أنه لم يبين كيفية وقوع الحادث وسلوك الطاعن أثناء قيادته للسيارة وكنه الخطأ الذي وقع منه ويورد الدليل على كل ذلك مردوداً إلى أصل ثابت في الأوراق، كما لم يبين موقف المجني عليه ومسلكه أثناء وقوع الحادث وأثر ذلك على قيام رابطة السببية، كما أغفل بيان إصابات المجني عليه وكيف إنها أدت إلى وفاته من واقع تقرير فني باعتبار أن ذلك من الأمور الفنية البحتة، الأمر الذي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة التي صار إثباتها في الحكم. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة. لما كان ما تقدم، وكان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليه الآخر في الدعوى إلا إنه لا يفيد من نقض الحكم المطعون فيه لأنه لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها ذلك الحكم، ومن ثم لم يكن له أصلاً حق الطعن بالنقض فلا يمتد إليه أثره.

الطعن 6050 لسنة 58 ق جلسة 12 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 8 ص 72

جلسة 12 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وأحمد جمال عبد اللطيف.

----------------

(8)
الطعن رقم 6050 لسنة 58 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. قانون "تفسيره". أسباب الإباحة وموانع العقاب. "أسباب الإباحة".
حق الساحب المعارضة في دفع قيمة الكمبيالة في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها. علة ذلك؟ المادة 148 من قانون التجارة.
(2) شيك بدون رصيد. قانون "تفسيره". أسباب الإباحة وموانع العقاب. "أسباب الإباحة". تبديد. سرقة. نصب.
سرقة الورقة والحصول عليها بطريق التهديد. دخولهما في حكم ضياعها.
إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بحالات الإباحة في المعارضة في الوفاء بقيمته. أساس ذلك؟
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". شيك بدون رصيد.
الدفاع الجوهري. على المحكمة أن تعرض له استقلالاً كشفاً لمدى صدقه أو ترد عليه بما يدفعه. إمساكها عن ذلك. قصور.
مثال.

------------------
1 - إن نص المادة 148 من قانون التجارة قد جرى على أنه "لا تقبل المعارضة في دفع قيمة الكمبيالة إلا في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها"، وكان المقرر طبقاً للنص القانوني سالف الذكر أن الشارع أباح للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون به ماله بغير توقف على حكم من القضاء، لما قدره من أن حق الساحب في حالتي الضياع وإفلاس الحامل يعلو على حق المستفيد.
2 - لما كان من المسلم به أنه يدخل في حكم الضياع السرقة البسيطة والسرقة بظروف والحصول على الورقة بالتهديد، كما إنه من المقرر أن القياس في أسباب الإباحة أمر يقره القانون بغير خلاف، فإنه يمكن إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بتلك الحالات من حيث إباحة حق المعارضة في الوفاء بقيمته، فهي بها أشبه على تقدير أنها جميعاً من جرائم سلب المال، وأن الورقة متحصلة من جريمة، ولا يغير من الأمر ما يمكن أن يترتب على مباشرة الساحب لهذا الحق من الإخلال بما يجب أن يتوفر للشيك من ضمانات في التعامل، ذلك بأن الشارع رأى أن مصلحة الساحب في الحالات المنصوص عليها في المادة 148 من قانون التجارة - التي هي الأصل - هي الأولى بالرعاية.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفاع الطاعن سالف الإشارة، وكان الدفاع المسوق من الطاعن يعد - في خصوص الدعوى المطروحة - هاماً وجوهرياً لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليته الجنائية مما كان يتعين معه على المحكمة أن توقف الدعوى الماثلة، حتى يفصل في جنحة التبديد المقامة من الطاعن على ما سلف إيراده - أن تبين لها، أن محلها ذات الشيك في الدعوى المعروضة، اعتباراً بأن الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في الدعوى الأخرى، وتتحقق به مسئولية الطاعن جنائياً أو تنتفي وذلك عملاً بنص المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية، وهو ما يتسع له وجه الطعن ويظاهر المسطور في مستنداته التي حوتها المفردات المضمومة التي أفصح في طعنه أنه تمسك بدلالتها وفقاً للاتهام المسند إليه في الدعوى الماثلة، فإن تبين لها أن الحكم في الدعوى لا تتوقف نتيجته على الفصل في الدعوى الأخرى، كان عليها أن تعرض لدفاعه ذاك استقلالاً وأن تستظهره وتمحص عناصره كشفاً لمدة صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه أن ارتأت إطراحه، أما وقد أمسكت عن ذلك، فإن حكمها يكون مشوباً بمخالفة القانون وبالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح مركز تلا ضد الطاعن بوصف أنه أعطاه شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً في.... عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض. وقضى في معارضته الاستئنافية بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي عن الأستاذ/ ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد وإلزامه بالتعويض قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يعرض للدفاع الجوهري الذي أبداه في مذكرته المقدمة للمحكمة الاستئنافية والمؤيدة بالمستندات التي ضمنها أن حصول المدعي بالحقوق المدنية على الشيك كان نتيجة جريمة خيانة أمانة إلا أن الحكم أعرض كلية - عن هذا الدفاع، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من المفردات أن الطاعن قدم إلى محكمة ثاني درجة مذكرة بدفاعه ضمنها أن المستفيد....... كان بحوزته أربعة شيكات أصدرها الطاعن كل منها بمبلغ مائتي جنيه ثم أناب المدعو....... باسترداد تلك الشيكات من المستفيد بعد أن سلمه قيمتها، ولخلاف نشب بين الأخير والطاعن رفض رد الشيكات إليه وقام...... بمطالبته بقيمة شيكين بينما سلم الشيكين الآخرين إلى المدعي بالحقوق المدنية من بينها الشيك موضوع الدعوى الراهنة، وكان ذلك بطريق التواطؤ، وقدم تأييداً لدفاعه صورة رسمية من الشكوى رقم 2386 لسنة 1984 إداري تلا التي تضمنت سؤال أطراف النزاع وسؤال..... و....... حيث قررا بأنهما حضرا واقعة تكليف الطاعن لـ....... باسترداد الشيكات الأربع من المستفيد بعد أن سلمه قيمتها، كما تضمنت المفردات شهادة رسمية مؤرخة 26/ 6/ 1985 من جدول الجنح بنيابة تلا في الجنحة رقم 2975 لسنة 1985 تبين منها أنها مقامة بطريق الادعاء المباشر من الطاعن ضد المدعي بالحقوق المدنية في الدعوى الراهنة والمستفيد و...... باتهامهم بارتكاب واقعة خيانة أمانة لعدم رد الشيكات إلى الطاعن. لما كان ذلك، وكان نص المادة 148 من قانون التجارة قد جرى على أنه "لا تقبل المعارضة في قيمة الكمبيالة إلا في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها". وكان المقرر طبقاً للنص القانوني سالف الذكر أن الشارع أباح للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون به ماله بغير توقف على حكم من القضاء، لما قدره من أن حق الساحب في حالتي الضياع وإفلاس الحامل يعلو على حق المستفيد. لما كان ما تقدم، وكان من المسلم به أنه يدخل في حكم الضياع السرقة البسيطة والسرقة بظروف والحصول على الورقة بالتهديد، كما أنه من المقرر أن القياس في أسباب الإباحة أمر يقره القانون بغير خلاف، فإنه يمكن إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بتلك الحالات من حيث إباحة حق المعارضة في الوفاء بقيمته، فهي بها أشبه على تقدير أنها جميعاً من جرائم سلب المال، وأن الورقة متحصلة من جريمة، ولا يغير من الأمر ما يمكن أن يترتب على مباشرة الساحب لهذا الحق من الإخلال بما يجب أن يتوفر للشيك من ضمانات في التعامل، ذلك بأن الشارع رأى أن مصلحة الساحب في الحالات المنصوص عليها في المادة 148 من قانون التجارة - التي هي الأصل - هي الأولى بالرعاية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفاع الطاعن سالف الإشارة، وكان الدفاع المسوق من الطاعن يعد - في خصوص الدعوى المطروحة - هاماً وجوهرياً لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليته الجنائية مما كان يتعين معه على المحكمة أن توقف الدعوى الماثلة، حتى يفصل في جنحة التبديد المقامة من الطاعن على ما سلف إيراده - إن تبين لها، أن محلها ذات الشيك في الدعوى المعروضة، اعتباراً بأن الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في الدعوى الأخرى، وتتحقق به مسئولية الطاعن جنائياً أو تنتفي وذلك عملاً بنص المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية، وهو ما يتسع له وجه الطعن ويظاهر المسطور في مستنداته التي حوتها المفردات المضمومة، التي أفصح في طعنه أنه تمسك بدلالتها وفقاً للاتهام المسند إليه في الدعوى الماثلة، فإن تبين لها أن الحكم في الدعوى لا تتوقف نتيجته على الفصل في الدعوى الأخرى، كان عليها أن تعرض لدفاعه ذاك استقلالاً وأن تستظهره وتمحص عناصره كشفاً لمدى صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه إن ارتأت إطراحه، أما وقد أمسكت عن ذلك، فإن حكمها يكون مشوباً بمخالفة القانون وبالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية. مع إلزام المطعون ضده (المدعي بالحقوق المدنية) المصاريف المدنية وذلك دون حاجة إلى بحث الوجه الآخر للطعن.

الطعن 1604 لسنة 57 ق جلسة 12 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 7 ص 68

جلسة 12 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

----------------

(7)
الطعن رقم 1604 لسنة 57 القضائية

قضاة "صلاحيتهم". حكم "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
قيام القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى. وجوب امتناعه عن نظرها تلقائياً، وإلا كان حكمه باطلاً. أساس وعلة ذلك؟
التحقيق في مفهوم المادة 247 إجراءات. معناه؟
مباشرة القاضي عملاً من أعمال التحقيق بوصفه وكيلاً للنيابة في الدعوى. وجوب امتناعه عن نظرها والحكم فيها.

-----------------
لما كانت المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الأحوال التي يمتنع فيها على القاضي الحكم في الدعوى لما بينها وبين وظيفة القضاء من تعارض، ومن هذه الأحوال أن يكون القاضي قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق، وهو نص مقتبس مما ورد في المادة 313 من قانون المرافعات، الملغى الصادر به القانون رقم 77 لسنة 1949 والمطابقة لنص المادة 146 من قانون المرافعات القائم - ومتعلق بالنظام العام فيتعين على القاضي في تلك الأحوال أن يمتنع من تلقاء نفسه عن الحكم في الدعوى ولو لم يطلب أحد الخصوم رده، وإلا وقع قضاؤه باطلاً بحكم القانون لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة. مقرر للاطمئنان إلى توزيع العدالة بالفصل بين أعمال التحقيق والقضاء، إذ أساس وجوب هذا الامتناع هو قيام القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى يتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، وكان معنى التحقيق في مفهوم حكم المادة 247 سالفة الذكر كسبب لامتناع القاضي عن الحكم، هو ما يجريه القاضي في نطاق تطبيق قانون الإجراءات الجنائية بصفته سلطة تحقيق. لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن السيد عضو اليسار بالهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد باشر عملاً من أعمال التحقيق الابتدائي في الدعوى بوصفه وكيلاً للنيابة العامة وهي السلطة الأصلية صاحبة الاختصاص العام بالتحقيق الابتدائي، وذلك قبل تعيينه قاضياً، مما كان لزومه أن يمتنع عن نظر الدعوى تلك، والحكم فيها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً متعين النقض والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: هربا بضائع أجنبية (لب أسمر) وذلك بالمخالفة للقوانين على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابهما بالمواد 1، 2، 3، 4، 121، 122، 123، 124/ 1 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل. ومحكمة جنح كوم أمبو قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل منهما سنة مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وغرامة ألف جنيه والمصادرة وأداء ضعف الرسوم الجمركية. عارضا وادعت مصلحة الجمارك قبل المتهمين بمبلغ 2937.66 جنيهاً على سبيل التعويض وقضى في معارضتهما بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه إلى حبس كل منهما ستة أشهر مع الشغل وكفالة ثلاثين جنيهاً وتغريم كل منهما مائتي جنيه وتأييده فيما عدا ذلك. استأنفا. ومحكمة أسوان الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأساتذة....... و........ و....... المحامين نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانهما بجريمة تهريب بضائع أجنبية دون سداد الرسوم الجمركية قد شابه البطلان ذلك أن أحد أعضاء الهيئة التي أصدرته قام بعمل من أعمال التحقيق في الدعوى إبان عمله وكيلاً للنائب العام، بما يعيب الحكم بما يبطله ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الأحوال التي يمتنع فيها على القاضي الحكم في الدعوى لما بينها وبين وظيفة القضاء من تعارض، ومن هذه الأحوال أن يكون القاضي قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق، وهو نص مقتبس مما ورد في المادة 313 من قانون المرافعات، الملغى الصادر به القانون رقم 77 لسنة 1949 والمطابقة لنص المادة 146 من قانون المرافعات القائم - ومتعلق بالنظام العام فيتعين على القاضي في تلك الأحوال أن يمتنع من تلقاء نفسه عن الحكم في الدعوى ولو لم يطلب أحد الخصوم رده، وإلا وقع قضاؤه باطلاً بحكم القانون لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة، مقرر للاطمئنان إلى توزيع العدالة بالفصل بين أعمال التحقيق والقضاء، إذ أساس وجوب هذا الامتناع هو قيام القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى يتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، وكان معنى التحقيق في مفهوم حكم المادة 247 سالفة الذكر كسبب لامتناع القاضي عن الحكم، وهو ما يجريه القاضي في نطاق تطبيق قانون الإجراءات الجنائية بصفته سلطة تحقيق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن السيد عضو اليسار بالهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد باشر عملاً من أعمال التحقيق الابتدائي في الدعوى بوصفه وكيلاً للنيابة العامة وهي السلطة الأصلية صاحبة الاختصاص العام بالتحقيق الابتدائي، وذلك قبل تعيينه قاضياً، مما كان لزومه أن يمتنع عن نظر الدعوى تلك، والحكم فيها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً متعين النقض والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن. مع إلزام المطعون ضده بصفته المصاريف المدنية.

الطعن 5791 لسنة 58 ق جلسة 11 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 6 ص 56

جلسة 11 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان.

---------------

(6)
الطعن رقم 5791 لسنة 58 القضائية

(1) مواد مخدرة. عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عقوبة الجرائم المنصوص عليها بالمادة 34 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه. لا يجوز طبقاً للمادة 36 من القانون المذكور عند إعمال لمادة 17 عقوبات النزول بالعقوبة المقررة إلا إلى العقوبة التالية لها مباشرة.
(2) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(3) نيابة عامة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". الاختصاص "الاختصاص المكاني".
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره من وكيل نيابة غير مختص مكانياً.
(4) دستور. قانون "تفسيره". تفتيش "إذن التفتيش وتسبيبه". نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
عدم وجوب تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن. أساس ذلك؟
اقتصار أمر النيابة العامة بالتفتيش على شخص الطاعن ووسيلة الانتقال. لا موجب لتسبيبه.
إثارة الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لعدم تسبيبه لأول مرة أمام النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(5) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اختصاص ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات. شموله كافة أنحاء الجمهورية. أساس وأثر ذلك؟
(6) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة.
التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن به. في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه. شرط صحته؟
اطمئنان المحكمة إلى ما أسفرت عنه التحريات من أن الطاعن حصل على كمية من المخدرات لنقلها لأعوانه من التجار. مفهومه: صدور الأمر بالتفتيش لضبط جريمة تحقق وقوعها. لا جريمة مستقبلة أو محتملة.
(7) إثبات "بوجه عام". شهود. محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. وإطراح ما يخالفها.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال شاهد؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(8) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "معاينة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصلح سبباً للنعي على الحكم.
مثال.
(9) مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". جريمة "أركانها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر، قوامه. العلم بكنه المواد المخدرة. تحدث الحكم عنه استقلالاً غير لازم. متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مجادلة المتهم بإحراز مخدر فيما اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. جدل في تقدير الدليل. إثارته أمام محكمة النقض غير مقبولة.

---------------
1 - لما كانت المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 تنص على أن يعاقب بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه ( أ ) كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي جوهراً مخدراً وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيها بأية صورة وذلك في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون، وكانت المادة 36 من القانون - المار ذكره - قد نصت على أنه "استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيقه المواد السابقة النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة"، فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة المقيدة للحرية المقررة للجريمة التي دان الطاعن بها إلى الأشغال الشقة المؤقتة، يكون قد أصاب صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الصدد غير سديد.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
3 - لما كان الحكم قد رد على الدفع بعدم اختصاص وكيل النيابة مكانياً بإصدار إذن التفتيش في قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإذن - لصدوره من غير مختص، فإن الثابت من كتاب نيابة الزقازيق الكلية أن نيابة العاشر من رمضان قد أنشئت بالقرار رقم 985 لسنة 1987 بتاريخ 2/ 5/ 1987 أي بعد صدور الإذن في 16/ 3/ 1987 من السيد وكيل نيابة بلبيس المختص آنذاك بإصداره"، لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم - على النحو المشار بيانه - يكفي لاعتبار إذن التفتيش صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره، ويكون الحكم سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلانه.
4 - لما كانت المادة 44 من الدستور، والمادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 لا توجبان تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن، والحال في الدعوى الراهنة أن أمر النيابة العامة بالتفتيش انصب على شخص الطاعن ووسيلة الانتقال دون مسكنه فلا موجب لتسبيبه، هذا فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم تسبيبه، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره لمأمور ضبط غير مختص بتنفيذه، وأطرحه استناد إلى أن اختصاص ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يشمل كافة أنحاء الجمهورية، كان الثابت من الأوراق أن إذن النيابة بالضبط والتفتيش قد صدر للعقيد....... المفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وكان نص المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جرى على أنه: "يكون لمديري إدارتي مكافحة المخدرات في كل من الإقليمين وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء (الإقليمين) ......" فإن ضابط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يكون قد أجرى التفتيش في حدود اختصاصه المكاني الذي ينبسط على كل إقليم الجمهورية ويكون رد الحكم على الدفع سديداً.
6 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين، وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص ما يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الراهنة - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة، وقد حصل على كمية منها لنقلها لبعض أعوانه من التجار بمنطقة العاشر من رمضان، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، ومن ثم فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
7 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقواله الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى استحالة ضبطه في ظروف الزمان والمكان التي حصل فيها الضبط ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8 - لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن سؤال الضباط عن سبق معرفتهم للطاعن وعدم إجراء معاينة لمكان الضبط لإثبات إمكان حصول الضبط في الظروف التي تم فيها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم.
9 - لما كان القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم الحائز أو المحرز بأن ما يحوزه أو يحرزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه مخدراً، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدفع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للجواهر المخدرة المضبوطة وعلى علمه بكنهها، فإن ما ينعاه الأخير على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد.
10 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما أثاره الطاعن من دفاع بشأن اختلاف وزن عينات المخدر المضبوط المرسل للتحليل عنه عند التحليل، اطمئناناً من المحكمة إلى أن الإحراز التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها هي التي تم ضبطها فإن جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجري عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير التحليل من أوزان، إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة وفي عملية التحليل التي أطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز وحاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (أفيون وحشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانونا، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبندين 9، 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز جوهرين مخدرين بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه إذ عاقب الطاعن بعقوبة الأشغال الشاقة مدة سبع سنوات طبقاً للمادة 34/ أ من القانون رقم 182 لسنة 1960، وأعمل في حقه المادة 17 من قانون العقوبات، كان يجب عليه النزول بالعقوبة إلى عقوبة السجن، وتمسك الطاعن بالدفع ببطلان إذن النيابة الصادر بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، ولصدوره من وكيل نيابة غير مختص مكانياً بإصداره، وبغير تسبيب، ولمأمور ضبط غير مختص بتنفيذه، ولصدوره عن جريمة مستقبلية، ورد الحكم على هذه الدفوع بما لا يصلح رداً، وأغفل دفاع الطاعن بشأن تعييب إجراءات التحقيق، لقعود النيابة العامة عن سؤال الضباط في خصوص سبق معرفتهم للطاعن - مع ما له من أثر في بيان جدية التحريات - وإمكان التعرف عليه حال مروره بالسيارة في مكان الضبط، وعدم إجراء معاينة لهذا المكان لبيان كيفية حصول الضبط في ظروف الزمان والمكان التي تم فيها، بالرغم من التمسك باستحالة حصوله في مثل هذه الظروف وفق ما جاء بتصوير الشهود، ولم يدلل الحكم تدليلاً كافياً على توافر علم الطاعن بكنه المادة المضبوطة، وأطرح دفاعه بشأن اختلاف وزن عينات المخدر عند التحليل عنها لدى التحريز بما لا يسوغه، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشاهدين العقيد...... والمقدم..... وما جاء بتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى إلى معاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة - مدة سبع سنوات - طبقاً للمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، والقانون رقم 61 لسنة 1977 والبندين 9، 57 من الجدول رقم 1 المرفق بالقانون الأول، مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات، لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 تنص على أن: "يعاقب بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه ( أ ) كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي جوهراً مخدراً وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيها بأية صورة وذلك في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون"، وكانت المادة 36 من القانون - المار ذكره - قد نصت على أنه: "استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة"، فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة المقيدة للحرية المقررة للجريمة التي دان الطاعن بها إلى الأشغال الشاقة المؤقتة، يكون قد أصاب صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على الدفع بعدم اختصاص وكيل النيابة مكانياً بإصدار إذن التفتيش في قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإذن - لصدوره من غير مختص، فإن الثابت من كتاب نيابة الزقازيق الكلية أن نيابة العاشر من رمضان قد أنشئت بالقرار رقم 985 لسنة 1987 بتاريخ 2/ 5/ 1987 أي بعد صدور الإذن في 16/ 3/ 1987 من السيد وكيل نيابة بلبيس المختص آنذاك بإصداره"، لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم - على النحو المار بيانه - يكفي لاعتبار إذن التفتيش صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره، ويكون الحكم سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلانه. لما كان ذلك، وكانت المادة 44 من الدستور، والمادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 لا توجبان تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن، والحال في الدعوى الراهنة أن أمر النيابة العامة بالتفتيش انصب على شخص الطاعن ووسيلة الانتقال دون مسكنه فلا موجب لتسبيبه، هذا فضلاًَ عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم تسبيه، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره لمأمور ضبط غير مختص بتنفيذه، وأطرحه استناداً إلى أن اختصاص ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يشمل كافة أنحاء الجمهورية، كان الثابت من الأوراق أن إذن النيابة بالضبط والتفتيش قد صدر للعقيد...... المفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وكان نص المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جرى على أنه: "يكون لمديري إدارتي مكافحة المخدرات في كل من الإقليمين وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء (الإقليمين)....." فإن ضابط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يكون قد أجرى التفتيش في حدود اختصاصه المكاني الذي ينبسط على كل إقليم الجمهورية ويكون رد الحكم على الدفع سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين، وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص ما يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الراهنة - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة، وقد حصل على كمية منها لنقلها لبعض أعوانه من التجار بمنطقة العاشر من رمضان، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، ومن ثم فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى استحالة ضبطه في ظروف الزمان والمكان التي حصل فيها الضبط ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن سؤال الضابط عن سبق معرفتهم للطاعن وعدم إجراء معاينة لمكان الضبط لإثبات إمكان حصول الضبط في الظروف التي تم فيها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم الحائز أو المحرز بأن ما يحوزه أو يحرزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه مخدراً، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للجواهر المخدرة المضبوطة وعلى علمه بكنهها، فإن ما ينعاه الأخير على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما أثاره الطاعن من دفاع بشأن اختلاف وزن عينات المخدر المضبوط المرسل للتحليل عنه عند التحليل، اطمئناناً من المحكمة إلى أن الإحراز التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها هي التي تم ضبطها فإن جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير التحليل من أوزان، إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 592 لسنة 58 ق جلسة 11 / 1/ 1989 مكتب فني 40 ق 5 ص 49

جلسة 11 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وعلي الصادق عثمان.

-----------------

(5)
الطعن رقم 592 لسنة 58 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "الطعن لثاني مرة". محكمة النقض "نظر الطعن والفصل فيه".
قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
(2) قتل عمد. سبق إصرار. نقض "الطعن لثاني مرة". محكمة النقض "نظر الطعن والفصل فيه".
سبق الإصرار. ماهيته وشرط توافره في حق الجاني؟
مثال لقضاء لمحكمة النقض بالإدانة في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار.

-----------------
1 - من المقرر أن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وكان الثابت من الأدلة التي اطمأنت إليها هذه المحكمة أن خلافاً شجر بين المتهم والمجني عليه في شأن التزام الأول بنظام الحراسة في موقع العمل وأن المجني عليه قد شكا للمسئولين من ذلك وحققت الشكوى مما أثار حفيظة المشكو في حقه فأصر على التخلص من رئيسه في العمل وانتهز فرصة نومه بمفرده في الكشك المخصص لمبيته فاقتحمه حاملاً بندقيته المعمرة بالمقذوفات النارية وهي سلاح قاتل بطبيعته وأطلق عليه عدة أعيرة نارية أصابته في رأسه وصدره وبطنه وهي كلها إصابات قاتلة مما أودى بحياته، فإن نية القتل تكون قد توافرت في حق المتهم.
2 - من المقرر أن ظرف سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني تستفاد من وقائع خارجية، وكانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر هذا الظرف في حق المتهم بما أضمره من غل وضغينة بسبب الخلاف في العمل بينه وبين المجني عليه على النحو المفصل فيما سبق فصمم على التخلص منه والفتك به وظل يترقب استغراقه في النوم في المكان المخصص لذلك في موقع العمل حتى قبيل فجر يوم الحادث واقتحم عليه مخدعه وأطلق عليه النار، فإن ظرف سبق الإصرار - بما يعنيه من تدبر وروية وإعمال الفكر في هدوء - يكون ثابتاً في حق المتهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية" وتوجه إليه في المكان الذي أيقن وجوده فيه وأطلق عليه عدة أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات قنا للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) وبجلسة....... قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة........ لنظر الموضوع.


المحكمة

من حيث إن واقعات الدعوى تتحصل في أنه في يوم..... أبلغ..... مدير مخازن شبكات كهرباء مصر العليا الشرطة بقتل شيخ الخفراء......... بمكان عمله بمخازن الشبكة نتيجة إطلاق أعيرة نارية عليه، وقد تبين من المعاينة أن المجني عليه قتل داخل الكشك المعد لمبيت الخفراء وعثر بمكان الحادث على مقذوفات لأعيرة نارية إلى جوار السرير الذي كان المجني عليه ينام فوقه، واتضح أن مرتكب الحادث هو المتهم الخفير...... لوجود خلافات سابقة بينه وبين شيخ الخفراء المجني عليه بسبب العمل، وأجرى بشأنها تحقيق إداري مما أثار حفيظة المتهم فبيت النية وأصر على الانتقام من شيخ الخفراء وأعد بندقيته المرخصة وترقب المجني عليه حتى نام في الكشك المخصص له وفتح بابه وأطلق عليه الرصاص أثناء نومه فوق سريره قاصداً قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
ومن حيث إن الواقعة - على الصورة المبينة فيما سبق - قد تحقق وقوعها من أقوال كل من...... و....... و........ و....... ومن تقرير الصفة التشريحية وتقرير فحص السلاح ومن التحريات فقد شهد الخفير...... أنه تسلم نوبة الحراسة عصر يوم...... ومعه كل من الخفراء، المتهم....... و....... و....... ووقعوا بالحضور أمام شيخ الخفراء المجني عليه وقبيل فجر يوم...... صحا على صوت أعيرة نارية وأبصر المتهم خارجاً من الكشك الذي كان المجني عليه نائماً بداخله - يحمل بندقيته وتوعده وزميله........ بالإيذاء أن باحا لأحد بأمره. وشهد الخفير....... أنه تسلم نوبة الحراسة في الموقع مع زملائه وبعد انتهاء نوبة حراسته نام وزميله....... في مصلى مجاورة للكشك المخصص لمبيت شيخ الخفراء المجني عليه وسمع صوت أعيرة نارية - قبيل الفجر - وأبصر المتهم داخل الكشك يشد أجزاء البندقية وأمره بالصمت ثم ولى هارباً وشهد...... أنه تسلم والمتهم نوبة الحراسة بعد منتصف ليلة الحادث من زميله الشاهدين السابقين، وقبيل الفجر فوجئ بالمتهم يقتحم الكشك الذي ينام فيه شيخ الخفراء المجني عليه وسمع أصوات أعيرة نارية خرج المتهم على أثرها من الكشك مهرولاً وهدده وزملاءه بالإيذاء إن فضحوا أمره، وشهد...... أنه أبلغ بالحادث وأضاف أن ثمة خلافاًًًً بين المتهم والمجني عليه إذ حرر الثاني مذكرة للإدارة نسب فيها للأول الإهمال في الحراسة. وشهد....... المحامي بهيئة كهرباء مصر بنجع حمادي أنه أحيلت إليه مذكرة مقدمة بتاريخ....... من شيخ الخفراء المجني عليه ضد المتهم وقد قرر المجني عليه أنه لاحظ أنه قد دونت كلمة "غياب" قرين اسمه في دفتر الحضور والانصراف....... وأنه تبين له أن الخفير المتهم هو الذي دونها وأنه كثير الشغب وقد ردد رئيس المخازن...... ما قرره شيخ الخفراء وطلب نقل المتهم إلى موقع آخر وقد امتنع المتهم عن الإدلاء بأقواله في التحقيق الإداري. وشهد........ أمين المخازن بإدارة شبكات الكهرباء بنجع حمادي أنه بعد أن علم بالحادث توجه إلى مكانه ووجد المجني عليه مقتولاً نتيجة إطلاق أعيرة نارية عليه وأن الخفير........ أنبأه أن المتهم هو الذي قتل المجني عليه وأضاف الشاهد أنه علم أن ثمة خلافاً بينهما بسبب العمل وأن المجني عليه قدم مذكرة ضد المتهم لإدارة الشئون القانونية وتم التحقيق فيها وقد تبين من تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه بالوجه والصدر حدثت نتيجة أعيرة نارية أطلقت من سلاح ناري مششخن وأن الوفاة حدثت من صدمة عصبية شديدة نتيجة كسور بقاع الجمجمة والوجنتين والعمود الفقري وفقرات العنق وتهتكات الرئتين والأوعية الدموية الكبرى للقلب وتهتكات الكبد والكلية اليمنى وكسور الضلوع وتبين من تقرير مصلحة الأدلة الجنائية أن المظروف الفارغ المضبوط بمكان الحادث عيار 7.92 مم وهو نفس عيار بندقية المتهم المضبوطة كما تبين أن المقذوفات الثلاث الأخرى والمضبوطة داخل الكشك تستخدم في الأسلحة النارية المششخنة عيار 7.92 مم وقد دلت تحريات الشرطة على أن المتهم هو الذي قتل المجني عليه بدافع الانتقام لأنه أبلغ ضده أنه كان قد عبث في مدونات دفتر الحضور والانصراف ولأنه قرر في التحقيق الإداري أن المتهم مشاغب وغير منتظم في أداء عمله وأنه أبلغ ضده من بعد أن رفض استلام نوبة خدمته مما أثار المتهم فبيت النية على التخلص من غريمه بقتله.
ومن حيث إن المتهم أنكر ما نسب إليه، وقد شرح المدافع عنه ظروف الدعوى وقال إن أقوال الشهود جاءت متأخرة وأنهم لم يشهدوا واقعة قتل المجني عليه وأن أقوالهم قد تضاربت وأن سلاح المتهم المرخص لم يستخدم في تاريخ معاصر لوقوع الحادث إذ الثابت من تقرير الأدلة الجنائية أن بداخل ماسورته طبقة من الصدأ وأنه يتعذر تحديد وقت إطلاق النار منها.
ومن حيث إنه تحقيقاً لدفاع المتهم في شأن تحديد وقت استعمال السلاح فقد قررت هذه المحكمة استدعاء خبير فحص الأسلحة والطلقات بإدارة المعمل الجنائي وسؤاله عما تمسك به الدفاع في شأن المدة اللازمة لتكون طبقة الصدأ داخل ماسورة السلاح. وقد قرر الخبير المقدم....... أن المدة اللازمة لتراكم الصدأ داخل ماسورة السلاح الناري تختلف باختلاف الظروف الجوية ودقة التحريز وإحكام غلق فوهة السلاح وأجزائه المتحركة وأن وضع الماء داخل الماسورة بقصد إخفاء معالم إطلاق النار من شأنه أن يعجل بتكون طبقة الصدأ داخل الماسورة وانتهى إلى أنه يتعذر - من الناحية الفنية - تحديد المدة اللازمة لتكون الصدأ داخل ماسورة السلاح وأنه من الجائز أن تتكون طبقة الصدأ داخل الماسورة خلال فترة شهرين من تاريخ إطلاقه.
ومن حيث إن المحكمة وبما لها من سلطة في تقدير أدلة الدعوى تطمئن إلى أقوال الشهود ولا ترى فيما آثاره الدفاع في شأن أقوالهم مما ينال منها أو يحمل المحكمة على عدم الأخذ بها، كما تطمئن المحكمة إلى الدليل الفني المستمد من تقرير مصلحة الأدلة الجنائية "إدارة المعمل الجنائي" الذي تم بتاريخ...... في شأن فحص بندقية المتهم والذي أبان بأنها صالحة للاستعمال وأنه سبق إطلاق الظرف الفارغ وأنه من عيار السلاح المضبوط ولا ترى المحكمة فيما ورد في التقرير ذاته أن هناك صدأ داخل ماسورة السلاح ولا ما أثاره الدفاع من أن ذلك يحول دون القتل إن السلاح المضبوط هو الذي استخدم في ارتكاب الحادث ذلك بأن الثابت من أقوال خبير السلاح المقدم....... الذي تطمئن المحكمة إلى أقواله أن المدة اللازمة لتكون الصدأ تختلف باختلاف الظروف الجوية وطريقة التحريز ومدى إحكامه وأن صب الماء داخل الماسورة - لإخفاء معالم الجريمة - من شأنه أن يعجل بظهور طبقة الصدأ وأنه من الجائز تراكم الصدأ داخل ماسورة السلاح خلال شهرين - وهي المدة التي انقضت بين وقوع الحادث وفحص السلاح المضبوط - وبالتالي فإن دفاع المتهم في هذا الشأن لا يؤثر في عقيدة المحكمة واقتناعها أن السلاح المضبوط والخاص بالمتهم هو الذي استخدم في القتل ولا يشكك في أقوال الشهود بعد أن أطمأنت المحكمة إليها وبالتالي فإن المحكمة تطرح دفاع المتهم جانباً.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وكان الثابت من الأدلة التي اطمأنت إليها هذه المحكمة أن خلافاً شجر بين المتهم والمجني عليه في شأن التزام الأول بنظام الحراسة في موقع العمل وأن المجني عليه قد شكا للمسئولين من ذلك وحققت الشكوى مما أثار حفيظة المشكو في حقه فأصر على التخلص من رئيسه في العمل وانتهز فرصة نومه بمفرده في الكشك المخصص لمبيته فاقتحمه حاملاً بندقيته المعمرة بالمقذوفات النارية وهي سلاح قاتل بطبيعته وأطلق عليه عدة أعيرة نارية أصابته في رأسه وصدره وبطنه وهي كلها إصابات قاتلة مما أودى بحياته، فإن نية القتل تكون قد توافرت في حق المتهم.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن ظرف سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني تستفاد من وقائع خارجية، وكانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر هذا الظرف في حق المتهم بما أضمره من غل وضغينة بسبب الخلاف في العمل بينه وبين المجني عليه على النحو المفصل فيما سبق فصمم على التخلص منه والفتك به وظل يترقب استغراقه في النوم في المكان المخصص لذلك في موقع العمل حتى قبيل فجر يوم الحادث واقتحم عليه مخدعه وأطلق عليه النار، فإن ظرف سبق الإصرار - بما يعنيه من تدبر وروية وإعمال الفكر في هدوء - يكون ثابتاً في حق المتهم.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم فإنه يكون الثابت يقيناً أن المتهم...... في يوم...... بدائرة مركز نجع حمادي محافظة قنا: قتل....... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم على قتله وصمم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً مششخناً - بندقية ميزر - وتوجه إليه في المكان الذي أيقن بوجوده فيه بعد أن استغرق في النوم وأطلق عليه عدة أعيرة نارية فأحدثت به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - ويتعين لذلك عقابه بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات - وترى المحكمة نظراً لظروف الدعوى وملابساتها أن تأخذه بقسط من الرأفة في الحدود التي تجيزها المادة 17 من قانون العقوبات.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن المتهم قد استخدم السلاح المضبوط في قتل المجني عليه فإن المحكمة تقضي بمصادرته برغم أنه مرخص له باستعماله وذلك عملاً بنص المادة 30/ 1 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه عن المصروفات الجنائية فترى المحكمة إلزام المتهم بها عملاً بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.

اتفاقية تنفيذ الأحكام بين مصر وإيطاليا .

 قرار رئيس الجمهورية 80 لسنة 1978 بشأن الموافقة على اتفاق الاعتراف بالأحكام القضائية في المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وتنفيذها بين حكومتي جمهورية مصر العربية وجمهورية إيطاليا الموقع في القاهرة بتاريخ 3 ديسمبر سنة 1977
منشورة بتاريخ 5 / 11 / 1981

المادة 1 اصدار
ووفق على اتفاق الاعتراف بالأحكام القضائية الواردة في المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وتنفيذها بين حكومتي جمهورية مصر العربية, وجمهورية إيطاليا الموقع في القاهرة بتاريخ 3/12/1977, وذلك مع التحفظ بشرط التصديق.
الاتفاقية
المادة 1
1 - يعترف كل من الطرفين المتعاقدين بالأحكام الصادرة من محاكم الطرف المتعاقد الآخر في المواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية الحائزة لقوة الأمر المقضي وينفذها في إقليمه إذا كان محاكم الدولة التي أصدرت الحكم مختصة بمقتضي أحكام المواد التالية وكان النظام القانوني للدولة المطلوب منها الاعتراف أو التنفيذ لا يحتفظ لمحاكمه ولا لمحاكم دولة أخرى دون غيرها بالاختصاص بإصدار الحكم
2 - يقصد بالأحكام في معني هذه الاتفاقية كل حكم أيا كانت تسميته يصدر بناء على إجراءات قضائية أو ولائية من محاكم إحدى الدولتين المتعاقدتين
3 - تطبق هذه الاتفاقية كذلك على الأحكام الصادرة في المواد المدنية من محاكم جنائية
ولا تسري الاتفاقية بالنسبة إلى المواد المستعجلة والإجراءات التحفظية وكذا الأحكام الصادرة في مواد الإفلاس والصلح الوافي والإجراءات المماثلة وكذلك مواد المواريث والضرائب والرسوم.

المادة 2
تعتبر محاكم الدولة التي يكون الشخص من مواطنيها وقت تقديم الطلب مختصة في مواد الأحوال الشخصية والأهلية إذا كان النزاع المطروح عليها يدور حول أهلية هذا الشخص أو حالته الشخصية.
المادة 3
تعتبر محاكم الدولة التي يوجد بها موقع العقار مختصة بالفصل في الحقوق العينية المتعلقة به.
المادة 4
في غير المسائل المنصوص عليها في المادتين 2 , 3 من هذه الاتفاقية تعتبر محاكم الدولة التي صدر فيها الحكم مختصة في الحالات الآتية
1- إذا كان موطن المدعي عليه أو محل إقامته وقت تقديم الطلب القضائي في إقليم تلك الدولة
2- إذا كان المدعي عليه محل أو فرع ذو صبغة تجارية أو صناعية أو طبيعة أخرى في إقليم تلك الدولة وكانت قد أقيمت عليه الدعوي لنزاع متعلق بممارسة نشاط هذا المحل أو الفرع
3- إذا كان الالتزام التعاقدي موضوع النزاع قد نفذ أو كان واجب التنفيذ في إقليم تلك الدولة وذلك بموجب اتفاق صريح أو ضمني بين المدعي والمدعي عليه
4- في مواد المسئولية غير العقدية إذا كان الفعل المستوجب للمسئولية قد وقع فوق إقليم تلك الدولة
5- إذا كان المدعي عليه قد قبل الخضوع صراحة لاختصاص محاكم تلك الدولة سواء كان ذلك عن طريق اختيار موطن مختار أو عن طريق الاتفاق على اختصاصها متي كان قانون تلك الدولة لا يحرم مثل هذا الاتفاق لسبب يرجع إلى موضوع النزاع
6- إذا أبدي المدعي عليه دفاعه في موضوع الدعوي دون أن يدفع بعدم اختصاص القاضي المرفوع أمامه النزاع
7- إذا تعلق الأمر بطلبات عارضة وكانت هذه المحاكم قد اعتبرت مختلفة بنظر الطلب الأصلي بموجب أحكام هذه المادة.

المادة 5
تنفيذ محاكم الدولة المطلوب منها الاعتراف بالحكم أو تنفيذه عند بحث الأسباب التي بني عليها اختصاص محاكم الدولة الأخرى بثبوت الوقائع الواردة في الحكم ما لم يكن الحكم قد صدر غيابيا.
المادة 6
يرفض الاعتراف بالحكم في الحالات التالية
1- إذا كان الحكم مخالفا لأحكام الدستور أو مبادئ النظام العام في الدولة المطلوب منها الاعتراف
2- إذا خولفت قواعد قانون الدولة المطلوب منها الاعتراف الخاصة بالتمثيل القانوني للأشخاص عديمي أو ناقصي الأهلية
3- بالنسبة إلى الأحكام الغيابية إذا لم يعلن الخصم المحكوم عليه غيابيا بالدعوى في وقت مناسب للدفاع عن نفسه
4- إذا كان نفس الطلب القائم على ذات السبب القانوني محلا لحكم صادر في الموضوع بين نفس الخصوم وحائز لحجية الشيء المقضي في الدولة المطلوب منها الاعتراف أو في دولة ثالثة ومعترف به في الدولة المطلوب منها الاعتراف
5- إذا كان نفس الطلب القائم على ذات السبب القانوني بين نفس الخصوم منظورا أمام إحدى محاكم الدولة المطلوب منها وكان قد رفع إليها في تاريخ سابق على عرض الطلب على محكمة الدولة التي صدر فيها الحكم.

المادة 7
1- تكون الأحكام الصادرة من محاكم إحدى الدولتين والمعترف بها من الدولة الأخرى طبقا لأحكام هذه الاتفاقية قابلة للتنفيذ في تلك الدولة متي كانت قابلة للتنفيذ في الدولة التابعة لها المحكمة التي أصدرتها
2- ينظم تشريع الدولة التي يتم فيها الاعتراف بالحكم أو التنفيذ الجبري له الإجراءات اللازمة لذلك.

المادة 8
1- يجب على الطرف الذي يطلب الاعتداء بحكم في الدولة الأخرى تقديم ما يأتي
(أ) صورة كاملة معتمدة من الحكم
(ب) شهادة بان حكم حائز لحجية الشئ المقضي مالم يكن ذلك منصوصا عليه في الحكم ذاته
(ج) في حالة الحكم الغيابي صورة من الإعلان مصدق عليها بمطابقته للأصل أو أي مستند آخر من شأنه إثبات إعلان المدعي عليه إعلانا صحيحا
2- إذا كان المطلوب هو تنفيذ الحكم يجب أن تكون صورته المعتمدة مذيلة بالصيغة التنفيذية
3- يجب أن تكون المستندات المنصوص عليها في هذه المادة مصحوبة بترجمة بلغة الدولة المطلوب منها الاعتراف بالحكم أو تنفيذه أو بترجمة باللغة الفرنسية أو اللغة الإنجليزية معتمدة وفقا لقوانين الدولة الطالبة
4- يجب أن تكون المستندات المبينة في هذه المادة مصدقا عليها رسميا.

المادة 9
1- يكون الصلح الذي يتم إثباته أمام الجهات القضائية المختصة طبقا لأحكام هذه الاتفاقية في أي من الطرفين معترفا به ونافذا في إقليم الطرف المتعاقد الأخر بعد التحقق من أن له قوة السند التنفيذي في الدولة التي عقد فيها وأنه لا يشتمل على نصوص تخالف أحكام الدستور أو مبادئ النظام العام في الدولة المتعاقدة المطلوب منها الاعتراف أو التنفيذ
2- ويتعين على الطرف الذي يطلب الاعتداد بالصلح أن يقدم صورة معتمدة منه وشهادة من الجهة القضائية التي أثبتته تفيد أنه حائز لقوة السند التنفيذي
وتطبق في هذه الحالة أحكام الفقرتين 3 ,4 من المادة (8) من هذه الاتفاقية.

المادة 10
1- المحررات الموثقة التي تعتبر سندات تنفيذية في الدولة التي أبرمت فيها يؤمر بنفاذها في الدولة الأخرى طبقا للإجراءات المتبعة بالنسبة للأحكام القضائية إذا كانت خاضعة لتلك الإجراءات وبشرط ألا يكون تنفيذها مما يتعارض مع الدستور أو مع مبادئ النظام العام في الدولة المطلوب منها التنفيذ
2- ويتعين على الطرف الذي يطلب الاعتداد بمحرر موثق في الدولة الأخرى أن يقدم صورة معتمدة من المستند ممهورة بخاتم الموثق أو مكتب التوثيق وبشهادة صادرة منه تفيد أن المستند حائز لقوة السند التنفيذي
وتطبق في هذه الحالة أحكام الفقرتين 3 , 4 من المادة (8) من هذه الاتفاقية.

المادة 11
1- مع عدم الإخلال بأحكام المادتين 4 , 6 من هذه الاتفاقية يعترف بأحكام المحكمين وتنفذ إذا توافرت فيها الشروط الآتية
(أ) أن يكون الحكم مستندا على اتفاق مكتوب قبل الأطراف بموجب الخضوع لاختصاص المحكمين وذلك للفصل في نزاع معين أو في المنازعات المقبلة التي قد تنشأ عن علاقة قانونية معينة
(ب) أن ينصب الحكم على موضوع يجوز التحكيم فيه طبقا لقانون الدولة المطلوب منها الاعتراف أو التنفيذ وألا يكون الحكم متعارضا مع أحكام الدستور أو مبادئ النظام العام في هذه الدولة
2- يتعين على الطرف الذي يطلب الاعتداد بحكم المحكمين أن يقدم صورة معتمدة من الحكم مصحوبة بشهادة صادرة من الجهة القضائية تفيد حيازته للقوة التنفيذية
كما يجب تقديم صورة معتمدة من الاتفاق المعقود بين الخصوم والذي عهد إلى المحكمين بالفصل في النزاع.

المادة 12
إذا كان الطرف الذي خسر الدعوى قد حصل على الإعفاء من الرسوم المنصوص عليه في المادة (3) من الاتفاقية المعقود بين الدولتين في شأن التعاون القضائي والموقعة في روما في 2 أبريل 1974 فإن الحكم يتم تنفيذه في إقليم الدولة المطلوب منها التنفيذ بناء على طلب الطرف الآخر وذلك دون دفع أية رسوم.
المادة 13
لا تسري أحكام هذه الاتفاقية على الأحكام القضائية وأحكام المحكمين الصادرة قبل تاريخ العمل بها كما لا تسري على الصلح القضائي أو المحررات الموقعة قبل هذا التاريخ.
المادة 14
أي خلاف ينشأ بين الطرفين بشأن تطبيق أو تفسير أحكام هذه الاتفاقية, يجرى فضه بالطريق الدبلوماسي.
المادة 15

1- تخضع هذه الاتفاقية للتصديق عليها, ويتم تبادل وثائق التصديق في روما وذلك في أقرب وقت ممكن
2- يعمل بهذه الاتفاقية بعد ثلاثة شهور من تاريخ تبادل وثائق التصديق
3- لكل من الطرفين المتعاقدين إبلاغ الآخر كتابة برغبته في إنهاء هذه الاتفاقية وينتهي العمل بهذا بعد ستة أشهر من تاريخ هذا التبليغ
حررت هذه الاتفاقية في القاهرة بتاريخ 3 ديسمبر سنة 1977 من أصلين أحدهما باللغة العربية والآخر باللغة الإيطالية ويكون لكل منها نفس القوة.

الطعن 6176 لسنة 58 ق جلسة 10 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 4 ص 33

جلسة 10 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت الاكيابى ومحمود إبراهيم عبد العال ومحمود عبد الباري وجابر عبد التواب.

-----------------

(4)
الطعن رقم 6176 لسنة 58 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. تقديمها".
التقرير بالطعن وإيداع الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية. لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
عدم تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) إعدام. قتل عمد. نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اتصال محكمة النقض بالدعوى المقضى فيها حضورياً بالإعدام. متى عرضتها النيابة العامة عليها ولو تجاوزت في ذلك الميعاد المقرر بالمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
(3) نيابة عامة. أمر بألا وجه. تحقيق. إثبات "بوجه عام". دعوى جنائية "تحريكها".
الأمر الصادر من النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى بعد إجرائها تحقيق أو انتداب أحد رجال الضبط لذلك. لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة قبل انتهاء مدة سقوط الدعوى.
قوام الدليل الجديد. أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها.
مثال.
(4) اختصاص. ارتباط. قتل عمد. اقتران. سرقة. إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاختصاص المكاني للجرائم المرتبطة. المادة 214 إجراءات.
ارتكاب المحكوم عليه لعدة جرائم. قتل عمد مع سبق الإصرار المقترن بسرقة بإكراه. إحالته إلى المحكمة المختصة مكاناً ببعض تلك الجرائم. لا يعيب الحكم الصادر فيها. أساس ذلك؟
(5) إثبات. اعتراف. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك.
تقدير صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان نتيجة إكراه. موضوعي.
(6) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
خطأ الحكم في صحة تاريخ الجلسة التي اعترف فيها المتهم. خطأ مادي لا يعيبه.
(7) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. لا يدرك بالحس الظاهر. وإدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره. استخلاصه. موضوعي.
(8) سبق إصرار. جريمة "أركانها".
سبق الإصرار. ماهيته؟
(9) قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
بيان الحكم المطعون فيه ثبوت وقائع القتل العمد مع سبق الإصرار في حق المحكوم عليه ثبوتاً كافياً وكذا الظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. عدم العثور على بعض جثث المجني عليهم. لا يقدح في تحقق الجريمة.
(10) إعدام. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

---------------
1 - لما كان الطاعنان وإن قررا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم من كل منهما يكون غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - لما كانت النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الأربعين يوماً المنصوص عليها في المادة 34 من القانون سالف الذكر، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة للقضية.
3 - لما كانت المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أن الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى وفقاً للمادة 209 - أي بعد التحقيق الذي تجريه بمعرفتها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها - لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقاً للمادة 197، وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية، وقوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها، ولما كان الثابت من الأوراق أنه لما ضبط المتهم الأول في القضية رقم..... جنايات المطرية وأسفر تحقيقها عن اعترافه بارتكاب الجنايات الأخرى المضمومة مما يعد أدلة جديدة فيها لم تكن قد عرضت على النيابة العامة عند إصدار أمرها بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل في القضايا المضمومة، فإن ذلك مما يجيز لها العودة إلى التحقيق في تلك القضايا ويطلق حقها في رفع الدعوى الجنائية على الجاني بناء على ما ظهر من تلك الأدلة التي جرت أمامها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ما دامت الدعاوى الجنائية في تلك القضايا لم تسقط بعد.
4 - لما كانت المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية قد نص فيها على أنه: "إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعها بأمر إحالة واحد إلى المحكمة المختصة مكاناً بإحداها" وكانت جنايات القتل العمد مع سبق الإصرار المقترنة بسرقة بإكراه التي ارتكبها المحكوم عليه الأول في أماكن متعددة - وهي جرائم مرتبطة - قد أحيلت بأمر إحالة واحد إلى محكمة جنايات القاهرة المختصة مكاناً بنفس تلك الجرائم، وطبقت في شأنها المادة 32 من قانون العقوبات، فإن الحكم يكون قد صدر من محكمة مختصة.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها، وكان الحكم المطروح - على ما سلف بيانه - قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليه الأول لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص.
6 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم أنه أشار إلى اعتراف المحكوم عليه الأول بجلسة........ أمام محكمة جنايات القاهرة عند تجديد حبسه في حين أن صحة تاريخ تلك الجلسة التي تضمنت اعترافه هو.......، إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ مادياً بحتاً في كتابة الحكم لا يؤثر في سلامته.
7 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، فإن الحكم المطروح - على ما سلف بيانه - يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم عليه الأول.
8 - من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
9 - لما كان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم عليه الأول في قوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو ثابت في حق المتهم الأول هو والمتهم الثاني بالنسبة لـ....... من اعتراف المتهم الأول بجميع مراحل الاستدلالات وبتحقيقات النيابة، وبجلسة تجديد الحبس من استيقافه للمجني عليهم واصطحابهم إلى أماكن نائية وتكتيفهم من الخلف ثم وضع الرباط حول عنق الضحية المجني عليها حتى الموت بعد أن يوهم الضحية بأنه من رجال الشرطة السريين، وأنه سيحرر له محضراً بالشرطة لعدم حمله البطاقة الشخصية أو أداء الخدمة العسكرية أو التحري ثم الهرب" فإن الحكم يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما ينتجه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطروح قد بين ثبوت وقائع القتل العمد مع سبق الإصرار في حق المحكوم عليه الأول ثبوتاً كافياً، كما بين الظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المحكوم عليه الأول، فإنه لا يعيبه - من بعد - عدم العثور على جثث المجني عليهم، لما هو مقرر من أنه لا يقدح في ثبوت جريمة القتل العمد عدم العثور على جثة المجني عليه.
10 - لما كان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان بها المحكوم عليه الأول وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. واستظهر الحكم نية القتل كما استظهر ظرف سبق الإصرار على النحو المعرف به قانوناً وتناول الدفع ببطلان الاعتراف ورفضه في منطق سائغ، وقد صدر الحكم بإعدام المحكوم عليه الأول بإجماع آراء أعضاء المحكمة بعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية، وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأوليه، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما خلال الفترة من.... حتى.... المتهم الأول - 

أولاً - قتل كل من (1) ...... (2) ..... (3) ...... (4) ...... (5) ..... (6) ..... (7) ..... (8) ..... (9) ..... (10) ...... (11) ...... (12) ...... (13) ..... (14) ....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتلهم واستوقف كلاً منهم وأوهمهم بأنه شرطي سري وتظاهر باصطحابهم إلى أقسام ومراكز الشرطة لتحرير محاضر ضدهم ثم استدرجهم إلى مناطق زراعية نائية وقام بوثاق أيديهم من الخلف وإحاطة رقبة كلاً منهم برباط (شال من القماش - كوفية) ثم جذبه بشدة إلى الخلف لخنقهم قاصداً من ذلك قتلهم فأحدث الإصابات الموصوفة بتقارير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم وقد تقدمت هذه الجناية جنايات أخرى هي أنه في الأزمنة والأمكنة سالفة الذكر سرق المبالغ والأشياء الأخرى المبينة بالتحقيقات وصفاً وقيمة المملوكة للمجني عليهم بطريق الإكراه الواقع عليهم بأن أوثق أيديهم من الخف فشل بذلك مقاومتهم وتمكن بهذه الوسيلة من الإكراه من ارتكاب جنايات السرقة. 

ثانياً: تداخل في وظيفة من الوظائف العمومية من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو بإذن منها وأجرى عملاً من مقتضيات إحدى هذه الوظائف بأن ادعى بأنه من رجال الشرطة السريين بإدارة البحث الجنائي واستوقف المجني عليهم سالفي الذكر طالباً منهم إبراز بطاقة تحقيق الشخصية الخاصة، بكل منهم وقام بضبطهم وتظاهر باصطحابهم إلى أقسام ومراكز الشرطة على النحو المبين بالتحقيقات 

ثالثاً: المتهم الأول والثاني: قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله بأن استوقفه المتهم الأول وأوهمه بأنه شرطي سري وتظاهر باصطحابه إلى قسم الشرطة لتحرير محضر ضده حيث التقى بالمتهم الثاني ثم استدرجاه إلى منطقة زراعية نائية وقاما بوثاق يديه من الخلف ووضعا رباطاً حول عنقه (قطعة من القماش) ثم جذبا طرفيه بشدة إلى الخلف لخنقه قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد تقدمت هذه الجناية جناية أخرى هي أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المبلغ النقدي المبين وصفاً وقيمة بالتحقيقات المملوكة للمجني عليه وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن أوثقا يديه من الخلف فشلت بذلك مقاومته وتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من ارتكاب جناية السرقة. 

رابعاً: المتهم الثاني أيضاً (1) علم بوقوع الجنايات سالفة الذكر والتي ارتكبها المتهم الأول وأعانه على الفرار من وجه القضاء بإيوائه في مسكنه على النحو الثابت بالتحقيقات. (2) أخفى المبالغ النقدية والأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمتحصلة من الجنايات سالفة الذكر. 

وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء إرسال القضية إلى مفتي الجمهورية لأخذ رأيه بالنسبة للمتهم الأول وحددت للنطق بالحكم جلسة....... وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 145/ 1، 2، 44 مكرراً من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 13، 32 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالإعدام شنقاً. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض وعرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

حيث إن الطاعنين وإن قررا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم من كل منهما يكون غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
وحيث إن النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الأربعين يوماً المنصوص عليها في المادة 34 من القانون سالف الذكر، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة للقضية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم الأول.... من مواليد العقالين مركز ديروط محافظة أسيوط، ويبلغ من الطول مائة وسبعين سنتيمتر، قمحي اللون، ذو شارب كثيف وشعر أسود، واعتاد ارتداء الملابس البلدية، يلف حول رقبته شال من الصوف وعلى رأسه عمامة بيضاء، ونقش على زراعه الأيمن وكتفه أسماء ورسومات مختلفة منها اسم المتهم الثاني..... الذي نقشه له لما زامله بسجن.......، وقد نشأ المتهم الأول وسط أسرة معدمة مع أمه بعد وفاة أبيه، وفي أوائل السبعينات اتهم في قضايا سرقة أدخل بسببها السجن ولما خرج منه ترك أسرته وتوجه إلى المتهم الثاني الذي أصبح صديق سوء له بعد تعرفه عليه بسجون...... ثم أدخل سجن...... في قضية نصب وبعد أن خرج منه استضافه المتهم الثاني عند أخته لأمه..... ببلدتها، وراقت له المذكورة فطلب من أخيها المتهم الثاني أن يطلقها من زوجها ليتزوجها هو، ولأنه غوى عاطل فقد تملكه الشيطان وزين له الجريمة طريقاً سهلاً للحصول على المال فاختار قتل الأبرياء السذج من الناس والاستيلاء على ما يعثر عليه معهم من نقود وأشياء، لينفق على نفسه وعلى المتهم الثاني، وكان يعطي الأخير ما يستولى عليه من المجني عليهم من ساعات وملابس وغيرها، واشترى لزوجته - أي لزوجة المتهم الثاني - قرط ذهبي ولأولادها ملابس جديدة وأنه قتل المجني عليه........ أمام...... واستولى منه على مبلغ..... أعطاها منه مبلغ....... لتعطيه لزوجها...... مقابل طلاقها ليتزوجها، وتوجه معها بعد ذلك إلى والدها الذي استدعى زوجها وأعطاه المبلغ المذكور، إلا أن الزوج رفض أن يطلق زوجته وظل المتهم الأول على صلة بها، وأن المتهم الأول عقد العزم وبيت النية وأصر على قتل المجني عليهم ليستولى منهم على نقودهم وقد اتبع أسلوباً واحداً في قتلهم جميعاً، كان يقابل ضحيته مدعياً له أنه من رجال الشرطة السريين ويطلب الاطلاع على بطاقة تحقيق الشخصية فإن وجدها معه طلب الاطلاع على بطاقة أداء الخدمة العسكرية، ثم يفتشه ليتبين ما معه من نقود فإن وجده معه منها شيئاً أصر على القتل ويستدرج المجني عليه بعيداً عن الأعين مقيداً إياه بملفحته أو فانلة المجني عليه - في إحدى المرات - ويوهمه أنه إنما فعل ذلك ليقدمه لضابطه، ويصدق المجني عليه الساذج هذا القول الكاذب من المتهم ويستسلم له مختاراً حتى يجهز عليه خنقاً، وقد بلغ عدد ضحايا المتهم الأول والثاني خمسة عشر قتيلاً، اعترف المتهم الأول..... بقتل أربعة عشر رجلاً بمفرده وباشتراك المتهم الثاني..... معه في قتل المجني عليه الخامس عشر..... عمداً مع سبق الإصرار، وحصل المتهم الثاني على جلبابه وحذائه، وأن المتهم الثاني كان يعلم بجميع جرائم المتهم الأول من قتل وسرقة، وقام بإخفاء الأشياء المتحصلة من تلك الجرائم وكان أحد ضحايا المتهم الأول قد تمكن من الإفلات منه وأبلغ رجال الشرطة بأوصافه ورسمه وشكله، وإذ أمسك رجال الشرطة بهذا الطرف من الخيط فقد أعدوا أكمنة كثيرة بدوائر أقسام السلام والمطرية وشبرا الخيمة في محاولة منهم لضبط الجاني حتى تمكن أحد هذه الأكمنة من ضبط المتهم الأول بنوع الاشتباه بوسط أرض زراعية واقتياده إلى قسم شرطة المطرية ثم إلى قسم شرطة عين شمس وهناك تقابل مع العقيد...... ثم هرع إليه اللواء...... وقرر لهما المتهم الأول أن ضميره قد استيقظ وبدأ يخش الله ويخاف عذابه وراح يدلي باعترافاته لهما عن كافة الجرائم التي ارتكابها وأنه أصر على تلك الاعترافات وأكدها أمام النيابة العامة عندما تولت التحقيق، واعترف من تلقاء نفسه بقتل أربعة أشخاص لم تعرف أسماؤهم ولم يعثر على جثثهم، وقامت النيابة بإجراء معاينة بإرشاد المتهم وتصويره لكيفية ارتكاب جرائمه سالفة الذكر في أماكنها، واعترف المتهم الثاني بتحقيقات النيابة العامة بتواجده مع المتهم الأول على مسرح جريمة قتل المجني عليه..... وبلغ مقدار ما استولى عليه المتهم الأول من المجني عليهم بعد قتلهم حوالي...... واعترف المتهم الأول بتحقيقات النيابة العامة أنه خلال شهر نوفمبر سنة 1985 قتل..... عمداً مع سبق الإصرار بأن خنقه حتى لفظ أنفاسه وألقى بجثته في الماء عند كوبري الهاويس بدائرة مركز ديروط محافظة أسيوط، وقيدت هذه الواقعة برقم..... لسنة 1986 جنايات ديروط، وبأنه قتل شخص مجهول بدائرة مركز القوصية محافظة أسيوط، وبأنه تقابل مع المجني عليه........ بمنطقة نائية وأوثق يديه من الخلف بحجة عرضه على ضابطه ثم غافله وخنقه بملفحته حتى لفظ أنفاسه وسرق مبلغ...... جنيه وأشياء أخرى وعثر على جثته موثوقة اليدين من الخلف وحرر عن الواقعة الجناية رقم..... لسنة 1987 المطرية وبأنه تقابل مع المجني عليه...... بزيه العسكري بمولد المطراوي وطلب منه تصريح خروجه من وحدته العسكرية ولما فتشه وعثر معه على مبلغ....... دولار اقتاده إلى منطقة زراعية ثم أوثق يديه من الخلف ولف حول عنقه قطعة من القماش وأطبق على عنقه حتى مات وسرق نقوده، وحرر عن هذه الواقعة الجناية رقم..... لسنة 1987 المطرية، واعترف المتهم الأول بأنه قتل...... عمداً مع سبق الإصرار بذات الطريقة سالفة الذكر وسرق نقوده وساعته وقيدت هذه الواقعة برقم..... سنة 1985 السلام، وقد ضبطت ساعة المجني عليه لدى المتهم الثاني وتعرف عليها شقيق المجني عليه كما اعترف بأنه والمتهم الثاني قتلا....... بمنطقة البركة عمداً مع سبق الإصرار بأن لف رباط حول عنقه وأمسك ومعه المتهم الثاني بطرفي الرباط وجذباه حتى لفظ المجني عليه أنفاسه وسرقا نقوده وجلبابه وحذائه واعترف المتهم الثاني بأنه كان يعلم كل ما كان يرتكبه المتهم الأول من جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والسرقة، وبأنه كان مع الأول بمنطقة البركة عند قتل المجني عليه....... وشد معه الرباط على عنقه حتى لفظ أنفاسه وأخذ جلبابه وحذائه، وقد ضبطت هذه الأشياء بمسكنه وتعرف عليها ابن المجني عليه، وقيدت هذه الواقعة برقم..... لسنة 1985 جنايات السلام، واعترف المتهم الأول بقتل...... بجوار سينما الزيتون عمداً مع سبق الإصرار وبذات الطريقة وسرق منه مبلغ...... جنيه، وبقتل....... عمداً مع سبق الإصرار بذات الأسلوب وسرقة نقوده وحاجياته وحرر عن هذه الواقعة الجناية رقم...... لسنة 1985 المطرية، وبقتل....... عمداً مع سبق الإصرار بذات الأسلوب الإجرامي سالف الذكر وسرقة حافظة نقوده وبها...... جنيه، ثم ضبط الحافظة مع المتهم الثاني وتعرفت عليها..... أرملة المجني عليه، وبقتل...... عمداً مع سبق الإصرار بذات الطريقة وسرقته نقوده وجلبابه الذي ضبط بمسكن المتهم الثاني وحرر عن هذه الواقعة الجناية رقم...... لسنة 1986 السلام، واعترف بقتل....... عمداً مع سبق الإصرار بذات الأسلوب المذكور وسرق منه مبلغ....... دولار ودفع جثته إلى مياه ترعة الإسماعيلية وقيدت هذه الواقعة برقم..... لسنة 1985 جنايات شبرا الخيمة، وبأنه قتل...... عمداً مع سبق الإصرار وسرق منه مبلغ...... جنيه وذلك على مشهد من...... التي أخذت منه مبلغ...... كي تعطيه لزوجها...... ليطلقها ويتزوجها هو، وقد تعرف المتهم الأول على صورة المجني عليه، وكانت...... قد حررت المحضر رقم...... لسنة 1985 إداري عن غياب زوجها المجني عليه الذي سافر إلى مسطرد لشراء مازوت ولم يعد، كما اعترف المتهم الأول أيضاً بقتل أربعة أشخاص عمداً مع سبق الإصرار ولم يستدل بالتحقيقات عن الكشف عن أسمائهم وتحديد شخصياتهم. واعترف أن أحد هؤلاء الأربعة من الفيوم وسرق منه مبلغ...... جنيه والآخر تقابل معه في قطار شبين القناطر وسرق منه مبلغ...... جنيه والثالث بدائرة مركز القوصية خلال شهر فبراير سنة 1985 وسرق منه مبلغ...... جنيه والرابع بذات الدائرة وسرق منه عباءته التي ضبطت لدى..... ولم يعثر على جثث هؤلاء الأربعة، وقد ثبت من تقارير الطب الشرعي الخاصة بالمجني عليهم الذين عثر على جثثهم بأن كل منهم قتل بالطريقة التي اعترف بها المتهم الأول والمتهم الثاني بالنسبة للمجني عليه........ وأن سبب وفاتهم اسفكسيا الخنق بالضغط على العنق، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق المتهمين أدلة مستمدة من اعتراف المتهم الأول تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة، وأقوال كل من اللواء.....، واللواء.....، والعميد.......، والعقيد..... و...... و....... و......، ومن تقارير الصفة التشريحية للجثث التي تم العثور عليها، ومعاينة النيابة العامة بإرشاد المتهم الأول وتصويره لكيفية ارتكاب جرائمه من قتل وسرقة، ومن ضبط بعض المسروقات بإرشاد المتهم الأول بمسكن المتهم الثاني ولدى آخرين بإرشاد....... زوجة المتهم الثاني، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وقد حصل الحكم مؤداها تحصيلاً وافياً له أصله الثابت في الأوراق، لما كان ذلك، وكانت المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أن الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى وفقاً للمادة 209 - أي بعد التحقيق الذي تجريه بمعرفتها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها - لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقاً للمادة 197، وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية، وقوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها، ولما كان الثابت من الأوراق أنه لما ضبط المتهم الأول في القضية رقم...... جنايات المطرية وأسفر تحقيقها عن اعترافه بارتكاب الجنايات الأخرى المضمومة مما يعد أدلة جديدة فيها لم تكن قد عرضت على النيابة العامة عند إصدار أمرها بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل في القضايا المضمومة، فإن ذلك مما يجيز لها العودة إلى التحقيق في تلك القضايا ويطلق حقها في رفع الدعوى الجنائية على الجاني بناء على ما ظهر من تلك الأدلة التي جرت أمامها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ما دامت الدعاوى الجنائية في تلك القضايا لم تسقط بعد. لما كان ذلك، وكانت المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية قد نص فيها على أنه: "إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعها بأمر إحالة واحد إلى المحكمة المختصة مكاناً بإحداها"، وكانت جنايات القتل العمد مع سبق الإصرار المقترنة بسرقة بإكراه التي ارتكبها المحكوم عليه الأول في أماكن متعددة - وهي جرائم مرتبطة - قد أحيلت بأمر إحالة واحد إلى محكمة جنايات القاهرة المختصة مكاناً بنفس تلك الجرائم، وطبقت في شأنها المادة 32 من قانون العقوبات، فإن الحكم يكون قد صدر من محكمة مختصة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع من أن اعتراف المحكوم عليه الأول كان وليد إكراه وقع عليه ورد عليه في قوله: "أما ما ساقه المتهم ونادى به المدافع عنه من أن حصول اعترافاته المتصلة بتحقيقات النيابة العامة كان نتيجة الإكراه المادي والأدبي الذي وقع عليه من ضباط المباحث فهو قول مصدره محض وجدانه فضلاً عن أن النيابة العامة قد ناظرت المتهم وشاهدت جسده ووصفت ما به من رسومات وكلمات مختلفة وأثبتت أنه ليس بجسده أية إصابات أو أعراض تفيد التحقيق، كما أن المتهم الأول قد نفى أمام النيابة العامة في أكثر من موضع من التحقيق نفياً صريحاً لا لبس فيه أو غموض أن ثمة إكراه مادي أو أدبي قد وقع عليه، كما أنه قد اعترف بجلسة السبت..... أمام محكمة جنايات القاهرة عند تجديد حبسه بأنه قتل سبعة عشر من المجني عليهم خنقاً لأن هوايته القتل والسرقة، هذا فضلاً عن إرشاده النيابة العامة عند إجرائها المعاينة في كل واقعة ارتكبها، كما تعرف على شخصية أحد المجني عليهم عندما عرضت عليه النيابة العامة صورته، وقد جاءت هذه التفاصيل التي اعترف بها المتهم الأول مطابقة تمام التطابق مع التحقيق الذي أجرته النيابة العامة بشأن العثور على جثة المجني عليه قبل اعترافه، كما ثبت من اعترافه أنه خنق المجني عليهم جميعاً بطريقة واحدة بأن أوثق يديهم من الخلف وقام بخنق المجني عليهم بوضع منديل أو ملفحة أو حبل من الليف حول الرقبة حتى يموت خنقاً وهو أسلوب إجرامي واحد اعترف به تفصيلاً وجاءت تقارير الصفة التشريحية التي أجريت للمجني عليهم متفقة أيضاً مع اعترافات المتهم الأول، وفضلاً عن ذلك فقد شهد اللواء..... بالجلسة والتي تطمئن المحكمة إلى شهادته كل الاطمئنان ويرتاح وجدانها إليها بأنه انتقل إلى المتهم فور ضبطه بتاريخ....... بقسم شرطة..... واعترف اعترافاً شفوياً بارتكاب جرائم القتل وأنه كان هادئاً ونفى حصول إكراه قد وقع عليه، ومن ثم تلتفت المحكمة عن هذا الوجه من أوجه الدفاع الذي قصد به مجرد درء التهمة الثابتة في حقه من أدلة الثبوت سالفة الذكر والأخذ بخناقه". ولما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها، وكان الحكم المطروح - على ما سلف بيانه - قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليه الأول لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. ولا ينال من سلامة الحكم أنه أشار إلى اعتراف المحكوم عليه الأول بجلسة........ أمام محكمة جنايات القاهرة عند تجديد حبسه في حين أن صحة تاريخ تلك الجلسة التي تضمنت اعترافه هو......، إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ مادياً بحتاً في كتابة الحكم لا يؤثر في سلامته. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق المحكوم عليه الأول في قوله: "إن المحكمة تستخلص قيام نية القتل لدى المتهم الأول وتوافرها في حقه من عناصر الدعوى بعد أن أحاطت بها عن بصر وبصيرة، ذلك لأن الدليل يقوم في هذه الدعوى من اعتراف المتهم الأول المفصل في جميع مراحل الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة وبجلسة تجديد حبسه أمام محكمة الجنايات ومن تكتيفه المجني عليهم من الخلف وخنقهم بقطعة من القماش أياً كان نوعه أو حبل ليف رغبة في التخلص منهم، ولأن الخنق بطبيعته قتل عمد، الأمر الذي إن دل على شيء فإنما يدل على أن نية المتهم الأول قد اتجهت فعلاً إلى قتل المجني عليهم وإزهاق أرواحهم خنقاً بأن وضع قطع من القماش على النحو الموضح باعترافاته وبالتحقيقات وتقارير الصفة التشريحية أياً كان نوع القماش كمنديل أو ملفحة أو حبل ليف أو فانلة ثم يضغط على رقبة المجني عليهم فيؤدي ذلك إلى الوفاة، وفعلاً تم له ما هدف إليه". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، فإن الحكم المطروح - على ما سلف بيانه - يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم عليه الأول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج. وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم عليه الأول في قوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو ثابت في حق المتهم الأول هو والمتهم الثاني بالنسبة لـ........ من اعتراف المتهم الأول بجميع مراحل الاستدلالات وبتحقيقات النيابة، وبجلسة تجديد الحبس من استيقافه للمجني عليهم واصطحابهم إلى أماكن نائية وتكتيفهم من الخلف ثم وضع الرباط حول عنق الضحية المجني عليها حتى الموت بعد أن يوهم الضحية بأنه من رجال الشرطة السريين، وأنه سيحرر له محضراً بالشرطة لعدم حمله البطاقة الشخصية أو أداء الخدمة العسكرية أو التحري ثم الهرب" فإن الحكم يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما ينتجه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطروح قد بين ثبوت وقائع القتل العمد مع سبق الإصرار في حق المحكوم عليه الأول ثبوتاً كافياً، كما بين الظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المحكوم عليه الأول، فإنه لا يعيبه - من بعد - عدم العثور على جثث المجني عليهم، لما هو مقرر من أنه لا يقدح في ثبوت جريمة القتل العمد عدم العثور على جثة المجني عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان بها المحكوم عليه الأول وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، واستظهر الحكم نية القتل كما استظهر ظرف سبق الإصرار على النحو المعرف به قانوناً وتناول الدفع ببطلان الاعتراف ورفضه في منطق سائغ، وقد صدر الحكم بإعدام المحكوم عليه الأول بإجماع آراء أعضاء المحكمة بعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية، وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأوليه، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول.