جلسة 8 من إبريل سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود الخضيري، أحمد الزواوي، سعيد شعله نواب رئيس المحكمة ومندور شرف الدين.
--------------
(121)
الطعن رقما 723 و807 لسنة 58 القضائية
(1، 2) مسئولية "المسئولية التقصيرية: مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". حكم "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون".
(1) مسئولية المتبوع. قيامها على خطأ مفترض من جانبه لا يقبل إثبات العكس. نطاقها. أن يكون فعل التابع قد وقع أثناء تأديته وظيفته أو كان قد استغل وظيفته أو ساعدته أن هيأت له فرصة ارتكاب الفعل غير المشروع سواء كان ذلك لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي بعلم المتبوع أو بغير علمه. م 174 مدني.
(2) ارتكاب ضابط بالقوات المسلحة جريمة قتل عمد بمسدسه الذي في عهدته بحكم وظيفته. أثره. تحقق مسئولية وزير الدفاع عن الضرر باعتباره متبوعاً. نفي الحكم المطعون فيه هذه المسئولية على قالة إن خطأ التابع منبت الصلة بعمله مكاناً وزماناً وانتفاء علاقة السببية بين الخطأ والوظيفة. خطأ.
2 - لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن التابع المسئول ضابط بالقوات المسلحة يعمل تحت رئاسة المطعون ضده - وزير الدفاع - وأنه قتل مورثي الطاعنين بمسدسه الحكومي الذي في عهدته بحكم وظيفته فإن وظيفته لدى المطعون ضده تكون قد هيأت له فرصة إتيان عمله غير المشروع إذ لولا هذه الوظيفة وما يسرته لصاحبها من حيازة السلاح الناري المستعمل في قتل مورثي الطاعنين لما وقع الحادث منه وبالصورة التي وقع بها، ويكون المطعون ضده مسئولاً عن الضرر الذي أحدثه الضابط بعمله غير المشروع، وإذ نفى الحكم المطعون فيه مسئولية المطعون ضده عن هذا الضرر قولاً منه أن الخطأ الذي قارفه التابع منبت الصلة بعمله مكاناً وزماناً وأنه لا توجد علاقة سببية وثيقة بين الخطأ والوظيفة فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة في الطعن رقم 807 سنة 58 ق أقامت الدعوى 8189 لسنة 1985 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضده وآخرين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا إليها مبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض ذلك أنه بتاريخ 10/ 10/ 1982 قتل الرائد طيار.... عمداً ولديها.... و.... وأمها.... وشرع في قتلها فأحدث بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وقدم للمحاكمة الجنائية وقضي بإدانته بعقوبة الإعدام في القضية رقم 622 لسنة 1982 جنايات شرق القاهرة العسكرية وإذ استعمل الجاني سلاحه الأميري "مسدس" الذي كان في عهدته بحكم وظيفته في ارتكاب الحادث بما يجعل المطعون ضده بصفته مسئولاً عن تعويض الأضرار التي لحقت بها فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان، كما أقام مورثا الطاعنين في الطعن 723 لسنة 58 ق وآخرون الدعوى 12138 لسنة 1986 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضده نفسه بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليهما مبلغ مائة ألف جنية تعويضاً عن الأضرار التي أصابتهما بوفاة حفيديهما - ولدي ابنهما المتوفى من الطاعنة في الطعن الأول - في الحادث ذاته موضوع الدعوى السالف بيانها. ومحكمة أول درجة بعد أن أمرت بضم الدعويين للارتباط حكمت بتاريخ 29/ 4/ 1987 في الدعوى رقم 8189 لسنة 1985 بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدي للطاعنة في الطعن 807 سنة 58 ق مبلغ ثلاثين ألف جنيه وفي الدعوى 12138 لسنة 1986 بإلزامه بأن يؤدي إلى مورثة الطاعنين في الطعن 723 لسنة 58 ق المرحومة.... مبلغ خمسة آلاف جنيه ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات استأنف الخصوم الحكم بالاستئنافات 7558، 8023، 8124 سنة 104 ق القاهرة وبعد ضم الاستئنافات الثلاثة قضت المحكمة بتاريخ 22/ 12/ 1987 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعويين. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين الماثلين وقدمت النيابة مذكرة في كل منهما أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما وفيها أمرت المحكمة بضم الطعنين والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم نفى مسئولية المطعون ضده عن الخطأ الذي ارتكبه تابعه استناداً إلى أن الحادث وقع منه خارج نطاق وظيفته وبعيداً عن محيطها وفي وقت لم يكن قائماً بعمل من أعمالها أو مباشراً لشأن من شئونها ولم تكن الوظيفة هي السبب في وقوع الخطأ في حين أن الثابت في واقعة الدعوى أن الوظيفة قد هيأت للضابط الجاني فرصة ارتكاب الحادث بسلاحه المسلم إليه بمقتضى وظيفته هو ما يكفي لتحقق مسئولية المطعون ضده عن أعمال تابعه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القانون المدني إذ نص في المادة 174 منه على أن "(1) يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعاً منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها. (2) وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه" قد أقام هذه المسئولية على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس مرجعه سوء اختياره لتابعه وتقصيره في رقابته، وأن القانون إذ حدد نطاق هذه المسئولية بأن يكون العمل الضار غير المشروع واقعاً من التابع حال تأدية الوظيفة أو بسببها لم يقصد أن تكون المسئولية مقتصرة على خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته، أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه، بل تتحقق المسئولية أيضاً كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة، أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه، سواء ارتكبه التابع لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي. وسواء أكان الباعث الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها، وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير عمله، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن التابع المسئول ضابط بالقوات المسلحة يعمل تحت رئاسة المطعون ضده وأنه قتل مورثي الطاعنين بمسدسه الحكومي الذي في عهدته بحكم وظيفته فإن وظيفته لدى المطعون ضده تكون قد هيأت له فرصة إتيان عمله غير المشروع إذ لولا هذه الوظيفة وما يسرته لصاحبها من حيازة السلاح الناري المستعمل في قتل مورثي الطاعنين لما وقع الحادث منه وبالصورة التي وقع بها، ويكون المطعون ضده مسئولاً عن الضرر الذي أحدثه الضابط بعمله غير المشروع، وإذ نفى الحكم المطعون فيه مسئولية المطعون ضده عن هذا الضرر قولاً منه أن الخطأ الذي قارفه التابع منبت الصلة بعمله مكاناً وزماناً وأنه لا توجد علاقة سببية وثيقة بين الخطأ والوظيفة فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.