الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 أغسطس 2014

الطعن 4615 لسنة 61 ق جلسة 19/ 6/ 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 180 ص 931

جلسة 19 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ لطفي عبد العزيز, محمد محمد محمود, أحمد عبد الرازق نواب رئيس المحكمة ورمضان أمين اللبودي.

---------------

(180)
الطعن رقم 4615 لسنة 61 القضائية

(4 - 1) تأمين "التأمين الإجباري من حوادث السيارات". تقادم "التقادم المسقط: بدء التقادم, وقف التقادم, قطع التقادم". دعوى "دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن" "دعوى المضرور قبل المسئول" "الدعوى الجنائية". تعويض. استئناف.
 (1)
للمضرور دعوى مباشرة قبل المؤمن في التأمين الإجباري من حوادث السيارات. خضوعها للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 مدني. بدء سريانه من وقت وقوع الحادث المسبب للضرر. اختلافها في هذا عن دعوى المضرور بالتعويض الناشئة عن الفعل غير المشروع قبل المسئول عن الضرر التي يبدأ سريان تقادمها الثلاثي من تاريخ العلم بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه. م 172 مدني.
(2)
تقادم دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن. خضوعه للقواعد العامة المتعلقة بوقف مدة التقادم وانقطاعها.
 (3)
دعوى المضرور قبل المؤمن إذا كان الفعل غير المشروع فيها جريمة رفعت عنها الدعوى الجنائية. أثره. وقف سريان التقادم بالنسبة لدعوى المضرور قبل المؤمن طوال مدة المحاكمة الجنائية. عودة سريانه بانقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم بات فيها أو بسبب آخر. علة ذلك. رفع الدعوى الجنائية مانع قانوني في معنى المادة 382/ 1 مدني يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه.
 (4)
وقوع تصادم بين سيارتين. تقديم النيابة العامة قائد إحداهما للمحاكمة الجنائية وادعاء بعض المضرورين مدنياً قبله. القضاء ببراءته ورفض الدعوى المدنية. عدم استئناف النيابة العامة لهذا القضاء. أثره. انقضاء الدعوى الجنائية. إقامة مضرور آخر دعوى مباشرة قبل شركة التأمين المؤمن لديها من مخاطر السيارة الأخرى. بدء سريان تقادمها الثلاثي المسقط من اليوم التالي لهذا الانقضاء. لا يغير من ذلك استئناف المدعين بالحق المدني للحكم الجنائي. علة ذلك. اقتصار أثر هذا الاستئناف على الدعوى المدنية بأطرافها ولا يتعداها إلى موضوع الدعوى الجنائية.

----------------
1 - أنشأ المشرع بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات للمضرور من هذه الحوادث دعوى مباشرة قبل المؤمن ونص على أن تخضع هذه الدعاوي للتقادم المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني وهو التقادم الثلاثي المقرر للدعاوي الناشئة عن عقد التأمين, وإذ كان حق المضرور قبل المؤمن ينشأ من وقت وقوع الحادث التي ترتبت عليه مسئولية المؤمن فإنه يترتب على ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم هذه الدعوى تسري من هذا الوقت, وهي في هذا تختلف عن دعواه بالتعويض الناشئة عن الفعل غير المشروع قبل المسئول عن الضرر والمنصوص عليها في المادة 172 من القانون المدني إذ لا تسقط بالتقادم إلا بانقضاء ثلاث سنوات تبدأ من التاريخ الذي يتحقق فيه علم المضرور بوقوع الضرر الذي يطالب بالتعويض عنه وبشخص المسئول عنه.
2 - لما كانت دعوى الطاعنين المضرورين موجهة إلى الشركة المطعون ضدها والمؤمن من مخاطر السيارة المتسببة في الحادث لديها ابتغاء تغطية المسئولية المدنية الناشئة عن وفاة مورثهما فإن حكم تقادمها يخضع للتقادم المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني دون التقادم المنصوص عليه في المادة 172 منه ويسري في شأنه القواعد العامة المتعلقة بوقف مدة التقادم وانقطاعها.
3 ، 4 - إذ كان الفعل غير المشروع الذي سبب الضرر الذي يستند إليه الطاعنان في دعواهما قبل المطعون ضدهما - المؤمن - هو جريمة ورفعت الدعوى على مقارفها في الجنحة رقم...... فإن سريان التقادم بالنسبة لدعواهما يقف في هذه الحالة طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية ولا يعود إلى السريان إلا بانقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم بات فيها أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء على أساس أن قيام الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعاً قانونياً في معني المادة 382 من القانون المدني يتعذر معه عليهما المطالبة بحقهما. وإذ تحقق انقضاؤها بفوات ميعاد طعن النيابة العامة في الحكم الصادر في هذه الجنحة حضورياً بتاريخ 19/ 5/ 1984 ببراءة قائد تلك السيارة فإنه ومن اليوم التالي لهذا الانقضاء يبدأ سريان التقادم الثلاثي المسقط لدعوى الطاعنين بالتعويض وإذ كانت قد رفعت في 25/ 2/ 1988 فإنها تكون قد أُقيمت بعد سقوط الحق في رفعها, لا يغير من ذلك ما تحدى به الطاعنان من أن تقادم دعواهما يبدأ سريانه من 30/ 3/ 1985 تاريخ الحكم الصادر في استئناف المدعين بالحق المدني في الجنحة آنفة البيان إذ من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء الدائرة الجنائية لهذه المحكمة - أن استئناف المدعي بالحقوق المدنية يقتصر أثره على الدعوى المدنية بأطرافها لا يتعداه إلى موضوع الدعوى الجنائية والتي تكون قد انقضت بأحد الأسباب الخاصة بها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 2171 لسنة 1988 مدني المنصورة الابتدائية انتهيا فيها إلى طلب الحكم بإلزام شركة التأمين المطعون ضدها بأن تؤدي إليهما تعويضاً عما لحقهما ولحق مورثهما من أضرار بسبب قتله خطأ في حادث سيارة مؤمن من مخاطرها لديها. قبلت المحكمة دفع المطعون ضدها بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني وقضت بسقوطها بالتقادم لحكم استأنفه الطاعنان بالاستئناف رقم 1002 س 41 ق المنصورة وفيه حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين ينعي بهما الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيق مع القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وذلك حين أقام قضاءه المؤيد للحكم الابتدائي على اكتمال مدة التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني من تاريخ نهائية الحكم الحضوري الصادر بتاريخ 19/ 5/ 1984 في الجنحة رقم 2 لسنة 1984 الواحات البحرية ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية التي لم يكن الطاعنان من المدعين فيها حتى تاريخ رفع الدعوى الراهنة في 25/ 2/ 1988 في حين أنه يتعين حساب تلك المدة من 30/ 3/ 1985 تاريخ صدور الحكم في استئناف المدعين بالحق المدني في هذه الجنحة حيث تحدد في هذا الحكم المسئول عن الضرر فيبدأ من اليوم التالي لصدوره سريان التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني وبالتالي تكون دعواهما بمنأى عن السقوط ويعيب الحكم القاضي بسقوطها ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المشرع أنشأ بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات للمضرور من هذه الحوادث دعوى مباشرة قبل المؤمن ونص على أن تخضع هذه الدعاوي للتقادم المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني وهو التقادم الثلاثي المقرر للدعاوي الناشئة عن عقد التأمين, وإذ كان حق المضرور قبل المؤمن ينشأ من وقت وقوع الحادث التي ترتبت عليه مسئولية المؤمن فإنه يترتب على ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم هذه الدعوى تسري من هذا الوقت, وهي في هذا تختلف عن دعواه بالتعويض الناشئة عن الفعل غير المشروع قبل المسئول عن الضرر والمنصوص عليها في المادة 172 من القانون المدني إذ لا تسقط بالتقادم إلا بانقضاء ثلاث سنوات تبدأ من التاريخ الذي يتحقق فيه علم المضرور بوقوع الضرر الذي يطالب بالتعويض عنه وبشخص المسئول عنه. لما كان ذلك، وكانت دعوى الطاعنين المضرورين موجهة إلى الشركة المطعون ضدها والمؤمن من مخاطر السيارة المتسببة في الحادث لديها ابتغاء تغطية المسئولية المدنية الناشئة عن وفاة مورثهما فإن حكم تقادمها يخضع للتقادم المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني دون التقادم المنصوص عليه في المادة 172 منه ويسري في شأنه القواعد العامة المتعلقة بوقف مدة التقادم وانقطاعها، ولما كان الفعل غير المشروع الذي سبب الضرر الذي يستند إليه الطاعنان في دعواهما قبل المطعون ضدهما هو - المؤمن - جريمة ورفعت الدعوى على مقارفها في الجنحة رقم 2 لسنة 1984 الواحات البحرية فإن سريان التقادم بالنسبة لدعواهما يقف في هذه الحالة طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية ولا يعود إلى السريان إلا بانقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم بات فيها أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء على أساس أن قيام الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعاً قانونياً في معنى المادة 382 من القانون المدني يتعذر عليهما المطالبة بحقهما. وإذ تحقق انقضاؤها بفوات ميعاد طعن النيابة العامة في الحكم الصادر في هذه الجنحة حضورياً بتاريخ 19/ 5/ 1984 ببراءة قائد تلك السيارة فإنه ومن اليوم التالي لهذا الانقضاء يبدأ سريان التقادم الثلاثي المسقط لدعوى الطاعنين بالتعويض وإذ كانت قد رفعت في 25/ 2/ 1988 فإنهما تكون قد أُقيمت بعد سقوط الحق في رفعها, لا يغير من ذلك ما تحدى به الطاعنان من أن تقادم دعواهما يبدأ سريانه من 30/ 3/ 1985 تاريخ الحكم الصادر في استئناف المدعين بالحق المدني في الجنحة آنفة البيان إذ من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء الدائرة الجنائية لهذه المحكمة - أن استئناف المدعي بالحقوق المدنية يقتصر أثره على الدعوى المدنية بأطرافها لا يتعداه إلى موضوع الدعوى الجنائية والتي تكون قد انقضت بأحد الأسباب الخاصة بها، وإذ التزم الحكم بقضائه المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويضحى النعي عليه بسببي الطعن على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 2353 لسنة 59 ق جلسة 19/ 6/ 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 179 ص 926

جلسة 19 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي, محمد الجابري, ماجد قطب نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد الكريم.

---------------

( 179 )
الطعن رقم 2353 لسنة 59 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن". إصلاح زراعي. قانون "تفسير القانون".
(1) خلو تشريعات قوانين الإصلاح الزراعي والقانون المدني وقوانين إيجار الأماكن من إسباغ وصف الأرض الزراعية أو الأرض الفضاء على العين المؤجرة متقيداً بمكان وجودها داخل نطاق كردون المدينة أو خارجها. أثره. العبرة في التعرف على طبيعة العين المؤجرة هي بما تضمنه عقد الإيجار متى كان مطابقاً لحقيقة الواقع وانصرفت إليه إرادة المتعاقدين.
(2) التفسير التشريعي الصادر بالقرار رقم (1) لسنة 1963 من هيئة الإصلاح الزراعي بشأن ما يُعد أرضاً زراعية. قصر نطاقه على تعيين الحد الأقصى للملكية الزراعية.

-------------
1 - إذ كان البيّن من استقراء نصوص قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 والقانون المدني وقوانين إيجار الأماكن المتعاقبة لا يبين منها أن المشرع ذهب إلى إسباغ وصف الأرض الزراعية أو الأرض الفضاء على العين المؤجرة متقيداً بمكان وجودها داخل نطاق كردون المدينة أو خارجها ومن ثم فإن العبرة في التعرف على طبيعة العين المؤجرة لتعيين القانون الواجب التطبيق عليها - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - بما تضمنه عقد الإيجار من بيان لها متى جاء مطابقاً لحقيقة الواقع باعتبار أن المناط في تكييف العقد إنما هو وضوح الإرادة وما اتجهت إليه.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القرار التفسيري رقم (1) لسنة 1963 قاصر على تطبيق أحكام قانون الإصلاح الزراعي المتعلقة بتعيين الحد الأقصى للملكية الزراعية لمنع إفلات شيء من أراضيها بإجراء التقسيم طبقاً للقانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء ولم تجزأ إلى عدة قطع لإقامة مبان عليها قبل العمل بقانون الإصلاح الزراعي - بعد صدوره لإسباغ وصف الأراضي المعدة للبناء على الأجزاء الزائدة عن ذلك الحد وهو كتفسير مقصود على القصد من وصفة لا ينسحب إلى غير الحالات التي صدر لمعالجتها ويتعين لزاماً بحث حالة كل عين على حدة للتعرف على وصفها الصحيح من حيث كونها أرضاً زراعية أو أرضاً معدة للبناء. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باعتبار العين محل النزاع أرضاً زراعية على ما قرره من أن الثابت من الإطلاع على أوراق الدعوى وتقرير الخبير المنتدب فيها من أن الأرض منزرعة بمحاصيل حالتها جيدة وأن المطعون ضدها قامت بتوفير مصدر الري لها ومحيزة باسمها في الجمعية التعاونية الزراعية, وقد تأيد ذلك بالشهادة المقدمة من الطاعن بصفته والتي تفيد أن قطعة الأرض محل النزاع أرضاً زراعية ومنزرعة, وكان هذا الذي أوردة الحكم سائغاً ومقبولاً وله معينه الثابت بالأوراق في حدود ما لقاضي الموضوع من سلطة تقدير الدليل وفهم الواقع في الدعوى ومؤدياً إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم منها وتحمل الرد الضمني على ما لم يأخذ به الحكم من مستندات الطاعن بصفته ولم تطمئن إليها المحكمة فلا عليه إن أغفل الحديث عنها استقلالاً، ومن ثم يكون النعي برمته على غير أساس. لما كان ما تقدم وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أن العين محل التداعي أرضاً زراعية مما ينطبق عليها أحكام قانون الإصلاح الزراعي لا مخالفة فيه إلى ما قرره التفسير التشريعي الصادر بالقرار رقم (1) لسنة 1963 من بحث حالة كل عين على حدة للتعرف على وصفها الصحيح من حيث كونها أرضاً زراعية أو أرضاً معدة للبناء, ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أنزل القانون منزله الصحيح على واقعة الدعوى, ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن بصفته أقام على المطعون ضدها الدعوى رقم 11979 لسنة 1984 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء قطعة الأرض المبينة بالصحيفة والتسليم, وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 3/ 1957 استأجر والد المطعون ضدها منه جزء من حديقة المعهد الاكليركي ليقوم بزراعتها بصفة مؤقتة حتى يتم استكمال مباني المعهد, وأن المستأجر الأصلي قد توفى إلى رحمة الله تعالي وأن أحداً من ورثته لا يمتهن الزراعة وبوفاته ينتهي عقد الإيجار وقد أنذر المطعون ضدها - التي خلفت والدها في الإجارة - بتاريخ 29/ 4/ 1984 بانتهاء العلاقة الإيجارية وطالبها بتسليم العين المؤجرة ولما لم تستجب أقام الدعوى. حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة المعادي الجزئية. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 6736 لسنة 103 ق القاهرة. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى, وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 5/ 4/ 1989 بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره, وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله, وفي بيان ذلك يقول إن الحكم ذهب إلى أن عقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1957 قد ورد على أرض زراعية مما ينطبق عليه أحكام قانون الإصلاح استناداً إلى ما ثبت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى من الأرض منزرعة بمحاصيل حالتها جيدة وأن المطعون ضدها قامت بتوفير مصدر الري لها ومحيزة باسمها في الجمعية التعاونية الزراعية في حين أن هذا يخالف الثابت بالشهادة المقدمة من الطاعن والتي تفيد أن قطعة الأرض محل النزاع تقع داخل كردون محافظة القاهرة وأن نية المشرع واضحة في استبعاد الأرضي الداخلة في كردون البنادر والبلاد الخاضعة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء وغيرها من الأراضي الفضاء والمعدة للبناء من أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي وفقاً لما انتهى إليه تفسير اللجنة العليا المختصة بتفسير أحكام القانون سالف الذكر في التفسير التشريعي رقم (1) لسنة 1963 للمادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر العين محل النزاع أرضاً زراعية تخضع لأحكام قانون الإصلاح الزراعي فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه باستقراء نصوص قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 والقانون المدني وقوانين إيجار الأماكن المتعاقبة لا يبين منها أن المشرع ذهب إلى إسباغ وصف الأرض الزراعية أو الأرض الفضاء على العين المؤجرة متقيداًً بمكان وجودها داخل نطاق كردون المدينة أو خارجها، ومن ثم فإن العبرة في التعرف على طبيعة العين المؤجرة لتعيين القانون الواجب التطبيق عليها هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بما تضمنه عقد الإيجار من بيان لها متى جاء مطابقاً لحقيقة الواقع باعتبار أن المناط في تكييف العقد إنما هو وضوح الإرادة وما اتجهت إليه، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المقرر التفسيري رقم (1) لسنة 1963 قاصر على تطبيق أحكام قانون الإصلاح الزراعي المتعلقة بتعيين الحد الأقصى للملكية الزراعية لمنع إفلات شيء من أرضيها بإجراء التقسيم - طبقاً للقانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء ولم تجزأ إلى عدة قطع لإقامة مبانٍ عليها قبل العمل بقانون الإصلاح الزراعي - بعد صدوره لإسباغ وصف الأراضي المعدة للبناء على الأجزاء الزائدة عن ذلك الحد وهو كتفسير مقصور على القصد من وضعه لا ينسحب إلى غير الحالات التي صدر لمعالجتها ويتعين لزاماً بحث حالة كل عين على حدة للتعرف على وصفها الصحيح من حيث كونها أرضاً زراعية أو أرضاً معدة للبناء. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باعتبار العين محل النزاع أرضاً زراعية على ما قرره من أن الثابت من الإطلاع على أوراق الدعوى وتقرير الخبير المنتدب فيها من أن الأرض منزوعة بمحاصيل حالتها جيدة وأن المطعون ضدها قامت بتوفير مصدر الري لها ومحيزة باسمها في الجمعية التعاونية الزراعية, وقد تأيد ذلك بالشهادة المقدمة من الطاعن بصفته والتي تفيد أن قطعة الأرض محل النزاع أرضاً زراعية ومنزوعة, وكان هذا الذي أوردة الحكم سائغاً ومقبولاً وله معينه الثابت بالأوراق في حدود ما لقاضي الموضوع من سلطة تقدير الدليل وفهم الواقع في الدعوى ومؤدياً إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم منها وتحمل الرد الضمني على ما لم يأخذ به الحكم من مستندات الطاعن بصفته ولم تطمئن إليها المحكمة فلا عليه إن أغفل الحديث عنها استقلالاً. ومن ثم يكون النعي برمته على غير أساس. لما كان ما تقدم، وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أن العين محل التداعي أرضاً زراعية مما ينطبق عليها أحكام قانون الإصلاح الزراعي لا مخالفة فيه إلى ما قرره التفسير التشريعي الصادر بالقرار رقم (1) لسنة 1963 من بحث حالة كل عين على حدة للتعرف على وصفها الصحيح من حيث كونها أرضاً زراعية أو أرضاً معدة للبناء, ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أنزل القانون منزله الصحيح على واقعة الدعوى, ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 4173 لسنة 61 ق جلسة 21/ 6/ 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 181 ص 937

جلسة 21 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز محمد، محمد درويش، عبد المنعم دسوقي نواب رئيس المحكمة وأحمد الحسيني.

----------------

(181)
الطعن رقم 4173 لسنة 61 القضائية

(1 - 3) تحكيم. بطلان "بطلان حكم المحكمين". دعوى. محكمة الموضوع.
(1) التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات. قوامه. الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكلفة من ضمانات. قصره على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين. وجوب أن تتضمن وثيقة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين ويتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم. جواز تحديده أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم. م 501 مرافعات المقابلة للمادة 10 ق 27 لسنة 1994. مخالفة ذلك. أثره. بطلان حكم المحكمين.
(2) عدم جواز الطعن على حكم المحكمين بطريق الاستئناف. م 510 مرافعات. جواز طلب بطلانه بدعوى خاصة يسار فيها بالطريق الذي شرعه القانون في الحالات المحددة بالمادة 512 مرافعات.
(3) محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في فهم نصوص التحكيم والتعرف على المقصود منها دون رقابة عليها في ذلك. شرطه. تبيان الاعتبارات التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه.

----------------
1 - التحكيم طريق استثنائي سنّه المشرع لفض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكلفه من ضمانات ومن ثم فهو مقصور حتماً على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين على عرضه على هيئة التحكيم, فأوجبت المادة 501 من قانون المرافعات - المنطبقة على واقعة الدعوى - المقابلة للمادة 10 من القانون 27 لسنة 1994 أن تتضمن وثيقة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحتكمين ويتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم وأجاز المشرع في ذات المادة أن يتم هذا التحديد أثناء المرافعة أمام التحكيم ورتبت المادة 512/ 2 منه البطلان جزاء على مخالفة ذلك.
2 - النص في المادة 510 من قانون المرافعات على أن "أحكام المحكمين لا تقبل الطعن فيها بالاستئناف" وفي المادة 513/ 1 منه على أن "يرفع طلب البطلان بالأوضاع المعتادة وإلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع". مفاده أن المشرع قد عدل عما كانت تجيزه المادة 874 من قانون المرافعات السابق بالطعن على حكم المحكمين بطريق الاستئناف وقصره على طلب بطلانه بدعوى خاصة يسار فيها بالطريق الذي شرعة القانون وذلك في الحالات التي عددتها المادة 512 منه.
3 - المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص وثيقة التحكيم والتعرف على ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن ومستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وما أثبت فيها ولا رقابة عليها في ذلك ما دامت بينت الاعتبارات المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم..... لسنة 1987 مدني المنصورة الابتدائية على الطاعنين وآخر بطلب الحكم ببطلان حكم المحكمين رقم 3 لسنة 1985 المنزلة الصادرة بتاريخ 30/ 1/ 1985 وقالوا بياناً لها إنه بموجب مشارطة تحكيم مؤرخة 21/ 1/ 1985 اتفقوا مع الطاعنين على إنهاء ما بينهم من نزاع حول الأرض الزراعية مشتراهم من السيدة/ ..... وأولادها المؤجرة إلى الطاعنين وآخر بطريق المزارعة وذلك بطريق التحكيم. وإذ صدر حكم المحكمين دون أن يورد في وثيقته بياناً بموضوع النزاع أو يستدعيهم لسماع أقوالهم وتقديم أوجه دفاعهم فقد أقاموا الدعوى, بتاريخ 3/ 12/ 1988 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى, استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 1536 لسنة 40 ق لدى محكمة استئناف المنصورة وبتاريخ 16/ 5/ 1991 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان حكم المحكمين المؤرخ 30/ 1/ 1985. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال ذلك أنه قضى ببطلان حكم المحكمين رقم 3 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 30/ 1/ 1985 على سند من عدم تحديد المحتكمين لموضع النزاع في وثيقة التحكيم رغم أن ذلك الحكم قد صار حائزاً لقوة الأمر المقضي به بعدم استئنافه في الميعاد ومن ثم فإنه لا يجوز رفع دعوى مبتدأة ببطلانه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن التحكيم طريق استثنائي سنّة المشرع لفض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات ومن ثم فهو مقصور حتماً على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين على عرضه على هيئة التحكيم, فأوجبت المادة 501 من قانون المرافعات - المنطبقة على واقعة الدعوى - المقابلة للمادة 10 من القانون 27 لسنة 1994 أن تتضمن وثيقة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين ويتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم وأجاز المشرع في ذات المادة أن يتم هذا التحديد أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم ورتبت المادة 512/ 2 منه البطلان جزاء على مخالفة ذلك - وكان النص في المادة 510 من ذات القانون على أن "أحكام المحكمين لا تقبل الطعن فيها بالاستئناف" وفي المادة 513/ 1 منه على أن "يرفع طلب البطلان بالأوضاع المعتادة وإلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع". مفاده أن المشرع قد عَدَلََ عما كانت تجيزه المادة 874 من قانون المرافعات السابق بالطعن على حكم المحكمين بطريق الاستئناف وقصره على طلب بطلانه بدعوى خاصة يسار فيها بالطريق الذي شرعه القانون وذلك في الحالات التي عددتها المادة 512 منه؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ببطلان حكم المحكمين موضوع النزاع على قوله إنه "وإن كانت مشارطة التحكيم قد تضمنت في البند الأول منها أنه قد تم الاتفاق بين الطرفين بها على عقد جلسة عرفية للفصل في النزاع القائم بينهما والخاص بأطيان السيدة......... إلا أن ذلك بمفرده لا يعتبر تحديداً للنزاع بالمعنى المقصود في المادة 501 إذ لم يذكر به مساحة تلك الأرض أو موقعها ولا ماهية الخلاف الحاصل بشأنها وهل هو يتعلق بملكيتها أم بإيجارها ووضع اليد عليها أم أنه متعلق ببيعها وما ورد بجلسة 30/ 1/ 1985 وإن كان قد تناول بياناً لموضوع النزاع إلا أنه ليس فيه ما يفيد حضور طرفيّ التحكيم بتلك الجلسة وتمام المرافعة أو أنهما قد حددا للمحكمين حدود المنازعة بحيث يمكن القول أن ما ورد بالمحضر المذكور هو ما انصرفت إرادتهما إلى عرضه على هيئة التحكيم باعتبار أن ذلك هو ما تتحدد به ولاية للمحكمين......" وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص وثيقة التحكيم والتعرف على ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وما أثبت فيها ولا رقابة عليها في ذلك ما دامت بينت الاعتبارات المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه، وكانت محكمة الاستئناف قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية للأسباب السائغة التي أوردتها واستقتها مما تضمنته عبارات وثيقة التحكيم - المرفق صورتها بالأوراق - وما أثبت بجلسة المرافعة أمام هيئة التحكيم أن الموضوع الذي انصرفت إليه إرادة المحتكمين وإلى عرضه على هذه الهيئة لم يتم تحديده فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى بطلان حكم المحكمين لتصديه للفصل في موضوع لم يتم اتفاق المحتكمين على تحديده بما ينطوي على تجاوز من هيئة التحكيم لحدود ولايتها ويبطل حكمها يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 8487 لسنة 66 ق جلسة 23/ 6/ 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 185 ص 970

جلسة 23 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحيم صالح, لطف الله جزر, منير الصاوي نواب رئيس المحكمة, وناجي عبد اللطيف.

----------------

(185)
الطعن رقم 8487 لسنة 66 القضائية

(1) قوة الأمر المقضي "حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية" تعويض.
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. شرطه. الحكم بالبراءة. إقامته على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون سواء لانتفاء القصد الجنائي أو لسبب آخر. أثر ذلك. عدم ثبوت حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية. للمحكمة المدنية بحث ما قد نشأ عن هذا الفعل من ضرر يصح أن يكون أساساً للتعويض. علة ذلك.
(2) نقض "سلطة محكمة النقض".
انتهاء الحكم الى النتيجة الصحيحة. لا يبطله اشتماله على أخطاء قانونية لمحكمة النقض تصحيحها.
(3، 4) أوراق تجارية "تداولها: التظهير التوكيلي".
(3) صلاحية الورقة التجارية للتداول عن طريق التظهير. لازمه. أن تكون مستقلة بذاتها ويتحدد من بياناتها وصف الحقوق الناشئة عنها ومداها ومضمون الالتزام الصرفي. عدم جواز الرجوع في هذا الشأن إلى وقائع أو اتفاقيات خارجة عنها.
(4) التظهير التوكيلي. أثره. عدم تطهير الورقة من الدفوع. مؤداه.
(5) حكم "تسبيب الحكم: ما يُعد قصوراً". دعوى "الدفاع في الدعوى".
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم ويتغير به وجه الرأي في الدعوى. قصور.

---------------
1 - مؤدى حكم المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكوّن للأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله, وإن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة إذا كان مبيناً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون سواء لانتفاء القصد الجنائي أو لسبب آخر فإنه لا تكون له حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية وبالتالي فإنه لا يمنع تلك المحكمة من البحث فيما إذا كان هذا الفعل مع تجرده من وصف الجريمة قد نشأ عنه ضرر يصح أن يكون أساساً للتعويض ذلك أن القاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً.
2 - انتهاء الحكم المطعون فيه إلى نتيجة صحيحة فلا يبطله بعد ذلك ما ورد بأسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض أن تصحح ما وقع من ذلك في مدوناته.
3 - لما كان أخص خصائص الورقة التجارية صلاحيتها للتداول عن طريق التظهير فإن لازم ذلك أن تكون الورقة مستقلة بذاتها فيتحدد من بياناتها وصف الحقوق الناشئة عنها ومداها ومضمون الالتزام الصرفي ولا يرجع في هذا الشأن إلى وقائع أو اتفاقات خارجة عنها.
4 - التظهير التوكيلي لا يطهر الورقة من الدفوع فيجوز للمدعي الأصلي فيها التمسك في مواجهة المظهر إليه الوكيل بكافة الدفوع التي كان يستطيع التمسك بها قبل المظهر.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أسس بتعويض البنك المطعون ضده عن عدم تحصيله قيمة الشيكات موضوع الدعوى على أنها مرهونة لصالحه استناداً لما تضمنه العقد المؤرخ 29/ 9/ 1991 من أن جميع الأوراق المالية والتجارية التي سيودعها المستفيد من الشيكات لدى البنك تعتبر مرهونة رهناً حيازياً لصالحه دون أن يعني بالرد على ما تمسك به الطاعن من أن المستفيد ظهّر الشيكات إلى البنك تظهير توكيلياً وأنه أوفى بقيمتها للمظهر مع كونه دفاعاً جوهرياً قد يتغير به إن صح وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن البنك المطعون ضده أقام الدعاوي أرقام 7351، 7632، 7634، 75635، 7636، 9341، 9342 لسنة 1992 جنح الرمل بالطريقة المباشر قبل الطاعن طالباً في كل منها توقيع العقوبة على الطاعن عن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد ولإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 501 جنيه على سبيل التعويض المؤقت على سند من أن الطاعن أعطى هذه الشيكات وجملة قيمتها 218500 جنيه إلى عميلة "......." الذي ظهرها تظهيراً ناقلاً للملكية. حكمت المحكمة بتاريخ 21/ 2/ 1993 ببراءة الطاعن وبرفض الدعوى المدنية في تلك القضايا عدا القضية رقم 7351 لسنة 1992 فقد حكمت بحبسه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 501 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنفت النيابة العامة والطاعن والمطعون ضده هذا الحكم وبعد أن ضمت المحكمة الجنح جميعاً قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسابقة الفصل فيها في الدعوى 13575 لسنة 1992 جنح الرمل واستئنافها رقم 7655 لسنة 93 شرق الإسكندرية وبعدم اختصاصها بنظر الدعاوى المدنية وبإحالتها إلى محكمة الرمل الجزئية فقيدت برقم 316 لسنة 1993 مدني جزئي الرمل وعدّل المطعون ضده طلباته إلى طلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي له مبلغ 218500 جنيه كتعويض يعادل قيمة الشيكات التي صدرت بدون رصيد. بتاريخ 27/ 1/ 1994 قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية فقيدت برقم 1459 لسنة 1994 مدني كلي الإسكندرية وبتاريخ 29/ 1/ 1995 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 542 لسنة 51 ق الإسكندرية, بتاريخ 20/ 7/ 1996 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 218500 جنيه على سبيل التعويض. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت فيها جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه وقد قُضي نهائياً في الجنحة رقم 13572 لسنة 1992 جنح الرمل بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، وكانت الشيكات محل المطالبة في الدعوى الماثلة تشكل مع الشيك محل الجنحة المذكورة واقعة واحدة وقد صدر الحكم في الدعاوي المقامة عنها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة سالفة الذكر في شقها الجنائي فإن الشق المدني فيها يكتسب قوة الأمر المقضي التي اكتسابها الحكم الصادر في الجنحة المذكورة في قضائه برفض طلب التعويض مما يحول دون معاودة سماع الدعوى في هذا الشق من الطلبات. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يتعد بقوة الأمر المقضي فإنه يكون معيباً بما سلف بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن مؤدى حكم المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكّون للأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله, وأن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة إذا كان مبيناً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون سواء لانتفاء القصد الجنائي أو لسبب آخر فإنه لا يكون له حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية وبالتالي فإنه لا يمنع تلك المحكمة من البحث فيما إذا كان هذا الفعل مع تجرده من وصف الجريمة قد نشأ عنه ضرر يصح أن يكون أساساً للتعويض، ذلك أن القاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً. لما كان ما تقدم وكان البيّن من الحكم الجنائي الصادر بتاريخ 1/ 3/ 1993 في الجنحة رقم 13572 لسنة 1992 جنح الرمل أن المحكمة قضت ببراءة الطاعن من تهمة إصدار شيك بدون رصيد وبرفض الدعوى المدنية استناداً إلى قولها "أنه قام بسداد القيمة للمستفيد الأصلي قبل تاريخ الاستحقاق فينتفي الركن المعنوي للجريمة حتى بفرض صحة تظهير الشيك للبنك المطعون ضده" فإن هذا الحكم لا تكون له حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية وبالتالي فإنه لا يمنع تلك المحكمة من البحث فيما إذا كان هذا الفعل مع تجرده من صفة الجريمة قد نشأ عنه ضرر يصح أن يكون أساساً للتعويض. لما كان ذلك فإن الحكم لمطعون فيه إذ انتهى إلى هذه النتيجة فلا يبطله بعد ذلك ما ورد بأسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض تصحيح ما وقع من ذلك في مدوناته ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب إذ تمسك الطاعن أمام محكمة ثان درجة بدفاع مؤداه أن الشيكات محل المطالبة قد ظُهرت إلى البنك المطعون ضده تظهيراً توكيلياً مما يكون في سداده لقيمة هذه الشيكات للمستفيد نفياً للخطأ الموجب للتعويض المطالب به وإذ أعرض الحكم المطعون فيه عن الدفاع الجوهري وأقام قضاءه على أن الشيكات مرهونة رهناً حيازياً للمطعون ضده استناداً إلى عقد فتح الاعتماد المبرم بين المطعون ضده والمستفيد في حين أن رهن الأوراق التجارية لا يكون إلا بتظهيرها تظهيراً تأمينياً فإنه يكون معيبا بما سلف ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن لما كان أخص خصائص الورقة التجارية صلاحيتها للتداول عن طريق التظهير فإن لازم ذلك أن تكون الورقة مستقلة بذاتها فيتحدد من بياناتها وصف الحقوق الناشئة عنها ومداها ومضمون الالتزام الصرفي ولا يرجع في هذا الشأن إلى وقائع أو اتفاقات خارجة عنها وكان التظهير التوكيلي لا يطهر الورقة من الدفوع فيجوز للمدين الأصلي فيها التمسك في مواجهة المظهر إليه الوكيل بكافة الدفوع التي كان يستطيع التمسك بها قبل المظهر، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بتعويض البنك المطعون ضده عن عدم تحصيله قيمة الشيكات موضوع الدعوى على أنها مرهونة لصالحه استناداً لما تضمنه العقد المؤرخ 29/ 9/ 1991 من أن جميع الأوراق المالية والتجارية التي سيودعها المستفيد من الشيكات لدى البنك تعتبر مرهونة رهناً حيازياً لصالحه دون أن يعني بالرد على ما تمسك به الطاعن من أن المستفيد ظهّر الشيكات إلى البنك تظهيراً توكيلياً وأنه أوفى بقيمتها للمظهر، مع كونه دفاعاً جوهرياً قد يتغير به إن صح وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعنان 8240 و 8296 لسنة 65 ق جلسة 23 /6 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 184 ص 952

جلسة 23 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ لطف الله جزر، منير الصاوي، زهير بسيوني نواب رئيس المحكمة ووجيه أديب.

---------------

(184)
الطعنان رقما 8240، 8296 لسنة 65 القضائية

(1) بطلان "بطلان التصرفات". عقد.
عدم إقامة الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال من العقد لا ينفصل عن جملة التعاقد. أثره. اقتصار البطلان على هذا الشق وحده. م 143 مدني.
 (2)
بنوك. فوائد.
الالتزام بسعر الفائدة الذي يحدده البنك المركزي على العمليات المصرفية. مناطه. اتفاق البنك وعميله على هذا السعر. عدم وجود اتفاق. أثره. تطبيق السعر القانوني للفائدة.
 (3)
نقض "أسباب الطعن". بطلان.
وجوب اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على بيان أسباب الطعن وإلا كان باطلاً. م 253 مرافعات. مقصوده. تحديد أسباب الطعن وتعريفها تعريفاً واضحاً كاشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة. علة ذلك. عدم إيضاح الطاعن العيب المنسوب للحكم المطعون فيه. نعي مجهل غير مقبول.
(4)
دعوى "المصلحة في الدعوى".
المصلحة التي تجيز رفع الدعوى. ماهيتها. المصلحة القانونية دون الاقتصادية. م 3 مرافعات.
 (5)
عقد "بطلان العقد". بطلان. دعوى "قبولها".
الحق في طلب إبطال العقد للغلط الجوهري أو التدليس. يتوافر به شرط المصلحة الحالة اللازمة لقبول الدعوى. المادتان 120، 125 مدني.
 (8 -6)
عقد "بطلان العقد". بطلان. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أوجه بطلان العقد".
(6)
طلب إبطال التصرف الذي شابه غلط جوهري في قيمة الشيء. شرطه. أن يكون هو الدافع الرئيسى للتعاقد ووقع فيه المتعاقد الآخر وأتصل علمه به أو كان من السهل عليه أن يتبينه.
 (7)
اعتبار السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة تدليساً. شرطه. ثبوت أن المدعى عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بها.
(8)
محكمة الموضوع لها تقدير ثبوت الغلط المصحوب بالتدليس أو عدم ثبوته دون رقابة من محكمة النقض متى أُقيم قضاؤها على أسباب سائغة
.
 (9)
نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد".
عدم التمسك أمام محكمة الموضوع بالدفاع الوارد في وجه النعي. سبب جديد. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(10، 11 ) عقد "انعقاد العقد".
(10)
تحرير المحرر المثبت للعقد في تاريخ لاحق لانعقاده. جائز. علة ذلك.
 (11)
الإيجاب. ماهيته. وجوب توافر الدليل على تلاقي إرادة المتعاقدين على قيام الالتزام ونفاذه. شرطه. اقتران الإيجاب بقبول مطلق
.
(12)
عقد "المفاوضات".
المفاوضة ليست إلا عملاً مادياً ليس له أثر قانوني.
 (13)
عقد "أركان العقد: التراضي".
استخلاص ما إذا كان الإيجاب باتاً. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.
 (14)
استئناف "أثر الاستئناف".
الاستئناف. أثره. نقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رُفع عنه الاستئناف. عدم جواز تعرض محكمة الاستئناف للفصل في أمر غير مطروح عليها.
 (15)
دعوى "دعوى الضمان الفرعية". استئناف.
دعوى الضمان الفرعية. استقلالها عن الدعوى الأصلية ولا تعد دفعاً أو دفاعاً فيها. امتناع محكمة الاستئناف أن تعرض لها أثناء نظر الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية.
(16)
عقد "عيوب الرضا". مسئولية "مسئولية تقصيرية".
إبطال العقد للغلط. جواز الحكم بالتعويض عند توافر شروط الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية في جانب المتعاقد الذي تسبب بخطئه في هذا الإبطال باعتبار أن العقد واقعة مادية.
 (17)
التزام. نقد.
الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية. الاستثناء. اتفاق الخصوم على الالتزام بالعملة الأجنبية.

--------------
1 - مفاد نص المادة 143 من القانون المدني أنه إذا لم يقم من يدعي البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد يظل ما بقى من العقد صحيحاً باعتباره عقداً مستقلاً ويقتصر البطلان على الشق الباطل وحده.
2 - لئن كان الشارع قد أجاز في المادة السابعة فقرة (د) من القانون رقم 120 لسنة 1975 بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي لمجلس إدارة ذلك البنك "تحديد أسعار الخصم والفائدة الدائنة والمدنية على العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات ومقدار الحاجة إليها وفقاً لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر" إلا أن مناط الالتزام بسعر الفائدة في نطاق السعر الذي حدده البنك المركزي هو اتفاق البنك وعميله على هذا السعر, وإلا طبق السعر القانوني للفائدة.
3 - أوجبت المادة 253 من قانون المرافعات اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلاً وقد قصد بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه ومن ثم فإن كان سبب يراد التحدي به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً. لما كان ذلك, وكان الطاعن لم يوضح ماهية القاعدة العامة في استحقاق الفوائد التي يعيب على الحكم المطعون فيه عدم تطبيقها ولا يغني عن هذا الإفصاح سرده لنص المادة 226 من القانون المدني فإن النعي يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول.
4 - يدل النص في المادة الثالثة من قانون المرافعات على أن المصلحة التي تجيز رفع الدعوى أو المطالبة بالحق هي تلك المصلحة القانونية التي يحميها القانون دون النظر إلى المصلحة الاقتصادية.
5 - المقرر وفقاً للمادتين 120، 125 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري أو وقع عليه تدليس الحق في طلب إبطال العقد وهو حق يتوافر به شرط المصلحة الحالة اللازمة لقبول الدعوى.
6 - المقرر وفقاً للمادتين 121،120 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري في قيمة الشيء أن طلب إبطال التصرف الذي شابة هذا الغلط متى كان هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد ووقع فيه المتعاقد الآخر أو أتصل علمه به أو كان من السهل عليه أن يتبينه.
7 - المقرر وفقاً للفقرة الثانية من المادة 125 من القانون المدني يعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة.
8 - تقدير ثبوت الغلط المصحوب بالتدليس الذي يجيز إبطال العقد أو عدم ثبوته هو من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض ما دام قضائها مقاماً على أسباب سائغة.
9 - لما كانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بدفاعها الوارد في وجه النعي فإنه وأياً كان وجه الرأي فيه يعد سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
10 - ليس ثمة ما يمنع قانوناً من تحرير المحرر المثبت للعقد في تاريخ لاحق لانعقاده لأن المحرر أداة للإثبات لا يلزم أن يكون تحريره موافقاً لتاريخ انعقاد العقد.
11 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الإيجاب هو العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق انعقد العقد ولا يعتبر التعاقد تاماً وملزماً إلا بتوافر الدليل على تلاقي إرادة المتعاقدين على قيام هذا الالتزام ونفاذه.
12 - المفاوضات ليست إلا عملاً مادياً ولا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني.
13 - استخلاص ما إذا كان الإيجاب باتاً والتعرف على ما عناه الطرفان من المحرر مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.
14 - الاستئناف وفقاً لنص المادة 232 من قانون المرافعات ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رُفع عنه الاستئناف ولا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تتعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها.
15 - لما كانت دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفعاً ولا دفاعاً فيها, فإنه يمتنع على محكمة الاستئناف أن تعرض لدعوى الضمان المرفوعة من الطاعنة أثناء نظر الاستئناف المرفوع من المطعون ضده الأول عن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية.
16 - يجوز مع القضاء ببطلان العقد للغلط أو التدليس أن يحكم بالتعويض إذا ترتب عليه ضرراً بأحد المتعاقدين ويكون ذلك لا على اعتبار أنه عقد بل باعتباره واقعة مادية متى توافرت شروط الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية في جانب المتعاقد الآخر الذي تسبب بخطئه في هذا البطلان.
17 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في الإلزام قضاءً بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية, وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنة بأداء التعويض بالدولار الأمريكي دون أن يكون هناك اتفاق بين الخصوم على أداء التعويض بالعملة الأجنبية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المصرف الطاعن في الطعن رقم 8240 لسنة 65 ق أقام على الشركتين المطعون ضدهما الأولى والثانية الدعوى رقم 11932 لسنة 1991 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم على الشركة الأولى وفي مواجهة الشركة الثانية أولاً: - ببطلان الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 بشأن مقابل الوفاء بمبلغ ستة ملايين دولار أمريكي تمثل أسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة البالغ عددها ستون ألف سهم, ثانيا: - ببطلان إبرائه لها من مبلغ 7727567 دولاراً أمريكياً من أصل الدين الثابت بالاتفاق المذكور, ثانياً: - بإلزامها بأن تؤدي له الجزء الباقي من الدين ومقداره 13727567 دولاراًً أمريكياً وفوائده المصرفية اعتباراً من 1/ 11/ 1989 وحتى تمام السداد, ومبلغ ثلاثة ملايين دولار أمريكي على سبيل التعويض, وقال بياناً لدعواه إنه منح الشركة المطعون ضدها الأولى تسهيلات ائتمانية بلغ رصيدها المدين في 31/ 10/ 1989 مبلغ 22527567 دولاراً أمريكياً, ولتسوية هذه المديونية أبرم اتفاق مؤرخ 28/ 6/ 1990 بينه وبين المطعون ضدهما الأولى والثانية تضمن الوفاء بجزء من الدين قدره 14.8 مليون دولار أمريكي بمقابل هو نقل ملكية عقارات مملوكة للشركة المدينة قيمتها ستمائة ألف دولار أمريكي ونقل ملكية أسهم تمتلكها في شركات استثمارية قيمتها 14.2 مليون دولار أمريكي من بينها ستون ألف سهم من أسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة قيمتها الاسمية ستة ملايين دولار أمريكي, وفي حالة تنفيذها لهذا الالتزام يبرئها من مبلغ 7727567 دولاراً أمريكياً, وبعد أن أستلم شهادة مؤقتة بملكيته لأسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة اكتشف في 26/ 2/ 1991 أن مجلس إدارة هذه الشركة قد قرر في 3/ 6/ 1990 خفض رأس مالها من 35 مليون إلى 350 ألف دولار وأن جمعيتها العامة غير العادية قد وافقت على هذا الخفض بتاريخ 27/ 6/ 1990 وهو ما أوقعه في غلط جوهري متنصل بقيمة السهم نتيجة تدليس المطعون ضدها الأولى, مما حدا به إلى إقامة دعواه بطلباته سالفة البيان, أدخلت الشركة المطعون ضدها الأولى الشركتين المطعون ضدهما الثالثة والرابعة وآخرين وطلبت الحكم بإلزامهم بما عسى أن يحكم به عليهم في الدعوى الأصلية, ودفعت بعدم قبول الدعوى لزوال المصلحة بالعدول عن قرار التخفيض, وبتاريخ 28/ 6/ 1993 حكمت المحكمة بإجابتها لهذا الدفع, استأنف المصرف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 10877 لسنة 110 ق القاهرة, وبتاريخ 21/ 4/ 1994 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الدعوى, وبتاريخ 24/ 5/ 1995 قضت ببطلان الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 بشأن مقابل الوفاء بمبلغ ستة ملايين دولار أمريكي تمثل أسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة والبالغ عددها ستون ألف سهم, وبإلزام الشركة المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للبنك الطاعن مبلغ ستة ملايين دولار أمريكي والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ هذا الحكم وحتى تمام السداد إذا أعاد لها أسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة, وبأن تؤدي له نصف مليون دولار أمريكي تعويضاً عما أصابها من أضرار، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. طعن المصرف في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 8240 لسنة 65 ق, كما طعنت فيه الشركة المحكوم عليها بالطعن رقم 8296 لسنة 65 ق, وقدمت النيابة العامة مذكرة في الطعن الأول أبدت فيها الرأي برفضه. كما قدمت مذكرة في الطعن الثاني أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وإذ عُرض الطاعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة قررت ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد, وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.

أولاً: عن الطعن رقم 8240 لسنة 65 ق:
 
وحيث إن هذا الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي المصرف الطاعن بالوجهين الأول والثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال, وفي بيان ذلك يقول إنه طلب إبطال الاتفاق في شقه الخاص بالإبراء لما شاب إرادته من غلط وتدليس, إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتنبه إلى وجود هذا الطلب وذهب إلى انحسار هذين العيبين عن إرادته لدى إبرائه المطعون ضدها الأولى من بعض الدين استناداً إلى أنه قصر طلب الإبطال على مقابل الوفاء المتمثل في أسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة, مما يعيبه بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح, ذلك أنه لما كان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه أورد في أسبابه الواقعية طلب الطاعن إبطال إبرائه المطعون ضدها الأولى من مبلغ 7727567 دولار أمريكي وقضى برفضه تأسيساً على أن تنازل البنك الطاعن عن هذا المبلغ كان ضمن الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 والذي كيفه أنه يتضمن تجديداً وإبراء بمقابل وخلص إلى أنه لم يلحقه غلط أو تدليس، فإن النعي يضحى غير صحيح وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجهين الثالث والرابع من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفه القانون والخطأ في تطبيقه والتناقض في الأسباب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم رفض إبطال الإبراء على سند من أنه كان يحب عليه أن يطلب بطلان الاتفاق بأكمله, في حين أن قضاء الحكم ببطلان مقابل الوفاء بمبلغ الستة ملايين دولار أمريكي للغلط والتدليس وتسليمه بعدم تحقق الشرط الواقف المتمثل في تنفيذ مقابل الوفاء كان يجب عليه بطريق التلازم أن يقضي بعدم قابلية التزامه بالإبراء للتنفيذ وبإلزام الشركة المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي له الدين محل الإبراء والبالغ مقداره 7727567 دولاراً أمريكياً لأن الاتفاق بين الطرفين على مقابل الوفاء كان الباعث الذي حدا به إلى إبراء المطعون ضدها الأولى, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه في هذا الصدد.
وحيث إن النعي في غير محله, وذلك أن المادة 143 من القانون المدني تنص على أنه "إذا كان العقد في شق منه باطلاً أو قابلاً للإبطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل, إلا إذا تبين أن العقد ما كان يتم بغير الشق الذي وقع باطلاً أو قابلاً للإبطال فيبطل العقد كله". ومفاد ذلك أنه إذا لم يقم من يدعي البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد يظل ما بقى من العقد صحيحاً باعتباره عقداً مستقبلاً ويقتصر البطلان عن الشق الباطل وحده, لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه عند تفسيره للاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 قد انتهى إلى أن التكييف الصحيح للتصرف الذي اسماه المتعاقدان إبراء بحسب ما عناه المتعاقدان هو أنه صلح انطوى على إبراء بمقابل نزل فيه كل من المتصالحين عن بعض ما يدعيه في مقابل استنفاد الطاعن لجزء مما يدعيه من مديونية قبل الشركة المطعون ضدها الأولى, وأن بطلان مقابل الوفاء بملغ الستة ملايين دولار لما شاب إرادة الطاعن من عيب الغلط وعيب التدليس لا يترتب عليه بطلان الإبراء بمقابل ما دام الطاعن هو المتمسك بانتقاض التعاقد على جزء منه دون الآخر, مما يفيد تسليمه بأن إرادته كانت حرة بالنسبة لسائر بنود الاتفاق, فلا يحق له طلب الحكم بإبطال الإبراء, وهي أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه من رفض طلب إبطال الإبراء بعد أن أنزل عليه حكم القانون المنطبق على وصفه الصحيح, لما كان ما تقدم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الثالث مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه, إذ احتسب فوائد عن المبلغ المقضي به مقدارها 5% سنوياً باعتبار أن هذا المبلغ مصدره عقد التسوية الذي لا يعتبر من الأعمال المصرفية, في حين أن هذا المبلغ يسري عليه أسعار الفائدة التي تحددها البنك المركزي المصري لكونه دين تجاري نشأ عن التسهيلات الائتمانية التي منحها الطاعن للمطعون ضدها الأولى, والالتزام الذي استبدل به بموجب الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 قضي ببطلانه.
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أنه ولئن كان الشارع قد أجاز في المادة السابعة فقرة "د" من القانون رقم 120 لسنة 1975 بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي لمجلس إدارة ذلك البنك "تحديد أسعار الخصم وأسعار الفائدة الدائنة والمدنية على العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات ومقدار الحاجة إليها وفقاً لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر". , إلا أن مناط الالتزام بسعر الفائدة في نطاق السعر الذي حدده البنك المركزي هو اتفاق البنك وعميله على هذا السعر, وإلا طبق السعر القانوني للفائدة, لما كان ذلك, وكان العقد موضوع الدعوى قد خلى من اتفاق بشأن سعر الفائدة, فإن الفوائد القانونية هي التي تسري بشأنه, وإذ التزم الحكم المطعون فيه ها النظر فإن النعي يكون في غير محله.
وحيث إن هذا الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه, إذ لم يطبق القاعدة العامة في استحقاق الفوائد التي تنص عليها المادة 226 من القانون المدني.
وحيث إن المادة 253 من قانون المرافعات قد أوجبت اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلاً وقد قصد بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه, ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدي به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً. لما كان ذلك, وكان الطاعن لم يوضح ماهية القاعدة العامة في استحقاق الفوائد التي يعيب على الحكم المطعون فيه عدم تطبيقها ولا يُغني عن هذا الإفصاح سرده لنص المادة 226 من القانون المدني فإن النعي يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ثانياً: عن الطعن رقم 8296 لسنة 65 ق:

وحيث إن هذا الطعن أُقيم على سبعة أسباب تنعي الشركة الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بعدم قبول دعوى المصرف المطعون ضده الأول لزوال مصلحته في إبطال الاتفاق إبطالاً جزئياً في شقة المتعلق بمقابل الوفاء المؤسس على وقوعه في غلط جوهري يتمثل في تخفيض القيمة الاسمية للأسهم, طالما أن هذا الغلط لم يتحقق لعدم تنفيذ قرار تخفيض رأس المال والتمسك به يتعارض مع حسن النية, إلا أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بقبول الدعوى الأمر الذي يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أن النص في المادة الثالثة من قانون المرافعات على أنه "لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون, ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة......." يدل على أن المصلحة التي تجيز رفع الدعوى أو المطالبة بالحق هي تلك المصلحة القانونية التي يحميها القانون دون النظر إلى المصلحة الاقتصادية, وأن المقرر وفقاً للمادتين 120, 125 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري أو وقع عليه تدليس الحق في طلب إبطال العقد, وهو حق يتوافر به شرط المصلحة الحالة اللازمة لقبول الدعوى. لما كان ذلك, وكان المصرف المطعون ضده الأول قد أسس طلب إبطال الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 بشأن مقابل الوفاء بمبلغ ستة ملايين دولار أمريكي على أنه وقع في غلط جوهري بشأن القيمة الاسمية لأسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة المتنازل له عنها وكذا لما شاب رضاه من تدليس, فإن ما دفعت به الطاعنة من عدم تحقق الغلط وعدم جواز التمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حُسن النية لا تعدو أن تكون دفوعاً موضوعية لدعوى المطعون ضده الأول ولا صلة لها بشروط قبول الدعوى في ذاتها, وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة, فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث والوجه الأول من السبب الرابع الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والتناقض والفساد في الاستدلال والقصور المبطل, وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بأنه لم يحدث أصلاً تخفيض لرأس مال الشركة المطعون ضدها الثالثة لأن قرار جمعيتها العمومية غير العادية بتخفيض رأس مالها يعد تعديلاً لنظامها الأساسي ومن ثم فلا ينفذ إلا بعد موافقة الهيئة العامة للاستثمار وصدر قرار من الوزير المختص بالتخفيض ونشره, وإذ أستند الحكم في قضاءه إلى أن قرار موافقة الجمعية على تخفيض رأس المال بنسبة 99% وعلمها بهذه الموافقة يتوافر به عيب الغلط الجوهري في صفة السهم موضوع التنازل وفي قيمتها كما يتوافر به عيب التدليس, دون أن يرد على دفاعها الجوهري رغم أنها قدمت المستندات الدالة على عدم اتصال موافقة هيئة الاستثمار بقرار التخفيض, كما أن اعتراضها في اجتماع الجمعية العمومية غير العادية على قرار التخفيض ومبادرتها برفع الدعوى رقم 10431 لسنة 1990 مدني كلي جنوب القاهرة طلب عدم الاعتداد بهذا القرار وبطلانه والتي انتهت بالصلح لسحب هذا القرار يعني أنها تحملت مسئولية تنفيذ الاتفاق على الوفاء بمقابل دون أن يمس القيمة الاسمية للأسهم وينفي الغلط والغش والكتمان الذي تحدث عنه الحكم, وأن قرار تخفيض رأس مال الشركة هو حيلة قانونية مشروعة لتحقيق أهداف اقتصادية ترمي إلى خير المساهمين وقد تؤدي في النهاية إلى إقالة الشركة من عثرتها دون أن يطرأ على القيمة السوقية للسهم أي تغيير.
وحيث إن هذا النعي في غير محله, ذلك أنه لما كان المقرر وفقاً للمادتين 120, 121 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري في قيمة الشيء أن يطلب إبطال التصرف الذي شابه هذا الغلط متى كان هو الدافع الرئيس إلى التعاقد ووقع فيه المتعاقد الآخر أو أتصل علمه به أو كان من السهل عليه أن يتبينه, كما أنه وفقاً للفقرة الثانية من المادة 125 من القانون المدني يعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما ليبرم العقد لم علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة, وأن تقدير ثبوت الغلط المصحوب بالتدليس الذي يجيز إبطال العقد أو عدم ثبوته هو من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض ما دام قضاءها مقاماً على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى ببطلان الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 في شقه المتعلق بمقابل الوفاء بأسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة والتي استعيض بها عن الوفاء بمبلغ ستة ملايين دولار أمريكي لثبوت وقوع البنك المطعون ضده الأول في غلط جوهري في قيمة الأسهم المتنازل عنها بما استخلصه من الوقائع التي أوردها من وقوع تدليس من جانب الطاعنة على المطعون ضده الأول بكتمانها عنه عند الاتفاق تدهور الشركة المطعون ضدها الثالثة مالياً وتجاوز خسائرها لجملة رأس مالها وموافقة جمعيتها العمومية غير العادية في اليوم السابق للاتفاق على تخفيض القيمة الاسمية لأسهمها بنسبة 99%، وكذا من واقعة مبادرة الطاعنة بتاريخ 1/ 10/ 1990 بإجراء التنازل عن الأسهم دفعة واحدة على خلاف شروط الاتفاق بتنفيذ على فترة زمنية قدرها ثلاث سنوات, وكان ما أستند إليه الحكم يقوم على ما تكشف من ظروف الدعوى وملابساتها وله مأخذه الصحيح من الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها, فإنه لا يكون عليه إن هو لم يتتبع الطاعنة في شتى وجوه دفاعها وما تمسكت به من عدم تخفيض رأس مال الشركة والرد عليها إذ في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها ما يكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني المسقط لكل تلك الأوجه, ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور المبطل, وفي بيان ذلك تقول إن البنك المطعون ضده الأول وكان يعلم بأن الشركة المطعون ضدها الثالثة خاسرة وأن ما دفعة لقبول أسهمها كمقابل وفاء هو حصوله على نسبة من موجوداتها بعد تصفيتها بنسبة مساهمته في رأس مالها وهو أمر لا صلة له مطلقاً بالقيمة الاسمية للسهم أو المضاربة لتوقعه إزهار الشركة، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإبطال الاتفاق على مقابل الوفاء لوقوع المطعون ضده الأول في غلط بشأن القيمة الاسمية للأسهم دون أن يستظهر قيمتها الفعلية, فإنه يكون قد أعتد بصفة ثانوية في شيء محل التعاقد لا تأثير لها في قبول التعاقد أو الإحجام عنه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أنه لما كانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بدفاعها الوارد في وجه النعي فإنه - وأياً كان وجه الرأي فيه - ويعد سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور المبطل والخطأ في تطبيق القانون, وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بأن الاتفاق على مقابل الوفاء مثار النزاع لم يكن وليد يوم 28/ 6/ 1990 لأنه في هذا التاريخ لم يحرر سوى الدليل الكتابي المعد لإثبات اتفاق سابق تم التوصل إليه في نهاية المفاوضات التي جرت بينها وبين البنك المطعون ضده الأول وقبل تخفيض رأس مال الشركة المطعون ضدها الثالثة, ودللت على ذلك بالكتب والمراسلات المتبادلة بينهما, إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن إرادة الطرفين قد اتجهت إلى اعتبار يوم 28/ 6/ 1990 تاريخاً لإتمام الاتفاق وبدء سريانه, وهو ما لا يصلح رداً عليه ذلك أن تحديد تاريخ معين لتنفيذ الاتفاق لا ينفي وجود الاتفاق قبل إعداد دليله, وأن المطعون ضده الأول قد اعترف في تمهيد العقد المؤرخ 28/ 6/ 1990 وفي المادة الأولى منه بأن هذا المحرر إنما هو لتوثيق اتفاق مسبق توصل إليه الطرفان.
وحيث إن هذا النعي في غير محله, ذلك أنه وإن كان ليس ثمة ما يمنع قانوناً من تحرير المحرر المثبت للعقد في تاريخ لاحق لانعقاده لأن المحرر أداة للإثبات لا يلزم أن يكون تحريره موافقاً لتاريخ انعقاد العقد, إلا أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الإيجاب هو العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه - على وجه جازم - عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد ولا يعتبر التعاقد تاماً وملزماً إلا بتوافر الدليل على تلاقي إرادة المتعاقدين على قيام هذا الالتزام ونفاذه, وإن المفاوضات ليست إلا عملاً مادياً ولا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني. لما كان ذلك, وكان استخلاص ما إذا كان الإيجاب باتاً والتعرف على ما عناه الطرفان من المحرر مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى, وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص أن الاتفاق لم يتم إلا في تاريخ تحريره، ورتب على ذلك أن هذا الاتفاق كان سابقاً على تاريخ قرار الجمعية العمومية غير العادية للشركة المطعون ضدها الثالثة بتخفيض رأس مالها, مستهدياً في ذلك بمدلول عبارات الاتفاق وبطريقة تنفيذه ومن أن بدء سريانه من تاريخ التوقيع عليه، وكان هذا الذي استخلصه الحكم هو استخلاص سائغ مما تحتمله عبارات الاتفاق, فإن ما تثيره الطاعنة في ذلك لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون, وفي بيان ذلك تقول إنها أقامت دعوى ضمان فرعية اختصمت فيها الشركة المطعون ضدها الثالثة للحكم عليها بما عسى أن يحكم به عليها, وقد قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم الابتدائي وحكم عليها بالتعويض في الدعوى الأصلية دون أن يعرض لدعوى الضمان ويفصل فيها, مع أن استئناف المطعون ضده الأول للحكم الابتدائي الذي قضى بعدم قبول الدعوى الأصلية يطرح على محكمة الاستئناف دعوى الضمان التي تمثل دفاعاً لها, الأمر الذي يعيبه بمخالفة القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أن الاستئناف وفقاً لنص المادة 232 من قانون المرافعات ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف ولا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تتعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها, ولما كان الثابت من الأوراق أن الحكم الابتدائي قد قضى في الدعوى الأصلية بعدم قبولها, وكان المطعون ضده الأول - المدعي في الدعوى الأصلية - هو الذي استأنف الحكم طالباً القضاء له بطلباته على الطاعنة, فإنه الاستئناف يكون قاصراً على قضاء الحكم في الدعوى الأصلية, ولا يتناول ما قضى به الحكم المذكور في دعوى الضمان. لما كان ذلك, وكانت دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية ولا يعتبر دفعاً ولا دفاعاً فيها, فإنه يتمنع على محكمة الاستئناف أن تعرض لدعوى الضمان المرفوعة من الطاعنة أثناء نظر الاستئناف المرفوع من المطعون فيه ضده الأول عن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية, وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الأول من السبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور المبطل, وفي بيان ذلك تقول أن الحكم قضى بإلزامها بأن تدفع للبنك المطعون ضده الأول مبلغ نصف مليون دولار أمريكي كتعويض عن حرمانه من أرباح كان سيحققها من استثمار للمبلغ المطالب به لتسببها بخطئها في إبطال الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 في شقة المتعلق بمقابل الوفاء رغم عدم وقوع خطأ منها وأن الحرمان من مبلغ مطالب به ولم يحكم به يسري بشأنه فوائد التأخير وأن الفوائد القانونية التي قضى بها الحكم بواقع 5% سنوياً من تاريخه وحتى تمام السداد هي التعويض القانوني المطالب به فيكون الحكم قد قضى بالتعويض مرتين, كما أن المطعون ضده الأول إذ لم ينفذ الحكم بإعادة السهم لها يكون ما زال متمتعاً بمقابل الوفاء.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يجوز مع القضاء ببطلان العقد للغلط أو التدليس أن يحكم بالتعويض إذا ترتب عليه ضرراً بأحد المتعاقدين ويكون ذلك لا على اعتبار أنه عقد بل باعتباره واقعة مادية مت توافرت شروط الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية في جانب المتعاقد الآخر الذي تسبب بخطئه في هذا البطلان, وكان أساس مطالبة البنك المطعون ضده الأول بالفوائد القانونية التي تستحق عن التأخير في رد مبلغ الستة ملايين دولار أمريكي بسبب إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد بالنسبة للشق المنقضي ببطلانه يختلف عن أساس
مطالبته بالتعويض عن هذا البطلان جبراً للضرر الذي أصابه نتيجة خطأ الطاعنة المتمثل في تدليسها عليه, فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى للبنك المطعون ضده الأول بالتعويض بسبب خطأ الطاعنة في إبطال عقد الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 في شقة المتعلق بمقابل الوفاء - للغلط المصحوب بالتدليس - لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وإذ قضى بالتعويض بالدولار الأمريكي دون العملة الوطنية.
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية, وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه ألزم الطاعنة بأداء التعويض بالدولار الأمريكي دون أن يكون هناك اتفاق بين الخصوم على أداء التعويض بالعملة الأجنبية, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.