الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

الطعن 8792 لسنة 72 ق جلسة 25 / 9 / 2002 مكتب فني 53 ق 147 ص 876

جلسة 25 من سبتمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد إسماعيل، محمد عيد سالم، مصطفى حسان نواب رئيس المحكمة وعلاء مرسي.

--------------

(147)
الطعن رقم 8792 لسنة 72 القضائية

(1) دستور.
حياة المواطنين الخاصة والمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية عدم جواز الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب. المادة 45 من الدستور. مؤدى ذلك؟
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع بعدم جدية التحريات".
إذن التفتيش. لا يعد وسيلة من وسائل جمع المعلومات أو التحريات أو التنقيب عن الجريمة. وجوب صدور لضبط جريمة - جناية أو جنحة - وقعت بالفعل وترجحت نسبتها لمتهم معين. الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات. وجوب أن تعرض له المحكمة بأسباب كافية وسائغة.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مراقبة المحادثات التليفونية. تسجيلها. شرطه. صدور أمر قضائي مسبب. مخالفة ذلك. تبطله. أساس ذلك؟
صدور الإذن بالمراقبة والتسجيل استنادا لمعلومات وردت لعضو الرقابة الإدارية والتي لم يجر بشأنها أي تحريات قبل صدوره. تبطله. مخالفة الحك المطعون فيه ذلك. خطأ في القانون. يوجب بطلان الدليل المستمد من تنفيذ الإذن وعدم الاعتداد بشهادة من أجراه. علة ذلك؟
(4) رقابة إدارية.
الرقابة الإدارية. ماهيتها. القانونان رقما 654 لسنة 1964، 117 لسنة 1958.
(5) دستور. قضاه.
الشرعية وسيادة القانون. أساس الحكم في الدولة. وجوب خضوع الدولة للقانون والتزام سلطاتها بأحكامه في كافة أعمالها وتصرفاتها. المادة 64 من الدستور. استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات المادة 65 من الدستور. القضاة غير قابلين للعزل وينظم القانون مساءلتهم تأديبيًا. المادة 168 من الدستور.
(6) رقابة إدارية "اختصاصها". قانون "تفسيره". قضاه. دفوع "الدفع بعدم ولاية الرقابة الإدارية بمراقبة القضاة". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وضوح عبارة القانون. لا يجوز معه الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل ولا محل للاجتهاد عند صراحة نص القانون الواجب التطبيق. رجال السلطة القضائية ليسوا من موظفي الجهاز الحكومي وفروعه. اختصاص الرقابة الإدارية مقصور على موظفي الجهاز الحكومي وفروعه المبينة بنص المادة الرابعة من القرار بقانون 54 لسنة 1964 دون المخالفات التي تقع من القضاة أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها والتي تخضع لقانوني السلطة القضائية والإجراءات الجنائية. مخالفة ذلك. خطأ في القانون. لا يغير من ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من خلو قانون السلطة القضائية من نص يمنع تطبيق قانون الرقابة الإدارية على القضاة ما دام اختصاص الرقابة الإدارية لا يمتد إليهم.
مثال: لتسبيب معيب في الرد على الدفع بعدم ولاية الرقابة الإدارية لمراقبة رجال القضاء.
(7) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات التحقيق". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
عدم اتخاذ إجراء جنائي إلا بناء على قانون. صدور الإذن لعضو الرقابة الإدارية بمراقبة القضاة وتسجيل الأحاديث التليفونية لهم على الرغم من عدم اختصاصه بالقيام بهذا الإجراء. أثره؟
(8) تفتيش "إذن التفتيش. بطلانه". إجراءات "إجراءات التحقيق".
بطلان إذن التفتيش لا يمتد إلى إجراءات التحقيق اللاحقة عليه إذا ثبت أنها منقطعة الصلة بهذا الإجراء الباطل. الدفع ببطلان إذن التفتيش دفاع عيني. لتعلقه بمشروعية الدليل في الدعوى وجودًا وعدمًا لا بأشخاص مرتكبيها. أثره؟ استفادة باقي المتهمين الذين لم يبدوا هذا الدفع. أساس ذلك؟
ثبوت عم وجود دليل في الأوراق سوى الدليل المستمد من الإجراء الباطل بالنسبة لأحد المتهمين وآخر. وجوب القضاء ببراءتهما. ونقض الحكم بالنسبة للآخرين.

--------------
1 - لما كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن هيئة الأمم المتحدة سنة 1948 قد نص في مادته الثانية عشرة على أن "لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات. وعقب صدور هذا الإعلان حرصت معظم دساتير الدول على التأكيد على حماية حياة المواطنين الخاصة، فنص الدستور المصري القائم في وثيقة إعلانه على أن سيادة القانون ليست ضمانًا مطلوبًا لحرية الفرد فحسب، لكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة فى الوقت. ونص في صدر المادة 41 منه على أنه: "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس". كما نص في المادة 45 على أنه: "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون، وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا يجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة ووقفا لأحكام القانون. ومفاد القواعد الدستورية سالفة البيان، أن حق الجماعة في الدفاع عن مصالحها الحيوية ينبغي أن يوازن حق الفرد في الحرية.
2 - لما كان الإذن بالتفتيش هو من أخطر الإجراءات التي تتخذ ضد الفرد وأبلغها أثرا عليه، فقد حرص المشرع على تقييد حرية سلطة التحقيق عند إصدارها هذا الإذن، فلا يصح إصداره إلا لضبط جريمة جناية أو جنحة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين، وأن هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنه أو لحريته الشخصية لكشف مبلغ اتصاله بالجريمة، ومن أجل ذلك، جرى قضاء هذه المحكمة علي أن إذن التفتيش ليس وسيلة من وسائل جمع المعلومات أو التحريات أو التنقيب عن الجريمة، وأن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وأن كان موكولاً إلى سلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع، إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء، فإن يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفع الجوهري وأن تقول كلمتها فيه بأسباب كافية وسائغة.
3 - إن مراقبة المحادثات التليفونية وتسجيلها هو إجراء من إجراءات التفتيش إلا أنه نظرا لخطورة هذا الإجراء باعتباره يتعرض لمستودع سر الفرد ويزيل الحظر على بقاء سريته مقصورة على نفسه ومن أراد ائتمانه عليه، فيباح لغيره الاطلاع على مكنون سره، فقد حرص الدستور فى المادة 45 منه على تأكيد حرمته وسريته واشترط لمراقبة المحادثات التليفونية صدور أمر قضائي مسبب، كما جاء المشرع فى قانون الإجراءات الجنائية مسايرًا لأحكام الدستور فاشترط لإجازة هذه المراقبة وانتهاك سريتها قيود إضافية بخلاف القيود الخاصة بإذن التفتيش السابق إيرادها نص عليها في المواد 95، 95 مكررا، 206 منه، وكان من المقرر أنه ينبغي على السلطة الآمرة بالمراقبة والتسجيل مراعاة هذه القيود والتحقق من توافرها وإلا بطل الإجراء وما يترتب على ذلك من عدم الاعتداد بالدليل المستمد منه. لما كان ذلك، وكان من البين من الاطلاع على المفردات المضمومة تحقيقًا لوجه الطعن أن أقوال المأذون له عضو الرقابة الإدارية في تحقيقات النيابة العامة قد جرت على أنه لم يقم بإجراء أي تحريات عن الواقعة إلا بعد صدور إذن مجلس القضاء الأعلى له بالمراقبة والتسجيل وحتى انتهاء فترة سريانه، وهذا القول يؤكده الواقع الماثل في الدعوى الراهنة على ما يبين من المفردات إذ أن عضو الرقابة الإدارية حرر محضرًا بتاريخ 29 من مايو سنة 2001 أثبت فيه ورود معلومات إليه عن الطاعن الأول مفادها أنه قاضي مرتشي وأنه على صلة ببعض النسوة الساقطات جهل أسمائهن وأنهن يتدخلن لديه في القضايا المختص بنظرها، وقد خلت التسجيلات والتحقيقات فيما بعد عن وجود أي دور لأي من النسوة الساقطات، وأضاف بمحضره أن الطاعن الأول سينظر قضية للمتهم الرابع في الدعوى وأنه تلقى منه بعض الهدايا العينية وطلبت الإذن بالمراقبة والتسجيل، وعقب صدور الإذن له اقتصر دور عضو الرقابة الإدارية على تفريغ ما أسفرت عنه عملية التسجيل واتصال كل من المتهمين الآخرين بالطاعن الأول، وطلبه مراقبة هؤلاء نظرا لما تكشف له من أحاديث دارت بين المتهمين، مما مفاده أنه استعمل مراقبة المحادثات التليفونية كوسيلة من وسائل جمع المعلومات والتنقيب عن الجرائم المسند إلى المتهمين وارتكابها وهو الأمر الذي حرمه القانون حفاظا على سرية المحادثات التليفونية التي حرص الدستور على حمايتها، لما كان ما تقدم، وكان الإذن الأول الصادر بتاريخ 30 من مايو سنة 2001 بالمراقبة والتسجيل قد بني على مجرد معلومات وردت إلى المأذون له بصورة مرسلة وأنه لم يجر بشأن أي تحريات حسبما جرت أقواله في تحقيقات النيابة العامة قبل حصوله على الإذن ومن ثم يبطل هذا الإذن، كما يستطيل هذا البطلان إلى الأذون التالية له، لأنها جاءت امتداد له وأقيمت على نتاج تنفيذ هذا الإذن وما تلاه في حلقات متشابكة وتربط كل منها بالإذن الذي سبقه ارتباطًا لا يقبل التجزئة وينتفي معه استقلال كل إذن عن الآخر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وسوغ صدور أذون المراقبة والتسجيل رغم عدم إجراء تحريات سابقة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فوق فساده في الاستدلال ومن ثم يتعين بطلان الدليل المستمد من تنفيذ هذه الأذون وعدم التعويل أو الاعتداد بشهادة من أجراها إذ أن معلوماته استقيت من إجراءات مخالفة للقانون.
4- لما كان البين من الاطلاع على قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري أن النيابة الإدارية كانت تتكون من قسمين هما قسم الرقابة وقسم التحقيق على ما أفصحت عنه المادة الثانية من القرار بقانون سالف الإشارة بما مفاده أن الرقابة الإدارية كانت جزء من النيابة الإدارية إلا أنه بتاريخ 16 من مارس سنة 1964 صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية حدد فيه اختصاصات الرقابة الإدارية كما جاءت المادة الرابعة من القرار بقانون سالف الإشارة محددة مجال عمل الرقابة الإدارية بنصها علي أنه "تباشر الرقابة الإدارية اختصاصاتها في الجهاز الحكومي وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر أعمالاً عامة، وكذلك جميع الجهات التي تسهم الدولة فيها بأي وجه من الوجوه". ولقد أفصحت المذكرة الإيضاحية لهذا القرار بقانون عن مناسبة إصداره بقولها: "نظرًا لازدياد تبعات الرقابة الإدارية فقد رئي تحقيقًا للصالح العام فصلها عن النيابة الإدارية، حتى تستطيع أن تؤدى رسالتها على الوجه المرغوب فيه".
5 - لما كان مبدأ الشرعية وسيادة القانون هو أساس الحكم في الدولة طبقًا لنص المادة 64 من الدستور وهو مبدأ يوجب خضوع سلطات الدولة للقانون والتزام حدوده في كافة أعمالها وتصرفاتها بما يصون للشرعية بنيانها، وأن استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات، على ما نصت عليه المادة 65 من الدستور. وكان الدستور القائم قد قسم سلطات الدولة إلى ثلاث سلطات هي التشريعية والتنفيذية والقضائية ونص في المادة 153 منه في الفصل الثالث من الباب الخامس تحت مسمى السلطة التنفيذية على أن الحكومة هي الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة. بينما نص في المادة 165 وما بعدها في الفصل الرابع من الباب الخامس تحت مسمى السلطة القضائية على أن السلطة مستقلة ونصت المادة 168 على أن القضاة غير قابلين للعزل، وينظم القانون مساءلتهم تأديبيًا.
6 - لما كان من المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيرًا صادقًا عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيًا كان الباعث على ذلك، ولا الخروج عن النص متى كان واضحا جلي المعنى قاطعًا في الدلالة على المراد منه وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون واجب التطبيق، وكان البين من نص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية سالفة الإشارة في صريح لفظه وواضح دلالته أن المشرع حدد الأوصاف التي يتعين بها الأشخاص المقصودين بهذا الخطاب والشروط التي تعين الوقائع التي ينطبق عليها هذا الخطاب، ومن ثم قانون الرقابة الإدارية القائم قد حدد الأشخاص الذين تباشر الرقابة الإدارية اختصاصاتها بالنسبة لهم دون غيرهم وأنه ينطبق على فئة من الأفراد معينة بأوصافها لا بدواتها هم موظفي الجهاز الحكومي وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات العامة والشركات التابعة لهم والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر أعمالاً عامة وكذلك جميع الجهات التي تسهم الدولة فيها بأي وجه من الوجوه. لما كان ذلك، وكان رجال السلطة القضائية طبقًا للدستور ليسوا من موظفي الجهاز الحكومي وفروعه ونص الدستور في المادة 168 منه على أن القانون ينظم مساءلتهم تأديبيا، وجاء قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ونص فى المادة 67 منه علي أن رجال القضاء غير قابلين للعزل، ونص في الفصل التاسع من الباب الثاني على كيفية مساءلة القضاء تأديبيًا فى المواد 93 إلى 115، ومفاد ما سلف إيراده أن القضاة ليسوا فوق المساءلة وإنما حدد الدستور والمشرع هذه القواعد حرصا على استقلال القضاء وحصانته ومواجهة الكيدية وخطر التعسف أو التحكم مما يعصف بمبدأ استقلال القضاء ويفرغ الحصانة القضائية من مضمونها. لما كان ما تقدم، فإن اختصاص الرقابة الإدارية طبقًا لنص قانونها القائم مقصور على موظفي الجهات المبينة بنص المادة الرابعة من القانون وانحسار اختصاصها عن الكشف عن المخالفات التي تقع من القضاة أثناء مباشرتهم الواجبات وظائفهم أو بسببها والتي تخضع للقواعد المنصوص عليها في قانوني السلطة القضائية والإجراءات الجنائية. ويؤكد هذا النظر أن اختصاصات الرقابة الإدارية عدا الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التي تقع من العاملين والتي نصت عليها المواد 2، 3، 5، 6 من قانون إعادة تنظيمها تتمثل في بحث وتحرى أسباب القصور في العمل والإنتاج وكشف عيوب النظم الإدارية والفنية والمالية، وبحث الشكاوى التي يقدمها المواطنين وبحث مقترحاتهم فيما يعن لهم بقصد تحسين الخدمات وانتظام سير العمل، وبحث ودراسة ما تنشره الصحافة من شكاوى أو تحقيقات صحفية تتناول نواحي الإهمال أو الاستهتار، وطلب وقف الموظف أو إبعاده عن أعمال وظيفته بناء على قرار من رئيس مجلس الوزراء، ورفع تقاريرهم متضمنة تحرياتها وأبحاثها ودراساتها ومقترحاتها إلى رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ ما يراه بشأنها، وحق التحفظ على أية ملفات من الجهة الموجودة فيها، كل هذه الاختصاصات تكشف وتقطع بجلاء لا لبس فيه أو غموض على أن اختصاصات الرقابة الإدارية سالفة البيان صالحة للإعمال على الجهاز الحكومي وما يلحق به من هيئات عامة ومؤسسات عامة وفقًا لنص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 54 لسنة 1964، وأنه لا يتأتى في منطق العقل ممارسة الرقابة الإدارية لهذه الاختصاصات بالنسبة لأعمال السلطة القضائية والتي قوامها نظر قضية الأفراد والفصل فيها بأحكام قضائية حدد المشرع طرق الطعن فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد طرح هذا الدفع بقوله: وعن الدفوع بعدم ولاية الرقابة الإدارية بالنسبة لمراقبة رجال القضاء، لأن اختصاصها يقتصر على العاملين المدنيين بالدولة ولأن القضاء سلطة مستقلة بنص الدستور، فإن هذه الدفوع مردودة بأنه وفقًا للقانون 54 لسنة 1964 وتعديلاته فإن الرقابة الإدارية تختص بالكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التي تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها "مادة 2 فقرة ج" وطبقًا للمادة الثامنة من ذات القانون يجوز للرقابة الإدارية أن تجري التحريات والمراقبة السرية بوسائلها الفنية المختلفة كما رأت مقتضى لذلك، ووفقًا للمادة التاسعة من القانون المشار إليه للرقابة الإدارية أن تجرى تفتيش أشخاص ومنازل العاملين المنسوب إليهم المخالفات بعد الحصول على إذن من رئيسها أو من النيابة العامة، وتأسيسًا على ذلك، فإن الدفع بعدم ولاية الرقابة الإدارية في مراقبة القضاة يغدو لا أساس له قانونًا، سيما وأن قانون السلطة القضائية لا يوجد به نص يمنع تطبيق هذه النصوص عليهم في الحدود المنصوص عليها بها، وبمراعاة استئذان مجلس القضاء الأعلى فيما نص عليه القانون، وأن استقلال القضاء لا يمنع خضوعه للقانون وأنه لا سند لما أثاره الدفاع من أن الرقابة الإدارية تقتصر على العاملين الخاضعين لقانون العاملين بالدولة فقط". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم هو جهاد في غير عدو إذ أنه لم يواجه الدفع البتة وانحصر فقط في سرد سلطات ومكنات أعضاء هيئة الرقابة الإدارية حيال من يختصون بالكشف عن مخالفاتهم وهو أمر لم يثره الدفاع عن الطاعنين أو يجادلوا فيه، وإذ سوغ الحكم تصدي أعضاء الرقابة الإدارية للكشف عن الجرائم والمخالفات التي تقع من القضاة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفى تأويله وأن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في مجال رده على هذا الدفع من أن المادة الثامنة من قانون الرقابة الإدارية خولت لها إجراء التحريات والمراقبة السرية بوسائلها الفنية المختلفة كلما رأت مقتضى لذلك، فإنه فضلاً عن عدم تعلقه بالرد على الدفع المثار فإنه مردود بأن هذا النص قد نسخ بقوة الدستور الذي نص في المادة 45 منه على أن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون، وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة وفقًا لأحكام القانون. أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن قانون السلطة القضائية لم يرد به نص يمنع تطبيق نصوص قانون إعادة تنظيم الرقابة الإدارية على القضاة، فهو مردود بأن قانون السلطة القضائية لم يكن في حاجة إلى النص على هذا المنع ما دام أن قانون الرقابة الإدارية وفقًا لنص المادة الرابعة منه لا يمتد إلى القضاة.
7 - من المقرر عدم اتخاذ إجراء جنائي إلا بناء على قانون، ومن ثم فإن ما قام به شاهد الإثبات الأول عضو الرقابة الإدارية فى الدعوى من إجراءات وصدور الأذون له بمراقبة القضاة وتسجيل الأحاديث التليفونية المرسلة منهم أو الواردة إليهم رغم عدم اختصاصه بالقيام بهذا الإجراء يكون ذلك قد تم في غير سياج من الشرعية الدستورية والإجرائية ومن ثم بطلت جميع الإجراءات التي اتخذها في الدعوى حيال القضاة وبطلت أذون المراقبة والتسجيل الصادرة له وما أسفر عنه تنفيذ تلك الأذون أيضًا الدليل المستمد منها وعدم سماع شهادة من قام بهذا الإجراء الباطل إذ أن معلوماته استقيت من إجراءات مخالفة للقانون وأنه وأن كان على الأجهزة الرقابية محاربة الفساد والانحراف بالوظيفة العامة إلا أنه يتعين عليها ألا تغتصب اختصاصًا ليس مقررًا لها في القانون.
8 - لما كانت هذه المحكمة محكمة النقض قد خلصت إلى بطلان أذون التفتيش، إلا أن هذا البطلان لا يستطيل إلى إجراءات التحقيق اللاحقة عليه إذا ثبت لقاضي الموضوع أنها منقطعة الصلة بذلك الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد بها دليل سوى الدليل المستمد من الإجراء الباطل بالنسبة للطاعن الثالث بعد أن أنكر بالتحقيقات وبجلسات المحاكمة ما أسند إليه فإنه يتعين الحكم ببراءته عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، بينما أورد الحكم في مدوناته أدلة أخرى لاحقة بالنسبة للطاعنين الأول...... والثاني..... فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لهما كي تقوم محكمة الموضوع بالفصل فيما إذا كانت هذه الأدلة اللاحقة متصلة بالإجراء الباطل ومتفرعة عنه أم أنها منقطعة الصلة بذلك الإجراء الباطل. لما كان ذلك، وكان الدفع المبدى ببطلان أذون التفتيش الصادرة في الدعوى هو دفاع عيني لتعلقه بمشروعية الدليل في الدعوى وجودًا وعدمًا ولا بأشخاص مرتكبيها ويترتب عليه استفادة باقي الطاعنين والذين لم يبدوا هذا الدفع منه بطريق اللزوم والتبعية وذلك بالنظر إلى وحدة الواقعة والأثر العيني للدفاع المشار إليه وكذلك قوة الأثر القانوني للارتباط بين المتهمين في الجريمة، ومفاد ما تقدم استفادة الطاعن الرابع.... من هذا الدافع وإعمال أثره بالنسبة له رغم عدم إبدائه هذا الدفع، وكانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد بها دليل قبل هذا الطاعن سوى الدليل المستمد من الإجراء الباطل بعد أن أنكر ما أسند إليه بالتحقيقات وبجلسات المحاكمة فإنه يتعين الحكم ببراءته عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر قضى ببراءته بأنهم: أولاً: المتهم الأول: 1 - وهو موظف عام "قاضي بمحكمة......" أخذ عطية من المتهم الآخر لأداء عمل من أعمال وظيفته والإخلال بواجباتها بأن استأجر له الأخير شقة للمصيف بمدينة الإسكندرية لمدة أسبوعين وأخذ منه أطقم مائدة نظير إصداره قرارًا بتأجيل نظر إحدى جنح النزهة والمقيدة عن واقعة شيك بمبلغ مليون ومائة وخمسة عشر ألف جنيه بدون رصيد لتمكينه من تدبير أموره المالية على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - بصفته سالفة البيان أخل بواجبات وظيفته نتيجة التوصية والوساطة من المتهم الثالث في القضايا المبينة بالتحقيقات بأن أصدر فيها أحكامًا وقرارات نتيجة لتلك التوصية والوساطة. 3 - بصفته سالفة البيان أخل بواجبات وظيفته نتيجة التوصية والوساطة من المتهم الرابع في القضايا المبينة بالتحقيقات بأن أصدر أحكامًا لصالح المدعين بالحقوق المدنية فيها نتيجة لتلك التوصية والوساطة. 4 - بصفته سالفة البيان أخل بواجبات وظيفته نتيجة التوصية والوساطة لديه من شقيق المدعية بالحقوق المدنية في إحدى قضايا جنح...... والمقامة بطريق الادعاء المباشر عن واقعة نصب بأن قضى فيها بالإدانة بحبس المتهم سنتين وأخبر الوسيط بمنطوق الحكم هاتفيا. 5- اشترك بطريقي الاتفاق والتحريض مع موظف عمومي هو المتهم الثاني رئيس محكمة...... للإخلال بواجبات وظيفته في إحدى قضايا جنح...... بأن أصدر الأخير قرارًا بتأجيل نظرها نتيجة للتوصية والوساطة فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق. ثانيًا المتهم الثاني: 1 - توسط فى تقديم رشوة لموظف عمومي هو المتهم الأول "قاضى محكمة جنح......." المختص بنظر القضية المقيدة ضد المتهم الآخر عن تهمة شيك بدون رصيد بأن أخذ منه عطية أدوات مائدة لنفسه وأخرى لتسليمها للمتهم الأول مقابل تأجيله القضية ليتمكن المتهم فيها من تدبير شئونه المالية على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - وهو موظف عام رئيس محكمة جنح..... أخل بواجبات وظيفته نتيجة وساطة توصية المتهم الثالث في إحدى قضايا جنح ...... وموضوعها تحريض على الفسق بأن قضى فيها بالبراءة نتيجة تلك الوساطة والتوصية. 3 - بصفته سالفة البيان أخل بواجبات وظيفته بأن قام بتأجيل إحدى قضايا جنح...... نتيجة لوساطة وتوصية المتهم الأول لديه لصالح المتهم فيها. 4 - توسط لدى قاضي هو رئيس محكمة جنح ..... بأن طلب منه الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في إحدى القضايا المختص بنظرها على النحو المبين بالتحقيقات. 5 - توسط لدى قاضي هو رئيس محكمة جنح........ بأن طلب منه الحكم لصالح أحد الخصوم في إحدى القضايا جنح....... إضرارا بباقي الخصوم على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثًا: المتهم الثالث: 1 - اشترك بطريقي التحريض والاتفاق مع موظف عمومي هو المتهم الأول قاضى محكمة جنح....... للإخلال بواجبات وظيفته في إحدى قضايا جنح..... المختص بنظرها بأن حادثه هاتفيا بشأنها بعد أن أصدر فيها حكمًا غيابيًا بالإدانة وطلب منه إصدار قرار بتأجيلها فقام المتهم الأول نتيجة للتوصية والوساطة بشطب الحكم الصادر بالإدانة وتأجيل القضية فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - اشترك بطريقي الاتفاق والتحريض مع موظف عمومي هو المتهم الأول قاضى محكمة جنح...... للإخلال بواجبات وظيفته بأن قضى المتهم الأول غيابيًا ببراءة المتهم في إحدى جنح ...... المختص بنظرها نتيجة للتوصية والوساطة فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات. 3 - اشترك بطريقي التحريض والاتفاق مع موظف عمومي هو المتهم الأول قاضي محكمة جنح النزهة للإخلال بواجبات وظيفته بأن تحدث معه بشأن إحدى جنح....... المختص بنظرها لصالح المتهم وأعقب ذلك طلبه حجز الدعوى للحكم فقام المتهم الأول بإصدار قرار بتقصير جلسة نظرها وحجزها للحكم نتيجة للتوصية والوساطة فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات. 4 - اشترك بطريقي التحريض والاتفاق مع موظف عمومي هو المتهم الثاني رئيس محكمة جنح...... للإخلال بواجبات وظيفته بأن أصدر المتهم الثاني حكمًا ببراءة المتهم في إحدى جنح...... المختصة بنظرها نتيجة للتوصية والوساطة فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض والاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات. رابعًا: المتهم الرابع: اشترك بطريقي التحريض والاتفاق مع موظف عمومي هو المتهم الأول قاضي محكمة جنح....... للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب منه الحكم لصالح موكليه المدعين بالحقوق المدنية في قضايا الجنح المبينة بالأوراق والمختص بنظرها وقام المتهم الأول بإصدار أحكام فيها نتيجة للتوصية والوساطة فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا وعملاً بالمواد 40/ أولا و103 و104 و105 مكررًا و110 و111/ 1 و120 من قانون العقوبات بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وبتغريمه ألف جنيه عن التهم الثلاثة الأول. والثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه ألف جنيه عن التهم الأولى والثانية والخامسة والثالثة عن التهمة الأولى والثانية والرابعة بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل منهما مائتي جنيه. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

عن موضوع الطعن المقدم من كل من الطاعنين الثلاثة الأول:
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون الثلاثة الأول على الحكم المطعون فيه إنه إذ دان الأول بجرائم الرشوة والإخلال بواجبات وظيفته، ودان الثاني بجرائم الاشتراك في تقديم رشوة لموظف عمومي والإخلال بواجبات وظيفته والتوسط لدى قاضى لصالح متهم، ودان الثالث بجريمة الاشتراك مع موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته، قد شابة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، ذلك بأن تمسك الطاعنون الثلاثة الأول ببطلان إذن التسجيل والمراقبة الصادر بتاريخ 30 من مايو سنة 2001 والأذون التي تلته، لصدورها دون إجراء تحريات سابقة، وهو ما جرت عليه أقوال عضو الرقابة الإدارية المأذون له في تحقيقات النيابة العامة، كما دفعوا بانحسار اختصاص هيئة الرقابة الإدارية عن مراقبة القضاة والكشف عن المخالفات التي تقع منهم، وفقًا لما ورد بقانون إعادة تنظيمها الصادر بالقرار بقانون رقم 54 لسنة 1964، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح الدفع الأول بما لا يكفي لإطراحه، وأطرح الدفع الثاني برد غير صحيح قانونًا، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أطرح الدفع ببطلان أذون التسجيل لصدورها دون إجراء تحريات في قوله: "وما أثاره الدفاع من أن هذه الأذون الصادرة من مجلس القضاء الأعلى باطلة لعدم تسبيبها مردود بأن المحكمة تعتد بأن ما ورد بهذه الأذون من استناد لاطمئنانها لمعلومات وتحريات الرقابة الإدارية، يعد كافيًا في عقيدة المحكمة لصدورها، كما أنها صدرت على تحريات جدية إذ تطمئن المحكمة لجدية التحريات لأنها تضمنت معلومات كافية لتمييز شخصية كل من المتهمين عن غيرهم من الأشخاص وبيان أنه يرتكب جريمة مؤثمة قانونًا". لما كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن هيئة الأمم المتحدة سنة 1948 قد نص في مادته الثانية عشرة على أن "لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق فى حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات". وعقب صدور هذا الإعلان حرصت معظم دساتير الدول على التأكيد على حماية حياة المواطنين الخاصة، فنص الدستور المصري القائم فى وثيقة إعلانه على أن سيادة القانون ليست ضمانًا مطلوبًا لحرية الفرد فحسب، لكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة فى الوقت. ونص في صدر المادة 41 منه على أنه: "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس". كما نص في المادة 45 على أنه: "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون، وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا يجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة ووفقًا لأحكام القانون". ومفاد القواعد الدستورية سالفة البيان، أن حق الجماعة في الدفاع عن مصالحاها الحيوية ينبغي أن يوازن حق الفرد في الحرية. لما كان الإذن بالتفتيش هو من أخطر الإجراءات التي تتخذ ضد الفرد وأبلغها أثرا عليه، فقد حرص المشرع على تقييد حرية سلطة التحقيق عند إصدارها هذا الإذن، فلا يصح إصداره إلا لضبط جريمة جناية أو جنحة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين، وأن هناك من الدلائل ما يكفى للتصدي لحرمة مسكنه أو لحريته الشخصية لكشف مبلغ اتصاله بالجريمة، ومن أجل ذلك، جرى قضاء هذه المحكمة على أن إذن التفتيش ليس وسيلة من وسائل جمع المعلومات أو التحريات أو التنقيب عن الجريمة، وأن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وإن كان موكولاً إلى سلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع، إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء، فإن يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفع الجوهري وأن تقول كلمتها فيه بأسباب كافية وسائغة. إن مراقبة المحادثات التليفونية وتسجيلها هو إجراء من إجراءات التفتيش إلا أنه نظرًا لخطورة هذا الإجراء باعتباره يتعرض لمستودع سر الفرد ويزيل الحظر على بقاء سريته مقصورة على نفسه ومن أراد ائتمانه عليه، فيباح لغيره الاطلاع على مكنون سره، فقد حرص الدستور في المادة 45 منه على تأكيد حرمته وسريته واشترط لمراقبة المحادثات التليفونية صدور أمر قضائي مسبب، كما جاء المشرع في قانون الإجراءات الجنائية مسايرًا لأحكام الدستور فاشترط لإجازة هذه المراقبة وانتهاك سريتها قيود إضافية بخلاف القيود الخاصة بإذن التفتيش السابق إيرادها نص عليها في المواد 95، 95 مكررا، 206 منه، وكان من المقرر أنه ينبغي على السلطة الآمرة بالمراقبة والتسجيل مراعاة هذه القيود والتحقق من توافرها وإلا بطل الإجراء وما يترتب على ذلك من عدم الاعتداد بالدليل المستمد منه، لما كان ذلك، وكان من البين من الاطلاع على المفردات المضمومة تحقيقًا لوجه الطعن أن أقوال المأذون له عضو الرقابة الإدارية في تحقيقات النيابة العامة قد جرت على أنه لم يقم بإجراء أي تحريات عن الواقعة إلا بعد صدور إذن مجلس القضاء الأعلى له بالمراقبة والتسجيل وحتى انتهاء فترة سريانه، وهذا القول يؤكده الواقع الماثل في الدعوى الراهنة على ما يبين من المفردات إذ أن عضو الرقابة الإدارية حرر محضرًا بتاريخ 29 من مايو سنة 2001 أثبت فيه ورود معلومات إليه عن الطاعن الأول مفادها أنه قاضي مرتشي وأنه على صلة ببعض النسوة الساقطات جهل أسمائهن وأنهن يتدخلن لديه في القضايا المختص بنظرها، وقد خلت التسجيلات والتحقيقات فيما بعد عن وجود أي دور لأي من النسوة الساقطات، وأضاف بمحضره أن الطاعن الأول سينظر قضية للمتهم الرابع في الدعوى وأنه تلقى منه بعض الهدايا العينية وطلبت الإذن بالمراقبة والتسجيل، وعقب صدور الإذن له اقتصر دور عضو الرقابة الإدارية على تفريغ ما أسفرت عنه عملية التسجيل واتصال كل من المتهمين الآخرين بالطاعن الأول، وطلبه مراقبة هؤلاء نظرًا لما تكشف له من أحاديث دارت بين المتهمين: مما مفاده أنه استعمل مراقبة المحادثات التليفونية كوسيلة من وسائل جمع المعلومات والتنقيب عن الجرائم المسند إلى المتهمين وارتكابها وهو الأمر الذي حرمه القانون حفاظًا على سرية المحادثات التليفونية التي حرص الدستور على حمايتها. لما كان ما تقدم، وكان الإذن الأول الصادر بتاريخ 30 من مايو سنة 2001 بالمراقبة والتسجيل قد بني على مجرد معلومات وردت إلى المأذون له بصورة مرسلة وأنه لم يجر بشأن أي تحريات حسبما جرت أقواله في تحقيقات النيابة العامة قبل حصوله على الإذن ومن ثم يبطل هذا الإذن، كما يستطيل هذا البطلان إلى الأذون التالية له، لأنها جاءت امتداد له وأقيمت على نتاج تنفيذ هذا الإذن وما تلاه في حلقات متشابكة وارتبط كل منها بالإذن الذى سبقه ارتباطًا لا يقبل التجزئة وينتفى معه استقلال كل إذن عن الآخر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وسوغ صدور أذون المراقبة والتسجيل رغم عدم إجراء تحريات سابقة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فوق فساده في الاستدلال ومن ثم يتعين بطلان الدليل المستمد من تنفيذ هذه الأذون وعدم التعويل أو الاعتداد بشهادة من أجراها إذ أن معلوماته استقيت من إجراءات مخالفة للقانون. هذا فضلاً عن أنه عن الوجه الآخر للطعن فإن البين من الاطلاع على قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري أن النيابة الإدارية كانت تتكون من قسمين هما قسم الرقابة وقسم التحقيق على ما أفصحت عنه المادة الثانية من القرار بقانون سالف الإشارة بما مفاده أن الرقابة الإدارية كانت جزء من النيابة الإدارية إلا أنه بتاريخ 16 من مارس سنة 1964 صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية حدد فيه اختصاصات الرقابة الإدارية كما جاءت المادة الرابعة من القرار بقانون سالف الإشارة محددة مجال عمل الرقابة الإدارية بنصها علي أنه "تباشر الرقابة الإدارية اختصاصاتها في الجهاز الحكومي وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر أعمالا عامة، وكذلك جميع الجهات التي تسهم الدولة فيها بأي وجه من الوجوه". ولقد أفصحت المذكرة الإيضاحية لهذا القرار بقانون عن مناسبة إصداره بقولها: "نظرًا لازدياد تبعات الرقابة الإدارية فقد رئي تحقيقًا للصالح العام فصلها عن النيابة الإدارية، حتى تستطيع أن تؤدى رسالتها على الوجه المرغوب فيه". لما كان ذلك، وكان مبدأ الشرعية وسيادة القانون هو أساس الحكم في الدولة طبقًا لنص المادة 64 من الدستور وهو مبدأ يوجب خضوع سلطات الدولة للقانون والتزام حدوده في كافة أعمالها وتصرفاتها بما يصون للشرعية بنيانها، وأن استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات، على ما نصت عليه المادة 65 من الدستور. وكان الدستور القائم قد قسم سلطات الدولة إلى ثلاث سلطات هي التشريعية والتنفيذية والقضائية ونص في المادة 153 منه في الفصل الثالث من الباب الخامس تحت مسمى السلطة التنفيذية على أن الحكومة هي الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة. بينما نص في المادة 165 وما بعدها في الفصل الرابع من الباب الخامس تحت مسمى السلطة القضائية علي أن السلطة مستقلة ونصت المادة 168 على أن القضاة غير قابلين للعزل، وينظم القانون مساءلتهم تأديبيًا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيرًا صادقًا عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيًا كان الباعث على ذلك، ولا الخروج عن النص متى كان واضحًا جلي المعنى قاطعًا في الدلالة على المراد منه وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون واجب التطبيق، وكان البين من نص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية سالفة الإشارة في صريح لفظه وواضح دلالته أن المشرع حدد الأوصاف التي يتعين بها الأشخاص المقصودين بهذا الخطاب والشروط التي تعين الوقائع التي ينطبق عليها هذا الخطاب، ومن ثم قانون الرقابة الإدارية القائم قد حدد الأشخاص الذين تباشر الرقابة الإدارية اختصاصاتها بالنسبة لهم دون غيرهم وأنه ينطبق على فئة من الأفراد معينة بأوصافها لا بدواتها هم موظفي الجهاز الحكومي وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات العامة والشركات التابعة لهم والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر أعمالاً عامة وكذلك جميع الجهات التي تسهم الدولة فيها بأي وجه من الوجوه. لما كان ذلك، وكان رجال السلطة القضائية طبقًا للدستور ليسوا من موظفي الجهاز الحكومى وفروعه ونص الدستور فى المادة 168 منه على أن القانون ينظم مساءلتهم تأديبيًا، وجاء قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ونص فى المادة 67 منه على أن رجال القضاء غير قابلين للعزل، ونص في الفصل التاسع من الباب الثانى على كيفية مساءلة القضاء تأديبيًا في المواد 93 إلى 115، ومفاد ما سلف إيراده أن القضاة ليسوا فوق المساءلة وإنما حدد الدستور والمشرع هذه القواعد حرصا على استقلال القضاء وحصانته ومواجهة الكيدية وخطر التعسف أو التحكم مما يعصف بمبدأ استقلال القضاء ويفرغ الحصانة القضائية من مضمونها. لما كان ما تقدم، فإن اختصاص الرقابة الإدارية طبقًا لنص قانونها القائم مقصور على موظفي الجهات المبينة بنص المادة الرابعة من القانون وانحسار اختصاصها عن الكشف عن المخالفات التي تقع من القضاء أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها والتي تخضع للقواعد المنصوص عليها في قانوني السلطة القضائية والإجراءات الجنائية. ويؤكد هذا النظر أن اختصاصات الرقابة الإدارية عدا الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التي تقع من العاملين والتي نصت عليها المواد 2، 3، 5، 6 من قانون إعادة تنظيمها تتمثل في بحث وتحري أسباب القصور في العمل والإنتاج وكشف عيوب النظم الإدارية والفنية والمالية، وبحث الشكاوى التي يقدمها المواطنين وبحث مقترحاتهم فيما يعن لهم بقصد تحسين الخدمات وانتظام سير العمل، وبحث ودراسة ما تنشره الصحافة من شكاوى أو تحقيقات صحفية تتناول نواحي الإهمال أو الاستهتار، وطلب وقف الموظف أو إبعاده عن أعمال وظيفته بناء على قرار من رئيس مجلس الوزراء، ورفع تقاريرهم متضمنة تحرياتها وأبحاثها ودراساتها ومقترحاتها إلى رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ ما يراه بشأنها، وحق التحفظ على أية ملفات من الجهة الموجودة فيها، كل هذه الاختصاصات تكشف وتقطع بجلاء لا لبس فيه أو غموض على أن اختصاصات الرقابة الإدارية سالفة البيان صالحة للإعمال على الجهاز الحكومي وما يلحق به من هيئات عامة ومؤسسات عامة وفقا لنص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 54 لسنة 1964، وأنه لا يتأتى في منطق العقل ممارسة الرقابة الإدارية لهذه الاختصاصات بالنسبة لأعمال السلطة القضائية والتي قوامها نظر قضية الأفراد والفصل فيها بأحكام قضائية حدد المشرع طرق الطعن فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد طرح هذا الدفع بقوله: "وعن الدفوع بعدم ولاية الرقابة الإدارية بالنسبة لمراقبة رجال القضاء، لأن اختصاصها يقتصر على العاملين المدنيين بالدولة ولأن القضاء سلطة مستقلة بنص الدستور، فإن هذه الدفوع مردودة بأنه وفقًا للقانون 54 لسنة 1964 وتعديلاته فإن الرقابة الإدارية تختص بالكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التي تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها "مادة 2 فقرة ج" وطبقًا للمادة الثامنة من ذات القانون يجوز للرقابة الإدارية أن تجرى التحريات والمراقبة السرية بوسائلها الفنية المختلفة كلما رأت مقتضى لذلك، ووفقًا للمادة التاسعة من القانون المشار إليه للرقابة الإدارية أن تجرى تفتيش أشخاص ومنازل العاملين المنسوب إليهم المخالفات بعد الحصول على إذن من رئيسها أو من النيابة العامة، وتأسيسًا على ذلك، فإن الدفع بعدم ولاية الرقابة الإدارية في مراقبة القضاة يغدو لا أساس له قانونًا، سيما وأن قانون السلطة القضائية لا يوجد به نص يمنع تطبيق هذه النصوص عليهم في الحدود المنصوص عليها بها، و بمراعاة استئذان مجلس القضاء الأعلى فيما نص عليه القانون، وأن استقلال القضاء لا يمنع خضوعه للقانون وأنه لا سند لما أثاره الدفاع من أن الرقابة الإدارية تقتصر على العاملين الخاضعين لقانون العاملين بالدولة فقط". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم هو جهاد فى غير عدو إذ أنه لم يواجه الدفع البتة وانحصر فقط فى سرد سلطات ومكنات أعضاء هيئة الرقابة الإدارية حيال من يختصون بالكشف عن مخالفاتهم وهو أمر لم يثره الدفاع عن الطاعنين أو يجادلوا فيه، وإذ سوغ الحكم تصدى أعضاء الرقابة الإدارية للكشف عن الجرائم والمخالفات التي تقع من القضاة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله وأن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في مجال رده على هذا الدفع من أن المادة الثامنة من قانون الرقابة الإدارية خولت لها إجراء التحريات والمراقبة السرية بوسائلها الفنية المختلفة كلما رأت مقتضى لذلك، فإنه فضلاً عن عدم تعلقه بالرد على الدفع المثار فإنه مردود بأن هذا النص قد نسخ بقوة الدستور الذي نص في المادة 45 منه على أن "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون، وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة وفقًا لأحكام القانون". أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن قانون السلطة القضائية لم يرد به نص يمنع تطبيق نصوص قانون إعادة تنظيم الرقابة الإدارية على القضاة، فهو مردود بأن قانون السلطة القضائية لم يكن في حاجة إلى النص على هذا المنع ما دام أن قانون الرقابة الإدارية وفقًا لنص المادة الرابعة منه لا يمتد إلى القضاة كما سبق إيراده. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر عدم اتخاذ إجراء جنائي إلا بناء على قانون، ومن ثم فإن ما قام به شاهد الإثبات الأول عضو الرقابة الإدارية في الدعوى من إجراءات وصدور الأذون له بمراقبة القضاة وتسجيل الأحاديث التليفونية المرسلة منهم أو الواردة إليهم رغم عدم اختصاصه بالقيام بهذا الإجراء يكون كل ذلك قد تم في غير سياج من الشرعية الدستورية والإجرائية ومن ثم بطلت جميع الإجراءات التي اتخذها في الدعوى حيال القضاة وبطلت أذون المراقبة والتسجيل الصادرة له وما أسفر عنه تنفيذ تلك الأذون أيضا الدليل المستمد منها وعدم سماع شهادة من قام بهذا الإجراء الباطل إذ أن معلوماته استقيت من إجراءات مخالفة للقانون وأنه وأن كان علي الأجهزة الرقابية محاربة الفساد والانحراف بالوظيفة العامة إلا أنه يتعين عليها ألا تغتصب اختصاصًا ليس مقررًا لها في القانون. لما كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة محكمة النقض قد خلصت إلى بطلان أذون التفتيش، إلا أن هذا البطلان لا يستطيل إلى إجراءات التحقيق اللاحقة عليه إذ ثبت لقاضى الموضوع أنها منقطعة الصلة بذلك الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد بها دليل سوى الدليل المستمد من الإجراء الباطل بالنسبة للطاعن الثالث بعد أن أنكر بالتحقيقات وبجلسات المحاكمة ما أسند إليه فإنه يتعين الحكم ببراءته عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، بينما أورد الحكم في مدوناته أدلة أخرى لاحقة بالنسبة للطاعنين الأول..... والثاني..... فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لهما كي تقوم محكمة الموضوع بالفصل فيما إذا كانت هذه الأدلة اللاحقة متصلة بالإجراء الباطل ومتفرعة عنه أم أنها منقطعة الصلة بذلك الإجراء الباطل، لما كان ذلك، وكان الدفع المبدى ببطلان أذون التفتيش الصادرة في الدعوى هو دفاع عيني لتعلقه بمشروعية الدليل في الدعوى وجودًا وعدمًا ولا بأشخاص مرتكبيها ويترتب عليه استفادة باقي الطاعنين والذين لم يبدوا هذا الدفع منه بطريق اللزوم والتبعية وذلك بالنظر إلى وحدة الواقعة والأثر العيني للدفاع المشار إليه وكذلك قوة الأثر القانوني للارتباط بين المتهمين في الجريمة، ومفاد ما تقدم استفادة الطاعن الرابع.... من هذا الدافع وإعمال أثره بالنسبة له رغم عدم إبدائه هذا الدفع، وكانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد بها دليل قبل هذا الطاعن سوى الدليل المستمد من الإجراء الباطل بعد أن أنكر ما أسند إليه بالتحقيقات وبجلسات المحاكمة فإنه يتعين الحكم ببراءته عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وذلك دون حاجة إلى بحث أوجه طعنه.

الطعن 8608 لسنة 63 ق جلسة 25 / 9 / 2002 مكتب فني 53 ق 146 ص 872

جلسة 25 من سبتمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الهنيدي، عبد الفتاح حبيب، حسن الغزيري نواب رئيس المحكمة ومحمود عبد الحفيظ.

-------------

(146)
الطعن رقم 8608 لسنة 63 القضائية

(1) دستور. قانون "القانون الأصلح". قمينة طوب. نقض "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها".
القضاء بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 157 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966. أصلح للمتهم في جريمة إقامة قمائن طوب في الأرض الزراعية. علة ذلك؟
لمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها. أساس ذلك؟
(2) عقوبة "تقديرها". محكمة النقض "سلطتها".
تقدير العقوبة. موضوعي. مؤدى ذلك؟

---------------
1 - لما كانت المادة 153 من قانون الزراعة الصادر بالقانون 53 لسنة 1966 والمضافة بالقانون 116 لسنة 1983 قد حظرت إقامة مصانع أو قمائن طوب في الأراضي الزراعية، ثم نصت في الفقرة الأولى من المادة 157 على أن "يعاقب على محالفة حكم المادة 153 من هذا القانون أو الشروع في ذلك بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه مع الحكم بإزالة المصنع أو القمينة على نفقة المخالف، وفى جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة" وكان قد صدر من بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 3 من فبراير سنة 2001 في القضية رقم 49 لسنة 22 قضائية دستورية الذي قضى بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 157 من قانون الزراعة الصادر بالقانون 53 لسنة 1966 فيما نصت على من أنه "وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة" وكان الأثر المترتب على ذلك الحكم هو إنكار القيمة القانونية للنص الوارد في نص الفقرة الأولى من المادة 157 من قانون الزراعة المذكور من عدم جواز وقف تنفيذ عقوبة الغرامة ومن ثم فإن هذا الحظر يتجرد من الوجود القانوني ولم يعد القاضي مقيدًا به عند الحكم في الدعوى فيجوز له وقف تنفيذ عقوبة الغرامة بعد أن كان ذلك ممتنعًا عليه بمقتضى ذلك النص الذي قضى بعدم دستوريته. لما كان ما تقدم فإنه يتعين عملاً بنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 نقض الحكم المطعون فيه.
2 - لما كان وقف تنفيذ العقوبة من العناصر التي تلحظها المحكمة عند تقدير العقوبة فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أقام قمينة طوب على أرض زراعية بغير ترخيص وطلبت عقابه بالمادتين 153، 157 من القانون 116 لسنة 1983. ومحكمة جنح..... قضت حضوريًا بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة ثلاثون جنيهًا لوقف التنفيذ والإزالة وغرامة عشرة آلاف جنيه. استأنف ومحكمة ..... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابيًا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ/...... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعن بوصف أنه أقام قمينة طوب على أرض زراعية بدون ترخيص وطلبت عقابه بالمادتين 153، 157 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 ومحكمة أول درجة قضت بحبسه ستة أشهر وتغريمه عشرة آلاف جنيه والإزالة والمصروفات فاستأنف فقضت المحكمة الاستئنافية غيابيًا بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعًا، فعارض في هذا وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. لما كان ذلك، لما كانت المادة 153 من قانون الزراعة الصادر بالقانون 53 لسنة 1966 والمضافة بالقانون 116 لسنة 1983 قد حظرت إقامة مصانع أو قمائن طوب في الأراضي الزراعية، ثم نصت في الفقرة الأولى من المادة 157 على أن "يعاقب على محالفة حكم المادة 153 من هذا القانون أو الشروع في ذلك بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه مع الحكم بإزالة المصنع أو القمينة على نفقة المخالف، وفي جميع الأحوال لا يجوز للحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة" وكان قد صدر من بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 3 من فبراير سنة 2001 في القضية رقم 49 لسنة 22 قضائية دستورية الذى قضى بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 157 من قانون الزراعة الصادر بالقانون 53 لسنة 1966 فيما نصت على من أنه "وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة" وكان الأثر المترتب على ذلك الحكم هو إنكار القيمة القانونية للنص الوارد في نص الفقرة الأولى من المادة 157 من قانون الزراعة المذكور من عدم جواز وقف تنفيذ عقوبة الغرامة ومن ثم فإن هذا الحظر يتجرد من الوجود القانوني ولم يعد القاضي مقيدًا به عند الحكم في الدعوى فيجوز له وقف تنفيذ عقوبة الغرامة بعد أن كان ذلك ممتنعًا عليه بمقتضى ذلك النص الذى قضى بعدم دستوريته. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين عملاً بنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 نقض الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان وقف تنفيذ العقوبة من العناصر التي تلحظها المحكمة عند تقدير العقوبة فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 26197 لسنة 71 ق جلسة 29 / 9 / 2002 مكتب فني 53 ق 150 ص 905

جلسة 29 من سبتمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ أحمد على عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الباري سليمان، هاني خليل، السعيد محمد برغوث وطلعت إبراهيم عبد الله نواب رئيس المحكمة.

--------------

(150)
الطعن رقم 26197 لسنة 71 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصًا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤديًا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع". ما لا يوفره". حكم "تسبيه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن طلب المتهم إسقاط المادة 48 من قانون العقوبات من أمر الإحالة يعيب الإجراءات السابقة على المحاكمة. عدم جواز إثارته أمام النقض.
(3) إرتباط. عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. مالا يوفره". حكم "تسبيه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. مالا يقبل منها".
مناط الارتباط في المادة 32 عقوبات. رهن بأن تكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب. علة ذلك؟
إعمال حكم المادة 32 عقوبات عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم أو سقوطها أو انقضاءها لا يجوز. علة ذلك؟
(4) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجوب تفصيل أسباب الطعن ابتداء.
مثال.

--------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون وينحسر عن الحكم قالة القصور ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له.
2 - لما كان ما يثيره الطاعن من التفات المحكمة عن طلبه بإسقاط المادة 48 من قانون العقوبات من أمر الإحالة - وهو ما خلا منه محضر جلسة المحاكمة - تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - لما كانت دعوى قيام الارتباط أيا ما كان وصفه بين جريمة تقديم الرشوة للموظف العامة للإخلال بواجبات وظيفته - وهي ذات العقوبة الأشد - وبين جريمة الاشتراك في جنايتي الاختلاس والتربح لا توجب البتة الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية عن الجريمة الثانية تبعًا للحكم بالبراءة للإعفاء من العقاب في الجريمة الأولى، ولا تقتضى بداهة انسحاب أثر الإعفاء في الجريمة الأولى على الثانية لما هو مقرر من أن مناط الارتباط في حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتًا ونفيًا، فلا محل لأعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في أحدى التهم أو سقوطها أو انقضائها - كما هو الشأن في خصوص واقعة الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن إدانة الطاعن عن جريمة الاشتراك في جنايتي الاختلاس والتربح موضوع التهمة الثانية يكون صحيح في القانون لأن مجال البحث في الارتباط إنما يكون عند قيام المسئولية عن الجرائم المرتبطة ولا يكون عندما ينفك هذا الارتباط ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدًا.
4 - من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوبًا على وجه الوجوب تحديدًا للطعن وتعريفًا يوجهه منذ افتتاح الخصومة بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن القصور في الحكم وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن الأدلة القاطعة التي تثبت براءته والتي أغفل تحصيلها والرد عليها الأمر الذى يكون معه منعى الطاعن في هذا الشأن وقد جاء مجهلاً غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه: هو وآخرين - سبق الحكم عليهم - أولاً: قدموا عطية للمتهمين الأول والثاني للإخلال بواجبات وظيفتهما بأن قدموا إليهما المبالغ النقدية والهدايا العينية موضوع جريمة الرشوة المسندة إليهما آنفا. ثانيًا: اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب جنايتي الاختلاس والتربح موضوع التهمتين المسندتين إليهما آنفا بأن اتفقوا معهم بوساطة المتهم الثالث - السابق الحكم عليه - على ارتكابها وساعدوهما على ذلك بأن أمدوهما بالبيانات اللازمة لتحرير إيصالات سحب التراخيص سالفة البيان فقاما بتدوينها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالته إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في جنايتي الاختلاس والتربح قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه قصور في التسبيب، وفساد في الاستدلال، ذلك أن بيان الحكم لواقعة الدعوى وأدلتها قد جاء مجهلاً، والتفت الحكم عن طلب الطاعن إسقاط المادة 48 من قانون العقوبات والتي قضى بعدم دستوريتها من أمر الإحالة، ودانه بجريمة الاشتراك في جنايتي الاختلاس والتربح على الرغم من إعفائه من العقاب عن جريمة الرشوة، فضلاً عن أن الحكم التفت عن الرد على ما ساقه الدفاع من أدلة قاطعة على براءة الطاعن، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إنه يتبين من الحكم المطعون فيه أنه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاشتراك في جنايتي الاختلاس والتربح التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى وإيرادها لمضمونها على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها أن تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون وينحسر عن الحكم قالة القصور ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من التفات المحكمة عن طلبه بإسقاط المادة 48 من قانون العقوبات من أمر الإحالة - وهو ما خلا منه محضر جلسة المحاكمة - تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. هذا فضلاً أن الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه لم يسند إلى الطاعن جريمة الاتفاق الجنائي المؤثمة بالمادة 48 سالفة الذكر ولم يدنه بها، ولم يورد هذا النص من ضمن مواد الاتهام التي حكم بموجبها ومن ثم تنعدم مصلحة الطاعن في هذا الوجه من النعي ويكون منعاه في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك، وحيث إنه بالنسبة لجريمة الاشتراك في جنايتي الاختلاس والتربح موضوع التهمة الثانية التي دان الحكم المطعون فيه الطاعن بها، فإنه لما كانت دعوى قيام الارتباط أيا ما كان وصفه بين جريمة تقديم الرشوة للموظف العامة للإخلال بواجبات وظيفته - وهي ذات العقوبة الأشد - وبين جريمة الاشتراك في جنايتي الاختلاس والتربح لا توجب البته الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية عن الجريمة الثانية تبعًا للحكم بالبراءة للإعفاء من العقاب في الجريمة الأولى، ولا تقتضي بداهة انسحاب أثر الإعفاء في الجريمة الأولى على الثانية لما هو مقرر من أن مناط الارتباط في حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدى المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتًا ونفيًا، فلا محل لأعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في أحدى التهم أو سقوطها أو انقضائها - كما هو الشأن في خصوص واقعة الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن إدانة الطاعن عن جريمة الاشتراك في جنايتي الاختلاس والتربح موضوع التهمة الثانية يكون صحيح في القانون لأن مجال البحث في الارتباط إنما يكون عند قيام المسئولية عن الجرائم المرتبطة ولا يكون عندما ينفك هذا الارتباط ومن ثم فإن منعى الطاعن فى هذا الشأن لا يكون سديدًا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوبًا على وجه الوجوب تحديدًا للطعن وتعريفًا بوجهه منذ افتتاح الخصومة بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن القصور في الحكم وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن الأدلة القاطعة التي تثبت براءته والتي أغفل تحصيلها والرد عليها الأمر الذى يكون معه منعى الطاعن في هذا الشأن وقد جاء مجهلاً غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.

الاثنين، 11 أغسطس 2014

الطعن 19319 لسنة 66 ق جلسة 29 / 9 / 2002 مكتب فني 53 ق 149 ص 900

جلسة 29 من سبتمبر سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي، عادل الشوربجي نواب رئيس المحكمة وعادل الحناوي وهاني عبد الجابر.
----------------
(149)
الطعن رقم 19319 لسنة 66 القضائية
(1) أمر حفظ. أمر بألا وجه. نيابة عامة.
العبرة في تحديد طبيعة أمر الحفظ الصادر من النيابة العامة هي بحقيقة الواقع. أمر الحفظ الصادر من النيابة العامة بعد التحقيق هو أمر بألا وجه لإقامة الدعوى.
 (2)دعوى جنائية "انقضاؤها". سب وقذف.
التنازل عن الشكوى من صاحب الحق يترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية. أساس ذلك؟
عدم جواز العدول عن التنازل ولو كان ميعاد الشكوى مازال ممتدا. إذ الساقط لا يعود
.

(3) دعوى جنائية "انقضاؤها. دعوى مدنية "نظرها والفصل فيها". سب وقذف.
انقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل. عقبة إجرائية تحول دون اتخاذ إجراء فيها اعتبارًا من تاريخ الانقضاء ينبني عليه عدم قبول الدعوى الجنائية إذا رفعت في مرحلة تالية.
عدم قبول الدعوى الجنائية يوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها.
-------------
1 - لما كانت العبرة في تحديد طبيعة الأمر الصادر بحفظ الشكوى هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره النيابة عنه أو بالوصف الذى يوصف به فإذا كانت النيابة العامة قد قامت بإجراء من إجراءات التحقيق - أيًا ما كان سبب إجرائه - فالأمر الصادر منها يكون في حقيقته قرارًا بألا وجه لإقامة الدعوى.
2 - كان التنازل عن الشكوى من صاحب الحق فيها يترتب عليه بحكم الفقرة الأولى من المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية انقضاء الدعوى الجنائية ومتى صدر هذا التنازل ممن يملكه قانونًا يتعين إعمال الآثار القانونية له. كما لا يجوز الرجوع فيه ولو كان ميعاد الشكوى مازال ممتدا لأنه من غير المستساغ قانونًا العودة للدعوى الجنائية بعد انقضائها إذ الساقط لا يعود.
3 - كان انقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل هو عقبة إجرائية تحول دون اتخاذ إجراءات فيها اعتبارًا من تاريخ الانقضاء. وينبني عليه عدم قبول الدعوى الجنائية إذا رفعت في مرحلة تالية له. وكان مقتضى عدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لواقعة ما، يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها التي ترفع أمام المحاكم الجنائية تبعًا لها، كان التنازل في خصوص دعوى السب والقذف بطريق النشر - وهى من جرائم الشكوى - ينتج أثره بالنسبة للدعويين الجنائية والمدنية فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الدعويين الجنائية والمدنية بعقوبة الغرامة والتعويض المدني المؤقت المطالب به، رغم صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لتنازل الشاكي أمام النيابة العامة وذلك قبل رفع هاتين الدعويين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون متعينًا نقضه وإلغاء الحكم الغيابي فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية والقضاء بعدم قبولهما.

الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنايات.... ضد الطاعن بوصف: أنه ارتكب جريمة السب والقذف العلني المنوه عنهما بصحيفة الادعاء المباشر وكان ذلك بسوء قصد بنية الإضرار به. وطلب عقابه بالمواد 171، 178، 178 مكرر، 185، 195، 303، 305، 306، 307، 308 من قانون العقوبات وإلزامه متضامن مع المسئول عن الحقوق المدنية بأن يؤدي له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت غيابيا بجلسة ..... عملا بمواد الاتهام بتغريمه مبلغ مائة جنيه وإلزامه بالتضامن مع المسئولين عن الحقوق المدنية بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
عارض، وقضي في معارضته بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ .... بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في ..... .
وطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
-----------------
المحكمة
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة - النيابة العامة - على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدان المحكوم عليه بجريمة السب والقذف بطريق النشر قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المحكمة تعرضت لموضوع الدعوى الجنائية رغم رفعها بعد تنازل المجني عليه عن شكواه وبعد ما قررت النيابة العامة حفظ الأوراق إدارياً - بعد تحقيق أجرته فيها- والذي هو في حقيقته أمر بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية لتنازل الشاكي مما يمتنع معه عليه العودة إلى تحريكها بطريق الادعاء المباشر لسبق انقضاء الدعوى الجنائية مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. من حيث إنه تبين من الأوراق أن وكيل المحكوم عليه دفع بجلسة ...... سنة ...... بانقضاء الدعوى الجنائية لصدور أمر بالأوجه فيها وإذ عرض الحكم المطعون فيه للدفع وأطرحه في قوله "وحيث إن الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها أن وكيل المدعي بالحق المدني قد طلب من النيابة العامة حفظ الأوراق إدارياً لأن القصد من البلاغ هو إثبات الحالة تمهيداً لحفظ النيابة العامة للمحضر حتى يتسنى للمدعي رفع جنحة مباشرة أمام المحكمة ومن ثم فإن النيابة العامة قد استغنت عن طلب المشكو في حقه وأصدرت قراراً بحفظ الأوراق ومن ثم فلا يعد أمر الحفظ الصادر بمثابة أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية صريحاً أو ضمنياً ولأن النيابة العامة قد توقفت عن استكمال التحقيقات اللازمة لإصدار أمر بعدم وجه لإقامة الدعوى الجنائية وتحديد نوع هذا الأمر حتى يمكن معرفة مدى حجية الأمر وفقاً لنوعه". لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم وهو في معرض رده على دفع المحكوم عليه - وذلك على النحو المار ذكره - أن النيابة العامة قد أمرت بقيد الأوراق بدفتر الشكاوى الإدارية وحفظها بناء على طلب المجني عليه وأن ذلك الأمر صدر بعد تحقيق أجرته في الواقعة بناء على شكوى تقدم بها الأخير. ولما كانت العبرة في تحديد طبيعة الأمر الصادر بحفظ الشكوى هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره النيابة عنه أو بالوصف الذي يوصف به فإذا كانت النيابة العامة قد قامت بإجراء من إجراءات التحقيق - أياً ما كان سبب إجرائه فالأمر الصادر منه يكون في حقيقته قراراً بالأوجه لإقامة الدعوى. لما كان ذلك، وكان التنازل عن الشكوى من صاحب الحق فيها يترتب عليه بحكم الفقرة الأولى من المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية انقضاء الدعوى الجنائية ومتى صدر هذا التنازل ممن يملكه قانوناً يتعين إعمال الآثار القانونية له. كما لا يجوز الرجوع فيه ولو كان ميعاد الشكوى مازال ممتداً لأنه من غير المستساغ قانوناً العودة للدعوى الجنائية بعد انقضائها إذ الساقط لا يعود وكان الواقع في الطعن المطروح أن المجني عليه قد تنازل عن شكواه بطلبه من النيابة العامة حفظ التحقيق حتى يتسنى له تحريك الدعوى بطريق الادعاء المباشر وإذ صدر أمر الحفظ وهو في حقيقته أمر بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية لتنازل المجني عليه عن شكواه فيكون لذلك الأمر قوة الشيء المحكوم فيه بحيث لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد صدوره، وتكون الدعوى الجنائية في الواقعة المطروحة قد انقضت بالتنازل قبل تحريكها بطريق الإدعاء المباشر. لما كان ذلك، وكان انقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل هو عقبة إجرائية تحول دون اتخاذ إجراءات فيها اعتباراً من تاريخ الانقضاء وينبني عليه عدم قبول الدعوى الجنائية إذا رفعت في مرحلة تالية له وكان مقتضى عدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لواقعة ما يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها التي ترفع أمام المحاكم الجنائية تبعاً لها، وكان التنازل في خصوص دعوى السب والقذف بطريق النشر - وهي من جرائم الشكوى - ينتج أثره بالنسبة للدعويين الجنائية والمدنية فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الدعويين الجنائية والمدنية بعقوبة الغرامة والتعويض المدني المؤقت المطالب به رغم صدور أمر بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية لتنازل الشاكي أمام النيابة العامة وذلك قبل رفع هاتين الدعويين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون متعيناً نقضه وإلغاء الحكم الغيابي فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية والقضاء بعدم قبولهما، وإلزام المدعي بالحقوق المدنية المصاريف المدنية دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة من الطاعنة. وكذلك أوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليه، وذلك مادام أن العوار الذي شاب الحكم اقتصر على الخطأ في تطبيق القانون ولم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه.

الطعن 8007 لسنة 63 ق جلسة 29 / 9 / 2002 مكتب فني 53 ق 148 ص 897

جلسة 29 من سبتمبر سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد جمال الدين عبد اللطيف، فريد عوض على عوض, بدر الدين السيد البدوي نواب رئيس المحكمة وسيد الدليل.
---------------
(148)
الطعن رقم 8007 لسنة 63 القضائية
استئناف "ميعاده". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
ثبوت أن آخر ميعاد للاستئناف صادف يوم عطلة رسمية - أثره:
صحة التقرير بالاستئناف في اليوم التالي. مخالفة ذلك. خطأ في تطبيق القانون. يوجب النقض.
-----------------------
لما كان الثابت أن الحكم المستأنف قد صدر بتاريخ 1 من ديسمبر سنة 1992 وكان اليوم العاشر لميعاد الاستئناف وهو يوم 11 من ديسمبر سنة 2002 يوافق يوم جمعة وهو عطلة رسمية فإن المحكوم عليه - الطاعن - إذ استأنف الحكم في 12 من ديسمبر سنة 2002 أي في اليوم التالي لعطلة يوم الجمعة فإن استئنافه يكون قد صادف الميعاد القانوني الذي حددته الفقرة الأولى من المادة 406 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الاستئناف شكلا - لكونه بعد الميعاد - قد أخطأ في تطبيق القانون مما يعيبه ويوجب نقضه، ولما كان هذا الخطأ القانوني قد حجب محكمة الموضوع عن أن تقول كلمتها في موضوع الاستئناف فإنه يتعين أن يكون النقض مقرونا بالإعادة.
------------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: شرع في إقامة بناء على أرض زراعية بغير ترخيص من الجهة الإدارية المختصة وطلبت عقابه بالمادتين 152 و156 من القانون رقم 116 لسنة 1983.
ومحكمة الجنح قضت حضوريا في الأول من ديسمبر سنة 1992 عملا بمادتي الاتهام بمعاقبة المتهم بالحبس شهر وكفالة عشرين جنيها وتغريمه عشرة آلاف جنيه والإزالة.
استأنف ومحكمة ....... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بعدم قبول الاستئناف شكلا للتقرير به بعد الميعاد ..... إلخ. 
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.
--------------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم قبول استئنافه شكلاً للتقرير به بعد الميعاد قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم المستأنف صدر في الأول من ديسمبر سنة 1992 إلا أن اليوم العاشر لميعاد الاستئناف كان يوافق يوم عطلة رسمية فقرر باستئنافه في اليوم التالي ومن ثم فإن استئنافه يكون قد قدم في الميعاد القانوني الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه. حيث إنه يبين من الحكم الاستئنافي أنه أسس قضاءه بعدم قبول استئناف الطاعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد على قوله ومن حيث إن تقرير المتهم بالاستئناف بتاريخ 12/12/1992 عن حكم محكمة أول درجة الصادر بجلسة 1/12/1992 جاء متجاوز للميعاد المنصوص عليه في المادة 406 أ. ج فمن ثم يكون الاستئناف غير مقبول شكلاً للتقرير به بعد الميعاد وكان الثابت أن الحكم المستأنف قد صدر بتاريخ 1 من ديسمبر سنة 1992 وكان اليوم العاشر لميعاد الاستئناف وهو يوم 11 من ديسمبر سنة 2002 يوافق يوم جمعة وهو عطلة رسمية فإن المحكوم عليه - الطاعن - إذ استأنف الحكم في 12 من ديسمبر سنة 2002 أي في اليوم التالي لعطلة يوم الجمعة فإن استئنافه يكون قد صادف الميعاد القانوني الذي حددته الفقرة الأولى من المادة 406 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الاستئناف شكلاً - لكونه بعد الميعاد - قد أخطأ في تطبيق القانون مما يعيبه ويوجب نقضه، ولما كان هذا الخطأ القانوني قد حجب محكمة الموضوع عن أن تقول كلمتها في موضوع الاستئناف فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة.

الطعن 3227 لسنة 70 ق جلسة 30 / 9 / 2002 مكتب فني 53 ق 151 ص 911

جلسة 30 من سبتمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ حسن حمزة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الشناوي، فتحي حجاب، جاب الله محمد جاب الله وهاني حنا نواب رئيس المحكمة.

--------------

(151)
الطعن رقم 3227 لسنة 70 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن دون إيداع الأسباب. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) سبق إصرار. ظروف مشددة. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. مالا يقبل منها".
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني. استخلاص توافره. موضوعي. مثال.
(3) إثبات "خبرة". حكم "مالا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إيراد الحكم مؤدى أقوال المجني عليه بما لا يحيلها عن معناها وبما لا تناقض فيه. كفايته.
المجادلة في تقدير محكمة الموضوع للدليل. غير جائز.
(5) إثبات "شهود" خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. مالا يقبل منها".
خلو الحكم مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني. النعي عليه غير مقبول.
(6) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً معينًا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤديًا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(7) ضرب "ضرب بسيط". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. مالا يقبل منها". عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط. نقض "المصلحة في الطعن".
بيان الحكم موضع الإصابات التي انزلها المتهم بالمجني عليه وأثرها ودرجة جسامتها في الجريمة المؤثمة بالمادة 242 عقوبات. غير لازم. علة ذلك؟
النعي على الحكم قصوره في التدليل على جريمة الاتفاق الجنائي. غير مجد. ما دام قد أخذ الطاعنين بعقوبة الجريمة الأشد المسندة إليهما عملاً بالمادة 32 عقوبات.

----------------
1 - لما كان المحكوم عليهم.....، ......، ....., ....., ....., ..... وإن قرروا بالطعن بالنقض في الحكم المطعون إلا أنهم لم يقدموا أسبابًا لطعنهم من ثم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول طعنهم شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - لما كان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي استخلاصًا، وكان البحث فى توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتوافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، ولما كان ما قاله الحكم في تدليله على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين الأول والثالث كافيًا وسائغًا في تحقيق هذا الظرف كما هو معرف به في القانون فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل.
3 - لما كان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال المجنى عليه بأن الطاعنين اعتدوا عليه بالشوم والعصى فأحدثوا إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي - والتي نقل مضمونها على النحو السالف بيانه، وإذا كانت المحكمة قد أوردت في حكمها الأسباب التي أقامت عليها قضاءها بما لا تناقض فيه واطمأنت إلى أقوال المجني عليه وحصلت مؤداها بما لا يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها وبما يكفي بيانًا لوجه استدلالها بها على صحة الواقعة فإن ما يثيره الطاعنان الأول والثالث لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه.
5 - لما كان ذلك، وكان ما أوره الحكم من أقوال المجنى عليه لا يتعارض بل يتلاءم مع نقله عن التقرير الطبي، وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
6 - لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها ذلك محققًا لحكم القانون.
7 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه إلى أقوال المجنى عليه وشهود الإثبات والتي أوردها في بيان كاف وإلى التقرير الطبي الشرعي الموقع عليه وكان لا يعيب الحكم إن هو لم يبين الإصابات التي أحدثها كل من الطاعنين الثانية والرابع بالمجني عليه. لما هو مقرر من أنه لا يشترط لتوافر جنحة الضرب التي تقع تحت نص المادة 242 من قانون العقوبات أن يحدث الاعتداء جرحًا أو ينشأ عنه مرض أو عجز بل يعد الفعل ضربًا ولو حصل باليد مرة واحدة سواء ترك أثرًا أو لم يترك وعلى ذلك فلا يلزم لصحة الحكم بالإدانة بمقتضى تلك المادة أن يبين موضع الإصابات التي أنزلها المتهم بالمجنى عليه ولا أثرها ولا درجة جسامتها ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون سديدًا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا ولا يغير من ذلك قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية..... دستورية والصادر ..... بعدم دستورية نص المادة 48 من قانون العقوبات التي كانت تجرم فعل الاتفاق الجنائي وهي الجريمة الأولى المسندة إلى الطاعنين الأول والثالث طالما أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه من أنه اعتبر الجريمتين المسندتين إليهما جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي جريمة الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة مع سبق الإصرار عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات ومن ثم فلا مصلحة لهما فيما أثير منهما بشأن القصور في الدليل على جريمة الاتفاق الجنائي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهم 1: - اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وذلك بأن اتحدت إرادتهم على قتل..... وذلك بأن ترصدوا بمنزل الأول والذي أيقنوا مروره من أمامه في طريق عودته لمنزله وما أن ظفروا به حتى خرجوا عليه عمدًا مع سبق الإصرار والترصد وذلك بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك عصيًا وشومًا وترصدوه بمنزل الأول في الطريق المؤدي لمسكنه والذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه ضربًا قاصدين قتله فأحدثوا إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ولكن أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو استغاثة المجني عليه ونجدته بواسطة آخرين ونقله للمستشفى للعلاج وأحالتهم إلى محكمة جنايات...... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 240/ 242، 1 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهمين من الأول إلى الثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات. ثانيًا: بمعاقبة الباقين بالحبس لمدة ستة أشهر. ثالثًا: وفي الدعوى المدنية بإلزامهم بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية متضامين مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم.....) ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات..... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضوريًا عملاً بالمواد 48/ 240، 1/ 242، 2، 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون في حق المتهمين الأول والثالث أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنتين لما نسب إليهما.
ثانيًا: بمعاقبة باقي المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر لما نسب إليهم
ثالثًا: وفى الدعوى المدنية بإلزام المتهمين بأن يؤدوا للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن الأستاذ/ ..... المحامي عن المحكوم عليهما الثانية والثالثة في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية في..... كما طعن المحكوم عليه السادس في هذا الحكم بطريق النقض من...... بذات التاريخ كما طعن المحكوم عليهم الرابع والخامس والسابع والثامن في هذا الحكم بطريق النقض كما طعن المحكوم عليهم الأول والتاسع في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية في......... وقدمت مذكرة أسباب طعن المحكوم عليهم الأول والثانية والثالث والتاسع موقعًا عليها من الأستاذ..... إلخ.


المحكمة

حيث إن المحكوم عليهم......، ..... وإن قرروا بالطعن بالنقض فى الحكم المطعون إلا أنهم لم يقدموا أسبابًا لطعنهم من ثم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول طعنهم شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
حيث إن الطعن المقدم من باقي المحكوم عليهم قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأول والثالث بجريمتي الاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جريمة الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة مع سبق الإصرار وقد وقعت منهما هذه الجريمة تنفيذًا لهذا الاتفاق، كما دان الثانية والرابع بجريمة الضرب البسيط قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه دان كلا من الطاعنين الأول والثالث بتهمة الاتفاق الجنائي واعتبرهما متضامنين في المسئولية الجنائية على سند من قيام الاتفاق بينهما ولم يورد الدليل على قيام هذا الاتفاق. ولم يدلل على توافر ظرف سبق الإصرار وعول على التقرير الطبي الشرعي دون أن يورد مضمونه ورد على دفاع الطاعنين بتناقض رواية المجنى عليه مع التقارير الطبية الموقعة عليه بما لا يصلح ردًا ولم يورد الدليل على ثبوت الاتهام قبل الطاعنين الثانية والرابع. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب مع سبق الإصرار الذي نشأت عنه عاهة مستديمة التي دان الطاعنين الأول والثالث بها والضرب البسيط التي دان الطاعنين الثانية والرابع بها وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه لخلافات سابقة بين المجني عليه...... والمتهمين اتفق المتهمون (1).... طاعن، (2)..... طاعن، .... سبق الحكم عليه على التعدي بالضرب على المجني عليه سالف الذكر حال تقابلهم معه. وفى مساء يوم.... وحيث كان المتهمون الثلاثة سالفي الذكر يقطنون مع باقي المتهمين إذ مر عليهم المجنى عليه فسارع المتهمون الثلاثة المذكورون إلى التعدي عليه بالضرب بعصا على رأسه تنفيذًا لما اتفقوا عليه سابقًا محدثين به إصابته برأسه والموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي نتج عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقدان العظمتان الموصوفتان بعظمة الجدارية اليمنى وعظم الصدغية اليمنى وما ترتب على ذلك من آثار ومضاعفات وتقدر بنسبة 95% خمسة وتسعين بالمائة. وما أن شاهدهم باقي المتهمين حتى قاموا بالتعدي على المجني عليه بالضرب في أجزاء متفرقة من جسده محدثين به إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد عن العشرين يومًا". وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة وصحة إسنادها إلى الطاعنين أدلة استمدها من أقول شهود الإثبات معززة بتحريات الشرطة ومما ثبت من التقرير الطبي الشرعي. لما كان ذلك، وكان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي استخلاصًا، وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتوافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، ولما كان ما قاله الحكم في تدليله على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين الأول والثالث كافيًا وسائغًا في تحقيق هذا الظرف كما هو معرف به في القانون فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل. وكان الحكم المطعون فيه قد حصل التقرير الطبي الشرعي في قوله: "وثبت بتقرير الطب الشرعي أنه تخلف لدى المجنى عليه من جراء إصابته الفقد العظمي بالجمجمة وما ينتجها كخذل بالطرف العلى الأيسر والطرف السفلى الأيسر والبؤرة الصرعية من المخ مما يقلل من كفاءة وقدرة المجني عليه من العمل والممارسة الطبيعية لحياته اليومية وهو ما يعتبر عاهة مستديمة تقدر بنحو 95%". فإن ما ينعاه الطاعنين الأول والثالث على الحكم بعدم إيراده مضمون التقرير الطبي الشرعي لا يكون له محل لما كان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال المجنى عليه بأن الطاعنين اعتدوا عليه بالشوم والعصى فأحدثوا إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي - والتي نقل مضمونها على النحو السالف بيانه، وإذا كانت المحكمة قد أوردت في حكمها الأسباب التي أقامت عليها قضاءها بما لا تناقض فيه واطمأنت إلى أقوال المجني عليه وحصلت مؤداها بما لا يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها وبما يكفى بيانًا لوجه استدلالها بها على صحة الواقعة فإن ما يثيره الطاعنان الأول والثالث لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه. لما كان ذلك، وكان ما أوره الحكم من أقوال المجنى عليه لا يتعارض بل يتلاءم مع نقله عن التقرير الطبي، وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ذلك محققًا لحكم القانون. لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه إلى أقوال المجنى عليه وشهود الإثبات والتي أوردها في بيان كاف وإلى التقرير الطبي الشرعي الموقع عليه وكان لا يعيب الحكم إن هو لم يبين الإصابات التي أحدثها كل من الطاعنين الثانية والرابع بالمجنى عليه، لما هو مقرر من أنه لا يشترط لتوافر جنحة الضرب التي تقع تحت نص المادة 242 من قانون العقوبات أن يحدث الاعتداء جرحًا أو ينشأ عنه مرض أو عجز بل يعد الفعل ضربًا ولو حصل باليد مرة واحدة سواء ترك أثرًا أو لم يترك وعلى ذلك فلا يلزم لصحة الحكم بالإدانة بمقتضى تلك المادة أن يبين موضع الإصابات التي أنزلها المتهم بالمجنى عليه ولا أثرها ولا درجة جسامتها ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون سديدًا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا ولا يغير من ذلك قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية..... دستورية والصادر .... بعدم دستورية نص المادة 48 من قانون العقوبات التي كانت تجرم فعل الاتفاق الجنائي وهي الجريمة الأولى المسندة إلى الطاعنين الأول والثالث طالما أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه من أنه اعتبر الجريمتين المسندتين إليهما جريمة واحدة وعاقبنها بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي جريمة الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة مع سبق الإصرار عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات ومن ثم فلا مصلحة لهما فيما أثير منهما بشأن القصور في الدليل على جريمة الاتفاق الجنائي.

الطعن 12257 لسنة 71 ق جلسة 1 / 10 / 2002 مكتب فني 53 ق 152 ص 920

جلسة الأول من أكتوبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب، أمين عبد العليم، عمر بريك ونافع فرغلي نواب رئيس المحكمة.

--------------

(152)
الطعن رقم 12257 لسنة 71 القضائية

تلبس. قبض. تفتيش. بطلان.
لغير مأموري الضبط القضائي تسليم وإحضار المتهم إلى أقرب مأمور ضبط قضائي في حالات التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس. تفتيشهم للمتهم. غير جائز. أساس ذلك؟
انتهاء الحكم إلى صحة تفتيش الأهالي للطاعن. خطأ في القانون. علة ذلك؟
بطلان التفتيش مقتضاه عدم التعويل على أي دليل مستمد منه وشهادة من أجراه. أثر ذلك؟

---------------
من المقرر أن المادتين 37، 38 من قانون الإجراءات الجنائية أجازتا لغير مأموري الضبط القضائي من آحاد الناس أو من رجال السلطة العامة تسليم وإحضار المتهم إلى أقرب مأمور للضبط القضائي في الجنايات والجنح التي جوز فيها الحبس الاحتياطي أو الحبس حسب الأحوال متى كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس وهو إجراء بمثابة التحفظ على المتهم بما شوهد معه كيما يتم تسليمه إلى مأمور الضبط القضائي وليس لغير مأمور الضبط القضائي حق التفتيش في الحالات المقررة قانونًا. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم من الاعتبار بصحة تفتيش الأهالي للطاعن ينطوي على خطأ في تطبيق القانون لأن هذا التفتيش باطل ولا يؤبه به. لما كان ذلك، وكان لازم بطلان التفتيش عدم التعويل على أي دليل مستند منه ومنها شهادة من قام بهذا الإجراء الباطل. وكانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها دليل سوى هذا الضبط الباطل فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما نسب إليه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن. بوصف أنه: في يوم 22 من فبراير سنة 1999 بدائرة مركز قليوب - محافظة القليوبية. أحرز بقصد التعاطي نبات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات..... لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت وحضوريًا بالمواد 29، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه عشرة ألاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض في .... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بقصد التعاطي قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن عول في الإدانة على الدليل المستمد من القبض والتفتيش رغم بطلانهما لحصولهما من آحاد الناس الذى لا يتمتع بصفة الضبط القضائي مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في حوالي الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم 26/ 1/ 1999 كان المتهمان.....، ..... "الطاعن" يقفان أمام منزل الشاهد الثاني وهما مخمورين ويترنحان فطلب ابنه منهما الابتعاد عن مسكنه فنشبت مشاجرة بينهم أشهر فيها المتهم الثاني في وجه المذكور مطواه كما أصيب في جبهته بجرح وتجمع دموي من جراء عيار ناري أطلقه المتهم الأول من سلاح ناري ثم لاذ بالفرار وقد تمكن الشاهد الثاني بمعاونة بعض الأهالي من ضبط المتهم الثاني وبتفتيشه حشية وجود سلاح معه يعتدى به عليهم فعثر معه على لفافة ورقية تحوي كمية من نبات الحشيش المخدر وزنت قائمًا 9.38 جم وثبت معمليًا أنها لنبات الحشيش المخدر وتحتوي على المادة الفعالة له قام بتسليمها والمتهم للشرطة" واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال الشاهد الثاني وبعد أن أورد مضمونها عرض للدفع المبدى من الدافع عن الطاعن بطلان القبض عليه وتفتيشه لانتفاء حالة التلبس ورد عليه بقوله" إن المقرر بالمادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية أن لكل من شاهد الجاني متلبسًا بجناية أو جنحة يجوز قانونًا الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج أمر بضبطه مؤدى ذلك أن المشرع قد خول للأفراد سلطة الضبط في أحوال التلبس ولا يعتبر هذا الضبط قبضًا بالمعنى القانوني بل هو مجرد تعرض مادي فحسب بمقتضاه يتحفظ الفرد العادي أو رجل السلطة العامة على المتهم وعلى جسم الجريمة كي يسلمه إلى مأمور الضبط القضائي ولا يمنع ذلك من إجراء التفتيش لتجريد المتهم من أسلحة أو آلات يمكن أن يستخدمها ضد من يضبطه أو ضد نفسه فإذا كشف هذا التفتيش الوقائي عن جريمة متلبس بها كان الضبط صحيحًا ويكون التلبس منتجا لكل آثاره القانونية ومن ثم فإن ضبط المتهم الثاني بمعرفة الأهالي عند مشاهدته متلبسًا بجريمة إحراز سلاح أبيض مطواه يجوز فيها الحبس واقفًا مع المتهم الأول الذي أطلق عيارًا ناريًا أصاب نجل الشاهد صحيح وإذ كان تفتيش المتهم الثاني وقائيًا بمعرفة الأهالي خشية وجود أشياء معه تمكنه من التعدي عليهم قد كشف عن إحرازه لنبات الحشيش المخدر المضبوط فإن التلبس صحيحًا منتجًا لآثاره وإذ كان ما تقدم فإن الدفع يكون على غير سند من القانون والواقع خليقًا برفضه". لما كان ذلك وكانت مدونات الحكم المطعون فيه على أن الشاهد الثاني..... قرر أنه عقب إصابة نجله بطلق ناري أطلقه المتهم الأول تمكن الأهالي من الإمساك بالمتهم..... "الطاعن" الذي كان مخمورًا وممسكًا بمطواة ثم قاموا بتقييده وتفتيشه حشية أن يكون معه سلاح أو شفرة عثروا معه على لفافة ورقية تحوي كمية من نبات أخضر اللون يشبه البانجو المخدر ثم قدم المذكور إلى المحقق تلك اللفافة فقام الضباط بتحريزها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المادتين 37، 38 من قانون الإجراءات الجنائية أجازتا لغير مأموري الضبط القضائي من آحاد الناس أو من رجال السلطة العامة تسليم وإحضار المتهم إلى أقرب مأمور للضبط القضائي في الجنايات والجنح التي جوز فيها الحبس الاحتياطي أو الحبس حسب الأحوال متى كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس وهو إجراء بمثابة التحفظ على المتهم بما شوهد معه كيما يتم تسليمه إلى مأمور الضبط القضائي وليس لغير مأمور الضبط القضائي حق التفتيش في الحالات المقررة قانونًا. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم من الاعتبار بصحة تفتيش الأهالي للطاعن ينطوي على خطأ في تطبيق القانون لأن هذا التفتيش باطل ولا يؤبه به. لما كان ذلك، وكان لازم بطلان التفتيش عدم التعويل على أي دليل مستند منه ومنها شهادة من قام بهذا الإجراء الباطل. وكانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها دليل سوى هذا الضبط الباطل فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما نسب إليه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989.

الطعن 30064 لسنة 63 ق جلسة 2 / 10 / 2002 مكتب فني 53 ق 154 ص 929

جلسة 2 من أكتوبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدي، حسن الغزيري نواب رئيس المحكمة ومحمود عبد الحفيظ.

--------------

(154)
الطعن رقم 30064 لسنة 63 القضائية

تقليد. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
العبرة في جرائم التقليد. بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف. تأسيس الحكم قضائه على ما بين الخاتمين الصحيح والمقلد من أوجه التباين دون وجوه التشابه بينهما. قصور.

--------------
لما كان الحكم المطعون في حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أنه أثناء القيام بجرد عهدة المتهم عثر بمكان عمله على مظروف كبير الحجم بداخله العديد من الأوراق تحمل بصمات لأختام عدد من المصالح الحكومية مثل محافظة المنيا شئون العاملين وخاتم وزارة الخارجية القنصلية والتصديقات وخاتم خاص بالتوثيق وشهادات خبرة وصور قيد ميلاد، واستند الحكم في التدليل على صحة الواقعة في حق الطاعن إلى أدلة استمدها من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف التزوير والذى نقل الحكم عنه ما ورد به أن "بصمات أختام شعار الجمهورية الثابتة على الأوراق موضوع الفحص تختلف كل منها قوالب الأختام شعار الجمهورية الصحيحة الخاصة بالجهات السالف الإشارة إليها والمرسل بصماتها للمضاهاة، وأن بصمات الأكليشيه هي بصمات أخذت من أكلاشيه مزورة". لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العبرة في جرائم التقليد هي بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف، وإذ كان الحكم قد أسس على ما بين الخاتمين الصحيح والمقلد من أوجه التباين دون وجوه التشابه بينهما فإنه يكون قاصرًا في التدليل على توافر أركان جريمة تقليد خاتم إحدى الجهات الحكومية مما يوجب نقضه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه: قلد بصمات أختام الجهات الحكومية المبينة بالأوراق بأن اصطنع أختام على غرار الأختام الصحيحة لتلك الجهات وبصم بها على الأوراق المضبوطة على خلاف الحقيقة مع علمه بذلك، وأحالته إلى محكمة جنايات... لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمادة 206/ 4، 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ومصادرة المحررات المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقليد أختام جهات حكومية قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً كافيًا على توافر أركان تلك الجريمة في حقه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون في حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أنه أثناء القيام بجرد عهدة المتهم عثر بمكان عمله على مظروف كبير الحجم بداخله العديد من الأوراق تحمل بصمات لأختام عدد من المصالح الحكومية مثل محافظة المنيا شئون العاملين وخاتم وزارة الخارجية القنصلية والتصديقات وخاتم خاص بالتوثيق وشهادات خبرة وصور قيد ميلاد، واستند الحكم في التدليل على صحة الواقعة في حق الطاعن إلى أدلة استمدها من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف التزوير والذى نقل الحكم عنه ما ورد به أن "بصمات أختام شعار الجمهورية الثابتة على الأوراق موضوع الفحص تختلف كل منها قوالب الأختام شعار الجمهورية الصحيحة الخاصة بالجهات السالف الإشارة إليها والمرسل بصماتها للمضاهاة، وأن بصمات الأكليشيه هي بصمات أخذت من أكلاشيه مزورة". لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العبرة في جرائم التقليد هي بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف، وإذ كان الحكم قد أسس على ما بين الخاتمين الصحيح والمقلد من أوجه التباين دون وجوه التشابه بينهما فإنه يكون قاصرًا في التدليل على توافر أركان جريمة تقليد خاتم إحدى الجهات الحكومية مما يوجب نقضه والإعادة.

الطعن 10239 لسنة 63 ق جلسة 2 / 10 / 2002 مكتب فني 53 ق 153 ص 925

جلسة 2 من أكتوبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدي، عبد الفتاح حبيب نواب رئيس المحكمة وعلى سليمان.

--------------

(153)
الطعن رقم 10239 سنة 63 القضائية

(1) نقد. قانون "تفسيره" "القانون الأصلح". عقوبة "تطبيقها".
صدور القانون 38 لسنة 1994 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي. أصلح للمتهم. علة ذلك؟
(2) محكمة النقض "سلطتها". قانون "القانون الأصلح".
لمحكمة النقض نقض الحكم لصالح المتهم من تلقاء نفسها. إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح. أساس ذلك؟
(3) عقوبة "تقديرها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
تقدير العقوبة. موضوعي. مؤدى ذلك؟

---------------
1 - لما كان القانون 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي المعدل بالقانون 67 لسنة 1980 قد نص في المادة الرابعة عشر منه على أن " كل من خالف أحكام هذا القانون أو شرع في مخالفتها أو خالف القواعد المنفذة لها يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ولا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة، وفى حالة العود تضاعف العقوبة.." إلا أنه لما كان القانون رقم 38 لسنة 1994 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي والذي صدر بتاريخ 15 من مايو سنة 1994 بعد الحكم المطعون فيه نص في مادته الرابعة عشر على إلغاء القانون رقم 97 لسنة 1976 ونص في المادة الثامنة على معاقبة كل من يخالف المادة الأولى منه والتي تحظر التعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف والجهات الأخرى المرخص لها بذلك بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه، فضلاً عن مصادرة المبالغ والأشياء المضبوطة محل الدعوى، أو الحكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها في حالة عدم ضبطها، وبذلك فقد ألغى القانون رقم 38 لسنة 1994 عقوبة الحبس- الاختيارية - التي كانت مقررة لجريمة التعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف والجهات الأخرى المرخص لها بذلك التي دين الطاعن بها في القانون الملغي، كما رفع الحظر الذي كان مفروضًا على القاضي بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة التي يحكم بها على المتهم بارتكاب تلك الجريمة. لما كان ذلك، فإن القانون الأخير يعد القانون الأصلح بالنسبة للطاعن وبالتالي يكون هو القانون الواجب التطبيق إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات.
2 - لما كانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح يسري على واقعة الدعوى ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
3- من المقرر أن تقدير العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص قاضى الموضوع فإنه يتعين أن يكون النقض مقرونًا بالإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن أنه: تعامل في أوراق النقد الأجنبي على غير الشروط والأوضاع المقررة قانونًا وفي غير المصارف والجهات الأخرى المرخص لها بذلك على النحو المبين بالأوراق، وطلبت عقابه بالمادتين 1، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 المعدل.
ومحكمة جنح..... قضت غيابيًا بحبس المتهم شهرًا مع الشغل وكفالة عشرين جنيهًا.
عارض وقضى بقبولها شكلاً ورفضها موضوعًا وتأييد الحكم المعارض فيه.
استأنف ومحكمة..... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعامل في النقد الأجنبي على خلاف أحكام القانون قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه قد خلا من أسباب قضائه بالإدانة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على الطاعن بوصف أنه تعامل في أوراق النقد الأجنبي على غير الشروط والأوضاع المقررة قانونًا وعن غير طريق المصارف والجهات المرخص لها بالتعامل فيه وطلبت عقابه بالمادتين 1، 14 من القانون 97 لسنة 1976 المعدل والمادة 22 من اللائحة التنفيذية, وقد دانته محكمة أول درجة على هذا الأساس وقضت غيابيًا بحبسه شهرًا مع الشغل، فعارض فقضي في معارضته بتأييد الحكم المعارض فيه، فاستأنف فقضى حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
لما كان ذلك، وكان القانون 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي المعدل بالقانون 67 لسنة 1980 قد نص في المادة الرابعة عشر منه على أن "كل من خالف أحكام هذا القانون أو شرع في مخالفتها أو خالف القواعد المنفذة لها يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ولا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة، وفى حالة العود تضاعف العقوبة.. "إلا أنه لما كان القانون رقم 38 لسنة 1994 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي والذي صدر بتاريخ 15 من مايو سنة 1994 بعد الحكم المطعون فيه قد نص في مادته الرابعة عشر على إلغاء القانون رقم 97 لسنة 1976 ونص في المادة الثامنة على معاقبة كل من يخالف المادة الأولى منه والتي تحظر التعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف والجهات الأخرى المرخص لها بذلك بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه، فضلاً عن مصادرة المبالغ والأشياء المضبوطة محل الدعوى، أو الحكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها في حالة عدم ضبطها، وبذلك فقد ألغى القانون رقم 38 لسنة 1994 عقوبة الحبس - الاختيارية - التي كانت مقررة لجريمة التعامل فى النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف والجهات الأخرى المرخص لها بذلك التي دين الطاعن بها فى القانون الملغى، كما رفع الحظر الذى كان مفروضًا على القاضي بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة التي يحكم بها على المتهم بارتكاب تلك الجريمة. لما كان ذلك، فإن القانون الأخير يعد القانون الأصلح بالنسبة للطاعن وبالتالي يكون هو القانون الواجب التطبيق إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح يسري على واقعة الدعوى ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان المقرر أن تقدير العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص قاضي الموضوع فإنه يتعين أن يكون النقض مقرونًا بالإعادة.

الطعن 13603 لسنة 63 ق جلسة 3 / 10 / 2002 مكتب فني 53 ق 155 ص 932

جلسة 3 من أكتوبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ عادل عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الشناوي، أحمد عبد القوى أيوب، رضا القاضي نواب رئيس المحكمة ولاشين إبراهيم.

--------------

(155)
الطعن رقم 13603 لسنة 63 القضائية

(1) دعوى جنائية "تركها". دعوى مدنية "تركها" "دعوى مباشرة" قانون "تفسيره" "قانون أصلح". محكمة النقض "سلطتها". نيابة عامة.
ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه المدنية. يوجب القضاء بترك الدعوى الجنائية. ما دامت رفعت بطريق الادعاء المباشر ولم تطلب النيابة العامة الفصل فيها. أساس ذلك؟
لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه، وقبل الفصل فيه بحكم بات قانون أصلح. أساس ذلك؟
(2) نيابة عامة. قانون "تفسيره".
نيابة النقض. تقوم بوظيفة النيابة العامة أمام محكمة النقض. المادة 24 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972.

--------------
1 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة 260 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 174 سنة 1998 الذى صدر بعد الحكم المطعون فيه نصت على أنه "ولا يكون لهذا الترك تأثير على الدعوى الجنائية، ومع ذلك إذا كانت الدعوى قد رفعت بطريق الادعاء المباشر فإنه يجب في حالتي ترك الدعوى المدنية واعتبار المدعى بالحقوق المدنية تاركًا لدعواه. الحكم بترك الدعوى الجنائية ما لم تطلب النيابة العامة الفصل فيها". وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد نصت فى فقرتها الثانية على نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى، وكان القانون رقم 147 لسنة 1998 آنف البيان قد أوجب الحكم بترك الدعوى الجنائية في حالة ترك الدعوى المدنية واعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركًا لها إذا كانت الدعوى قد رفعت بطريق الادعاء المباشر ولم تطلب النيابة العامة الفصل فيها، وهو ما يتحقق به القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات.
2 - لما كانت النيابة العامة لدى محكمة النقض التي تقوم بأداء وظيفة النيابة العامة أمامها عملاً بنص المادة 24 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 لم تطلب الفصل في الدعوى الجنائية، فإنه يتعين تطبيق القانون رقم 174 لسنة 1998 على واقعة الدعوى والحكم بنقض الحكم المطعون فيه وترك الدعوى الجنائية. وذلك دون حاجة لبحث أوجه الطعن.


الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح.... بوصف أنه: أعطى لها شيكًا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك. وطلبت عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ واحد وخمسين جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة ألف جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت.
استأنف المتهم ومحكمة ..... الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضوريًا في .... بقبول الاستئناف شكلاً، وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ..... مع الشغل والإيقاف وإثبات ترك المدعية بالحقوق المدنية لدعواها المدنية.
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن المدعية بالحقوق المدنية أقامت دعواها بالطريق المباشر ضد الطاعن بوصف أنه أعطى لها شيكًا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وطلبت معاقبته بالمادة 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى لها مبلغ 51 جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة أول درجة قضت حضوريًا بمعاقبة الطاعن بالحبس مدة ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة ألفي جنيه لوقف التنفيذ المؤقت مع إلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف الطاعن - وبتاريخ ...... قضت المحكمة الاستئنافية حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم سنة مع الشغل والإيقاف وإثبات ترك المدعية بالحقوق المدنية لدعواها المدنية. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 260 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 174 سنة 1998 الذي صدر بعد الحكم المطعون فيه نصت على أنه "ولا يكون لهذا الترك تأثير على الدعوى الجنائية، ومع ذلك إذا كانت الدعوى قد رفعت بطريق الادعاء المباشر فإنه يجب في حالتي ترك الدعوى المدنية واعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركًا دعواها، الحكم بترك الدعوى الجنائية ما لم تطلب النيابة العامة الفصل فيها". وكانت المادة 25 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد نصت في فقرتها الثانية على نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى، وكان القانون رقم 147 لسنة 1998 آنف البيان قد أوجب الحكم بترك الدعوى الجنائية في حالة ترك الدعوى المدنية واعتبار المدعى بالحقوق المدنية تاركًا لها إذا كانت الدعوى قد رفعت بطريق الادعاء المباشر ولم تطلب النيابة العامة الفصل فيها، وهو ما يتحقق به القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات.
لما كانت النيابة العامة لدى محكمة النقض التي تقوم بأداء وظيفة النيابة العامة أمامها عملاً بنص المادة 24 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 لم تطلب الفصل في الدعوى الجنائية، فإنه يتعين تطبيق القانون رقم 174 لسنة 1998 على واقعة الدعوى والحكم بنقض الحكم المطعون فيه وترك الدعوى الجنائية. وذلك دون حاجة لبحث أوجه الطعن.