الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 يوليو 2013

الطعن 12655 لسنة 69 ق جلسة 10/ 3/ 2003 مكتب فني 54 ق 43 ص 402

جلسة 10 مارس سنة 2003
برئاسة السيد المستشار/ حسن حمزة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / فتحي حجاب ، جاب الله محمد جاب الله نواب رئيس المحكمة ، أحمد عبدالودود ومحمد خير الدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(43)
الطعن 12655 لسنة 69 ق
(1) أثبات " قرائن " . دستور . تلبس . قبض . تفتيش " بطلانه " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون ".
الدستور هو القانون الوضعي صاحب الصدارة . وجوب إعماله وإهدار الأحكام المتعارضة معه أو المخالفة له.
الحرية الشخصية حق طبيعي مصونة لا تمس . عدم جواز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته . حد ذلك : ضرورة يستلزمها التحقيق وصيانة أمن المجتمع . أساس ذلك ؟
عدم جواز الاستناد على حكم المادة 49 إجراءات في إجراء القبض والتفتيش منذ تاريخ العمل بالدستور . علة وأساس ذلك ؟
حالة التلبس . مناط توافرها ؟
تساند الحكم في تسويغ القبض على الطاعنة وتفتيشها إلى وجود قرائن ضدها أثناء تواجدها بمنزل المأذون بتفتيشه على إخفائها شيئاً يفيد في كشف الحقيقة وإعمالاً للمادة 49 إجراءات . خطأ في القانون . أساس ذلك ؟
شرط تفتيش مأمور الضبط القضائي للمتهم أو غيره من الموجودين بالمكان المأذون له بتفتيشه ؟
تفتيش مأمور الضبط القضائي للكيس الذي كانت تحمله المتهمة الثانية بمنزل الطاعن استناداً لقيامه بشراء الهيروين المخدر منها . صحيح .
الدفع ببطلان القبض و التفتيش لتمامهما وفق نص المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية . لا محل له . علة ذلك ؟
مثال .
(2) نقض " أثر الطعن " .
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة توجبان نقض الحكم للطاعن الذي لم يقبل طعنه شكلاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الدستور هو القانون الوضعي الأسمى صاحب الصدارة وعلى ما دونه من التشريعات النزول عند أحكامه، فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها ، فإذا ما أورد الدستور نصاً صالحاً بذاته للإعمال بغير حاجة إلى سن تشريع أوفى لزم إعمال هذا النص في يوم العمل به ويعتبر الحكم المخالف له في هذه الحالة سواء كان سابقاً أو لاحقاً على العمل بالدستور قد نسخ ضمناً بقوة الدستور نفسه لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغى أو تعدل أو تخالف تشريعاً صادراً من سلطة أعلى ، فإذا فعلت السلطة الأدنى ذلك تعين على المحكمة أن تلتزم تطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة ألا وهو الدستور إذا كان نصه قابلاً للإعمال بذاته وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور .
لما كانت المادة 41 /1 من الدستور قد نصت على أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون وكان مؤدى هذا النص أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان يستوى في ذلك أن يكون القيد قبضاً أو تفتيشاً أو حبساً أو منعاً من التنقل أو كان دون ذلك من القيود لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف قانوناً أو بإذن من السلطات القضائية المختصة ولا يغير من ذلك عبارة " وفقاً لأحكام القانون" التي وردت في نهاية تلك المادة بعد إيرادها الحالتين اللتين يجوز فيهما القبض والتفتيش على السياق المتقدم لأن هذه العبارة لا تعني تفويض الشارع العادي في إضافة حالات أخرى تبيح القبض على الشخص وتفتيشه والقول بغير ذلك يفضي إلى إمكان تعديل نص وضعه الشارع الدستوري بإرادة الشارع القانوني وهو ما لا يفيده نص المادة 41 من الدستور وإنما تشير عبارة " وفقا لأحكام القانون " إلى الإحالة إلى القانون العادي في تحديد الجرائم التي يجوز فيها صدور الأمر بالقبض على الشخص وتفتيشه وبيان كيفية صدوره إلى غير ذلك من الإجراءات التي يتم بها القبض والتفتيش . لما كان ذلك ، فإن ما قضى به الدستور في المادة 41 منه من عدم جواز القبض والتفتيش في غير حالة التلبس إلا بأمر يصدر من القاضي المختص أو النيابة العامة وفقا لأحكام القانون يكون حكماً قابلاً للإعمال بذاته وما نصت عليه المادة 191 من الدستور من أن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى صحيحاً ونافذاً ومع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة في هذا الدستور لا ينصرف حكمها بداهة إلا إلى التشريع الذي لم يعتبر ملغياً أو معدلاً بقوة نفاذ ذات الدستور ذاته بغير حاجة إلى تدخل من الشارع القانوني. لما كان ذلك ، وكان مفاد ما قضى به نص المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية من تخويل مأمور الضبط القضائي الحق في تفتيش الشخص إذا قامت ضده أثناء تفتيش منزل المتهم قرائن قوية على أنه يخفى معه شيئاً يفيد في كشف الحقيقة دون أن يصدر أمر قضائي ممن يملك سلطة إصداره أو أن تتوافر في حقه حالة التلبس يخالف حكم المادة 41 من الدستور على السياق المتقدم ، فإن المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية تعتبر منسوخة ضمناً بقوة الدستور نفسه منذ تاريخ العمل بأحكامه دون تربص صدور قانون أدنى ولا يجوز الاستناد إليها في إجراء القبض والتفتيش منذ ذلك التاريخ .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه، وكانت الواقعة كما أوردها الحكم المطعون فيه ليس فيها ما يدل على أن الجريمة شوهدت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية كما خلت أيضا من بيان أن أمراً بالقبض على الطاعنة وتفتيشها قد صدر من جهة الاختصاص ، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه بإدانة الطاعنة على الدليل المستمد من تفتيشها الباطل لإجرائه استناداً إلى حكم المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية بقالة قيام قرائن قوية ضدها أثناء وجودها بمنزل المأذون بتفتيشه على أنها تخفى معها شيئاً يفيد في كشف الحقيقة رغم أنها نسخت بالمادة 41 /1 من الدستور فإنه يكون قد خالف القانون بعدم استبعاده الدليل المستمد من ذلك الإجراء الباطل وهو ما حجبه عن تقدير ما قد يوجد بالدعوى من أدلة أخرى .
وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لأنهما تما إعمالاً لنص المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية والتي نسخت بالمادة 41 من الدستور لتجاوز حدود التفتيش فمردود ذلك أن نص المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية يستند إلى فكرة أن ما يحمله أو يخفيه المتهم أو غيره من الموجودين بالمنزل إنما يدخل فى نطاق البحث عما يوجد بالمنزل الصادر الأمر بتفتيشه وأن المقرر أنه وإن كان لمأموري الضبط القضائي أن يفتش المتهم أو غيره من الموجودين بالمكان المأذون له بتفتيشه إلا أن شرط ذلك أن توجد قرائن قوية على أن هذا الغير يخفي شيئاً يفيد في كشف الحقيقة أو كان وجوده ينم عن احتمال اشتراكه في الجريمة أو كانت الأحوال التي أحاطت به توحي له بها بحكم ظاهر صلته بالمتهم الضالع فيها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة تقتنع بما جاء بمحضر الضبط وأقوال النقيب ..... بالتحقيقات أنه وجد المتهمة الثانية بمنزل المتهم وأنه قام بتفتيش الكيس البلاستيك الأسود الذى كان بحوزتها عندما علم من المتهم الأول أنه قام بشراء الهيروين المخدر من المتهمة الثانية لقاء مبلغ ..... جنيهاً تم وضعه في الكيس المذكور بمعرفة المتهمة الثانية فإن هذه الظروف تعتبر قرينة قوية على أن المتهمة الثانية إنما كانت تخفى معها شيئاً يفيد في كشف الحقيقة مما يجيز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشها عملاً بالمادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن ضبط لفافات المخدرات في الكيس البلاستيك المذكور يكون بمنآى عن البطلان ويكون تفسير نص 49 سالفة الذكر ليس معرضاً لعدم الدستورية سيما وأن النص المذكور مازال قائماً ويعمل به حتى الآن ولم يقض بعدم دستوريته ما دام إعماله تم وفق القانون ، ومن ثم يكون التفتيش قد تم صحيحاً ولم يتجاوز ضابط الواقعة حدود ذلك التفتيش ويكون هذا الدفع غير سديد .
2- لما كان نقض الحكم بالنسبة للطاعنة يوجب نقضه بالنسبة للمحكوم عليه الآخر الذى لم يقبل طعنه شكلاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما المتهم الأول:- أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً (هيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . المتهمة الثانية :- أحرزت بقصد الإتجار جوهراً مخدراً (هيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7، 38 /2 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير مع إعمال المادة 36 من ذات القانون بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وبتغريمهما خمسين ألف جنيه لكل وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن إحراز المخدر مجرد من القصود .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ..... الخ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في التسبيب - ذلك بأن المدافع عن الطاعنة دفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بأسباب لا تكفى لحمله وتنطوي على خطأ في تطبيق القانون إذ استند في رده إلى أحكام المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية التي نسخت بالمادة 41 من الدستور ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله " من حيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستقاة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن النقيب ..... الضابط بإدارة مكافحة مخدرات ..... علم من تحرياته السرية أن المتهم الأول ...... يحوز ويحرز مواد وعقاقير تخليقية مخدرة ويتخذ من مسكنه ..... وسطر تحرياته بمحضر عرض على النيابة العامة التي بعد أن اطمأنت إليها أذنت له بتفتيش شخصه ومسكنه وتنفيذاً للإذن الصادر من النيابة العامة توجه وبرفقته الملازم أول ..... وقوة من الشرطة السريين إلى مسكنه المأذون بتفتيشه وبالصعود إلى الطابق الأول فوق الأرضي بالعقار رقم ..... وبالطرق على باب شقة المتهم الأول الواقعة على يمين الصاعد فتحت له زوجته فأعلمها بشخصيته وطبيعة مأموريته فشاهد المتهم الأول خارجاً من الحجرة الواقعة على يسار الداخل فأسرع بضبطه وشاهد المتهمة الثانية ..... خارجة من ذات الحجرة التي خرج منها المتهم الأول ممسكة بيدها اليمنى كيس بلاستيك أسود فطلب منها الانتظار فجلست داخل الحجرة ووضعت الكيس بجوارها وبتفتيش المتهم الأول عثر بالجيب الأيسر العلوى للجلباب الذى يرتديه على أربع لفافات بداخل كل لفافة عشر لفافات ورقية صغيرة وبمواجهته بالمضبوطات أقر بإحرازها وبشرائها من المتهمة الثانية بمبلغ ..... جنيهاً تحتفظ به داخل الكيس البلاستيك الأسود معها فالتقطه من على الأرض وبفحص محتوياته عثر على مبلغ نقدى قدره ..... جنيهاً ومبلغ آخر قدره ..... جنيهاً كما عثر على كيس نقود حريمي من الخرز أسود اللون بفحصه عثر بداخله على عدد ست لفافات ورقية بداخل كل لفافة منها عشر لفافات ورقية صغيرة الحجم كل منها تحوى كمية من مسحوق بيج اللون يشبه مخدر الهيروين وكذا لفافتان ورقيتان كبيرتا الحجم نسبياً تحوي كل منها كمية من مسحوق بيج اللون يشبه مخدر الهروين وبعرض المضبوطات على المتهمة اعترفت له بإحرازها وأثبت تقرير المعامل الكيماوية أن المادة المضبوطة تزن ..... جم وثبت من تحليلها أنها لمخدر الهيروين " ويبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة دفعت ببطلان القبض عليها وتفتيشها لأنهما تما إعمالاً لحكم المادة 49من قانون الإجراءات الجنائية التي نسخت بنص المادة 41 من الدستور ورد عليه الحكم بقوله " ومن حيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لأنهما تما إعمالاً لنص المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية والتي نسخت بالمادة 41 من الدستور لتجاوز حدود التفتيش فمردود ذلك أن نص المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية يستند إلى فكرة أن ما يحمله أو يخفيه المتهم أو غيره من الموجودين بالمنزل إنما يدخل في نطاق البحث عما يوجد بالمنزل الصادر الأمر بتفتيشه وأن المقرر أنه وإن كان لمأموري الضبط القضائي أن يفتش المتهم أو غيره من الموجودين بالمكان المأذون له بتفتيشه إلا أن شرط ذلك أن توجد قرائن قوية على أن هذا الغير يخفي شيئاً يفيد في كشف الحقيقة أو كان وجوده ينم عن احتمال اشتراكه في الجريمة أو كانت الأحوال التي أحاطت به توحي له بها بحكم ظاهر صلته بالمتهم الضالع فيها . لما كان ذلك , وكانت المحكمة تقتنع بما جاء بمحضر الضبط وأقوال النقيب ..... بالتحقيقات أنه وجد المتهمة الثانية بمنزل المتهم وأنه قام بتفتيش الكيس البلاستيك الأسود الذى كان بحوزتها عندما علم من المتهم الأول أنه قام بشراء الهيروين المخدر من المتهمة الثانية لقاء مبلغ ..... جنيهاً تم وضعه في الكيس المذكور بمعرفة المتهمة الثانية فإن هذه الظروف تعتبر قرينه قوية على أن المتهمة الثانية إنما كانت تخفى معها شيئاً يفيد في كشف الحقيقة مما يجيز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشها عملاً بالمادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن ضبط لفافات المخدرات في الكيس البلاستيك المذكور يكون بمنآى عن البطلان ويكون تفسير نص 49 سالفة الذكر ليس معرضاً لعدم الدستورية سيما وأن النص المذكور مازال قائماً ويعمل به حتى الآن ولم يقض بعدم دستوريته ما دام إعماله تم وفق القانون ومن ثم يكون التفتيش قد تم صحيحاً ولم يتجاوز ضابط الواقعة حدود ذلك التفتيش ومن ثم يكون هذا الدفع غير سديد " . لما كان ذلك ، وكان الدستور هو القانون الوضعي الأسمى صاحب الصدارة وعلى ما دونه من التشريعات النزول عند أحكامه - فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها ، فإذا ما أورد الدستور نصاً صالحاً بذاته للإعمال بغير حاجة إلى سن تشريع أوفى لزم إعمال هذا النص فى يوم العمل به ويعتبر الحكم المخالف له في هذه الحالة سواء كان سابقاً أو لاحقاً على العمل بالدستور قد نسخ ضمناً بقوة الدستور نفسه لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغى أو تعدل أو تخالف تشريعاً صادراً من سلطة أعلى ، فإذا فعلت السلطة الأدنى ذلك تعين على المحكمة أن تلتزم تطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة ألا وهو الدستور إذا كان نصه قابلاً للإعمال بذاته وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور . لما كان ذلك، وكانت المادة 41 /1 من الدستور قد نصت على أن " الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون " وكان مؤدى هذا النص أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان يستوي في ذلك أن يكون القيد قبضاً أو تفتيشاً أو حبساً أو منعاً من التنقل أو كان دون ذلك من القيود لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف قانوناً أو بإذن من السلطات القضائية المختصة ولا يغير من ذلك عبارة " وفقاً لأحكام القانون " التي وردت في نهاية تلك المادة بعد إيرادها الحالتين اللتين يجوز فيهما القبض والتفتيش على السياق المتقدم لأن هذه العبارة لا تعنى تفويض الشارع العادي في إضافة حالات أخرى تبيح القبض على الشخص وتفتيشه ، والقول بغير ذلك يفضى إلى إمكان تعديل نص وضعه الشارع الدستوري بإرادة الشارع القانوني وهو ما لا يفيده نص المادة 41 من الدستور وإنما تشير عبارة " وفقا لأحكام القانون " إلى الإحالة إلى القانون العادي في تحديد الجرائم التي يجوز فيها صدور الأمر بالقبض على الشخص وتفتيشه وبيان كيفية صدوره إلى غير ذلك من الإجراءات التي يتم بها القبض والتفتيش . لما كان ذلك ، فإن ما قضى به الدستور في المادة 41 منه من عدم جواز القبض والتفتيش في غير حالة التلبس إلا بأمر يصدر من القاضي المختص أو النيابة العامة وفقاً لأحكام القانون يكون حكماً قابلاً للإعمال بذاته وما نصت عليه المادة 191 من الدستور من أن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى صحيحاً ونافذاً ومع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقا للقواعد والإجراءات المقررة في هذا الدستور لا ينصرف حكمها بداهة إلا إلى التشريع الذى لم يعتبر ملغياً أو معدلاً بقوة نفاذ ذات الدستور ذاته بغير حاجة إلى تدخل من الشارع القانوني . لما كان ذلك ، وكان مفاد ما قضى به نص المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية من تخويل مأمور الضبط القضائي الحق في تفتيش الشخص إذا قامت ضده أثناء تفتيش منزل المتهم قرائن قوية على أنه يخفى معه شيئاً يفيد في كشف الحقيقة دون أن يصدر أمر قضائي ممن يملك سلطة إصداره أو أن تتوافر في حقه حالة التلبس يخالف حكم المادة 41 من الدستور على السياق المتقدم ، فإن المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية تعتبر منسوخة ضمناً بقوة الدستور نفسه منذ تاريخ العمل بأحكامه دون تربص صدور قانون أدنى ولا يجوز الاستناد إليها في إجراء القبض والتفتيش منذ ذلك التاريخ .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه ، وكانت الواقعة كما أوردها الحكم المطعون فيه ليس فيها ما يدل على أن الجريمة شوهدت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية كما خلت أيضاً من بيان أن أمراً بالقبض على الطاعنة وتفتيشها قد صدر من جهة الاختصاص وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه بإدانة الطاعنة على الدليل المستمد من تفتيشها الباطل لإجرائه استناداً إلى حكم المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية بقالة قيام قرائن قوية ضدها أثناء وجودها بمنزل المأذون بتفتيشه على أنها تخفى معها شيئاً يفيد في كشف الحقيقة رغم أنها نسخت بالمادة 41 /1 من الدستور فإنه يكون قد خالف القانون بعدم استبعاده الدليل المستمد من ذلك الإجراء الباطل وهو ما حجبه عن تقدير ما قد يوجد بالدعوى من أدلة أخرى بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنة وأيضاً بالنسبة للمحكوم عليه الآخر الذي لم يقبل طعنه شكلاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 13576 لسنة 61 ق جلسة 10/ 3/ 2003 مكتب فني 54 ق 42 ص 399

جلسة 10 من مارس سنة 2003
برئاسة المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد شتا ،عبد الرحمن هيكل ،محمد ناجى دربالة وهشام البسطويسي نواب رئيس المحكمة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(42)
الطعن 13576 لسنة 61 ق
معارضة " نظرها والحكم فيها ". إجراءات " إجراءات المحاكمة ". حكم "بطلانه ". بطلان . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره ".
عدم جواز الحكم في المعارضة إذا تخلف المعارض عن الحضور لعذر قهري . وجوده في الامتحان . عذر قهري يبرر تخلفه . القضاء برفض معارضته . يبطل الحكم . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من المقرر أنه لا يصح في القانون الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن أو بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه إذا كان عدم حضور المعارض الجلسة التي حددت لنظر معارضته فيها راجعاً إلى عذر قهري ، ووجود الطاعن في الامتحان هو لا شك من هذا القبيل إذ لا دخل له في تحديد ميعاده فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً يكون باطلاً لابتنائه على إجراءات باطلة من شأنها حرمان الطاعن في استعمال حقه في الدفاع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قام بتعديل البناء المبين بالأوراق بدون ترخيص من السلطة الإدارية المختصة وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 106 لسنة 1976.
ومحكمة جنح ... قضت غيابيا عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم شهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً وتصحيح الأعمال المخالفة .
فعارض وقضى في معارضته بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه .
استأنف و محكمة ... الابتدائية - بهيئة استئنافية- قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
عارض وقضي في معارضته بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه والإيقاف لعقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات .
فطعن المحامي / ... بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض معارضته الاستئنافية قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع . ذلك بأن الطاعن لم يتخلف عن الحضور بالجلسة التي صدر بها الحكم المطعون فيه إلا لعذر قهري هو أدائه امتحان الدراسات العليا الثابت بالشهادة التي قدمها محاميه بالجلسة ومع ذلك لم يعرض الحكم لهذه الشهادة ولم يقل كلمته فيها ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أنه مرفق بها شهادة صادرة من كلية الزراعة بجامعة .... معلاة تحت رقم 5 بملف الدعوى ثبت من مطالعتها صحة عذر الطاعن في التخلف عن الحضور يوم الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه لأدائه الامتحان . لما كان ذلك ، وكان لا يصح في القانون الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن أو بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه إذا كان عدم حضور المعارض الجلسة التي حددت لنظر معارضته فيها راجعاً إلى عذر قهري ، ووجود الطاعن في الامتحان هو لا شك من هذا القبيل إذ لا دخل له في تحديد ميعاده فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً يكون باطلاً لابتنائه على إجراءات باطلة من شأنها حرمان الطاعن من استعمال حقه في الدفاع ، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك دون حاجة لبحث وجه الطعن الآخر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 23631 لسنة 69 ق جلسة 6/ 3/ 2003 مكتب فني 54 ق 41 ص 393

جلسة 6 من مارس سنة 2003
برئاسة السيد المستشار/ عادل عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مصطفى الشناوي ، أحمد عبد القوي أيوب نائبي رئيس المحكمة ، أحمد مصطفى ولاشين إبراهيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(41)
الطعن 23631 لسنة 69 ق
(1) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . استدلالات . محكمة الموضوع . " سلطتها في تقدير جدية التحريات ".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض .
(2) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل ". دفوع " الدفع بصدور الإذن بعد القبض والتفتيش ". قانون " تطبيقه ".
الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط. موضوعي. يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردها الحكم.
عدم جواز الاعتداد بالتعليمات في مجال تطبيق القانون .
(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" " سلطتها في تقدير أقوال الشهود ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي.
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
مفاد أخذ المحكمة بأقوال شاهد ؟
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله . لا يعيب الحكم . حد ذلك؟
(4) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
عدم تقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة . حقه في تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه مادام له مأخذه الصحيح من الأوراق .
إمساك الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له . لا ينال من سلامة أقواله .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض .
(5) مواد مخدرة . قصد جنائي . عقوبة " العقوبة المبررة " . نقض " المصلحة في الطعن ".
انتفاء مصلحة الطاعن في تعييبه لأقوال ضابط الواقعة بشأن عدم تدليله على الاتجار في المواد المخدرة . مادام أن الحكم أوقع عليه عقوبة حيازة وإحراز المخدر مجرداً من القصود .
(6) مواد مخدرة . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
 عدم تحديد الضابط مكان العثور على المخدر بملابس الطاعن . لا يعيب الحكم . مادامت المحكمة قد اقتنعت بإحرازه للمخدر المضبوط .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة.
2- لما كان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن القبض والتفتيش كانا لاحقين على الإذن الصادر بهما وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً فيها بالأدلة السائغة التي أوردتها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون فإن ما يثيره الطاعن من عدم إثبات ضابط الواقعة تحركاته بدفتر أحوال القسم قبل قيامه بمأمورية ضبط الطاعن يكون غير مقبول .
3- لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض الشاهد ، أو تضاربه في أقواله - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .
4- من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق . كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة على النحو الذى حصله حكمها فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن جريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر مجردة من القصود - التي دين الطاعن بها - عقوبتها أخف من عقوبة جريمة الحيازة أو الإحراز مع توافر قصد الاتجار ، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن في تعييبه لأقوال ضابط الواقعة بشأن عدم تدليله على اتجار الطاعن في المواد المخدرة ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول .
6- لما كانت المحكمة قد اقتنعت بيقين جازم أن الطاعن هو صاحب المخدر المضبوط وأنه كان محرزاً له وأوردت على ثبوت الواقعة في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه فإن عدم تحديد الضابط لمكان عثوره على المخدر في ملابس الطاعن لا يغير من تلك الحقيقة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً " هيروين " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . وأحالته إلى محكمة ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط . فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر " هيروين " بغير قصد من القصود قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن المدافع عنه دفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وببطلان القبض والتفتيش لتمامهما قبل صدور الإذن بدلالة عدم إثبات الضابط مأموريته بدفتر أحوال القسم إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذين الدفعين بما لا يسوغ به إطراحهما ولا يصلح رداً عليهما ، كما عول على أقوال الضابط شاهد الضبط رغم عدم معقوليتها وتناقضها وانفراده دون مرافقيه بالشهادة وعدم تدليله على إتجار الطاعن في المواد المخدرة وقوله بضبط المخدر في طيات ملابس الطاعن دون أن يحدد مكان إخفائه لها ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال الضابط الذي أجرى التفتيش ومن تقرير التحليل وقد عرض للدفع بعدم جدية التحريات التي صدر بمقتضاها إذن النيابة العامة بالتفتيش وأطرحه في قوله " فإنه عن الدفع بعدم جدية التحريات فإنه لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات هو أمر متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكان الثابت من مطالعة محضر التحريات أنه قد تضمن اسم المتهم وشهرته وأنه يقيم .... وأنه يحرز مخدر الهيروين مع شخصه وهذه كلها بيانات محددة تحديداً وافياً وخالية من التجهيل مما يدل دلالة واضحة على جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بضبط المتهم وتفتيشه وهو ما اقتنعت به المحكمة ومن ثم يكون هذا الدفع على غير أساس متعيناً رفضه " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما وأطرحه بقوله : " أنه جاء مرسلاً ولا يوجد دليل يقيني عليه لأن الثابت بالأوراق أن الضابط حرر محضر التحريات يوم ..... الساعة 1 مساء وتحصل على إذن النيابة العامة في ذات اليوم الساعة 7 مساء ونفذ الإذن بتاريخ .... الساعة 7 مساء وهي كلها إجراءات متناسقة ومتتالية تطمئن إليها المحكمة وإلى أن الإذن صدر قبل إجراءات الضبط والتفتيش ومن ثم لا يستقيم هذا الدفع مع الواقع أو القانون ويكون جديرا بالالتفات عنه " . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن القبض والتفتيش كانا لاحقين على الإذن الصادر بهما وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً فيها بالأدلة السائغة التي أوردتها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون فإن ما يثيره الطاعن من عدم إثبات ضابط الواقعة تحركاته بدفتر أحوال القسم قبل قيامه بمأمورية ضبط الطاعن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض الشاهد ، أو تضاربه في أقواله - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق . كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة على النحو الذى حصله حكمها فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر مجردة من القصود - التي دين الطاعن بها - عقوبتها أخف من عقوبة جريمة الحيازة أو الإحراز مع توافر قصد الإتجار ، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن في تعييبه لأقوال ضابط الواقعة بشأن عدم تدليله على إتجار الطاعن في المواد المخدرة ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بيقين جازم أن الطاعن هو صاحب المخدر المضبوط وأنه كان محرزاً له وأوردت على ثبوت الواقعة في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه فإن عدم تحديد الضابط لمكان عثوره على المخدر في ملابس الطاعن لا يغير من تلك الحقيقة . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ