الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 1 ديسمبر 2017

اتفاقية تنفيذ الأحكام بين مصر وإيطاليا .

 قرار رئيس الجمهورية 80 لسنة 1978 بشأن الموافقة على اتفاق الاعتراف بالأحكام القضائية في المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وتنفيذها بين حكومتي جمهورية مصر العربية وجمهورية إيطاليا الموقع في القاهرة بتاريخ 3 ديسمبر سنة 1977
منشورة بتاريخ 5 / 11 / 1981

المادة 1 اصدار
ووفق على اتفاق الاعتراف بالأحكام القضائية الواردة في المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وتنفيذها بين حكومتي جمهورية مصر العربية, وجمهورية إيطاليا الموقع في القاهرة بتاريخ 3/12/1977, وذلك مع التحفظ بشرط التصديق.
الاتفاقية
المادة 1
1 - يعترف كل من الطرفين المتعاقدين بالأحكام الصادرة من محاكم الطرف المتعاقد الآخر في المواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية الحائزة لقوة الأمر المقضي وينفذها في إقليمه إذا كان محاكم الدولة التي أصدرت الحكم مختصة بمقتضي أحكام المواد التالية وكان النظام القانوني للدولة المطلوب منها الاعتراف أو التنفيذ لا يحتفظ لمحاكمه ولا لمحاكم دولة أخرى دون غيرها بالاختصاص بإصدار الحكم
2 - يقصد بالأحكام في معني هذه الاتفاقية كل حكم أيا كانت تسميته يصدر بناء على إجراءات قضائية أو ولائية من محاكم إحدى الدولتين المتعاقدتين
3 - تطبق هذه الاتفاقية كذلك على الأحكام الصادرة في المواد المدنية من محاكم جنائية
ولا تسري الاتفاقية بالنسبة إلى المواد المستعجلة والإجراءات التحفظية وكذا الأحكام الصادرة في مواد الإفلاس والصلح الوافي والإجراءات المماثلة وكذلك مواد المواريث والضرائب والرسوم.

المادة 2
تعتبر محاكم الدولة التي يكون الشخص من مواطنيها وقت تقديم الطلب مختصة في مواد الأحوال الشخصية والأهلية إذا كان النزاع المطروح عليها يدور حول أهلية هذا الشخص أو حالته الشخصية.
المادة 3
تعتبر محاكم الدولة التي يوجد بها موقع العقار مختصة بالفصل في الحقوق العينية المتعلقة به.
المادة 4
في غير المسائل المنصوص عليها في المادتين 2 , 3 من هذه الاتفاقية تعتبر محاكم الدولة التي صدر فيها الحكم مختصة في الحالات الآتية
1- إذا كان موطن المدعي عليه أو محل إقامته وقت تقديم الطلب القضائي في إقليم تلك الدولة
2- إذا كان المدعي عليه محل أو فرع ذو صبغة تجارية أو صناعية أو طبيعة أخرى في إقليم تلك الدولة وكانت قد أقيمت عليه الدعوي لنزاع متعلق بممارسة نشاط هذا المحل أو الفرع
3- إذا كان الالتزام التعاقدي موضوع النزاع قد نفذ أو كان واجب التنفيذ في إقليم تلك الدولة وذلك بموجب اتفاق صريح أو ضمني بين المدعي والمدعي عليه
4- في مواد المسئولية غير العقدية إذا كان الفعل المستوجب للمسئولية قد وقع فوق إقليم تلك الدولة
5- إذا كان المدعي عليه قد قبل الخضوع صراحة لاختصاص محاكم تلك الدولة سواء كان ذلك عن طريق اختيار موطن مختار أو عن طريق الاتفاق على اختصاصها متي كان قانون تلك الدولة لا يحرم مثل هذا الاتفاق لسبب يرجع إلى موضوع النزاع
6- إذا أبدي المدعي عليه دفاعه في موضوع الدعوي دون أن يدفع بعدم اختصاص القاضي المرفوع أمامه النزاع
7- إذا تعلق الأمر بطلبات عارضة وكانت هذه المحاكم قد اعتبرت مختلفة بنظر الطلب الأصلي بموجب أحكام هذه المادة.

المادة 5
تنفيذ محاكم الدولة المطلوب منها الاعتراف بالحكم أو تنفيذه عند بحث الأسباب التي بني عليها اختصاص محاكم الدولة الأخرى بثبوت الوقائع الواردة في الحكم ما لم يكن الحكم قد صدر غيابيا.
المادة 6
يرفض الاعتراف بالحكم في الحالات التالية
1- إذا كان الحكم مخالفا لأحكام الدستور أو مبادئ النظام العام في الدولة المطلوب منها الاعتراف
2- إذا خولفت قواعد قانون الدولة المطلوب منها الاعتراف الخاصة بالتمثيل القانوني للأشخاص عديمي أو ناقصي الأهلية
3- بالنسبة إلى الأحكام الغيابية إذا لم يعلن الخصم المحكوم عليه غيابيا بالدعوى في وقت مناسب للدفاع عن نفسه
4- إذا كان نفس الطلب القائم على ذات السبب القانوني محلا لحكم صادر في الموضوع بين نفس الخصوم وحائز لحجية الشيء المقضي في الدولة المطلوب منها الاعتراف أو في دولة ثالثة ومعترف به في الدولة المطلوب منها الاعتراف
5- إذا كان نفس الطلب القائم على ذات السبب القانوني بين نفس الخصوم منظورا أمام إحدى محاكم الدولة المطلوب منها وكان قد رفع إليها في تاريخ سابق على عرض الطلب على محكمة الدولة التي صدر فيها الحكم.

المادة 7
1- تكون الأحكام الصادرة من محاكم إحدى الدولتين والمعترف بها من الدولة الأخرى طبقا لأحكام هذه الاتفاقية قابلة للتنفيذ في تلك الدولة متي كانت قابلة للتنفيذ في الدولة التابعة لها المحكمة التي أصدرتها
2- ينظم تشريع الدولة التي يتم فيها الاعتراف بالحكم أو التنفيذ الجبري له الإجراءات اللازمة لذلك.

المادة 8
1- يجب على الطرف الذي يطلب الاعتداء بحكم في الدولة الأخرى تقديم ما يأتي
(أ) صورة كاملة معتمدة من الحكم
(ب) شهادة بان حكم حائز لحجية الشئ المقضي مالم يكن ذلك منصوصا عليه في الحكم ذاته
(ج) في حالة الحكم الغيابي صورة من الإعلان مصدق عليها بمطابقته للأصل أو أي مستند آخر من شأنه إثبات إعلان المدعي عليه إعلانا صحيحا
2- إذا كان المطلوب هو تنفيذ الحكم يجب أن تكون صورته المعتمدة مذيلة بالصيغة التنفيذية
3- يجب أن تكون المستندات المنصوص عليها في هذه المادة مصحوبة بترجمة بلغة الدولة المطلوب منها الاعتراف بالحكم أو تنفيذه أو بترجمة باللغة الفرنسية أو اللغة الإنجليزية معتمدة وفقا لقوانين الدولة الطالبة
4- يجب أن تكون المستندات المبينة في هذه المادة مصدقا عليها رسميا.

المادة 9
1- يكون الصلح الذي يتم إثباته أمام الجهات القضائية المختصة طبقا لأحكام هذه الاتفاقية في أي من الطرفين معترفا به ونافذا في إقليم الطرف المتعاقد الأخر بعد التحقق من أن له قوة السند التنفيذي في الدولة التي عقد فيها وأنه لا يشتمل على نصوص تخالف أحكام الدستور أو مبادئ النظام العام في الدولة المتعاقدة المطلوب منها الاعتراف أو التنفيذ
2- ويتعين على الطرف الذي يطلب الاعتداد بالصلح أن يقدم صورة معتمدة منه وشهادة من الجهة القضائية التي أثبتته تفيد أنه حائز لقوة السند التنفيذي
وتطبق في هذه الحالة أحكام الفقرتين 3 ,4 من المادة (8) من هذه الاتفاقية.

المادة 10
1- المحررات الموثقة التي تعتبر سندات تنفيذية في الدولة التي أبرمت فيها يؤمر بنفاذها في الدولة الأخرى طبقا للإجراءات المتبعة بالنسبة للأحكام القضائية إذا كانت خاضعة لتلك الإجراءات وبشرط ألا يكون تنفيذها مما يتعارض مع الدستور أو مع مبادئ النظام العام في الدولة المطلوب منها التنفيذ
2- ويتعين على الطرف الذي يطلب الاعتداد بمحرر موثق في الدولة الأخرى أن يقدم صورة معتمدة من المستند ممهورة بخاتم الموثق أو مكتب التوثيق وبشهادة صادرة منه تفيد أن المستند حائز لقوة السند التنفيذي
وتطبق في هذه الحالة أحكام الفقرتين 3 , 4 من المادة (8) من هذه الاتفاقية.

المادة 11
1- مع عدم الإخلال بأحكام المادتين 4 , 6 من هذه الاتفاقية يعترف بأحكام المحكمين وتنفذ إذا توافرت فيها الشروط الآتية
(أ) أن يكون الحكم مستندا على اتفاق مكتوب قبل الأطراف بموجب الخضوع لاختصاص المحكمين وذلك للفصل في نزاع معين أو في المنازعات المقبلة التي قد تنشأ عن علاقة قانونية معينة
(ب) أن ينصب الحكم على موضوع يجوز التحكيم فيه طبقا لقانون الدولة المطلوب منها الاعتراف أو التنفيذ وألا يكون الحكم متعارضا مع أحكام الدستور أو مبادئ النظام العام في هذه الدولة
2- يتعين على الطرف الذي يطلب الاعتداد بحكم المحكمين أن يقدم صورة معتمدة من الحكم مصحوبة بشهادة صادرة من الجهة القضائية تفيد حيازته للقوة التنفيذية
كما يجب تقديم صورة معتمدة من الاتفاق المعقود بين الخصوم والذي عهد إلى المحكمين بالفصل في النزاع.

المادة 12
إذا كان الطرف الذي خسر الدعوى قد حصل على الإعفاء من الرسوم المنصوص عليه في المادة (3) من الاتفاقية المعقود بين الدولتين في شأن التعاون القضائي والموقعة في روما في 2 أبريل 1974 فإن الحكم يتم تنفيذه في إقليم الدولة المطلوب منها التنفيذ بناء على طلب الطرف الآخر وذلك دون دفع أية رسوم.
المادة 13
لا تسري أحكام هذه الاتفاقية على الأحكام القضائية وأحكام المحكمين الصادرة قبل تاريخ العمل بها كما لا تسري على الصلح القضائي أو المحررات الموقعة قبل هذا التاريخ.
المادة 14
أي خلاف ينشأ بين الطرفين بشأن تطبيق أو تفسير أحكام هذه الاتفاقية, يجرى فضه بالطريق الدبلوماسي.
المادة 15

1- تخضع هذه الاتفاقية للتصديق عليها, ويتم تبادل وثائق التصديق في روما وذلك في أقرب وقت ممكن
2- يعمل بهذه الاتفاقية بعد ثلاثة شهور من تاريخ تبادل وثائق التصديق
3- لكل من الطرفين المتعاقدين إبلاغ الآخر كتابة برغبته في إنهاء هذه الاتفاقية وينتهي العمل بهذا بعد ستة أشهر من تاريخ هذا التبليغ
حررت هذه الاتفاقية في القاهرة بتاريخ 3 ديسمبر سنة 1977 من أصلين أحدهما باللغة العربية والآخر باللغة الإيطالية ويكون لكل منها نفس القوة.

الطعن 6176 لسنة 58 ق جلسة 10 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 4 ص 33

جلسة 10 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت الاكيابى ومحمود إبراهيم عبد العال ومحمود عبد الباري وجابر عبد التواب.

-----------------

(4)
الطعن رقم 6176 لسنة 58 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. تقديمها".
التقرير بالطعن وإيداع الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية. لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
عدم تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) إعدام. قتل عمد. نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اتصال محكمة النقض بالدعوى المقضى فيها حضورياً بالإعدام. متى عرضتها النيابة العامة عليها ولو تجاوزت في ذلك الميعاد المقرر بالمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
(3) نيابة عامة. أمر بألا وجه. تحقيق. إثبات "بوجه عام". دعوى جنائية "تحريكها".
الأمر الصادر من النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى بعد إجرائها تحقيق أو انتداب أحد رجال الضبط لذلك. لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة قبل انتهاء مدة سقوط الدعوى.
قوام الدليل الجديد. أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها.
مثال.
(4) اختصاص. ارتباط. قتل عمد. اقتران. سرقة. إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاختصاص المكاني للجرائم المرتبطة. المادة 214 إجراءات.
ارتكاب المحكوم عليه لعدة جرائم. قتل عمد مع سبق الإصرار المقترن بسرقة بإكراه. إحالته إلى المحكمة المختصة مكاناً ببعض تلك الجرائم. لا يعيب الحكم الصادر فيها. أساس ذلك؟
(5) إثبات. اعتراف. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك.
تقدير صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان نتيجة إكراه. موضوعي.
(6) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
خطأ الحكم في صحة تاريخ الجلسة التي اعترف فيها المتهم. خطأ مادي لا يعيبه.
(7) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. لا يدرك بالحس الظاهر. وإدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره. استخلاصه. موضوعي.
(8) سبق إصرار. جريمة "أركانها".
سبق الإصرار. ماهيته؟
(9) قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
بيان الحكم المطعون فيه ثبوت وقائع القتل العمد مع سبق الإصرار في حق المحكوم عليه ثبوتاً كافياً وكذا الظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. عدم العثور على بعض جثث المجني عليهم. لا يقدح في تحقق الجريمة.
(10) إعدام. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

---------------
1 - لما كان الطاعنان وإن قررا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم من كل منهما يكون غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - لما كانت النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الأربعين يوماً المنصوص عليها في المادة 34 من القانون سالف الذكر، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة للقضية.
3 - لما كانت المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أن الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى وفقاً للمادة 209 - أي بعد التحقيق الذي تجريه بمعرفتها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها - لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقاً للمادة 197، وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية، وقوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها، ولما كان الثابت من الأوراق أنه لما ضبط المتهم الأول في القضية رقم..... جنايات المطرية وأسفر تحقيقها عن اعترافه بارتكاب الجنايات الأخرى المضمومة مما يعد أدلة جديدة فيها لم تكن قد عرضت على النيابة العامة عند إصدار أمرها بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل في القضايا المضمومة، فإن ذلك مما يجيز لها العودة إلى التحقيق في تلك القضايا ويطلق حقها في رفع الدعوى الجنائية على الجاني بناء على ما ظهر من تلك الأدلة التي جرت أمامها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ما دامت الدعاوى الجنائية في تلك القضايا لم تسقط بعد.
4 - لما كانت المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية قد نص فيها على أنه: "إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعها بأمر إحالة واحد إلى المحكمة المختصة مكاناً بإحداها" وكانت جنايات القتل العمد مع سبق الإصرار المقترنة بسرقة بإكراه التي ارتكبها المحكوم عليه الأول في أماكن متعددة - وهي جرائم مرتبطة - قد أحيلت بأمر إحالة واحد إلى محكمة جنايات القاهرة المختصة مكاناً بنفس تلك الجرائم، وطبقت في شأنها المادة 32 من قانون العقوبات، فإن الحكم يكون قد صدر من محكمة مختصة.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها، وكان الحكم المطروح - على ما سلف بيانه - قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليه الأول لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص.
6 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم أنه أشار إلى اعتراف المحكوم عليه الأول بجلسة........ أمام محكمة جنايات القاهرة عند تجديد حبسه في حين أن صحة تاريخ تلك الجلسة التي تضمنت اعترافه هو.......، إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ مادياً بحتاً في كتابة الحكم لا يؤثر في سلامته.
7 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، فإن الحكم المطروح - على ما سلف بيانه - يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم عليه الأول.
8 - من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
9 - لما كان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم عليه الأول في قوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو ثابت في حق المتهم الأول هو والمتهم الثاني بالنسبة لـ....... من اعتراف المتهم الأول بجميع مراحل الاستدلالات وبتحقيقات النيابة، وبجلسة تجديد الحبس من استيقافه للمجني عليهم واصطحابهم إلى أماكن نائية وتكتيفهم من الخلف ثم وضع الرباط حول عنق الضحية المجني عليها حتى الموت بعد أن يوهم الضحية بأنه من رجال الشرطة السريين، وأنه سيحرر له محضراً بالشرطة لعدم حمله البطاقة الشخصية أو أداء الخدمة العسكرية أو التحري ثم الهرب" فإن الحكم يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما ينتجه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطروح قد بين ثبوت وقائع القتل العمد مع سبق الإصرار في حق المحكوم عليه الأول ثبوتاً كافياً، كما بين الظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المحكوم عليه الأول، فإنه لا يعيبه - من بعد - عدم العثور على جثث المجني عليهم، لما هو مقرر من أنه لا يقدح في ثبوت جريمة القتل العمد عدم العثور على جثة المجني عليه.
10 - لما كان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان بها المحكوم عليه الأول وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. واستظهر الحكم نية القتل كما استظهر ظرف سبق الإصرار على النحو المعرف به قانوناً وتناول الدفع ببطلان الاعتراف ورفضه في منطق سائغ، وقد صدر الحكم بإعدام المحكوم عليه الأول بإجماع آراء أعضاء المحكمة بعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية، وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأوليه، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما خلال الفترة من.... حتى.... المتهم الأول - 

أولاً - قتل كل من (1) ...... (2) ..... (3) ...... (4) ...... (5) ..... (6) ..... (7) ..... (8) ..... (9) ..... (10) ...... (11) ...... (12) ...... (13) ..... (14) ....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتلهم واستوقف كلاً منهم وأوهمهم بأنه شرطي سري وتظاهر باصطحابهم إلى أقسام ومراكز الشرطة لتحرير محاضر ضدهم ثم استدرجهم إلى مناطق زراعية نائية وقام بوثاق أيديهم من الخلف وإحاطة رقبة كلاً منهم برباط (شال من القماش - كوفية) ثم جذبه بشدة إلى الخلف لخنقهم قاصداً من ذلك قتلهم فأحدث الإصابات الموصوفة بتقارير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم وقد تقدمت هذه الجناية جنايات أخرى هي أنه في الأزمنة والأمكنة سالفة الذكر سرق المبالغ والأشياء الأخرى المبينة بالتحقيقات وصفاً وقيمة المملوكة للمجني عليهم بطريق الإكراه الواقع عليهم بأن أوثق أيديهم من الخف فشل بذلك مقاومتهم وتمكن بهذه الوسيلة من الإكراه من ارتكاب جنايات السرقة. 

ثانياً: تداخل في وظيفة من الوظائف العمومية من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو بإذن منها وأجرى عملاً من مقتضيات إحدى هذه الوظائف بأن ادعى بأنه من رجال الشرطة السريين بإدارة البحث الجنائي واستوقف المجني عليهم سالفي الذكر طالباً منهم إبراز بطاقة تحقيق الشخصية الخاصة، بكل منهم وقام بضبطهم وتظاهر باصطحابهم إلى أقسام ومراكز الشرطة على النحو المبين بالتحقيقات 

ثالثاً: المتهم الأول والثاني: قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله بأن استوقفه المتهم الأول وأوهمه بأنه شرطي سري وتظاهر باصطحابه إلى قسم الشرطة لتحرير محضر ضده حيث التقى بالمتهم الثاني ثم استدرجاه إلى منطقة زراعية نائية وقاما بوثاق يديه من الخلف ووضعا رباطاً حول عنقه (قطعة من القماش) ثم جذبا طرفيه بشدة إلى الخلف لخنقه قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد تقدمت هذه الجناية جناية أخرى هي أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المبلغ النقدي المبين وصفاً وقيمة بالتحقيقات المملوكة للمجني عليه وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن أوثقا يديه من الخلف فشلت بذلك مقاومته وتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من ارتكاب جناية السرقة. 

رابعاً: المتهم الثاني أيضاً (1) علم بوقوع الجنايات سالفة الذكر والتي ارتكبها المتهم الأول وأعانه على الفرار من وجه القضاء بإيوائه في مسكنه على النحو الثابت بالتحقيقات. (2) أخفى المبالغ النقدية والأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمتحصلة من الجنايات سالفة الذكر. 

وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء إرسال القضية إلى مفتي الجمهورية لأخذ رأيه بالنسبة للمتهم الأول وحددت للنطق بالحكم جلسة....... وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 145/ 1، 2، 44 مكرراً من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 13، 32 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالإعدام شنقاً. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض وعرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

حيث إن الطاعنين وإن قررا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم من كل منهما يكون غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
وحيث إن النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الأربعين يوماً المنصوص عليها في المادة 34 من القانون سالف الذكر، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة للقضية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم الأول.... من مواليد العقالين مركز ديروط محافظة أسيوط، ويبلغ من الطول مائة وسبعين سنتيمتر، قمحي اللون، ذو شارب كثيف وشعر أسود، واعتاد ارتداء الملابس البلدية، يلف حول رقبته شال من الصوف وعلى رأسه عمامة بيضاء، ونقش على زراعه الأيمن وكتفه أسماء ورسومات مختلفة منها اسم المتهم الثاني..... الذي نقشه له لما زامله بسجن.......، وقد نشأ المتهم الأول وسط أسرة معدمة مع أمه بعد وفاة أبيه، وفي أوائل السبعينات اتهم في قضايا سرقة أدخل بسببها السجن ولما خرج منه ترك أسرته وتوجه إلى المتهم الثاني الذي أصبح صديق سوء له بعد تعرفه عليه بسجون...... ثم أدخل سجن...... في قضية نصب وبعد أن خرج منه استضافه المتهم الثاني عند أخته لأمه..... ببلدتها، وراقت له المذكورة فطلب من أخيها المتهم الثاني أن يطلقها من زوجها ليتزوجها هو، ولأنه غوى عاطل فقد تملكه الشيطان وزين له الجريمة طريقاً سهلاً للحصول على المال فاختار قتل الأبرياء السذج من الناس والاستيلاء على ما يعثر عليه معهم من نقود وأشياء، لينفق على نفسه وعلى المتهم الثاني، وكان يعطي الأخير ما يستولى عليه من المجني عليهم من ساعات وملابس وغيرها، واشترى لزوجته - أي لزوجة المتهم الثاني - قرط ذهبي ولأولادها ملابس جديدة وأنه قتل المجني عليه........ أمام...... واستولى منه على مبلغ..... أعطاها منه مبلغ....... لتعطيه لزوجها...... مقابل طلاقها ليتزوجها، وتوجه معها بعد ذلك إلى والدها الذي استدعى زوجها وأعطاه المبلغ المذكور، إلا أن الزوج رفض أن يطلق زوجته وظل المتهم الأول على صلة بها، وأن المتهم الأول عقد العزم وبيت النية وأصر على قتل المجني عليهم ليستولى منهم على نقودهم وقد اتبع أسلوباً واحداً في قتلهم جميعاً، كان يقابل ضحيته مدعياً له أنه من رجال الشرطة السريين ويطلب الاطلاع على بطاقة تحقيق الشخصية فإن وجدها معه طلب الاطلاع على بطاقة أداء الخدمة العسكرية، ثم يفتشه ليتبين ما معه من نقود فإن وجده معه منها شيئاً أصر على القتل ويستدرج المجني عليه بعيداً عن الأعين مقيداً إياه بملفحته أو فانلة المجني عليه - في إحدى المرات - ويوهمه أنه إنما فعل ذلك ليقدمه لضابطه، ويصدق المجني عليه الساذج هذا القول الكاذب من المتهم ويستسلم له مختاراً حتى يجهز عليه خنقاً، وقد بلغ عدد ضحايا المتهم الأول والثاني خمسة عشر قتيلاً، اعترف المتهم الأول..... بقتل أربعة عشر رجلاً بمفرده وباشتراك المتهم الثاني..... معه في قتل المجني عليه الخامس عشر..... عمداً مع سبق الإصرار، وحصل المتهم الثاني على جلبابه وحذائه، وأن المتهم الثاني كان يعلم بجميع جرائم المتهم الأول من قتل وسرقة، وقام بإخفاء الأشياء المتحصلة من تلك الجرائم وكان أحد ضحايا المتهم الأول قد تمكن من الإفلات منه وأبلغ رجال الشرطة بأوصافه ورسمه وشكله، وإذ أمسك رجال الشرطة بهذا الطرف من الخيط فقد أعدوا أكمنة كثيرة بدوائر أقسام السلام والمطرية وشبرا الخيمة في محاولة منهم لضبط الجاني حتى تمكن أحد هذه الأكمنة من ضبط المتهم الأول بنوع الاشتباه بوسط أرض زراعية واقتياده إلى قسم شرطة المطرية ثم إلى قسم شرطة عين شمس وهناك تقابل مع العقيد...... ثم هرع إليه اللواء...... وقرر لهما المتهم الأول أن ضميره قد استيقظ وبدأ يخش الله ويخاف عذابه وراح يدلي باعترافاته لهما عن كافة الجرائم التي ارتكابها وأنه أصر على تلك الاعترافات وأكدها أمام النيابة العامة عندما تولت التحقيق، واعترف من تلقاء نفسه بقتل أربعة أشخاص لم تعرف أسماؤهم ولم يعثر على جثثهم، وقامت النيابة بإجراء معاينة بإرشاد المتهم وتصويره لكيفية ارتكاب جرائمه سالفة الذكر في أماكنها، واعترف المتهم الثاني بتحقيقات النيابة العامة بتواجده مع المتهم الأول على مسرح جريمة قتل المجني عليه..... وبلغ مقدار ما استولى عليه المتهم الأول من المجني عليهم بعد قتلهم حوالي...... واعترف المتهم الأول بتحقيقات النيابة العامة أنه خلال شهر نوفمبر سنة 1985 قتل..... عمداً مع سبق الإصرار بأن خنقه حتى لفظ أنفاسه وألقى بجثته في الماء عند كوبري الهاويس بدائرة مركز ديروط محافظة أسيوط، وقيدت هذه الواقعة برقم..... لسنة 1986 جنايات ديروط، وبأنه قتل شخص مجهول بدائرة مركز القوصية محافظة أسيوط، وبأنه تقابل مع المجني عليه........ بمنطقة نائية وأوثق يديه من الخلف بحجة عرضه على ضابطه ثم غافله وخنقه بملفحته حتى لفظ أنفاسه وسرق مبلغ...... جنيه وأشياء أخرى وعثر على جثته موثوقة اليدين من الخلف وحرر عن الواقعة الجناية رقم..... لسنة 1987 المطرية وبأنه تقابل مع المجني عليه...... بزيه العسكري بمولد المطراوي وطلب منه تصريح خروجه من وحدته العسكرية ولما فتشه وعثر معه على مبلغ....... دولار اقتاده إلى منطقة زراعية ثم أوثق يديه من الخلف ولف حول عنقه قطعة من القماش وأطبق على عنقه حتى مات وسرق نقوده، وحرر عن هذه الواقعة الجناية رقم..... لسنة 1987 المطرية، واعترف المتهم الأول بأنه قتل...... عمداً مع سبق الإصرار بذات الطريقة سالفة الذكر وسرق نقوده وساعته وقيدت هذه الواقعة برقم..... سنة 1985 السلام، وقد ضبطت ساعة المجني عليه لدى المتهم الثاني وتعرف عليها شقيق المجني عليه كما اعترف بأنه والمتهم الثاني قتلا....... بمنطقة البركة عمداً مع سبق الإصرار بأن لف رباط حول عنقه وأمسك ومعه المتهم الثاني بطرفي الرباط وجذباه حتى لفظ المجني عليه أنفاسه وسرقا نقوده وجلبابه وحذائه واعترف المتهم الثاني بأنه كان يعلم كل ما كان يرتكبه المتهم الأول من جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والسرقة، وبأنه كان مع الأول بمنطقة البركة عند قتل المجني عليه....... وشد معه الرباط على عنقه حتى لفظ أنفاسه وأخذ جلبابه وحذائه، وقد ضبطت هذه الأشياء بمسكنه وتعرف عليها ابن المجني عليه، وقيدت هذه الواقعة برقم..... لسنة 1985 جنايات السلام، واعترف المتهم الأول بقتل...... بجوار سينما الزيتون عمداً مع سبق الإصرار وبذات الطريقة وسرق منه مبلغ...... جنيه، وبقتل....... عمداً مع سبق الإصرار بذات الأسلوب وسرقة نقوده وحاجياته وحرر عن هذه الواقعة الجناية رقم...... لسنة 1985 المطرية، وبقتل....... عمداً مع سبق الإصرار بذات الأسلوب الإجرامي سالف الذكر وسرقة حافظة نقوده وبها...... جنيه، ثم ضبط الحافظة مع المتهم الثاني وتعرفت عليها..... أرملة المجني عليه، وبقتل...... عمداً مع سبق الإصرار بذات الطريقة وسرقته نقوده وجلبابه الذي ضبط بمسكن المتهم الثاني وحرر عن هذه الواقعة الجناية رقم...... لسنة 1986 السلام، واعترف بقتل....... عمداً مع سبق الإصرار بذات الأسلوب المذكور وسرق منه مبلغ....... دولار ودفع جثته إلى مياه ترعة الإسماعيلية وقيدت هذه الواقعة برقم..... لسنة 1985 جنايات شبرا الخيمة، وبأنه قتل...... عمداً مع سبق الإصرار وسرق منه مبلغ...... جنيه وذلك على مشهد من...... التي أخذت منه مبلغ...... كي تعطيه لزوجها...... ليطلقها ويتزوجها هو، وقد تعرف المتهم الأول على صورة المجني عليه، وكانت...... قد حررت المحضر رقم...... لسنة 1985 إداري عن غياب زوجها المجني عليه الذي سافر إلى مسطرد لشراء مازوت ولم يعد، كما اعترف المتهم الأول أيضاً بقتل أربعة أشخاص عمداً مع سبق الإصرار ولم يستدل بالتحقيقات عن الكشف عن أسمائهم وتحديد شخصياتهم. واعترف أن أحد هؤلاء الأربعة من الفيوم وسرق منه مبلغ...... جنيه والآخر تقابل معه في قطار شبين القناطر وسرق منه مبلغ...... جنيه والثالث بدائرة مركز القوصية خلال شهر فبراير سنة 1985 وسرق منه مبلغ...... جنيه والرابع بذات الدائرة وسرق منه عباءته التي ضبطت لدى..... ولم يعثر على جثث هؤلاء الأربعة، وقد ثبت من تقارير الطب الشرعي الخاصة بالمجني عليهم الذين عثر على جثثهم بأن كل منهم قتل بالطريقة التي اعترف بها المتهم الأول والمتهم الثاني بالنسبة للمجني عليه........ وأن سبب وفاتهم اسفكسيا الخنق بالضغط على العنق، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق المتهمين أدلة مستمدة من اعتراف المتهم الأول تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة، وأقوال كل من اللواء.....، واللواء.....، والعميد.......، والعقيد..... و...... و....... و......، ومن تقارير الصفة التشريحية للجثث التي تم العثور عليها، ومعاينة النيابة العامة بإرشاد المتهم الأول وتصويره لكيفية ارتكاب جرائمه من قتل وسرقة، ومن ضبط بعض المسروقات بإرشاد المتهم الأول بمسكن المتهم الثاني ولدى آخرين بإرشاد....... زوجة المتهم الثاني، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وقد حصل الحكم مؤداها تحصيلاً وافياً له أصله الثابت في الأوراق، لما كان ذلك، وكانت المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أن الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى وفقاً للمادة 209 - أي بعد التحقيق الذي تجريه بمعرفتها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها - لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقاً للمادة 197، وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية، وقوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها، ولما كان الثابت من الأوراق أنه لما ضبط المتهم الأول في القضية رقم...... جنايات المطرية وأسفر تحقيقها عن اعترافه بارتكاب الجنايات الأخرى المضمومة مما يعد أدلة جديدة فيها لم تكن قد عرضت على النيابة العامة عند إصدار أمرها بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل في القضايا المضمومة، فإن ذلك مما يجيز لها العودة إلى التحقيق في تلك القضايا ويطلق حقها في رفع الدعوى الجنائية على الجاني بناء على ما ظهر من تلك الأدلة التي جرت أمامها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ما دامت الدعاوى الجنائية في تلك القضايا لم تسقط بعد. لما كان ذلك، وكانت المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية قد نص فيها على أنه: "إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعها بأمر إحالة واحد إلى المحكمة المختصة مكاناً بإحداها"، وكانت جنايات القتل العمد مع سبق الإصرار المقترنة بسرقة بإكراه التي ارتكبها المحكوم عليه الأول في أماكن متعددة - وهي جرائم مرتبطة - قد أحيلت بأمر إحالة واحد إلى محكمة جنايات القاهرة المختصة مكاناً بنفس تلك الجرائم، وطبقت في شأنها المادة 32 من قانون العقوبات، فإن الحكم يكون قد صدر من محكمة مختصة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع من أن اعتراف المحكوم عليه الأول كان وليد إكراه وقع عليه ورد عليه في قوله: "أما ما ساقه المتهم ونادى به المدافع عنه من أن حصول اعترافاته المتصلة بتحقيقات النيابة العامة كان نتيجة الإكراه المادي والأدبي الذي وقع عليه من ضباط المباحث فهو قول مصدره محض وجدانه فضلاً عن أن النيابة العامة قد ناظرت المتهم وشاهدت جسده ووصفت ما به من رسومات وكلمات مختلفة وأثبتت أنه ليس بجسده أية إصابات أو أعراض تفيد التحقيق، كما أن المتهم الأول قد نفى أمام النيابة العامة في أكثر من موضع من التحقيق نفياً صريحاً لا لبس فيه أو غموض أن ثمة إكراه مادي أو أدبي قد وقع عليه، كما أنه قد اعترف بجلسة السبت..... أمام محكمة جنايات القاهرة عند تجديد حبسه بأنه قتل سبعة عشر من المجني عليهم خنقاً لأن هوايته القتل والسرقة، هذا فضلاً عن إرشاده النيابة العامة عند إجرائها المعاينة في كل واقعة ارتكبها، كما تعرف على شخصية أحد المجني عليهم عندما عرضت عليه النيابة العامة صورته، وقد جاءت هذه التفاصيل التي اعترف بها المتهم الأول مطابقة تمام التطابق مع التحقيق الذي أجرته النيابة العامة بشأن العثور على جثة المجني عليه قبل اعترافه، كما ثبت من اعترافه أنه خنق المجني عليهم جميعاً بطريقة واحدة بأن أوثق يديهم من الخلف وقام بخنق المجني عليهم بوضع منديل أو ملفحة أو حبل من الليف حول الرقبة حتى يموت خنقاً وهو أسلوب إجرامي واحد اعترف به تفصيلاً وجاءت تقارير الصفة التشريحية التي أجريت للمجني عليهم متفقة أيضاً مع اعترافات المتهم الأول، وفضلاً عن ذلك فقد شهد اللواء..... بالجلسة والتي تطمئن المحكمة إلى شهادته كل الاطمئنان ويرتاح وجدانها إليها بأنه انتقل إلى المتهم فور ضبطه بتاريخ....... بقسم شرطة..... واعترف اعترافاً شفوياً بارتكاب جرائم القتل وأنه كان هادئاً ونفى حصول إكراه قد وقع عليه، ومن ثم تلتفت المحكمة عن هذا الوجه من أوجه الدفاع الذي قصد به مجرد درء التهمة الثابتة في حقه من أدلة الثبوت سالفة الذكر والأخذ بخناقه". ولما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها، وكان الحكم المطروح - على ما سلف بيانه - قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليه الأول لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. ولا ينال من سلامة الحكم أنه أشار إلى اعتراف المحكوم عليه الأول بجلسة........ أمام محكمة جنايات القاهرة عند تجديد حبسه في حين أن صحة تاريخ تلك الجلسة التي تضمنت اعترافه هو......، إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ مادياً بحتاً في كتابة الحكم لا يؤثر في سلامته. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق المحكوم عليه الأول في قوله: "إن المحكمة تستخلص قيام نية القتل لدى المتهم الأول وتوافرها في حقه من عناصر الدعوى بعد أن أحاطت بها عن بصر وبصيرة، ذلك لأن الدليل يقوم في هذه الدعوى من اعتراف المتهم الأول المفصل في جميع مراحل الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة وبجلسة تجديد حبسه أمام محكمة الجنايات ومن تكتيفه المجني عليهم من الخلف وخنقهم بقطعة من القماش أياً كان نوعه أو حبل ليف رغبة في التخلص منهم، ولأن الخنق بطبيعته قتل عمد، الأمر الذي إن دل على شيء فإنما يدل على أن نية المتهم الأول قد اتجهت فعلاً إلى قتل المجني عليهم وإزهاق أرواحهم خنقاً بأن وضع قطع من القماش على النحو الموضح باعترافاته وبالتحقيقات وتقارير الصفة التشريحية أياً كان نوع القماش كمنديل أو ملفحة أو حبل ليف أو فانلة ثم يضغط على رقبة المجني عليهم فيؤدي ذلك إلى الوفاة، وفعلاً تم له ما هدف إليه". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، فإن الحكم المطروح - على ما سلف بيانه - يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم عليه الأول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج. وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم عليه الأول في قوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو ثابت في حق المتهم الأول هو والمتهم الثاني بالنسبة لـ........ من اعتراف المتهم الأول بجميع مراحل الاستدلالات وبتحقيقات النيابة، وبجلسة تجديد الحبس من استيقافه للمجني عليهم واصطحابهم إلى أماكن نائية وتكتيفهم من الخلف ثم وضع الرباط حول عنق الضحية المجني عليها حتى الموت بعد أن يوهم الضحية بأنه من رجال الشرطة السريين، وأنه سيحرر له محضراً بالشرطة لعدم حمله البطاقة الشخصية أو أداء الخدمة العسكرية أو التحري ثم الهرب" فإن الحكم يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما ينتجه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطروح قد بين ثبوت وقائع القتل العمد مع سبق الإصرار في حق المحكوم عليه الأول ثبوتاً كافياً، كما بين الظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المحكوم عليه الأول، فإنه لا يعيبه - من بعد - عدم العثور على جثث المجني عليهم، لما هو مقرر من أنه لا يقدح في ثبوت جريمة القتل العمد عدم العثور على جثة المجني عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان بها المحكوم عليه الأول وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، واستظهر الحكم نية القتل كما استظهر ظرف سبق الإصرار على النحو المعرف به قانوناً وتناول الدفع ببطلان الاعتراف ورفضه في منطق سائغ، وقد صدر الحكم بإعدام المحكوم عليه الأول بإجماع آراء أعضاء المحكمة بعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية، وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأوليه، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول.

الطعن 6174 لسنة 58 ق جلسة 9 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 3 ص 21

جلسة 9 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نجاح نصار ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة وحامد عبد الله وفتحي الصباغ

---------------

(3)
الطعن رقم 6174 لسنة 58 القضائية

(1) إعدام. نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "نظر الطعن والحكم فيه".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(2) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(3) مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الحق المخول لمأموري الضبط القضائي بمقتضى المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية. نطاقه؟
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استجواب. مأمورو الضبط القضائي.
الاستجواب المحظور. ماهيته؟
(5) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيمة الاعتراف واستقلاله عن الإجراء الباطل. موضوعي. عدم جواز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
(6) إثبات "بوجه عام". إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". نيابة عامة.
النعي على النيابة بأنها لم تواجه المتهم بالتهمة وعقوبتها. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للطعن.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قتل عمد. سبق إصرار.
سبق الإصرار تقدير توفره. موضوعي.
(8) إعدام "الحكم بالإعدام". إجراءات "إجراءات الحكم بالإعدام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب أخذ رأي المفتي قبل الحكم بالإعدام. المادة 381 إجراءات. لا يوجب على المحكمة أن يكون قد صدر بإجماع قضاتها. ولا أهمية لإثبات أن ميعاد العشرة أيام المقررة لإبداء رأيه قد روعي.
(9) حكم "بطلان الحكم" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
(10) دعوى مدنية. تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية مدنية. ضرر.
إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من الطاعن كفايته للإحاطة بأركان المسئولية المدنية. وللقضاء بالتعويض. عدم بيان الحكم من بعد. الضرر بنوعيه. لا يعيبه.
عدم التزام المحكمة ببيان مدى الضرر الذي قدر التعويض على أساسه. علة ذلك؟
(11) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة. إعدام. قتل عمد.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

----------------
1 - من المقرر أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن الأول دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان تجاوز - هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي التي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2 - لما كانت المحكوم عليها الثانية وإن قررت بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنها لم تودع أسباباً لطعنها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنها شكلاً وعملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
3 - من المقرر أن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك. ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات - التي كلفته النيابة العامة بها على ما يبين من المفردات - لا يعتبر بمجرده تعرضاً مادياً فيه مساس بحريته الشخصية فإن ما يثيره الطاعن بصدد ذلك عن بطلان القبض يكون غير سديد.
4 - من المقرر أن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً أو يعترف بها إن شاء الاعتراف.
5 - من المقرر أن تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على أثر إجراء باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بهذا الإجراء وما ينتج عنه من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال قد صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء جاز لها الأخذ بها. وإذ كانت المحكمة قد قدرت في حدود سلطتها التقديرية أن اعتراف المتهمين أمام النيابة كان دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها واطمأنت إلى صحته وسلامته فإنه لا يقبل من الطاعن مجادلتها في ذلك ويضحى ما يثيره الطاعن بصدد بطلان الاعتراف على غير أساس.
6 - من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم فإن ما ينعاه من أن النيابة لم تواجه المتهم بالتهمة وعقوبتها يكون في غير محله هذا فضلاً عما هو ثابت من المفردات من أن المحقق قد أحاط الطاعن بالتهمة المنسوبة إليه وبعقوبتها.
7 - من المقرر أن البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
8 - من المقرر أنه وإن كانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت ألا يصدر الحكم بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضاء المحكمة وأن تأخذ رأي مفتي الجمهورية فلم تستوجب أن يكون أخذ رأي المفتي قد صدر بإجماع آراء قضاتها هذا إلى أن الحكم وقد أثبت أنه تم استطلاع رأي المفتي قبل إصداره فلا أهمية لإثبات أن ميعاد العشرة أيام المقررة لإبداء رأيه قد روعي ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
9 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
10 - من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله ولا يعيب الحكم عدم بيان الضرر بنوعيه المادي والأدبي ذلك بأن في إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفه بالتعويض وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن للجريمة التي دانه بها وهي الفعل الضار الذي ألزمه بالتعويض على مقتضاه فلا تثريب على الحكم من بعد إن هو لم يبين مدى الضرر الذي قدر التعويض المحكوم به على أساسه إذ الأمر في ذلك متروك لتقديره بغير معقب ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
11 - لما كان البين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة بعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - وجاء خلواً من حالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما - أولاً: المتهمان (1) تدخلا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجناية المبينة بالوصف بالبند (2) بأن اتحدت إرادتهما على قتل....... عمداً مع سبق الإصرار وأعد المتهم الأول سلاحاً نارياً "مسدس" وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق (2) قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله وأعد المتهم الأول سلاحاً نارياً "مسدس" وما أن ظفر به حتى أطلق عليه الأول عيارين ناريين قاصداً من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - ثانياً: المتهم الأول أيضاً ( أ ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس" (ب) أحرز ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصاً له بحيازتها أو إحرازها، وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى...... شقيق المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بالتضامن بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنايات شبين الكوم قررت إحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي فيها بالنسبة للمتهم الأول...... وحددت جلسة...... للنطق بالحكم، وبالجلسة المحددة قضت المحكمة المذكورة حضورياً بإجماع الآراء وعملاً بالمواد 40، 41، 230، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1/، 6، 26/ 2، 5 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة...... بالإعدام شنقاً. ثانياً: بمعاقبة....... بالأشغال الشاقة المؤبدة وفي الدعوى المدنية بإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا إلى...... مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت باعتبار أن التهمتين المسندتين إلى المتهم الأول هي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري وذخائر وأن التهمة المسندة للمتهمة الثانية هي الاشتراك مع المتهم في ارتكاب جناية القتل العمد مع سبق الإصرار. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض، كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن الأول دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان تجاوز - هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي التي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن المحكوم عليها الثانية وإن قررت بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنها لم تودع أسباباً لطعنها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنها شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص قد شابه البطلان والخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق وانطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المحكمة عولت على القبض الباطل الذي أجراه مأمور الضبط القضائي دون أن يكون مخولاً في إجرائه من النيابة العامة التي اتصلت بالدعوى في..... وما ترتب على هذا القبض من استجواب - للمتهمين قام به مأمور الضبط القضائي وكان من جرائه صدور الاعتراف في محضر الشرطة وتحقيق النيابة بغير فاصل زمني بينهما على خلاف ما أثبته الحكم، وعولت المحكمة على اعتراف الطاعنة الثانية مع أنها أنكرت ارتكابها الجريمة وما جاء على لسانها كان وليد الغش من مأمور الضبط القضائي الذي أوهمها أن في اعترافها ما يدرأ عنها الاتهام، وتساندت المحكمة إلى الاعتراف بتحقيقات النيابة رغم أنه جاء غير مسبوق بإحاطة المتهمين بأركان الجريمة وعقوبتها ولم يقم المحقق باستجلاء كيفية الاعتراف الذي ورد بمحضر الضبط، ولم تقطع المحكمة على سبيل اليقين بأن الاعتراف الذي تم لمأمور الضبط القضائي غير متصل بالاعتراف أمام المحقق ولم تدلل سائغاً على توافر ظرف سبق الإصرار وأغفلت أثر ما تضمنته الأوراق من إبلاغ الطاعنة الثانية للطاعن الأول من أن زوجها قد علم بعلاقتهما غير المشروعة وتحذيرها له من ذلك، هذا إلى أن قرار إحالة الأوراق إلى المفتي لم يتضمن ما يفيد صدوره بإجماع الآراء، ولم تبين المحكمة مواعيد عرض الدعوى عليه، وقد تناقض الحكم عندما استبعد الاتفاق في مقام حديثه عن جريمة الاتفاق الجنائي بينما أثبت قيام هذا الاتفاق بصدد الاشتراك في جريمة القتل دون تنبيه، كما وأن المحكمة قد أخطأت بمعاقبة الطاعن بمواد الاشتراك في الجريمة مع تحصيلها أنه الفاعل الأصلي وبقضائها بالتعويض لشقيق المجني عليه دون بيان النصوص التي أعملتها وبغير تحديد لطبيعة هذا التعويض مادياً أو أدبياًً مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أن علاقة آثمة قد نشأت بين المتهمين في غياب زوج المتهمة الثانية الذي كان يعمل بالخارج وساعد على نشوء هذه العلاقة "أن المتهمة المذكورة كانت تباشر الزراعة في الأرض المجاورة لحقل ومزرعة الدواجن الخاصين بالمتهم الأول، وقد عكر صفو علاقتهما عودة الزوج منذ شهرين سابقين على ارتكاب الحادث فقررا التخلص منه ليصفوا لهما الجو ثانية خاصة وقد سرت الإشاعة في القرية بالعلاقة الآثمة بينهما ووصلت إلى علم الزوج الذي بدأ يسيء معاملة زوجته المتهمة الثانية، وظلت فكرة القتل تراودهما حتى قررا تنفيذها يوم..... والتقيا صباحاً واتفقا على أن يقوم المتهم الأول بقتل المجني عليه أثناء وجوده في الحقل مساء، وحضرت في الموعد المتهمة الثانية لتشد من أزر المتهم الأول أثناء ارتكاب الجريمة وأطلق المتهم الأول عيارين ناريين على المجني عليه من طبنجة أعدها لذلك قاصداً قتله فأرداه قتيلاً في الحال وقام بوضع جثته في جوال وذهب لإحضار من يدعى...... الذي يعمل طرفه باليومية للتعاون على حمل الجوال الذي به الجثة على دابة سارا بها حتى ألقاها المتهم الأول في أحد المصارف، في الوقت الذي توجهت فيه المتهمة الثانية للإبلاغ عن غياب زوجها للتمويه، وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استقاها من اعتراف المتهمين بالتحقيقات ومن أقوال....... الرائدين..... و....... وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا نعي عليها بمخالفة الحكم للثابت بالأوراق، لما كان ذلك وكان من المقرر أن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعملون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك. ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات - التي كلفته النيابة العامة بها على ما يبين من المفردات - لا يعتبر بمجرده تعرضاً مادياً فيه مساس بحريته الشخصية فإن ما يثيره الطاعن بصدد ذلك عن بطلان القبض يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً أو يعترف بها إن شاء الاعتراف وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن الضابط بعد أن أجرى التحريات سأل المتهم عن التهمة دون أن يناقشه تفصيلاً في الأدلة القائمة فعلاً وأحاله بعد ذلك للنيابة العامة التي تتولى استجوابه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من أن مأمور الضبط القضائي قد استجوبه يكون غير مقبول، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على إثر إجراء باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بهذا الإجراء وما ينتج عنه من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال قد صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء جاز لها الأخذ بها. وإذ كانت المحكمة قد قدرت في حدود سلطتها التقديرية أن اعتراف المتهمين أمام النيابة كان دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها واطمأنت إلى صحته وسلامته فإنه لا يقبل من الطاعن مجادلتها في ذلك ويضحى ما يثيره الطاعن بصدد بطلان الاعتراف على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم فإن ما ينعاه من أن النيابة لم تواجه المتهم بالتهمة وعقوبتها يكون في غير محله هذا فضلاً عما هو ثابت من المفردات من أن المحقق قد أحاط الطاعن بالتهمة المنسوبة إليه وبعقوبتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لتوافر هذا الظرف وأثبت قيامه في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإن انعقاد عزم المتهم الأول وتصميمه على قتل المجني عليه منذ أن عاد من الخارج ولمدة شهرين وثباته على هذه الفكرة بغير تحول عنها وبقاؤها حية في ذهنه طوال هذه المدة لدليل على توافر سبق الإصرار لديه فالمدة المشار إليها يتاح فيها عادة للروية أن تخاطب الشهوة ويصح للعقل أن يرد جماح الغضب وقد تهيأً للمتهم الأول لا شك خلالها من الهدوء النفسي والصفاء الفكري أتاحت له أن يتدبر عاقبة فعله بحيث يمكن القول أنه لم يرتكب جريمته إلا بعد ترو وتفكير ولا أدلة على ذلك من قيامه مسبقاً بإعداد السلاح المستخدم في الحادث واستدراجه للمجني عليه إلى مكان يعلم سلفاً بتواجده فيه واتفاقه مع المتهمة الثانية للحضور إلى مكان الحادث للمعاونة في إخفاء الجثة والتخلص من معالم تلك الجريمة البشعة" فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس، لما كان ذلك، وكانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت ألا يصدر الحكم بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضاء المحكمة وأن تأخذ رأي مفتي الجمهورية فلم تستوجب أن يكون أخذ رأي المفتي قد صدر بإجماع آراء قضاتها هذا إلى أن الحكم وقد أثبت أنه تم استطلاع رأي المفتي قبل إصداره فلا أهمية لإثبات أن ميعاد العشرة أيام المقررة لإبداء رأيه قد روعي وتعين منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وكان ما أورده الحكم المطعون فيه عن ثبوت جريمة الاشتراك في القتل في حق الطاعنة الثانية دون توافر جريمة الاتفاق الجنائي لا يعد من قبيل التناقض فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أدان الطاعن بوصفه فاعلاً أصلياً في الجريمة فإن ما يثيره بشأن معاقبته شريكاً يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله ولا يعيب الحكم عدم بيان الضرر بنوعيه المادي والأدبي ذلك بأن في إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفه بالتعويض وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن للجريمة التي دانه بها وهي الفعل الضار الذي ألزمه بالتعويض على مقتضاه فلا تثريب على الحكم من بعد إن هو لم يبين مدى الضرر الذي قدر التعويض المحكوم به على أساسه إذ الأمر في ذلك متروك لتقديره بغير معقب ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد، لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - وجاء خلواً من حالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

الطعن 5739 لسنة 58 ق جلسة 5 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 2 ص 18

جلسة 5 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر وحسن عميره نائبي رئيس المحكمة وصلاح البرجى ورشدي حسين.

--------------

(2)
الطعن رقم 5739 لسنة 58 القضائية

(1) رابطة السببية. حكم "بياناته. بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة "أركانها". قتل خطأ. إصابة خطأ. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". إثبات "خبرة".
إغفال حكم الإدانة بيان الإصابات التي حدثت بالمجني عليهما ونوعها وكيف أدت إلى وفاة أحدهما. من واقع الدليل الفني وكذا عدم استظهار رابطة السببية بين الخطأ والضرر. قصور.
(2) نقض "أثر الطعن". مسئولية مدنية. دعوى مدنية.
نقض الحكم بالنسبة إلى المتهم يوجب نقضه كذلك بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية. أساس ذلك؟

---------------
1 - لما كان البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه وإن دلل على وقوع الحادث نتيجة اصطدام المجني عليهما بأحد أسلاك الكهرباء المنوط بالطاعن بحكم عمله الإشراف عليها، إلا أنه فيما انتهى إليه من إدانته لم يذكر شيئاً عن بيان الإصابات التي حدثت بالمجني عليهما ونوعها وكيف أنها لحقت بهما من جراء التيار الكهربائي وأدت إلى وفاة أولهما وذلك من واقع الدليل الفني وهو "التقرير الطبي" مما يعيب الحكم بالقصور في استظهار رابطة السببية بين الخطأ والضرر - الذي يتسع له وجه الطعن - ويتعين لذلك نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.
2 - لما كان نقض الحكم بالنسبة إلى المتهم يقتضي نقضه بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية لقيام مسئوليته عن التعويض على ثبوت الواقعة ذاتها التي دين الطاعن بها فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليهما معاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تسبب خطأ في موت وإصابة شقيقه ...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح بأن أهمل في عمله وترك سلك الكهرباء ملقى على الأرض مدة طويلة فصعق الأول أثناء مروره بالطريق وأحدث الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي بالثاني وطلبت عقابه بالمادتين 238، 244/ 1، 2 من قانون العقوبات، وادعى والد المجني عليهما مدنياً قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنح الباجور قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه عما نُسب إليه وفي الدعوى المدنية بإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية بالتضامن فيما بينهما بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، استأنف المحكوم عليه، ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أنه لم يورد في بيان كاف مؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه وإن دلل على وقوع الحادث نتيجة اصطدام المجني عليهما بأحد أسلاك الكهرباء المنوط بالطاعن بحكم عمله الإشراف عليها، إلا أنه فيما انتهى إليه من إدانته لم يذكر شيئاً عن بيان الإصابات التي حدثت بالمجني عليهما ونوعها وكيف أنها لحقت بهما من جراء التيار الكهربائي وأدت إلى وفاة أولهما وذلك من واقع الدليل الفني وهو "التقرير الطبي" مما يعيب الحكم بالقصور في استظهار رابطة السببية بين الخطأ والضرر - الذي يتسع له وجه الطعن - ويتعين لذلك نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن. لما كان ما تقدم، وكان نقض الحكم بالنسبة إلى المتهم يقتضي نقضه بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية لقيام مسئوليته عن التعويض على ثبوت الواقعة ذاتها التي دين الطاعن بها فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليهما معاً.

الطعن 5736 لسنة 58 ق جلسة 5 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 1 ص 5

جلسة 5 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

-----------------

(1)
الطعن رقم 5736 لسنة 58 القضائية

(1) سب وقذف. قانون "تفسيره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى. حد ذلك: أن لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها.
(2) سب وقذف. قانون "تفسيره". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
تحري معنى اللفظ. تكييف قانوني. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
(3) نقض "نظر الطعن والحكم فيه". "أثر الطعن". سب وقذف.
كون العبارات التي سطرها الطاعن لا تقع تحت نص المادة 302 عقوبات ولا تشكل أي جريمة أخرى. وجوب نقض الحكم وبراءة الطاعن.
وحدة الواقعة واتصال وجه الطعن بمحكوم عليه لم يقرر بالطعن. يوجب امتداد أثر نقض الحكم إليه.
(4) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". تعويض.
خضوع الدعوى المدنية المرفوعة أمام القضاء الجنائي للقواعد الواردة في مجموعة الإجراءات الجنائية ما دام يوجد بها نصوص خاصة تتعارض مع ما يقابلها في قانون المرافعات. عدم وجود نص خاص في قانون الإجراءات الجنائية. لا يحول دون إعمال القواعد العامة في قانون المرافعات. المادة 266 إجراءات.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "إصداره" "الطعن فيه" "إلغاؤه" "تعديله".
النطق بالحكم تخرج به الدعوى عن حوزة المحكمة. يمتنع معه عليها العدول عنه ولو كان باطلاً أو مبنياً على إجراء باطل. علة ذلك؟
(6) حكم "تصحيحه" "الطعن في الحكم". طعن.
الأصل أن إلغاء الحكم أو تعديله. بالطعن عليه بالطرق المقررة قانوناً.
سلطة المحكمة في تصحيح ما يقع في حكمها من خطأ. مقصورة على الأخطاء المادية البحتة. كتابية أو حسابية. تجاوز هذا النطاق. جواز الطعن في قرار التصحيح بالطرق المقررة للطعن. المادة 191 مرافعات.
الأخطاء غير المادية. عدم جواز الرجوع في شأنها إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم. أساس ذلك؟
الحالات التي يجوز فيها للمحكمة العدول عن حكمها؟ المواد 242 إجراءات و86 و99 و104 مرافعات و9 من قانون الإثبات.
(7) دعوى مدنية "تركها". محكمة مدنية. تعويض. نقض "حالات الطعن" الخطأ في القانون" "أثر الطعن".
للمدعي بالحقوق المدنية إذا ترك دعواه المرفوعة أمام المحاكم الجنائية أن يرفعها أمام المحاكم المدنية. ما لم يكن قد صرح بترك الحق. أساس ومؤدى ذلك؟
ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه المدنية المرفوعة أمام المحكمة الجنائية. يعد إسقاطاً تتحقق آثاره بمجرد صدور الحكم به. عدم جواز عودته لتجديدها مرة أخرى أمام المحكمة الجنائية. حقه اللجوء إلى المحكمة المدنية ما لم يكن قد صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى. علة ذلك؟
(8) دعوى مدنية. تعويض. محكمة مدنية "اختصاصها". محكمة جنائية "اختصاصها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
اختصاص المحاكم المدنية أصلاً بنظر دعوى التعويض الناشئة عن الجريمة. يجوز للمضرور رفعها أمام المحاكم الجنائية. استثناء.
سلوك المضرور الطريق الاستثنائي ثم عدوله عنه. أثره: عدم جواز العودة إليه مرة أخرى. مخالفة ذلك. خطأ في القانون.

------------------
1 - من المقرر أنه إن كان المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف، هو بما يطمئن إليه قاضي الموضوع في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، إلا أن حد ذلك أن لا يخطئ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها.
2 - أن تحري الألفاظ للمعنى الذي استخلصته المحكمة وتسميتها باسمها المعين في القانون - سباً أو قذفاً - هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة.
3 - لما كانت العبارات التي سطرها الطاعن والمحكوم عليه الآخر حسبما جاءت بمدونات الحكم لا تقع تحت نص المادة 302 من قانون العقوبات ولا تشكل أي جريمة أخرى معاقب عليها قانوناً فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه - فيما قضى به في الدعوى الجنائية - عملاً بنص المادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن الأول...... والمحكوم عليه الآخر....... الذي كان طرفاً في الخصومة الاستئنافية وذلك عملاً بنص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، لاتصال وجه الطعن به ووحدة الواقعة.
4 - من المقرر وفقاً للمادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية أن يتبع في الفصل في الدعاوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة في القانون المذكور، فتخضع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي للقواعد الواردة في مجموعة الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها ما دام يوجد في مجموعة الإجراءات نصوص خاصة بذلك تتعارض مع ما يقابلها في قانون المرافعات المدنية، أما إذا لم يوجد نص خاص في قانون الإجراءات الجنائية فليس هناك ما يمنع من إعمال القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات.
5 - القواعد المقررة - طبقاً لأحكام قانون المرافعات - أنه يترتب على النطق بالحكم خروج الدعوى عن حوزة المحكمة اعتباراً بأن ولايتها القضائية على الدعوى تنتهي بصدور الحكم فيها ويمتنع عليها العدول عما قضت به، ويعمل بهذه القاعدة بالنسبة لسائر الأحكام القطعية موضوعية كانت أم فرعية - كالحكم الصادر بإثبات ترك الخصومة - وسواء أنهت الخصومة أو لم تنهها، ويستوي أن يكون حكمها صحيحاً أم باطلاً أم مبنياً على إجراء باطل، ذلك لأن القاضي نفسه لا يسلط على قضائه ولا يملك تعديله أو إلغاءه.
6 - لا سبيل إلى إلغاء أحكام القضاء أو تعديلها إلا بسلوك طرق الطعن المقررة في القانون واستثناء من هذا الأصل إذا شاب الحكم خطأ مادي بحت فقد ارتأى المشرع الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم طبقاً لإجراءات خاصة نظمتها المادة 191 من قانون المرافعات التي نصت على أنه: "تتولى المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة ويجري كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويوقعه هو ورئيس الجلسة، ويجوز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت المحكمة فيه حقها المنصوص عليها في الفقرة السابقة بطرق الطعن الجائزة في الحكم موضوع التصحيح، أما القرار الذي يصدر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على استقلال". ويتضح من المفهوم المخالف للنص القانوني سالف الإشارة أنه قاطع في أن الأخطاء غير المادية لا يجوز الرجوع في شأنها إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم، والقول بعكس ذلك فيه ابتداع لطريق من طرق الطعن لم يأذن به الشارع - كما أنه استثناء من هذا الأصل المقرر أباح الشارع للمحكمة العدول عن حكمها في أحوال معينة نص عليها على وجه الحصر - لمحكمة ارتآها في تلك الحالات - منها ما نصت عليه المادة 242 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه: "إذا حضر الخصم قبل انتهاء الجلسة التي صدر فيها الحكم عليه في غيبته، وجب إعادة نظر الدعوى في حضوره" وما نصت عليه المادة 86 من قانون المرافعات من أنه: "إذا حضر الخصم الغائب قبل انتهاء الجلسة اعتبر كل حكم صدر عليه فيها كأن لم يكن" وما نصت عليه المادة 99 منه من حق المحكمة بتوقيع غرامة على من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن تنفيذ قرارات المحكمة ثم أجاز المشرع للمحكمة إقالة المحكوم عليه من الغرامة كلها أو بعضها إذا أبدى عذراً مقبولاً، وما نصت عليه المادة 104 من ذات القانون على حق المحكمة في الحكم بعقوبات عينتها المادة على من يخل بنظام الجلسة وحقها إلى ما قبل انتهاء الجلسة في الرجوع عن الحكم، وما نصت عليه المادة التاسعة من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 من حق المحكمة في العدول عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر.
7 - لما كان نص المادة 262 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه: "إذا ترك المدعي بالحقوق المدنية دعواه المرفوعة أمام المحاكم الجنائية، يجوز له أن يرفعها أمام المحاكم المدنية، ما لم يكن قد صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى". ومفاد ذلك بمفهوم المخالفة، وأنه لا يجوز للمدعي بالحقوق المدنية - بعد أن حكم في دعواه المدنية من المحكمة - بالترك - وما دام حكم الترك قائماً لم يلغ، على السياق المتقدم، وهو الحال في الدعوى الماثلة - أن يعود فيجدد الدعوى تلك من جديد أمام المحكمة الجنائية لأن هذا الترك منه يعد إسقاطاً تتحقق أثاره القانونية بمجرد صدور الحكم به ولا يملك المسقط العودة إلى ما أسقط حقه فيه باعتبار أن طبيعة الإسقاط تتأبى على الرجوع فيما تناوله من إسقاط، وكل ما له هو اللجوء إلى المحكمة المدنية ما لم يكن قد صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى.
8 - إن الأصل المقرر أن تختص المحاكم المدنية بنظر دعوى التعويض الناشئة عن الجريمة، وأجاز المشرع للمضرور استثناء من ذلك الأصل أن يرفعها أمام المحكمة الجنائية ومن ثم فإنه إذا ما سلك الطريق الاستثنائي ثم عدل عنه مسقطاً حقه فيه فلا يجوز له العودة إليه مرة أخرى، لما كان ما تقدم، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عاد من بعد إلى العدول عن قضائه السابق بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية، وأجاز لهما تجديد دعواهما المدنية المرفوعة بطريق التبعية للدعوى الجنائية مرة ثانية، والقضاء من ثم بقبول الدعوى المدنية تبعاً للدعوى الجنائية المقامة، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه - فيما قضى به في الدعوى المدنية - وإلغاء الحكم الابتدائي الصادر بجلسة 18/ 3/ 1985 وتأييد الحكم الابتدائي الصادر بجلسة 17/ 5/ 1982 القاضي بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية، وذلك بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر.....، عملاً بنص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وذلك لاتصال وجه الطعن به ووحدة الواقعة مع إلزام المطعون ضدهما المصاريف المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - ....... (الطاعن) 2 - ....... بأنهما: قذفا وسبا علناً المدعيين بالحقوق المدنية كتابة بأن حررا تقريراً أسندا فيه إليهما أموراً لو صحت لأوجبت احتقارهما عند أهل وطنهما، وطلب عقابهما بالمواد 171، 302، 303، 306، 308 من قانون العقوبات وادعى المجني عليهما مدنياً قبل المتهمين بالتضامن مع...... بصفته المسئول عن الحقوق المدنية بمبلغ (51 ج) على سبيل التعويض المؤقت، كما ادعى المتهم الثاني مدنياً قبل المجني عليهما بمبلغ (101 ج) على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنح روض الفرج قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام (أولاً) برفض الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بعد الميعاد وقبولها. (ثانياً) تغريم كل متهم مبلغ عشرين جنيهاً وإلزامهما بالتضامن مع المسئول عن الحقوق المدنية بصفته بدفع مبلغ (51 ج) للمدعيين بالحقوق المدنية على سبيل التعويض المؤقت. (ثالثاً) برفض الدعوى المدنية المقامة من المتهم الثاني ضد المدعيين بالحقوق المدنية، استأنف المحكوم عليهما والمسئول عن الحقوق المدنية، ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه (الطاعن) في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

أولاً - عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القذف قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه اعتبر العبارات التي أوردها محضر التحريات المنسوب إليه تحريره - قذفاً في حق المدعيين بالحقوق المدنية رغم أن دفاعه أمام درجتي التقاضي قام على أنه كان حسن النية ولم يقصد قذفاً، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعه ورد عليه بما لا يصلح رداً، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه نشأ نزاع بين المدعيين بالحقوق المدنية وجار لهما، وتحرر عنه عديد من المحاضر، وقد قام المتهمان بوصفهما من ضباط الشرطة بتحرير تقريرين عن ذلك النزاع، أوردا بهما أن الذي أثار حفيظة الجار هو تردد مساعد الشرطة - المدعي بالحقوق المدنية الأول - على الثانية بمسكنها دون أن يتأكد اقترانه بها أو وكالته عنها وانتهيا إلى ضرورة توجيه النصح إلى المدعي بالحقوق المدنية الأول بالابتعاد عن مواطن الشبهات وأن المدعيين بالحقوق المدنية قدما أمام النيابة العامة وثيقة زواجهما في 10/ 11/ 1977، ثم انتهى الحكم المطعون فيه من ذلك إلى أن ما نسبه المتهمان إلى المدعيين بالحقوق المدنية - على خلاف الحقيقة - هي واقعة صحيحة لو صحت لأوجبت احتقارهما عند أهل وطنهما، الأمر الذي يعد مكوناً لجريمة القذف المنصوص عليها في المادتين 171، 302 من قانون العقوبات، لما كان ذلك، وكانت المادة 302/ 1 من قانون العقوبات التي دين المتهمان بمقتضاها قد نصت على أن: "يعد قذفاً كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسند إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانوناً أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه". وكان من المقرر أنه وإن كان المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف، هو بما يطمئن إليه قاضي الموضوع في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، إلا أن حد ذلك أن لا يخطئ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها، كما أن تحري الألفاظ للمعنى الذي استخلصته المحكمة وتسميتها باسمها المعين في القانون - سباً أو قذفاً - هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة. لما كان ذلك، وكان ما سطره الطاعن والمحكوم عليه الآخر على السياق الذي أورده الحكم فيما تقدم - ليس من شأنه - إن صح - أن يحط من قدر المدعيين بالحقوق المدنية أو يجعلهما محلاً للاحتقار أو الازدراء بين أهل وطنهما، أو يستوجب عقابهما أو خدشاً لشرفهما أو اعتبارهما ومن ثم فإن ما أسند إلى المتهمين لا جريمة فيه، وليس مما يعاقب عليه القانون وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه قد أخطأ في تأويل القانون، لما كان ما تقدم، وكانت العبارات التي سطرها الطاعن والمحكوم عليه الآخر حسبما جاءت بمدونات الحكم لا تقع تحت نص المادة 302 من قانون العقوبات ولا تشكل أي جريمة أخرى معاقب عليها قانوناً فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه - فيما قضى به في الدعوى الجنائية - عملاً بنص المادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن الأول....... والمحكوم عليه الآخر...... الذي كان طرفاً في الخصومة الاستئنافية وذلك عملاً بنص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، لاتصال وجه الطعن به ووحدة الواقعة.
ثانياً - عن الطعن المقدم من المسئول عن الحقوق المدنية:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه المسئول عن الحقوق المدنية على الحكم المطعون فيه أنه إذ ألزمه بالتضامن مع المتهمين فيما قضى به من تعويض للمدعيين بالحقوق المدنية قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن محكمة أول درجة قضت بجلسة 17/ 5/ 1982 بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية ثم عادت - بعد أن استنفذت ولايتها - إلى نظر الدعوى المدنية وألزمت المتهمين بالتضامن مع المسئول عن الحقوق المدنية بالتعويض المدني المطلوب، وإذ أيد الحكم المطعون فيه قضاء أول درجة - في هذا الصدد - فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محاضر جلسات محكمة أول درجة أن المدعيين بالحقوق المدنية تخلفا عن الحضور بجلسة 2/ 5/ 1982 فقررت المحكمة تأجيل الدعوى لجلسة 17/ 5/ 1982 وصرحت للمتهم الثاني بإعلان المدعيين بالحقوق المدنية باعتبارهما تاركين لدعواهما المدنية، وبجلسة 17/ 5/ 1982 قضت بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما وإلزامهما بمصروفات هذا الترك، وتأجيل نظر الدعوى بالنسبة للشق الجنائي، وبجلسة 21/ 3/ 1983 حضر محام عن المدعيين بالحقوق المدنية وقرر بأن حكم إثبات الترك صدر بالمخالفة لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية إذ لم يتم إعلانهما لشخصهما باعتبارهما تاركين لدعواهما المدنية ثم قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى وصرحت للمدعيين بالحقوق المدنية بإعلان المتهمين، وبجلسة 18/ 3/ 1985 قضت محكمة أول درجة بتغريم كل متهم مبلغ عشرين جنيهاً وإلزامهما بالتضامن مع المسئول عن الحقوق المدنية بصفته بدفع مبلغ (51 ج) للمدعيين بالحقوق المدنية، لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن المسئول عن الحقوق المدنية قدم مذكرة بدفاعه أمام محكمتي أول درجة وثاني درجة ضمنهما عدم جواز تجديد الدعوى المدنية بعد صدور حكم فيها بإثبات تركها، غير أن محكمة ثاني درجة قضت بجلسة 5/ 2/ 1986 بتأييد الحكم المستأنف، كما تبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، أنه أطرح ما أثاره المسئول عن الحقوق المدنية بصدد عدم جواز تجديد الدعوى المدنية بقوله: "إنه فيما يختص بالدعوى المدنية ومن أن المحكمة - بهيئة مغايرة - قد قضت بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية فإن المقرر أنه إذا ثبت أن المدعي المدني أعلن للحضور للجلسة في محله المختار ولم يعلن لشخصه فإنه لا يعتبر تاركاً لدعواه، وحيث إنه ومتى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المدعيين بالحق المدني لم يعلنا بالترك لشخصيهما فمن ثم لا يعتبر عدم حضورهما الجلسة التالية بمثابة ترك منهما لدعواهما المدنية وقد عدلت المحكمة - بهيئة مغايرة - عن هذا القضاء وصرحت للمدعيين بالحضور وبإعلان المتهمين، ومن ثم يكون دفاع المتهمين تلتفت عنه المحكمة". لما كان ذلك، وكان من المقرر وفقاً للمادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية أن يتبع في الفصل في الدعاوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة في القانون المذكور، فتخضع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي للقواعد الواردة في مجموعة الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها ما دام يوجد في مجموعة الإجراءات نصوص خاصة بذلك تتعارض مع ما يقابلها في قانون المرافعات المدنية، أما إذا لم يوجد نص خاص في قانون الإجراءات الجنائية فليس هناك ما يمنع من إعمال القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات، وإذ كانت القواعد المقررة - طبقاً لأحكام قانون المرافعات - أنه يترتب على النطق بالحكم خروج الدعوى عن حوزة المحكمة اعتباراً بأن ولايتها القضائية على الدعوى تنتهي بصدور الحكم فيها ويمتنع عليها العدول عما قضت به، ويعمل بهذه القاعدة بالنسبة لسائر الأحكام القطعية موضوعية كانت أم فرعية - كالحكم الصادر بإثبات ترك الخصومة - وسواء أنهت الخصومة أو لم تنهها، ويستوي أن يكون حكمها صحيحاً أم باطلاً أم مبنياً على إجراء باطل، ذلك لأن القاضي نفسه لا يسلط على قضائه ولا يملك تعديله أو إلغاءه، إذ لا سبيل إلى إلغاء أحكام القضاء أو تعديلها إلا بسلوك طرق الطعن المقررة في القانون واستثناء من هذا الأصل إذا شاب الحكم خطأ مادي بحت فقد ارتأى المشرع الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم طبقاً لإجراءات خاصة نظمتها المادة 191 من قانون المرافعات التي نصت على أنه: "تتولى المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة ويجري كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويوقعه هو ورئيس الجلسة، ويجوز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت المحكمة فيه حقها المنصوص عليه في الفقرة السابقة بطرق الطعن الجائزة في الحكم موضوع التصحيح، أما القرار الذي يصدر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على استقلال". ويتضح من المفهوم المخالف للنص القانوني سالف الإشارة أنه قاطع في أن الأخطاء غير المادية لا يجوز الرجوع في شأنها إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم، والقول بعكس ذلك فيه ابتداع لطريق من طرق الطعن لم يأذن به الشارع - كما أنه استثناء من هذا الأصل المقرر أباح الشارع للمحكمة العدول عن حكمها في أحوال معينة نص عليها على وجه الحصر - لحكمة ارتآها في تلك الحالات - منها ما نصت عليه المادة 242 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه: "إذا حضر الخصم قبل انتهاء الجلسة التي صدر فيها الحكم عليه في غيبته، وجب إعادة نظر الدعوى في حضوره" وما نصت عليه المادة 86 من قانون المرافعات من أنه: "إذا حضر الخصم الغائب قبل انتهاء الجلسة اعتبر كل حكم صدر عليه فيها كأن لم يكن" وما نصت عليه المادة 99 منه من حق المحكمة بتوقيع غرامة على من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن تنفيذ قرارات المحكمة ثم أجاز المشرع للمحكمة إقالة المحكوم عليه من الغرامة كلها أو بعضها إذا أبدى عذراً مقبولاً، وما نصت عليه المادة 104 من ذات القانون على حق المحكمة في الحكم بعقوبات عينتها المادة على من يخل بنظام الجلسة وحقها إلى ما قبل انتهاء الجلسة في الرجوع عن الحكم، وما نصت عليه المادة التاسعة من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 من حق المحكمة في العدول عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر. متى كان ما تقدم، وكانت محكمة أول درجة بعد إذ قضت بجلسة 17/ 5/ 1982 بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية، عادت في جلسة لاحقة وعدلت عن قضائها السابق ومضت في نظر الدعوى المدنية فإن حكمها يكون - في صدد هذه الدعوى معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه ما كان يجوز لها العدول عن ذلك القضاء بعد أن استنفذت ولايتها في هذا الخصوص، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أشار في مدوناته إلى أن المحكمة عقب قضاءها بإثبات الترك صرحت للمدعيين بالحقوق المدنية بالحضور وبإعلان المتهمين مما مفاده تجديد رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية بعد إذ سبق الحكم فيها - على السياق المتقدم - لما كان ذلك، وكان نص المادة 262 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه: "إذا ترك المدعي بالحقوق المدنية دعواه المرفوعة أمام المحاكم الجنائية، يجوز له أن يرفعها أمام المحاكم المدنية، ما لم يكن قد صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى". ومفاد ذلك بمفهوم المخالفة، أنه لا يجوز للمدعي بالحقوق المدنية - بعد أن حكم في دعواه المدنية من المحكمة - بالترك - وما دام حكم الترك قائماً لم يلغ، على السياق المتقدم، وهو الحال في الدعوى الماثلة - أن يعود فيجدد الدعوى تلك من جديد أمام المحكمة الجنائية لأن هذا الترك منه يعد إسقاطاً تتحقق أثاره القانونية بمجرد صدور الحكم به ولا يملك المسقط العودة إلى ما أسقط حقه فيه باعتبار أن طبيعة الإسقاط تتأبى على الرجوع فيما تناوله من إسقاط، وكل ما له هو اللجوء إلى المحكمة المدنية ما لم يكن قد صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى، يؤكد ذلك أن الأصل المقرر أن تختص المحاكم المدنية بنظر دعوى التعويض الناشئة عن الجريمة، وأجاز المشرع للمضرور استثناء من ذلك الأصل أن يرفعها أمام المحكمة الجنائية ومن ثم فإنه إذا ما سلك الطريق الاستثنائي ثم عدل عنه مسقطاً حقه فيه فلا يجوز له العودة إليه مرة أخرى، لما كان ما تقدم، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عاد من بعد إلى العدول عن قضائه السابق بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية، وأجاز لهما تجديد دعواهما المدنية المرفوعة بطريق التبعية للدعوى الجنائية مرة ثانية، والقضاء من ثم بقبول الدعوى المدنية تبعاً للدعوى الجنائية المقامة، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه - فيما قضى به في الدعوى المدنية - وإلغاء الحكم الابتدائي الصادر بجلسة 18/ 3/ 1985 وتأييد الحكم الابتدائي الصادر بجلسة 17/ 5/ 1982 القاضي بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية، وذلك بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر......، عملاً بنص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وذلك لاتصال وجه الطعن به ووحدة الواقعة مع إلزام المطعون ضدهما (المدعيين بالحقوق المدنية) المصاريف المدنية.