الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 20 نوفمبر 2024

الاتفاقية رقم 187: اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن الإطار الترويجي للسلامة والصحة المهنيتين، 2006

مقدمة
إن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية، وقد دعاه مجلس إدارة مكتب العمل الدولي إلى الانعقاد في جنيف، 
حيث عقد دورته الخامسة والتسعين في 31 أيار/ مايو 2006، 
وإذ يدرك ضخامة الإصابات والأمراض والوفيات المهنية على الصعيد العالمي، والحاجة إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لتخفيضها، 
وإذ يذكر بأن حماية العمال من العلل والأمراض والإصابات الناجمة عن العمل تشكل هدفا من أهداف منظمة العمل الدولية كما هي واردة في دستورها، 
وإذ يقر بأن الإصابات والأمراض والوفيات المهنية تخلف أثرا سلبيا على الإنتاجية وعلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإذ يلاحظ الفقرة ثالثا (ز) من إعلان فيلادلفيا، التي تنص على التزام منظمة العمل الدولية أمام الملأ بنشر الدعوة بين مختلف أمم العالم إلى برامج من شأنها أن تحقق الحماية الوافية لحياة وصحة العاملين في جميع المهن، 
وإذ يأخذ في الاعتبار إعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل، ومتابعته، 1998، 
وإذ يلاحظ اتفاقية السلامة والصحة المهنيتين، 1981 (رقم 155)، وتوصية السلامة والصحة المهنيتين، 1981 (رقم 164)، وغيرهما من صكوك منظمة العمل الدولية ذات الصلة بالإطار الترويجي للسلامة والصحة المهنيتين، 
وإذ يذكر بأن تعزيز السلامة والصحة المهنيتين يشكل جزءاً من برنامج منظمة العمل الدولية بشأن توفير العمل اللائق للجميع، 
وإذ يذكر بالاستنتاجات بشأن أنشطة منظمة العمل الدولية المتصلة بالمعايير في مجال السلامة والصحة المهنيتين - استراتيجية عالمية، التي اعتمدها مؤتمر العمل الدولي في دورته الحادية والتسعين (2003)، وبشكل خاص ضمان إعطاء الأولوية للسلامة والصحة المهنيتين في البرامج الوطنية، 
وإذ يشدد على أهمية التعزيز المتواصل لثقافة وقائية للسلامة والصحة على الصعيد الوطني، 
وإذ قرر اعتماد بعض المقترحات المتعلقة بالسلامة والصحة المهنيتين، موضوع البند الرابع في جدول أعمال الدورة، 
وإذ قرر أن تتخذ هذه المقترحات شكل اتفاقية دولية، يعتمد في هذا اليوم الخامس عشر من شهر حزيران/ يونيه عام ست وألفين الاتفاقية التالية التي ستسمى اتفاقية الإطار الترويجي للسلامة والصحة المهنيتين، 2006،

1
في مفهوم هذه الاتفاقية: 
(أ) يشير تعبير "سياسة وطنية" إلى السياسة الوطنية بشأن السلامة والصحة المهنيتين وبيئة العمل، الموضوعة وفقا للمبادئ الواردة في المادة 4 من اتفاقية السلامة والصحة المهنتين، 1981 رقم (155).
(ب) يشير تعبير "نظام وطني للسلامة والصحة المهنيتين" أو "نظام وطني" إلى الهيكل الأساسي الذي يوفر الإطار الرئيسي لتنفيذ السياسة الوطنية والبرامج الوطنية بشأن السلامة والصحة المهنيتين. 
(ج) يشير تعبير "برنامج وطني بشأن السلامة والصحة المهنيتين" أو "برنامج وطني" إلى أي برنامج وطني يشمل أهدافا يتعين تحقيقها في إطار زمني محدد مسبقا، وأولويات ووسائل عمل موضوعة بهدف تحسين السلامة والصحة المهنيتين، وأساليب لتقييم التقدم المحرز. 
(د) يشير تعبير "ثقافة وطنية وقائية للسلامة والصحة المهنيتين" إلى ثقافة يكون فيها الحق في بيئة عمل آمنة وصحية محترما على جميع المستويات، وتشارك بموجبها الحكومة وأصحاب العمل والعمال مشاركة نشطة في ضمان بيئة عمل آمنة وصحية من خلال نظام من الحقوق والمسؤوليات والواجبات المحددة، ويمنح فيها مبدأ الوقاية الأولوية القصوى.

2
1- تشجع كل دولة عضو تصدق على هذه الاتفاقية إجراء التحسينات المستمرة على السلامة والصحة المهنيتين، للوقاية من الإصابات والأمراض والوفيات المهنية، وذلك بوضع سياسة وطنية ونظام وطني وبرنامج وطني بالتشاور مع المنظمات الأكثر تمثيلا لأصحاب العمل وللعمال.
2- تتخذ كل دولة عضو تدابير نشطة ترمي إلى تحقيق بيئة عمل آمنة وصحية على نحو تدريجي، وذلك من خلال نظام وطني وبرامج وطنية بشأن السلامة والصحة المهنيتين وبمراعاة المبادئ الواردة في صكوك منظمة العمل الدولية ذات الصلة بالإطار الترويجي للسلامة والصحة المهنيتين.
3- تنظر كل دولة عضو، بصورة دورية وبالتشاور مع المنظمات الأكثر تمثيلا لأصحاب العمل وللعمال، في التدابير التي يمكن اتخاذها للتصديق على اتفاقيات منظمة العمل الدولية ذات الصلة بالسلامة والصحة المهنيتين.

3
1- تعزز كل دولة عضو بيئة عمل آمنة وصحية عن طريق صياغة سياسة وطنية لهذه الغاية.
2- تعزز كل دولة عضو حق العمال في بيئة عمل آمنة وصحية وتعمل على الارتقاء بهذا الحق على جميع المستويات ذات الصلة.
3- تقوم كل دولة عضو، عند صياغة سياستها الوطنية، على ضوء الظروف والممارسات الوطنية وبالتشاور مع المنظمات الأكثر تمثيلا لأصحاب العمل وللعمال، بتعزيز المبادئ الأساسية، من قبيل تقييم الأخطار أو المخاطر المهنية، مكافحة الأخطار أو المخاطر المهنية في مصدرها، وضع ثقافة وقائية وطنية للسلامة والصحة تشمل المعلومات والمشورة والتدريب.

4
1- تضع كل دولة عضو نظاما وطنيا للسلامة والصحة المهنيتين تحفظه وتطوره تدريجيا وتستعرضه دوريا بالتشاور مع المنظمات الأكثر تمثيلا لأصحاب العمل وللعمال.
2- يشمل النظام الوطني للسلامة والصحة المهنيتين من جملة أمور ما يلي:
(أ) قوانين ولوائح، واتفاقات جماعية عند الاقتضاء، وأي صكوك أخرى من الصكوك ذات الصلة في مجال السلامة والصحة المهنيتين. 
(ب) سلطة أو هيئة أو سلطات أو هيئات مسؤولة عن السلامة والصحة المهنيتين، معينة وفقا للقوانين والممارسات الوطنية. 
(ج) آليات لضمان الامتثال للقوانين واللوائح الوطنية، بما في ذلك نظم التفتيش. 
(د) ترتيبات لتعزيز التعاون بين الإدارة والعمال وممثليهم على مستوى المنشأة، بوصف ذلك عنصرا أساسيا من تدابير الوقاية المتصلة بمكان العمل.
3- يشمل النظام الوطني للسلامة والصحة المهنيتين، عند الاقتضاء، ما يلي: 
(أ) هيئة أو هيئات استشارية ثلاثية وطنية تتصدى لقضايا السلامة والصحة المهنيتين. 
(ب) معلومات وخدمات استشارية بشأن السلامة والصحة المهنيتين. 
(ج) توفير التدريب في مجال السلامة والصحة المهنيتين. 
(د) خدمات في مجال الصحة المهنية بما يتفق مع القوانين والممارسات الوطنية.
(هـ) إجراء البحوث في مجال السلامة والصحة المهنيتين.
(و) آلية لجمع البيانات المتعلقة بالإصابات والأمراض المهنية وتحليلها، مع مراعاة صكوك منظمة العمل الدولية ذات الصلة. 
(ز) أحكام بشأن التعاون مع نظم التأمين أو نظم الضمان الاجتماعي ذات الصلة، التي تغطي الإصابات والأمراض المهنية.
(ح) آليات دعم لتحقيق تحسن تدريجي في ظروف السلامة والصحة المهنيتين في المنشآت بالغة الصغر والصغيرة والمتوسطة وفي الاقتصاد غير المنظم.
5
1- تضع كل دولة عضو برنامجا وطنيا بشأن السلامة والصحة المهنيتين وتنفذ هذا البرنامج وترصده وتقيمه وتستعرضه بصورة دورية، بالتشاور مع المنظمات الأكثر تمثيلا لأصحاب العمل وللعمال. 
2- يكون البرنامج الوطني كما يلي: 
(أ) يشجع وضع ثقافة وطنية وقائية للسلامة والصحة. 
(ب) يسهم في حماية العمال عن طريق إزالة المخاطر والأخطار المتصلة بالعمل أو تقليلها إلى أدنى حد ممكن ومعقول، وفقا للقوانين والممارسات الوطنية، بهدف الوقاية من الإصابات والأمراض والوفيات المهنية وتعزيز السلامة والصحة في مكان العمل. 
(ج) يكون مصاغا ومستعرضا على أساس تحليل الوضع الوطني في مجال السلامة والصحة المهنيتين، بما في ذلك تحليل النظام الوطني للسلامة والصحة المهنيتين. 
(د) يتضمن أهدافا وغايات ومؤشرات عن التقدم المحرز. 
(هـ) يكون معززا، حيثما أمكن، ببرامج وخطط وطنية تكميلية أخرى من شأنها المساعدة على توفير بيئة عمل آمنة وصحية بشكل تدريجي.
3- يكون البرنامج الوطني معمما على نطاق واسع وتقوم أعلى السلطات الوطنية بدعمه واستهلاله، قدر الإمكان.

6
لا تراجع هذه الاتفاقية أي اتفاقية أو توصية من اتفاقيات وتوصيات العمل الدولية.

7
تبلغ التصديقات الرسمية على هذه الاتفاقية إلى المدير العام لمكتب العمل الدولي لتسجيلها.

8
1- لا تلزم هذه الاتفاقية سوى الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية التي سجل المدير العام لمكتب العمل الدولي تصديقاتها.
2- يبدأ نفاذ هذه الاتفاقية بعد انقضاء اثني عشر شهرا من تاريخ تسجيل تصديقي دولتين عضوين لدى المدير العام.
3- بعدئذ، تصبح هذه الاتفاقية نافذة بالنسبة لأي دولة عضو بعد انقضاء اثني عشر شهرا من تاريخ تسجيل تصديقها.
9
1- يجوز لأي دولة عضو صدقت على هذه الاتفاقية أن تنقضها بعد انقضاء عشر سنوات من تاريخ بدء نفاذ الاتفاقية لأول مرة، بمستند ترسله إلى المدير العام لمكتب العمل الدولي لتسجيله، ولا يكون هذا النقض نافذا إلا بعد انقضاء سنة واحدة من تاريخ تسجيله.
2- كل دولة عضو صدقت على هذه الاتفاقية، ولم تستعمل حقها في النقض المنصوص عليه في هذه المادة أثناء السنة التالية لانقضاء فترة السنوات العشر المذكورة في الفقرة السابقة، تظل ملتزمة بها لمدة عشر سنوات أخرى، وبعدئذ يجوز لها أن تنقض هذه الاتفاقية في السنة الأولى من كل فترة عشر سنوات جديدة وفقا للشروط المنصوص عليها في هذه المادة.

10
1- يخطر المدير العام لمكتب العمل الدولي جميع الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية بتسجيل جميع التصديقات والنقوض التي تبلغه إياها الدول الأعضاء في المنظمة.
2- يسترعي المدير العام انتباه الأعضاء في المنظمة، لدى إخطارها بتسجيل التصديق الثاني، إلى التاريخ الذي يبدأ فيه نفاذ هذه الاتفاقية.

11
يبلغ المدير العام لمكتب العمل الدولي الأمين العام للأمم المتحدة لأغراض التسجيل وفقا للمادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة، التفاصيل الكاملة لكل التصديقات والنقوض التي تسجل لديه.

12
يقدم مجلس إدارة مكتب العمل الدولي إلى المؤتمر العام تقريرا عن تطبيق هذه الاتفاقية كلما رأى ضرورة لذلك، وينظر فيما إذا كان هناك ما يدعو إلى إدراج مسألة مراجعتها في جدول أعمال المؤتمر.

13
1- إذا اعتمد المؤتمر اتفاقية جديدة تراجع هذه الاتفاقية، وما لم تنص الاتفاقية الجديدة على خلاف ذلك: 
(أ) يستتبع تصديق دولة عضو على الاتفاقية الجديدة المراجعة، قانونا، وبالرغم من أحكام المادة 9 أعلاه، النقض المباشر للاتفاقية الحالية، شريطة أن تكون الاتفاقية الجديدة المراجعة قد دخلت حيز النفاذ. 
(ب) اعتبارا من تاريخ بدء نفاذ الاتفاقية الجديدة المراجعة، يقفل باب تصديق الدول الأعضاء على الاتفاقية الحالية.
2- تظل الاتفاقية الحالية في جميع الأحوال نافذة في شكلها ومضمونها الحاليين بالنسبة للدول الأعضاء التي صدقت عليها ولم تصدق على الاتفاقية المراجعة.

14
النصان الإنكليزي والفرنسي لهذه الاتفاقية متساويان في الحجية.

الطعن 6510 لسنة 91 ق جلسة 20 / 9 / 2022 مكتب فني 73 ق 55 ص 510

جلسة 20 من سبتمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / محمد سامي إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / هادي عبد الرحمن ، يونس سليم وأحمد مقلد نواب رئيس المحكمة وتامر عباس .
----------------
(55)
الطعن رقم 6510 لسنة 91 القضائية
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
(2) محكمة استئنافية .
تأييد المحكمة الاستئنافية الحكم المستأنف لأسبابه . بيانها لتلك الأسباب . غير لازم . كفاية الإحالة إليها . علة ذلك ؟
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير توافر عنصر الخطأ " . أسباب الإباحة وموانع العقاب " أسباب الإباحة . الحادث القهري " .
تقدير توافر الخطأ المستوجب للمسئولية . موضوعي .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
الحادث القهري . شرطه : ألا يكون للجاني يد في حصوله أو في قدرته منعه . كفاية اطمئنان المحكمة إلى توافر الخطأ في حق الطاعن وإيرادها صورة الخطأ الذي وقع منه ورتبت عليه مسئوليته لنفي القول بحصول الواقعة عن حادث قهري .
(4) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجابة طلب أمسك الطاعن عن إبدائه . غير مقبول .
مثال .
(6) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
نعي الطاعن على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يكشف عن أوجهه . غير مقبول . علة ذلك ؟
(7) دعوى مدنية . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . نقض "حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
المادة 264 إجراءات جنائية . مفادها ؟
ثبوت إقامة الطاعن لدعوى مدنية قبل تحريك النيابة العامة للدعوى الجنائية وعدم تركه لها . أثره : عدم قبول الدعوى المدنية تبعاً للدعوى الجنائية . القضاء بقبولها . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه وتصحيحه بعدم قبولها . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان المتهم بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ومن ثم فإن النعي بأن الحكم شابه الإجمال والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وبأدلتها يكون لا محل له .
2- من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها ، بل يكفي أن تحيل عليها ، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن اعتناق الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم المستأنف يكون في غير محله .
3- من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مدنياً وجنائياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان يشترط لتوافر حالة الحادث القهري ألا تكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه . وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى توافر الخطأ في حق الطاعن وأوردت صورة الخطأ الذي وقع منه ورتبت عليه مسئوليته فإن في ذلك ما ينتفي معه القول بحصول الواقعة عن حادث قهري ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد .
4- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه ، فإن ما يثيره بشأن إعراض الحكم عما قدمه من مستندات دالة على عدم ارتكابه للجريمة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي حق محكمة الموضوع في استنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان البيّن من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يجحد الصور الضوئية للمستندات المقدمة والمعروضـة على المحكمة فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجابة طلب أمسك عن إبدائه .
6- لما كان الطاعن لم يكشف عن أوجه الدفاع والدفوع التي ينعى على الحكم قعوده عن الرد عليهـا حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، وهل تحوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على الحكم أن يعرض له ويرد عليه ، أم أنه من قبيل الدفاع الموضـوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت رداً عليه ، بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً .
7- لما كان المستفاد من نص المادة ٢٦٤ من قانون الإجراءات الجنائية أنه متى رفع المدعي بالحقوق المدنية دعواه أمام المحكمة المدنية ، فإنه لا يجوز له أن يرفعها بعد ذلك إلى المحكمة الجنائية ولو بطريق التبعية إلى الدعوى الجنائية القائمة ما دام أنه لم يترك دعواه أمام المحكمة المدنية . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية قد اختار الطريق المدني بإقامته دعوى مدنية برقم .... لسنة .... تجاري كلي .... قبل الطاعن والمسئول عن الحقوق المدنية بطلب التعويض الناشئ عن الجريمة ، وكان ذلك قبل رفع الدعوى الجنائية الحالية من جانب النيابة العامة ، وأنه لم يترك دعواه المدنية ، كما أنه في الدعوى الجنائية الماثلة طلب فيها المدعي بالحقوق المدنية الحكم له بتعويض مؤقت عن الجريمة ذاتها ، وكان البين من الأوراق اتحاد الدعويين سبباً وخصوماً وموضوعاً، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول دعواه المدنية تبعاً للدعوى الجنائية المقامة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً بالنسبة للدعوى المدنية وتصحيحه بعدم قبولها مع إلزام المطعون ضده " رئيس مجلس إدارة الشركة .... بصفته " بمصاريفها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- أتلف بإهماله وعدم احترازه شيئاً من المنشآت المخصصة للبنية الأساسية لشبكة الاتصالات وترتب على ذلك انقطاع الاتصال .
وأحالته لمحكمة جنح .... الاقتصادية ، وطلبت عقابه بالمواد ۱ ، ۷۰ ، ۷۱ من القانون رقم 10 لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات .
وادعـت مـدنياً الشركة المصرية للاتصالات – بوكيل عنها - قبـل كل من المـتـهم والمسئول عن الحقـوق المدنيـة بمبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه علـى سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً ، أولاً : بحبس المتهم ستة أشهر وكفالة ألف جنيه لإيقاف التنفيذ وتغريمه مبلغ وقدره ألف جنيه وإلزامه بنفقات رد الشيء لأصله بمبلغ .... دولار أمريكي كما ألزمته بمصاريف الدعوى الجنائية ، ثانياً : بإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية أن يؤديا بالتضامن للمدعي بالحق المدني مبلغاً وقدره خمسة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وإلزامهما بمصاريف الدعوى المدنية ومقابل أتعاب المحاماة .
فعارض المتهم وقضي في المعارضة حضورياً بتوكيل بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه لتصبح تكاليف رد الشيء لأصله بمبلغ .... دولار أمريكي والتأييد فيما عدا ذلك وألزمت المتهم المصاريف الجنائية .
واستأنف المتهم وقيد استئنافه برقم .... جنح مستأنف .... .
ومحكمة .... الاقتصادية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء عقوبة الحبس المقضي بها وبتغريم المتهم ألف جنيه وإلزامه برد الشيء لأصله بمبلغ .... دولار بما يعادلها بالجنيه المصري وقت وقوع الجريمة والتأييد فيما عدا ذلك وألزمته بالمصروفات الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إتلاف خط من خطوط الاتصالات بإهمال ترتب عليه انقطاع الاتصالات التليفونية ، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ، ذلك أن الحكم اعتوره الإجمال والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وبأدلتها وجاء قاصراً في التدليل على توافر أركان الجريمة المسندة إليه ، واكتفى بالإحالة على أسباب الحكم المستأنف ولم يورد أسباباً مستقلة لقضائه ، وتمسك الطاعن بانتفاء ركن الخطأ وأن الحادث مرجعه قوة قاهرة نظراً لسوء الأحوال الجوية إلا أن الحكم لم يعرض لذلك الدفاع بالإيراد أو الرد عليه ، والتفت عن المستندات التي قدمها تدليلاً على انتفاء الجريمة في حقه وطلبه إنقاص قيمة رد الشيء لأصله ، وجحده كافة الصور الضوئية للمستندات المقدمة في الدعوى وعن أوجه دفاعه ودفوعه الجوهرية ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان المتهم بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ومن ثم فإن النعي بأن الحكم شابه الإجمال والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وبأدلتها يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها ، بل يكفي أن تحيل عليها ، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن اعتناق الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم المستأنف يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مدنياً وجنائياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان يشترط لتوافر حالة الحادث القهري ألا تكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه . وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى توافر الخطأ في حق الطاعن وأوردت صورة الخطأ الذي وقع منه ورتبت عليه مسئوليته فإن في ذلك ما ينتفي معه القول بحصول الواقعة عن حادث قهري ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه ، فإن ما يثيره بشأن إعراض الحكم عما قدمه من مستندات دالة على عدم ارتكابه للجريمة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي حق محكمة الموضوع في استنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يجحد الصور الضوئية للمستندات المقدمة والمعروضـة على المحكمة فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجابة طلب أمسك عن إبدائه . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يكشف عن أوجه الدفاع والدفوع التي ينعى على الحكم قعوده عن الرد عليهـا حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، وهل تحوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على الحكم أن يعرض له ويرد عليه ، أم أنه من قبيل الدفاع الموضـوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت رداً عليه ، بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن – في خصـوص الدعوى الجنائية - برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ، مع مصادرة الكفالة . لما كان ذلك ، وكان المستفاد من نص المادة ٢٦٤ من قانون الإجراءات الجنائية أنه متى رفع المدعي بالحقوق المدنية دعواه أمام المحكمة المدنية ، فإنه لا يجوز له أن يرفعها بعد ذلك إلى المحكمة الجنائية ولو بطريق التبعية إلى الدعوى الجنائية القائمة ما دام أنه لم يترك دعواه أمام المحكمة المدنية . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية قد اختار الطريق المدني بإقامته دعوى مدنية برقم .... لسنة .... تجاري كلي .... قبل الطاعن والمسئول عن الحقوق المدنية بطلب التعويض الناشئ عن الجريمة ، وكان ذلك قبل رفع الدعوى الجنائية الحالية من جانب النيابة العامة ، وأنه لم يترك دعواه المدنية ، كما أنه في الدعوى الجنائية الماثلة طلب فيها المدعي بالحقوق المدنية الحكم له بتعويض مؤقت عن الجريمة ذاتها ، وكان البين من الأوراق اتحاد الدعويين سبباً وخصوماً وموضوعاً ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول دعواه المدنية تبعاً للدعوى الجنائية المقامة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً - بالنسبة للدعوى المدنية - وتصحيحه بعدم قبولها مع إلزام المطعون ضده " رئيس مجلس إدارة الشركة .... بصفته " بمصاريفها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1350 لسنة 91 ق جلسة 27 / 9 / 2022 مكتب فني 73 ق 60 ص 555

جلسة 27 من سبتمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / مجدي عبد الحليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمود عصر ، رافع أنور ومحمد أيمن نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد المعز .
--------------------
(60)
الطعن رقم 1350 لسنة 91 القضائية
(1) سوق رأس المال . جريمة " أركانها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الركنان المادي والمعنوي لجريمة إجراء عمليات شراء أوراق مالية بالهامش بالمخالفة للقانون . ماهيتهما ؟ المادة ٢٩٤ من اللائحة التنفيذية للقانون 9٥ لسنة ۱۹۹۲ المعدل.
جريمة إجراء عمليات شراء أوراق مالية بالهامش بالمخالفة للقانون . لا يشترط لقيامها قصداً خاصاً . كفاية توافر القصد العام . لمحكمة الموضوع استخلاصه من الوقائع المعروضة عليها . تحدث الحكم استقلالاً عنه . غير لازم . كفاية استفادته منه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(2) سوق رأس المال . مسئولية جنائية .
نعي الطاعن على الحكم إدانته بجريمة شراء الأوراق المالية بالهامش بالمخالفة للقانون على أساس المسئولية المفترضة والتفاته عن القانون 17 لسنة 2018 الأصلح . غير مقبول . متى طبقت المحكمة المادة 68 /1 منه واطمأنت إلى علمه بارتكابها إخلالاً بواجبات وظيفته .
(3) دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
اطراح الحكم سائغاً دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة . النعي عليه في هذا الشأن . غير مقبول .
(4) سوق رأس المال . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
دفع الطاعن بمسئولية مدير حساب العميل والمنفذ والمراقب عن التحقق من مطابقة عمليات البيع بالهامش للقوانين واللوائح . نفي للتهمة . لا يستوجب رداً . استفادته من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . سوق رأس المال . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير الدليل . موضوعي .
النعي على الحكم تعويله على الدليل المستمد من مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية رغم كون نصوص القرار ٦٧ لسنة ٢٠١٤ تنظيمية . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
المنازعة في صورة الواقعة التي استخلصتها المحكمة . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي . عدم التزام المحكمة بالرد على الطعون الموجهة إليها . ما دامت لم تجد فيها ما يستحق الالتفات إليه . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الواضح من نص المادة ٢٩٤ من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9٥ لسنة ۱۹۹۲ المعدل في صريح عبارته وواضح دلالته أنه يشترط لتوافر هذه الجريمة ركنان ، ركن مادي وركن معنوي ، والركن المادي قوامه إجراء عمليات شراء الأوراق المالية بالهامش مع تجاوز النسبة القانونية للهامش بسبب الإخلال بواجبات الوظيفة ، والركن المعنوي هو القصد الجنائي ، ولم يشترط لقيامها قصداً جنائياً خاصاً بل يكفي أن يتوافر فيها القصد الجنائي العام وهو يتحقق بإدراك الجاني لما يفعله مع علمه بشروطه ، وتقدير توافر هذا الركن من شأن محكمة الموضوع التي لها مطلق الحرية في استخلاصه من الوقائع المعروضة عليها ، ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون مستفاداً منه ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مقام التدليل على توافر الجريمة في حق الطاعن وما استدل به على علمه بإجراء عمليات الشراء بالهامش بالمخالفة للائحة التنفيذية وإخلاله بواجبات وظيفته تتحقق به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة التي دانه بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى وفي سلطتها في وزن عناصرها واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة استخلصت من أدلة وعناصر الدعوى في منطق سائغ صحة إسناد الاتهام إلى الطاعن وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين على توافر علم الطاعن بإجراء عمليات الشراء بالهامش بالمخالفة للقانون ولائحته التنفيذية وأن الجريمة وقعت بسبب إخلاله بواجباته الوظيفية ولم يكن للقول بالمسئولية المفترضة تأثير في قضائه ، فإنه يكون قد صادف التطبيق القانوني الصحيح لنص المادة 68 / الفقرة الأولى من القانون رقم ١٧ لسنة ۲۰۱۸ بتعديل بعض أحكام قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ۱۹۹۲ ، ومن ثم فلا جدوى للحديث عن تحقق القانون الأصلح - أياً كان وجه الرأي فيه - ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن غير مقترن بالصواب .
3- لما كان الحكم المطعون فيه عرض للدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة مطرحاً إياه برد سائغ يتفق وصحيح القانون ، مما يضحى معه النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .
4- لما كان النعي بأن مدير حساب العميل والمنفذ والمراقب الداخلي هم المسئولون عن التحقق من مطابقة عمليات البيع بالهامش للقوانين واللوائح وليس الطاعن مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن تقدير الدليل موكول إلى محكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، وكانت الأدلة التي ساقها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه ، فإن النعي على الحكم بصدد الدليل المستمد من مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير وقائع الدعوى وأدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، فإن ما يثيره الطاعن من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مجرد مخالفة إدارية ولا تشكل الجريمة التي دانه الحكم بها يعد منازعة في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة وجدلاً موضوعياً لا يثار لدى محكمة النقض .
7- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير الذي أخذت به لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فيها ما يستحق التفاتها إليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الفساد في الاستدلال لهذا السبب يكون في غير محله وينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- بصفته العضو المنتدب والمسئول عن شركة " .... لتداول الأوراق المالية " لم يلتزم في تعاملات الشركة آنفة البيان مع عملائها بمبادئ الأمانة والحرص على مصالح العملاء وذلك بأن قام بإجراء معاملات على حساب العميل / .... ، وحساب نجله / .... – القاصر - دون إذن أو تفويض منه بذلك على النحو المبين بالأوراق .
2- بصفته السابقة لم يقم ببذل عناية الرجل الحريص للتحقق من قدرة العملاء على الوفاء بالتزاماتهم الناتجة عن عمليات الشراء بالهامش وذلك بأن قام بإجراء الشراء بالهامش لأحد عملاء الشركة / .... ، ونجله .... - القاصر - على الرغم من كونه مديناً بالشركة دون أن يسدد نسبة التجاوز على النحو المبين بتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية .وأحالته للمحاكمــة أمــام محكمــة جنح .... الاقتصادية ، وطلبت عقــابه بالمواد 67 ، 68 ، 69/1 من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ۱۹۹۲ المعدل بالقانون رقم ۱۲۳ لسنة ۲۰۰۸ ، والمواد أرقام ٢١٤ ، ۲۳۱ ، 2٤3 /1 ، 29٤ من لائحته التنفيذية ، والمادة الخامسة من القرار رقم 67 لسنة ۲۰۱٤ والصادر بتاريخ 27 من أبريل سنة 2014 بشأن مزاولة مهنة السمسرة في الأوراق المالية وأمناء الحفظ لعمليات شراء الأوراق المالية بالهامش.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتوكيل عملاً بالمادة ٦٧ من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة ١٩٩٢ المعدل ، ببراءة المتهم مما أسند إليه بالنسبة للاتهام الأول وتغريمه مائتي ألف جنيه عن الاتهام الثاني مع إلزامه بالمصاريف الجنائية.
فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة جنح مستأنف .... الاقتصادية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم خمسين ألف جنيه عما أسند إليه وألزمته بمصاريف الاستئناف .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
وقضت محكمة استئناف القاهرة - دائرة طعون نقض الجنح المنعقدة في غرفة المشورة - بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن .
وإذ نظرت هذه المحكمة الطعن .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إجراء عمليات شراء أوراق مالية بالهامش بالمخالفة للقانون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يستظهر أركان الجريمة التي دانه بها ولم يدلل على توافرها في حقه ، وأقام قضاءه بإدانة الطاعن على أساس المسئولية المفترضة مخالفاً قرينة البراءة دون أن يفطن إلى صدور القانون رقم ١٧ لسنة ٢٠١٨ باعتباره أصلح للطاعن ، ودفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة لكون عمليات الشراء بالهامش على حساب العميل والتحقق من مطابقتها للقوانين واللوائح لا تقع ضمن اختصاصات الطاعن وأن مدير حساب العميل والمنفذ والمراقب الداخلي هم المسئولون عن ذلك وفقاً للقرار رقم ٢٤ لسنة ٢٠٠٧ إلا أن الحكم اطرح الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون ، وعول الحكم على مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية رغم عدم صحة ما ورد بها من مخالفة قواعد الشراء بالهامش بحساب العميل – لما عدده من الشواهد - أخصها أن مواد القرار رقم ٦٧ لسنة ٢٠١٤ بشأن تنظيم مزاولة شركات السمسرة في الأوراق المالية وأمناء الحفظ لعمليات شراء الأوراق المالية بالهامش هي نصوص تنظيمية مما يكشف عن أن الواقعة بمنأى عن التأثيم ولا تعدو أن تكون مجرد مخالفة إدارية يقتصر أثرها على قيام هيئة الرقابة المالية بالتنبيه على الشركة المخالفة ، كما عول على تقرير الخبير رغم أنه لم يقم باحتساب أسعار الأوراق المالية ونسبتها إلى المديونية ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الواضح من نص المادة ٢٩٤ من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9٥ لسنة ۱۹۹۲ المعدل في صريح عبارته وواضح دلالته أنه يشترط لتوافر هذه الجريمة ركنان ، ركن مادي وركن معنوي ، والركن المادي قوامه إجراء عمليات شراء الأوراق المالية بالهامش مع تجاوز النسبة القانونية للهامش بسبب الإخلال بواجبات الوظيفة ، والركن المعنوي هو القصد الجنائي ، ولم يشترط لقيامها قصداً جنائياً خاصاً بل يكفي أن يتوافر فيها القصد الجنائي العام وهو يتحقق بإدراك الجاني لما يفعله مع علمه بشروطه ، وتقدير توافر هذا الركن من شأن محكمة الموضوع التي لها مطلق الحرية في استخلاصه من الوقائع المعروضة عليها ، ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون مستفاداً منه ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مقام التدليل على توافر الجريمة في حق الطاعن وما استدل به على علمه بإجراء عمليات الشراء بالهامش بالمخالفة للائحة التنفيذية وإخلاله بواجبات وظيفته تتحقق به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة التي دانه بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى وفي سلطتها في وزن عناصرها واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة استخلصت من أدلة وعناصر الدعوى في منطق سائغ صحة إسناد الاتهام إلى الطاعن وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين على توافر علم الطاعن بإجراء عمليات الشراء بالهامش بالمخالفة للقانون ولائحته التنفيذية وأن الجريمة وقعت بسبب إخلاله بواجباته الوظيفية ولم يكن للقول بالمسئولية المفترضة تأثير في قضائه ، فإنه يكون قد صادف التطبيق القانوني الصحيح لنص المادة 68 / الفقرة الأولى من القانون رقم ١٧ لسنة ۲۰۱۸ بتعديل بعض أحكام قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ۱۹۹۲ ، ومن ثم فلا جدوى للحديث عن تحقق القانون الأصلح - أياً كان وجه الرأي فيه - ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن غير مقترن بالصواب . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه عرض للدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة مطرحاً إياه برد سائغ يتفق وصحيح القانون ، مما يضحى معه النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان النعي بأن مدير حساب العميل والمنفذ والمراقب الداخلي هم المسئولون عن التحقق من مطابقة عمليات البيع بالهامش للقوانين واللوائح وليس الطاعن مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقدير الدليل موكولاً إلى محكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، وكانت الأدلة التي ساقها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه ، فإن النعي على الحكم بصدد الدليل المستمد من مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير وقائع الدعوى وأدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، فإن ما يثيره الطاعن من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مجرد مخالفة إدارية ولا تشكل الجريمة التي دانه الحكم بها يعد منازعة في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة وجدلاً موضوعياً لا يثار لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير الذي أخذت به لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فيها ما يستحق التفاتها إليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الفساد في الاستدلال لهذا السبب يكون في غير محله وينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس معيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

الطعن 1879 لسنة 90 ق جلسة 15 / 10 / 2022 مكتب فني 73 ق 67 ص 630

جلسة 15 من أكتوبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / حمدي أبو الخير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / بدر خليفة ، الأسمر نظير وخالد جاد نواب رئيس المحكمة وياسر الأنصاري .
----------------
(67)
الطعن رقم 1879 لسنة 90 القضائية
(1) استيقاف . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الاستيقاف . ماهيته ؟
تقدير قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه . موضوعي . ما دام سائغاً .
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توفراها . موضوعي . حد ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان الاستيقاف والقبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس .
(2) إثبات " إقرار " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
إقرار الطاعن بارتكاب الواقعة . قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة . النعي في هذا الشأن . غير مقبول . حد ذلك ؟
(3) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(4) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم .
عدم التزام المحكمة بندب خبير في الدعوى . متى وضحت الواقعة لديها .
مثال .
(5) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بتلفيق التهمة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه ". محكمة النقض " سلطتها " .
إغفال الحكم القضاء بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الجريمة على نفقة الطاعن وإلزامه بقيمة التلفيات المنصوص عليها في المادة 25/ 4 من القانون 94 لسنة 2015 . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الاستيقاف والقبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه بقوله : ( أن المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات والجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه ، كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول بتحقيقات النيابة العامة وأدلة الإثبات الأخرى أنه بتاريخ .... وحال قيام الضابط / .... معاون مباحث قسم شرطة .... بعمل كمين أمني بمنطقة .... لاحظ سير السيارة رقم .... نقل كبيرة " فنطاس " قادمة في اتجاه الكمين والذي ما أن فطن قائدها المتهم / .... للكمين حتى توقف مكانه وتردد ما بين استكمال سيره أو العودة للخلف فتوجه الضابط نحوه وقام باستيقافه وقدم بطاقة تحقيق الشخصية ورخصة القيادة ورخصة تسيير باسم المتهم الثاني / .... وبمواجهته بحمولة السيارة قرر أنها بترول خام تحصل عليها عن طريق السرقة مع بعض الأعراب عن طريق وضع محبس على الماسورة الأم المدفونة تحت الأرض فتم ضبطه والسيارة ، وقد توصلت التحريات لقيام المتهم الأول ومالك السيارة " المتهم الثاني " بالاشتراك مع آخرين مجهولين بسرقة خام المواد البترولية بأن قاموا بإتلاف أحد خطوط أنابيب البترول حتى يتمكنوا من إتمام السرقة ، وعقب ذلك تم تمشيط خط البترول التابع للشركة فتبين بمنطقة .... آثار حفر أعلى خط البترول رقم .... وآثار لخام البترول على الأرض ومُركب على الخط كلبسات ومحبسان ، كما تبين قيام المتهم بإتلاف أحد خطوط أنابيب البترول بمنطقة .... وسرقة خام البترول المملوك لشركة .... ، وقد ثبت من فحص العينة المأخوذة من المواد البترولية المضبوطة وتحليلها أن ذلك الخام يخص .... واتضح ذلك من خلال تحديد كثافة الخام والذي يعد بمثابة بصمة تميزه عن غيره وقيمة هذه التلفيات وأعمال الصيانة وتأمينها تقدر بقيمة 37800 جنيه وقد بلغ قيمة العجز من خام بترول .... من الفترة .... وحتى .... بمبلغ 30383050.658 جنيه ، الأمر الذي تستخلص منه المحكمة توافر حالة من حالات التلبس التي تبيح القبض والتفتيش طبقاً لنص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم حق للضابط شاهد الإثبات الأول القبض عليه وتفتيشه ، ومن ثم يكون القبض والتفتيش وما نتج عنهما قد جاء وفق صحيح القانون ، ويكون الدفع المبدى في هذا الشأن قد جاء على غير سند من الواقع والقانون تلتفت عنه المحكمة ) . لما كان ذلك ، وكان الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة على سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف ، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الريب والظن ، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري وللكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، والفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه ، كما أن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها بغير معقب - ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي من إيقاف السيارة النقل التي كانت محملة بالمواد البترولية وإذ ارتاب في الأمر بعد تردد قائد السيارة – الطاعن – حال دخوله للكمين ما بين استكمال سيره أو العودة للخلف بعد مشاهدته لضابط الواقعة ، وهو ما يبيح له استيقافه فتوجه نحوه وبمواجهته بحمولة السيارة قرر أنها بترول خام تحصل عليها عن طريق السرقة بالاشتراك مع آخرين ، وهو ما أكدته تحريات الشرطة مما يبيح له القبض عليه وتفتيشه بعد اعترافه له بالسرقة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بالقصور والخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله .
2- لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى الطاعن إقراراً مستقلاً بارتكاب الواقعة اتخذ منه دليلاً على ثبوت التهمة بل عول في ذلك على إقراره الشفوي لضابط الواقعة - الشاهد الأول - وهو بهذه المثابة لا يعد إقراراً بالمعنى الصحيح ، وإنما هو مجرد قول للشاهد المذكور يخضع لمطلق تقدير محكمة الموضوع التي أفصحت عن اطمئنانها إليه ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله .
3- لما كان ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه من أوجه تشهد بعدم ارتكابه الواقعة التي نسبت إليه لضبطه بمكان بعيد عن مكان الواقعة - محل الإتلاف - وعدم وجود بلاغ سابق بالواقعة من الجهة المالكة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى التي اطمأنت إليها واستنبطت معتقدها منها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها .
4- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً عما يدعيه بشأن خلو الأوراق من تقرير فني يفيد أن خام البترول المضبوط من نفس المسروق ، ولم يطلب إلى المحكمة تدارك هذه الأمور ، ومن ثم فلا يحل له - من بعد - أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ إنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات والتحقيقات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له . هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن المحكمة لا تلزم بندب خبير في الدعوى ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من خلو الأوراق من تقرير فني لا يكون سديداً .
5- من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء على الطاعن بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الجريمة على نفقته ، وبإلزامه بأداء قيمة التلفيات والمنصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة 25 من القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن إصدار قانون مكافحة الإرهاب وبما ينطوي على خطأ في تطبيق القانون بيد أنه لا سبيل لتصحيحه ما دام أن النيابة العامة لم تطعن في الحكم وحتى لا يضار الطاعن بطعنه عملاً بنص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بشـأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... ( طاعن ) 2- .... بأنهما :
1- أتلفا وآخرون مجهولون عمداً خط البترول الخام الممتد من محطة .... حتى محطة .... والمستخدم لنقل خام حقول بترول .... والمملوك لشركة .... وقد ترتب على ذلك توقف وانقطاع إمداد المنتجات البترولية ( بترول خام ) بصفة مؤقتة إلى معامل تكرير البترول الخام .... وذلك على النحو المبين بالأوراق .
2- سرقا وآخرون مجهولون المنقول المبين وصفاً وقيمة بالأوراق ( خام البترول ) والمملوك لشركة .... وذلك على النحو المبين بالأوراق .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت الشركة المجني عليها – بوكيل عنها – مدنياً قبل المتهم الأول بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني عملاً بالمادة 317 / رابعاً ، خامساً من قانون العقوبات ، والمادة ٢٥ /1 ، ۲ ، 4 من القانون رقم 94 لسنة ٢٠١٥ بشأن مكافحة الإرهاب ، وذلك مع إعمال المادة ٣٢ /2 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالسجن
المشدد لمدة سبع سنوات لكل منهما وبمصادرة المضبوطات وفي الدعوى المدنية بإحالتها للمحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الإتلاف العمدي لخط من خطوط البترول مما ترتب عليه توقف وانقطاع إمداد المنتجات البترولية بصفة مؤقتة والسرقة ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه اطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانعدام مبررات الاستيقاف ولعدم وجود حالة من حالات التلبس ، وعول على إقرار الطاعن لضابط الواقعة بمحضر الضبط رغم كونه وليد إجراء باطل ، ودانه رغم ضبطه بمكان بعيد عن مكان الواقعة - محل الإتلاف - وعدم الإبلاغ عنه سلفاً وخلو الأوراق من تقرير فني يفيد أن خام البترول المضبوط من نفس المسروق ، وأخيراً فقد اطرح الحكم برد قاصر غير سائغ دفاع الطاعن بعدم معقولية تصوير الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الاستيقاف والقبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه بقوله : ( أن المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات والجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه ، كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول بتحقيقات النيابة العامة وأدلة الإثبات الأخرى أنه بتاريخ .... وحال قيام الضابط / .... معاون مباحث قسم شرطة .... بعمل كمين أمني بمنطقة .... لاحظ سير السيارة رقم .... نقل كبيرة " فنطاس " قادمة في اتجاه الكمين والذي ما أن فطن قائدها المتهم / .... للكمين حتى توقف مكانه وتردد ما بين استكمال سيره أو العودة للخلف فتوجه الضابط نحوه وقام باستيقافه وقدم بطاقة تحقيق الشخصية ورخصة القيادة ورخصة تسيير باسم المتهم الثاني / .... وبمواجهته بحمولة السيارة قرر أنها بترول خام تحصل عليها عن طريق السرقة مع بعض الأعراب عن طريق وضع محبس على الماسورة الأم المدفونة تحت الأرض فتم ضبطه والسيارة ، وقد توصلت التحريات لقيام المتهم الأول ومالك السيارة " المتهم الثاني " بالاشتراك مع آخرين مجهولين بسرقة خام المواد البترولية بأن قاموا بإتلاف أحد خطوط أنابيب البترول حتى يتمكنوا من إتمام السرقة ، وعقب ذلك تم تمشيط خط البترول التابع للشركة فتبين بمنطقة .... آثار حفر أعلى خط البترول رقم .... وآثار لخام البترول على الأرض ومُركب على الخط كلبسات ومحبسان ، كما تبين قيام المتهم بإتلاف أحد خطوط أنابيب البترول بمنطقة .... وسرقة خام البترول المملوك لشركة .... وقد ثبت من فحص العينة المأخوذة من المواد البترولية المضبوطة وتحليلها أن ذلك الخام يخص .... واتضح ذلك من خلال تحديد كثافة الخام والذي يعد بمثابة بصمة تميزه عن غيره وقيمة هذه التلفيات وأعمال الصيانة وتأمينها تقدر بقيمة 37800 جنيه وقد بلغ قيمة العجز من خام بترول .... من الفترة .... وحتى .... بمبلغ 30383050.658 جنيه ، الأمر الذي تستخلص منه المحكمة توافر حالة من حالات التلبس التي تبيح القبض والتفتيش طبقاً لنص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم حق للضابط شاهد الإثبات الأول القبض عليه وتفتيشه ، ومن ثم يكون القبض والتفتيش وما نتج عنهما قد جاء وفق صحيح القانون ، ويكون الدفع المبدى في هذا الشأن قد جاء على غير سند من الواقع والقانون تلتفت عنه المحكمة ) . لما كان ذلك ، وكان الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة على سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف ، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الريب والظن ، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري وللكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، والفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه ، كما أن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها بغير معقب - ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي من إيقاف السيارة النقل التي كانت محملة بالمواد البترولية وإذ ارتاب في الأمر بعد تردد قائد السيارة – الطاعن – حال دخوله للكمين ما بين استكمال سيره أو العودة للخلف بعد مشاهدته لضابط الواقعة ، وهو ما يبيح له استيقافه فتوجه نحوه وبمواجهته بحمولة السيارة قرر أنها بترول خام تحصل عليها عن طريق السرقة بالاشتراك مع آخرين ، وهو ما أكدته تحريات الشرطة مما يبيح له القبض عليه وتفتيشه بعد اعترافه له بالسرقة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بالقصور والخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى الطاعن إقراراً مستقلاً بارتكاب الواقعة اتخذ منه دليلاً على ثبوت التهمة بل عول في ذلك على إقراره الشفوي لضابط الواقعة - الشاهد الأول - وهو بهذه المثابة لا يعد إقراراً بالمعنى الصحيح ، وإنما هو مجرد قول للشاهد المذكور يخضع لمطلق تقدير محكمة الموضوع التي أفصحت عن اطمئنانها إليه ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه من أوجه تشهد بعدم ارتكابه الواقعة التي نسبت إليه لضبطه بمكان بعيد عن مكان الواقعة - محل الإتلاف - وعدم وجود بلاغ سابق بالواقعة من الجهة المالكة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى التي اطمأنت إليها واستنبطت معتقدها منها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً عما يدعيه بشأن خلو الأوراق من تقرير فني يفيد أن خام البترول المضبوط من نفس المسروق ، ولم يطلب إلى المحكمة تدارك هذه الأمور ، ومن ثم فلا يحل له - من بعد - أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ إنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات والتحقيقات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن المحكمة لا تلزم بندب خبير في الدعوى ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من خلو الأوراق من تقرير فني لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء على الطاعن بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الجريمة على نفقته ، وبإلزامه بأداء قيمة التلفيات والمنصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة 25 من القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن إصدار قانون مكافحة الإرهاب وبما ينطوي على خطأ في تطبيق القانون بيد أنه لا سبيل لتصحيحه ما دام أن النيابة العامة لم تطعن في الحكم وحتى لا يضار الطاعن بطعنه عملاً بنص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بشـأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1453 لسنة 90 ق جلسة 13 / 10 / 2022 مكتب فني 73 ق 66 ص 616

جلسة 13 من أكتوبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / نادي عبد المعتمد أبو القاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صفوت مكادي ، سامح حامد وهشام رسمي نواب رئيس المحكمة ووائل القاضي .
-------------------
(66)
الطعن رقم 1453 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها أدلة سائغة . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها " .
لمحكمة الجنايات أن تورد بحكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها القائمة المقدمة من النيابة العامة . حد ذلك ؟
(3) إثبات " شهود " .
للمحكمة الأخذ بأقوال شهود الإثبات دون بيان السبب . علة ذلك ؟
(4) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
لمحكمة الموضوع الأخذ بشهادة الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى . ورودها على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها . غير لازم . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
للمحكمة تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تراه واطراح ما عداه . حد ذلك ؟
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إيراد الحكم أدلة تؤدي لثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة . تعقبها المتهم في كل جزئية من مناحي دفاعه والرد عليها استقلالاً . غير لازم . قضاؤها بالإدانة للأدلة التي أوردتها في حكمها . مفاده : اطراحها .
(8) دستور . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
افتراض براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان . أصلان كفلهما الدستور في المادتين 54 و 96 منه . مؤدى ذلك ؟
الأصل في المتهم البراءة . نقل عبء الإثبات على عاتقه . غير جائز .
مثال لرد سائغ على دفاع الطاعن بإهدار قرينة البراءة .
(9) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطرحها .
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
نعي الطاعن بالتفات الحكم عن أوجه دفاعه المؤيد بالمستندات . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(10) أمر الإحالة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
أمر الإحالة . عمل من أعمال التحقيق . القصور فيه . لا يبطل المحاكمة أو يؤثر على صحة إجراءاتها . علة ذلك ؟
(11) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر حاجة لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(12) قانون " سريانه " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
القوانين الإجرائية . سريانها على الإجراءات غير التامة ولو تعلقت بجرائم وقعت قبل نفاذها .
المادة 277 إجراءات جنائية المستبدلة بالقانون 11 لسنة 2017 . مفادها ؟
التفات المحكمة عن طلب سماع شاهد المجهل من سببه ومرماه . لا عيب . علة ذلك ؟
(13) دفوع " الدفع بعدم الدستورية " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة . غير متعلق بالنظام العام . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
مثال .
(14) تهريب المهاجرين . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن إدانته بجريمة تهريب أشخاص من دولة لأخرى بطريقة غير مشروعة من شأنها تهديد حياتهم مقابل منفعة مادية على الرغم من تبرئته من تهمة الانضمام إلى جماعة منظمة لأغراض تسفير المهاجرين بطريقة غير شرعية مقابل منفعة مادية . غير مقبول . علة ذلك ؟
(15) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الدفع بانتفاء أركان الجريمة وتلفيق الاتهام وانتفاء الصلة بها . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتحريات المباحث وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ولئن كان من المقرر أن القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ، إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً .
2- لما كان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - ، فإن النعي على حكمها في هذا الصدد - بفرض صحته - يكون على غير سند .
3- من المقرر أن الأحكام في المواد الجنائية تقوم على أساس من حرية المحكمة في تقدير الأدلة المطروحة عليها ، وللمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال شهود الإثبات دون أن تلتزم ببيان السبب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله .
4- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بارتكاب الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصديق المحكمة لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
5- لما كان لا يعيب الحكم ما ينعاه الطاعن عليه من اطراحه لأقوال الشهود في شقّ منها وتعويله على الشق الآخر ، وذلك لما هو مقرر أن من حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه واطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً .
6- من المقرر أن تقدير الدليل موكول إلى محكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها استقلالاً ، إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى الأدلة التي أوردتها ما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التحريات لا يعدو أن يكون من قبيل الدفاع الموضوعي ، ولا على المحكمة إن هي أغفلت الرد عليه .
8- من المقرر أن افتراض براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان عليها أصلان كفلهما الدستور بالمادتين 54 ، 96 منه ، فلا سبيل لدحض أصل البراءة بغير الأدلةالتي تقيمها النيابة العامة وتبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين مثبتة بها الجريمة التي نسبتها إلى المتهم في كل ركن من أركانها وبالنسبة لكل واقعة ضرورية لقيامها ، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة ، إذ هو من الركائز التي يستند عليها مفهوم المحاكمة المنصفة ، وهذا القضاء تماشياً مع ما نصت عليه المادة 96 من الدستور من أن : ( المتهم بريء حتى تَثبُت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه .... ) ، ومفاد هذا النص الدستوري أن الأصل في المتهم البراءة ، وأن إثبات التهمة قبله يقع على عاتق النيابة العامة ، فعليها وحدها عبء تقديم الدليل ، ولا يُلزَم المتهم بتقديم أي دليل على براءته ، كما لا يملك الشارع أن يفرض قرائن قانونية لإثبات التهمة أو نقل عبء الإثبات على عاتق المتهم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن - في الدعوى الماثلة - قد واجه الأدلة التي قدمتها النيابة العامة قبله وكفلت له المحكمة الحق في نفيها بالوسائل التي قدرت مناسبتها وفقاً للقانون ، وقد حضر عنه محام للدفاع عنه وترافع في الدعوى وأبدى ما عنّ له من أوجه دفاع فيها ، ثم قضت المحكمة - من بعد - بإدانته تأسيساً على أدلة مقبولة وسائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يضحى تأويلاً غير صحيح للقانون .
9- من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن أوجه دفاعه المؤيد بالمستندات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، فضلاً عن أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحكم التفاته عما ورد بحوافظ المستندات المقدمة من المتهم تأييداً لدفاعه في هذا الشأن يكون غير سديد .
10- من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فالقصور فيه لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر في صحة إجراءاتها ، إذ إن المحكمة هي جهة التحقيق النهائي ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات التحقيق وإبداء دفاعه بشأن دحض التهم الموجهة إليه في أمر الإحالة ونصوص القانون المطلوب معاقبته بمقتضاها ، ومن ثم فلا وجه للنعي على الحكم في هذا الخصوص .
11- لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤال محرر محضر الضبط فإنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له - من بعد - أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شهود الإثبات . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق في شأن ما أثاره بأسباب طعنه بشأن إثبات الأدلة ، فليس له - من بعد - أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول .
12- لما كان الأصل أن قوانين الإجراءات تسري من يوم نفاذها على الإجراءات التي لم تكن قد تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها - وهو الحال في الدعوى الماثلة - وكان نص المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والذي نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 27 من أبريل سنة 2017 وعُمِلَ به من اليوم التالي لتاريخ نشره عدا المادة الثانية المتعلقة بتعديل أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فعُمِلَ بها اعتباراً من الأول من مايو سنة 2017 - والذي يسري على واقعة الدعوى - بحسبان أنه قانون إجرائي قد استبدل نص المادة 277 من قانون الإجراءات الجنائية والتي جرى نصها على أنه : ( .... ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرة الأولى من هذه المادة يحدد الخصوم أسماء الشهود وبياناتهم ووجه الاستدلال بهم وتقرر المحكمة من ترى لزوم سماع شهادته ، وإذا قررت المحكمة عدم لزوم سماع شهادة أي منهم وجب عليها أن تسبب ذلك في حكمها ) ، وكان المدافع عن الطاعن وإن طلب سماع شاهد الإثبات الثاني إلا أنه لم يكشف عن الوقائع التي يرغب مناقشته فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ، ومن ثم فإن هذا الطلب يغدو طلباً مجهلاً من سببه ومرماه ، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الطاعن إليه .
13- من المقرر أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ، ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض مــا لم يكــن قــد أبداه أمــام محكمة الموضوع ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بعدم دستورية القانون رقم 82 لسنة 2016 ، فإن إبداء هذا الدفع لأول مرة أمام هذه المحكمة -محكمة النقض - يكون غير مقبول .
14- لما كان ما أثبته الحكم فيما سلف تتوافر به العناصر القانونية لجريمة تهريب أشخاص من دولة إلى أخرى بطريقة غير مشروعة من شأنها تهديد حياتهم وتعريضها للخطر من أجل الحصول على منفعة مادية كما هي معرفة به في القانون ، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن إدانته عنها على الرغم من تبرئته من جريمة الانضمام إلى جماعة منظمة لأغراض تسفير المهاجرين بطريقة غير شرعية من أجل الحصول على منفعة مادية لاختلاف أركان كل جريمة عن الأخرى ، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد غير سديد .
15- من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وتلفيق الاتهام وانتفاء الصلة بها وإنكارها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- انضم إلى جماعة منظمة لأغراض تسفير المهاجرين بطريقة غير شرعية من أجل الحصول على منفعة مادية .
2- قام بتهريب المهاجرين / .... ، .... بطريقة غير شرعية بأن دبّر وسيلة مواصلات لنقلهما إلى محافظة .... وتسليمهما إلى أحد أعضاء الجماعة الذي قام بنقلهما عبر الأراضي الصحراوية إلى دولة .... مقابل حصوله على المبالغ النقدية المبينة القيمة بالأوراق مما عرّض حياتهما وسلامتهما للخطر على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتوكيل عملاً بالمادتين 1 ، 6/2 بندي 2 ، 5 من القانون رقم ۸۲ لسنة ٢٠١٦ ، مع إعمال المادة ۱۷ من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه مائتي ألف جنيه عما أسند إليه والمصاريف الجنائية ، وذلك بعد أن عدلت وصف الاتهام المسند له بجعله أنه : هرّب وآخر مجهول بطريقة غير مشروعة المهاجرين المهرَّبين / .... ، .... من القطر المصري إلى دولة .... عبر دروب ومدقات الصحراء الغربية المصرية غير الممهدة للسفر وكان من شأن ذلك تعريض أمنهما وسلامتهما للخطر وتم اختطافهما من قبل جماعة غير شرعية مسلحة على النحو المبين بالأوراق .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تهريب شخصين إلى دولة أخرى بطريقة غير مشروعة من شأنها تهديد حياتهما وتعريضها للخطر من أجل الحصول على منفعة مادية ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى وأدلتها ، وعول في الإدانة على أقوال شهود الإثبات مكتفياً بما جاء بقائمة أدلة الثبوت رغم عدم صلاحيتها للإدانة وتناقضها ، واجتزأ الحكم منها ما استقر في عقيدته ، ودانه رغم خلو الأوراق من دليل يقيني ، وعول في هذا الشأن على تحريات المباحث رغم عدم صلاحيتها للإدانة لشواهد عددها ، وأهدر قرينة البراءة ولم يقم بإعمالها في حقه ، والتفت عن دفعه بعدم انطباق قيد ووصف النيابة بأمر الإحالة على الواقعة ، وعن حوافظ المستندات المقدمة منه وما حوته من إقرارات موثقة للشاهد الثاني تفيد عدوله عن أقواله وعدم ارتكاب الطاعن للواقعة ، ولم تقم المحكمة بسماع أقواله ، وخلت الأوراق من سؤال محرر محضر الضبط ، ولم تقم بتلاوة أقوال الشاهد الغائب بجلسة المحاكمة بالمخالفة للقانون ، كما أن القانون رقم 82 لسنة 2016 والذي دين الطاعن بموجبه مشوب بعدم الدستورية ، وأفصحت المحكمة بأسباب حكمها عن انتفاء أركان الجريمة محل الاتهام الأول مما يستوجب معه براءة الطاعن من الجريمة محل الاتهام الثاني ، وأخيراً التفتت المحكمة عن دفاعه بانتفاء أركان الجريمة وتلفيق الاتهام وانتفاء صلته بالواقعة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتحريات المباحث وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ولئن كان من المقرر أن القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ، إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على حكمها في هذا الصدد - بفرض صحته - يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكانت الأحكام في المواد الجنائية تقوم على أساس من حرية المحكمة في تقدير الأدلة المطروحة عليها ، وللمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال شهود الإثبات دون أن تلتزم ببيان السبب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بارتكاب الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصديق المحكمة لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم ما ينعاه الطاعن عليه من اطراحه لأقوال الشهود في شقّ منها وتعويله على الشق الآخر ، وذلك لما هو مقرر أن من حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه واطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول إلى محكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها استقلالاً ، إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى الأدلة التي أوردتها ما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التحريات لا يعدو أن يكون من قبيل الدفاع الموضوعي ، ولا على المحكمة إن هي أغفلت الرد عليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن افتراض براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان عليها أصلان كفلهما الدستور بالمادتين 54 ، 96 منه ، فلا سبيل لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التي تقيمها النيابة العامة وتبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين مثبتة بها الجريمة التي نسبتها إلى المتهم في كل ركن من أركانها وبالنسبة لكل واقعة ضرورية لقيامها ، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة ، إذ هو من الركائز التي يستند عليها مفهوم المحاكمة المنصفة ، وهذا القضاء تماشياً مع ما نصت عليه المادة 96 من الدستور من أن : ( المتهم بريء حتى تَثبُت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه .... ) ، ومفاد هذا النص الدستوري أن الأصل في المتهم البراءة ، وأن إثبات التهمة قبله يقع على عاتق النيابة العامة ، فعليها وحدها عبء تقديم الدليل ، ولا يُلزَم المتهم بتقديم أي دليل على براءته ، كما لا يملك الشارع أن يفرض قرائن قانونية لإثبات التهمة أو نقل عبء الإثبات على عاتق المتهم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن - في الدعوى الماثلة - قد واجه الأدلة التي قدمتها النيابة العامة قبله وكفلت له المحكمة الحق في نفيها بالوسائل التي قدرت مناسبتها وفقاً للقانون ، وقد حضر عنه محام للدفاع عنه وترافع في الدعوى وأبدى ما عنّ له من أوجه دفاع فيها ، ثم قضت المحكمة - من بعد - بإدانته تأسيساً على أدلة مقبولة وسائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يضحى تأويلاً غير صحيح للقانون . لما كان ذلك ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن أوجه دفاعه المؤيد بالمستندات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، فضلاً عن أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحكم التفاته عما ورد بحوافظ المستندات المقدمة من المتهم تأييداً لدفاعه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فالقصور فيه لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر في صحة إجراءاتها ، إذ إن المحكمة هي جهة التحقيق النهائي ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات التحقيق وإبداء دفاعه بشأن دحض التهم الموجهة إليه في أمر الإحالة ونصوص القانون المطلوب معاقبته بمقتضاها ، ومن ثم فلا وجه للنعي على الحكم في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤال محرر محضر الضبط فإنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له - من بعد - أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شهود الإثبات . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق في شأن ما أثاره بأسباب طعنه بشأن إثبات الأدلة ، فليس له - من بعد - أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن قوانين الإجراءات تسري من يوم نفاذها على الإجراءات التي لم تكن قد تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها - وهو الحال في الدعوى الماثلة - وكان نص المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والذي نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 27 من أبريل سنة 2017 وعُمِلَ به من اليوم التالي لتاريخ نشره عدا المادة الثانية المتعلقة بتعديل أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فعُمِلَ بها اعتباراً من الأول من مايو سنة 2017 - والذي يسري على واقعة الدعوى - بحسبان أنه قانون إجرائي قد استبدل نص المادة 277 من قانون الإجراءات الجنائية والتي جرى نصها على أنه : ( .... ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرة الأولى من هذه المادة يحدد الخصوم أسماء الشهود وبياناتهم ووجه الاستدلال بهم وتقرر المحكمة من ترى لزوم سماع شهادته ، وإذا قررت المحكمة عدم لزوم سماع شهادة أي منهم وجب عليها أن تسبب ذلك في حكمها ) ، وكان المدافع عن الطاعن وإن طلب سماع شاهد الإثبات الثاني إلا أنه لم يكشف عن الوقائع التي يرغب مناقشته فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ، ومن ثم فإن هذا الطلب يغدو طلباً مجهلاً من سببه ومرماه ، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الطاعن إليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ، ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بعدم دستورية القانون رقم 82 لسنة 2016 ، فإن إبداء هذا الدفع لأول مرة أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم فيما سلف تتوافر به العناصر القانونية لجريمة تهريب أشخاص من دولة إلى أخرى بطريقة غير مشروعة من شأنها تهديد حياتهم وتعريضها للخطر من أجل الحصول على منفعة مادية كما هي معرفة به في القانون ، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن إدانته عنها على الرغم من تبرئته من جريمة الانضمام إلى جماعة منظمة لأغراض تسفير المهاجرين بطريقة غير شرعية من أجل الحصول على منفعة مادية لاختلاف أركان كل جريمة عن الأخرى ، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وتلفيق الاتهام وانتفاء الصلة بها وإنكارها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ