الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 ديسمبر 2021

الطعن 21109 لسنة 85 ق جلسة 3 / 12 / 2017 مكتب فني 68 ق 119 ص 1109

جلسة 3 من ديسمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي / حمد عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عادل الحناوي، نجاح موسى ومصطفى الدخميسي نواب رئيس المحكمة وأشرف كمال المخزنجي
-----------

(119)

الطعن رقم 21109 لسنة 85 القضائية

(1) حكم "  بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . 

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعن وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها . المادة 310 إجراءات جنائية .

(2) إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إيراد الحكم من أقوال شاهد الإثبات ما يحقق مراد الشارع في المادة 310 إجراءات جنائية من بيان مؤدى أدلة الإدانة . لا قصور .

(3) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .

تقدير التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش . موضوعي .

اقتناع المحكمة بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره . صحيح . علة ذلك ؟

عدم ذكر اسم شهرة الطاعن ومحل إقامته محدداً والأحكام الصادرة ضده في محضر الاستدلالات وشمولها لأكثر من شخص . لا يقدح في جدية التحريات .

(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . مالا يقبل منها " .

إقرار الطاعن لضابط الواقعة إحرازه المخدر بقصد الإتجار . مجرد قول للضابط . يخضع لتقدير المحكمة .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(5) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . مالا يُقبل منها " .  

سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد ؟

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(6) إثبات " شهود " . حكم " مالا يعيبه في نطاق التدليل " .

من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟

تعويل الحكم على أقوال ضابط الواقعة . لا يعيبه . ما دام انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش .

(7) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

النعي على الحكم إغفاله الرد على الدفع بعدم معقولية الواقعة . لا محل له . ما دام أن المحكمة اطمأنت لصحة تصوير شاهد الإثبات للواقعة وأوردت ما يكفي تدليلاً على ثبوت تلك الصورة .

(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الارتباط " . سلاح . مواد مخدرة . 

تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه بالمادة 32 عقوبات . موضوعي . حد ذلك ؟

انتهاء الحكم لتوقيع عقوبة مستقلة عن كل من جريمة إحراز المخدر وجريمتي إحراز السلاح الناري الغير مششخن وذخيرته . صحيح . مادام أن وقائع الدعوى كما أثبتها لا تنبئ عن تحقق الارتباط بينها .

(9) سلاح . غرامة . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم مضارة الطاعن بطعنه " . 

إدانة الحكم الطاعن بجريمتي إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته . إغفاله القضاء بالغرامة . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . أساس وعلة ذلك ؟  

(10) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الارتباط " . مواد مخدرة . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد ". نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .

تقدير قيام الارتباط طبقاً للمادة 32 عقوبات . موضوعي . مادام سائغاً . حد ذلك ؟

إحراز الطاعن لجزء من المخدر بقصد التعاطي وجزء آخر بغير قصد . فعل واحد تقوم به جريمتان . مؤدى ذلك : وجوب الحكم بعقوبة الجريمة الأشد . مخالفة الحكم هذا النظر. خطأ في القانون . يوجب تصحيحه . أساس وعلة ذلك ؟

  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم ـــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ــــ كافياً في فهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله . 

2- لما كان الحكم قد أورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات – على خلاف ما يزعم الطاعن بوجه طعنه – في بيان واف يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن منعاه على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس .

 3- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجديـة الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وأقـرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجــة لا ينازع  الطاعــن في أن لها أصـلاً ثابتاً بالأوراق ، وكان عدم ذكر اسم الشهرة للطاعن ، وعدم بيان محل إقامته محدداً ، والأحكام الصادرة ضده في محضر جمع الاستدلالات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات كما أن شمول التحريات لأكثر من شخص لا يكشف بذاته عن عدم جديتها لأنه لا يمس ذاتيتها . فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .

 4- لما كان البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه أقام قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها والمستمدة من أقوال ضابط الواقعة وتقريري المعمل الكيماوي والجنائي ولم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار أو اعتراف للمتهم . ولا يجوز التحدي في ذلك بما ورد بأقوال ضابط الواقعة حسبما حصلها الحكم – من أنه واجه الطاعن بالمضبوطات فأقر بإحرازه للفافة كبيرة الحجم بقصد الإتجار إذ هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة والتي اطمأنت إليه . ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم من ذلك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .

5- من المقرر أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له وحجبهم عن الشهادة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب وإذا ما كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .

 6- الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم .

7- من المقرر أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله الرد على دفاعه القائم على عدم معقولية الواقعة طالما أن المحكمة قد اطمأنت في نطاق سلطتها التقديرية إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة فإن دفاع الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعاً في شأن تصوير الواقعة مما يكفى في الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها واستقرت في وجدانها .

 8- من المقرر أن تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه في المادة 32 من قانون العقوبات هو من سلطة محكمة الموضوع ما لم تكن الوقائع كما أثبتها الحكم دالة على توافر شروط انطباق هذه المادة ، فإذا كانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – لا تنبئ بذاتها عن تحقق الارتباط بين موضوع جريمة إحراز المخدر وبين جريمتي حيازة سلاح ناري غير مششخن وذخيرة ، فإن الحكم يكون سديداً فيما ذهب إليه من توقيع عقوبة مستقلة عن الجريمة الأولى والجريمتين الثالثة والرابعة .

 9- لما كان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالحبس لمدة سنة واحدة - عن الجريمتين الثالثة والرابعة ( إحراز سلاح غير مششخن وذخيرته ) بعد أن أعمل المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات – وأغفل تغريم الطاعن غرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه بالمخالفة للمادة 26 من القانون 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر بعد تعديلها بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والمعمول به اعتباراً من 12/1/2012 والذي ارتكبت الواقعة في ظل سريانه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصححه إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه وحده فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما في ذلك من إضرار بالطاعن وهو ما لا يصح أن يضار بطعنه .

 10- لما كان الفصل في قيام الارتباط بين الجرائم وإن يكن مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع استناداً إلى الأسباب التي من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهت إليه ، إلا أنه إذا كانت وقائع الدعوى كما صار إثباتها في الحكم توجب تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات ، فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء القانونية في تكييف الارتباط الذى حددت عناصره في الحكم ويستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، وكانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم في مدوناته أن الطاعن أحرز المخدر المضبوط بالسيجارة بقصد التعاطي ، وكانت واقعة إحراز الطاعن لهذا المخدر هي جزء من كل مما كان منسوباً إليه إحرازه من مخدر فهي داخلة في نطاق تهمة إحراز المخدر الموجهة إليه أصلاً المرفوع بها الدعوى تبعاً لأن فعل إحراز المخدر في ذاته ترتبت عليه نتائج قانونية متعددة الأوصاف بما يجعله يندرج تحت حكم الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات لهذا ولأن إحراز المواد المخدرة بقصد التعاطي في واقع الأمر لا يعدو أن يكون إحراز لهذه المواد ، ومن ثم يسوغ القول بأن فعل إحراز المخدر ينطوي في ذاته في خصوصية الدعوى المطروحة على إحراز جزء منه بقصد التعاطي نزولاً على الوصف الذى أسبغته النيابة العامة على واقعة إحراز الطاعن للمخدر المضبوط بلفافتي التبغ ويمثل هذا النشاط فعلاً واحداً تقوم به جريمتان مما كان يوجب الحكم على الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهى العقوبة المقررة لجريمة إحراز المخدر بغير قصد موضوع التهمة الأولى وإذ كان الحكم قد خالف هذا النظر وقضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي إحراز المخدر بغير قصد وإحرازه بقصد التعاطي اللتين دانه بهما ، فإنه يكون قد أخطأ في القانون ، بما يؤذن لهذه المحكمة من تلقاء نفسها عملاً بالمادة 35/2 من القانون 57 لسنة 1959 ، تصحيحه وذلك بإلغاء عقوبة الحبس والغرامة المقضي بهما عن جريمة إحراز مخدر بقصد التعاطي موضوع التهمة الثانية ، مادام أن ذلك في مصلحة الطاعن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه :

ــــ أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً ــــ نبات الحشيش الجاف ـــ في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.

ــــ أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً ــــ نبات الحشيش الجاف ـــ في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.

ــــ حاز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن ـــ فرد .

ــــ حاز ذخائر ـــ طلقة واحدة ـــ مما تستعمل على السلاح الناري سالف البيان حال كونه غير مرخص له بحيازته أو إحرازه .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في .... عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 37 ، 38 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق والمستبدل بقراري وزير الصحة رقمي46 لسنة 1997 ، 269 لسنة 2002 ، 1/1 ، 6 ، 26/4،2 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والمعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والمرسوم بقانون 6 لسنة 2012 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار 59 لسنة 2012 مع إعمال المادتين رقمي 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وبتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط بالنسبة للتهمة الأولى ، وبالحبس لمدة سنة واحدة وبتغريمه عشرة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط عن التهمة الثانية ، وبالحبس لمدة سنة واحدة وبمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين بالنسبة للتهمتين الثالثة والرابعة . باعتبار أن إحراز المخدر موضوع التهمة الأولى مجردا من القصود المسماة .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون ، واحرازه بقصد التعاطي ، وحيازة سلاح ناري غير مششخن وذخيرة بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك أنه جاء قاصراً في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، ولم يورد مؤدي أقوال شاهد الإثبات التي عول عليها في الإدانة ، وأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها بيد أن الحكم اطرح هذا الدفع بما لا يسوغ به اطراحه ، وعول في قضائه بالإدانة على اعتراف الطاعن لضابط الواقعة واتخذ منه دليلاً علي توافر قصد الإتجار في حقه رغم اعتصامه بالإنكار وعدم ضبط ثمة أدوات أو ألات أو مبالغ مالية حصيلة الإتجار ، كما عول على أقوال ضابط الواقعة بالرغم من انفراده بالشهادة دون باقي أفراد القوة المرافقة له وحجبهم عنها ورغم بطلان الدليل المستمد من أقواله لكونه نتيجة إجراء باطل مطرحاً دفعه في هذا الشأن برد غير سائغ ، ولم يعرض لدفاعه القائم على عدم معقولية تصوير الواقعة ، وقضى بعقوبة مستقلة عن كل من جريمة إحراز المخدر ، وجريمتي حيازة سلاح ناري وذخيرة رغم وجود ارتباط بينهم بما يوجب توقيع عقوبة الجريمة الأشد ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم ـــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ــــ كافياً في فهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات – على خلاف ما يزعم الطاعن بوجه طعنه – في بيان واف يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن منعاه على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجديـة الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وأقـرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجــة لا ينازع  الطاعــن في أن لها أصـلاً ثابتاً بالأوراق ، وكان عدم ذكر اسم الشهرة للطاعن ، وعدم بيان محل إقامته محدداً ، والأحكام الصادرة ضده في محضر جمع الاستدلالات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات كما أن شمول التحريات لأكثر من شخص لا يكشف بذاته عن عدم جديتها لأنه لا يمس ذاتيتها . فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه أقام قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها والمستمدة من أقوال ضابط الواقعة وتقريري المعمل الكيماوي والجنائي ولم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار أو اعتراف للمتهم . ولا يجوز التحدي في ذلك بما ورد بأقوال ضابط الواقعة حسبما حصلها الحكم – من أنه واجه الطاعن بالمضبوطات فأقر بإحرازه للفافة كبيرة الحجم بقصد الإتجار إذ هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة والتي اطمأنت إليه . ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم من ذلك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له وحجبهم عن الشهادة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب وإذا ما كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تُقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله الرد على دفاعه القائم على عدم معقولية الواقعة طالما أن المحكمة قد اطمأنت في نطاق سلطتها التقديرية إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة فإن دفاع الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعاً في شأن تصوير الواقعة مما يكفى في الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها واستقرت في وجدانها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه في المادة 32 من قانون العقوبات هو من سلطة محكمة الموضوع ما لم تكن الوقائع كما أثبتها الحكم دالة على توافر شروط انطباق هذه المادة ، فإذا كانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – لا تنبئ بذاتها عن تحقق الارتباط بين موضوع جريمة إحراز المخدر وبين جريمتي حيازة سلاح ناري غير مششخن وذخيرة ، فإن الحكم يكون سديداً فيما ذهب إليه من توقيع عقوبة مستقلة عن الجريمة الأولى والجريمتين الثالثة والرابعة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالحبس لمدة سنة واحدة - عن الجريمتين الثالثة والرابعة بعد أن أعمل المادتين 17 ،32 من قانون العقوبات وأغفل تغريم الطاعن غرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه بالمخالفة للمادة 26 من القانون 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر بعد تعديلها بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والمعمول به اعتباراً من 12/1/2012 والذي ارتكبت الواقعة في ظل سريانه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصححه إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه وحده فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما في ذلك من إضرار بالطاعن وهو ما لا يصح أن يضار بطعنه . لما كان ذلك ، وكان الفصل في قيام الارتباط بين الجرائم وإن يكن مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع استناداً إلى الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه ، إلا أنه إذا كانت وقائع الدعوى كما صار إثباتها في الحكم توجب تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات ، فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء القانونية في تكييف الارتباط الذى حددت عناصره في الحكم ويستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، وكانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم في مدوناته أن الطاعن أحرز المخدر المضبوط بالسيجارة بقصد التعاطي ، وكانت واقعة إحراز الطاعن لهذا المخدر هي جزء من كل مما كان منسوباً إليه إحرازه من مخدر فهي داخلة في نطاق تهمة إحراز المخدر الموجهة إليه أصلاً المرفوع بها الدعوى تبعاً لأن فعل إحراز المخدر في ذاته ترتبت عليه نتائج قانونية متعددة الأوصاف بما يجعله يندرج تحت حكم الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات لهذا ولأن إحراز المواد المخدرة بقصد التعاطي في واقع الأمر لا يعدو أن يكون إحراز لهذه المواد ، ومن ثم يسوغ القول بأن فعل إحراز المخدر ينطوي في ذاته ـــــ في خصوصية الدعوى المطروحة ـــــ على إحراز جزء منه بقصد التعاطي نزولاً على الوصف الذى أسبغته النيابة العامة على واقعة إحراز الطاعن للمخدر المضبوط بلفافتي التبغ ويمثل هذا النشاط فعلاً واحداً تقوم به جريمتان مما كان يوجب الحكم على الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهى العقوبة المقررة لجريمة إحراز المخدر بغير قصد ـــــ موضوع التهمة الأولى ــــ وإذ كان الحكم قد خالف هذا النظر وقضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي إحراز المخدر بغير قصد وإحرازه بقصد التعاطي اللتين دانه بهما ، فإنه يكون قد أخطأ في القانون ، بما يؤذن لهذه المحكمة من تلقاء نفسها عملاً بالمادة 35/2 من القانون 57 لسنة 1959 ، تصحيحه وذلك بإلغاء عقوبة الحبس والغرامة المقضي بهما عن جريمة إحراز مخدر بقصد التعاطي موضوع التهمة الثانية ، مادام أن ذلك في مصلحة الطاعن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1875 لسنة 81 ق جلسة 21 / 1 / 2017 مكتب فني 68 ق 10 ص 77

جلسة 21 من يناير سنة 2017
برئاسة السيد القاضي / فؤاد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ناجي عز الدين ، عمرو الحناوي وأشرف فريج نواب رئيس المحكمة وخالد الحادي .
-----------

(10)

الطعن رقم 1875 لسنة 81 القضائية

نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " . قوة قاهرة .

    قيام عذر مانع من التقرير بالطعن في الميعاد . يوجب التقرير بالطعن فور زواله وإيداع الأسباب خلال عشرة أيام بعد زواله . مخالفة ذلك . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً . القول بأن ظروف ثورة 25 يناير سنة 2011 تعد ظرفاً قهرياً حال دون التقرير بالطعن وإيداع الأسباب في الميعاد . لا يغير من ذلك . أساس وعلة ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما كان الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 2010 بيد أن الطاعنة لم تقرر بالطعن بالنقض ولم تودع أسباباً لطعنها إلا بتاريخ 7 من فبراير سنة 2011 بعد فوات الميعاد المحدد لذلك في المادة 34/1 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 وهو ستون يوماً من تاريخ الحكم المطعون فيه ؛ فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً ، ولا يغير من هذا ما أوردته الطاعنة بمذكرة طعنها من أن ظروف ثورة 25 يناير سنة 2011 تعد ظرفاً قهرياً حال دون التقرير بالطعن وإيداع الأسباب في الميعاد ؛ إذ إن الثابت - من إفادة نيابة .... الكلية والإدارة العامة للشئون الإدارية بمحكمة النقض - أن العمل لم ينتظم بالنيابة في الفترة من 29 من يناير سنة 2011 وحتى 5 من فبراير سنة 2011 ، ومن ثم فإن يوم 6 فبراير سنة 2011 والأيام التي تليه هي أيام عمل رسمية ، مما كان يتعين على الطاعنة أن تقرر بالطعن أثر زوال المانع باعتبار أن هذا الإجراء لا يعدو أن يكون عملاً مادياً أما إعداد أسباب الطعن وتقديمها فيقتضى فسحة من الوقت جرى قضاء هذه المحكمة أنها لا تمتد بعد زوال المانع إلا لعشرة أيام ، ولما كان المانع قد زال بتاريخ 5 فبراير سنة 2011 ، وكانت الطاعنة لم تقرر بالطعن بالنقض إلا في 7 من فبراير سنة 2011 ، ومن ثم يكون طعنها غير مقبول شكلاً ، ويتعين لذلك التقرير بعدم قبول الطعن شكلاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

        اتهمت النيابة العامة كلا من 1– .... " الطاعنة " ، 2– .... بأنهما وآخر مجهول : ضربوا المجني عليه / .... مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على ذلك وما إن ظفروا به حتى عاجلته الأولى بضربه بقالب طوب برأسه وانهال عليه الثاني ضرباً بسلاح أبيض " سنجة " على رأسه وقام المجهول بضربه بشومة استقرت بقدمه اليمنى فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة - وجود أربعة فقودات عظمية من عظام الجمجمة - تقدر نسبتها بنحو عشرة في المائة 10 % على النحو المبين بالأوراق .

المتهم الثاني :-

- أحرز بغير ترخيص وبغير مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية السلاح الأبيض آنف البيان على النحو المبين بالأوراق .

   وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

     وادعى المجني عليه / .... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .

    والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 6 من ديسمبر سنة 2010 عملاً بالمادة 240/1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم " 7 " من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل ، وذلك بعد إعمال المواد 17 ، 32/2 ، 55 ، 56 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من الحكم ، وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .

    فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 2010 بيد أن الطاعنة لم تقرر بالطعن بالنقض ولم تودع أسباباً لطعنها إلا بتاريخ 7 من فبراير سنة 2011 بعد فوات الميعاد المحدد لذلك في المادة 34/1 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 وهو ستون يوماً من تاريخ الحكم المطعون فيه ؛ فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً ، ولا يغير من هذا ما أوردته الطاعنة بمذكرة طعنها من أن ظروف ثورة 25 يناير سنة 2011 تعد ظرفاً قهرياً حال دون التقرير بالطعن وإيداع الأسباب في الميعاد ؛ إذ إن الثابت - من إفادة نيابة .... الكلية والإدارة العامة للشئون الإدارية بمحكمة النقض - أن العمل لم ينتظم بالنيابة في الفترة من 29 من يناير سنة 2011 وحتى 5 من فبراير سنة 2011 ، ومن ثم فإن يوم 6 فبراير سنة 2011 والأيام التي تليه هي أيام عمل رسمية ، مما كان يتعين على الطاعنة أن تقرر بالطعن أثر زوال المانع باعتبار أن هذا الإجراء لا يعدو أن يكون عملاً مادياً أما إعداد أسباب الطعن وتقديمها فيقتضى فسحة من الوقت جرى قضاء هذه المحكمة أنها لا تمتد بعد زوال المانع إلا لعشرة أيام ، ولما كان المانع قد زال بتاريخ 5 فبراير سنة 2011 ، وكانت الطاعنة لم تقرر بالطعن بالنقض إلا في 7 من فبراير سنة 2011 ، ومن ثم يكون طعنها غير مقبول شكلاً ، ويتعين لذلك التقرير بعدم قبول الطعن شكلاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الطعن 43584 لسنة 85 ق جلسة 19 / 1 / 2017 مكتب فني 68 ق 9 ص 70

جلسة 19 من يناير سنة 2017
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد القوي أحمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / نجاح موسى ، محمد طاهر و د. أحمد البدري نواب رئيس المحكمة ومحمد السنباطي .
-------------

(9)

الطعن رقم 43584 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(2) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الأحكام الجنائية الصادرة من محكمة الجنايات في جناية . واجبة التنفيذ فور صدورها سواء كانت حضورية أم غيابية . التزام الحكم هذا النظر في اطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لأن القبض كان نفاذاً للحكم غيابي صادر في جناية . صحيح . أساس وعلة ذلك ؟

مثال .

(3) قانون " تفسيره " . نيابة عامة . حكم "  تنفيذه " .

المادة 462 إجراءات جنائية . مفادها ؟

صدور حكم غيابي من محكمة الجنايات قِبل الطاعن وقيِده بدفتر حصر تنفيذ الأحكام بالنيابة العامة . مفاده : طلب النيابة القبض على الطاعن لتنفيذ الحكم . النعي في هذ الشأن . غير مقبول .

(4) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . 

من يقوم بإجراء باطل . لا تُقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟                       

تعويل المحكمة في إدانة الطاعن على أقوال ضابط الواقعة وما أسفر عنه تفتيشه من إحرازه للمخدر المضبوط . لا يعيبه . مادام انتهى إلى صحة القبض والتفتيش .

(5) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

نعي الطاعن على الحكم بأمر لم يتصل بقضائه أو بما لا يعدو أن يكون مجرد خطأ مادي منه . غير مقبول .

مثال .

(6) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً ومحدداً .

نعي الطاعن بإغفال المحكمة دفاعه ودفوعه دون بيانها . غير مقبول . علة ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

      1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر " حشيش " بغير قصد وفى غير الأحوال المُصرح بها قانوناً التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المُقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون مُحققاً لحكم القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له .

    2- لمَّا كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ورد عليه بقوله : " .... وكان الثابت من الأوراق أن الصورة المشهود بها أن المتهم مطلوب القبض عليه لصدور حكم قبله في الجناية رقم .... جنايات .... حصر رقم .... كلي .... والمحكوم فيها عليه بجلسة ..... بالسجن ثلاث سنوات والذي ما أن شاهد الضابط القائم بضبطه والقوة المرافقة له حتى حاول الفرار فأثار بذلك الشك والريبة حوله فعدا خلفه الضابط القائم بضبطه واستطاعوا الإمساك به وتمهيداً لاصطحابه لديوان القسم وخشية حمله لأسلحة أو خلافه يتعدى به على القائمين بضبطه قام الضابط بتفتيشه وقائياً وعثر معه على المضبوطات .... فإن ما يثيره الدفاع في هذا الصدد لا يكون سديداً ويتعين الالتفات عنه " . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صائباً إلى صحة القبض على المتهم وتفتيشه ، وكان البيَّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن القبض على الطاعن وتفتيشه ، تم نفاذاً للحكم الصادر ضده في الجناية .... والمُقيّدة برقم .... كلي وبرقم حصر تنفيذ ....، والمقضي عليه فيها غيابياً بالسجن لمدة ثلاث سنوات ، وهو حكم قابل للتنفيذ قانوناً ، ويجيز لضابط الواقعة القبض على الطاعن ، ومن ثم فهو يبيح له التفتيش عملاً بالمادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية وعليه فإن إجراءات القبض على الطاعن وتفتيشه وما أسـفر عنه من ضبط المخدر استناداً إلى هذا الحـكم تكون قد تمت صحيحة ، أما ما يثيره الطاعن بشأن عدم قابلية الحكم الجنائي الغيابي للتنفيذ لكونه غير نهائي فضلاً عن عدم إعلانه ، فهو مردود عليه بما هو مقرر أن الأحكام الجنائية الصادرة من محكمة الجنايات في جناية واجبة التنفيذ فور صدورها سواء كان الحكم حضورياً أو غيابياً والذي يظل قائماً واجب النفاذ حتى يتم القبض على المحكوم عليه أو تقديم نفسه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة لإعادة إجراءات محاكمته من جديد عملاً بمفهوم المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .

  3- لمَّا كان المستفاد من نص المادة 462 من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تبادر إلى تنفيذ الأحكام الواجبة التنفيذ الصادرة في الدعوى الجنائية بأن توجه أوامرها مباشرة إلى السلطات التنفيذية والقوة العسكرية المُدعمة لها لتقوم بما يطلب منها من إجبار المحكوم عليه على الخضوع لإجراءات التنفيذ ، وكان الثابت بالأوراق صدور حكم غيابي من محكمة الجنايات قبِل الطاعن وقد تم قيّده بدفتر حصر تنفيذ الأحكام بالنيابة العامة بما مفاده من أن النيابة العامة هي من طلبت القبض على الطاعن لتنفيذ الحكم الغيابي الصادر ضده من محكمة الجنايات ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا محل له .

   4- لمَّا كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تُقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من القبض على الطاعن وتفتيشه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عوَّلت على أقواله وما أسفر عنه تفتيش الطاعن من إحرازه للمخدر المضبوط ضمن ما عوَّلت عليه في إدانته ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم .

      5- لمَّا كان ما يثيره الطاعن بشأن خلو الأوراق من دليل على قصد الاتجار بخلاف ما ورد بأقوال ضابط الواقعة بمحضره من أن القصد من حيازة المخدر هو الاتجار ، هو أمر لم يتصل بقضاء الحكم ، هذا إلى أن الحكم أوقع عليه عقوبة الإحراز بغير قصد ولا يعدو ما تضمنه وصف الاتهام من أن إحراز الطاعن للمخدر بقصد الاتجار أن يكون مجرد خطأ مادى بعد أن استبعدت المحكمة - أسباب حكمها - قصد الاتجار ودانت الطاعن بالقصد المجرد وكذلك بعد أن أفصحت عن مُعاقبته بنص المادة 38/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المُعدل ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول .

   6- من المُقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً ، وكان الطاعن لم يُبين في طعنه ماهية أوجه الدفوع والدفاع التي التفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليها بل أرسل القول إرسالاً بما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد أو لم يتناوله ، وهل كان دفاعاً جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً بل الرد عليه مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                            الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ( حشيش ) في غير الأحوال المُصرح بها قانوناً .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المُعدل والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 المُلحق بمعاقبته  بالسجن المُشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عما أُسند إليه وألزمته بالمصاريف الجنائية ومُصادرة المخدر المضبوط . باعتبار أن إحراز المواد المُخدرة مجرداً من القصود المُسماة قانوناً . 

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن مبَنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد في غير الأحوال المُصرح بها في القانون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استخلص منها الإدانة بياناً كافياً ، ورد الحكم المطعون فيه بما لا يسوغ على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولاستناده إلى صدور حكم غيابي في جناية غير واجب النفاذ ، وبالمُخالفة لمِا نصت عليه المادة 462 من قانون الإجراءات الجنائية من أن النيابة العامة هي المنوط بها تنفيذ الأحكام وعوَّل الحكم على الدليل المُستمد من أقوال من قام بإجراء القبض والتفتيش الباطلين ، هذا وقد أورد ضابط الواقعة أن القصد من إحراز المخدر هو الإتجار فيه رغم خلو الأوراق من دليل على ذلك ، وأخيراً التفتت المحكمة عن الدفوع والدفاع الثابتة بمحضر جلسة المحاكمة ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر " حشيش " بغير قصد وفى غير الأحوال المُصرح بها قانوناً التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المُقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون مُحققاً لحكم القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ورد عليه بقوله : " .... وكان الثابت من الأوراق أن الصورة المشهود بها أن المتهم مطلوب القبض عليه لصدور حكم قبِله في الجناية رقم .... جنايات .... حصر رقم .... كلي .... والمحكوم فيها عليه بجلسة .... بالسجن ثلاث سنوات والذي ما أن شاهد الضابط القائم بضبطه والقوة المرافقة له حتى حاول الفرار فأثار بذلك الشك والريبة حوله فعدا خلفه الضابط القائم بضبطه واستطاعوا الإمساك به وتمهيداً لاصطحابه لديوان القسم وخِشية حمله لأسلحة أو خلافه يتعدى به على  القائمين بضبطه قام الضابط بتفتيشه وقائياً وعَثر معه على المضبوطات .... فإن ما يثيره الدفاع في هذا الصدد لا يكون سديداً ويتعين الالتفات عنه ". لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صائباً إلى صحة القبض على المتهم وتفتيشه ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن القبض على الطاعن وتفتيشه ، تم نفاذاً للحكم الصادر ضده في الجناية .... والمُقّيدة برقم .... كلي وبرقم حصر تنفيذ ....، والمقضي عليه فيها غيابياً بالسجن لمدة ثلاث سنوات ، وهو حكم قابل للتنفيذ قانوناً ، ويجيز لضابط الواقعة القبض على الطاعن ، ومن ثم فهو يُبيح له التفتيش عملاً بالمادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية وعليه فإن إجراءات القبض على الطاعن وتفتيشه وما أسفر عنه من ضبط المخدر استناداً إلى هذا الحكم تكون قد تمت صحيحة ، أما ما يثيره الطاعن بشأن عدم قابلية الحكم الجنائي الغيابي للتنفيذ لكونه غير نهائي فضلاً عن عدم إعلانه ، فهو مردود عليه بما هو مقرر أن الأحكام الجنائية الصـــادرة من محكــمة الجــنايات في جناية واجبة التنفيذ فور صدورها ســواء كان الحكم حضــورياً أو غيابياً والذى يظل قائماً واجب النفاذ حتى يتم القبض على المحكوم عليه أو تقديم نفسه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة لإعادة إجراءات مُحاكمته من جديد عملاً بمفهوم المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان المُستفاد من نص المادة 462 من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تبادر إلى تنفيذ الأحكام الواجبة التنفيذ الصادرة في الدعوى الجنائية بأن توجه أوامرها مباشرة إلى السلطات التنفيذية والقوة العسكرية المدعمة لها لتقوم بما يطلب منها من إجبار المحكوم عليه على الخضوع لإجراءات التنفيذ ، وكان الثابت بالأوراق صدور حكم غيابي من محكمة الجنايات قبل الطاعن وقد تم قيِده بدفتر حصر تنفيذ الأحكام بالنيابة العامة بما مفاده من أن النيابة العامة هي من طلبت القبض على الطاعن لتنفيذ الحكم الغيابي الصادر ضده من محكمة الجنايات ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا محل له . لمَّا كان ذلك ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تُقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من القبض على الطاعن وتفتيشه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عوَّلت على أقواله وما أسفر عنه تفتيش الطاعن من إحرازه للمخدر المضبوط ضمن ما عوَّلت عليه في إدانته ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم . لمَّا كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن خلو الأوراق من دليل على قصد الإتجار بخلاف ما ورد بأقوال ضابط الواقعة بمحضره من أن القصد من حيازة المخدر هو الإتجار ، هو أمر لم يتصل بقضاء الحكم ، هذا إلى أن الحكم أوقع عليه عقوبة الإحراز بغير قصد ولا يعدو ما تضمنه وصف الاتهام من أن إحراز الطاعن للمخدر بقصد الإتجار أن يكون مجرد خطأ مادي بعد أن استبعدت المحكمة - أسباب حكمها - قصد الإتجار ودانت الطاعن بالقصد المجرد وكذلك بعد أن أفصحت عن مُعاقبته بنص المادة 38/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المُعدل ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً، وكان الطاعن لم يبين في طعنه ماهية أوجه الدفوع والدفاع التي التفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليها بل أرسل القول إرسالاً بما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد أو لم يتناوله ، وهل كان دفاعاً جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذى لا يستلزم في الأصل رداً بل الرد عليه مُستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتــــها المحكمة في حكمــــها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الــــصدد لا يكون مقبولاً . لمَّا كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مُتعيناً رفضه موضوعاً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 65 لسنة 39 ق دستورية عليا جلسة 4 / 12 / 2021

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من ديسمبر سنة 2021م، الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1443 ه.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 65 لسنة 39 قضائية "دستورية".

المقامة من
أحمد مصطفى أحمد على
ضد
1- رئيس الجمهورية 2- رئيس مجلس النواب 3- رئيس مجلس الوزراء 4- النائب العام 5- رئيس محكمة الاستئناف العالي بالمنصورة - الدائرة الخامسة

-------------

" الإجراءات "
بتاريخ العشرين من مايو سنة 2017، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة (494) من قانون المرافعات المدنية والتجارية. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

---------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 12/ 3/ 2017، أقام المدعى، أمام محكمة استئناف المنصورة - الدائرة الخامسة مدنى - دعوى المخاصمة رقم 368 لسنة 69 قضائية المنصورة، ضد المستشار ......، المحامي العام لنيابات جنوب الدقهلية، وذلك بموجب تقرير في قلم كتاب تلك المحكمة، على سند من أن المذكور أصدر بتاريخ 2/ 1/ 2017، قرارًا بإحالة الدعوى رقم 20415 لسنة 2016 جنايات السنبلاوين، المقيدة برقم 4284 لسنة 2016 جنايات كلى جنوب الدقهلية إلى محكمة الجنايات، وأن هذا القرار صدر بطريق الغدر من المُخاصم، لانتهاء تحقيقات نيابة السنبلاوين الجزئية إلى حفظ التحقيقات، كما صدر دون إعادة الأوراق للاستيفاء، وقام بإخفاء حافظة مستندات تكشف عن وجود خلاف بين المدعى ورئيس مباحث السنبلاوين، الذي أجرى التحريات ضده، ولم يستوف الأوراق بإحالتها إلى إدارة البحث الجنائي، وقام بعرض الأوراق على المحامي العام الأول، دون حافظة المستندات. فضلاً عن تناقض إحالته للمحاكمة الجنائية مع سبق إصدار المخاصم أمرًا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في المحضر رقم 4250 لسنة 2016 جنايات كلى جنوب الدقهلية. وأضاف المدعى بمذكرته المقدمة بجلسة 2/ 5/ 2017، أمام محكمة الموضوع، بأن قرار الإحالة المشار إليه صدر بناء على غش وتدليس وخطأ مهنى جسيم، لصدوره عن وجهة نظر شخصية للمُخاصم، وبغرض الإضرار به للخلاف السابق بينهما، كما صدر بالمخالفة لتعليمات النائب العام، وخروجًا عن الحياد بالميل لخصم على حساب الآخر.
وأثناء نظر دعوى المخاصمة، دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة (494) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه المعروضة، بطلب القضاء بعدم دستورية هذا النص، على سند من مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية، ومبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، التي كفلها الدستور في المواد (2، 9، 53) منه. وحيث إن المادة (494) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 تنص على أنه " تجوز مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة في الأحوال الآتية: 1- إذا وقع من القاضي أو عضو النيابة في عملهما غش أو تدليس أو غدر أو خطأ مهني جسيم. 2- إذا امتنع القاضي من الإجابة على عريضة قدمت له أو من الفصل في قضية صالحة للحكم وذلك بعد إعذاره مرتين على يد محضر يتخللهما ميعاد أربع وعشرين ساعة بالنسبة إلى الأوامر على العرائض، وثلاثة أيام بالنسبة إلى الأحكام في الدعاوى الجزئية والمستعجلة والتجارية، وثمانية أيام في الدعاوى الأخرى. ولا يجوز رفع دعوى المخاصمة في هذه الحالة قبل مضى ثمانية أيام على آخر إعذار. 3- في الأحوال الأخرى التي يقضى فيها القانون بمسئولية القاضي والحكم عليه بالتعويضات".
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لسابقة حسم أمر دستورية نص المادة (494) المشار إليه، بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 14/ 2/ 2015، في الدعوى رقم 178 لسنة 32 قضائية "دستورية"، فإن الثابت أن نطاق تلك الدعوى الدستورية والمصلحة فيها قد تحددا بنص الفقرة الثانية من المادة (495) والفقرة الأولى من المادة (496) من قانون المرافعات، وقضت المحكمة برفض الدعوى المقامة طعنًا على هذين النصين، ونشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 8 مكرر(و) بتاريخ 25/ 2/ 2015. ولم يتعرض قضاء المحكمة المتقدم لدستورية نص المادة (494) من قانون المرافعات، ومن ثم لا تمتد إليه الحجية المطلقة الثابتة لهذا الحكم، والمقررة له بمقتضى نص المادة (195) من الدستور، ونصى المادتين (48 و49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، التي يقتصر نطاقها - على ما جرى به قضاؤها - على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، الأمر الذي يتعين معه الالتفات عن هذا الدفع.
وحيث إنه عن طلب المدعى - كما ضمنه صحيفة دعواه المعروضة - تعديل المادة (494) من قانون المرافعات، بتضمينها النص على أن تكون المحاكمة بالنسبة لرد ومخاصمة أعضاء النيابة العامة والقضاة أمام محكمة خاصة مكونة من مستشارين عاملين بالتفتيش القضائي، يتم اختيارهم طبقًا للقانون، وأن يكون من بين أحوال ردهم ومخاصمتهم إبداء الرأى في الدعوى قبل الفصل في موضوعها، وأن يتم إثبات الخصومة في هذه الأحوال بكافة طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود. فقد جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أنها هي وحدها التي تُهيمن على تكييف الدعوى الدستورية والطلبات بها، وإضفاء الوصف القانوني الصحيح عليها، والعبرة في ذلك بما قصد إليه المدعى حقيقة من دعواه، ولا اعتداد بالعبارات التي أفرغ طلباته فيها، إذا كانت مجافية في مبناها، للمعاني التي أراد حملها عليها.
وحيث إن الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا تثبيتًا للشرعية الدستورية، مناطها تلك النصوص القانونية التي أقرتها السلطة التشريعية، أو التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي بينها الدستور، وبالتالى يخرج عن نطاقها إلزام هاتين السلطتين بإقرار قانون أو إصدار قرار بقانون في موضوع معين، إذ إن ذلك مما تستقل بتقديره تلك السلطتان وفقًا لأحكام الدستور، ولا يجوز بالتالي حملهما على التدخل لإصدار تشريع في زمن معين أو على نحو ما.
وحيث إن من المقرر أن الدستور كفل لكل حق أو حرية نص عليها، الحماية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، وتتمثل هذه الحماية في الضمانة التي يكفلها الدستور لحقوق المواطنين وحرياتهم، التي يعتبر إنفاذها شرطًا للانتفاع بها في الدائرة التي تصورها الدستور نطاقًا فاعلاً لها، وهذه الضمانة ذاتها هى التي يفترض أن يستهدفها المشرع، وأن يعمل على تحقيقها من خلال النصوص القانونية التي ينظم بها هذه الحقوق وتلك الحريات، باعتبارها وسائله لكفالتها، وشرط ذلك - بطبيعة الحال - أن يكون تنظيمها كافلاً تنفسها في مجالاتها الحيوية، وأن يحيط بكل أجزائها التي لها شأن في ضمان قيمتها العملية، فإذا نظمها المشرع تنظيمًا قاصرًا، بأن أغفل أو أهمل جانبًا من النصوص القانونية التي لا يكتمل هذا التنظيم إلا بها، كان ذلك إخلالاً بضمانتها التي هيأها الدستور لها، وفى ذلك مخالفة للدستور.
وحيث إن من المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة، أن الخطأ في تأويل النصوص القانونية لا يوقعها في حمأة المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية.
وحيث إن دعوى المخاصمة هي دعوى مسئولية ترمى إلى تعويض ضرر أصاب المخاصم، وتستند إلى قيام القاضي أو عضو النيابة العامة بعمل أو إصدار حكم مشوب بعيب يجيز مخاصمته. وكان الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدره من تصرفات في عمله، لأنه يستعمل في ذلك حقًا خوله له القانون، وترك له فيه سلطة تقديرية، إلا أن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء في حالات أوردها على سبيل الحصر في نص المادة (494) من قانون المرافعات، فلا يجوز القياس عليها، أو رفع دعوى المخاصمة لغيرها من الأسباب.
ولم يتعرض نص هذه المادة للاختصاص القضائي بالفصل في دعوى المخاصمة وإثباتها، وكانت المادتان (146، 148) من قانون المرافعات قد عينت على سبيل الحصر الأحوال التي يكون فيها القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعًا من سماعها، ولو لم يرده أحد الخصوم، وكذا الأحوال التي يجوز فيها رد القاضى، التي تسرى في شأن عضو النيابة العامة إذا كان طرفًا منضمًا في الأحوال الخاصة التي يوجب فيها المشرع على النيابة العامة أن تتدخل أمام المحاكم المدنية في القضايا - على ما أوضحت المذكرة التفسيرية لقانون المرافعات - وذلك بحكم الإحالة عليها بمقتضى نص المادة (163) من ذلك القانون، ومن بينها الحالة الواردة بالبند رقم (5) من المادة (146) من قانون المرافعات، التي بموجبها يكون القاضي أو عضو النيابة العامة على حسب الأحوال، غير صالح لنظر الدعوى وممنوعًا من سماعها، إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى، أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضيًا أو خبيرًا أو محكمًا أو كان قد أدى شهادة فيها. ورتبت المادة (147) من قانون المرافعات على مخالفة ذلك بطلان العمل. وعرضت المادتان (247، 248) من قانون الإجراءات الجنائية لأحوال رد القضاة، وذلك إذا كانت الجريمة قد وقعت على القاضي شخصيًّا، أو إذا كان قد قام في الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائي أو بوظيفة النيابة العامة أو المدافع عن أحد الخصوم أو أدى فيها شهادة أو باشر عملاً من أعمال أهل الخبرة، أو إذا قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة أو كان الحكم المطعون فيه صادرًا منه، وذلك كله إلى جانب سائر حالات الرد الواردة بقانون المرافعات. ولم تجز الفقرة الثانية من المادة (248) المشار إليها رد أعضاء النيابة العامة، وأوجبت المادة (250) من قانون الإجراءات الجنائية إتباع القواعد المنصوص عليها في قانون المرافعات في نظر طلب الرد والحكم فيه. كما عرضت المادة (153) من قانون المرافعات، للاختصاص القضائي بنظر طلب الرد والفصل فيه، فعقدت الاختصاص بذلك بالنسبة لرد أحد قضاة المحاكم الجزئية أو الابتدائية لإحدى دوائر محكمة الاستئناف التي تقع في دائرة اختصاصها المحكمة الابتدائية التي يتبعها القاضي المطلوب رده، وتختص بنظر طلب رد المستشار بمحكمة الاستئناف أو بمحكمة النقض، دائرة بمحكمة الاستئناف أو بمحكمة النقض حسب الأحوال غير الدائرة التي يكون المطلوب رده عضوًا فيها.
كما حددت المواد من (154 إلى 165) من قانون المرافعات، القواعد والإجراءات التي تُتبع في نظر طلب الرد والفصل فيه وإثباته، فخص المشرع هذا الطلب بالنظر لطبيعته بإجراءات تختلف عن الإجراءات العادية، ضمنها الباب الثامن من الكتاب الأول من قانون المرافعات. وخصص المشرع الباب الثاني من الكتاب الثالث من قانون المرافعات لمخاصمة القضاة وأعضاء النيابة العامة، وتناولت المواد (495، 496، 497) منه، الإجراءات الخاصة برفع الدعوى وإثباتها، والاختصاص القضائي بنظرها والفصل فيها، فترفع الدعوى بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف التابع لها القاضي أو عضو النيابة العامة، على أن تعرض الدعوى على إحدى دوائر محكمة الاستئناف بأمر من رئيسها، بعد تبليغ صورة تقرير المخاصمة إلى القاضي أو عضو النيابة المُخاصم، وتنظر الدعوى في غرفة مشورة، في أول جلسة تعقد بعد ثمانية الأيام التالية للتبليغ، ويقوم قلم الكتاب بإخطار الطالب بالجلسة، وتحكم المحكمة في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها، وذلك بعد سماع الطالب أو وكيله والقاضي أو عضو النيابة المُخاصم حسب الأحوال، وأقوال النيابة العامة إذا تدخلت في الدعوى، فإذا كان القاضي المُخاصم مستشارًا بمحكمة النقض، تولت الفصل في جواز قبول المخاصمة إحدى دوائر محكمة النقض في غرفة مشورة، فإذا حكم بجواز قبول المخاصمة فإن الاختصاص بالفصل في موضوع المخاصمة بالنسبة لقضاة المحكمة الابتدائية أو أعضاء النيابة العامة لديها، يكون لدائرة أخرى من دوائر محكمة الاستئناف، فإذا كان المُخاصم مستشارًا بمحكمة الاستئناف أو النائب العام أو المحامي العام كان الاختصاص بالفصل في الموضوع لدائرة خاصة مؤلفة من سبعة من المستشارين بحسب ترتيب أقدميتهم، أما إذا كان المُخاصم مستشارًا بمحكمة النقض فيكون الاختصاص إلى دوائر المحكمة مجتمعة. ويحكم في الدعوى بعد سماع الطالب والمُخاصم وأقوال النيابة العامة إذا تدخلت في الدعوى.
متى كان ذلك، وكان من المقرر أن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية، وفى حدود النصوص التي صرحت محكمة الموضوع للمدعى بالطعن عليها، واختصمها المدعى بصحيفة دعواه الدستورية، وكان المشرع قد حدد الاختصاص القضائي بنظر دعوى المخاصمة بمرحلتيها وإثباتهما، والفصل فيهما، على النحو المتقدم بيانه، وقصر نطاق نص المادة (494) من قانون المرافعات على تحديد أحوال مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة العامة، فإن التعرض فيه لتعديل الاختصاص بالفصل في طلب الرد ودعوى المخاصمة للقضاة وأعضاء النيابة العامة، والنص فيه على حالة رد القاضي أو عضو النيابة العامة إذا أبدى رأيًّا مخالفًا في الدعوى، قبل الفصل في موضوعها، وإثبات ذلك بكافة طرق الإثبات، بما فيها شهادة الشهود، كما ذهب المدعى، يكون إقحامًا لهذا النص في غير الدائرة التي قصدها المشرع بالتنظيم الذي ضمنه هذا النص، ويناقض الإطار الذي تناولته المواد (من 146 إلى 165) و(495 و496، 497) من قانون المرافعات، والمواد من (247 إلى 250) من قانون الإجراءات الجنائية، الذي يدخل تقريرها في إطار السياسة التشريعية التي ينتهجها المشرع في تنظيم هذه المسألة.
وحيث كان ذلك، وكان نطاق الدعوى المعروضة يقتصر على نص المادة (494) من قانون المرافعات، دون غيرها من النصوص المتقدمة، إذ اقتصر الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعي أمام محكمة الموضوع على ذلك النص، ولم يشمل أيًّا من هذه النصوص، ومن ثم لم ينصب عليها تقدير محكمة الموضوع لجدية الدفع، وتصريحها للمدعى برفع الدعوى الدستورية، ولم يضمنها المدعى طلباته الختامية الواردة بصحيفة دعواه الدستورية المعروضة. كما سبق للمحكمة الدستورية العليا أن حسمت المسألة الدستورية التي تتصل بالفقرة الثانية من المادة (495) والفقرة الأولى من المادة (496) من قانون المرافعات - كما تقدم البيان - بحكمها الصادر في الدعوى رقم 178 لسنة 32 قضائية "دستورية" المشار إليه، وقضت بحكمها الصادر بجلسة 2/ 3/ 2019 في الدعوى رقم 179 لسنة 37 قضائية "دستورية" برفض الدعوى المقامة طعنًا على نصى الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (495) من قانون المرافعات، ونشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 10 مكرر (ب) بتاريخ 11/ 3/ 2019، وهو قضاء ملزم للكافة، وجميع سلطات الدولة، وتكون له حجية مطلقة بالنسبة لهم، طبقًا لنص المادة (195) من الدستور ونصى المادتين (48، 49) من قانون هذه المحكمة المشار إليه، ليغدو ما أثاره المدعى - على النحو السالف ذكره - مرده إلى الخطأ في تأويل نص المادة (494) من قانون المرافعات، وفهمه على غير معناه الحقيقي، والتطبيق غير الصحيح له، وفي غير مجال إعماله. فضلاً عن أن ما طرحه المدعى في الحدود المتقدمة، وطلبه إضافة حالة إبداء القاضي أو عضو النيابة العامة رأيًّا مخالفًا في الدعوى، قبل الفصل في الموضوع، إلى أحوال مخاصمتهما، الواردة حصرًا بنص المادة (494) من قانون المرافعات المشار إليه، إنما ينحل في حقيقته، إلى طلب استحداث لحكم تشريعي، ويتضمن تعديلاً للتنظيم القانوني القائم لهذه المسألة، يجاوز نطاق الولاية المقررة لهذه المحكمة، ويُعد تدخلاً في عمل السلطة التشريعية، بالمخالفة لنص المادة (101) من الدستور، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى في خصوص هذا الشق منها.
وحيث إنه عن طلب المدعى القضاء بعدم دستورية نص المادة (494) من قانون المرافعات المشار إليه برمته، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز قبول الدعوى الدستورية إلا بتوافر الشروط اللازمة لاتصالها بها وفقًا للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، ويندرج تحتها شرط المصلحة التي حددتها المحكمة الدستورية العليا بأنها المصلحة الشخصية المباشرة التي لا يكفى لتحققها أن يكون النص التشريعي المطعون عليه مخالفًا للدستور، بل يجب أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعى - قد ألحق به ضررًا مباشرًا.
وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - إنما يتحدد على ضوء عنصرين أولين يحددان معًا مضمونها ولا يتداخل أحدهما مع الآخر أو يندمج فيه، وإن كان استقلالهما عن بعضهما البعض لا ينفى تكاملهما، وبدونهما مجتمعين لا يجوز لهذه المحكمة أن تباشر رقابتها على دستورية القوانين واللوائح، أولهما: أن يقيم المدعى - في حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون عليه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا - اقتصاديًّا أو غيره - قد لحق به، ويجب أن يكون هذا الضرر مباشرًا مستقلاًّ بعناصره ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلًا، بما مؤداه: أن الرقابة على الدستورية يجب أن تكون موطئًا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها. ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على المدعى أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.
وحيث كان ما تقدم، وكان المدعى قد أقام دعوى المخاصمة، على سند من صدور قرار إحالة الجناية المشار إليها إلى محكمة الجنايات بطريق الغدر والغش والتدليس، فضلاً عن وقوع خطأ مهني جسيم من المُخاصم في إصداره، لما نسبه إليه من وقائع وتصرفات على النحو المتقدم ذكره. وكان نص المادة (494) من قانون المرافعات قد أجاز في البند رقم (1) منه مخاصمة أعضاء النيابة العامة، إذا وقع من عضو النيابة غش أو تدليس أو غدر أو خطأ مهني جسيم، وهي مجتمعة، الأسباب التي أقام المدعى دعوى المخاصمة تأسيسًا عليها، ومن ثم يكون المدعى قد أفاد من هذا النص كسند قانوني لدعواه، فضلاً عن عدم انطباق باقي أحكام المادة (494) السالف ذكرها على هذه الدعوى، ومن ثم فإن القضاء في المسألة المتعلقة بدستوريتها، لن يكون ذا أثر أو انعكاس على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، لتنتفي بذلك المصلحة الشخصية المباشرة في الطعن على دستورية هذا النص، الأمر إلى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الشق منها. وتكون الدعوى المعروضة - لما تقدم جميعه - حقيقة بالقضاء بعدم قبولها برمتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.