جلسة 13 من يناير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / أحمد علي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / السعيد برغوث ، محمد عبد العال ، توفيق سليم وأشرف محمد سعد نواب رئيس المحكمة .
--------------------
(12)
الطعن 5334 لسنة 82 ق
(1)
نيابة عامة . دعوى جنائية " انقضاؤها بمضي المدة " . نقض " ما يجوز
الطعن فيه من الأحكام " .
النظر في شكل
الطعن . يكون بعد الفصل في جوازه .
طعن النيابة العامة بالنقض في الحكم الغيابي الصادر بانقضاء الدعوى
الجنائية . جائز . علة ذلك ؟
(2) إضرار غير عمدي . قتل
عمد . إثبات " بوجه عام " " شهود " . اشتراك . اقتران . شروع
.
محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير أقوال
الشهود " . حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب
" . محكمة النقض " سلطتها " .
وجوب
اشتمال الحكم ولو كان صادراً بالبراءة على الأسباب التي بُني عليها وإلَّا كان
باطلاً .
أساس ذلك ؟
المراد
بالتسبيب المعتبر ؟
إفراغ
الحكم في عبارات عامة معماه أو وضعه في صورة مجملة لا يحقق غرض الشارع من استيجاب
تسبيب الأحكام .
لمحكمة
الموضوع القضاء بالبراءة . متى تشككت في صحة إسناد التهمة للمتهم أو كانت الأدلة غير كافية . شرط ذلك ؟
لمحكمة
الموضوع وزن أقوال الشهود وتقديرها دون حاجة لإفصاحها عن سبب اطراحها لها .
إفصاحها عنه . أثره : وجوب أن يكون السبب سائغاً . لمحكمة النقض مراقبتها في ذلك .
مثال
لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة في جرائم الاشتراك في القتل العمد والشروع فيه
المقترنة بالقتل العمد والشروع فيه ولحكم صادر بالبراءة في جرائم القتل العمد
والشروع فيه المقترنة بالقتل العمد والشروع فيه والتسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم
بأموال ومصالح جهة العمل .
(3)
قتل عمد . شروع . اشتراك . فاعل أصلي . مسئولية جنائية . حكم " تسبيبه .
تسبيب معيب " .
الشريك
في الجريمة . يستمد صفته من فعل الاشتراك ذاته وقصده منه والجريمة التي وقعت بناء
على اشتراكه . علة وأساس ذلك ؟
الاشتراك
. مناط تحققه ؟
عدم
جواز معاقبة الشريك . طالما أن ما وقع من الفاعل الأصلي غير معاقب عليه . حد ذلك ؟
كون
الفاعل الأصلي للجريمة مجهول . لا يمنع من معاقبة الشريك .
قضاء
الحكم ببراءة المطعون ضدهم من جرائم الاشتراك في القتل العمد والشروع فيه المقترنة
بالقتل العمد والشروع فيه استناداً لعدم ضبط الفاعلين الأصليين ودون إجراء تحقيق
لبيان عناصر مسئوليتهم الجنائية . خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال .
(4)
استغلال النفوذ . رشوة . جريمة " الجريمة الوقتية " " الجريمة
المستمرة " . إثبات " بوجه عام " . دعوى جنائية "
انقضاؤها بمضي المدة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل "
. حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
تعيين
تاريخ وقوع الجرائم ومنها جريمة استعمال النفوذ وتقديم عطية وقبولها . موضوعي .
شرط ذلك وأثر مخالفته ؟
سقوط
الدعوى العمومية . يبدأ من تاريخ تمام الجريمة وقتية أو مستمرة .
تعيين محكمة الموضوع تاريخ وقوع جرائم استعمال
النفوذ وتقديم عطية وقبولها ومبدأ سريان المدة القانونية لسقوط الدعوى العمومية
فيها تحكمياً بطريق الرأي القانوني والبحث النظري لا من أمر واقعي يدل على تحديد
واقعي لتاريخ وقوع الجريمة ومبدأ السقوط فيها ودون إجراء تحقيق لاستجلاء حقيقة
الأمر . يعيب حكمها . علة ذلك ؟
مثال
.
(5)
إضرار غير عمدي . تربح . إثبات " بوجه عام " " قرائن " .
اتفاق . اشتراك . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم
" تسبيبه . تسبيب معيب " .
الاشتراك
بطريق الاتفاق . مناط تحققه ؟
تدليل
المحكمة على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة محسوسة . غير لازم . لها استنتاجه
من القرائن وأي فعل لاحق على الجريمة . ما دام سائغاً . علة وحد ذلك ؟
مثال
لتسبيب معيب لحكم صادر بالبراءة من جنايتي الاشتراك بالاتفاق والمساعدة مع موظف
عمومي للحصول للغير دون وجه حق على منفعة من عمل من أعمال الوظيفة والإضرار غير
العمدي بأموال ومصالح جهة العمل .
(6) فاعل أصلي . محكمة الموضوع " سلطتها في
تقدير الدليل " . مسئولية جنائية . رابطة السببية . قانون " تفسيره
" . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما
يقبل منها " . قتل عمد . شروع . اقتران .
العلم
بوقوع الجريمة . ليس أساساً للمساءلة الجنائية باعتبار العالم بوقوعها شريكاً فيها
. علة وأساس ذلك ؟
المواد
40 ، 41 ، 42 ، 43 عقوبات . مؤداها ؟
الاشتراك
بالمساعدة . يتحقق بثبوت قصد الشريك بالاشتراك في الجريمة وهو عالم بها ويتكون من
أفعال إيجابية ولا يستنتج عن أعمال سلبية . أساس ذلك؟
مثال
لتسبيب معيب للتدليل على توافر قصد الاشتراك وعلاقة السببية بين سلوك الشريك
والفاعل الأصلي لحكم صادر بالإدانة في جرائم الاشتراك بالمساعدة في القتل العمد
والشروع فيه المقترنة بالقتل العمد والشروع فيه بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات التي
تفرضها الصفة الوظيفية .
(7) وصف التهمة .
محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب
معيب " .
للمحكمة تعديل الوصف الذي تسبغه النيابة
العامة على الفعل المسند للمتهم للوصف القانوني السليم . التعديل بإضافة واقعة
مادية جديدة لم يتناولها التحقيق والمرافعة . يوجب تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً
للدفاع عند طلبه . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. إخلال بحق الدفاع . أساس
ذلك ؟
مثال .
(8) قتل عمد . إثبات " بوجه عام " .
اشتراك . شروع . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . دفوع " الدفع
بانتفاء القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . سلاح .
تميز جناية القتل العمد والشروع فيه بعنصر خاص .
هو قصد إزهاق الروح . اختلافه عن القصد العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم
. وجوب التحدث عنه استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تثبت توافره . إثباته في حق الفاعل . مفاده : إثباته في حق
الشريك . ما دام أثبت علمه به .
تعدد الضربات وشدتها وإصابة المجني عليهم في مقتل أو بسلاح قاتل بطبيعته
. غير كاف لثبوت نية القتل العمد .
قصد إزهاق الروح . قصد خاص . وجوب استظهاره وإيراد الأدلة والمظاهر
الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه .
مثال لتسبيب معيب لاطراح دفاع الطاعنين بانتفاء
القصد الجنائي لحكم صادر بالإدانة بجرائم الاشتراك بالمساعدة في القتل العمد
والشروع فيه .
(9)
قتل عمد . شروع . رابطة السببية . حكم " بيانات حكم الإدانة " "
بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب معيب " .
وجوب
اشتمال الحكم على الأسباب التي بنى عليها وإلَّا كان باطلاً . أساس ذلك ؟
المراد
بالتسبيب المعتبر ؟
حكم الإدانة . بياناته ؟
وجوب بيان الحكم رابطة السببية في جريمة القتل العمد أو الشروع فيه بين فعل
المتهم والوفاة أو الإصابة وإلا كان قاصراً .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن النظر في شكل الطعن إنما يكون بعد
الفصل في جوازه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر غيابياً بانقضاء الدعوى الجنائية ضد المطعون
ضده التاسع .... وهو حكم نهائي على خلاف ظاهره لأنه
لا محل للطعن عليه بثمة طعن من قبل المطعون ضده – سالف الذكر – ومن ثم فإن طعن
النيابة العامة بطريق النقض في هذا الحكم يكون جائزا ً.
2- لما
كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد محصل الواقعة بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثامن المقضي بإدانتهما ، وأورد الأدلة على ثبوتها في حقهما
، استطرد من ذلك مباشرة إلى القول : ( ... ومن حيث إن النيابة العامة قد ركنت في تدليلها
على ارتكاب المتهمين لواقعات التداعي إلى أقوال المئات ممن استمعت إليهم ، إلَّا أن
المحكمة لا تطمئن إلى أقوال هؤلاء برمتها بعد أن فحصت ومحَّصت
أوراق التداعي عن بصر وبصيرة ، ذلك أن يقينها يؤكد أن تلك الأقوال قد تم الإدلاء
بها في ظروف غير طبيعية أحاطت بها الكيل والعدوان لجهاز الشرطة بعينه ، ولم يقم في
الأوراق دليل واحد يشير إليها بما تطمئن إليه المحكمة ، فضلاً عن إقرار النيابة العامة بأمر
الإحالة بتدخل عناصر أجنبية نفذت مخططاتها ، بما لا تطمئن معه المحكمة إلى هذا
الإسناد الوحدوي ، الأمر الذي لا مندوحة معه من طرح تلك الأقوال من التحقيقات وعدم
التعويل عليها أو الاعتداد بها جملة وتفصيلاً فيما ذهبت إليه النيابة العامة ، ولا
ترى المحكمة موجباً لسرد تلك الأقوال لأنه جهد مضاعف بلا طائل لا تجني من ورائه ثمة فائدة للتدليل على ما ذهبت إليه النيابة العامة ، ولا يغيب عن
ذهن المحكمــــة في هذا الصدد ما أبدته النيابة العامة حال سماع شهود الإثبـات
أمام المحكمة من إشادة لشاهد واتهام آخر بالشهادة الزور، وما ثبت من سابق الحكم
على شاهد بالحبس في قضية متعلقة بأدلة بالدعوى الأمر الذي يعزز ما اتجهت إليه المحكمة
من طرح لأقوال شهود الدعوى وعدم التعويل عليها ، ومن حيث ما كان سلفاً فإن للمحكمة آيات تدليلية قوية البنيان
تستمدها من واقع أوراق التداعي وظروف حال الواقعات وملابساتها بما للمحكمة من حق في
الاستدلال وهذه هي : أولاً : لم يتم ضبط أي من الفاعلين الأصليين مرتكبي جرائم القتل
العمد والشروع فيه أثناء ما وقع من أحداث بميدان .... خلال المدة من .... وحتى ....
أو حتى بعد أو عقب تلك الأحداث حتى تتبين المحكمة على وجه القطع واليقين توافر نية
القتل العمد لديهم ومدى توافر حالة من حالات الدفاع الشرعي لدى أي من الفاعلين الأصليين
من عدمه ، ومدى صلة أي من هؤلاء الفاعلين الأصليين بجهاز الشرطة عموماً ، أو صلة هؤلاء المتهمين
المذكورين ودور الأخيرين في تحريضهم أو مساعدتهم تحديداً ، ومدى توافر علاقة السببية
بين ما ارتكبه الفاعلون الأصليون من جرائم القتل
العمد والشروع فيه وبين تحريض المتهمين المذكورين لهم ومساعدتهم إياهم. ثانياً:
خلت أوراق التداعي وما قدم فيها من مضبوطات – فحصتها المحكمة وشاهدتها – من أدلة مادية
– من أسلحة وذخائر ومهمات وعتاد معتبرة تطمئن إليها المحكمة وترتكن إليها تثبت على
وجه القطع واليقين والجزم أن الفاعلين الأصليين لجرائم القتل العمد والشروع فيه والتي
وقعت أثناء الأحداث موضوع التداعي بميدان .... بـ .... خلال المدة من .... وحتى ....
هم من ضباط وأفراد الشرطة ، وأنهم استخدموها بأنفسهم فيما وقع من جرائم القتل العمد
والشروع فيه خلال تلك الأحداث ، وكذا صلة هذه الأدلة المقدمة للمحكمة بجهاز الشرطة
تحديداً وعلى وجه الجزم والقطع واليقين فالثابت أنها خالية من ثمة كتابات أو علامات
أو أرقام أو بيانات تشير إلى مدى علاقتها ونسبتها جزماً ويقيناً إلى جهاز الشرطة .
ثالثاً : خلت أوراق الدعوى وما قدم فيها من مستندات من أية تسجيلات صوتية كانت أو مرئية
ذات مأخذ شرعي قانوني تطمئن إليه المحكمة وتثبت لها على سبيل القطع والجزم واليقين
أن الفاعلين الأصليين للوقائع موضوع التداعي في زمانها ومكانها المشار إليها هم ضباط
وأفراد قوات الشرطة تحديداً ، ولِما تبين من تداخل عناصر إجرامية اختلطت بهم . رابعاً:
خلت أوراق الدعوى وما قدم فيها من مستندات ومضبوطات من ضبط أية اتصالات سلكية أو لاسلكية
أو ثمة تسجيلات أو مكاتبات أو أوراق أو تعليمات مكتوبة أو شفهية لثمة اجتماعات تثبت
قطعاً وجزماً ويقيناً اتفاق المتهمين المذكورين فيما بينهم ، أو مساعدتهم لآخرين من
ضباط وأفراد قوات الشرطة لارتكاب الجرائم موضوع التداعي . خامساً : أن المحكمة لا تطمئن
إلى ما قد تم إثباته بدفاتر ومخازن الأسلحة لقطاعات قوات الأمن المركزي – المقدمة في
الدعوى – وتطرحها جانباً ولا تعول عليها ، ذلك أن تلك الدفاتر لم يتم ضبطها في وقت
معاصر لتاريخ الأحداث خلال المدة من .... وحتى .... أو عقب ذلك مباشرة مما قد يتيح
العبث بما أثبت بها من بيانات أو التدخل في بياناتها أو الإضافة على نحو جعل المحكمة
تتشكك في صحة ما تضمنته تلك الدفاتر من بيانات ولا تأخذ بها ، ولا ترتاح إليها ، ولا تركن إليها ، وتطرحها جانباً ، هذا فضلاً عن خلو
تلك الدفاتر من ثمة تعليمات أو توجيهات تدل دلالة قاطعة صريحة لضباط وأفراد
الشرطة بإطلاق الأعيرة النارية صوب المتظاهرين . سادساً: خلت أوراق الدعوى من ثمة أدلة
فنية قطعية تثبت أن وفاة وإصابة المجني عليهم قد حدثت عن أسلحة أو سيارات لقوات الشرطة
، فانفصلت علاقة السببية بين الإصابة وبين الأداة المستخدمة ومدى نسبتها إلى جهة محددة تطمئن المحكمة تمام الاطمئنان
إلى توافر علاقة السبب بالمسبب . سابعاً : أن كافة التقارير الطبية المرفقة بأوراق
التداعي وقد طالعتها المحكمة ، وإن صحَّ ما أثبت بها من بيانات للإصابات كدليل لحدوث
الإصابة لكنها في عقيدة المحكمة لا تصلح دليلاً على شخص محدثها . ثامناً : خلت أوراق
التداعي من ثمة مستندات أو أوراق أو تعليمات أو حتى شواهد كدليل قاطع يقيني جازم يثبت
للمحكمة بما تطمئن إليه ارتكاب أي من المتهمين المذكورين لركن الخطأ المتطلب توافره
لقيام أركان جريمة إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التي يعملون بها وأموال ومصالح
الغير المعهودة بها إليهم والمؤثمة بنص المادة 116 مكررا (أ) من قانون العقوبات ، فلم
يثبت للمحكمة أن المتهمين المنسوب إليهم هذه الجريمة قد أصدروا التعليمات بسحب قوات
الشرطة المنوط بها حراسة المرافق والمنشآت العامة والممتلكات العامة والخاصة ولم يقم
في الأوراق ثمة ما يدل على ذلك، وخلت من ماهية تحديد الأضرار بمركز البلاد الاقتصادي
أو بمصلحة قومية لها إذ لم تجد المحكمة ثمة ما يثير أو يقطع بإحصاءات وإحصائيات تدعم
الاتهام وتربط بين فعل الإهمال أو الخطأ وبين النتيجة فانقطعت بذلك رابطة السببية بينهما
، وهو ركن أساسي في قيام الجريمة ، ومن حيث إنه وبالبناء على ما تقدم ذكره من آيات
تدليلية اعتنقتها المحكمة فإن أوراق التداعي تكـون
قد فقدت الأدلة والقرائــن والبراهين الجازمة والقاطعة يقيناً والتي تضئ
سبيل الاتهام ضد أي من المتهمين المذكورين ، ومن حيث إنه وقد خلت أوراق التداعي
من تلك الأدلة وخالج الشك والتشكك وجدان المحكمة في صحة إسناد الاتهام إلى المتهمين
، واضطراب ضميرها إزاء ما حوته أوراق الدعوى من ضعف ووهن لا يقوى على إقامة دليلاً
واحداً تقتنع به المحكمة لإرساء حكم بالإدانة قبل أي من المتهمين المذكورين فيما أسند
إليهم من جرائم تضمنها أمر الإحالة ، ومن ثم فلا مناص من القضاء ببراءة كل من المتهمين
المذكورين مما أسند إليهم من اتهامات واردة بأمر الإحالة وذلك عملاً بالمادة 304 فقرة
أولى من قانون الإجراءات الجنائية ) واقتصر الحكم على تلك العبارات في بيان الواقعة
المنسوبة إلى المطعون ضدهم من الثاني وحتى السابع وأسباب قضائه بتبرئتهم من الاتهامات
المسندة إليهم في أمر الإحالة مجملاً الأمرين معاً . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب
في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم – ولو كان صادراً بالبراءة
- على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد
والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يحقق
الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضي به
، أمَّا إفراغ الحكم في عبارات عامة معماه أو وضعه في صورة مجهلة مجملة فلا يحقق الغرض
الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق
القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما أنه من المقرر أن محكمة الموضوع
وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية
أدلة الثبوت ، غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها
على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى ، وأحاطت بظروفها ، وبأدلة الثبوت التي
قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم
أو داخلتها الريبة والشك في صحة عناصر الإثبات ، كما أنه من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشهود وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب اطراحها لها إلَّا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من
أجلها لم تعول على أقوال الشهود، فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤدياً لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق ، وأن لمحكمة
النقض في هذه الحالة أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي
خلصت إليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعـــــــون فيه وقد قضى بإدانــــة المطعون
ضدهما الأول والثامن بالاشتراك في جرائم القتل والشروع فيه المقترنة بجرائم القتل والشروع
فيه التي حدثت في ميدان .... بـ .... خلال الفترة من .... وحتى .... سنة .... فقد أغفل تماماً ما
أسند إليهما من الاشتراك في جرائم القتل والشروع فيه المقترنة بجرائم القتل والشروع
فيه التي حدثت في باقي محافظات الجمهورية فلم يعرض لها البتة ولم يبين مدى مسئوليتهما
عن تلك الجرائم ولم يدل برأيه في الدليل القائم في الأوراق بخصوصها بما يفيد على الأقل
أنه فطن إليها ، مما يعيب الحكم بالقصور الذي يبطله ، كما أن الحكم المطعون فيه وقد
قضى ببراءة المطعون ضدهم من الثاني إلى السابع من جرائم القتل والشروع فيه المقترن
بجرائم القتل والشروع فيه ومن جريمة التسبب بأخطائهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح
الجهة التي يعملون بها فقد أغفل كلية أقوال شهود الإثبات التي ساقتها النيابة العامة الدالة على ثبوت تلك
الجرائم في حقهم فلم يورد أياً منها ويبين حجته في اطراحها على النحو الذي يستقيم معه ما ذهب
إليه من اطراح الدليل المستمد منها ، واقتصر في ذلك على مجرد القول أنه تم الإدلاء
بها في ظروف غير طبيعية أحاطت بها الكيل والعدوان
لجهاز الشرطة بعينه وذلك في عبارة مرسلة ومبتورة ليس لها معنى إلا عند واضعي
الحكم وهو معنى مستور في ضمائرهم لا يدركه غيرهم ، ودون أن يوضح ماهية الظروف غير الطبيعية
التي أحاطت بهؤلاء الشهود ، كما أن الحكم المطعون فيه اطرح ما ثبت بالتسجيلات الصوتية
والمرئية في عبارة غامضة وقاصرة ولا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، كما اقتصر في تبرير
ما قضى به من براءة المطعون ضدهم من الثاني وحتى الخامس من جرائم القتل والشروع فيه
المقترنة بجرائم القتل والشروع فيه على ما ساقه بالنسبة لوقائع القتل والشروع فيه
التي حدثت في ميدان .... دون أن يعرض إلى وقائع القتل والشروع فيه المقترن بجرائم القتل
والشروع فيه المسندة إليهم والتي وقعت في باقي محافظات الجمهورية ، فلم يدل برأيه في
الدليل القائم بخصوصها بما يفيد على الأقل أنه فطن إليها مما يعيب الحكم بالقصور الذي
يبطله ، كما كان على محكمة الموضوع وقد استرابت في أن الأسلحة المضبوطة جاءت خالية
مما يثبت على وجه القطع أنها خاصة بجهاز الشرطة ، وأن ما تم إثباته بدفاتر مخازن الأسلحة
بقطاعات الأمن المركزي تعرض للعبث فيما أثبت بها من بيانات أن تجري بنفسها أو بمعرفة
أحد أعضائها تحقيقاً تستجلي به حقيقة الأمر قبل أن تنتهي إلى ما انتهت إليه – من القضاء
بالبراءة – أما وهي لم تفعل ، فإن ذلك مما يعيب حكمها ، كما لم يعرض لما ساقته النيابة
العامة من أدلة بخصوص جريمة التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح
الجهة التي يعملون بها وعناصر هذه الجريمة واكتفى في ذلك بعبارات مجملة لا يبين منها
أن المحكمة قد فطنت لركن الخطأ في هذه الجريمة ، كل ذلك مما ينبئ عن أن المحكمة أصدرت
حكمها دون تمحيص لأدلة الدعوى والإحاطة بظروفها مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها
على الوجه الصحيح مما يعيب الحكم بالقصور الذي يستوجب نقضه .
3- من
المقرر أن الشريك في الجريمة إنما يستمد صفته – بحسب الأصل – من فعل الاشتراك الذي
ارتكبه ، ومن قصده منه ، ومن الجريمة التي وقعت بناءً على اشتراكه ، فهو على الأصح
شريكاً في الجريمة لا شريك مع فاعلها ، إذ المدار في ذلك – كما هو ظاهر من نصوص قانون
العقوبات الخاصة بالاشتراك في المواد 40 ، 41 ، 42 ، 43 – على علاقة المتهم بذات الفعل
الجنائي المكون للجريمة لا بأشخاص من ساهموا معه فيها ، وأنَّه وإن كان صحيحاً أن الاشتراك
لا يتحقق إلَّا في واقعة معاقب عليها من الفاعل الأصلي ، وأن الشريك لا يجوز عقابه إذا كان ما وقع من الفاعل الأصلي غير معاقب عليه ، إلَّا أن ذلك لا يستلزم
أن تكون محاكمة الشريك معلقة على محاكمة الفاعل الأصلي والقضاء عليه بالعقوبة ، إذ
ذلك يؤدي إلى عدم معاقبة الشريك إذا تعذرت محاكمة الفاعل الأصلي لكونه مجهولاً ، أو
متوفى ، أو غير معاقب لانعدام القصد الجنائي عنده
، أو لأحوال أخرى خاصة به ، ولذلك استقر قضاء هذه المحكمة على أنه يصح محاكمة
الشريك حتى ولو كان الفاعل الأصلي للجريمة مجهولاً . لما كان ذلك ، وكان من بين ما
برر به الحكم المطعون فيه قضاءه ببراءة المطعون ضدهم من الثاني حتى الخامس من الاشتراك
في جرائم القتل والشروع فيه المقترن بجرائم القتل والشروع فيه عدم ضبط الفاعلين الأصليين مرتكبي جرائم القتل العمد والشروع
فيه أثناء ما وقع من أحداث بميدان .... ، وكان هذا الذي ذهب إليه الحكم وبرر
به قضاءه بالبراءة يخالف القانون وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أنه ليس بشرط
أن يكون فاعل الجريمة معلوماً حتى يمكن محاكمة
الشريك ، بل يحاكم الشريك ويعاقب حتى ولو كان الفاعل الأصلي مجهولاً ، كما كان
يتعين على المحكمة إجراء تحقيق في الدعوى لاستجلاء ما غمض عليها من عناصر المسئولية
الجنائية للمطعون ضدهم سالفي الذكر بشأن جرائم القتل والشروع فيه المقترن
بجرائم القتل والشـروع فيه المسندة إليهم لا أن تتساند إلى عدم ضبط الفاعلين في
تبرير ما قضت به من براءة مما يعيب الحكم بالخطأ
في تطبيق القانون فضلاً عن الفساد في الاستدلال .
4- لما كان
تعيين تاريخ وقوع الجرائم عموماً – ومنها جريمة استعمال النفوذ ، وتقديم عطية وقبولها
– هو من الأمور الموضوعية الداخلة في اختصاص قاضي الموضوع ، ولا رقابة عليه في ذلك
لمحكمة النقض ، غير أن ذلك مشروط بأن يبني القاضي عقيدته في هذا التعيين على الواقع
الفعلي الذي يثبت لديه بالبينة أو يستنتجه من قرائن الدعوى وظروفها لا أن يبنيها على
اعتبارات قانونية أو نظرية بحتة ليس بينها وبين الواقع فعلاً أي اتصال ، فإن فعل غير
مراع هذا الشرط فقد خرج بذلك من دائرة الأمور الموضوعية إلى ميدان المباحث القانونية
وعرض عمله من خطأ أو صواب لرقابة هذه المحكمة – محكمة النقض – . لما كان ذلك ، وكان
الواقع في هذه الدعوى أن محكمة الموضوع لم تعين تاريخ وقوع جريمة استعمال النفوذ وتقديم
عطية وقبولها تعييناً مستنداً إلى دليل راجع إلى الواقع فعلا ً، بل عينته تحكمياً بطريق
الرأي القانوني والبحث النظري متخذة من تسجيل عقود الفيلات الخمس بداية لمبدأ سريان
المدة القانونية لسقوط الدعوى العمومية في هذه
الجرائم ، ولا شك أن ذلك اعتبار نظري لا اتصال بينه وبين حدوث الجريمة بالفعل
، ولا بينه وبين التاريخ الحقيقي لحدوثها ، وهذا الذي انتهت إليه محكمة الموضوع وهو استنتاج بطريق الرأي والتحكم على تحديد تاريخ
وقوع الجريمة ومبدأ السقوط فيها ، وهو استنتاج منتزع ، لا من أمر واقعي يدل
على تحديد واقعي لتاريخ وقوع الجريمة ومبدأ السقوط
فيها بل من تقدير نظري وقانوني لا اتصال بينه وبين ما يكون قائماً في الواقع الخارجي
، كما كان يتعين على محكمة الموضوع إجراء تحقيق في الدعوى لكي تستجلي دلالة
استمرار إقامة إنشاءات وتوسعات وملحقات في الفيلتين الخاصتين بالمطعون ضدهما الثامن
والحادي عشر للوقوف على ما إذا كانت الشركة المملوكة للمطعون ضده التاسع هي التي قامت
بتنفيذ تلك الإنشاءات والتوسعات والملحقات والتي استمرت حتى عام .... ، ومدى علاقة
تلك الأعمال بالنشاط الإجرامي الأساسي في جرائم استعمال النفوذ وتقديم عطية وقبولها
والتي قضي فيها بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ، وهل كانت تلك الأعمال تشكل استمراراً
للحالة الجنائية والنشاط الإجرامي بتدخل إرادة المطعون ضدهم من الثامن حتى الحادي عشر
في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً لأن مبدأ سقوط الدعوى العمومية يبـدأ
من تاريخ تمــــام الجريمة وليس من تاريخ ارتكاب السلوك الإجرامي سواء كانت الجريمة
وقتية أو مستمرة ، أم كانت تلك الإنشاءات والتوسعات والملحقات الجديدة تشكل وحدة في
الغرض الإجرامي لدى مرتكبيها – المطعون ضدهم من الثامن حتى الحادي عشر – وهو ما يجعل
من الأفعال المتعددة والمتجددة والمستمرة مشروعاً إجرامياً واحداً وأثر ذلك كله على
تحديد تاريخ وقوع الجريمة ، وتاريخ تمام النشاط الإجرامي فيها ، وتحديد مبدأ السقوط
في الدعوى الجنائية تحديداً يتصل بالواقع اتصالاً فعلياً مما يسمح بتطبيق القانون على
وجهه الصحيح بشأن قواعد انقضاء الدعوى الجنائية ومبدأ السقوط فيها ، أما وأن محكمة
الموضوع لم تحدد تاريخ وقوع الجرائم سالفة البيان تحديداً يستند إلى الواقع ولم تحدد تاريخ نهاية النشاط الإجرامي في
جرائم استعمال النفوذ ، وتقديم عطية وقبولها ، ولم تجر تحقيقاً للوصول إلى ذلك ، فإن ذلك مما يعجز محكمة النقض عن
مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم .
5- لما كان الحكم المطعون فيه وقد قضى ببراءة المطعون ضده
الثامن من جنايتي الاشتراك بالاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي للحصول لغيره دون
وجه حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته ، والإضرار بأموال ومصالح الجهة
التي يعمل بها ، وبرر قضاءه بالبراءة على دعامتين أساسيتين الأولى هي خلو الأوراق
من دليل أو شهادة شهود على وجود الاتفاق بين المطعون ضده الثامن ووزير البترول الأسبق
على إسناد البيع والتصدير للغاز الطبيعي المصري إلى شركة .... للغاز والثانية هي أن
الشركة سالفة الذكر هي التي تقدمت بالطلب المشار
إليه في أمر الإحالة إلى وزير البترول الأسبق ولم يعرض على المطعون ضده الثامن .
لما كان ذلك ، وكان من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – أن الاشتراك
بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية
أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، وليس على المحكمة أن تدلل على
حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة مادية محسوسة ، ذلك أن القاضي الجنائي – فيما عدا
الأحوال الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة – حر في أن يستمد
عقيدته من أي مصدر شاء ، وله إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة
شهود أو غيره أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا
الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره ، كما أنه له أن يستنتج حصوله من أي
فعل لاحق للجريمة . لما كان ذلك ، وكان المستفاد من جماع ما برر به الحكم المطعون فيه
قضاءه ببراءة المطعون ضده الثامن – من الاتهام سالف البيان – أنه استلزم أن يكون هناك
دليل مباشر من شهادة شهود أو غيره من الأدلة دون أن تقوم المحكمة بواجبها القانوني
في إعمال قواعد الاستقراء والاستنتاج المنطقي من أوراق الدعوى – كما أن الحكم المطعون
فيه لم يراع طبيعة العلاقة التي كانت تربط المطعون
ضده الثامن – بصفته كان رئيساً للجمهورية – بوزير البترول الأسبق والتي لا يتلاءم معها استلزام وجود أدلة مباشرة من شهادة
شهود أو غيره ، وكان يكفي المحكمة أن تستخلص وقوع الاشتراك بالاتفاق – في خصوص
هذه الدعوى – من جماع ما حوته أوراقها من قرائن سابقة على وقوع الجريمة أو حتى لاحقة
عليها بطريق الاستقراء والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية لأن الاشتراك يتم غالباً
دون مظاهر خارجية أو أدلة مادية مباشرة أو محسوسة تدل عليه ، كما أن الحكم المطعون
فيه أخذ مما ورد – خطأ – في أمر الإحالة من أن طلب شركة .... – عرض – على المطعون ضده
الثامن دعامة ثانية للبراءة دون أن يمحص دلالة أوراق الدعوى وما حوته من مستندات ودون
أن يستجلي حقيقة تلك الواقعة لا أن يستند إليها في قضائه بالبراءة ، كما أن الحكم المطعون
فيه لم يتعرض لما أشارت إليه النيابة العامة في أمر الإحالة فيما نسبته إلى المطعون ضده الثامن الاشتراك أيضاً في الجنايتين
سالفتي الذكر فضلاً عن الاتفاق بالمساعدة ، فلم يعرض لذلك العنصر من عناصر المساهمة
التبعية والتفت عنها تماماً وحصر مساهمة المطعون ضده الثامن في ذلك الطلب الخاص بشركة
.... للغاز واكتفى في هذا الشأن بنفي أن يكون ذلك الطلب قد عرض على المطعون ضده الثامن
، ولما كان هذا الفهم الخاطئ قد حجب محكمة الموضوع عن أن تقول كلمتها في شأن استخلاص
مشاركة الطاعن الثامن في هاتين الجنايتين على ضوء المستقر من قواعد أقرتها هذه المحكمة
وعلى ضوء الثابت من أقوال اللواء .... بتحقيقات النيابة العامة – على ما بان من المفردات
– فإن ذلك ينبئ عن أنها أصدرت حكمها دون تمحيص لأدلة الدعوى والإحاطة بعناصرها وعناصر
الاتهام فيها عن بصر وبصيرة مما يعيب حكمها بالقصور والفساد في الاستدلال .
6- لما
كان الحكم المطعون فيه دان الطاعنين بالاشتراك بالمساعدة في جرائم القتل والشروع فيه
المقترن بجرائم القتل والشروع فيه بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات التي تفرضها عليهما
صفتهما الوظيفية وقال بياناً لقضائه ( .... ومن واقع ذلك المنطق السوي المعتبر في حق
ضمير المحكمة وثبات وجدانها تؤكد من واقع ما جرى من تحقيقات وما دار بجلسات المحاكمة
وشهادة من استمعت إليهم المحكمة بما لا يدع مجالاً للشك أو الريبة أن كلاً من المتهمين
الأول .... والخامس .... وقد علم كل منهما بالأحداث فأحجم أولهما عمداً بصفته رئيساً
لجمهورية مصر عن إتيان أفعال إيجابية في توقيتات مناسبة تقتضيها الحماية القانونية
المتمثلة في امتناعه عمداً عن إصدار القرارات والأوامر والتعليمات والتوجيهات التي
تحتمها عليه وظيفته والمنوط به الحفاظ على مصالح الوطن ورعاية المواطنين وحماية أرواحهم
والذود عن الممتلكات والمنشآت العامة والخاصة المملوكة للدولة وللأفراد طبقاً للدستور
والقانون رغم علمه يقيناً بما وقع من أحداث وأفعال وتدخلات من جهات وعناصر إجرامية
، وكان ذلك الإحجام والامتناع عما يفرضه عليه الواجب القانوني للحماية القانونية للوطن
والمواطنين ابتغاء استمرار سلطاته والسيطرة لنفسه على مقاليد الحكم للوطن ، الأمر الذي
أدى إلى أن اندست عناصر إجرامية لم تتوصل إليها التحقيقات في موقع الأحداث قامت بإطلاق
مقذوفات نارية وخرطوش تجاه المتظاهرين السلميين فأحدثت بالبعض منهم الإصابات التي أودت
بحياتهم وبالشروع في قتل البعض الآخر منهم بإصابتهم بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية
والتي تم تداركها بالعلاج ، وأن المتهم الخامس .... امتنع عمداً بصفته وزيراً للداخلية
في التوقيتات المناسبة عن اتخاذ التدابير الاحترازية التي توجبها عليه وظيفته طبقاً
للقوانين واللوائح والقرارات لحماية الوطن من الداخل والأرواح والممتلكات العامة والخاصة
طبقاً للدستور والقوانين مع علمه تماماً بما وقع من أحداث ، وكان ذلك الإحجام والامتناع
ابتغاء فرض سلطاته واستمرار منصبه وحماية سلطات ومنصب الأول ، فمن ذلك الإحجام والامتناع
فقد وقر في يقين المحكمة من خلال فحصها أوراق التداعي عن بصر وبصيرة أن المتهمين المذكورين
قد اشتركا مع مجهولين بطريق المساعدة في ارتكاب جرائم القتل العمد والشروع فيه موضوع
التحقيقات وما تضمنته تلك الجرائم من اقتران لجرائم قتل عمد أخرى وشروع فيه ، قاصدين
من ذلك إزهاق روح وإصابة المجني عليهم الواردة أسماؤهم بالتحقيقات فأحدثوا بهم الإصابات
الموصوفة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياتهم أو بإصاباتهم على النحو المبين بالتحقيقات
، تلك الجرائم الحادثة بميدان .... بـ.... خلال المدة المشار إليها ، وتبين للمحكمة
من خلال مطالعتها المتعمقة الدقيقة لكشوف المجني عليهم المرفقة أن من بين المتوفين
على سبيل المثال من يدعى .... و.... ، وأن من بين
المصابين من يدعى .... حال تظاهرهم بميدان .... يوم .... ) . لما كان ذلك ،
وكان العلم بوقوع الجريمة لا يعتبر في القانون أساساً لمساءلة جنائيـة
على اعتبار أن العالم بوقوعها يعد شريكاً في مقارفتها ، إذ إن الاشتراك في الجريمة
لا يعتبر قائماً طبقاً لصريح نص المادة 40 من قانون العقوبات إلا إذا توافر في حق المتهم
ثبوت اتفاقه مع الجاني على ارتكابها ، أو تحريضه إياه على ارتكابها ، أو مساعدته له
مع علمه بأنه مقبل على ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه إذ رتب مساءلة الطاعنين كشريكين
بالمساعدة على مجرد علمهما بوجود العناصر الأجنبية المسلحة لا يكفي لثبوت اشتراكهما
بالمساعدة على ارتكاب تلك الجرائم ، كما أن المستفاد
من مطالعة نصوص القانون العامة في الاشتراك في المواد 40 ، 41 ، 42 ، 43 من
قانون العقوبات أنها تتضمن أن قصد الاشتراك يجب أن ينصب على جريمة أو جرائم معينة
، فإذا لم يثبت الاشتراك في جريمة معينة أو فاعل معين فلا تعتبر الجريمة التي ارتكبها
الفاعل نتيجة مباشرة للاشتراك لأنه لم يقع عليها ، كما أن القانون يوجب أن يكون لدى
الشريك نية التدخل مع الفاعل ، فالاشتراك بالمساعدة لا يتحقق إلا إذا ثبت أن الشريك
قصد الاشتراك في الجريمة وهو عالم بها ، بأن تكون لديه نية التدخل مع الفاعل تدخلاً
مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ، وأن يساعد في الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها
مساعدة تتحقق بها وحدة الجريمة . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه ،
قد جاء قاصراً في بيانه في التدليل على أن الطاعنين كانا يعلمان علماً يقينياً بما
انتواه الفاعلون المجهولون من ارتكاب جرائم القتل والشروع فيه ، كما أنه لم يدلل تدليلاً
سائغاً وكافياً على توافر قصد اشتراكهما في الجرائم التي دانهما عنها ، ودون أن يثبت
أنهما وقت وقوعها كانا عالمين بها قاصدين الاشتراك فيها ببيان عناصر اشتراكهما ، ومظاهره
، بأفعال صدرت عنهما تدل على هذا الاشتراك وتقطع به ، كما لم يدلل الحكم المطعون فيه
على توافر رابطة السببية بين سلوك الطاعنين كشريكين وبين الجرائم التي وقعت من الفاعلين
الأصليين الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه معيباً بالقصور الذي يبطله . كما أن
المستفاد من استقراء نص المادة 40 من قانون العقوبات أن المساعدة كصورة من صور الاشتراك
تفترض شيئاً ذا كيان مادي من المساعدة من الشريك إلى الفاعل الأصلي ، أي تتطلب نشاطاً
إيجابياً يبذله الشريك بالمساعدة ، ويقدم عن طريقه
العون إلى الفاعل الأصلي ، فإن ذلك يفيد – بلا جدال – أن الاشتراك في الجريمة
بالمساعدة لا يتكون إلا من أعمال إيجابية ، ولا ينتج أبداً عن أعمال سلبية ، وإذ كان
ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد حدد نشاط الطاعنين في أفعال سلبية بإحجامهما عن إتيان أفعال إيجابية فإنه يكون معيباً بالخطأ
في تطبيق القانون .
7- لما كان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض – قد جرى على أن لمحكمة الموضوع
ألَّا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم
لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته ، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت
أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني
السليم الذي ترى انطباقه على واقعة الدعوى ، إلَّا أنه إذا تعدى الأمر مجرد
تعديل الوصف إلى تعديل التهمة بتحوير كيان الواقعة المادية التي أقيمت عليها الدعوى
، وبنيانها القانوني ، والاستعانة في ذلك بعناصر أخرى تضاف إلى تلك التي أقيمت بها
الدعوى ، ولم يتناولها التحقيق والمرافعة ، فإن هذا التغيير يقتضي من المحكمة أن تلتزم
في هذا الصدد بمراعاة الضمانات التي نصت عليها المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية
بما يقتضيه وجوب تنبيه المتهم إلى التغيير في التهمة ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا
طلب ذلك ، وإذ كان الثابت أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعنين بوصف أنهما اشتركا
بطريق الاتفاق مع مساعدي وزير الداخلية ومجموعة من ضباط وأفراد الشرطة في قتل والشروع في قتل المتظاهرين المقترن بجرائم القتل
والشروع فيه ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بالاشتراك بالمساعدة
مع عناصر أجنبية مجهولة في قتل والشروع في قتل المتظاهرين المقترن بجرائم القتل والشروع
فيه بإحجامهما عن إتيان أفعال إيجابية في توقيتات مناسبة المتمثل في امتناعهما عن إصدار القرارات والأوامر والتعليمات
والتوجيهات التي تحتمها عليهما وظيفتهما ، وكان الذي أجراه الحكم لا يعد تعديلاً
في وصف التهم ، وإنما هو تعديل في ذات التهم المسندة إلى الطاعنين ، وتحوير في كيانها
المادي ، وبنيانها القانوني ، والذي لم يتناوله التحقيق أو المرافعة ، لا تملك المحكمة
إجراءه إلَّا في أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى
، مما كان يقتضي لفت نظر الدفاع عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية ،
أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون قد بني على إجراء باطل أخل بحق الطاعنين في الدفاع
، ويكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع .
8- لما كان
الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بانتفاء القصد الجنائي في حقهما وردَّ عليه
في قوله : ( .... إن الظروف المحيطة بالتداعي والأمارات ، والمظاهر الخارجية التي أتاها
المتهمان المذكوران تتم بما لا مجال للشك فيه ، عما ضمراه في نفس كل منهما من قصدهما
قتل المجني عليهم وإزهاق أرواحهم ، وآية ذلك استخدام الجناة الفاعلين الأصليين أسلحة نارية وخرطوش وهي قاتلة بطبيعتها
، وإصابة المجني عليهم بإصابات متعددة في أماكن متفرقة من أجسادهم بالعنق والأحشاء
الداخلية والأوعية الدموية الرئيسية الأمر الذي أدى إلى نزيف شديد داخلي ، وتوقف التنفس
وإصابات صدمية نزفية مما أحدث الوفاة وإزهاق الروح
على النحو الوارد تفصيلاً بالتقارير الطبية المرفقة ، وكان الثابت للمحكمة من
معين الأوراق ودلائلها وأدلتها التي اقتنعت بها أن المتهمين المذكورين الشريكين في
ارتكاب جرائم القتل والشروع فيه قد قصدا الاشتراك في الجرائم وهما عالمين بها فتدخلا
مع الفاعلين تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع أفعالهم بمساعدتهم في الأعمال المسهلة لارتكابها
مساعدة تتحقق بها وحدة الجريمة بامتناعهما وإحجامهما عن اتخاذ ما يلزم في التوقيت المناسب
لحماية أرواح المجني عليهم بما يؤكد انصراف نيتهما إلى إزهاق أرواح المجني عليهم )
. لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل العمد والشروع فيها تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم
التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني
من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه ، وهذا العنصر ذو طابع خاص ، ويختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم ، وهو بطبيعته
أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ، ومن ثم فإن الحكم الذي يقضي بالإدانة في
هذه الجناية يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي
تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في
الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه ، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبني عليه النتيجة
التي يتطلب القانون تحققها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في
أوراق الدعوى ، ومتى أثبت الحكم توافر نية القتل في حق الفاعل ، فإن ذلك يفيد توافرها
في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل ما دام قد أثبت علمه بذلك ، ولما كان ما أورده
الحكم المطعون فيه لا يفيد سوى الحديث عن الأفعال المادية التي قارفها الفاعلون الأصليون
المجهولون ، ذلك أن تعدد الضربات وشدتها وإصابة المجني عليهم في مقتل أو بسلاح قاتل
بطبيعته لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الفاعلين المجهولين أو في حق الطاعنين
بوصفهما شركاء في هذه الجناية ، إذ لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية في حقهم لأن تلك
الإصابات قد تتحقق دون أن تتوافر نية القتل العمد ، ولا يغير من ذلك ما قاله الحكم
المطعون فيه من أن إطلاق النار على المتظاهرين كان بقصد إزهاق أرواحهم ، إذ إن قصد
إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية
التي رأت المحكمة أنها تدل عليه وتكشف عنه ، الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه
معيباً بالقصور الذي يبطله .
9- لما كان
البين من الحكم المطعون فيه أنه اقتصر في بيان باقي أسماء القتلى والمصابين على مجرد
الإحالة إلى التحقيقات . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات
الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب
المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع
أو القانون ، كما إنه يوجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة
بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة
ثبوت وقوعها من المتهم ، وأن تلتزم بإيراد مضمون كل دليل من أدلة الثبوت التي استندت
إليها وذكر مؤداه في بيان جلي مفصل فلا تكفي مجرد الإشارة إليها ، بل ينبغي سرد مضمون
كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة
ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة التي أخذت بها وإلا كان الحكم قاصراً ، وكان من المقرر
أن رابطة السببية بين فعل المتهم والوفاة أو الإصابة في جريمة القتل عمداً أو الشروع
فيه والتدليل على قيامها من البيانات الجوهرية
التي يجب أن يعني الحكم باستظهارها وإلا كان الحكم مشوباً بالقصور الموجب نقضه ،
وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في بيان باقي أسماء القتلى والمصابين بالإحالة
إلى التحقيقات دون أن يورد بياناً بأسمائهم ، كما أغفل إيراد إصابات باقي المجني عليهم
من واقع التقارير الطبية ، وتقارير الصفة التشريحية لبيان رابطة السببية بين النشاط
الإجرامي والنتيجة وأحال في بيان ذلك أيضاً إلى التحقيقات دون أن يدلل على قيام رابطة
السببية بين سلوك الفاعلين المجهولين ومساعدة الطاعنين وبين وفاة المجني عليهم أو إصاباتهم
من واقع دليل فني ، فإنه يكون قاصر البيان مما لا تستطيع معه هذه المحكمة أن تراقب
استخلاص الحكم لرابطة السببية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة كلاً
من : (1) .... (الطاعن) . (2) .... (3) .... (4) .... بأنهم :
المتهم الأول :
(1) اشترك بطريق الاتفاق مع
المتهم/ .... وزير الداخلية وقتئذ - والسابق إحالته للمحاكمة الجنائية بارتكاب جنايات
الاشتراك في قتل المتظاهرين عمداً مع سبق الإصرار والمقترنة بها جنايات أخرى - بأن
عقدا العزم وبيتا النية على قتل عدد من المتظاهرين في المظاهرات السلمية التي اندلعت
في المحافظات سالفة البيان احتجاجاً على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية
والأمنية في البلاد والمطالبة بإصلاحها عن طريق تنحيته عن رئاسة الدولة وإسقاط نظامه
المتسبب في تردي هذه الأوضاع وسمح له باستخدام الأسلحة النارية والمركبات التي تعين
قوات الشرطة على تنفيذ الجريمة ، وتابع عمليات إطلاق ضباط وأفراد الشرطة للأعيرة النارية
على هؤلاء المتظاهرين في مواضع قاتلة من أجسامهم ودهس بعضهم بالمركبات ووافق على الاستمرار
في الاعتداء عليهم دون أن يتدخل بما يملكه من سلطات وصلاحيات لمنعهم أو وقفهم عن ذلك
، قاصداً من ذلك إزهاق أرواح عدد من المتظاهرين لحمل الباقين على التفرق وإثنائهم عن
مطالبهم وحماية منصبه واستمراره في الحكم ، فأطلق أحد قوات الشرطة أعيرة نارية من سلاحه
على المجني عليه .... المشارك في إحدى هذه المظاهرات فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير
الطبي المرفق والتي أودت بحياته ، وقد وقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق على النحو
المبين بالتحقيقات ، وقد اقترنت هذه الجناية وتلتها العديد من الجنايات الأخرى هي أنه
في ذات الزمان والأمكنة سالفة البيان .- اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم .... وزير الداخلية
وقتئذ في قتل المجني عليهم .... والآخرين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات عمداً مع سبق
الإصرار بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتل عدد من المتظاهرين في المظاهرات السلمية
التي اندلعت في المحافظات سالفة البيان احتجاجاً على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية
والاجتماعية والأمنية في البلاد والمطالبة بإصلاحها عن طريق تنحيته عن رئاسة الدولة
وإسقاط نظامه المتسبب في تردي هذه الأوضاع ، وسمح له باستخدام الأسلحة النارية والمركبات
التي تعين قوات الشرطة على تنفيذ الجريمة ، وتابع عمليات إطلاق ضباط وأفراد الشرطة
للأعيرة النارية على هؤلاء المتظاهرين في مواضع قاتلة من أجسامهم ودهس بعضهم بالمركبات
ووافق على الاستمرار في الاعتداء عليهم دون أن يتدخل بما يملكه من سلطات وصلاحيات لمنعهم
أو وقفهم عن ذلك . قاصداً من ذلك إزهاق أرواح عدد من المتظاهرين لحمل الباقين على التفرق
وإثنائهم عن مطالبهم وحماية منصبه واستمراره في الحكم ، فقامت بعض قوات الشرطة بإطلاق
بعض الأعيرة النارية من أسلحتهم على المجني عليهم ودهس اثنين
منهم بمركبتين حال مشاركتهم في تلـــك
المظاهرات قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بتقارير الصفة التشريحية
والتقارير الطبية الأخرى والتي أودت بحياتهم ، حالة كون بعضهم أطفالاً ، وقد وقعت جرائم
القتل المذكورة بناءً على هذا الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات .
- اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم
.... وزير الداخلية وقتئذ في الشروع في قتل المجني عليهم .... والآخرين المبينة أسماؤهم
بالتحقيقات عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتل عدد من المتظاهرين
في المظاهرات السلمية التي اندلعت في المحافظات سالفة البيان احتجاجاً على تردي الأوضاع
السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البلاد والمطالبة بإصلاحها عن طريق تنحيته
عن رئاسة الدولة وإسقاط النظام المتسبب في تردي هذه الأوضاع ، وسمح له باستخدام الأسلحة
النارية والمركبات التي تعين قوات الشرطة على تنفيذ الجريمة ، وتابع عمليات إطلاق ضباط
وأفراد الشرطة للأعيرة النارية على هؤلاء المتظاهرين في مواضع قاتلة من أجسادهم ودهس
بعضهم بالمركبات ووافق على الاستمرار في الاعتداء عليهم دون أن يتدخل بما يملكه من سلطات وصلاحيات لمنعهم أو لوقفهم عن ذلك ، قاصداً من ذلك إزهاق أرواح عدد من المتظاهرين لحمل الباقين
على التفرق وإثنائهم عن مطالبهم وحماية منصبه واستمراره في الحكم ، فقامت بعض قوات
الشرطة بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم على المجني عليهم ودهس ثلاثة منهم بمركبات أثناء
مشاركتهم في المظاهرات قاصدين
من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بتقارير الطب الشرعي والتقارير الطبية الأخرى ، حالة كون بعضهم أطفالاً ، وقد خابت آثار تلك
الجرائم لأسباب لا دخل لإرادة المتهمين فيها هي مداركة المجني عليهم بالعلاج . وقد
وقعت هذه الجرائم بناء على هذا الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات .
(2) وبصفته - رئيساً للجمهورية
- قبل وأخذ لنفسه ولنجليه المتهمين الثالث .... والرابع .... العطية المبينة وصفاً
وقيمة بالتحقيقات وهي عبارة عن خمس فيلات وملحقات لها بلغت قيمتها 39759500 مليون جنيه
(تسعة وثلاثون مليوناً وسبعمائة وتسعة وخمسون ألفاً وخمسمائة جنيه) بموجب عقود صورية
تم تسجيلها بالشهر العقاري من المتهم الثاني .... مقابل استعمال نفوذه الحقيقي لدى
سلطة عامة - محافظة .... - للحصول على قرارات بتخصيص قطع الأراضي المبينة الحدود والمعالم
بالتحقيقات والبالغ مساحتها ما يزيد على مليوني متر مربع بالمناطق الأكثر تميزاً بمدينة
.... لصالح شركة .... المملوكة للمتهم الثاني على النحو المبين بالتحقيقات .
(3) اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة
مع موظف عمومي للحصول لغيره دون وجه حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته بأن اتفق
مع المتهم .... - وزير البترول آنذاك - والسابق إحالته للمحاكمة الجنائية عن هذه التهمة
على إسناد أمر بيع وتصدير الغاز الطبيعي المصري لدولة .... إلى شركة .... للغاز التي
يمثلها ويستحوذ على أغلبية أسهمها المتهم الثاني .... - السابق إحالته للمحاكمة الجنائية
عن ذات الجريمة موضوع هذه التهمة - وساعده على ذلك بأن حدد له الشركة في طلب قدمه إليه
فوافق بالتعاقد معها بالأمر المباشر ودون إتباع الإجراءات القانونية الصحيحة وبسعر
متدن لا يتفق والأسعار العالمية السائدة بقصد تربيحه بغير حق بمنفعة تمثلت في إتمام
التعاقد بالشروط التي تحقق مصالحه بالفارق بين السعر المتفق عليه والسعر السائد وقت
التعاقد والبالغ قيمته 2003319675 مليار دولار أمريكي (اثني مليار وثلاثة ملايين وثلاثمائة
وتسعة عشر ألفاً وستمائة وخمسة وسبعين دولاراً أمريكياً) مما رفع من قيمة أسهم شركته
فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .
(4) اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة
مع موظف عمومي في الإضرار بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها بأن اتفق مع المتهم ....
- وزير البترول آنذاك - على ارتكاب الجريمة موضوع التهمة السابقة وساعده على تنفيذها
مما أضر بأموال ومصالح قطاع البترول بمبلغ 714089997 دولاراً أمريكياً (سبعمائة وأربعة
عشر مليوناً وتسعة وثمانين ألفاً وتسعمائة وسبعة وتسعين دولاراً أمريكياً) قيمة الفرق
بين سعر كميات الغاز الطبيعي المباعة فعلاً بموجب التعاقد وبين الأسعار العالمية السائدة
في ذلك الوقت وقد وقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين
بالتحقيقات .
المتهم الثاني :-
قدم عطية لموظف عمومي لاستعمال
نفوذه الحقيقي للحصول له من سلطة عامة على قرارات بأن نقل ملكية الفيلات الخمس المبينة
الحدود والمعالم بالتحقيقات والبالغ قيمتها 39759500 مليون جنيهاً (تسعة وثلاثين مليوناً
وسبعمائة وتسعة وخمسين ألفاً وخمسمائة جنيه) بموجب عقود بيع صورية تم تسجيلها بالشهر
العقاري إلى المتهمين الأول والثالث والرابع مقابل استعمال المتهم الأول نفوذه لدى
محافظة .... للحصول منها على قرارات بتخصيص الأراضي المبينة الحدود والمعالم والمساحة
بالتحقيقات لشركة .... المملوكة له بالمناطق الأكثر تميزاً بمدينة ... السياحية على
النحو المبين بالتحقيقات .
المتهمان الثالث والرابع :-
قبلا وأخذا عطية لاستعمال موظف
عمومي نفوذه الحقيقي للحصول من سلطة عامة على قرارات مع علمهما بسببها بأن قبل كل منهما
من المتهم .... تملك فيلتين من الفيلات الأربع وملحقاتها المبينة الحدود والمعالم والمساحة
بالتحقيقات والبالغ قيمتها 14039500 مليون جنيه (أربعة عشر مليوناً وتسعة وثلاثين ألفاً
وخمسمائة جنيه) مقابل استعمال والدهما المتهم الأول نفوذه لدى محافظة .... للحصول منها
على قرارات بتخصيص قطع الأراضي المبينة الحدود والمعالم والمساحة بالتحقيقات لشركة
.... المملوكة له بالمناطق الأكثر تميزاً بمدينة .... مع علمهما بذلك على النحو المبين
بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً
للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
كما اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... (الطاعن)
. 2- .... 3- .... 4- .... 5- .... 6- .... 7- .... بأنهم :
1- المتهمون الأربعة الأول
:-
اشتركوا مع بعض ضباط وأفراد
الشرطة في قتل المجني عليه .... عمداً مع سبق الإصرار وكان ذلك بطريقي التحريض والمساعدة
بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وبعض المتظاهرين من خلال أحداث المظاهرات السلمية التي
بدأت اعتباراً من .... احتجاجاً على سوء وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية
والأمنية بالبلاد وتعبيراً عن المطالبة بتغيير نظام الحكم واتخذوا فيما بينهم قراراً
في لقاء جمعهم قبل الأحداث بتحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين
تلك المظاهرة في الميادين المختلفة بمحافظات .... و.... و.... و.... و.... و.... و....
و.... و.... و.... على التصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف بإطلاق أعيرة نارية وخرطوش
عليهم أو استخدام أي وسائل أخرى لقتل بعضهم ترويعاً للباقين وحملهم على التفرق ، وساعدوهم
على تنفيذ ذلك بأن أمروا بتسليحهم بأسلحة نارية وخرطوش بالمخالفة للقواعد والتعليمات
المنظمة لتسليح القوات في مثل هذه الأوقات فقام واحد من قوات الشرطة بإطلاق أعيرة نارية
من سلاحه على المجني عليه سالف الذكر أثناء سيره في المظاهرة قاصداً من ذلك قتله فأحدث
به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته ، وقد وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وتلك المساعدة على النحو
المبيــــــــن بالتحقيقات ، وقد اقترنت بهذه الجناية
وتقدمتها العديد من الجنايات الأخرى هي أنهم في ذات الزمان والأمكنة سالفة البيان:
أ- اشتركوا مع بعض ضباط وأفراد
الشرطة في قتل المجني عليهم .... وآخرين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات عمداً مع سبق الإصرار
وكان ذلك بطريقي التحريض والمساعدة بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل بعض المتظاهرين
خلال أحداث المظاهرات السلمية المشار إليها سلفاً احتجاجاً على سوء وتردي الأوضاع السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد وتعبيراً عن المطالبة بتغيير نظام الحكم
واتخذوا فيما بينهم قراراً في لقاء جمعهم قبل الأحداث بتحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة
الذين تقرر اشتراكهم في تأمين تلك المظاهرات في الميادين المختلفة بمحافظات .... و....
و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... على التصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف
بإطلاق أعيرة نارية وخرطوش عليهم أو استخدام أي وسائل أخرى لقتل بعضهم ترويعاً للباقية
وحملهم على التفرق ، وساعدوهم على تنفيذ ذلك بأن أمروا بتسليحهم بأسلحة نارية وخرطوش
بالمخالفة للقواعد والتعليمات المنظمة لتسليح القوات في مثل هذه الأحوال ، فقامت بعض
قوات الشرطة بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم على المجني عليهم ودهس اثنين منهم بمركبتين
حال مشاركتهم في تلك المظاهرات قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة
بتقارير الصفة التشريحية والتقارير الطبية الأخرى والتي أودت بحياتهم حالة كون بعضهم
أطفالاً ، وقد وقعت جرائم القتل المذكورة بناء على هذا التحريض وتلك المساعدة على النحو
المبين بالتحقيقات .
ب- اشتركوا مع بعض ضباط وأفراد
الشرطة في الشروع في قتل المجني عليهم .... والآخرين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات عمداً
مع سبق الإصرار وكان ذلك بطريقي التحريض والمساعدة بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على
قتل بعض المتظاهرين خلال أحداث المظاهرات السلمية التي بدأت اعتباراً من .... احتجاجاً
على سوء وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد وتعبيراً
عن المطالبة بتغيير نظام الحكم واتخذوا فيما بينهم قراراً في لقاء جمعهم قبل الأحداث
بتحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين تلك المظاهرات في الميادين
المختلفة بمحافظات .... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... ، على
التصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف بإطلاق أعيرة نارية وخرطوش عليهم أو استخدام أي وسائل أخرى
لقتل بعضهم ترويعاً للباقين وحملهم على التفرق ، وساعدوهم على تنفيذ ذلك بأن أمروا بتسليحهم بأسلحة
نارية وخرطوش بالمخالفة بالقواعد والتعليمات المنظمة لتسليح القوات في مثل هذه الأحوال
فقامت بعض قوات الشرطة بإطـلاق أعيرة نارية من أسلحتهم على المجني عليهم
ودهس ثلاثة منهم بمركبات أثناء مشاركتهم في المظاهرات قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة
بتقارير الطب الشرعي والتقارير الطبية الأخرى ، وقد خابت آثار تلك الجرائم لأسباب لا دخل لإرادة المتهمين
فيها هي مداركة المجني عليهم بالعلاج ، وقد وقعت هذه الجرائم بناء على هذا التحريض وتلك المساعدة
على النحو المبين بالتحقيقات .
2- المتهم الخامس :-
اشترك مع بعض ضباط وأفراد الشرطة
في قتل المجني عليه .... عمداً مع سبق الإصرار وكان ذلك بطريقي التحريض والمساعدة بأن
بيت النية وعقد العزم على قتله وبعض المتظاهرين من خلال أحداث المظاهرات السلمية التي
بدأت اعتباراً من .... احتجاجاً على سوء وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية
والأمنية بالبلاد وتعبيراً عن المطالبة بتغيير نظام الحكم واتخذ والمتهمون الأربعة
الأول قراراً في لقاء جمعهم قبل الأحداث بتحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة الذين تقرر
اشتراكهم في تأمين تلك المظاهرات في الميادين المختلفة بـ .... على التصدي بالقوة والعنف
بإطلاق أعيرة نارية وخرطوش عليهم أو استخدام أي وسائل أخرى لقتل بعضهم ترويعاَ للباقين
وحملهم على التفرق ، وساعدوهم على تنفيذ ذلك بأن أمروا بتسليحهم بأسلحة نارية وخرطوش
بالمخالفة للقواعد والتعليمات المنظمة لتسليح القوات في مثل هذه الأحوال ، فقام واحد
من قوات الشرطة بإطلاق أعيرة نارية من سلاحه على المجني عليه سالف الذكر أثناء سيره
في المظاهرة قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي أودت بحياته
، وقد وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات ، وقد اقترنت
بهذه الجناية وتلتها وتقدمتها العديد من الجنايات الأخرى هي أنهم في ذات الزمان والأمكنة
سالفة البيان :
أ- اشترك مع بعض ضباط وأفراد
الشرطة في قتل المجني عليهم .... والآخرين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات عمداً مع سبق
الإصرار وكان ذلك بطريقي التحريض والمساعدة بأن بيت النية وعقد العزم على قتل بعض المتظاهرين
خلال أحداث المظاهرات السلمية المشار إليها سلفاً احتجاجاً على سوء وتردي الأوضاع السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد وتعبيراً عن المطالبة بتغيير نظام الحكم
واتخذ والمتهمون الأربعة الأول قراراً في لقاء جمعهم قبل الأحداث بتحريض بعض ضباط وأفراد
الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين تلك المظاهرات في الميادين المختلفة بـ .... على
التصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف بإطلاق أعيرة نارية وخرطوش على المتظاهرين أو استخدام
أي وسائل أخرى لقتل بعضهم ترويعاً للباقين وحملهم على التفرق، وساعدوهم على تنفيذ ذلك
بأن أمروا بتسليحهم بأسلحة نارية وخرطوش بالمخالفة للقواعد والتعليمات المنظمة لتسليح
القوات في مثل هذه الأحوال، فقامت بعض قوات الشرطة بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم على
المجني عليهم ودهس اثنين منهم بمركبتين حال مشاركتهم في المظاهرات قاصدين من ذلك قتلهم
فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بتقارير الطب الشرعي والتقارير الطبية الأخرى والتي
أودت بحياتهم ، ووقعت جرائم القتل المذكورة بناء على هذا التحريض وتلك المساعدة على
النحو المبين بالتحقيقات .
ب- اشترك مع بعض ضباط وأفراد
الشرطة في الشروع في قتل المجني عليهم .... والآخرين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات عمداً
مع سبق الإصرار وكان ذلك بطريقي التحريض والمساعدة بأن بيت النية وعقد العزم على قتل
بعض المتظاهرين خلال أحداث المظاهرات السلمية التي بدأت اعتباراً من .... احتجاجاً
على سوء وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد وتعبيراً
عن المطالبة بتغيير نظام الحكم واتخذ المتهمون الأربعة الأول قراراً في لقاء جمعهم
قبل الأحداث بتحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين تلك المظاهرة
في الميادين المختلفة بمحافظة .... على التصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف بإطلاق أعيرة
نارية وخرطوش عليهم أو استخدام أي وسائل أخرى لقتل بعضهم ترويعاً للباقين وحملهم على
التفرق ، وساعدوهم على تنفيذ ذلك بأن أمروا بتسليحهم بأسلحة نارية وخرطوش بالمخالفة
للقواعد والتعليمات المنظمة لتسليح القوات في مثل هذه الأحوال فقامت بعض قوات الشرطة
بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم على المجني عليهم ودهس ثلاثة منهم بمركبات أثناء سيرهم
في المظاهرات قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بتقارير الطب الشرعي
والتقارير الطبية الأخرى المرفقة، وقد خابت آثار تلك الجرائم لأسباب لا دخل لإرادة
المتهمين فيها هي مداركة المجني عليهم بالعلاج ووقعت هذه الجرائم بناء على هذا التحريض
وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.
3- المتهمون جميعاً عدا الثاني
:-
وهم موظفون عموميون (وزير الداخلية
– مساعد أول وزير الداخلية للأمن ومدير مصلحة الأمن العام – مساعد أول وزير الداخلية
رئيس مباحث جهاز أمن الدولة – مدير أمن .... – مدير أمن .... – مدير أمن .... ) تسببوا
بأخطائهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التي يعملون بها وأموال ومصالح الغير
المعهود بها إلى تلك الجهة بأن أهمل المتهم الرابع في جمع المعلومات الصحيحة
عن حجم المظاهرات المندلعة في العديد من محافظات الجمهورية بدءاً من .... وحقيقتــــها
كثورة شعبية تعجز قدرات قوات الشرطة وحجمها عن التعامل معها أمنياً ولم يرصد تحركات
بعض العناصر الأجنبية وخطتهم في اقتحام بعض السجون لتهريب بعض المساجين أثناء الأحداث
وأهمل والمتهمون الأول والثالث والخامس في تقييم الموقف واتخذوا قراراً يتسم بالرعونة
وسوء التقدير لآثاره وعواقبه الضارة على وزارة الداخلية ومنشآتها والجهات المعهود بها
إلى الوزارة لتأمينها بأن أمروا بالتصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف لردعهم وتفريقهم
رغم ضخامة أعدادهم وتفوقهم على أعداد قوات الشرطة وحشدوا لذلك غالبية قوات الشرطة وقاموا
والمتهمان السادس والسابع بتدعيم القوات المكلفة بتأمين أقسام الشرطة وأماكن تخزين
السلاح بها وغيرها من المرافق والمنشآت والممتلكات العامة والخاصة تاركين تلك الأماكن
دون التأمين الكافي، وتقاعسوا عن تشديد الحراسة على تلك المنشآت في هذه الظروف، وأصدر
الأول أمراً بقطع خدمات اتصالات الهواتف المحمولة الخاصة بجميع الشركات المصرح لها
بالعمل في مصر اعتباراً من .... مما ساهم في انقطاع الاتصال بين القوات وقادتها لتعطل
وعجز وسائل الاتصال الأخرى وأدى إلى إنهاكها وهبوط الروح المعنوية لديها وانسحابها
من مواقعها وحدوث فراغ أمني أدى إلى إشاعة الفوضى وتكدير الأمن العام وإلقاء الرعب
بين الناس وجعل حياتهم وصحتهم وأمنهم في خطر وإلحاق أضرار بالمرافق العامة والممتلكات
الخاصة على النحو المبين بالتحقيقات، وترتب عليه حدوث أضرار بمركز البلاد الاقتصادي
.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً
للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى ورثة المجني عليهم مدنياً قبل المتهمين بالتعويض
المدني المؤقت.
والمحكمة المذكورة قررت بضم القضيتين المذكورتين
ليصدر فيهما حكم واحد .
وقضت حضورياً لجميع المتهمين عدا الثاني غيابياً
عملاً بالمواد 40/ ثالثاً ، 45 فقرة أولى ، 46 ، 234 فقرة أولى وثانية ، 235 من
قانون العقوبات مع إعمال أحكام المادة 30 من ذات القانون والمادة 313 من قانون الإجراءات
الجنائية . أولاً : بمعاقبة المتهم الأول بالسجن المؤبد عما أسند إليه من الاتهام بالاشتراك
في جرائم القتل المقترن بجنايات قتل وشروع في قتل أخرى موضوع الاتهام المسند إليه بأمر
الإحالة . ثانياً : بمعاقبة المتهم الخامس بالسجن المؤبد عما أسند إليه من الاتهام
بالاشتراك في جرائم القتل المقترن بجنايات قتل وشروع في قتل أخرى موضوع الاتهام المسند
إليه بأمر الإحالة . ثالثا ً: بإلزام المحكوم عليهما سالفي الذكر بالمصاريف الجنائية
. رابعاً : بمصادرة المضبوطات المقدمة موضوع المحاكمة . خامساً : ببراءة كل من المتهمين
السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر مما أسند إلى كل منهم من اتهامات
وردت بأمر الإحالة . سادساً : بانقضاء الدعوى الجنائية
المقامة قبل كل من المتهمين الأول والثاني والثالث والرابع عما نسب إلى كل منهم في
شأن جنايتي استعمال النفوذ وتقديم عطية وجنحة قبولها بمضي المدة المسقطة للدعوى الجنائية
. سابعاً: ببراءة المتهم الأول مما أسند إليه في جناية الاشتراك مع موظف عمومي للحصول
للغير دون وجه حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته وجناية الاشتراك مع موظف عمومي
في الإضرار بمصالح وأموال الجهة التي يعمل بها . ثامناً : بإحالة الدعاوى المدنية المقامة
أمام المحكمة إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف.
فطعن المحكوم عليهما والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً: الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المطعون
ضدهم جميعاً:
من حيث إنه من المقرر أن النظر في شكل الطعن إنما
يكون بعد الفصل في جوازه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر غيابياً بانقضاء
الدعوى الجنائية ضد المطعون ضده التاسع .... وهو حكم نهائي على خلاف ظاهره لأنه لا
محل للطعن عليه بثمة طعن من قبل المطعون ضده – سالف الذكر – ومن ثم فإن طعن النيابة
العامة بطريق النقض في هذا الحكم يكون جائزا ً.
ومن حيث
إن الطاعنة – النيابة العامة – تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإدانة المطعون
ضدهما الأول والثامن بالاشتراك بالمساعدة مع مجهول في جرائم القتل والشروع فيه المقترنة
بجرائم القتل والشروع فيه ، وببراءة المطعون ضدهم من الثاني إلى السابع مما أسند إلى
كل منهم بأمر الإحالة ، وبانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة قبل المطعون ضدهم من الثامن
إلى الحادي عشر عما نسب إلى كل منهم في جنايتي استعمال النفوذ ، وتقديم عطية وقبولها
، وببراءة المطعون ضده الثامن من جنايتي الاشتراك مع موظف عمومي للحصول لغيره دون وجه
حق على منفعة من أعمال وظيفته ، والإضرار بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها قد شابه
قصور في التسبيب ، وفساد في الاستدلال ، وأخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك أنه أغفل – تماماً
- التعرض لوقائع الاشتراك في القتل والشروع فيه المقترنة
بجرائم الاشتراك في القتل والشروع فيه المسندة إلى المطعون ضدهما الأول والثامن والتي
حدثت في باقي محافظات جمهورية مصر العربية ، واكتفى في تبرير قضائه ببراءة المطعون
ضدهم من الثاني للخامس من وقائع الاشتراك في القتل والشروع فيه المقترنة بجرائم القتل
والشروع فيه في عبارات عامة مجملة دون أن يعرض لأدلة الثبوت التي قامت في حقهم – شهادة
الشهود – والدالة على ارتكابهم الجرائم المسندة إليهم ، وأن الأسباب التي ساقها لاطراح
أقوال شهود الإثبات غير سائغة ولا تؤدي إلى النتيجة التي رتبها الحكم عليها ، واطرح
ما ثبت من تسجيلات صوتية ومرئية في عبارة قاصرة وغامضة ، كما علل قضاءه بالبراءة على
سند أن الأسلحة المضبوطة جاءت خالية مما يثبت على وجه القطع أنها خاصة بجهاز الشرطة
، كما اطرح ما تم إثباته بدفاتر مخازن الأسلحة بقطاعات الأمن المركزي على مجرد احتمال
تعرضها للعبث فيما أثبت بها من بيانات دون إجراء تحقيق لاستجلاء حقيقة صلة الأسلحة
المضبوطة بجهاز الشرطة وعما إذا كانت بيانات دفاتر مخازن الأسلحة بقطاعات الأمن المركزي
قد تعرضت للعبث من عدمه ، كما علل قضاءه بالبراءة بعدم ضبط الفاعلين الأصليين على الرغم
من أن القانون لا يمنع محاكمة الشريك دون الفاعل الأصلي ، كما قصر أسباب البراءة في
هذا الشأن على جرائم الاشتراك في القتل والشروع فيه التي حدثت في ميدان .... بـ
.... دون أن يعرض لجرائم الاشتراك في القتل والشروع فيه المسندة إليهم والتي حدثت في
باقي محافظات الجمهورية ، كما علل قضاءه ببراءة المطعون ضدهم من الثالث إلى السابع
من جريمة التسبب بأخطائهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التي يعملون بها في
عبارات عامة مرسلة ومجملة دون أن يعرض لعناصر الخطأ أو للأدلة التي قامت في حقهم الدالة
على ارتكابهم هذه الجريمة ، كما قضى بانقضاء الدعوى الجنائية في جنايتي استعمال النفوذ
، وتقديم عطية وقبولها متخذاً من تاريخ تسجيل عقود الفيلات الخمس بداية لاحتساب سقوط
الدعوى الجنائية دون إجراء تحقيق لبحث وتحديد التاريخ الفعلي لهذه الجرائم ، وتاريخ
تمام النشاط الإجرامي فيها ، ولاستجلاء دلالة استمرار إقامة منشآت وتوسعات في الفيلتين
الخاصتين بالمطعون ضدهما الثامن والحادي عشر وتحديد الشركة القائمة بتلك الإنشاءات
والتوسعات وصلتها بالمطعون ضده التاسع ، وتاريخ انتهاء تلك الإنشاءات والتوسعات وصلة
ذلك بالنشاط الإجرامي المكون للركن المادي في الجرائم سالفة البيان وتأثير ذلك على
تحديد تاريخ النشاط الإجرامي في تلك الجرائم ، وتحديد بداية سقوط الدعوى الجنائية في تلك الجرائم ، كما قضي ببراءة المطعـون
ضده الثامن من جنايتي الاشتراك بالاتفـاق والمساعدة في تربيح الغير والإضرار
العمدي بالمال العام على سند أن أوراق الدعوى خلت من أي دليل يؤكد وجود اتفاق بين المطعون
ضده الثامن ووزير البترول الأسبق على إسناد البيع والتصدير للغاز الطبيعي لشركة ....
للغاز على خلاف الثابت بأقوال اللواء .... بالتحقيقات التي تؤكد وجود ذلك الاتفاق والعلم
به ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد
محصل الواقعة بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثامن المقضي بإدانتهما ، وأورد الأدلة
على ثبوتها في حقهما ، استطرد من ذلك مباشرة إلى القول ( ... ومن حيث إن النيابة العامة
قد ركنت في تدليلها على ارتكاب المتهمين لواقعات التداعي إلى أقوال المئات ممن استمعت إليهم ، إلَّا أن المحكمة
لا تطمئن إلى أقوال هؤلاء برمتها بعد أن فحصت ومحَّصت أوراق التداعي عن بصر وبصيرة
، ذلك أن يقينها يؤكد أن تلك الأقوال قد تم الإدلاء بها في ظروف غير طبيعية أحاطت بها
الكيل والعدوان لجهاز الشرطة بعينه ، ولم يقم في الأوراق دليل واحد يشير إليها بما
تطمئن إليه المحكمة ، فضلاً عن إقرار النيابة العامة
بأمر الإحالة بتدخل عناصر أجنبية نفذت مخططاتها ، بما لا تطمئن معه المحكمة
إلى هذا الإسناد الوحدوي ، الأمر الذي لا مندوحة معه من طرح تلك الأقوال من التحقيقات
وعدم التعويل عليها أو الاعتداد بها جملة وتفصيلاً فيما ذهبت إليه النيابة العامة
، ولا ترى المحكمة موجباً لسرد تلك الأقوال لأنه جهد مضاعف بلا طائل لا تجني من ورائه ثمة فائدة للتدليل على ما ذهبت
إليه النيابة العامة ، ولا يغيب عن ذهن المحكمة في هذا الصدد ما أبدته النيابة
العامة حال سماع شهود الإثبات أمام المحكمة من إشادة لشاهد واتهام آخر بالشهادة الزور
، وما ثبت من سابق الحكم على شاهد بالحبس في قضية متعلقة بأدلة بالدعوى الأمر الذي
يعزز ما اتجهت إليه المحكمة من طرح لأقوال شهود الدعوى وعدم التعويل عليها ، ومن حيث
ما كان سلفاً فإن للمحكمة آيات تدليلية قوية البنيان تستمدها من واقع أوراق التداعي
وظروف حال الواقعات وملابساتها بما للمحكمة من حق في الاستدلال وهذه هي : أولاً : لم
يتم ضبط أي من الفاعلين الأصليين مرتكبي جرائم القتل العمد والشروع فيه أثناء ما وقع
من أحداث بميدان .... خلال المدة من .... وحتى .... أو حتى بعد أو عقب تلك الأحداث
حتى تتبين المحكمة على وجه القطع واليقين توافر نية القتل العمد لديهم ومدى توافر حالة
من حالات الدفاع الشرعي لدى أي من الفاعلين الأصليين من عدمه ، ومدى صلة أي من هؤلاء
الفاعلين الأصليين بجهاز الشرطة عموماً ، أو صلة هؤلاء المتهمين المذكورين ودور الأخيرين
في تحريضهم أو مساعدتهم تحديداً ، ومدى توافر علاقة السببية بين ما ارتكبه الفاعلون
الأصليون من جرائم القتل العمد والشروع فيه وبين تحريض المتهمين المذكورين لهم ومساعدتهم
إياهم. ثانياً : خلت أوراق التداعي وما قدم فيها من مضبوطات – فحصتها المحكمة وشاهدتها – من أدلة مادية – من أسلحة وذخائر ومهمات وعتاد معتبرة
تطمئن إليها المحكمة وترتكن إليها تثبت على وجه القطع واليقين والجزم أن الفاعلين الأصليين
لجرائم القتل العمد والشروع فيه والتي وقعت أثناء الأحداث موضوع التداعي بميدان ....
بـ.... خلال المدة من .... وحتى .... هم من ضباط وأفراد الشرطة ، وأنهم استخدموها بأنفسهم
فيما وقع من جرائم القتل العمد والشروع فيه خلال تلك الأحداث ، وكذا صلة هذه الأدلة
المقدمة للمحكمة بجهاز الشرطة تحديداً وعلى وجه الجزم والقطع واليقين فالثابت أنها
خالية من ثمة كتابات أو علامات أو أرقام أو بيانات تشير إلى مدى علاقتها ونسبتها جزماً
ويقيناً إلى جهاز الشرطة . ثالثاً : خلت أوراق الدعوى وما قدم فيها من مستندات من أية
تسجيلات صوتية كانت أو مرئية ذات مأخذ شرعي قانوني تطمئن إليه المحكمة وتثبت لها على
سبيل القطع والجزم واليقين أن الفاعلين الأصليين للوقائع موضوع التداعي في زمانها ومكانها
المشار إليها هم ضباط وأفراد قوات الشرطة تحديداً ، ولِما تبين من تداخل عناصر إجرامية
اختلطت بهم . رابعاً: خلت أوراق الدعوى وما قدم فيها من مستندات ومضبوطات من ضبط أية
اتصالات سلكية أو لاسلكية أو ثمة تسجيلات أو مكاتبات
أو أوراق أو تعليمات مكتوبة أو شفهية لثمة اجتماعات تثبت قطعاً وجزماً ويقيناً
اتفاق المتهمين المذكورين فيما بينهم ، أو مساعدتهم لآخرين من ضباط وأفراد قوات الشرطة
لارتكاب الجرائم موضوع التداعي . خامساً : أن المحكمة لا تطمئن إلى ما قد تم إثباته
بدفاتر ومخازن الأسلحة لقطاعات قوات الأمن المركزي – المقدمة في الدعوى – وتطرحها جانباً
ولا تعِّول عليها ، ذلك أن تلك الدفاتر لم يتم ضبطها في وقت معاصر لتاريخ الأحداث خلال
المدة من .... وحتى .... أو عقب ذلك مباشرة مما قد يتيح العبث بما أثبت بها من بيانات
أو التدخل في بياناتها أو الإضافة على نحو جعل المحكمة تتشكك في صحة ما تضمنته تلك
الدفاتر من بيانات ولا تأخذ بها ، ولا ترتاح إليها ، ولا تركن إليها ، وتطرحها جانباً ، هذا فضلاً عن خلو تلك الدفاتر من ثمة تعليمات
أو توجيهات تدل دلالة قاطعة صريحة لضباط وأفراد الشرطة بإطلاق الأعيرة النارية
صوب المتظاهرين .
سادساً: خلت أوراق الدعوى من ثمة أدلة فنية قطعية تثبت أن وفاة وإصابة المجني عليهم قد حدثت عن أسلحة أو سيارات لقوات الشرطة ، فانفصلت علاقة السببية بين الإصابة وبين الأداة المستخدمة ومدى نسبتها إلى جهة محددة تطمئن المحكمة تمام الاطمئنان إلى توافر علاقة السبب بالمسبب . سابعاً : أن كافة التقارير الطبية المرفقة بأوراق التداعي وقد طالعتها المحكمة ، وإن صحَّ ما أثبت بها من بيانات للإصابات كدليل لحدوث الإصابة لكنها في عقيدة المحكمة لا تصلح دليلاً على شخص محدثها . ثامناً : خلت أوراق التداعي من ثمة مستندات أو أوراق أو تعليمات أو حتى شواهد كدليل قاطع يقيني جازم يثبت للمحكمة بما تطمئن إليه ارتكاب أي من المتهمين المذكورين لركن الخطأ المتطلب توافره لقيام أركان جريمة إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التي يعملون بها وأموال ومصالح الغير المعهودة بها إليهم والمؤثمة بنص المادة 116 مكررا (أ) من قانون العقوبات ، فلم يثبت للمحكمة أن المتهمين المنسوب إليهم هذه الجريمة قد أصدروا التعليمات بسحب قوات الشرطة المنوط بها حراسة المرافق والمنشآت العامة والممتلكات العامة والخاصة ولم يقم في الأوراق ثمة ما يدل على ذلك، وخلت من ماهية تحديد الأضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها إذ لم تجد المحكمة ثمة ما يثير أو يقطع بإحصاءات وإحصائيات تدعم الاتهام وتربط بين فعل الإهمال أو الخطأ وبين النتيجة فانقطعت بذلك رابطة السببية بينهما، وهو ركن أساسي في قيام الجريمة ، ومن حيث إنه وبالبناء على ما تقدم ذكره من آيات تدليلية اعتنقتها المحكمة فإن أوراق التداعي تكون قد فقدت الأدلة والقرائن والبراهين الجازمة والقاطعة يقيناً والتي تضئ سبيل الاتهام ضد أي من المتهمين المذكورين ، ومن حيث إنه وقد خلت أوراق التداعي من تلك الأدلة وخالج الشك والتشكك وجدان المحكمة في صحة إسناد الاتهام إلى المتهمين ، واضطراب ضميرها إزاء ما حوته أوراق الدعوى من ضعف ووهن لا يقوى على إقامة دليلاً واحداً تقتنع به المحكمة لإرساء حكم بالإدانة قبل أي من المتهمين المذكورين فيما أسند إليهم من جرائم تضمنها أمر الإحالة ، ومن ثم فلا مناص من القضاء ببراءة كل من المتهمين المذكورين مما أسند إليهم من اتهامات واردة بأمر الإحالة وذلك عملاً بالمادة 304 فقرة أولى من قانون الإجراءات الجنائية ) واقتصر الحكم على تلك العبارات في بيان الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضدهم من الثاني وحتى السابع وأسباب قضائه بتبرئتهم من الاتهامات المسندة إليهم في أمر الإحالة مجملاً الأمرين معاً . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم – ولو كان صادراً بالبراءة - على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضي به ، أمَّا إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما أنه من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت ، غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى ، وأحاطت بظروفها ، وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة والشك في صحة عناصر الإثبات ، كما أنه من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشهود وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب اطراحها لها إلَّا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعِّول على أقوال الشهود ، فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤدياً لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق ، وأن لمحكمة النقض في هذه الحالة أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وقد قضى بإدانة المطعون ضدهما الأول والثامن بالاشتراك في جرائم القتل والشروع فيه المقترنة بجرائم القتل والشروع فيه التي حدثت في ميدان .... بـ.... خلال الفترة من .... وحتى .... سنة .... فقد أغفل تماماً ما أسند إليهما من الاشتراك في جرائم القتل والشروع فيه المقترنة بجرائم القتل والشروع فيه التي حدثت في باقي محافظات الجمهورية فلم يعرض لها البتة ولم يبين مدى مسئوليتهما عن تلك الجرائم ولم يدل برأيه في الدليل القائم في الأوراق بخصوصها بما يفيد على الأقل أنه فطن إليها ، مما يعيب الحكم بالقصور الذي يبطله ، كما أن الحكم المطعون فيه وقد قضى ببراءة المطعون ضدهم من الثاني إلى السابع من جرائم القتل والشروع فيه المقترن بجرائم القتل والشروع فيه ومن جريمة التسبب بأخطائهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التي يعملون بها فقد أغفل كلية أقوال شهود الإثبات التي ساقتها النيابة العامة الدالة على ثبوت تلك الجرائم في حقهم فلم يورد أياً منها ويبين حجته في اطراحها على النحو الذي يستقيم معه ما ذهب إليه من اطراح الدليل المستمد منها ، واقتصر في ذلك على مجرد القول أنه تم الإدلاء بها في ظروف غير طبيعية أحاطت بها الكيل والعدوان لجهاز الشرطة بعينه وذلك في عبارة مرسلة ومبتورة ليس لها معنى إلا عند واضعي الحكم وهو معنى مستور في ضمائرهم لا يدركه غيرهم ، ودون أن يوضح ماهية الظروف غير الطبيعية التي أحاطت بهؤلاء الشهود ، كما أن الحكم المطعون فيه اطرح ما ثبت بالتسجيلات الصوتية والمرئية في عبارة غامضة وقاصرة ولا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، كما اقتصر في تبرير ما قضى به من براءة المطعون ضدهم من الثاني وحتى الخامس من جرائم القتل والشروع فيه المقترنة بجرائم القتل والشروع فيه على ما ساقه بالنسبة لوقائع القتل والشروع فيه التي حدثت في ميدان .... دون أن يعرض إلى وقائع القتل والشروع فيه المقترن بجرائم القتل والشروع فيه المسندة إليهم والتي وقعت في باقي محافظات الجمهورية ، فلم يدل برأيه في الدليل القائم بخصوصها بما يفيد على الأقل أنه فطن إليها مما يعيب الحكم بالقصور الذي يبطله ، كما كان على محكمة الموضوع وقد استرابت في أن الأسلحة المضبوطة جاءت خالية مما يثبت على وجه القطع أنها خاصة بجهاز الشرطة ، وأن ما تم إثباته بدفاتر مخازن الأسلحة بقطاعات الأمن المركزي تعرض للعبث فيما أثبت بها من بيانات أن تجري بنفسها أو بمعرفة أحد أعضائها تحقيقاً تستجلي به حقيقة الأمر قبل أن تنتهي إلى ما انتهت إليه – من القضاء بالبراءة – أما وهي لم تفعل ، فإن ذلك مما يعيب حكمها ، كما لم يعرض لما ساقته النيابة العامة من أدلة بخصوص جريمة التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعملون بها وعناصر هذه الجريمة واكتفى في ذلك بعبارات مجملة لا يبين منها أن المحكمة قد فطنت لركن الخطأ في هذه الجريمة ، كل ذلك مما ينبئ عن أن المحكمة أصدرت حكمها دون تمحيص لأدلة الدعوى والإحاطة بظروفها مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح مما يعيب الحكم بالقصور الذي يستوجب نقضه . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الشريك في الجريمة إنما يستمد صفته – بحسب الأصل – من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ، ومن قصده منه ، ومن الجريمة التي وقعت بناءً على اشتراكه ، فهو على الأصح شريكاً في الجريمة لا شريك مع فاعلها ، إذ المدار في ذلك – كما هو ظاهر من نصوص قانون العقوبات الخاصة بالاشتراك في المواد 40 ، 41 ، 42 ، 43 – على علاقــة المتهم بذات الفعل الجنائي المكون للجريمة لا بأشخاص من ساهموا معه فيها ، وأنَّه وإن كان صحيحاً أن الاشتراك لا يتحقق إلَّا في واقعة معاقب عليها من الفاعل الأصلي، وأن الشريك لا يجوز عقابه إذا كان ما وقع من الفاعل الأصلي غير معاقب عليه ، إلَّا أن ذلك لا يستلزم أن تكون محاكمة الشريك معلقة على محاكمة الفاعل الأصلي والقضاء عليه بالعقوبة ، إذ ذلك يؤدي إلى عدم معاقبة الشريك إذا تعذرت محاكمة الفاعل الأصلي لكونه مجهولاً ، أو متوفى ، أو غير معاقب لانعدام القصد الجنائي عنده ، أو لأحوال أخرى خاصة به ، ولذلك استقر قضاء هذه المحكمة على أنه يصح محاكمة الشريك حتى ولو كان الفاعل الأصلي للجريمة مجهولاً . لما كان ذلك ، وكان من بين ما برر به الحكم المطعون فيه قضاءه ببراءة المطعون ضدهم من الثاني حتى الخامس من الاشتراك في جرائم القتل والشروع فيه المقترن بجرائم القتل والشروع فيه عدم ضبط الفاعلين الأصليين مرتكبي جرائم القتل العمد والشروع فيه أثناء ما وقع من أحداث بميدان ... ، وكان هذا الذي ذهب إليه الحكم وبرر به قضاءه بالبراءة يخالف القانون وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أنه ليس بشرط أن يكون فاعل الجريمة معلوماً حتى يمكن محاكمة الشريك ، بل يحاكم الشريك ويعاقب حتى ولو كان الفاعل الأصلي مجهولاً ، كما كان يتعين على المحكمة إجراء تحقيق في الدعوى لاستجلاء ما غمض عليها من عناصر المسئولية الجنائية للمطعون ضدهم سالفي الذكر بشأن جرائم القتل والشروع فيه المقترن بجرائم القتل والشروع فيه المسندة إليهم لا أن تتساند إلى عدم ضبط الفاعلين في تبرير ما قضت به من براءة مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن الفساد في الاستدلال . لما كان ذلك ، وكان تعيين تاريخ وقوع الجرائم عموماً – ومنها جريمة استعمال النفوذ ، وتقديم عطية وقبولها – هو من الأمور الموضوعية الداخلة في اختصاص قاضي الموضوع ، ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ، غير أن ذلك مشروط بأن يبني القاضي عقيدته في هذا التعيين على الواقع الفعلي الذي يثبت لديه بالبينة أو يستنتجه من قرائن الدعوى وظروفها لا أن يبنيها على اعتبارات قانونية أو نظرية بحتة ليس بينها وبين الواقع فعلاً أي اتصال ، فإن فعل غير مراع هذا الشرط فقد خرج بذلك من دائرة الأمور الموضوعية إلى ميدان المباحث القانونية وعرض عمله من خطأ أو صواب لرقابة هذه المحكمة – محكمة النقض – . لما كان ذلك ، وكان الواقع في هذه الدعوى أن محكمة الموضوع لم تعين تاريخ وقوع جريمة استعمال النفوذ وتقديم عطية وقبولها تعييناً مستنداً إلى دليل راجع إلى الواقع فعلا ً، بل عينته تحكمياً بطريق الرأي القانوني والبحث النظري متخذة من تسجيل عقود الفيلات الخمس بداية لمبدأ سريان المدة القانونية لسقوط الدعوى العمومية في هذه الجرائم ، ولا شك أن ذلك اعتبار نظري لا اتصال بينه وبين حدوث الجريمة بالفعل ، ولا بينه وبين التاريخ الحقيقي لحدوثها ، وهذا الذي انتهت إليه محكمة الموضوع وهو استنتاج بطريق الرأي والتحكم على تحديد تاريخ وقوع الجريمة ومبدأ السقوط فيها ، وهو استنتاج منتزع ، لا من أمر واقعي يدل على تحديد واقعي لتاريخ وقوع الجريمة ومبدأ السقوط فيها بل من تقدير نظري وقانوني لا اتصال بينه وبين ما يكون قائماً في الواقع الخارجي ، كما كان يتعين على محكمة الموضوع إجراء تحقيق في الدعوى لكي تستجلي دلالة استمرار إقامة إنشاءات وتوسعات وملحقات في الفيلتين الخاصتين بالمطعون ضدهما الثامن والحادي عشر للوقوف على ما إذا كانت الشركة المملوكة للمطعون ضده التاسع هي التي قامت بتنفيذ تلك الإنشاءات والتوسعات والملحقات والتي استمرت حتى عام .... ، ومدى علاقة تلك الأعمال بالنشاط الإجرامي الأساسي في جرائم استعمال النفوذ وتقديم عطية وقبولها والتي قضي فيها بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ، وهل كانت تلك الأعمال تشكل استمراراً للحالة الجنائية والنشاط الإجرامي بتدخل إرادة المطعون ضدهم من الثامن حتى الحادي عشر في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً لأن مبدأ سقوط الدعوى العمومية يبدأ من تاريخ تمام الجريمة وليس من تاريخ ارتكاب السلوك الإجرامي سواء كانت الجريمة وقتية أو مستمرة ، أم كانت تلك الإنشاءات والتوسعات والملحقات الجديدة تشكل وحدة في الغرض الإجرامي لدى مرتكبيها – المطعون ضدهم من الثامن حتى الحادي عشر – وهو ما يجعل من الأفعال المتعددة والمتجددة والمستمرة مشروعاً إجرامياً واحداً وأثر ذلك كله على تحديد تاريخ وقوع الجريمة ، وتاريخ تمام النشاط الإجرامي فيها ، وتحديد مبدأ السقوط في الدعوى الجنائية تحديداً يتصل بالواقع اتصالاً فعلياً مما يسمح بتطبيق القانون على وجهه الصحيح بشأن قواعد انقضاء الدعوى الجنائية ومبدأ السقوط فيها ، أما وأن محكمة الموضوع لم تحدد تاريخ وقوع الجرائم سالفة البيان تحديداً يستند إلى الواقع ولم تحدد تاريخ نهاية النشاط الإجرامي في جرائم استعمال النفوذ ، وتقديم عطية وقبولها، ولم تجر تحقيقاً للوصول إلى ذلك ، فإن ذلك مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وقد قضى ببراءة المطعون ضده الثامن من جنايتي الاشتراك بالاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي للحصول لغيره دون وجه حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته ، والإضرار بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها، وبرر قضاءه بالبراءة على دعامتين أساسيتين الأولى هي خلو الأوراق من دليل أو شهادة شهود على وجود الاتفاق بين المطعون ضده الثامن ووزير البترول الأسبق على إسناد البيع والتصدير للغاز الطبيعي المصري إلى شركة .... للغاز والثانية هي أن الشركة سالفة الذكر هي التي تقدمت بالطلب المشار إليه في أمر الإحالة إلى وزير البترول الأسبق ولم يعرض على المطعون ضده الثامن . لما كان ذلك ، وكان من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، وليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة مادية محسوسة ، ذلك أن القاضي الجنائي – فيما عدا الأحوال الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة – حر في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء ، وله إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره ، كما أنه له أن يستنتج حصوله من أي فعل لاحق للجريمة . لما كان ذلك ، وكان المستفاد من جماع ما برر به الحكم المطعون فيه قضاءه ببراءة المطعون ضده الثامن – من الاتهام سالف البيان – أنه استلزم أن يكون هناك دليل مباشر من شهادة شهود أو غيره من الأدلة دون أن تقوم المحكمة بواجبها القانوني في إعمال قواعد الاستقراء والاستنتاج المنطقي من أوراق الدعوى – كما أن الحكم المطعون فيه لم يراع طبيعة العلاقة التي كانت تربط المطعون ضده الثامن – بصفته كان رئيساً للجمهورية – بوزير البترول الأسبق والتي لا يتلاءم معها استلزام وجود أدلة مباشرة من شهادة شهود أو غيره ، وكان يكفي المحكمة أن تستخلص وقوع الاشتراك بالاتفاق – في خصوص هذه الدعوى – من جماع ما حوته أوراقها من قرائن سابقة على وقوع الجريمة أو حتى لاحقة عليها بطريق الاستقراء والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية لأن الاشتراك يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أدلة مادية مباشرة أو محسوسة تدل عليه ، كما أن الحكم المطعون فيه أخذ مما ورد – خطأ – يفي أمر الإحالة من أن طلب شركة .... – عرض – على المطعون ضده الثامن دعامة ثانية للبراءة دون أن يمحص دلالة أوراق الدعوى وما حوته من مستندات ودون أن يستجلي حقيقــة تلك الواقعة لا أن يستند إليها في قضائه بالبراءة ، كما أن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لما أشارت إليه النيابة العامة في أمر الإحالة فيما نسبته إلى المطعون ضده الثامن الاشتراك أيضاً في الجنايتين سالفتي الذكر فضلاً عن الاتفاق بالمساعدة ، فلم يعرض لذلك العنصر من عناصر المساهمة التبعية والتفت عنها تماماً وحصر مساهمة المطعون ضده الثامن في ذلك الطلب الخاص بشركة .... للغاز واكتفى في هذا الشأن بنفي أن يكون ذلك الطلب قد عرض على المطعون ضده الثامن ، ولما كان هذا الفهم الخاطئ قد حجب محكمة الموضوع عن أن تقول كلمتها في شأن استخلاص مشاركة الطاعن الثامن في هاتين الجنايتين على ضوء المستقر من قواعد أقرتها هذه المحكمة وعلى ضوء الثابت من أقوال اللواء .... بتحقيقات النيابة العامة – على ما بان من المفردات – فإن ذلك ينبئ عن أنها أصدرت حكمها دون تمحيص لأدلة الدعوى والإحاطة بعناصرها وعناصر الاتهام فيها عن بصر وبصيرة مما يعيب حكمها بالقصور والفساد في الاستدلال . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لجميع المطعون ضدهم والتهم الموجهة إليهم جميعاً.
سادساً: خلت أوراق الدعوى من ثمة أدلة فنية قطعية تثبت أن وفاة وإصابة المجني عليهم قد حدثت عن أسلحة أو سيارات لقوات الشرطة ، فانفصلت علاقة السببية بين الإصابة وبين الأداة المستخدمة ومدى نسبتها إلى جهة محددة تطمئن المحكمة تمام الاطمئنان إلى توافر علاقة السبب بالمسبب . سابعاً : أن كافة التقارير الطبية المرفقة بأوراق التداعي وقد طالعتها المحكمة ، وإن صحَّ ما أثبت بها من بيانات للإصابات كدليل لحدوث الإصابة لكنها في عقيدة المحكمة لا تصلح دليلاً على شخص محدثها . ثامناً : خلت أوراق التداعي من ثمة مستندات أو أوراق أو تعليمات أو حتى شواهد كدليل قاطع يقيني جازم يثبت للمحكمة بما تطمئن إليه ارتكاب أي من المتهمين المذكورين لركن الخطأ المتطلب توافره لقيام أركان جريمة إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التي يعملون بها وأموال ومصالح الغير المعهودة بها إليهم والمؤثمة بنص المادة 116 مكررا (أ) من قانون العقوبات ، فلم يثبت للمحكمة أن المتهمين المنسوب إليهم هذه الجريمة قد أصدروا التعليمات بسحب قوات الشرطة المنوط بها حراسة المرافق والمنشآت العامة والممتلكات العامة والخاصة ولم يقم في الأوراق ثمة ما يدل على ذلك، وخلت من ماهية تحديد الأضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها إذ لم تجد المحكمة ثمة ما يثير أو يقطع بإحصاءات وإحصائيات تدعم الاتهام وتربط بين فعل الإهمال أو الخطأ وبين النتيجة فانقطعت بذلك رابطة السببية بينهما، وهو ركن أساسي في قيام الجريمة ، ومن حيث إنه وبالبناء على ما تقدم ذكره من آيات تدليلية اعتنقتها المحكمة فإن أوراق التداعي تكون قد فقدت الأدلة والقرائن والبراهين الجازمة والقاطعة يقيناً والتي تضئ سبيل الاتهام ضد أي من المتهمين المذكورين ، ومن حيث إنه وقد خلت أوراق التداعي من تلك الأدلة وخالج الشك والتشكك وجدان المحكمة في صحة إسناد الاتهام إلى المتهمين ، واضطراب ضميرها إزاء ما حوته أوراق الدعوى من ضعف ووهن لا يقوى على إقامة دليلاً واحداً تقتنع به المحكمة لإرساء حكم بالإدانة قبل أي من المتهمين المذكورين فيما أسند إليهم من جرائم تضمنها أمر الإحالة ، ومن ثم فلا مناص من القضاء ببراءة كل من المتهمين المذكورين مما أسند إليهم من اتهامات واردة بأمر الإحالة وذلك عملاً بالمادة 304 فقرة أولى من قانون الإجراءات الجنائية ) واقتصر الحكم على تلك العبارات في بيان الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضدهم من الثاني وحتى السابع وأسباب قضائه بتبرئتهم من الاتهامات المسندة إليهم في أمر الإحالة مجملاً الأمرين معاً . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم – ولو كان صادراً بالبراءة - على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضي به ، أمَّا إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما أنه من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت ، غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى ، وأحاطت بظروفها ، وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة والشك في صحة عناصر الإثبات ، كما أنه من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشهود وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب اطراحها لها إلَّا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعِّول على أقوال الشهود ، فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤدياً لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق ، وأن لمحكمة النقض في هذه الحالة أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وقد قضى بإدانة المطعون ضدهما الأول والثامن بالاشتراك في جرائم القتل والشروع فيه المقترنة بجرائم القتل والشروع فيه التي حدثت في ميدان .... بـ.... خلال الفترة من .... وحتى .... سنة .... فقد أغفل تماماً ما أسند إليهما من الاشتراك في جرائم القتل والشروع فيه المقترنة بجرائم القتل والشروع فيه التي حدثت في باقي محافظات الجمهورية فلم يعرض لها البتة ولم يبين مدى مسئوليتهما عن تلك الجرائم ولم يدل برأيه في الدليل القائم في الأوراق بخصوصها بما يفيد على الأقل أنه فطن إليها ، مما يعيب الحكم بالقصور الذي يبطله ، كما أن الحكم المطعون فيه وقد قضى ببراءة المطعون ضدهم من الثاني إلى السابع من جرائم القتل والشروع فيه المقترن بجرائم القتل والشروع فيه ومن جريمة التسبب بأخطائهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التي يعملون بها فقد أغفل كلية أقوال شهود الإثبات التي ساقتها النيابة العامة الدالة على ثبوت تلك الجرائم في حقهم فلم يورد أياً منها ويبين حجته في اطراحها على النحو الذي يستقيم معه ما ذهب إليه من اطراح الدليل المستمد منها ، واقتصر في ذلك على مجرد القول أنه تم الإدلاء بها في ظروف غير طبيعية أحاطت بها الكيل والعدوان لجهاز الشرطة بعينه وذلك في عبارة مرسلة ومبتورة ليس لها معنى إلا عند واضعي الحكم وهو معنى مستور في ضمائرهم لا يدركه غيرهم ، ودون أن يوضح ماهية الظروف غير الطبيعية التي أحاطت بهؤلاء الشهود ، كما أن الحكم المطعون فيه اطرح ما ثبت بالتسجيلات الصوتية والمرئية في عبارة غامضة وقاصرة ولا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، كما اقتصر في تبرير ما قضى به من براءة المطعون ضدهم من الثاني وحتى الخامس من جرائم القتل والشروع فيه المقترنة بجرائم القتل والشروع فيه على ما ساقه بالنسبة لوقائع القتل والشروع فيه التي حدثت في ميدان .... دون أن يعرض إلى وقائع القتل والشروع فيه المقترن بجرائم القتل والشروع فيه المسندة إليهم والتي وقعت في باقي محافظات الجمهورية ، فلم يدل برأيه في الدليل القائم بخصوصها بما يفيد على الأقل أنه فطن إليها مما يعيب الحكم بالقصور الذي يبطله ، كما كان على محكمة الموضوع وقد استرابت في أن الأسلحة المضبوطة جاءت خالية مما يثبت على وجه القطع أنها خاصة بجهاز الشرطة ، وأن ما تم إثباته بدفاتر مخازن الأسلحة بقطاعات الأمن المركزي تعرض للعبث فيما أثبت بها من بيانات أن تجري بنفسها أو بمعرفة أحد أعضائها تحقيقاً تستجلي به حقيقة الأمر قبل أن تنتهي إلى ما انتهت إليه – من القضاء بالبراءة – أما وهي لم تفعل ، فإن ذلك مما يعيب حكمها ، كما لم يعرض لما ساقته النيابة العامة من أدلة بخصوص جريمة التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعملون بها وعناصر هذه الجريمة واكتفى في ذلك بعبارات مجملة لا يبين منها أن المحكمة قد فطنت لركن الخطأ في هذه الجريمة ، كل ذلك مما ينبئ عن أن المحكمة أصدرت حكمها دون تمحيص لأدلة الدعوى والإحاطة بظروفها مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح مما يعيب الحكم بالقصور الذي يستوجب نقضه . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الشريك في الجريمة إنما يستمد صفته – بحسب الأصل – من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ، ومن قصده منه ، ومن الجريمة التي وقعت بناءً على اشتراكه ، فهو على الأصح شريكاً في الجريمة لا شريك مع فاعلها ، إذ المدار في ذلك – كما هو ظاهر من نصوص قانون العقوبات الخاصة بالاشتراك في المواد 40 ، 41 ، 42 ، 43 – على علاقــة المتهم بذات الفعل الجنائي المكون للجريمة لا بأشخاص من ساهموا معه فيها ، وأنَّه وإن كان صحيحاً أن الاشتراك لا يتحقق إلَّا في واقعة معاقب عليها من الفاعل الأصلي، وأن الشريك لا يجوز عقابه إذا كان ما وقع من الفاعل الأصلي غير معاقب عليه ، إلَّا أن ذلك لا يستلزم أن تكون محاكمة الشريك معلقة على محاكمة الفاعل الأصلي والقضاء عليه بالعقوبة ، إذ ذلك يؤدي إلى عدم معاقبة الشريك إذا تعذرت محاكمة الفاعل الأصلي لكونه مجهولاً ، أو متوفى ، أو غير معاقب لانعدام القصد الجنائي عنده ، أو لأحوال أخرى خاصة به ، ولذلك استقر قضاء هذه المحكمة على أنه يصح محاكمة الشريك حتى ولو كان الفاعل الأصلي للجريمة مجهولاً . لما كان ذلك ، وكان من بين ما برر به الحكم المطعون فيه قضاءه ببراءة المطعون ضدهم من الثاني حتى الخامس من الاشتراك في جرائم القتل والشروع فيه المقترن بجرائم القتل والشروع فيه عدم ضبط الفاعلين الأصليين مرتكبي جرائم القتل العمد والشروع فيه أثناء ما وقع من أحداث بميدان ... ، وكان هذا الذي ذهب إليه الحكم وبرر به قضاءه بالبراءة يخالف القانون وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أنه ليس بشرط أن يكون فاعل الجريمة معلوماً حتى يمكن محاكمة الشريك ، بل يحاكم الشريك ويعاقب حتى ولو كان الفاعل الأصلي مجهولاً ، كما كان يتعين على المحكمة إجراء تحقيق في الدعوى لاستجلاء ما غمض عليها من عناصر المسئولية الجنائية للمطعون ضدهم سالفي الذكر بشأن جرائم القتل والشروع فيه المقترن بجرائم القتل والشروع فيه المسندة إليهم لا أن تتساند إلى عدم ضبط الفاعلين في تبرير ما قضت به من براءة مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن الفساد في الاستدلال . لما كان ذلك ، وكان تعيين تاريخ وقوع الجرائم عموماً – ومنها جريمة استعمال النفوذ ، وتقديم عطية وقبولها – هو من الأمور الموضوعية الداخلة في اختصاص قاضي الموضوع ، ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ، غير أن ذلك مشروط بأن يبني القاضي عقيدته في هذا التعيين على الواقع الفعلي الذي يثبت لديه بالبينة أو يستنتجه من قرائن الدعوى وظروفها لا أن يبنيها على اعتبارات قانونية أو نظرية بحتة ليس بينها وبين الواقع فعلاً أي اتصال ، فإن فعل غير مراع هذا الشرط فقد خرج بذلك من دائرة الأمور الموضوعية إلى ميدان المباحث القانونية وعرض عمله من خطأ أو صواب لرقابة هذه المحكمة – محكمة النقض – . لما كان ذلك ، وكان الواقع في هذه الدعوى أن محكمة الموضوع لم تعين تاريخ وقوع جريمة استعمال النفوذ وتقديم عطية وقبولها تعييناً مستنداً إلى دليل راجع إلى الواقع فعلا ً، بل عينته تحكمياً بطريق الرأي القانوني والبحث النظري متخذة من تسجيل عقود الفيلات الخمس بداية لمبدأ سريان المدة القانونية لسقوط الدعوى العمومية في هذه الجرائم ، ولا شك أن ذلك اعتبار نظري لا اتصال بينه وبين حدوث الجريمة بالفعل ، ولا بينه وبين التاريخ الحقيقي لحدوثها ، وهذا الذي انتهت إليه محكمة الموضوع وهو استنتاج بطريق الرأي والتحكم على تحديد تاريخ وقوع الجريمة ومبدأ السقوط فيها ، وهو استنتاج منتزع ، لا من أمر واقعي يدل على تحديد واقعي لتاريخ وقوع الجريمة ومبدأ السقوط فيها بل من تقدير نظري وقانوني لا اتصال بينه وبين ما يكون قائماً في الواقع الخارجي ، كما كان يتعين على محكمة الموضوع إجراء تحقيق في الدعوى لكي تستجلي دلالة استمرار إقامة إنشاءات وتوسعات وملحقات في الفيلتين الخاصتين بالمطعون ضدهما الثامن والحادي عشر للوقوف على ما إذا كانت الشركة المملوكة للمطعون ضده التاسع هي التي قامت بتنفيذ تلك الإنشاءات والتوسعات والملحقات والتي استمرت حتى عام .... ، ومدى علاقة تلك الأعمال بالنشاط الإجرامي الأساسي في جرائم استعمال النفوذ وتقديم عطية وقبولها والتي قضي فيها بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ، وهل كانت تلك الأعمال تشكل استمراراً للحالة الجنائية والنشاط الإجرامي بتدخل إرادة المطعون ضدهم من الثامن حتى الحادي عشر في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً لأن مبدأ سقوط الدعوى العمومية يبدأ من تاريخ تمام الجريمة وليس من تاريخ ارتكاب السلوك الإجرامي سواء كانت الجريمة وقتية أو مستمرة ، أم كانت تلك الإنشاءات والتوسعات والملحقات الجديدة تشكل وحدة في الغرض الإجرامي لدى مرتكبيها – المطعون ضدهم من الثامن حتى الحادي عشر – وهو ما يجعل من الأفعال المتعددة والمتجددة والمستمرة مشروعاً إجرامياً واحداً وأثر ذلك كله على تحديد تاريخ وقوع الجريمة ، وتاريخ تمام النشاط الإجرامي فيها ، وتحديد مبدأ السقوط في الدعوى الجنائية تحديداً يتصل بالواقع اتصالاً فعلياً مما يسمح بتطبيق القانون على وجهه الصحيح بشأن قواعد انقضاء الدعوى الجنائية ومبدأ السقوط فيها ، أما وأن محكمة الموضوع لم تحدد تاريخ وقوع الجرائم سالفة البيان تحديداً يستند إلى الواقع ولم تحدد تاريخ نهاية النشاط الإجرامي في جرائم استعمال النفوذ ، وتقديم عطية وقبولها، ولم تجر تحقيقاً للوصول إلى ذلك ، فإن ذلك مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وقد قضى ببراءة المطعون ضده الثامن من جنايتي الاشتراك بالاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي للحصول لغيره دون وجه حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته ، والإضرار بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها، وبرر قضاءه بالبراءة على دعامتين أساسيتين الأولى هي خلو الأوراق من دليل أو شهادة شهود على وجود الاتفاق بين المطعون ضده الثامن ووزير البترول الأسبق على إسناد البيع والتصدير للغاز الطبيعي المصري إلى شركة .... للغاز والثانية هي أن الشركة سالفة الذكر هي التي تقدمت بالطلب المشار إليه في أمر الإحالة إلى وزير البترول الأسبق ولم يعرض على المطعون ضده الثامن . لما كان ذلك ، وكان من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، وليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة مادية محسوسة ، ذلك أن القاضي الجنائي – فيما عدا الأحوال الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة – حر في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء ، وله إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره ، كما أنه له أن يستنتج حصوله من أي فعل لاحق للجريمة . لما كان ذلك ، وكان المستفاد من جماع ما برر به الحكم المطعون فيه قضاءه ببراءة المطعون ضده الثامن – من الاتهام سالف البيان – أنه استلزم أن يكون هناك دليل مباشر من شهادة شهود أو غيره من الأدلة دون أن تقوم المحكمة بواجبها القانوني في إعمال قواعد الاستقراء والاستنتاج المنطقي من أوراق الدعوى – كما أن الحكم المطعون فيه لم يراع طبيعة العلاقة التي كانت تربط المطعون ضده الثامن – بصفته كان رئيساً للجمهورية – بوزير البترول الأسبق والتي لا يتلاءم معها استلزام وجود أدلة مباشرة من شهادة شهود أو غيره ، وكان يكفي المحكمة أن تستخلص وقوع الاشتراك بالاتفاق – في خصوص هذه الدعوى – من جماع ما حوته أوراقها من قرائن سابقة على وقوع الجريمة أو حتى لاحقة عليها بطريق الاستقراء والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية لأن الاشتراك يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أدلة مادية مباشرة أو محسوسة تدل عليه ، كما أن الحكم المطعون فيه أخذ مما ورد – خطأ – يفي أمر الإحالة من أن طلب شركة .... – عرض – على المطعون ضده الثامن دعامة ثانية للبراءة دون أن يمحص دلالة أوراق الدعوى وما حوته من مستندات ودون أن يستجلي حقيقــة تلك الواقعة لا أن يستند إليها في قضائه بالبراءة ، كما أن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لما أشارت إليه النيابة العامة في أمر الإحالة فيما نسبته إلى المطعون ضده الثامن الاشتراك أيضاً في الجنايتين سالفتي الذكر فضلاً عن الاتفاق بالمساعدة ، فلم يعرض لذلك العنصر من عناصر المساهمة التبعية والتفت عنها تماماً وحصر مساهمة المطعون ضده الثامن في ذلك الطلب الخاص بشركة .... للغاز واكتفى في هذا الشأن بنفي أن يكون ذلك الطلب قد عرض على المطعون ضده الثامن ، ولما كان هذا الفهم الخاطئ قد حجب محكمة الموضوع عن أن تقول كلمتها في شأن استخلاص مشاركة الطاعن الثامن في هاتين الجنايتين على ضوء المستقر من قواعد أقرتها هذه المحكمة وعلى ضوء الثابت من أقوال اللواء .... بتحقيقات النيابة العامة – على ما بان من المفردات – فإن ذلك ينبئ عن أنها أصدرت حكمها دون تمحيص لأدلة الدعوى والإحاطة بعناصرها وعناصر الاتهام فيها عن بصر وبصيرة مما يعيب حكمها بالقصور والفساد في الاستدلال . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لجميع المطعون ضدهم والتهم الموجهة إليهم جميعاً.
ثانياً : الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثاني
:-
من حيث إن مما ينعاه الطاعنان
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بالاشتراك بالمساعدة مع مجهولين في جرائم القتل والشروع فيه المقترن بجرائم القتل
والشروع فيه بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات التي تفرضها عليهما صفتهما الوظيفية قد شابه
قصور في التسبيب ، وإخلال بحق الدفاع ، والبطلان ، وأخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأنه اتخذ من مجرد علمهما
بوجود العناصر الأجنبية المسلحة دليلاً على اشتراكهما
معهم في الجرائم التي ارتكبوها ، دون أن
يدلل على ذلك العلم تدليلاً سائغاً ، وعلى توافر المساعدة التي يتوافر بها عناصر الاشتراك
، وعلى توافر رابطة السببية بين المساعدة والنتيجة الإجرامية ، وعلى ثبوت اتجاه
قصد الطاعنين الاشتراك في الجرائم التي ارتكبها المجهولون ، كما أن الحكم المطعون فيه
حدد نشاط الطاعنين في أفعال سلبية على الرغم من أن الاشتراك في الجرائم المسندة إلى
الطاعنين لا يقوم إلا بأفعال إيجابية ، كما أن الحكم المطعون فيه عدل وصف الاتهام الوارد
بأمر الإحالة دون تنبيه الطاعنين أو دفاعهما لذلك ، كما أن ما أورده الحكم المطعون
فيه بياناً لنية القتل لا يكفي لاستظهارها في حق الطاعنين ولا يفيد سوى الحديث عن الأفعال
المادية التي ارتكبها المجهولون ، كما جهل الحكم
المطعون فيه بيان أسماء القتلى والمصابين ، كما جهل بيان إصابات المجني عليهم
وصلتها بوفاة كل منهم لبيان رابطة السببية بين النشاط الإجرامي والنتيجة الإجرامية
، وأحال في بيان ذلك إلى التحقيقات ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه دان الطاعنين بالاشتراك
بالمساعدة في جرائم القتل والشروع فيه المقترن بجرائم القتل والشروع فيه بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات التي تفرضها
عليهما صفتهما الوظيفية وقال بياناً لقضائه ( .... ومن واقع ذلك المنطق السوي المعتبر
في حق ضمير المحكمة وثبات وجدانها تؤكد من واقع ما جرى من تحقيقات وما دار بجلسات المحاكمة
وشهادة من استمعت إليهم المحكمة بما لا يدع مجالاً للشك أو الريبة أن كلاً من المتهمين الأول .... والخامس .... وقد علم كل منهما بالأحداث فأحجم أولهما عمداً
بصفته رئيساً لجمهورية مصر عن إتيان أفعال إيجابية في توقيتات مناسبة تقتضيها الحماية
القانونية المتمثلة في امتناعه عمداً عن إصدار القرارات والأوامر والتعليمات والتوجيهات
التي تحتمها عليه وظيفته والمنوط به الحفاظ على مصالح الوطن ورعاية المواطنين وحماية
أرواحهم والذود عن الممتلكات والمنشآت العامة والخاصة المملوكة للدولة وللأفراد طبقاً
للدستور والقانون رغم علمه يقيناً بما وقع من أحداث وأفعال وتدخلات من جهات وعناصر
إجرامية ، وكان ذلك الإحجام والامتناع عما يفرضه عليه الواجب القانوني للحماية القانونية
للوطن والمواطنين ابتغاء استمرار سلطاته والسيطرة لنفسه على مقاليد الحكم للوطن ، الأمر
الذي أدى إلى أن اندست عناصر إجرامية لم تتوصل إليها التحقيقات في موقع الأحداث قامت
بإطلاق مقذوفات نارية وخرطوش تجاه المتظاهرين السلميين فأحدثت بالبعض منهم الإصابات
التي أودت بحياتهم وبالشروع في قتل البعض الآخر
منهم بإصابتهم بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية والتي تم تداركها بالعلاج
، وأن المتهم الخامس .... امتنع عمداً بصفته وزيراً للداخلية في التوقيتات المناسبة
عن اتخاذ التدابير الاحترازية التي توجبها عليه وظيفته طبقاً للقوانين واللوائح والقرارات لحماية الوطن من الداخل والأرواح والممتلكات العامة والخاصة طبقاً للدستور
والقوانين مع علمه تماماً بما وقع من أحداث ، وكان ذلك الإحجام والامتناع ابتغاء فرض
سلطاته واستمرار منصبه وحماية سلطات ومنصب الأول ، فمن ذلك الإحجام والامتناع فقد وقر
في يقين المحكمة من خلال فحصها أوراق التداعي عن بصر وبصيرة أن المتهمين المذكورين
قد اشتركا مع مجهولين بطريق المساعدة في ارتكاب جرائم القتل العمد والشروع فيه موضوع
التحقيقات وما تضمنته تلك الجرائم من اقتران لجرائم
قتل عمد أخرى وشروع فيه ، قاصدين من ذلك إزهاق روح وإصابة المجني عليهم الواردة
أسماؤهم بالتحقيقات فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياتهم
أو بإصاباتهم على النحو المبين بالتحقيقات ، تلك الجرائم الحادثة بميدان .... بـ....
خلال المدة المشار إليها ، وتبين للمحكمة من خلال مطالعتها المتعمقة الدقيقة لكشوف
المجني عليهم المرفقة أن من بين المتوفين على سبيل المثال من يدعى .... و.... ، وأن من بين المصابين من يدعى .... حال تظاهرهم بميدان ....
يوم .... ) . لما كان ذلك ، وكان العلم بوقوع الجريمة لا يعتبر في القانون أساساً
لمساءلة جنائية على اعتبار أن العالم بوقوعها يعد شريكاً في مقارفتها ، إذ إن الاشتراك
في الجريمة لا يعتبر قائماً طبقاً لصريح نص المادة 40 من قانون العقوبات إلَّا إذا
توافر في حق المتهم ثبوت اتفاقه مع الجاني على ارتكابها ، أو تحريضه إياه على ارتكابها
، أو مساعدته له مع علمه بأنه مقبل على ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه إذ رتب مساءلة
الطاعنين كشريكين بالمساعدة على مجرد علمهما بوجود العناصر الأجنبية المسلحة لا يكفي
لثبوت اشتراكهما بالمساعدة على ارتكاب تلك الجرائم
، كما أن المستفاد من مطالعة نصوص القانون العامة في الاشتراك في المواد 40 ،
41 ، 42 ، 43 من قانون العقوبات أنها تتضمن أن قصد الاشتراك يجب أن ينصب على جريمة
أو جرائم معينة ، فإذا لم يثبت الاشتراك في جريمة معينة أو فاعل معين فلا تعتبر الجريمة
التي ارتكبها الفاعل نتيجة مباشرة للاشتراك لأنه لم يقع عليها ، كما أن القانون يوجب
أن يكون لدى الشريك نية التدخل مع الفاعل ، فالاشتراك بالمساعدة لا يتحقق إلَّا إذا
ثبت أن الشريك قصد الاشتراك في الجريمة وهو عالم بها ، بأن تكون لديه نية التدخل مع
الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ، وأن
يساعد في الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها مساعدة تتحقق بها وحدة الجريمة
. لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه ، قد جاء قاصراً في بيانه في التدليل
على أن الطاعنين كانا يعلمان علماً يقينياً بما انتواه الفاعلون المجهولون من ارتكاب
جرائم القتل والشروع فيه ، كما أنه لم يدلل تدليلاً سائغاً وكافياً على توافر قصد اشتراكهما
في الجرائم التي دانهما عنها ، ودون أن يثبت أنهما وقت وقوعها كانا عالمين بها قاصدين
الاشتراك فيها ببيان عناصر اشتراكهما ، ومظاهره ، بأفعال صدرت عنهما تدل على هذا الاشتراك
وتقطع به ، كما لم يدلل الحكم المطعون فيه على توافر رابطة السببية بين سلوك الطاعنين
كشريكين وبين الجرائم التي وقعت من الفاعلين الأصليين الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون
فيه معيباً بالقصور الذي يبطله ، كما أن المستفاد من استقراء نص المادة 40 من قانون
العقوبات أن المساعدة كصورة من صور الاشتراك تفترض شيئاً ذا كيان مادي من المساعدة
من الشريك إلى الفاعل الأصلي ، أي تتطلب نشاطاً إيجابياً يبذله الشريك بالمساعدة ، ويقدم عن طريقه العون إلى الفاعل
الأصلي ، فإن ذلك يفيد – بلا جدال – أن الاشتراك في الجريمة بالمساعدة لا يتكون
إلا من أعمال إيجابية ، ولا ينتج أبداً عن أعمال سلبية ، وإذ كان ذلك ، وكان الحكم
المطعون فيه قد حدد نشاط الطاعنين في أفعال سلبية بإحجامهما عن إتيان أفعال إيجابية فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون
. لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض – قد جرى على أن لمحكمة
الموضوع ألَّا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى
المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته ، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله
متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على
واقعة الدعوى ، إلَّا أنه إذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تعديل التهمة بتحوير
كيان الواقعة المادية التي أقيمت عليها الدعوى ، وبنيانها القانوني ، والاستعانة في
ذلك بعناصر أخرى تضاف إلى تلك التي أقيمت بها الدعوى ، ولم يتناولها التحقيق والمرافعة
، فإن هذا التغيير يقتضي من المحكمة أن تلتزم في هذا الصدد بمراعاة الضمانات التي نصت
عليها المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية بما يقتضيه وجوب تنبيه المتهم إلى التغيير
في التهمة ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك ، وإذ كان الثابت أن الدعوى الجنائية
رفعت على الطاعنين بوصف أنهما اشتركا بطريق الاتفاق مع مساعدي وزير الداخلية ومجموعة
من ضباط وأفراد الشرطة في قتل والشروع في قتل المتظاهرين
المقترن بجرائم القتل والشروع فيه ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين
بالاشتراك بالمساعدة مع عناصر أجنبية مجهولة في قتل والشروع في قتل المتظاهرين المقترن
بجرائم القتل والشروع فيه بإحجامهما عن إتيان أفعال إيجابية في توقيتات مناسبة المتمثل
في امتناعهما عن إصدار القرارات والأوامر والتعليمات والتوجيهات التي تحتمها عليهما
وظيفتهما ، وكان الذي أجراه الحكم لا يعد تعديلاً في وصف التهم ، وإنما هو تعديل في
ذات التهم المسندة إلى الطاعنين ، وتحوير في كيانها المادي ، وبنيانها القانوني ، والذي
لم يتناوله التحقيق أو المرافعة ، لا تملك المحكمة إجراءه إلَّا في أثناء المحاكمة
وقبل الحكم في الدعوى ، مما كان يقتضي لفت نظر
الدفاع عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية ، أمـا وهي لم تفعل فإن
حكمها يكون قد بني على إجراء باطل أخل بحق الطاعنين في الدفاع ، ويكون معيباً بالإخلال
بحق الدفاع . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بانتفاء
القصد الجنائي في حقهما وردَّ عليه في قوله : ( .... إن الظروف المحيطة بالتداعي والأمارات
، والمظاهر الخارجية التي أتاها المتهمان المذكوران تتم بما لا مجال للشك فيه ، عما
ضمراه في نفس كل منهما من قصدهما قتل المجني عليهم وإزهاق أرواحهم ، وآية ذلك استخدام
الجناة الفاعلين الأصليين أسلحة نارية وخرطوش وهي قاتلة بطبيعتها ، وإصابة المجني عليهم
بإصابات متعددة في أماكن متفرقة من أجسادهم بالعنق والأحشاء الداخلية والأوعية الدموية
الرئيسية الأمر الذي أدى إلى نزيف شديد داخلي ، وتوقف التنفس وإصابات صدمية نزفية مما أحدث الوفاة وإزهاق الروح على النحو
الوارد تفصيلاً بالتقارير الطبية المرفقة ، وكان الثابت للمحكمة من معين الأوراق
ودلائلها وأدلتها التي اقتنعت بها أن المتهمين المذكورين الشريكين في ارتكاب جرائم
القتل والشروع فيه قد قصدا الاشتراك في الجرائم وهما عالمين بها فتدخلا مع الفاعلين
تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع أفعالهم بمساعدتهم في الأعمال المسهلة لارتكابها مساعدة
تتحقق بها وحدة الجريمة بامتناعهما وإحجامهما عن اتخاذ ما يلزم في التوقيت المناسب
لحماية أرواح المجني عليهم بما يؤكد انصراف نيتهما إلى إزهاق أرواح المجني عليهم )
. لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل العمد والشروع فيها تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم
التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه ، وهذا العنصر ذو طابع
خاص ، ويختلف عن القصد الجنائي العام الذي
يتطلبه القانون في سائر الجرائم ، وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ،
ومن ثم فإن الحكم الذي يقضي بالإدانة في هذه الجناية
يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون
المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع
يقصد إزهاق روح المجني عليه ، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبني عليه النتيجة التي
يتطلب القانون تحققها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في أوراق
الدعوى ، ومتى أثبت الحكم توافر نية القتل في حق الفاعل ، فإن ذلك يفيد توافرها في
حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل ما دام قد أثبت علمه بذلك ، ولما كان ما أورده
الحكم المطعون فيه لا يفيد سوى الحديث عن الأفعال المادية التي قارفها الفاعلون الأصليون
المجهولون ، ذلك أن تعدد الضربات وشدتها وإصابة المجني عليهم في مقتل أو بسلاح قاتل
بطبيعته لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الفاعلين المجهولين أو في حق الطاعنين
بوصفهما شركاء في هذه الجناية ، إذ لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية في حقهم لأن تلك
الإصابات قد تتحقق دون أن تتوافر نية القتل العمد ، ولا يغير من ذلك ما قاله الحكم
المطعون فيه من أن إطلاق النار على المتظاهرين كان بقصد إزهاق أرواحهم ، إذ إن قصد
إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية
التي رأت المحكمة أنها تدل عليه وتكشف عنه ، الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه
معيباً بالقصور الذي يبطله . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه اقتصر
في بيان باقي أسماء القتلى والمصابين على مجرد الإحالة إلى التحقيقات . لما كان ذلك
، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على
الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد
والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون ، كما إنه يوجب
أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان
الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من
المتهم ، وأن تلتزم بإيراد مضمون كل دليل من أدلة الثبوت التي استندت إليها وذكر مؤداه
في بيان جلي مفصل فلا تكفي مجرد الإشارة إليها ، بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه
بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع
باقي الأدلة التي أخذت بها وإلا كان الحكم قاصراً ، وكان من المقرر أن رابطة السببية
بين فعل المتهم والوفاة أو الإصابة في جريمة القتل عمداً أو الشروع فيه والتدليل على
قيامها من البيانات الجوهرية التي يجب أن يعني الحكم
باستظهارها وإلا كان الحكم مشوباً بالقصور الموجب نقضه ، وإذ كان الحكم المطعون
فيه قد اكتفى في بيان باقي أسماء القتلى والمصابين بالإحالة إلى التحقيقات دون أن يورد
بياناً بأسمائهم ، كما أغفل إيراد إصابات باقي المجني عليهم من واقع التقارير الطبية
، وتقارير الصفة التشريحية لبيان رابطة السببية بين النشاط الإجرامي والنتيجة وأحال
في بيان ذلك أيضاً إلى التحقيقات دون أن يدلل على قيام رابطة السببية بين سلوك الفاعلين
المجهولين ومساعدة الطاعنين وبين وفاة المجني عليهم أو إصاباتهم من واقع دليل فني فإنه
يكون قاصر البيان مما لا تستطيع معه هذه المحكمة أن تراقب استخلاص الحكم لرابطة السببية
. لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون
فيه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ